اذهبي الى المحتوى
أنين أمّة

♥ قبل أن ينفرط العقد ♥

المشاركات التي تم ترشيحها

 

قبل أن ينفرط العقد..

 

post-20476-1304442798.jpg

 

دخلتُ الى غرفتها .. كانت تضع كمامة طبية على وجهها، ولم أرَ سوى عينيها الذابلتين..

دار حديث بيني وبينها، لا اذكر منه سوى انني كنتُ اعطيها الامل في الشفاء… وأننا بانتظار روحها الطيبة وابتسامتها المرحة لتشرقان بيننا من جديد.

سألتها عن حاجتها من العمرة.. اجابتني انها تريد السواك.. لأن العلاج الكيميائي ينخر في اسنانها والمعجون العادي يؤلمها.

ودّعتها بمرارة دون احتضان او قبلات.. فقد كان مرضها يحول بيني وبينها.. وخرجت من غرفتها اسمع دبيب خطواتي المتثاقلة في اروقة المستشفى الخاوية.

 

يااااه.. عالم اخر في هذه الاروقة والغرف التي تؤدي اليها.. وكأن الحياة تنتهي هنا.. أو تبدأ من جديد!!

 

تساءلت: كم من مريض مرّ من هنا، وكم من عليل حُمل هناك، ما الذي دار بخلده عندما ظن انها نهاية المطاف؟

 

عدتُ ووقفت خلف بابها.. اختلس النظر اليها وهي تتناول مصحفها مرة اخرى لتتابع تلاوتها، وانحدرت دمعة من عيني وانا اتساءل بيني وبين نفسي: لماذا فجأة؟ ولماذا في رمضان؟ اترى يصطفيها الله في العشر الاواخر؟ اتراها ليلة السابع والعشـ….؟

 

ونفضت الخاطر عن ذهني حتى قبل ان يكتمل، وتركت دموعي تسيل وانا ابتعد مودعة، وكان ذلك اخر عهدي بها في الحياة الدنيا.

ليلة السابع والعشرين من رمضان.. زحام شديد يملأ الشوارع.. التفت الساق بالساق.. وانا محشورة بين النساء على سجادة ذهبية مخضبة بالبخور، وتتلألأ تحت اضواء ومنارات المسجد الحرام، ونسائم الليل الباردة تداعب وجهي الذي اغرقته الدموع، اردد خلف السديس: اللهم امين، اللهم امين… ادعو لها بالشفاء العاجل، وان يردها لزوجها وولديها سليمة معافاة، وعلى بعد آلاف الاميال من مكاني.. كانت هي في النزع الاخير!

 

قُضيت صلاة التهجد، ولملمت سجادتي اسير مع اختي في الله نوال التي استضافتني قبل الصلاة، متجهتين الى شقتها، فحانت مني التفاتة وسط الزحام لأرى دكانا يبيع المساويك، تذكرتُ وصيتها لي، وسارعتُ في لهفة لأشتري لها علبة كاملة… وعلى بعد آلاف الاميال من مكاني.. كانت هي تلفظ روحها الى بارئها!

 

ثاني أيام العيد في المسجد النبوي الشريف، قُضيت صلاة الظهر وجلستُ احادث اختي عبر الهاتف انقل لها اخباري وانا سعيدة اضحك، وبعد ان اغلقت المكالمة، جال طيف وجهها أمامي.. ترددت.. ياااه كيف نسيتها كل تلك الفترة؟ في خوف وتردد، حاولت الاتصال بها، لم ترد، حاولت الاتصال بزوجها.. لم يرد. اتصلتُ بصديقة أسألها عن صحتها.. تنهدت عبر الاثير، وكانت تنهيدتها كخنجر اخترق مسامعي لتتسارع انفاسي وتتلاحق ضربات قلبي في ذهول وانا اسمع خبر وفاتها ليلة السابع والعشرين!

 

حملقتُ في أعمدة المسجد امامي غير مصدقة غدرات الدنيا.. وتناهت الى مسامعي اصوات النساء الرائحات والغاديات حولي كضباب كئيب .. وانتزعت نفسي انتزاعا من مكاني واندفعت للخارج متوجهة نحو الفندق.

 

بدأت خطواتي تترنح تحت وهج الشمس الحارقة.. نظرتُ الى السماء، لأرى حبات الثلج وهي تتساقط على وجهي وقد عادت روحي الى رمضان قبل عشرة اعوام، اشد على يد ابني الصغير في احدى يداي، واحمل رضيعتي باليد الاخرى، وانا انزل من المواصلات العامة واتخطى الثلوج المتراكمة لاصل الى منزل احدى الصديقات..

 

كنا جميعا هناك جلوسا.. نختتم دروس الدار الاخرة للشيخ الدكتور عمر عبد الكافي.. ام فلان درسها عن الصراط.. وأم فلان الاخرى درسها عن أهل الجنة.. وأم فلان الاخرى درسها عن اهل النار.. ثم شمرنا عن سواعدنا بعد نهاية الدروس، لنعجن سوية كعك العيد!

 

تساءلتُ بين دموعي: هل كانت تدري حينها بأنها ستنزل اولى منازل الدار الاخرة بعد عشرة اعوام من ذلك اليوم؟

 

نعم.. هل كانت تدري؟

هل كنا نحن ندري؟

وما تدري نفس ماذا تكسب غدا.. وما تدري نفس بأي أرض تموت!

رنا.. هي أول حبة انفرطت من عقدنا … هكذا وصفتها احدى الاخوات الحبيبات..

 

ويالها من حبة.. ويا له من عقد..!

 

كانت مرحة بشوشة ما فارقت ابتسامتها محياها، تسعى في حاجات الاخرين ولم ترد لأحدانا طلبا، استضاف بيت زوجها الكثيييير من الطلبة المغتربين يتناولون اطايب الطعام من عمل يديها. ما سمعتُ منها تذمرا او سلبية قط، بل كانت تتفنن في قلب الامور لتريكِ الجانب المشرق من الحياة، فتخرجين من عندها وقد ضخت فيك دماء التفاؤل والنشاط من جديد!

 

بكينا عليها يومها.. وحري ان نبكِ من بكى عليها الرجال!

 

هل فكرتِ يوما.. من سيبكي عليكِ بعد موتك ورحيلك؟

هل جال بخاطرك يوما.. أي ارث ستتركينه في ارواح الاخرين من بعدك؟

أي الناس تجالسين وتصادقين في حياتك؟ ومن يجالسك ويصادقك في هذه الحياة؟

 

لربما كان حولك من الاخوات الصالحات.. من يمررن امامك مر السحاب..

اقتنصيهن والزمي ظلالهن..

فلا تدرين لعلك لا تجدين من بعدهن من يمطرن حبا وأخوة صافية على روحك ابدا!

 

لربما كانت لديك أم عزيزة.. اخت غالية.. او صديقة مقربة..

تأنسين بها.. وتبثينها همومك.. وتشاركينها ضحكاتك.. وتستعينين بها على صلاح دينك ودنياك!

 

ارجوكِ.. سارعي اليها الان واحتضنيها.. واطبعي قبلة على جبينها ويديها.. وقولي لها:

اني احبك في الله!

وكرريها على مسامعها كلما رأيتها!

 

post-20476-1304442816.jpg

 

اعرفي قيمة من لديكِ من اخوات صالحات.. وارتديهن حول عنقك كما العقد النفيس..

ولا تفرطي فيهن ابدا.. ولا تتأخري في حق صحبتهن والاحسان اليهن وابداء محبتك لهن ابدا..

 

فلا تدرين.. لعلها تكون آخر ايامك بهن..

قبل ان تلهيكن او تفرقكن الدنيا..

 

وينفرط العقد..!

 

سبحانك ربي حين تنادي: أين المتحابون في جلالي.. اليوم اظلهم بظلي يوم لا ظل الا ظلي..

 

اشهدك اني احببت رنا لوجهك الكريم.. واني احتسبها عندك.

فأظلني واياها تحت ظل عرشك.. يوم لا ظل الا ظلك.

 

اللهم امين

٢٧ رمضان ١٤٣١ هـ

بقلم الأستاذة :

post-20476-1304442845.jpg

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،

 

الله المستعان

كم هي محزنة ومعبرة

لا حرمنّا الله الأخوة فيه ولا الحب فيه

جزاكِ الله خيرًا أنين أمة الغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

بارك الله فيك ِ يا أنين :(

تذكرة طيبة , وأسأل الله للأخت الرحمة والمغقرة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

رحمها الله رحمة واسعة

لكن الموت سنة الله في الخلق

لذلك لابد من أن ينفرط العقد

 

أسأل الله أن يجمعنا عاى طاعته و يجعلنا حبنا فيه خالصا لوجهه الكريم ,,

 

بوركتِ انونة على القصة و عودا حميدا للمنتدى : )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

والله دمعت عيني، و وضعت نفسي موضع الإثنتين !

عندما أموت ، من سيبكي علي؟

عندما يموت أحدًا من أحبتي ، كيف سيكون حالي ؟ !

 

جزاكِ الله خيرًا أنين الغالية :)

 

بقلمك ؟ :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

قصة مؤثرة جدا أنونة الحبيبة ، أسأل الله أن يرحمها رحمة واسعة ويجعلها في عليين هي وموتانا وموتى المسلمين

 

ويحسن ختامنا جميعا

 

بارك الله فيكِ يا غالية وجزاكِ خيرا ولا حرمني صحبتكن ومحبتكن في الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

اللهم أنا نسألك حسن الختام

معبرة وجميلة جزاك الله خيرا أنين الحبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

كم هي محزنة ومعبرة

شكراً لك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وصفكى لصحبتكن بالعقد رائع ومعبر

جعل الله اجتماعكن فى الجنة

:cry:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،

 

الله المستعان

كم هي محزنة ومعبرة

لا حرمنّا الله الأخوة فيه ولا الحب فيه

جزاكِ الله خيرًا أنين أمة الغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا يا غالية

نسأل الله عز و جل أن يجمعنا على طاعته و يجعلنا حبنا فيه خالصا لوجهه الكريم

وان يرزقنا حسن الخاتمة

 

احبكن في الله والله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،

 

الله المستعان

كم هي محزنة ومعبرة

لا حرمنّا الله الأخوة فيه ولا الحب فيه

جزاكِ الله خيرًا أنين أمة الغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،،

 

:(

مؤثّرة جدًّا يا غالية

اللهمّ اجعلنا أهلا للأخوة والمحبّة فيك يا ذا الجلال والإكرام

بارك الله فيك وجزاكِ الله خيرًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

يااااه.. عالم اخر في هذه الاروقة والغرف التي تؤدي اليها.. وكأن الحياة تنتهي هنا.. أو تبدأ من جديد!!

 

وغالبا ما تنتهي الحياة هناك .

توفيت امس اخت في المستشفى اثر صراع لها مع المرض .اسال الله العظيم ان يرحمها وجميع موتى المسلمين

 

بارك الله فيكي اختي انين على هذه القصة المؤثرة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

قصة مؤثرة جدا أنونة الحبيبة ، أسأل الله أن يرحمها رحمة واسعة ويجعلها في عليين هي وموتانا وموتى المسلمين

 

ويحسن ختامنا جميعا

 

بارك الله فيكِ يا غالية وجزاكِ خيرا ولا حرمني صحبتكن ومحبتكن في الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

قصة مؤثرة جدًا يا غالية :(

اللهم اجعلنا من المتحابين فيك لا لمصلحة ولا لمنفعة.. حبا فيك ولأجلك

اللهم اظلنا ومن أحببنا في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك

جزاكِ الله خيرا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الـسلام عليكم ورحمـة اللـَّـه وبركـاتـه,,

 

جزاكم اللـَّـه خير ..

إنّا للـَّـه وإنا إليه راجعــون

 

جزاكـِ اللـَّـه خير يا أنون و عوداَ حميييداً للمنتدى

اللـَّـهمّ ارزقنا الصحبة الصالحة ياربّ العالمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ابهرتيني ياذليله بس اعذريني لم استطع قراءه المضوع كله فانتي تعرفيني اما سريعا وشطوره ياذليله

انا عماله ادور ع زهره الاحبه ومش لقيلها موضوع عشان اعلق

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،،

 

:(

مؤثّرة جدًّا يا غالية

اللهمّ اجعلنا أهلا للأخوة والمحبّة فيك يا ذا الجلال والإكرام

بارك الله فيك وجزاكِ الله خيرًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فعلا ..قصة مؤثرة جدا ,

كم نحزن لفقد حبيب فى الله ,

 

اسأل الله ان يجمعكن تحت ظله يوم القيامة , مع النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ

واسأل الله ان نكون من المتحــــابين فــــــيه ولـــــــه...

الللهم امييين

 

تقبلى تحياتى,اختك: طالبة علم

فى امان الله ورعايـــــته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

قصة مؤثرة جدًا يا غالية :(

بارك الله فيكِ جزاكِ الله خيرًا أنين الحبيبة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكن يا حبيبات

وجمعنا ربي بهذا الحب في ظله يوم لا ظل إلا ظله ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×