اذهبي الى المحتوى

المشاركات التي تم ترشيحها

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36)} [النبأ]

قال السعدي في تفسيره:
{ {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا } } أي: الذين اتقوا سخط ربهم، بالتمسك بطاعته، والانكفاف عما يكرهه فلهم مفاز ومنجي، وبعد عن النار.

وفي ذلك المفاز لهم { {حَدَائِقَ} } وهي البساتين الجامعة لأصناف الأشجار الزاهية، في الثمار التي تتفجر بين خلالها الأنهار، وخص الأعناب لشرفها وكثرتها في تلك الحدائق.
ولهم فيها زوجات على مطالب النفوس { {كَوَاعِبَ} } وهي: النواهد اللاتي لم تتكسر ثديهن من شبابهن، وقوتهن ونضارتهن .
{ {والأَتْرَاب } } اللاتي على سن واحد متقارب، ومن عادة الأتراب أن يكن متآلفات متعاشرات، وذلك السن الذي هن فيه ثلاث وثلاثون سنة، في أعدل سن الشباب .
{ {وَكَأْسًا دِهَاقًا} } أي: مملوءة من رحيق، لذة للشاربين، { {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا } } أي: كلاما لا فائدة فيه { { وَلَا كِذَّابًا } } أي: إثما. كما قال تعالى: { { لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} } وإنما أعطاهم الله هذا الثواب الجزيل [من فضله وإحسانه].
{ {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ} } لهم { {عَطَاءً حِسَابًا} } أي: بسبب أعمالهم التي وفقهم الله لها، وجعلها ثمنا لجنته ونعيمها
.

282175917_1052217198714434_4558768341716






{ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا }[النبأ :31]

هناك تجارة.. تجارة رابحة ، لن تخسر فيها مطلقا ، ماتبذله تجنيه أضعافا مضاعفة ، لأنك تتعامل بها مع الله تعالى.

من نعيم الجنة {لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّٰبًا} سماع اللغو الذي لافائدة منه عذاب تنزه منه أهل الجنة ، ذلك الكلام الذي يؤذي نفسية الإنسان ، ويكدر الخاطر ، ويضيق الصدر لن تسمعه ، لن تسمع إلا مايسرك ، ولن ترى إلا مايسعدك .

كلنا لنا جلسات واجتماعات ، فإذا طهرناها من الفحش والغيبة والنميمة والكذب عشنا في نعيم يؤدي إلى نعيم الجنة.

{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} وعد الله المتقين بالرحمة والعطاء والجنات مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر {جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا}
اللهم نعيما كهذا ...
وقال سبحانه في الكافرين {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا} عندما يسوء الإعتقاد ، تسوء الأعمال... راجع معتقداتك!!...
تذكر وقوفك بين يدي الله ، خوفك من الحساب يعينك على تجنب أهوال يوم القيامة...
وما نزلت في أهل النار آية أشد من {فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} فهم في مزيد من عذاب الله أبدا...
اللهم سلم سلم

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
(وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) [سبأ:18-19].

إن مواطن الضعف في طبيعة الإنسان أن إذا استمرت به الحال واحدة من النعمة والراحة والخير: يملّلها ويسأمها – رغم ما تحمل من لذة وراحة ورفاهية- ويريد التغيير والتبديل مهما كلفه من ثمن باهظ وجرّ إليه من البلاء والمحن. هذا هو الحال الذي أشار إليه القرآن الكريم بلفظة: (بطرت) في قوله تعالى: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا) [القصص:58].

وهذه هي قصة سبأ التي أنعم الله عليها بكل الخيرات وعبّد طرقها وملأها أمناً وراحة: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ) فكفروا بهذه النعمة ولم يقدروها حق قدرها: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) [سبأ:19].
ليس هذا من السفر في شيء ! نخرج ونأكل ونشرب ، ونتحدث وإذا بنا نصل إلى منزلنا ، بل لابد أن يكون السفر طويلاً وفيه من التعب والمشقة ما فيه، فكما أن سلب الله تعالى منهم نعمهم وخيراتهم وجعلهم أحاديث ومزّقهم كل ممزق. قال تعالى: (فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [سبأ:19].



أنواع البطر:

 

للبطر أنواع عديدة أهمّها:
1- بطر الغنى.
2-بطر الملك.
وكلاهما ممّا يجب التّحرّز منه، قال تعالى في النّوع الأوّل: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى} (العلق/ 6- 7). وقال في النّوع الثّاني في حقّ فرعون: { فَحَشَرَ فَنادى * فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى} (النازعات/ 23- 24).ويمكن أن يضاف إلى ذلك:
3- بطر المنصب والوظيفة.
4-بطر الجاه والمكانة الاجتماعيّة.
وكلاهما يمكن حمله على النّوعين الأوّلين.(نضرة النعيم)


عاقبة البطر


 

إن البطر من أعظم أسباب الهلاك والدمار وتبدل النعم وزوالها، وقد حذر الله تعالى عباده من هذا المصير المشابه لمصائر أمم بطرت ولم تشكر فقال: { وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ }(القصص: 58). يقول الإمام ابن كثير رحمه الله: يقول اللّه تعالى معرّضا بأهل مكّة في قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها } أي طغت وأشرت وكفرت نعمة اللّه فيما أنعم به عليهم من الأرزاق، كما قال في الآية الأخرى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ إلى قوله تعالى فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ }(النحل/ 112- 113)، ولهذا قال تعالى: {فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا}، أي دثرت ديارهم فلا ترى إلّا مساكنهم، وقوله تعالى:
{وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ }أي رجعت خرابا ليس فيها أحد.

كما ذكر الله تعالى قصة قوم سبأ لتكون آية للناس وعبرة،{ لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} (سبأ:15) جنة عن يمين وجنة عن شمال كلوا واشربوا من هذه النِعم، بلدة طيبة معطاءة، ورب غفور يغفر الخطايا، استغفروا وكلوا وتمتعوا، فماذا كانت النتيجة؟ أعرضوا! وهذا الإعراض هو الذي دمر الأمم، فماذا كان من تلك الجنات؟ وأين ذهبت؟ {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ. ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} (سبأ16-17).
لقد وهبهم الله من النعم الشيء الكثير حتى جعل بين قراهم والقرى الأخرى التي يسافرون إليها قرى يستريحون فيها ويأخذون منها احتياجاتهم لكنهم ملوا النعمة وبطروا فقالوا: { رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ }(سـبأ: من الآية19)

فماذا كانت العاقبة؟
لم يبق منهم إلا أحاديث يتحدث بها الناس وأمثلة تضرب لمن طغوا وبطروا معايشهم: { فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}(سـبأ: من الآية19).
هذا كله في الدنيا اما في الآخرة فيبقى الوزر والسؤال بين يدي الله تعالى، وتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: " إنّ اللّه لا ينظر إلى من يجرّ إزاره بطرا"(البخاري ومسلم واللفظ له).

وحين تكلم النبي صلى اله عليه وسلم عن الخيل قال: " الخيل ثلاثة: فهي لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر. فأمّا الّتي هي له أجر، فالرّجل يتّخذها في سبيل اللّه ويعدّها له، فلا تغيّب شيئا في بطونها إلّا كتب اللّه له أجرا، ولو رعاها في مرج، ما أكلت من شيء إلّا كتب اللّه له بها أجرا، ولو سقاها من نهر كان له بكلّ قطرة تغيّبها في بطونها أجر، ولو استنّت شرفا أو شرفين كتب له بكلّ خطوة تخطوها أجر. وأمّا الّذي هي له ستر فالرّجل يتّخذها تكرّما وتجمّلا ولا ينسى حقّ ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها. وأمّا الّذي عليه وزر فالّذي يتّخذها أشرا وبطرا وبذخا ورياء النّاس، فذاك الّذي هي عليه وزر..."الحديث(البخاري ومسلم واللفظ له).
فليحذر العبد من البطر فإنه من فخاخ الشيطان التي يوقع بها ابن آدم في الهلاك، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة، وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين.



اسلام ويب


التحذير من البطر – الجزء الأول - بيت عطاء الخير الاسلامي


 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ○ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الدخان : ٥١ - ٥٢]

صفات المتقين

المتّقون لهم صفات وأعمال نالوا بها السعادة في الدنيا والآخرة، ومن هذه الصفات ما يأتي:

قال الله تعالى بعد أن بيَّن أن الشهوات زُيَّنت للناس: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 15، 17]، وقد ظهرت أعمال مباركة، وصفات كريمة من

صفات المتقين في هذه الآيات الثلاث.

وهي:

1- التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به.

2- طلَبُ المغفرة من الله تعالى.

3- طلبهم من الله تعالى الوقاية من عذاب النار.

4- الصبر على طاعة الله وعن محارم الله، وعلى أقدار الله المؤلمة.

5- الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال.

6- القنوت الذي هو دوام الطاعة مع الخشوع.

7- الإنفاق في سبيل الخيرات على الفقراء وأهل الحاجات.

8- الاستغفار، خصوصًا وقت الأسحار؛ لأنهم مدُّوا الصلاة إلى وقت السحر، فجلسوا يستغفرون الله تعالى (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي)

 

فهؤلاء لهم أصناف الخيرات والنعيم المقيم، ولهم رِضوان الله، الذي هو أكبر من كل شيء، ولهم الأزواج المطهَّرة من كل آفة ونقص: جميلات الأخلاق، كاملات الخلائق (جامع البيان عن تأويل آي القرآن؛ لابن جرير الطبري، 6/259- 267، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص103.

 

قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136]، في هذه الآيات أعمال عظيمة وصفات كريمة لأهل التقوى، ذكرها الله بعد أن أمرهم بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنّته التي أعدّها للمتقين.

 


وهذه الصفات على النحو الآتي:

1- الإنفاق: في العسر واليسر، والشدة والرخاء، والمنشَط والمكرَه، والصحة والمرض.

2- كظْم الغيظ وعدم إظهاره، والصبر على مقابلة المسيء إليهم، فلا ينتقمون منه.

3- العفو عن كل من أساء إليهم بقول أو فعل.

4- ذكر الله وما توعَّد به العاصين، ووعَد به المتقين، فيسألونه المغفرة لذنوبهم.

5- المبادرة للتوبة والاستغفار عند عمل السيئات الكبيرة والصغيرة.

6- عدم الإصرار على الذنوب والاستمرار عليها؛ بل تابوا عن قريب.

 

ثم بيّن الله تعالى جزاءهم على عمَل هذه الصفات: مغفرة من ربهم وجنات فيها من النعيم المقيم ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا خطَر على قلب بشر ( تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 1/384، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص116.
 

ومن صفات المتقونما يأتي:

 قال الله - تعالى -: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 1 - 5] ، ففي هذه الآيات مجموعةٌ مباركة من صفات المتقين، وهي:

1- الإيمان بالغيب.

2- إقام الصلاة.

3- الإنفاق الواجب والمُستحَب في جميع طرُق الخير.

4- الإيمان بالقرآن والكتُب المُنزَّلة السابقة.

5- الإيقان والإيمان الكامل بالآخِرة، واليَقين هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك.

 

ومَن عَمِل بهذه الصفات، كان على الهدى العظيم، وكان مِن المُفلِحين الفائزين في الدنيا والآخِرة.

 

و قال الله - تعالى -: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، ففي هذه الآية العظيمة بيَّن الله - تعالى - كثيرًا مِن أعمال المتَّقين، وصفاتهم الكريمة العظيمة، وهي:

1- الإيمان بالله - تعالى.

2- الإيمان باليوم الآخِر.

3- الإيمان بالملائكة.

4- الإيمان بالكتُب التي أنزل اللهُ - تعالى.

5- الإيمان بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام.

6- إعطاء المال للأقرباء، واليتامى، والمساكين، والمسافرين، والسائلين، وإعتاق الرقاب.

7- إقام الصلاة.

8- إيتاء الزكاة.

9- الوفاء بالعهد.

10- الصبر في الفقر، والمرض، ووقت قتال الأعداء.

11- الصدق في الأقوال، والأفعال، والأحوال.

 

شبكة الالوكة
 

 
لا يتوفر وصف للصورة.

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ○ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الدخان : ٥١ - ٥٢
الأمان من الآفات والأحزان لأولئك الذين اتقوا الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه
 
عندما أكرموا أنفسهم بالطاعة ، أكرمهم الله في مقام تسعد به نفوسهم لا أحزان فيه ولا هموم ، إنهم آمنون لايخافون الموت.. إذ ليست الدنيا دار أمان ، بل الجنة هي دار الأمان ، ودار أهل الإيمان.

"وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ" "فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ" ذكرت (العيون) بالقرآن في ١٠ مواضع وكلها في معني عيون الماء.. أما أداة البصر (العين) فتجمع على (أعين "(سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ" "يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ"/ عادل صالح السليم
 
ألم نقرأ {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} ؟! ألم تشجعك هذه الآية لتستمر في إحسانك؟
ألا تقيك بأس المخاوف التي تطاردك؟ بلى والله.. ولايتة تكفيك وتغنيك ...


حصاد التدبر
 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  {فَأمّا مَن أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ○ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِسابًا يَسِيرًا ○ ويَنْقَلِبُ إلى أهْلِهِ مَسْرُورًا} [الإنشقاق:٧ و ٨ و ٩]

وله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 19] يخبر تعالى عن سعادة من يؤتى كتابه بيمينه وفرحه بذلك، وأنه من شدة فرحه يقول لكل من لقيه ﴿ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴾؛ لأنه يعلم أن الذي فيه خير وحسنات محضة راجحة، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أنه سُئل عن النجوى، فقال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [هود: 18]"



النجاح الحقيقي هو أن تكون في آخر الأمر مسرورا ، أن تعرض عليك أعمالك دون نقاش ، صلاح النيات يخفف حساب الأعمال

من حاسب نفسه في الدنيا حسابا عسيرا ، كان حسابه يوم القيامة يسيرا .. ينظر الله تعالى في صحيفته فيغفر سيئاته ويقبل حسناته ولايطول وقوفه...

ومن حاسب نفسه في الدنيا حسابا يسيرا ، كان حسابه يوم القيامة عسيرا... قال عمر رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم من الحساب غدا.


هنيئا لمن يستلم كتابه بيمينه ويعود تغمره الفرحة قائلا انظروا كتابي ، لقد فزت بالجنة . والبؤس والخذلان للذي لم يتم رجوعه بعد الحساب ، لأنه كما جعل كتاب الله وراء ظهره في الدنيا ، فقد جعل الله كتاب أعماله وراء ظهره في الآخرة خزيا وعارا وندامة...

سرور الدنيا زائل فلا تجعله يشغلك عن السعادة الحقيقية الدائمه في الآخره... ابحث عن الإيمان وتمسك به تنجو....



image.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } [الانشقاق: ١٩].

المقسم عليه قوله: { لَتَرْكَبُنَّ } [أي:] أيها الناس { طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } أي: أطوارا متعددة وأحوالا متباينة، من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى نفخ الروح، ثم يكون وليدًا وطفلًا، ثم مميزًا، ثم يجري عليه قلم التكليف، والأمر والنهي، ثم يموت بعد ذلك، ثم يبعث ويجازى بأعماله، فهذه الطبقات المختلفة الجارية على العبد، دالة على أن الله وحده هو المعبود، الموحد، المدبر لعباده بحكمته ورحمته، وأن العبد فقير عاجز، تحت تدبير العزيز الرحيم.(تفسير االسعدي)
وقال مقاتل : يعني الموت ثم الحياة [ ثم الموت ثم الحياة ] .
وقال عطاء : مرة فقيرا ومرة غنيا . وقال عمرو بن دينار عن ابن عباس : يعني الشدائد وأهوال الموت ، ثم البعث ثم العرض . وقال عكرمة : حالا بعد حال ، رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ . وقال أبو عبيدة : لتركبن سنن من كان قبلكم وأحوالهم .




{ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } [الانشقاق: ١٩].

يتقلب الانسان في الدنيا من حال إلى حال ، والموفق من لايسقط ، فليس في الدنيا استقرار

{فلا أقسم بالشفق○ والليل وما وسق ○ والقمر إذا اتسق} يقسم الله تعالى مؤكدا أن الدنيا دار فناء ليأتي جواب القسم {لتركبن طبقا عن طبق} ليقابلكن يامعشر البشر أهوالا وشدائد في الآخرة ، هي طبقات في الشدة والفظاعة ، بعضها أشد من بعض ، والعجيب أن أكثر الناس غافلون عما ينتظرهم من الأهوال ، أيعقل أن نقرأ كل يوم {لتركبن طبقا عن طبق} ونبقى غارقون في فتن الدنيا؟!!! ألهذا الحد هان علينا أمر الله ، و هانت علينا أنفسنا؟!!

إذا رأيت التحولات تجري عليك بغير اختيارك فاعلم أن التدبير بيد غيرك ... احذر أن تأخذك الفتن حال الرخاء فتتعثر وتهوي بك إلى القاع ، لن تجد أملا للنجاة إلا بطاعة الله ، ولا تيأس حال الشدة ، اصبر واحتسب بقين المؤمن أن بعد العسر يسرا . يوم الحساب آت آت و لامفر منه ، وسيجازي الله تعالى كل عامل بما عمل {ياأيها الانسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه} فلنعد العدة للقاء الله ، ولننظر بماذا سنقابله.

حصاد التدبر


لا يتوفر وصف للصورة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
(قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)

الخشية المحمودة شرعا : هي الشعور بالتقصير ،والاعتراف بالذنب ،والندم الموجب للكف عن ركوب المحرمات ،وتغيير الحال إلى الأحسن ،والمبادرة بالتوبة ،وعمل الصالحات ، لتكفير السيئات ، ففي سنن الترمذي بسند حسن أن (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-« مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ».  أما الخشية التي تقعد العبد عن العمل ،وتوصله للإحباط ،وسوء الظن بالله ،فهي مذمومة شرعا ،وليست من العبادة ، وهي دليل على خور وضعف في البصيرة ،ويجب على المؤمن إذا ابتلي بذلك ، أن يتخلص منه ،ويسعى في توظيف الخشية في غرضها الصحيح. كما ينبغي على العبد أن لا يقتصر في عبادته لربه على مقام الخوف ،لأن ذلك يوجب له اليأس ،والقنوط ، وسوء الظن بالرب ،وهذا هو مسلك الفئات الضالة، وقد ذم السلف ذلك ، بل على العبد أن يقرن الخوف بالرجاء ،ويوازن بينهما ،ويغلب أحدهما على الآخر إذا اقتضى الحال   ، فالمؤمنون يخافون الله في الدنيا ويخشون عذابه ، كما قال الله تعالى: (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) (26) ،(27) الطور ، أما الكفار والمنافقون فيأمنون عذاب الله في الدنيا ،ويفرحون ويمرحون بملذاتها، ولا يحسبون ليوم الحساب حسابا ،ولا يقيمون له وزنا. قال الحسن البصري: (إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة وإن المنافق جمع إساءة وأمنا).

وقد يسأل سائل : إذا كان العبد مستقيماً فمن أي شيء يخاف؟  والجواب : العبد وإن كان مستقيما فلا يفارق الخوف والخشية من الله قلبه، فخوفه يكون من سوء العاقبة ، لقول الله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (24) ،(25) الانفال ، والمؤمن المستقيم يخاف كذلك من نقصان الدرجة. وأما إن كان العبد مائلاً ، ومنحرفاً ، وعاصياً ،فخوفه من سوء فعله ،وينفعه ذلك مع الندم والإقلاع ، فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية ،والتصديق بالوعيد ،أو أن يحرم التوبة،  فالخوف من الله واجب، وهو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب

أما عن ثمرات الخوف من الله : ففي الدنيا : فهو من أسباب التمكين في الأرض، وزيادة الإيمان والطمأنينة لأنك إذا حصل لك الموعود وثقت أكثر ، قال الله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) (13) ،(14) إبراهيم ، إذاً فالخوف من الله يؤدي إلى التمكين في الأرض ،والانتصار على الأعداء ،وأن يهلك الله عدوهم ،ويخزيهم ،ويورث المؤمنين أرضهم وديارهم. ومن ثمرات الخوف من الله وخشيته أيضا : أنه يبعث على العمل الصالح والإخلاص فيه وعدم طلب المقابل في الدنيا فلا ينقص الأجر في الآخرة ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) (9) ،(10) الانسان وقال الله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (36) ،(37)  النور ، أي قلوبهم تضطرب وتتقلب ، وهذا هو الذي دفعهم للعمل ، يريدون النجاة ، ويحذرون الهلاك ، ويخافون أن يأتوا وكتبهم بشمالهم.          

وأما عن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : فالخوف من الله يجعل الإنسان في ظل العرش يوم القيامة،  كما جاء ذلك في الحديث الذي رواه البخاري مسلم : (  وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ،) ،فظاهر الحديث أنه يقولها بلسانه ،ليزجر المرأة عن فعلها ،وليذكر نفسه ،ويصر على موقفه ، ومن ثمرات الخوف من الله في الدار الآخرة : أنه من أسباب المغفرة، وشاهد ذلك ما رواه البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – « أَنَّ رَجُلاً كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالاً فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ . قَالَ فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ . فَفَعَلُوا ، فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ مَا حَمَلَكَ قَالَ مَخَافَتُكَ . فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ » ، فهذا الرجل عذره الله بجهله ،وشفع له خوفه من ربه ، وإلا فالذي ينكر البعث كافر. ومن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : أنه يؤدي إلى الجنة ففي سنن الترمذي : ( أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ». أي أن الذي يخاف من إغارة العدو وقت السحر يسير من أول الليل(أدلج) فبلغ المنزل والمأمن والمطلب، وهذا مثل ضربه الرسول صلى الله عليه وسلم لسالك الآخرة ، فإن الشيطان على طريقه ، والنفس الأمارة بالسوء والأماني الكاذبة وأعوان إبليس ، فإن تيقظ في مسيره وأخلص النية في عمله أمن من الشيطان وكيده ،ومن قطع الطريق عليه، وهذه سلعة الله التي من دخلها كان من الآمنين. ومن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : أنه يرفع الخوف عن الخائف يوم القيامة:  ففي صحيح ابن حبان : (عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه جل وعلا قال : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة ،وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة) ، ومن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : أنه سبب للنجاة من كل سوء، ففي معجم الطبراني(عن انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع واعجاب المرء بنفسه من الخيلاء وثلاث منجيات العدل في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفاقة ومخافة الله في السر والعلانية) ، ومن ثمرات الخوف من الله في الآخرة : أن يصبح الإنسان ممدوحاً مثني عليه ، ومنعما في دار النعيم ، قال الله تعالى : (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (15) :(17) السجدة

من خطبة للشيخ حامد ابراهيم


لا يتوفر وصف للصورة.


{... إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ° ○ قُل لَّوْ شَاء اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [يونس:١٥-١٦]

{...إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ ربي...} قلها لقلبك حين يضعف ، ولنفسك حين يغلبها الهوى ، وحين تراودك خواطر السوء .

استشعرت ألما حين خطر ببالي أن تكون حياتنا خالية من القرآن . تخيل معي الحياة دون القرآن!!!
لابد إنه تخيل مؤلم ، محزن ، يغشاه الظلام والضياع .

ماكان للتعب والحزن واليأس أن يدخل حياتنا إلا لبعدنا عن كتاب الله {إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} ألا ترى في هذه الآية الكريمه شكوى رسول الله صلى الله عليه وسلم من هجرنا للقرآن؟!! والقرآن هو الهداية والنور والطريق المستقيم الذي يصل بك إلى جنات النعيم ، فهل يعقل أن نهجره ونستهين بأوامره ونواهيه؟! ألم نقرأ {ففروا إلى الله}؟!
افتح قلبك للقرآن قبل سمعك ، واجعل لك وردا يوميا ، واقرأ وارتق

سبحان من جعل القرآن العظيم لقلوب المؤمنين راحة وسكينة ، طمأنينة وربيع ، ولصدورهم نور وانشراح ، ولحياتهم تنظيم وترتيب وفلاح...
اللهم لك الحمد على نعمة القرآن .


 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [ابراهيم : ٢٧]


روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا).

إنه إرشاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمبادرة للأعمال الصالحة .. فإنه يأتي على الناس زمان تغشاهم فيه الفتن .. وتتكالب عليهم حتى تصبح كالليل المظلم .. الذي يحجب عنهم نور الإيمان واليقين .. يتقلب الواحد منهم بين الإيمان والكفر والفسق .. لعَرَض من الدنيا قليل.

يبيع دينه.. لشهوة عابرة .. أو منصب موعود .. أو مال زائل .. يبيع دينه لأجل كلام الناس .. أو إرضاء زوجة وأولاد بما يغضب الله .. يبيع دينه بعَرَض من الدنيا قليل.

إن طريق الحق والدين طريق صعب وشاق .. مليء بالعقبات والحُفر .. لكن عاقبته الراحة الأبدية في الجنة بإذن الله .. فالراحة لا تنال بالراحة .. ومعالي الأمور لا تنال بالفتور .. ومن جد وجد, ومن زرع حصد.

يا سلعة الرحمن لست رخيصةً *** بل أنت غالية على الكسلانِ

أيها الإخوة .. الفتن من حولنا تعصف بالقلوب عصفًا .. والقلب متقلب كما اسمه, روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّما سُمِّيَ القلبَ من تَقَلُّبِه، إِنَّما مَثلُ القلبِ مَثَلُ رِيشَةٍ بالفلاةِ، تَعَلَّقَتْ في أصْلِ شجرةٍ، يُقَلِّبُها الرّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ).

إنه لا نجاة لهذا القلب في هذا الزمان الذي تطارده فيه فتن الشبهات والشهوات في كل مكان .. لا نجاة لهذا القلب إلا بالثبات على دين الله تعالى .. فياعباد الله اثبتوا.

اثبتوا .. وابحثوا عن أسباب الثبات على دين الله تعالى .. والزموها تفلحوا بإذن الله ..



من أعظم أسباب الثبات الإقبال على كتاب الله تعالى .. قراءة وحفظًا.. وتدبرًا وفهمًا.. واسمع إلى هذا الخطاب الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}.

القرآن هو منهج الحياة .. جعله الله تعالى نبراسًا ينير الطريق .. وعلاجًا للمشكلات .. فمن أخذ به ولزمه نجى وأفلح .. ومن أعرض عنه فقد بين الله تعالى مصيره: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}.


ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى كثرة دعائه سبحانه وسؤالِه الثبات, فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء فيقول: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)، وأهل الإيمان يقولون: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}, فاللهم إنا نسألك الثبات على دينك حتى نلقاك.

ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى التزام الأعمال الصالحة والإكثار منها, قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء}, قال قتادة رحمه الله: "أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، وفي الآخرة في القبر".

إذا أطلت الفتنة برأسها.. وادْلَهَمَّ الخطب .. فهل نتوقع ثباتاً من الكُسالى القاعدين عن الأعمال الصالحة؟!

ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يثابر على الأعمال الصالحة، وكان أحبُّ العمل إليه أدومَه وإن قل. وكان هو وأصحابُه رضي الله عنهم إذا عملوا عملاً أثبتوه.


ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى: الدعوة إلى الله تعالى.فيدعو الإنسان إلى دين الله بما يَعلَمُه من أمور الحلال والحرام, فقد روى البخاري من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية).


ومن أسباب الثبات على دين الله تعالى: لزومُ الصحبة الصالحة, فهي والله من أعظم الأسباب المثبتة على دين الله, واسمع لوصية الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.

نعم .. المرء يتأثر بمن حوله, روى أبو داوود في سننه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ).

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينِه *** فكل قرينٍ بالمقارَن يقتدي



و من أعظم أسباب الثبات اجتناب الذنوب والمعاصي ..فالمعاصي تقبل على الإنسان متزينة .. تأتيه صغارها.. ثم الأكبر منها .. فيتدرجُ فيها .. حتى يقع في الكبار وهو لا يشعر ..{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

ألا وإن من أعظم عواقب المعاصي والآثام فقدانُ حلاوة الإيمان ..

قيل لوهيب رحمه الله: يجد طعم العبادة من يعصي؟ قال: ولا من يهم بالمعصية.

وكتب أبو الدرداء رضي الله عنه إلى مسلمة بن مخلد رحمه الله:" أما بعد, فإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله, فإذا أبغضه الله بَغَّضَه إلى عباده".

وروي عن سليمان التيمي رحمه الله أنه قال: "إن الرجل ليذنب الذنب فيصبحُ وعليه مذلته".

وقال عمر بن أبي ذر رحمه الله: "يا أهل معاصي الله, لا تغتروا بطول حِلم الله عنكم, واحذروا أسفه, فإنه قال: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ}".

أيها الإخوة .. إن من أصعب اللحظات في العمر ــ ولا شك ــ لحظة الانتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة, لحظة الموت, وفراق الروحِ الجسد.

وإن من أراد الثبات في تلك اللحظة فليعمل من الآن لأجلها.



{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}.

قال ابن الفضل القطان رحمه الله: حضرت النَقَّاشَ وهو يجود بنفسه في ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة, فنادى بأعلى صوته: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}, يرددها ثلاثاً, ثم خرجت نفسه رحمه الله.

وقال ابن سُكينة رحمه الله: كنت حاضرًا لما احتُضر إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري رحمه الله, فقالت له أمي: يا سيدي, ما تجد؟ فما قدر على النطق, فكتب على يدها: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} ثم مات.

فيا من أراد الثبات غدًا في مثل هذا الموقف .. اثبت اليوم على دين الله .. فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.




{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [ابراهيم : ٢٧]

(لا إله إلا الله محمد رسول الله) اغرسها في أعماق روحك ، اثبت عليها ليثبتك الله عند السؤال.

عمرك محدود لن يزيد ولن ينقص لكن نهايته معلومة لله، فنحن في الدنيا في إمتحان، وفي أي قد يتم سحب ورقتك منك، وينتهي الوقت الذي خصصه الله لك، فضلا ركز في ورقتك وأترك ورقة غيرك، هل أنت ستنجح في هذا الإمتحان أم ستفشل!!

من أهم واجبات الوقت التي ينبغي تعاهدها هو سؤال الله الثبات على الدين في زمن كثرت فيه الفتن والتقلبات ، فالعبد لايستغني عن تثبيت الله له طرفة عين ، فإن لم يثبته زال الإيمان من أعماق قلبه ، والثبات على الحق يا أعزاء ليست ضرورة دنيوية فقط ، بل حتى في القبر.. تأمل الآية : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخره} الثبات من الله.. اللهم ثبتنا على الحق .

أعظم عقوبة تقع بالانسان سلب الهداية والتوفيق والرشاد منه ، فيصبح أشبه بالأعمى يتخبط الطريق. اللهم سلم... والخاتمة الحسنة لاتقع إلا لمن كانت سريرته حسنة ، لأن لحظة الموت لايمكن تصنّعها فلا يخرج حينئذ إلا مكنون القلب ...

لاتتسخط ، لاتتذمر ، لاتعارض ، بل سلم بقضاء ربك سواء وافق هواك أم لم يوافق ، فلله الحكمة بكل أمره ولا معقب لحكمه


المصدر ملتقى الخطباء وحصاد التدبر



289519617_1070893940180093_6458370475727


 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ  } [ابراهيم:٣٥]

رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ([1]).


هذه من دعوات أبينا إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – تحمل في طياتها من جليل المعنى، وعظيم المقصد والمطلب في التوسل إلى اللَّه تعالى في الوقاية من أدران الشرك بأنواعه .


((أي واذكر إبراهيم عليه السلام في هذه الحالة الجميلة ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾: أي الحرم آمناً، فاستجاب اللَّه دعاءه شرعاً وقدراً، فحرّمه اللَّه تعالى في الشرع، ويسّر من أسباب حرمته قدراً ما هو معلوم، حتى إنه لم يُرده ظالم بسوء إلا قصمه اللَّه تعالى، كما فعل بأصحاب الفيل وغيرهم))([2]) .

ومن خواص هذا المكان المبارك الطيّب الطاهر أنه من أراد به مجرد الإرادة بالسوء والشرّ، فإنّ اللَّه تعالى يذيقه من العذاب الشديد، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾([3]).

وعن عبد اللَّه بن مسعود رضى الله عنه في قول اللَّه عز وجل ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ قال: لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَمَّ فِيهِ بِإِلْحَادٍ وَهُوَ بِعَدَنِ أَبْيَنَ لَأَذَاقَهُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا))([4]) .

ولما دعا للبلد الحرام بالأمن، دعا لنفسه ولبنيه بالأمن كذلك، فقال: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ﴾: أي وأبعدني وبنيّ جانباً بعيداً عن عبادتها، ((وكان إبراهيم التيمي يقول: من يأمن البلاء بعد الخليل حين يقول: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) كما عبدها أبي وأمي))([5]) .

فسأل اللَّه تعالى الثبات على التوحيد الصافي النقي، من كل أدران شرك، وكل شائبة تقدح فيه، له ولذريته، بكل شفقة وخوف ورجاء.

قال ابن كثير رحمه اللَّه: ((ينبغي لكل داع أن يدعو لنفسه ولوالديه ولذريته))([6]) .

فقد تضمّن سؤاله عليه السلام الأمان وما يضادّه من سلب الإيمان .

وهذا الدعاء، وإن كان في القرون الغابرة، فمازال سارياً في عبادة الأصنام إلى يومنا هذا، بل وفي بعض البلاد، التي تنسب إلى الإسلام، ويدخل في هذا الدعاء، كل من عُبد دون اللَّه تبارك وتعالى، من حجر، أو شجر، أو بشر؛ فلذلك كانت هذه الدعوة في غاية الأهمية في كل زمان، ومكان، وتُتلى في الكتاب الحكيم المعجز إلى قيام الساعة، وهذا من أوجه إعجازه. ثم ذكر الموجب لخوفه منها، وعلى بنيه لكثرة من افتتن وابتلي بعبادتها من البشر: ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ وهذا يدل على شدة شفقته على ذريته في مجانبتها، وأن ذلك شغله الشاغل، وهمّه الأكبر، وهذا يدلّنا على أهمية العناية بمسائل التوحيد، وما يضادّه من الشرك والكفر، وأنَّ أصفياء اللَّه تعالى وأنبياءه؛ بل وخليله، يلوذون به تعالى في وقايتهم من الشرك بأنواعه وأشكاله، فيا ليت الدعاة يعتنون بهذا الأمر العظيم في تبليغه للناس، وكذلك كل من له ولاية عامة أو خاصة، ومن ذلك تعليم الوالدين لأبنائهم عظم هذه الأمور.

الفوائد:

1- ينبغي لكل مسلم الإكثار من هذه الدعوة العظيمة؛ لاشتمالها في الاستعاذة من أعظم الذنوب، وأخطر الشرور وهو (الشرك).

2- ينبغي للداعي أن يبثّ إلى ربه تعالى الشكوى مما يخافه ويخشاه، وأن هذه سنة الأنبياء في الدعاء، كما في قول يعقوب عليه السلام ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّه﴾([7]).

3- ينبغي مجانبة كل الأسباب والأحوال التي تُضلّ العباد عن دينهم ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾ .

4- ينبغي لكل أحد أن لا يأمن على نفسه وذريته من عظام الذنوب، مهما كان في عبادة وطاعة .

5- أهمية مسائل التوحيد والعقيدة، وأنه ينبغي للمؤمن الاعتناء بها، ومن جملة ذلك الدعاء .

 

 

 


([1]) سورة إبراهيم، الآية: 35.
([2]) الفوائد، ص 201.
([3]) سورة الحج، الآية: 25.
([4]) مسند الإمام أحمد، 7/ 340، برقم 4316، المستدرك، 2/ 388، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وقوّى الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة، 14/ 159روايته موقوفاً، وضعف الرواية المرفوعة.
([5]) تفسير القرطبي، 5/ 333.
([6]) تفسير ابن كثير، 2/ 729.
([7]) سورة يوسف، الآية: 86.



الكلم الطيب

289638090_1070894200180067_4563497472284


{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ  } [ابراهيم:٣٥]

إمام التوحيد يخشى على نفسه وذريته زيغ العقيدة!!
هي إشارة أن لا أحد يغتر بصلاحه ، فالحافظ والمثبت هو الله.


إبراهيم عليه السلام الذي حطم الأصنام لايأمن على نفسه الفتنة فكان يدعو {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} فكيف نأمن الفتنة على أنفسنا؟!..
وتأمل

{رب اجعل هذا البلد آمنا}
قدم الأمن على طلب الرزق لأنه لايهنأ عيش بلا أمان.
اللهم أدم على بلادنا الأمن والأمان .


تأملوا الآية الكريمة {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم}
لم يقل ومن عصاني فإنك شديد العقاب فانتقم منهم ، بل طلب لهم المغفرة!!!
إي رحمة هذه التي ملأت قلوب الرسل؟!..
إنها قلوب أرسلت هداية ورحمة للعباد ،
ولما قرأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : {ومن عصاني فإنك غفور رحيم} و {وإن تعذبهم فإنهم عبادك} رفع يديه وبكى
وقال : (اللهم أمتي أمتي)
صلوا عليه وسلموا...




حصاد التدبر
تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أيها المسلمون، عباد الله؛ يقول الله تعالى: ﴿ رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ﴾ [غافر: 15].

 

 

يوم التلاق: اسم من أسماء يوم القيامة، والعرب في لغتهم يعددون الأسماء للأشياء العظيمة.

 

︎فهو يوم الفصل، ويوم الدين، والبعث، والخروج، والحسرة، والخلود، والحساب، والجمع، والآزفة، والتغابن، والتنادِ، والوعيد، واليوم الآخر.

 

وسُمِّيَ يوم التلاق كما ذكر أهل العلم والتفسير:

لأنه يلتقي فيه الخالق والمخلوق، والعابدون مع معبوداتهم.

 

يلتقي فيه آدم عليه السلام مع ذريته، والأنبياء مع أممهم.

 

يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض، والأولون والآخرون؛ فترى الملائكة الذين آمنتَ بهم إيمانًا غيبيًّا وتلتقي بهم.

 

يلتقي فيه الظالم والمظلوم، والقاتل والمقتول، ويلتقي فيه الخصماء.

 

يلتقي فيه العامل مع عمله من خير أو شر، ويلقى كل إنسان جزاء عمله.

 

يلتقي فيه أهل الجنة بعضهم بعضًا، وأهل النار بعضهم بعضًا.

 

فهيا بنا مع مشاهد من ذلك اليوم العظيم، مع لحظات الحضور، التواجد، اللقاءات؛ نوقظ قلوبنا من غفلتها، ونُعلي من الهِمَمِ، ونزيد الإيمان في القلوب؛ بذكر أحوال اليوم الآخر، ولقاءات يوم القيامة.

 

 

 

 

1- لقاء الله تعالى.

فإن بيننا وبين الله جل جلاله موعدًا ولقاءً جديرًا بالتأمل والتفكر، حدَّثنا عنه الله تعالى في كتابه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 223].

 

هذا اللقاء الذي كذَّب به أقوام فلم يستعدوا له، ولم يعملوا له؛ فخسِروا الخسران المبين؛ كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ ﴾ [يونس: 7]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [يونس: 11]، وقال تعالى: ﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التوبة: 77].

 

فذكر الله تعالى من أحوالهم أدق التفاصيل في هذا اللقاء؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ [الأنعام: 30]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾ [سبأ: 31].

 

أما أهل الإيمان، فقد آمنوا بهذا اللقاء الحتمي؛ كما قال الله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [العنكبوت: 5]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 46]، وقال تعالى: ﴿ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾ [الحاقة: 20].

 

فعمِلوا واستعدوا له بالباقيات الصالحات؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

 

فنالوا الفلاح في الدنيا والآخرة وكان من ثمرة هذا الاستعداد والعمل؛ قال الله تعالى: ﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ﴾ [الأحزاب: 44].

 

نعم، إنه يوم التلاقِ؛ يوم أن يسألنا الله تعالى عن كل صغيرة وكبيرة؛ فلا يخفى عليه من أعمال العباد شيٌ؛ قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 18].

 

وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمنَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم من عمله، وينظر أشأمَ منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاءَ وجهه، فاتقوا النار ولو بشقِّ تمرة)).

 

 

2- لقاء الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم.

سنلتقي الحبيب محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ كما في حديث السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب؛ وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عُرِضت عليَّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد...))؛ [الحديث].

 

وعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم كيف تعرف من لم يأتِ بعد من أمتك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((أرأيت لو أن رجلًا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دُهْمٍ بُهمٍ، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون غرًّا محجَّلين من آثار الوضوء، وأنا فَرَطُهم على الحوض)).

 

وهناك من سيلقى الحبيب محمدًا صلى الله عليه وسلم عند الحوض في عَرَصَات القيامة، وهناك آخرون سيُحرمون من ذلك؛ ففي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألَا لَيُذادَنَّ رجالٌ عن حوضي كما يُذاد البعير الضالُّ، أناديهم: ألَا هلمَّ، فيُقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا)).

 

 

3- لقاء الخصوم:

هناك سيلتقي المظلوم مع مَن ظلمه، والمشتوم مع مَن شتمه، والمقتول مع من قتله، والمضروب مع من ضربه، وعند الله تجتمع الخصوم.

 

قضية من أخطر القضايا؛ وهي قضية المظالم؛ ولذلك جاء الإرشاد النبوي في التحذير منها، وأهمية التحلل منها قبل يوم القيامة؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عِرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل ألَّا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه)).

 

والمظلمة قد تكون:

إما بمنع ما يجب من الحقوق؛ أي: حجب حقوق الآخرين.

 

أو فعل ما يضر من العدوان؛ أي: الاعتداء على حقوق الآخرين.

 

أمر خطير يستلزم أن يراجع أحدنا سنوات ماضية من العمر؛ كم ظلمت؟ وكم اغتبت؟ وكم ضربت وشتمت؟

فإن صحائف الأعمال يوم القيامة لا تغادر صغيرة ولا كبيرة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].

 

فالذي يظلم الناس ويعتدي عليهم هو في الحقيقة ظالم لنفسه معتدٍ عليها؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 57].

 

‏وظلم العباد له صور عديدة؛ منها:

ظلم العباد في دينهم؛ بنشر الشهوات، وبث الشبهات، وصد الناس عن دينهم.

 

ظلم العباد في أموالهم؛ بأكلها بالباطل، وبخس الناس أشياءهم في البيع والشراء، والمماطلة في الديون مع القدرة.

 

ظلم الأجراء والعمال؛ إما ببخس حقوقهم أو تكليفهم بما لا يُطاق.

 

ظلم العباد في أبدانهم؛ بالتعدي عليهم بالضرب والإيذاء والتعذيب.

 

 

وأما كيفية التحلل من هذه المظالم والحقوق؟

فأما الحقوق العينية، فإنها تُرَدُّ بعينها.

 

وأما الحقوق المعنوية من الغِيبة والشتم، فإن كان خصمه يعلمها، فإنه يستسمحه ويتحلل منه؛ وإلا فإنه يدعو ويستغفر له ويذكر محاسنه.

 

 

 

4- لقاء العامل مع عمله.

فمن التلاقي في الآخرة أن يلتقي الإنسان بصحيفة أعماله التي أحصت عليه كل صغيرة وكبيرة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30]، وقال تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴾ [الزلزلة: 6]؛ فحتمًا سيكون هناك لقاء بينك وبين أعمالك؛ فاختر لنفسك أعمالًا يسرُّك اللقاء بها يوم القيامة.

 

 

 

5- لقاءات أهل النار.

حيث يجتمعون وينادون على أهل الجنة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 50].

 

ويشتد بهم العذاب والألم والحسرة؛ فترتفع أصواتهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37].

 

فيقترح بعضهم على بعض الصبر وعدم الجزع؛ قال الله تعالى: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21].

 

قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: "إن أهل النار قال بعضهم لبعض: تعالَوا، فإنما أدرك أهل الجنة الجنةَ ببكائهم وتضرعهم إلى الله عز وجل، تعالَوا نبكِ ونتضرع إلى الله فبكَوا وتضرعوا، فلما رأوا ذلك لا ينفعهم، قالوا: تعالَوا، فإنما أدرك أهل الجنة الجنةَ بالصبر، تعالَوا حتى نصبر فصبروا صبرًا لم يُرَ مثله، فلم ينفعهم ذلك؛ فعند ذلك قالوا: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21]".

 

ثم ينادون على من كان سببًا في إضلالهم وإغوائهم؛ حتى يخفف عنهم العذاب؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾ [إبراهيم: 21]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ ﴾ [غافر: 47].

 

ثم يختصمون ويتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعضًا، وتبدأ العداوة بينهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 96 - 98]، وقال تعالى: ﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ [الأعراف: 38]، وقال تعالى: ﴿ قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴾ [ص: 60].

 

ويطلبون زيادة العذاب لمن كان سببًا في إضلالهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 38]، وقال تعالى: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ﴾ [ص: 61].

 

وهنا يبدأ التوبيخ والمنع من الكلام، واليأس من الخروج من النار؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴾ [المؤمنون: 108]، وقال تعالى: ﴿ هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ * وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ [المرسلات: 35، 36].

 

 

6- لقاءات أهل الجنة:

أما لقاءات أهل الجنة فأنْعِمْ بها وأكرم من لقاءات؛ قال الله تعالى عن أحوالهم: ﴿ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [الصافات: 27].

 

ووصف الله تعالى أحوالهم وهم في سعادة وفرح وسرور؛ فقال تعالى عنهم: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47]، وقال تعالى: ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ ﴾ [الطور: 20].

 

ووصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم أحوالهم؛ كما في حديث أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة سوقًا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال، فتحثُو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالًا، فيرجعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حسنًا وجمالًا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم حسنًا وجمالًا، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا))؛ [رواه مسلم].

نسأل الله العظيم أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يجمعنا جميعًا في أعلى درجات الجنة، إخوانًا على سرر متقابلين.

 

 

ثمرات الإيمان بيوم التلاقِ:

 

1- الانتفاع بالموعظة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 232]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾ [النازعات: 45]، وقال تعالى: ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ [هود: 103].

 

فالذي لم يستقر الإيمان والخوف من لقاء الآخرة في قلبه، لا تنفع فيه الموعظة؛ لأن الموعظة هي تذكير بالله تعالى وتخويف من لقائه وعقابه.

 

ولذلك فإن المجرمين من أهل النار عندما ضعُف وازع الخوف من لقاء الآخرة في قلوبهم، كانت لا تنفع فيهم المواعظ، بل كانوا يفرون منها؛ كما قال الله تعالى: ﴿ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ﴾ [المدثر: 49 - 51].

 

ثم بيَّن سرَّ هذا الفرار من الموعظة: ﴿ كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ ﴾ [المدثر: 53].

 

 

2- تحقيق الخشية والخوف من الله تعالى؛ والذي يترتب عليه فعل الخيرات؛ كما قال الله تعالى في وصف عباده الأبرار: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾ [الإنسان: 7]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].

 

فإذا تحقق الإيمان باليوم الآخر، كان ذلك وازعًا ومحركًا للمسارعة إلى الطاعات والقربات، وعمارة المساجد بالصلوات والذكر؛ فإن الإيمان باليوم الآخر أقوى باعث إلى فعل الخيرات، وترك المحرمات.

 

 

3- هوان الدنيا عند أهل الإيمان باليوم الآخر:

وذلك عندما يعلم العبد المؤمن أن هناك دارًا غير هذه الدار، نعيمها لا ينفد، وأنه سيرتحل وينتقل من هذه الدار إلى تلك الدار، وأن الحياة الأبدية هي حياة الدار الآخرة؛ فإن النتيجة والثمرة المرجوة هي هوان الدنيا عليه، مهما كانت ملذاتها وشهواتها.

 

وعلى مثل هذه المعاني ربَّى النبي صلى الله عليه وسلم الجيل الأول لهذه الأمة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ما لي وللدنيا؟ ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها)).

 

ومرَّ يومًا على جِدْيٍ أسَكٍّ ميت، فقال لهم مبينًا أنها لا تساوي عند الله شيئًا: ((للدنيا أهون عند الله من هذا عليكم)).

 

وفي حديث آخر: ((لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرًا منها شربة ماء)).

 

وكان يوصي ابن عمر رضي الله عنهما: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)).

 

وكان صلى الله عليه وسلم يحذرهم من الاغترار بالدنيا، ويحذرهم من الركون إليها، مع ما كانوا عليه من قوة الإيمان والتقوى، ومع أنها لم تُفتَح عليهم كحالها الآن، فما ركبوا سيارات بماركات حديثة، ولا سكنوا القصور، ولا أكلوا أنواع المأكولات.

 

ومع ذلك كان يقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الدنيا حُلْوَة خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء))؛ [رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري].

 

وتأمل: عندما تغلغل حب الدنيا في قلوبنا كنَّا أقلهم أعمالًا للآخرة، وأكثرهم حبًّا للدنيا، وكأننا مخلدون فيها؛ ولذلك تجد التنافس عليها الذي يفضي إلى الشحناء والعداوة والقطيعة.

 

 

 

4- تعجيل التوبة وسرعة الإقلاع عن الذنوب والآثام، بل ومن ثمرات الإيمان بلقاء الله تعالى عدم الوقوع في الذنب أصلًا؛ كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الأنعام: 15].

 

وتأمل ما قصه الله تعالى في كتابه العزيز من خبر ابني آدم عليه السلام؛ كما قال تعالى: ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ﴾ [المائدة: 28]، فما هو السر مع أنه كان الأشد والأقوى؟ ﴿ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة: 28].

 

فإذا تذكر المغتاب بأن له لقاءً مع من اغتابه، وأنه سيُحاسب ويُؤخذ من حسناته، فإنه سيبادر بالتوبة.

 

وإذا تذكر الظالم أنه سيُقتَص منه.

 

وإذا تذكر آكل أموال الناس بالباطل أنه يأكل في بطنه نارًا وسيصلى سعيرًا.

 

وإذا تذكر الغادر أن له لواء يُنصَب يوم القيامة.

 

 

5- إن المؤمن يعمل بجدٍّ واجتهاد لهذا اليوم العظيم:

فإن النفس إذا علِمت العِوَضَ، فإنها تستعد للبذل والعطاء، حتى ولو لم تَرَ ثمرة هذا العمل في الدنيا.

 

عندما يعلم قارئ القرآن أنه سيزداد بكل آية يحفظها درجة في الجنة.

 

وعندما يعلم المصلي أنه سيزداد درجات في الجنة بكل سجدة يسجدها.

 

وعندما يعلم القائم ما أعده الله له من الغُرُف ومن النعيم في الجنة.

 

وعندما يعلم الذاكر بأن له نخلةً في الجنة بكل تسبيحة.

 

ويعلم الداعي إلى الله تعالى كم له من الخير والرفعة والدرجات العالية في الجنة.

 

ويعلم الشهيد ما له عند الله تعالى من التكريم.

 

فلا شك أن الإيمان بلقاء الله تعالى يوم القيامة هو أقوى باعث على فعل الخير.

 

نسأل الله العظيم أن يقوي إيماننا، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.

 

رمضان صالح العجرمي

 

شبكة الالوكة

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } [غافر : 55]

ايه في سورة غافر
اشتملت على ثلاث توجيهات كريمة
وهي وصية الله لنبيه
فيا حسن من ظفر بها وتزكى بها والتزمها

الصبر والصلاة والاستغفار والتسبيح من أعظم مايعين على الثبات على الحق

أمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا { بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } اللذين هما أفضل الأوقات، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور.

يقول الصحابة : إنا كنا لَنَعُدُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول مائة مرة (رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم) سبح بحمد ربك فلا يفتر لسانك ، ولا يغفل قلبك ، سبح لتدخل في زمرة الملائكة {يسبحون الليل والنهار لايفترون}

{واستغفر لذنبك} مهما مدحك الخلق وظنوا بك خيرا ، أنت أعلم بنفسك ، فستر الله عليك نعمة تستوجب توبتك من ذنوبك ، واعترافك بها فضيلة .

الصبر مر ، تتحمله النفوس على مضض ، لكن خلف الصبر أمنيات وعز وتمكين وكل أمر جميل ، وهذا مما يعين على الصبر فإن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع هان عليه ما يكره ، وسهل عليه كل عسير ..

من أدام التسبيح فرج الله كربه ، ومن أدام الحمد تتابعت عليه الخيرات ، ومن أدام الاستغفار فتحت له المغاليق . اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك


288910779_1070895020179985_1046376830474

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:51].

لقد جرت سُنة الله تعالى أن تكون الأيام دُولا ،وأن تكون المعركة سِجالا بين الحق والباطل، كما جرت سُنة الله تعالى التي لا تتغير ولا تتبدل أن الغلبة تكون في النهاية لعباد الله الصالحين، وأن النصر والتمكين لأوليائه المتقين
وقال الله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر:51]. وقال الله تعالى : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (171) :(173) الصافات،

الله تعالى هو الذي وعد بالنصر والتمكين وحاشاه – سبحانه – أن يخلف وعده أو أن يخذل أولياءه. قال الله تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) (55) النور، وأيضا مما يجعلنا نؤمن إيماناً يقينيا لا شك فيه أن دعوة الاسلام والحق ستنتصر، وستعلو رايتها: أن أهل الدنيا في تخبط وشتات وحيرة ،بل وبؤس شديد ،ولا مخرج لهم من كل ذلك إلا بالإذعان لدعوة الحق، وأن ما يحدث من أئمة الكفر وأكابر مجرميها من مخططات ومكر وكيد ما هو إلا محاولة منهم لتأجيل هذه اللحظة وليس لتعطيلها. قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (30) الأنفال

ومن يتتبع آيات النصر والتمكين في القرآن الكريم ،يجد أن نصر الله تعالى للمؤمنين لا يكون صُدفة، ولا ضربة من ضربات الحظ . بل إن نصر الله تعالى لا بد أن يسبقه ابتلاء ،يختبر الله تعالى به إيمان عباده -وهو سبحانه- بهم وبإيمانهم عليم- ولابد من تمحيص للمؤمنين ينفي الله تعالى به عن الصف المسلم ما به من خبث، حتى إذا جاء نصر الله تعالى استقبله المؤمنون بإيمان راسخ، وعقيدة لا تميد ،ولو مادت الأرض ومادت الجبال الرواسي. وقد جاء في كتاب الفوائد للإمام ابن القيم رحمه الله، قال: “سأل رجل الشافعيَّ فقال: يا أبا عبد الله، أيهما أفضل للرجل: أن يُمكَّن أو يُبتلى؟ فقال الشافعي: لا يُمكَّن حتى يُبتلى؛ فإنَّ الله ابتلى نوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- فلمَّا صبَروا مكَّنهم، فلا يظنن أحَد أن يخلص من الألَم البتة”.
وللمسلمين دور كبير في استجلاب النصر والتمكين، فلابد أن يوقن كل فرد مسلم أن عليه دوراً لا يُختزل ،ولا يسقط عنه في استجلاب هذا النصر، وأن هذا الدور يُحتِّم على كل مسلم مسؤولية إصلاح نفسه إصلاحاً شاملاً عميقاً دقيقاً ،يُؤهله لاستجلاب النصر وتحمل تبعاته. ولابد أن توقن الأمة الاسلامية بأكملها أن النصر لن يتحقق إلا بعد أن تنفد كل الأسباب، وتستفرغ كل الحيل، وتستنهض كل الطاقات، وتستغل كل الإمكانيات، وتتضافر كل الجهود، وتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من قوة ،لكي تؤدي الدور المنوط بها ،دون كسل ولا فتور ولا تراخ

من خطبة لحامد ابراهيم
خطبة حول: نصر الله قادم ،وأسباب النصر، وقوله تعالى ( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )


288937569_1070895506846603_5213184316849



{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر :51]

آية خبرية لايمكن لأحد نسخها ولا تبديلها ، ينصر الله الرسل ، والذين آمنوا في الدنيا قبل الآخرة.... يا أهل الدنيا.. هل تسمعون؟؟!..

من يعيش مع القرآن سيرى أن نصر الله لأهل الإيمان ممكن في الأرض قبل السماء يوم تقوم الملائكة تشهد للرسل بالبلاغ وللأمم بالتكذيب ، فالله سبحانه لايعجزه شيء في الأرض ولا في السماء . يقول الله تعالى{أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} حيث كان الهلاك للمكذبين والمستكبرين.

وصف فرعون سيدنا موسى عليه السلام بالساحر الكذاب حتى انه تحدى الله جل جلاله {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه} فكان النصر من السماء، لقد غرق فرعون وأتباعه ، و نصر نبيه نوح عليه السلام ومن آمن معه بسفينة النجاة ، كما نصر الله المؤمنين يوم بدر وأيدهم بجنود من الملائكه مسومين ، والأمثلة في القرآن كثيرة جدا.. كانت نجاة إبراهيم عليه السلام من النار ، ونجاة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بنسيج العنكبوت. إنه النصر الإلهي لرسله وللمؤمنين.

حصاد التدبر

 

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد : ٩]

 

 

لا أحد من البشر أضل ممن كره الله تعالى، أو كره ما جاء من عنده سبحانه؛ لأنه جَهِل معرفة الله تعالى حق المعرفة؛ فأنكر نعمه، واستكبر عن عبادته.

 

والأصل أنه لا يقع ذلك إلا من الكفار والمنافقين؛ فكراهية الله تعالى لم تقع إلا من الملاحدة، وكراهية ما أنزل وقعت من المشركين وكفار أهل الكتاب.

 

والكارهون لما أنزل الله تعالى منهم من له قوة في قومه ومنعة تجرئه على إظهار ذلك، والتصريح به، وهو فعل الكفار قديما وحديثا سواء كانوا من المشركين أم من أهل الكتاب؛ لأنهم مباينون للمسلمين، قال الله تعالى فيهم ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد:8-9].

 

ومن الكارهين لما أنزل الله تعالى من هم بين المسلمين، وهم المنافقون فيخفونه ولا يظهرونه إلا في حال ضعف المسلمين، وأمن العقوبة، أو فلتت به ألسنتهم، وظهر في لحن قولهم.

 

ومن هذه الآية أخذ العلماء كفر من أبغض شيئا مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو عمل به؛ لأن ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام هو مما أنزل الله تعالى، وقد حكم سبحانه بحبوط عمل من كره ما أنزل عز وجل.

 

والمنافقون في مجتمعات المسلمين قد يضطرون لعمل الطاعة ولو كرهوها إما خوفا على أنفسهم أو على دنياهم، وإما مجاملة لغيرهم، ولكنهم يفعلون الطاعة وهم يكرهونها فلا تنفعهم، وقد حكى الله تعالى ذلك عنهم في عصر الرسالة فقال سبحانه ﴿ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة:54] فهم يكرهون الصلاة ويكرهون الإنفاق لكنهم يصلون وينفقون إحرازا لدمائهم وأموالهم، ونشرا لنفاقهم في أوساط الناس.

 

والكارهون لما أنزل الله تعالى يكرهون خلوص الدين لله تعالى وحده، ويكرهون أن يكون الدين واحدا، بل يدعون لتعددية الأديان وتنوعها، حتى إنهم ليكرهون أن يذكر الله تعالى وحده، أو أن يكون الحديث عنه سبحانه أو عن شيء من شريعته، وفي وصف هذا الكره قال الله تعالى ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزُّمر:45] ولذا أمر الله تعالى عباده المؤمنين أن يخلصوا له الدين ولا يلتفتوا إلى كراهية الكارهين ﴿ فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ﴾ [غافر:14]. إن هذه الآية العظيمة لتشعر المؤمن بالفخر وهو يخلص الدين لله تعالى، ويغيظ بذلك أهل الكفر والنفاق؛ لأنه مأمور بإغاظتهم في ذلك.

 

وكان المنافقون حيال ما أنزل الله تعالى من الأحكام يتخذون سياسة الحل الوسط، ومحاولة ترضية الطرفين: طرف المؤمنين المحبين لما أنزل الله تعالى، وطرف الكفار الكارهين لما أنزل الله تعالى، فيسرون للكفار بأنهم سيوافقونهم في بعض ما يريدون لا فيه كله؛ لأنهم لا يقدرون على ذلك؛ خوفا من غضب المؤمنين، وتأملوا عظمة القرآن وفيه خبرهم وفضيحتهم ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ﴾ [محمد:26].

 


قال العلامة المفسر الشنقيطي - رحمه الله تعالى -: اعلم أن كل مسلم، يجب عليه في هذا الزمان تأمل هذه الآيات، من سورة محمد وتدبرها، والحذر التام مما تضمنته من الوعيد الشديد; لأن كثيرا ممن ينتسبون للمسلمين داخلون بلا شك فيما تضمنته من الوعيد الشديد؛ لأن عامة الكفار من شرقيين وغربيين كارهون لما نزل الله على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو هذا القرآن وما يبينه به النبي - صلى الله عليه وسلم - من السنن. فكل من قال لهؤلاء الكفار الكارهين لما نزله الله: سنطيعكم في بعض الأمر، فهو داخل في وعيد الآية. وأحرى من ذلك من يقول لهم: سنطيعكم في الأمر؛ كالذين يتبعون القوانين الوضعية مطيعين بذلك للذين كرهوا ما نزل الله، فإن هؤلاء لا شك أنهم ممن تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم. وأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه، وأنه محبط أعمالهم. فاحذر كل الحذر من الدخول في الذين قالوا: سنطيعكم في بعض الأمر.

 

 


ولابن القيم رحمه الله تعالى كلام بديع نفيس يشخص فيه أمراض الكارهين لما أنزل الله تعالى فيقول: ثَقُلَتْ عَلَيْهِمُ النُّصُوصُ فَكَرِهُوهَا، وَأَعْيَاهُمْ حَمْلُهَا فَأَلْقَوْهَا عَنْ أَكْتَافِهِمْ وَوَضَعُوهَا، وَتَفَلَّتَتْ مِنْهُمُ السُّنَنُ أَنْ يَحْفَظُوهَا فَأَهْمَلُوهَا، وَصَالَتْ عَلَيْهِمْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَوَضَعُوا لَهَا قَوَانِينَ رَدُّوهَا بِهَا وَدَفَعُوهَا، وَقَدْ هَتَكَ اللهُ أَسْتَارَهُمْ، وَكَشَفَ أَسْرَارَهُمْ، وَضَرَبَ لِعِبَادِهِ أَمْثَالَهُمْ، وَأَعْلَمَ أَنَّهُ كُلَّمَا انْقَرَضَ مِنْهُمْ طَوَائِفُ خَلَفَهُمْ أَمْثَالُهُمْ، فَذَكَرَ أَوْصَافَهُمْ، لِأَوْلِيَائِهِ لِيَكُونُوا مِنْهَا عَلَى حَذَرٍ، وَبَيَّنَهَا لَهُمْ، فَقَالَ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد:9]. هَذَا شَأْنُ مَنْ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ، فَرَآهَا حَائِلَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ بِدْعَتِهِ وَهَوَاهُ، فَهِيَ فِي وَجْهِهِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ، فَبَاعَهَا بِمُحَصَّلٍ مِنَ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ، وَاسْتَبْدَلَ مِنْهَا بِالْفُصُوصِ فَأَعْقَبَهُمْ ذَلِكَ أَنْ أَفْسَدَ عَلَيْهِمْ إِعْلَانَهُمْ وَإِسْرَارَهُمْ ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد:26-28]. أَسَرُّوا سَرَائِرَ النِّفَاقِ، فَأَظْهَرَهَا الله عَلَى صَفَحَاتِ الْوُجُوهِ مِنْهُمْ، وَفَلَتَاتِ اللِّسَانِ، وَوَسَمَهُمْ لِأَجْلِهَا بِسِيمَاءَ لَا يَخْفَوْنَ بِهَا عَلَى أَهْلِ الْبَصَائِرِ وَالْإِيمَانِ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِذْ كَتَمُوا كُفْرَهُمْ وَأَظْهَرُوا إِيمَانَهُمْ رَاجُوا عَلَى الصَّيَارِفِ وَالنُّقَّادِ، كَيْفَ وَالنَّاقِدُ الْبَصِيرُ قَدْ كَشَفَهَا لَكُمْ؟ ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد:29-30] انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

 

 

حذار حذار عباد الله أن يكون في قلب العبد حرج مما أنزل الله تعالى؛ فإن الله سبحانه نهى نبيه عن ذلك وهو معصوم منه ﴿ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف:2] هذا فيما أنزل الله تعالى من القرآن. وأما ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- من السنة ففيه قول الله تعالى ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء:65] وكل أمر النبي عليه الصلاة والسلام ونهيه فهو من حكمه الذي يجب التسليم به والانقياد له دون حرج في الصدور، وإلا كان النفاق والضلال، عصمنا الله تعالى من النفاق، وأعاننا على التسليم والانقياد.
 


شبكة الالوكة

 

image.thumb.png.5649f18024885ddccdc214d76c9bb5d2.png

{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد : ٩]


حتى لايحبط الله عملك ، تفقد قلبك قبل أي عمل.. اجعل حظ نفسك بعيدا عن أي شيء تريد به وجه الله ، باختصار كن مخلصا.

مامن معصية في الأرض إلا بسبب الخروج عن منهج الله جل جلاله ، ومن كره ما أنزل الله فقد كفر .. والكفر لايبقي من الخير شيء {فأحبط أعمالهم} فلا قيمة لأعمالنا إن لم يخالطها إيمان حقيقي وتوجه صادق لمن نوينا بأعمالنا مرضاته وحده سبحانه

عندما نخاف من آيات الوعيد والانذار فخوفنا عمل صالح ، لكن لاتكره آيات الانذار فتتعرض للوعيد.. احذر أن تكره شيئا من أمر الله فالعقوبه شديدة (فأحبط أعمالهم) الخذلان والخساره لكل من خرج عن منهج الله وكفر به {ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَٰفِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ} استيقظ بهذه الآية ، وحطم بها همومك.. استشعر قرب الله منك وحبه لك كلما عثرت بك الآلام تشبث بها ولاتنسى أن الله مولاك .


حصاد التدبر

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ).

 

فهذه الآيةُ الكريمة تتحدثُ عن يومِ القيامة وعما سيحدثُ فيه للكافرين إذ تتلقاهم ملائكةُ العذاب، وذلك امتثالاً منهم لأمرِ اللهِ تعالى القاضي بالاقتصاصِ من الكافرين. و”التوفِّي” في هذه الآيةِ الكريمة لا ينبغي أن يُفهَمَ وفقاً لما تواضعنا عليه واصطلحنا بشأنِ هذه الكلمة من أنَّه ذو صلةٍ بالموت.

 

فالتوفي في هذه الآيةِ الكريمة لا علاقةَ له، على الإطلاق، بالحياةِ الدنيا، وذلك لأنه من مفرداتِ الآخرة. وهذا الذي يتجلَّى لنا بتدبُّرِ هذه الآيةِ الكريمة هو عينُ ما نحنُ واجدوه بتدبُّرنا الآياتِ الكريمة التالية: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (من 93 الأنعام)، (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ. ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (50- 51 الأنفال).

 

ويتعيَّنُ على كلِّ مجادلٍ في الحقيقةِ التي مفادُها أنَّ “التوفِّي” في القرآنِ العظيم لا يخصُّ هذه الحياةَ الدنيا فحسب أن يُفسِّرَ لنا هذا الذي تنطوي عليه الآيةُ الكريمة 37 من سورة الأعراف (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ). فـ “الكتابُ” في هذه الآيةِ الكريمة هو “كتابُ الله” الذي وردَ في سياقِ حديثِ أهلِ العلمِ والإيمان، وهم يُجيبونَ الذين كفروا بما فصَّلته وبيَّنته الآيةُ الكريمة 56 من سورة الروم (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ. وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (55- 56 الروم).

 

 

لتوضيح كلمة {يَتَوَفَّى} من تفسير الشيخ الشعراوى

{وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ(50)}

والذي يُوجه إليه هذا الخطاب هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعناه لو كشفنا لك الغيب لترى، وتلاحظ أن الله سبحانه وتعالى ترك الجواب، فلم يقل ماذا يحدث لهذا الكافر الملائكة يضربونه، وإذا ما حذف الجواب فإنك تترك لخيال كل إنسان أن يتصور ما حدث في أبشع صورة، ولو أن الحق سبحانه وتعالى جاء بجوابه لحدد لنا ما يحدث، ولكن ترك الجواب جعل كلا منا يتخيل أمراً عجيباً لا يخطر على البال، ويكون هذا تفظيعاً لما سوف يحدث.

والصورة هنا تنتقل بنا من عذاب الدنيا للكفار إلى ساعة الموت.

و{يَتَوَفَّى} أي لحظة أن تقبض الملائكة أرواح الكافرين، والتوفي وهو قبض الأرواح يجيء مرة منسوباً لله سبحانه وتعالى مصداقاً لقوله: {وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم} ومرة يأتي منسوباً لرسل من الله: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} ومرة يأتي منسوباً إلى ملك الموت وهو عزرائيل: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الموت}.

وبذلك يكون التوفي في أسند مرة إلى الله عز وجل ومرة إلى عزرائيل ومرة إلى رسل الموت، ونقول: لا تعارض في هذه الأقوال؛ لأن الأمر في كل الأحوال يصدر من الله سبحانه وتعالى، إما أن يقوم عزرائيل بتنفيذه وإما جنوده وهم كثيرون.

 

 

لا يتوفر وصف للصورة.


{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [محمد :٢٧]

هناك نهاية ستشاهدها بنفسك ولوحدك ، سترى وجوه قد تكون مفزعة أو مؤنسة وهذا كله سيتوقف على عملك في الدنيا

 

ضرب الملائكة وجوه هؤلاء مناسب لإقبالهم على ما أسخط الله ، وإن ضربهم أدبارهم مناسب لكراهتهم رضوانه لأن الكراهه تستلزم الإعراض والإدبار..

 

عندما تطلق بصرك ، أو تطلق لسانك فأنت اتبعت سخط الله واشتريت غضبه بيدك!!! من يدعي محبة الله ثم يخالف أمره ويغوص فيما يغضبه.. لابد أن الله يتولى فضيحته.

 

نحن بحاجة إلى الله ، مهما عصيته فلن تضره بشىء بل تضر نفسك وتهلكها بيدك.. احذر لا أحد يشتري حتفه بيده ، كن مع الله

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24)
{ فَلَمَّا رَأَوْهُ } أي: العذاب { عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي: معترضا كالسحاب قد أقبل على أوديتهم التي تسيل فتسقي نوابتهم ويشربون من آبارها وغدرانها.
{ قَالُوا } مستبشرين: { هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا } أي: هذا السحاب سيمطرنا.
قال تعالى: { بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ } أي: هذا الذي جنيتم به على أنفسكم حيث قلتم: { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } { رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }

 

تفسير السعدي

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

لقد أرسل الله الريح العقيم على عاد، فأهلكتهم، ﴿ وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ﴾ [الذاريات: 41، 42]، ويصف الله حالهم بقوله: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 24]

 

إن تلك الآياتِ والأحداث نذر من الله تعالى لعباده؛ لعلّهم يتضرعون، ولعلهم ينتبهون، ولعلهم يستعتبون، قبل أن تحقّ عليهم الحاقة.

 

إن الله عز وجل هو الذي يُسيِّر الرياحَ كيف يشاء، ويسخرها لمن يشاء، فهي للطائعين رحمةٌ وبركة، وتحمل الخير للعباد، تسوق السحابَ فيَنزِل من السماء ماءٌ يحيي به الله بلدةً ميتا، ويسقيه مما خلق أنعاماً وأنَاسِيَّ كثيرا، وهي نِقْمَةٌ وشرٌّ وهلاكٌ على الطغاة المتكبرين، سلطها الله على عادٍ الأولى، لما استكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا: من أشد منا قوة؟!، وأرسلها الله يوم الأحزاب على قريشٍ وأعوانها؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 9].

 

يجب علينا أن نوقن بأن تلك الآياتِ والنذر تخويفٌ من الله لعباده لعلهم يرجعون، ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا [الإسراء: 59]. فكيف نستبعد غضبَ الله وعذابَه وقد عَذَّب أُممَاً سلفت بما كسبت أيديهم؟!

 

فسننُ الله لا تتغير ولا تتبدل، وكيف نأمنُ عذابَ الله، والبلاء إذا نزل لا يقتصر على الفسقةِ والمجرمين، بل يعم ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25].

 

فاعتبروا يا أولي الأبصار، واعلموا أنه لا ملجأ من العقوبة إلا بكثرة الاستغفار، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33]، وعند أبي داود وابنِ ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)).

 

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذين إذا وُعظوا اتّعظوا، وإذا أذنبوا استغفروا، وإذا ابتلوا صبروا.

 

من خطبة الرياح للشيخ عبدالله بن الناصر الزاحم

 
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الاحقاف: ٢٤]

{قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا} في الآية الكريمة تفاؤل من غير توحيد وتوكل!!

رأى قوم عاد الغيم فقالوا (عارض ممطرنا) وكان فيه هلاكهم!!..
ورأى قوم موسى البحر فقالوا (إنا لمدركون) وكان فيه نجاتهم!!..

والله يعلم وأنتم لاتعلمون ... كن مع الله وتوكل عليه

{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} ربما يكمن الهلاك خلف نظرة الاستبشار.. كيف نستبشر خيرا ونحن نغضب الله تعالى؟!! ونستخف بالعقوبة المترتبة على مايغضب الجبار ويسخطه!! أين الخوف من الله؟! {وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} كل مايفعله البشر هو الإستناد والإطمئنان أنها ظواهر طبيعيه!!..

احذر ربما تكون غير ذلك.. أصلح قلبك يصلح الله كل مايحيط بك.

 

حصاد التدبر

 

 
لا يتوفر وصف للصورة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) [نوح:10-12].

 إن حصول الأضرار، ونزول الأخطار، وارتحال النعم، وحلول النقم، ابتلاء من الله لعباده، ولعل هذا البلاء يردهم إلى باب الله خاضعين منكسرين. قال -تعالى-: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم:41].

 

فربنا -تبارك وتعالى- يأمرنا باستغفاره، ويدعونا إلى المسارعة واللياذ بجواره، فيقول: (وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة:199]. ويقول: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران:133]. فلماذا نرى أنفسنا متباطئين عن هذه الدعوة، وهي دعوة كريم رحيم؟!.

 

عباد الله: إذا أردنا المتاع الحسن، والرزق الكافي، والسعة المحمودة، وكثرة الخيرات والبركات؛ فلنركب سفينة الاستغفار، فهي وسيلة النجاة إلى شواطئ السلامة والسعادة. قال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) [نوح:10-12].

 

خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستسقي فما زاد على الاستغفار، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما نراك استسقيت! فقال: "لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر"، ثم قرأ قوله -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) [نوح:10-12].

 

وكان لأنس بن مالك -رضي الله عنه- مزرعة في البصرة أصابها قحطٌ، فقام فصلى ركعتين واستغفر، قالوا: مالك؟ قال: أما سمعتم قول لله: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) [نوح 10-12]". فما قام من مجلسه حتى أتت غمامة فطوقت مزرعته وأمطرت حتى سالت جداولها، وما جاوز الماء المزرعة!.

من شكا المرض فعليه بالاستغفار، ومن شكا الفقر فعليه بالاستغفار، ومن شكا قلة الولد فعليه بالاستغفار. جاء رجل إلى الحسن البصري -رحمه الله- يشكو الجدب فقال له: استغفر الله، وجاءه رجل ثانٍ يشكو الفقر، فقال: استغفر الله، وجاءه ثالث يشكو العقم، فقال: استغفر الله، ثم تلا قوله -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) [نوح 10-12].

من شكا الضعف وقلة الأعوان والأنصار فليلذ بالاستغفار، قال -تعالى- عن نبيه هود -عليه السلام-: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ) [هود:52].

من استصعبت عليه الأمور، وانغلقت أمامه الأبواب والحيل؛ فليلجأ إلى نور الاستغفار. قال ابن تيمية -رحمه الله-: "إنها لتُعجَم عليّ المسألة الواحدة فأستغفر الله ألف مرة أو أكثر فيفتحها الله علي".

 

من كثرت ذنوبه، وأحرقه لهيب معاصيه فليتطهر من درن الأوزار بفرات الاستغفار؛ عن زيد مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فرَّ من الزحف" رواه أبو داود والترمذي.

وحينما ألمّ ماعز -رضي الله عنه- بالفاحشة جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال: "ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه"، قال ذلك ثلاث مرات. متفق عليه.

 

فيا عبد الله: إياك أن يغلبك الشيطان على فعل المعصية، ثم يغلبك على ترك الاستغفار منها فتهلك! فاستغفر الله وتب إليه تجد الله غفوراً رحيما، فهو -سبحانه وتعالى- يناديك في الحديث القدسي فيقول لك: "يا بن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا بن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" رواه ابن ماجة وهو صحيح.

 

هل وجد الخلق أكرم وأحلم من خالقهم -سبحانه وتعالى- وهم يعصونه صباح مساء، وهو يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها؟.

 

قيل للحسن البصري -رحمه الله-: ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود، فقال: "ودّ الشيطان لو ظفر منكم بهذه، فلا تملوا من الاستغفار". وقال قتادة -رحمه الله-: "إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فداؤكم الذنوب، ودواؤكم الاستغفار".

 

فأي عقل يحب صاحبه البقاء مع الداء ولا يتناول الدواء، وهو يُعرض عليه بدون مقابل؟! فأكثروا-يا عباد الله- من الاستغفار. قال لقمان -رحمه الله- لابنه: "يا بني، عوّد لسانك الاستغفار؛ فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلا".

 

فمن أحب أن تسره صحيفته يوم القيامة فليكثر من الاستغفار، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا" رواه ابن ماجة وهو صحيح.

 

أيها المسلمون: إن المسلم بحاجة كبيرة إلى الاستغفار، الكثير خاصة النساء؛ فقد أمرهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك فقال: "يا معشر النساء، تصدّقن وأكثرن من الاستغفار؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار".

 

عباد الله: إننا مهما قلّتْ ذنوبنا، ومهما بلغنا المراتب العالية في الصلاح والتقوى فنحن بحاجة إلى عبادة الاستغفار، ولنا قدوة بأعبد الناس وخيرهم وهم الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، فآدم -عليه السلام- عندما اقترف الخطيئة في السماء هبط بها إلى الأرض، فلم يرتفع بعد ذلك عند أهل السماء والأرض إلا عندما أناب واستغفر، قال -تعالى-: (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف:23]. وقال: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة:37].

 

ونبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- -الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كان يعدّ له في المجلس الواحد مائة مرة: "رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم" رواه الأربعة. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" رواه مسلم.

 

لقد كان عمر -رضي الله عنه- يطلب من الصبيان الاستغفار ويقول: " إنكم لم تذنبوا"، وكان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول للغلمان: "قولوا: اللهم اغفر لأبي هريرة، ثم يؤمّن على دعائهم".

 

فأكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم؛ فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة، كما قال الحسن البصري -رحمه الله-.

 

أيها المسلم، إذا أصبحت فأكثر من الاستغفار، وإذا أمسيت فأكثر من الاستغفار، وإذا جئت إلى النوم فأكثر من الاستغفار.

 

وإذا ركبت فاستغفر الله؛ فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا ركب دابة قال: "بسم الله"، فإذا استوى على ظهرها قال: "الحمد لله"، ثم قال: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، ثم قال: الحمد لله. ثلاث مرات. ثم قال: الله أكبر. ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" رواه الثلاثة وابن حبان وهو صحيح.

 

لقد شرع الله لعباده الاستغفار في ختام الأعمال الصالحة؛ ليقبل العمل، ويجبر الخلل.

ففي ختام الوضوء يقول المسلم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.

وعندما ينصرف من صلاة الفريضة يستغفر الله ثلاثاً، ثم يقول بقية الأدعية. وفي صلاة الليل يقول -تعالى-: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:17-18].

 

ونعمت البشرى لأولئك العابدين المستغفرين في تلك الساعة بقوله -تعالى-: "هل من سائل يعطى؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له حتى؟" رواه مسلم.

 

وفي الحج يقول -تعالى-: (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة199].

 

وبعد التضحيات العظيمة، والجهاد الطويل، والصعاب المتتابعة، والانتصارات الإسلامية الممتدة، يقول الله -تعالى- لرسوله -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [النصر:1-3].

 

وعن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر من قول: "سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه"، قالت: فقلت: يا رسول الله، أراك تكثر من قول: سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه؟ فقال: "خبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي، فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، فقد رأيتها: (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً)" رواه مسلم.

 

عباد الله: يجب على المسلم أن يكون صادقاً فيما يقول، فيقرن صدق القول بصدق الفعل، فالاستغفار النافع ما كان أوله العزم على الإقلاع عن الذنب والندم على اقترافه، ثم الاستجابة والإنابة والتوبة، فيجمع أعمال القلوب وأعمال الجوارح، فهذا هو الاستغفار النافع.

أما ذكر اللسان بدون مطابقة الفعل واستقامة الطريق فإنه استغفار قد لا ينفع صاحبه، فإذا كان استغفارنا هكذا فاستغفارنا يحتاج إلى استغفار.

 

أستغفر الله من أستغفر اللهَ *** مِن لفظة بدرت خالفت معناها

وكيف أرجو إجابات الدعاء وقد *** سددت بالذنب عند الله مجراها

 

أحسن الاستغفار ما جمع الثناء على الله -تعالى-، والاعتراف بالفقر والحاجة إليه، وبنعمته على عبده، وجميل صنعه فيه، مع الدوام والاستمرار.

 

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك وأبوء لك بذنبي؛ فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت. إذا قال حين يمسي فمات دخل الجنة -أو كان من أهل الجنة- وإذا قال حين يصبح فمات من يومه" رواه البخاري.

عبدالله بن عبده نعمان العواضي

ملتقى الخطباء

 

لا يتوفر وصف للصورة.

 

{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ○ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا} [نوح:١٠-١١]
 

حين نعتذر عن أخطائنا للناس نحتاج أن نعتذر لكل خطأ بعينه، وأن نفكر كيف نقنعهم بمبرراتنا... أما مع الله تعالى فيكفيك عبارة (أستغفر الله)

كلما تكررت توبة العبد واستغفاره، كلما تكررت مغفرة الله لذنوبه وأخطائه. داؤنا ياأعزاء هي الذنوب ودواؤنا هو الإستغفار ، والله يغفر الذنوب جميعا مهما كانت كبيره فقط استغفر... هكذا علمنا القرآن ، وإذا لم تنجح في الإقلاع عن الذنب ، فلا تقلع عن الإستغفار.

انظروا ماذا يفعل الإستغفار {يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات و يجعل لكم أنهارا} تعددت الخيرات والسبب واحد هو (الإستغفار) الذي يفتح أبواب السماء ويفرج الهم والغم ويدفع البلاء.. وعند الإصرار على الكفر تأتي آية الترهيب {مالكم لاترجون لله وقارا} آية تهز القلوب أن أفيقوا من غفلتكم.. إن الله العظيم يراكم فاتقوه...

 

حصاد التدبر

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 ﴿قَالَ نُوحࣱ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنى وَٱتَّبَعُوا۟ مَن لَّمۡ يزدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥۤ إِلَّا خَسَارࣰا} [نوح :٢١]
حاول نوح عليه السلام جاهدا يدعو قومه ليل نهار و بجميع الأساليب ، وهم مستكبرون ومصرون على الكفر !!..

1-قال رب إنهم عصوني" ولم يقل عصوك الأدب مع الله./ عبدالله بن بلقاسم

2-   ﴿ قال نوح رب إنهم عصوني ﴾ ؛ سبحان الله ما أعظم أدب هذا النبي الكريم مع الله إذ نزّه الله عن فعل قومه فنسب عصيانهم إلى أمره هو. / فرائد قُرآنيّة

3-   أحيانا يكون الحصول على المال وجمعه خسائر لا أرباح {لم يزده ماله وولده إلا خسارا} لماذا؟؟؟!!..الجواب في الآية الكريمة {مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا} ذلك شؤم الذنوب إنها سبب عقوبات عامة وخاصة.. والعبد أحوج مايكون إلى عون ربه/ وليد العاصمي

4-     من أعداء الدعوة من يؤتى مالا وولدا ،لكنه سيكون وبالا عليه:{واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا }فلا يحزن الداعية حينئذ. / عمر المقبل

5_لنا أن نعرف أن مَنْ أكل بباطل جاع بحق، أى أن الله يبتليه بمرض يجعله لا يأكل من الحلال الطيب، فتجد إنساناً يمتلك أموالاً ويستطيع أن يأكل من كل ما فى الكون من مطعم ومشرب.ولكن الأطباء يحرمون عليه الأكل من أطعمة متعددة لأن أكلها وبال وخطر على صحته، وتكون النعمة أمامه وملك يديه، ولكنه لا يستطيع أن يأكل منها بحق.. وفى الوقت نفسه يتمتع بالنعمة أولاده وخدمه وحاشيته وكل مَنْ يعولهم، مثل هذا الإنسان نقول له: لابد أنك أخذت شيئاً بالباطل فحرمك الله من الحق.(الشعراوى)

6-إن الذين يشتغلون بعمل لا يقره الله فهم يأكلون أموالهم بالباطل، ويُدخلون فى بطون أولادهم الأبرياء مالاً باطلاً، وعلى الذين يأكلون من مثل هذه الأشياء أن ينتبهوا جيداً إلى أن الذى يعولهم، إنما أدخل عليهم أشياء من هذا الحرام والباطل، وعليهم أن يذكروا ربهم وأن يقولوا: لا لن نأكل من هذا المصدر؛ لأنه مصدر حرام وباطل، ونحن قد خلقنا الله وهو سبحانه متكفل برزقنا. إن الذين يقولون: إن هذا رزقنا ولا رزق لنا سواه، أقول لهم: إن الله سبحانه وتعالى يرزق من يشاء بغير حساب، ولا يظن إنسان أن عمله هو الذى سيرزقه، إنما يرزقه الله بسبب هذا العمل: فإن انتقل من عمل باطل إلى عمل آخر حلال فلن يضن الله عليه بعمل حق ورزق حلال ليقتات منه.. (الشعراوى)


اتق الله.. واحذر خطيئاتك وغدراتك ولا تستصغرها ، ربما تحسبها هينة وهي عند الله عظيمة.. اللهم سلم

 
 
لا يتوفر وصف للصورة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا[([1]).

هذه هي الدعوة الثانية من دعوات نوح عليه السلام جمعت، وشملت لأهم مطالب الدنيا والآخرة، وهي طلب المغفرة العامة له، ولوالديه، ولكل المؤمنين من لدن آدم إلى قيام الساعة، الأحياء منهم والأموات .
وذلك لما علم نوحٌ u عليه السلام بوحي من اللَّه تعالى أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن، توجه إلى ربه بالدعاء أن يهلكهم، ولا يترك منهم على الأرض من يسكن الديار([2])، وعلَّل ذلك بأنهم إن تُركوا فسيكونون سبب الضلال لغيرهم، ولا يلدوا إلا فجّاراً كفّاراً لا يرجى منهم، أو من ذريتهم أي خير، ولذا دعا عليهم بهذا الدعاء.
 
قوله: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي﴾: أي استر عليَّ ذنوبي، وتجاوز عنها: قالها هضماً لنفسه، وتعليماً لمن بعده، ﴿وَلِوَالِدَيَّ﴾: خصّهما لعظم فضلهما عليه، فكان أولى وأوجب، وأحب له في ذكرهما بدعائه قبل غيرهما.
 
﴿وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًاَ﴾: منزلي من المصدقين الموحدين، فإن في صحبتهم السلامة، والثبات على الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم ((لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا، وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ))([3])، وتقييده (مؤمناً)، هذا القيد الواجب في الدعاء، أما الكافر فلاحظ له في طلب المغفرة له، قال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾([4])، والدعاء للكافرين بالهداية، والتوفيق للإيمان والإسلام جائز؛ لذا بوّب البخاري رحمه اللَّه في صحيحه: ((باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم)) ([5])، فبعد أن ((خصّ أولاً من يتصل به نسباً وديناً؛ لأنهم أولى وأحق بدعائه، ثم عمّ المؤمنين والمؤمنات))([6])، فقال: ﴿و للْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتُ﴾: أي واستر، وتجاوز عن ذنوب كل الموحدين المصدقين بك والمصدقات .
 
فإن هذه الدعوة المباركة لها من الأهمية الشيء الكبير، وذلك:
أ – أن دعوة الأنبياء مستجابة، فيرجى لنا استجابة اللَّه لهم فينا.
ب – أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بشّر بالأجر العظيم بها، فقال صلى الله عليه وسلم ((مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَهٍ حَسَنَةً))([7]).
فلك أن تتصور عظم هذا الأجر؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، إلى أضعاف مضاعفة كثيرة في بلايين المؤمنين، من لدن أبي البشر إلى يوم الحشر، وهذا يدلّ على عظم فضل اللَّه على المؤمنين.
((ولذا يستحبّ مثل هذا الدعاء اقتداء بنوح عليه السلام ))([8])، وذلك أن نبينا صلى الله عليه وسلم أُمر بالاقتداء بالأنبياء قبله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّه فَبِهُدَاهُ اقْتَدِهْ﴾([9])، ونحن مأمورون بالاقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّه وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّه كَثِيرًا﴾([10]).
ثم ختم عليه السلام الدعاء: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا﴾: أي لا تزد الظالمين أنفسهم بالكفر إلا هلاكاً وخسراناً ودماراً، ((وقد يشمل هذا كل ظالم إلى يوم القيامة، كما شمل دعاؤه للمؤمنين والمؤمنات إلى يوم القيامة))([11]).
 
الفوائد:
1 – أهمية سؤال اللَّه تعالى المغفرة، كما في غالب الأدعية؛ لأنها من أعظم أسباب دخول الجنة.
2 - أن الداعي ينبغي له أن يبدأ بالسؤال: بالأهمّ، ثم الذي يليه.
3 – أهمية سؤال اللَّه تعالى المغفرة للوالدين؛ لعظم شأنهما.

4 – يحسن بالداعي أن يشرك إخوانه المؤمنين بالدعاء.
5 – أن الإكثار من هذه الدعوة ينال الداعي بها الإجابة المؤكدة لأمرين:
أ – أنها دعوة من نبي من أولي العزم.
ب – أنها دعوة بظهر الغيب .
6 – أهمية التوسل بربوبية اللَّه تعالى في الدعاء، وأنها سنة جميع الأنبياء والمرسلين.
7 – ينبغي للداعي أن يشمل ذريته في الدعاء حتى يعود النفع له،ولهم .
8 – ينبغي أن يكون جُلُّ الدعاء في أمور الآخرة.
9 – جواز الدعاء على الظلمة،ويتأكد ذلك عند مظنة ضررهم على غيرهم.
10 – يحسن للداعي أن يذكر عِلَّة دعائه.
 
([1]) سورة نوح، الآية: 28.
([2]) تفسير الشوكاني، 5/ 299.
([3]) أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، برقم 4834، الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في صحبة المؤمن، برقم 2395، والإمام أحمد، 17/ 437، برقم 11337، وابن حبان، 2/ 314، والحاكم، 4/ 128، وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان،
12/ 16، وفي الآداب له، برقم 235، والطبراني في الأوسط، 3/ 277، والطيالسي،
3/ 664، والديلمي في الفردوس، 2/ 59، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 3/ 95، برقم 3036.
([4]) سورة التوبة، الآية: 113.
([5]) البخاري، كتاب الجهاد، باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألّفهم، قبل الحديث رقم 2937.
([6]) تنوير الأذهان من تفسير روح البيان للبروسوي، 4/ 420.
([7]) مسند الشاميين للطبراني، 3/ 234، والمعجم الكبير له، 19/ 909، وحسّنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع، برقم 6026.
([8]) تفسير ابن كثير، 4/ 568.
([9]) سورة الأنعام، الآية: 90.
([10]) سورة الأحزاب، الآية: 21.
([11]) فتح البيان لصديق حسن خان، 7/ 221.



الكلم الطيب
 
لا يتوفر وصف للصورة.


{رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا} [نوح:28]

شرع الله لنا أن ندعو لمن دخل بيوتنا ، فكيف بمن دخل قلوبنا!!!
{رب اغفر لي ولوالدي} هذا الدعاء يجمع بين عبادتين بر الوالدين والاستغفار... فاكثروا منها... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول : أنى هذا؟! فيقال : باستغفار ولدك لك) المغفرة تجلب الفضل يا أعزاء وفضل الله واسع.
من سنة الدعاء تقديم الدعاء للنفس على الدعاء للغير {رب اغفر لي ولوالدي} ولعل من حكمة تقديم النفس في الدعاء هي تنبيه للمؤمن أن لايشعر أن غيره أحوج للمغفرة منه.. بل كلنا بحاجة إلى تزكية النفس . خذ بدعائك كل من حولك والديك وعائلتك ، جيرانك أصدقائك ، الأقارب وعامة المؤمنين.. ومهما عملنا من الصالحات نبقى مشفقون من عذاب الله... اللهم رحمتك وعفوك ومغفرتك ورضاك.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، واستن بسنته إلى يوم الدين..أما بعد:

لما عاند قوم نوح –عليه السلام- نبيهم، وأبوا أن يستسلموا لرب العالمين، واستكبروا استكبارا، ولم تزدهم دعوته لهم إلا نفورا؛ هنالك أخبرهم نوح –عليه الصلاة والسلام- بأن ما تفعلوه، هو عدم تعظيمكم لله –عز وجل-، فلو عظمتموه حق التعظيم، ووقرتموه حق التوقير، لما وقع منكم ما وقع، ولما بدر منكم ما بدر، وما عصيتم بارئكم، وتجرأتم على خالقكم إلا لما فقد في قلوبكم التعظيم، وانعدم في أفئدتكم توقير العلي العظيم، قال تعالى في كتابه الكريم على لسان نوح –عليه السلام- وهو يخاطب قومه: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا}1

 

سورة نوح .إنه بيان من نبي الله نوح –عليه السلام- إلى من قومه وإلى كل من أرد أن يعرف طريق العبودية لله رب العالمين، فقبل أن يفكر أحدنا بالمعصية، وقبل أن يهم بالمنكر، لابد أن ينظر بقلبه، ويتفكر بعقله، من هذا الذي أعصيه؟ من هذا الذي أقابله بالمنكرات؟ من هذا الذي أخالق أمره؟ أليس هو الذي خلقني، وشق سمعي وبصري؟ أليس هو خالق السبع الطوال، ومنشأ السحاب الثقال؟.

إن العبد الذي يقدم على فعل السيئات، وانتهاك الحرمات؛ إن ذلك ما قدر الله حق قدره: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}2 ..

 

وتعظيم الله – سبحانه وتعالى- من أجل القربات، وأعظم العبادات، بل هو أساس العبادات، يقول ابن القيم –رحمه الله-: " ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة التعظيم، وهذه المنزلة تابعة للمعرفة فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب –تعالى- في القلب وأعرف الناس به أشدهم له تعظيماً وإجلالاً، وقد ذم الله –تعالى- من لم يعظمه حق عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته، وأقوالهم تدور على هذا، فقال –تعالى- : ما لكم لا ترجون لله وقارا نوح : 13 "3، ثم أخذ يذكر كلام السلف في تفسير هذه الآية، فقال: "قال ابن عباس ومجاهد: لا ترجون لله عظمة، وقال سعيد بن جبير: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته، وقال الكلبي: لا تخافون لله عظمة، قال البغوي: و الرجاء بمعنى المخوف والوقار، والعظمة اسم من التوقير وهو التعظيم، وقال الحسن: لا تعرفون لله حقاً، ولا تشكرون له نعمة، وقال ابن كيسان: لا ترجون في عبادة الله أن يثيبكم على توقيركم إياه خيراً"4.

 

وقد جعل العلماء لتعظيم الله –تبارك وتعالى- درجات ومراتب، وممن ذكر ذلك الهروي في منازل السائرين، يقول -رحمه الله تعالى-: "التعظيم معرفة العظمة مع التذلل لها، وهو على ثلاث درجات:

الدرجة الأولى: تعظيم الأمر والنهي، وهو أن لا يعارضا بترخص جاف، ولا يعرضا لتشديد غال، ولا يحملا على علة توهن الانقياد.

والدرجة الثانية: تعظيم الحكم أن يبغى له عوج، أو يدافع بعلم، أو يرضى بعوض.

والدرجة الثالثة: تعظيم الحق، وهو أن لا تجعل دونه سبباً، أو ترى عليه حقاً، أو تنازع له اختياراً"5….

 

إن الإيمــان بالله مـبـني على تعظـيم الله وإجـلاله، قال -سبحانه-: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}6، قال الضحـاك بن مزاحم في تفسير قوله – تعالى -: {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ}7: "يتشققن من عظمة الله -عز وجل-"8، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآيات: "اقشعرت الجبال وما فيها من الأشجار، والبحار وما فيها من الحيتان، وفزعت السماوات والأرض، وجميع المخلوقات إلا الثقلين، وكادت أن تزول، وغضبت الملائكة، فاستعرت جهنم، واكفهرت الأرض حين قالوا: اتخذ الله ولداً"9.

ألا يعظم الله؟! وهو الذي له الملائكة العظام يسبحونه ويستغفرونه، وله يسجدون، جاء عن أبي ذر –رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: ((إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء، وحق لها أن تئط؛ ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله، والله لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله))10.

 

وتعظيم الله يكون بفعل ما أمر، وترك ما نهى عنه وزجر، وتفصيل ذلك ما ذكره ابن القيم في الوابل الصيب بقوله: "وأما علامات تعظيم المناهي فالحرص على التباعد من مظانها، وأسبابها، وما يدعو إليها، ومجانبة كل وسيلة تقرب منها، كمن يهرب من الأماكن التي فيها الصور التي تقع بها الفتنة خشية الافتتان بها، وأن يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس، وأن يجانب الفضول من المباحثات؛ خشية الوقوع في المكروه، ومجانبة من يجاهر بارتكابها، ويحسنها ويدعو إليها، ويتهاون بها، ولا يبالي ما ركب منها، فإن مخالطة مثل هذا داعية إلى سخط الله –تعالى- وغضبه، ولا يخالطه إلا من سقط من قلبه تعظيم الله –تعالى- وحرماته، ومن علامات تعظيم النهي أن يغضب لله -عز وجل- إذا انتهكت محارمه، وأن يجد في قلبه حزناً وكسرة إذا عصى الله –تعالى- في أرضه، ولم يضلع بإقامة حدوده، وأوامره، ولم يستطع هو أن يغير ذلك"11.

فما أعظمك ربنا وما أجلك، وما أكبر شأنك.. يقول أبو العلاء بن سليمان المغربي:

يا من يرى مد البعوض جناحها  

و يرى مناط عروقها في لحمها  

أجالها محتومة أرزاقها  

امنن علي بتوبة تمحو بها  

 

في ظلمة الليل البهيم الأليل  

و المخ في تلك العظام النحل  

مقسومة بعطا و إن لم تسأل  

ما كان مني في الزمان الأول12  

 

وتوقير الله -عز وجل- وتعظيمه ليست كلمات مجردة تتحرك بها الألسن بلا وعي أو فهم، وليست حركات مجردة يؤديها المرء في عباداته الظاهرة بلا روح، بل ملاك الأمر ما يقوم في القلب تجاه هذا الرب العظيم، ويصدقه اللسان وباقي الأركان، فمن تحقق ذلك في نفسه فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ونحن لا نملك إلا أن نعيد عليه تلك الصيحة النبوية المدوية المترددة عبر القرون، عساه أن يفيق من سكرته: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}13.


1 سورة نوح(13) إلى (20).

2 سورة الزمر(67).

3 مدارج السالكين(2/495).

4 المصدر السابق.

5  منازل السائرين للهروي(1/80،81).

6 سورة مريم(88) إلى (93).

7 سورة مريم(90).

8 أخرجه أبو الشيخ في العظمة: (1/143).

9 تفسير القرطبي(11/851)،  وتفسير ابن كثير( 3/631).

10 رواه الترمذي(2234)، وأحمد(20539)، وقال الألباني: حسن، انظر صحيح الترغيب والترهيب(3/174)برقم(3380).

11 الوابل الصيب (1/24).

12 التذكرة للقرطبي(1/188).

13 سورة نوح(13).

 

امام المسجد

 

 

لا يتوفر وصف للصورة.

 

{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح :13]

صدح بها نوح عليه السلام في قومه ، وما زال يتردد صداها في كل الازمان والأمم. فتوقير الله وتقديره هو أمر الله.

من أعظم الجهل والظلم أن تطلب التعظيم والتوقير من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره .
مالنا لانخاف من بأس الله ونقمته؟!!.. ولا ترتجف قلوبنا عند معصيته ؟؟
مالنا لانعظم الله حق عظمته؟!!..
توقير الله جل وعلا وتعظيمه ليس كلمات تتحرك بها الألسن بلا فهم ولا عمل ولا عبادات . بل هي كلمات تخرج من قلب مخلص لله ، وتصدقها الجوارح بالعمل والخضوع لتطرق أبواب السماء.

التفكر في مخلوقات الله يزيد تعظيم الله في القلب... ومن علامة توقيرك لله أن تستحي منه في الخلوه أعظم مما تستحي من أكابر الناس.. ولو تمكن وقار الله وعظمته في قلب العبد لما تجرأ على معصيته. ولا يلتفت قلب بالرجاء إلى مخلوق إلا من ضعف توقيره وتعظيمه لربه .. رب لاتكلنا لغيرك فأنت نعم المولى ونعم النصير

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)

أي: { قُلْ } يا أيها الرسول للناس { أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ } صرفهم الله [إلى رسوله] لسماع آياته لتقوم عليهم الحجة [وتتم عليهم النعمة] ويكونوا نذرا لقومهم. وأمر الله رسوله أن يقص نبأهم على الناس، وذلك أنهم لما حضروه، قالوا: أنصتوا، فلما أنصتوا فهموا معانيه، ووصلت حقائقه إلى قلوبهم، { فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } أي: من العجائب الغالية، والمطالب العالية.

تفسير السعدي

image.thumb.png.42e5b06fd1c20bac72627dfd3cf1a0a9.png

 

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1)
[الجن : ١]

لقد سمعوا سورة واحدة ، فانتفضت أرواحهم الطيبة ... كيف لو سمعوا القرآن كله؟!!

{إنا سمعنا قرآنا عجبا} لله در هذه المجموعة من الجن ، إنهم تدبروا القرآن من أول لحظة استماع ، وكان ذلك كافيا لهدايتهم . فمدحوا كتاب الله بقولهم {قرآنا عجبا} غني بالعجائب الغاليه والمطالب العاليه.. يالفقههم... علموا أن قومهم لن ينتفعوا بالقرآن حتى يعرفوا قدره ، فباشروا بالتنويه لعظيم شأنه.. ونحن ماذا فعلنا وقد قرأنا القرآن كله ؟؟؟
أما كان أحرى بنا أن نجتهد في إبلاغه وإسماعه للآخرين ؟؟؟

لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم باستماع الجن للقرآن إلا بعد أن أوحي إليه... فلا تحزن أيها النبي إن لم يستجب لك كل من حولك فقد يستجيب آخرون لاتعرفهم .
قالت الجن: {إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد} وقال بعض أبناء آدم: {إنْ هذا إلا قول البشر}
العبرة في إيمانك لا بجنسك... اللهم اهدنا واهد بنا.


 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}

 

كل عمل الإنسان يحصيه الله عز وجل، سواء كان اعتقادا بالجنان، أم قولا باللسان، أم فعلا بالأركان، وسواء كان الفعل باليد أم بالعين أم بالرجل، لا تخفى على الله عز وجل منها خافية ، وكلها مسجلة مكتوبة لا تغادرها ملائكة الحسنات والسيئات، يقول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) آل عمران:5، ويقول الله سبحانه: ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) غافر:16، ويقول جل وعلا : ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المجادلة:6، ويقول تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) الكهف:49، ويقول عز وجل : (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا . اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) الإسراء/13-14  

 

وعلى هذا فكلنا مرهونون بأعمالنا ومحاسبون على أقوالنا وأفعالنا ،ومساءلون يوم القيامة على تصرفاتنا ،فلنسأل أنفسنا ،هل تقدمنا أم تأخرنا ،وهل ارتقينا أم انحدرنا ،وهل ازددنا من الله قرباً أم أننا نزداد من الله بعداً ،ففي الصحيحين : يقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ”، ويقول الله سبحانه وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 – 20]. فلنبادر إلى إيقاظ أنفسنا من غفلاتها وإدراكها من سيئاتها ولنقم بمعالجتها ولنحذر كل الحذر من الزيف والغفلة والغرور. يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية).

فعلينا جميعاً أن نحاسب أنفسنا قبل الحساب ،وأن نتوب إلى الله من ذنوبنا ونستغفره منها قبل غلق الباب

في الصحيحين: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ ».

image.thumb.png.b73e1ee7d9879d05447c856301fc2325.png

{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر :٣٨]

خلق الله لك العقل ، وبين لك الخير و الشر {وهديناه النجدين} فأنت المسؤول الأول في تربية نفسك .

لو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس ، لأنه مطالب بإصلاح نفسه أولا ، وسيسأل عنها قبل غيرها.

 

{كل نفس بما كسبت رهينه} كل نفس مرتهنة محبوسة وموثقة بكسبها السيء في العذاب السيء ، وذلك لأن الجزاء من جنس العمل . واعلم أنه بعد موتك سينساك الكل ، قريبا كان أو بعيدا ، ولن يبقى لنفسك إلا أنت ... فاعمل لنجاتها ..

لنتأمل كلام الله تعالى: {بما كسبت قلوبكم} {كل نفس بما كسبت رهينة} {فبما كسبت أيديكم}
أنت مجموعة استثمارية.. كل عضو فيك له مكاسبه ، فليكن حرصك على حسن إدارتها أشد من حرصك على إدارة أموالك ، وإياك أن تركن في كسبك للهوى والشيطان فتخسر تجارتك.. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45)} [المدثر]
 
«سقر»: من سقرته الشمس أي: لفحته ولوحته وأحرقته وأذابته، وجعل سقر اسم علم لجهنم، قال تعالى: {ما سلككم في سقر} وقال تعالى: {ذوقوا مس سقر} ولما كان السقر يقتضي التلويح أي الإحراق في الأصل نبه بقوله {وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر} أي محرقة مسودة لظاهر جلد الإِنسان وهو بشرته، والجمع بشر .. وأن ذلك مخالف لما نعرفه من أحوال السقر في الشاهد.

{قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} ضيعنا حق الله تعالى في الصلاة، لم نتصل به، لم نقبل عليه، لم نتوجه إليه، توجهنا إلى كل البشر ونسينا رب البشر، طرقنا كل باب إلا باب السماء، اصطلحنا مع كل إنسان إلا خالق الإنسان.

{
لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} ولو صلينا ضيعناها.. قال الله تعالى فيهم: {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} النساء142

وقال تعالى {
فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} مريم59

وهذه الاية تعني كل حقوق الله تعالى، فذكر جل شأنه الجزء وعنى به الكل .. لم نتصل به، ولم نستقم على منهجه، ولم نأتمر بأمره، ولم ننته عن نهيه وزجره

{
وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} جعلنا شهواتنا محور حياتنا، ومصالحنا فوق كل شيء، لم نتفقد مسكين، ولم نمسح دمعة يتيم، عشنا لأنفسنا ولآمالنا وطموحاتنا وداخل صندوق أسرتنا وأبنائنا وأحفادنا

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاع أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِى شِدْقَيْهِ- ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونُ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ
 
{وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} مع غوغاء الناس، فدينه ما يفعله الناس، ولم نتحرر من بؤس العادات والتقاليد السيئة، وتقليد الغرب في الضار وليس النافع (العري بحجة الموضة، لكنة الأعاجم بحجة الثقافة، أعياد تتنافى مع هويتنا، أكلات ومشروبات لا تناسب أذواقنا .. حتى وصل الأمر بالمبالغة في العناية بالكلاب والقطط)

{
وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} أي تكذيبا عمليا فقلما تجد أحد يكذب تكذيبا نظريا، فأعماله ليس فيها سعيا للآخرة، قال تعالى في شأن الموحدين الصادقين {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً} الإسراء19
 
 
لا يتوفر وصف للصورة.
 

{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45)} [المدثر]

أقصر قصة مؤلمة..!! ا

لسؤال : ماسلككم في سقر؟ الجواب : قالوا :لم نك من المصلين .

وقال ابن عباس :كانوا يؤخرونها عن وقتها

{كنا نخوض مع الخائضين} مشكتله جاءته من مخالطة العصاة و صحبة السوء . حين يهيم من حولك في كل واد ، من تقليد الآخرين في الباطل ، ومسايرة السفهاء والبطالين والسهر على القيل والقال.. جريمة و هلاك.. إنها سقر ... انتبه لنفسك ، وانظر لمن حولك ، وتأكد من مآل مشروعهم . كن أنت الأطهر ، لاتأكل لحم إخوانك ، سلّم لسانك ، وطيّب حياتك، ونظّف قلبك ، وإياك أن تكون حجتك يوم القيامة {كنا نخوض}

(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ )مالنا نرمي بقايا الطعام ، ونتجاهل لقمة نضعها في فم المسكين ، والأمثلة كثيرة... لماذا غابت الإنسانية وتحجرت القلوب ، كيف استهانت النفوس أوامر الله وتبعت هواها بلا مبالاة لتسقط في سقر ؟!!!... 

اللهم دربا في رضاك وحسن ختام

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) [الإنسان:1]، أي: قد أتى، والمراد بالإنسان هنا آدم، وحين من الدهر قيل: أربعون سنة قبل أن يُنفَخ فيه الروح، وقيل: المعنى أن الإنسان كان جسداً مصوراً تراباً وطيناً لا يذكر، ولا يدري ما اسمه، ولا ما يراد به، ثم نفخ فيه الروح فصار مذكوراً.

(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [2]، المراد بالإنسان هنا: بني آدم، والنطفة: الماء الذي يقطر وهو المنيّ، والأمشاج: صفة النطفة، وهي الأخلاط، والمراد: نطفة الرجل ونطفة المرأة واختلاطهما، وخَلَقَهُ لابتلائه، أي نبتليه بالخير والشر وبالتكاليف.

(إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) [3]، أي: بيَّنَّا له طريق الهدى وطريق الضلال، فإما أن يكون شاكراً لله على نعمه، أو كفور

 

 

image.thumb.png.0b188fbb06e53ee126c6b71364493451.png

 

{هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡٔٗا مَّذۡكُورًا ○ إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا ○ إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا } [الإنسان:١-٢-٣]

الآية إيقاظ للوجدان ، وحث على سلوك طريق الإيمان بعد بيانه .

تأمل كلمات الله تعالى : "خلقناه ، هديناه ، فجعلناه" أنت بدون الله لست بشيء... أطع ربك ليرضى عنك ويرضيك .
{إما شاكرا وإما كفورا} أمامك طريقان لاثالث لهما .. احذر الطريق الغلط ففهيه الهلاك .

 

تأمل .. عندما قلَّ من يتصف بالشكر قال (شاكراً) ولمّا كثر من يتصف بالكفر ، ويكثر وقوعه قال (كفورا) بصيغة المبالغه {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ}

{لم يكن شيئاً مذكورا} مهما علا نسبك فأصلك من ماء مهين.. من طين .. تأمل ضعفك.. فهل يحق لك أيها الإنسان أن تطغى وتتكبر ؟!
(نبتليه) الدنيا ميدان ابتلاء واختبار .. والحياة أمامك الآن ، فاختر لنفسك ..
{لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴾ [التكوير: 26]

لا يكاد القرآن كله ينطِق إلا بحقيقة الساعة، الإنسان ينسى هذه الحقيقة أو بالأحرى يتناساها؛ حقيقة الساعة، قضية الخلق، قضية الوجود، ينسى وظيفته الأساسية، ينسى ماهيَّته، من هو؟

الإنسان يعيش حياته المادية معيشةَ الأنعام، يتمتَّع بالمال والنساء وبالشهوات

ألا يُفكِّر هذا الإنسان في مغزى حياته؟! ألا يسأل نفسَه قائلًا: ما هو الهدف من وجودي؟ ها أنتَ ذا تتمتَّع وتأكُل وتشرَب، وسوف يأتيك وقتٌ اسمه الموت وتنتهي، إن لم نُفكِّر في الموت فهو يُفكِّر فينا، إذا أغفلتَ الموت من حياتك، إذا طردْتَ فكرة الفناء مِن ذهنك، فذلك لن يُخرِجَها من الوجود، فإن كانت الحياة فَيضًا من الذكريات تَصُبُّ في بحر النسيان، فإن الموت هو الحقيقة الراسخة التي ستأتي يومًا ما، كالذي يُريد أن ينسى شيئًا وهو فيه،

يقول تعالى في آية تجعل المسلم يراجع نفسه مع ربِّه: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24].

فأين تذهبون وإلى أين تفرون .. يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر .. فلا مفر منه إلا إليه فخير لكم أن تفروا إليه من اليوم منيبين إليه معترفين بذنوبكم بين يديه مطهرين نفوسكم وقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم من كل زلل وغي .. ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين .. وتزودوا ليوم المعاد ولا تلهكم دار الغرور والهوان فتنسيكم ما كتبه الله على أهلها من البوار والفناء .. كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور .. فأعدوا ليوم الدين عدته ومن أراد الفوز والنجاة فليعمل حتى تأتيه بغيته فإن المولى جل وعلا أبى أن يكون الفوز إلا لأهل التقوى الذين حصلوا طرقها وأسبابها فوعدهم ووعده الحق بقوله: start-icon.gif ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا end-icon.gif [مريم:72]. وقال عز وجل: start-icon.gif إن للمتقين مفازا end-icon.gif [النبأ:31]. وقال سبحانه: start-icon.gif ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون end-icon.gif[النور:52]. من التقوى أن يستعد العبد ليوم البعث والنشور فالتقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل.

 

لا يتوفر وصف للصورة.

 

{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ}{فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}(التكوير : ١٠-٢٦)

بين الله تعالى لنا في كتابه الكريم طريق الخير وطريق الشر ، وقال لنا { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} فماذا فعلنا؟؟!
أعزائي :

 

{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ } هل مانعمله اليوم نحب أن نراه في صحائف أعمالنا غدا ؟؟
 

هي صحيفتك إنك تملي فيها الآن ، وستطوى ، ثم تنشر عليك يوم القيامة .. فانظر ماذا تملي ... وانظر إلى شوارعنا وحياتنا اليوم . راجع أوراقك قبل أن تعرض عليك يوم الحساب أمام الله تعالى ، ذلك يوم لاينفع فيه الندم .

قل ماتشاء ، واسمع ماتشاء ، وشاهد ماتشاء ، لكن تذكر : {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} وهذا القرآن بين أيدينا ؟؟ لقد جعله الله {هدى وشفاء} {ونوراً مبيناً} {وموعظة للمتقين} فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ؟.. هو سؤال يهز أركاننا ويستوقفنا قبل أن نستكمل حياتنا العبثية . ألا نجيب رب العالمين ؟ إلى أين المسير ؟؟..

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ○ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } [الشرح:٥-٦]



سبب النزول:


قال القرطبي رحمه الله تعالى: (والصحيح أن يقال: إن الله بعث نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم مُقلًّا مُخِفًّا، فعيَّره المشركون بفقره، حتى قالوا له: نجمع لك مالًا فاغتمَّ وظن أنهم كذبوه لفقره فعزاه الله، وعدَّد نعمه عليه، ووعده الغنى بقوله: فإن مع العسر يسرًا).


﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5]، هذا مما يدخل السرور على قلبه صلى الله عليه وسلم، وما يبعث الأمل في نفسه وفي نفوس أصحابه، بأن بيَّن لهم سنة من سننه التي لا تتخلف، فقال: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾، المعنى: إذا تقرر عندك ما أخبرناك به من شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، فاعلم أنه ما من عسر إلا ويعقبه يسرٌ، وما من شدة إلا ويأتي يبعدها الفرج، وما مِن غَمٍّ أو هم، إلا وينكشف، وتحل محله المسرة... وما دام الأمر كذلك، فتذرَّع أنت وأصحابك بالصبر، واعتصموا بالتوكل على الله، فإن العاقبة لكم.



وليس هناك تكرار في الآية الثانية، بل قال القرطبي: (ثم ابتدأ فضلًا آخرَ من الآخرة، وفيه تأسية وتعزية له صلى الله عليه وسلم، فقال مبتدئًا: إن مع العسر يسرًا فهو شيء آخر، والدليل على ابتدائه، تعريه من فاء أو واو، أو غيرها من حروف النسق التي تدل على العطف، فهذا وعد عام لجميع المؤمنين، لا يخرج أحد منه؛ أي: إن مع العسر في الدنيا للمؤمنين يسرًا في الآخرة لا محالة، وربما اجتمع يسر الدنيا ويسر الآخرة.




فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا




{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ○ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } [الشرح:٥-٦]

أيها المهموم و المحزون و المكروب.. تأمل هاتين الآيتين.. إنها طبٌ للقلوب قالها علّام الغيوب .. ليت اليائس يدرك ذلك


يقينا : مابعد الظلمة إلا النور ، وما بعد الضيق إلا السعة ، وما بعد الكرب إلا الفرج.. إنه وعد الله.. صدق الله وكذبت المواجع.


الآيات بشاره عظيمة أنه كلما وُجد عسر وصعوبة فإن اليسر معه ويصاحبه ، حتى لو دخل العسر جحر ضُبٍ لدخل عليه اليسر فأخرجه . البشارات الجميلة ياعزيزي تختبئ خلف العسر دائماً ليفاجئ الله (صبرنا) بكرمه وعطاياه .

الإبتلاءات هي المقياس الحقيقي لقوة الإيمان.. أَتعجّب كثيراً كيف نفقد القدرة على استشراف الفرج بعد الشدة . لماذا يأسرنا اليأس ويعزلنا الهم والله تعالى يبشرنا بالتيسير إن صبرنا؟!!



التفاؤل والرضا والصبر والثقة بالله تفك الشدة وتشتتها ، دائما أقدار الله مبطنة بالرحمة مليئة بالخير حتى وإن كان ظاهرها عكس ذلك. ثق أن أيامك التي تراها حالكة السواد موحشة سيخلق الله لها فجراً باسماً مقترناً ب {إنا وجدناه صابراً} نم قرير العين واثقاً بوعد الله .


 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ○ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}
[الشرح : ٧ - ٨]

بهاتين الآيتين ختم الله تبارك وتعالى سورة الشرح.. وسورة الشرح ـ كما يقول صاحب التحرير والتنوير: "احتوت على ذكرِ عنايةِ الله تعالى برسوله بلطف الله له، وإزالةِ الغمّ والحرجِ عنه، وتيسير ما عسر عليه، وتشريفِ قدره؛ لِيُنَفِّسَ عنه؛ فمضمونُها شبيهٌ بأنه حجةٌ على مضمون سورة الضحى؛ تثبيتاً له بتذكيره سالف عنايته به، وإنارة سبيل الحق، وترفيع الدرجة؛ ليعلم أن الذي ابتدأه بنعمته ما كان لِيقطع عنه فضله، وكان ذلك بطريقة التقرير بماض يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم".

ولكن ما المقصود بالنصب؟ وما هو الشيء الذي يتفرغ منه؟ وكيف يرغب إلى الله تعالى؟ وما الذي يمكن أن يستفيده المسلم من هذا الأمر، خصوصا ونحن مطالبون بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أمر له هو أمر لأمته ما لم يأت مخصص يخصصه برسول الله

لقد اختلف العلماء في هذا المعنى وذهبوا فيه مذاهب.. غير أنه لابد لمعرفة مقصود آخر السورة من معرفة معاني أوائلها. حيث يمتن الله تعالى في أوائل السورة على نبيه بأن شرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره.. لأن الاستفهام إذا دخل على النفي قرره.. أي شرحنا لك صدرك.
ومعنى الشرح الفسح والتوسعة، وإنما خص الصدر بذلك؛ لأنه محل العلوم والإدراكات، ومحل التفكر، ومحل التعقل، ومحل القناعات، هو محل للفهم، ومحل لاستقرار المعلومات، كل ذلك يكون في الصدر، ويكون في القلب.
وإذا ضاق الصدر ضاق الفضاء مهما اتسع، وضاقت النفس، وقل الفهم والإدراك، وقل الصبر على التحمل، والنبي صلى الله عليه وسلم في أشد الحاجة إليه لتحمل أعباء الرسالة وما يواكبها من مشاكسات ومضايقات الأعداء، وما سيواجهونه به من الأذى والافتراء والتكذيب..

لذلك يقول ابن جرير - رحمه الله: "شرح صدره بأن جعله محلا للوحي، جعله متحملاً لأعباء الرسالة، لأعباء الدعوة، وما تتطلبه من جهود، وأعمال، ومشقات، وما يلاقيه القائم بها، المتوظف بوظيفتها من الأذى، فإنه لن يسلم بحال من الأحوال من المناوئين، من الأعداء، من الخصوم الذين لا يقر لهم قرار، ولا يهنأ لهم بال إذا ظهرت الأنوار، أنوار النبوة، والرسالة".

فلابد إذا من شرح الصدر لئلا يضيق ذرعاً، لئلا ينقطع، لئلا يتوقف، لئلا يتراجع، لئلا يتزعزع، بل يثبت، ويرسخ في هذا الطريق قدمه حتى يكون أثبت من الجبال الراسيات.
هذا بالإضافة إلى الشرح الحسي حينما شُق صدره، وأُخرج منه ما أُخرج من علقة تتصل بحظ الشيطان منه - عليه الصلاة والسلام - فصار الصدر محلا قابلاً لهذه الأنوار، والوحي، والهدايات، والتنزيل برفع ودفع وإزالة ما يضاده من الأمور الحسية والمعنوية.

ومع شرح الصدر كان أيضا وضع الوزر بمغفرة الذنب، ما تقدم منه وما تأخر، فإن للذنوب ثقلا على النفس والقلب والبدن، وهذا الثقل للذنوب يمنع من العبادات، ويثقل عن الطاعات، ويوهن القلب والبدن عن المسارعة للخيرات، فيُمنع القلب عندها من الانطلاق، والسير إلى الله تبارك وتعالى فيبقى معطلاً، مشغولاً بالخبائث، مشغولاً بالمعاصي التي ترهقه، وتثقله، وتقعده عن سيره، وسفره إلى ربه، وإلى الدار الآخرة.
ومن ثم كان تطهير القلب من ذلك من النعم ولهذا امتن الله به على نبيه، {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما}(الفتح:1، 2)، {ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك}.
فشرح الله له صدره، وطهر له قلبه، وغفر له ذنبه، ورفع له ذكره.. كل ذلك توطأة لما سيأتي من الأمر في نهاية السورة {فإذا
فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}.. أي شكرا لله على ما أنعم به عليك، وتفضل بكل ما سبق.

الفراغ والنصب
وقد اختلف العلماء في المفروغ منه والمنصوب فيه، فقال بعضهم: إذا
فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل.. وقال بعضهم: إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء.. وقال آخرون: إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب لعبادة ربك.. وقال قوم: إذا فرغت من أمر دنياك، فانصب في عمل آخرتك.
وربما يكون المقصود كل هذا وغيره، فإن الآية أطلقت ولم تحدد، أي إذا
فرغت من أمر كنت تعمله فانتقل إلى عمل آخر مما يعود عليك بالنفع في أمر دنياك وآخرتك، والمقصود أن يكون مشتغلاً بطاعة الله مبلغاً للرسالة، ينتقل من عبادة إلى عبادة، من طاعة إلى طاعة، من عمل صالح إلى عمل صالح، بلا توقف، بلا انتظار، فالمسلم طالما في الحياة فعليه أن يجد ويعمل دائما في شيء يعود عليك نفعه في الدنيا والدين، ولا يبقى فارغا أبدا. فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل..

قاعدة تربوية:
وهذه قاعدة من قواعد تربية النفس، وتوجيه علاقتها مع الله عز وجل: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ . وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح:7، 8].
وإذا كان المسلم مطالبا بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخاطبا بما يخاطب به، فهو أيضا مطالب في حال الفراغ بالنصب.. أي إذا انتهى من طاعة أو عملٍ ما أن ينصب ويبدأ في عمل أو طاعة أخرى، وأن يرغب إلى ربه في الدعاء والعبادة، والتضرع والتبتل، لأن حياة المسلم الحق كلها لله، فليس فيها مجال لسفاسف الأمور.
بل إن اللهو الذي تبيحه الشريعة لأصناف من الناس، أو في بعض الأوقات كالأعياد والأفراح؛ من أعظم مقاصده أن يستجم الإنسان ـ والاستجمام للجد مرة ثانيةً من الشغل النافع ـ وأن يعيش العبودية لله في جميع أحواله، فهو يعيشها في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، وفي الحضر والسفر، وفي الضحك والبكاء، ليتمثل حقاً قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].


لا للفراغ
إن الإسلام يكره من أبنائه أن يكونوا فارغين من أي عمل ديني أو دنيوي! وبهذا نطقت الآثار عن السلف الصالح رحمهم الله:
جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إني أكره لأحدكم أن يكون خالياً سبهللاً لا في عمل دنيا، ولا دين".
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني لأمقت أن أرى الرجل فارغاً لا في عمل دنيا ولا آخرة".
وسبب مقت ابن مسعود رضي الله عنه لهذا النوع من الناس؛ أن "قعود الرجل فارغاً من غير شغل، أو اشتغاله بما لا يعينه في دينه أو دنياه من سفه الرأي، وسخافة العقل، واستيلاء الغفلة".
ولقد دلّ القرآن على أن هذا النوع من الناس الفارغين ـ وإن شئت فسمهم البطالين ـ ليسوا أهلاً لطاعة أو أمر مهم، بل تنبغي مجانبتهم؛ لئلا يُعدوا بطبعهم الرديء، كما قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: 28].


الجدية وسرعة الإنجاز
ومن هدايات هذه الآية: أنها أبلغ وأعظم حادٍ إلى العمل، والجد في استثمار الزمن قبل الندم. وأنها تربي في المؤمن سرعة إنجاز الأمور وعدم التسويف، فإن التسويف في كل أمر شين وسبة وسوء مغبة، ومن عجز عن امتلاك يومه فهو عن امتلاك غده أعجز!
وقد نهانا الله عنه بقوله: {سابقوا} {وسارعوا}، وكذا النبي بقوله: (اغتنم خمسا قبل خمس)، (وبادروا بالأعمال سبعا)...

وقد عقَد الخطيب البغدادي بابًا في كتابه "اقتضاء العلمِ العملَ: "باب ذم التسويف"، وقد جاء فيه:
عن الحسن البصري رحمه الله: "إيَّاك والتسويف؛ فإنَّك بيومك ولست بغَدِك، فإنْ يكنْ لك غد، فكُنْ في غَدٍ كما كُنتَ في اليوم، وإنْ لم يكن لك غدٌ لم تندمْ على ما فرَّطت في اليوم".
وعن قتادة بن أبي الجلد قال: قرَأتُ في بعض الكتب: إنَّ (سوف) جُندٌ من جُندِ إبليس.
وروى ابن أبي الدنيا عن عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، إِيَّاكُمْ وَالتَّسْوِيفَ.. سَوْفَ أَفْعَلُ، سَوْفَ أَفْعَلُ".
ولا ترج فعل الصالحات إلى غد .. .. لعل غذا يأتي وأنت فقيد
ونختم بوصية يوسف بن أسباط لأخيه: "أي أخي، إياك وتأميرَ التسويف على نفسك، وتمكينَه من قلبك؛ فإنه محلُّ الكلال، ومَوئِل التلف، وبه تُقطَع الآمال، وفيه تنقَطِع الآجال.. وبادِرْ يا أخي فإنَّك مُبادَرٌ بك، وأسرع فإنَّك مسروعٌ بك، وجِدَّ فإنَّ الأمرَ جدٌّ".
إلى كم تجعل التسويف دأباً .. .. أما يكفيك إنذار المشيب؟
أمــا يكفــيك أنّك كلّ حـين .. .. تمرّ بقـبر خـلٍّ أو قريب؟
كأنّك قــد لحقت بهـم قريباً .. .. ولا يُغنيك إفراط النحيب لى

الكلم الطيب

 

لا يتوفر وصف للصورة.

 

{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ○ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}
[الشرح : ٧ - ٨]

هل تريد أن يشرح الله صدرك ويضع عنك وزرك ؟ إلزم هذه الآية فهي أبلغ وأعظم دافع إلى العمل والجد في استثمار الزمن قبل الندم .

هل تجد فراغاً في وقتك ؟
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} إعمل بحزم وقوة وثبات ... الفراغ فرصة للتقرب إلى الله ، فلا عطلة للمؤمن عن طاعة الله ، بل ينتقل من طاعة إلى طاعة .. وليس أجمل من وقت تدع به أشغال الدنيا وهمومها خلف ظهرك لتخلو بين يدي ربك بالنوافل ، فمن تمسك بركن قوي ياعزيزي كيف له أن يضعف ؟!! ..

{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} إلى ربك .. إليه سبحانه وليس إلى غيره .
(فارغب) ماذا ترغب ؟ عندما ترغب فيما عند الله يحبك الله ، أما إذا رغبت فيما عند الناس فإنهم يبغضونك . {إنا إلى الله راغبون} كل طريق إن خطوته لله انتظر فلاحه ، وكل نية جعلتها لله انتظر بركتها . عظّم رغبتك في إجابة دعائك وقبول عباداتك ، ولا تكن ممن فرغوا وأعرضوا عن ربهم فتكون من الخاسرين .

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×