اذهبي الى المحتوى
مريم فوزي

|| تـطويرُ الذَّات في فنّ التعامل مع الآباء والأمهـات ~

المشاركات التي تم ترشيحها

الوصية الثانية: إنفاذ عهدهما من بعدهما

وإنفاذ عهدهما: أي إمضاء وصيتهما وما عهدا به قبل موتهما .(النهاية في غريب الحديث والأثر (5/9. ).

فقد يعهد الوالدان أو أحدهما بعهد قبل موتهما أو يوصيان بوصية ؛فمن البر أن ينفذ الأولاد هذه الوصية

 

ويفون بعهد والديهما أو أحدهما من بعدهما !

إلا أن بعض الأولاد –هداهم الله- قد يكتمون وصية الوالدين ويهملون عهدهما لأسباب منها :

1- أن الطمع والشح قد يحمل الأولاد على كتمان الوصية، وتمزيق وثيقتها،ومحاولة إغراء شهودها إذا كانت

مُشهد عليها ؛فقد يرون ما أوصى به مورثهم كبيراً أو كثيراً ؛فيؤثرون الفانية على الباقية ويوقعون في الإثم

 

ويحرمون مورثهم الأجر .

فعلى من وسع الله عليه في ماله وأراد أن يوصي بشيء أن يثبت ذلك في المحكمة لدى القاضي ؛فإن الأنفس

تضعف في مقابل المال إلا من رحم الله، ولا تدري ما يفعل أبناؤك من بعدك ؛وإثباتك لوصيتك بالطرق الرسمية

أمان لوصيتك ومنجاة لوارثك من أن يقع فريسة للأفكار الشيطانية .

 

2- أن قلة ذات اليد قد تدعو الأبناء لإنكار ما عهد به والدهم؛إذا لم يكن ذلك مثبت ومشهد عليه ، فبدل

من أن يؤخذ منهم هذا الشيء القليل الذي ورثوه من أبيهم ؛فإنهم قد يسول لهم الشيطان وتزين لهم النفس

الأمارة بالسوء إنكاره وجحده ويرون أن هذا الحل هو أسلم الحلول وأبعدها من المشاكل والهموم .

وللتغلب على هذه المشاكل على الأبناء أن يعلموا أن ما عند الله خير وأبقى وأن هذا الدنيا عما قريب تفنى !

وقد يكون الابن مثالاً للبر وقدوة صالحة في الإحسان إلى والديه في حياتهما ؛فيقع في العقوق بعد موت

والديه بإهمال وصيتهما وعدم الوفاء بعهدهما .

...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الوصية الثالثة: صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما

 

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة قاطع" متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم: "من أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ له في أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" متفق عليه.

وصلة الرحم مع عظم الأجر المترتب عليها في ذاتها ؛فهي أيضاً من بر الوالدين بعد موتهما ؛وذلك عندما يصل

الولد رحمه بعد موت والديه.

وصلة الرحم من العبادات الجليلة العظيمة ؛إلا أنها أصبحت في هذه الأزمنة المتأخرة مهجورة غير مبالى بها من

كثير من المسلمين

,,

وقد أخبرني أحد الأخوة بمعاناته بعد موت والديه ؛يقول: كل شيء بدأ

يتغير ،كنت لا أفترق أنا وإخواني وأخواتي ،لأن البيت الكبير ،بيت أبي

وأمي يجمعنا في كل يوم ؛ أو على الأقل في كل أسبوع مرتين أو ثلاث.

أما اليوم (بعد وفاة والديه ) فكل واحد منا أصبح له عالمه الخاص ،ولم نعد نرى بعضاً إلا قليلاً !

قلت: ومن الأولاد من لم يجتمع مع إخوانه بعد موت والديه إلا في المحاكم ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

فبعد أن حملتهم رحم واحدة وآواهم بيت واحد وأشبعهم طعام واحد كان اجتماعهم بعد ذلك في حضرة

القاضي ووسط الشهود ،وينادى عليهم باسم أبيهم والناس يتعجبون ،وهؤلاء الأبناء من فعلهم لا يخجلون

فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

فإذا كان هذا التعامل بين الأشقاء ؛فكيف يكون التعامل مع الأعمام والأخوال والعمات والخالات .

لماذا هذا التقاطع ؟

وما عاقبة هذا التناحر ؟

كله والعياذ بالله من أجل الدنيا التي لن تبقى لأحد ،ولن يبقى لها أحد .

قال صلى الله عليه وسلم: "وما الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كما

بُسِطَتْ على من كان قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كما أَهْلَكَتْهُمْ" متفق عليه .

...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,,,

موضوع أقل ما يقال عنه رائع

ما شاء الله شامل وقيم للغاية

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما فيه وان يعينا على بر والدينا على الوجه الذي يحب ويرضى

بارك الله فيك صموتة الحبيبة وأجزل الله لك الأجر والمثوبة ()

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الوصية الرابعة: إكرام صديقهما

 

عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عن ابن عُمَرَ أَنَّهُ كان إذا خَرَجَ إلى مَكَّةَ كان له حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عليه إذا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلَةِ

وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بها رَأْسَهُ فَبَيْنَا هو يَوْمًا على ذلك الْحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أَعْرَابِيٌّ فقال أَلَسْتَ ابن فُلَانِ بن فُلَانٍ قال بَلَى

فَأَعْطَاهُ الْحِمَارَ وقال ارْكَبْ هذا وَالْعِمَامَةَ قال اشْدُدْ بها رَأْسَكَ فقال له بَعْضُ أَصْحَابِهِ غَفَرَ الله لك أَعْطَيْتَ

هذا الْأَعْرَابِيَّ حِمَاراً كُنْتَ تَرَوَّحُ عليه وَعِمَامَةً كُنْتَ تَشُدُّ بها رَأْسَكَ فقال إني سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه

وسلم يقول إِنَّ من أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أبيه بَعْدَ أَنْ يولى وَإِنَّ أَبَاهُ كان صَدِيقًا لِعُمَرَ ) رواه مسلم .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وفي هذا الحديث دليل على امتثال الصحابة ، ورغبتهم في الخير ومسارعتهم

إليه ؛ لأن ابن عمر استفاد من هذا الحديث فائدة عظيمة ، فإنه فعل هذا الإكرام بهذا الأعرابي من أجل أن أباه

كان صديقاً لعمر ، فما ظنك لو رأى الرجل الذي كان صديقاً لعمر ؟ لأكرمه أكثر وأكثر .

فيستفاد من هذا الحديث أنه إذا كان لأبيك أو أمك أحد بينهم وبينه ود فأكرمه ، كذلك إذا كان هناك نسوة

صديقات لأمك ؛ فأكرم هؤلاء النسوة وإذا كان رجال أصدقاء لأبيك ؛ فأكرم هؤلاء الرجال ، فإن هذا من

البر .

,,

 

وفي هذا الحديث أيضاً : سعة رحمة الله عز وجل حيث إن البر بابه واسع لا يختص بالوالد والأم فقط ؛ بل حتى

أصدقاء الوالد وأصدقاء الأم ، إذا أحسنت إليهم فإنما بررت والديك فتثاب ثواب البار بوالديه .

وهذه من نعمة الله عز وجل ، أن وسع لعباده أبواب الخير وكثرها لهم ، حتى يلجوا فيها من كل جانب ،

نسأل الله تعالى أن يجعلنا والمسلمين من البررة ، إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله

وصحبه أجمعين ).

ومن الأبناء من يهجر أصدقاء والده بمجرد موته ؛بل قد يؤذيهم ويشتمهم إذا كان بينهم وبين أبيه شراكة أو

تجارة ؛فيتهمهم بالغش والسرقة والتدليس .

...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الفصل الرابع

عوائق في طريق البر!

سنتكلم عن هذه العوائق في مبحثين ؛قسم يتسبب فيه الآباء والأمهات وقسم يضعه الأبناء .

 

small_akhawat_islamway_1368645808__13601664061.pngsmall_akhawat_islamway_1368645808__13601664061.png

 

المبحث الأول: عوائق من صنع الوالدين

{يساهم الوالدان أحياناً بقصد أو بدون قصد في سير أولادهم في طريق العقوق ؛وذلك من

خلال بعض التصرفات التي منها على سبيل المثال لا الحصر:

 

1- عدم اختيار الزوج الصالح والاسم الحسن :وهذا من أكبر العوائق في طريق البر .

فالزوج أو الزوجة غير الصالح سيتأثر به أبنائه ،وفي الغالب أن ثمرة العقوق عقوق.

ولأهمية هذا الأمر سواء على الأبناء في المستقبل أو على الحياة الزوجية بشكل عام ؛فقد وجه النبي صلى الله

عليه وسلم الأزواج للاهتمام بهذا الأمر ؛فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم

قال: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" متفق عليه.

وعن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ

الصَّالِحَةُ" رواه مسلم.

وعن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ قالت قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ

وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ" رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

...

 

ومن الأمور التي ينبغي الاهتمام بها من قبل الوالدان اختيار الاسم الحسن لأولادهم ؛فإن البعض يختار لولده

اسماً يكون سبباً في إهانته وتجريحه عمره كله .

 

وبعضهم يختار له اسماً يرغب في الشر ويزهد في الخير ؛فكل له من اسمه نصيب كما قيل.

جاء رجل إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنها يشكو عقوق ابنه.

فأمر عمر بإحضار الابن ،وأغلظ له في القول ؛فقال الابن مهلاً يا أمير المؤمنين ما حق الابن على أبيه ؟

فقال عمر :له عليه أن يحسن اختيار أمه ،ويسميه اسماً حسناً ،ويعلمه القرآن .

قال الابن أما أمي فهي أمة سوداء ،واسمي جعلاً ،ولم يعلمني أبي حرفاً من القرآن !

فقال عمر للرجل اذهب فقد عققت ابنك صغيراً فعقك كبيراً.

فهل ننتظر أخي الكريم أن يعقنا أبنائنا ؛نسأل الله السلامة والعافية .

,,

 

2- عدم اهتمام بعض الوالدين بأولادهم وإهمالهم حال الصغر:التربية ليست برنامج قصير يتم في يوم أو

أسبوع أو شهر أو سنة ؛بل هي عملية دائمة من نعومة أظفار الأطفال إلى بلوغ الرشد وقد تتعدى ذلك .

فالابن قد يحتاج إلى توجيه وإرشاد من أبيه وإن بلغ مبلغ الرجال.

 

بعض الناس –هداهم الله- يهملون النصح والتوجيه لأبنائهم في مرحلة الصغر ؛فقد يصدر من الطفل بعض

الأقوال أو الأفعال التي تؤدي به إلى العقوق ،فيتركونه ولا يبينون له خطأ هذه الأقوال والأفعال .

عن عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال :قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ

وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عليهاوَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في الْمَضَاجِعِ" رواه أبو داود.

عن عُمَرَ بن أبي سَلَمَةَ يقول: (كنت غُلَامًا في حَجْرِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في

الصَّحْفَةِ فقال لي رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فما زَالَتْ

تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ ) رواه البخاري.

فهذين الحديثين مثال على ما ينبغي على المسلم فعله مع ابنه من عدم إهمال تربيته وتوجيهه في الصغر .

وقد مر معنا في العائق الأول قصة ذلك الرجل الذي شكا ابنه إلى الخليفة

الراشد عمر بن الخطاب ؛وكيف أن الأب لم يقم بالاهتمام بتأديب ابنه

وتعليمه في الصغر ؛فقال له عمر :عققته صغيراً فعقك كبيراً.

 

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة ؛وأكثر

الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارا فلم

ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال يا أبت إنك عققتني صغيراً

فعققتك كبيراً وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً"

,,

 

3- عدم العدل بين الأولاد وتقديم بعضهم على بعض:

عن النُّعْمَانَ بن بَشِيرٍ رضي الله عنهما قال أَعْطَانِي أبي عَطِيَّةً فقالت عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حتى تُشْهِدَ

رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال إني أَعْطَيْتُ ابْنِي من عَمْرَةَ

بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يا رَسُولَ اللَّهِ قال أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هذا قال لَا قال فَاتَّقُوا اللَّهَ

وَاعْدِلُوا بين أَوْلَادِكُمْ قال فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ) رواه البخاري ومسلم ،وهذا لفظ البخاري ولفظ مسلم :( عن

النُّعْمَانَ بن بَشِيرٍ أَنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الموهوبة من مَالِهِ لِابْنِهَا فَالْتَوَى بها سَنَةً ثُمَّ بَدَا له فقالت لَا

أَرْضَى حتى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على ما وَهَبْتَ لِابْنِي فَأَخَذَ أبي بِيَدِي وأنا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ

فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمَّ هذا بِنْتَ رَوَاحَةَ أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ على

الذي وَهَبْتُ لِابْنِهَا فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هذا قال نعم فقال أَكُلَّهُمْ

وَهَبْتَ له مِثْلَ هذا قال لَا قال فلا تُشْهِدْنِي إِذًا فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ على جَوْرٍ ).

...

 

وعدم العدل بين الأولاد جور كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

 

وهو مدعاة للعقوق ؛فكل ما أراد الابن البر بوالديه نظر في تفضيلهما

لبعض إخوانه وأخواته عليه ؛والشيطان يفرح بهذا التفضيل وعدم العدل فلا يزال يوسوس في نفوس هؤلاء

الأولاد ويزين لهم العقوق حتى يحدث منهم والعياذ بالله جرائم عظيمة قد تصل في بعض الأحوال إلى محاولة

الانتقام من والديهم وإخوانهم .

,,

 

4- التدخل الزائد من قبل الوالدين في حياة الأولاد :

بعض الآباء والأمهات يحول حياة أولاده إلى جحيم لا يطاق بكثرة التدخل في شئونهم ؛لا يتركون للأولاد

مساحة من التفكير ،ولا قدراً من الحرية ؛ففي كل شيء يتدخلون ،في صغير الأمور قبل كبيرها !

وقد تكون هذه التدخلات في بعض الأحيان بعيدة عن المصلحة ؛وإن كان الأب والأم يظنان المصلحة فيها .

فيعيش الابن في حرج شديد بين رغبته في بر والديه ورغبته في ممارسة حياته بنوع من الحرية في إطار ما أباحه

الله.

ولا يزال هذا الابن يحاول أن يجمع بين هذين الأمرين ،وذلك في غاية الصعوبة ؛حتى يقرر في نهاية المطاف

اختيار أحدهما على الآخر ؛فإما أن يقدم رغبة والديه ويقتل كل رغباته وآماله وطموحاته ،ويلغي إختياراته.

 

وإما أن يختار العقوق –مكرهاً أخاك لا بطل – فيرفض جميع اختيارات والديه وإن كانت لا تتعارض مع

اختياراته ورغباته.

فعلى الوالدين أن يتركوا مجال من الحرية التي لا تنافي شرع الله لأولادهم في ممارسة حياتهم .ورحم الله أماً وأباً

أعانا أولادهم على برهم .

 

كما أنه على الأولاد أن يتقوا الله ويصبروا على آبائهم وأمهاتهم ؛ولا يحملهم سوء التصرف من والديهم في

بعض الأحوال والأحيان على العقوق ؛بل عليهم أن يتذكروا عظيم الأجر وحسن جزاء الصبر على الوالدين

خاصة ؛قال تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} آل عمران: 142

فما أرخص صبر ثمنه الجنة ،وما أرخص رغبة يتركها ابن من أجل رغبة أم أو أب !

فإذ لم تستطع أن تترك بعض رغباتك من أجل رغبات والديك ؛فاعلم أن أولادك لن يتركوا رغباتهم من أجلك.

,,

 

5- عدم اهتمام الوالدين بإظهار مشاعر الحب والرحمة في أثناء تعاملهم مع أولادهم : يشترك الآباء والأمهات

في حد أدنى من الحُب لأولادهم والشفقة عليهم لا يخلو منها قلب أم أو أب مهما كان !

ثم بعد ذلك يختلف بعضهم عن بعض في قدر هذا الحُب وطريقة التعبير عنه فبعضهم شديد الحُب لأولادهم

؛لكنه لا يُظهر ذلك ولا يحرص على اطلاع أبنائه عليه .

فينتج عن هذا أن يظن بعض الأولاد أن أبيه وأمه لا يحبانه ؛لأنه لا يرى تعبيراً عن هذا الحُب ،وهذا غير

صحيح ؛بل كل أم وأب مهما بلغا من السوء لا تخلو قلوبهم من حُب أولادهم.

ومن الأفضل والأنسب أن يُبينا هذا الحُب ويظهرانه في كلامهما وتعاملهما ونصحهما ودعائهما وفي كل

تصرفاتهما !

 

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحُب لأولاده مظهراً لهذا الأمر ومعلنا له ؛ فعنَّ أَبَي هُرَيْرَةَ رضي

الله عنه قال: "قَبَّلَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ بن عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بن حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا

فقال الْأَقْرَعُ إِنَّ لي عَشَرَةً من الْوَلَدِ ما قَبَّلْتُ منهم أَحَدًا فَنَظَرَ إليه رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال

من لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ" متفق عليه .

 

وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: "جاء أَعْرَابِيٌّ إلى النبي صلى الله عليه

وسلم فقال تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فما نُقَبِّلُهُمْ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو أملك لك أَنْ نَزَعَ الله من قَلْبِكَ

الرَّحْمَةَ" متفق عليه.

 

وعنها رضي الله عنها قالت: "دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لها تَسْأَلُ فلم تَجِدْ عِنْدِي شيئا غير تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا

فَقَسَمَتْهَا بين ابْنَتَيْهَا ولم تَأْكُلْ منها ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ فَدَخَلَ النبي صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ فقال

من ابْتُلِيَ من هذه الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ له سِتْرًا من النَّارِ" متفق عليه.

وعن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: "قَدِمَ على رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْيٍ فإذا امْرَأَةٌ من

السَّبْيِ تبتغى إذا وَجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ فقال لنا رسول اللَّهِ صلى الله عليه

وسلم أَتَرَوْنَ هذه الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا في النَّارِ قُلْنَا لَا والله وهى تَقْدِرُ على أَنْ لَا تَطْرَحَهُ فقال رسول اللَّهِ

صلى الله عليه وسلم لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ من هذه بِوَلَدِهَا" متفق عليه.

إن عدم اهتمام الوالدين بإظهار مشاعر الحب والرحمة أثناء تعاملهم مع أولادهم قد يسوقهم إلى جحيم العقوق

والعياذ بالله .

فيخسر الوالدان بر أولادهم في الدنيا ؛ويخسر الأولاد في الدنيا والآخرة.

...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله

606247166.gif

المبحث الثاني: عوائق من صنع الأولاد

{هذه العوائق تقع بسبب تصور خاطئ يعيشه الأولاد في نفوسهم ؛هذا التصور يحملهم على العقوق بطريق

أو بآخر ؛ومن هذه التصورات:

 

1-محاولة بعض الأبناء الاستقلال التام في حياتهم عن حياة والديهم:

فبعض الأبناء من حين أن يتزوج يحاول أن يعيش في عزلة تامة عن والديه فبعد أن كان يقضي كل يومه مع

والديه ،اكتفى بساعة أو ساعتين من كل أسبوع يجلسها معهما .

وبعد أن كان يقضي جميع حوائج والديه اكتفى بقضاء حوائج زوجته وأبنائه .ولم يعد يهتم كثيراً بقضاء حوائج

والديه ،ولا يسأل عن قضائها نهائياً.

,, ولأن قلوب أغلب الآباء والأمهات مغلفة بغلاف من الرحمة ،وممتلئة بالعطف والشفقة ،فيحاولون أن لا

يشعر هذا الابن الحبيب بأثر هذا التغير والتحول في تعامله معهما .

وهذا الابن يظن أن هذا التحول طبيعي بحكم انتقاله إلى حياة جديدة .

وفي الحقيقة أن هذا الأمر فيه تداخل ،والناس فيه على طرفي نقيض مابين إفراط وتفريط !

فبعض الأبناء ينقطع في حياته الجديدة عن والديه تماماً .

وبعضهم تكون حياته وحياة زوجته وأبنائه تحت التصرف التام لوالديه .

والمفترض أن يحاول الابن إعطاء كل ذي حق حقه.

فيؤدي حقوق والديه ويؤدي حقوق وزوجته وأبنائه بدون تداخل أو تقاطع فيما بينها .

,,

 

2-استصغار الوالدين واحتقارهم: وفي الحقيقة لولا ما نراه في الواقع من تصرفات تدل على هذا الأمر من

بعض الأولاد مع والديهم لما أوردته لعظم الكلام فيه وصعوبة النطق به.

بعض الأولاد من البنين والبنات عندما يشب ويكبر ويهيئ الله له عملاً هاماً ومركزاً مرموقاً ؛وهو ابن ذلك

الرجل البسيط وابن تلك المرأة الأمية يبدأ يتأفف من والديه .

فلا يحب أن يشاهد زملائه والده والبنت كذلك لا تحب أن ترى زميلاتها أمها ؛يريان أن مشاهدة الناس

لوالديهم توقعهم في الحرج ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وكم رأينا في مناسبة أبناء يتقدمون آبائهم في الدخول إلى المجلس .

وكم رأينا أبناء يتقدمون على آبائهم بالكلام ؛وما علموا أنهم بهذه التصرفات يستجلبون مقت الناس

وبغضهم.

وللأسف أن بعض أولئك الذين يستعيبون من آبائهم وأمهاتهم من حملة الشهادات العليا ؛وفي الحقيقة لا أعلم

ماذا أضافت لهم هذه الشهادات إذ لم تعلمهم احترام والديهم .

وهذان الأبوان الكريمان: كم انتظرا أن يفوز ابنهم بتلك الوظيفة أو يحصل على هذا المركز المرموق ؛فهل

جزاء الإحسان إلا الإحسان .

أتستعيب منهما وكم حملا عنك الأذى ؟أتستعيب منهما وكم قدماك للناس سعادة بك وأملاً في أن يوفقك

الله؟

أتعلم ممن تستعيب ؟

أتعلم ممن تخجل ؟

 

أظنك لا تعلم قدرهما ،بل إني أجزم أنك لا تعلم وإن ظننت أنك تعلم !

وهؤلاء الأبناء يبررون فعلهم ؛فهم مهما كانوا لا يقبلون أن يقال لهم أنكم تحتقرون آبائكم وأمهاتكم.

فمرة يقولون إن الزمن تطور والأحوال تغيرت ؛وآبائنا وأمهاتنا لا يستطيعون أن يميزوا بين النافع والضار

حسب هذه المتغيرات.

ومرة أخرى يقولون آبائنا وأمهاتنا يريدون أن يفرضوا علينا نمط من الحياة لا نستطيع أن نعيش من خلاله.عن

ابن عُمَرَ قال: "كانت تَحْتِي امْرَأَةٌ أُحِبُّهَا وكان أبي يَكْرَهُهَا فَأَمَرَنِي أبي أَنْ أُطَلِّقَهَا فَأَبَيْتُ فَذَكَرْتُ ذلك لِلنَّبِيِّ

صلى الله عليه وسلم فقال يا عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ طَلِّقْ امْرَأَتَكَ" رواه الترمذي وحسنه الألباني .

فابن عمر يأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلق امرأته استجابة لأمر عمر رضي الله عنهما. ومن المسلمين

في هذا الزمان من يهجر والده من أجل صاحبه فلا حول ولا قوة إلا بالله.

,,

 

3- تحميل تصرفات الوالدين مالا تحتمل: قد يهمل بعض الوالدين مسألة العدل بين الأبناء في موقف معين أو

في كل المواقف .

فهل يعق الأبناء والديهم عندما يحدث هذا منهم ؟

يقول أحد السلف: ما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.

هذا في حالة وقوع التفضيل فعلاً ؛لكن بعض الأبناء يحكم على تصرفات والديه حكماً جائراً ؛فكل تصرف

من والديه مع أحد إخوانه يصنفه على أنه تفضيل ،فيبدأ بعد ذلك رحلة أليمة من العقوق وكأنه يريد أن

يحاسب والديه على فعلهما .

قال محمد بن سيرين إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً فإن لم تجد له عذراً فقل لعل له عذراً.

فهل عجز أحدنا أن يلتمس لوالديه عذراً ؛فإن لم يجد لهما عذراً ،فلعل لهما عذراً لا يعلمه .

وعندما يرزقك الله بالأولاد ستعلم أنك كنت تحمل تصرفات والديك ما لا تحتمل !

,,

 

4- الغضب من الوالدين بسبب ضربهم أو كلامهم على الأولاد:

إن كثيراً من الآباء والأمهات لا تعجبهم حياة الترف التي يعيشها كثير من

الأبناء والبنات ؛فعندما يرون حال أولادهم وتعاملهم في تربية أولادهم

وما يصاحب هذه التربية من دلال مطلق ،وتلبية رغبات تصل إلى درجة التميع ،ومحاولة عدم إغضاب الولد

لدرجة تصل إلى الاهمال.

كل هذه التصرفات تجعل الآباء والأمهات يحاولون التدخل في تربية الأحفاد وتعويدهم على الجد وإبعادهم عن

الترف ،وإن وصل الأمر إلى ضربهم .

وعندما يذوق الأحفاد حرارة الضرب يلجئون إلى آبائهم وأمهاتهم لأخبارهم وقد يزيدون وينقصون في ما

حصل لهم.

 

وهذا الأمر يوغر صدور الأولاد على والديهم ولا حول ولا قوة إلا بالله فيقعون في العقوق من خلال

كلامهم ،وربما رفعوا أصواتهم على والديهم وربما طلبوا منهم صراحة عدم التدخل في شئون الأولاد .

ولو سألوا أنفسهم لماذا يتكلم والديهم على أولادهم أو يضربونهم؟

لعلموا أنهم إنما يفعلون ذلك من أجل مصلحتهم وخوفاً عليهم وشفقة بهم .

وفي الختام أتمنى أن أكون قد ساهمت في رفع العقوق عن الآباء والأمهات ودفع الذنوب والآثام عن الأبناء

والبنات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الأبرار وسيد الأخيار محمد بن

عبد الله وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان .

...

تم الانتهاء بحمد الله من الكتاب لفضيلة الشيخ: "مصلح بن زويد العتيبي (أبو عبد الرَّحمن) -حفظه الله-"

نسأل الله أن ينفعنا به و يعيننا على بر والدينا ما حيينا و يجعلنا له تعالى كما يحب و يرضى

 

140346502.gif140346502.gif

 

و لنحمد الله دومًا أن وضع في قلوب أبوينا حنانًا ارتشفناه

 

أجمل ابتسامة تلك التي ترسمينها على محيا والديكِ، فلا تضيِّعي الفرصة :)

أجمل ابتسامة تلك التي ترسمينها على محيا والديكِ، فلا تضيِّعي الفرصة :)

أجمل ابتسامة تلك التي ترسمينها على محيا والديكِ، فلا تضيِّعي الفرصة :)

140346502.gif140346502.gif140346502.gif

332103283.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك اختي الحبيبة صمت

على الجهد المبذول

وجعلها الله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سبحان الله أنا كذلك أحتاج الرجوع إليه

نسأل الله أن يمتعنا ببرهم و يرزقنا الصبر الجميل عليه ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أجمل ابتسامة تلك التي ترسمينها على محيا والديكِ، فلا تضيِّعي الفرصة :)

جزاك الله خير يا حبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله

بارك الله فيك اختي الحبيبة صمت

على الجهد المبذول

وجعلها الله في ميزان حسناتك

و فيك بارك الرحمن محبة الغالية

اللهم آميين ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@@ميرفت ابو القاسم

أجمل ابتسامة تلك التي ترسمينها على محيا والديكِ، فلا تضيِّعي الفرصة :)

 

جزاك الله خير يا حبيبة

 

:)

و أنت من أهل الجزاء يا جميلة ()

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×