اذهبي الى المحتوى
(أخوات طريق الإسلام)

آيات قرآنية ظاهرها التعارض

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

الحمد لله والصلاة الوسلام على رسول الله ,

 

واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثابت بالكتاب والسنة، وهو من أعظم واجبات الشريعة المطهرة، وأصل عظيم من أصولها، وركن مشيد من أركانها، وبه يكمل نظامها ويرتفع سنامها؛ كيف لا وقد قال تعالى في محكم كتابه الكريم: { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } (آل عمران:104) والأحاديث الثابتة في ذلك مستفيضة مشهورة .

 

لكن قد يُشكل على هذا الأصل ما جاء في سورة المائدة من قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } (المائدة:105) فقد يتبادر إلى الذهن أن ثَمَّة تعارض بين آية آل عمران - الموجبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وبين آية المائدة، والتي يدل ظاهرها على لزوم الإنسان أمر نفسه، وأنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، كما قد يفهم منها البعض ذلك، وليس الأمر في الواقع كذلك، وليس ثَمَّة تعارض بين الآيتين، وفيما يلي بيان لما قد يبدو من تعارض:

 

روى الترمذي في "جامعه" عن قيس بن أبي حازم ، عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: يا أيها الناس: إنكم تقرؤون هذه الآية، وتتأولونها على غير تأويلها: { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا أهتديتم } وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب ) رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .

 

قال ابن كثير في توجيه آية المائدة: وليس فيها دليل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا كان فعل ذلك ممكنًا؛ ثم استدل على هذا التوجيه بالأحاديث الحاثَّة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده، لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لتدعنَّه فلا يستجيب لكم ) رواه أحمد .

 

وإذا كان الأمر كذلك، فلا ينبغي أن يتوهم من هذه الآية أنها رخصة للمسلمين في ترك الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن جميع ذلك واجب بأدلة كثيرة، جاءت بها الشريعة؛ يوضح هذا أن الله سبحانه وتعالى أمر عباده المؤمنين أن يقوموا بالقسط، ويتعاونوا على البر والتقوى؛ ومن القيام بالقسط، الأخذ على يد الظالم. ومن التعاون على البر والتقوى، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

 

على أن آية المائدة نفسها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبيان ذلك من وجهين:

 

أولهما: أن قوله تعالى: { عليكم أنفسكم } معناه: ألزموا أنفسكم طاعة الله، وطاعة رسوله؛ ومن طاعة الله وطاعة رسوله القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

 

والوجه الثاني: أن قوله سبحانه: { لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } يفيد أنه إذا تمسكنا بالهدى والتزمناه لم نؤاخذ بضلال من ضل، ولا بكفر من كفر؛ ومن جملة تمسكنا بالهدى، أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، فإن ذلك داخل في قوله تعالى: { إذا اهتديتم } وعلى هذا يكون معنى الآية: إذا سلكتم طريق الهداية، ومن جملته أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر، حينئذ لا يضركم إعراض المعرضين، ولا ضلال الضالين، فإنه { لا تزر وازرة وزر أخرى } (الإسراء:15) .

 

ويرشح ما ذكرناه، أن الخطاب في الآية الكريمة إنما جاء بصيغة الجمع: { عليكم أنفسكم } و { لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } وليس بصيغة المفرد، فالمخاطبون في الآية هم جماعة المؤمنين، وليست الآية خطاب لأفراد مستقلين .

 

إذن، فليس في آية المائدة ما يعارض آية آل عمران؛ وليس فيها إطلاقًا ما يفيد أن تتخلى الأمة المسلمة عن تكاليفها في دعوة الناس كلهم إلى الهدى والرشاد. بل الذي تفيده عموم أدلة الشريعة - ومنها هذه الآية - وجوب دعوة الآخرين إلى هدى الله وشرعه. فإذا أقامت الأمة شرع الله في نفسها أولاً، تعيَّن عليها أن تدعوا الناس كافة، وأن تحاول هدايتهم .

 

وهكذا، فكما صحَّح الخليفة الأول أبو بكر رضي الله عنه فهمًا معكوسًا لمقتضى آية المائدة، فكذلك نحن اليوم أحوج ما نكون إلى هذا التصحيح؛ لأن القيام بتكاليف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد صارت أشق على النفس، وأشد وطئًا .

 

_____________________

نقلا عن الشبكة الإسلامية

وللحديث تتمة إن شاء الله تعالى

 

 

 

..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

فلا ينبغي أن يتوهم من هذه الآية أنها رخصة للمسلمين في ترك الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن جميع ذلك واجب بأدلة كثيرة، جاءت بها الشريعة؛ يوضح هذا أن الله سبحانه وتعالى أمر عباده المؤمنين أن يقوموا بالقسط، ويتعاونوا على البر والتقوى؛ ومن القيام بالقسط، الأخذ على يد الظالم. ومن التعاون على البر والتقوى، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

بارك الله فيك وجزك خيرا وجعله في ميزان حسناتك

 

c960efcaa3.gif

تم تعديل بواسطة afnane

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

جزاكِ الله خيراً مشرفتي الحبيبة " الوردة الحمراء * " على هذا النقل القيم

جعله الله في ميزان حسناتكِ

 

نتابع معكِ بإذن الله :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيراً يا غالية على النقل القيم

 

نتابع معكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا يا غالية على النقل الموفق ..

 

جعله الله في موازين حسناتك ..

 

على أن آية المائدة نفسها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،

وبيان ذلك من وجهين: أولهما: ....

 

والوجه الثاني: أن قوله سبحانه: { لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } يفيد أنه إذا تمسكنا بالهدى والتزمناه

لم نؤاخذ بضلال من ضل، ولا بكفر من كفر؛

ومن جملة تمسكنا بالهدى، أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر،

فإن ذلك داخل في قوله تعالى: { إذا اهتديتم } وعلى هذا يكون معنى الآية: إذا سلكتم طريق الهداية،

ومن جملته أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر، حينئذ لا يضركم إعراض المعرضين، ولا ضلال الضالين،

فإنه { لا تزر وازرة وزر أخرى } (الإسراء:15) .

 

وفعلا حتى الآية الّتي ظاهرها :

(عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم )هي نفسها تشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

 

 

بارك الله فيك..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

وفيكم بارك الله أخواتي الحبيبات

أسأل الله لنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح المتقبل ..

نتابع على بركة الله ..

 

 

في الآيات الأولى من سورة النساء، يُطالعنا - في تشريع النكاح والتعدد في الزوجات - قوله تعالى: { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة } (النساء:3) وفي السورة نفسها في موضع آخر، نقرأ قوله سبحانه: { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم } (النساء:129) فالآية الأولى تدل على أن العدل بين الزوجات أمر ممكن ومستطاع، وأنه مقدور للمكلف إذا قصد إليه؛ بدليل الأمر بالنكاح، وإباحة الجمع بين الثنتين والثلاث والأربع؛ في حين أن الآية الثانية، تنفي إمكانية العدل بين النساء، وتقرر بنصها أن العدل بين الزوجات أمر خارج عن مقدور المكلفين !! فكيف السبيل للتوفيق والجمع بين الآيتين الكريمتين ؟

 

وقبل الإجابة على هذا السؤال، لا بد من الإشارة إلى أن بعض من قلَّ زاده من العلم، يستند إلى الآية الثانية، ليقول: إن تعدد الزوجات في الإسلام أمر غير مشروع، محتجًا بأن العدل بين الزوجات أمر خارج عن طوق المكلف بنص الآية، وبالتالي فإنه إن فَعَلَ ذلك، فإن فِعْلَه يؤدي إلى الظلم، والظلم ممنوع في الشريعة ومدفوع، وهو ظلمات يوم القيامة .

 

 

 

ومما يؤسف له، أن هذا الفهم الخاطئ للآية الكريمة قد وقع فيه بعض أصحاب الأقلام المقروءة، والكلمات المسموعة، فراحوا لأجله يكتبون ويناقشون، وأصبحوا عنه ينافحون ويخاصمون. وتبعهم على ذلك رعاء الناس، ممن لا هم في العير ولا في النفير .

 

 

 

ولعلنا فيما يلي من سطور، نحاول إيضاحَ الحق في هذه المسألة، وبيانَ وجه الجمع فيما يبدو من تعارض بين الآيتين الكريمتين، فنقول:

 

 

 

إن العدل الممكن والمستطاع بين الزوجات، والذي يُفهم من الآية الأولى، إنما هو العدل الذي يَدخل في قدرة المكلف، وهو هنا توفية الحقوق الشرعية، وتأديتها على الوجه المطلوب، من طعام وكساء ومسكن، وكل ما يليق بكرامة المرأة كمخلوق. فهذا - ولا شك - مما سُلِّط الإنسان عليه، ومُكِّن من القيام به، وجاء الخطاب الشرعي به، تكليفًا وإلزامًا والتزامًا؛ فإن قام به المكلف أُجِر ونال رضى الله وثوابه، وإن قصَّر فيه وفرَّط استحق غضب الله وعقابه .

 

 

 

أما العدل المنفي في الآية الثانية، فإنما هو العدل القلبي، إذ الأمور القلبية خارجة عن إرادة الإنسان وطاقته، فلا يتأتَّى العدل فيها، إذ لا سلطان للإنسان عليها. فالمشاعر الداخلية، من حب وكره، والأحاسيس العاطفية، من ميل ونفور، أمور لا قدرة للإنسان عليها، وهي خارجة عن نطاق التكليف الموجَّه إليه، فلا تكليف فيها؛ إذ من المقرر أصولاً أن التكاليف الشرعية لا تكون إلا بما كان مستطاعًا للمكلف فعله؛ أما ما لم يكن كذلك، فليس من التكليف في شيء .

 

 

 

وعلى ضوء هذا المعنى ينبغي أن تُفْهَمَ الآية الثانية، وهي الآية التي نفت إمكانية العدل بين الزوجات .

 

 

 

وهذا الذي قلناه وقررناه هو رأي سَلَفِ هذه الأمة وخَلَفِها، وهو الرأي الذي لا تذكر كتب التفسير غيره، ولا تعوِّل على قول سواه. وبيان ذلك إليك:

 

قال أهل التفسير في قوله تعالى: { فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة } قالوا: هذا في العشرة والقَسْم بين الزوجات الأربع والثلاث والاثنتين، فإن لم يمكن العدل بينهن فليُقتصر على واحدة؛ وتُمنع الزيادة على ذلك لأنها تؤدي إلى ترك العدل في القَسْم، وتدفع إلى سوء العشرة، وكلا الأمرين مذموم شرعًا، ومنهي عنه .

 

 

 

وعند تفسير قوله تعالى: { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل } قالوا: أخبر تعالى بنفي الاستطاعة في العدل بين النساء، وذلك في ميل الطبع بالمحبة والحظ من القلب، فوصف الله تعالى حالة البشر وأنهم - بحكم الخِلْقة - لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض. واستدلوا لهذا التوجيه في الآية، بسبب نزولها، وهو ما روته عائشة رضي الله عنها، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك ) يعني القلب، رواه أبو داود و أحمد وإسناد الحديث صحيح، كما قال ابن كثير .

 

 

 

بل كان صلى الله عليه وسلم يشدد على نفسه في رعاية التسوية بينهن، تطييبًا لقلوبهن، ويقول: { اللهم هذه قدرتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ) لإيثاره عائشة رضي الله عنها، دون أن يظهر ذلك في شيء من فعله. وكان في مرضه الذي توفي فيه يُطاف به محمولاً على بيوت أزواجه، إلى أن استأذنهنَّ أن يقيم في بيت عائشة، فأذنَّ له .

 

وعن قتادة ، قال: ذُكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: اللهم ! أما قلبي فلا أملك، وأما سوى ذلك، فأرجو. وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم } يعني: في الحب والجماع .

 

ثم لما كانت الأمور القلبية وما في معناها خارجة عن قدرة الإنسان، توجَّه الأمر إلى ما هو داخل ضمن قدرته وفي مجال استطاعته، فقال تعالى: { فلا تميلوا كل الميل } أي: إذا مالت قلوبكم إلى واحدة دون غيرها، وهذا أمر لا مؤاخذة عليكم به، فلا يمنعكم ذلك من فعل ما كان في وسعكم، من التسوية في القَسْم والنفقة، وعدم الإساءة إليهن، ماديًا ومعنويًا. لأن هذا مما يستطاع، ويُطالب به المكلف. وفي الحديث: ( من كانت له امرأتان، ولم يعدل بينهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل ) رواه أبو داود و النسائي .

 

 

 

وعلى ضوء ما تقرر وتبيَّن، يكون الجمع بين الآيتين بأن يقال: فإن خفتم ألا تعدلوا بين الزوجات في القَسْم وحُسن العشرة ونحوهما، فانكحوا واحدة، ولا تزيدوا على ذلك؛ وإنكم - أيها الناس - لن تستطيعوا أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن وقع القَسْم الصوري منكم، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة؛ فمن كان منكم أميل بالطبع إلى إحدى الزوجات، فليتقِ الله في البواقي منهن، وليعدل بين من كان تحت عصمته في الحقوق الشرعية، ولا يدعوه الميل القلبي إلى إحدى الزوجات إلى عدم إعطاء باقي الزوجات ما لهن من حقوق شرعية .

 

 

 

وبما تقدم نأمل أن نكون قد وِفِّقنا في الجمع بين الآيتين، وإيضاحِ ما يبدو بينهما من تعارض ظاهر .

 

__________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكي الله خيرا اختي الكريمة الوردة الحمراء علي التوضيح

 

وهذا مما درسته هذا العام في كتاب اصول الدعوة للدكتور عبد الكريم ذيدان

 

والحقيقة كتاب يستحق ان يقرأ دومتي بكل خير علي هذا التذكرة اختي الكريمة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وإياكِ أختي الكريمة شموخ الخيل ..

 

 

 

نتابع على بركة الله تعالى .. وهاتان الآيتان فضلت أن أنقلها على جزئين حتى يسهل فهمها وقراءة التوضيح بتمعن والله المستعان ..

 

1_ في سورة النساء نقرأ قوله تعالى: { أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله } (النساء:78)

 

2_ وبعدها مباشرة نقرأ قوله عز وجل: { ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك } (النساء:79) ونقرأ أيضًا قوله سبحانه في سورة آل عمران: { قل هو من عند أنفسكم } (آل عمران:165) .

 

وقد يظن للوهلة الأولى أن قوله سبحانه: { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } مناف لقوله تعالى: { قل كل من عند الله } ولقوله أيضًا: { وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله } (آل عمران:166) ولقوله: { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } (الأنبياء:35) وليس الأمر كذلك .

 

وهذه القضية التي تتناولها الآيات السابقة، هي جانب من قضية كبيرة؛ القضية المعروفة في تاريخ العالم كله باسم " القضاء والقدر" أو "الجبر والاختيار" .

 

والواقع، فإن فهم هذه الآيات فهمًا صحيحًا يستدعي أمرين؛ أولهما: النظر إليها في السياق الذي وردت فيه؛ إذ لا يستقيم ولا يصح فهمها وهي منعزلة عن سياقها الخاص. وثانيهما: النظر إليها وفق المنظومة القرآنية العامة، أو بعبارة أخرى، النظر إليها نظرة كلية عامة، وضمن إطار الآيات القرآنية الأخرى؛ إذ إن آيات الكتاب يشهد بعضها لبعض، ويؤيد بعضها بعضًا. وانطلاقًا من هذين الأمرين نستطيع التوفيق بين ما قد يظهر من تعارض في الآيات التي نحن بصددها .

 

على ضوء هذا نقول: إن قوله سبحانه: { قل كل من عند الله } معناه: قل يا محمد، للقائلين إذا أصابتهم حسنة: { هذه من عند الله } وإذا أصابتهم سيئة: { هذه من عندك } قل لهم: إن كل ذلك من عند الله؛ فمن عنده سبحانه الرخاء والشدة، ومنه النصر والظَفَر، ومن عنده الفوز والهزيمة. ولهذا جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: { قل كل من عند الله } قال: الحسنة والسيئة من عند الله، أما الحسنة فأنعم بها عليك، وأما السيئة فابتلاك بها. وعن قتادة في قوله سبحانه: { قل كل من عند الله } قال: النعم والمصائب. وعن ابن زيد قال: النصر والهزيمة. وعن أبي العالية قال: هذه في السراء والضراء .

 

وعلى هذا فمعنى الآية الكريمة: إن كل ما أصاب الناس من خير أو شر، أو ضر أو نفع، أو شدة أو رخاء، فمن عند الله، لا يقدر على ذلك غيره، ولا يصيب أحدًا سيئة إلا بتقديره، ولا ينال رخاء ونعمة إلا بمشيئته. فالجميع بقضاء الله وقدره، وهو نافذ في البِر والفاجر، والمؤمن والكافر. وفي هذا إعلام من الله لعباده، وتقرير لحقيقة مفادها: إن مفاتح الأشياء كلها بيده سبحانه، لا يملك شيئًا منها أحد غيره

 

______________________

 

يتبع إن شاء الله ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله في يا وردتنا الحبيبة

و جعل هذا النقل الطيب في ميزان حسناتك

 

نُتابع إن شاء الله ...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

جزاكِ الله خيراً مشرفتي الحبيبة " الوردة الحمراء * " على هذا النقل القيم

جعله الله في ميزان حسناتكِ

 

نتابع معكِ بإذن الله :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكن ورزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح المتقبل أخواتي الحبيبات "أم عبيد الله" و عـابـرة سـبـيـل

 

نتابع بحول الله ..

 

 

أما قوله عز وجل: { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } يعني: ما أصابك من شدة ومشقة وأذى ومكروه، فمن نفسك، أي: بسبب ذنب اكتسبته نفسك. وفي ذلك آثار أيضًا؛ فعن السدي قال: { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } أي: من ذنبك. وعن قتادة قال: { وما أصابك من سيئة فمن نفسك } أي: عقوبة يا ابن آدم بذنبك. وعن أبي صالح قال: بذنبك، وأنا قدَّرتها عليك.

 

وقد ورد في الكتاب العزيز ما يفيد معنى هذه الآية؛ كقوله تعالى: { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } (الشورى:30) أي: بذنوبكم وبما كسبت أيديكم؛ وقوله في سورة آل عمران بشأن أهل غزوة أحد: { أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم } (آل عمران:65) .

 

فحاصل المعنى هنا: ما أصابك أيها المؤمن من خصب ورخاء، وصحة وسلامة، وغنى وفقر، وسراء وضراء، ونعمة ونقمة، فبفضل الله عليك وإحسانه إليك؛ وما أصابك من جدب وشدة، وهمٍّ وغمٍّ، ومرض وسقم، فبذنب أتيته، وإثم اقترفته، وعمل كسبته، فعوقبت عليه .

 

وفي تفسير ابن كثير عن مطرف بن عبد الله قال: ما تريدون من القدر ؟ أما تكفيكم الآية التي في سورة النساء: { وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك } أي: من نفسك؛ والله ما وكلوا إلى القدر، وقد أمروا وإليه يصيرون. قال ابن كثير معقبًا: وهذا كلام متين قوي في الرد على القدرية والجبرية أيضًا .

 

قال أهل العلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشك في أن كل شيء بقضاء الله وقدره وإرادته ومشيئته، كما قال تعالى: { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } (الأنبياء:35) .

 

فالآية - موضع البحث - تقرر حقيقة مهمة حاصلها: أن الله سبحانه هو المقدر لكل ما يقع في الكون؛ فما يقع في الكون من خير، فهو بتقديره؛ وما يقع من شر فهو بتقديره أيضًا، لكنه سبحانه - وهو العليم الحكيم - يقدر الشر والضر لسبب؛ فما أصابك أيها الإنسان من خير فهو بتقدير الله، وبسبب من أعمالك الصالحة، وما أصابك من شر فبسبب ذنوبك الطالحة، ولا يظلم ربك أحدًا .

 

إن الإنسان قد يتجه ويحاول تحقيق الخير بالوسائل التي أرشد الله إليها، بَيَدَ أنَّ تحقق الخير فعلاً، لا يتم إلا بإرادة الله وقدره .

 

وكذلك، فإن الإنسان قد يتجه إلى تحقيق السوء. أو يفعل ما من شأنه إيقاع السوء. ولكن وقوع السوء فعلاً، ووجوده أصلاً، لا يتم إلا بقدرة الله وقدره .

 

فكل أمر في هذا الكون لا ينشأ ولا يتحقق إلا بإرادة الله وقدره. وما يصيب الإنسان من حسنة أو سيئة - بأي معنى من معاني الحسنة أو السيئة، سواء حسب ما يبدو في الظاهر، أو حسب ما هو في حقيقة الأمر والواقع - فهو من عند الله. لأنه لا ينشىء شيئًا ولا يحدثه ولا يخلقه ولا يوجده إلا الله .

 

أما ما يصيب الإنسان من حسنة حقيقية - في ميزان الله - فهو من عند الله، لأنه بسبب منهجه وهدايته. وما يصيبه من سيئة حقيقية - في ميزان الله - فهو من عند نفسه، لأنه بسبب تنكُّبه منهج الله، وإعراضه عن هدايته ومنهجه. وبهذا البيان يستقيم فهم الآيات والتوفيق بينها ..

 

___________________

..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيراً مشرفتي الحبيبة الوردة الحمراء *

 

جعله الله في ميزان حسناتكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نتابع على بركة الله :

 

التوفيق بين قوله تعالى: { ما ننسخ من آية } وقوله: { لا مبدل لكلمات الله}

 

 

- النسخ في اللغة: الرفع والإزالة؛ وفي الشرع: رفع حكم شرعي بعد ثبوته. والنسخ أمر ثابت وواقع في الكتاب والسنة، لا خلاف في ذلك عند من يُعتد به من أهل العلم. والنسخ من مباحث علم أصول الفقه، وقد أشبعه أصحاب هذا العلم بحثًا وتحريرًا، وليس حول هذا يدور حديثنا، وإنما على أمر يتعلق بقوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها } (البقرة:106) .

 

ومعنى الآية كما قال الطبري : " ما نبدِّل من حكم آية، فنغيرِّه، أو نترك تبديله فنقره بحاله، نأتِ بخير منها لكم من حكم الآية التي نسخنا، فغيَّرنا حكمها؛ إما في العاجل، لخفته عليكم، من أجل أنه وَضْعُ فَرْضٍ كان عليكم، فأسقط ثقله عنكم، وذلك كالذي كان على المؤمنين من فرض قيام الليل، ثم نُسخ ذلك فوُضع عنهم، فكان ذلك خيرًا لهم في عاجلهم، لسقوط عبء ذلك، وثقل حمله عنهم؛ وإما في الآجل، لعظم ثوابه، من أجل مشقة حمله، وثقل عبئه على الأبدان " ا.هـ .

 

هذا هو المعنى العام للآية. ولا يعنينا هنا الخوض في مسائل فرعية تتعلق بهذه الآية خصوصًا، وبمسألة النسخ عمومًا، ولكن ما يعنينا في هذا المقام الإجابة على السؤال التالي: هل ثَمَّةَ تعارض بين هذه الآية - نعني آية النسخ التي بين أيدينا - وقوله تعالى: { وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلاً لا مبدل لكلماته } (الأنعام:115) وقوله أيضًا جلَّ علاه: { واتل ما أُوحيَ إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته } (الكهف:27) .

 

_______________________

 

يتبع إن شاء الله تعالى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وشكرالله لكِ و جزاكِ خيراً مشرفتي الحبيبة الوردة الحمراء *

 

نتابع معك بإذن الله..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكِ أختي الحبيبة عابرة سبيل ورزقني وإياكِ العلم النافع والعمل الصالح ..

 

نتابع ..

 

 

نقول: إن ظاهر هاتين الآيتين الكريمتين يدل على أنهما تعارضان ما جاء في آية النسخ: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها } فهذه الآية تثبت النسخ، والآيتان الأُخريان تنفيان تبديل كلمات الله، فكيف السبيل إلى التوفيق بين ما ظاهره التعارض والاختلاف، وفي الإجابة على هذا السؤال، نقول:

 

إنه ليس ثمة تعارض بين آية النسخ، وهاتين الآيتين عند التحقيق والتدقيق؛ وبيان ذلك يتضح ببيان المعنى المقصود من هذه الآيات؛ فآية البقرة تقرِّرُ أمرًا حاصله: أن نسخ آية من القرآن إنما مرده إلى الله سبحانه، وأن ذلك من اختصاصه وحده فحسب، ولا شأن للبشر، كائنًا من كان في فعل ذلك. كما تفيد الآية: أن النسخ قد يكون إلى حكم أخف على العباد من الحكم السابق، أو إلى حكم مشابه، أو أثقل منه، على تفصيل في ذلك، ذكره أصحاب التفاسير .

 

أما الآيتان الأُخريان فتفيدان، أنه { لا مبدل لكلماته } سبحانه، أي: لا قادر على تبديلها وتغييرها، وإنما يقدر على ذلك الله وحده .

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى: { لا مبدل لكلماته } أي: لا رادَّ لقضائه، ولا مغيِّر لحكمه، ولا خُلْفَ لوعده .

 

وقال البيضاوي في معنى قوله سبحانه: { لا مبدل لكلماته } أي: لا أحد يبدل شيئًا منها، بما هو أصدق وأعدل؛ أو لا أحد يقدر أن يحرِّفها شائعًا ذائعًا، كما فُعل بالتوراة. على أن المراد بـ - الكلمات - القرآن، فيكون ضمانًا لها من الله سبحانه وتعالى بالحفظ؛ كقوله سبحانه: { وإنا له لحافظون } (الحِجر:9) .

 

فحاصل معنى قوله سبحانه: { لا مبدل لكلماته } أنه لا رادَّ لقضائه، ولا معقِّب لحكمه، ولا فاعل في الكون حقيقة غيره، وهذا كقوله تعالى: { والله يحكم لا معقب لحكمه } (الرعد: 41) .

 

إذا تبين هذا، نضيف إليه ما يقوله أهل العلم هنا: إن كلمات الله على نوعين: كلمات شرعية، وكلمات كونية؛ فالكلمات الشرعية هي وحيه سبحانه لأنبيائه، وما أنزله على رسله؛ والكلمات الكونية هي قضاؤه وقدره؛ وبناء على هذا، يكون معنى قوله سبحانه: { لا مبدل لكلماته } أي: لا مبدل لكلماته الشرعية، ولا مبدِّل لكلماته الكونية. فكلماته الشرعية لا يستطيع أحد أن يبدلها أو يغيرها بما هو خير منها. ويدخل ضمن هذا، ما تكفل الله بحفظه، فإنه لا يستطيع أحد تغييره ولا تحريفه، ولا نسخه ولا تبديله، بل مرجع ذلك كله إلى الله وحده. وكلماته الكونية لا مبدِّل لها أيضًا، فلا رادَّ لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا متصرف في الكون سواه سبحانه وتعالى { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } (الشورى:11) .

 

وبهذا البيان يظهر أن لا تعارض حقيقي بين الآيات، بل كلُّ آية واردة في سياق يختلف عن السياق الذي وردت فيه الآية الأخرى، فلا بد من فهم السياق الذي وردت فيه كل آية من الآيات، إذ به يتضح المقصود، وبه يزول ما يبدو من تعارض، يُجلُّ عنه كلام الله سبحانه حقيقة: { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا } (النساء:82) .

 

__________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيراً مشرفتي الحبيبة الوردة الحمراء *

 

جعله الله في ميزان حسناتكِ

 

نتابع معك ان شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيراً مشرفتي الحبيبة الوردة الحمراء *

 

جعله الله في ميزان حسناتكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حفظك الباري

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

جزاكي الله خير مشرفتنا الغالية على النقل القيم

جوزيت الجنة غاليتي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×