اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

مُدارسة كتاب : •°o.O تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان O.o°•

المشاركات التي تم ترشيحها

بارك الله بكنّ وحفظنّ ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ثم شرع تعالى يذكِّر بني إسرائيل نعمه عليهم وإحسانه فقال:

 

________________________________________

 

 

 

﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) ﴾

 

 

 

{ 40 - 43 } { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } .

 

{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ } المراد بإسرائيل: يعقوب عليه السلام، والخطاب مع فرق بني إسرائيل، الذين بالمدينة وما حولها، ويدخل فيهم من أتى من بعدهم، فأمرهم بأمر عام، فقال: { اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } وهو يشمل سائر النعم التي سيذكر في هذه السورة بعضها، والمراد بذكرها بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه.

{ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي } وهو ما عهده إليهم من الإيمان به، وبرسله وإقامة شرعه.

{ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } وهو المجازاة على ذلك.

 

والمراد بذلك: ما ذكره الله في قوله: { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ [وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي] } إلى قوله: { فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } .

 

ثم أمرهم بالسبب الحامل لهم على الوفاء بعهده، وهو الرهبة منه تعالى، وخشيته وحده، فإن مَنْ خشِيَه أوجبت له خشيته امتثال أمره واجتناب نهيه.

 

ثم أمرهم بالأمر الخاص، الذي لا يتم إيمانهم، ولا يصح إلا به فقال: { وَآمِنُوا بِمَا أَنزلْتُ } وهو القرآن الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالإيمان به، واتباعه، ويستلزم ذلك، الإيمان بمن أنزل عليه، وذكر الداعي لإيمانهم به، فقال: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } أي: موافقا له لا مخالفا ولا مناقضا، فإذا كان موافقا لما معكم من الكتب، غير مخالف لها; فلا مانع لكم من الإيمان به، لأنه جاء بما جاءت به المرسلون، فأنتم أولى من آمن به وصدق به، لكونكم أهل الكتب والعلم.

 

وأيضا فإن في قوله: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } إشارة إلى أنكم إن لم تؤمنوا به، عاد ذلك عليكم، بتكذيب ما معكم، لأن ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء، فتكذيبكم له تكذيب لما معكم.

 

وأيضا، فإن في الكتب التي بأيدكم، صفة هذا النبي الذي جاء بهذا القرآن والبشارة به، فإن لم تؤمنوا به، كذبتم ببعض ما أنزل إليكم، ومن كذب ببعض ما أنزل إليه، فقد كذب بجميعه، كما أن من كفر برسول، فقد كذب الرسل جميعهم.

فلما أمرهم بالإيمان به، نهاهم وحذرهم من ضده وهو الكفر به فقال: { وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي: بالرسول والقرآن.

وفي قوله: { أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أبلغ من قوله: { ولا تكفروا به } لأنهم إذا كانوا أول كافر به، كان فيه مبادرتهم إلى الكفر به، عكس ما ينبغي منهم، وصار عليهم إثمهم وإثم من اقتدى بهم من بعدهم.

 

ثم ذكر المانع لهم من الإيمان، وهو اختيار العرض الأدنى على السعادة الأبدية، فقال: { وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا } وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل، التي يتوهمون انقطاعها، إن آمنوا بالله ورسوله، فاشتروها بآيات الله واستحبوها، وآثروها.

 

{ وَإِيَّايَ } أي: لا غيري { فَاتَّقُونِ } فإنكم إذا اتقيتم الله وحده، أوجبت لكم تقواه، تقديم الإيمان بآياته على الثمن القليل، كما أنكم إذا اخترتم الثمن القليل، فهو دليل على ترحل التقوى من قلوبكم.

 

ثم قال: { وَلا تَلْبِسُوا } أي: تخلطوا { الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ } فنهاهم عن شيئين، عن خلط الحق بالباطل، وكتمان الحق؛ لأن المقصود من أهل الكتب والعلم، تمييز الحق، وإظهار الحق، ليهتدي بذلك المهتدون، ويرجع الضالون، وتقوم الحجة على المعاندين؛ لأن الله فصل آياته وأوضح بيناته، ليميز الحق من الباطل، ولتستبين سبيل المهتدين من سبيل المجرمين، فمن عمل بهذا من أهل العلم، فهو من خلفاء الرسل وهداة الأمم.

 

ومن لبس الحق بالباطل، فلم يميز هذا من هذا، مع علمه بذلك، وكتم الحق الذي يعلمه، وأمر بإظهاره، فهو من دعاة جهنم، لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم، فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين.

ثم قال: { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ } أي: ظاهرا وباطنا { وَآتُوا الزَّكَاةَ } مستحقيها، { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } أي: صلوا مع المصلين، فإنكم إذا فعلتم ذلك مع الإيمان برسل الله وآيات الله، فقد جمعتم بين الأعمال الظاهرة والباطنة، وبين الإخلاص للمعبود، والإحسان إلى عبيده، وبين العبادات القلبية البدنية والمالية.

وقوله: { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } أي: صلوا مع المصلين، ففيه الأمر بالجماعة للصلاة ووجوبها، وفيه أن الركوع ركن من أركان الصلاة لأنه عبّر عن الصلاة بالركوع، والتعبير عن العبادة بجزئها يدل على فرضيته فيها.

 

________________________________________

 

 

﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) ﴾

 

 

 

{ 44 } { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ } .

{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ } أي: بالإيمان والخير { وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } أي: تتركونها عن أمرها بذلك، والحال: { وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ } وأسمى العقل عقلا لأنه يعقل به ما ينفعه من الخير، وينعقل به عما يضره، وذلك أن العقل يحث صاحبه أن يكون أول فاعل لما يأمر به، وأول تارك لما ينهى عنه، فمن أمر غيره بالخير ولم يفعله، أو نهاه عن الشر فلم يتركه، دل على عدم عقله وجهله، خصوصا إذا كان عالما بذلك، قد قامت عليه الحجة.

وهذه الآية، وإن كانت نزلت في سبب بني إسرائيل، فهي عامة لكل أحد لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ } وليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أمر به أنه يترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجبين، وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين: أمر غيره ونهيه، وأمر نفسه ونهيها، فترك أحدهما، لا يكون رخصة في ترك الآخر، فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين، والنقص الكامل أن يتركهما، وأما قيامه بأحدهما دون الآخر، فليس في رتبة الأول، وهو دون الأخير، وأيضا فإن النفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

معاكن متابعة ^^

 

جزاك الله خيرا حبيبتي أنين

 

أنار الله بصيرتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

من هم بنو إسرائيل؟ ومن كان إسرائيل؟ ولماذا فضل الله بني إسرائيل على العالمين؟

 

الجواب

 

بسم الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

 

إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -على الجميع أفضل الصلاة والسلام-. وهو المعني بقوله تعالى:

 

"كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة" [آل عمران:93]

 

وبنو إسرائيل هم ذريته من بعده حيث كان له عليه السلام اثنا عشر ولداً من بينهم يوسف عليه السلام وهم -

 

حسب كلام بعض المفسرين- الأسباط المذكورون بقوله تعالى

 

"قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط.. الآية" [البقرة:136].

 

ومن ذرية الاثني عشر هؤلاء تكاثر بنو إسرائيل.

 

أما تفضيل بني إسرائيل الوارد في القرآن في سورة البقرة في معرض وصاياه لبني إسرائيل:

 

"يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين" [البقرة:122]

 

فهو بإرسال الرسل منهم، وإنزال الكتب، وإعطائهم الملك؛ كما قال الله تعالى:

 

"وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكاً وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين". [المائدة:20].

 

وتفضيل بني إسرائيل على العالمين ليس على مطلق الناس، وإنما فضلهم الله على عالمهم.

 

ولكل زمان عالم. ولذلك لا يلزم أن يكونوا أفضل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛

 

فإن الله قال مخاطباً هذه الأمة:

 

"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.." [آل عمران:110].

 

والله أعلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ : ( وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا )

 

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ :

 

820 - فَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا آدَمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ :

 

" وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا " يَقُولُ : لَا تَأْخُذُوا عَلَيْهِ أَجْرًا . قَالَ : هُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُمْ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ :

 

يَا ابْنَ آدَمَ ، عَلِّمْ مَجَّانًا كَمَا عُلِّمْتَ مَجَّانًا .

 

وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا :

 

821 - حَدَّثَنِي بِهِ مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ :

 

" وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا " يَقُولُ :

 

لَا تَأْخُذُوا طَمَعًا قَلِيلًا وَتَكْتُمُوا اسْمَ اللَّهِ ، وَذَلِكَ الثَّمَنُ هُوَ الطَّمَعُ . [ ص: 566 ]

 

فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا : لَا تَبِيعُوا مَا آتَيْتُكُمْ مِنَ الْعِلْمِ بِكِتَابِي وَآيَاتِهِ بِثَمَنٍ خَسِيسٍ وَعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ .

 

وَبَيْعُهُمْ إِيَّاهُ - تَرْكُهُمْ إِبَانَةَ مَا فِي كِتَابِهِمْ مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ ،

 

وَأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِيهِ أَنَّهُ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ - بِثَمَنٍ قَلِيلٍ

 

، وَهُوَ رِضَاهُمْ بِالرِّيَاسَةِ عَلَى أَتْبَاعِهِمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ وَدِينِهِمْ ،

 

وَأَخْذُهُمُ الْأَجْرَ مِمَّنْ بَيَّنُوا لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنُوا لَهُ مِنْهُ .

 

وَإِنَّمَا قُلْنَا بِمَعْنَى ذَلِكَ : " لَا تَبِيعُوا " لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الثَّمَنِ الْقَلِيلِ بِآيَاتِ اللَّهِ بَائِعُ الْآيَاتِ بِالثَّمَنِ

 

، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ مَبِيعٌ لِصَاحِبِهِ ، وَصَاحِبُهُ بِهِ مُشْتَرٍ : وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى

 

مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ ، بَيِّنُوا لِلنَّاسِ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا تَبْتَغُوا عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَجْرًا

 

. فَيَكُونُ حِينَئِذٍ نَهْيُهُ عَنْ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى تَبْيِينِهِ ، هُوَ النَّهْيُ عَنْ شِرَاءِ الثَّمَنِ الْقَلِيلِ بِآيَاتِهِ .

 

بووورك فيكن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) ﴾

 

 

 

{ 45 - 48 } { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ } .

 

أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه، وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها، والصبر عن معصية الله حتى يتركها، والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها، فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور { وَإِنَّهَا } أي: الصلاة { لَكَبِيرَةٌ } أي: شاقة { إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ } فإنها سهلة عليهم خفيفة؛ لأن الخشوع، وخشية الله، ورجاء ما عنده يوجب له فعلها، منشرحا صدره لترقبه للثواب، وخشيته من العقاب، بخلاف من لم يكن كذلك، فإنه لا داعي له يدعوه إليها، وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه.

 

والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته، وسكونه لله تعالى، وانكساره بين يديه، ذلا وافتقارا، وإيمانا به وبلقائه.

 

 

ولهذا قال: { الَّذِينَ يَظُنُّونَ } أي: يستيقنون { أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ } فيجازيهم بأعمالهم { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فهذا الذي خفف عليهم العبادات وأوجب لهم التسلي في المصيبات، ونفس عنهم الكربات، وزجرهم عن فعل السيئات، فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات، وأما من لم يؤمن بلقاء ربه، كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه.

ثم كرر على بني إسرائيل التذكير بنعمته، وعظا لهم، وتحذيرا وحثا.

 

وخوفهم بيوم القيامة الذي { لا تَجْزِي } فيه، أي: لا تغني { نَفْسٌ } ولو كانت من الأنفس الكريمة كالأنبياء والصالحين { عَنْ نَفْسٍ } ولو كانت من العشيرة الأقربين { شَيْئًا } لا كبيرا ولا صغيرا وإنما ينفع الإنسان عمله الذي قدمه.

{ وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا } أي: النفس، شفاعة لأحد بدون إذن الله ورضاه عن المشفوع له، ولا يرضى من العمل إلا ما أريد به وجهه، وكان على السبيل والسنة، { وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } أي: فداء { ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب } ولا يقبل منهم ذلك { وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ } أي: يدفع عنهم المكروه، فنفى الانتفاع من الخلق بوجه من الوجوه، فقوله: { لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا } هذا في تحصيل المنافع، { وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ } هذا في دفع المضار، فهذا النفي للأمر المستقل به النافع.

 

 

{ ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل } هذا نفي للنفع الذي يطلب ممن يملكه بعوض، كالعدل، أو بغيره، كالشفاعة، فهذا يوجب للعبد أن ينقطع قلبه من التعلق بالمخلوقين، لعلمه أنهم لا يملكون له مثقال ذرة من النفع، وأن يعلقه بالله الذي يجلب المنافع، ويدفع المضار، فيعبده وحده لا شريك له ويستعينه على عبادته.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكي الله خيراً

متابعه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكنّ الله خيرا حبيباتي " نبض الأمة وأنين أمة " على هذه الدورة الطيبة بحق ..

 

فما أجمل ان نتأمل في معاني آيات الله سبحانه وتعالى ..

أسال الله أن يجعلها في ميزان حسناتكنّ ..

 

متابعة إن شاء الله :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

مفهوم الشفاعة:

 

الشفاعة لغة: الطلب والوسيلة، وعرفاً: سؤال الخير من الغير إلى الغير،

 

بمعنى أن يسعى شخص لدى شخص آخر في قضاء مصلحة لطرف ثالث..

 

فالشافع أو الشفيع انضم إلى كل من المطلوب منه، والمطلوب له فصار شفعاً أي زوجاً بعد أن كان وتراً..

 

والشفاعة عند الله تعالى ليست كالشفاعة عند البشر، فإن الشفاعة عند البشر قد يفاجأ بها المشفوع إليه،

 

وقد يكون للشفيع تأثير عليه أو سلطة فوقه فيلجئه ذلك إلى قبول الشفاعة..

وقد يستجيب المشفوع إليه خجلاً أو حياء أو انتظاراً لمصلحة تعود إليه من الشفيع..

 

وهذا وغيره منتف في حق الله تعالى، فالشفاعة الشرعية لها ضوابط:

1- لا أحد يشفع عند الله تعالى إلا بإذنه، ولا يملك نبي ولا ولي ولا ملك مقرب من الأمر شيئاً.. قال تعالى:

 

" من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " (سورة البقرة).

وقال جل شأنه:

 

" يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً " (سورة طه آية 109).

وقال سبحانه:

" وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى " (سورة النجم آية 26).

 

فالشفاعة مرهونة بإذن الله، ومشيئته وسابق عهده ووعده كما نص على ذلك قوله تعالى:

" لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً " (سورة مريم آية 87).

 

2- الشفاعة ليست خاضعة لإرادة بشر واختياره وليست مطلقة للأهواء والأحساب. بل هي اختيار الله للمشفع فيهم ورضاؤه عنهم..

 

وفي معرض حديث القرآن عن تكريم الله تعالى للملائكة وتنزيههم عن البنوة لله جل شأنه، قال سبحانه:

" وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. يعلم ما بين

 

أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون " (سورة الأنبياء الآيات 26- 2 .

 

وفي أول لقاء لتبليغ الدعوة والجهر بها وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا ودعا قريشاً فاجتمعوا، فقال:

 

يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس

 

أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار،

 

يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئاً

 

، غير أن لكم رحماً سأبله ببلالها.

 

3- لا شفاعة لكافر لأنه فقد أساس الثواب وهو الإيمان، وقد تظاهرت على ذلك آيات القرآن الكريم.. قال تعالى:

"ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع" (سورة غافر آية 1 .

فالكفر والشرك أظلم الظلم..

 

وحكم الله على المجرمين، المكذبين بأصول الدين المتمردين على طاعة الله، المستكبرين على خلق

 

الله بأن مصيرهم المحتوم هو سقر ولن يخرجوا من عذابها بأية شفاعة كانت.. قال تعالى:

"فما تنفعهم شفاعة الشافعين" (سورة المدثر آية 4 .

 

4- إن قبول الشفاعة هو فضل الله، يحبو به من يشاء، ومتى كانت الشفاعة بإذن الله ولمن يرضى

 

عنه الله، فتصبح المسألة برمتها خالصة لله رب العالمين، ولهذا قال الله جل شأنه:

 

"قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون" (سورة الزمر آية 44).

 

بووورك فيكن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

مكرر...

تم تعديل بواسطة { الــهـــا م }

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

متـــابعة : )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بوركتنّ يا حبيبات .. أسأل الله أن يجعله مما تُسرّون عند رؤيته يوم القيامة .

لا حرمكنّ الله الأجر .. ولا حرمكنّ النفع .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) ﴾

 

 

 

 

{ 49 - 57 } { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .

 

 

 

هذا شروع في تعداد نعمه على بني إسرائيل على وجه التفصيل فقال: { وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ } أي: من فرعون وملئه وجنوده وكانوا قبل ذلك { يَسُومُونَكُمْ } أي: يولونهم ويستعملونهم، { سُوءَ الْعَذَابِ } أي: أشده بأن كانوا { يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ } خشية نموكم، { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ } أي: فلا يقتلونهن، فأنتم بين قتيل ومذلل بالأعمال الشاقة، مستحيي على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه فهذا غاية الإهانة، فمن الله عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقر أعينهم.

 

{ وَفِي ذَلِكم } أي: الإنجاء { بَلاءٌ } أي: إحسان { مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ } فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره.

 

ثم ذكر منته عليهم بوعده لموسى أربعين ليلة لينزل عليهم التوراة المتضمنة للنعم العظيمة والمصالح العميمة، ثم إنهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد حتى عبدوا العجل من بعده، أي: ذهابه.

 

{ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } عالمون بظلمكم، قد قامت عليكم الحجة، فهو أعظم جرما وأكبر إثما.

 

ثم إنه أمركم بالتوبة على لسان نبيه موسى بأن يقتل بعضكم بعضا فعفا الله عنكم بسبب ذلك { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الله.

 

{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً } وهذا غاية الظلم والجراءة على الله وعلى رسوله، { فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ } إما الموت أو الغشية العظيمة، { وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ } وقوع ذلك، كل ينظر إلى صاحبه، { ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .

 

ثم ذكر نعمته عليكم في التيه والبرية الخالية من الظلال وسعة الأرزاق، فقال: { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ } وهو اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب، ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز وغير ذلك.

{ وَالسَّلْوَى } طائر صغير يقال له السماني، طيب اللحم، فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم { كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي: رزقا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين، فلم يشكروا هذه النعمة، واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب.

{ وَمَا ظَلَمُونَا } يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين، كما لا تنفعه طاعات الطائعين، { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } فيعود ضرره عليهم.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) ﴾

 

 

 

 

{ 58 - 59 } { وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } .

 

 

وهذا أيضا من نعمته عليهم بعد معصيتهم إياه، فأمرهم بدخول قرية تكون لهم عزا ووطنا ومسكنا، ويحصل لهم فيها الرزق الرغد، وأن يكون دخولهم على وجه خاضعين لله فيه بالفعل، وهو دخول الباب { سجدا } أي: خاضعين ذليلين، وبالقول وهو أن يقولوا: { حِطَّةٌ } أي أن يحط عنهم خطاياهم بسؤالهم إياه مغفرته.

{ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ } بسؤالكم المغفرة، { وَسَنزيدُ الْمُحْسِنِينَ } بأعمالهم، أي: جزاء عاجل وآجلا.

 

{ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا } منهم، ولم يقل فبدلوا لأنهم لم يكونوا كلهم بدلوا { قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ } فقالوا بدل حطة: حبة في حنطة، استهانة بأمر الله، واستهزاء وإذا بدلوا القول مع خفته فتبديلهم للفعل من باب أولى وأحرى، ولهذا دخلوا يزحفون على أدبارهم، ولما كان هذا الطغيان أكبر سبب لوقوع عقوبة الله بهم، قال: { فَأَنزلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } منهم { رِجْزًا } أي: عذابا { مِنَ السَّمَاءِ } بسبب فسقهم وبغيهم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

القول في تأويل قوله تعالى: {وسنزيد المحسنين}

 

وتأويل ذلك ما روي لنا عن ابن عباس، وهو ما:

854 - حدثنا به القاسم بن الحسن، قال ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، قال ابن عباس:

 

{وسنزيد المحسنين} من كان منكم محسنا زيد في إحسانه، ومن كان مخطئا نغفر له خطيئته.

 

فتأويل الآية: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية مباحا لكم كل ما فيها من الطيبات، موسعا عليكم بغير حساب،

 

وادخلوا الباب سجدا، وقولوا: سجودنا هذا لله حطة من ربنا لذنوبنا يحط به آثامنا، نتغمد لكم ذنوب المذنب

 

منكم فنسترها عليه، ونحط أوزاره عنه، وسنزيد المحسنين منكم إلى إحساننا السالف عنده إحسانا. ثم أخبر

 

الله جل ثناؤه عن عظيم جهالتهم، وسوء طاعتهم ربهم وعصيانهم لأنبيائهم واستهزائهم برسله، مع عظيم آلاء

 

الله عز وجل عندهم، وعجائب ما أداهم من آياتهم عبره، موبخا بذلك أبنائهم الذين خوطبوا بهذه الآيات

 

، ومعلمهم أنهم إن تعدوا في تكذيبهم محمدا صلى الله عليه و سلم وجحودهم نبوته مع عظيم إحسان الله بمبعثه

 

فيهم إليهم، وعجائب ما أظهر على يده من الحجج بين أظهرهم، أن يكونوا كأسلافهم الذين وصف صفتهم

 

. وقص علينا أنبائهم في هذه الآيات، فقال جل ثناؤه: {فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا

 

على الذين ظلموا رجزا من السماء} الآية.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا حبيبتي أنين

 

^^

 

متاااابعة بشغف

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرا أنونة الغالية ..

لاحرمتِ الأجر ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكن الله كل الخير

لكن لى استفسار لو سمحتن

الأرض المقدسة هى فلسطين أليس كذلك

إذا لو كان بنوا اسرائيل أطاعوا سيدنا موسى عليه السلام لكانت فلسطين أرض لليهود؟

لكن بسبب خذلانهم لسيدنا موسى تفرقوا فى الأرض

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

تفسير البغوي » سورة المائدة » تفسير قوله تعالى " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم "

 

 

قَوْلُهُ تَعَالَى : ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) اخْتَلَفُوا فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ

 

، قَالَ مُجَاهِدٌ : هِيَ الطُّورُ وَمَا حَوْلَهُ ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ : إِيلِيَّا وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ :

 

هِيَ أَرْيَحَاءُ ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ : هِيَ دِمَشْقُ وَفِلَسْطِينُ وَبَعْضُ الْأُرْدُنِّ ، وَقَالَ قَتَادَةُ : هِيَ الشَّامُ [ ص: 36 ]

 

كُلُّهَا ، قَالَ كَعْبٌ : وَجَدْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّ الشَّامَ كَنْزُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ [ وَبِهَا أَكْثَرُ ] عِبَادِهِ .

 

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) يَعْنِي : كَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَنَّهَا مَسَاكِنُ لَكُمْ ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ :

 

وَهَبَ اللَّهُ لَكُمْ ، وَقِيلَ : جَعَلَهَا لَكُمْ ، وَقَالَ السُّدِّيُّ : أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِدُخُولِهَا ، [ وَقَالَ قَتَادَةُ ] أُمِرُوا بِهَا كَمَا

 

أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ ، أَيْ : فَرَضَ عَلَيْكُمْ . ( وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ ) أَعْقَابِكُمْ بِخِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ ،

 

( فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ )

 

( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) وَذَلِكَ أَنَّ النُّقَبَاءَ الَّذِينَ خَرَجُوا يَتَجَسَّسُونَ الْأَخْبَارَ لَمَّا

 

رَجَعُوا إِلَى مُوسَى وَأَخْبَرُوهُ بِمَا عَايَنُوا ، قَالَ لَهُمْ مُوسَى : اكْتُمُوا شَأْنَهُمْ وَلَا تُخْبِرُوا بِهِ أَحَدًا

 

مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَيَفْشَلُوا ، فَأَخْبَرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَرِيبَهُ وَابْنَ عَمِّهِ إِلَّا رَجُلَانِ وَفَّيَا بِمَا قَالَ لَهُمَا مُوسَى

 

، أَحَدُهُمَا يُوشَعُ بْنُ نُونِ بْنِ أَفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَتَى مُوسَى ، وَالْآخَرُ كَالِبُ بْنُ يُوقَنَّا

 

، وَكَانَ مِنْ سِبْطِ يَهُودَ وَهُمَا مِنَ النُّقَبَاءِ فَعَلِمَتْ جَمَاعَةٌ

 

مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْبُكَاءِ وَقَالُوا يَا لَيْتَنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ ، وَلَيْتَنَا نَمُوتُ فِي هَذِهِ

 

[ الْبَرِّيَّةِ ] وَلَا يُدْخِلُنَا اللَّهُ أَرْضَهُمْ فَتَكُونُ نِسَاؤُنَا وَأَوْلَادُنَا وَأَثْقَالُنَا غَنِيمَةً لَهُمْ ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ :

 

تَعَالَ نَجْعَلُ عَلَيْنَا رَأْسًا وَنَنْصَرِفُ إِلَى مِصْرَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ ( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ

 

وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) أَصْلُ الْجَبَّارِ : الْمُتَعَظِّمُ الْمُمْتَنِعُ عَنِ الْقَهْرِ

 

، يُقَالُ : نَخْلَةٌ جَبَّارَةٌ إِذَا كَانَتْ طَوِيلَةٌ مُمْتَنِعَةٌ عَنْ وُصُولِ الْأَيْدِي إِلَيْهَا ، وَسُمِّيَ أُولَئِكَ الْقَوْمُ جَبَّارِينَ لِامْتِنَاعِهِمْ

 

بِطُولِهِمْ وَقُوَّةِ أَجْسَادِهِمْ ، وَكَانُوا مِنَ الْعَمَالِقَةِ وَبَقِيَّةَ قَوْمِ عَادٍ ، فَلَمَّا قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مَا قَالُوا وَهَمُّوا بِالِانْصِرَافِ

 

إِلَى مِصْرَ خَرَّ مُوسَى وَهَارُونُ سَاجِدِينَ ، وَخَرَقَ يُوشَعُ وَكَالِبُ ثِيَابَهُمَا وَهُمَا اللَّذَانِ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :

 

( قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ ) .

تم تعديل بواسطة { الــهـــا م }

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أعتذرعن عدم الإنتظام لأسباب عائلية بارك الله فيكم إن شاء الله سوف أراجع مافات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكِ إلهام الحبيبة على إضافتكِ الطيّبة ..

الحبيبة لبيك ياغزة .. افتقدتكِ .. عودًا حميدًا ..

 

باقي الحبيبات

لا حرمكنّ الله الأجر وبارك الله فيكنّ .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

﴿ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) ﴾

 

 

 

{ 60 } { وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ } .

 

استسقى، أي: طلب لهم ماء يشربون منه.

{ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ } إما حجر مخصوص معلوم عنده، وإما اسم جنس، { فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا } وقبائل بني إسرائيل اثنتا عشرة قبيلة، { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ } منهم { مَشْرَبَهُمْ } أي: محلهم الذي يشربون عليه من هذه الأعين، فلا يزاحم بعضهم بعضا، بل يشربونه متهنئين لا متكدرين، ولهذا قال: { كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ } أي: الذي آتاكم من غير سعي ولا تعب، { وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ } أي: تخربوا على وجه الإفساد.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) ﴾

 

 

 

 

{ 61 } { وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } .

 

 

أي: واذكروا، إذ قلتم لموسى، على وجه التملل لنعم الله والاحتقار لها، { لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ } أي: جنس من الطعام، وإن كان كما تقدم أنواعا، لكنها لا تتغير، { فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِهَا } أي: نباتها الذي ليس بشجر يقوم على ساقه، { وَقِثَّائِهَا } وهو الخيار { وَفُومِهَا } أي: ثومها، والعدس والبصل معروف، قال لهم موسى { أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى } وهو الأطعمة المذكورة، { بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } وهو المن والسلوى، فهذا غير لائق بكم، فإن هذه الأطعمة التي طلبتم، أي مصر هبطتموه وجدتموها، وأما طعامكم الذي من الله به عليكم، فهو خير الأطعمة وأشرفها، فكيف تطلبون به بدلا؟

 

ولما كان الذي جرى منهم فيه أكبر دليل على قلة صبرهم واحتقارهم لأوامر الله ونعمه، جازاهم من جنس عملهم فقال: { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ } التي تشاهد على ظاهر أبدانهم { وَالْمَسْكَنَةُ } بقلوبهم، فلم تكن أنفسهم عزيزة، ولا لهم همم عالية، بل أنفسهم أنفس مهينة، وهممهم أردأ الهمم، { وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ } أي: لم تكن غنيمتهم التي رجعوا بها وفازوا، إلا أن رجعوا بسخطه عليهم، فبئست الغنيمة غنيمتهم، وبئست الحالة حالتهم.

{ ذَلِكَ } الذي استحقوا به غضبه { بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ } الدالات على الحق الموضحة لهم، فلما كفروا بها عاقبهم بغضبه عليهم، وبما كانوا { يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ } .

 

وقوله: { بِغَيْرِ الْحَقِّ } زيادة شناعة، وإلا فمن المعلوم أن قتل النبي لا يكون بحق، لكن لئلا يظن جهلهم وعدم علمهم.

{ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا } بأن ارتكبوا معاصي الله { وَكَانُوا يَعْتَدُونَ } على عباد الله، فإن المعاصي يجر بعضها بعضا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك، فنسأل الله العافية من كل بلاء.

 

واعلم أن الخطاب في هذه الآيات لأمة بني إسرائيل الذين كانوا موجودين وقت نزول القرآن، وهذه الأفعال المذكورة خوطبوا بها وهي فعل أسلافهم، ونسبت لهم لفوائد عديدة، منها: أنهم كانوا يتمدحون ويزكون أنفسهم، ويزعمون فضلهم على محمد ومن آمن به، فبين الله من أحوال سلفهم التي قد تقررت عندهم، ما يبين به لكل أحد [منهم] أنهم ليسوا من أهل الصبر ومكارم الأخلاق، ومعالي الأعمال، فإذا كانت هذه حالة سلفهم، مع أن المظنة أنهم أولى وأرفع حالة ممن بعدهم فكيف الظن بالمخاطبين؟".

ومنها: أن نعمة الله على المتقدمين منهم، نعمة واصلة إلى المتأخرين، والنعمة على الآباء، نعمة على الأبناء، فخوطبوا بها، لأنها نعم تشملهم وتعمهم.

ومنها: أن الخطاب لهم بأفعال غيرهم، مما يدل على أن الأمة المجتمعة على دين تتكافل وتتساعد على مصالحها، حتى كان متقدمهم ومتأخرهم في وقت واحد، وكان الحادث من بعضهم حادثا من الجميع.

لأن ما يعمله بعضهم من الخير يعود بمصلحة الجميع، وما يعمله من الشر يعود بضرر الجميع.

ومنها: أن أفعالهم أكثرها لم ينكروها، والراضي بالمعصية شريك للعاصي، إلى غير ذلك من الحِكَم التي لا يعلمها إلا الله.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) ﴾

 

 

 

 

{ 62 } ثم قال تعالى حاكما بين الفرق الكتابية: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } .

 

وهذا الحكم على أهل الكتاب خاصة، لأن الصابئين، الصحيح أنهم من جملة فرق النصارى، فأخبر الله أن المؤمنين من هذه الأمة، واليهود والنصارى، والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر، وصدقوا رسلهم، فإن لهم الأجر العظيم والأمن، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأما من كفر منهم بالله ورسله واليوم الآخر، فهو بضد هذه الحال، فعليه الخوف والحزن.

 

والصحيح أن هذا الحكم بين هذه الطوائف، من حيث هم، لا بالنسبة إلى الإيمان بمحمد، فإن هذا إخبار عنهم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وأن هذا مضمون أحوالهم، وهذه طريقة القرآن إذا وقع في بعض النفوس عند سياق الآيات بعض الأوهام، فلا بد أن تجد ما يزيل ذلك الوهم، لأنه تنزيل مَنْ يعلم الأشياء قبل وجودها، ومَنْ رحمته وسعت كل شيء.

وذلك والله أعلم - أنه لما ذكر بني إسرائيل وذمهم، وذكر معاصيهم وقبائحهم، ربما وقع في بعض النفوس أنهم كلهم يشملهم الذم، فأراد الباري تعالى أن يبين من لم يلحقه الذم منهم بوصفه، ولما كان أيضا ذكر بني إسرائيل خاصة يوهم الاختصاص بهم. ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها، ليتضح الحق، ويزول التوهم والإشكال، فسبحان من أودع في كتابه ما يبهر عقول العالمين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×