اذهبي الى المحتوى
* دعاء الغسق *

لقاء الأحبة في رمضان

المشاركات التي تم ترشيحها

post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

الصيام ـ تعريفه، زمنه، فضله

 

 

الصيام أحد أركان الإسلام الخمسة، كما في حديث جبريل لما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -:

أخبرني عن الإسلام، فقال: ((أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة،

وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان))

وكما في حديث ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(بني الإسلام على خمس .. -وذكر منها-

وصوم رمضان..).

 

إذاً فالصوم من أعظم أركان الدين وأوثق قوانين الشرع المتين، به قهر النفس الأمارة بالسوء،

وهو مركب من أعمال القلب, ومن المنع عن المآكل والمشارب والمناكح عامة يومه،

وهو أجمل الخصال، غير أنه أشق التكاليف على النفوس فاقتضت الحكمة الإلهية أن يبدأ في التكاليف بالأخف،

وهو الصلاة تمريناً للمكلف ورياضة له ثم يثني بالوسط وهو الزكاة،

ويثلث بالأشق وهو الصوم وإليه وقعت الإشارة في مقام المدح والترتيب

{وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ} سورة الأحزاب.

 

وها نحن في شهر رمضان المبارك الذي فرض الله صومه على كل مسلم مكلف ،

فالصيام فيه شعيرة ظاهرة ، وعبادة واجبة ،

لذا كان من المناسب الحديث عن هذه العبادة العظيمة ، وما فيها من فضائل وحكم وأسرار .

 

تعريف الصيام

 

الصيام في اللغة: هو الإمساك والامتناع، ومنه قول مريم عليها السلام:

{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} سورة مريم 26.

 

ويستعمل في كل إمساك, يقال: صام: إذا سكت, وصامت الخيل: وقفت، ومنه قول الشاعر:

خـيل صيـام وخـيل غـير صائمـة *** تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

 

فهذا هو معناه، يعني مثل إمساك الخيل عن علك اللجام، هو تركها له،

وكذلك الإمساك في اللغة: هو الترك. والإمساك عن كل شيء من الكلام والطعام، وجاء به الشرع في أشياء مخصوصة.

والصيام في الشرع: هو التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات

- (حقيقة أو حكماً) كمن أكل ناسياً فإنه ممسك حكماً -

من طلوع الفجر الثاني إلي غروب الشمس.

فالصوم الشرعي: إمساك وامتناع إرادي عن الطعام والشراب ومباشرة النساء،

وما في حكمهم خلال يوم كامل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التقرب إلى الله تعالى.

 

قال تعالى:

{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتّى يَتَبَيّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلى اللَيْلِ}

(سورة البقرة- آية187).

 

وهو كما سبق ركن من أركان الإسلام، كما ثبت في ذلك أخبار عن النبي -عليه الصلاة والسلام-

وأجمع العلماء على وجوبه بشروط بينوها، كغيره من واجبات الشرع.

 

وتجري علية الأحكام الخمسة من الوجوب والإباحة والمسنون والمحرم والصيام المحرم كصيام العيدين.

 

والمقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات،

وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية، فالجوع يكسر من حدتها وسورتها،

ويذكرها بحال الأكباد الجائعة، وهو كذلك يضيق مجاري الشيطان، وهو سر بين العبد وربه،

لا يطلع عليه سواه، وقبل ذلك كله هو عبادة لله، فالصائم يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل الله، وذلك حقيقة الصيام.

 

زمن فرضية الصيام

 

وكان فرضه في السنة الثانية من الهجرة فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد صام تسع رمضانات،

وفرض أولاً على وجه التخيير بينه وبين أن يطعم عن كل يوم مسكيناً،

ثم نقل من ذلك التخيير إلى تحتم الصوم، وجعل الإطعام للشيخ الكبير والمرأة إذا لم يطيقا الصيام،

فإنهما يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكيناً، ورخص للمريض والمسافر أن يفطرا ويقضيا،

وللحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما كذلك، فإن خافتا على ولديهما زادتا مع القضاء

إطعام مسكين لكل يوم، فإن فطرهما لم يكن لخوف مرض،

وإنما كان مع الصحة فجبر بإطعام ثلاثين مسكيناً، كفطر الصحيح في أول الإسلام.

 

ووقت الصوم من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لقوله تعالى:

{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} (187) سورة البقرة،

والخيطان: بياض النهار وسواد الليل.

 

فضل الصيام

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((..ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه))

 

وعن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله -عز وجل-:

((كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزى به،

والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله

فليقل: إني صائم، إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم

أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك،

وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)).

 

وقال أيضاً: ((إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة،

لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، فلا يدخل منه أحد غيرهم،

فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد))

وعن عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة،

يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه،

ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، فيشفعان))

 

وعن أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

((لا يصوم عبد يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفًا))

 

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لما حضر رمضان:

((قد جاءكم شهر مبارك افترض عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة،

وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم))

 

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)).

 

والصيام باب من أبواب الخير: فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

(( ألا أدلك على أبواب الخير؟!)) قلت: بلى يا رسول الله،

قال: ((الصوم جنة، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفئ الماء النار ))

والصيام لا مثل له: فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت:

يا رسول الله، مرني بأمر ينفعني الله به. قال: (( عليك بالصيام، فإنه لا مثل له))

 

والصوم باب يؤدي إلى التقوى: قال الله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (183) سورة البقرة

 

وكلما أكثر المرء من الصيام باعد الله بينه وبين النار:

فعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

((ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً)).

 

فهذا في صيام يوم واحد، فكيف بمن صام يوماً وأفطر يوماً، أو صام الاثنين والخميس ، وثلاثة أيام من كل شهر؟!

 

ومن فضائل الصيام أن دعاء الصائم مستجاب، ولكل مسلم في كل يوم من رمضان دعوة مستجابة:

فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

((إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة - يعني في رمضان - وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة)).

 

وقد قال تعالى: في أثناء آيات الصيام: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ

فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (186) سورة البقرة،

ليرغب الصائم بكثرة الدعاء.

 

وهذه من فضائل الصيام مطلقاً وهي في شهر رمضان آكد ؛

لأن صيام رمضان هو أشرف أنواع الصيام وأفضلها.

قال الحافظ ابن رجب: ( فلما كان الصيام في نفسه مضاعفاً أجره بالنسبة إلى سائر الأعمال،

كان صيام شهر رمضان مضاعفاً على سائر الصيام، لشرف زمانه،

وكونه هو الصوم الذي فرضه الله على عباده، وجعل صيامه أحد أركان الإسلام التي بني عليها).

نسأل الله عز وجل أن يرزقنا من فضله ، ويسبغ علينا نعمه ،

ويجعلنا ممن يصوم ويقوم إيماناً واحتساباً ، ويغفر لنا ويعتقنا من النار إنه سميع مجيب.

 

post-110000-1279668079.gif

 

 

EkL99448.gif

post-110000-1279651058.gif

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

post-110000-1279649101.gif

 

وهكذا انتهى مجلسنا الخامس عشر من " لقاء الأحبة في رمضان" ، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

 

post-110000-1279651075.gif

المرأة والشهر الفضيل

 

ما أسعدها من لحظات تلك التي ترى فيها جموع المصلين والمصليات يدخلون المساجد لأداء صلاة التراويح أو القيام في شهر رمضان المبارك. إنه منظر يثير لمن تأمله وتفكر فيه معاني إيمانية سامية، ويحلق به في أجواء من حلاوة العبادة والثقة والتفاؤل بالمستقبل. هؤلاء الشباب والشابات أتوا إلى مكان واحد وتوحدوا خلف إمام واحد ويؤمنون على دعاء واحد.. إن أي تجمع لا يمكن أبداً أن يكون له هذا الوهج الإيماني، وهذا الإيحاء الروحاني..

 

نبتهج ونحن نرى المعلمة والطالبة وأستاذة الجامعة والأميرة يسعين إلى المساجد مبكرات، حاملات مصاحفهن، يمضين نهارهن في ذكر ودعاء وتضرع، وهاهن يمضين ليلهن في صلاة وقراءة للقرآن، وحضور لمجالس الذكر، في شيء يربي الإيمان ويزيده، تمضي المرأة شهرها في دعاء لربها أن يتولاها بحفظه، وأن يرحمها ويعينها على الاستقامة على دينه. كما أنها لا تنسى أن يكون لإخوانها المسلمين في أنحاء الأرض نصيب من تفكيرها ودعائها، فرابطة العقيدة لا تزال حيةً في فؤادها.

 

إن المرأة في هذا الشهر المليء بالبركات ترد بحالها على من يريد جعل هذا الشهر موسماً للخمول، أو وقتاً لغزو الأسواق، أو تضييعاً للأوقات في برامج تسطح الفكر، وتميت الغيرة. كما أنها تدرك أن الموسم الذي تعيش فيه يأتي في وقت كثرة الفتن والصوارف، وقلة المعين على الخير فتأخذ من آيات القرآن زاداً يعينها على مواصلة المسيرة الدعوية والإيمانية المباركة بكل طمأنينة وثقة في دينها. وكأني بأختي المؤمنة في كل مكان وهي تستمع لمواقف المؤمنين والمؤمنات في القرآن فتتأثر بهذه النفوس الكبيرة وتعاهد نفسها أن تكون من ذلك الركب المجاهد.

 

هي تعلم أن هذ الشهر المبارك يجمع قربات كثيرة ظاهرة وباطنة، فتجتهد في أن تظفر بما تستطيع فتصلي وتتصدق وتصل الرحم وتقرأ القرآن، كما تعتني بقلبها فتتوكل على الله وترجوه وتنيب إليه وتوقن بنصره وتتضرع إليه -تعالى- فتزداد محبتها وأنسها بشهرها، وترجو أن تكون السنة كلها رمضان.

 

وإن من الأوقات التي أوصي أخواتي باستغلالها فترة ما بعد الفجر في حفظ للقرآن، وما بعد الظهر في الالتقاء ببعض أخواتها في الله من جاراتها لتدارس بعض آيات من كتاب الله وللتواصي على الخير.

 

إننا -ونحن نستقبل رمضان- لا ننسى الدعاء لعلمائنا الذين توفاهم الله هذه السنة فنسأل الله -عز وجل- أن يجعل قبورهم روضات من رياض الجنة، وأن يتغمدهم بواسع رحمته، ويرزقهم الفردوس الأعلى ويجمعنا بهم في مستقر رحمته ووالدينا وجميع المسلمين

.

 

post-110000-1279668079.gif

 

L0V98681.gif

 

post-110000-1279651058.gif

انتصف رمضان يا دمعة المتهجد

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

إذا كانت المرأة صائمة وجاءتها الدورة قبل المغرب بنصف ساعة فهل عليها الإمساك ؟

 

post-110000-1279830341.gif

وهكذا انتهى المجلس السادس عشر من " لقاء الأحبة في رمضان" ، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله..

مضى 15 يومًا ، فراجعي نفسك أختي الغالية واسأليها في جوف الليل ، في صدى سكونه ، ما قدمت لنفسك ؟

وما هو زادك ؟ وإن وجدت نفسك مقصرة فاستعيني بالله وحده واخلصي النية واعزمي قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه لا مال ولا بنون إلا ما أتى الله بقبل سليم ، رزقنا الله وإياكنّ قلوبًا سليمة ، مطمئنة ، تنعم بذكر الله وتطمئن..

 

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

 

post-110000-1279651075.gif

 

أنيس المرأة في شهر الرحمة

 

مقتطف من رسالة للدكتور إبراهيم بن صالح المحمود

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد:

أختي المسلمة :

 

يسرني عبر هذه العجالة أن أهنئك بشهر رمضان المبارك شهر الرحمة والغفران وشهر الذكر والقرآن .

قال تعالى : (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )).

سورة البقرة ،آية 185.

وقال عليه الصلاة والسلام : "أتاكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عليكم صيامه ،

تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ،

وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم "رواه الأمام أحمد والنسائي .

 

قد جاء شهر الصـوم فيه الأمان *** والعتق والفوز بسكنى الجنــان

شـهر شـريف فيـه نيـل المنى *** وهو طراز فوق كم الزمــــــــان

طوبى لمن قـد صامه واتـــقى *** مولاه في الفعل ونطق اللسـان

ويا هنا مـن قــام في ليــــــلة *** ودمـعه في الخد يحكي الجمان

ذاك الــذي قد خصــه ربـــــــه *** بجنة الخلـــد وحور حســـــــان

هنــاكم الله بشـــهر أتـــــــى *** في مدحه القــرآن نص عيــــان

ولما لاحظت من إضاعة الأوقات والسهر على اللهو والمنكرات في هذا الموسم العظيم

من قبل بعض الأخوة والأخوات ولكون المرأة أكثر تأثرا في مثل هذا الموسم

ومن باب النصيحة جمعت لها بعض النصائح في رسالة أسميتها "أنيس المرأة في شهر الرحمة".

اسأل الله أن ينفع بها الجميع وصلى الله على نبينا محمد.

 

فضل الصيام

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"قال الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به ، والصيام جنة ،

فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله

فليقل : إني صائم ، إني صائم ،

والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ،

للصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه "

 

وقال عليه الصلاة والسلام :

"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " .

 

وقال عليه الصلاة والسلام :

"إن في الجنة بابا يقال له : الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ،

لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال : أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد" .

 

وقال عليه الصلاة والسلام :

"ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله !لا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا" .

وقال عليه الصلاة والسلام : "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ،

يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه ،

ويقول القران : منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه ، قال : فيشفعان " .

 

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله :

دلني على عمل أدخل به الجنة قال : "عليك بالصوم ، فإنه لا مثل له "

 

وقفة مع الوقت

 

 

الوقت هو حياتك أيتها المرأة هو عمرك ، وإذا كان ذلك الوقت في موسم الخيرات والبركات ،

فكيف يا ترى تمضينه في هذا الشهر الكريم ؟ .

 

إننا إذا تأملنا واقع كثير من النساء في رمضان وكيف تقفي وقتها رثينا لحالها وعزيناها،

فالنوم في نهار،رمضان يأخذ نصيب الأسد من وقت المرأة المسلمة

ثم يأتي في الدرجة الثانية المطبخ ، فنجدها تنام إلى الظهر ثم تبدأ بترتيب المنزل

ثم الدخول إلى المطبخ لإعداد وجبة الإفطار إلى حوالي العصر وبعد العصر

إعداد المشروبات ومائدة الإفطار وبعد الإفطار الاستعداد لمأدبة العشاء

وبعد العشاء العودة للمطبخ لغسل الأواني ثم الاشتغال بالمسلسلات أو المكالمات الهاتفية الفضولية

أو التجول في الأسواق بلا ضرورة ولا حاجة وهكذا! ! .

إلى وقت السحور ثم إعداد وجبة السحور ثم النوم ! ! فبالله عليك !

هل استنفدت من شهر الرحمات ؟! هل تعرضت لنفحات الرحمن ؟ ! .

 

وقفة بالله عليك مع بعض السلف وكيف كانوا يحافظون على الأوقات

كان السلف الصالح ومن سار على نهجهم من الخلف أحرص الناس على كسب الوقت وملئه بالخير،

سواء في ذلك عالمهم وعابدهم ، فقد كانوا يسابقون الساعات ويبادرون اللحظات ،

ضنا منهم بالوقت ، وحرصا على أن لا يذهب منهم هدرا .

 

نقل عن عامر بن عبد قيس أحد التابعين الزهاد أن رجلا قال له :

كلمني فقال له : عامر بن عبد قيس : أمسك الشمس .

يعني أوقف لي الشمس واحبسها عن المسير حتى أكلمك ،

فإن الزمن متحرك دائب المضي لا يعود بعد مروره فخسارته خسارة لا يمكن تعويضها واستدراكها،

لأن لكل وقت ما يملأه من العمل .

قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه ،

نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي .

 

وقال الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه :

إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما .

 

وقال الحسن البصري : يا ابن آدم ،

إنما أنت أيام ، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك ، وقال أيضا : أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم .

 

وقال عمار بن رجاء : سمعت عبيد بن يعيش يقول :

م قمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل ، كانت أختي تلقمني وأنا أكتب ا لحديث (8) .

 

إذا كان رأس المال عمرك فاحترز *** عليه من الإنفاق في غير واجب

فبين اختلاف الليل والصبح معرك *** يكر علينا جيشـه بالعجائـب

 

وقال الوزير بن هبيرة :

 

والوقت أنفس ما عنيت بحفظـه *** وأراه أسهل ،ما عليك يضيـع

 

 

شهر القرآن

 

قال تعالى : (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )). سورة البقرة ، الآية 185.

وقال صلى الله عليه وسلم :

"اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه " .

وقال عليه الصلاة والسلام :

"من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول : آلم حرف ، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" .

وكان جبريل عليه السلام يدارس النبي ، صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان

وكان عثمان بن عفان يختم القران كل يوم مرة . وكان الشافعي يختم في رمضان ستين ختمة .

وكان الزهري إذا دخل رمضان يقول إنما هو تلاوة القران وإطعام الطعام ،

وكان الإمام أحمد بن حنبل يختم القرآن في كل أسبوع ،

وإذا أردت أخيتي ختم القرآن كل سبعة أيام فعليك بقراءة ثمان وثمانين صفحة كل يوم تقريبا،

فاقتدي رحمك الله بأولئك الأخيار الأطهار واغتنمي ساعات الليل والنهار.

فبادر إلى الخيرات قبل فواتها *** وخالف مراد النفس قبل مماتها

تبكي نفوس في القيامة حسرة *** على فوت أوقات زمان حياتها

فـلا تغتر بالعز والمال والمنى *** فكم قد بلينا بانقلاب صفاتها

 

أذكار وأدعية مأثورة

يطيب لي أن أورد لك بعض الأذكار المهمة والتي غفل عنها كثير من المسلمين

قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا )) .

سورة الأحزاب ، الآيتان : 41 ، 42 .

 

وقال عليه الصلاة والسلام :

"ألا أنبئكم بخير أعمالكم ، وأزكاها عند مليككم ، وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة

وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟" قالوا : بلى،

قال : "ذكر الله تعالى" .

 

وقال عليه الصلاة والسلام : "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان ،

حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم " .

 

وقال عليه الصلاة والسلام : "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد

وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ،

ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ،

ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ".

 

وقال عليه الصلاة والسلام : "أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة؟"

فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب ألف حسنة؟.

قال : "يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة، أو يحط عن ألف خطيئة".

 

وقال عليه الصلاة ؟السلام : (ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟" فقلت : بلى يا رسول الله

قال : "لا حول ولا قوة إلا بالله ".

 

وقال عليه الصلاة والسلام : "من صلى علي صلاة،

صلى الله عليه بها عشرا" .

 

وقال صلى الله عليه وسلم : "من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ،

غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف " .

 

عليك بما يفيدك في المعــاد *** وما تنجو به يوم التناد

فمالك ليس ينفع فيك وعظ *** ولا زجر كأنك من جماد

ستندم إن رحـلت بغير زاد ***وتشقى إذ يناديك المنـاد

فـلا تفـرح بـمال تقتنيه *** فإنك فـيه مـعكوس المراد

وتـب مما جنيت وأنت حي *** وكن متنبها مـن ذا الرقاد

يسـرك أن تكون رفيق قوم *** لـهم زاد وأنـت بغير زاد

 

 

فرصة التوبة في رمضان

 

إن رمضان موسم عظيم فيه تتجلى الرحمات وتقبل الحسنات ويتجاوز ربنا عن السيئات ،

فحري بك أخيتي أن تستفيدي من هذا الموسم وذلك بالتوبة إلى الله والعودة إليه .

 

أخيتي : إذا كنت قد ابتليت ببعض المعاصي والذنوب

فأبدي بالتوبة من هذا الشهر واجعلي رمضان ميلادك الجديد إلى الاستقامة والصلاح إلى التوبة والفلاح .

 

فإذا أردت أن تسلكي الطريق المستقيم فعليك بما يلي :

 

1- حافظي على جميع الصلوات في أوقاتها مع السنن الرواتب .

2- ابتعدي عن قرينات السوء .

3- تجنبي سماع الأغاني ومشاهدة الأفلام .

4- أكثري من قراءة القران .

5- جاهدي وصابري على ذلك .

6- أكثري من الدعاء بقبول التوبة .

7- استمعي إلى الشريط الإسلامي .

8- تعرفي على رفيقات صالحات واحذري مجالس الغيبة والنميمة .

9- ساعدي والدتك في أعمال المنزل .

10- فإن طبقت تلك الأمور فبإذن الله ستكونين من الصالحات القانتات التائبات .

قال تعالى :

(( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون *

أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) .

سورة الأحقاف ، الآيتان 13 ، 14 .

 

وقال عليه الصلاة والسلام :

"لله أفرح بتوبة عبده ومن أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة".

 

هذا ما يسر الله جمعه في هذه الرسالة، أسأل الله أن ينفع به والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

 

 

 

post-110000-1279668079.gif

 

Amu98681.gif

 

 

 

post-110000-1279651058.gif

 

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

post-110000-1279649101.gif

 

 

وهكذا انتهى مجلسنا السابع عشر من " لقاء الأحبة في رمضان" ، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
post-110000-1279830259.gif

 

كلما دخلت وقرأت المقالات كل يوم تخيلت نفسي وأنا أقوم بكل هذا

 

ياله من فضل ويالها من بركة

 

ولكن لا أدري فالتقصير يلازمنا مهما عملنا ومهما فعلنا

 

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لي ولكم ولجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات

 

وأن يختم لي ولكم بالإسلام والإيمان

 

بارك الله فيكم على المجهود الواضح ونفع بكم وجعله في ميزان حسناتكم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

وفيك بارك المولى أختي الغالية سدرة المنتهى،

 

أسعدنا مرورك العطر وردك الطيب .

أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغفر لي ولكم ولجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات

 

اللهّم آمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

حياة القلوب

 

إن القلوب إذا صلحتْ صلحت أعمالنا، وصلحت أحوالنا، وارتفعت كثير من مشكلاتنا. وإذا فسدت هذه القلوب التي هي القائدة للأبدان والجوارح فسدت أعمال العبد، واضطربت عليه أحواله، ولم يعد يتصرف التصرف اللائق الذي يرضي ربه ومولاه؛ فخسر الدنيا والآخرة. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)).

 

والله - عز وجل - يقول: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور)سورة الحج 46.

 

والقلب ما سمي قلباً إلا لكثرة تقلبه، فهو كثير التقلب بالخواطر والواردات والأفكار والعقائد، ويتقلب كثيراً على صاحبه في النيات والإرادات، كما أنه كثير التقلب من حالٍ إلى حال، يتقلب من هدى إلى ضلال، ومن إيمان إلى كفر أو نفاق، ولهذا كَانَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))

وكذا يقال له: الفؤاد لكثرة تفؤده، أي كثرة توقده بالخواطر والإرادات والأفكار، والإنسان قد يستطيع أن يُصِّم أذنه فلا يسمع، وقد يستطيع أن يغمض عينه فلا يبصر، ولكنه لا يستطيع أن يمنع قلبه من الفكر والنظر في الواردات والخواطر، فهي تعرض له شاء صاحبها أم أبى، ولهذا قيل له فؤاد: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) سورة الإسراء 36.

 

مـا سمي القـلب إلا مـن تقلبه *** والرأي يصرف بالإنسان أطواراً

 

والنبي - صلى الله عليه وسلم- حينما ذكر التقوى أشار بيده - صلى الله عليه وسلم- إلى صدره كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا تَحَاسَدُوا - إلى أن قال-: التَّقْوَى هَاهُنَا- وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ..))

 

و'المرء بأصغريه'، وهما: قلبه ولسانه.

 

ولما كانت حياة الإنسان الظاهرة متعلقةً بحياة القلب فإن الإنسان لا يمكن أن يعيش على نحو سوي إلا بسلامة قلبه، فحياة القلب لها تعلقٌ وثيق مؤثر على أفعاله وتصرفاته المعنوية، وكذا ما نسميه بالأمراض القلبية، والإحساسات والمشاعر الداخلية. فالقلب محل الإيمان والتقوى، أو الكفر والنفاق والشرك وما إلى ذلك.

 

لذا كان لا بد من الاهتمام بهذا القلب الذي عليه مدار السعادة والفلاح ، أو التعاسة والشقاء ، وتبدو لنا أهمية الحديث عن القلب حين نعلم :

 

1. أن الله قد أمر بتطهير القلب، فقال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} سورة المدثر (4) والمقصود بالثياب القلب كما هو قول جمهور العلماء.

 

2. غفلة كثير من المسلمين عن قلوبهم؛ مع الاهتمام الزائد بالأعمال الظاهرة مع أن القلب هو الأساس والمنطلق.

 

3. أن سلامة القلب وخلوصه سبب للسعادة في الدنيا والآخرة.

 

4. أن كثيراً من المشاكل بين الناس سببها من القلوب وليس لها أي اعتبار شرعي ظاهر.

 

5. مكانة القلب في الدنيا والآخرة، قال عز وجل: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} سورة الشعراء} (88- 89). وقال تعالى: {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} سورة ق(33).

 

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قوله - صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم)) وأشار إلى صدره. يقول الحسن البصري - رحمه الله - : "داو قلبك، فإن حاجة الله إلى عباده صلاح قلوبهم"

 

وحديث النعمان بن بشير السابق : ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد كله ألا وهي القلب)).

 

6. أن من تعريف الإيمان :وتصديق بالجنان. وفي تعريف آخر: عمل الجوارح وعمل القلب.

 

فلا إيمان إلا بتصديق القلب وعمله، والمنافقون لم تصدق قلوبهم وعملوا بجوارحهم، ولكنهم لم تنفعهم أعمالهم، بل إنهم في الدرك الأسفل من النار، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} سورة النساء(145) .

 

كلنا يعلم أن القلب ملك الجوارح، وهو كما يقول العز بن عبد السلام: "مبدأ التكاليف كلها، وهو مصدرها، وصلاح الأجساد موقوف على صلاحه، وفساد الأجساد موقوف على فساده" . ولكن قليلاً منا من يقف أمام قلبه فهو يقضي جل وقته في عمله الظاهر.

 

القلب عالم مستقل، فهوكالبحر يحتوي على أسرار عجيبة ، وأحوال متقلبة، سواءً كانت منكرة؛ كالغفلة – الزيغ – الأقفال- القسوة – الرياء – الحسد – النفاق- العجب- الكبر ... والنتيجة الطبع والختم والموت... وصفته أسود.

 

أو كانت تلك الأحوال والأعمال محمودة؛ كاللين – الإخبات – الخشوع – الإخلاص – المتابعة – الحب – التقوى – الثبات – الخوف – الرجاء- الخشية – التوكل- الرضا - الصبر ... والنتيجة السلامة والحياة والإيمان... وصفته أبيض.

 

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا . فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء . وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء . حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا . فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض . والآخر أسود مربادا ، كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا . إلا ما أشرب من مراه)) رواه مسلم.

 

يقول ابن رجب - رحمه الله - في شرح حديث: (أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً) يقول: "إن فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه، فإن كان قلبه سليماً ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله وخشية الله، وخشية الوقوع فيما يكرهه؛ صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوقي الشبهات حذراً من الوقوع في المحرمات، وإذا كان القلب فاسداً قد استولى عليه إتباع هواه، وطلب ما يحبه ولو كرهه الله؛ فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات، بحسب إتباع الهوى هوى القلب".

 

ومحل نظر الله - عز وجل - هو قلب العبد كما جاء في الحديث، فإذا صلح قلبه صلحت أعماله، وكان مقبولاً عند الله - عز وجل - وإذا كان القلب فاسداً، فلربما ركع صاحبه وسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو في الدرك الأسفل من النار كعبد الله بن أبي سلول ومن معه من المنافقين، يخرجون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في الغزوات، ولربما قدموا شيئاً من أموالهم دفعاً للتهمة عنهم أو حياءً من الناس، ومع ذلك لم تزكُ نفوسهم، ولم تصلح قلوبهم، ولا أحوالهم ولا أعمالهم؛ لأن هذه القلوب قد انطوت على معنى سيء أفسدها، على نجاسةٍ كبرى لا تطهرها مياه البحار، وهي الشرك بالله - عز وجل - والنفاق.

 

كان الحسن البصري - رحمه الله - يجلس في مجلس خاصٍ في منزله لا يتكلم فيه عن شيء إلا في معاني الزهد والنسك والرقاق والقضايا المتعلقة بالأعمال القلبية، فإن سئل سؤالاً يتعلق بغيرها في ذلك المجلس تبرم، وقال: "إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر".

 

وهذا يدل على أن الإنسان ينبغي ألا يغفل وألا يكون شارداً في زحمة الأعمال – حتى الأعمال الدعوية - ينبغي أن يكون له مجالس يتذاكر فيها مع إخوانه، ترقق قلبه، وتصلح ما فسد من هذا القلب في زحمة الأشغال كزيارة القبور وذكر الموت، وما إلى ذلك من الأمور.

 

أختي الحبيبة: هناك أمور يتم بها صلاح القلب، وهي كثيرة جداً ومن أعظم الأمور التي تصلح القلب وتحييه:

 

المجاهدة: يحتاج الإنسان إلى مجاهدة دائمة ومستمرة وإلى مكابدة، يقول ابن المنكدر - رحمه الله - وهو من علماء التابعين: "كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت لي".

يقول أبو حفص النيسابوري - رحمه الله - : "حرست قلبي عشرين سنة - كان في مجاهدة ومكابدة مع هذا القلب يحرسه من كل كافر - ثم حرسني عشرين سنة". إذا استقام قلب العبد؛ استقامت أعماله وجوارحه، فإذا جاءه الشيطان بخاطرة من الخواطر قبل أن يستقيم قلبه ويثبت على الطاعة؛ فإن القلب يحتاج إلى مدافعة عظيمة لهذه الخواطر، فإذا صار في القلب قوة وصلابة في الإيمان، واستقام القلب لصاحبه وروّضه على طاعة الله - عز وجل - والإقبال عليه؛ فإنه يحرس صاحبه، فإذا رأى شيئاً تلتفت إليه كثير من النفوس الضعيفة، ويتطلع إليه أصحاب القلوب المريضة، فيطمع الذي في قلبه مرض؛ فإن هذا الإنسان ينصرف قلبه عن هذه الأمور المشينة، ولا يلتفت إليها، ويتذكر مباشرة عظمة الله وجلال الله ورقابة الله، فلا تتحرك نفسه للمعصية، أو الوقوع في الريبة والدخول في أمور وطرائق ليس له أن يدخل فيها "حرست قلبي عشرين سنة فحرسني عشرين سنة، ثم وردت عليّ وعليه حالة صرنا محروسين جميعاً"

 

ومما يصلح القلب: كثرة ذكر الموت وزيارة القبور ورؤية المحتضرين: فإنها اللحظات التي يخرج الإنسان فيها من الدنيا ويفارق سائر الشهوات واللذات، ويفارق الأهل والمال الذي أتعب نفسه في جمعه في لحظة ينكسر فيها الجبارون ويخضع فيها الكبراء ولا يحصل فيها للعبد تعلق بالدنيا، ولهذا يكثر من الناس التصدق في تلك الأحوال ولربما كتب الواحد منهم في حال صحته وعافيته وصية يوصي بها أنه إذا مات وانقطعت علائقه من الدنيا أن يخرج من ماله كذا وكذا.

 

ومما يحيي القلب: مجالسة الصالحين الذين يذكرون الله - عز وجل - ويذكرون بالله بالنظر إلى وجوههم: من الناس من إذا نظرت إلى وجهه انشرح صدرك وذهبت عنك كثير من الأوهام والهموم والغموم والمخاوف.

 

قال ابن القيم - رحمه الله - : "كنا إذا حدق بنا الخصوم وأرجفوا بنا وألبوا علينا، واعترتنا المخاوف من كل جانب؛ أتينا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : فو الله ما إن نرى وجهه حتى يذهب ذلك عنا جميعاً لما يرون في وجهه من الإنارة، وما يرون فيه من المعاني الدالة على انشراح الصدر وثبات القلب ومن المعاني الدالة على الخوف من الله - عز وجل - والتقى والرجاء وما إلى ذلك من الأمور التي تنعكس في وجه العبد، فإن الوجه مرآة لهذا لقلب ولهذا قيل: "ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحة وجهه وفلتات لسانه".

ودخل رجل على عثمان - رضي الله عنه - ، فقال: "أيعصي أحدكم ربه ثم يدخل علي؟ فقال الرجل: أَوَحْيٌ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟! يعني كيف علمت؟ فأخبره أنها فراسة المؤمن، فالوجه تنعكس فيه أحوال القلب فيكون الوجه مظلماً لما في القلب من الظلمة، ويكون الوجه مشرقاً لما في القلب من الإشراق.

وأمرٌ رابع يصلح به القلب: وهو أن يكون تعلقه بربه ومعبوده وخالقه جل جلاله: إذا تعلق القلب بالمخلوق عذب بهذا المخلوق أياً كان سواء كان رجلاً أو امرأة أو سيارة أو عقاراً أو مالاً أو غير ذلك.

 

ولهذا كان ابن القيم - رحمه الله - يقول: "إن في القلب وحشة لا يذهبها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته، وفيه فاقه - يعني: فقر - لا يذهبه إلا صدق اللجوء إليه، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تذهب تلك الفاقة أبداً ".

 

ومما يصلح القلب: الأعمال الصالحة بجميع أنواعها، كما قال ابن عباس - رضي الله عنه-: "إن للحسنة نوراً في القلب وضياء في الوجه وقوة في البدن وزيادة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب ووهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضاً في قلوب الخلق".

 

ومما يصلح القلب: أن نستعمله فيما خلق له، هذا القلب خلق ليكون عبداً لله، خلق ليعمل أعمالاً جليلة هي الأعمال القلبية الصالحة، فإذا أشغل القلب بغيرها تكدر وفسد.

 

ومن أعظم الأعمال الصالحة التي تصلح القلب: ذكر الله - عز وجل - وقراءة القرآن: والحديث عن هذا يطول، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، ولقد قال سليمان الخواص - رحمه الله - : "الذكر للقلب بمنزلة الغذاء للجسم، فكما لا يجد الجسد لذة الطعام مع السقم، فكذلك القلب لا يجد حلاوة الذكر مع حب الدنيا- أو كما قال- ".

 

وقد أحسن من قال:

دواء قلبك خمسٌ عنـد قسوتـه *** فأذهب عليها تفز بالخير والظفرِ

 

خـلاء بطـنٍ وقـرآنٌ تدبـره ***كذا تضـرع باكٍ ساعة السحـرِ

 

ثـم التهجد جنـح الليل أوسطه *** وأن تجالس أهـل الخير والخبـرِ

اللهم ارزقنا قلوباً سليمة نقية تقية ، وأصلح سرائرنا وعلانيتنا ، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها.

 

post-110000-1279668079.gif

 

8Ai99165.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

هدي السلف في رمضان

 

post-110000-1279651106.gif

 

هل تأثم إذا صامت حياءً من أهلها وعليها الدورة الشهرية؟

وهكذا انتهى المجلس الثامن عشر من " لقاء الأحبة في رمضان" ، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله..

اللهّم إنا عطشى للقائك ، فلا تحرمنا من النظر إلى وجهك الكريم ،

اللهّم وفقنا لما تحب وترضى ، واجعل بيوتنا عامرة بذكرك وطاعتك ،

أختاه .. تتوالى الأيام وتنقضي فلا تهدري وقتك سدى واستعيني بالصبر والصلاة وأتمي مسيرتك نحو الجنان سائلات المولى أن يتقبل منا صيامنا، قيامنا، دعائنا وسائر أعمالنا ..

 

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

ســــلامــــة الـقـــلـــب

 

لا يسلم القلب حتى يسلم من:

 

* شــرك يـناقـض التــوحــيــد

 

* بــدعــة تناقـض السُــنــة

 

* غـفــلة تـناقـض الـذكـــر

 

* شــهــوة تُنـاقـض الأمــر

 

* هــوى يُنـاقـض الإخــلاص

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

 

في رمضان لماذا يبكون.. ولا أبكي؟

 

إبراهيم الحمد

 

 

فإن من أسباب الفلاح والنجاح في أمور الدين والدنيا أن يصارح الإنسان نفسه

ولا يلتمس لها الأعذار حتى لا يفاجئه الموت ثم يندم وحينها لا ينفع الندم.

 

أخي، أختي: إن فضل البكاء من خشية الله عظيم

فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:

«سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله»، وذكر منهم: «رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه»

[رواه البخاري ومسلم].

 

أخي، أختي .. سؤال يجول في داخل كثير من المقصرين ونحن جميعا مقصرون

نسأل الله أن يعفو عنا عندما نسمع آيات القرآن تتلى،

أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم،

أو أخبار السلف الصالح نجد كثيرا من الناس ممن رقت قلوبهم يبكون...

 

فلماذا هم يبكون ولا أبكي؟!

 

أحاول أن أخشع وأبكي فلا أستطيع!!

 

من بجانبي وأمامي وخلفي يبكون، فما السبب؟!

 

السبب أخي، أختي... بينه الله تعالى في قوله تعالى: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}

[المطففين: 14].

 

أي بسبب أعمالهم حجبت قلوبهم عن الخير وازدادت في الغفلة.

 

فهذا هو السبب الحقيقي في قلة البكاء من خشية الله تعالى.

يحيون ليلهم بطاعة ربهم *** بتلاوة وتضرع وسؤال

وعيونهم تجري بفيض دموعهم *** مثل انهمال الوابل الهطال

لماذا يبكون؟؟؟

 

ما الذي جعل هولاء يخشعون ويبكون بل ويتلذذون بذلك ونحن لا نبكي؟!

 

إنهم ابتعدوا عن المعاصي وجعلوا الآخرة نصب أعينهم في حال سرهم وجهرهم،

عندها صلحت قلوبهم وذرفت دموعهم.

 

أما نحن فعندما فقدنا هذه الأمور فسدت قلوبنا وجفت عيوننا.

 

أخي أختي..

 

اعلم أن الخشية من الله تعالى التي يعقبها البكاء لا تأتي ولا تستمر إلا بلزوم ما يلي والاستمرار عليه:

 

1- التوبة إلى الله والاستغفار بالقلب واللسان،

حيث يتجه إلى الله تائبا خائفا قد امتلأ قلبه حياء من ربه العظيم الحليم الذي أمهله وأنعم عليه ووفقه للتوبة..

 

ما أحلم الله عني حين أملهني***وقد تماديت في ذنبي ويسترني

تمر ساعات أيامي بلا ندم ***ولا بكاء ولا خوف ولا حزن

 

يا زلة كتبت في غفلة ذهبت***يا حسرة بقيت في القلب تحرقني

دعني أسح دموعا لا انقطاع لها***فهل عسى عبرة منها تخلصني

وهذا الطريق يتطلب وقفه صادقة قوية مع النفس ومحاسبتها.

 

2- ترك المعاصي والحذر كل الحذر منها،

صغيرها وكبيرها ظاهرها وباطنها فهي الداء العضال الذي يحجب القلب عن القرب من الله،

وهي التي تظلم القلب وتأتي بالضيق.

 

3- التقرب الله بالطاعات من صوم وصلاة وحج وصدقات وأذكار وخيرات.

 

4- تذكر الآخرة، والعجب كل العجب أخي وأختي أننا نعلم أن الدنيا ستنتهي

وأن المستقبل الحقيقي هو الآخرة ولكننا مع هذا لا نعمل لهذا المستقبل الحقيقي الدائم.

 

قال تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا ﴿١٨﴾

وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا} [سورة الإسراء: 18-19].

 

5- العلم بالله تعالى وبأسمائه وصفاته وشرعه، وكما قال تعالى:

{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [سورة فاطر: 28].

 

وكما قيل: من كان بالله أعرف كان لله أخوف.

 

6- ثم أوصيك بالإكثار من القراءة عن أحوال الصالحين والاقتداء بهم.

 

أخي وأختي...إن في أيام رمضان أيام الخير والبركة لفرص عظيمة

يرجع فيها العبد إلى ربه حين تصفد الشياطين وتفتح أبواب الخير

وتكثر الطاعة فعُد إلى ربك وتقرب منه وتوجه إليه، وتخلص من قيود المعاصي،

وأسوار الخطايا، وعندها ستجد العين تدمع والقلب يخشع.

 

دار الوطن

 

post-110000-1279668079.gif

 

MSf99165.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

مشكلاتك الإيمانية في رمضان

 

post-110000-1279651106.gif

عدد ركعات قيام رمضان

 

post-110000-1279649101.gif

 

وهكذا انتهى مجلسنا التاسع عشر من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

post-110000-1279830259.gif

 

 

post-110000-1279651075.gif

 

أظلتكم عشر مباركة فيها ليلة القدر

 

دار القاسم

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

 

فمن فضل الله ومنته أن شرع لعباده مواسم عظيمة وساعات جليلة يتقربون فيها إليه عز وجل

هاهم يتشوقون لمقدم شهر الخير والبركة وتطول عليهم الليالي والأيام

رغبة في إدراك هذا الشهر العظيم ولذا كانوا يدعون الله عز وجل أن يبلغهم شهر رمضان.

 

وإذا دخل الشهر الكريم وبانت أنواره تدرجوا في العبادة

وتعودوا على الأنس بالقيام والصبر على الصيام حتى تنقضي العشر الأول

ثم هاهم يرون هلاله قد ارتفع في السماء إيذانا ببداية الانصرام فهم يتشوقون إلى عظيم النوال

حتى إذا أظلتهم العشر المباركة فإذا النفوس قد تطلعت إلى مزيد من العبادة رجاء المغفرة والعتق من النار.

 

قال ابن رجب – رحمه الله - :

"المحبون تطول عليهم الليالي فيعدونها عدا لانتظار ليالي العشر في كل عام !

فظفروا بها نالوا مطلوبهم وخدموا محبوبهم".

 

وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم خير نبراس وهدى عن عائشة رضي الله عنها قالت:

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر"،

وفي رواية مسلم : عن عائشة رضي الله عنها:

"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ".

قال ابن حجر – رحمه الله - :

"وفي الحديث الحرص على مداومة القيام في العشر الأخير إشارة إلى الحث على تجويد الخاتمة ".

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

«إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم».

 

الأعمال الخاصة بالعشر الأواخر من رمضان:

 

الساعات الغالية النفيسة التي لا تعود إلا مرة في العام يسارع إليها الموفقون

يغتنمون لحظاتها ودقائقها ويتعرضون فيها لنفحات الجواد الكريم

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر بأعمال لا يعملها بقية الشهر:

 

فمنها: إحياء الليل فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله ففي حديث عائشة قالت:

" كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر

– يعني الأخير – شمر وشد المئزر "، ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة قالت:

" ما أعلمه صلى الله عليه وسلم ليلة حتى الصباح ".

 

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر

دون غيره من الليالي وقد صح عن النبي صلى اله عليه وسلم

أنه كان يطرق فاطمة وعليا ليلا فيقول لهما : «ألا تقومان فتصليان ».

 

وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر وورد الترغيب

في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة ونضح الماء في وجهه وفي الموطأ

أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي

حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم :

" الصلاة الصلاة ويتلو هذه الآية : {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ} [طه:132]".

 

قال سفيان الثوري – رحمه الله - :

" أحب إلى إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل ويجتهد فيه

وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن طاقوا ذلك ".

 

ومنها: اغتساله صلى الله عليه وسلم بين العشاءين لحديث عائشة : " واغتسل بين الأذانين "،

والمراد : أذان المغرب والعشاء

قال ابن جرير : " كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر

وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي

التي تكون أرجى لليلة القدر وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين

وأربع وعشرين ويلبس ثوبين جديدين ويستجمر ويقول:

ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة والتي تليها ليلتنا يعني البصريين ".

 

أخي المسلم: لقد كان الصالحون إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان تهيأوا لها واستقبلوها بالطهارة ظاهرا و باطنا!

 

فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين والغسل

والتطيب بالطيب واللباس الحسن كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد

وكما يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات ولا يكمل التزين الظاهر

إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى وتطهيره من أدناس الذنوب.

 

ومنها: الاعتكاف ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها:

«أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى»وفي صحيح بخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام

فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين»

وإنما كان يعتكف النبي صلى اله عليه وسلم في العشر التي يطلب فيها ليلة القدر

قطعا لأشغاله وتفريغا لباله وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه.

 

فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه

وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه فما بقى له سوى هم سوى الله

وما يرضيه عنه وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة والأنس به

أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال

 

قال الإمام الزهري – رحمه الله -:

" عجبا للمسلمين تركوا الاعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم

ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل ".

 

ليلة القدر

 

من أعظم ليال العام فيها يفيض الرب عز وجل على عباده

وتنزل عليهم الرحمات في ليلة خير من ألف شهر.

 

قال تعالى : {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)}

[القدر:1-3]،

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شهر رمضان:

«فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم»

وقال مالك: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله

أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم

في طول العكر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.

 

قال قتادة - رحمه الله - : " إنما هي بركة كلها خير إلى مطلع الفجر ".

 

وقال الضحاك - رحمه الله - : "لا يقدر الله في تلك الليلة إلا السلامة وفي سائر الليالي يقضي بالبلايا والسلامة ".

 

قال الحسن البصري - رحمه الله - : " إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق بأجنحتها بالسلام من الله

والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر ".

 

أخي المسلم : إنها ليلة نزول الملائكة ,, ليلة الخيرات ,, ليلة النفحات ,, ليلة العتق من النار,, ليلة الرحمة.

ومن فاتته هذه الليلة فهو محروم حقا,

قال صلى الله عليه وسلم : «من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم».

 

وليلة القدر أنزل فيها القرآن ووصفها الله عز وجل بأنها ليلة مباركة

يكتب فيها الآجال والأرزاق خلال العام : {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:4]

ولها فضل عن غيرها من الليالي فهي خير من ألف شهر في العبادة

وتنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والربكة وهي ليلة خالية من الشر

والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير : {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:5]

وفيها غفران الذنوب لمن قامها إيمانا واحتسابا ,,,

 

وأما العمل في ليلة القدر فقد أثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»

وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضا.

 

قال سفيان الثوري : " الدعاء في تلك الليلة أحب إلي من الصلاة ".

ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء وأن قرأ ودعا كان حسنا

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان

ويقرأ قراءة مرتلة لا يمر بآية فيها الرحمة إلا سأل ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ

فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها.

 

وقد سئلت عائشة – رضي الله عنها – النبي صلى الله عليه وسلم:

أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟

قال : «قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفو عني»

ولعظمة هذه الليلة كان الصالحون يتهيأون لها ويستقبلونها كما الأعياد

فقد كان لتميم الداري رضي الله عنه حلة اشتراها بألف درهم كان يلبسها في الليلة

التي يرجى فيها ليلة القدر وكان ثابت البناني وحميد الطويل – رحمهما الله –

يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيبان ويطيبون المسجد بأنواع الطيب في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر.

 

أخي المسلم : عليك بالمبادرة إلى الخيرات والإسراع في عمل الصالحات

ولا تفوت هذه الأيام والليال الغالية فإن الوقت كالسيف وتأمل في حال

من صلى وصام العام الماضي واليوم رهبن القبر

فأسرع إلى طاعة ربك وتذلل بين يديه واسأله العافية في الدنيا والآخرة.

 

قال ابن الجوزي : " كم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب وهذه الأيام مثل المزرعة

فكأنه قيل للإنسان : كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف كر ( مكيال ضخم )

فهل يجوز للعاقل أن يتوقف البذر ويتواني ؟! ".

 

أخي المسلم : نداء من الرب عز وجل يحتاج إلى حسن استجابة ومداومة على الخير

{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133].

قال سعيد بن جبير – رحمه الله - :" سارعوا بالأعمال الصالحة {إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} قال : لذنوبكم ".

 

كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله

ويخافون من رده وهؤلاء هم الذين {يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60].

روي عن علي رضي الله عنه قال : " كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل

ألم تسمعوا الله عز وجل يقول : {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27]".

 

عن الحسن قال : " إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته

فسبق قوم ففازوا و تخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك

في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون ".

 

جعلنا الله وإيّاكم من المقبولين في هذا الشهر الكريم وغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين

وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

دار القاسم

 

post-110000-1279668079.gif

 

62t98946.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

رسالة من رمضان قبل العشر، للشيخ: هاني حلمي عبد الحميد

 

post-110000-1279651106.gif

 

ذهبت مع أخيها للاعتكاف وتركت بيتها

 

post-110000-1279649101.gif

 

 

إلى كل أخت حبيبة مقصرة -وكلنا كذلك- هذه فرصتكِ لتتقربي لمولاكِ سبحانه وتعالى

لتتداركي مافاتكِ، لتطلبي رحمة ربكِ، وتتقربي منه وتسأليه لذة الأنس به، والعتق من نيرانه

فهلا استغلينا هذه الفرصة العظيمة؟! فلعل هذا هو آخر رمضان لنا

 

اللهم أعتق رقابنا من النار، اللهم ارض عنا، اللهم فرج كروبنا، واشف مرضانا

وارحم موتانا، واغفر لنا إسرافنا في أمرنا وجهلنا وتقصيرنا وضعفنا

اللهم أعز دينك دين الحق، اللهم فك أسرانا وأسرى المسلمين

 

ما أرحمك بنا يارب وما أحلمك يا الله! وما أحوجنا إليك وإلى لطفك ورحمتك بنا يا الله!

 

هيا حبيباتي في الله لنردد: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}

 

 

وهكذا انتهى مجلسنا العشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

post-110000-1279830259.gif

 

 

post-110000-1279651075.gif

 

النفحات الإلهية في العشر الأواخر

 

د. محمد موسى الشريف

 

 

نحن في شهر كثيرٌ خيره، عظيم بره، جزيلة ُ بركته، تعددت مدائحه في كتاب الله تعالى

وفي أحاديث رسوله الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم، والشهر شهر القران

والخير وشهر عودة الناس إلى ربهم في مظهر إيماني فريد، لا نظير له ولا مثيل.

 

وقد خص هذا الشهر العظيم بمزية ليست لغيره من الشهور وهي أيام عشرة مباركة

هن العشر الأواخر التي يمن الله تعالى بها على عباده بالعتق من النار،

وها نحن الآن في هذه الأيام المباركات فحق لنا أن نستغلها أحسن استغلال، وهذا عن طريق مايلي:

 

الاعتكاف في أحد الحرمين أو في أي مسجد من المساجد إن لم يتيسر الاعتكاف في الحرمين،

فالاعتكاف له أهمية كبرى في انجماع المرء على ربه والكف عن كثير من المشاغل

التي لا تكاد تنتهي، فمتى اعتكف المرء انكف عن كثير من مشاغله، وهذا مشاهد معروف،

فإن لم يتيسر للمرء الاعتكاف الكامل،

فالمجاورة في أحد الحرمين أو المكث ساعات طويلة فيهما أو في أحد المساجد.

 

أحياء الليل كله أو أكثره بالصلاة والذكر، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر

أيقظ أهله وأحيا ليله وشد المئزر، كناية عن عدم قربانه النساء صلى الله عليه وسلم

وإحياء الليل فرصة كبيرة لمن كان مشغولاً في شئون حياته –وأكثر الناس كذلك-

ولا يتمكن من قيام الليل، ولا يستطيعه، فلا أقل من يكثر الناس في العشر الأواخر القيام

وأحياء الليل، والعجيب أن بعض الصالحين يكون في أحد الحرمين ثم لا يصلي مع الناس

إلا ثماني ركعات مستنداً على بعض الأدلة وقد نسى أن الصحابة والسلف

صلوا صلاة طويلة كثير عدد ركعاتها، وهم الصدر الأول الذين عرفوا الإسلام

وطبقوا تعاليمه أحسن التطبيق فما كان ليخفى عليهم حال النبي صلى الله عليه وسلم

ولا تأويل أحاديثه الشريفة وحملها على أقرب المحامل وأحسن التأويلات.

 

ولا ينسى أن في العشر الأواخر ليلة هي أعظم ليالي العام على الإطلاق

وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، بمعنى أن لو عبد المرء ربه 84 سنة مجداً مواصلاً

فإصابة ليلة القدر خير من عبادة تلك السنوات الطوال،

فما أعظم هذا الفضل الإلهي الذي من حرمه حُرم خيراً كثيراً، والمفرط فيه فد فرط في شيءٍ عظيم،

وقد اتفقت كلمة أكثر علماء المسلمين أن هذه الليلة في الوتر من العشر الأواخر،

وبعض العلماء يذهب إلى أنها في ليلة السابع والعشرين،

وقد كان أبي بن كعب رضي الله عنه يقسم أنها ليلة السابع والعشرين كما في صحيح مسلم.

 

الأكثار من قراءة القران وتدبره وتفهمه،

والإكثار من ذكر الله تبارك وتعالى، فهذه الإيام محل ذلك ولا شك.

 

والعجب أنه مع هذا الفضل العظيم والأجر الكريم يعمد لناس إلى قضاء إجازتهم

التي توافق العشر الأواخر في الخارج فيُحرمون من خير كثير،

وليت شعري ما الذي سيصنعونه في الخارج إلا قضاء الأوقات في النزه والترويح

في وقت ليس للترويح فيه نصيب بل هو خالص للعبادة والنسك

فلله كم يفوتهم بسبب سوء تصرفهم وضعف رأيهم في صنيعهم،

فالعاقل من وجه قدراته و أوقاته للاستفادة القصوى من أيام السعد هذه.

 

ولا ينبغي أن ننسى في هذه العشر أن لنا إخواناً في خنادق الجهاد

والعدو قد أحاط بهم وتربص، ونزلت بهم نوازل عظيمة،

فلا ينبغي أن ننساهم ولو بدعاء خالص صادر من قلب مقبل على الله تعالى،

وصدقة نكون نحن أول من يغنم أجرها، ولا ننسى كذلك الفقراء والمساكين خاصة وأن العيد مقبل عليهم.

 

أسأل الله تعالى التوفيق في هذه العشر، وحسن استغلال الأوقات،

والتجاوز عن السيئات، وإقالة العثرات، إنه ولي ذلك والقادر عليه،

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

 

post-110000-1279668079.gif

 

wt698946.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

العشر الأواخر وليلة القدر، للشيخ: هاني حلمي عبد الحميد

 

post-110000-1279651106.gif

 

التصدق في العشر الأواخر

 

post-110000-1279649101.gif

 

 

وهكذا انتهى مجلسنا الحادي والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

خصائص العشر الأواخر من رمضان

 

للدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان

 

 

أيها المسلم تأمل في ساعتك، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثواني أكلاً، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني، سواء كنت قائماً أو نائماً، عاملاً أو عاطلاً، وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك، وأنها مرصودة في سجلك ودفترك، ومكتوب في صحيفة حسناتك أو سيئاتك، فاتّق الله في نفسك، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك، ويكون سبباً لسعادتك وحسن عاقبتك، في دنياك وآخرتك.

 

وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه.

 

ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلك – صلى الله عليه وسلم- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به – صلى الله عليه وسلم- فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها، لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سبباً لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله.

 

روى الإمام مسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: « كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره » .

 

وفي الصحيحين عنها قالت: « كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر » .

 

فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي – صلى الله عليه وسلم- على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات، فينبغي لك أيها المسلم أن تفرغ نفسك في هذه الأيام، وتخفّف من الاشتغال بالدنيا، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس. فإنها –والله- أيام معدودة، ما أسرع أن تنقضي، وتُطوى صحائفها، ويُختم على عملك فيها، وأنت –والله- لا تدري هل تدرك هذه العشر مرة أخرى، أم يحول بينك وبينها الموت، بل لا تدري هل تكمل هذه العشر، وتُوفّق لإتمام هذا الشهر، فالله الله بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها وليالها، وينبغي لك أيها المسلم أن تحرص على إيقاظ أهلك، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.

 

ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله وأيقظ أهله.

وإيقاظه لأهله ليس خاصاً في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد. قال سفيان الثوري: أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.

 

وإن لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيراً من المسلمين، تمر بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية.

 

وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام، انطرح على فراشه، وغطّ في نوم عميق، وفوّت على نفسه خيراً كثيراً ، لعله لا يدركه في عام آخر.

 

ومن خصائص هذه العشر: ما ذكرته عائشة من أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يحيي ليله، ويشدّ مئزره، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة.

 

وكان النبي – صلى الله عليه وسلم- يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

 

وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: ما أعلم – صلى الله عليه وسلم- « قام ليلة حتى الصباح » ولا تنافي بين هذين الحديثين، لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالصلاة والقراءة والذكر والسحور ونحو ذلك من أنواع العبادة، والذي نفته، هو إحياء الليل بالقيام فقط.

 

ومن خصائص هذه العشر أن فيها ليلة القدر، التي قال الله عنها: { ليلة القدر خير من ألف شهر . تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر}.

 

وقال فيها: { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم }

أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر، وغير ذلك من أوامر الله المحكمة العادلة.

 

يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- « وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم » حديث صحيح رواه النسائي وابن ماجه.

 

قال الإمام النحعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها".

وقد حسب بعض العلماء "ألف شهر" فوجدوها ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمن وُفّق لقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة، فياله من عطاء جزيل، وأجر وافر جليل، من حُرمه فقد حُرم الخير كله.

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: « من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه »

 

وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- « تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان » متفق عليه.

 

وهي في الأوتار منها أحرى وأرجى، وفي الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: « التمسوها في العشر الأواخر في الوتر » أي في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تثبت في ليلة واحدة، بل تنتقل في هذه الليالي، فتكون مرة في ليلة سبع وعشرين ومرة في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو تسع وعشرين.

وقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم، ليجتهدوا في جميع ليالي العشر، وتكثر أعمالهم الصالحة فتزداد حسناتهم، وترتفع عند الله درجاتهم { ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون }، وأخفاها سبحانه حتى يتبين الجادّ في طلب الخير الحريص على إدراك هذا الفضل، من الكسلان المتهاون، فإن من حرص على شيء جدَّ في طلبه، وسهل عليه التعب في سبيل بلوغه والظفر به، فأروا الله من أنفسكم خيراً واجتهدوا في هذه الليالي المباركات، وتعرّضوا فيها للرحمات والنفحات، فإن المحروم من حُرم خير رمضان، وإن الشقي من فاته فيه المغفرة والرضوان، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم:"رغم أنف من أدرك رمضان ثم خرج ولم يُغفر له" رواه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني.

 

إن الجنة حُفّت بالمكاره، وأنها غالية نفيسة، لا تُنال بالنوم والكسل، والإخلاد إلى الأرض، واتباع هوى النفس. يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- « من خاف أدلج - يعني من أول الليل- ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة » .

 

وقد مثل النبي – صلى الله عليه وسلم- المسافر إلى الدار الآخرة -وكلنا كذلك – بمن يسافر إلى بلد آخر لقضاء حاجة أو تحقيق مصلحة، فإن كان جاداً في سفره، تاركاً للنوم والكسل، متحملاً لمشاق السفر، فإنه يصل إلى غايته، ويحمد عاقبة سفره وتعبه، وعند الصباح يحمد القوم السرى.

 

وأما من كان نوّاماً كسلان متبعاً لأهواء النفس وشهواتها، فإنه تنقطع به السبل، ويفوته الركب، ويسبقه الجادّون المشمّرون، والراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال إلا على جسر من التعب والمشقات: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران:200].

 

ومن خصائص هذه العشر المباركة أيضا استحباب الاعتكاف فيها، والاعتكاف هو: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله عز وجل – وهو من السنة الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد }

وكان النبي – صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، واعتكف أزواجه وأصحابه معه وبعده.

 

وفي صحيح البخاري عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: « كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً ».

 

والمقصود بالاعتكاف: انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله، ويجتهد في تحصيل الثواب والأجر وإدراك ليلة القدر، ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والعبادة، ويتجنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ولا بأس أن يتحدث قليلا بحديث مباح مع أهله أو غيرهم.

 

ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته لقوله تعالى: { ..ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد.. }

 

وأما خروجه من المسجد فهو على ثلاثة أقسام:

 

1- الخروج لأمر لا بد منه طبعاً أو شرعاً لقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل من الجنابة، وكذا الأكل والشرب فهذا جائز إذا لم يمكن فعله في المسجد. فإن أمكن فعله في المسجد فلا. مثل أن يكون في المسجد دورات مياه يمكن أن يقضي حاجته فيها، أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب، فلا يخرج حينئذ لعدم الحاجة إليه.

 

2- الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه كعيادة مريض، وشهود جنازة ونحو ذلك، فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك في ابتداء اعتكافه مثل أن يكون عنده مريض يحب أن يعوده أو يخشى من موته، فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به.

 

3- الخروج لأمر ينافي الاعتكاف كالخروج للبيع والشراء ونحو ذلك، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي المقصود منه، فإن فعل انقطع اعتكافه ولا حرج عليه.

 

فبادر أخي المسلم ولا تهمل دقيقة واحدة قد تندم عليها حيث لا ينفع ذلك والتمس الخير في هذه الأيام العشر المباركة وحاول أن لا تضيعها في أمور قد تشغلك عن ذكر الله عز وجل ونيل رضاه.

 

post-110000-1279668079.gif

 

oag98681.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

post-110000-1279649101.gif

 

 

 

وهكذا انتهى مجلسنا الثاني والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

 

 

post-110000-1279651075.gif

 

وأقبلت نفحات العشر

 

أيتها الأخت الحبيبة: بأي حروف نتكلم؟ وبأي عبارات نتحدث؟!

 

قبل أيام قليلة عمَّ الفرح قلوبنا، وتحدث السرور إلى أفئدتنا، وصافح السعد أرواحنا.

 

قبل أيام قليلة عانقنا شهر الخير والإحسان، شهر الكرم والفضائل، وها نحن اليوم نلتقي على أعتاب العشر الأخيرة من شهر الخير والإحسان، نلتقي لنتذكر ذلك الفرح الذي غمر قلوبنا بقدوم هذا الشهر العظيم، ثم نعيش هذا الوداع الذي يعصر قلوبنا، الوداع الذي يسلبنا البسمة من أفواهنا، ويجعلنا نعاني ألم الفراق، وأي فراق؟ إنه فراق الفضائل والخيرات والبركات، فراق فرص عظيمة قد لا تعود على بعضنا مرة أخرى .. آه رمضان..

 

 

 

رمضانُ ما لك تلفظ ُ الأنفـاسا أولمْ تكــنْ في أفقنا نبراسا؟!

 

لطفاً رويدك بالقلوب فقد سَمَتْ واستأنسـتْ بجلالِك استئناسا

 

أتغيبُ عن مهجٍ تجلّك بعدمـا أحيـا بـك الله الكريمُ أُناسا

 

اسمع وداعك في نشيج مُشيّـعٍ ولظى فراقك يلهبُ الإحساسا

 

لكن رغم هذا فإننا أيضاً نلتقي اليوم على أعتاب هذه العشر نهنئ أنفسنا ببلوغها فنقول: ما زال في الخير بقية، ما زال للفرصة أمد، لقد جاءت خير ليالي العام.

 

لقد رحلت العشرون من رمضان بما قدمنا فيها، رحلت شاهد صدق على ما عملنا فيها، فمنا المقدم ومنا المؤخر، ومنا المحسن ومنا المسيء، ومنا الظالم لنفسه، ومنا المقتصد، ومنا السابق بالخيرات، فيا كل من قصّر فيما مضى من هذا الشهر، أو بطّأ به عمله، أو أذنب وأساء؛ لا تقنط من رحمة الله.

 

هاهي العشر الفاضلة قد أظلتك، عشر ليال هي خير عشر الدنيا كلها. لأن فيها ليلة واحدة رفيعة الشأن عظيمة القدر، إنها ليلة القدر

 

{وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هي حتى مطلع الفجر}

 

فهيا استأنف العمل فيها، وبادر بالطاعة. عجِّل بالمعروف فخير البر عاجله، وسارع بالإحسان وسابق فـ ((التؤدة في كل شيء إلا في أمر الآخرة)) رواه أبو داود وصححه الألباني

 

 

 

شمِّر في هذه العشر الباقية لعلك تدرك ليلة القدر، لعلك تتدارك ما فات، لعلك تمحو ما مضى من إثم أو تقصير.

 

أقبل على الله عز وجلّ، وجدّ السير فهذا أوان المنافسين والمسابقين والمسارعين في الخيرات.

 

يا لله ما أعظمها من سعادة ، وما أجلّها من منحة تظفر بها إن فزت بقيام ليلة القدر فخرجت بعدها كيوم ولدتك أمك قد غفر لك ما تقدم من ذنبك.

 

يا لله كم في هذه الليالي من جباه ساجدة ، وقلوب خاشعة ، وعيون باكية ، وأفئدة ضارعة ، وأقدام منتصبة في محاريبها.

 

خشوع ودموع .. تضرع ودعاء .. بُكيٌّ تعلقت أفئدتهم بمالك الملك فتجافت جنوبهم عن مضاجعهم يتلذذون بمناجاة مولاهم والخلوة به و الأنس بقربه .. قد أنسَتهم لذة الطاعة كل لذائذ الدنيا .. فجدوا وشدوا المئزر .. وأطار ذكر المرجع والمعاد النوم من عيونهم .. فقاموا خاشعين متبتلين.. يدعون ربهم خوفاً وطمعاً .. يخرون للأذقان سجداً .. حال الواحد منهم أنه : قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه .. لسان الواحد منهم: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .. أولئك هم الأخيار، قد عرفوا هول المطلع وعظمة الجبار، فأعدوا للموقف عدته، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون..

 

لقد اقتدوا بإمامهم عليه الصلاة والسلام، الذي عرّفهم فضل هذه العشر، وكان أسبقهم فيها وأتقاهم وأعلمهم. كان عليه الصلاة والسلام يشمر فيها، ويبادر بالطاعة، ويسابق بالخير؛ حتى قالت عنه زوجه عائشة رضي الله عنها : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدَّ، وشدَّ المئزر" رواه مسلم.

 

" كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها " رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني

 

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ، ويقول : ((تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)) " رواه البخاري

 

((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان )) رواه البخاري

 

" كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان " رواه أحمد والترمذي بإسناد صحيح

 

كان يقول : ((التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ، ليلة القدر ، في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى )) رواه البخاري

 

وكان يقول: ((تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)) رواه البخاري

 

فبادر أيها الموفق في هذه العشر، وليكن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة، فهو الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ويجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره. وكان يقول: ((أفلا أكون عبداً شكوراً)) رواه البخاري ومسلم.

 

أخي الصائم القائم

 

مازالت أبواب الجنة مفتحة، وأبواب النار مغلقة، ومردة الشياطين مصفدة.

 

مازلنا نعيش أجواء هذا النداء العظيم (يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر).

 

مازلنا نعيش ليالي العتق من النيران. وها هي خير الليالي أقبلت لتتوج هذا الضيف الذي أوشك على الرحيل.

 

فالبدار البدار..

 

بادر بالصدقة والإحسان فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان.

 

بادر بالصلاة والقيام فإنه من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة.

 

بادر بقراءة القرآن فإنه قد نزل في رمضان ، وفي ليلة من ليالي العشر، ليلة خير من ألف شهر. وإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. ويقال لصاحب القرآن : اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها.

 

بادر بالاعتكاف تفرغاً لعبادة ربك ودعائه ومناجاته، وتحرياً لليلة القدر، فهو سنة حبيبك صلى الله عليه وسلم.

 

بادر بالذكر والدعاء .. فربك سميع قريب يجيب دعوة الداعِ إذا دعاه، وينزل ربنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له .

 

بادرفي كل باب من أبواب الخير والمعروف؛ والبر والصلة، فإن هذه العشر من فرص الزمان التي قد لا تدركها في غير هذا العام، فقد تأتي وأنت تحت أطباق الثرى، قد فاضت روحك، وانتهى عمرك.

 

اللهم أعنَّا على اغتنام أوقاتنا، ووفقنا لإدراك ليلة القدر وقيامها، ووفقنا فيها للطاعة والخير والمعروف ، واكتب لنا فيها خير ما كتبته لعبادك الصالحين، واختم لنا شهرنا بالعتق من النيران.

 

 

 

 

 

post-110000-1279668079.gif

 

NBl98946.gif

 

 

post-110000-1279651058.gif

 

 

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

 

 

post-110000-1279830341.gif

 

وهكذا انتهى مجلسنا الثالث والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان

الحمدلله الذي أكرمنا ببلوغ شهر رمضان ومن علينا فيه بالتوفيق للصيام والقيام، أحمده تعالى وأشكره وأتوب إليه وأستغفره.

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفق من شاء من عباده لطاعته فكان سعيهم مشكورا وحظهم موفورا.

 

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وصام، وأشرف من تهجد وقام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

 

أما بعد:

أخي المسلم... أختي المسلمة.. وهكذا وبهذه السرعة الخاطفة أوشك شهر الصيام والقيام على الانصرام، فها هو يتهيأ للرحيل، وقد كنا بالأمس القريب نستقبله واليوم وبهذه السرعة الخاطفة نودعه، وهو شاهد لنا أو علينا، شاهد للمؤمن بطاعته وصالح عمله وعبادته، وشاهد على المقصر بتقصيره وتفريطه.

 

أخي المسلم.. أختي المسلمة.. ما أسرع مواسم الخير في الزوال؟

فقد ذهب نصف شهرنا المبارك وبقي نصفه الآخر، فالله لنا نسأل ولكم أن يتقبل ما مضى، وأن يعيننا على ما تبقى..

لقد نزلت علينا العشر الأواخر من رمضان وفيها الخيرات والأجور الكثيرة وفيها الفضائل المشهورة والخصائص العظيمة.

 

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية الشهر، وإليك أخي المسلم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان.

 

أعمال النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان:

أولاً:

 

كما أخبرت به عائشة رضي الله عنها:

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره» رواه مسلم.

 

فكان يحيي الليل فيها، من صلاة ودعاء واستغفار ونحوه، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر». متفق عليه.

 

ومعنى شد المئزر أي كان يعتزل النساء اشتغالاً بالعبادة.

 

وتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة وصوم ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر».رواه أحمد

 

ثانياً:

 

وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر: كان يوقظ أهله للصلاة والذكر والدعاء حرصاً منه على اغتنام تلك الليالي المباركة، كما أخبرت به عائشة رضي الله عنها:

«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا اليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر». متفق عليه.

 

وكان صلى الله عليه وسلم يطرق باب فاطمة وعلياً ليلاً فيقول لهما: «ألا تقومان فتصليان». متفق عليه

ثالثاً:

 

وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر، كان يعتكف فيها كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً». رواه البخاري.

 

والاعتكاف هو لزوم المسجد للتضرع لطاعة الله عز وجل، وهو من السنن الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

كما قال تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف كل رمضان عشرة أيام وكان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً». رواه البخاري.

 

وشرع الله عز وجل الاعتكاف حتى ينقطع المسلم عن كل ما يكون سبب في انشغال القلب عن عبادة الله جل علاه.

 

ولذلك ينبغي للمعتكف أن ينشغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة وأن يتجنب مالا يعينه من حديث الدنيا.

رابعاً:

 

ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر أنه كان يتحرى ليلة القدر التي تقع فيها، والله سبحانه سماها ليلة القدر لعظيم قدرها وشرفها وجلالة مكانتها عنده ولكثرة مغفرة الذنوب وشد العيوب فيها، ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها.

 

وقد خص الله تعالى الليلة بخصائص كثيرة منها:

 

أولاً:

 

نزول القرآن الكريم فيها، الذي به هداية البشر وسعادتهم في الدنيا والآخرة والمعجزة الخالدة، قال تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }

 

ثانياً:

 

وصفها بأنها خير من ألف شهر أي أكثر من ثمانين سنة قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }

 

ثالثاً:

 

وصفها بأنها مباركة أي كثيرة البركات والخيرات كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } [الدخان: 3]

 

رابعاً:

 

أنها تنزل فيها الملائكة والروح أي يكثر تنزل الملائكة في تلك الليلة لكثرة بركتها فينزلون إلى الأرض للخير والبركة والرحمة.

 

والروح هو جبريل عليه السلام بالذكر لشرفه ومكانته قال تعالى: {تَنَـزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } [القدر: 4]

خامساً:

 

وصفها بأنها سلام أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل أذى، أو سلام للمؤمنين من كل مخوف لكثرة من يعتق فيها من النار ويسلم من عذابها، كما قال تعالى: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر:5]

 

سادساً:

 

كما قال تعالى عنها: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [الدخان: 4]

 

يعني يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ما هو كائن من أمر الله تعالى في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر وما يقدر به لعباد من أعمال وغير ذلك، وقوله تعالى: {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} أي أوامر الله المحكمة المتقنة التي ليس فيها ضلل ولا نقص ولا سفه ولا باطل ذلك تقدير العزيز العليم.

سابعاً:

 

أن الله يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه.

إيماناً أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه.

احتساباً: أي طلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء ونحوه.

 

ثامناً:

 

 

أن الله أنزل في فضلها سورة كاملة تتلى إلى يوم القيامة تتلى بين الناس.

 

في أي ليلة تكون؟

 

ليلة القدر في شهر رمضان لأن الله أنزل القرآن الكريم فيها وقد أخبر سبحانه وتعالى أنه أنزل القرآن في شهر رمضان كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]

 

وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». متفق عليه.

 

وهي في الأوتار أقرب من الأشفاع، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان». رواه البخاري.

 

وهي في السبع الأواخر أقرب، أي ليلة خمسة وعشرين وسبعة وعشرين، وتسعة وعشرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي». رواه مسلم.

 

ولقوله صلى الله عليه وسلم: «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ممن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر». متفق عليه.

 

وأقرب أوتار السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين وهو ما عليه جماهير العلماء لحديث أبي بن كعب قال: "والله إني لأعلم أي ليلة هي الليلة التي أمرنا رسول الله بقيامها هي ليلة سبع وعشرين". روه مسلم

 

ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر ليلة سبع وعشرين». رواه أحمد وأبو داود.

 

وذهب ابن حجر والنووي وغيرهم من العلماء على أنها لا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تنتقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين مثلاً وفي عام آخر ليلة خمس وعشرين تبعاً لمشيئة الله وحكمته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى». رواه البخاري.

 

والحكمة في إخفاء تلك الليلة عن العباد رحمه بهم ليكثر في طلبها في تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذكر والدعاء فيزدادوا قربة من الله تبارك وتعالى.

علامات ليلة القدر

 

هناك علامات تعرف بها ليلة القدر ذكرها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منها:

 

العلامة الأولى:

 

أنها ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة». رواه ابن خزيمة.

 

العلامة الثانية:

 

قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة وانشراح الصدر في تلك الليلة أكثر من غيرها والرياح تكون فيها ساكنة ولا يرمى فيها بنجم، أي لا ترسل فيها الشهب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليلة القدر لية بلجة لا حارة ولا باردة لا يرمى فيها بنجم». رواه أحمد.

 

العلامة الثالثة:

أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صافية ليست كعادتها في بقية الأيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنها حلت حتى ترتفع». رواه مسلم.

 

ماذا يفعل المسلم في يومها:

 

إحياؤها بالتهجد وكثرة الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»

 

كثرة الدعاء في تلك الليلة، خاصة دعاء عائشة رضي الله عنها حينما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: «أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني».

 

كثرة قراءة القرآن والذكر والاستغفار، فاجتهدوا رحمكم الله في طلبها فهذا أوان الطلب واحذروا من الغفلة ففي الغفلة العطب.

 

وكما قال الشاعر عن تلك الليلة المباركة:

تولي العمر في ســـهو *** وفي لهو وفي خسر

فيا ضيعة مــــا أنفقـــت *** في الأيام من عمري

ومالي في الذي ضيعت *** من عمري من عذر

فما أغفلنا عن واجبات *** الحمد والشكر

أما قد خصنـــــــــــا الله *** بشهر أيما شهر

بشهر أنزل الرحمـــــن *** فيه أشرف الذكر

وهل يشبهه شهــــــر ***وفيه ليلة القدر

فكم من خيـــــر صــــح***بما فيها من الخير

روينا عـــــن ثقـــــــات *** أنها تطلب في الوتر

فطوبــى لا مـــــــــرئ *** يطلبها في هذه العشر

ففيها تنــــزل الأمـلاك *** بالأنوار والبر

وقد قال سـلام هــــي*** حتى مطلع الفجر

ألا فادخروهـــــا إنهـــا ***من أنفس الذخر

فكم من معتق فيــها *** من الناس ولا يدري

 

وأخيراً اللهم اجعلنا ممن صام الشهر وأدرك ليلة القدر، وفاز بالثواب الجزيل والأجر، اللهم و فقنا لاغتنام الخيرات وضاعف لنا في الدرجات واجعلنا ممن غنم في هذا الشهر أوفر الحظ والنصيب إنك سميع مجيب يا أرحم الراحمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

مفكرة طريق الإسلام

 

post-110000-1279668079.gif

 

UgQ99165.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

post-110000-1279649101.gif

وهكذا انتهى مجلسنا الرابع والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

 

post-110000-1279651075.gif

عشرون سببا للعتق من النار في رمضان

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

 

- أمَّا بعد - فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ لله - تعالى -عتقاء في كل يوم و ليلة يعني في رمضان وإنَّ لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة

وقال - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ لله - عز وجل - عند كل فطر عتقاء

 

فحري بمن سمع بهذا الحديث أن يبذل قصارى جهده في الاتيان بالأسباب التي بها فكاك رقبته من النَّار، لا سيما في هذا الزمان الشريف، حيث رحمة الله السابغة، فيا باغي الخير هلمَّ أقبل، فقد صفدت الشياطين، وسجِّرت النيران، وفتِّحت أبواب الجنة، فيا لعظم رحمة الله!! أي ربٍ كريم مثل ربِّنا، له الحمد والنعمة والثناء الحسن.

 

فكم لله من عتقاء كانوا في رق الذنوب والإسراف، فأصبحوا بعد ذل المعصية بعز الطاعة من الملوك والأشراف. فلك الحمد

 

كم له من عتقاء صاروا من ملوك الآخرة بعدما كان في قبضة السعير. فلك الحمد.

 

فيا أرباب الذنوب العظيمة، الغنيمة الغنيمة في هذه الأيام الكريمة، فما منها عوض و لا لها قيمة، فمن يعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة.

 

بشراك بأعظم بشارة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه -: أنت عتيق الله من النار

 

ولا يُلقاها إلا ذو حظ عظيم، فعسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يعتق، جعلني اللهُ وإياك منهم.

 

وقد دلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعمال إذا قمنا بها كانت سببًا لعتق رقابنا من النَّار، وقد جمعت لك منها عشرين سببًا، لتعمد إليها، وتحاول القيام بها جميعًا، ضعها نصب عينيك، حاول أنْ تجعل منها برنامجًا يوميًا، ومشروعًا إيمانيًا، دراسة جدواه تقول: إنَّ أرباحه لا نظير لها، ولا مثيل لضخامتها، إنَّه " العتق من النار "

 

قال - تعالى -: ( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)آل عمران: 185] فهذه أسباب العتق، وقد بقي منك العمل، فلا تفتر فإنَّها أعظم جائزة وأفضل غنيمة.

 

فمن هذه الأسباب:

 

(1) الإخلاص.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: لن يوافي عبد يوم القيامة يقول: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله إلا حرَّم الله عليه النار [رواه البخاري]

 

ومن أظهر علاماته: النشاط في طاعة الله، وأنْ يحب أن لا يطلع على عمله إلا الله.

 

قيل لذي النون: متى يعلم العبد أنَّه من المخلصين؟ قال: إذا بذل المجهود في الطاعة، وأحب سقوط المنزلة عند النَّاس.

 

فإذا أردت الفوز بهذه المنزلة العظيمة فجدَّ واجتهد، وشد المئزر، وأرِ الله من نفسك شيئًا يبلغك رضاه، وبقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى، وعلى قدر جدِّك يكون جدُّك، قال الصديق أبو بكر - رضي الله عنه -: والله ما نمت فحلمت، ولا توهمت فسهوت، وإنِّي لعلى السبيل ما زغت.

 

قيل للربيع بن خثيم: لو أرحت نفسك؟ قال: راحتها أريد.

 

فجُد بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايتك، وتحقيق بغيتك؛ فالمكارم منوطة بالمكاره، والمصالح والخيرات لا تُنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب.

 

فكل شيء نفيس يطول طريقه، و يكثر التعب في تحصيله، يقول ابن الجوزي في " صيد الخاطر ": فلله أقوام ما رضوا من الفضائل إلا بتحصيل جميعها، فهم يبالغون في كل علم و يجتهدون في كل عمل، و يثابرون على كل فضيلة، فإذا ضعفت أبدانهم عن بعض ذلك قامت النيات نائبة، و هم لها سابقون.

 

يقول: " ولقد تأملت نيل الدر من البحر فرأيته بعد معاناة الشدائد، و من تفكر فيما ذكرته مثلا بانت له أمثال، فالموفق من تلمح قصر الموسم المعمول فيه، وامتداد زمان الجزاء الذي لا آخر له فانتهب حتى اللحظة، و زاحم كل فضيلة، فإنها إذا فاتت فلا وجه لا ستدراكها.

 

نعم إذا كنت مخلصًا صادقُا، فسيكون رد فعلك واضحًا قويًا، فإذا قرأت تلك الأسباب للعتق من النًّار مثلاً، شمَّرت عن ساعد الجد للإتيان بها جميعًا، سوف تتأمل عظم النار، وشدة ما فيها من عذاب، وتشفق على نفسك أن يكون هذا مصيرها، فستسعى إن كنت تريد الله واليوم الآخر، وستكد، وستجتهد، وتتحمل المشاق من أجل أن تفوز بهذا الفضل الذي لا يضاهي ولا يماثل.

 

(2) إصلاح الصلاة بإدراك تكبيرة الإحرام.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار و براءة من النفاق .

وهذا مشروع إيماني ينبغي أن تفرغ له نفسك، إنها مائتا صلاة، فاعتبرها مائتي خطوة إلى الجنة، فهل لا تستحق سلعة الله الغالية أنْ تتفرغ لها؟

 

وطريقك إلى ذلك أن تتخفف من أعباء الدنيا طوال هذه المدة، وعليك بالدعاء مع كل (صلاة) أن يرزقك الله الصلاة التالية تدرك تكبيرة الإحرام فيها، وهكذا.

 

واعلم أنَّ إصلاح النَّهار سبيل إلى إصلاح الليل، والعكس صحيح، وهذا يكون باجتناب الذنوب والحرص على الطاعات ووظائف الوقت من أذكار ونحوها، فقط اجعل الأمر منك على بال، واجتهد في تحقيقه، واستعن بالله ولا تعجز، فإن تعثرت في يوم، فاستأنف ولا تمل، فإنَّها الجنة، إنَّه العتق من النار، والسلامة من الدرك الأسفل فيها.

 

(3) المحافظة على صلاتي الفجر والعصر.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: ] لن يلج النار أحد صلَّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها - يعني الفجر والعصر[- [رواه مسلم]

 

وهذا بأن تصليهما في أول الوقت، وتحافظ على أداء السنة قبلهما

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: ركعتا الفجر خير من الدنيا و ما فيها [رواه مسلم]

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: رحم الله امرءًا صلَّى قبل العصر أربعا

 

وعليك أن تكثر من الدعاء والاستغفار بين الآذان والإقامة لتتهيأ للصلاة فترزق فيها الخشوع والخضوع، فمداومتك على هذا سبب عظيم لاستقامة الحال مع الله، فعظِّم شأن هاتين الصلاتين، فاستعن على أداء الفجر بالنوم مبكرًا، والنوم على طهارة، والأخذ بأذكار قبل النوم، والدعاء بأن يهبك الله هذا الرزق العظيم.

 

واستعن على أداء العصر بأن لا تتغذى قبلها مباشرة، وأن لا ترتبط بأعمال ترهقك أو تشغل خاطرك، ولكن حاول دائمًا على قدر المستطاع أن تستجم إيمانيًا في تلك الساعة من النهار.

 

(4) المحافظة على أربع ركعات قبل الظهر وبعده

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرَّمه الله على النار.

 

فهذا الفضل لا يحصل إلا لمن حافظ على هذه الركعات، وبعض العلماء يرى أنَّها سنة مؤكدة لما لها من جزاء عظيم.

 

فإذا وجدت نفسك تستصعب هذا فذكرها] حرَّمه الله على النار [وألح عليها تعتاده، وإنه ليسير على من وفقه الله - تعالى -

 

(5) البكاء من خشية الله - تعالى - قال - صلى الله عليه وسلم -: لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، و لا يجتمع غبار في سبيل الله و دخان جهنم في منخري مسلم أبدا

 

فهنيئًا لك إذا صحت لك دمعة واحدة من خشية الله، فإنَّ القلوب تغسل من الذنوب بماء العيون، والبكاء قد يكون كثيرًا لاسيما في رمضان ومع سماع القرآن في صلاة التراويح والتهجد، ولكن كما قال سفيان الثوري: إذا أتى الذي لله مرة واحدة في العام فذلك كثير ويكفي أنَّ من رزق تلك الدمعة قد اختصه الله بفضل لا يبارى فيه فهو في ظل عرش الرحمن يوم الحشر:فإنَّ من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظلَّ إلا ظله رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه[رواه مسلم]

 

والله يحب صنيعه هذا، فقد يكون هذا سببًا في أن يحبه الله - تعالى -، وساعتها لا تسأل عن نعيمه وفضله.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين، قطرة من دموع في خشية الله، وقطرة دم تهراق في سبيل الله، وأما الأثران فأثر في سبيل الله، وأثر في فريضة من فرائض الله

قال خالد بن معدان: إنَّ الدمعة لتطفئ البحور من النيران، فإنْ سالت على خد باكيها لم ير ذلك الوجه النَّار، وما بكى عبد من خشية الله إلا خشعت لذلك جوارحه، وكان مكتوبًا في الملأ الأعلى باسمه واسم أبيه منورًا قلبه بذكر الله.

 

فنعوذ بالله من عين لا تدمع من خشيته، ونسأله عينًا بالعبرات مدرارة، وقلبًا خاشعًا مخبتًا.

 

(6) مشي الخطوات في سبيل الله

 

عن يزيد بن أبي مريم - رضي الله عنه - قال: لحقني عباية بن رفاعة بن رافع - رضي الله عنه - وأنا أمشي إلى الجمعة فقال أبشر فإن خطاك هذه في سبيل الله سمعت أبا عبس يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار

 

فاحتسب كل خطوة تخطوها في سبيل الله، ممشاك إلى المسجد، وأعظمها تلك الخطوات إلى صلاة الجمعة.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من غسَّل يوم الجمعة و اغتسل، ثم بكَّر وابتكر، ومشى و لم يركب، ودنا من الإمام، واستمع و أنصت، ولم يلغ، كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة أجر صيامها و قيامها

وقد قيل: إنَّ هذا أعظم حديث في فضائل الأعمال، فهنيئًا لك تلك الخطوات إن كانت في سبيل الله.

 

فاحتسب خطاك في الدعوة إلى الله، وإغاثة الملهوف، وقضاء حاجة أخيك المسلم، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، ونحوها مما تقتضي منك العرق والجهد، فلعلك بها تُعتق من النار.

 

(7) سماحة الأخلاق.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من كان هينا لينا قريبًا حرمه الله على النار

قال المناوي: ومن ثم كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في غاية اللين، فكان إذا ذكر أصحابه الدنيا ذكرها معهم، وإذا ذكروا الآخرة ذكرها معهم، وإذا ذكروا الطعام ذكره معهم.

 

فكان كما قال الله - تعالى -: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة: 128]

 

فكن سمحًا في سائر معاملاتك مع النَّاس، باشًا في وجوههم، وتبسمك في وجه أخيك صدقة، حليمًا غير غضوب، لين الجانب، قليل النفور، طيب الكلم، رقيق الفؤاد، فإذا اشتد أخوك فعامله بالرفق لا الخشونة. ولا تنسَ " إنَّه العتق من النار "

 

(8) إحسان تربية البنات أو الأخوات

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كنَّ له سترا من النار

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جدّته كنَّ له حجابا من النار يوم القيامة

 

فاحتسب سعيك في طلب الرزق لتنفق على أولادك أو أخواتك، واحتسب كل وقت تبذله في تربيتهم، ولكن احذر من عدم الإخلاص، فأنت تربيهم لله، ليكونوا عبادًا لله، لا ليكونوا ذخرًا لك، أو حتى تتباهى بهم أمام النَّاس، وسيظهر ذلك في اهتمامك بتعليمهم أمور دينهم، بتحفيظهم القرآن، اهتمامك بحجاب الفتيات، وتعويدهم خصال الخير والبر، لو أحسنت النية ستوفقك إن شاء الله.

 

اعتق..تُعتق.

 

فقد مضت الحكمة الإلهية والسنة الربانية بأنَّ الجزاءَ من جنس العَمل، فمن أراد أنْ يُعتق غدًا من النَّار فليقدم قرابينه فيسعى في عتق الأنفسِ.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: أيما امرئ مسلم أعتق امرءا مسلمًا فهو فكاكه من النار، يجزي بكل عظم منه عظما منه، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فهي فكاكُها من النار، يجزي بكل عظم منها عظما منها، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين فهما فكاكه من النار، يجزي بكل عظمين منهما عظما منه

 

وإذا كان هذا متعذرًا في زماننا، فإنَّ فضل الله لا ينقطع، فثمَّ أعمال صالحة إذا قام بها العبد كانت كعتق الرقاب، فهذه قرابينك يا منْ تريد عتقًا، عسى أنْ تقبل فأبشر حينها بكل خير.

 

(9) الجلوس للذكر من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس، أو من بعد صلاة العصر حتى المغرب، تشتغل فيها بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: لأن أقعد مع قوم يذكرون الله - تعالى -من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إليَّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفا، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أنْ تغربَ الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة

وقال - صلى الله عليه وسلم -: لأن أقعد أذكر الله - تعالى -وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق رقبتين من ولد إسماعيل، ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أنْ أعتق أربع رقبات من ولد إسماعيل

 

 

 

(10) اللهج بهذا الذكر العظيم بعد صلاة الفجر قال - صلى الله عليه وسلم -: من قال دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجله قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. عشر مرات كتب الله له بكل واحدة قالها منهن حسنة، ومحي عنه سيئة، ورفع بها درجة، وكان له بكل واحدة قالها عتق رقبة، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه، وحُرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله

(11) التكبير مائة قبل طلوع الشمس.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من قال: " سبحان الله " مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة بدنة، ومن قال: " الحمد لله " مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها، ومن قال: " الله أكبر " مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن قال: " لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير " مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها لم يجيء يوم القيامة أحد بعمل أفضل من عمله إلا من قال قوله أو زاد

 

 

 

(12) الوصية بهذه الذكر في أذكار الصباح والمساء.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من قال: اللهم! إني أشهدك، وأشهد ملائكتك وحملة عرشك، وأشهد من في السماوات ومن في الأرض: أنَّك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأشهد أنَّ محمدا عبدك ورسولك. من قالها مرة؛ اعتق الله ثلثه من النار، ومن قالها مرتين؛ أعتق الله ثلثيه من النار، ومن قالها ثلاثا؛ أعتق الله كله من النَّار

 

 

(13) التسبيح والتحميد مائة

 

عن أم هانىء - رضي الله عنها - قالت: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقلت: يا رسول الله. قد كبرت سني، وضعفت - أو كما قالت - فمرني بعمل أعمله، وأنا جالسة.

 

قال: سبحي الله مائة تسبيحة فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل

 

واحمدي الله مائة تحميدة فإنها تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله.

 

وكبرى الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة.

 

وهللي الله مائة تهليلة تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك إلا أن يأتي بمثل ما أتيت.

 

وفي رواية لابن أبي الدنيا جعل ثواب الرقاب في التحميد ومائة فرس في التسبيح وقال فيه: وهللي الله مائة تهليلة لا تذر ذنبا ولا يسبقها عمل.

 

فأكثر منها، ولا تغفل عن هذا الورد في اليوم والليلة، وخذ بهذا الدرع الواقي والزمه كذلك.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: خذوا جنتكم من النار قولوا: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات، و معقبات و مجنبات، و هن الباقيات الصالحات.

 

(14) الإكثار من هذا الذكر في اليوم والليلة.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، و له الحمد، و هو على كل شيء قدير. عشرا كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل

وقال - صلى الله عليه وسلم -: من قال: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه

فاستكثر منه، كل عشرٍ برقبة، والمائة بهذا الفيض الإلهي من النعم، فكم ستقدم من الرقاب لتُعتق!!

 

(15) الطواف بالبيت سبعة أشواط وصلاة ركعتين بعدها

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من طاف بالبيت سبعا و صلى ركعتين كان كعتق رقبة

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة لا يضع قدما و لا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة و كتب له بها حسنة

وفي رواية للطبراني: من طاف بالبيت أسبوعا لا يلغو فيه كان كعدل رقبة يعتقها.

 

فاللهم تابع لنا بين الحج والعمرة، ولا تحرمنا زيارة بيتك الحرام، فاعقد العزم على الحج والاعتمار، فإن لم تنله بالعمل نلته بالنية.

 

قال - صلى الله عليه وسلم - في غزوة: إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا و لا واديا إلا و هم معنا حبسهم العذر [متفق عليه] فنالوا أجر الجهاد ولم يجاهدوا، فنية المرء خير من عمله، فإياك أنْ تيأس أو تقول: لا يمكن. ففضل الله واسع.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا أو أمة من النار من يوم عرفة، إنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ماذا أراد هؤلاء؟ [رواه مسلم]

 

(16) القرض الحسن، أو أن تعطي أخاك شيئًا يتزود به للمعاش، وهداية التائه الضال.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من منح منحة ورق [أي الفضة (المال)، أو منح ورقا، أو هدى زقاقا، أو سقى لبنا كان له عدل رقبة أو نسمة [رواه الإمام أحمد وصححه الأرنؤوط]

 

فإذا طلب أحد النَاس منك قرضًا (سلفة) فأعطه ولا تبخل، واحتسب لعله يكون سبب عتقك من النار، أو أعن محتاجًا بشيء يتزود به على معاشه، كأنْ تعطي امرأة مسكينة (ماكينة خياطة) أو تعين فقيرًا بـ (محل صغير) يسترزق منه.

 

أو دل ضالاً أو أعمى على طريقه، ولا ريب أنَّ أعظم الدلالات: دعوة الناس إلى منهاج السنة ما أنا عليه وأصحابي .

 

(17) الذب عن عرض أخيك المسلم.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: من ذبَّ عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار

فإياك ومجالس الغيبة، والنيل من أعراض المسلمين، وذكرك أخاك بما يكره، فإذا جلست في مجلس، ونال النَّاس من عرض أخيك المسلم، فاحذر فإنَّ المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأنْ ينكر بلسانه، فإن خاف فبقلبه، فإن قدر على القيام أو قطع الكلام لزمه.

 

قال الغزالي:ولا يكفي أن يشير باليد أن اسكت أو بحاجبه أو رأسه وغير ذلك فإنه احتقار للمذكور بل ينبغي الذب عنه صريحا كما دلت عليه الأخبار.

 

(18) ارم بسهم في سبيل الله.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: أيما مسلم رمى بسهم في سبيل الله فبلغ مخطئا أو مصيبا فله من الأجر كرقبة

 

هذا لمن كتب عليهم الجهاد، وقد استدل به العلماء على فضل الرماية وتعلمها.

 

أمَّا إذا لم تكن منهم، فقد قال - تعالى -: وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًأي بالقرآن، وهذا جهاد العلم والدعوة.

 

فارم بسهمك في الدعوة إلى سبيل الله، فلأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من كل خيرات الدنيا، والدال على الخير كفاعله.

 

وارم بسهمك في الذود عن كتاب الله بالمساعدة في إنشاء دور تحفيظ القرآن، بطبع ونشر المصاحف.

 

ارم بسهمك في الذب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برعاية طلبة العلم والنفقة عليهم ليقوموا بهذا العبء الثقيل، انشر كتب السنة، تفقّه حتى لا يكون لأحدٍ سبيل إلى السنة المطهرة وفيك عين تطرف، وهكذا.

 

(19) الإلحاح وكثرة الدعاء بذلك.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: ما سأل رجل مسلم الله الجنة ثلاثا إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، و لا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثا إلا قالت النار: اللهم أجره منِّي

كان سفيان الثوري يستيقظ مرعوبًا يقول: النار.. النار، ويقول: شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات، ثمَّ يتوضأ ويقول إثر وضوئه: اللهم إنَّك عالم بحاجتي غير مُعلَّم، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النَّار.

 

فواظب على أن تدعو الله بأنْ تعتق رقبتك، وأقبل على الله بكليتك، مع حضور القلب، مع الانكسار والتضرع بين يدي الرب - سبحانه -، واستقبل القبلة، وأنت على طهارة، وأكثر من الثناء على الله وحمده بما هو أهله، وناده بأسمائه الحسنى، وارفع يدك مستسلمًا، وأكثر من الاستغفار والتوبة، وتحرَّ أوقات الإجابة الستة: وهي الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وإدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم.

 

ثمَّ ألح في المسألة بأن تعتق رقبتك من النَّار، ومن الخير أن تتصدق بعد هذا الدعاء بصدقة فمثل هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا. كما قال ابن القيم - رحمه الله -

 

 

(20) إصلاح الصيام.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: الصوم جنة يستجن بها العبد من النار

وقد جعل الله الصيام بدل عتق الرقبة في دية القتل الخطأ وكفارة الظهار قال الله - تعالى -: فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء: 92]

 

قال - تعالى -: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا [المجادلة: 3 -4]

 

فإذا كان الصيام بديلاً عن العتق، وإذا كان من أعتق رقبة أُعتق بها من النَّار، فلعل الإكثار من الصيام سبب لنفس الجزاء

 

فلابد من تعاهده بالإصلاح، بأنْ يكون صيامًا عن المحرمات، وعدم الوقوع في المكروهات، وعدم التوسع في المباحات، صيام للجوارح، بل صيام للقلب عن كل شاغل يشغله عن الله، فترفق، ولا تستكثر من أمور الدنيا في رمضان، فرمضان الفرصة الثمينة للفوز بالجنة والنجاة من النار.

 

(21) إطعام الطعام للمساكين.

 

فقد جعل الله إطعام الطعام محل العتق في كفارة الظهار ومَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة: 4]

 

وجعل إطعام المساكين أو كسوتهم محل عتق الرقاب في كفارة الأيمان.

 

قال - تعالى -: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[سورة المائدة: 89]

 

وقد جاء في بعض الإسرائيليات: قال موسى عليه السلام لرب العزة - عز وجل -: فما جزاء من أطعم مسكينا ابتغاء وجهك؟ قال: يا موسى آمر مناديا ينادي على رؤوس الخلائق إن فلان بن فلان من عتقاء الله من النار..

 

ولإطعام الطعام لاسيما للفقراء والمساكين مزية عظيمة في الإسلام، فهو من أفضل الأعمال الصالحة عند الله - تعالى -:

 

عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. [متفق عليه]

 

وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟!

 

فقال - صلى الله عليه وسلم -: إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته، أو كسوت عورته، أو قضيت له حاجة

 

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام [[رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح]

 

بل اختصَّ الله من يقوم بهذا العمل الصالح بنعيم سابغ في الجنة.

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: إن في الجنة غرفا، بُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها.

 

فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟

 

قال: هي لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائما والناس نيام.

 

 

وهو معدود في أفضل عباد الله - تعالى -.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: خياركم من أطعم الطعام

 

ويكفي أنَّ الله جعل له ثوابًا مدخرًا يوم القيامة.

 

قال الله في الحديث القدسي: يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني.

 

قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟

 

قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. [رواه مسلم]

 

فهنيئًا أيها الفائز بالعتق، وعزاءً لكل من فاته هذا الفضل العظيم

 

يا من أعتق فيها من النار هنيئا لك المنحة الجسيمة، و يا أيها المردود فيها جبر الله مصيبتك هذه فإنها مصيبة عظيمة.

 

كان عطاء الخراساني يقول: إني لا أوصيكم بدنياكم، أنتم بها مستوصون، وأنتم عليها حراص، وإنما أوصيكم بآخرتكم، تعلمون أنه لن يعتق عبد، وإن كان في الشرف والمال، وإن قال أنا فلان ابن فلان حتى يعتقه الله - تعالى -من النار، فمن أعتقه الله من النار عتق، ومن لم يعتقه الله من النار كان في أشد هلكة هلكها أحد قط، فجدُّوا في دار المعتمل لدار الثواب، وجدُّوا في دار الفناء لدار البقاء، فإنما سميت الدنيا لأنها أدنى فيها المعتمل، وإنما سميت الآخرة لأنَّ كل شيء فيها مستأخر، ولأنها دار ثواب ليس فيها عمل، فألصقوا إلى الذنوب إذا أذنبتم إلى كل ذنب: " اللهم اغفر لي " فإنه التسليم لأمر الله.

 

وألصقوا إلى الذنوب " لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله رب العالمين، وسبحان الله وبحمده، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأستغفر الله، وأتوب إليه " فإذا نشرت الصحف، وجاء هذا الكلام، قد ألصقه كل عبد إلى خطاياه رجا بهذا الكلام المغفرة، وأذهبت هذه الحسنات سيئاته، فإنَّ الله - تعالى -يقول في كتابه: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ[هود: 114] فمن خرج من الدنيا بحسنات وسيئات رجا بها مغفرة لسيئاته، ومن أصر على الذنوب، واستكبر عن الاستغفار، خرج ذلك اليوم مصرا على الذنوب، مستكبرا عن الاستغفار، قاصَّه الحساب، وجازاه بعمله إلا من تجاوز عنه الكريم، فإنه لذو مغفرة للناس على ظلمهم، وهو سريع الحساب.

 

قال ابن رجب: إن كنت تطمع في العتق فاشتر نفسك من الله إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ [[التوبة: 111] فمن كرمت عليه نفسه، هان عليه كل ما يبذل في افتكاكها من النار.

 

اشترى بعض السلف نفسه من الله ثلاث مرار أو أربعا يتصدق كل مرة بوزن نفسه فضة

 

واشترى عامر بن عبد الله بن الزبير نفسه من الله بدية ست مرات تصدق بها.

 

واشترى حبيب نفسه من الله بأربعين ألف درهم تصدق بها.

 

وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة بقدر ديته يفتك بذلك نفسه.

 

 

ومسك الختام..

قبس من دعاء الصالحين (جعلني الله وإياك منهم)

 

اللهم: يا رب البيت العتيق أعتق رقبتي من النار وأعذني من الشيطان الرجيم.

 

إلهنا إنك تحب أن نتقرب إليك بعتق العبيد، ونحن عبيدك - وأنت أولى بالتفضل فاعتقنا

 

وإنك أمرتنا أن نتصدق على فقرائنا، ونحن فقراؤك - وأنت أحق بالجود - فتصدق علينا

 

ووصَّيتنا بالعفو عمن ظلمنا، وقد ظلمنا أنفسنا - وأنت أحق بالكرم - فاعف عنا.

 

يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا أرحم الراحمين، يا كثير الخير، يا دائم المعروف، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، ولا يحصيه غيره أحدا، يا محسن، يا منعم، يا ذا الفضل والجود نسألك مما كتبت على نفسك من الرحمة، ومما في خزائن فيضك، ومكنون غيبك أن تضاعف صلواتك على نبينا محمد وآله وصحبه وسائر عبادك الصالحين.

 

اللهم اعتقنا من رق الذنوب، وخلَّصنا من أَشَر النُّفوس، وأذهب عنا وحشة الإساءة، وطهرنا من دنس الذنوب، وباعد بيننا وبين الخطايا، وأجرنا من الشيطان الرجيم.

 

اللهم طيِّبنا للقائك، وأهِّلنا لولائك، وأدخلنا مع المرحومين، وألحقنا بالصالحين، وأعنا على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، وتلاوة كتابك، واجعلنا من حزبك المفلحين، وأيدّنا بجندك المنصورين وارزقنا مرافقة الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

 

اللهم اغفر لنا ما مضى من ذنوبنا، واحفظنا فيما بقي من أعمارنا، وكلما عُدنا بالمعصية فعُد علينا بالتوبة منها، وإذا ثقلُت علينا الطاعة فهوَّنها علينا، وذكِّرنا إذا نسينا، وبصِّرنا إذا عمينا، وأشركنا في صالح دعاء المؤمنين، وأشركهم في صالح دعائنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

لخالقنا الحمد على ما منَّ ه من الفضل وأنعم.

 

وله الحمد عدد ما أسبغ على خلقه من النعم.

 

وله الحمد كما يستوجبه على جميع الأمم.

 

وله الحمد كما أثنى على نفسه في القدم.

 

وله الحمد كما أجراه على ألسنة حامديه، وألهمهم حمدا تضيق عنه الآفاق، ولا تسعه السبع الطباق، كما يحب ويرتضي، ينقضي الليل والنهار ولا ينقضي، لا تحصيه السفرة الكرام، ولا تفنيه الليالي والأيام.

 

خالقنا الذي لم يشاركه في خلقه أحد.

 

ورازقنا الذي لو عددنا نعمه لم يحصرها العدد.

 

كنَّا أمواتا فأحيانا، وفقراء فأغنانا، وهو الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، وأرسل إلينا رسولا، وأنزل علينا قرآنا، وأجرى على جوارحنا طاعة، وكتب في قلوبنا إيمانا، فله الحمد على ما أولانا، إن رحمنا أو عذَّبنا، وإن أسعدنا أو أشقانا.

 

ربنا اغفر لنا وارحمنا أنت مولانا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا برحمتك عذاب النار.

 

وأخيرًا.. هذا جهد المقل، فإنْ انتفعت منه بشيء فأسألك دعوة بظهر الغيب أن يرزقنا الله الصدق والإخلاص في القول والعمل ويعتقني الله وإياك من النار، وإلا فلا أعدم منك الدعاء بالهداية والرشاد عند الزلل.

 

 

 

 

 

 

 

 

post-110000-1279668079.gif

 

 

AYh99165.gif

 

 

post-110000-1279651058.gif

 

 

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

 

post-110000-1279830341.gif

 

وهكذا انتهى مجلسنا الخامس والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

 

اختم شهرك بكثرة الاستغفار

 

 

ها هي الأيام قد دارت، وها هو الوقت يمضي، والشهر الكريم قد أزف على الرحيل.

 

تلك أنواره توشك أن تنطفئ، وذاك نجمه قد قارب على الأفول بعد السطوع.

 

تلك الليالي التي شعت بنور القائمين والتالين والعاكفين؛ أوشكت على الظلمة،

والأيام التي عُمِّرت بالطاعة والتلاوة والصيام قد أوشكت على الوداع.

 

إن وداع هذا الشهر ليهيج في النفس الأحزان، فكيف يفارق الحبيب محبوبه الذي يخشى أن يكون آخر العهد به، إنها لحظات لا ندري حقيقة أهي لحظات عزاء ومواساة، أم لحظات فرح وسرور.

 

نعم: إن خروج هذا الشهر المبارك ليجمع بين الحالين: حال العزاء، وحال الفرح والتهنئة.

 

فالعزاء لكل الأمة على وجه العموم؛ إذ ستفقد شهر الصيام، والقيام، والذكر، ستفقد تلك النفحات الربانية،

والمنح الإلهية التي منحها الله عز وجل لعباده في هذا الشهر المبارك، فلحظات وداعه لا تُنسى،

ولوعتها لوعةٌ لا تبلى، وإن حرقة الوداع لتُلهب الأحشاء، وإن دموعه لتحرق الوجنات بحرارة العبرات،

وقد آن لهذا الشهر أن يودع كل مؤمن تذوَّق حلاوة الطاعة والأنس بالله.

 

عزاؤنا في خروج هذا الموسم المبارك، والشهر الكريم؛ عزاء على وجه الخصوص لمن قصر عن استغلال الفرصة،

وغفل فيه عن باب الجنة، ولم يحسن العمل. أن يكون ممن شملهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم

من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى المنبر، فلما رقى الدرجة الأولى قال: آمين، ثم رقى الثانية، فقال: آمين، ثم رقى الثالثة فقال: آمين، فقالوا: يا رسول الله سمعناك تقول آمين ثلاث مرات؟، قال: ((لما رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل عليه السلام فقال: شقي عبد أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له، فقلت: آمين، ثم قال: شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة، فقلت: آمين، ثم قال: شقي عبد ذكرتَ عنده ولم يصل عليك فقلت: آمين)) صحيح الأدب المفرد.

 

ومع خروج شهر رمضان المبارك يودعه المؤمنون في كل أصقاع الأرض، وأرجاء المعمورة،

فمنهم من يودّعه بقلب وجلٍ يؤمّل قبول العمل ويخشى ألا يتقبّل منه.

ومنهم من يودّعه ويودّع معه الأعمال الصالحة، وهذا هو المخذول الذي لم تتحقق ثمرة الصيام والقيام عنده،

إذ إن الغاية من الصوم هي تحقيق التقوى في النفس، والتزكية للعبد في الأقوال والأفعال،

فإن التقوى هي الكلمة الجامعة التي ختم الله بها آية الأمر بالصيام،

ويجب ألا يُغفَل عنها بعد انقضاء شهر الصيام، بل تبقى شعاراً لأعمال الأفراد والأمم.

 

وإن من نعم الله العظيمة علينا أن يبلغنا تمام هذا الشهر ويختمه لنا ونحن على الطاعة والإخبات والإنابة،

وهي غنيمة لا ندري والله من يبلغها مرة أخرى، ومن يفضي إلى الله ولا تسنح له الفرصة لمثل هذه الأيام والليالي الفاضلة.

 

فهلم نختم شهر رمضان بالتوبة إلى الله ، والإنابة إليه ، فإن كلاً منا لا يخلو من الخطأ والتقصير،

وكل بني آدم خَطَّاء، وخير الخطائين التوابون.

 

هلمّ نختم عملنا في هذا الشهر بالحمد والثناء على الله وكثرة الاستغفار.

إذ هو مطلوب بعد كل عمل صالح لما قد يعتريه من نقص وخلل، فهو مكمل للأعمال وجابر لنقصها ،

وأرجى لقبولها. وقد (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا انصرف من صلاته ، استغفر ثلاثاً )) رواه مسلم.

 

قال سبحانه في وصف عباده المؤمنين : { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون } المؤمنون: 60،

وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون قال: ((لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا تقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون )) صحيح الترمذي.

 

وقد حث الله في كتابه وحث النبي صلى الله عليه وسلم في خطابه على استغفار الله تعالى والتوبة إليه، فقال سبحانه: { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } هود: 3. وقال تعالى: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } فصلت: 6. وقال تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } النور: 31. وقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } التحريم: 8. وقال تعالى: { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } البقرة: 222.

 

وعن الْأَغَرِّ بن يَسَار الْمُزنِيِّ رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ» رواه مسلم وأحمد

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» رواه البخاري.

 

يا من صمت وقمت وذرفت دموعك توبة وأسفاً على خطيئاتك:

 

ها هو شهر الصيام قد أزف رحيله، وأوشكت أيامه ولياليه أن تمضي شاهدة على كل منا ما استودعه فيها، والمؤمن يفرح بإكمال الصيام والقيام، وإتمام عدة رمضان، شكراً لله عز وجلّ على ما منّ به عليه ووفقه إليه من الطاعات، ورجاء ما عنده من الثواب والعتق من النيران. وضعيف الإيمان يفرح بإكماله لتخلصه من الصيام الذي كان ثقيلاً عليه ضائقاً به صدره، والفرق بين الفريقين عظيم .

 

هلمّ جميعاً نتدارك ما بقي من ليالٍ معدودة هي خير ليالي العام، ونجتهد في الدعاء والصلاة والقيام وقراءة القرآن، ونختم شهرنا بكثرة الاستغفار وسؤال الله القبول، ونكون من عدم قبول العمل على وجل.

 

فما ندري وربي من هو المقبول فنهنيه، ومن هو المردود فنعزيه.

 

اللهم يامن فتحت أبوابك للطالبين ، وأظهرت غناك للراغبين، يامن تجيب دعوة المضطرين، نحن الفقراء إليك، المضطرون إلى عفوك ومغفرتك، اللهم فأنزل علينا رحمة من عندك، تهدي بها قلوبنا، وتلم بها شعثنا، وتغفر بها ذنوبنا، وتتقبل بها أعمالنا.

 

اللهم اختم لنا شهرنا بالقبول والمغفرة والعتق من النار.

 

اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك، فاغفر لنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

 

post-110000-1279668079.gif

 

EPI99165.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

رمضان والرحيل المر

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

حكم من أفطر في رمضان عمدا

 

 

post-110000-1279649101.gif

 

وهكذا انتهى مجلسنا السادس والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

 

post-110000-1279668079.gif

 

H2S99165.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

post-110000-1279649101.gif

 

وهكذا انتهى مجلسنا السابع والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)[/color]

[/font]

[/size]

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

 

أعـظـم لـيـلــة..!

 

يسري صابر فنجر

 

 

ليلة مباركة فيها أنزلت المعجزة الخالدة التي لا ريب فيها ولا شك؛

مهما تعاقبت السنون والأجيال، ففيها الهدى والنور للمتقين،

فهم المتقدمون لإمامة المسلمين أجمعين، فلهم قدم السبق عمن سواهم،

وهم في الأمة باقون كثّر الله سوادهم، فيحمل هذا القرآن الكريم من كل خلف عدوله.

 

فالمتقون هم الذين فازوا بالهدى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2]

وقد نزل الكتاب في ليلة من وتر العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك

وقد قال ربنا سبحانه:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]

فالصيام غايته ومآله وأثره التقوى، وأُنزل القرآن الكريم هدى للصائمين المتقين

لأنهم بصيامهم وتقواهم هيؤوا أنفسهم لفهم القرآن وتدبر معانيه والالتزام به قولاً وعملاً.

 

ليلة القدر نزل فيها كتاب ذو قدر، على رسول ذي قدر، في أمة ذات قدر.

 

ليلة ليست كالأيام ولا الشهور ولا سنة أو سنتين ولا ألف شهر؛ بل هي خير من ألف شهر،

خير من غالب أعمار بني الإنسان، خير من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر،

مَن حرم خيرها فقد حرم، ومن أدركها أدرك الخير كله،

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

"أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ

وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ"

(رواه النسائي 2106 وغيره).

 

ليلة ساكنة هادئة شمس صبيحتها بيضاء نقية، فيها قلوب خاشعة، ووجوه لربها ساجدة،

ما سألت شيئاً إلا أعطيت، تشهدها الملائكة {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر:4]

أي: يكثر تنـزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة ينـزلون مع تنـزل البركة والرحمة،

كما يتنـزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق، تعظيماً له.

 

ليلة أوصى فيها النبي صلى الله عليه وسلم من أدركها بطلب العفو،

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ

مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ قُولِي "اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" (رواه الترمذي وغيره).

 

ليلة ينزل فيها العفو والمغفرة الذي به تتنزل بركات السماء وتفتح به كنوز الأرض،

ليلة تهفو إليها كل نفس مؤمنة وتتمنى إدراكها، فتخلص لربها وتحتسب،

وتتخلص من شواغل الدنيا وتجتهد في الدعاء وتتبع هدي نبيها،

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه ُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

"مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانً وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ

وَمَنْ صَام َرَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ْذَنْبِهِ" (رواه البخاري ومسلم).

 

وقفة:

 

أليس مغبوناً من أضاع هذه الليالي وخيرها وبركاتها في الأسواق والمحلات التجارية؟!

أليس محروما من قضاها في القيل والقال والسهر مع الأصحاب؟!

أليس محروماً من قضاها أمام الشاشات والقنوات؟!

 

إن المساجد في الجزء الأخير من الليل تناديك فأقبل عليها لتعمُرها مع إخوانك بالصلاة

والتسبيح والدعاء والتهليل.. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا،

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

post-110000-1279668079.gif

 

 

HS098945.gif

 

 

post-110000-1279651058.gif

 

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

post-110000-1279649101.gif

وهكذا انتهى مجلسنا الثامن والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

تم تعديل بواسطة الوفاء و الإخلاص

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

 

حيّ على جنات عدن

 

ألا من مشمر إلى الجنة؟ فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطَّرِد، وفاكهة كثيرة نضيجة، وزوجات حسان جميلات، وحُلل كثيرة فى مقام أبدي، في حبرة ونضرة، ودور عالية سليمة بهية.

 

فيها: ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

 

الجنة دار المتقين ، ومآل المحسنين ، أعدها الله للصالحين الأبرار ..

 

أرضها وتربتها: المسك والزعفران، وسقفها عرش الرحمن، وبلاطها المسك الأذفر، وحصبائها اللؤلؤ والجوهر، وبناؤها: لبنة من ذهب ولبنة من فضة.

 

ثمرها أمثال القلال، وألين من الزبد، وأحلى من العسل، وأنهارها: من لبن لم يتغير طعمه، ومن خمر لذة للشاربين، ومن عسل مصفى، ومن ماء غير آسن.

 

طعام أهلها فيها: فاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، شرابهم التسنيم والزنجبيل والكافور، وآنيتهم الذهب والفضة في صفاء القوارير.

 

لباسهم: الحرير والذهب، وفرشهم بطائنها من إستبرق.

 

أما غلمانهم: فولدان مخلدون كأنهم لؤلؤ مكنون،

 

وأما عرائسهم وأزواجهم فهن الكواعب الأتراب، اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب: فللورد والتفاح ما لبسته الخدود، وللرمان ما تضمنته النهود، وللُّؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، وللرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور، تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق من بين ثناياها إذا ابتسمت، إذا قابلت حِبَّها فقل ما تشاء في تقابل النيّرَين، وإذا حادثته فما ظنك بمحادثة الحبيبين، وإن ضمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين، يرى وجهه في صحن خدها، ويرى مخ ساقها من وراء اللحم، ولا يستره جلدها ولا عظمها ولا حللها، لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً، ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلاً وتكبيراً وتسبيحاً، ونصيفها على رأسها خير من الدينا وما فيها، ووصالها أشهى إليه من جميع أمانيها، لا تزداد على طول الأحقاب إلا حسناً وجمالاً، ولا يزداد لها طول المدى إلا محبةً ووصالاً، مبرأة من الحمل والولادة، والحيض والنفاس، مطهرة من المخاط والبصاق، والبول والغائط، وسائر الأدناس، لا يفنى شبابها، ولا تبلى ثيابها، ولا يخلق ثوب جمالها، ولا يملُّ طيب وصالها، قد قصرت طرفها على زوجها فلا تطمح لأحد سواه، وقصر طرفه عليها فهي غاية أمنيته وهواه، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها بطاعته أطاعته، وإن غاب عنها حفظته، فهو معها في غاية الأماني والأمان، هذا ولم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، كلما نظر إليها ملأت قلبه سروراً، وكلما حدثته ملأت أذنه لؤلؤاً منظوماً ومنثوراً، وإذا برزت ملأت القصر والغرف نوراً.

 

فأين المشمرون للجنة؟ وأين المشتاقون لنعيمها؟ المتطلعون إلى لذيذ ثمارها، وأصناف نعيمها وحبورها.

 

ولا أفضل وأصدق وأجمع من وصف للجنة حتى كأننا نراهما رأي العين، من وصف من خلقها بيده، فقد وصفها لنا سبحانه وتعالى فقال : {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَامَّتَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } سورة الرحمن : 49 – 77

 

وقال جل ذكره: { مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} سورة الرعد :35

 

وقال تعالى : { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ } سورة محمد : 15

 

وقال تعالى : { إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ * بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ * لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } سورة الصافات : 40 – 49

 

وقال تعالى { وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } سورة الطور : 22 - 25

 

وقال تعالى : { وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلاَّ قِيلاً سَلامًا سَلامًا * وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاء مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ } سورة الواقعة : 7 _ 38

 

وقال : { َكلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } سورة المطففين : 18 – 288

 

وقال تعالى : { وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } سورة الإنسان : 12 – 20

 

وقد تعددت أسماؤها في الكتاب والسنة، فهي الجنة، وهي دار السلام، ودار الخلد، ودار المقامة، وجنة المأوى، وجنات عدن، ودار الحيوان، والفردوس، وجنات النعيم، والمقام الأمين، ومقعد صدق، وقدم صدق.

 

ووصفها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما علمه ربه، وهو الذي لا ينطق عن الهوى.

 

فقال عليه الصلاة والسلام: (((قال الله تعالى: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)، واقرؤوا إن شئتم : ) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) متفق عليه

 

ووصف لنا تربتها وطينتها وحصباءها وبناءها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلنا : يا رسول الله! حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال: (( لبنة ذهب، ولبنة فضة، وملاطها المسك، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران؛ من يدخلها ينعم ولا ييأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه)) رواه أحمد والترمذي

 

ووصف لنا غرفها عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله لمن أطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام )) رواه أحمد والطبراني

 

ووصف لنا درجاتها؛ فعن أبي هريرة ر ي الله عنه أن النبي صلى اله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة مئة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه وسط الجنة، وأعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن )) رواه البخاري

 

ووصف لنا أبوابها، وسعتها، وعَدَدَهَا؛ فقال تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ} ص: 50

 

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((في الجنة ثمانية أبواب، فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون )) متفق عليه

 

ووصف لنا سعة تلك الأبواب؛ فعن حكيم بن معاوية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((توفون سبعون أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله، وما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاماً، وليأتين عليه يوم وإنه لكظيظ )) [رواه أحمد، والحديث صححه الألباني في الصحيحة رقم (1698) بلفظ: " إن ما بين مصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة ". ]]

 

ووصف لنا أهلها وما هم عليه من الجمال والحُسن؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (((إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة، ثم هم بعد ذلك منازل، لا يتغوطون ولا يبولون ولا يمتخطون ولا يبصقون، أمشاطهم الذهب، ومجامرهم الألوَّة، ورشحهم المسك، أخلاقهم على خلق رجل واحد على طول أبيهم آدم ستون ذراعاً " وفي رواية: " لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشياً)) رواه البخاري ومسلم

 

ووُصِفت لنا آنيتهم التي يأكلون بها، فقال تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} االزخرف : 71

 

ووصف لنا لباس أهلها، فقال تعالى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا } الإنسان : 21 { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } فاطر: 33

 

وعدد لنا أنهارها، ووصف لنا ماؤها، فقال تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ} محمد: 15

 

وووصف لنا أشجارها وبساتينها وحدائقها، فقال تعالى: { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ وَمَاء مَّسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ } الواقعة: 28-33 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله وسلم قال : (( إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع في ظلها مئة عام ما يقطعها )) رواه البخاري ومسلم.

 

ووصف لنا سوقها؛ فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :: (( إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثوا في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسناً وجمالاً، فيرجعون إلى أهليهم فيقولون لهم : والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً )) رواه مسلم.

 

ووصف لنا حورها، فقال تعالى: { إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ } الواقعة: 35-38 وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((لَقابُ قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة أطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحاً ولنصيفها ( يعني الخمار) خير من الدنيا وما فيها )) رواه البخاري ومسلم

 

وبين لنا أن أعظم لذة فيها على الإطلاق وهي النظر إلى وجه الله الكريم، فقال الله تعالى: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } يونس: 26 . والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما ثبت ذلك، وعن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى لله عليه وسلم قال : ((إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: يا أهل الجنة! إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يثَّقل موازيننا؟ ويبيَّض وجوهنا؟ ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار؟ قال : فيكشف لهم الحجاب، فينظرون إليه، فو الله ما أعطاهم الله شيئاً أحبَّ إليهم من النظر إليه، ولا أقرَّ لأعينهم منه )) رواه مسلم. اللهم ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم..

 

فيا من أنعم الله عليك ببلوغ رمضان .. ثم ها أنت تدرك العشر الأواخر منه وتوشك أن تودعه.. وهو شاهد عليك بما استودعته فيه.. ها هي الجنان تزينت ازّخرفت، ولاتزال أبوابها مفتّحة..

 

فأين طلابها؟

 

ييا من طرقت تباشير التوبة باب قلبك، لكن حال بينك وبينها التكاسل والتشاغل بالدنيا، والتلهف على زينتها.

 

ويا من شعرت بالذنب، وآثرت اللجوء لربك الرحيم، ثم تثاقلت خطواتك عن طريق المجاهدة، اسمع إلهك وهو يناديك: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (133) سورة آل عمران.

 

يا من سمعت عن الجنة فتاقت نفسك لدخولها، وحن فؤادك للقائها..

 

هاك أعمالاً فاضلة توصلك إلى الجنة بفضل الله ورحمته . قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون.

 

ققال صلى الله عليه وسلم: ((من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة)). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من آمن بالله وبرسوله ، وأقام الصلاة ، وصام رمضان ، كان حقاً على الله أن يدخله الجنة )). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم : ((من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة)). رواه البخاري.

 

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى البردين دخل الجنة)). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من غدا إلى المسجد أو راح أعدَّ الله له نزله من الجنة كلما غدا أو راح)). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُني له بهن بيت في الجنة)). رواه مسلم.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة)) رواه مسلم.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة)). رواه أبو داود، وصححه الألباني.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قال: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياًّ، وجبت له الجنة)). رواه أبو داود.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)). رواه أبو داود. وصححه الألباني.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من قال: سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له نخلة في الجنة)) رواه الترمذي، وصححه الألباني.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من مات وهو بريء من ثلاث: الكبر، والغلول، والدّين دخل الجنة )). رواه الترمذي.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة)). رواه الترمذي، بهذا اللفظ ومسلم.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من أذن اثني عشرة سنة وجبت له الجنة)). رواه ابن ماجه، وقال الألباني: صحيح.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة)) رواه الترمذي، وقال الألباني: صحيح.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد: أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً)) رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن.

 

ووقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة)). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة)). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)). رواه الترمذي، وقال الألباني: صحيح.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة)). رواه البخاري.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس)). رواه مسلم.

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((سيد الاستغفار: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت". إذا قال حين يمسي فمات دخل الجنة أو كان من أهل الجنة، وإذا قال حين يصبح فمات من يومه، دخل الجنة)). رواه البخاري.

 

وأعمال البر كثيرة ، وكلها طرق موصلة إلى الجنة لمن أحسن العمل وأخلص النية.

 

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.

 

ننسألك الفردوس الأعلى من الجنة، ومرافقة رسولك صلى الله عليه وسلم في أعلى عليين، ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم.

 

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، وارزقنا وأنت خير الرازقين

 

post-110000-1279668079.gif

 

B5W98945.gif

 

post-110000-1279651058.gif

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

post-110000-1279830341.gif

 

وهكذا انتهى مجلسنا التاسع والعشرون من "لقاء الأحبة في رمضان"، وموعدنا التالي غدًا بإذن الله

نسأل الله الاستفادة والنفع لنا ولكنّ، كنّ بالقرب :)

 

post-110000-1279830238.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-110000-1279830259.gif

 

post-110000-1279651075.gif

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

على أبواب رمضان يعتصرني الألم ويحدوني الأمل

 

الحمد لله شق النور ، وعلم هواجس الصدور ، نافذ أمره ، دائم بره ، شديد بطشه ، واجب حمده ، فتبارك اسمه وجل ذكره ، محمود بكل لسان ، معبود بكل زمان ، مقصود بكل مكان ، أشهد أن لا إله إلا الله الرحمن الرحيم وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالقرآن رحمة للعالمين الداعي غلى التوبة والإيمان صلوات ربي وسلامه عليه وعلى أله وصحبه في كل حين وآن .

أما بعد ....

 

فما أسرع الأيام تمر كلمح البصر وإنها والله نذير للبشر لا يفرح الانسان بمرورها بقدر ما يحزن على فواتها ، ففي تصرمها انقضاء للعمر وفي زوالها تقريب من الحفر .

 

إذا تم شيء بدا نقصه ترقب زوالاً إذا قيل تم

 

وفي هذه الأيام نستقبل أيام رمضان الغالية والعزيزة على النفس بعد أن طويت منذ عام كامل بما أودعناها من أعمال ستشهد علينا غداُ أمام الله تعالى .

 

فأهلاً وسهلاً بك أيها الضيف الحبيب حللت أهلاً ووطئت سهلاً وحيا الله الهلال الذي يبشر بقدومك .

 

بحلولك تستأنس النفوس وبنزولك تطمئن القلوب لك في الخيال ذكرى وفي النفس شجى وفي الصدر شوق وفي الأعمال حنين .

جفت مآقينا يا رمضان فأدركها ، و أرهقت كاهلنا الذنوب فخففها ، وتلاحقت النكبات على أفئدتنا فواسها وتقلبت أحوال الضمائر والنيات فطهرها وتعرضت الأجساد لسخط الجبار فأنقذها وتوالت صيحات الاستغاثة فأغثها .

 

أظلمت الدنيا في وجهي طويلاً بحثت عن سر السعادة فلم أجدها ، نمت قمت .... شربت نشوت ... أكلت شبعت ... صاحبت سهرت ... عشقت نلت ... مشيت سرت .... أنفقت بذرت ... فرطت جهلت .... وأخيراً تعبت وندمت وخسرت

 

جربت كل شيء فلم يسعدني ، فعلت كل شيء فلم يرحني .

 

إليك يا رمضان أبوح بخلجات الصدر ، لن أجد من أأتمنه لنقلها كما هي سوى الثغر ، فهو أسهل وسيلة للتغيير ، فلقد سئمت حياة المعاصي والتقصير وأسرفت على نفسي بشكل منقطع النظير ، ولكن إذا أراد الله فليس عليه عسير

 

والآن ذقت طعم السعادة بعد أن عدت إلى الله عودة صادقة بإذن الله ، إني أرى الضوء أخضر ، والحياة وردية ، والأيام بيضاء ، فلعلك يا رمضان تكون خير معين لي على طاعة ربي ، فأنت موسم البركات ، في ظلك أتفيؤ ظلال المغفرة والرحمات ، أنت شهر إقالة العثرات ، والتعرض من الله لأطيب النفحات ، أعاهدك يا رمضان أن أبدأ صفحة جديدة مع الله وأفتح سجلاً ناصع البياض فلا تراني إلا محافظاً على الصلاة مع الجماعة في الصف الأول وإذا بحثت عني ، فأنا مشغول بتكحيل عيني بتلاوة كتاب الله ، أو أتلمس الطريق لأصل إلى أهل العوز والحاجة ، لأنفق عليهم وأقوم بإفطار الصائمين ، وإن فترت فلا أفتر عن الدعوة إلى سبيل ربي ، أو الاستغفار في وقت السحر عن سابق معصيتي أو الدعاء بأن يتقبل الله توبتي ويغسل حوبتي وإذا نام الأنام صففت الأقدام في جنح الظلام لأقوم الليل خاشعاً باكياً وإن شاء الله سأزور بيت الله العتيق وأعتمر وأعتكف ، لعلي أنسى الماضي الأليم وأرجع بوجه وضاء جديد .

 

إني شاكر لنعم ربي التي طالما عصيته بها فيما مضى خلفت الدنيا ورائي وطلقتها ثلاثأ بلا رجعة بعد شدة لجاج وغضب ، فهي التي كانت تحركني ، وتتحكم في قلبي وعاطفتي .

 

ما أجمل العودة إلى الله ! لقد أيقنت أن السعادة في طاعة الله وأن للإيمان طعماً حلواً لم يتذوقه كثير من الناس ، وأن في دنيانا هذه جنة من لم يدخلها ، لم يدخل جنة الآخرة ، وقد تاه أكثر عباد الله عن بابها .

 

إن رمضان فرصة للإنابة ومحاسبة النفس ، والدنيا دار بلاء مشحونة بالمتاعب ، مملوءة بالمصائب ، طافحة بالأحزان ، يزول نعيمها ، ويذل عزيزها ، ويشقى سعيدها ، ويموت حيها ، مزجت أفراحها بأتراح ، وحلاوتها بمرارة ، فلا تدوم على حال ، ولا يطمئن لها بال ، والموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً ولا يستأذن أحداً ولباسه لا يستثني جسداً ، فأدعوا نفسي وكل من يقرأ ما تخطه بناني إلى التوبة ، اتركوا القدة والمنام ، واهجروا المعاصي والإجرام قبل تصرم الآجال ، وليردد الإنسان في هذا المقام :

 

يا رب إن عظمت ذنوبــي كثرة

 

فلقد علمت بأن عفوك أعظــــم

 

إن كان لا يرجـوك إلا محســن

 

فمن الذي يدعو ويرجو المجرم

 

أدعوك رب كما أمرت تضرعاً

 

فإذا رددت يدي فمن ذا يرحـــم

 

مــالي إليك وســيلة إلا الدعـــــا

 

وجميل عفوك ثم أني مسلـــم

 

يا رمضان سأنتقل فيك من طاعة إلى طاعة ، يعصرني الألم على ما مضى من التفريط ، ويحدوني الأمل في مواصلة الصالحات ، وتجديد العهد ورجاء القبول من الله ، وأتمنى أن تطول أيامك يا رمضان ، فلقد أبهجت قلبي ، وأنقذت حياتي بروحانيتك وأجوائك وحلاوة أوقاتك وخصوبة أرضك .

 

فلا تلمني إذا ذرفت عيني لفراقك ، ولا تؤاخذني إذا تحشرج صوتي متقطعاً في لظات وداعك .

 

يا راحلاً وجميل الصب يتبعه

 

هل من سبيل إلى لقياك يتفق

 

ما أنصفتك دموعي وهي دامية

 

ولا وفىَّ لك قلبي وهو يحترق

 

 

عذراً يا رمضان .... إن البكاء ليس كله للفراق ، فهناك شيء أكبر بكثير !! إنه القبول ، فهو الذي يقض مضجعي ، وينغص حياتي ، فلا أدري أغفر لي ربي أم تركني غارقاً في لجة ذنوبي ؟ فإن كان الأول فيا فوزي وسعادتي ، وإن كان الثاني فيا خسارتي وبؤسي .

 

اللهم امنحني ولا تمتحني ، وأعطني ولا تحرمني وتب علي وسامحني ، اللهم اجعل قلبي مملوءاً بحبك ولساني رطباً من ذكرك ، ونفسي مطمئنة لأمرك مستسلمة لقضائك .

 

يا من وثقت بعفوه هفوات المذنبين فما قطعها وخرقت السبع الطباق دعوات التائبين فسمعها وما ردها .

 

إلهي أطرقت من جلال هيبتك وخجلت حياءً من عظمتك ، وقفت سائلاً ببابك ، ولذت فقيرا ًبجنابك ، ورست سفينة المسكين على ساحل كرمك ترجو الجواز إلى ساحة رحمتك ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت .

 

إلهي بالإساءة أقررت ، والتقصير اعترفت ، ولبابك قرعت ، ، ولمعروفك تعرضت ، ولرحمتك خضعت ، ومن فضلك سألت ، فارحم ذل مقامي وضعف قوتي ، وقلة حيلتي وسلطاني واجبر كسر قلبي ، واختم بالصالحات عملي ، وأقر برؤيتك في الآخرة عيني .

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه أجمعين .

 

post-110000-1279668079.gif

 

 

post-110000-1281341367.gif

 

 

post-110000-1279651058.gif

 

 

الفتور بعد رمضان

 

 

زكاة الفطر

 

 

أحكام العيد

 

 

post-110000-1279651106.gif

 

 

بحث حول عيد الفطر وما يستحب فيه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وهكذا انتهى مجلسنا الأخير من "لقاء الأحبة في رمضان"،

نسأل المولى أن تعم بيوتنا بذكر الله والطاعات وأن يتقبل الله صيامنا ، قيامنا ودعائنا ..

ونستغل الفرصة لتهنئة أخواتنا الحبيبات " أخوات طريق الاسلام " بقدوم عطر الفطر السعيد ..

كل عام وأنتنّ بألف خير وإلى الله أقرب .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

post-110000-1279830238.gif

تم تعديل بواسطة الوفاء و الإخلاص

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

بارك الله فيكنّ أخواتي الغاليات شهرزاد والوفاء والاخلاص

لا حرمكنّ ربي الأجر،

كل عام وأخواتي أخوات طريق الإسلام بألف خير ..

 

عذرا لتغيبي لظروف

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكنّ ورحمة الله وبركاته؛

 

حبيباتي..

أم علي ومريم.. شهرزاد.. الوفاء والإخلاص..

استمتعنا معكنّ حقا في لقاءات دامت شهرا كاملا.. كلها ذكر ووعظ وعون على البر والتفوى

فجزاكنّ الله عنا خير الجزاء.. ولا حرمنا من عطائكنّ.. ولا حرمكنّ الأجر..

 

وأخيرا وليس آخرا.. عيدكنّ مبــــــــــــــــارك وكل أخوات طريق الإسلام والأمة الإسلامية أجمعين

أحبكنّ في الله =)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

*أم علي ومريم* مشاركة بتاريخ أمس, 02:20 AM

 

 

 

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

بارك الله فيكنّ أخواتي الغاليات شهرزاد والوفاء والاخلاص

لا حرمكنّ ربي الأجر،

كل عام وأخواتي أخوات طريق الإسلام بألف خير ..

 

عذرا لتغيبي لظروف

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وفيك بارك الله يا غالية

كل عام وأنت وكل أخوات طريق الإسلام بخير

لا عليك يا حبيبة فنحن يد واحدة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

~*أم جويرية*~ مشاركة بتاريخ أمس, 03:46 AM

السلام عليكنّ ورحمة الله وبركاته؛

 

حبيباتي..

أم علي ومريم.. شهرزاد.. الوفاء والإخلاص..

استمتعنا معكنّ حقا في لقاءات دامت شهرا كاملا.. كلها ذكر ووعظ وعون على البر والتفوى

فجزاكنّ الله عنا خير الجزاء.. ولا حرمنا من عطائكنّ.. ولا حرمكنّ الأجر..

 

وأخيرا وليس آخرا.. عيدكنّ مبــــــــــــــــارك وكل أخوات طريق الإسلام والأمة الإسلامية أجمعين

أحبكنّ في الله =)

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحبيبة الغالية أم جويرية

وجازاك الله خيرا نحن أيضا استمتعنا بمتابعتك ومتابعة الأخوات و نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا وأن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم

أحبك الله الذي أحببتنا فيه يا غالية وحبب فيك جميع خلقه

نحن أيضا نحبك في الله وعيد مبارك نقولها لك ولكل أخوات طريق الإسلام

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×