اذهبي الى المحتوى
*محبة الرحمن*

Oo شــرح الحديث الحادي والثلاثون oO

المشاركات التي تم ترشيحها

12-4.gif

 

 

( دورة حفظ الأربعين النوويّة )

 

الحـــديث " الحادي والثلاثون "

 

12-69.gif

 

(عَنْ أَبي العَباس سَعدِ بنِ سَهلٍ السَّاعِدي رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله: دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمَلتُهُ أَحَبَّني اللهُ، وَأَحبَّني النَاسُ ؟ فَقَالَ: (ازهَد في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وازهَد فيمَا عِندَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ )

 

حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة..

 

للاستماع إلى الحديث صوتيّاً :

 

لتحميل الحديث ( نصّه وشرحه) على هيئة ملف وورد :

 

12-69.gif

 

مـعنى الحـــديــث :

 

 

قوله "جَاءَ رَجُلٌ" لم يعين اسمه، ومثل هذا لا حاجة إليه،

ولاينبغي أن نتكلف بإضاعة الوقت في معرفة هذا الرجل،

وهذا يأتي في أحاديث كثيرة، إلا إذا كان يترتب على معرفته

بعينه اختلاف الحكم فلابد من معرفته.

 

وقوله: "دُلني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَملتُهُ أَحَبَّني الله،وَأَحبَّني النَّاس"

هذا الرجل طلب حاجتين عظيمتين، أولهما محبة الله عزّ وجل والثانية محبة الناس.

 

فدله النبي صلى الله عليه وسلم على عمل معين محدد،

فقال: "ازهَد في الدُّنيَا" والزهد في الدنيا الرغبة عنها،

وأن لا يتناول الإنسان منها إلا ما ينفعه في الآخرة،

وهو أعلى من الورع، لأن الورع: ترك ما يضر من أمور الدنيا ،

والزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، وترك ما لا ينفع أعلى من ترك ما يضر،

لأنه يدخل في الزهد الطبقة الوسطى التي ليس فيها ضرر ولا نفع،

فالزهد يتجنب مالا نفع فيه، وأما الوَرَع فيفعل ما أبيح له،لكن يترك ما يضره.

 

وقوله: "يُحِبكَ الله" هو بالجزم على أنه جواب : ازهَد

 

والدنيا: هي هذه الدار التي نحن فيها، وسميت بذلك لوجهين:

 

الوجه الأول: دنيا في الزمن.

 

الوجه الثاني: دنيا في المرتبة.

 

فهي دنيا في الزمن لأنها قبل الآخرة، ودنيا في المرتبة لأنها دون الآخرة بكثير جداً،

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَمَوضِعُ سوطِ أَحَدِكُم في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"

وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ركعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا" إذاً الدنيا ليست بشيء.

 

ولذلك لا تكاد تجد أنه يمر عليك شهر أو شهران أو أكثر إلا وقد أصبت

بالسرور ثم أعقبه حزن، وما أصدق وصف الدنيا في قول الشاعر:

 

فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر

 

وهذه الغاية محبة الله - جلّ جلاله – بلا شك من أعظم الغايات؛ لأنه إذا أحبك

الله أحبك الناس، وإذا أحبك الله دخلت الجنة، وإذا أحبك الله - سبحانه وتعالى – نلت

سعادة الدارين ( الدنيا و الآخرة،) ولذلك جاء في الدعاء ( اللهم أعني على حبك وكل عمل يقربني إلى حبك )

فمحبة الله - سبحانه وتعالى - مطلب عظيم ،

 

والمقصود بمحبة الناس محبة الصالحين وإن أحب الإنسانَ من غير الصالحين لا مانع ؛

لأن الإنسان المحبوب يحبه الصالح ويحبه غير الصالح،

لكن لماذا محبة الناس تعتبر هدف ؟ لأنها دليل على محبة الله ودليل على رضا الله

والدليل على ذلك ما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – حينما كان مرة من المرات جالساً

مع أصحابه فمرت جنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي: - صلى الله عليه وسلم – ( هي في الجنة ) .

 

ومرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شراً قال: ( هي في النار ) فسألوا النبي – صلى الله

عليه وسلم – عن ذلك فقال: ( أنتم شهود الله في أرضه ) يعني أثنيتم عليه خيراً فهذا دليل

على ثناء الله له، والآخر أثنيتم عليه شراً فهذا دليل على بغض الله له- أو كما جاءعن النبي صلى الله عليه وسلم .

 

إذاً: نلخص هذه المسألة أن محبة الله - عزّ وجلّ – هدف يسعى له الإنسان ،ومحبة

الناس هي هدف لأنها دليل على محبة الله - عزّ وجلّ – لكن إذا تعارضت مع محبة الله

فلا شك في أننا نقدم ما يرضى الله - سبحانه وتعالى – وما يحبه الله على ما يحبه

الناس.

 

ما الطريق الموصل إلى محبة الله !!

إن الطرق كثيرة وبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم المجمل فقال :

( ازهد في الدنيا يحبك الله ) يعني أعرض عن الدنيا .

 

ولكن هل الإعراض عن الدنيا هنا أن نموت أو نقتل أنفسنا !!

طبعا لا إنما الإعراض يكون عن الإندماج الكلي في الشهوات والملذات ونسيان أمر الله سبحانه وتعالى

وليس المقصود بالزهد في الدنيا أن نجلس في مكان مظلم أو مكان بعيد عن الناس

ولا نأكل ولا نشرب ؛ لأنه آت من الدنيا ولا نتمتع بطيباتها ولا نتمتع بأرزاق الله سبحانه وتعالى فيها ،

وليس المقصود أن نموت و نعرض عن الدنيا لننتقل إلى الآخرة !،

فالنبي صلى الله عليه وسلم هو أزهد الناس في الدنيا ولم يعرض عن الدنيا كلياً أكل من طيباتها ولبس

من الملابس الحسنة وتمتع بالنساء وقال - صلى الله عليه وسلم :

( حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .

 

إنما المقصد هنا : أن لا نسترسل مع هذه الدنيا فتلهينا عن المطالب العليا في الآخرة .

فلا يكون هدفنا الوصول إلى أعلى المناصب أوالإنشغال بتجميع الثروة

أوالتزود من هذه الدنيا بأمور أكثر مما أحتاج بكثير جداً فتكون هي شغلي الشاغل،

 

فالزاهد الذي لبس متوسط اللباس وتعامل بالنظافة ولم يجعل الدنيا هدفه

وجعل الآخرة والفوز فيها هو هدفه الرئيسي وشغله الشاغل ومع ذلك تمتّع بالطيبات التي أحلها الله عزّ وجلّ له .

 

ومن خلال هذا نعلم أن من علامات الزهد العمل بما فرضه الله سبحانه وتعالى على الإنسان والعمل بما

استطاع من النوافل والمُستحبات وكذلك ترك ما حرم الله سبحانه وتعالى

و ترك ما يشغل عن الله سبحانه وتعالى وعن الفوز بالدار الآخرة .

و السعي لزيادة الرصيد في الآخرة عند الله سبحانه وتعالى .

 

ويُقال لطالب الزهد في الدنيا ، أنّه لا بد من الزهد في فضول الأموال والجاه جميعاً، حتى يكمل الزهد في حظوظ النفس،

‏وقد قال ابن المبارك ‏:‏ أفضل الزهد إخفاء الزهد، وينبغى أن يعول في هذا على ثلاث علامات

 

الأولى ‏:‏ أن لا يفرح بموجود، ولا يحزن بمفقود، كما قال تعالى ‏{‏لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم‏}‏ ‏[‏الحديد ‏:‏ 23‏]‏

وهذا علامة الزهد في المال‏.‏

 

الثاني‏:‏ أن يستوي عنده ذامه ومادحه، وهذه علامة الزهد في الجاه‏.‏

 

الثالث‏:‏ أن يكون أنسه بالله، والغالب على قلبه حلاوة الطاعة‏.‏فأما محبة الدنيا ومحبة الله تعالى،

فهما في القلب كالماء والهواء في القدح، إذا دخل الماء خرج الهواء، فلا يجتمعان‏.

‏قيل لبعضهم‏:‏ إلام أفضى بهم الزهد‏؟‏ قال‏:‏ إلى الأنس بالله‏.‏

وقال يحيى بن معاذ‏:‏ الدنيا كالعروس، ومن يطلبها ماشطتها (الماشطة : التي تحس المشط وحرفتها ومعناها هنا ‏:‏ تزينها‏)

و‏الزاهد يسخم ‏(يقال‏:‏ سخم الله وجهه‏:‏ أي سوده من السخمة وهى السواد‏.‏‏)وجهها، وينتف شعرها، ويخرق ثوبها،

والعارف مشتغل بالله تعالى عنها‏.‏

 

12-69.gif

 

 

قوله: "وازهَد فيمَا عِندَ النَاس يُحِبكَ النَّاس" أي لا تتطلع لما في أيديهم،

ارغب عما في أيدي الناس يحبك الناس،

وهذا يتضمن ترك سؤال الناس أي أن لا تسأل الناس شيئاً،

لأنك إذا سألت أثقلت عليهم، وكنت دانياً سافلاً بالنسبة لهم،

فإن اليد العليا المعطية خير من اليد السفلى الآخذة.

 

12-69.gif

 

من فــــوائــــد الحديــــث :

 

1- علوهمم الصحابة رضي الله عنهم، فلا تكاد تجد أسئلتهم إلا لما فيه خير في الدنيا

أو الآخرة أو فيهما جميعاً.

 

وهنا السؤال : هل الصحابة رضي الله عنهم إذا سألوا مثل هذا السؤال يريدون

أن يطلعوا فقط، أو يريدون أن يطلعوا ويعملوا؟

 

الجواب:الثاني،بخلاف كثير من الناس اليوم-نسأل الله أن لايجعلنا منهم- يسألون

ليطلعوا على الحكم فقط لا ليعملوا به،ولذلك تجدهم يسألون عالماً ثم عالماً ثم

عالماً حتى يستقروا على فتوى العالم التي توافق أهواءهم،

ومع ذلك قد يستقبلونها بنشاط وقد يستقبلونها بفتور.

 

2 - إثبات محبة الله عزّ وجل،أي أن الله تعالى يحب محبة حقيقية.

 

ولكن هل هي كمحبتنا للشيء؟

 

الجواب:لا، حتى محبة الله لنا ليست كمحبتنا لله، بل هي أعلى وأعظم،

وإذا كنا الآن نشعر بأن أسباب المحبة متنوعة،وأن المحبة تتبع تلك

الأسباب وتتكيف بكيفيتها فكيف بمحبة الخالق؟!! لا يمكن إدراكها.

 

 

3 - أن الإنسان لا حرج عليه أن يطلب محبة الناس،أي أن يحبوه،

سواء كانوا مسلمين أو كفاراً حتى نقول:لا حرج عليه أن يطلب محبة

الكفار له، لأن الله عزّ وجل قال:

( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ )(الممتحنة: الآية8)

ومن المعلوم أنه إذا برهم بالهدايا أو الصدقات فسوف يحبونه،

أو عدل فيهم فسوف يحبونه،والمحذور أن تحبهم أنت،

ولهذا جاء في الحديث وإن كان ضعيفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم

إذا أقبل على البلد قال: "اللَّهمَّ حَبِّبْنَا إِلَى أَهْلِهَا،وَحبَب صَالِحي أَهْلِهَا إِلَينَا" ،

فلما أراد المحبة الصادرة منه قال: "صَالِحي أَهْلِهَا"

ولما أراد المحبة الصادرة من الناس قال: حَبِّبنَا إِلَى أَهْلِهَا مطلقاً.

 

4 - فضيلة الزهد في الدنيا، ومعنى الزهد: أن يترك مالا ينفعه في الآخرة.

 

وليس الزهد أنه لا يلبس الثياب الجميلة، ولا يركب السيارات الفخمة،

وإنما يتقشف ويأكل الخبز بلا إدام وما أشبه ذلك، ولكن يتمتع بما أنعم الله عليه،

لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وإذا تمتع بالملاذ على هذا الوجه

صار نافعاً له في الآخرة،ولهذا لا تغتر بتقشف الرجل ولبسه رديء الثياب،

فربَّ حية تحت القش،ولكن عليك بعمله وأحواله.

 

5 - أن الزهد مرتبته أعلى من الورع، لأن الورع ترك ما يضر ،

والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.

 

6 - أن الزهد من أسباب محبة الله عزّ وجل لقوله "ازهَد في الدنيَا يُحِبكَ اللهُ"

ومن أسباب محبة الله للعبد وهو أعظم الأسباب: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم

لقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران: 31)

 

7 -الحث والترغيب في الزهد فيما عند الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعله

سبباً لمحبة الناس لك، وهذا يشمل أن لا تسأل الناس شيئاً،

وأن لاتتطلع وتعرِّض بأنك تريد كذا.

 

مثال الأول:أن ترى مع شخص من الناس ما يعجبك من قلم أوساعة،

وتقول يا فلان : هذه ساعة طيبة،ألا تهديها عليَّ، فإن الهدية تذهب السخيمة،

وتهادوا تحابوا، وأتى بالمواعظ من أجل أن يأخذ الساعة ،

لكن إذا كان هذا ذكياً قال: وأنت أيضاً أهد عليَّ ساعتك ويأتي له بالنصوص.

 

أقول:إن سؤال الناس ما عندهم لا شك أنه من أسباب إزالة المحبة والمودة،

لأن الناس يستثقلون هذا ويستهجنون الرجل ويستذلونه،واليد العليا خير من اليد السفلى.

 

مثال ثان: أن تعرض بأنك تريده كأن تقول:ما شاء الله هذا القلم الذي معك ممتاز،

ليتني أحصل على مثله،وهذا كأنك تقول له:أعطني إياه.

 

فمثل هذا عليك أن تردعه، إذا طلب منك هذا فقل له: ابحث عنه في السوق،

لأنني لا أحب أن الناس تدنو أنفسهم إلى هذا الحد، دع نفسك عزيزة ولا تستذل.

 

ولكن هنا مسألة: إذا علمت أن صاحبك لو سألته لسره ذلك، فهل تسأله؟

 

الجواب:نعم،لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى اللحم على النار قال:

"ألم أرَ البرمة على النار" قالوا:يا رسول الله: هذا لحم تصدق به على بريرة،

فقال: "هو لها صدقة، ولنا هدية"،لأننا نعلم علم اليقين أن بريرة رضي الله عنها

سوف تسر، فإذا علمت أن سؤالك يسر صاحبك فلا حرج والله الموفق.

 

 

12-69.gif

9-107.gif

 

 

أخواتي الحبيبات ، تمّ بحمد الله شرح الحديث الحادي الثلاثون ..

أتمنّى من المُتابعات تسجيل حضورهنّ على هذه الصفحة ،

وكل أخت لديها استفسار يخصّ الحديث تسجّله هنا أيضاً ..

وأذكّركنّ بُحسن المُتابعة والجديّة في حفظ وفهم الأربعون النوويّة ،

 

أعانكنّ الله ووفقكنّ لما يحبّ ويرضى :blush:

 

12-4.gif

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,,

 

بارك الله في جهودكن ّ

 

متابعة معكن ّ بإذن الرحمن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله فيكم ووووجزاكم كل خير

متابعه معكم ان شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×