اذهبي الى المحتوى
ميرفت ابو القاسم

كتاب : المعلم الأول (صلى الله عليه وسلم )

المشاركات التي تم ترشيحها

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

«عن أبي رافع بن خديج قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يأبرون النخل. يقولون يلقحون النخل. فقال: (ما تصنعون؟) قالوا: كنا نصنعه. قال: (لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً لكم) فتركوه. فنفضت

(1) أو فنقصت. قال فذكروا ذلك له فقال: " إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به. وإذا أمرتك بشيء من رأي. فإنما أنا بشر» وفي بعض الروايات قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» (2) . من سياق الحديث يتضح لنا بشرية النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يخضع للأحوال التي تعتري البشر من النسيان والخطأ وغير ذلك. أما في مقام التشريع فلا يجوز عليه ذلك، نعم قد يحصل منه نسياناً في مقام التشريع لكي يشرع للأمة، كما سلم من ركعتين في صلاة رباعية، فلما أخبر بذلك قام وأتى بالباقي وسجد سجدتين للسهو، ومحل بسط ذلك في كتب الأصول. الحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه بشر وأن رأيه في الأمور الدنيوية التي ليس فيها تشريع قد يصيب وقد يخطئ. قال النووي: (قوله) : «أنتم أعلم بأمور دنياكم» قال العلماء: قوله صلى الله عليه وسلم من رأيي أي في أمر الدنيا ومعايشها لا على التشريع. فأما ما قاله باجتهاده

_________

(1)فنفضت: معناه أسقطت ثمرها. مسلم بشرح النووي (ح2362) .

(2)مسلم بشرح النووي (ح2362، 2363)

صلى الله عليه وسلم ورآه شرعاً يجب العمل به وليس من أبار النخل من هذا النوع بل من النوع المذكور قبله.. (1) ولو أننا أعدنا النظر إلى سياق الحديث مرة أخرى، فإننا لا نجد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم، حاول أن يجد لنفسه العذر عندما رأى هذا الرأي - وحاشاه ذلك - بل اعترف ببشريته، وأن هذه الأحكام تجرى على البشر. وتعالوا بنا لننظر إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنرى كيف ترسموا خطى نبيهم عليه أفضل الصلاة والتسليم فمن ذلك:

_________

(1)المصدر السابق. وتلاحظ أننا خرجنا عن مسارنا وتوسعنا قليلاً في بيان التفريق بين قوله صلى الله عليه وسلم، إذا كان من باب التشريع، أو من باب الرأي في الأمور الدنيوية، وذلك للحاجة إلى معرفته، وحتى لا يحصل الخلط فيه. .

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

ما رواه مسروق قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس ما أكثركم في صدق النساء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم. فما دون ذلك. ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها. فلأعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم. قال: ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم، قال: نعم فقالت أما سمعت الله يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} الآية قال: فقال اللهم غفراً، كل الناس أفقه من عمر. ثم رجع فركب المنبر فقال: أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب (1) .

_________

(1)ساقه الحافظ ابن كثير في تفسيره من طريق أبي يعلى بسنده ثم قال ابن كثير في آخره. قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل إسناده جيد قوي. (تفسير ابن كثير. الآية 20 من سورة النساء) .

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

عن محمد بن كعب القرظي قال: سأل رجل علياً بن أبي طالب عن مسألة فقال فيها، فقال الرجل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا كذا، فقال علي رضي الله عنه: أصبت وأخطأت وفوق كل ذي علم عليم (1) الله أكبر انظر إلى تلامذة محمد صلى الله عليه وسلم، يضربون أروع الأمثلة

في الشجاعة، والإنصاف، ولو كان على حساب النفس، وهذا والله ليزيد المرء عزاً ورفعة، ولا ينقص من قدره شيئاً، ومن ظن غير ذلك فقد حاد عن جادة الصواب. والمعلم بحكم وظيفته وبشريته، معرض لمثل هذه المواقف، فيا ترى ماذا يقول المعلم إذا أخطأ في مسألة ما وعارضه بها أحد طلابه، ثم بان له الصواب، فهل يبادر إلى شكر الطالب والاعتراف بالخطأ؟ أم أنه يراوغ، ويقلب الكلام بعضه على بعض، حتى يبرهن لهم صحة قوله؟ أترك لك الجواب!

يقول ابن عبد البر: من بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه، ومن لم ينصف لم يفهم، ولم يفهم.

الخلاصة:

اتصاف المعلم بالشجاعة، مطلب لكل معلم.

الاعتراف بالخطأ، ليس فيه تنقيص لصاحب الخطأ، بل هو رفعه له، ودليل على شجاعته.

الاعتراف بالخطأ معناه إصلاح الخطأ، وعكسه الاستمرار عليه والعناد فيه.

_________

مختصر جامع بيان العلم وفضله. لابن عبد البر (ص120) .

مختصر جامع بيان العلم وفضله. (ص119) .

[8]مزاح المعلم مع تلاميذه:

من المعلوم أن المواد العلمية تتميز بالجفاف في مادتها، وهي تستلزم حضوراً عقلياً وقلبياً، فتجد الطالب يشحذ حواسه كلها لاستيعاب المادة العلمية المطروحة، ومهما يتميز به المعلم من حسن في الأداء، وجودة في الطرح، فإن عقل التلميذ له قدرة محدودة في استقبال المعلومات، ولذا كان حري بالمعلم أن يدخل الطرفة بين ثنايا الدروس العلمية لكي يطرد السآمة والملل الذي قد

يخيم على أجواء الفصل من جراء تتابع عرض المواد العلمية.

ومن فوائد بث الطرفة بين ثنايا الدرس من حين لآخر: أنها تطرد السآمة والملل، ومنها أنها تريح الذهن قليلاً من عناء المتابعة الدقيقة للمعلم، ومنها أنها تفيد المعلم أيضاً في أخذ قسط من الراحة، ومنها أنها تشحذ الذهن وتعطيه جرعة جديدة لمواصلة استقبال

المعلومات، ومنها أنها تغير جو الفصل الذي خيم عليه الجفاف.. إلى غير ذلك.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

 

والمزاح: بكسر الميم الانبساط مع الغير من غير تنقيص أو تحقير له (1) يقول النووي: اعلم أن المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ويشغل عن ذكر الله والفكر في مهمات الدين، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار. فأما ما سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله على الندرة، لمصلحة تطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهو سنة مستحبة، فاعلم هذا فإنه مما يعظم الاحتياج إليه اهـ (2) .

وقال الغزالي في الإحياء: إن قدرت على ما قدر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو أن تمزح ولا تقول إلا حقاً ولا تؤذي قلباً ولا تفرط فيه وتقتصر عليه أحياناً على الندور فلا حرج عليك فيه، ولكن من الغلط العظيم أن يتخذ الإنسان المزاح حرفة يواظب عليها ويفرط فيه ثم يتمسك بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم.. (3)

ولقد وردت أخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في مداعبته لأهله، ومزاحه مع أصحابه، وسوف نتخير منها - إن شاء الله - ما يكفي ويشفي:

_________

(1) قطوف من الشمائل المحمدية. ص93 (قال محمد جميل زينو: ذكره الزغبي محقق الشمائل المحمدية) .

(2) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي. للمباركفوري. باب البر والصلة. رقم 56.

(3) إحياء علوم الدين (3 / 203)

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قالوا: يا رسول الله! إنك تداعبنا. قال: " نعم، غير أني لا أقول إلا حقاً» (1) .

وعن أنس بن مالك «أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية من البادية، فيجهزه النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه ". وكان صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلاً دميماً فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال: من هذا؟ أرسلني.فالتفت، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من يشتري هذا العبد؟ " فقال: يا رسول الله إذاً تجدني كاسداً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لكن عند الله لست بكاسد " أو قال: " أنت عند الله غال» (2) .

وعن أنس بن مالك «أن رجلاً استحمل (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إني حاملك على ولد ناقة "! فقال: يارسول الله ما أصنع بولد الناقة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " وهل تلد الإبل إلا النوق» ؟ " (4) .

_________

(1) مختصر الشمائل المحمدية. وقال عنه الألباني (صحيح) ص126.

(2) مختصر الشمائل المحمدية. وقال عنه الألباني (صحيح) ص127.

(3) أي طلب منه أن يحمله على دابة.

(4) مختصر الشمائل المحمدية. وقال عنه الألباني (صحيح) ص126.

 

الخلاصة:

الأثر الإيجاب الذي يحدثه المزاح في تلطيف جو الدراسة، وقطع الملل الذي يعتري الطلاب.

مراعاة عدم الإكثار منه، كي لا يخرج الدرس عن مساره , وتضيع الفائدة المرجوة منه.

الإكثار من المزاح، يزيل الهيبة والوقار.

المزاح لا يكون إلا حقاً أي صدقاً

عدم إيذاء أو إهانة أحد التلاميذ بالمزاح.


  •  


  •  

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

[9] الصبر واحتمال الغضب:

 

الصبر لغة بمعنى المنع والحبس (1) ، وهي منزلة رفيعة لا ينالها إلا ذوو الهمم العالية، والنفوس الزكية. والغضب هو ثورة في النفس، يفقد فيها الغاضب اتزانه، وتنقلب الموازين عنده، فلا يكاد يميز بين الحق والباطل، وهي خصلة غير محمودة، إلا ما كان منها غضباً لله، وهو ما كان يتصف به الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يكن يغضب لنفسه ولم ينتصر لها قط، إنما كان يغضب إذا انتهكت حرمات الله.

_________

(1) عدة الصابرين. لابن القيم الجوزيةص21.

 

 

 

ووجه تعلق ذلك بالتعليم: أن المعلم يتعامل مع أفراد يختلفون في الطباع، والأفكار، فمنهم الجيد، ومنهم الضعيف، هذا بالإضافة إلى انشغال المعلم بعمليات التحضير، والتصحيح، والتدريس المتواصل أغلب فترات اليوم الدراسي، مع ما يتبع ذلك من تحمل لمشاكل الطلاب المتكررة، إلى غير ذلك من المهام المنوطة بالمعلم. فكل الأمور السالفة الذكر وغيرها، تستلزم من المعلم صبراً وتحملاً، وهذا الصبر ليس سهل المنال، بل إنه يحتاج إلى طول ممارسة من المعلم حتى يعتاد ذلك ويألفه. وفقدان الصبر يوقع المعلم في حرج شديد، خصوصاً إذا كان ذلك أثناء ممارسته للتعليم، فإن المعلم يواجه عقليات متفاوتة في الإدراك والتصور، والاستجابة، إلى غير ذلك. فقد يظل المعلم يلقي درسه لمدة ساعة متواصلة، ثم يفاجأ بقول أحد طلابه بأنه لم يفهم هذا الدرس كله، أو قد يتعرض المعلم إلى أسئلة تافهة أو في غير محلها، أو قد يفاجأ المعلم أثناء إلقائه بأن أحد طلابه نائم أو يبتسم.. الخ. بل إن من أشدها وقعاً وأثراً على المعلم وهو ما إذا تعرض المعلم لكلمة نابية من أحد طلابه، وليس ذلك بمستغرب لاختلافهم في الطباع، والإدراك ونحو ذلك.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

إن احتواء الغضب والسيطرة عليه، علامة قوة للمعلم، وليست علامة ضعف، خصوصاً إذا كان ذلك المعلم قادراً على إنفاذ ما يريد، أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «ليس الشديد بالصرعة (1) ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (2) " ويجسد ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله فإنه - بأبي وأمي - كان أملك الناس لغضبه.

«عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليه رداء نجراني غليظ شديد الحاشية، فأدركه أعرابي. فجبذه بردائه جبذة شديدة. نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته. ثم قال: يا محمد! مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ثم أمر بعطاء» (3) . علق النووي على هذا الحديث بقوله: فيه احتمال الجاهلين والإعراض عن مقابلتهم، ودفع السيئة بالحسنة (4) قلت: ولا شك أنه مهما بلغ من أمر الطالب ما بلغ، فهو دون فعل ذلك الأعرابي بكثير!! .

 

_________

 

(1) قال النووي في رياض الصالحين (ص42) : (والصرعة) بضم الصاد وفتح الراء، وأصله عند العرب من يصرع الناس كثيراً.

(2) متفق عليه.

(3) رواه البخاري في الأدب وفي مواقع من صحيحه / مسلم في الزكاة / أحمد في باقي مسند المكثرين / ابن ماجه في اللباس.

(4) مسلم بشرح النووي: حديث 1057.

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

«عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً. فقال رجل: إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فساررته. فغضب من ذلك غضباً شديداً واحمر وجهه حتى تمنيت أني لم أذكره له. قال: ثم قال: " قد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر» (1) .

ولك أن تسأل عن أثر الغضب على المرء في جسمه، ولسانه، وأعضائه، وقلبه. يقول صاحب الإحياء (2) :

_________

 

(1) رواه البخاري في الأدب. وفي مواقع من صحيحه / مسلم في الزكاة / أحمد في مسند المكثرين من الصحابة.

(2) إحياء علوم الدين: لأبي حامد الغزالي (3 / 262، 263) بتصرف يسير.

 

ومن أثار هذا الغضب في الظاهر تغير اللون وشدة الرعدة في الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام، حتى يظهر الزبد على الأشداق وتحمر الأحداق وتنقلب المناخر وتستحيل الخلقة، ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء من قبح صورته، واستحالة خلقته.. وأما أثره في اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش من الكلام الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عند فتور الغضب، وذلك مع تخبط النظم واضطراب اللفظ. وأما أثره على الأعضاء فالضرب والتهجم والتمزيق والقتل والجرح عند التمكن من غير مبالاة.. وأما أثره في القلب مع المغضوب عليه فالحقد والحسد وإضمار السوء والشماتة بالمساءات والحزن بالسرور.. أهـ.

وعلاج ذلك يكون بالعلاج الرباني والنبوي: أما العلاج الرباني فقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الذين يكظمون غيظهم وليس ذلك فقط بل مع العفو عن الناس. قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (1) . وأما العلاج النبوي فقد عالج النبي الغضب بعدة طرق.

أن يقول الغاضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (2) .

 

_________

 

(1) سورة آل عمران

(2) البخاري 5764 ترقيم د. البغا.

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

أن يسكت الغاضب ولا يتكلم، حتى لا يتمادى به الغضب فيقع في المحذور (1) .

 

إذا كان الغاضب قائماً فليجس، وإن لم ينطفئ غضبه فليضطجع.

أن يتوضأ الغاضب وضوءه للصلاة، فإن الغضب يطفأ بالماء (2) .

قال علي بن ثابت (3) :

العقل آفته الإعجاب والغضب ... والمال آفته التبذير والنهب

وقال أبو العتاهية (4) :

ولم أر في الأعداء حين خبرتهم ... عدواً لعقل المرء أعدى من الغضب

الخلاصة:

الصبر عامل قوي في نجاح المعلم.

الغضب ثورة في النفس، واختلال في الموازين وضعف في التمييز، وعواقبه وخيمة.

براعة المعلم تكمن في كيفية امتصاص غضبه عند حدوثه والسيطرة على أعصابه.

التدرج، وطول المران يكسبان المعلم، قوة ومنعة.

المبادرة بعلاج الغضب عند حدوثه، وأفضله على الإطلاق العلاج الرباني النبوي.

_________

 

(1) أحمد 2552 ترقيم إحياء التراث.

(2) أحمد 17524 ترقيم إحياء التراث.

(3) التمهيد. لابن عبد البر (7 / 250)

(4) المصدر السابق.

 

[10] تجنب الكلام الفاحش البذيء:

 

الفحش في القول، والسباب، والسخرية من الآخرين، خصال ممقوتة، تلفظها النفوس، وتشمئز منها الطباع، وتنأى عنها النفوس الكريمة. والمعلم يفترض فيه أنه قدوة يقتفى أثره، ويسلك سبيله. فإن اتصف المعلم ببعض هذه الخصال فهي نقيصة وأي نقيصة، وإن اجتمعت في معلم فهي طامة كبرى، لأن الطالب يتأثر بمعلمه سلباً وايجاباً، فإذا كان هذا حال معلمه، فماذا نرجو من الطالب؟! . وفائدة القول أن اللعن، والفحش، والسخرية، تستلزم تنقيص الآخرين، وتقتل فيهم روحهم المعنوية، وتفسد عليهم فطرهم وألسنتهم، وتوغر صدور بعضهم على بعض. . إلى غير ذلك. هذا إلى جانب - وهو الأهم - أنها أمور مرفوضة شرعاً وصاحبها متوعد بالعقوبة.

بيان ذلك: أ- السخرية:


  •  


  •  


  •  


  •  

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الكذب على الطلاب، عائق عن التلقي، وفاقد للثقة.

الكذب أثره يتعدى إلى المجتمع، ولا يقتصر على منتحله.

 

لو يعلمون عِظَم هذه الكارثة التى نعانى منها الآن وكم المعلمين الذين سقطوا

 

بارك الله فيكِ يا حبيبة

 

وقفت عند المشاركة 14

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص فى النية والقول والعمل

 

 

وإنما كان تأخيرُهم مِن السعى المغفور لا المشكور،

 

اللهم اغفر زلاتنا وتقصيرنا ولاتكلنا لأنفسنا طرفة عين أو أقل

 

 

احتواء الغضب والسيطرة عليه، علامة قوة للمعلم

 

وبشر الصابرين

 

والله والله والله إذا مُعلمينا ودعاتنا فـــــــعــــــــــلـــــــــــوا عُشر مِعشار مافعل الحبيب لقادت الأمة الدنيا كلها

 

اللهم ارزقنا الثبات على الحق بحق

 

بارك الله فيكِ ياغالية

 

متابعة بإذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكْ الله خيرا حبيبتي ميرفت

وكلّه من الأهمية بمكان

نتابع معكِ إن شاء الله

 

وأنت من أهل الجزاء

حقًا يا غالية صدقت في كلامك

الله يعزك أختنا @@امة من اماء الله وأنا أسعد بمتابعتك فاهلًا بك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خييرا حبيبتي مرفت علي الكتاب الشيق

 

ينبغي لكل معلم ان يقوم بدراسته وفهمه جيدا كي يعمل به

 

تقبل الله منك صالح الاعمال ان شاء الله لي عودة لاستكمال المتابعه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@أم يُمنى@@محبه الزهراوين

 

وجزاكما الله خيرا ‘ وتقبل الله منا ومنكم

وأسأل الله تعالى أن يقوي إيماننا ويرفع درجاتنا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

1- قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (1) وقوله: {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ} بكل كلام، وقول وفعل دال على إعجاب الساخر بنفسه. وعسى أن يكون المسخور به خيراً من الساخر، وهو الغالب والوقع. فإن السخرية، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساويء الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم، متخل من كل خلق كريم ن ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرىء من الشر، أن يحقر أخاه المسلم» (2) .

ب - اللعن والسباب:

 

_________

 

 

(1) سورة الحجرات.

(2) تيسير الكريم الرحمن.. عبد الرحمن السعدي (7 / 135)

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

 

1- عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (1) وفي هذا الحديث تعظيم حق المسلم والحكم على من سبه بغير حق بالفسق ... (2) 2- عن أنس بن مالك قال: «لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ماله ترب جبينه» (3) .

3- عن أبي الدرداء قال: قال النبي: «إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة» (4) وحسبك بهذا ففيه غنية عن كثير من الآثار التي وردت في هذا الباب، وفيه كفاية لمن أعطاه الله فهماً وعقلاً.

ت - الفحش البذيء:

1- عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء» (5) " (6) .

الخلاصة:

هذه الخصال الذميمة، تتعدى آثارها إلى الغير، فتؤثر فيه.

السخرية فيها تنقيص للمسخور به وإزدراء له، وهذا جالب للعداوة والبغضاء، فكيف إن كان هذا دأب المعلم؟

اللعن خلق ذميم وصاحبه متوعد بالعقوبة إن لم يتب.

القول الفاحش ينبئ عن سوء الطوية وفساد النية.

 

_________

 

 

(1) رواه البخاري في كتاب الإيمان / ومسلم في الإيمان / أحمد في مسند المكثرين من الصحابة والترمذي في الإيمان / والنسائي في تحريم الدم.

(2) فتح الباري / كتاب الإيمان (حديث 48) 1 / 135.

(3) رواه البخاري في كتاب الأدب / وأحمد في باقي مسند المكثرين.

(4) البخاري (الأدب المفرد) وصححه الألباني برقم 340 / 316 / مسلم في البر والصلة / أحمد في مسند القبائل / أبو داوود في الأدب.

(5) الطعان: الوقاع في أعراض الناس بالذم والغيبة، (اللعان) اللعن خلاف النصر، أي الملعون لا ينصره الله فيطرده ويبعده، فلعن المؤمن أي طرده وإبعاده عن الجنة في أول أمره. و (الفاحش) هو الذي يتسرع لسانه بالفحش ولا يريد أن ينطق به.. قال: وكذا الفحش بالفعال قال الحافظ: هو الزيادة على الحد في الكلام السيء، فمن تعدى بزيادة القبح في القول والعمل فهو فاحش. (البذيء) قال الجوهري: هو التكلم بكلام لا ينفع، وقال القاري: هو الذي لا حياء له (النقل من كتاب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد لفضل الله الجيلاني 1 / 409، 411)

(6) البخاري (الأدب المفرد) وصححه الألباني برقم 237 / 312. وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة / والترمذي في البر والصلة.

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

 

 

[11] استشارة المعلم لغيره:

 

 

تواجه المعلم مسائل مشكلة، وقضايا معقدة، يحتار معها المعلم، ولا يجد لها حلاً أو مخرجاً. فقد يصعب على المعلم في بعض الأحيان فهم مسألة ما، أو قد يطرح عليه سؤال من أحد طلابه ولا يجد له حلاً أو تفسيراً. ومن جهة أخرى قد يجد المعلم نفسه أمام مشكلة عند أحد طلابه أو بعضهم وتحتاج من المعلم أن يفصل فيها، ويحل إشكالها. وهنا قد يسلك المعلم عدة مسالك فمنها: أن يجتهد في إيجاد حل لها، أو يعتذر عنها وهذا حسن بالنسبة إلى المعلم لأنه لم يخض فيها بغير علم وإن كان ذلك مشكلاً للطالب لأن مشكلته لم تحل بعد. ومنها أن يخوض فيها بغير علم فهذا مذموم وهو يفسد أكثر مما يصلح، ومنها أن يبحث عن حلها إما عن طريق المطالعة والبحث، وإما عن طريق طلب الاستشارة وهو مقصودنا. والاستشارة مأخوذة من قول العرب: شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها، وقيل من قولهم: شرت العسل إذا أخذته من

 

 

موضعه. أهـ (1) .

 

 

_________

 

 

(1) فتح القدير. محمد بن على الشوكاني. (1 / 439) .

 

 

 

قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (1) يقول ابن سعدي عند هذه الآية: أي في الأمور التي تحتاج إلى استشارة، ونظر وفكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية، ما لا يمكن حصره.. ومنها: أن في الاستشارة، تنور الأفكار، بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول. ومنها ما تنتجه الاستشارة، من الرأي المصيب، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله. وإن أخطأ، أو لم يتم له مطلوب، فليس بملوم. فإذا كان الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم - وهو أكمل الناس عقلاً وأعزرهم علماً وأفضلهم رأياً - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} فكيف بغيره (2) .

عن ابن عباس قال: لما نزلت: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ولكن الله جعلها رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غياً» (3) .

 

_________

 

 

(1) سورة آل عمران الآية: 159.

(2) تفسير ابن سعدي (1 / 445) .

(3) ذكره الشوكاني في تفسيره وصدره بقوله: قال السيوطي بسند حسن عن ابن عباس. ثم ساق الحديث. (فتح القدير 1 / 440، 441) ,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك يا حبيبة

 

بسجل متابعه تاني في انتظار التكمله

 

وفيك بارك الرحمن يا غالية

يسرني ذلك كثير ... الله يبارك فيك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

 

فأنت ترى في هذا الحديث، كيف كانت المشورة سبباً في القرب من إصابة الحق، ما في تركها من مقاربة الخطأ والوقوع فيه، فحري بكل معلم أن يسأل ويشاور من هو أعلم منه فيما أشكل عليه، ليحصل له بذلك مقاربة الصواب وإصابة الحق، وليبتعد عن الترفع، والأنفة، وتعاظم النفس من سؤال غيره وطلب رأيه ومشورته، فإن ذلك ترفع في غير محله، ولو كان ذلك محموداً لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس به! .

فعليك أيها المعلم أن تسأل عما أشكل عليك فهمه، أو تعسر عليه حله، ولا تقل إن هذا تهوين من شأني، أو نقص من قدري. لا. بل هو دليل على كمال العقل ورجاحته.

الخلاصة:

المشورة معين للمعلم فيما يشكل عليه من المسائل والقضايا التي ترد عليه.

طلب الإستشارة من الغير ليست دليلاً على نقص في المرتبة أو في العلم، بل هو دليل على رجاحة العقل ورزانته.

في المشورة القرب من الحق، وفي تركها البعد عنه.

 

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

[1] غرس العقيدة الصحيحة وتقوية الإيمان خلال التعليم:

 

قليل من المعلمين الذين يتفطنون إلى هذه الطريقة، وهي تتلخص في ترسيخ العقيدة في نفوس الطلاب، عند تعليمهم مواد العلوم الطبيعية، والمواد (الجغرافية) والفلكية، ونحوها وقبل أن نورد خبر المعلم الأول - صلى الله عليه وسلم، تعال لنتأمل ونتدبر كلام الله عز وجل. قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1) أي {تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} لا نبات فيها {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ} أي المطر {اهْتَزَّتْ} أي تحركت بالنبات {وَرَبَتْ} (2) ثم: أنبتت من كل زوج بهيج فأحيا بها العباد والبلاد. {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا} بعد موتها وهمودها {لَمُحْيِي الْمَوْتَى} من قبورهم إلى يوم بعثهم، فنشورهم {أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فكما لم تعجز قدرته عن إحياء الأرض بعد موتها، لا تعجز عن إحياء الموتى. أهـ (3) . فيا ليت المعلمين يحسنون الربط بين الظواهر الطبيعية وبين أمور العقيدة (4) كما جاء في الآية السابقة، حيث بين الله

_________

 

(1) سورة الأنعام.

(2) ربت: أي انتفخت وزادت قال أبو السعود في تفسيره: أي تحركت بالنبات، لأن النبات إذا دنا أن يظهر، ارتفعت له الأرض، وانتفخت، ثم تصدعت عن النبات.

(3) تيسير الكريم الرحمن. لابن سعدي. سورة الأنعام الآية: 39.

(4) يجب التنبه إلى مسألة هامة وهي أنه لا يلزم منا أن نستدل بكل ظاهرة من ظواهر العلم أو جزئية معينة، بدليل من الكتاب والسنة، ولا أن نلوي أعناق النصوص أو نتكلف ذلك، فالقرآن الكريم أنزل ليتلى ويتدبر ويعمل به، والسنة لتطبق ويعمل بها، ولكن إن جاء أحد منهما مصرحاً بذكر شيء من الظواهر قبلناه وأثبتناه ولا نتكلفه.

 

سبحانه وتعالى حال الأرض الميتة التي لم تمطر، من الجفاف وموت النبات فيها، وأثر الماء عليها إذا جاءها وغمرها من ظهور الحياة عليها وتحرك النبات فيها، ثم بين الله سبحانه لعباده أن هذا الإحياء الذي يشاهده العباد له نظير يوم القيامة وهو إحياء الموتى، كما جاء في التفسير السابق قوله: فكما لم تعجز قدرته عن إحياء الأرض بعد موتها، لا تعجز عن إحياء الموتى. وفي هذا رد شاف على منكري البعث. ومثله لو أراد المعلم أن يتكلم عن الجبال فيحسن به أن يذكر فائدتها، والحكمة من إيجادها وهو تثبيت الأرض ومنعها من الاضطراب، ثم يذكر قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} (1) وقوله: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} (2) وقوله: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} (3) .

_________

(1) سورة النبأ.

(2) سورة النازعات.

(3) سورة الغاشية.

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

والقرآن الكريم مليء بذكر مثل ذلك وفيما ذكرنا غنية لمن عقل. ولعلنا نعرج على سنة المصطفى، لنرى كيف كان النبي يرسخ العقيدة عند صحبه رضوان الله عليهم.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا عدوى ولا صفر ولا هامة ". فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فمن أعدى الأول» ؟ (1) .

قال الحافظ ابن حجر قوله: (فيجربها) وهو بناء على ما كانوا يعتقدون من العدوى، أي يكون سبباً لوقوع الجرب بها، وهذا من أوهام الجهال، كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل في الأصحاء أمرضهم فنفى الشارع ذلك وأبطله، فلما أورد الأعرابي الشبهة رد عليه صلى الله عليه وسلم بقوله: «فمن أعدى الأول» ؟

_________

(1) متفق عليه.

 

وقال بعد قوله: «فمن أعدى الأول» ؟) وهو جواب في غاية البلاغة والرشاقة. وحاصله من أين جاء الجرب للذي أعدى بزعمهم؟ فإن أجيب من بغير آخر لزم التسلسل أو سبب آخر فليفصح به، فإن أجيب بأن الذي فعله في الأول هو الذي فعله في الثاني ثبت المدعى، وهو أن الذي فعل بالجميع ذلك هو الخالق القادر على كل شيء وهو الله سبحانه وتعالى (1) . (2) .

 

الخلاصة:

إن غرس العقيدة عن طريق عرض العلوم غير علوم الشريعة، وسيلة نافعة جداً في ربط المسلم بدينه في كل مجالات الحياة.

إن هذه الطريقة، تؤدي إلى تقوية الإيمان لدى الطلاب عموماً، فتنشئ لنا جيلاً قوياً في معتقده، وثيق الصلة بربه.

_________

 

(1) فتح الباري (10 / 252)

(2) ينبغي أن نشير هنا إلى أمر هام وهو أن الأسباب لا تؤثر بنفسها فالمؤثر هو الله، ولكننا نتجنب الأسباب التي تكون سبباً للبلاء.. وفي هذا المعنى يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه لكتاب التوحيد (2 / 82) قال: وهذا النفي في هذه الأمور الأربعة (وهي قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث «ولا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر» ) ليس نفياً للوجود، لأنها موجودة، ولكنه نفي للتأثير، فالمؤثر هو الله، فما كان سبباً معلوماً فهو سبب صحيح، وما كان منها سبباً موهوماً فهو سبب باطل، ويكون نفياً لتأثيره بنفسه ولسببه. فقوله: «لا عدوى» العدوى موجودة، ويدل لوجودها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يورد ممرض على مصح» أي: لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة، لئلا تنتقل العدوى. أهـ.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

 

 

[2] إسداء النصيحة للمتعلم:

يخطئ المعلم عندما يظن أن علاقته بالطالب، تقتصر على توصيل المعلومات فقط. والحقيقة أن هناك أمراً لا يقل أهمية عن التحصيل، ألا وهو النصح والتوجيه للطالب. فالمعلم موجه،

 

ومربي، وناصح، وأب.

ولو أننا قارنا بين عدد الساعات التي يعيشها الطالب مع معلمه وهي قد تصل إلى خمس أو ست ساعات يومياً، لوجدنا أنها أكثر من عدد الساعات التي يلتزمها مع والديه، وهو معلوم عند الكل. وإذا كان الأمر كذلك، فإن المعلم يرى من الأحوال والتصرفات التي تصدر من الطالب قد تخفى - بل إنها تخفى فعلاً على والديه، ولذا كان حري بك أيها المعلم أن تبذل ما في وسعك، لإصلاح المعوج، وتقويم المائل، وتهذيب الأخلاق، وتصحيح الأفكار. . وجماع ذلك كله، بذل النصيحة. والنصيحة: هي كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له ()1 .

وبذل النصيحة مطلب شرعي، قبل أن يكون تعليمياً تربوياً.

1-عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة " قلنا: لمن؟ قال: " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (2) .

_________

 

(1) قاله الخطابي (جامع العلوم والحكم لابن رجب (1 / 148) .

(2) رواه مسلم في كتاب الإيمان / وأحمد في مسند الشاميين / وأبو داود في الأدب / والنسائي في البيعة / وذكره البخاري تعليقاً في صحيحه في كتاب الإيمان.

 

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

يقول الحافظ ابن حجر: والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم، والسعي فيما يعود بالنفع عليهم، وتعليمهم ما ينفعهم، وكف وجوه الأذى عنهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه. (1) ولا شك أن الطلاب من عامة المسلمين.

2- «وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم» .

 

(2)

3- وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (3) والنقول في هذا الباب كثيرة وحسبنا بما ذكرنا.

_________

 

 

(1) فتح الباري (1 / 166، 167) (ح57) .

(2) متفق عليه.

(3) متفق عليه.

 

 

يقول ابن رجب: ومن أنواع نصحهم بدفع الأذى والمكروه عنهم، إيثار فقيرهم، وتعليم جاهلهم، ورد من زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل، بالتلطف في ردهم إلى الحق، والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومحبتة إزالة فسادهم.. (1) ثم إنه من المتعين على المعلم، أن يبذل نصيحته إلى طلابه سراً إن كانت خاصة بفرد معين، لأن ذلك أبلغ في قبول النصيحة، وأسرع للاستجابة، أما إن كانت علانية فهو توبيخ في قالب نصح! يقول ابن رجب: كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سراً، حتى قال بعضهم: من وعظ أخاه فيما بينه وبينه، فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس، فإنما وبخه. (2) ومن النصح الذي يتعين على معلم بذله تجاه طلابه، هو تصحيح (كراس الواجبات المدرسية) (3) بأمانة وإخلاص، ومراعاة الأخطاء النحوية والإملائية ونحوها. وباب النصح واسع ولكن يضبطه قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (4)

أيها المعلم: قدم إليك الأب ثمرة فؤاده، وفلذة كبده، فهي عندك أمانة. فماذا عملت فيها؟ هل رعيتها وأديت حق الأمانة؟

 

 

أم ماذا؟

الخلاصة:

_________

 

(

1) جامع العلوم والحكم (1 / 151) .

(2) المصدر السابق (1 / 153) .

(3) ذكرت الأدنى تنبيها على الأعلى.

(4) تقدم تخريجه.

 

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

 

النصح والتوجيه، لا يقل أهمية عن التعليم، فلتعط حظها من الاهتمام.

النصيحة مطلب شرعي، قبل أن تكون مطلباً تربوياً تعليمياً.

توجيه الطالب وجهة سليمة، وأمره بما يصلحه، وتقويمه إذا مال عن الطريق المستقيم.. وغير هذه الأمور، كلها من واجبات المعلم.

تقديم النصيحة سراً سبب في القبول، وسرعة الاستجابة.

 

 

[3] الرفق بالمتعلم وتعليمه بالأسلوب الحسن:

لقد كان صلى الله عليه وسلم أرفق الناس للناس، وكان صلى الله عليه وسلم يراعي نفسياتهم وأحوالهم، كيف لا وهو الذي قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» (1) وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله عز وجل يحب الرفق في الأمر كله» (2) والرفق هو: لين الجانب بالقول والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف (3) . والنفس البشرية تميل إلى الرفق ولين الجانب وطيب الكلام وتأنس به، وتنفر من الجفوة والغلظة. ولذا كان حري بالمعلمين والمربين أن يعوا هذا الجانب

 

ويطبقوه على تلاميذهم وطلابهم.

والشدة على المتعلمين مضرة بهم (4) وذلك أن إرهاف الحد بالتعليم مضر بالمتعلم سيما في أصاغر الولد لأنه من سوء الملكة ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا به القهر وضيق عن النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه وعلمه المكر والخديعة.. (5) .

ولقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة وأعلاها في حسن تعليمه ورفقه بصحابته رضوان الله عليهم، فمنها:

_________

 

(1) رواه مسلم في كتاب البر / وأحمد في باقي مسند الأنصار / وأبو داود في الأدب.

(2) رواه البخاري في كتاب الأدب / مسلم في السلام / أحمد في مسند باقي الأنصار / الترمذي في الاستئذان والأدب / ابن ماجه في الأدب.

(3) فتح الباري (10 / 6024) .

(4) عنوان فصل عقده ابن خلدون في مقدمته. وهو الفصل الثاني والثلاثون من الباب الخامس. من الكتاب الأول.

(5) مقدمة ابن خلدون ص540.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

 

«عن أنس رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد. فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه. (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزرموه (2) ، دعوه " فتركوه حتى بال، ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له: " إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله والصلاة، وقراءة القرآن " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وأمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء فسنه (3) عليه» . رواه مسلم. وعند أحمد وابن ماجه زيادة وهي: قال: يقول الأعرابي بعد أن فقه: «فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلي بأبي هو وأمي فلم يسب ولم يؤنب ولم يضرب» .

ففي هذا الحديث بيان لرفق النبي صلى الله عليه وسلم بالأعرابي وحسن تعليمه له، وذلك لأن الأعرابي كان يجهل ذلك الحكم بطبيعة الحال ولهذا السبب لم يعنفه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يوبخه، بل دعاه وعلمه برفق الأمر الذي يجهله.

_________

(1) مه مه: أي اكفف، والتكرير للتأكيد وزيادة التهديد. (حاشية المشكاة 1 / 153) .

(2) لا تزرموه: أي لا تقطعوا عليه بوله فيضره، أو تنتشر النجاسة في المسجد بعد أن تكون بمحل واحد (حاشية المشكاة 1 / 153) .

(3) فسنه: بالسين المهملة وتشديد النون، أي فصبه. (حاشية المشكاة 1 / 154) .

 

 

ولقد صور الأعرابي ذلك الموقف بعد أن فقه، بقوله: «بأبي هو وأمي فلم يسب ولم يؤنب ولم يضرب» . وفي هذا القول دليل على تأثر الأعرابي برفق النبي صلى الله عليه وسلم به، وحسن تعليمه له.

قال الحافظ ابن حجر بعد حديث أنس: وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن ذلك منه عناداً، ولا سيما إن كان ممن يحتاج إلى استئلافه. وفيه رأفة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه. أهـ (1) .

_________

(1) فتح الباري 1 / 388.

 

 

«وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، فقلت وا ثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه فوالله ما كهرني (1) ، ولا ضربني، ولا شتمني (2) قال: " إن هذه الصلاة، لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "، أو كما قال رسول الله.. (ثم قال معاوية في تمام الحديث) .. قال: وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل أحد والجوانية (3) فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت رسول الله فعظم ذلك علي قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال أعتقها فإنها مؤمنة» (4) .

_________

 

(1) كهرني: أي ما انتهرني، والكهر الانتهار قاله أبو عبيد. وفي النهاية يقال كهره إذا زجره واستقبله بوجه عبوس (عون المعبود 3 / 926) .

(2) ولا شتمني: في رواية أبي داود (ولا سبني) : أراد نفي أواع الزجر والعنف وإثبات كمال الإحسان واللطف. (عون المعبود 3 / 926) .

(3) قبل أحد والجوانية: موضع بقرب أحد شمالي المدينة (عون المعبود 3 / 926) .

(4) مسلم في كتاب المساجد. واللفظ له / وأبو داود في كتاب الصلاة وصححه الألباني / والنسائي في كتاب السهو / وأحمد في باقي مسند المكثرين / ومالك في العتق والولاء.

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

قال النووي في شرحه لهذا الحديث: فيه بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق الذي شهد الله تعالى له به ورفقه بالجاهل ورأفته بأمته وشفقته عليهم وفيه التخلق بخلقه صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل وحسن تعليمه واللطف به وتقريب الصواب إلى فهمه. أهـ.

ثم إنك لك أن تقارن بين الموقفين السابقين الذين وقعا لمعاوية بن الحكم رضي الله عنه، وكيف عامل الرسول صلى الله عليه وسلم معاوية في كلا الموقفين.

ففي الحادثة الأولي: لم يعنفه الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يوبخه. لأنه كان جاهلاً والدليل على ذلك، الحديث الذي أخرجه البخاري (1) وأبو داود من رواية عطاء بن يسار «عن معاوية بن الحكم السلمي قال: لما قدمت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم علمت أموراً من أمور الإسلام، فكان فيما علمت أن قال لي: إذا عطست فاحمد الله، وإذا عطس العاطس فحمد الله فقل: يرحمك الله. قال: فبينا أن قائم مع رسول الله في الصلاة» ،.. الحديث)

وفي الحادثة الثانية: عامله الرسول صلى الله عليه وسلم بنقيض ذلك، حيث أنكر ذلك الفعل على معاوية ويؤخذ هذا من قوله: «فعظم ذلك علي» .

_________

 

(1) البخاري. في خلق أفعال العباد 67 وجزء القراءة خلف الإمام (68) ، وأبو داود كتاب الصلاة.

 

 

وإنكار الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفعل من معاوية وهو ضرب الجارية، يحتمل وجهان وقد يحتمل أكثر من ذلك:

الأول: وهو أن معاوية لم يعد جاهلاً حيث أمضى فترة في الإسلام وعلم شرائعه وآدابه.

الثاني: وهو أن هذا الصنيع من معاوية ليس من الأمور التي تجهل عادة، فالرفق والإحسان إلى الناس من الأمور المركوزة في الفطر وليست من باب العلم المكتسب. والله أعلم.

الخلاصة:

الرفق بالطالب يتأكد عندما يكون جاهلاً.

تقدير الخطأ الذي يقع من الطالب، وهل هو من الخطأ الذي يعذر بجهله، أم لا. وذلك يرجع إلى تقدير المعلم.

معالجة الخطأ الذي يقع من الطالب الجاهل كما حدث ذلك في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، حيث نهى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته أن يقطعوا عليه بوله لئلا يتضرر، ثم أمر رجلاً من أصحابه أن يزيل أثر النجاسة بالماء، ثم دعا الأعرابي وأخبره بخطئه، ثم دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم وعلمه ما الذي ينبغي عليه فعله وتركه في الصلاة.

 

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

 

أما الخطأ الذي لا يعذر بجهله، فعلى المربي أو المعلم أن ينكر ذلك الخطأ أو الفعل الذي بدر من الطالب، كما جاء في قول الصحابي «فعظم ذلك علي» ، ثم إن على المربي بعد ذلك أن يسعى في إصلاح ذلك الخطأ ومساعدة الطالب في إصلاح خطئه، وذلك يتجلى في إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاوية عندما أراد أن يعتق الجارية، حيث قال له: «أعتقها فإنها مؤمنة» .

 

 

[4] عدم التصريح بالأسماء أثناء التوبيخ

غالباً ما يكون التوبيخ له أثر في نفس الموبخ، ويعظم هذا الأثر إن كان التوبيخ بحضور جماعة من الناس، فإنه حينئذ يتضاعف. والنبي صلى الله عليه وسلم كانت له طريقة فريدة من نوعها في معالجة الأخطاء الظاهرة التي تحدث من صحابته، إذ إن الغاية من تشهيره عليه الصلاة والسلام بالخطأ ليس التشفي من المخطئ، بل هو تحذير من الوقوع في الخطأ، وذم للخطأ نفسه. وقصة الثلاثة الذين تقالوا عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم مشهورة:

1-عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا أتزوج النساء. وقال بعضهم لا آكل اللحم. وقال بعضهم: لا أنام على فراش. فحمد الله وأثنى عليه (1) فقال: " مابال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام.وأصوم وأفطر وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني» (2) .

_________

(1) أي: بعد أن علم بمقالتهم، صعد على المنبر وخطب بالناس، وهذا جاء مصرحاً به في روايات أخرى لهذا الحديث.

(2) رواه البخاري في كتاب النكاح / ومسلم في النكاح واللفظ له / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والنسائي في النكاح.


  •  

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

تأمل قوله صلى الله عليه وسلم: «ما بال أقوام» ، فهو لم يصرح بأسمائهم وإن كان بعض الصحابة يعرفونهم ومع ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يصرح بأسمائهم لأن الغرض - كما قلنا سابقاً - ليس هو التشهير بالمخطئ أو بصاحب الفعل المذموم، وإنما هو بيان ذلك الفعل المذموم أو القول المذموم والتحذير منه. قال النووي عند قوله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حمد لله تعالى وأثنى عليه فقال: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا» هو موافق للمعروف من خطبه صلى الله عليه وسلم في مثل هذا أنه إذا كره شيئاً فخطب له ذكر كراهيته ولا يعين فاعله، وهذا من عظيم خلقه صلى الله عليه وسلم فإن المقصود من ذلك الشخص وجميعع الحاضرين وغيرهم ممن يبلغه ذلك ولا يحصل توبيخ صاحبه علىى الملأ (1) . وإليك قصة أخرى يرويها أبو حميد الساعدي:

 

(1) مسلم بشرح النووي: كتاب النكاح / حديث رقم (1401) .

 

2- قال: «استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني أسد يقال له ابن اللتبية على صدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي: فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول: هذا لك وهذا لي، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا» ؟ .. " الحديث (1) .

وفي هذه الواقعة، قوله صلى الله عليه وسلم: «ما بال العامل نبعثه» ، حيث لم يفصح الرسول صلى الله عليه وسلم عن اسمه مع أن كثيراً من الصحابة يعلمون هذا الذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: «ما بال العامل نبعثه» ، ولكن لما كان القصد هو التحذير من الفعل المذموم وبيان ضرره وسوء عاقبته حتى لا يقع في الآخرون، شهر بالفعل دون الفاعل، إذ ليس هناك مصلحة ترجى من ذكر اسم الفاعل. وحول هذا الحديث وهذا المعنى يشير ابن حجر بقوله: وفيه أن من رأى متأولاً أخطأ فيي تأويل يضر من أخذ به أن يشهر القول للناس ويبين خطأه ليحذرر من الاغترار به (2)

 

(1) البخاري في كتاب الأحكام / مسلم في الإمارة / أحمد في باقي مسند الأنصار / أبو داود في الخراج والإمارة والفيء / والدارمي في الزكاة

(2) فتح الباري. كتاب الأحكام (13 / 179) باب هدايا العمال غلول.

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

والمعلمون كذلك يجب أن تكون طريقتهم في علاج الأخطاء التي تقع من الطلاب، عن طريق التشهير بالخطأ وذمه وبيان سوء عاقبته، والتحذير منه، مع عدم التصريح باسم المخطئ خصوصاً إذا كان الخطأ عن غير تعمد من الطالب نفسه، لكي لا يستغلهاا ضعاف النفوس في تحقيره ورميه بالنقائص، ولكي لا يوجد حالةة من الكراهية والبغضاء بين المعلم والطالب، أما إن كان المخطئ متعمداً عالماً فهذه حالة يقدرها المعلم، هل يشهر به أمام الآخرين لردعه عما هو فيه - مع ملاحظة تجرد النفس من قصد التشفي والانتصار لها -؟ أم يستعمل أساليب أخرى لعلاج هذه الحالة؟ وهذه كما قلت سابقاً، راجعة إلى تقدير المعلم. وعموماً فإن طريقة التعريض بالخطأ دون التصريح باسم صاحبه مهمة ليست بيسيرة، إذ فيها تكمن براعة المعلم في علاج الخطأأ دون التعرض لكرامة الطالب (1) . وهي من دقائق صناعةة التعليم أن يزجر المتعلم عن سوء الأخلاق بطريق التعريض ماا أمكن ولا يصرح. وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ فإن التصريح يهتك حجاب الهيئة ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف ويهيج الحرص على الإصرار. أهـ.

الخلاصة:

 

(1) من هنا يبدأ النقل من إحياء علوم الدين. (1 / 95) .

 

ليس القصد من إعلان الخطأ التشهير بالمخطىء، بل هو تحذير وبيان لسوء الفعل أو القول، لكي لا يغتر به.

عدم التصريح بالاسم أثناء بيان الخطأ، وإن كان المخطئ معلوماً عند البعض.

إذا كان المخطئ عامداً عالماً، فللمعلم أن يجتهد في إيجاد السبيل الأقوم في معالجة وتأديب المخطئ.

براعة المعلم تكمن في كيفية علاج الخطأ، دون التصريح باسم المخطئ. .

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

[5] إلقاء السلام على المتعلم قبل الدرس وبعده

يغفل كثير من المعلمين عن سنة عظيمة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي سنة السلام، وقد ورد في فضلها آثار كثيرة. والعجب أن يعدل المعلمون عن السلام المشروع وهو سنة إلى غيرها من التحيات، ولا بأس أن يصبح بالخير، أو يمسي بالخيرر ولكن يكون ذلك بعد السلام، أما أن تكون هذه التحيات ونحوهاا هي المعتمد في كل حال فلا. ثم إنه قد يحدث من بعض المعلمين أمراً مخالفاً للشرع وهو جعل الطلاب يقومون له عند مجيئه لهم. (1) (وقد وقع فيه كثير من المعلمين - سامحهم الله - تأثراًً بالعادات والتقاليد، وهو تمثل الطلبة قياماً لمعلمهم زاعمينن أن هذا من الأدب المطلوب، وأنه رمز لتوقير المعلم وتبجيله، وقد أخطأوا، فلا يسمى خلاف الشرع أدباً إلا في قاموس المعرضين عن شرع الله، ذلك أن:

1- أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لما يعلمون من كراهيته لذلك» . (2)

2- وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار» (3) أهـ.

 

(1) من هنا يبدأ النقل من كتاب نداء إلى المربين والمربيات. إعداد محمد بن جميل زينو ص17.

(2) رواه الترمذي في كتاب الأدب وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

(3) أحمد في مسند الشاميين / أبو داود في الأدب / الترمذي في الأدب.

 

وبذل السلام أجر وغنيمة يستفيد منه المسلم في تكثير حسناته، ولذا رغب النبي صلى الله عليه وسلم صحابته إلى ذلك وحثهم عليه:

3- قال عليه الصلاة والسلام: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة، أو جدار، أو حجر ثم لقيه، فليسلم عليه» (1) .

وإلقاء السلام سبب في إشاعة المحبة بين الأفراد والجماعات، والمعلم يحتاج إلى ذلك من باب أولى.

4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» (2) .

والمحبة إذا شاعت بين المعلم وطلابه، كان ذلك علامة على قبول العلم الذي يبثه ذلك المعلم، لأن النفس بطبعها تميل إلى الشيء الذي تحبه وتهواه، وهذا شيء متعارف عليه.

بقي ثمة أمر آخر لا يخطر ببال الكثيرين، وهو أن يسلم المعلم على طلابه، عند إرادة الانصراف من الدرس:

5- قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة» (3)

الخلاصة:

البدء بالسلام عند لقاء الطالب.

 

 

(1) أورده صاحب المشكاة وقال: رواه أبو داود. وقال الألباني: بإسنادين أحدهما صحيح.

(2) رواه مسلم في كتاب الإيمان / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والترمذي في الاستئذان والأدب / وأبو داود في الأدب وابن ماجه في المقدمة.

(3) قال التبريزي في المشكاة. رواه الترمذي وأبو داود. (وقال عنه الترمذي حسن، وحسنه الألباني أيضاً) ورواه أيضاً أحمد في باقي مسند المكثرين.

 

السلام سبب في جلب المغفرة، وتكثير الحسنات.

السلام سبب في إشاعة المحبة بين المعلم وطلابه.

إلقاء السلام عد الدخول على الطلاب، وعند الانصراف.

[6] استخدام العقوبات أثناء التعليم

يتفق المعلمون في وجوب معاقبة المخطئ وردعه عند تكرار خطئه، ولكنهم يختلفون في مسألة العقاب البدني للتلميذ، فالمانعون يقولون: إن هذا الأسلوب غير مجد، ويؤدي إلى حدوث أمراض نفسية لدى الطالب، وتجعل الطالب يتخوف من العلم لأدنى سبب، وكذلك هذا الأسلوب يدعو الطالب إلى الكذب للفرار من عقاب المعلم، قالوا: ولذا نرى عدم السماح للمعلم بمعاقبته بدنياً مطلقاً.

والفريق الآخر المؤيدون يقولون: إن إلغاء العقاب البدني بتاتاً له عواقب وخيمة، منها أن الطالب لا يأبه للمعلم، ولا يضع له اعتباراً، وبالتالي لن يلقي اهتماماً للعلم أي (للمادة الدراسية) ، وعملية إلغاء العقاب البدني ينشئ لنا جيلاً مستهتراً بالقيم والمثل والعلم.

والتحقيق أن يقال: أنه لا بد من التفصيل في هذه المسألة، وأن نتناولها من جوانب عدة. أولاً: إلغاء الضرب بالكلية مرفوض، وإطلاق العنان للمعلم بالضرب في كل الأحوال مرفوض أيضاً، ومستندنا في جواز الضرب هو قول النبي: «مروا الصبي بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» (1) . قال العلقمي: إنما أمر بالضرب لعشر لأنه حد يتحمل فيه الضرب غالباً، والمراد بالضرب ضرباً غير مبرح وأن يتقي الوجه في الضرب. انتهى (2) . فهذا الحديث صريح في جواز ضرب من بلغ عشر سنين تأديباً له. ثانياً: الضرب للتأديب فقط: وليس للانتقام والتشفي، ولذلك يخطئ بعض المعلمين عندما يضرب أحد طلابه ضرباً شديداً مبرحاً لخطأ وقع فيه، فيظن المعلم أنه يؤدبه، وفي الحقيقة أنه ينتصر لنفسه! يقول محمد جميل زينو: (3) ولقد رأيت بعض المعلمين يرفسون بأرجلهم ونعالهم، وربما أصاب ذلك الرفس محلاً خطيراً أودى بحياة الطالب. اهـ. وهل هذا إلا بدافع الغضب والانتصار للنفس وحظوظها. ثالثاً: اتقاء ضرب الوجه: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه» (4) وذلك لأن الوجه هو أشرف الأعضاء في جسم

(1) رواه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة وأبو داود في كتاب الصلاة. وقال الألباني: حسن صحيح أهـ. وقال المنذري: والحديث أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح «

(2) عون المعبود. شرح سنن أبي داود (كتاب الصلاة باب 25) .

(3) نداء إلى المربين والمربيات ص90.

(4) رواه أبو داود في كتاب الحدود. وصححه الألباني، ورواه أيضاً أحمد في باقي مسند المكثرين.


  •  

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

الإنسان، وهو مكان التكريم، فالضرب على الوجه يبعث على الكراهية وحب الانتقام. رابعاً: هناك عقوبات أخرى تسبق الضرب: أورد الشيخ محمد جميل زينو (1) بعض العقوبات التربوية المفيدة نأخذ منها على سبيل الاختصار:

النصح والإرشاد (لأن البعض تؤثر فيه الكلمة والتوجيه) .

التعبيس (أي تعبيس الوجه وتقطيب الحاجبين للتعبير عن الاستياء) .

الزجر

الإعراض (الإعراض عن طلابه أو عن أحدهم حتى يرجع عن خطئه) .

التوبيخ.

جلوس القرفصاء (أو إيقاف الطالب مع رفع يديه ونحو ذلك) .

(تكليف الطالب بواجبات منزلية ونحو ذلك)

تعليق العصي:.. لحديث «علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه آدب لهم» (2)

(المرحلة الأخيرة) الضرب الخفيف.

وبعد فإن على المعلم أن يتدرج في استعمال العقوبات، ولا يلجأ للضرب لأول زلة يقع فيها الطالب، بل عليه أن يستعمل الحكمة في استخدام الأسلوب الأمثل لمعالجة الخطأ كما بيناه سابقاً. ثم إن لم يجد بداً من الضرب، فليضرب ولكن بالشروط السالفة الذكر. ولا عبرة بقول، ولا حجة لمن أنكر الضرب مطلقاً.

الخلاصة:

التدرج في معاقبة المخطئ، وعدم اللجوء إلى الضرب إلا في الحالات القصوى.

(1) نداء إلى المربين والمربيات ص93. وما بين المعكوفتين زيادة بيان مني.

(2) المصدر السابق ص97 وقال: الشيخ محمد: حسنه الألباني في صحيح الجامع.

 

عدم القسوة في الضرب، واتقاء الوجه.

القصد من الضرب هو التأديب، وليس لإطفاء نار الغضب.

 

[7] تقديم المكافآت للمتعلم

المكافآت بأنواعها لها فعل عجيب في أسر القلوب، وتجديد النشاط، وكسر طوق الخمول، وباعث على الاستزادة من العلم، إلى غير ذلك من الآثار التي تحدثها المكافآت وعلى المعلم أن يوجد هذا الأسلوب كلما وجد فتوراً بين طلابه، أو رأى مصلحة في تقديمها. وتختلف المكافآت اختلافاً متبايناً، ولكنها تشترك في الأثر الذي تحدثه مع اختلاف في مقدار هذا الأثر. وإليك بعضاً منها:

(أ) المكافآت المادية: وهي أقوى المكافآت والحوافز تأثيراً على المتعلم وإثارةً له، لأن فيها معنى زائداً على حيازة المكافأة المادية، وهو التفوق على الأقران، ورضى المعلم عنه، وحصوله على الثناء الحسن من قبل معلميه. ولقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1- فعن عبد الله بن الحارث قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله وكثيراً من بني العباس ثم يقول: " من سبق إلي فله كذا وكذا " قال: فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم» . (1)

 

(1) رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم.

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

(ب) المكافأة بالدعاء: وهو الدعاء للطالب بالبركة والخير والتوفيق ونحوه. وهذا الأسلوب عزيز ونادر وجوده بين المعلمين، ولا أدري أهو رغبة عنه أم جهل به؟ . فإن كان رغبة عنه فلقد فعله خير البشر صلى الله عليه وسلم وإن كان جهلاً به فهاك علمه:

1- «عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءاً. قال: من وضع هذا؟ فأخبر، فقال: " اللهم فقهه في الدين» (1) . قال الحافظ ابن حجر: قال التيمي: فيه استحباب المكافأة بالدعاء. وقال ابن المنير: مناسبة الدعاء لابن عباس بالتفقه على وضعه الماء من جهة أنه تردد بين ثلاثة أمور: إما أن يدخل إليه بالماء إلى الخلاء، أو يضعه على الباب ليتناوله من قرب، أولا يفعل شيئاً، فرأى الثاني أوفق، لأن في الأول تعرضاً للاطلاع، والثالث يستدعي مشقة في طلب الماء، والثاني أسهلها، فعله يدل على ذكائه، فناسب أن يدعى له بالتفقه في الدين ليحصل به النفع. (2)

 

(1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء وفي كتاب العلم (اللهم علمه الكتاب) / ومسلم في فضائل الصحابة / وأحمد في مسند بني هاشم / الترمذي في المناقب / وابن ماجه في المقدمة

(2) فتح الباري: (1 / 259) .

 

(ت) المكافأة بالثناء الحسن (المدح) : وهو قولك للطالب أحسنت، ممتاز، ونحوه.. وهذا الأسلوب يزرع في المتعلم الثقة بعلمه، ويحث غيره لنيل هذا الاستحسان من المعلم، ويبعث في الطالب الشعور بالارتياح لما يبذله من جهد في التعلم ومثاله:

1- «عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قال قلت: الله ورسوله أعلم. قال: " يا أبا المنذر! أتدري آية من كتاب الله معك أعظم؟ " قال قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قال: فضرب في صدري وقال: " والله! ليهنك العلم أبا المنذر» (1) قال النووي: فيه منقبة عظيمة لأبي، ودليل على كثرة علمه، وفيه تبجيل العالم فضلاء أصحابه وتكنيتهم، وجواز مدح الإنسان في وجهه إذا كان فيه مصلحة ولم يخف عليه إعجاب ونحوه لكمال نفسه ورسوخه في التقوى (2) . قلت ومن المصلحة ما تقدم آنفاً.

 

(1) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها / وأبو داود في الصلاة / ومالك في النداء للصلاة.

(2) مسلم بشرح النووي. باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي. (حديث: 810)

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء. فقال أحججت؟ . قلت نعم. قال: بما أهللت. قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم. قال: أحسنت.. الحديث. (1)

 

يقول محمد بن جميل زينو: (2) على المعلم الناجح أن يثني على الطالب إذا رأى منه أي بادرة حسنة في سلوكه، أو في اجتهاده، فيقول للطالب الذي أحسن الجواب: أحسنت، بارك الله فيك، أو نعم الطالب فلان، فمثل هذه الكلمات اللطيفة تشجع الطالب وتقوي روحه المعنوية، وتترك في نفسه أحسن الأثر، مما يجعله يحب معلمه ومدرسته ويتفتح ذهنه للتدريس، ويكون في نفس الوقت مشجعاً لرفاقه أن يقتدوا به في أدبه وسلوكه واجتهاده لينالوا الثناء والتشجيع من معلمهم.. أهـ (3)

الخلاصة:

المكافآت لها أثر فعال في دفع المتعلمين وتحفيزهم على طلب العلم.

يجب أن تكون الحوافز والمكافآت وسيلة لا غاية.

المكافأة بالدعاء أمر محمود، وكلما كان الدعاء مناسباً للفعل كان أفضل.

مكافأة الطالب بالثناء عليه، أسلوب حسن، ودافع جيد للاستزادة من العلم.

 

(1) رواه البخاري في كتاب الحج / ومسلم في الحج / وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة / والنسائي في مناسك الحج / والدارمي في المناسك.

(2) نداء إلى المربين والمربيات ص83.

(3) هناك مكافآت أخرى لم نذكرها في كلامنا عن المكافآت، وذلك لأنها خلاف منهجنا الذي سرنا عليه، وهو الاستدلال بكل خلق أو وسيلة في التعليم بخبر عن رسول الله ومن هذه المكافآت ما ذكرها محمد جميل زينو في كتاب نداء إلى المربين والمربيات (وما بين المكوفتين مني) : أ - لوحة الشرف: (أي يوضع اسم المتفوق ونحوه في هذه اللوحة) . ب - توصية أهل الطالب: (وذلك بمراسلة أهله وذكر محاسنه وتقدمه في دراسته ونحو ذلك) (ونزيد: ت - خطابات الشكر: وهو تزويد الطالب بخطابات الشكر ويعلن عنه في مدرسته ويوضع في ملفه ونحو ذلك) .

 

[1] تهيئة المتعلم لاستقبال العلم

 

لا يختلف اثنان أن إعراض الطالب وانشغاله عن معلمه لأي سبب كان، صارف له عن تلقي العلم، وسبب يمنعه من فهم كلام معلمه. وإقبال الطالب بكليته على معلمه عامل هام في تحصيل العلم وفهمه على طريق صحيح. ولذا يستحب للمعلم أن يلفت أنظار طلابه إليه بين الفينة والفينة، وله - أي المعلم - أن يستخدم أساليب عدة وطرائق متنوعة في جذب طلابه إليه، نقتصر على ثلاث منها تاركين لك البحث عن غيرها:

أ - أسلوب الاستنصات: وهو طلب السكوت والاستماع من المتعلمين، وهذا أسلوب مباشر يستخدم غالباً قبل البدء في إلقاء الدرس، وعند تعذر الأساليب الأخرى غير المباشرة. يوضح ذلك حديث جرير بن عبد الله البجلي:

 

«إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع: استنصت الناس (1) فقال: " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» (2) يقول الحافظ ابن حجر: وذلك أن الخطبة المذكورة كانت في حجة الوداع والجمع كثير جداً، وكان اجتماعهم لرمي الجمار وغير ذلك من أمور الحج ... فلما خطبهم ليعلمهم ناسب أن يأمرهم بالإنصات (3) . ولو أعدت النظر في الحديث وفي كلام الحافظ لتبين لك الحاجة التي دعت النبي صلى الله عليه وسلم لأن يطلب من الصحابي أن يستنصت الناس، ففي الحج يكثر الناس ويكونون منهمكين في أداء مناسكهم ولذا كان من المتعذر أن يخطب النبي صلى الله عليه وسلم ويعلمهم أمور دينهم وهم على هذه الحال، فناسب أن يأمر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه باستنصات الناس.

 

ب - أسلوب النداء (طريقة مباشرة) : وهذه الطريقة تستخدم في نداء المتعلمين قبل بدء الدرس، وقد تستخدم في أثنائه، وهذا الأسلوب يكثر استعماله من قبل المعلمين. ومثاله:

(1) أي اطلب منهم الإنصات ليسمعوا الخطبة. (فتح الباري - 12 / 202) .

(2) رواه البخاري في كتاب العلم / ومسلم في الإيمان / وأحمد في مسند الكوفيين / والنسائي في تحريم الدم / وابن ماجه في الفتن / والدارمي في المناسك.

(3) فتح الباري / كتاب العلم / باب الإنصات للعلماء. حديث رقم 121. (1 / 262) .

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

 

1- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وكان آخر مجلس جلسه متعطفاً ملحفة على منكبيه قد عصب رأسه بعصابة دسمة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إلي. فثابوا إليه. ثم قال: أما بعد فإن هذا الحي من الأنصار يقلون ويكثر الناس. فمن ولي شيئاً من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم - فاستطاع أن يضر فيه أحداً فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم» . (1) ونلحظ في هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم «أيها الناس إلي» وهو نداء منه صلى الله عليه وسلم وأمره لهم بالاجتماع والإنصات لما سيلقي عليهم. وقوله: «فثابوا إليه» أي اجتمعوا. و (ثاب) الناس (أي) اجتمعوا وجاءوا (2) .

ت - أسلوب الحث على الاستماع والإنصات (طريقة غير مباشرة) :

وهذا أسلوب جميل في جذب النفوس وحثها على الاستماع لأن النفس البشرية في الغالب تنفر من العبارات التي تكون على هيئة الأمر والإلزام، ولذا كان من المناسب أن يعمد المعلم إلى طرق غير مباشرة في جذب واستدعاء الحواس، لكي يحصل التلقي بنفس طيبة. وقد ضرب لنا المعلم الأول - صلى الله عليه وسلم - أروع الأمثلة في بيان هذه الطريقة:

 

(1) رواه البخاري في كتاب الجمعة / وأحمد في مسند بني هاشم

(2) مختار الصحاح. مادة (ثوب) (ص62) .

 

 

 

 

1- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني، خذوا عني. قد جعل الله لهن سبيلاً. (1) البكر بالبكر. جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم» (2)

ولك أن تتأمل قوله: «خذوا عني، خذوا عني» وما فيه من عنصر الجذب، وشحذ النفس، وترغيبها في الاستماع إلى هذا الشيء المراد بثه وإرساله. وأيضاً فيه ميزة أخرى وهو التكرار - وسوف يأتي بيانه.

الخلاصة:

تهيئة الطالب لاستقبال المعلومات، قد تكون بأسلوب مباشر وقد تكون غير مباشرة.

طريقة طلب السكوت من الطلاب من أقوى الوسائل في جذب الانتباه.

للمعلم أن يستخدم أسلوب النداء المباشر، كقولك (يا طلاب انتبهوا) أو (يا طالب انتبه) ونحو ذلك.

أسلوب النداء المباشر قد يكون في بداية الدرس، وقد يكون في أثنائه.

الطريقة غير المباشرة تحتاج إلى براعة من المعلم، وهي قد تكون في بداية الدرس وفي أثنائه.

 

 

(1) إشارة إلى قوله تعالى: (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) . كانت المرأة إذا زنت تمسك في البيوت وتحبس حتى يتوفاها الموت، أو يجعل الله لها سبيلاً. ثم أوحى الله إلى نبيه وبين له هذا السبيل الذي جاء في الآية. وهو الحديث الذي بين أيدينا.

(2) رواه مسلم في كتاب الحدود / وأحمد في باقي مسند الأنصار / والترمذي في الحدود / وأبو داود الحدود وابن ماجه في الحدود / والدارمي في الحدود.

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

أولاً: الاتصال السمعي: منها:

أ- طريقة الكلام (السرد - الشرح) :

عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل، يحفظه من جلس إليه» (1) قولها: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد» ..) بضم الراء من السرد وهو الإتيان بالكلام على الولاء والاستعجال فيه.. والمعنى لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتابع الحديث استعجالاً بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع.. وقوله: (فصل) أي بين ظاهر يكون بين أجزائه فصل. (2)

إن عرض المادة العلمية بسرعة يسبب إرباكاً لدى الطالب، ويشتت ذهنه، ويحرمه الانتفاع بكثير من الفوائد والمسائل التي قد تمر سريعاً ولا يتصيدها الذهن، وهذه الطريقة يقع فيها كثير من المعلمين، ولذا وجب التنبيه لها. وعكس ذلك البطء الشديد الممل، الذي يبعث على الاسترخاء والنوم، ويولد الضجر والسآمة لدى الطالب.

والطريق الأمثل، هو الفصل بين الكلمات، حيث يفصل بين الكلمة وأختها فلا تتداخل الكلمات والحروف لكي لا تشكل وتصعب على الطالب، وكذلك التوسط في السرد فلا هو بالسريع المفرط ولا البطيء المخل.

 

(1) الشمائل المحمدية. للترمذي. تحقيق الألباني. وقال الترمذي حديث حسن صحيح. وحسن الألباني إسناده وعند البخاري في المناقب وفيه: (كان يحدث حديثاً لو عده العاد لأحصاه) وهو عند مسلم في فضائل الصحابة وأحمد في باقي مسند الأنصار والترمذي في المناقب وأبو داود في العلم..

(2) تحفة الأحوذي / أبواب المناقب / باب 39. بتصرف يسير.

 

ب- عدم التشدق في الكلام وتكلف السجع:

التشدق: هو التوسع في الكلام من غير احتياط واحتراز، وقيل المتشدق المتكلف في الكلام فيلوي به شدقيه، والشدق جانب الفم (1) . وتكلف الكلام، والإتيان بغرائبه، والمبالغة في إخراج حروفه، أمر مذموم شرعاً، ومرفوض عقلاً، لأن من كانت هذه صفته لا بد وأن يرى في نفسه التعاظم على الغير وازدراء الآخرين لكونهم أقل منه بلاغة وفصاحة. ولعل حديث جابر رضي الله عنه، وحديث عبد الله بن عمرو يغنيان عن كثير من الكلام في هذا الباب:

1- عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً. وإن أبغضكم إلي، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون " قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: (المتكبرون» (2)

 

 

(1) عون المعبود (كتاب الأدب / باب 95 باب ما جاء في التشدق في الكلام) .

(2) قال النووي في رياض الصالحين ص233: رواه الترمذي وقال حديث حسن. ثم قال: (الثرثار) : هو كثير الكلام تكلفاً. (والمتشدق) : المتطاول على الناس بكلامه، ويتكلم بملء الفم فيه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه، (والمتفيهق) أصله من الفهق، وهو الامتلاء، وهو الذي يملأ فمه بالكلام، ويتوسع فيه، ويغرب به تكبراً وارتفاعاً، وإظهاراً للفضيلة على غيره.

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة بلسانها» . / (1) يقول الغزالي في الإحياء: التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف السجع والفصاحة والتصنع فيه بالتشبيبات والمقدمات وما جرى به عادة المتفاصحين المدعين للخطابة. وكل ذلك من التصنع المذموم ومن التكلف الممقوت.. ثم بعد أن ساق أخباراً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بل ينبغي أن يقتصر في كل شيء على مقصوده: ومقصود الكلام التفهيم للغرض وما وراء ذلك من تصنع مذموم. ولا يدخل في هذه تحسين ألفاظ الخطابة والتذكير من غير إفراط وإغراب (2) .

قلت: هذا إذا كان المتكلم ممن يحسن التحدث بالعربية ولكن بلينا بقوم فرطوا في لغتهم، فادخلوا عليها ما ليس فيها كقول بعضهم (أوكي / ok) ، و (يس / yes) ونحو ذلك، فلا لغتهم نصروا، ولا لغة عدوهم دفعوا! .

ت - رفع الصوت (أو تغيير نبرات الصوت) بالتعليم:

 

 

(1) رواه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة / وأبو داود في الأدب / والترمذي في الأدب. وصحح الألباني رواية أبي دواد. والباقرة أي البقرة: وخص البقرة لأن جميع البهائم تأخذ النبات بأسنانها وهي تجمع بلسانها. قاله في عون المعبود / كتاب الأدب / باب 95

(2) إحياء علوم الدين (3 / 193) .

 

1- «عن عبد الله بن عمرو قال: تخلف عنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: (ويل للأعقاب من النار) مرتين أو ثلاثاً» (1) هذا الحديث بوب عليه البخاري في صحيحة بقوله: باب من رفع صوته بالعلم. قال الحافظ: واستدل المصنف على جواز رفع الصوت بالعلم بقوله: «فنادى بأعلى صوته» وإنما يتم الاستدلال بذلك حيث تدعو الحاجة إليه لبعد أو كثرة جمع أو غير ذلك، ويلحق بذلك ما إذا كانت موعظة كما ثبت ذلك في حديث جابر «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته» .. الحديث) أخرجه مسلم. (2)

يستفاد مما سبق من رفع الصوت أثناء التعليم، في بيان المسائل المهمة جداً التي تستلزم جذب انتباه السامعين، لكي تطرد الغفلة والشرود عن أذهانهم وتهيئتهم لما سيلقى إليهم، وكذلك يستفاد من رفع الصوت في الإنكار كما جاء في الحديث المتقدم، وقد يستفاد من رفع الصوت قليلاً أثناء الشرح، إذا أراد المعلم أن ينبه فرداً أو أفراداً معينين من الطلاب، ولم يرد أن يقطع حديثه.

ث - استمرار المعلم في الإلقاء وعدم قطعه:

(1) رواه البخاري في كتاب العلم / ومسلم في الطهارة / وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة / وأبو داود في الطهارة / والنسائي في الطهارة.

(2) ذكره الحافظ في الفتح (1 / 173) وهو عند الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين / وأبي داود في الخراج والإمارة والفيء / والنسائي في صلاة العيدين / وابن ماجه في المقدمة / والدارمي في المقدمة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

يلجأ بعض الطلاب إلى أيقاف شرح المعلم لتوضيح نقطة غامضة، أو إعادة لشرح مضى، وقد يستجيب المعلم لهذا الطلب وقد لا يستجيب، وفي استجابة المعلم عدة محاذير. أولاً: تقديم رغبة طالب واحد أو اثنين على حساب مجموعة كبيرة وهي الأغلبية. ثانياً: قطع الحديث بعضه عن بعض وكان حقه أن يكون متصلاً. ثالثاً:التشويش على أذهان الطلاب بهذا القطع الطارئ. رابعاً: التشويش على المعلم نفسه وقطع تسلسل أفكاره. ومستندناً في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه قال:

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: أين أراه السائل عن الساعة؟ قال ها أنا يا رسول الله. قال: " فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة» (1) .

تأمل هذا الحديث يتضح لك ما قلناه آنفاً، وفيه زيادة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أجاب على سؤال السائل بعد فراغه من حديثه، ونستنبط من هذا عدم قطع الحديث المتصل (2) ، وإجابة السائل بعد الفراغ من الحديث المتصل.

 

(1) رواه البخاري في كتاب العلم / وأحمد في باقي مسند المكثرين.

(2) أحد طلاب الثانوية يقول: مدرسنا اضطر لقطع حديثه مرتين من أجل أن يجيب على رسالة (لا سلكية) جاءته عبر جهاز «الجوال» !!؟.

 

ج- السكوت أثناء الإلقاء (الشرح)

للسكوت أثناء شرح المعلم فوائد يحسن بنا الوقوف عندها قليلاً فمنها: أنها تجذب انتباه الطلاب، فكون المعلم يتكلم في موضوع معين ثم يسكت فجأة فإن هذا وبلا شك يستلزم انتباهاً من المستمع، ومنها: أنها تسمح بتراد نفس المعلم وأخذ قسط قليل من الراحة ومنها: أنها تعطي المعلم فرصة لترتيب أفكاره وهي عملية ذهنية لا تستغرق سوى ثوان معدودة. ولعل الحديث الآتي يقرب ما قلناه آنفاً:

«عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أي شهر هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى، قال: فأي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس يوم النحر؟ قلنا بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم - قال محمد وأحسبه قال: وأعراضكم - عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا» .. الحديث " (1)

 

(1) رواه البخاري في المغازي / ومسلم في القسامة والمحاربين والقصاص / وأحمد في مسند البصرين / وابن ماجه في المقدمة / والدارمي في المناسك.

 

فأنت ترى أثر هذا السكوت على الصحابة، وكيف جذب حواسهم وانتباههم، ولك أيها المعلم أن تستخدم هذه الطريقة أثناء شرحك، بعد كل نقطة رئيسة للفصل بين النقاط، وللتهيؤ لشرح النقطة التي تليها.

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

 

ثانياً: الاتصال البصري: منه:

أ - إدامة الاتصال النظري بين المعلم والمتعلم:

 

 

إن المحافظة على الاتصال النظري بين المعلم وتلميذه، مفيد جداً للمعلم وللمتعلم. فالمعلم يبقي طلابه تحت سيطرته من خلال متابعته لهم بنظره، ومن ثم يلاحظ الغافل فينبهه، والناعس فيوقظه، والمتلاعب فيزجره.. إلخ. ولذا كان حري بالمعلم أن يوزع نظره على عموم طلابه حتى يعتقد كل طالب أنه المعني بالكلام، ولا يغفل عن طلابه أثناء الشرح، فإن بعض المعلمين يصوب بصره على جهة معينة أثناء تدريسه، وهذا خطأ يؤدي إلى فقدانه السيطرة على طلابه، ومن ثم يعطي الطالب الفرصة بالتشاغل عن الاستماع والإنصات للدرس. ويستحب أن يكون مكان المعلم مرتفعاً ولو قليلاً عن طلابه لتحصل المتابعة الجيدة من قبله، ولكي يتسنى لكل طالب متابعة معلمه دون عناء أو مضايقة ممن حوله. وأما المتعلم فمن خلال رؤيته المستمرة وإدامته لنظره لمعلمه، يحصل له فهم أقوى لما يطرح ويقال في الدرس، لأن اشتراك حاستين وهما السمع والبصر أقوى في التلقي من الاقتصار على واحدة. ولنا أن نلمس السبب من جعل المنبر عالياً. ولقد كان منبرة صلى الله عليه وسلم بارتفاع ثلاث درجات وهي كافية جداً في تبادل النظر بين الخطيب والمصلين.. يوضح ذلك:

 

1- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال: أصليت يافلان؟ قال: لا. قال قم فاركع» (1)

2- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله» (2) والجلوس حول الخطيب يقتضي النظر إليه، وكذا الجلوس حول المعلم يقتضي النظر إليه. وهذا الحديث أورده البخاري في صحيحه وعقد عليه باباً بقوله: باب (يستقبل الإمام القوم، واستقبال الناس الإمام إذا خطب) قال الحافظ ابن حجر معلقاً: ومن حكمة استقبالهم للإمام التهيؤ لسماع كلامه وسلوك الأدب معه في استماع كلامه، فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور ذهنه كان أدعى لتفهم موعظته ومافقته فيما شرع له القيام لأجله. (3)

ب - استخدام تعابير الوجه:

 

(1) رواه البخاري في كتاب الجمعة / ومسلم في الجمعة / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والترمذي في الجمعة / وأبو داود في الصلاة / والنسائي في الجمعة / وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها / والدارمي في الصلاة.

(2) رواه البخاري في كتاب الجمعة / ومسلم في الزكاة / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والنسائي في الزكاة وابن ماجه في الفتن.

(3) فتح الباري / حديث 921 (2 / 467) .

 

 

يغفل كثير من المعلمين عن توظيف هذه الطريقة في التعليم، بل إنك لا تكاد تجد من يعمل بها، إما لجهله بها أو لغفلته عنها. وهذه الطريقة تغني المعلم عن الإنكار باللسان، أو ترديد عبارات الرضا والارتياح تجاه عمل معين أو قول معين، وهذه الطريقة نافعة جداً مع فئة معينة من الناس، فإن هناك من تؤثر فيه النظرة الحادة، وهي كافية في زجرة وردعه، وهناك من تؤثر فيه الابتسامة والبشاشة أكثر مما لو قلت له: أحسنت أو هذا جيد هكذا دون مشاركة تعابير الوجه التي تدل على الارتياح والرضا. وهناك من لا يؤثر فيه ذلك كله، فيعامل كل بحسبه. ونبينا صلى الله عليه وسلم كان يعرض الغضب في وجهه.

1- «قالت عائشة - رضي الله عنها - دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صور. فتلون وجهه، ثم تناول الستر فهتكه. وقالت قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورن هذه الصور» (1)

 

(1) رواه البخاري في كتاب الأدب / ومسلم في الحيض / وأحمد في باقي مسند الأنصار / وأبو داود في الطهارة / والترمذي في الطهارة / والنسائي في الطهارة / وابن ماجه في اللباس / ومالك في الطهارة / والدارمي في الطهارة.

 

2- «ويروي أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه، فقام فحكها بيده فقال: " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه - أو إن ربه بينه وبين القبلة - فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه " ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض فقال: " أو يفعل هكذا» (1) وفي قوله: «حتى رؤي في وجهه» يقول الحافظ: (2) أي شوهد في وجهه أثر المشقة، وللنسائي «فغضب حتى احمر وجهه» وللمصنف.. «فتغيظ على أهل المسجد» أهـ. فهذه الألفاظ كلها تدل على أن هذا الغضب أحدث عند الصحابة علماً جازماً بأن هذا الفعل الذي غضب منه الرسول صلى الله عليه وسلم منكراً، ولو سكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزد على ذلك، لكان كافياً في الإنكار والردع، ولكنه عليه الصلاة والسلام بين سبب الغضب لأنه في مقام التبليغ والتعليم.. والله أعلم.

 

أما التبسم:

3- فيقول جرير بن عبد الله البجلي: «ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي» (3) ولا يخفى أثر ذلك الابتسام على جرير بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه.

الخلاصة:

 

(1) رواه البخاري في كتاب الصلاة / ومسلم في الصلاة / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والنسائي في الطهارة وأبو داود في الصلاة / والدارمي في الصلاة.

(2) فتح الباري. كتاب الصلاة. حديث رقم (405) .

(3) رواه البخاري في كتاب الأدب / ومسلم في فضائل الصحابة / وأحمد في مسند الكوفيين / والترمذي في المناقب / وابن ماجه في المقدمة / وأبو داود في الجهاد.

 

 

 

 

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

 

مراعاة القصد في الكلام - أثناء الشرح - والترسل فيه، والتوسط، لا سريع مفرط، ولا بطيء مخل

الغاية من التوسط في الكلام وعد السرد السريع، هو ضمان وصول المعلومات إلى ذهن الطالب بعيداً عن الإثارة والتشويش.

تكلف الكلام خصلة ذميمة شرعاً وحساً وعقلاً.

تكلف الكلام والإتيان بغرائبه، يوجب النفرة بين المعلم والمتعلم.

رفع الصوت أثناء التعليم، وسيلة جيدة في جذب انتباه السامعين وفي الإنكار.

قطع الشرح يسبب إرباكاً للطلاب، ويفسد على المعلم تسلسل أفكاره ورط بعضها ببعض.

على المعلم أن يطلب من طلابه أن يؤخروا أسئلتهم إلى أن يفرغ من الشرح.

السكوت أثناء الشرح له فوائد منها: جذب انتباه الطلاب، وتراد نفس المعلم، وترتيب الأفكار.

تبادل النظر بين المعلم والمتعلم، عامل هام في سيطرة المعلم على طلابه، وفي فهم المتعلم لما يلقى إليه من مسائل وعلوم.

توظيف تعابير الوجه في التعليم، يساعد المعلم في تحقيق أغراضه.

مراعاة اختلاف الطلاب، ومقدار تأثرهم بهذه الانفعالات، فإن بعضهم لا تجدي معه مثل هذه التعابير الظاهرة.

 

[3] الأسلوب العملي في التعليم

 

لا شك أن عرض المادة وتقديمها عن طريق الإلقاء، وسيلة جيدة في التحصيل والتعلم، ولكن هذه الوسيلة تبلغ ذروتها إذا أنضاف إليها وسيلة أخرى، وهي الأسلوب العملي، فإذا اشترك الأسلوب النظري مع الأسلوب العملي في آن واحد أثناء التعليم، كان ذلك عاملاً قوياً في ترسيخ المعلومات في ذهن الطالب، ومثبت لها من النسيان. والأسلوب العملي قد يكون من جهة المعلم، وقد يكون من جهة المتعلم، أي أن الفعل قد يكون من المعلم، وقد يكون من المتعلم، وإليك بسطاً لكل منهما:

أ - الأسلوب العملي من قبل المعلم:

1- حديث «سهل بن سعد (وفيه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر) قال:.. (ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليها وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى، فسجد في أصل المنبر، ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: أيها الناس: إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي» (1)

 

(1) رواه البخاري في كتاب الجمعة / ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة / وأحمد في باقي مسند الأنصار / وأبو داود في الصلاة / والنسائي في المساجد / وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها / والدارمي في الصلاة.

 

2- عن أنس رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه،

فقام فحكه بيده فقال: " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه - أو إن ربه بينه وبين القبلة - فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه " ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض فقال: (أو يفعل هكذا» (1) قال الحافظ عند قوله: «ثم أخذ طرف ردائه» .. الخ) فيه البيان بالفعل ليكون أوقع في نفس السامع. (2)

 

(1) تقدم تخريجه.

(2) فتح الباري. كتاب الصلاة. باب حك البزاق باليد في المسجد. (1 / 606. ح 405)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا حبيبتي ميرفت على ما قدمتِ

وبارك الله في كاتبه

مفيد ومهم ونافع واللهم بارك

وفي المتابعة إن شاء الله

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا حبيبتي ميرفت على ما قدمتِ

وبارك الله في كاتبه

مفيد ومهم ونافع واللهم بارك

وفي المتابعة إن شاء الله

 

جزانا وإياكم خير الجزاء

اللهم آمين صدقت هذا كتاب رائع جزى الله كتابه عنا خير

أسأل الله العظيم القبول

أتشرف بمتابعتك @@امة من اماء الله يا حبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1477503622____1.png

 

 

3- ومثله الحديث الذي رواه البخاري، وفيه أن عثمان بن عفان رضي الله عنه توضأ ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه» (1) قال ابن حجر: وفي الحديث التعليم بالفعل لكونه أبلغ وأضبط للمتعلم (2) ومثله قوله عليه الصلاة والسلام في الحج «خذوا عني مناسككم» والأمثلة كثيرة في هذا الباب، وفيما سبق غنية عن الإطالة. فعلى المعلم أن يعتني بهذا الأسلوب فإنه ناجع ومفيد. وزيادة على ما مضى فإن هذا الأسلوب يختصر المسافة على المعلم في ضرب الأمثلة، ويوفر الوقت والجهد، فبدلاً من أن يحفظهم صفة الوضوء - مثلاً - ويستهلك وقتاً طويلاً في تعليمهم، يكفيه أن يحض الماء ويطبقه عملياً أمامهم ثم يجعلهم يفعلون ذلك عملياً بتطبيق ما شاهدوه من معلمهم على أنفسهم. وكذلك الأمر في تعليم الصلاة ونحوها.

وعلى المعلم أن يتذكر أن استخدام الأسلوب العملي في التعليم لا يتأتى لكل مادة علمية، ولكن عليه أن يبذل جهده في استخدام هذا الأسلوب أثناء أداءه لمهمته التعليمية، فإنه مجرب ومفيد في حفظ المعلومات واستدامتها في الذهن.

 

(1) رواه البخاري في كتاب الوضور / ومسلم في الطهارة / وأحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة / وأبو داود في الطهارة / والنسائي في الطهارة / وابن ماجه في الطهارة وسننها / والدارمي في الطهارة.

(2) فتح الباري. كتاب الوضوء. باب الضوء ثلاثاً ثلاثاً. (313) .

 

ب - الأسلوب العملي من قبل المتعلم:

 

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان صلى. ثم جاء إلى النبي فسلم عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعليك السلام) ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل) حتى فعل ذلك ثلاث مرات. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق! ما أحسن غير هذا. علمني. قال: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر. ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن. ثم اركع حتى تطمئن راكعاً. ثم ارفع حتى تعتدل قائماً. ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً. ثم ارفع حتى تطمئن جالساً. ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» (1) فهذا الحديث فيه تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم، لذلك الذي أساء في صلاته ولم يحسن فيها، بأسلوب عملي يجعل المتعلم يكتشف الخطأ الذي وقع فيه بنفسه، وذلك يتبين من رد النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك المصلي ثلاث مرات، لعله يكتشف سبب أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بإعادة الصلاة. يقول القاضي عياض: فإن قيل لم سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن تعليمه أولاً حتى افتقر الى

 

(1) هذا حديث مشهور ومعروف عند أهل العلم، بحديث المسيء صلاته. رواه البخاري في كتاب الأذان / ومسلم في الصلاة / وأحمد في باقي مسند المكثرين / والترمذي في الصلاة والنسائي في الافتتاح / وأبو داود في الصلاة / وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها.

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

المراجعة كرة بعد أخرى، قلنا لأن الرجل لما لم يستكشف الحال مغتراً بما عنده سكت عن تعليمه زجراً له وإرشاداً إلى أنه ينبغي له أن يستكشف ما استبهم عليه، فلما طلب كشف الحال بينه بحسن المقال.. وقال ابن دقيق العيد: لا شك في زيادة قبول المتعلم لما يلقى إليه بعد تكرار فعله واستجماع نفسه وتوجه سؤاله مصلحة مانعة من وجود المبادرة إلى التعليم لا سيما مع عدم الخوف (1) وقال النووي: وإنما لم يعلمه أولاً ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المجزئة (2) .

2- عن أنس بن مالك، «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الفجر، فقال: صلها معنا غداً، فصلاها النبي صلى الله عليه وسلم بغلس، فلما كان اليوم الثاني أخر حتى أسفر، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا يا نبي الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أليس قد حضرتها معنا أمس واليوم؟ قال: بلى. قال: فما بينهما وقت» . (3) قال ابن عبد البر (4) . وقد يكون البيان بالفعل أثبت أحياناً فيما فيه عمل من القول، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ليس الخبر كالمعاينة» . (5)

الخلاصة:

 

(3) عون المعبود. شرح سنن أبي داود. أبي الطيب محمد شمس الحق عظيم آبادي. (كتاب الصلاة / باب 146) .

(2) فتح الباري. (12 / 328- حديث رقم 793) .

 

 

ذكره ابن عبد البر بسنده في التمهيد (4 / 332. حديث سادس وعشرون لزيد بن أسلم) وقال محققه في الحاشية: أخرجه البزار بسند صحيح، وأخرجه الطبراني في الكبير والأوسط من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن حارث بسند حسن، ومن حديث زيد بن حارثة عند أبي يعلى والطبراني.

(4) في التمهيد (4 / 334) .

(5) رواه الإمام أحمد في مسند بني هاشم.

 

الجمع بين الأسلوب النظري والأسلوب العملي في التعليم، من الوسائل النافعة في التربية والتعليم.

هذه الطريقة تختصر الطريق على المعلم، وتوفر الوقت والجهد.

إشراك الطلاب في التطبيق العملي، لكي تتم الفائدة.

على المعلم أن يجعل طلابه يكتشفون الخطأ بأنفسهم، كأن يعيد المعلم كراسة الواجبات إلى الطالب بدون تصحيح لكي يعيد النظر فيها ويكتشف الخطأ بنفسه.

ممارسة الشيء وتطبيقه، عامل قوي في حفظ المعلومة وصيانتها عن النسيان.

 

[4] عرض المادة العلمية بأسلوب يناسب عقل الطالب وفهمه

 

تختلف العقول والمدارك، من شخص لآخر، ومن جماعة لأخرى، وذلك أمر بين وواضح، ويدلك على ذلك أن الطلاب في الفصل الواحد يختلفون في سرعة الاستجابة لأسئلة المطروحة، وفي الفهم، ولعل حديث أبي سعيد الخدري المروي في الصحيحين وغيرهما يجلي لنا الأمر: «عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر فقال: عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الحياة الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده. فبكى أبو بكر فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا. قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، وكان أبو بكر هو أعلمنا به» .. الحديث. قال النووي: وكان أبو بكر رضي الله عنه علم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو العبد المخير فبكى حزناً على فراقه وانقطاع الوحي وغيره من الخير دائماً، وإنما قال صلى الله عليه وسلم إن عبداً وأبهمه لينظر فهم أهل المعرفة ونباهة أصحاب الحذق. أهـ (1) . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: نعم. كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أقرب الناس إلى رسول الله، وأولاهم به، وأعلمهم بمراده لما يسألونه عنه فكان النبي يتكلم بالكلام العربي الذي يفهمه الصحابة رضي الله عنهم

 

(1) مسلم بشرح النووي. كتاب فضائل الصحابة. حديث رقم (2382) .

 

ويزداد الصديق بفهم آخر يوافق ما فهمهوه، ويزيد عليهم ولا يخالفه. أهـ (1)

ثم إن المقدرة على إيصال المعلومات إلى ذهن الطالب، تختلف قوة وضعفاً من ووسيلة لأخرى، ومن هذه الوسائل، طريقة الشرح، شرح المادة المراد تدريسها، وهذه الطريقة تعد من أفضل الطرق في الإفصاح والكشف عن مراد المعلم، ولذا كان من المهم جداً أن يعرف المعلم مستوى طلابه العقلي، لأن ذلك يساعد على تحديد أسلوبه في عرض المواد العلمية، وتلخيصها بما يوفق عقولهم ومداركهم. ويوضح ذلك الآثار التالية:

 

(1) الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية. (11 / 78) .

akhawat_islamway_1477503699____2-2.png

 

«عن عائشة رضي الله عنها قالت: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو؟ قال: نعم. قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة. قلت: فما شأن بابه مرتفعاً؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجدر في البيت وأن ألصق بابه في الأرض» (1) فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك بناء الكعبة على أساسها الذي بناها عليه إبراهيم عليه السلام، من أجل الأمن من الوقوع في المفسدة، والمفسدة هي: أن قريشاً كانت تعظم أمر الكعبة جداً فخشي صلى الله عليه وسلم أن يظنوا لأجل قرب عهدهم بالإسلام أنه غير بناءها لينفرد بالفخر عليهم في ذلك) (2) فانظر رعاك الله كيف ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمراً عظيماً كهذا، خشية أن تقصر أفهامهم عن إدراك الأمر على وجهه. ولكي نزيد الأمر وضوحاً، هاك مثالين من تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم:

الأول: مارواه البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ (3) (4) .

 

(1) البخاري: كتاب الحج. وبوب البخاري على هذا الحديث في كتاب العلم بقوله: باب. من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه. / وهو عند مسلم في الحج / وأحمد في باقي مسند الأنصار / والترمذي في الحج / والنسائي في مناسك الحج / وأبي داود في المناسك / وابن ماجه في المناسك / ومالك في الحج / والدارمي في المناسك.

(2) فتح الباري (1 / 271)

(3) قال الحافظ: وزاد آدم بن إياس في كتاب العلم له عن عبد الله بن داود عن معروف في آخره (ودعوا ما ينكرون) أي يشتبه عليهم فهمه

(4) فتح الباري. كتاب العلم (1 / 272) .

 

والثاني: ما رواه مسلم، عن عبد الله بن مسعود قال: (ما أنت محدثاً قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة) فهذان الأثران يوضحان لنا أثر مخاطبة الناس على المعلمبالأحاديث التي لا تحتملها عقولهم، حتى ولو كانت تلك الأحاديث المحدث بها صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لما كانت عقولهم تقصر عن فهمها وإدراك حقائقها جاء النهي عن ذلك لكي لا يحدث لهم فتنة. والمعلمون لهم نصيب من ذلك، وعليهم عبء كبير، إذ إن أن يجتهد في تبسيط المسائل، وصياغة الألفاظ بعبارات واضحة مفهومة تناسب مستوى طلابه، كي لا يقعوا في حيرة من أمرهم، ولكي لا يصعب العلم عليهم.

قال الغزالي في الإحياء: الوظيفة السادسة: أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يلقى مالا يبلغه عقله فينفره أو يخبط عليه عقله اقتداء في ذلك بسيد البشر صلى الله عليه وسلم حيث قال: «نحن معشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم» (1) فليبث إليه الحقيقة إذا علم أنه يستقل بفهمها.. (2)

 

(1) قال العراقي: رويناه في جزء من حديث أبي بكر بن الشخير من حديث ابن عمر أخصر منه وعند أبي داود من حديث عائشة أنزلوا الناس منازلهم أهـ. والكلام يطول حول هذا الحديث. تجده في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين. استخراج أبي عبد الله محمود بن محمد الحداد (1 / 166) ط. دار العاصمة.

(2) إحياء علوم الدين. (1 / 96) ط دار الحديث.

 

وروى الحاكم في تاريخ بإسناده عن أبي قدامة عن النضر بن شميل قال سئل الخليل عن مسألة فأبطأ الجواب فيها قال فقلت ما في هذه المسألة كل هذا النظر، قال: فرغت من المسألة وجوابها ولكني أريد أن أجيبك جواباً يكون أسرع إلى فهمك، قال أبو بدامة فحدثت به أبا عبيد فسر به. وفي تاريخ عبد الله بن جعفر السرخسي أبي محمد الفقيه أخبرني محمد بن حامد حدثنا عبد الله بن أحمد سمعت الربيع سمعت الشافعي يقول: لو أن محمد بن الحسن كان يكلمنا على قدر عقله ما فهمنا عنه ولكنه كان يكلمنا على قدر عقولنا فنفهمه (1) .

 

الخلاصة:

اختلاف عقول وأفهام الطلاب من شخص لآخر، ومن جماعة لأخرى.

براعة المعلم تكمن في قدرته على إيصال المعلومة للطالب كما ينبغي، وليست في حشد النصوص والأدلة، وكثرة المسائل.

تقدير المستوى العقلي للطلاب، ومن ثم تعليمهم وتدريسهم على هذا الأساس.

أن تكليف عقل الطالب ما لا يحتمله، وتحميله فوق طاقته، لا يزيد الطالب إلا حيرة وجهلاً.

 

(1) الآداب الشرعية. لابن مفلح. (2 / 165) ط مكتبة الرياض.


  •  

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×