اذهبي الى المحتوى
**راضية**

منتزه العافية _ مرحبا بك اختي المريضة عافاك الله

المشاركات التي تم ترشيحها

post-28298-1295093410.png

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

post-28298-1295094188.png

 

¯`ღ البلاء عنوان المحبةღ´¯

 

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما إبتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط } [رواه الترمذي].

 

فالبلاء والأسقام إذا كانت فيمن أحسن ما بينه وبين ربه ورزقه صبرا عليها كانت علامة خير ومحبه..

 

قال صلى الله عليه وسلم: { إذا أراد الله بعبده خيرا عجل له العقوبة في الدنيا.. } [رواه الترمذي].

 

ومن تأمل سير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة السلام - وهم من أحب الخلق إلى الله - وجد البلاء طريقهم، والشدة والمرض ديدنهم.. { دخل عبدالله بن مسعود على

الرسول وهو يوعك، فقال: يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا، قال : أجل، إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم.. } [متفق عليه]، وسأله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أي

الناس أشد بلاء؟ قال : { أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا إشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي

على حسب دينه، وما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة } [رواه الترمذي].

 

لقد تأمل السلف هذه العبارة، وأدركوا ما فيها من إشارة..

 

فعدوا البلاء نعمة، والمرض والشدة بشارة..

 

ولهذا لما مر وهب بمبتلى، أعمى مجذوم، مقعد عريان، به وضح، كان يقول: الحمد لله على نعمه، فقال رجل كان مع وهب: أي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها؟،

فقال له المبتلى: إرم ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى أكثر أهلها، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري.

post-28298-1295093410.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

جزاكِ الله خير الجزاء حبيبتى مودة ورحمة لكِ تحية طيبة من القلب غاليتى

 

على هذا الموضوع الطيب والنافع نفع الله بكِ ولا حرمك ربي الأجر .

 

وحقاهناك جهل من الناس بفوائد المرض إلى درجة أني سمعت أناساً يقولون

 

ألا ترحمه يارب ، ومنهم من يقول : إما ارحمه أو ريحه ، مع أن الله يقول في بعض الآثار :

 

(( كيف أرحمه من شيء به أرحمه؟ ))،

 

انتشرت الامراض المستعصية كالسرطان أو غيره من الأمراض التي لا يوجد لها علاج ، فبلغ بهم اليأس مبلغاً عظيماً

 

كثر الجزع والسخط وانفرد بهم الشيطان يوسوس لهم ويذكرهم بالمعاصي الماضية

 

، يقول الله { إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا } [ المجادلة: 10 ]

 

ولولا الامتحان بالإبتلاء بالمرض لما ظهر فضل الصبر فإذا وجد الصبر وجد معه كل خير.

 

فالابتلاء للمبتلين هو لرفع الدرجات.

 

لو افترضنا أن الله سبحانه، كتب لهذا العبد درجة 80، ولكنه مات، وعمله لا يوصله إلا إلى درجة 60،

 

لكن الله بسابق علمه، يعلم أنه يصل إلى درجة 80، فيُبتلى فيرتفع من 60 إلى 80. فهذا الابتلاء رزق وهذا شعار الصالحين.

 

-يقال يوم القيامة: (ليقم الذين أجرهم على الله). فيقوم قومٌ قليل، يقولون: (نحن أهل الصبر)

 

فينطلقون في أرض المحشر دون حساب ولا ميزان إلى باب الجنة.

 

فيوقفهم الرضوان: من أنتم؟ كيف تدخلون الجنة، ولم تقفوا لا لحساب ولا لميزان؟

 

فيقولون: (يا رضوان، نحن لا نقف لا لحساب ولا لميزان، أما قرأت القرآن؟!)

 

فيقول: وماذا في القرآن؟

 

فيقولون: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).

 

فيقول: وكيف كان صبركم؟

 

فيقولون: نحن قومٌ كنا، إذا أعطينا شكرنا

 

وإذا مُنعنا صبرنا

 

وإذا ابتلينا استغفرنا

 

فيقول: ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون

 

يقول تعالى: (لتبلون في أموالكم وأنفسكم، ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ...)

(...وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور)

لأنه لا يتأدب مع الإبتلاء إلا من عنده عزيمة يقول تعالى عن أم موسى: (....إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها)

بوركتى حبيبتى مودة ورحمة وعافاكى مما إبتلى به غيرك .

 

وأسأل الله الشفاء لكل مريض وأن يرفع الله عنه البلاء والإبتلاء .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-28298-1295094188.png

 

لا بد للعسر من يسر..

 

هذه سنة الله تعالى في خلقه.. ما جعل عسرا إلا جعل بعده يسرا.. والأمراض مهما طالت وعظمت لا بد لأيامهـا أن تنتهي، ولا بد لساعاتها - باذن الله - أن تنجلي.

ولرب نازلة يضيق بها الفتى*** ذرعا و عند الله منها المخرج

 

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكان يظنها لا تفرج

 

قال وهب بن منبه: لا يكون الرجل فقيها كامل الفقه حتى يعد البلاء نعمة ويعد الرخاء مصيبة، وذلك أن صاحب البلا ينتظرالرخاء وصاحب الرخاء ينتظر البلاء..

 

قال تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح:6،5].

 

post-28298-1295093410.png

 

غنيمة المرض..

لو تأمل المريض فوائد مرضه وحسناته ما تمنى زواله..

 

فبالرغم مما فيه من تكفير للسيئات، ورفع للدرجات، وكتابة أجر ما كان يعمل من الصالحات، فيه أيضا فرصة عظيمة لمن وفق لاستغلال الأوقات..

 

فالمريض يحصل له في حال مرضه من أوقات الافراغ ما لا يحصل له فيما سواه.

 

فاحرص - رعاك الله - على استغلال أوقاتك في ما يقربك من الله، من قراءة للقرآن وحفظه. وطلب للعلم واستزادة من النوافل، وأمر بالمعروف ونهي عى المنكر، ودعوة الى الله...

 

واعلم - شفاك الله وعافاك - أن المسلم مأمور باتباع أوامر الله تعالى في سرائه وضرائه، وفي حال صحته وبلائه..

 

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم الشفاء لكل مريض وأن يرفع الله عنه البلاء والإبتلاء..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فكرة جميلة من أخت أجمل

وتنسيق رقيق ... ^ــــ^

أثقــــــــل الله بها موازين حسناتك

نسأل الله العفو والعافية في الدينا والآخرة

512013724.png

 

الزنجبيل

وقال ابن القيم- رحمه الله-:

 

" الزنجبيل معين على الهضم، ملين للبطن تليينا معتدلا، نافع من سدد الكبد العارضة عن البرد، والرطوبة، ومن ظلمة البصر الحادثة عن الرطوبة كحلا واكتحالا، معين على الجماع، وهو محلل للرياح الغليظة الحادثة في الأمعاء والمعدة، وهو بالجملة صالح للكبد والمعدة)).

 

 

يقول الدكتور/ حسن وهبة في كتاب (( أعشاب مصر الطبية وفوائدها))

 

زنجبيل : والزنجبيل معروف، يضاف مسحوقه إلى مشروبات ليقوى المعدة ويبعث الهضم، مقدار نصف إلى جرام واحد ويضاف إلى المركبات الحديدية ليحسن طعمها، ويمضغه الأبخر ويتمضمض بطبيخه، ويتغرغر به، ويضاف إلى صبغات الأسنان ومنه شراب الزنجبيل وصبغة الزنجبيل مقدار 20 إلى 35 نقطة كدواء للمعدة.

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-28298-1295094188.png

الأجر الجاري..

من لطف الله تعالى ورحمته أنه لا يغلق بابا من أبواب الخير إلا فتح لصاحبه أبوابا.. فعلاوة على ما يكتب للمرضى من الأجر جزاء ما أصابهم من شدة ومرض وصبرهم عليه؛

 

لا يحرمهم ثواب ما إعتادوا فعله من الطاعات إذا قصروا عنها بسبب المرض.

 

فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله : { إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما } [رواه البخاري].

 

فأي كرم بعد هذا الكرم، وأي فضل أوسع من فضل مسدي النعم..؟

 

راحة العبد من العمل، وكتابة أجر ما كان يعمل..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،

 

submitticket.png

 

قال صلى الله عليه وسلم : « من يرد الله به خيرا يُصِب منه » (أخرجه البخاري)

 

قال صلى الله عليه وسلم : « يودّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قُرضت في الدنيا بالمقاريض » (صحيح الجامع)

 

O××O

 

كان عمر بن الخطاب :

إذا نزلت به مصيبة يقول كلمات تشع نوراً وتسطر بماء الذهب : (الحمد لله ثلاثاً ، الحمد لله إذ لم تكن في ديني ، والحمد لله إذ لم تكن أكبر منها ، والحمد لله إذ أُلهمت الصبر عليه) .

 

O××O

 

وقال الحسن البصري رحمه الله :

لا تكرهوا البلايا الواقعة، والنقمات الحادثة، فَلَرُبَّ أمرٍ تكرهه فيه نجاتك،

ولَرُبَّ أمرٍ تؤثره فيه عطبك (أي هلاكك).

 

O××O

 

وقال الفضل بن سهل :

إن في العلل لنعَماً لا ينبغي للعاقل أن يجهلها ،

فهي تمحيص للذنوب، وتعرّض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وتذكير بالنعمة في حال الصحة

، واستدعاء للتوبة، وحضّ على الصدقة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-28298-1295094214.png

 

اسال الله العظيم ان يشفى ابى وان يلبسه ثوب العافيه وان يشفى مرضانا ومرضى المسلمين

 

ما شاء الله موضووع اكثر من رائع جعله الله فى ميزان حسناتكم جميعا اخواتى

تم تعديل بواسطة امة الله حنان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-28298-1295094321.png

 

احذر مزالق الشيطان..

 

فهو لا يفتأ يتربص بالمسلم في حال قوته وضعفه..

 

فاحذر - رعاك الله - من مزالقه.. ومنها:

 

- إساءة الظن بالله أو التسخط والجزع.. قال : { إن الله عز وجل يقول: أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن بي خيرا فله، وإن ظن شرا فله } [رواه أحمد وبن حبان]، يعني ما كان في ظنه فإني فاعله به.

 

- إشاعة المرض، أو استطالة زمنه.. فاحرص على كتم آلامك وأحزانك، واحذر من إشاعة مرضك، والتحدث به على سبيل الشكوى والاعتراض.. لا على سبيل الاعلام والإخبار..

 

قال معروف الكرخي: إن الله ليبتلي عبده المؤمن بالأسقام والأوجاع، فيشكو الى أصحابه فيقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ما ابتليتك بهذه الأوجاع والأسقام الا لأغسلك من الذنوب فلا تشكني..

 

- إضاعة الأوقات فيما لا ينفع، أو فيما يسخط الله من إستماع أو نظر أو فعل محرم..

 

- التهاون في ستر العورات..

 

- التداوي بالمحرمات.. قال : { إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام } [رواه أبو داود].

 

ومن أشد هذه المحرمات.. إتيان السحرة والكهنة، قال : { من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بهـا أنزل على محمد } [رراه أحمد والحاكم].

 

وهو طريق الخزي والمحق في الدنيا، والخسارة والذلة في الآخرة.. ولئن يصبر العبد على مرارة المرض وشدته خير له من أن يسلك طريقأ يفضي به إلى النار..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

Kj891113.gif

 

Hir91113.png

 

قال الفضيل بن عياض: "لو كانت الدنيا ذهب يفنى والآخرة خزف يبقى لكان ينبغي أن تؤثر خزفاً يبقى على ذهب يفنى.. فكيف والدنيا خزف يفنى والآخرة ذهب يبقى؟!".

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

dHi87184.gif

 

EiS87184.png

 

سئل الإمام أحمد متى يجد العبد لذة الراحة ؟ قال :

 

 

 

عند أول قدم يضعها في الجنــة .

 

 

قيل للإمام أحمد ، كم بيننا وبين عرش الرحمن ؟

 

 

 

قال : دعوة صادقة من قلب صادق .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

dHi87184.gif

 

 

EiS87184.png

 

40 كلمة من كلمات الحسن البصري

 

 

 

1- من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه .

 

 

 

2- من ساء خلُقه عذَب نفسه .

 

 

 

3- لولا العلماء لكان الناس كالبهائم .

 

 

 

4- ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل .

 

 

 

5- الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن .

 

 

 

6- من نافسك في دينك فنافسه ، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره .

 

 

 

7- لكل أمة وثن يعبدون ، وصنم هذه الأمة الدينار والدرهم .

 

 

 

8- فضح الموت الدنيا فلم يترك لذي عقلٍ عقلاً .

 

 

 

9- أكثروا من ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكراً .

 

 

 

10- ابن آدم : إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني ، ولكنه بما وقر في القلب وصدقته الأعمال .

 

 

 

11- من طلب العلم للهى لم يلبث أن يُرى ذلك في خشوعه وزهده وتواضعه .

 

 

 

21- أيها الناس ! احذروا التسويف ، فإني سمعت بعض الصالحين يقول :

 

 

 

نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب ، ثم لا نتوب حتى نموت .

 

 

 

13- اصحب الناس بمكارم الأخلاق ، فإن الثواء بينهم قليل .

 

 

 

14- اثنان لا يصطحبان أبداً : القناعة والحسد ، واثنان لا يفترقان أبداً :

 

 

 

الحرص والحسد .

 

 

 

15- ما رأيت شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل .

 

 

 

16- إذا لم تقدر على قيام الليل ولا صيام النهار فاعلم أنك محروم قد كبلتك الخطايا .

 

 

 

17- إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل .

 

 

 

18- إن النفس أمارة بالسوء ، فإن عصتْك في الطاعة فاعصها أنت في المعصية .

 

 

 

19- إنما الفقيه الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة .

 

 

 

20- ما صدق عبد بالنار إلا ضاقت عليه النار بما رحبت .

 

 

 

21- يا ابن آدم نهارك ضيفك فأحسن إليه ، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك ، وإن أسأت إليه ارتحل بذمك .

 

 

 

22- قضاء حاجة أخ مسلم أحب إلي من اعتكاف شهر .

 

 

 

23- ليس من المروءة أن يربح الرجل على أخيه .

 

 

 

24- احذر ممن نقل إليك حديث غيرك ، فإنه سينقل إلى غيرك حديثك .

 

 

 

25- الصبر كنز من كنوز الجنة ، وإنما يدرك الإنسان الخير كله بصبر ساعة .

 

 

 

26- إن الحسد في دين المسلم أسرع من الآكلة في جسده .

 

 

 

27- المؤمن الكيس الفطن الذي كلما زاده الله إحساناً ازداد من الله خوفاً .

 

 

 

28- مثقال ذرة من الورع خير من ألف مثقال من الصوم والصلاة .

 

 

 

29- بئس الرفيقان الدرهم والدينار لا ينفعانك حتى يفارقانك .

 

 

 

30- إنما أنت أيام مجموعة ، كلما مضى يوم مضى بعضك .

 

 

 

31- المؤمن في الدنيا كالأسير يسعى في فكاك رقبته .

 

 

 

32- ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام .

 

 

 

33- المصافحة تزيد المودة .

 

 

 

34- لا تلقى المؤمن إلا يحاسب نفسه ، ماذا أردتِ تعملين ؟ وماذا أردتِ تأكلين ؟ والفاجر يمضي قدماً لا يحاسب نفسه .

 

 

 

35- ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ونفقة هذا المال .

 

 

 

36- إن المؤمن جمع إيماناً وخشية ، والمنافق جمع إساءة وأمناً .

 

 

 

37- لا يزال العبد بخير ما علم الذي يفسد عليه عمله .

 

 

 

38- العلم علمان : علم اللسان فذاك حجة الله على ابن آدم ، وعلم في القلب فذاك العلم النافع .

 

 

 

39- لا يزال الناس يكرمونك ما لم تعاط ما في أيديهم ، فإذا فعلت ذلك استخفوا بك .

 

 

 

4- ما نظرت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت على قدمي حتى أنظر أعلى طاعة أو على معصية ؟ فإن كانت طاعته تقدمت ، وإن كانت

 

 

 

معصية تأخرت.

 

 

رحم الله الإمام الحسن البصري

 

المراجع / سير أعلام النبلاء – صفة الصفوة – حلية الأولياء .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-28298-1295094188.png

 

البلاء طريق الجنة..

إن الأمراض والأسقام من جملة ما يبتلي الله به عباده، امتحانا لصبرهم، وتمحيصا لإيمانهم.. بل هي - لمن وفق لحسن التأمل والتدبر - نعمة عظيمة توجب الشكر..

 

قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ،

 

أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155].

 

الله أكبر.. أي فضل بعد صلوات الرب ورحمته وهداه؟

 

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض } [رواه الترمذي].

 

وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله : { ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فمـا سواه إلا حط الله به من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها } [رواه مسلم].

 

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة } [رواه الترمذي].

 

{ وأتت امرأة إلى النبي ، فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله تعالى لي، فقال : إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: أصبر } [متفق عليه]،

 

{ ودخل على أم السائب، فقال: ما لك يا أم السائب تزفزفين؟، قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال: لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد } [رواه مسلم].

 

قال ابن أبي الدنيا: كانوا يرجون في حمى ليلة كفارة ما مضى من الذنوب.

 

أختي الحبيب.. لعل لك عند الله تعالى منزلة لا تبلغها بعملك، فما يزال الله تعالى يبتليك بحكمته بما تكره ويصبرك على ما ابتلاك به، حتى تبلع تلك المنزلة.. فلم الحزن إذا؟

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

موضوع رائع ومفيد وقيّم

 

وإضافات الأخوات أكثر من رائعة

 

بارك الله بكن وجزاكن الله خيرا وجعلها في ميزان حسناتكن

 

 

post-28298-1295094214.png

 

اللهم اشف مرضى المسلمين وصبرهم على ما أصابهم واجعلها في ميزان حسناتهم وتكفير عن سيئاتهم

اللهم ابدل ضعفهم قوة والبسهم ثوب الصحة والعافية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-28298-1295094188.png

النعم المغبونة..

لا يقدر نعم الله تعالى إلا من فقدها..

 

وكأني بك وقد أنهك المرض جسدك، وأذهب السقم فرحك، أدركت قوله صلى الله عليه وسلم: { نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ } [رواه البخارى].

 

فالصحة من أجل النعم التي أنعم الله بها علينا، لا يقدرها إلا المرضى..

 

وهكذا.. فكم من النعم قد غفلنا عنها، وكم من النعم قد قصرنا بواجب شكرها..

 

وأجل تلك النعم وأعظمها.. نعمة الايمان والهداية..

 

فكم من الناس قد غبنها، فلم يقوموا بواجب شكرها، وتكاسلوا عن الاستقامة عليها..

 

وحين تلوح لك بوادر الشفاء، وتسعد ببدء زوال البلاء، اقدر لهذه النعم قدرها، واعرف فضل وكرم منعمها، وتدبر حالك عند فقدها أو نقصها، فأعلن بذلك توبة نصوحا من تقصيرك في شكر كل نعمة، وتفريطك

 

في استعمالها فيما يرضي ذا الفضل والمنة..

 

اجعل توبتك الآن.. نعم، الآن.. عل هذه التوبة أن تكون سببا في رفع ما أنت فيه من كربة، ودفع ما تعانيه من شدة.. قال علي رضي الله عنه: "ما نزل بلاء إلا بذنب ولارفع إلا بتوبة"..

 

وإن لم يكتب لك من مرضك شفاء، فنعم يختم العمر به توبه صادقة..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

جزاكِ الله خيرا مودة الحبيبة موضوع رائع وإضافة الأخوات زادته روعة تبارك الله

أسأل الله أن يشفينا ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين

 

 

آيات الشفاء في القرآن

 

إن هذه الآيات تجتمع في كل آية فيها كلمة شفاء و تقرأ بترتيب المصحف فقد قال العلماء أن في هذا استعانة بكلام الله على الشفاء و خصوصا بالنسبة للأمراض التي لا تقدر عليها أسباب البشر...وهـــم

 

الآية 14 من سورة التوبة

قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ...صدق الله العظيم

 

الآية 57 في سورة يونس

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ...صدق الله العظيم

 

الآية 69 من سورة النحل

ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ... صدق الله العظيم

 

الآية 82 من سورة الإسراء

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا... صدق الله العظيم

 

الآية 80 من سورة الشعراء

وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ... صدق الله العظيم

 

الآية 44 من سورة فصلت

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ... صدق الله العظيم

 

المصدر : موقع أذكر الله

 

 

السؤال

ماهي آيات الشفاء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

 

آيات الشفاء في الكتاب الكريم ستة كما يلي : 1 : قوله تعالى : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) . [التوبة : 14] . 2 : قوله تعالى : ( يا آيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور وهدًى ورحمة للمؤمنين ). [يونس : 57] . 3 : قوله تعالى : ( ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذُللا يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ). [النحل : 69] . 4 : قوله تعالى: ( وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً ) . [الإسراء : 82]. 5 : قوله تعالى : ( والذي هو يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت فهو يشفين ) . [الشعراء : 80]. 6 : قوله تعالى : ( ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجميٌ وعربي ، قل هو للذين آمنوا هُدى وشفاء ، والذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمىٌ ، أولئك ينادون من مكان بعيد ). [فصلت : 44]. والله أعلم .

 

 

إسلام ويب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

1RO96812.png

 

في صحيح البخاري عنه صلي الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالي أنه قال:"ما تقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها بي يسمع بي يبصر بي يبطش وبي يمشى ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض روح عبدي المؤمن من يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه".

فتضمن هذا الحديث الشريف الإلهي- الذي حرام علي غليظ الطبع كثيف القلب فهم معناه والمراد به- حصر أسباب محبته في أمرين: أداء فرائضه والتقرب إليه بالنوافل.

وأخبر سبحانه إن أداء فرائضه أحب مما يتقرب إليه المتقربون ثم بعدها النوافل وأن المحب لا يزال يكثر من النوافل حتى يصير محبوبا لله فإذا صار محبوبا لله أوجبت محبة الله له محبة منه أخرى فوق المحبة الأولى فشغلت هذه المحبة قلبه عن الفكرة والاهتمام بغير محبوبه وملكت عليه روحه ولم يبق فيه سعة لغير محبوبه البتة فصار ذكر محبوبه وحبه مثله الأعلى مالكا لزمام قلبه مستوليا علي روحه استيلاء المحبوب علي محبه الصادق في محبته التي قد اجتمعت قوى حبه كلها له.

ولا ريب أن هذا المحب إن سمع سمع لمحبوبه وإن أبصر أبصر به وإن بطش بطش به وإن مشي مشي به فهو في قلبه ومعه ومؤنسه وصاحبه

 

فالباء هاهنا باء المصاحبة وهي مصاحبة لا نظير لها ولا تدرك أنزل الأخبار عنها والعلم بها فالمسألة حالية لا علمية محضة.

وإذا كان المخلوق يجد هذا في محبة المخلوق التي لم يخلق لها ولم يفطر عليها كما قال بعض المحبين:

 

خيالك في عيني وذكرك في فمي ومثواك في قلبي فأين تغيب

 

وقال الآخر:

 

ومن عجب أني أحن إليهم فأسئل عنهم من لقيت وهم معي

 

وتطلبهم عيني وهم في سوادها ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعى

 

وهذا ألطف من قول الآخر:

 

إن قلت: غبت فقلبي لا يصدقني إذ أنت فيه مكان السر لم تغب

 

أو قلت ما غبت قال: الطرف: ذا كذب فقد تحيرت بين الصدق والكذب

 

فليس شيء أدني من المحب لمحبوبه وربما تمكنت المحبة حتى يصير في المحبة أدنى إلىه من نفسه بحيث ينسي نفسه ولا ينساه كما قال:

 

أريد لأنسي ذكره فكأنما تمثل لي ليلي بكل سبيل

 

وقال الآخر:

 

يراد من القلب نسيانكم وتأبي الطباع علي الناقل

 

وخص في الحديث السمع والبصر واليد والرجل بالذكر فإن هذه الآلات آلات الإدراك وآلات الفعل والسمع والبصر يوردان علي القلب الإرادة والكراهة ويجلبان إليه الحب والبغض فتستعمل اليد والرجل فإذا كان سمع العبد بالله وبصره به كان محفوظا في آلات إدراكه فكان محفوظا في حبه وبغضه فحفظ في بطشه ومشيه تأمل كيف اكتفي بذكر السمع والبصر واليد والرجل عن اللسان فإنه إذا كان إدراك السمع الذي يحصل باختياره تارة وبغير اختياره تارة وكذلك البصر قد يقع بغير الاختيار فجأة وكذلك حركة اليد والرجل التي لا بد للعبد منها فكيف بحركة اللسان التي لا تقع إلاّ بقصد واختيار؟ وقد يستغنى العبد عنها إلاّ حيث أمر بها.

وأيضا فانفعال اللسان عن القلب أتم من انفعال سائر الجوارح فإنه ترجمانه ورسوله.

وتأمل كيف حقق تعالي كون العبد به عند سمعه وبصره الذي يبصر به وبطشه ومشيه بقوله"كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها. ورجله التي يمشي بها"تحقيقا لكونه مع عبده وكون عبده في إدراكاته بسمعه وبصره وحركته بيديه ورجله.

وتأمل كيف قال:"بي يسمع وبي يبصر وبي يبطش"ولم يقل: فلي يسمع ولي يبصر ولي يبطش وربما يظن الظان إن اللام أولي بهذا الموضع إذ هي أدل علي الغاية ووقوع هذه الأمور لله وذلك أخص من وقوعها به وهذا من الوهم والغلط إذ ليست الباء هاهنا أنزل الاستعانة فإن حركات الأبرار والفجار وإدراكاتهم إنما هي بمعونة الله لهم وان الباء هاهنا للمصاحبة إنما يسمع ويبصر ويبطش ويمشى وأنا صاحبه ومعه كقوله في الحديث الآخر"أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه"وهذه المعية هي المعية الخاصة المذكورة في قوله تعالي{لا تَحْزَنْ إن اللَّهَ مَعَنَا} وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم"ما ظنك باثنين الله ثالثهما"وقوله تعالي {وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} وقوله {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} وقوله {وَاصْبِرُوا إن اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} وقوله {قَالَ كَلا إن مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} وقوله تعالي لموسى وهارون {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} فهذه الباء مفيدة بمعني هذا المعية دون اللام ولا يتأتى للعبد الإخلاص والصبر والتوكل ونزوله في منازل العبودية إلاّ بهذه الباء وهذه المعية.

فمتى كان العبد بالله هانت عليه المشاق وانقلبت المخاوف في حقه أمانا فبالله يهون كل صعب ويسهل كل عسير ويقرب كل بعيد وبالله تزول الأحزان والهموم والغموم: فلا هم مع الله ولا غم مع الله ولا حزن مع الله وحيث يفوت العبد معني هذه الباء فيصير قلبه حينئذ كالحوت إذا فارق الماء يثب وينقلب حتى يعود إليه.

ولما حصلت هذه الموافقة من العبد لربه تعالي في محابه حصلت موافقة الرب لعبده في حوائجه ومطالبه فقال"ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه"أي كما وافقني في مرادي بامتثال أوامري والتقرب إلى بمحابي فإنا أوافقه في رغبته ورهبته فيما يسألني إن أفعل به ويستعيذني إن يناله مكروه وحقق هذه الموافقة من الجانبين حتى اقتضى ذلك تردد الرب سبحانه في إماتة عبده ولأنه يكره الموت والرب تعالي يكره ما يكره عبده ويكره مساءته فمن هذه الجهة تقتضى أنه لا يميته ولكن مصلحته في إماتته فإنه ما أماته إلاّ ليحييه وما أمرضه إلاّ ليصحه وما أفقره إلاّ ليغنيه وما منعه إلاّ ليعطيه ولم يخرج من الجنة في صلب أبيه إلاّ ليعيده إليها علي أحسن الأحوال ولم يقل لأبيه"أخرج منها"إلاّ ليعيده إليها فهذا هو الحبيب علي الحقيقة لا سواه بل لو كان في كل منبت شعرة لعبد محبة تامة لله لكان بعض ما يستحقه علي عبده.

 

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلاّ للحبيب الأول

 

كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

1RO96812.png

 

مقدار صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

مقالات مختارة من كتب ابن القيم

 

وأما المسألة العاشرة وهي مقدار صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي من أجل المسائل وأهمها وحاجة الناس إلى معرفتها أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب, وقد ضيعها الناس من عهد أنس بن مالك رضي الله عنه, ففي صحيح البخاري من حديث الزهري قال: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت: له ما يبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة, وهذه الصلاة قد ضيعت.

وقال موسى بن إسماعيل: حدثنا مهدي عن غيلان عن أنس قال: ما أعرف شيئا مما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: فالصلاة؟ قال: أليس قد ضيعتم ما ضيعتم فيها؟ أخرجه البخاري عن موسى. وأنس رضي الله عنه تأخر حتى شاهد من إضاعة أركان الصلاة وأوقاتها وتسبيحها في الركوع والسجود وإتمام تكبيرات الانتقال فيها ما أنكره وأخبر أن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بخلافه كما ستقف عليه مفصلا إن شاء الله.

 

ففي الصحيحن من حديث قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجز الصلاة ويكملها، وفي الصحيحين أيضا قال: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم زاد البخاري: وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه, فوصف صلاته صلى الله عليه وسلم بالإيجاز والتمام. والإيجاز هو الذي كان يفعله, لا الإيجاز الذي كان يظنه من لم يقف على مقدار صلاته؛ فإن الإيجاز أمر نسبي إضافي راجع إلى السنة لا إلى شهوة الإمام ومن خلفه, فلما كان يقرأ في الفجر بالستين إلى المئة كان هذا الإيجاز بالنسبة إلى ست مئة إلى ألف, ولما قرأ في المغرب بالأعراف كان هذا الإيجاز بالنسبة إلى البقرة.

ويدل على هذا أن أنسا نفسه قال في الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي من حديث عبدالله بن إبراهيم بن كيسان حدثني أبي عن وهب بن مانوس سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني عمر بن عبدالعزيز. فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات. وأنس أيضا هو القائل في الحديث المتفق عليه: إني لا ألو أن أصلى بكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا.

قال ثابت: كان أنسا يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول القائل قد نسي وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي. وأنس هو القائل هذا. وهو القائل: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وحديثه لا يكذب بعضه بعضا. ومما يبين ما ذكرناه ما رواه أبو داود في سننه من حديث حماد بن سلمة أخبرنا ثابت وحميد عن أنس بن مالك قال: ما صليت خلف رجل أوجز صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يكبر ثم يسجد وكان يباعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم. هذا سياق حديثه. فجمع أنس رضي الله عنه في هذا الحديث الصحيح بين الإخبار بإيجازه صلى الله عليه وسلم الصلاة وإتمامها وبين فيه أن من إتمامها الذي أخبر به إطاعة الاعتدالين حتى يظن الظان أنه قد أوهم أو نسي من شدة الطول فجمع بين الأمرين في الحديث.

وهو القائل: ما رأيت أوجز من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أتم, فيشبه أن يكون الإيجاز عاد إلى القيام والإتمام إلى الركوع والسجود والاعتدالين بينهما؛ لأن القيام لا يكاد يفعل إلا تاما فلا يحتاج إلى الوصف بالإتمام بخلاف الركوع والسجود والاعتدالين, وسر ذلك أنه بإيحاز القيام وإطالة الركوع والسجود والإعتدالين تصير الصلاة تامة لاعتدالها وتقاربها فيصدق قوله: ما رأيت أوجز ولا أتم من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا هو الذي كان يعتمده صلوات الله عليه وسلامه في صلاته فإنه كان يعدلها حيث يعتدل قيامها وركوعها وسجودها واعتدالها.

ففي الصحيحين عن البراء بن عازب قال: رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فسجدته فجلسته بين التسليم والانصراف قريبا من السواء.

وفي لفظ لهما: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قيامه وركوعه وإذا رفع رأسه من الركوع وسجوده وما بين السجدتين قريبا من السواء, ولا يناقض هذا ما رواه البخاري في هذا الحديث, كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وما بين السجدتين وإذا رفع رأسه ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء, فإن البراء هو القائل هذا وهذا, فإنه في السياق الأول أدخل في ذلك قيام القراءة وجلوس التشهد, وليس مراده أنهما بقدر ركوعه وسجوده وإلا ناقض السياق الأول: الثاني, وإنما المراد أن طولهما كان مناسبا لطول الركوع والسجود والاعتدالين بحيث لا يظهر التفاوت الشديد في طول هذا وقصر هذا كما يفعله كثير ممن لا علم عنده بالسنة, يطيل القيام جدا ويخفف الركوع والسجود.

وكثيرا ما يفعلون هذا في التراويح وهذا هو الذي أنكره أنس بقوله: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإن كثيرا من الأمراء في زمانه كان يطيل القيام جدا فيثقل على المأمومين ويخفف الركوع والسجود والاعتدالين فلا يكمل الصلاة, فالأمران اللذان وصف بهما يروي رسول الله صلى الله عليه وسلم هما اللذان كان الأمراء يخالفونهما وصار ذلك أعني تقصير الاعتدالين شعارا حتى استحبه بعض الفقهاء وكره إطالتهما, ولهذا قال ثابت: وكان يروي يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقول القائل: قد نسي. فهذا الذي فعله أنس هو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله, وإن كرهه من كرهه فسنة رسول الله أولى وأحق بالاتباع. وقول البراء في السياق الآخر: ما خلا القيام والقعود: بيان أن ركن القراءة والتشهد أطول من غيرهما, وقد ظن طائفة أن مراده بذلك قيام الاعتدال من الركوع وقعود الفصل بين السجدتين وجعلوا الاستثناء عائدا إلى تقصيرهما وبنوا على ذلك أن السنة تقصيرهما وأبطل من غلا منهم الصلاة بتطويلهما, وهذا غلط فإن لفظ الحديث وسياقه يبطل هؤلاء فإن لفظ البراء: كان ركوعه وسجوده وما بين السجدتين وإذا رفع رأسه وما خلا القيام والقعود قريبا من السواء. فكيف يقول: وإذا رفع رأسه من الركوع ما خلا رفع رأسه من الركوع: هذا باطل قطعا.

وأما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد تقدم حديث أنس أنه صلى بهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقوم بعد الركوع حتى يقول القائل: قد نسي, وكان يقول بعد رفع رأسه من الركوع: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد, اللهم لا مانع لما أعطيت ولامعطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد". رواه مسلم من حديث أبي سعيد.

ورواه من حديث ابن أبي أوفى وزادفيه بعد قوله: من شيء بعد: "اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد, اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس", وكذلك كان هديه في صلاة الليل يركع قريبا من قيامه ويرفع رأسه بقدر ركوعه ويسجد بقدر ذلك, ويمكث بين السجدتين بقدر ذلك, وكذلك فعل في صلاة الكسوف أطال ركن الاعتدال قريبا من القراءة فهذا هديه الذي كأنك تشاهده وهو يفعله, وهكذا فعل الخلفاء الراشدون من بعده.

وقال زيد بن أسلم: كان عمر يخفف القيام والقعود ويتم الركوع والسجود, ‎فأحاديث أنس رضي الله عنه كلها تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركوع والسجود و الاعتدالين زيادة على ما يفعله أكثر الائمة بل كلهم إلاالنادر فأنس أنكر تطويل القيام على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. وقال: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم متقاربة يقرب بعضها من بعض وهذا موافق لرواية البراء بن عازب أنها كانت قريبا من السواء فأحاديث الصحابة في هذا الباب يصدق بعضها بعضا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فصل

وأما قدر قيامه للقراءة فقال أبو برزة الأسلمي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فينصرف الرجل فيعرف جليسه وكان يقرأ في الركعتين أو إحداهما ما بين الستين إلى المئة متفق على صحته.

وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن السائب قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذت النبي صلى الله عليه وسلم سعلة فركع1.

وفي صحيح مسلم عن قطبة بن مالك: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ}. وربما قال: "ق".

وفي صحيح مسلم أيضا عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بـ{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}2. وكانت صلاته بعد تخفيفا, فقوله: وكانت صلاته بعد تخفيفا أي بعد صلاة الصبح أخف من قراءتها, ولم يرد أنه كان بعد ذلك يخفف قراءة الفجر عن {ق}, يدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه من حديث شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بـ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}, وفي العصر بنحو ذلك, وفي الصبح أطول من ذلك.

 

وفي صحيح مسلم عن زهير عن سماك بن حرب قال: ِسألت جابر بن سمرة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يخفف الصلاة ولا يصلي صلاة هؤلاء. قال: وأنبأني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} ونحوها فأخبر أن هذا كان تخفيفه, وهذا مما يبين أن قوله: وكانت صلاته بعد تخفيفا أي بعد الفجر, فإنه جمع بين وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتخفيف وبين قراءته فيها بـ "سورة ق" ونحوها.

وقد ثبت في الصحيح عن أم سلمة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر بـ "سورة الطور" قريبأ من سورة "ق".

وفي الصحيح عن ابن عباس أنه قال: إن أم الفضل سمعته وهو يقرأ سورة {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} فقالت: يابني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة فإنها لآخر ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب1, فقد أخبرت أم الفضل أن ذلك آخر ما سمعته يقرأ بها في المغرب وأم الفضل لم تكن من المهاجرين بل هي من المستضعفين, كما قال ابن عباس: كنت أنا وأمي من المستضعفين الذين عذر الله. وفهذا السماع كان متأخرا بعد فتح مكة قطعا.

وفي صحيح البخاري أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت: مالك تقرأ في المغرب بقصار المفصل وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بطولي الطوليين, وسأل ابن مليكة أحد رواته ما طولي الطوليين فقال: من قبل نفسه المائدة والأعراف. ويدل على صحة تفسيره حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف فرقها في الركعتين. رواه النسائي.

وروى النسائي أيضا من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قرأ في المغرب بالدخان, وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بـ سورة "الطور" في المغرب. فأما العشاء فقال البراء بن عازب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} وما سمعت أحدا أحسن صوتا منه.متفق عليه. .

 

وفي الصحيحن أيضا عن أبي رافع قال: صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فسجد فقلت له فقال سجدت بها خلف أبي القاسم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه.

وفي المسند والترمذي من حديث بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الآخرة بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ونحوها من السور. قال الترمذي: حديث حسن. وقال لمعاذ في صلاة العشاء الآخرة: اقرأ بـ سورة {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} و سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} و سورة {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} متفق عليه.

وأما الظهر والعصر ففي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال: كانت صلاة الظهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي أهله فيتوضأ ثم يرجع إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى.

وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحيانا, وكان يطول الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية, ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب. متفق عليه. ولفظه لمسلم.

وفي رواية البخاري: وكان يطلول الأولى من صلاة الصبح ويقصر في الثانية, ‎وفي رواية لأبي داود قال: فظننا أنه يريد أن يدرك الناس الركعة الأولى.

وفي مسند الإمام أحمد عن عبدالله ابن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم.

قال سعد ابن أبي وقاص لعمر أما أنا فأمد في الأوليين وأخفف في الأخريين وما آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال له عمر: ذلك ظني بك. رواه البخاري ومسلم.

وقال أبو سعيد الخدري: كنا نحزر قيام رسول الله في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر سورة "الم تنزيل السجدة" وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك, وحرزنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على النصف من ذلك.

وفي رواية بدل قومه تنزيل السجدة: قدر ثلاثين آية, وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية, وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة وفي الأخريين قدر نصف ذلك. هذه الالفاظ كلها في صحيح مسلم.

وقد احتج به من استحب قراءة السورة بعد الفاتحة في الأخريين وهو ظاهر الدلالة لو لم يجيء حديث أبي قتادة المتفق على صحته أنه كان يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الأخريين بفاتحة الكتاب فذكر السورتين في الركعتين الأوليين واقتصاره على الفاتحة في الأخريين يدل على اختصاص كل ركعتين بما ذكر من قراءتهما وحديث سعد يحتمل لما قال أبو قتادة ولما قال أبو سعيد, وحديث أبي سعيد ليس صريحا في قراءة السوره في الأخريين فإنما هو حزر وتخمين. وقال أبو جابر بن سمرة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر سورة {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} وفي العصر نحو ذلك, وفي الصبح أطول من ذلك رواه مسلم.

وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وفي الصبح بأطول من ذلك رواه مسلم أيضا.

وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ}, {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} ونحوهما من السور. رواه أحمد و أهل السنن. وفي سنن النسائي عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا الظهر فنسمع منه الآية بعد الآية من سورة لقمان والذاريات.

وفي السنن من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر ثم قام فركع فرأينا أنه قرأ سورة تنزيل السجدة وفيه دليل على أنه لا يكره قراءة السجدة في صلاة السر وأن الإمام إذا قرأها سجد ولا يخير المأمومون بين اتباعه وتركه بل يجب عليهم متابعته.

وقال أنس: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر فقرأ لنا بهاتين السورتين في الركعتين: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. رواه النسائي, والصحابة رضي الله عنهم أنكروا على من كان يبالغ في تطويل القيام وعلى من كان يخفف الأركان ولا سيما ركني الاعتدال, وعلى من كان لا يتم التكبير وعلى من كان يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها وعلى من كان يتخلف عن جماعتها.

وأخبروا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ما زال يصليها حتى مات, ولم يذكر أحد منهم أصلا أنه نقص من صلاته في آخر حياته صلى الله عليه وسلم, ولا أن تلك الصلاة التي كان يصليها منسوخة, بل استمر خلفاؤه الراشدون على منهاجه في الصلاة كما استمروا على منهاجه في غيرها، فصلى الصديق صلاة الصبح فقرأ فيها بالبقرة كلها فلما انصرف منها قالوا: يا خليفة رسول الله كادت الشمس تطلع, قال: لو طلعت لم تجدنا غافلين, وكان عمر يصلي الصبح بالنحل ويونس وهود ويوسف ونحوها من السور.

قال المخففون: إنكم وإن تمسكتم بالسنة في التطويل فنحن أسعد بها منكم في الإيجاز والتخفيف لكثرة الأحاديث بذلك وصحتها وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإيجاز والتخفيف وشدة غضبه على المطولين وموعظته لهم وتسميتهم منفرين فعن أبي مسعود أن رجلا قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع أشد غضبا منه يومئذ, ثم قال: "أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة". رواه البخاري ومسلم. وفي رواية للبخاري: "فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة".

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أم أحدكم فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض, وإذا صلى وحده فليصل كيف شاء". راواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.

وعن عثمان بن أبي العاص الثقفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: له "أم قومكم". قال: قلت: يا رسول الله إني أجد في نفسي شيئا, قال: "ادنه" فأجلسني بين يديه ثم وضع كفه في صدري بين ثديي ثم قال تحول فوضعها في ظهري بين كتفي ثم قال: "أم قومك فمن أم قوما فليخفف فإن فيهم الكبير وإن فيهم المريض وإن فيهم الضعيف وإن فيهم ذا الحاجة فإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء". رواه مسلم.

وفي رواية: "إذا أممت قوما فأخف بهم الصلاة", وقال أنس بن مالك: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجز الصلاة ويكلمها, وفي لفظ: يوجز ويتم. متفق عليه.

وقال أنس أيضا: "ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه. متفق عليه. وسياقه البخاري.

وعن عثمان بن أبي العاص أنه قال: يا رسول الله اجعلني إمام قومي قال: "أنت إمامهم فاقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا". رواه الإمام أحمد. و أهل السنن، ورواه أبو داود في سننه من حديث الجريري عن السعدي عن أبيه أو عمه قال: رمقت النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته فكان يتمكن في ركوعه وسجوده قدر ما يقول: سبحان الله وبحمده ثلاثا. ورواه أحمد أيضا في مسنده.

وروى أبو داود في سننه من حديث ابن وهب: أخبرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء أن سهل بن أبي أمامة حدثه أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فتلك بقاياهم في الصوامع والدريات, {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}", هذا الذي في رواية اللؤلؤي عن أبي داود وفي رواية ابن داسة عنه أنه دخل وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة في زمن عمر بن عبدالعزيز وهو أمير المدينة فإذا هو يصلي صلاة خفيفة كأنها صلاة مسافر أو قريبا منها فلما سلم قال: يرحمك الله أرأيت هذه الصلاة هي المكتوبة أو شيء تنفلت بت. قال: إنها المكتوبة وإنها لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديار, {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}".

ثم غدا من الغد فقال: ألا تركب لننظر ونعتبر؟ قال: نعم, فركبوا جميعا فإذا بديار باد أهلها وانقضوا وفنوا خاوية على عروشها, قال: أتعرف هذه الديار؟ قال: ما أعرفني بها وبأهلها, هؤلاء أهل ديار أهلكم البغي والحسد, إن الحسد يطفيء نور الحسنات، والبغي يصدق ذلك أو يكذبه، والعين تزني الكف القدم واللسان، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. فأما سهل ابن أبي أمامة فقد وثقه يحيى بن معين وغيره وروى له مسلم.

وأما ابن أبي العمياء من أهل بيت المقدس, وهو إن جهلت حاله فقد رواه أبو داود وسكت عنه, وهذا يدل على أنه حسن عنده. قالوا: وهذا يدل على أن الذي أنكره أنس من تغيير الصلاة هو شدة تطويل الأئمة لها, وإلا تناقضت أحاديث أنس, ولهذا جمع بين الإيجاز والإتمام.

وقوله: ما صليت وراء إمام أخف صلاة ولا أتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر في إنكاره التطويل, وقد جاء هذا مفسرا عن أنس نفسه, فروى النسائي من حديث العطاف بن خالد عن زيد بن أسلم قال: دخلنا على أنس بن مالك فقال: أصليتم؟ فقلنا: نعم. قال: يا جارية هلمي لي وضوءا ما صليت وراء إمام قط أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا.

قال زيد: وكان عمر بن عبدالعزيز يتم الركوع والسجود ويخفف القيام.

وهو حديث صحيح, وقد صرح به عمران بن الحصين لما صلى خلف علي بالبصرة قال عمران لقد ذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم معتدلة, كان يخفف القيام والقعود, ويطيل الركوع والسجود, وهو حديث صحيح.

وفي الصحيحين عن جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لمعاذ لما طول بقومه في العشاء الآخرة: "أفتان أنت" أو قال: "أفاتن أنت"؟ ثلاث مرات, فلولا صليت بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}. {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}؛ فإنه يصلي وراءك الكبير والصغير والضعيف وذو الحاجة". وعن معاذ بن عبدالله الجهني أن رجلا من جهينة أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} في الركعتين كلتيهما, فلا أدري سها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا, رواه أبو داود.

وفي صحيح مسلم عن عمرو بن حريث أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}, وعن عقبة بن عامر قال: كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته فقال لي: "ألا أعلمك سورتين لم يقرأ بمثلهما"؟ قلت: بلى, فلعمني: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}. فلم يرني أعجب بهما. فلما نزل للصبح قرأ بهما ثم قال: "كيف رأيت يا عقبة"؟.

 

وفي رواية: "ألا أعلمك خير سورتين قرأنا"؟ قلت: بلى. قال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}. {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}", فلما نزل صلى بهما الغداة قال كيف ترى يا عقبة؟ رواه أحمد وأبو داود.

وفي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي من حديث عمار بن ياسر أنه صلى صلاة فأوجز فيها فأنكروا عليه فقال: ألم أتم الركوع والسجود؟ قالوا: بلى. قال: أما إني دعوت فيها بدعاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بت: "اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك, وأعوذ بك من ضراء مضرة ومن فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين".

قالوا: فأين هذه الأحاديث من أحاديث التطويل صحة وكثرة وصراحة. وحينئذ فيتعين حملها على أنها في أول الإسلام لما كان في المصلين قله, فلما كثروا واتسعت رقعة الإسلام شرع التخفيف وأمر به لأنه أدعى إلى القبول ومحبة العبادة فيدخل فيها برغبة ويخرج منها باشتياق ويندر بها الوسواس فإنها متى طالت استولى الوسواس فيها على المصلي فلا يفي ثواب إطالته بنقصان أجره.

قالوا: وكيف يقاس على رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره من الائمة من محبة الصحابة له والقيام خلفه لسماع صوته بالقرآن غضا كما أنزل وشدة رغبة القوم في الدين وإقبال قلوبهم على الله وتفريغها له في العبادة ولهذا قال: "إن منكم منفرين", ولم يكونوا ينفرون من طول صلاته صلى الله عليه وسلم فالذي كان يحصل للصحابة خلفه في الصلاة كان يحملهم على أن يروا صلاته وإن طالت خفيفة على قلوبهم وأبدانهمم فإن الإمام محمل المأمومين بقلبه وخشوعه وصوته وحاله فإذا عرى من ذلك كله كان كلا على المأمومين وثقلا عليهم فليخفف من ثقله عليهم ما أمكنه لئلا يبغضهم الصلاة.

قالوا: وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخوارج لشدة تنطعهم في الدين وتشددهم في العبادة بقوله: "يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم". ومدح الرفق وأهله وأخبر عن محبة الله له وأنه يعطي عليه ما لا يعطي على العنف, وقال: "لن يشاد الدين أحدا إلا غلبه". وقال: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق". فالدين كله في الاقتصاد في السبيل والسنة. والله تعالى يحب ما دوام عليه العبد من الأعمال, والصلاة القصد هي التي يمكن المداومة عليها دون المتجاوزة في الطول.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فصل

قال المكملون للصلاة أهلا وسهلا بكل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعينين وهل ندندن إلا حول الاقتداء به ومتابعة هديه وسنته ولا نضرب سنته بعضها ببعض ولا‎نأخذ منها ما سهل ونترك منها ما شق علينا لكسل وضعف عزيمة واشتغال بدنيا قد ملأت القلوب وملكت الجوارح وقرت بها العيون, بدل قرتها بالصلاة فصارت أحاديث الرخصة في حقها شبهة صادفت شهوة وفتورا في العزم وقلة رغبة في بذل الجهد في النصحية في الخدمة واستسهلت حق الله تعالى، وجعلت كرمه وغناه من أعظم شبهاتها في التفريط فيه وإضاعته وفعله بالهوينا تحلة القسم. ولهجت بقولها: ما استقصى كريم حقه قط. وبقولها: حق الله مبني على المسامحة والمساهلة والعفو, وحق العباد مبني على الشح والضيق والاستقصاء فقامت في رحمة المخلوقين كأنها على الفرش الوثيرة والمراكب الهينة وقامت في حق رحمة ربها وفاطرها كأنها على الجمر المحرق تعطيه الفضلة من قواها وزمانها وتستوفي لأنفسها كمال الحظ ولم تحفظ من السنة إلا: "أفتان أنت يا معاذ"؟, "أيها الناس إن منكم منفرين". ووضع الحديث موضعه ولم تتأمل ما قبله وما بعده ومن لم تكن قرة عينه في الصلاة ونعيمه وسروره ولذته فيها وحياة قلبه وانشراح صدره فإنه لا يناسبه إلا هذا الحديث وأمثاله بل لا يناسبه إلا صلاة السراق والنقارين, فنقرة الغراب أولى به من استفراغ وسعه في رحمة رب الأرباب, وحديث "أفتان أنت يامعاذ", الذي لم يفهمه أولى به من حديث: "كانت صلاة الظهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي أهله فيتوضأ ثم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى" وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم الصبح بالمعوذتين وكان هذا في السفر أولى به من حديث صلاته في الحضر بمئة آية إلى مئتين, وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} الذي انفرد ابن ماجة بروايتة أولى به من الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بطولي الطوليين وهي الأعراف, فهو يميل من السنة إلى ما يناسبه ويأخذ منها بما يوافقه ويتلطف لمن خشن في تأويل ما يخالفه ودفعه بالتي هي أحسن, ونحن نبرأ إلى الله من سلوك هذه الطريقة ونسأله أن يعافينا مما ابتلى به أربابها بل ندين الله بكل ما صح عن رسوله ولا نجعل بعضه لنا وبعضه علينا فنقر ما لنا على ظاهره, ونتأول ما علينا على خلاف ظاهره, بل الكل لنا لا نفرق بين شيء من سننه بل نتلقاها كلها بالقبول ونقابله بالسمع والطاعة ونتبعها أين توجهت ركائبها وننزل معها أين نزلت مضاربها فليس الشأن في الأخذ ببعض سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك بعضها بل الشأن في الأخذ بجملتها وتنزيل كل شيء منها منزلته ووضعه بموضعه فنقول: وبالله التوفيق الإيجاز والتخفيف المأمور به والتطويل المنهي عنه لا يمكن أن يرجع فيه إلى عادة طائفة و أهل بلد و أهل مذهب ولا إلى شهوة المأمومين ورضاهم ولا إلى اجتهاد الأئمة الذين يصلون بالناس ورأيهم في ذلك فإن ذلك لا ينضنبط وتضطرب فيه الآراء والإرادات أعظم اضطراب ويفسد وضع الصلاة الرجعة مقدارها تبعا لشهوة الناس, ومثل هذا لا تأتي به شريعة بل المرجع في ذلك والتحاكم إلى ما كان يفعله من شرع الصلاة للأمة وجاءهم بها من عند الله وعلمهم حقوقها وحدودها وهيآتها وأركانها, وكان يصلي وراءه الضعيف والكبير والصغير وذو الحاجة ولم يكن بالمدينة صلوات الله وسلامه عليه فالذي كان يفعله صلوات الله عليه وسلامه {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}, وقد سئل بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما لك في ذلك من خير؟ فأعادها عليه فقال: كانت صلاة الظهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي أهله فيتوضأ ثم يرجع إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطولها. رواه مسلم في الصحيح.

وهذا يدل على أن الذي أنكره أبو سعيد وأنس وعمران بن الحصين والبراء ابن عازب إنما هو حذف الصلاة والاختصار فيها والاقتصار على بعض ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله, ولهذا لما صلى بهم أنس قال: إني لا آلو أن أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثابت فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه: كان إذا انتصب قائما يقوم يقول القائل قد أوهم وإذا جلس بين السجدتين مكث حتى يقول القائل قد أوهم, فهذا مما أنكره أنس على الائمة حيث كانوا يقصرون هذين الركنين كما أنكر عليهم تقصير الركوع والسجود وأخبر أن أشبههم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن عبدالعزيز فحزروا تسبيحه في الركوع والسجود عشرا عشرا ومن المعلوم أنه لم يكن يسبحها هذا, مسرعا من غير تدبر فحالهم أجل من ذلك.

وقد بلى أنس بمن وهمه في ذلك كما بلى بمن وهمه في روايته ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. وقالوا: كان صغيرا يصلي وراء الصفوف فلم يكن يسمع جهره بها وكما بلى بمن وهمه في إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج والعمرة معا, وقالوا: كان بعيدا منه لا يسمع إحرامه حتى قال لهم: ما تعدونني إلا صبيا كنت تحت بطن ناقة رسول الله فسمعته يهل بهما جميعا, وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولأنس عشر سنين فخدمه واختص به وكان يعد من أهل بيته, وكان غلاما كيسا فطنا وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو رجل كامل له عشرون سنة, ومع هذا كله فيغلط على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته وقدر صلاه وكيفية إحرامه ويستمر غلطه على خلفائه الراشدين من بعده ويستمر على صلاته في مؤخر المسجد حيث لا يسمع قراءة أحد منهم. ‎

وقد اتفق الصحابة على أن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت معتدلة فكان ركوعه ورفعه منه وسجوده ورفعه منه مناسبا لقيامه, فإذا كان يقرأ في الفجر بمئة آية إلى ستين آية فلا بد أن يكون ركوعه وسجوده مناسبا لذلك, ولهذا قال البراء ابن عازب: إن ذلك كله كان قريبا من السواء, وقال عمران بن حصين كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم معتدلة وكذلك كان قيامه بالليل وصلاة الكسوف, وقال عبدالله بن عمر: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف وإن كان ليؤمنا بالصافات". رواه الإمام أحمد والنسائي.

فهذا أمره وهذا فعله المفسر له لا ما يظن الغالط المخطيء أنه كان يأمرهم بالتخفيف ويفعل هو خلاف ما أمر بت, وقد أمر صلاة الله وسلامه عليه الائمة أن يصلوا بالناس كما كان يصلي بهم.

ففي الصحيحين عن مالك بن الحويرث قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا فظن أنا قد اشتقنا أهلنا فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه فقال: "ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا, وصلاة كذا في حين كذا, وإذاحضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم وصلوا كما رأيتموني أصلي". والسياق للبخاري.

فهذا خطاب للأئمة قطعا وإن لم يختص بهم فإذا أمرهم أن يصلوا بصلاته وأمرهم بالتخفيف علم بالضرورة أن الذي كان يفعله هو الذي أمر به. يوضح ذلك أنه ما من فعل في الغالب إلا وقد يسمى خفيفا بالنسبة إلى ما هو أطول منه ويسمى طويلا بالنسبة إلى ماهو أخف منه. فلا حد له في اللغة يرجع فيه إليه وليس من الأفعال العرفية التي يرجع فيها إلى العرف كالحرز والقبض وإحياء الموات والعبادات يرجع إلى الشارع في مقاديرها وصفاتها وهيآتها كما يرجع إليه في أصلها فلو جاز الرجوع في ذلك إلى عرف الناس وعوائدهم في مسمى التخفيف والإيجاز لاختلفت أوضاع الصلاة ومقاديرها اختلافا متباينا لا ينضبط, ولهذا لما فهم بعض من نكس الله قلبه أن التخفيف المأمور به هو ما يمكن من التخفيف اعتقد أن الصلاة كلما خفت وأوجزت كانت أفضل فصاركثير منهم يمر فيها مر السهم ولا يزيد على الله أكبر في الركوع والسجود بسرعة ويكاد سجوده يسبق ركوعه وركوعه يكاد يسبق قراءته وربما ظن الاقتصار على تسبيحة واحدة أفضل من ثلاث.

ويحكى عن بعض هؤلاء أنه رأى غلاما له يطمئن في صلاته فضربه وقال: لو بعثك السلطان في شغل أكنت تبطئ في شغله مثل هذا الإبطاء؟ وهذا كله تلاعب بالصلاة وتعطيل لها وخداع من الشيطان وخلاف لأمر الله ورسوله حيث قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}. فأمرنا بإقامتها وهو الإتيان بها قائمة تامة القيام والركوع والسجود والأذكار وقد علق الله سبحانه الفلاح بخشوع المصلى في صلاته فمن فاته خشوع الصلاة لم يكن من أهل الفلاح, ويستحيل حصول الخشوع مع العجلة والنقر قطعا. بل لا يحصل الخشوع قط إلا مع الطمأنينة وكلما زاد طمأنينة ازداد خشوعا, وكلما قل خشوعة اشتدت عجلته حتى تصير حركة يديه بمنزلة العبث الذي لا يصحبه خشوع ولا اقبال على العبودية, ولا معرفة حقيقة العبودية والله سبحانه قد قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}, وقال: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ}. وقال: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ}. وقال: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} وقال: {وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ} وقال إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ}, وقال لموسى {فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} فلن تكاد تجد ذكر الصلاة في موضع من التنزيل إلا مقرونا بإقامتها فالمصلون في الناس قليل ومقيم الصلاة منهم أقل القليل.

كما قال عمر رضي الله عنه: "الحاج قليل والركب كثير", فالعاملون يعملون الأعمال المأمور بها على الترويج تحلة القسم, ويقولون يكفينا أدنى ما يقع عليه الاسم وليتنا نأتي به ولو علم هؤلاء أن الملائكة تصعد بصلاتهم فتعرضها على الله جل جلاله بمنزلة الهدايا التي يتقرب بها الناس إلى ملوكهم وكبرائهم فليس من عمد إلى أفضل ما يقدر عليه فيزينه ويحسنه ما استطاع ثم يتقرب به إلى من يرجوه ويخافه كمن يعمد إلى أسقط ما عنده وأهونه عليه فيستريح منه ويبعثه إلى من لا يقع عنده بموقع وليس من كانت الصلاة ربيعا لقلبه وحياة له وراحة وقرة لعينه وجلاء لحزنه وذهابا لهمه وغمه ومفزعا له إليه في نوائبه ونوازله كمن هي سحت لجوارحه, وتكليف له وثقل عليه فهي كبيرة على هذا وقرة عين وراحة لذلك.

وقال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} فإنما كبرت على غير هؤلاء لخلو قلوبهم من محبة الله تعالى وتكبيره وتعظيمه والخشوع له وقلة رغبتهم فيه فإن حضور العبد في الصلاة وخشوعه فيها وتكميله لها واستفراغه وسعة في إقامتها وإتمامها على قدر رغبته في الله تعالى.

قال الإمام أحمد في رواية مهنا بن يحيى: إنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة فاعرف نفسك يا عبدالله واحذر أن تلقى الله عز وجل ولا قدر للإسلام عندك. فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك. وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته والرغبة فيه وإجلاله وتعظيمه من الصلاة كحظ القلب الخالي الخراب من ذلك فإذا وقف الاثنان بين يدي الله في الصلاة وقف هذا بقلب مخبت خاشع له قريب منه سليم من معارضات السوء قد امتلأت أرجاؤه بالهيبة وسطع فيه نور الإيمان وكشف عنه حجاب النفس ودخان الشهوات فيرتع في رياض معاني القرآن, وخالط قلبه بشاشة الإيمان بحقائق الأسماء والصفات وعلوها وجمالها وكمالها الأعظم وتفرد الرب سبحانه بنعوت جلاله وصفات كماله فاجتمع همه على الله وقرت عينه به وأحسن بقربه من الله قربا لا نظير له ففرغ قلبه له وأقبل عليه بكليته, وهذا الإقبال منه بين اقبالين من ربه فإنه سبحانه أقبل عليه أولا, فانجذب قلبه إليه بإقباله؛ فلما أقبل على ربه حظي منه بإقبال آخر أتم من الأول. وها هنا عجيبة من عجائب الأسماء والصفات تحصل لمن تفقه قلبه في معاني القرآن وخالط بشاشة الإيمان بها قلبه بحيث يرى لكل اسم وصفة موضعا من صلاته ومحلا منها فإنه إذا انتصب قائما بين يدي الرب تبارك وتعالى شاهد بقلبه قيوميته, وإذا قال الله أكبر شاهد كبرياءه وإذا قال: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك شاهد بقلبه ربا منزها عن كل عيب سالما من كل نقص محمودا بكل حمد فحمده يتضمن وصفه بكل كمال وذلك يستلزم براءته من كل نقص تبارك اسمه, فلا يذكر على قليل إلا كثرة ولا على خير إلا أنماه وبارك فيه ولا على آفة إلا أذهبها ولا على شيطان إلا رده خاسئا داحرا وكمال الاسم من كمال مسماه, فإذا كان شأن اسمه الذي لا يضر معه شيء في الأرض ولا في السماء فشأن المسمى أعلى وأجل, وتعالى جده أي ارتفعت عظمته وجلت فوق كل عظمة, وعلا شأنه على كل شأن وقهر سلطانه على كل سلطان فتعالى جده أن يكون معه شريك في ملكه وربوبيته أو في الهيته أو في أفعاله أو في صفاته كما قال مؤمن الجن: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً}, فكم في هذه الكلمات من تجل لحقائق الأسماء والصفات على قلب العارف بها غير المعطل لحقائقها, وإذا قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقد آوى إلى ركنه الشديد واعتصم بحوله وقوته من عدوه الذي يريد أن يقطعه عن ربه ويبعده عن قربه ليكون أسوأ حالا.

"فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقف هنيهة يسيرة ينتظر جواب ربه له بقوله: "حمدني عبدي". فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}, انتظر الجواب بقوله: "اثنى علي عبدي", فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} انتظر جوابه: "يمجدني عبدي", فيا لذة قلبه وقرة عينه وسرور نفسه بقول ربه: عبدي ثلاث مرات فوالله لولا ما على القلوب من دخان الشهوات وغيم النفوس لاستطيرت فرحا وسرورا بقول ربها وفاطرها ومعبودها: "حمدني عبدني وأثنى علي عبدي ومجدني عبدي", ثم يكون لقلبه مجال من شهود هذه الأسماء الثلاثة التي هي أصول الأسماء الحسنى وهي: الله والرب الرحمن, فشاهد قلبه من ذكر اسم الله تبارك وتعالى إلها معبودا موجودا مخوفا لا يستحق العبادة غيره ولا تنبغي إلا له, قد عنت له الوجوه وخضعت له الموجودات وخشعت له الأصوات {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}, {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}.

وكذلك خلق السموات والأرض وما بينهما وخلق الجن والإنس والطير والوحش والجنة والنار, وكذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب وشرع الشرائع وألزم العباد الأمر والنهي وشاهد من ذكر اسمه رب العالمين قيوما. قام بنفسه وقام به كل شيء فهو قائم على كل نفس بخيرها وشرها. قد استوى على عرشه وتفرد بتدبير ملكه.

فالتدبير كله بيديه ومصير الامور كلها إليه, فمراسيم التدبيرات نازلة من عنده على أيدي ملائكته بالعطاء والمنع والخفض والرفع والإحياء والإماتة والتوبة والعزل والقبض والبسط وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين وإجابة المضطرين {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}, لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا معقب لحكمه ولا راد لأمره ولا مبدل لكلماته تعرج الملائكة والروح إليه وتعرض الأعمال أول النهار وآخره عليه فيقدر المقادير ويوقت المواقيت ثم يسوق المقادير إلى مواقيتها قائما بتدبير ذلك كله وحفظه ومصالحه.

ثم يشهد عند ذكر اسم الرحمن جل جلاله ربا محسنا إلى خلقه بأنواع الإحسان متحببا إليهم بصنوف النعم, وسع كل شيء رحمة وعلما, وأوسع كل مخلوق نعمة وفضلا فوسعت رحمته كل شيء ووسعت نعمته كل حي فبلغت رحمته حيث بلغ علمه, فاستوى على عرشه برحمته وخلق خلقه برحمته وأنزل كتبه برحمته وأرسل رسله برحمته وشرع شرائعه برحمته وخلق الجنة برحمته والنار أيضا برحمته فإنها سوطه الذي يسوق به عباده المؤمنين إلى جنته ويطهر بها أدران الموحدين من أهل معصيته, وسجنه الذي يسجن فيه من خليقته.

فتأمل ما في أمره ونهيه ووصاياه ومواعيظه من الرحمة البالغة والنعمة السابغة وما في حشوها من الرحمة والنعمة فالرحمة هي السبب المتصل منه بعباده كما أن العبودية هي السبب المتصل منهم به فمنهم إليه العبودية ومنه إليهم الرحمة, ومن أخص مشاهد هذا الاسم شهود المصلي نصيبه من الرحمة الذي أقامه بها بين يدي ربه, وأهله لعبوديته ومناجاته وأعطاه ومنع غيره وأقبل بقلبه وأعرض بقلب غيره وذلك من رحمته به.

فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}, فهنا شهد المجد الذي لا يليق بسوى الملك الحق المبين فيشهد ملكا قاهرا قد دانت له الخليفة وعنت له الوجوه وذلت لعظمته الجبابرة وخضع لعزته كل عزيز فيشهد بقلبه ملكا على عرش السماء مهيمنا لعزته تعنو الوجوه وتسجد, وإذا لم تعطل حقيقة صفة الملك أطلعته على شهود حقائق الأسماء والصفات التي تعطيلها تعطيل لملكه وجحد له فإن الملك الحق التام الملك لا يكون إلا حيا قيوما سميعا بصيرا مدبرا قادرا متكلما آمرا ناهيا مستويا على سرير مملكته, يرسل رسله إلى أقاصي مملكته بأوامره, فيرضى على من يستحق الرضا, ويثيبه ويكرمه ويدنيه, ويغضب على من يستحق الغضب ويعاقبه ويهينه ويقصيه, فيعذب من يشاء ويرحم من يشاء ويعطى من يشاء ويقرب من يشاء ويقصى من يشاء, له دار عذاب وهي النار, وله دار سعادة عظيمة وهي الجنة. فمن أبطل شيئا من ذلك أو جحده وأنكر حقيقته فقد قدح في ملكه سبحانه وتعالى ونفى عنه كماله وتمامه.

وكذلك من أنكر عموم قضائه وقدره فقد أنكر عموم ملكه وكماله فيشهد المصلي مجد الرب تعالى في قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ففيها سر الخلق والأمر والدنيا والآخرة وهي متضمنة لأجل الغايات وأفضل الوسائل, فأجل الغايات عبوديته وأفضل الوسائل إعانته فلا معبود يستحق العبادة إلا هو ولا معين على عبادته غيره, فعبادته أعلى الغايات وإعانته أجل الوسائل, وقد أنزل الله سبحانه وتعالى مئة كتاب وأربعة كتب جمع معانيها في أربعة: وهي التوراة والإنجيل والقرآن والزبور, و جمع معانيها في القرآن وجمع معانيه في المفصل وجمع معانيه في الفاتحة وجمع معانيها في: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. وقد اشتملت هذه الكلمة على نوعي التوحيد: وهما توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية, وتضمنت التعبد باسم الرب واسم الله فهو يعبد بألوهيته ويستعان بربوبيته ويهدي ‎إلى الصراط المستقيم برحمته فكان أول السورة ذكر اسمه: الله والرب والرحمن تطابقا لأجل الطالب من عبادته وإعانته وهدايته. وهو المنفرد بإعطاء ذلك كله. لا يعين على عبادته سواه ولا يهدي سواه.

ثم يشهد الداعي بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} شدة فاقته وضرورته إلى هذه المسألة التي ليس هو إلى شيء أشد فاقة وحاجة منه إليها البتة فإنه محتاج إليه في كل نفس وطرفة عين. وهذا المطلوب من هذا الدعاء لا يتم إلا بالهداية إلى الطريق الموصل إليه سبحانه, والهداية فيه وهي هداية التفصيل وخلق القدرة على الفعل وإرادته وتكوينه وتوفيقه لإيقاعه له على الوجه المرضي المحبوب للرب سبحانه وتعالى. وحفظه عليه من مفسداته حال فعله وبعد فعله, ولما كان العبد مفتقرا في كل حال إلى هذه الهداية في جميع ما يأتيه ويذره من أمور قد أتاها على غير الهداية, فهو يحتاج إلى التوبة منها, وأمور هدى إلى أصلها دون تفصيلها أو هدى إليها من وجه دون وجه, فهو يحتاج إلى إتمام الهداية فيها ليزداد هدى, وأمور هو يحتاج إلى أن يحصل له من الهداية فيها بالمستقبل مثل ما حصل له في الماضي, وأمور هو خال عن اعتقاد فيها فهو يحتاج إلى الهداية فيها, وأمور لم يفعلها فهو يحتاج إلى فعلها على وجه الهداية, وأمور قد هدي إلى الاعتقاد الحق والعمل الصواب فيها فهو محتاج إلى الثبات عليها.

إلى غير ذلك من أنواع الهدايات- فرض الله سبحانه عليه أن يسأله هذه الهداية في أفضل أحواله مرات متعددة في اليوم والليلة, ثم بين أن أهل هذه الهداية هم المختصون بنعمتة دون المغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق ولم يتبعوه, ودون الضالين وهم الذين عبدوا الله بغير علم. فالطائفتان اشتركتا في القول في خلقه وأمره وأسمائه وصفاته بغير علم. فسبيل المنعم عليه مغايرة لسبيل أهل الباطل كلها علما وعملا.

فلما فرغ من هذا الثناء والدعاء والتوحيد شرع له أن يطبع على ذلك بطابع من التأمين يكون كالخاتم له وافق فيه ملائكة السماء وهذا التأمين من زينة الصلاة كرفع اليدين الذي هو زينة الصلاة واتباع للسنة وتعظيم أمر الله وعبودية اليدين وشعار الانتقال من ركن إلى ركن. ثم يأخذ في مناجاة ربه بكلامه واستماعه من الإمام بالانصات وحضور القلب وشهوده.

وأفضل أذكار الصلاة ذكر القيام وأحسن هيئة المصلي هيئة القيام, فخصت بالحمد والثناء والمجد وتلاوة كلام الرب جل جلاله, ولهذا نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود؛ لأنهما حالتا ذل وخضوع وتضامن وانخفاض, ولهذا شرع فيهما من الذكر ما يناسب هيئتهما فشرع للراكع أن يذكر عظمة ربه في حال انخفاضه هو وتطامنه وخضوعه, وأنه سبحانه يوصف بوصف عظمته عما يضاد كبرياءه وجلاله وعظمته فأفضل ما يقول الراكع على الاطلاق: سبحان ربي العظيم, فإن الله سبحانه أمر العباد بذلك وعين المبلغ عنه السفير بينه وبين عباده هذا المحل لهذا الذكر لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}, قال: "اجعلوها في ركوعكم". وأبطل كثير من أهل العلم صلاة من تركها عمدا, وأوجب سجود السهو على من سها عنها, وهذا مذهب الإمام أحمد ومن وافقه من أئمة الحديث والسنة, والأمر بذلك لا يقصر عن الأمر بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ووجوبه لا يقصر عن وجوب مباشرة المصلي بالجبهة واليدين الركوع تعظيم الرب جل جلاله بالقلب والقالب والقول, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما الركوع فعظموا فيه الرب".

فصل

ثم يرفع رأسه عائدا إلى أكمل حديثه, وجعل شعار هذا الركن حمد الله والثناء عليه وتحميده, فافتتح هذا الشعار بقول المصلي: "سمع الله لمن حمده" أي: سمع سمع قبول وإجابة, ثم شفع بقوله: "ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء" ولا يهمل أمر هذه الواو في قوله: "ربنا ولك الحمد"؛ فإنه قد ندب الأمر بها في الصحيحين, وهي تجعل الكلام في تقدير جملتين قائمتين بأنفسهما, فإن قوله: "ربنا" متضمن في المعنى أنت الرب والملك القيوم الذي بيديه أزمة الأمور وإليه مرجعها فعطف على هذا المعنى المفهوم من قوله: "ربنا". قوله: "ولك الحمد" فتضمن ذلك معنى قول الموحد: له الملك وله الحمد. ثم أخبر عن شأن هذا الحمد وعظمته قدرا وصفة فقال: "ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء" أي: قدر ملء العالم العلوي والسفلي والفضاء الذي بينهما, فهذا الحمد قد ملأ الخلق الموجود وهو يملأ ما يخلقه الرب تبارك وتعالى بعد ذلك ما يشاؤه فحمده قد ملأ كل موجود وملأ ما سيوجد فهذا أحسن التقديرين. وقيل: ما شئت من شيء وراء العالم فيكون قوله بعد: للزمان على الأول, والمكان: على الثاني. ثم أتبع ذلك بقوله: "أهل الثناء والمجد" فعاد الأمر بعد الركعة إلى ما افتتح به الصلاة قبل الركعة: من الحمد والثناء والمجد, ثم أتبع ذلك بقوله: "أحق ما قال العبد" تقريرا لحمده وتمجيده والثناء عليه, وأن ذلك أحق ما نطق به العبد, ثم أتبع ذلك بالاعتراف بالعبودية وأن ذلك حكم عام لجميع العبيد ثم عقب ذلك بقوله: "لا مانع لما أعطيت ولامعطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد", وكان يقول ذلك بعد انقضاء الصلاة أيضا, فيقوله في هذين الموضعين إعترافا بتوحيده ون النعم كلها منه, وهذا يتضمن أمورا أحدها أنه المنفرد بالعطاء والمنع. الثاني: أنه إذا أعطى لم يطق أحد منع من أعطاه وإذا منع لم يطق أحد إعطاء من منعه.

الثالث: أنه لاينفع عنده ولا يخلص من عذابه ولا يدني من كرامته جدود بني آدم وحظوظهم من الملك والرئاسة والغنى وطيب العيش وغير ذلك, إنما ينفعهم عنده التقرب إليه بطاعته وإيثار مرضاتهز

ثم ختم ذلك بقوله: "اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد", كما افتتح به الركعة في أول الاستفتاح كما كان يختم الصلاة بالاستغفار وكان الاستغفار في أول الصلاة ووسطها وآخرها, فاشتمل هذا الركن على أفضل الأذكار وأنفع الدعاء من حمده وتمجيده والثناء عليه والاعتراف له بالعبودية والتوحيد والتنصل إليه من الذنوب والخطايا فهو ذكر مقصود في ركن مقصود ليس بدون الركوع والسجود.

فصل

ثم يكبر ويخر لله غير رافع يديه؛ لأن اليدين تنحطان للسجود كما ينحط الوجه فهما ينحطان لعبوديتهما فأغنى ذلك عن رفعهما, ولذلك لم يشرع رفعهما ثم رفع الرأس من السجود؛ لأنهما يرفعان معه كما يوضعان معه, وشرع السجود على أكمل الهيئة ومنعتها في العبودية وأعمها لسائر الأعضاء بحيث يأخذ كل جزء من البدن بحظه من العبودية, والسجود سر الصلاة وركنها الأعظم وخاتمة الركعة وما قبله من الأركان كالمقدمات له فهو شبه طواف الزيارة في الحج فإنه مقصود الحج ومحل الدخول على الله وزيارته وما قبله كالمقدمات له, ولهذا أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد, وأفضل الأحوال له حال يكون فيها أقرب إلى الله, ولهذا كان الدعاء في هذا المحل أقرب إلى الإجابة. ولما خلق الله سبحانه العبد من الأرض, كان جديرا بأن لا يخرج عن أصله بل يرجع إليه إذا تقاضاه الطبع والنفس بالخروج عنه, فإن العبد لو ترك لطبعه ودواعي نفسه لتكبر وأشر وخرج عن أصله الذي خلق منه ولوثب على حق ربه من الكبرياء والعظمة فنازعه إياهما, وأمر بالسجود خضوعا لعظمة ربه وخشوعا له وتذللا بين يديه وانكسارا له فيكون هذا الخشوع والخضوع والتذلل ردا له إلى حكم العبودية ويتدارك ما حصل له من الهفوة والغفلة والإعراض الذي خرج به عن أصله فتمثل له حقيقة التراب الذي خلق منه وهو يضع أشرف شيء منه وأعلاه وهو الوجه, وقد صار أعلاه أسفله خضوعا بين يدي ربه الأعلى وخشوعا له وتذللا لعظمته واستكانة لعزته وهذا غاية خشوع الظاهر فإن الله سبحانه خلقه من الأرض التي هي مذللة للوطء بالأقدم واستعمله فيها ورده إليها ووعده بالإخراج منها فهي أمه وأبوه وأصله وفصله, فضمته حيا على ظهرها وميتا وجعلت له طهرا ومسجدا فأمر بالسجود إذ هو غاية خشوع الظاهر وأجمع العبودية لسائر الأعضاء فيعفر وجهه في التراب استكانة وتواضعا وخضوعا وإلقاء باليدين.

وقال مسروق لسعيد بن جبير ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في التراب له, وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتقي الأرض بوجهه قصدا بل إذا اتفق له ذلك فعله. ولذلك سجد في الماء والطين, ولهذا كان من كمال السجود الواجب أنه يسجد على الأعضاء السبعة الوجه واليدين والركبتين وأطراف القدمين. فهذا فرض أمر الله به رسول وبلغه الرسول لأمته.

ومن كماله الواجب أو المستحب مباشرة مصلاه بأديم وجهه واعتماده على الأرض بحيث ينالها ثقل رأسه وارتفاع أسافله على أعاليه, فهذا من تمام السجود ومن كماله أن يكون على هيئة يأخذ فيها كل عضو من البدن بحظه من الخضوع فيقل بطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه, ويجافي عضديه عن جنبيه ولا يفرشهما على الأرض ليستقل كل عضو منه بالعبودية.

ولذلك إذا رأى الشيطان ابن آدم ساجدا لله اعتزل ناحية يبكي ويقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار. ولذلك اثنى الله سبحانه على الذين يخرون ثم سماع كلامه, وذم من لا يقع ساجدا عنده ولذلك كان قول من أوجبه قويا في الدليل, ولما علمت السحرة صدق موسى وكذب فرعون خروا سجدا لربهم فكانت تلك السجدة أول سعادتهم وغفران ما أفنوا فيه أعمارهم من السحر.

ولذلك أخبر سبحانه عن سجود جميع المخلوقات له فقال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}, فأخبر عن إيمانهم بعلوه وفرقيته وخضوعهم له بالسجود تعظيما وإجلالا, وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.

فالذي حق عليه العذاب هو الذي لا يسجد له سبحانه وهو الذي أهانه بترك السجود له, وأخبر أنه لا مكرم له, وقد هان على ربه حيث لم يسجد له, وقال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}.

ولما كانت العبودية غاية كمال الإنسان وقربه من الله بحسب نصيبه من عبوديته وكانت الصلاة جامعة لمتفرق العبودية متضمنة لاقسامها كانت أفضل أعمال العبد ومنزلتها من الإسلام بمنزلة عمود الفسطاط منه.

وكان السجود أفضل أركانها الفعلية وسرها الذي شرعت لأجله وكان تكرره في الصلاة أكثر من تكرر سائر الأركان وجعله خاتمة الركعة وغايتها وشرع فعله بعد الركوع, فإن الركوع توطئة له ومقدمة بين يديه, وشرع فيه من الثناء على الله ما يناسبه وهو قول: "العبد سبحان ربي الأعلى". فهذا أفضل ما يقال فيه, ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أمره في السجود بغيره حيث قال: "اجعلوها في سجودكم", ومن تركه عمدا فصلاته باطلة عند كثير من العلماء منهم الإمام أحمد وغيره؛ لأنه لم يفعل ما أمر به وكان وصف الرب بالعلو في هذه الحال في غاية المناسبة لحال الساجد الذي قد انحط إلى السفل على وجهه فذكر علو ربه في حال سقوطه وهو كما ذكر عظمته في حال خضوعه في ركوعه ونزه ربه عما لايليق به مما يضاد عظمته وعلوه. ثم لما شرع السجود بوصف التكرار لم يكن بد من الفصل بين السجدتين ففصل بينهما بركن مقصود شرع فيه من الدعاء ما يليق به ويناسبه وهو سؤال العبد المغفرة والرحمة والهداية والعافية والرزق, فإن هذه تتضمن جلب خير الدنيا والآخرة ودفع شر الدنيا والآخرة.

فالرحمة تحصل الخير, والمغفرة تقي الشر, والهداية توصل إلى هذا وهذا, والرزق إعطاء ما به قوام البدن من الطعام والشراب وما به قوام الروح والقلب من العلم والإيمان, وجعل جلوس الفصل محلا لهذا الدعاء لما تقدمه من رحمة الله والثناء عليه والخضوع له فكان هذا وسيلة للداعي ومقدمة بين يدي حاجته فهذا الركن مقصود الدعاء فيه فهو ركن وضع للرغبة وطلب العفو والمغفرة والرحمة؛ فإن العبد لما أتى بالقيام والحمد والثناء والمجد ثم أتى بالخضوع وتنزيه الرب وتعظيمه ثم عاد إلى الحمد والثناء ثم كمل ذلك بغاية التذلل والخضوع والاستكانة بقي سؤال حاجته واعتذاره وتنصله؛ فشرع له أن يتمثل في الخدمة فيقعد فعل العبد الذليل جاثيا على ركبتيه كهيئة الملقي نفسه بين يدي سيده راغبا راهبا معتذرا إليه مستعديا إليه على نفسه الأمارة بالسوء.

ثم شرع له تكرير هذه العبودية مرة بعد مرة إلى إتمام الأربع, كما شرع له تكرير الذكر مرة بعد مرة لأنه أبلغ في حصول المقصود وأدعى إلى الاستكانة والخضوع, فلما أكمل ركوع الصلاة وسجودها وقراءتها وتسبيحها فالتابعون شرع له أن يجلس في آخر صلاته جلسة المتخشع المتذلل المستكين جاثيا على ركبتيه ويأتي في هذه الجلسة بأكمل التحيات وأفضلها عوضا عن تحية المخلوق للمخلوق إذا واجهه أو دخل عليه فإن الناس يحيون ملوكهم وأكابرهم بأنواع التحيات التي يحيون بها قلوبهم, فبعضهم يقول: أنعم صباحا, وبعضهم يقول: لك البقاء والنعمة, وبعضهم يقول: أطال الله بقاءك. وبعضهم يقول: تعيش ألف عام, وبعضهم يسجد للملوك وبعضهم يسلم, فتحياتهم بينهم تتضمن ما بحبه المحيى من الأقوال والأفعال والمشركون يحيون أصنامهم.

قال الحسن: كان أهل الجاهلية يتمسحون بأصنامهم ويقولون: لك الحياة الدائمة, فلما جاء الإسلام أمروا أن يجعلوا أطيب تلك التحيات وأزكاها وأفضلها لله فالتحية هي تحية من العبد للحي الذي لا يموت وهوسبحانه أولى بتلك التحيات من كل ما سواه؛ فإنها تتضمن الحياة والبقاء والدوام ولا يستحق أحد هذه التحيات إلا الحي الباقي الذي لا يموت ولا يزول ملكه, وكذلك قوله والصلوات فإنه لا يستحق أحد الصلاة إلا الله عز وجل, والصلاة لغيره من أعظم الكفر والشرك بت, وكذلك قوله والطيبات هي صفة الموصوف المحذوف أي الطيبات من الكلمات والأفعال والصفات والأسماء لله وحده فهو طيب وأفعاله طيبة وصفاته أطيب شيء وأسماؤه أطيب الأسماء واسمه الطيب ولا يصدر عنه إلا طيب ولا يصعد إليه إلا طيب ولا يقرب منه إلا طيب وإليه يصعد الكلم الطيب, وفعله طيب والعمل الطيب يعرج إليه فالطيبات كلها له ومضافة إليه وصادرة عنه ومنتهية إليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا", وفي حديث رقية المريض الذي رواه أبو داود رقم وغيره: "أنت رب الطيبين ولا يجاوره من عباده إلا الطيبون", كما يقال: لأهل الجنة: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}. وقد حكم سبحانه في شرعه وقدره أن: الطيبات للطيبين, فإذا كان هو سبحانه الطيب على الاطلاق فالكلمات الطيبات والأفعال الطيبات والصفات الطيبات والأسماء الطيبات كلها له سبحانه لا يستحقها أحد سواه, بل ما طاب شيء قط إلا بطيبته سبحانه, فطيب كل ما سواه من آثار طيبته, ولا تصلح هذه التحية الطيبة إلا له, ولما كان السلام من أنواع التحية وكان المسلم داعيا لمن يحييه وكان الله سبحانه هو الذي يطلب منه السلام لعباده الذين اختصهم بعبوديته وارتضاهم لنفسه وشرع أن يبدأ بأكرمهم عليه وأحبهم إليه وأقربهم منه منزلة في هذه التحية بالشهادتين اللتين هما مفتاح الإسلام فشرع أن يكون خاتمة الصلاة فدخل فيها بالتكبير والحمد والثناء والتمجيد وتوحيد الربوبية والإلهية وختمها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.

وشرعت هذه التحية في وسط الصلاة, إذا زادت على ركعتين تشبيها لها بجلسة الفصل بين السجدتين وفيها مع الفصل راحة للمصلي لاستقباله الركعتين الآخرتين بنشاط وقوة, بخلاف ما إذا والى بين الركعات, ولهذا كان الأفضل في النفل مثنى مثنى وإن تطوع بأربع جلس في وسطهن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×