اذهبي الى المحتوى

المشاركات التي تم ترشيحها

 

( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) [النساء ١٠٨]

 

يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ) (108)،(109) النساء ،وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (7) المجادلة ،وروى ابن ماجة في سننه : (عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ : « لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِى يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ». قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ. قَالَ : « أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ».

 

قد يبتعد الإنسان عن المعاصي والذنوب إذا كان بحضرة الناس، وعلى مشهد منهم، ولكنه إذا خلا بنفسه، وغاب عن أعين الناس، أطلق لنفسه العنان، فاقترف السيئات، وارتكب المحرمات والمنكرات، ونسي هؤلاء قوله تعالى : ( وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً ) الإسراء:17 ، وقوله تعالى ( وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة: 74.


 إن من الوسائل والأمور المعينة والموجبة لخشية الله عز وجل :

1 – قوة الإيمان بوعده ووعيده على المعاصي.

 2 – من الوسائل والأمور المعينة والموجبة لخشية الله عز وجل : النظر في شدة بطشه وانتقامه وسطوته وقهره، وذلك يوجب للعبد ترك التعرض لمخالفته، كما قال الحسن: (ابن آدم، هل لك طاقة بمحاربة الله، فإن من عصاه فقد حاربه). وقال بعضهم: عجبت من ضعيف يعص قوياً.

 3 – من الوسائل والأمور المعينة والموجبة لخشية الله عز وجل : قوة المراقبة لله، والعلم بأنه شاهد رقيب على قلوب عباده وأعمالهم، وأنه مع عباده حيث كانوا فإن من علم أن الله يراه حيث كان، وأنه مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانيته، واستحضر ذلك في خلواته، أوجب له ذلك ترك المعاصي في السر. وقال وهب بن الورد: ( خف الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه قدر قربه منك. وقال: اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك.

 4 -من الوسائل والأمور المعينة والموجبة لخشية الله عز وجل : استحضار معاني صفات الله تعالى، ومن صفاته ( السمع، والبصر، والعلم )، فكيف تعصي من يسمعك، ويبصرك ويعلم حالك؟!.. فإذا استحضر العبد معاني هذه الصفات، قوي عنده الحياء، فيستحي من ربه أن يسمع منه ما يكره، أو يراه على ما يكره، أو يخفي في سريرته ما يمقته عليه

 

 

كشف الحضور والغياب - ملف إنجازي الإلكتروني LOA

 

 

( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَىٰ مِنَ الْقَوْلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) [النساء ١٠٨]

 

عندما يتصل مجهول ويتكلم غيبة وبهتان ثم لايعرفك عن نفسه !! ... فتذكر الآية الكريمة (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ..)

 

ما أقبح المنافق !.. يعلم أن الله يراه ، ثم يبقى على نفاقه ... ظلمات يحيى فيها ويبيت مكائده .. ظلمة القلب والوجه والليل .. (يستخفون من الناس...)

 

هذه المكائد التي تعدها في الظلام ، هي واضحة عند الله .. فهو ناظرك وعملك لايخفى على الملأ الأعلى .. راجع نواياك ، فالنوايا السيئة لايرضاها الله العزيز العليم

 

المعية .. منها عام (وهو معهم إذ يبيتون مالايرضى من القول) ومنها خاص لأوليائه (إن الله مع الصابرين) (إنني معكما أسمع وأرى)
انظر في أي معية أنت ؟ !.. وتفكر في الآية (فلا تخشوا الناس واخشون ) اجعلها قاعدة في حياتك .. إن أرضيت ربك ، فلا يهمك إذا رضي الناس أم سخطوا

 

قد تكون صورة ‏نص‏

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا • يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا • [النساء ١١٩ - ١٢٠]

 

( ولأضلنهم ) أي : عن الحق ( ولأمنينهم ) أي : أزين لهم ترك التوبة ، وأعدهم الأماني ، وآمرهم بالتسويف والتأخير ، وأغرهم من أنفسهم .
وقوله : ( ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ) قال قتادة والسدي وغيرهما : يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة .

 

( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) قال ابن عباس : يعني بذلك خصاء الدواب . وكذا روي عن ابن عمر ، وأنس ، وسعيد بن المسيب ، وعكرمة ، وأبي عياض ، وأبي صالح ، وقتادة ، والثوري . وقد ورد في حديث النهي عن ذلك .
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : يعني بذلك الوشم . وفي صحيح مسلم النهي عن الوشم في الوجه وفي لفظ : " لعن الله من فعل ذلك " . وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والنامصات والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ، عز وجل ، ثم قال : ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله ، عز وجل ، يعني قوله : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [ الحشر : 7 ] .
وقال ابن عباس في رواية عنه ، ومجاهد ، وعكرمة أيضا وإبراهيم النخعي ، والحسن ، وقتادة ، والحكم ، والسدي ، والضحاك ، وعطاء الخراساني في قوله : ( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) يعني : دين الله ، عز وجل . وهذا كقوله تعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) [ الروم : 30 ] على قول من جعل ذلك أمرا ، أي : لا تبدلوا فطرة الله ، ودعوا الناس على فطرتهم ، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه ، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء ، هل يحسون فيها من جدعاء ؟ " وفي صحيح مسلم ، عن عياض بن حمار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عز وجل : إني خلقت عبادي حنفاء ، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم " .
وقوله تعالى : ( ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ) أي : فقد خسر الدنيا والآخرة ، وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها .

 

 

http://ekladata.com/hTGQrZQtTEiyk9GwMyrS3xz_psA.gif?fbclid=IwAR18gNEJIsKfG2GvKhifAYFRik2MdApSkiJut4zwssYkeV8YTvH97FUTqJU

 

وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا • يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا • [النساء ١١٩ - ١٢٠]


وعد صريح من الشيطان أنه سيأتي لبني آدام من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم حتى يضلهم ويجعلهم معه في جهنم وبئس المصير ... اللهم سلم

لايوجد عاقل يقبل بصفقة نسبة خسارته فيها قليلة ... فكيف بصفقة خاسرة مئة بالمئة ؟!! ألا وهي صفقة مع الشيطان الذي قال فيه الله تعالى : (ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا)

يتوقف الإنسان عن السوء خوفا من العاقبة ، ومهمة الشيطان تحسين العواقب وتزينها ليبدأ بإضلاله ، ثم ينقله إلى وهم الأماني ، فينغمس في ملذاتها وهو لايشعر ، ثم يقوى تسلط الشيطان عليه حتى يصبح رهن أوامره يوجهه كيف يشاء!! وسرعان مايجد نفسه يغرق في بحر الحسرة والندامة .. هذا هو طريق الشيطان ، أوله لذات وآخره ندامات (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) ولن ينجو من الشيطان إلا (إلا عبادك منهم المخلصين) المعوذات والإخلاص لله هو النجاة

 

image.thumb.png.11f529aa8eb6dfa15ca68f404ff1d4e8.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ملاعب جديدة بالمملكة العربية السعودية ... الحلم هل يصبح واقع ... :: || -  الكاتب: ديرتي الهلال فواصل للمواضيع فواصل لتنسيق المواضيع مرحبا بالجميع و  أسعد الله جميع أوقاتكم بكل خير ... حكمتي : ما بين الحلم والواقع خطوة صغيرة  ,, كل ما عليك هو تخطيها ,, لتجد مفتاح ...

 

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُم بُرْهَٰنٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا)[النساء ١٧٤]


البرهان هو الإعجاز الدال على صدق المبلغ الأخير عن الله، وهو الحجة الدامغة.

وقد يقول قائل: ما هو البرهان وما هو النور؟. ونعلم أن كل رسول يأتي بمعجزة تثبت صدق بلاغه عن ربه قد تكون المعجزة بعيدة عن المنهج، ثم يعطيهم الرسول المنهج ببلاغ من الله؛ مثال ذلك أن معجزة سيدنا موسى كانت العصا لكن منهجه هو التوراة. إذن فالمعجزة هي البرهان على صدق الرسول فيما بلغ عن ربه، وقد لا يكون للمعجزة صلة بالمنهج، فعيسى عليه السلام كانت معجزته إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله ومنهجه الإنجيل.

اما رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو النبي الخاتم فقد تجلت معجزته في أنها عين منهجه، إنّها القرآن ولم تنفصل المعجزة عن المنهج؛ لأنه رسول عام إلى الناس كافة وإلى أن تقوم الساعة. هذا هو البرهان. أما (النور) فقد جاء أيضاً من أمر حسيّ؛ لأن النور يمنع الإنسان من أن يتعثر في مشيته أو أن يخطئ الطرق أو أن يصطدم بالأشياء فيؤذيها أو تؤذيه. إذن النور الموجود في القرآن هو حقائق القيم، أما نور الله في الماديات فهو أمر معروف للكافة.

تفسير الشعراوى

 

جديد فواصل للمواضيع ...

 

 

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُم بُرْهَٰنٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا)[النساء ١٧٤]


ما أعظم هذا النور القرآني ، حيث يتجلى ضياؤه في قلب المؤمن ويشرق به وجهه .. وبقدر حظه من القرآن ، يكون حظه من النور

وصف الله تعالى نفسه بالنور (الله نور السموات والأرض) ووصف نبيه بالنور (وسراجا منيرا) ووصف كتابه بالنور (وأنزلنا إليكم نورا مبينا)


أين الذين يبحثون عن النور ؟؟!!.. القرآن  أعظم تنوير للعقول ، لأنه كلام خالق العقول .. والخالق أعلم بما خلق .
مسكين من ضاعت حياته دون أن يكون له حظ وافر من كتاب الله .. فهو الروح للحياة ، ومحروم من قرأ كل شىء إلا القرآن

القرآن نور فمن لم ير طريق الهداية به فعلى عقله غشاوة .. اجعل القرآن برهانا ودليلا لك في كل مايواجهك في حياتك .. سترى أنه نور يجلي لك ولمن حولك الحق المبين .. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا

 

 

قد تكون صورة ‏نص‏

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ*  يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ) [آل عمران ٤٢ - ٤٣]

1-{واصطفاك على نِسَآءِ العالمين} ولنا أن نسأل: ما نتيجة الاصطفاء؟

الاصطفاء هو الاجتباء والآختيار

المصطفى هو الله، لكن ما علة الاصطفاء؟ إن الذي يصطفيه الله إنما يصطفيه لمهمة، وتكون مهمة صعبة. إذن هو يصطفيه حتى يشيع اصطفاؤه في الناس. كأن الله قد خصه بالاصطفاء من أجل الناس ومصلحتهم، سواء أكان هذا الاصطفاء لمكان أم لإنسان أم لزمان ليشيع صفاؤه في كل ما اصطفى عليه. لقد اصطفى الله الكعبة من أجل ماذا؟ حتى يتجه كل إنسان إلى الكعبة. إذن فقد اصطفاها من أجل البشر وليشيع اصطفاؤها في كل مكان آخر، ولذلك قال الحق عن الكعبة: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96].
وإذا اصطفى الحق سبحانه زمانا، كاصطفائه لرمضان، فلماذا اصطفاه؟ ليشيع صفاؤه، وصفاء ما أنزل فيه في كل زمان. إذن فاصطفاء الحق للشخص أو للمكان أو للزمان هو لمصلحة بقية الناس أو الأمكنة أو الأزمنة، لماذا؟ لأن أحدا من الخلق ليس ابنا لله، وليس هناك مكان أولى بمكان عند الله. ولكن الله يصطفي زمانا على زمان، ومكانا على مكان، وإنسانا على إنسان ليشيع اصطفاء المُصطفى في كل ما اصطُفِىَ عليه. إذن فهل يجب على الناس أن يفرحوا

تفسير الشعراوى

2-ماأجمل هذه البشرى! (..إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) عندما تكون متعبدا لله قانتا مطيعا ، تزدحم عليك الأرزاق والعطايا الربانية ..السيدة مريم تتعبد الله تمام العبادة .. فاصطفاها على نساء العالمين ...

3-لله تعالى أولياء يصطفيهم في كل زمان رجال و نساء .. وعلامة ذلك أن يكون العبد قانتا لربه يتقلب في أنواع العبودية له .. وهذا والله لب السعادة .. هنيئا لمن وجد سعادته وهو بين يدي الله قانتا خاشعا ساجدا ...

4-(يامريم اقنتي لربك واسجدي ..) الصلاة باب البشائر .. أوصى الله مريم بالصلاة ثم بشرها ب عيسى عليه السلام .. تأهب لعطايا ربك بالسجود فربى سجدة خاشعه تتدفق معها الهبات ...


5-كانت مريم متفرغة للعبادة .. ثم طلب منها المزيد في الطاعات (اقنتي لربك واسجدي واركعي ..) مهما كانت طاعاتك كثيرة ، فلا تتصور أنك اكتفيت !! مازال هناك درجات ومقامات أعلى ...

6- )وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ الله اصْطَفَاكِ وطهرك وَاصطفاك على نساء العالمين) هلّا سألت نفسك بِمَا أدركتْ مريم هذا الكمال وذاك الاصطفاء ؟ - عندما يستحثك شياطين الإنس لبلوغ ما قبُحَ من كمالات الدنيا ، قف على هذا الكمال الأخروي لتتأسى به. /أبتسام الجابري

7- ﴿إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين۝يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي﴾ في أمر الملائكة لها بالقنوت والركوع والسجود إشارة إلى أنه كلما من الله سبحانه وتعالى على إنسان بشيء وازدادت عليه النعم أن يزداد على ذلك شكرا بالقنوت لله والركوع والسجود./ابن عثيمين

 

حصاد التدبر

 

قد تكون صورة ‏نص‏

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
image.png.f4176379ad7c29d8be150e3fc8b988




( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) } [البقرة : 185]




شرّف الله شهر رمضان بنزول القرآن فيه فزادت عظمته ...فكيف حال قلبك بالإيمان به .. اجعله سمة شهرك وطابعه الذي تلازمه ليل نهار ... القرآن وتدبره هو الحياة فأحيوا قلوبكم ما استطعتم .



((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) آية كفيلة بأن تبعد عنا كل هم وتنسينا كل حزن ... علينا فقط صيام الشهر إيمانا واحتسابا ... وستتيسر أمورنا كلها بإذن الله... الله يريد ذلك ... سبحانك ربنا ما أرحمك



افتتحت آيات الصيام واختتمت بالتقوى وثمرة التقوى (تكبير الله وشكره) على الهداية والتمام ... الله أكبر في قلوبنا .. أكبر من كل آلامنا ومواجعنا ...أكبر من مرض أتعبنا ومن هموم شغلتنا ... لقد أكرمنا ربنا بالقرآن في رمضان وهو أفضل العطايا ..فلن يحرمنا مانسأله . لنرفع أيدينا نسأل الله بقلب خاشع منكسر(اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا واعتق رقابنا من النار.. اللهم بلغنا ليلة القدر وارزقنا فيها قدر قدرك) فهو سبحانه قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه

 




( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) } [البقرة : 185]




شرّف الله شهر رمضان بنزول القرآن فيه فزادت عظمته ...فكيف حال قلبك بالإيمان به .. اجعله سمة شهرك وطابعه الذي تلازمه ليل نهار ... القرآن وتدبره هو الحياة فأحيوا قلوبكم ما استطعتم .


((يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)) آية كفيلة بأن تبعد عنا كل هم وتنسينا كل حزن ... علينا فقط صيام الشهر إيمانا واحتسابا ... وستتيسر أمورنا كلها بإذن الله... الله يريد ذلك ... سبحانك ربنا ما أرحمك


افتتحت آيات الصيام واختتمت بالتقوى وثمرة التقوى (تكبير الله وشكره) على الهداية والتمام ... الله أكبر في قلوبنا .. أكبر من كل آلامنا ومواجعنا ...أكبر من مرض أتعبنا ومن هموم شغلتنا ... لقد أكرمنا ربنا بالقرآن في رمضان وهو أفضل العطايا ..فلن يحرمنا مانسأله . لنرفع أيدينا نسأل الله بقلب خاشع منكسر(اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا واعتق رقابنا من النار.. اللهم بلغنا ليلة القدر وارزقنا فيها قدر قدرك) فهو سبحانه قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه





do.php?img=407466




قال ابنُ القيمِّ:


جماعُ أمراضِ القلبِ الشبهاتُ والشهواتُ، والقرآنُ شفاءٌ لهما، ففيه من البينات والبراهين القاطعة والدلالة على المطالب العالية ما لم يتضمنه كتاب سواه، فهو الشفاء بالحقيقة، لكن ذلك موقوف على فهمه وتقريره المراد فيه.




ومن ثمرات وفضل كتاب الله تعالى ما يَحُثُّنَا جميعًا بأن نعتني بالقيام بحقه علينا حق قيام: من تَعَلُّمِهِ، وتعليمِه، وتلاوته، والعمل به، والدعوة، والتحاكم إليه، والنصيحة له، وذلك مما لا أحصي سرده في هذه المقدمة إلا على سبيل الإشارة إلى ذلك، لقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ[الأعراف: 170].





وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ[فاطر: 29-30].





وَعن عُثْمَانَ - رضى الله عنه -: عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -قَالَ: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرآنَ وَعَلَّمَهُ"[البخارى].




وَعَنْهُ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرآنَ وَعَلَّمَهُ"[البخارى].




وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ للهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ". قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: "هُمْ أَهْلُ الْقُرآنِ، أَهْلُ اللهِ وَخَاصَتُهُ"[رواه ابن ماجة].
image.png





نزول القرآن مفرقًا والحكمة منه




لقد نزل القرآنُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقًا حسب الوقائع والمناسبات وفي ذلك حِكَم بالغة:


1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهذه الحكمة هي التي رد الله بها على اعتراض الكفار في نزول القرآن متفرقًا بقوله تعالي: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32].





قال العلامة أبو شامة: «فإن قيل: ما السر في نزوله مُنجَّمًا؟ وهلا أُنزل كسائر الكتب جملة؟ قلنا: هذا سؤال قد تولى الله جوابه، فقال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾ يعنون: كما أُنزل على مَن قبله من الرسل، فأجابهم تعالى بقوله: ﴿ كَذَلِكَ ﴾ أي: أنزلناه مُفرَّقًا، ﴿ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ أ:ي لنقوّي به قلبك، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك إليه، وتجدد العهد به، وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز، فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة لقياه جبريل»[1].





2- التحدي والإِعجاز: لقد اعترض الكفار على نزول القرآن مُفرَّقًا، كما قال القرآن عنهم، وبما أنهم قد عجبوا مِن نزوله مُفرقًا، فإن الله تحداهم أن يأتوا بسورة مثله فعجزوا، وإن تحديهم به مُفرَّقًا أقوى في الِإعجاز، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة واحدة فمن يعجز عن أن يأتي بسورة مثله مُفرقًا يعجز بالأولى من الِإتيان بمثله جملة واحدة.






ويشير إلى هذه الحكمة ما جاء في بعض الروايات في حديث ابن عباس عن نزول القرآن: «فكان المشركون إذا أحدثوا شيئًا، أحدث الله لهم جوابًا»[2].





3- تيسير حفظ القرآن وفهمه: إن نزول القرآن مُفَرَّقًا يسهل للناس حفظه وفهمه، ولا سيما إذا كانوا أُميين كالعرب الذين نزل القرآن بلغتهم، فكان نزوله مُفرقًا خير عون لهم على حفظه في صدورهم، وفهمهم لآياته، كلما نزلت الآية أو الآيات حفظها الصحابة، وتدبروا معانيها، وعملوا بها، لذلك قال عمر رضي الله عنه: «تعلَّموا القرآنَ خمس آياتٍ، خمس آيات، فإنَّ جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم خمسًا خمسًا»[3].





4- تنشيط نفوس المؤمنين لقبول ما نزل من القرآن والعمل به: حيث يتشوق المسلمون إلى نزول الآية، ولا سيما عند الحاجة إليها كما في آيات الإفك واللعان.





5- مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع: كان القرآن الكريم يتدرج في نزوله، ويبدأ بالأهم فالمهم:


أ- لقد اهتم القرآن الكريم أولًا بأصول الإِيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وما فيه من بعث وحساب وجنة ونار، وُيقيم الأدلة على ذلك ليستأصل العقائد الفاسدة من نفوس المشركين، ويغرس فيها عقيدة الإِسلام.





ب- ثم بدأ يأمر بمحاسن الأخلاق، وينهى عن الفحشاء والمنكر ليقتلع جذور الفساد والشر، ويبين قواعد الحلال والحرام في المطاعم والمشارب والأموال والأعراض والدماء وغير ذلك.





ج- كان القرآن ينزل وفق الحوادث التي تمر بالمسلمين في جهادهم الطويل لِإعلاء كلمة الله، وتشجيعهم على ذلك[4].





الأمثلة على نزوله بالتدريج:


1- نزلت سورة الأنعام - وهي مكية - تبين أصول الإِيمان، وأدلة التوحيد، وتحذر من الشرك، وتوضح ما يحل وما يحرم: قال الله تعالى: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ [الأنعام: 151].





ثم نزل بعد ذلك تفصيل هذه الأحكام في المدينة، كآية المداينة، وتحريم الربا، وأصل الزنى حُرم بمكة: يقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]، والعقوبات المترتبة عليه نزلت بالمدينة.





2- وأوضح مثال لذلك التدرج في التشريع تحريم الخمر، فقد نزل قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ﴾ [النحل: 67].





فإنَّه وصف الرزق بالحسن دون السَّكَر إشارة إلى ذم الخمر، ثم نزل قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ [البقرة: 219].





فقارنت الآية بين منافع الخمر الوقتية، وبين مضارها في إثم تعاطيها وما ينشأ عنه من ضرر الجسمِ، وفساد العقل، وضياع المال، وإثارة لبواعث الفجور والعصيان، ثم نفَّرت الآية من الخمر بترجيح المضار على المنافع، ثم نزل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ [النساء: 43].





فعرفوا تحريمه وقت الصلوات ثم نزل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90].





3- ويوضح هذه الحكمة ما قالته عائشة - رضي الله عنها -: «إنما نزل أول ما نزل سورة مِن المفَصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإِسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء "لا تشربوا الخمر" لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل "لا تزنوا" لقالوا: لا ندَع الزنا أبدًا"»[5].





المصدر: «رسائل التوجيهات الإسلامية» (ج2 / 36 - 38)



 
[1]انظر: "الإتقان" للسيوطي (ج1 / 42).

[2] أخرجه ابن أبي حاتم.

[3] أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" وسنده صحيح.

[4] انظر: مباحث في علوم القرآن.

[5] أخرجه البخاري.




الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الالوكة


 

do.php?img=407430




 
تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ(8)

 

أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ


الاستفهام في قوله- تعالى-: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ للتقرير: إذ الجملة الكريمة تحقيق لما ذكر من خلق الإنسان في أحسن تقويم، ثم رده إلى أسفل سافلين.
فكأنه- تعالى- يقول: إن الذي فعل ذلك كله هو أحكم الحاكمين خلقا وإيجادا.
وصنعا وتدبيرا، وقضاء وتقديرا، فيجب على كل عاقل أن يخلص له العبادة والطاعة، وأن يتبع رسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به من عند ربه- عز وجل-.
وقد روى الإمام الترمذي عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قرأ منكم وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ .
.
.ثم انتهى إلى قوله- تعالى- أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين» .
نسأل الله- تعالى- أن يجعلنا جميعا من عباده الصالحين.

تفسير الوسيط


قوله تعالى : أليس الله بأحكم الحاكمينأي أتقن الحاكمين صنعا في كل ما خلق .
وقيل : بأحكم الحاكمين قضاء بالحق ، وعدلا بين الخلق .
وفيه تقدير لمن اعترف من الكفار بصانع قديم .
وألف الاستفهام إذا دخلت على النفي وفي الكلام معنى التوقيف صار إيجابا ، كما قال :ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راحوقيل : فما يكذبك بعد بالدين أليس الله بأحكم الحاكمين : منسوخة بآية السيف .
وقيل : هي ثابتة ; لأنه لا تنافي بينهما .
وكان ابن عباس وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - إذا قرأ : أليس الله بأحكم الحاكمين قالا : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين فيختار ذلك .

تفسير القرطبي

 

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7)أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ(8)

 


يقسم الله تعالى - ولا يقسم إلا بعظيم - بالتين ، الزيتون ، جبل الطور ، البلد الأمين (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) سبحانك ربنا ما أعظم خلقك .

أنزل الله تعالى الشرائع ليدخلنا جناته على أن نتبع دين الله الحق في أوامر ونواهي القرآن وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. ويزين الشيطان للعباد طريق المعاصي فمن يطيعه و يسلكها ، يرده الله أسفل سافلين (فما يكذبك بعد بالدين) أيعقل أن تكذب دين من خلقك طاهرا وقد هيأ لك جناته وتتبع رجس الشيطان لتلقى في النار ؟! ما أسوأ اختيارك !!

مهما اجتمع في الإنسان من حكم وحكمة فهي زائلة وناقصة تدفعها مؤثرات بشرية ليتخللها بعض الظلم أو كله ... أما حكم الله تعالى فمن عدله أن لابد لكل واحد منا من وقفة بين يديه يوم الحساب ، وميزان الله جل جلاله لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها (أليس الله بأحكم الحاكمين) (لاظلم اليوم) مامن مظلوم في الدنيا إلا ويرد الله له حقه ممن ظلمه .. سبحانه هو الحكم العدل ...

 

قد تكون صورة ‏نص‏

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ). ) [المسد ١- ٥]


لماذا جاء القرآن بتعريف أبي لهب بذكر اسمه؟أبو لهب كان مِن أشدِّ الناس عداوةً وتكذيبًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغمَ علمِه ويقينِه بصدقِه؛ لأنه عمُّه، وعندما يكون التكذيبُ مِن قوم الرجل الذين هم أعلم الناس بحاله لكونهم عشيرته وأهله، فإن تأثيرَه يكون أشدَّ وقعًا في صدور سائر الناس، وقد حكى لنا القرآن صورًا مِن تكذيب الأفَّاكين للصالحين المصلحين مِن قومهم؛ لذا قال سبحانه: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الجاثية: 7، 8]، لذا فقد وَسَم القرآن أولئك المكذبين بأسمائهم، وهكذا يكون مصير كل مكذب لدين الله - تعالى - وكل مضطهد لأهله، محارب لهم، ومضيق للخناق عليهم، لا بدَّ وأن يَعلمَهم المسلمون بأسمائهم؛ حتى يجاهدوهم، ولو لم يملكوا إلا الصبرَ على آذاهم؛ لذا فالقرآن يَسِم كل فرعون لهذه الأمة حتى يكون ذلك إيذانه باندحاره، بإذن الله.

الكفر دائمًا لا يغنيه مِن الله - تعالى - قوَّته التي يعتمد عليها، فمهما حشد الكافر مِن الأموال والأسباب ما يصدُّ به عن سبيل الله - تعالى - فلن ينتصر أبدًا، ولن يغنيَه مِن بطش الله - تعالى - شيء، تأمَّل قوله - سبحانه -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36].

مصير الظالم وجزاءه مدخرٌ للآخرة، ولا عبرة بمصيره في الدنيا؛ قال سبحانه: ﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55]، فالقرآن لم يلتفتْ إلى مصير أبي لهب في الدنيا؛ اكتفاءً بالإشارة إلى مصيره في الآخرة، وذلك بالرغم مِن أنه مِن المعلوم أن دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أصابت ابنه عُتيبة؛ يروي الحاكم: أنه كان لهب بن أبي لهب يسبُّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم سلِّط عليه كلبك))، فخرج في قافلة يريدُ الشامَ، فنزل منزلًا فقال: إني أخافُ دعوةَ محمد - صلى الله عليه وسلم - قالوا له: كلَّا، فحطوا متاعَهم حولَه وقعدوا يحرسونه، فجاء الأسد فانتزعه فذهب به[12]، فبالرغم مِن سوء هذا المصير في الدنيا، إلا أن ذلك لا يغني عنه شيئًا مما هو مدخر له مِن الجزاء يوم القيامة.

 

المصدر:شبكة الالوكة

د. أحمد مصطفى نصير

 

قد تكون صورة ‏نص‏

 

(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ). ) [المسد ١- ٥]


(تبت يدا أبي لهب وتب) ذلك دعاء عليه ، وقوله (وتب) يؤكد حصل التباب له وتلك هي الخساره الأبدية ..

أقرب كافر نسبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعلن القرآن اسمه ويتوعده بالنار .. هو دين العدالة الحق ! لقد اجتمع في أبي لهب قوة النسب والجمال والمال .. لكن لم يغنه شيء من ذلك ، وإنما تلعنه أفئدة المؤمنين في الدنيا ، وهو في الآخرة (سيصلى نارا ذات لهب)

(وامرأته حمالة الحطب) آية فيها عبرة لكل من يتعاون على الإثم .. ستحمل الحطب في النار كما كانت تحمل الشوك عند باب رسول الله ... وفي عنقها (حبل من مسد) حبل من ليف وحديد ولحاء النار .. لقد كانت في الدنيا عونا لزوجها على كفره وجحوده فكانت خالدة معه في جهنم .. اللهم نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من النار

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يقول الله تعالى {وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ *وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[الأنبياء٤٦ - ٤٧]

 

*وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ*

بعد الحساب والموقف العصيب، يأتي مشهد رهيب وموطن عجيب فتنصب الموازين لوزن هذه الأعمال والصحف التي أُخذت ونشرت، فمن راجحٍ عمله في الميزان، ومن مرجوح في الميزان - نسأل الله الإعانة والنجاة -، يقول القرطبي رحمه الله: إذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال؛ لأن الوزن للجزاء فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقدير الأعمال، والوزن لإظهار مقاديرها؛ ليكون الجزاء بحسبها. اهـ. قال تعالى: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47].


والموازين يضعها الله لتوزن فيها أعمال العباد، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 102، 103]، وقال تعالى: ﴿ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ﴾ [الأعراف: 8، 9].

إن من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بالميزان، وأنه ميزان حقيقي له كَـِفَّتان - بكسر الكاف وفتحها واللغتان صحيحتان - وأن أعمال العباد توزن به يوم القيامة، ولا يعلَمُ كيفيَّته إلا الله تعالى، خلافاً للمعتزلة القائلين بأنه العدل فهو مجازي لا حقيقي، وفي شرح العقيدة الطحاوية المشهورة: " والذي دلت عليه السنة أن الميزان الذي توزن به الأعمال يوم القيامة له كفتان حسيتان مشاهدتان" والله أعلم بما وراء ذلك من الكيفيات. وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة والإجماع على ذلك، قال الألباني رحمه الله: "والأحاديث في ذلك متضافرة، إن لم تكن متواترة".

 

الشيخ محمد بن إبراهيم السبر

 

image.png.efa79215840b8d8d5f16840365c64488.png


*فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا*

في الحديث الصحيح، كما في المسند، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاوَاتِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ).

وأقول للمظلوم أيضا: اصبر، واحتسب صبرك عند الله، فإن الله سيعوضك خيرا في الدنيا والأخرة، فهذا ابتلاء وامتحان لك من الله تعالى.

عباد الله:

جميعنا، وحتى لا يظلم أيُّ واحد منا غيرَه، ولا يقع في الظلم مستقبلا، وحتى يبتعد عن ظلم الناس، ويكون في بر الأمان، وحتى لا تظلم ولا أظلم. أذكر بعدالة الأخرة، بالمحكمة الإلهية التي ستقام للخلائق في الأخرة، يقول الحق سبحانه: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)(الأنبياء،47).

وفي صحيح مسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ). جاء في شرح محمد فؤاد عبد الباقي: "(لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة) هذا تصريح بحشر البهائم يوم القيامة وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين وكما يعاد الأطفال والمجانين ومن لم تبلغه دعوة وعلى هذا تظاهرت دلائل القرآن والسنة قال الله تعالى وإذا الوحوش حشرت وإذا ورد لفظ الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع وجب حمله على ظاهره قال العلماء وليس من شرط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة والعقاب والثواب وأما القصاص من القرناء والجلحاء فليس هو من قصاص التكليف إذ لا تكليف عليها بل هو قصاص مقابلة والجلحاء هي الجماء التي لا قرن لها".

تصوروا يا عباد الله، شاة له قرون اعتدت على شاه ليس لها قرون، ستدفع الشاه الظالمة التي لها قرون، الثمن كاملا يوم القيامة للشاة المظلومة، التي ليس لها قرون, هذا بين الحيوانات والأنعام فما بالك بعدل الله بين البشر والأنام.

نعم، يا عباد الله، أذكركم بعدالة الأخرة، يوم أن يختم على فمك، وتنطق جوارحك، قال الحق سبحانه: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (فصلت،20).
 

الأستاذ الدكتور عدنان خطاطبة

image.png.f1d378dd61f2cff03ae03fd207cfd911.png


{وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ *وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}


هذا ألم النفحة من العذاب ويقولون ياويلنا !! فما حال من غُمس في النار غمساً ؟؟ اللهم سلم

مثقال حبة من خردل من أعمالنا يأتي بها الله ... إذاً اطمئن ،حتى شعور التقوى الذي يومض في قلبك ويضيع في ضوضاء الدنيا ، ستجده ، ولن يضيع عند الله . ميزان العدالة في الدنيا قد يعدل وقد يظلم .. أما ميزان الآخرة فهو العدل الحق {لاظلم اليوم}

تبسمك رغم حزنك - فقط لانه صدقة - وعفوك عمن ظلمك رغم وجعك ، صبرك وكل ذرات الخير لن تذهب هباءً ، وحتى هفواتك وأخطاءك التي نسيتها ستجدها في ميزانك .

وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها" هفواتي الصغيرة أخطائي التي نسيت عطاياي البسيطة ذرات الخير التي قدمت عن الكل سأحاسب

لنتأمل {ونضع الموازين القسط} لاندري أي الكفتين ترجح بميزان يوم القيامة ، فلنراقب أعمالنا ، ولنتذكر .. الخفيفتان على اللسان الثقيلتان في الميزان (سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم) نستغفرك ربنا ونتوب إليك .

 

image.thumb.png.e6d565581a02ce7b2f377fcbb88995b1.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 {‫كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ }[ الأنبياء : ٣٥ ]

 

كل نفس ذائقة الموت ، فالدنيا إذن متاع زائل ، وضعيف العقل من يؤثر الحياة الدنيا على الآخره ..

 

لماذا نفسر أقدار الله على الناس بنظر قاصر فنجعل كل نعمة رضا من الله ، وكل نقمة عقوبه ؟!.. فإن كليهما فتنة للإختبار بالشكر على النعم أو الصبر عند البلاء (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) العطاء اختبار وابتلاء ، وليس دليل إكرام وتفضيل .. الدنيا دار ابتلاء ، والآخره دار الجزاء ، والعاقبة لمن آمن وصبر وشكر

قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ *كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}،[١١] كلاّ أي ليس الأمر كما تتصورون من أنّ النّعم والسّعة دليل الرضا من الله للعبد وكرمه عليه، وأنّ الشّدة والمصائب دليل السخط والغضب وهوان العبد على ربّه تبارك وتعالى، بل الأمر كلّه قائم على الشكر عند السّعة وحصول الخير، والصبر والرضا بالله تعالى عند حصول الشّدة والمصائب وهذا هو معنى التقوى العام،

 

ثم قال تعالى: {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}: فنجازيكم على مواقفكم من هذه الأحوال التي لا يخلو عنها الإنسان في حياته، فالإنسان متقلّب بين الخير والشرّ لكن المؤمن يشكر عند حصول الخير ويصبر عند حصول الشرّ، ففي صحيح مسلم من حديث صهيب الرومي -رضي الله عنه-أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له".

 

ما الأيام إلا دول تتقلب فيها الأحوال خيرا وشرا ثم المآل والمرجع إلى الله للحساب والجزاء .. ولن يعرف حكمة الله من ظن دوام النصر ، أو الهزيمة ، أو العافية .. فقد انتصر النبي صلى الله عليه وسلم في بدر ، وهزم في أحد ..
فلاتنسيك فرحة المنة والنعمة شكر الوهاب ، ولا يجعلك الجزع من البلاء أن تعرض عن ذكر الله وطاعته .. كن عبدا في المنع ، وكن عبدا في العطاء ..اخضع لله لعلك تنجو برضاه

 

 

قد تكون صورة ‏نص‏

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 يقول الله تعالى : { يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ } (الروم : ١٩)

من آيات الله ومن دلائل قدرته سبحانه وتعالى أنه يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، هذه من آياته سبحانه وتعالى ومن دلائل قدرته العظيمة وأنه رب العالمين الخلاق العليم القادر على كل شيء، وأنه سبحانه وتعالى يحيي ويميت ويتصرف في خلقه كيف يشاء، وأنه المستحق للعبادة، وقد مثل أهل العلم لذلك بأشياء منها: إخراج المسلم من الكافر، يكون كافراً ويخرج الله من صلبه أحياء مسلمين، فإن المسلم حي والميت كافر في المعنى، فالله يخرج من المرأة الكافرة والرجل الكافر أولاداً مسلمين يهديهم الله ويصلحهم سبحانه وتعالى، وأبوهم وأمهم ليسوا كذلك.
وكذلك يخرج الميت من الحي يكون مسلم فيولد له أولاد فيكفرون ولا يبقون على دين آبائهم وأمهاتهم بل يكونون على خلاف ذلك، ويعتنقون غير الإسلام، فيكون هذا إخراج ميت من حي.

 

ومن ذلك مما مثلوا به أيضاً.. إخراج الدجاجة من البيضة، الدجاجة حية حيوان والبيضة في حكم الموات أو الميت لأنها جماد، فالله جل وعلا يخرج منها حيواناً سميعاً بصيراً حياً وهذا واضح، والعكس كذلك يخرج الميت من الحي، هذا الميت البيضة والدجاجة حية فيخرج الله منها بيضة جماداً في حكم الميت والدجاجة حية، وهذا له نظائر، نعم. ومن أراد المزيد على ذلك فليراجع كتب التفسير على الآية الكريمة.

ابن باز


سبحان الله ... يخرج الشيء من نقيضه .. فمن الحزن يولد الفرح ، ومن الألم يولد الشفاء والراحة ...فقط قل يااارب ...

مهما أماتت المعاصي قلبك .. لاتيأس ... أسرع بالعودة إلى الله وسيحيي قلبك كما يحيي الأرض .

قد تجمد العين ، ويقسو القلب ... لكن عليك أن تسعى  لتبصر عينك الحق ، ويلين قلبك ويخشع ، ابحث عن روحك .. اجعل لسانك رطب بذكر الله.. فذكر الله ، وتدبر كتابه ، والتفكر في معانيه ، باب مبارك تسترد منه القلوب حياتها بعد موتها ، ونورها بعد ظلمتها...

{اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها}
اعلموا ... فليعلم جميع البشر أن هداية النفس وتزكيتها بيده سبحانه ، فاطلب حياة قلبك ممن يملك الحياة .. لنتقرب إلى الله ندعوه يهدي قلوبنا ويلقي فيها نورالإيمان فتلين بعد قسوتها وتنبض بالحياة بعد موتها وتنفرج الكروب بعد شدتها ... اللهم عمرا في رضاك وحسن ختام ..

 

image.thumb.png.047209ebd486a77c88eb12bde5d9fcf0.png

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يقول الله تعالى : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ } (الروم :٥٤)


لقد اقتضت حكمة الخالق – سبحانه – أن ينتقل الإنسان من طور إلى طور، ومن حال إلى حال . من طور الطفولة ، إلى طور الشباب ، إلى طور الكهولة ، إلى طور الشيخوخة والضعف والهرم . مصداق ذلك قوله – تعالى -: [اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ العَلِيمُ القَدِيرُ] {الرُّوم:54} هكذا الإنسان يولد ضعيفا ، ثم يورق عوده ، ويينع شبابه ، ويستوي خلقه ، ويبلغ أشده ، ثم يعود إلى سيرته الأولى : وهن في العظم ، وضعف في الرؤية ، وصمم في السمع ، وخرف في الذاكرة ، وتقلب في المزاج: (إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا) (مريم:4) .

إذا تم شيء بدا نقصه ** توقع زوالا إذا قيل تم


لماذا التكبر ؟؟!!!... وقد خلقنا الله من ضعف ، كلمة تفرحنا ، وأخرى تحزننا ، شوكة تدمينا ، وهدية ترضينا !!فهل يحق لنا أن نتكبر ؟!

(ثم جعل من بعد قوة ضعف وشيبة) إذا أردت أن تعرف حقيقة الدنيا ، فانظر إلى مولود رضيع ، ثم إلى رجل كبير قد احدودب ظهره ، وابيض شعره متكئ على عصاه ... مراحل العمر ياعزيزي عبرة لمن يعتبر ...
(ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون مالبثوا غير ساعة) حتى بعد قيام الساعة يوجد غافلون !! سبحان الله .. ليس لجهل الإنسان حدود

العمر محسوب عليك فيما أمضيته وماذا قدمت فيه من أعمال ، وهل تكفي هذه الأعمال لدخولك الجنة ؟ وفي الحديث الشريف : (اغتنم خمسا قبل خمس ، شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك )
راجع نفسك وأصلح ما أفسده العمر قبل فوات الأوان

 

 

image.thumb.png.caa666ce515de3571411d84d2579ba0e.png

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاَسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} (القصص٢٣)

 

معنى {وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ} [القصص: 23] يعني: جاء عند الماء، ولا يقتضي الورود أن يكون شَرِب منه. والورود بهذا المعنى حلَّ لنا الإشكال في قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم: 71] فليس المعنى دخول النار، ومباشرة حَرِّها، إنما ذاهبون إليها، ونراها جميعنا إذن: وردْنا العَيْن. يعني: جئنا عندها ورأيناها، لكن الشرب منها، شيء آخر.
 

{وَجَدَ عَلَيْهِ} [القصص: 23] أي: على الماء {أُمَّةً} [القصص: 23] جماعة {يَسْقُونَ} [القصص: 23] أي: مواشيهم {وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ} [القصص: 23] يعني: بعيداً عن الماء {امرأتين تَذُودَانِ} [القصص: 23] أي: تكفّان الغنم وتمنعانها من الشُّرْب لكثرة الزحام على الماء {قَالَ مَا خَطْبُكُمَا} [القصص: 23] أي: ما شأنكما؟


اكتفى سيدنا موسى عليه السلام بكلمة واحدة (ماخطبكما ؟) . اختصر في حديثك بقدر الحاجة مع من ليست من محارمك ، واجتنب الإطالة ، فذلك أطهر لقلبك .


(قالتا لانسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير) جاوبتاه باختصار وحشمة وأدب ، ودون إطالة في الكلام والشرح ، حين يكتمل شرف المرأة فإنها لاتزاحم الرجال مهما كلف الأمر .


(وأبونا شيخ كبير) بيان الضرورة الدافعة للخروج ، وتعتذر البنت لأبيها وهي ترى أثر السنين على كاهله .

ربّى الأب بناته على الحياء فأكرمه الله ، وساق له نبيّاً ليصاهره ويرعى غنمه .. حياء بناتنا لن يحرمهم نصيبهم من الرزق ...

 

لاتتألم حين يقسو عليك الآخرون ، ربما تختبئ الألطاف خلف قسوتهم ، فلو سقى القوم للفتاتين ، لما انتبه إليهما موسى .. سبحان الله مدّبر الأمور ...


قد تكون صورة ‏نص‏

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ القصص:68 ]

خالق الخلق ومدبرهم، له الخلق والأمر -سبحانه-، يختار من كل نوع أعلاه وأفضله، كما اختار من المخلوقات البشر،واختار الأنبياء والرسل من المؤمنين، واختار من الأنبياء والرسل أولي العزم، واختار من أولي العزم الخليلين إبراهيم ومحمداً -عليهما الصلاة والسلام-, واختار -سبحانه- من الملائكة جبريل, واختار محمداً -صلى الله عليه وسلم- من البشر, واختار من السموات العلا, ومن البلاد مكة, ومن الأشهر المحرم.

 

والله -سبحانه- فضل بعض الأيام والليالي والشهور على بعض؛ فخير الأيام عند الله يوم النحر يوم الحج الأكبر، وأفضل الليالي ليلة القدر، وأفضل الشهور شهر رمضان، ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع، ويوم النحر أفضل أيام العام (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص: 68].

 

وإذا تأملنا في القرآن الكريم لوجدنا أن الاختيار قد ورد فيه صريحًا وضمنًا، فقد بين الله تعالى في كتابه الكريم أن سياسة الاختيار هي سنة الله في اختيار أنبيائه ، قال تعالى في حق بني إسرائيل: (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان: 32]، وقال تعالى مخاطبا نبيه موسى -عليه السلام-: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى) [طه: 13]، كما بين الله تعالى في كتابه الكريم أن سياسة الاختيار للأفضلية هي منهج الأنبياء عند اختيارهم لأصحابهم المقربين، قال تعالى: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا) [الأعراف: 155].

 

قال ابن القيم -رحمه الله-: "إن الله -سبحانه- اختار من كلِّ جنسٍ من أجناس المخلوقات أطيبَه، واختصَّه لنفسه، وارتضاه دون غيره، فإنه تعالى طيبٌ لا يحبُّ إلا كل طيب، ولا يقبل من العمل والكلام والصدقة إلا الطيب، فالطيبُ من كل شيء هو مختَاره تعالى".

 

واختار الأيسر من الأمور في كل شأنه ما لم يكن إثما، كما قالت أم المؤمنين -رضي الله عنها-: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ" [البخاري(3560) ومسلم(2327)].

 

فهو -سبحانه- يختار من خلقه ما يشاء ومن يشاء لما يريد من الوظائف والأعمال، والتكاليف والمقامات، ولا يملك أحد أن يقترح عليه شخصاً، ولا حادثاً ولا قولاً ولا فعلا (مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)، لا في شأن أنفسهم ولا في شأن غيرهم، الاختيار هو الانتقاء والاصطفاء، هو سنة من سنن الله تعالى في خلقه.

 

وبين الله تعالى في كتابه الكريم أن سياسة الاختيار هي منهج الحاكم العاقل الذي يختار أفضل العناصر والكفاءات لتسيير شؤون الحكم، قال تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) [يوسف: 54]، أي: أختاره وزيرا ومستشارا لي.

 

عباد الله: الاختيار سُنة من الله تعالى في عباده الصالحين، وفي كل جيل يختار ربنا أفضل الأمم لتقود البشرية في وقتها، كما فضلّ بني إسرائيل في وقتهم، وقال: (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [الدخان: 32]، أما البِشارة: ألَيْس بعد النبي علماء أجِلاء؟ أليس هناك دعاة مُخْلِصون وفقهاء ومُحَدِّثون؟ أليْسَ هناك من دعَوا إلى الله؟، كل هؤلاء بِالمعنى الواسِع اِصْطَفاهم الله وأجْرى على أيْديهم الخير وأَنْطَق لِسانهم بِالحق وجعل قلوب الناس تهْفو إليهم, هذا نوْعٌ من الاصْطِفاء.

 

وإن سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حافلة بكثير من الشواهد التي تبين أهمية الاختيار لأفضل العناصر في هجرته ودعوته وغزواته وجهاده ومشاورته، فقد اختار أبا بكر الصديق ليكون صاحبه في هجرته، واختار مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليكون سفيرا له في يثرب قبل هجرته، واختار علي بن أبي طالب ليكون داعيته إلى الإسلام في اليمن، واختار معاذ بن جبل ليكون معلما للإسلام في جزء آخر من اليمن.

 

أيها الإخوة: وقد بيّن الله -تبارك وتعالى- أنه يصطفي ويفضل بعض خلقه على بعض، وله في ذلك الحكمة التامة والقدرة العظيمة، فقال تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص: 68]، وقال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 33]، وقال الله تعالى: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج: 75].  وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 132]، ومعنى ذلك أنّ الدين صافٍ من كل شائِبة ومن كل ريْبٍ وشكٍ وتطرّفٍ وغُلُوّ ومن كل بعدٍ عن الحقيقة.

 

أيها الإخوة: والله -عزَّ وجلَّ- أكرم أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، واجتباها واصطفاها، وجعلها خير أمة أخرجت للناس، وشرفها بأمور: فجعلهم الله أمة وسطاً, وجعلهم شهداء على الناس, واختار لهم أوسط جهات الاستقبال وخيرها وهي الكعبة, واختار لهم سيد الأنبياء وأفضلهم وهو محمد -صلى الله عليه وسلم-, واختار لهم خير الأديان وهو الإسلام, وأنزل عليهم خير الكتب وأحسنها وهو القرآن, وأعطاهم وظيفة الأنبياء إلى يوم القيامة, وهي الدعوة إلى الله.

 

والله -عزَّ وجلَّ- لا يستخدم لدينه والدعوة إليه إلا من يقدم نفسه، فمن علم الله منه الرغبة والطلب الصادق والتضحية استخدمه الله لدينه، وجعله سبباً لهداية الناس، والعامل إنما يستخدمه صاحب العمل إذا قدم نفسه، أما المعرض فإنه لا يستخدم؛ لأنه ليس عنده الطلب.

 

وقد خلق -سبحانه- أكبر المخلوقات وأعظمها وأوسعها وهو العرش، واختاره فاستوى عليه بأعظم صفة وأوسعها وهي الرحمة، كما قال -سبحانه-: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) [طه: 5].

 

واختار قلب الإنسان ليكون محلاً لنظره -سبحانه-, كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأعْمَالِكُمْ" [مسلم (2564)]، فالعرش عظيم جداً، والقلب صغير جداً، فإذا كانت (لا إله إلا الله) في قلب الإنسان رجح بالسماوات والأرض، وصار ذلك القلب لائقاً بجلال الله، كما أن العرش لائق بجلال الله -سبحانه- لعظمته، وكماله، وخلوه من العيوب.

 

والله -عزَّ وجلَّ- يريد من عباده أن يزينوا قلوبهم بالإيمان، وأن تكون خالية من الشرك والعيوب، لتكون لائقة بنظر الله -جل جلاله-، والله -سبحانه- ينظر إلى العمل الذي ينظف القلب، ويطهره من العيوب، ويمقت العمل الذي يلوث القلب ويفسده.

 

وقد أكرم الله هذه الأمة فجعلها خير أمة أخرجت للناس، وأعطاها وظيفة الأنبياء والرسل، وهي الدعوة إلى الله، وجميع الأمم السابقة هي الآن في القبور تنتظر مجيء هذه الأمة، ورحمة بهذه الأمة جعلها الله خير الأمم وآخر الأمم؛ لئلا يطول عليها زمن الانتظار، وجعلها تعمل قليلاً، وتؤجر كثيراً، وكشف الله لهذه الأمة أعمال وفضائح وأحوال الأمم السابقة مع أنبيائهم؛ لتتعظ وتعتبر بمن خالف أمر الله، وتقتدي بمن أطاع الله ورسله، وستر عيوب هذه الأمة عن الأمم السابقة.

 

وجعل الله محمداً -صلى الله عليه وسلم- سيد الأنبياء والرسل، وجعل أمته خير الأمم، واختار منهم السابقين والأولين، واختار منهم أهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، واختار لهم من الدين أكمله، ومن الشرائع أفضلها، ومن الأخلاق أزكاها.

 

أيها الإخوة: إن الله حكيم عليم قسم بين العباد معايشهم المتضمنة لأرزاقهم ومدد آجالهم، وهو الذي يقسم فضله بين أهل الفضل على حسب علمه بمواقع الاختيار، ومن يصلح له ممن لا يصلح له، وهو -سبحانه- الذي رفع بعضهم فوق بعض درجات بعلمه وحكمته، وهو -سبحانه- أعلم بمواقع اختياره.

 

واختيار الرب تعالى لعبده نوعان: أحدهما: اختيار ديني شرعي، فالواجب على العبد أن لا يختار في هذا القسم غير ما اختار له سيده كما قال -سبحانه-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب: 36]، فاختيار العبد خلاف ما اختار الله له مناف لإيمانه وتسليمه، ورضاه بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً.

الثاني: اختيار كوني قدري كالمصائب التي يبتلي الله بها من شاء من عباده، فهذا لا يضره فراره منها إلى القدر الذي يرفعها عنه، ويدفعها ويكشفها، وليس في هذا منازعة للربوبية، وإن كان فيه منازعة للقدر بالقدر، فهذا القدر لا يسخطه الرب، بل يأمر به كما أمر بدفع قدر الجوع بالأكل، وقدر العطش بالشرب، وقدر المرض بالدواء, وهكذا.

وأما القدر الذي لا يحبه ولا يرضاه، فهو قدر المعائب والذنوب، فالعبد مأمور بسخطها، ومنهي عن الرضا بها، ومطلوب منه التوبة منها.

 

ولعلّ من أعظم طموحات المؤمن أن يَصْطَفِيَهُ الله -عز وجل- لِيَكون داعِيَةً إليه؛ هؤلاء الذين عكفوا على العِلْم وتَرَكوا مؤَلَّفاتٍ قيِّمة تجدها في كل بيْتٍ، هؤلاء الذين اصْطفاهم الله ومكَّنَهم من العِلم وجعَلَ لهم بَصَماتٍ واضِحَةٍ في الحياة فهؤلاء أيْضاً بِالمعنى المُوَسَّع ممن اصْطفاهم الله -عز وجل-.

فإذا كنت ممن اِصْطفاه الله -عز وجل- فلَقَد علِم فيك الإخلاص والصِّدق والحب والطاعة والوَرَع فكُنت ممن اِصْطفاهم الله -عز وجل-، ماذا ينتظِرك في الدنيا والآخرة قال تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) [النمل: 59].

وإذا كنت ممن اصْطفاه الله -عز وجل- فأنت في سلامٍ؛ في سلامٍ مع نفْسِك وفي سلامٍ مع من هم حوْلَك وفي سلامٍ مع ربك وحياتك سلامٌ وتنْتَقِل بعْدها إلى دار السلام وتَتَّصِل نِعَمُ الدنيا بِنِعَمِ الآخرة.

 

image.thumb.png.0b1bfc1c04f31aaeed4a4a93f5274ac7.png

 

{ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ القصص:68 ]

آية من تدبرها فاضت السكينة على حياته وروحه ، وارتاحت نفسه . الله الحكيم لن يختار لعبده إلا مايصلحه ، ثق بربك وفوضه أمرك ..وهو كفيل بزرع بساتين الراحة والسعادة ... صباحكم كفاية ورضا وبهجة



أنت تريد وأنا أريد ... والله يفعل مايريد ... وكم يعزم الإنسان على أمور فيتقنها ثم يرسم لها مقدمات جازما بنتائجها .. فيخذل .. لأن الله تعالى يقول(وربك يخلق مايشاء ويختار ماكان لهم الخيرة) قل دائما : وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد . ثم اطمئن
 :
من رحمة الله بعبده أنه لم يوكل له تدبير أمره .. لنتخيل حال شخص أوكل له تدبير نبضات قلبه فقط .. ماحاله لو غفل أو نام ؟! ما أرحم الله اللطيف .. اللهم اجعلنا ممن اخترته لطاعتك ، واصطفيته لولايتك ، وأسبغت عليه الهداية والإستقامة على دينك..

 

image.thumb.png.e2be9b78f07ed6335d6c45e4e3066e35.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

do.php?img=407367

 

 

وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)

الآية منهج حياة ... فديننا عظيم ، منهجه التوازن .. فلا إفراط ولا تفريط ، ولا غلو ، ولا جفاء

( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ ) أي : استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة ، في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات ، التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة ، ولا تنس مع ذلك نصيبك من الدنيا .

فلا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك وتبقى ضائعا ، بل أنفق لآخرتك ، واستمتع بدنياك استمتاعا لا يضر دينك ، ولا يضر بآخرتك .
ولهذا أثنى الله تعالى على من يدعو قائلاً : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) البقرة/201 .

قال ابن كثير :" فجمعت هذه الدعوةُ كلَّ خير في الدنيا ، وصرَفت كلّ شر ؛ فإن الحسنة في الدنيا تشملُ كلّ مطلوب دنيوي ، من عافية ، ودار رحبة ، وزوجة حسنة ، ورزق واسع ، وعلم نافع ، وعمل صالح ، ومركب هنيء ، وثناء جميل ، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عباراتُ المفسرين ، ولا منافاة بينها ، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا .

وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العَرَصات ، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة " انتهى ."تفسير ابن كثير" (1/558) .


(وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)

هذه القاعدة القرآنية المحكمة جاءت في أثناء قصة قارون، الذي غرّه ماله، وغرته نفسه الأمارة بالسوء، فقال ـ لما قيل له: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[القصص: 77]، قال ـ والعياذ بالله ـ قولة المستكبر ـ: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}[القصص: 78].

 

{وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}:
"والنهي في {ولا تنس نصيبك} على سبيل الإباحة، فالنسيان هنا كناية عن الترك، والمعنى: لا نلومك على أن تأخذ نصيبك من الدنيا أي الذي لا يأتي على نصيب الآخرة، وهذا احتراس في الموعظة خشية نفور الموعوظ من موعظة الواعظ؛ لأنهم لما قالوا لقارون {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة} أوهموا أن يترك حظوظ الدنيا فلا يستعمل ماله إلا في القربات، قال قتادة رحمه الله: نصيب الدنيا هو الحلال كله!

 

 

do.php?img=407384

 

 

 {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن
ْ كَمَا أحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ......} [القصص٧٧]

 

توجيه رباني للتخطيط للحاضر ، والإستعداد للمستقبل ، فالمؤمن له خطة للآخرة ، وخطة للدنيا .. وتأمل كيف قدم الله تعالى عمل الآخرة على الدنيا ، فقال في الآخرة (وابتغ)اجعلها وجهتك وهدفك وجد في السعي إليها ..وقال في الدنيا (ولاتنس) لاتنسى نصيبك من طيبات ومتاع الدنيا على أن يكون هدفك في ذلك الآخرة فلا تنحرف عن طريق الحلال والحق . فقد خسر قارون لأنه انشغل بالمال عن طاعة الله

 

(وأحسن كما أحسن الله إليك) هي قاعدة شكر النعم ، ومن استشعر إحسان الله عليه لن تراه إلا محسنا .. فإن كان إحسان الله رزقا تراه يتصدق منه ، وإن كان فرحة أدخل على غيره الفرح ... للسعي في حاجات الناس فضل عظيم لايصبر عليه إلا صاحب قلب عظيم ، والمعروف له طعم لايجده إلا العظماء

 

image.thumb.png.83495e8d061dd95e5e3dd71a4c11c73c.png

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

يقول الله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } [فصلت: ٦]
المؤمن مُطالَبٌ بالاستقامة الدائمة؛ ولذلك يسألُها ربَّه في جلواته وصلواته: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6].
أمر الله تعالى المؤمنين بالاستقامة فقال: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ﴾ [فصلت: 6]، فأشار إلى أنه لا بد من تقصير في الاستقامة المأمور بها، وأن ذلك التقصير يُجبَرُ بالاستغفار المقتضي للتوبة والرجوع إلى الاستقامة، قال صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئةَ الحسنةَ تمحُها).
لما جاء سفيان بن عبدالله الثقفي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرَك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (قل: آمنت بالله، ثم استقم).
احفظوا الله في فروضه وحدوده وعهوده، يحفظْكم في دينكم وأموالكم وأنفسكم، كونوا مع الله يَكُنِ الله معكم، في حلِّكم وترحالكم، في حركاتكم وسكناتكم، في يسركم وعسركم، في قوتِكم وضعفِكم، في غناكم وفقركم، جاهدوا أنفسكم، وجاهدوا الخلوف المترددة الملتوية المترددة بالنصيحة وبالحكمة والموعظة الحسنة، ففي ذلك دليلُ الإيمان.
 
من ثمار الاستقامة:
ألا تخاف مما هو آتٍ، وألا تحزن على ما قد فات، أنت في منجاة من القلق ومن الندم، والقلق والندم حالتان نفسيَّتان تدمِّران الصحة النفسية.
والاستقامة من ثمارها:
أن الله سبحانه وتعالى يُفرِّجُ عنك، ويُزيلُ عنك كلَّ كَرْبٍ، وكلَّ هم، وكلَّ حزن، وكلَّ ضيق، وكلَّ قلق.
غذاء (الإستقامة) الإستغفار و الإنابة..
 
فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ
(وَاسْتَغْفِرُوهُ)
واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 6307 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
{فاستقيموا إليه واستغفروه} معركة الإنسان الحقيقية في الوجود هي في تحقيق الإستقامة ، ويقول الله تعالى{فاستقم كما أمرت} إذا كان هذا الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الصراط المستقيم .. فكيف بمن تحيط به الفتن والمنكرات ؟! {وويل للمشركين} كل الويل وخيبة الأمل لمن أشرك بالله .
قيل أن أكثر المعاصي عددا وأيسرها وقوعا هي معاصي اللسان ، وكلنا نعلم {مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} ومع ذلك نطلق ألسنتنا على هواها ولا نبالي !!.. لذلك يقول الله تعالى {فاستغفروه} إذ لابد بعد التقصير والزلات من الإستغفار وعقد العزم على التوبة الخالصة لله ...
وللنجاة درب واحد مستقيم يجب أن تنخرط فيه مع السائرين إلى الله ، أما الذنوب ، فعليك التخلص منها في الطريق ...
 
قد تكون صورة ‏نص‏

 

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
Need For Speed Carbon – PC - الكاتب: Pitcho72 Need For Speed Carbon – PC  خصائص اللعبة File Size:1.24GB System Requirements! Windows Xp,7,8,Vista  HDD:5.3GB Ram: 512MB Video Memory:64MB 3D Cpu: Pentium 4 من هنا هنا  ***************** تحميل ...
 
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ } [فصلت: ٤١]
هل تدري لماذا يصعب علينا فهم القرآن ؟..ذلك لأننا نعطيه فضل أوقاتنا لا أفضلها ..
{وإنه لكتاب عزيز} كتاب لاريب فيه ، مشتمل على البيان والحكمة ، جامع لأوصاف الكمال ، وهو محفوظ من الله تعالى .. كتاب عزيز لايعطيك بعضه إلا حين تعطيه كلك و أعز أوقاتك ... ومن عزته أنه يعرض عمن أعرض عنه ، والقرآن لايثبت في صدرك إلا بمداومة صحبته ، ومن رام أمراً عظيماً لابد أن يسخر له عظيم وقته.. بقدر حظك من القرآن تنال حظك من العزة
فمن مظاهر عزة القرآن: أنه يعز وجود مثله، بل لا مثيل له على الإطلاق؛ ولذا تحدى الله تعالى البشر أن يأتوا بمثله، وظل هذا التحدي قائما طوال القرون الماضية، وسيظل إلى رفع القرآن في آخر الزمان { {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} } [الطور: 33- 34] { {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} } [هود: 13] { {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} } [يونس: 38]. فَعَزَّ القرآنُ وعجز البشر عن الإتيان بمثله، والذين حاولوا من عهد مسيلمة الكذاب إلى العصر الحاضر صاروا أمثولة للناس وأضحوكة يتسلى بتخريفهم { {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} } [يونس: 39].
ومن مظاهر عزة القرآن: أنه مستعص على المحو والإزالة والتبديل والتحويل والتحريف، ولقد حاول أعداء القرآن أن يمحوه من الصدور بقتل حملته من القراء والحفاظ، وبحرق نسخه. وتكرر ذلك في حقب التاريخ البشري، وفي عدد من الأمصار، سواء أيام الحملات الصليبية على المشرق الإسلامي، أو أيام سحق الصليبيين للأندلس، أو أيام الاستعمار الذي ضرب نيره على الديار، وسجلت حيل للمسلمين في حفظ كتابهم أدهشت التاريخ، وحيرت المؤرخين، ومنها أنهم في أوربة الشرقية والجمهوريات الإسلامية أيام محاولة محو الشيوعية للقرآن حفروا للمصاحف خزائن تحت الأرض ودفنوها، وابتنوا عليها الجدر في داخل البيوت، ويتواصون فيما بينهم بمكانها خلفا عن سلف، وفي سيلان أيام الاستعمار الصليبي خاف المسلمون أن يضيع منهم القرآن، فكتبوه حفرا على ألواح من نحاس ووضعوه في البحر، وتواصوا بينهم بمكانه، ولا تزال ألواح منه محفوظة في المتاحف عندهم. هذا عدا تلقينه للأطفال، وتحفيظه للأولاد، ولهم حيل عجيبة في الاختفاء عن أعين المتلصصين عليهم، المخبرين عنهم، فلما زال الاستعمار، وسقطت الشيوعية ظهر حفاظ للقرآن في تلك الديار التي ظن الناس أن أهلها قد نسوا القرآن، فعزَّ القرآن، وذل من أرادوا محوه من الوجود { {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} } [الحجر: 9].
ومن مظاهر عزة القرآن: أنه معجز في تركيبه وبيانه، وفي جمله وآياته، كما أنه معجز في علومه وأخباره؛ فأخبر عن بداية الخلق ونهايته، وأخبر عن أحوال الأمم الغابرة، وعن أحوال القيامة، وأشار إلى جملة من علوم الدنيا التي لم تكتشف وقت تنزله، فيما يتعلق بالطب والفلك وعلوم الأرض والبحار وغيرها من العلوم التي كُشفت للبشر بعد نزوله بقرون، فلم يكن في أخباره وآياته وإشاراته ما يخالف الحقائق الحديثة المكتشفة، بل كانت كل حقيقة تتواءم مع آياته، مما أدهش كثيرا من علماء الغرب، فقادهم ذلك إلى الإسلام، وهذا أمر اشتهر واستفاض، وبلغ مبلغ التواتر، فلا ينكره إلا جاهل أو مكابر.
ومن مظاهر عزة القرآن: أنه كتاب متشابه، يصدق بعضه بعضا { {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} } [الزمر: 23]، فرغم كثرة سوره وآياته، وتكرر قصصه وأخباره وأحكامه ومواعظه، لم يظفر معارضوه بتناقضات فيه. وقد انبرى كثير من الباحثين الغربيين للبحث عن تناقضات فيه فلم يجدوا. بل عجبوا أن القرآن يتحداهم بالعثور على أخطاء فيه؛ وذلك في قول الله تعالى { {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} } [النساء: 82]. وأحدهم بهرته سورة المسد؛ لأنها تنزلت قبل موت أبي لهب، وفيها إخبار بأنه { {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} } [المسد: 3 - 5] فمات أبو لهب وزوجته على الكفر فكانا من أهل النار، وكان بإمكانهما أن يظهرا الإسلام ولو كذبا؛ لنسف ما جاء في سورة المسد من كونهما في النار، ولم يفعلا ذلك. وهذا غاية الإعجاز والإعزاز لكتاب الله تعالى.
ومن مظاهر عزة القرآن: أن من تسلح بآياته عن فهم ومعرفة وإدراك فإنه لا يُغلب في مناظرة ولا يهزم في مجادلة؛ لأن أدلته أقوى الأدلة، وبراهينه أعز البراهين، وأمثلته أوضح الأمثلة، وتجد في القرآن الاستدلالات العقلية الكثيرة على وجود الله تعالى وكماله، وعلى خلقه وتدبيره، وعلى البعث والنشور والقيامة، وعلى كل أمر يحتاج إثباته إلى دليل عقلي. قال العلامة الزركشي رحمه الله تعالى: «اعْلَمْ أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ، وَمَا مِنْ بُرْهَانٍ وَدَلَالَةٍ وَتَقْسِيمٍ وَتَحْدِيدِ شَيْءٍ مِنْ كُلِّيَّاتِ الْمَعْلُومَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ إِلَّا وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ نَطَقَ بِهِ».
نحمد الله العزيز الذي أنزل كتاباً عزيزاً على نبي عزيز {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز..} لأمة عزيزة {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} اعط كتاب الله أعز مالديك : وقتك ، وحضور قلبك .. ليعزك الله ويرفعك به .
ابراهيم بن محمد الحقيل
طريق الاسلام
 
May be an image of text
 

 

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
do.php?img=407456
 
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } [فصلت :٤٦]
 
 
في الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه مزيد بيان لهذا المعنى: ( فعَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ  ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ  ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ، يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّى فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِى فَتَنْفَعُونِي ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ، يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ »،
 
حقّا فمن استجاب لأمر الله، وعمل صالحا، فله جزاء عمله، ومن أعرض عن الله سبحانه وتعالى، وركب طرق الباطل والضلال، فسيلقى جزاء كفره وضلاله. فهناك يوم يرجع فيه الناس جميعا إلى الله، ويحاسبون على كل ما عملوا، ويجزون عن الإحسان إحسانا ورضوانًا، وعن السوء عذابًا ونكالاً ، نعم : “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ”  فالأمر لله في النهاية، وإليه المرجع والمآب. 
 
 
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } [فصلت :٤٦]
 
لاتنتظر تقدير البشر لمعروف تفعله سواء قابلوك بالشكر أو الإعراض ، أنت تقدمه لنفسك طمعا في رحمة ربك .
 
 
فعل الخير  ينفعك بالدنيا بالذكر الحسن إن كان خالصا لله ، ويوم القيامة تكون عند الله من الفائزين ... بينما عمل الشر يضرك في الدنيا بنبذ الآخرين لك ، وفي الآخره فالحساب عسير
 
 {وما ربك بظلام للعبيد} ما أعظم عدل الله جل جلاله .. العقاب ذاتي يوم القيامة .. لاتلق اللوم على غيرك !..
 
 
{من عمل صالحا فلنفسه} حتى عباداتك ، الله غني عنها.. صلاتك ودعاؤك هو لك وفي ميزانك ، وإن عصيته فأنت المسؤول عن خسارتك ...
 
تأمل الآيات {فمن أبصر فلنفسه} {فمن اهتدى فلنفسه} {ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه} استشعر هذه الحقيقة ، أنت المنتفع بعملك الصالح . التمس أسباب الهداية واشحذ همتك .. اصنع سفينة النجاة بنفسك ، فأنت من سيقودها إلى بر الأمان ، وكلما كانت أكثر جودة ، كنت في مأمن من الغرق .
 
 
اتَّقُوا اللهَ –  وَأَحسِنُوا القَصدَ وَأَخلِصُوا للهِ النِّيَّةَ، فَرُبَّ عَمَلٍ صَغِيرٍ تُكَبِّرُهُ النِّيَّةُ، وَرُبَّ عَمَلٍ كَبِيرٍ تُصَغِّرُهُ النِّيَّةُ، فإِنَّ المُتَأَمِّلَ في كَثِيرٍ مِنَ الأَعمَالِ الصَّغِيرَةِ الَّتي عَدَّهَا الإِسلامُ أَعمَالاً صَالِحَةً وَرَتَّبَ عَلَيهَا الأُجُورَ المُضَاعَفَةَ، لَيَعلَمُ أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِحُسنِ النِّيَّةِ وَصَلاحِ القَصدِ، وَالتَّوَجُّهِ إِلى اللهِ وَالتَّخَلُّصِ مِنَ الخَطَرَاتِ الفَاسِدَةِ، لِيَنَالَ الأُجُورَ العَظِيمَةَ بِأَعمَالٍ قَلِيلَةٍ، فَقَد غَفَرَ اللهُ لِبَغِيٍّ مِن بَني إِسرَائِيلَ سَقَت كَلبًا شَربَةَ مَاءٍ، وَشَكَرَ – سُبحَانَهُ – لِرَجُلٍ سَقَى كَلبًا وَغَفَرَ لَهُ، وَرَأَى النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – رَجُلاً يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِن ظَهرِ الطَّرِيقِ كَانَت تُؤذِي المُسلِمِينَ، وَعَدَّ إِمَاطَةَ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالتَّبَسُّمَ في وُجُوهِ النَّاسِ مِن جُملَةِ الصَّدَقَاتِ، فَكَيفَ بِمَن يَمسَحُ بِصَدَقَتِهِ دَمعَةَ مَحزُونٍ، أَو يُخَفِّفُ بِعَطَائِهِ كُربَةَ مَكرُوبٍ، أَو يَشدُّ أَزرَ مَظلُومٍ أَو يُقِيلُ عَثرَةَ مَغلُوبٍ، أَو يَقضِي دَينَ غَارِمٍ أَو يُيَسِّرُ عَلَى مُعسِرٍ، أَو يَدُلُّ حَائِرًا أَو يُعَلِّمُ جَاهِلاً، أَو يَدعُو إِلى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَو يَأمُرُ بِمَعرُوفٍ، أَو يُرشِدُ ضَالاًّ أَو يَنهَى عَن مُنكَرٍ، أَو يَدعُمُ حَلَقَةَ تَحفِيظٍ أَو يَبني دَارًا لِتَعلِيمِ كِتَابِ اللهِ، أَو يَعمُرُ مَسجِدًا أَو يُوقِفُ لِلخَيرِ أَرضًا أَو مِرفَقًا ؟ قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَموَالَهُم في سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ. قَولٌ مَعرُوفٌ وَمَغفِرَةٌ خَيرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنيٌّ حَلِيمٌ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفوَانٍ عَلَيهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقدِرُونَ عَلَى شَيءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهدِي القَومَ الكَافِرِينَ ﴾ البقرة 262 : 264،
 
قد تكون صورة ‏نص‏

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۖ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ○ هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية:١٩-٢٠]

 

{إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ)

كل ظل من دون الله ، زائل . وكل عون من غير يد الله ، قاصر . وكل غنى بغير الله ، فقر .
نحتاجك ربنا بقدر أنفاس هذا العالم .

 

(وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)

تأمل هذه الولاية .. ألا تشجعك لتستمر في إحسانك ؟ ألا تقيك بأس المخاوف التي تطاردك ؟ بلى والله ... ولايته جل جلاله تكفيك وتغنيك . أما آن لنا أن نتقي الله ؟ كلنا نعلم من الحديث القدسي ، أنه من تقرب إلى الله شبرا تقرب الله منه ذراعا ، ومن أتاه يمشي ، أتاه الله هروله . الله كريم ياعزيزي فماذا تنتظر ؟!

الولاية لله تعالى لا تتحقق، إلا بثلاثة شروط:

الأول: عدم الصد عن دين الله تعالى، ولو عن أمرٍ يسيرٍ من أمور الدين.

الثاني: الإيمان بالله تعالى المستوفي لشروطه وأركانه وواجباته.

الثالث: تحقيق التقوى على ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.


(هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ)

 نحن بحاجة إلى هذه البصائر في حياتنا وقد غلب الجهل، وتقدمت العادات على الشرائع، وغلب الهوى على العقل، وكثر الانشغال بالدنيا على حساب الآخرة. نريد بصائر في تعاملنا مع أنفسنا تهذيبا وتقويما وسموا وهمة، وكيف ننشغل بما ينفعنا ونرتقي به، فكم من نفوس ارتقت وهي لا يؤبه لها، وكم من نفوس تردّت وهي التي يُظن بأنها القدوة، فالميزان هو الشرع والتقوى والعطاء، لا موازين البشر القاصرة.


ونريد بصائر في تعاملنا مع غيرنا من المسلمين، حيث التعاون والمحبة  وحسن الظن والبعد عن الأنانية والتجريح بأشكاله
ونريد بصائر في تعاملنا مع غير المسلمين، برا وإحسانا وحسن تعامل ما لم يكونوا حربيين، فإن كانوا حربيين فلا ولاء ولا مجاملة، ولا بد حينها من إعادة الحقوق ولجم الباطل وإيقافه، أما المسالمون فحقوقهم محفوظة، ودماؤهم مصونة، وكذلك أعراضهم وأموالهم، تماما كما هي حرمة دم المسلم وعرضه وماله


نريد بصائر في الفهم والتدبر والوعي، ولا بد لها من سعة الأفق ورحابة الصدر وبعد النظر، فدين هذه مبادئه شاءه الله للناس كافة، لا بد لمن آمن به وعمل من أجله من بصائر يهتدي بها، فكان هذا القرآن العظيم.

 

(هذا بصائر للناس)

إذا تشابكت الأمور وتعقدت ، ولم تعرف وجه الحق من الباطل ، فاعرضها على القرآن الكريم ، وأوزنها بميزانه ، إنه دليلك الفصل العادل ، هو الهدى والنور ، والرحمة والنجاة

 

 

قد تكون صورة ‏نص‏

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } [الأحقاف : ١٧]


يقول الحافظ ابن كثير-رحمه الله: لما ذكر تعالى حال الداعين للوالديْن البارين بهما وما لهم عنده من الفوز والنجاة، عطف بحال الأشقياء العاقين للوالدين، فقال: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا، وهذا عام في كل من قال هذا
 

روى البخاري عن يوسف بن ماهك قال: كان مَرْوان على الحجاز، استعمله معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما، فخطب، فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر –رضي الله عنهما- شيئًا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة -رضي الله عنها، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي، فقالت عائشة -رضي الله عنها- من وراء الحجاب: "ما أنزل الله  فينا شيئا من القرآن، إلا أن الله أنزل عُذرِي"[ أخرجه البخاري ].


لما ذكر تعالى حال الصالح البار لوالديه ذكر حالة العاق وأنها شر الحالات فقال: { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ } إذ دعواه إلى الإيمان بالله واليوم الآخر وخوفاه الجزاء.
وهذا أعظم إحسان يصدر من الوالدين لولدهما أن يدعواه إلى ما فيه سعادته الأبدية وفلاحه السرمدي فقابلهما بأقبح مقابلة فقال: { أُفٍّ لَكُمَا } أي: تبا لكما ولما جئتما به.



يقول لوالديه (أف لكما) وهما يقولان (ويلك آمن) مشهد يتكرر في بيوتنا كثيرا ، مع كل الحنان والحب الذي يكنه الوالدان لإبنهما إلا أنهما يضطران أحيانا لقسوة العبارة حرصا على هدايتة ونجاته من النار ، والإبن يرفض ولايعرف قدر نصح والديه .... يالحرص الوالدين !


ما أرحم الوالدين !! ...
الولد العاق يتأفف ، والوالد يتودد .. ما أقسى هذا موقف !

لو يعلم الأبناء مافي قلوب والديهم من الحرقة لأجل هدايتهم لأدركوا معنى قول الله تعالى (وهما يستغيثان الله ويلك آمن) ولأدركوا أن صلاحهم هو من أعظم البر بهما .... ارفق بوالديك ياعزيزي ولا تكن سببا في أن يستصرخان فتخسر وتندم ، وتذكر كم من عمل يرفع صاحبه أعلى الدرجات ، وكم من عمل يهبط بصاحبه الدركات .. اللهم سلم


.

245468447_920424258560396_14082857974386

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ }
[سورة محمد:١٧]

من سنن الله تعالى في عباده: زيادتهم على ما هم عليه من إيمان وكفر، وطاعة ومعصية، وفقر وغنى، واضطراب واستقرار، وعافية وابتلاء، وخير وشر.

وهذه السنة الربانية دلت عليها آيات القرآن وأحاديث السنة سواء فيما يتعلق بأمور الدنيا أو فيما يتعلق بأمور الدين:

فالمؤمن المحقق لإيمانه، الساعي لزيادته ونمائه، الصادق في انتمائه، يزيده الله تعالى إيمانا إلى إيمانه، ويقينا إلى يقينه، وهدى إلى هداه، وتقوى إلى تقواه ﴿ وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ﴾ [مريم: 76] ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17] فكل من سلك طريقا في العلم والإيمان والعمل الصالح زاده الله تعالى منه، وسهله عليه، ويسره له، ووهب له أمورا أخر، لا تدخل تحت كسبه.

 

في الهدى الذي زادهم أربعة أقاويل : أحدها : زادهم علما ، قاله الربيع بن أنس . والقول الثاني : أنهم علموا ما سمعوا وعملوا بما علموا ، قاله الضحاك . والقول الثالث : زادهم بصيرة في دينهم وتصديقا لنبيهم ، قاله الكلبي . والقول الرابع : شرح صدورهم بما هم عليه من الإيمان . وآتاهم تقواهم أي ألهمهم إياها

 

لما صدق فتية الكهف في إيمانهم، وهاجروا فرارا بدينهم؛ زادهم الله تعالى إيمانا ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: 13].

في الأحزاب تجمع الكفار على أهل الإيمان لاستئصالهم، فأعلن أهل الإيمان تصديقهم بوعد الله تعالى ووعد رسوله عليه الصلاة والسلام في تلك الساعة الحرجة؛ إيمانا منهم ويقينا بالله تعالى؛ وتوكلا عليه سبحانه، فزادهم الله تعالى إيمانا ويقينا وتوكلا ﴿ وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].

وفي الحديبية كره الصحابة رضي الله عنهم بنود الصلح، حتى قال عمر رضي الله عنه «فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا» ولكنهم ما لبثوا أن علموا أن ذلك حكم الله تعالى، فقهروا ما في نفوسهم من الغضب والحمية؛ طاعة لله ورسوله، فزادهم الله تعالى بهذا الانقياد والاستسلام إيمانا ويقينا ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4].

ففي كل هذه النماذج الإيمانية ما جاءت الزيادة من الله تعالى إلا بعد أن أثبتت هذه الطوائف المؤمنة إيمانها، ودللت على صدقه، في ساعات حرجة يتلاشى فيها التصنع والكذب والرياء، فجزاهم ربهم سبحانه ما جزاهم من زيادة الإيمان واليقين به تعالى، وتصديق وعده سبحانه، والتسليم لأمره عز وجل.


فمن  السنة الربانية أن من عزم على عمل صالح، واجتهد في تحقيقه أعانه الله تعالى عليه، ويسره له؛ كما قد حج أناس ما ظنوا أنهم يحجون عامهم ذاك. وبرهان ذلك في قول الله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ﴾ [الشُّورى: 20] : أَيْ: نُقَوِّيهِ وَنُعِينُهُ عَلَى مَا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَنُكْثِرُ نَمَاءَهُ، وَنَجْزِيهِ بِالْحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى مَا يَشَاءُ اللَّهُ تعالى، قال الله تعالى : ﴿ وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ﴾ [الشُّورى: 23] ، وذلك بأن يشرح الله تعالى صدره، وييسر أمره، وتكون سببا للتوفيق لعمل آخر، ويزداد بها عمل المؤمن، ويرتفع عند الله تعالى وعند خلقه، ويحصل له الثواب العاجل والآجل. هذه الزيادة لا تكون إلا بعد إثبات صدق الإيمان بالمجاهدة،

قال ابن المنكدر رحمه الله تعالى: جاهدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت، قال أحد السلف: “جاهدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة أخرى”.

وقال ابْنِ أَبِي زَكَرِيَّا: عَالَجْتُ لِسَانِي عِشْرِينَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِيمَ لِي. 

فالقوم عالجوا أنفسهم على الطاعات، وجاهدوها في مرضاة الله تعالى، ثم حصلوا جزاء ذلك أنسا بالله تعالى، وفرحا بطاعته، واستغناء به عن غيره.

وفي المقابل فإن من سنة الله تعالى أنه يملي للكفار والمنافقين، ويمدهم في طغيانهم، ويزيدهم شرا إلى شرهم، وظلما إلى ظلمهم؛ عقوبة منه سبحانه على ما اقترفوا من الكفر والنفاق والظلم والطغيان، فيزيدوا أسباب العذاب عليهم في الدنيا والآخرة؛ لتكون نهايتهم أليمة، وعاقبتهم وخيمة ، قال الله تعالى : ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [آل عمران: 178] ، فهم يظنون أن الله تعالى ما مكّن لهم، ولا أعطاهم ما أعطاهم إلا وهو راض عنهم وعن أفعالهم، حتى يصلوا إلى درك العمه، وهو حالة من الضياع والتردد والتحير، تذهب فيها البصيرة حتى كأنما يعمى البصر، فلا يبصر صاحبها الواضحات، ولا يتبين البينات، وعمى البصيرة أشد وأنكى من عمى البصر ، قال الله تعالى : ﴿ مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف: 186] ، ويُزين للمصاب بالعمه سوء عمله فيظنه حسنا ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ﴾

 

image.thumb.png.81285e82124dc3767cd03fa91d6a698a.png

 

  { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ }
[سورة محمد:١٧]


الخير يلحق به خير آخر ، فما من عبد يضع نفسه على طريق الرشاد ، إلا ويتلقاه الله ويكرمه ويزيده من فضله .. الهدايات الصغرى مراحل للهداية العظمى

متى تمكنت محبة الله في القلب ، لن تنبعث الجوارح إلا إلى طاعة الله سبحانه ، وما عليك  إلا أن تسلك أول طريق الهدى لتتلقى المكرمات حتى تبلغ الغاية

(زادهم هدى وآتاهم تقواهم) التقوى حالة في القلب تجعله واجفا من هيبة الله ، شاعرا برقابته ، خائفا من غضبه ، متطلعا إلى رضاه

تقوى الله بها المغنم والنجاة ، ماخاب من تمسك بها ، ولا رشد من نأى عنها ، هي زاد المسافر وثمرة المهتدي ... فلا تفرط في طاعة أو تمتمات ذكر ، أو إحسان وعطاء تزيل به عنك الوحشة ، وتأمل كيف يكون الجزاء من جنس العمل (والذين اهتدوا زادهم هدى) (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) الحسنة تدعو أختها .. والسيئة تدعو أختها .. جاهد نفسك ورتب أمورك ...

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }
[محمد : ٢٤]

 

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾، فَيتَدَارَسُونَ آيَاتِهِ، ويَسْتَلْهِمُونَ هِدَاياتِهِ، ويَسْتَشْفُونَ بعِلاجَاتِهِ، ويَتخَلَّقُون بإرشَاداتِهِ وتَوجِيهَاتِهِ، فَيُحَقِقوا مُرادِ اللهِ، وينَالُونَ مَرْضَاتِهِ.
 
﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾، فَتنْحَلَّ أقْفَالُ قُلُوبِهم، ويَنْجَلِي الرَّانُ عَنْها، فلا يَشْبَعونَ مِنْ كَلامِ رَبِهِم .. يقول علامة الجزائر الإمام عبدالحميد بن باديس رحمه الله: فوالله الذي لا إله إلا هو ما رأيت وأنا ذو النفس الملأى بالذنوب والعيوب أعظمَ إلانة للقلب، ولا استدرارا للدمع، ولا إحضارًا للخشية، ولا أبعثَ على التوبة، من تلاوة القرآن وسماعه

 

 

 

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾، فَتنْحَلَّ أقْفَالُ قُلُوبِهم، ويَنْجَلِي الرَّانُ عَنْها، فلا يَشْبَعونَ مِنْ كَلامِ رَبِهِم .. يقول علامة الجزائر الإمام عبدالحميد بن باديس رحمه الله: فوالله الذي لا إله إلا هو ما رأيت وأنا ذو النفس الملأى بالذنوب والعيوب أعظمَ إلانة للقلب، ولا استدرارا للدمع، ولا إحضارًا للخشية، ولا أبعثَ على التوبة، من تلاوة القرآن وسماعه.

 

وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يتأثر بالقرآن أشد تأثر إذا قرأه أو قرئ عليه، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرأ عليّ القرآن"، فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟! فقال: "إني أحب أن أسمعه من غيري"، قال: فقرأت عليه من سورة النساء حتى إذا بلغت قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا) [النساء: 41]، قال: "حسبك"، قال ابن مسعود: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. متفق عليه. ولما كسفت الشمس في عهده -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم، فجعل يبكي وينفخ، ويقول: "رب: ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟! ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون؟! ونحن نستغفرك".
وعن عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه- قال: "أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل". أخرجه أبو داود. أي: غليان كغليان القدر. وكذا كان أبو بكر الصديق وعمر -رضي الله عنهما

 

{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }
[محمد : ٢٤]

التدبر ليس شأنا علميا ، فهناك من العامة من يعتلج قلبه خشية من الله وإجلاله وتعظيمه عند التلاوة ليسبق بذلك أكابر طلبة العلم في حظ التدبر ..
:
القلوب أنواع : قلب متدبر (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم) وقلب غافل (فذكر بالقرآن) وقلب أغلف (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)


القرآن كالرفيق النفيس لايفتح عن أسراره إلا لمن فتح له قلبه وأقبل عليه بصدق (أفلا يتدبرون القرآن) آية تشجعك على تلاوة كلام الله وتشحذ الهمة لتدبره .لكن احذر أن تأخذك الدنيا بمفاتنها بعيدا عن كتاب الله فيختم الله على قلبك ويقفله ..

تدبر القرآن يورث الإيمان ويرفع الختم و يفتح الأقفال ، فتلين القلوب وتباشرها حقائق القرآن وإعجازه ..

 

اللهم على القلوب الأقفال وبيدك المفاتيح لايفتحها سواك . أحيي قلوبنا بالقرآن و افتح لنا بابا لتدبره وتفهمه .. فنخشع و نخضع لك ساجدين ..

 

image.thumb.png.8292f8ede97e423410a8c436ea062e0d.png

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [ الحجرات : ٣ ]

إِنَّ الأَدَبَ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ عَلَى الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ، وَقَدْ عَلَّمَ اللهُ تعالى الأُمَّةَ الأَدَبَ في مُخَاطَبَةِ نَبِيِّهَا الأَكْرَمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ تعالى: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضَاً﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدَاً وَمُـبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً * لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلَاً﴾.

وَقَدْ تَوَعَّدَ اللهُ تعالى مَنْ تَعَمَّدَ الإِسَاءَةَ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المَصِيرُ﴾.

فَمِنْ أَعْظَمِ حُقُوقِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا أَنْ نَتَأَدَّبَ مَعَهُ، في حَالِ حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ الْتِحَاقِهِ بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى، لِأَنَّ الأَدَبَ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْتِحَاقِهِ بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى وَاجِبٌ، كَمَا كَانَ وَاجِبَاً في حَالِ حَيَاتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

مِنَ الأُسُسِ التي تُمَيِّزُ الشَّخْصِيَّةَ المُسْلِمَةَ أَسَاسُ المُعَامَلَةِ مَعَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، الذي هُوَ مِنَّةُ اللهِ تعالى عَلَى عِبَادِهِ ﴿لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولَاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾.

وَالتَّعَامُلُ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي التَّأَدُّبَ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَمَامَ الأَدَبِ، وَتَقْدِيرَهُ وَتَوْقِيرَهُ حَقَّ التَّقْدِيرِ وَالتَّوْقِيرِ.

وَمِنَ الأَدَبِ مَعَهُ أَنْ لَا تَرْفَعَ صَوْتَكَ في حَضْرَةِ مَنْ يُحَدِّثُكَ بِحَدِيثِهِ الـشَّرِيفِ، أَو يَقْرَأُ عَلَيْكَ سِيرَتَهُ، أَو يُذَكِّرُكَ بِشَرِيعَتِهِ، وَأَنْ لَا تَفْتَحَ جَوَّالَكَ أَثْنَاءَ الحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ لَا تَقُومَ مِنْ مَجْلِسٍ يُذْكَرُ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِعَرَضٍ مِنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ لَا يَحْرِمَنَا الأَدَبَ مَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. آمين.

الشيخ احمد شريف النعسان

 

{ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [ الحجرات : ٣ ]

تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم سبب لغفران الذنوب وعلامة للتقوى ، فمن غض صوته عنده له مغفرة وأجر عظيم ، فكيف بمن اتبعه وأطاعه ؟!..

التقوى : هي التزام الطاعات والابتعاد عن الذنوب و المعاصي ، وامتحان الإيمان أن يتمكن الإنسان من الحرام و المعاصي لكن يوجل قلبه ويتركها خوفا من الله {أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى} وما أقلهم في هذا الزمان !!...

لماذا نبذل جهدنا للنجاح في امتحان الدنيا ونستهين بامتحان الآخره ؟!!..
كم مرة امتحن الله قلوبنا ؟!.. وليست العبرة ب ( كم ) ولكن العبرة ب ( كيف ) اجتزنا الامتحان وما مدى صبرنا وثباتنا على التقوى والطاعة؟.. فإذا نجحنا ستكون النتيجة {لهم مغفرة وأجر عظيم} اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى والثبات على الحق .

 

 

258809548_941168639819291_3257600884964791408_n.thumb.jpg.28f83266a1c857908ef2ddc5fa1c8758.jpg

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [الفتح : ٤]

 

 

إن العبد يحتاج إلى الثقة والطمأنينة والراحة والسكينة، ولا راحة ولا سكينة إلا بذكر الله
 

 

ايات السكينة التي استنبطها العلماء من القرآن وفهموها من تدبره وتأمله تبلغ ست آيات:

 

الآية الأولى: قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 248]؛ حيث قال لهم نبيهم: إن علامة ملك طالوت عليكم أن يرد الله عليكم التابوت الذي أُخذ منكم.

 

﴿ فِيهِ سَكِينَةٌ ﴾: أي: فيه وقار وجلالة، وقيل: طست من ذهب كانت تغسل به الملائكة قلوبَ الأنبياء، أعطاه الله موسى عليه السلام فوضع فيه الألواح، وقوله: ﴿ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ ﴾: أي: الألواح وعصا موسى؛ حيث جاءت الملائكة تحمل التابوت، ووضعته بين يدي طالوت والناس ينظرون، فآمنوا بنبوة شمعون، وأطاعوا طالوت.

 

وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ ﴾: أي على صدقي فيما جئتكم به من النبوة، وفيما أمرتكم به في طاعة طالوت، إن كنتم مؤمنين بالله واليوم الآخر، وخلاصة الآية: أن تعرفوا من الآيات والحِكَمِ ما تسكنون إليه، وتطمئن نفوسكم به.

 

الآية الثانية: قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 26]، فبعدما ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت، وتكالب عليهم الأعداء، أنزل الله الأمن والطمأنينة على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين الذين آمنوا معه، عندئذٍ ولَّى المشركون أدبارهم، وانقلبوا على أعقابهم خاسرين.

 

أما الآية الثالثة: فهي قوله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].

 

إلا تنصروه فإن الله ناصره ومؤيده كما نصره عند الهجرة، لمَّا همَّ المشركون بقتله أو حبسه، فخرج منهم هاربًا بصحبة صديقه وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام؛ حتى يخِفَّ الطلب من الذين خرجوا للبحث عنهما، ثم يسيرا نحو المدينة، فجعل أبو بكر رضي الله عنه يخاف أن يطَّلع عليهم أحد، فيخلص إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فيصيبه منهم أذًى، فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يسكنه ويثبته، ويقول: ((يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما؟))؛ ولهذا قال الله: ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾؛ أي: تأييده ونصره عليه؛ أي: على الرسول في أشهر القولين، وقيل: على أبي بكر.

 

ورُويَ عن ابن عباس وغيره قالوا: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تزل معه السكينة، وهذا لا ينافي تجدد السكينة، خاصةً بتلك الحال؛ ولهذا قال الله: ﴿ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ﴾؛ أي: الملائكة"، وقوله: ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾؛ أي: في انتقامه وانتصاره منيع الجناب، لا يضام من لاذ ببابه، واحتمى بالتمسك بخطابه، ﴿ حَكِيمٌ ﴾: في أقواله وأفعاله.

 

فأنزل الله طمأنينته وسكونه على رسوله، وأيده بجنود من عنده من الملائكة لم تروها، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا؛ قال ابن عباس: "يعني بكلمة الذين كفروا: الشرك، وكلمة الله هي: لا إله إلا الله".

 

والآية الرابعة: قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]؛ أنزل الله السكون والطمأنينة في قلوب المؤمنين بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، المهتدين إلى الإيمان والحق الذي بعثك الله به يا محمد، أنزل الوقار في قلوب المؤمنين الذين استجابوا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وانقادوا لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، فلما اطمأنت قلوبهم بذلك واستقرت، زادهم الله إيمانًا مع إيمانهم.

 

 

الآية الخامسة: قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]؛ يعني: بيعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لرسوله صلى الله عليه وسلم بالحديبية على مناجزة قريش، وعلى ألَّا يفرُّوا ولا يولُّوهم الأدبار، وكانت بيعتهم تحت شجرة، وهذه بيعة الرضوان، لقد علم الله ما في قلوبهم من الصدق والوفاء، والسمع والطاعة؛ فأنزل السكينة عليهم الطمأنينة، وأثابهم فتحًا قريبًا، وهو ما أجرى الله عز وجل على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العام وكان أول ذلك الخير النصر بفتح خيبر، ثم فتح مكة، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [الفتح: 19].

 

الآية السادسة: قول الله عز وجل: ﴿ إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الفتح: 26]، لقد منَّ الله عليهم بعدما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فرحِمهم بإنزاله السكينة عليهم والأمن والطمأنينة بما يُذهِب خوفهم عند قتال المشركين.

 

عباد الله، إن آيات السكينة رحمةٌ من الله بعباده؛ فاحرصوا عليها، نفع الله بها الجميع.



الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

 
...........................
 
{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } [الفتح : ٤]
 

كم لهذه الآية من أثر عظيم في تسكين النفوس المؤمنة في حال اضطرابها وقلقها وخوفها .

ليس لطمأنينة قلبك الخائف سوى طريق واحد هو الإيمان . فالنفوس المؤمنة يسكن ارتجافها وخوفها ، لأن الإيمان بالله تعالى ملأ قلبها فبث فيها الأمان .. مادام قلبك  ينعم بنور الإيمان واليقين فإن الله يمدك ببراهين وإشارات تزيد الإيمان رسوخا بنفسك ، واعلم أن حظك من السكينة في أوقات المحن بقدر حظك من الإيمان والثقة بوعد الله .

(هو الذي أنزل ا لسكينة في قلوب المؤمنين) أنزلها بقلوبهم ولم يقل على قلوبهم ، لتعلم أن السكينة من عند الله لايعدلها شيء فهي تتمكن من القلب كله ، اطلبها من الله وحده فهو العليم بحالك ، ولو سارت الأيام بعكس ماتشتهي فلله الحكمة الخفية .

{ولله جنود السموات والأرض} وانتبه {وجنود إبليس} أنت في الدنيا مجند لامحالة .. والسؤال نحن جند من ؟...
 
اللهم نسألك إيمانا بك راسخا لايهتز ، وشرفنا لنكون من جنودك وخدمة دينك ...
 
قد تكون صورة ‏نص‏
 
 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

image.png.4fb09628e5c42cd3ab4ac15b0cb06a87.png

 

{لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [ الفتح : ١٨ ]

 

خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة السادسة من الهجرة خرج من المدينة إلى مكة زائرًا بيت الله الحرام، معتمرًا ليس في نيته غدر ولا قتال.

 

فاغتمت قريش لذلك؛ (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ)[الفتح: 26]، وأبت قريش حين بلغها الخبر أشد الإباء أن يدخل محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن معه مكة مهما كلف الثمن!

 

وكيف تقبل ذلك؟ وما عسى العرب أن يقولوا عن قريش؟

وأيّ هيبة تبقى لهم إن تم ما أراده النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

فجرت مراسلات بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين كفار قريش.

 

وكان مما جرى أن اختار النبي -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان ذا النورين -رضي الله عنه- ليكون سفيره إلى أهل مكة.

 

وتمَّ ما أراده، وذهب عثمان -رضي الله عنه- لينظر في أمر قريش وما عساهم أن يفعلوا؟

وتأخر مجيء عثمان فجاء خبر غير صادق، وأُشيع أنه قد قُتِلَ على خلاف عادة الرُّسل الذين يكونون بين الطرفين في الجاهلية والإسلام، وأنهم لا يُقْتَلُونَ.

 

فجمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَن معه مِن المؤمنين، وكانوا نحو ألف وأربعمائة وحثهم على المبايعة على قتال قريش، وصاروا يأتون إليه تحت الشجرة فردًا فردًا فبايعوه على ما أراد -عليه الصلاة والسلام-، وأن لا يفرُّوا حتى يموتوا.

 

فما أقرّ عين النبي -صلى الله عليه وسلم- بهم!، وأكرِم بهم من صحب أوفياء، ورجال شرفاء!

 

ليس الحدث عاديًّا، ولا تلك البيعة ببيعة تساويها أيّ بيعة؛ فهي بيعة القلوب قبل الأيدي، وبيعة صدق الأفعال قبل الوعود والأقوال والله عليم شكور!

 

فماذا قال الله عن تلك البيعة؟ وأيّ خبر سطّره القرآن ليقرأه من حضر ومن بلغ! (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)[الفتح: 18]؛ إنها بيعة الرضوان اكتسب بها الصحابة سعادة الدنيا والآخرة، توجُّوا بها أنفسهم، وبيَّضُوا فيها وجوههم؛ بيعة أهل الشجرة قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لن يَلِجَ النارَ أحدٌ بايع تحت الشجرة"(رواه الترمذي، وهو حديث صحيح).

 

فما الذي أوصل هؤلاء إلى ما أوصلهم إليه؟!

إنه ما في القلوب؛ (فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ)، وإنه ليبلغ الإنسان بما في قلبه أعلى المراتب، وفي أخبار صدِّيق الأمة؛ يقول أبو بكر بن عياش -رحمه الله-: "ما سبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة، ولكن بشيءٍ وَقَرَ في قلبه".

 

أيها الإخوة بما في القلب يحل الله على عبده رضوانه (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ)، وإنه ليحصل بما في قلبه سكينة من ربه (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ)؛ فهي ساكنة بسكينة من الله، ومطمئنة بطمأنينة من ربها؛ فأمورها على ثبات وهدى، ليس فيها تشتُّت ولا هوى.

 

أنزل السكينة عليهم؛ فليس للهلع مدخلٌ لقلوبهم، ولا للجزع وجود في أقوالهم ولا أفعالهم، يُعطون ولا يمنعون، مهتدون فلا يضلون.

 

وإنه بما في قلوبهم يدركون ما فاتهم، ويؤتيهم الله خيرًا مما أخذ منهم؛ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الأنفال: 70].

 

أيها الإخوة شأن القلوب عند علام الغيوب شأن عظيم (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ)[الطارق: 9- 10].

(أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ)[العاديات: 9- 11].

 

وإن للقلب عباداتٍ هي محلُّ نظر الله -عزَّ وجلَّ-؛ "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم"؛ فعبادات القلب هي أعظم العبادات، فهي أعظم من عبادات الجوارح وأشد فرضية منها، بل ومستحب عبادات القلوب أعظم من مستحبات عبادات الجوارح.

 

وكيف لا تكون كذلك وإنما الجوارح تعمل بما تمليه القلوب؛ "فالأعمال بالنيات"، وبهذا تمحض الإيمان، وفارقوا أهل النفاق والعصيان.

 

والمسابقة والمسارعة إلى الله تكون بالقلوب قبل الأبدان.

وأعظم ما تملأ به قلبك، وهو أشرف أعماله؛ إيمان بالله، وأصله تعظيم الخالق مع المحبة له راجيًا خائفًا منه.

 

أيها الأخ المبارك: انت من موسم عظيم وشهر كريم، وقد آنستَ رقةً في قلبه، وإقبالاً على خالقك؛ فاستبقِ هذا الشعورَ، واستدِمْ أسبابَ لِين قلبك، وطواعية نفسك؛ فهي مكاسب عظيمة أحطها بما يحفظها، وهي كنوز سَفَه أن تبذلها في أدنى مناسبة وتصرفها عند أول خاطرة معصية أو داعي مخالفة.

 

وإن من أسباب دوام ذلك التعرُّف على الله بأسمائه وصفاته فالله لطيف بعباده؛ يحب التوابين ويحب المتطهرين، والله شكور حليم، ورحمته وسعت كل شيء؛ قال الله تعالى: (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)[الأعراف: 156].

 

ومن أعظم الأسباب لإصلاح القلوب: إبقاء علاقتك، والتمسك بحزبك اليومي من كتاب ربك قراءةً بترتيل وصوت مسموع؛ فـ"ما أَذِنَ الله لأحدٍ ما أَذِنَ لنبيٍّ حَسَن الصوت يتغنَّى بالقرآن"؛ يجهر به.

 

ومن ذلك سماع القرآن من غيرك؛ ففي الصحيحين عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اقرأ عليَّ القرآن" فقلت: يا رسول الله! أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: "إني أحب أن أسمعه من غيري" فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)[النساء: 41]؛ قال: "حسبك الآن" فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان"؛(متفق عليه).

 

وقد جعل الله كلماته شفاء من كل داء؛ (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)[فصلت: 44]، (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)[الإسراء: 82].

 

اللهم أصلح لنا قلوبنا...

 

عبد الرحمن بن صالح الدهش

ملتقى الخطباء

............................

 

{لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [ الفتح : ١٨ ]

إن أعظم البيعات كانت مراسمها تعقد تحت شجرة اجتمع لها بيعة وسكينة وثواب ونزل عندها نبي ، ومع ذلك لا أحد يعرف مكانها !.. فقد ذكرها الله في كتابه وهذا الشرف يكفي .

{فعلم مافي قلوبهم} من الصدق والوفاء والسمع والطاعة .. إذا علم الله صلاح نيتك ، فأبشر بالخير . القلب  إناء الفضائل الربانية فعلى قدر سلامة القلب يفتح الله كنوز الدنيا والآخرة ، وتاج ذلك رضا الله تعالى .. تفقد قلبك واعتن به قبل المضي في أعمالك والله سيعتني بباقي جوارحك .

قال شيخ الإسلام –رحمه الله-: "فإنَّ الأعمالَ تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص، وإنَّ الرجلين ليكون مقامُهما في الصف واحدًا، وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض".

هنيئا لمن شهد الله مافي قلوبهم من صدق وإخلاص ورضي عنهم ، تلك أعظم شهادة تقدير ورضا في الكون ورغم هذه الشهادة الإلهية العظيمة { تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا} هكذا يربي القرآن المؤمنين ..


قد تكون صورة ‏نص‏


 

 

 

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ○ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ } [النجم : ٢٤- ٢٥]

 

ليس المقصود من قوله تعالى : (أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى) النجم (24) ،  أن لا يسعى الانسان في تحقيق آماله وأمنياته المشروعة ،ولكن عليه أن يعمل بالأسباب ويرضى بالنتائج ، عليه أن يتوكل على الله بقلبه ، ويعمل بجوارحه ، ويحمد الله على كل حال ، واعلموا أن الإيمان بالله ، ونظرة الإنسان الإيجابية للحياة ، وتفكيره الواقعي ، وقناعاته الشخصية ، من الأسباب التي تحقق للإنسان مبتغاه ،لذا فعلينا في حالة عدم تحقق أحد الأهداف ، ألا نعجز ونتوقف ، وأن لا نقف عند هدف واحد فشلنا في تحقيقه وكأن الزمن توقف عنده ، بل علينا أن نضع هدفاً كبيراً ونقسمه إلى أهداف صغيرة ،ونسعى لتحقيقها ، فإن لم يتحقق أحدها ، سعينا لتحقيق الآخر. فالحياة كفاح مستمر ، كما يجب أن لا تكون نظرتنا ضيقة ، ونتقوقع على أنفسنا إذا فشلنا في تحقيق هدف ما ، فالفشل كما قيل هو بداية النجاح،

إذن فعلينا أن نتعلم من أخطائنا ، وأن لا نرمي تلك الأخطاء على الزمان ، أو الحظ أو الناس لنريح أنفسنا من تحمل المسؤولية ،في مقابل جعل تلك الأشياء بمثابة شماعة نعلق عليها أخطاءنا، بل إن منتهى القوة أن نعترف بأخطائنا ونستفيد من هذه الأخطاء لتفادي الوقوع فيها مستقبلاً.  كما يجب علينا في سعينا لتحقيق آمالنا وأحلامنا وأمنياتنا المشروعة الصمود كالجبال في وجه الرياح ، لا يهزها شيء ، وأن يكون إيماننا بالله قوياً، ولنعلم أن قضاء الله وقدره كائن لا محالة ، وأن فيه الخيرة سواء تحققت أهدافنا القريبة من خلاله أم لا. ولنتذكر دائما قول الله تعالى : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (216) البقرة

قول الله تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)  (2) الملك ، فليس هناك من يحصل على كل ما يتمناه و يشتهيه ، فهذا مخالف للسنن الربانية ، سنة الابتلاء ، فالله تعالى يبتلى عبده بالمنع ، كما يبتليه بالعطاء .فكم من غني حصل على كل ما تمناه من أشياء مادية ، فهو يلبس من أفخر أنواع الملابس ،و يأكل من شتى أنواع المأكولات والمشروبات ،ولكن تراه فاقد للحب ،أو فاقد للاستقرار  والطمأنينة ،أو فاقد للراحة والهناء والعيش في حياة عادية ، وكم من فقير ، محبا للجميع ،الحب يملأ المنزل ، وتراه رحيما بأبنائه ،عطوفا عليهم ،ولكن لا يستطيع توفير لقمة العيش لهم  ، فسنة الابتلاء تقتضي ألا يتحقق لك كل ما تريد ، ولكن علينا جميعا بعد الأخذ بالأسباب ، والتوكل على الله بالقلوب ، والعمل بالجوارح ، أن نرضى بحالنا مهما كانت ، وأن نقول   [ الحمد لله على كل حال ] ، فلنتعود على حمد الله على كل شيء ، في السراء والضراء ، وفي الشدة والرخاء ،  وفي المنع والعطاء  

 

ويحكى أن رجلاً  كان كبير السن له أولاد وبنات وفى يوم من الايام أصيب هذا الرجل بمرض أثر على قدرته على التبول مما أدى إلى احتباس البول بجسمه  ،فعندما شاهد أولاده ما حدث لأبيهم ،اخذوه الى الطبيب المعالج ،وقام الطبيب بالتعامل مع حالته ، واستطاع الطبيب اخراج البول المحتبس بداخلة ، وقام أبناء الرجل المسن بشكر الطبيب لأنه استطاع انقاذ والدهم   .ثم التفت الأبناء إلى والدهم المريض ،فاذا به يبكى بكاء شديداً فاستغربوا وسألوه : لماذا تبكى ..؟ ، فقال لهم : أنتم قد قمتم بشكر الطبيب على مساعدته لي ،وأنه قد قام بمساعدتي بالفعل مرة واحدة ونحن طول الثمانين عاماً يمن الله علينا من فضلة ونعمه التي وهبها لنا ولم نكن نشعر بها ولا نحسن استخدامها ولا نحسن الشكر والحمد لله . فقالوا في هذه اللحظة الحمد لله  ، بالفعل لا يشعر الانسان بكل ما يملك من النعم والفضل إلا أذا زالت من عنده ، ومن بعدها يقوم بحمد الله والثناء لله عز وجل على ما كان يملك .


الشيخ حامد ابراهيم


الوصال/ مواضيعي تحفة فنية/ فواصل قلوب

 

{ أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ○ فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ } [النجم : ٢٤- ٢٥]

 

النفس البشرية مجبولة على الأمنيات ، لكن يجب أن تكون في ما أباحه الله ، وأن تعي هذه النفس أن كثيرا منها لايتحقق .

 

الجاهل هو الذي يسعى لتحقيق أمنياته دون أن يضع توفيق الله في حساباته ... فكم من أمنيات لم نبلغها لأننا أخطأنا الطريق لتحقيقها ، فلن تتحقق لك أمنية لأنك تمنيتها .. بل لأن الله تعالى أراد لك أن تنالها ، وقد لايحققها لك لأنه يريد أن يحجب عنك مايضرك ، وقد يوهب لك مالم تطلبه وفيه كل الخير ... فوض أمرك للعليم الخبير وثق به .

 

{فلله الآخرة والأولى} الوجود كله بما فيه بين قوسين عظيمين ، الأول هو الدنيا .. والثاني هو الآخرة .. وكله لله وحده ، فماذا بقي لك أيها الإنسان لتفخر به ؟! لله سبحانه الحياة ، وما بعد الممات .. عملك الصالح فقط هو الذي يستحق السعي فيه ليصل بك إلى السعادة الأبدية ..

 

 

image.thumb.png.f34c0903ea6ab5c6016364e2637eb5f1.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×