اذهبي الى المحتوى
*إشراقة فجر*

~..فوائـد تفسيريـّة ودرر قرآنيـّة من رسالةٍ لابن القيـّم ـ رحمه الله ـ..~

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

..

~.. فوائد تفسيرية ودرر قرآنية من رسالةٍ لابن القيم -رحمه الله- ..~

 

إن العلماء هم خير الناس بعد الأنبياء على الإطلاق ، وهم ورثتهم باتفاق ؛ فهم للدين حملة ، ولميثاقه حفظة ، وللشريعة نقلة إلى الأجيال جيلاً بعد جيل ، وقرناً بعد قرن.

وإن سبيل العلم والدعوة غيرُ مفروش بالورود ، وطريقَه صعبٌ وشائك مهما كان السالك، ؛ لذا فإن السالكين له قليل والحاملين لواءَه نزرٌ يسير!....

ومن العلماء الأجلاء ، والأئمة الفضلاء العَلمُ الإمام ، الجبلُ الهُمام ، تلميذُ شيخ الإسلام الإمامُ ابنُ قيم الجوزية ـ رحمه الملك العلام ـ المتوفى سنة 751 من الهجرة.

وإن الناظر ليجد أن كلام ابن القيم كلُّه قيم !!، ومن كلامه القيم : " رسالة أرسلها إلى أحد إخوانه "حريٌ بطالب العلم أن يقرأها ؛ فإن فيها من الفوائد العلمية والإيمانية الشيءَ الكثير مع قلة حجمها ، وهذا أسلوب ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تركته الناجعة ومؤلفاته الماتعة !!

وقد اخترت لكم منها بعض الفوائد التفسيرية ، والدرر القرآنية لعلها تنفعني وتنفعكم بإذن الله ، فإليكموها :

 

كتبه:

أبو قدامة المدني

سعيد بن إبراهيم بن"محمد سعيد" النمارنة

مرحلة الماجستير / قسم القراءات / الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

 

 

يُتبع بحول الله ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

اللهم بارك

 

بداية مشوقه

متابعة بإذن الله

جزاكِ الله خيرًا ياغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

اللهم بارك

 

بداية مشوقه

متابعة بإذن الله

جزاكِ الله خيرًا ياغالية

 

جزانا الله وإياكِ مرام الغالية

متابعتك تسعدني ، بارك الله فيكِ (:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

شوقتينا : )

 

متابعة بإذن الله تعالى~

 

(:

متابعتك تسعدني سدرة الحبيبة ، بارك الله فيكِِ

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

في المتابعة

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

تسعدني متابعتك أم جومانا الحبيبة ، بارك الله فيكِ (:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

...

 

• الدرة الأولى : في قوله تعالى إخباراً عن المسيح عليه (وجعلني مباركاً أين ما كنت) قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : " أي معلماً للخير ،داعياً إلى الله ، مذكراً به ، مرغبا ًفي طاعته فهذا من بركة الرجل ، ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة ، ومحقت بركة لقائه والاجتماع به ، بل تمحق بركة من لقيه واجتمع به ...." ، وقال ـ رحمه الله - : " إن بركة الرجل تعليمه للخير حيثما حل ونصحه لكل من اجتمع به "

قلت: رحمك الله يا ابن القيم ؛ فإنك وشيخك مباركيْن بحق ، فقد نصرتم السنة ، وقمعتم البدعة ، ودافعتم عن حياض هذا الدين ، وجاهدتم في سبيل رب العالمين ، فأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلله دركم !! ، وأذكر ههنا أثراً إسناده جيد ذكره الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ عند هذه الآية فقال: " قال ابن جرير: حدثني سليمان بن عبد الجبار، حدثنا محمد بن يزيد بن خُنَيْس المخزومي، سمعت وُهَيْب بن الورد مولى بني مخزوم قال: لقي عالم عالمًا هو فوقه في العلم، فقال له: يرحمك الله، ما الذي أعلن من عملي؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده، وقد أجمع الفقهاء على قول الله: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) ، وقيل: ما بركته؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أينما كان" .

...

 

يُتبع بحـول الله ~

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

جزاكِ الله خيرًا وبارك فيكِ

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات أمة الإسلام وسبب خيريتها

قال تعالى: (كنتم خير أمةٍ أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

**

الدرة الثانية : في قوله تعالى : (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً)

أورد ابن القيم ـ ـ قول مجاهد في معنى قوله واجعلنا للمتقين إماما فقال : قال مجاهد: واجعلنا للمتقين إماماً أي : اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم .

ثم أورد ابن القيم ـ ـ إشكالاً وسؤالاً ، وخلاصة الإشكال : أن بعض من لم يفقه فقه السلف وعمق عملهم يقول على حسب قول مجاهد وغيره إن الأصل أن يكون التقدير مقلوباً أي " واجعل المتقين لنا أئمة " .

ثم أجاب الإمام ابن القيم عن هذا السؤال ، وردّ هذا الإشكال ؛ وخلاصة ردّه : أنه لا يكون الرجل إماماً للمتقين حتى يأتم بالمتقين ، فمتى ائتم الرجل بالمتقين من السلف قبله ، وحذا حذوهم ، واقتفى أثرهم صار إماما للمتقين بعده.

 

 

**

يُتبع بحول الله~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

,،

 

 

الدرة الثالثة : في قوله تعالى أيضاً : (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً)

طرح ابن القيم هنا سؤالاً آخر وهو : لماذا وحد الله لفظ (إماماً) ولم يقل (أئمة) ؟!!

ثم أجاب ـ بثلاثة أجوبة عن هذا السؤال ، وخلاصة أجوبته :

الجواب الأول : أن إمام جمع آم مثل صاحب وصحاب ،وهذا قول الأخفش.

الجواب الثاني : أن الإمام هنا مصدرٌ لا اسم ، والتقدير : أي اجعلنا ذوي إمام

وقد ضعّف ابن القيم هذين القولين .

الجواب الثالث : قول الفراء : أنه إنما قال هنا ( إماماً ) ولم يقل ( أئمة ) من باب الواحد المراد به الجمع

وقد أتى الفراء على قوله بشاهدين ودليلين وهما :

1- قوله تعالى : إنا رسولُ ربِّ العالمين ولم يقل رسولا .

2- قول الشاعر :

يا عاذلاتي لا تردن ملامتي

إن العواذل ليس لي بأمير

أي : ليس لي بأمراء .

قلت : وإن في نفس الآية شاهداً على المفرد المراد به الجمع ؛ ففي قوله تعالى أزواجنا وذرياتنا قراءتان :

قراءة نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وحفص ، وأبي جعفر ، ويعقوب بالجمع وذرياتنا

قراءة أبي عمرو ، وشعبة ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف العاشر بالإفراد وذريتنا

قال الإمام الشاطبي ـ ـ :

"ووحد ذرياتنا حـــفظ صحبة"

(والحاء) رمز لأبي عمرو ، (وصحبة) رمز لشعبة وحمزة والكسائي

وقال الإمام ابن الجزري ـ ـ في الدرة :

"جمع ذرية حـــلا"

(والحاء) رمز ليعقوب

 

وقد قال الإمام ابن خالويه ـ ـ في توجيه قراءة الإفراد : " والحجة لمن وحّد : أنه أراد به الذرية وإن كان لفظها لفظ التوحيد فمعناها معنى الجمع " (الحجة ص 165 )

 

ثم بعد أن أورد ابن القيم الجواب الثالث عقّب بتعقيب جميل ، وذيّل بتذييل جليل يُكتب بماء الذهب !! ؛ فقال :

" وهذا أحسن الأقوال ، غير أنه يحتاج إلى مزيد بيان ، وهو أن المتقين كلهم على طريق واحد ، ومعبودهم واحد ، وأتباع كتاب واحد ونبي واحد ، وعبيد رب واحد ؛ فدينهم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد ومعبودهم واحد ، فكأنهم كلهم إمامٌ واحد لمن بعدهم ، ليسوا كالأئمة المختلفين الذين قد اختلفت طرائقهم ، ومذاهبهم ، وعقائدهم ، فالائتمام إنما هو بما هم عليه ، وهو شيءٌ واحد ، وهو الإمام في الحقيقة " .

,،

 

يُتبع بحول الله ~

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يبدو أنه سيكون موضوع غني بالفوائد والدرر

سأكون في القرب بإذن الله

جزاك الله خيراً يا حبيبة وجعله في ميزان حسناتك ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله موضوع قيم جداا

بارك الله فيكِ إشراقة الحبيبة

لاحرمكِ الله تعالى الأجر والثواب

نتابع باقي الدرر بإذن الله تعالى ...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

يبدو أنه سيكون موضوع غني بالفوائد والدرر

سأكون في القرب بإذن الله

جزاك الله خيراً يا حبيبة وجعله في ميزان حسناتك ()

 

تسعدني متابعتك حبيبتي الغالية

جزانا الله وإياكِ، اللهم آمين

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله موضوع قيم جداا

بارك الله فيكِ إشراقة الحبيبة

لاحرمكِ الله تعالى الأجر والثواب

نتابع باقي الدرر بإذن الله تعالى ...

 

وفيكِ بارك الرحمن عروس الحبيبة

اللهم آمين

متابعتك تسعدني، جزاكِ الله خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

.،

 

الدرة الرابعة : في قوله تعالى : (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)

ذكر ـ ـ أن الآية الكريمة تضمنت أصولاً أربعة وهي :

1) الصبر

2) اليقين

3) الدعوة إلى الله وهداية خلقه

4) هدايتهم بما أمر به على لسان رسوله لا بمقتضى عقولهم وأهوائهم ...

ثم بين ـ ـ كل أصل من هذه الأصول على حدة ، ثم لخص ما ذكره في آخر المطاف فقال : " فحصل من هذا : أن أئمة الدين الذين يقتدون بهم هم الذين جمعوا بين الصبر واليقين والدعوة إلى الله بالسنة والوحي لا بالآراء وبالبدع ، فهؤلاء خلفاء الرسول ـ ـ في أمته ، وهم خاصته وأولياؤه ، ومن عاداهم أو حاربهم فقد عادى الله ـ سبحانه ـ وآذنه بالحرب " .

قلت : وإليكم لطيفة تختص بالقراءات في هذه الآية :

قرأ الجماعة وهم نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم ، أبو جعفر ، وخلف العاشر ، وروح عن يعقوب لمَّا صَبَرُوا بفتح اللام وتشديد الميم وفتحها ؛ فيكون المعنى: أي حين صبروا

وقرأ حمزة ، والكسائي ، ورويس عن يعقوب: لِمَا صبروا فيكون المعنى أي لصبرهم جعلناهم أئمة.

قال الإمام الشاطبي ـ ـ :

"لما صبروا فاكسر وخفف شـــذا"

(والشين) رمز لحمزة والكسائي

وقال الإمام ابن الجزري ـ ـ في الدرة :

"وفتحه مع لما فصل وبالكسر طب ولا"

(طـــب) : الطاء رمز لرويس

 

,.

 

يُتبع بحول الله ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

*،

الدرة الخامسة: في قوله تعالى: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً ) (سورة الكهف:28)

قد بيّن الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ خطر آفتي ضياع الوقت وفساد القلب، وخطر مخالطة مقترفهما، ثم قال: " فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها، وكان ممن قال الله فيه: (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً) " (سورة الكهف:28)

ثم قال: "ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا أقل القليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى، واتبعوا أهواءهم، وصارت أمورهم ومصالحهم فرطاً ؛أي: فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم، واشتغلوا بما لا ينفعهم، بل يعود بضررهم عاجلاً وآجلاً ".

وقد قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ خلال تفسيره لهذه الآية: " وفي هذه الآية إشارة إلى أهمية حضور القلب عند ذكر الله، وأن الإنسان الذي يذكر الله بلسانه لا بقلبه تنزع البركة من أعماله وأوقاته حتى يكون أمره فرطاً عليه، تجده يبقى الساعات الطويلة ولم يحصل شيئاً، ولكن لو كان أمره مع الله لحصلت له البركة في جميع أعماله "

(تفسير سورة الكهف للشيخ ابن عثيمين:62)

 

قلت: فعلى المرء اللبيب، والفطن الأريب أن يحفظ وقته وقلبه، ويعمر لسانه بذكر ربه فمتى صنع ذلك فليبشر بسعادتي الدنيا والآخرة، ومتى فرط في ذلك وأضاع وقته، وقلبه، وذكر ربه فليكبر على نفسه أربعاً!!!.

نسأل الله أن يعمر قلوبنا بالإيمان، وألسنتنا بالذكر والإحسان...

,*

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

***

الدرة السادسة: في قوله تعالى: (كَالذين مِن قَبلكم كَانوا أشدّ منكم قوّةً وأَكثَر أَموالاً وأَولاداً فَاستمتعوا بِخلاقهِم فَاستمتعتم بِخلاقكم كَما استمتَع الّذين من قَبلكم بِخلاقهِم وخضتم كَالّذي خاضوا أولئك حبِطت أَعمالهم في الدّنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون) (سورة التوبة:69)

قد استنبط ابن القيم ـ رحمه الله ـ من هذه الآية استنباطاً رائعاً يدل على رسوخ فهمه، وكثرة تدبره ـ ـ؛ وهو أن مآل أهل الشهوات والشبهات حبوط أعمالهما؛ لكن كيف استبط ذلك ـ رحمه الله ـ ؟

بين ـ رحمه الله ـ أن الاستمتاع بالخلاق في قوله فَاستمتعتم بِخلاقكم كَما استمتع الذين من قَبلكم بِخلاقهِم هو الاستمتاع بالشهوات، وأن قوله (وخضتم كَالذي خاضوا ) المقصود الخوض بالباطل،وفي دين الله وهذا عين خوض أهل الشبهات، ثم قول الله بعد ذلك (أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون)

 

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :" فعلق ـ سبحانه ـ حبوط الأعمال والخسران باتباع الشهوات الذي هو الاستمتاع بالخلاق، وباتباع الشبهات الذي هو الخوض بالباطل"

 

قلت: وإن في هذه الآية تهديداً شديداً، ووعيداً أكيداً لأهل الشهوات والشبهات ـ نسأل الله العصمة ـ، وإن الله الرحيم بنا يقول لنا: خذوا عبرة ممن سلفكم من الأمم الخالية، والأنفس البالية التي غاصت في الشهوات، واستحكمت في الشبهات كيف كان مآلهم؟ وأين انتهى مصيرهم؟! مع أنهم أكثر أولاداً وعدة، وأظهر بأساً وشدة فلم ينفعهم ذلك، ولم يمنعهم وبيل عقاب الله وشدة أخذه.

ورحم الله القائل :

خذوا من الأسلاف ممن قبلكم

عظةً تنير قلوبكم وتبصر

 

عصمنا الله الغوص في المحرمات، والولوج في الشبهات إنه جواد كريم.

 

***

يُتبع بحول الله ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

,,

الدرة السابعة: في قوله تعالى: ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)

( يوسف : 108 )

قد أتى الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ بعدة فوائد في هذه الآية الكريمة:

 

الفائدة الأولى: أن قوله أدعوا إلى الله تفسير لسبيله التي هو عليها، فسبيله وسبيل أتباعه: الدعوة إلى الله، فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله؛ وقد بين ابن القيم أنه لا يكون من أتباع الرسل على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة؛ فأتباع الرسل هم أولوا البصائر .

 

الفائدة الثانية: في معاني البصيرة في اللغة، قد أتى ابن القيم بمعنيين:

1) قول ابن الأعرابي: البصيرة الثبات في الدين

2) البصيرة العبرة، ثم أتى بشاهدين على هذا المعنى:

ـ قولنا: أليس لك في كذا بصيرة، أي: عبرة

ـ قول الشاعر: في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر

ثم أتى بتحقيق بديع! فقال ـ ـ:

"والتحقيق: العبرة ثمرة البصيرة، فإذا تبصر اعتبر، فمن عدم العبرة فكأنه لا بصيرة له. وأصل اللفظ من الظهور والبيان، فالقرآن بصائر، أي: أدلة وهدىً وبيان يقود إلى الحق ويهدي إلى الرشد، ولهذا يقال للطريقة من الدم التي يستدل بها على الرمية بصيرة " .

ومن جميل ما قرأت قول للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حيث قال:

" قوله: على بصيرة أي علم؛ فتضمنت هذه الدعوة الإخلاص والعلم؛ لأن أكثر ما يفسد الدعوة عدم الإخلاص، أو عدم العلم، وليس المقصود بالعلم في قوله على بصيرة العلم بالشرع فقط، بل يشمل: العلم بالشرع، والعلم بحال المدعو، والعلم بالسبيل الموصل إلى المقصود، وهو الحكمة..."

( مجموع الفتاوى:9/119)

 

الفائدة الثالثة: في إعراب ومن اتبعني

أتى ـ رحمه الله ـ بقولين فيها، وهما:

1) أن ومن اتبعني معطوف على الضمير المرفوع في أدعوا ؛ فيكون التقدير والمعنى: أدعوا إلى الله أنا ومن اتبعني.

وقد قال ابن القيم هنا: "وحسن العطف لأجل الفصل فهو دليل على أن أتباع الرسول هم الذين يدعون إلى الله وإلى رسوله "

2) أن ومن اتبعني معطوف على الضمير المجرور في قوله سبيلي؛ ويكون التقدير والمعنى: أي هذه سبيلي وسبيل من اتبعني فكذلك .

 

ثم ختم وقال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ: " وعلى التقديرين فسبيله وسبيل أتباعه الدعوة إلى الله "

 

قلت: ما أحسن هذه الخاتمة!!، وما أحسن أن يكون المرء سائراً طريق الأنبياء وسبيلهم ـ ألا وهو الدعوة إلى الله ـ ، فاجعل هدفك أخي بعد فضل الله بهدايتك للحق أن تسعى في دعوة الخلق إلى الحق ـ سبحانه ـ بكل ما تملكه من جهد وطاقة وقوة،ولا تيأس ولا تقنط فهذا طريق الأنبياء، ودأب الصلحاء ، ولا تحقر نفسك، واعلم أنك مبدع في شيء ما؛ فقد تكون مبدعاً في الإلقاء فاحرص على الدعوة في الكلمات والدروس والخطب، وقد تكون مبدعاً في التأليف فأفد الأمة في ذلك، وقد تكون مبدعاً في الدعوة عن طريق الانترنت، وقد تدعوا إلى الله بتوزيع الشريط والكتاب الإسلامي وتبدع في ذلك، وتحصل خيراً عظيماً ـ وهذه دعوة للأغنياء بأن يغتنموا الفرصة ولا يفوتوها ـ ،وقد تدعوا إلى الله بسمتك وابتسامتك وأخلاقك وغير ذلك.

ولنتذكر أخي أفضل من وطئ الثرى نبينا محمداً كم عانى ولاقى من التعب والمشقة في سبيل الدعوة إلى الله، وإن سيرته مليئة بالمواقف الجياشة التي تبكي القلب، وتدمع العين، وإن الكلمات والحروف لتعجز عن وصف هذه المواقف ، فلنتأسى به، .ولنصبر، ولنثابر، ولننجز...

جعلنا الله دعاةً إليه حقاً، مخلصين له صدقاً إنه ولي ذلك والقادر عليه

،،

 

يُتبع بحول الله ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

؛؛؛

الدرة الثامنة: في قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ( الفاتحة : 7 )

ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ الغفلة واتباع الهوى وحذر منهما، ثم ذكر كلاماً جميلاً فقال: "فالغفلة تحول بين العبد وبين تصور الحق ومعرفته والعلم به فيكون من الضالين، واتباع الهوى يصده عن قصد الحق وإرادته واتباعه فيكون من المغضوب عليهم"، ثم قال: "وأما المنعم عليهم فهم الذين منّ الله عليهم بمعرفة الحق علماً، وبالانقياد إليه وإيثاره على ما سواه عملاً، وهؤلاء هم الذين على سبيل النجاة، ومن سواهم على سبيل الهلاك، ولهذا أمرنا الله ـ سبحانه ـ أن نقول كل يوم وليلة عدة مرات: "اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " ( الفاتحة : 7 ).

ثم بين ـ رحمه الله ـ بكلام نبيل فضل هذا الدعاء الجليل، العبق الجميل؛ فقال ـ رحمه الله ـ: " فإن العبد مضطر كل الاضرار إلى أن يكون عارفاً بما ينفعه في معاشه ومعاده، وأن يكون مؤثراً مريداً لما ينفعه، مجتنباً لما يضره، فبمجموع هذين يكون قد هدي إلى الصراط المستقيم، فإن فاته معرفة ذلك سلك سبيل الضالين، وإن فاته قصده واتباعه سلك سبيل المغضوب عليهم، وبهذا يعرف قدر هذا الدعاء العظيم، وشدة الحاجة إليه وتوقف سعادة الدنيا والآخرة عليه ".

ثم ذكر وبين ـ رحمه الله ـ أموراً كثيرة يكون العبد مفتقراً إلى الهداية فيها، وهو لا ينفك عنها، وهي مفيدة جداً فليرجع إليها .

وأذكر هنا كلاماً مفيداً ناجعاً لإمام المفسرين الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله القدير ـ حيث يقول: " والهداية ههنا: الإرشاد والتوفيق، وقد تتعدى الهداية بنفسها، كما هنا: "اهدنا الصراط المستقيم" ( الفاتحة : 7 ) فتضمن معنى ألهمنا أو وفقنا، أو ارزقنا أو أعطنا، "وهديناه النجدين"( البلد : 10) أي بينا له الخير والشر، وقد تعدى بإلى؛ كقوله تعالى: "اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم" ( النحل : 121 )، "فاهدوهم إلى صراط الجحيم" ( الصافات : 23 ) وذلك بمعنى الإرشاد والدلالة؛ وكذلك قوله تعالى: "وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم" ( الشورى: 52 ) وقد تعدى باللام؛ كقول أهل الجنة: "الحمد لله الذي هدانا لهذا" ( الأعراف : 43 ) أي وفقنا لهذا، واجعلنا له أهلاً " . (تفسير القرآن العظيم 1/209 )

 

وختاماً أسأل الله رب العباد أن يرزقنا الهدى والرشاد، والحق والسداد، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل فإنه ينبوع القبول، وأصل الأصول.

هذا والله أعلم وصلى الله على رسول الله.

:::

تمّت الرسالة بفضل الله وحمده

أسأل الله أن ينفعنا بها.

;;;

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيراً إشراقة الحبيبة على هذه الدرر الطيبة

نفعنا الله وإياكِ بها

لاحرمكِ الله تعالى الأجر والثواب

 

وختاماً أسأل الله رب العباد أن يرزقنا الهدى والرشاد، والحق والسداد، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل فإنه ينبوع القبول، وأصل الأصول.

هذا والله أعلم وصلى الله على رسول الله.

 

اللهــــــــــــــــــــــم آميــــــــــــــــــن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

 

جزاكِ الله خيرًا يا غالية على هذه الفوائد و الدُرر الرائعة

جعلها الله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله لك يا حبيبة

علي الفائدة و نفع بك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×