اذهبي الى المحتوى
المهاجرة بنت الإسلام

كيف يدعو الداعية ؟!

المشاركات التي تم ترشيحها

كيف يدعو الداعية

 

-- أهم أصول منهجه - عليه الصلاة و السلام - في التحدث و الحوار --

 

 

..........................................

ز - مباسطة الجلساء أثناء الحديث :

 

أختي و رفيقتي في الدعوة .. إن من أدب الداعية في الحديث ، مباسطته جلسائه أثناء الحديث و بعده ، حتى لا يشعروا بالسأم ـ و لا ينتابهم الملل ، و لا يأخذهم الفتور ، و هذا يدل على أخلاق في الدعوة عالية ، و على أدب في الداعية رفيع . و كم يسرّ الجلساء حين يرون معلمهم أو مرشدهم أو داعيتهم إلى الخير لا تفارق الإبتسامة ثغره ، و لا تجافي المباسطة مجلسه ! و كم يستشعر الجلساء أو المتعلمون محبة مرشديهم أو معلميهم حين يرون فيهم المعاملة اللينة ، و الخلق العظيم !

 

و هذا الأدب في الداعية هو أدب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في محادثته لأصحابه ، و في ملاطفته لجلسائه ، و إليكم طرفاً من مباسطته و ملاطفته - عليه الصلاة و السلام - :

 

روى الإمام أحمد عن أم الدرداء - رضى الله عنها - قال : كان أبو الدرداء إذا حدّث حديثاً تبسّم ، فقلتُ : لا ، يقول الناس : إنك أحمق !! - أى بسبب تبسّمك في كلامك - فقال أبو الدرداء : ما رأيت أو سمعت رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يحدث حديثاً إلا تبسم ، فكان أبو الدرداء إذا حدّث حديثاً تبسم اتباعاً لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - في ذلك - مسند الإمام أحمد (5/198) - .

 

و روى مسلم عن سماك بن حرب قال : قلتُ لجابر بن سمرة - رضى الله عنه - : أكنتَ تجالس رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ؟ فقال جابر : نعم كثيراً ، كان - صلى الله عليه و سلم - لا يقوم من مصلاه الذى فيه يصلي الصبح حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قام ، و كانوا يتحدثون - و الرسول جالس - فيأخذون في أمر الجاهلية ، فيضحكون ، و يبتسم - صلى الله عليه و سلم - - صحيح مسلم كتاب الفضائل ب (17) برقم (69) - .

 

 

فما على الداعية إذن إلا أن يتخلّق بصاحب الخلق العظيم - صلى الله عليه و سلم - في مباسطته لجلسائه أثناء الحديث ؛ إن أرد أن يكون لحديثه جاذبية ، و لكلامه في الحاضرين قبول .

 

 

تلكم - أخواتي الداعيات - أهم القواعد التي وضعها الإسلام في أدب الحديث ، و أصل الحوار ، و حسن التخاطب ..

 

و لا شك أنكن إذا تحدثتن باللغة التى يفهمها جلساؤكن ، و تمهلتن بالكلام أثناء تلقينكن و تعليمكن ، و تجنبتن التنطع بالكلام ، و التفاصح باللسان في إلقاء مواعظكن ، و سلكتن الوسطية و الإعتدال بما لا يخلّ و لا يملّ في جميع أحاديثكن ، و خاطبتن الناس على قدر أفهامهم و عقولهم في كل لقاءاتكن ، و أقبلتن بوجوهكن و أحاديثكن على كل جلسائكن ، و باسطتن الجلساء جميعاً بحلو بشاشتكن و ابتساماتكن ..

 

لا شك أنكن إن فعلتن كل هذا تكن قد ابتعتن منهج الإسلام في أدب الحديث ، و كيفية الحوار ، بل تكن قد أخذتن بأعظم المقومات في نجاح الدعوة ، و بأهم الأسباب في نشرها في أطراف الأرض ، و ربوع المعمورة ..

 

فما أحوجنا إلى دعاة يعرفون منهج الإسلام في التأثير ، و طريقته في الإصلاح ، و وسائله في النجاح ؛ عسى أن يصلوا في نهاية المطاف إلى إقامة مجتمع فاضل ، و بناء دولة إسلامية عتيدة .. و ما ذلك على الله بعزيز .

 

 

 

ننتقل بعد ذلك - بإذن الله - إلى المرحلة الثالثة من مراحل المنهج في كيفية الدعوة إلى الله - عز و جل - بعد أن تخطينا المرحلتين الأوليتين : دراسة البيئة ، و اتباع أصول التحدث و الحوار ؛ و هى :

 

 

3 - البدء بالأهم فالمهم :

...........................

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نفع الله بك

 

اللهم اجعلنا ممن يساهمون في بناء دولة اسلامية عتيدة

 

المرحلة الثالثة من مراحل المنهج مهمة جدا... ننتظرك بفارق صبر

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

 

يـــــا الله......

 

ما أروع مدادك الخيّـــر اخيتي-الحبيبة المهاجرة-

 

سطرتي لنا أروع الكلمات وأعطرها..

 

جزاك الله الجنة غاليتي لهذه الدرر النيّــرة الصادقة..

 

واثــــــــابك كل خير...

 

متابعة بشوق ^_^

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يدعو الداعية

 

-- مراحل المنهج في كيفية الدعوة إلى الله --

 

 

..........................

3- البدء بالأهم فالمهم:

بأن تتعرفي-أختي الداعية- على واقعكِ الذي تعيشين، والبيئة التي تدعي إلى الله فيها، فلا يكفي أن تكوني قد حصلتِ شيئًا من العلوم الإسلامية، وجلتِ في مراجع الأدب والتاريخ، وأخذتِ بحظٍ وافر من العلوم الإنسانية والعلوم التجريبية -كما سيأتي إن شاء الله-؛ ولكنكِ مع هذا كله لا تعرفين عالمكِ الذي تعيشين فيه، وما يقوم عليه من مبادئ، وما يسوده من مذاهب، وما يصرع فيه من قوى، وما يجري فيه من تيارات، وما يعاني أهله من متاعب..

 

إن الداعية لا تنجح في دعوتها، ولا تكون موفقة في تبليغها؛ حتى تعرف من تدعوهم، وكيف تدعوهم؟ وماذا تقم معهم، وماذا تؤخر؟ وما القضايا التي تعطيها أهمية وأولوية قبل غيرها؟ وما الأفكار الضرورية التي تطرحها وتبدأ بها؟

 

وهذه الطريقة في الدعوة -أختي الداعية-؛ هي طريقة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وطريقة الذين اتبعوه بإحسان -رضي الله عنهم أجمعين-.. فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذًا إلى اليمن قال:

 

"إنكَ تقدمُ على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوكَ لذلك؛ فأعلمهم أن الله -تعالى- افترض عليهم خمس صلوات في كل يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوكَ لذلك؛ فأعلمهم أن الله -تعالى- افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، فإذا أطاعوكَ بها فخذ منهم، وتوق كرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب". -صحيح البخاري (كتاب الزكاة)-.

 

إذن من هذا النص يتبين لنا أنه على الداعية أن تبدأ بالأهم ثم المهم.. أن تبدأ في الدعوة بالعقيدة قبل العبادة، وبالعبادة قبل مناهج الحياة، وبالكليات قبل الجزئيات، وبالتكوين الفردي قبل الخوض في الأمور العامة، ومما يؤكد هذه الأهمية؛ دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ما هو أهم عما هو مهم في الفترة المكية، ففي هذه الفترة بالذات كان -صلوات الله وسلامه عليه- يركز في الدعوة إلى الله على الإيمان بالله ووحدانيته، ويركز أيضًا على مزاعم الدهريين وإقامة الحجة عليهم، ومنكري البعث ودحض مفترياتهم؛ ويركز كذلك على إثبات الرسالة، وإظهار خصائصها، وفضح الجاهلية، وتجسيد عوارها ومفاسدها..

 

ولو لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- عالمًا بمعتقدات القوم، بصيرًا بأحوال الجاهلية، خبيرًا بعادات البيئة؛ لما بدأ معهم بإصلاح العقيدة التي هى في نظره الأهمّ، ولما ركز في دعوته على هذه القضايا التي تتصل بالإيمان بالله، ووحدانية الخالق، وترتبط بالإعتقاد بالغيبيات، حتى إذا دخل القوم حظيرة الإسلام، وخالط الإيمان بشاشة قلوبهم؛ جاءت مرحلة المهمّ، ألا وهي التزام القوم الإسلام على أنه أصول معاملة، ومبادئ حكم، ومناهج حياة، وهذا ما ركز عليه -صلى الله عليه وسلم- في الفترة المدنية حين أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- معالم المجتمع الفاضل في المدينة المنورة بعد أن صلحت عقيدة الأمة، وترسخ في أبنائها الإيمان بالغيبيات.

 

 

 

*****

 

 

 

أخطاء تقع فيها الداعية في هذا المجال:

...............................................

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا ومعلمنا سيدنا محمد

وعلى آله وصحبه أجمعين

 

أختي الداعية الحبيبة : المهاجرة بنت الإسلام

جعلك الله من داعياتٍ على أبواب جنته

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

أختي

دخلت ُو قرأتُ موضوعك القيم

فقلتُ

" مَا شَاء اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ "

الكهف من الآية (39)

وتأكدت أن

 

العاِلمَ خيرٌ من العابدِ

 

وفقك الله وزادَكِ علماً أَنتِ ومن على شاكلتكِ ونفع الله بكم المؤمنين والمؤمنات

وزادكم عدداً وعلما

وعلمنا من لدنه علماً

آمين

تم تعديل بواسطة الحاجة أم حسن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛

 

أخواتي الغاليات/ محبة الأبرار وهداية النورين:

أسأل الله أن ينفعني وإياكن بما نسطر هنا.. بوركتن.

 

حبيبتي أم حسن.. سعيدة حقيقي بمرورك، تقبل الله منكِ صالح الدعوات أخية.

 

ولنتابع معًا..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يدعو الداعية

 

--مراحل المنهج في كيفية الدعوة إلى الله--

 

.........................................................................

3-البدء بالأهم فالمهم، وأخطاء تقع فيها الداعية في هذا المقام:

 

*وتخطين -أختي الداعية- حين تكونين في بيئة يدين أبناؤها بالإسلام، ولكن يغلب عليهم الطابع الأمي، و المظهر الفطري، والإتجاه السليم، وتذهبي تحدثينهم عن الفلسفات الفكرية العالمية ونقضها، والنظريات العلمية الحديثة وموقف الإسلام منها، والمذاهب الإجتماعية الحاضرة وتناقضها مع بعضها، تذهبي تحدثينهم بهذا وقد تركتِ التحدث بالأهم ألا وهو:

 

العلم والتعلم، والأخلاق والتخلق، والإيمان وأثره، والعبادة ومفهومها، والمعاملة وحقيقتها، وبودك -أختي الداعية- أن تصنفي المواضيع التي تطرحينها في بيئة كهذه على حسب أهميتها، لتتناولي واحدة بعد واحدة في الوقت المناسب، وهكذا حتى تنتهي منها.

 

*وتخطئين -أختي الداعية- حين تكونين بين طبقة مثقفة آمنت بالإسلام العظيم عقيدة ونظامًا، وتحققت به سلوكًا ومعاملة، وحملته إلى الناس تبليغًا ودعوة، وذهبتِ تحدثينهم عن أبسط مبادئ الإسلام، وأظهر أركان الإيمان كالإيمان بالله والرسل، والإهتمام بالصلاة والصيام، فهذه الأمور من البديهيات المعلومة من الدين بالضرورة، ذهبتِ تحدثينهم بهذا وقد تركتِ التحدث إليهم بالأهم ألا وهو:

 

ضرورة التعمق في أصول الدين شريعة ومنهاجا، مسؤولية الشباب في حمل رسالة الإسلام، والشباب وأثرهم في الإصلاح والتغيير، كيف يتكون الدعاة، مؤامرات الأعداء على الإسلام وأهله، العقبات التي تواجه الدعاة،.. الخ. أيضًا بإمكانكِ -أختي الداعية- أن تصنفي هذه المواضيع الهامة، لتتناوليها واحدة بعد واحدة في الوقت المناسب، وهكذا حتى تنتهي منها، وتطمئني أن المدعويين قد تشبعوا بها، وعاهدوا الله على أن يتابعوا المسيرة مهما تراكمت العقبات، وغلت التضحيات، وتوالت الشدائد.

 

*أيضًا تخطئين -أختي الداعية- عندما تكونين في مجتمع يدين أهله بالشيوعية، وتذهبي تحدثينهم عن العبادة، أو مناهج الحياة، أو أخلاق الإسلام، تحدثينهم بهذا وقد تركتِ التحدث بالأهم ألا وهو:

 

التكلم عن الآثار والظواهر التي تدل على الله -تعالى-، والأدلة العلمية التي توصل الإنسان إلى معرفة الله ووحدانيته، ويمكن أنتستقرئيها -أختي الداعية- من آيات الكون الباهرة، وظواهر الحياة المبدعة، ومعالم التكوين الدقيق في خلق الإنسان، وما أكثرها في العالم السفلي، و العالم العلوي، وعالم الحياة..

 

ورحم الله أبا العتاهية حين قال:

ولله في كل تحريكةٍ وتسكينةٍ في الورى شاهد

وفي كل شئ له آية تدل على أنه الواحد.

 

إذن مما سبق يتبين لنا أن الداعية لا تكون حكيمة ولا موفقة، ولا يمكنها بحال أن تُحدث في البيئة تأثيرًا ولا تغييرًا حتى تعلم كيف تبدأ؟ ومن أين تبدأ؟ وماذا تقدم؟ وماذا تؤخر؟ وحتى تعلم أيضًا ما هي القضايا التي تعطيها أهمية وأولوية قبل غيرها؟ وما هي الأفكار التي تطرحها وتبدأ بها؟ بالإختصار: حتي تتدرج في دعوتها بالأهم ثم المهم.

 

وهذا كله -أخواتي الداعيات- كما أسلفنا لا يتأتى حتى ندرس البيئة التي ندعو إلى الله فيها دراسة شاملة، ونعرف كل شئ عن أفكار أهلها، واتجاهاتهم العقائدية، وأحوالهم الإجتماعية، ونزعاتهم الأخلاقية، وأوضاعهم الثقافية.. وبهذا كله نستطيع أن نخاطبهم بالعقلية التي يفهمونها، والأفكار التي يتفاعلون معها، كل على حسب سنه، وكل على حسب ثقافته، وكل على حسب التزامه بالإسلام.. وذلك اقتفاءً لأثر الشعار الذي رفعه سيد الدعاة -صلوات الله وسلامه عليه- ليكون للدعاة في كل زمان ومكان منارًا يسيرون على هداه، ونبراسًا يستضيئون بنوره: "حدثوا الناس بما يعرفون؛ أتحبون أن يُكذب الله ورسوله؟؟؟" -صحيح البخاري-.

 

فاحرصي -أختي الداعية- على أن تسلكي في تبليغ الدعوة منهج البدء بالأهم ثم المهم، فهو منهج قويم رسمه رسول الإسلام -صلوات الله وسلامه عليه- كما علمتِ، فإذا نفذتِ ذلك كنتِ -بإذن الله- من الدعاة المرموقين الذين لهم في مجال الإصلاح أثر، وفي ميدان الدعوة تغيير.

 

*****

 

4- الترفق والملاطفة:

........................

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا ومعلمنا سيدنا محمد

وعلى آله وصحبه أجمعين

 

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ

فصلت آية(33)

 

أختي المهاجرة حفظك الله وزادك من فيض علمه الواسع

وإشراقك بل وإشرافك على هذه الساحة المباركة

وأشكرالله ثم أنتِ والأخوات

 

وأود مرورك على موضوع " الوسائل النبوية لكسب قلوب البرية " الصفحه الأساسية لأني

أقوم بتجميع الموضوع بها بإذن الله عملاً باقتراحك الطيب

 

سدد الله خطاكِ

تم تعديل بواسطة الحاجة أم حسن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يدعو الداعية

 

--مراحل المنهج في كيفية الدعوة إلى الله--

 

..............................

4- الترفق والملاطفة:

 

إن صفتي الحلم والتواضع هما من أعظم الصفات الخلقية في تكوين الدعاة وإعدادهم، بل هما من أكبر العوامل في جذب القلوب إليهم، وتحبيب الناس فيهم، وردّ الإنسانية إلى الدين الحق، والإسلام العظيم.

 

إن الذين يأخذون الناس بالشدة، ويعاملونهم بالقسوة ويسلكون معهم سبيل الفظاظة الوعنف.. فإنهم يعطون لغيرهم الصورة المشوهة عن الإسلام، والنموزج المقلوب عن أخلاق الدعاة، بل يُجانبون سبيل التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في مرآة حلمه، وعفوه الجميل.. بل يسببون في المجتمع ردود فعل كبيرة قد تؤدي إلى أسوأ النتائج، وأخطر الإنحرافات.. وما سنذكره الآن هو ما ما ألمح إليه القرآن الكريم حين قال: " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" [آل عمران: 159].

 

وإذا كان القرآن الكريم -أختي الداعية- دعا المسلم العاديّ إلى أن يعفو ويصفح ويحلم ويسمح فدعوته لكِ بالتحقق بهذه المعاني، والتخلق بهاتيك الخصال هو من باب أولى بإعتباركِ الداعية التي ينظر إليها، والمرشدة التي يؤخذ عنها، والمعلمة التي يُستفاد منها.. فاستمعي -أختي- إلى ما يأمر به القرآن من الصفح الجميل والعفو الكريم والمعاملة الحسنة:

 

"وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" [آل عمران: 134].

وقال سبحانه: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" [ الأعراف: 199].

وقال جل جلاله: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" [فصلت: 34].

 

وكم تسئ الداعية إلى الدعوة والدعاة حين تنظر إلى الناس من برجها العاجي على أنهم دونها علمًا ومنزلة، فتخاطبهم بلهجة المستعلي المترفع على أنها العالمة وهم الجهلة، وأنها التقية وهم الفسقة، وأنها الهادية وهم على الضلال المبين !!

 

وكم تسئ إلى الإسلام وحملة رسالة الإسلام حين تقف بين الناس معلمةً مرشدةً وداعيةً لتقول لهم: أنتم الفسقة في أعمالكم، وأهل الكفر باعتقادكم، وأهل البدع بانحرافكم.. أنتم حصب جهنم لها واردون.. أنتم أهل النار فعليكم اللعنة ولكم سوء الدار.. !!

 

وكم يحدث في المدعويين ردود فعل كبيرة حين تكون على هذه الشاكلة من الفظاظة الظاهرة، والكلمات القارعة، والمواقف المنفردة.. وهي تظن أنها تحسن صنعًا !! هل بعملها هذا تحسن أم تسئ؟ هل تبشر أم تنفر؟ هل تجمع أم تفرق؟

 

لا شك أنها تُسئ ولا تحسن، وتنفر ولا تبشر، وتفرق ولا تجمع، بل تعيش عن الناس في عزلة، وعن المدعوين في منأى، وعن المجتمع في حاجز نفسي كبير.

 

أين هذا من أخلاق النبي -صلى الله عليهم وسلم-، وملاطفة السلف ؟!

فإليكِ نمازج حية عسى أن تكون لكِ وللداعيات تبصرة وذكرى:

 

1- قال "حماد بن سلمة": إن "وصلة بن أشيم" مر عليه رجل قد أسبل إزاره "علامة للتكبر"، فهم أصحابه أن يأخذوه بشدة، فقال: "دعوني أنا أكفيكم"، فقال ابن أشيم للرجل: يا بن أخي إن لي إليك حاجة، قال: وما حاجتك يا عم؟ قال: أحب أن ترفع من إزارك، فقال: نعم وكرامة، فرفع إزاره، فقال لأصحابه: لو قرعتموه لقال: لا، ولا كرامة. وشتمكم ! (1)

 

2- وقال "محمد بن زكريا الغلابي": شهدت "عبد الله بن محمد ابن عائشة" ليلة، وقد خرج من المسجد بعد المغرب يريد منزله، وإذا في طريقه غلام من قريش سكران، وقد قبض على امرأة فجذبها، فاستغاثت، فاجتمع الناس يضربونه، فنظر إليه ابن عائشة فعرفه، فقال للناس: تنحّوا عن ابن أخي، ثم قال: إليّ يا ابن أخي، فاستحى الغلام، فجاء إليه، فضمه إليه، ثم قال له: امض معي، فمضى معه حتى صار إلى منزله، فأدخله الدار، وقال لبعض غلمانه: بيّته عندك فإذا أفاق من سكره فأعلمه بما كان منه، ولا تتركه ينصرف حتى تأتيني به.

 

فلما أفاق ذكر له ما جرى فاستحيا منه وبكى وهم بالإنصراف؛ فقال الغلام: قد أمر أن تأتيه، فأدخله عليه، فقال له ابن عائشة: أما استحيت لنفسك؟ أما استحيت لشرفك؟ أما ترى مَنْ وَلَدَك؟ فاتق الله وانزع عما أنت فيه، فبكى الغلام منكسًا رأسه، وقال: أحسنت يا بني، فكان الغلام بعد ذلك يلزمه، ويكتب عنه الحديث.. (2).

 

3- شتم رجل ابن عباس -رضي الله عنهما- فلما قضى مقالته، فقال: يا عكرمة انظر هل للرجل حاجة فنقضيها؟ فنكس الرجل رأسه واستحيا (3).

 

4- وأسمع رجل معاوية -رضي الله عنه- كلامًا شديدًا، فقيل له: لو عاقبته؟ فقال: إني لأستحي أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي (4).

 

5- وجاء غلام -رقيق- لأبي ذر -رضي الله عنه- وقد كسر رِجْل شاة له، فقال له: من كسر رِجْل هذه؟ قال الغلام: أنا فعلته عمدًا لأغيظك فتضربني فتأثم. فقال أبو ذر: لأُغيظن من حرّضك على غيظي فأعتقه في سبيل الله (5).

 

إلى غير ذلك من النمازج الرائعة والمواقف الخالدة.. التي أُثرت عن الرسول والصحابة والسلف من صفحهم الجميل وخلقهم العظيم ورفقهم النادر.. إذا كانت الأخلاق في حد ذاتها قابلة للتغيير والتبديل فباستطاعة الداعية أن تبدل عصبيتها التي درجت عليها إلى تسامح، وغضبها المتواصل إلى حلم، وغلظتها الدائمة إلى رفق ولين، وما ذلك إلا باتباع منهج الإسلام في تسكين الغضب، والأخذ بواصيا النبي -صلى الله عليه وسلم- في التخلق بالرفق والملاطفة، والإقتداء الكامل بالسلف والدعاة إلى الله في أخلاقهم العالية ومرآة عفوهم الجميل.

 

 

 

*منهج الإسلام في تسكين الغضب:

........................................

 

 

___________________________________________

 

(1-2)- كتاب "السلوك الإجتماعي في الإسلام" للشيخ حسن أيوب ص: 478.

(3-4)- كتاب " مختصر منهاج القاصدين" للمقدسي ص: 190.

5- المرجع السابق.

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×