اذهبي الى المحتوى
(أم *سارة*)

~*~تلك هي الحياة..~*~

المشاركات التي تم ترشيحها

post-125640-1315034566.png

 

 

خلاص يا أبي..

 

 

 

كنتُ أعرف أنك ستموت..

لكن هذه المعرفة كانت كالعدم..

كنتُ أعرف أن الوداع سيحين ولو بعد حين..

كنتُ أعرف أننا سنفترق ولن يبقى لي إلا الحنين والعيش مع ذكرياتٍ

تسوم القلب ألم العجز عن استعادة بعض لحظات من الحقيقة بدلاً من الغرق في بحور التخيل..

 

كنتُ أعرف أنني سأقرع الباب يوماً فأجد الكرسي فارغاً منك..

كنتُ أعرف أنني سأجلس وحدي أشاهد نشرة الجزيرة وأفتقد عراكنا الناري..

كنتُ أعرف في كل مرة أتلقى اتصالاً بوفاة واحداً من الأقارب

أن يوماً سيأتي أتلقى فيه اتصالاً عنك...

حين اتصل بي أخي في ذلك المساء ليقول لي: خلاص...

 

post-125640-1315034573.png

 

 

خلاص؟! كيف خلاص؟! خلاص؟!! ما خلاص؟!! خلاص؟!

آه يا أبي، وكيف الخلاص من ذلك الوجع؟!

كيف الخلاص من ذلك المرار والشجن؟!

خلاص، قالها أخي وانتحب..

قالها ثم صاح بصوت له صدى: أبويااااااااااااا... خلاص يا أبي..

كنتُ أعرف أنه سيأتي يوم (خلاص) يا أبي ...

في كل مرة دخلت المسجد القابع على أول المقابر كنتُ أعرف أن يوماً سيأتي أدخله لأنك في الخشبة..

في كل مرة وقفتُ على قبر كنتُ أقول المرة القادمة ربما .......

ثم أطرد هذا الخاطر..

 

post-125640-1315034573.png

 

كنتُ أعرف أنك سترحل مع الراحلين وستترك ذاك الفراغ الرهيب وتلك الذبحة التي في الصدر..

تحاشيتُ أن أدخل عليك منذ اشتد بك الوجع..

حين بدأت ملامح الموت النازل بك تكشف عن نفسها في ملامحك..

غادرت غرفتك في المستشفى ولم أعد..

انتظرتُ على سلالم المستشفى أربعة أيام لا أجرؤ على الدخول..

كنتُ أريد أن احتفظ بملامحك التي أحببتها والتي سكنتني طوال أربعين عاماً يا أبي..

 

post-125640-1315034573.png

 

اشتد بك الوجع وقرروا نقلك لمستشفى أخرى على وجه السرعة اخترتَ المهام البعيدة، اخترتَ المهام التي لا تجعلني قريباً منك وهم ينقلوك..

فلما وجدتك أمامي فجأة لمحتُ السكرات التي أعرفها وأنت تعالجها ومع أنها كانت لقطة خاطفة لكنها تطاردني إلى الآن يا أبي..

حين قال لي أخي في الهاتف: خلاص..

لم أفكر أن أدخل عليك ولا أن ألقي نظرة وداع..

وحين وقفوا على الغسل لم أفكر حتى مجرد تفكير أن أقف مع إخوتي..

وحين قالوا انتهينا هيا ننقله إلى عربة الموتى فررت بعيداً..

 

post-125640-1315034573.png

 

وحين وصلنا للقبر ووضعوا النعش على الأرض بجواري..

لم أجرؤ أن أنظر إليك ولو بطرف عيني..

لم تنزل من عيني دمعة..

لم يكن هذا ثباتاً أو تماسكاً بل عجز عن الفهم وإلى الآن يا أبي..

مذ رحلتُ مع الراحلين يا أبي وصورتك وأنت تشكو إلي ألم ذراعك..

تحيل حياتي ألماً لا يحتمل..

 

post-125640-1315034573.png

 

مذ رحلتُ مع الراحلين يا أبي ونظرة عينيك إلى البيت الذي بنيته

بكدك وتعبك، نظرة عينيك إلى البيت وأنت في نظرة لسيارة الإسعاف تطاردني..

كانت نظرة وداعٍ بحق..

لم يكن مرضك شديداً ولم يكن يبدو كمرض موت لكن النظرة..

كانت نظرة وداعٍ يا أبي..

اليوم بدأتُ استوعب مرار الحقيقة..

 

post-125640-1315034573.png

 

بدأتُ أستفيق وأدرك..

هاجمتني ذكريات طفولتي معك..

تذكرتُ القطار الذي اشتريته لي.. والبنطلون الكاوبوي..

تذكرتُ وأنا أركب معك على الدراجة..

وتذكرتُ حين سقطت على وجهي وسال الدم منه وفي عينيك.. نظرة رعبٍ وهلعٍ لا تُنسى..

تذكرتُ أشياء كثيرة معك وعنك يا أبي ليس فيها ذكرى واحدة..

تخلو من حنانك الذي كان أشهر صفاتك وأكثر بضاعتك..

 

post-125640-1315034573.png

 

خلاص، قالها أخي يا أبي وأغلق السماعة..

أول شيء فكرت فيه أن أتصل بك..

في هذه المناسبات كنتُ أول من اتصل به لأخبره وأستشيره..

أخرجتُ الهاتف ومسحتُ رقمك على الفور..

في العادة أحب الاحتفاظ بالأشياء للذكرى..

لكن معك تخلصتُ من كل شيء يمكن أن يذكرني بهذا الحدث..

ذهبتُ إلى بيتك حيث كانت أمي هناك..

post-125640-1315034573.png

 

 

 

دخلتُ البيت لأول مرة بعد أن صرتَ ذكرى يا أبي..

جلست أمام أمي.. قالت لي: خلاص؟!

قلتُ لها: خلاص!! خلاص يا أبي..

جاء اليوم الذي خفته وخشيته يا أبي.. خلاص...

تلك هي الحياة يا أبي.. بكاءً الآن بدأ البكاء يا أبي...

 

post-125640-1315034573.png

 

 

 

منقول

تم تعديل بواسطة منال كامل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

رائعة والله عجبتني لكن أحزنتني كثيرا

كلما قرأت سطرا تذكرت أبي الحبيب وكيف أنني لا أسمع كلامه أحيانا وأرفع صوتي أحيانا أخرى

وفي نهاية القصة عرفت أن الأب كنز بما أنه في الدنيا الله إني أسألك بره

 

كما تذكرت موت جدي الحبيب رحمه الله الذي كان بمثابة الأب لنا فقد عاش حياته معنا

أسكنك الله الفردوس الأعلى وجعلك من جيران الحبيب المصطفى

صل الله عليه وسلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مؤثر فعلاً

ذكرتني بجدي الذي رباني وكان أبا لي رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

نقل مؤثر ~

 

جزاكِ الله خيراااااااااااا ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وجزاكن الله خير الجزاء يا حبيبات

أسعدني مروركن الطيب

أسأل الله أن يلهمنا الصبر عند فراق الأحباب وأن لا نقول إلا ما يرضيه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كلمات رائعة ذكرتني بوفاة ابي العزيز اللهم ارحمة ووسع مدخلة واغفر له هو وجميع موتى المسلمين والمسلمات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أمين يا رب جزاك الله خيرا على الدعاء يا غاليه لا لم تفعلي شيئاً ألاباء الأمهات نعمه أنعمها الله علينا ، اللهم ارحمهم كما ربونا صغار

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

هذا هو حال الحياة والفراق لابد منه عسى اللقاء في جنة الخلد

 

رحم الله موتانا وموتى المسلمين

 

مؤثرة ، جزاك الله خيرا يا غالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×