اذهبي الى المحتوى
*محبة الرحمن*

دورة حفظ "الاربعين النووية"

المشاركات التي تم ترشيحها

s777.gif

 

"الحديث الرابع عشر"

 

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ :

(لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بإِحْدَى ثَلاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِيْ، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّاركُ لِدِيْنِهِ المُفَارِقُ للجمَاعَةِ)

رواه البخاري ومسلم.

 

 

 

www.uaekeys.com9.gif

 

"الشرح"

 

 

"لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ" أي لا يحل قتله،

 

وقوله: "امرِئٍ مُسْلِمٍ" التعبير بذلك لايعني أن المرأة يحل دمها، ولكن التعبير بالمذكر في القرآن والسنة

أكثر من التعبير بالمؤنث، لأن الرجال هم الذين تتوجه إليهم الخطابات وهم المعنيّون بأنفسهم وبالنساء.

 

وقوله: "مُسْلِمٍ" أي داخل في الإسلام.

 

"إِلاَّ بإِحْدَى ثَلاثٍ" يعني بواحدة من الثلاث:

 

الثَّيِّبُ الزَّانِيْ، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّاركُ لِدِيْنِهِ المُفَارِقُ للجمَاعَةِ

 

www.uaekeys.com9.gif

 

"الثَّيِّبُ الزَّانِي" فالثيب الزاني يحلّ دمه، والثيب هو : الذي جامع في نكاح صحيح،أي متزوج

فإذا زنا بعد أن أنعم الله عليه بنعمة النكاح الصحيح صار مستحقاً للقتل،

ومفهوم قوله "الثَّيِّبُ" لأن البكر( اي الأعزب الغير متزوج ) لايحل دمه إذا زنا،

وهو الذي لم يجامع في نكاح صحيح،

 

ويكون قتله رجماً بالحجارة حتى الموت

 

فإن قال قائل: ما الحكمة من كونه يقتل على هذا الوجه ؟

 

فالجواب: أن شهوة الجماع لا تختص بعضو معين، بل تشمل كل البدن، فلما تلذذ بدن الزاني المحصن بهذه اللذة المحرّمة

كان من المناسب أن يذوق البدن كلّه ألم هذه العقوبة التي هي الحدّ، فالمناسبة إذاً ظاهرة.

 

ويثبت الزنا بشهادة أربعة رجال مرضيين أنهم رأوا ذكر الزاني في فرج المزني بها ولابدّ،

والشهادة على هذا الوجه صعبة جداً، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

إنه لم يثبت الزنا بالشهادة قطّ، وهو في وقته.

 

والطريق الثاني لثبوت الزنا أن يقرّ الزاني بأنه زنا

 

 

www.uaekeys.com9.gif

 

وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ" المقصود به القصاص، أي أنه إذا قتل إنسانٌ إنساناً آخر عمداً ،

مكافئاً له في الدين والحرية والرّق قتل به.

يقُتِلَ حينئذٍ هذا الإنسان بالشروط المعروفة.

 

وعلى قولنا: في الدين وهو أهم شيء لايقتل المسلم بالكافر، لأن المسلم أعلى من الكافر،

ويقتل الكافر بالمسلم لأنه دونه.

 

وهل يشترط أن لايكون القاتل من أصول المقتول، أو لا يشترط؟

 

فالجواب: قال بعض أهل العلم إنه يشترط أن لايكون القاتل من أصول المقتول،

والأصول هم: الأب والأم والجد والجدة وما أشبه ذلك، وقالوا: لا يقتل والد بولده

واستدلّوا بحديث: "لايُقتَلُ الوَالِدُ بوَلَدِهِ"،

وبتعليل قالوا: لأن الوالد هو الأصل في وجود الولد فلا يليق أن يكون الولد سبباً في إعدامه.

 

وقال بعض أهل العلم: هذا ليس بشرط، وأنه يقتل الوالد بالولد إذا علمنا أنه قتله عمداً،

واستدلوا بعموم الحديث: "النَّفْسُ بالنَّفسِ" وعموم قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)(المائدة: من الآية45) .

 

وأجابوا عن أدلة الآخرين فقالوا: الحديث ضعيف، ولايمكن أن يقاوم النصوص المحكمة الدّالة على قتل النفس بالنفس.

 

وأما التعليل فالتعليل عليل، وجه ذلك: أن الوالد إذا قتل الولد ثم قتِلَ به فليس الولد هو السبب في إعدامه،

بل السبب في إعدامه فعل الوالد القاتل، فهو الذي جنى على نفسه، وهذا القول هو الراجح لقوة دليله بالعمومات

التي ذكرناها، ولأن هذا من أشدّ قطيعة الرحم، فكيف نعامل هذا القاطع الظالم المعتدي بالرّفق واللين، ونقول: لا قصاص عليه.

 

فالصواب: أن الوالد يقتل بولده سواء بالذكر كالأب، أو الأنثى كالأم.

 

www.uaekeys.com9.gif

 

"وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ" يعني بذلك المرتدّ بأي نوع من أنواع الرّدة.

وقوله: "المُفَارِقُ للجَمَاعَةِ" هذا عطف بيان، يعني أن التارك لدينه مفارق للجماعة خارج عنها.

و المراد بالجماعة أي جماعة المسلمين فالمرتد يقتل .

 

ولكن هل يستتاب قبل أن يقتل؟

 

في ذلك خلاف بين العلماء: منهم من قال: لايستتاب، بل بمجرّد أن يثبت كفره فإنه يقتل لقول النبي صلى الله عليه وسلم :

"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلوهُ" ولم يذكر استتابة.

ومنهم من قال: يستتاب ثلاثة أيام إن كان ممن تقبل توبتهم، لأن المرتدين بعضهم تقبل توبتهم،

وبعضهم لاتقبل، فإذا كان ممن تقبل توبته فإننا نستتيبه ثلاثة أيام، أي نحبسه ونقول:

لك مهلة ثلاثة أيام فإن أسلم رفعنا عنه القتل، وإن لم يسلم قتلناه.

 

والصحيح في الاستتابة: أنها ترجع إلى اجتهاد الحاكم، فإن رأى من المصلحة استتابته استتابه،

وإلا فلا، لعموم قوله : "مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقتُلُوهُ" ولأن الاستتابة وردت عن الصحابة رضي الله عنهم.

 

وهذا يختلف فقد يكون هذا الرجل الكافر أعلن كفره واستهتر فلاينبغي أن نستتيبه، وقد يكون أخفى كفره

وتاب إلى الله ورأينا منه محبة التوبة، فلكل مقام مقال.

 

وقولنا: يستتاب من تقبل توبته إشارة إلى أن المرتدين قسمان:

 

قسم تقبل توبتهم، وقسم لاتقبل.

 

قال أهل العلم: من عظمت ردته فإنه لاتقبل توبته بأن سب الله، أو سب رسوله، أو سب كتابه،

أو فعل أشياء منكرة عظيمة في الردة، فإن توبته لاتقبل، ومن ذلك المنافق فإنه لاتقبل توبته،

لأن المنافق من الأصل يقول إنه مسلم، فلا تقبل توبته.

 

وقيل: إن توبته مقبولة ولو عظمت ردته ولو سب الله أو رسوله أو كتابه ولو نافق،

وهذا القول هو الراجح، لكن يحتاج إلى تأنٍّ ونظر: هل هذا الرجل يبقى مستقيماً أو لا؟

 

فإذا علمنا من حاله أنه صادق التوبة قبلنا توبته لعموم قوله تعالى:

(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (الزمر: من الآية53)

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : "التَّوبَةُ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا" وهذا عام، وهذا القول هو الراجح وله أدلة.

 

اما المستهزئ فتقبل توبته بدليل قول الله تعالى:

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ

إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) [التوبة:65-66] ولا عفو إلا بالتوبة.

 

وفي المنافقين قال الله تعالى(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا *

إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ

يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً)(النساء:145-146) .

 

فالصواب: أن كل كافر أصلي أو مرتدّ إذا تاب من أي نوع من الكفر فإن توبته مقبولة.

 

ولكن مثل هؤلاء يحتاجون إلى مراقبة أحوالهم: هل هم صادقون،أو هم يستهزؤون بنا؟

يقولون: إنهم رجعوا إلى الإسلام وهم لم يرجعوا.

 

وإذا تاب يرتفع عنه القتل، لأن إباحة قتله إنما كانت لكفره، فإذا قبلنا توبته ارتفع الكفرعنه فارتفع قتله

إلا من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإن توبته تقبل لكن يجب أن يقتل،

ويقتل مسلماً بحيث نغسله ونكفنه ونصلي عليه وندفنه مع المسلمين، لكننا لانبقيه حياً.

ومن سب الله عزّ وجل إذا تاب فإنه لا يقتل.

 

فإن قال قائل: على ضوء هذا الكلام أيكون سب الله عزّ وجل دون سب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

 

فالجواب: لا والله لا يكون، بل سب الله أعظم، لكن الله تعالى قد أخبرنا أنه عافٍ عن حقه إذا تاب العبد،

فإذا تاب علمنا أن الله تاب عليه.

أما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لم يقل: من سبّني أو استهزأ بي ثم تاب فأنا أسقط حقي،

وعلى هذا فنحن نقتله لأن سب الرسول صلى الله عليه وسلم حق آدمي لم نعلم أنه عفا عنه.

 

فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن أناس سبّوه في عهده وارتفع عنهم القتل؟

 

فالجواب: هذا لا يمنع ما قلنا به لأن الحق حقه، وإذا عفا علمنا أنه أسقط حقه فسقط،

لكن بعد موته هل نعلم أنه أسقط حقه؟

 

الجواب: لا نعلم، ولا يمكن أن نقيس حال الموت علىحال الحياة،لأننا نعلم أن هذا القياس فاسد،

ولأننا نخشى أن يكثر سب الرسول صلى الله عليه وسلم لأن هيبة الرسول صلى الله عليه وسلم

في حياته أعظم من هيبته بعد مماته. والله أعلم.

 

www.uaekeys.com9.gif

 

من فوائد هذا الحديث :

 

1.احترام دماء المسلمين، لقوله: "لايَحِلُّ دَمُ امرِئٍ مُسلمٍ" وهذا أمر مجمع عليه دلَّ عليه الكتاب والسنة والإجماع،

قال الله تعالى في القرآن الكريم:

(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء: 93)

فقتل المسلم المعصوم الدم من أعظم الذنوب، ولهذا أول ما يقضى بين الناس في الدماء.

 

2. أن غير المسلم يحلّ دمه ما لم يكن معَاهَداً، أومستأمِناً، أو ذميّاً، فإن كان كذلك فدمه معصوم.

والمعاهد: من كان بيننا وبينه عهد، كما جرى بين النبي صلى الله عليه وسلم وقريش في الحديبية.

 

والمستأمن: الذي قدم من دار حرب لكن دخل إلينا بأمان لبيع تجارته أو شراء أو عمل،

فهذا محترم معصوم حتى وإن كان من قوم أعداء ومحاربين لنا، لأنه أعطي أماناً خاصاً.

 

والذّميّ: وهو الذي يسكن معنا ونحميه ونذبّ عنه، وهذا هو الذي يعطي الجزية بدلاً عن حمايته وبقائه في بلادنا.

إذاً قوله: "لايَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ" يخرج بذلك غير المسلم فإن دمه حلال إلا هؤلاء الثلاثة.

 

3. حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يرد كلامه أحياناً بالتقسيم، لأن التقسيم يحصر المسائل

ويجمعها وهو أسرع حفظاً وأبطأ نسياناً.

 

4. أن الثيب الزاني يقتل، برجمه بالحجارة، وصفته: أن يوقف ويرميه الناس بحجارة لاكبيرة ولا صغيرة،

لأن الكبيرة تقتله فوراً فيفوت المقصود من الرّجم، والصغيرة يتعذّب بها قبل أن يموت، بل تكون وسطاً،

فالثيب الزاني يرجم بالحجارة حتى يموت،سواء كان رجلاً أم امرأة.

 

www.uaekeys.com9.gif

1027.gif

وهنا انتهى الحديث الرابع عشر : )

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

871.gif

 

"الحديث الخامس عشر"

 

عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

 

(مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرَاً أَو لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ،

ومَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ)

رواه البخاري ومسلم.

 

871.gif

 

"الشرح"

 

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم– :(مـن كـان يـؤمن بالله، والـيـوم الآخـر )

،هذه الصيغة ترد في بعض الأحاديث، والمقصود هنا: من كان يؤمن إيماناً كاملاً، ولا

يصح تقدير من كان يؤمن وضدها لا يؤمن مطلقاً؛ لأنه المقصود الإيمان الكامل .

 

 

( من كان يؤمن بالله ) :الإيمان بالله عرفناه سابقاً في حديث جبريل، وكذلك الإيمان

باليوم الآخر،

 

( فليقل خيراً )، "فَلَيَقُلْ خَيرَاً" اللام للأمر، والخير نوعان:

 

خير في المقال نفسه، وخير في المراد به.

 

أما الخير في المقال: فأن يذكر الله عزّ وجل ويسبّح ويحمد ويقرأ القرآن ويعلم العلم

ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فهذا خير بنفسه.

 

وأما الخير لغيره: فأن يقول قولاً ليس خيراً في نفسه ولكن من أجل إدخال السرور على جلسائه،

فإن هذا خير لما يترتب عليه من الأنس وإزالة الوحشة وحصول الإلفة، لأنك لو جلست مع قوم

ولم تجد شيئاً يكون خيراً بذاته وبقيت صامتاً من حين دخلت إلى أن قمت صار في هذا وحشة وعدم إلفة،

لكن تحدث ولو بكلام ليس خيراً في نفسه ولكن من أجل إدخال السرور على جلسائك، فإن هذا خير لغيره.

 

 

871.gif

" أو لِيَصْمُتْ" أي يسكت.

 

"وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ" أي جاره في البيت،

والظاهر أنه يشمل حتى جاره في المتجر كجارك في الدكان مثلاً،

لكن هو في الأول أظهر أي الجار في البيت، وكلما قرب الجار منك كان حقه أعظم.

 

وأطلق النبي صلى الله عليه وسلم الإكرام فقال: "فليُكْرِم جَارَهُ" ولم يقل مثلاً بإعطاء الدراهم

أو الصدقة أو اللباس أو ما أشبه هذا، وكل شيء يأتي مطلقاً في الشريعة فإنه يرجع فيه إلى العرف،

 

فالإكرام إذاً ليس معيناً بل ما عدّه الناس إكراماً، ويختلف من جار إلى آخر، فجارك الفقير ربما يكون إكرامه برغيف خبز،

وجارك الغني لايكفي هذا في إكرامه، وجارك الوضيع ربما يكتفي بأدنى شيء في إكرامه، وجارك الشريف يحتاج إلى أكثر

 

والجار: هل هو الملاصق، أو المشارك في السوق، أو المقابل أو ماذا؟

 

هذا أيضاً يرجع فيه إلى العرف، لكن قد ورد أن الجار أربعون داراً من كل جانب ،وهذا في الوقت الحاضر صعب جداً.

 

في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعون داراً مساحتهم قليلة، لكن في عهدنا أربعون داراً قرية،

فإذا قلنا إن الجار أربعون داراً والبيوت قصور صار فيها صعوبة، ولهذا نقول:

إن صح الحديث فهو مُنَزَّل على الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم يصح رجعنا إلى العرف.

 

الجار له حق أياً كان، فإن كان قريباً لجاره، فله ثلاثة حقوق،

 

حق القرابة، حق الجوار، حق الإسلام،

 

إن كان ليس قريباً، وهو مسلم فله

 

حقان :حق الإسلام، وحق الجوار،

 

وإن كان الجار كافراً، فله حق واحد، وهو حق الجوار،

 

إذاً، الجار على أي صفة من الصفات فله حق، حتى ولو كان كافراً، لا كما يظن بعض

الناس، فالجار وإن كان كافراً فله حق، في إطعامه، واشرابه، بزيارته بالتحية له،

ودعوته إلى هذا الدين بالمعاملة الحسنة معه وهكذا.

 

" وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ ضَيْفَهُ" الضيف هو النازل بك، كرجل مسافر نزل بك،

فهذا ضيف يجب إكرامه بما يعد إكراماً.

 

قال بعض أهل العلم - رحمهم الله -: إنما تجب الضيافة إذا كان في القرى أي المدن الصغيرة،

وأما في الأمصار والمدن الكبيرة فلايجب، لأن هذه فيها مطاعم وفنادق يذهب إليها

ولكن القرى الصغيرة يحتاج الإنسان إلىمكان يؤويه.

 

ولكن ظاهر الحديث أنه عام: "فَليُكْرِمْ ضَيْفَهُ"

 

 

871.gif

 

من فوائد هذا الحديث:

1. وجوب السكوت إلا في الخير، لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليَقُلْ خَيرَاً أو لِيَصمُتْ"

هذا ظاهر الحديث، ولكن ظاهر أحوال الناس أن ذلك ليس بواجب، وأن المقال ثلاثة أقسام: خير، وشر، ولغو.

 

فالخير: هو المطلوب. والشر: محرم، أي أن يقول الإنسان قولاً شراً سواء كان القول شراً في نفسه أو شراً فيما يترتب عليه.

واللغو: ما ليس فيه خير ولاشرّ فلا يحرم أن يقول الإنسان اللغو، ولكن الأفضل أن يسكت عنه.

 

ويقال: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، وكم كلمة ألقت في قلب صاحبها البلاء،

والكلمة بيدك ما لم تخرج من لسانك، فإن خرجت من لسانك لم تملكها.

 

وإذا دار الأمر بين أن أسكت أو أتكلم فالمختار السكوت،لأن ذلك أسلم.

 

2. الحث على حفظ اللسان لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرَاً أَوْ لِيَصْمُتْ"

ولما حدث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه قال له: أَلا أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟

قَالَ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ، فَأَخذَ بِلِسَانِ نَفْسِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، قَالَ: يَارَسُولَ اللهِ،وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟

- الجملة استفهامية - قَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّار عَلَى وُجُوهِهِم،

أَو قَالَ: "عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ" فاحرص على أن لاتتكلم إلا حيث كان الكلام خيراً،

فإن ذلك أقوى لإيمانك وأحفظ للسانك وأهيب عند إخوانك.

 

3. وجوب إكرام الجار لقوله: "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ جَارَهُ" وهذا الإكرام مطلق يرجع فيه إلى العرف،

فتارة يكون إكرام الجار بأن تذهب إليه وتسلم عليه وتجلس عنده. وتارة تكون بأن تدعوه إلى البيت وتكرمه،

وتارةبأن تهدي إليه الهدايا، فالمسألة راجعة إلى العرف.

 

4. ان دين الإسلام دين الألفة والتقارب والتعارف بخلاف غيره، فإنك ترى أهل الملة الواحدة لايكاد يعرف بعضهم بعضاً،

متفرقون، حتى الجار لايدري ماذا يحدث لجاره.

 

5. وجوب إكرام الضيف بما يعد إكراماً، وذلك بأن تتلقاه ببشر وسرور، وتقول: ادخل حياك الله وما أشبه ذلك من العبارات.

وظاهر الحديث أنه لافرق بين الواحد والمائة، لأن كلمة (ضيف) مفرد مضاف فيعم، فإذا نزل بك الضيف فأكرمه بقدر ما تستطيع.

 

لكن إذا كان بيتك ضيقاً ولامكان لهذا الضيف فيه ولست ذا غنى كبير بحيث تعد بيتاً للضيوف،

فهل يكفي أن تقول: يا فلان بيتي ضيق والعائلة ربما إذا دخلت أقلقوك،

ولكن خذ مثلاً مبلغاً من المال - حسب الحال - تبيت بها في الفندق فهل يكفي هذا أو لايكفي ؟

 

الجواب: للضرورة يكفي، وإلا فلا شك أنك إذا أدخلته البيت ورحبت به وانطلق وجهك معه أنه أبلغ في الإكرام،

ولكن إذا دعت الضرورة إلى مثل ما ذكرت فلابأس، فهذا نوع من الإكرام، والله أعلم

 

 

871.gif

 

من هنا: نلخص أخواتي إلى أن المسلم كالنخلة، أينما وجدت نفعت، والنخلة كل ما فيها ينفع،

ابتداء بثمرتها إلى سعفها إلى خوصها، إلى كربها، وكل ما فيها فهو نافع المسلم،

 

871.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

حياكن الله أخواتي الحبيبات

 

كيف حالكن مع حفظ الأحاديث ؟! : )

 

أرجوا من الله أن يهون الحفظ عليكن

 

أنا بانتظاركن غداً في صفحة التسميع :wub:

 

وفقكن الله لما يحب ويرضى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحديث السادس عشر

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم : أَوصِنِيْ، قَال : لاَ تَغْضَبْ[126]. رواه البخاري

 

ashefaa_30.gif

 

الشرح

 

" قَالَ: يَارَسُولَ اللهِ أَوصِنِي" الوصية: هي العهد إلى الشخص بأمر هام، كما يوصي الرجل مثلاً على ثلثه أوعلى ولده الصغير أو ما أشبه ذلك.

" قَالَ: لاَتَغْضَبْ" الغضب: بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم[127] فيغلي القلب، ولذلك يحمرّ وجهه وتنتفخ أوداجه وربما يقف شعره

 

ashefaa_30.gif

 

فهل مراد الرسول صلى الله عليه وسلم لاتغضب أي لايقع منك الغضب، أو المعنى: لاتنفذ الغضب ؟

لننظر: أما الأول فإن ضبطه صعب،لأن الناس يختلفون في هذا اختلافاً كبيراً، لكن لامانع أن نقول: أراد قوله: "لاَ تَغْضَبْ" أي الغضب الطبيعي، بمعنى أن توطن نفسك وتبرّد الأمر على نفسك.

وأما المعنى الثاني: وهو أن لا تنفذ مقتضى الغضب فهذا حق، فينهى عنه.

 

إذاً كلمة "لاَ تَغْضَبْ" هل هي نهي عن الغضب الذي هو طبيعي أو هي نهي لما يقتضيه الغضب ؟

إن نظرنا إلى ظاهر اللفظ قلنا: "لاَ تَغْضَبْ" أي الغضب الطبيعي، لكن هذا فيه صعوبة، وله وجه يمكن أن يحمل عليه بأن يقال: اضبط نفسك عند وجود السبب حتى لاتغضب.

 

والمعنى الثاني لقوله: لاَ تَغْضَبْ أي لا تنفذ مقتضى الغضب، فلو غضب الإنسان وأراد أن يطلّق امرأته، فنقول له: اصبر وتأنَّ.

فَرَدَّدَ الرَّجُلُ مِرَارَاً ، - أَيْ قَالَ: أَوْصِنِي - قَالَ: "لاَ تَغْضَبْ"

 

ashefaa_30.gif

 

من فوائد هذا الحديث:

 

.1حرص الصحابة رضي الله عنهم على ماينفع، لقوله: "أَوصِنِيْ" ، والصحابة رضي الله عنهم إذا علموا الحق لايقتصرون على مجرّد العلم، بل يعملون، وكثير من الناس اليوم يسألون عن الحكم فيعلمونه ولكن لايعملون به، أما الصحابة رضي الله عنهم فإنهم إذا سألوا عن الدواء استعملوا الدواء، فعملوا.

 

.2 أن المخاطب يخاطب بما تقتضيه حاله وهذه قاعدة مهمة، فإذا قررنا هذا لايرد علينا الإشكال الآتي وهو أن يقال: لماذا لم يوصه بتقوى الله عزّ وجل،كما قال الله عزّ وجل: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )(النساء: الآية131)

 

فالجواب: أن كل إنسان يخاطب بما تقتضيه حاله، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم عرف من هذا الرجل أنه غضوب فأوصاه بذلك.

مثال آخر: رجل أتى إليك وقال: أوصني، وأنت تعرف أن هذا الرجل يصاحب الأشرار، فيصح أن تقول: أوصيك أن لاتصاحب الأشرار، لأن المقام يقتضيه.

ورجل آخر جاء يقول: أوصني، وأنت تعرف أن هذا الرجل يسيء العشرة إلى أهله، فتقول له: أحسن العشرة مع أهلك.

فهذه القاعدة التي ذكرناها يدل عليها جواب النبي صلى الله عليه وسلم ، أي أن يوصى الإنسان بما تقتضيه حاله لا بأعلى ما يوصى به، لأن أعلى ما يوصى به غير هذا.

 

ashefaa_30.gif

 

.3النهي عن الغضب، لقوله: "لاَ تَغْضَبْ" لأن الغضب يحصل فيه مفاسد عظيمة إذا نفذ الإنسان مقتضاه، فكم من إنسان غضب فطلّق فجاء يسأل، وكم من إنسان غضب فقال: والله لا أكلم فلاناً فندم وجاء يسأل.

 

فإن قال قائل: إذا وجد سبب الغضب، وغضبَ الإنسان فماذا يصنع؟

نقول: هناك دواء - والحمد لله - لفظي وفعلي .

أما الدواء اللفظي: إذا أحس بالغضب فليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد غضب غضباً شديداً فقال: "إِنِّي أَعلَمُ كَلِمَةً لوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَايَجِد - يعني الغضب - لَوقَالَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ"[128] .

 

وأما الدواء الفعلي: إذا كان قائماً فليجلس، وإذا كان جالساً فليضطّجع،لأن تغير حاله الظاهر يوجب تغير حاله الباطن، فإن لم يفد فليتوضّأ، لأن اشتغاله بالوضوء ينسيه الغضب، ولأن الوضوء يطفئ حرارة الغضب.

 

وهل يقتصر على هذا؟

الجواب: لايلزم الاقتصار على هذا، قد نقول إذا غضبت فغادر المكان، وكثير من الناس يفعل هذا، أي إذا غضب خرج من البيت حتى لايحدث ما يكره فيما بعد .

 

ashefaa_30.gif

 

.4أن الدين الإسلامي ينهى عن مساوئ الأخلاق لقوله: "لاَ تَغضبْ" والنهي عن مساوئ الأخلاق يستلزم الأمر بمحاسن الأخلاق، فعوّد نفسك التحمل وعدم الغضب، فقد كان الأعرابي يجذب رداء النبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤثر في رقبته صلى الله عليه وسلم ثم يلتفت إليه ويضحك[129] مع أن هذا لو فعله أحد آخر فأقل شيء أن يغضب عليه،فعليك بالحلم ما أمكنك ذلك حتى يستريح قلبك وتبتعد عن الأمراض الطارئة من الغضب كالسكر، والضغط وما أشبهه. والله المستعان

 

ashefaa_30.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

اختى فى الله جزاكى الله عنا خير الجزاء واحبكى الله كما احببناكى انشاء الله

سابدا انشاع الله فى الحفظ وادعيلى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
www.uaekeys.com33.gif

 

"الحديث السابع عشر"

 

عَنْ أَبِي يَعْلَى شَدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

(إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ. فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ،

وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيْحَتَهُ) رواه مسلم

 

www.uaekeys.com33.gif

 

"الشرح"

 

" إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانُ عَلَى كُلِّ شَيء" أي في كل شيء، ولم يقل: إلى كل شيء،بل قال: على كل شيء،

يعني أن الإحسان ليس خاصاً بشيء معين من الحياة بل هو في جميع الحياة.

 

 

ثم ضرب أمثلة فقال: "فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ" والفرق بينهما: أن المقتول

لايحل بالقتل كما لو أراد إنسان أن يقتل كلباً مؤذياً، فنقول: أحسن القتلة. وكذا إذا أراد أن يقتل ثعباناً

فنقول: أحسن القتلة، وإذا ذبح فنقول: أحسن الذبحة، وهذا فيما يؤكل، أي يحسن الذبحة بكل ما يكون فيه

الإحسان، ولهذا قال: "وَليُحدّ أحدكم شَفْرَته" أي السكين، وحدُّها يعني حكها حتى تكون قوية القطع،

أي يحكها بالمبرد أو بالحجر أو بغيرهما حتى تكون حادة يحصل بها الذبح بسرعة.

 

" وَلْيُرِحْ ذَبِيْحَتَهُ" اللام للأمر، أي وليرح ذبيحته عند الذبح بحيث يمر السكين بقوة وسرعة .

 

www.uaekeys.com33.gif

 

هذه الحديث يمثل قاعدة كلية من قواعد الدين ومبدأ عظيما من مبادئه،

 

نراه حسب التفصيل الآتي:

 

الإحسان هو مبدأ من مبادئ الدين يجب أن يتعامل به المسلم في جميع المواضع؛

كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الله كتب الإحسان على كل شيء)

والله -جل وعلا- يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ )

[نحل: 90]، فالإحسان فوق مستوى العدل، فالإحسان أعلى مرتبة من العدل وكلاهما

مأمور به ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾.

 

وعندما نلاحظ كثيرا من الآيات والأحاديث النبوية نجد تعميق في هذا المبدأ

 

نفصل بما يقتضيه المقام،:

 

1. الإحسان في التعامل مع الله -عز وجل- :هو من أعلى أنواع الإحسان وسماه جبريل

في الحديث المشهور: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك) فعندما يستشعر

المسلم أثناء عبوديته لله -عز وجل- أنه يرى الله -عز وجل- أو أن الله يراه فإنه يصل إلى درجة

عليا من عبوديته لله -عز وجل-، فأعلى مقام العبودية أن يصل إلى هذا المستوى بحيث

ينسى ما أمامه، وما خلفه، وما عن يمينه، وما عن شماله، فلا يتجه إلا لما يقوم به من

العبادة: كالصلاة، والصيام، والحج حال صلاته، حال صيامه، حال حجه، حال إنفاقه، كل

هذا يكون باستشعاره بأن الله يراه،

 

 

www.uaekeys.com33.gif

 

2.الإحسان مع الخلق : سواء كان هؤلاء الخلق مما فيه حياة من الحيوان، أو مما ليس فيه حياة وأعلاهم الإنسان،

 

أ. فتعامل المسلم مع الإنسان : يجب أن يكون بالإحسان أي بهذه القاعدة العظيمة سواء كان هؤلاء

الخلق من أقرب الأقربين أو من أبعد الأبعدين، وأقرب الأقربين هم الوالدان وإن علو،

كما قال الله –تعالى-: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾[الإسراء: 23]،

وهناك الإحسان للوالدين القولي بالكلام، الإحسان الفعلي بالخدمة والقيام بالخدمة والقيام بالحاجات،

والقيام المالي: بأن يعطيهم ما يحتاجان إليه وفوق ما يحتاجان إليه، هذا مع أقرب الأقربين.

ومع أبعد الأبعدين -مع غير المسلمين- يجب أن يكون التعامل معهم بالإحسان لماذا؟

لأن الله –تعالى- يقول: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾[البقرة:83]، ومعنى الناس هنا المسلمون وغير المسلمين،

إذًا حتى مع أبعد الأبعدين مع ممن لا ينتمي إليك بقرابة ولا صداقة وزمالة ولا بجيرة ولا بشيء،

يجب أن تتعامل معه بالإحسان، كما قال الله –تعالى- وقال نبيه -صلى الله عليه وسلم-

 

و كيفية التعامل بالإحسان مع خلق الله تكون بهذه النقاط :

بالقول أو الفعل أو بالمال،

بالقول :أن لا أتكلم مع الناس الا بالكلام الطيب وأعلى الكلام الطيب الدعوة إلى الله ؛ لذلك قال الله –تعالى-:

﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾ [فصلت: 33]، فأعلى القول فيما بينك وبين الآخرين هو الدعوة إلى

الله -عز وجل- كما أن الدعوة هي أحسن القول، فكذلك يجب أن تكون هذه الدعوة بالحسنى،

كما قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾[النحل:125]

وفي المناظرة والمجادلة ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾[النحل:125]

فالمجادَل هنا أيا كان مسلمًا، كافرًا، صغيرًا أو كبيرًا يجب أن يكون بالحسنى،و الكلام اللين اللطيف، كما قال الله -

سبحانه وتعالى -:﴿وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 195] وقال الله - سبحانه وتعالى –

لموسى وهارون في مخاطبتهم فرعون ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾[طه: 44]، إذًا المخاطبة تكون

بالقول اللين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حذر من السباب والشتائم والكلام البذيء،

وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان على خلق عظيم في قوله و أعماله.

 

الإحسان بالفعل : كأن تعطف على الفقير ، المحتاج ، المسكين و اليتيم،

تقوم بخدماتك للآخرين: تشفع لهذا، تقوم بخدمة هذا، ترشد هذا، تنبه هذا، كل ما تدور

حوله الأفعال بما يستطيع،.. يُحسن الإنسان بفعله.

 

الإحسان أيضا بالمال: يشمل: الصدقة على الفقراء والمساكين، التبرعات لأهل الخير

للمجالات الخيرية، الشفاعة لأحد الأوقاف الوصايا، كل ما كان فيه خدمة للآخرين يكون

هذا من باب الإحسان المالي، إذًا الإحسان للناس أيا كانوا

وكلما قربت درجة الإنسان بالنسبة لك، يجب أن يعلوا إحسانك إليه .

 

ب. الإحسان إلى الحيوان، وهذا مثل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، الإحسان إلى

الحيوان مجالاته كثيرة، وليت جمعيات الرفق بالحيوان تسمع ما جعله الإسلام في

التعامل مع الحيوان وهو مبدأ الإحسان،

فالإحسان إلى الحيوان يكون بعدم إيذائه، بعدم تركه يجوع ويعطش،

ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في تكريس هذا المبدأ (وفي كل كبد رطبة أجر)،

وفي الحديث الآخر (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض )

 

 

ج. الإحسان في الأشياء الأخرى،: كالإحسان إلى البيئة بعدم إفساد هذه البيئة، و المحافظة على نظافتها ،

أو المحافظة على المنشآت كالمطارات مثلا ، الأسواق العامة الحدائق العامة،و أماكن جلوس الناس؛

ولذلك جاء في الأحاديث الحديث الكبير المشهور (الإيمان بضع وستون شعبة، أو

بضع وسبعون شعبة: أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) والرسول

-صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر قال(اتقوا اللاعنين) في حديث آخر (اتقوا الملاعن

الثلاثة) ذكر منها: البول، والغائط تحت الشجرة في الظل، أو البول في طريق الناس، كل

ذلك من الإحسان إلى الأشياء،.

أيضا من الإحسان إلى الأشياء إتقان العمل،

قال النبي –صلى الله عليه وسلم- (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)،

والإتقان كما أشرنا قبل قليل هو الإحسان

 

www.uaekeys.com33.gif

 

وهناك مسألة مهمة :

 

كيف نوفق بين التعامل مع الكافر بالإحسان مع أن الله أمرنا أن نتبرأ منهم ؟

 

هذه مسألة غاية في الأهمية ، ولذلك يخلط كثير من الناس في قضية الولاء و البراء،

وفي قضية التعامل. . فالتعامل مع غير المسلم:أن أتعامل معه بالحسنى، كما تعامل معه النبي -صلى الله عليه وسلم-

- كان له جار يهودي، وكان يزوره،وكان يمر على اليهود، وهم جالسون مع المسلمين،

ويسلم عليهم إذا كانوا مختلطين مع المسلمين، فكان يتعامل معهم بالحسنى -عليه الصلاة والسلام-،

هذا التعامل لا نخلطه في مسألة الولاء و البراء،

فالمحبة القلبية للمسلم مقدمة بلا شك، وأن يتبرأ المسلم من الكفر وأهله في القلب،

والتبرأ بالقلب لا يعني التبرأ المطلق، مثلا يعني: أن يكون الوالد والوالدة، من غير المسلمين،

ففي هذه الحالةلا يتبرأ المرء منهم من المحبة الفطرية لأن الله -سبحانه وتعالى-لما قال عن الوالدين المشركين

قال: ﴿ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ﴾[لقمان: 15]،

فالنفوس جبلت على محبة الوالد والولد، لكن ليست هذه المحبة الإيمانية التي تجعلني أساويه بأخي المسلم،

 

فحينئذ المحبة الفطرية لا ينسخها مسألة الولاء و البراء للمؤمنين والمؤمنات،

طبعا في غير هذه المحبة الفطرية يجب ألا تتعارض مع الأمر الشرعي، فإذا الوالد

الكافر أو الابن الكافر طلب من أبيه أو طلب منه أبيه الكافر أمرا يخالف أمر الله

–تعالى- فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق،

وهذه مسائل دقيقة يجب التنبه إليها، ونحن نقرر مبدأ الإحسان،

فالتعامل مع الوالدين الكافرين بالحسنى لا يتعارض مع أصل مبدأ الولاء و البراء

 

www.uaekeys.com33.gif

 

من فوائد هذا الحديث:

 

1. رأفة الله عزّ وجل بالعباد، وأنه كتب الإحسان على كل شيء. ويدخل في ذلك الإحسان

إلى شخص تدله الطريق،وكذا إطعام الطعام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما ذكره

النبي صلى الله عليه وسلم من القتل والذبح مجرد أمثلة.

 

2. الحث على الإحسان في كل شيء، لأن الله تعالى كتب ذلك أي شرعه شرعاً مؤكداً.

 

3. أنك إذا قتلت شيئاً يباح قتله فأحسن القتلة، ولنضرب لهذا مثلاً: رجل آذاه كلب من الكلاب

وأراد أن يقتله، فله طرق في قتله كأن يقتله بالرصاص، أو برضّ الرأس، أو بإسقائه السم،

أو بالصعق بالكهرباء، أنواع كثيرة من القتل، فنقتله بالأسهل، وأسهلها كما قيل: الصعق بالكهرباء،

لأن الصعق بالكهرباء لايحس المقتول بأي ألم ولكن تخرج روحه بسرعة من غير أن يشعر، فيكون هذا أسهل شيء.

 

يستثنى من ذلك القصاص، ففي القصاص يُفعل بالجاني كما فُعِل بالمقتول ، ودليل ذلك قصة اليهودي

الذي رضّ رأس الجارية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرَضَّ رأسه بين حجرين.

 

.4أن الله عزّ وجل له الأمر وإليه الحكم، لقوله: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ"

وكتابة الله تعالى نوعان: كتابة قدرية، وكتابة شرعية.

الكتابة القدرية لابد أن تقع، والكتابة الشرعية قد تقع من بني آدم وقد لاتقع.

مثال الأول: قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الانبياء:105) فهذه كتابة قدرية.

ومثال الثاني: قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ )(البقرة: الآية216) أي كتب كتابة شرعية.

 

وقوله: (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) يجب أن تعلم أن الضمير في قوله: (وَهُوَ) يعود على القتال وليس يعود على الكتابة،

لأن الصحابة رضي الله عنهم لايمكن أن يكرهوا فريضة الله لكن يكرهون القتل ويقاتلون فيقتلون.

وفرق بين أن يكره الإنسان حكم الله، أو أن يكره المحكوم به.

ومن الكتابة الشرعية قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام)(البقرة: الآية183) أي كتب شرعاً.

 

5. أن الإحسان شامل في كل شيء، كل شيء يمكن فيه ا لإحسان لقوله: إِنَّ الله كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كِلِّ شَيء

 

6. حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم بضرب الأمثال، لأن الأمثلة تقرّب المعاني في قوله: إِذَا قَتَلتُمْ.. إِذَا ذَبَحْتُمْ .

 

7. وجوب إحسان القِتلة،لأن هذا وصف للهيئة لا للفعل.

وإحسان القتلة على القول الراجح هو اتباع الشرع فيها سواء كانت أصعب أو أسهل،

 

8. أن نحسن الذبحة، بأن نذبحها على الوجه المشروع، والذبح لابد فيه من شروط:

 

(1) أهلية الذابح بأن يكون مسلماً أو كتابياً، فإن كان وثنياً لم تحل ذبيحته، وإن كان مرتدّاً لم تحل ذبيحته،

وعلى هذا فتارك الصلاة لاتحل ذبيحته لأنه ليس مسلماً ولا كتابياً.

 

فإذا قال قائل: ما هو الدليل على أن ذبيحة الكتابي حلال؟

 

فالجواب: قول الله عزّ وجل: ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ)(المائدة: الآية5)

قال ابن عباس رضي الله عنهما: طعامهم: ما ذبحوه، والكتابي: هو اليهودي أو النصراني

 

(2) أن تكون الآلة مما يباح الذبح بها، وهي: كل ما أنهر الدم من حديد أو فضة أو ذهب أو حصى أو قصب،

أي شيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ ومعنى: أَنْهَرَ الدَّمَ أي أساله.

فلو أن إنساناً ذبح بحجر له حد وأنهر الدم، فالذبيحة حلال، إلا أنه يستثنى شيئان:

السن، والظفر، علل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بقوله:

أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظِّفْرُ فَمُدَى الحَبَشَة أي سكاكين الحبشة.

 

(3) إنهار الدم أي إسالته، ويكون إنهار الدم بقطع الودجين وهما العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم،

وهذان العرقان متصلان بالقلب فإذا قطعا انهال الدم بكثرة وغزارة، ثم ماتت الذبيحة بسرعة.

والدليل على إنهار الدم قول النبي صلى الله عليه وسلم : مَا أَنهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، فاشترط إنهار الدم

 

(4) ذكر اسم الله عليها عند الذبح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَا أَنهرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ

فَكُلْ فإذا كان إنهار الدم شرطاً فكذلك التسمية شرط،بل إن الله تعالى أكد هذا بقوله:

(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وإنه لفِسْقُ)(الأنعام: الآية121)

فإذا ذبح إنسان ذبيحة ولم يسمّ فالذبيحة حرام.

 

فإذا نسي أن يسمي فإنها حرام، لأن الشرط لايسقط بالنسيان بدليل أن الرجل لو صلى محدثاً ناسياً فصلاته غير صحيحة،

ولأن الله تعالى قال: (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)[الأنعام:121] وأطلق بالنسبة للذابح.

 

يستثنى من قولنا: أن يقطع الودجين وهما في الرقبة ما ليس مقدوراً عليه من الحيوان،فالذي ليس مقدوراً

عليه يحل بطعنه في أي موضع كان من بدنه، فلو ندّ لنا بعير - أي هرب - وعجزنا عن إدراكه ورميناه

بالرصاص وأصابت الرصاصة بطنه وخرقت قلبه ومات، فإنه يكون حلالاً لأنه غير مقدور عليه.

وكذلك لو سقط في بئر ولم نتمكن من النزول إليه للننحره ورميناه وأصابت الرصاصة أي مكان من بدنه فمات فهو حلال.

 

www.uaekeys.com33.gif

 

ومن فوائد هذا الحديث أيضاً:

 

1. -وجوب حد الشفرة، لأن ذلك أسهل للذبيحة، ومعنى إحدادها: أن يمسحها بشيء يجعلها حادة،

فإن ذبح بشفرةكالّة أي ليست بجيدة ولكن قطع ما يجب قطعه فالذبيحة حلال لكنه آثم حيث لم يحد الشفرة.

ولا يحد الشفرة أمامها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحد الشفار، وأن توارى عن البهائم ،أي تغطى.

ولأنه إذا حدها أمامها فهي تعرف، ولهذا أحياناً إذا حد الشفرة أمام الذبيحة هربت خوفاً من الذبح وعجزوا عنها.

 

2. وجوب إراحة الذبيحة وذلك بسرعة الذبح، فلا يبقى هكذا يحرحر بل بسرعة لأنه أريح لها.

 

.3إذا أراد الإنسان أن يؤدب أهله، أو ولده فليؤدب بإحسان؟

 

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَن لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدَاً تَكْرَهُونَهُ،

فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضرِبُوهُنَّ ضَرْبَاً غَيْرَ مُبَرِّحٍ فنقول:حتى في التأديب إذا أدبت فأحسن التأديب ولاتؤدّب بعنف.

وبعض الناس يؤدّب بعنف يظن أن ذلك أنفع، وليس هكذا، بل اضرب ضرباً لاتسرف فيه.

 

ولهذا قال العلماء في كتاب الجنايات: لو أنه ضرب ولده ضرباً أسرف فيه ومات ضمنه، أما إذا أدّبه تأديباً عادياً

بدون عنف ثم مات فلا ضمان عليه. والله أعلم.

 

www.uaekeys.com33.gif

 

 

يعنى هنا نتساءل: أين الذين يتهمون هذا الدين بأنه دين إرهابي ، أو دين يتعدى على الآخرين،

في هذا تكريس مبدأ الإحسان سواء مع الإنسان وكذلك مع الحيوان، فإذا كان هذا التعامل مع الحيوان،

فكيف يكون التعامل مع الإنسان؟!

 

كذلك هذا الإحسان إذا تعامل به المسلم مع الناس، ومع الحيوان، ومع البيئة، ومع

عمله وغير ذلك، ماذا تكون النتيجة؟ ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)[الرحمن: 60]،

، والله - سبحانه وتعالى – أخبر أنه يحب المحسنين فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ

المُحْسِنِينَ ﴾[ البقرة:195] فليست المسألة عطية مقابل عطية، إنما المسألة

رحمة الله، ومحبة الله -عز وجل- وأيضا سينال ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت،

ولا خطر على قلب بشر.

 

www.uaekeys.com33.gif

rosenblute1.gif

وهنا انتهى الحديث السابع عشر : )

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

حياكِ الله أختي الحبيبة آية

جزاكِ الله خيراً على حُسن المتابعة

وسامحيننا أنت وأخواتي على التقصير لظروف،..

إن شاء الله نعوض هذا الحديث في الأسبوع القادم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

f04c65b81e.gif

 

de564ff06e.gifالحديث الثامن عشرde564ff06e.gif

 

عَنْ أَبِيْ ذَرٍّ جُنْدُبِ بنِ جُنَادَةَ وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَاذِ بِنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا

عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

(اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ)

رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وفي بعض النسخ: حسنٌ صحيح.

 

afe3f9351b.gifafe3f9351b.gifafe3f9351b.gifafe3f9351b.gif

 

de564ff06e.gifالشرحde564ff06e.gif

 

قوله: "اتَّقِ اللهَ" أي اتخذ وقاية من عذاب الله عز وجل، وذلك بفعل أوامره واجتناب نواهيه.

 

بعض أهل العلم يعبر عن التقوى بتعبيرات مختلفة كلها تعود إلى امتثال الأوامر، واجتناب النواهي.

 

من ذلكم مثلا: بعضهم قال: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب

الله، وأن تجتنب معاصي الله؛ خشية الوقوع في عذاب الله .

 

وبعضهم يعبر عن التقوى بأن تعمل بما أمرك الله، فلا يفقدك حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك،

 

عوامل التقوى كثيرة من أهمها:

**أن يربي الإنسان نفسه، أن يستشعر عظمة الله -سبحانه وتعالى-

**المحافظة على الفرائض ،لأن أفضل ما تقرب به العبد لربه -عز وجل- هو ما افترضه عليه -سبحانه وتعالى-

**الإكثار من القراءة لكتاب الله -عز وجل-؛ لأن فيه لفتات كبيرة لصفات المتقين ولأحوال الأنبياء

و الرسل و لعوامل التقوى وما يجب أن يعمله الإنسان،

فكثرة القراءة في كتاب الله تجعله قريبًا من هذه التقوى ومن المتقين -بإذن الله -عز وجل-

**والنوافل لها أثر كبير في زيادة التقوى

**كذلك مصاحبة الأخيار المتقين، والقراءة في سيرة النبي - صلى الله

عليه وسلم – وأحواله،و القراءة في سير الصحابة والتابعين والأئمة وأهل الفضل والإحسان،

فكل هذا يجعل الإنسان يرى أن هؤلاء قدوة يتشبه بهم.

 

" حَيْثُمَا كُنْتَ" حيث: ظرف مكان، أي في أي مكان كنت سواء في العلانية أو في السر،

وسواء في البيت أو في السوق، وسواء عندك أناس أو ليس عندك أناس.

 

afe3f9351b.gifafe3f9351b.gifafe3f9351b.gifafe3f9351b.gif

 

" وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا" إذا فعلت سيئة فأتبعها بحسنة،فهذه الحسنة تمحو السيئة

 

واختلف العلماء - رحمهم الله - هل المراد بالحسنة التي تتبع السيئة هي التوبة، فكأنه قال: إذا أسأت فتب، أو المراد العموم؟

الصواب: الثاني، أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن توبة، دليل هذا قوله تعالى:

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات) (هود: الآية114)

ولما سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجل وقال: إنه أصاب من امرأة ما يصيب الرجل من امرأته إلا الزنا،

وكان قد صلى معهم الفجر، فقال: أصليت معنا صلاة الفجر؟ قال: نعم، فتلا عليه الآية:( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ) [هود:114][141]

وهذا يدل على أن الحسنة تمحو السيئة وإن لم تكن هي التوبة.

 

" وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا" فبين النتيجة هي أنها تمحوها.

 

" وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ" أي عامل الناس بخلق حسن.

 

والخُلُق: هو الصفة الباطنة في الإنسان، والخَلْقُ: هو الصفة الظاهرة،والمعنى: عامل الناس بالأخلاق الحسنة بالقول وبالفعل.

 

فما هو الخلق الحسن؟

 

قال بعضهم: الخلق الحسن: كف الأذى، وبذل الندى، والصبر على الأذى - أي على أذى الغير - والوجه الطلق.

 

كف الأذى منك للناس.

 

بذل الندى أي العطاء.

 

الصبر على الأذى لأن الإنسان لايخلو من أذية من الناس.

 

الوجه الطلق: طلاقة الوجه.

 

وضابط ذلك ما ذكره الله عزّ وجل في قوله: (خُذِ الْعَفْوَ ) [الأعراف:199] أي خذ ما عفا وسهل من الناس،

ولاترد من الناس أن يأتوك علىما تحب لأن هذا أمر مستحيل، لكن خذ ما تيسر(وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) [الأعراف:199]

 

وهل الخلق الحسن جِبْلِيٌّ أو يحصل بالكسب؟

 

الجواب: بعضه جبلي، وبعضه يحصل بالكسب، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشجّ عبد قيس:

"إِنَّ فِيْكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلْمُ وَالأَنَاةُ" قال: يارسول الله أخلقين تخلّقت بهما أم جبلني الله عليهما؟

قال: "بَلْ جَبَلَكَ اللهُ عَلَيْهِمَا" قال: الحمد لله الذي جبلني على ما يحب.

 

فالخلق الحسن يكون طبيعياً بمعنى أن الإنسان يمنّ الله عليه من الأصل بخلق حسن.

ويكون بالكسب بمعنى أن الإنسان يمرّن نفسه على الخلق الحسن حتى يكون ذا خلق حسن.

 

والعجيب أن الخلق الحسن يُكسِب الإنسان الراحة والطمأنينة وعدم القلق لأنه مطمئن من نفسه في معاملة غيره.

 

afe3f9351b.gifafe3f9351b.gifafe3f9351b.gifafe3f9351b.gif

 

de564ff06e.gifمن فوائد هذا الحديث: de564ff06e.gif

 

أولاً : وجوب تقوى الله عزّ وجل حيثما كان الإنسان، لقوله: "اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ" وذلك بفعل أوامره

واجتناب نواهيه سواء كنت في العلانية أو في السر.

 

وأيهما أفضل: أن يكون في السر أو في العلانية؟

 

وفي هذا تفصيل: إذا كان إظهارك للتقوى يحصل به التأسّي والاتباع لما أنت عليه فهنا إعلانها أحسن وأفضل،

ولهذا مدح الله الذين ينفقون سرّاً وعلانية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَومِ القِيَامَةِ"

 

أما إذا كان لايحصل بالإظهار فائدة فالإسرار أفضل،لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يظلّهم الله في ظله:

"رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِيْنُهُ"

 

وهل الأفضل في ترك المعاصي إعلانه أو إسراره؟

 

يقال فيه ما قيل في الأوامر، فمثلاً إذا كان الإنسان يريد أن يدخل في عمل فقيل له:إنه يشتمل على محرم كالأمور الربوية

فتركه جهاراً، فذلك أفضل لأنه يُتأسّى به، وأما إذا كان الأمر لايتعدى إلى الغير ولا ينتفع به فالإسرار أفضل.

 

فإن قال قائل: قوله صلى الله عليه وسلم : "اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ" هل يشمل فعل الأوامر في أماكن غير لائقة كالمراحيض مثلاً؟

 

الجواب: لا تفعل الأوامر في هذه الأماكن، ولكن انوِ بقلبك أنك مطيع لله عزّ وجل ممتثل لأمره مجتنب لنهيه.

 

ثانياً : أن الحسنات يذهبن السيئات لقوله: أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا.

ثالثاً : فضل الله عزّ وجل على العباد وذلك لأننا لو رجعنا إلى العدل لكانت الحسنة لاتمحو السيئة

إلا بالموازنة، وظاهر الحديث العموم.

 

وهل يُشترط أن ينوي بهذه الحسنة أنه يمحو السيئة التي فعل؟

 

فالجواب: ظاهر الحديث: لا، وأن مجرد فعل الحسنات يذهب السيئات، وهذا من نعمة الله عزّ وجل على العباد

ومن مقتضى كون رحمته سبقت غضبه.

 

رابعاً : الحث على مخالقة الناس بالخلق الحسن، لقوله: "وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ".

فإن قيل: معاملة الناس بالحزم والقوة والجفاء أحياناً هل ينافي هذا الحديث أو لا؟

 

فالجواب: لا ينافيه، لأنه لكل مقام مقال، فإذا كانت المصلحة في الغلظة والشدة فعليك بها،

وإذا كان الأمر بالعكس فعليك باللين والرفق، وإذا دار الأمر بين اللين والرفق أو الشدة والعنف فعليك باللين والرفق،

لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللهَ رَفِيْقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ" ولقد جرت أشياء كثيرة تدل على فائدة الرفق

ومن ذلك: مرّ يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: السام عليك يامحمد - والسام يعني الموت -

فقالت عائشة رضي الله عنها : عليك السام واللعنة - جزاءً وفاقاً وزيادة أيضاً -

فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم وقال:

"إِنَّ اللهَ رَفِيْقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الكَتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ" . والله الموفّق.

 

afe3f9351b.gifafe3f9351b.gifafe3f9351b.gifafe3f9351b.gif

post-15484-1151541480.gif

وهنا انتهى الحديث الثامن عشر : )

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

w6w200504230824086c096eda.gif

الحديث التاسع عشر

 

عَنْ أَبِي عَبَّاسٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم يَومَاً فَقَالَ:

(يَا غُلاَمُ إِنّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ : احْفَظِ اللهَ يَحفَظك، احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ، إِذَاَ سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ،

وَإِذَاَ اسْتَعَنتَ فَاسْتَعِن بِاللهِ، وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك،

وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّتِ الصُّحُفُ)

رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح

 

- وفي رواية - غير الترمذي: (اِحفظِ اللهَ تَجٍدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفْكَ في الشّدةِ،

وَاعْلَم أن مَا أَخطأكَ لَمْ يَكُن لِيُصيبكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئكَ، وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ،

وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَربِ، وَأَنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً)

 

pnkCrnbar.gif

 

الشرح

 

قوله "كُنْتُ خَلْفَ النبي" يحتمل أنه راكب معه ويحتمل أنه يمشي خلفه،وأياً كان فالمهم أنه أوصاه بهذه الوصايا العظيمة.

 

" يَا غُلامُ" لأن ابن عباس رضي الله عنهما كان صغيراً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وابن عباس

قد ناهز الاحتلام يعني من الخامسة عشر إلى السادسة عشر أو أقل .

 

قال: "إني أُعَلمُكَ كَلِمَاتٍ" قال ذلك من أجل أن ينتبه لها "اِحْفَظِ اللهَ يَحفَظكَ" هذه كلمة عظيمة جليلة

واحفظ تعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه وكذلك بأن تتعلم من دينه ما تقوم به

عبادتك ومعاملاتك وتدعو به إلى الله عزّ وجل،واحفظ الله يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك لأن

الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانه وأهم هذه الأشياء هو أن يحفظك في دينك ويسلمك من

الزيغ والضلال لأن الإنسان كلما اهتدى زاده الله عزّ وجل هدى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) (محمد:17) ،

وعُلِمَ من هذا أن من لم يحفظ الله فإنه لا يستحق أن يحفظه الله عزّ وجل وفي هذا الترغيب على حفظ حدود الله عزّ وجل .

 

pnkCrnbar.gif

 

الكلمة الثانية قال "احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تجَاهَكْ" ونقول في قوله: احْفَظِ اللهَ كما قلنا في الأولى،

ومعنى تجده تجاهك وأمامك معناهما واحد يعني تجد الله عزّ وجل أمامك يدلك على كل خير

ويقربك إليه ويهديك إليه ويذود عنك كل شر ولا سيما إذا حفظت الله بالاستعانة به فإن الإنسان

إذا استعان بالله عزّ وجل وتوكل عليه كان الله حسبه ولا يحتاج إلى أحد بعد الله قال تعالى:

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (الأنفال:64)

 

أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين فإذا كان الله حسب الإنسان فإنه لن يناله سوء ولهذا قال: "احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تجَاهَكَ" .

 

pnkCrnbar.gif

 

الكلمة الثالثة: "إذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ" إذا سالت حاجة فلا تسأل إلاالله عزّ وجل ولاتسأل المخلوق شيئاً

وإذا قدر أنك سألت المخلوق ما يقدر عليه فاعلم أنه سبب من الأسباب وأن المسبب هو الله عزّ وجل

لو شاء لمنعه من إعطائك سؤالك فاعتمد على الله تعالى.

 

pnkCrnbar.gif

 

الكلمة الرابعة: "وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ" فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فلا تطلب العون

إلا من الله عزّ وجل، لأنه هو الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وهو يعينك إذا شاء وإذا أخلصت

الاستعانة بالله وتوكلت عليه أعانك، وإذا استعنت بمخلوق فيما يقدر عليه فاعتقد أنه سبب، وأن الله

هو الذي سخره لك. وفي هاتين الجملتين دليل على أنه من نقص التوحيد أن الإنسان يسأل غير الله،

ولهذا تكره المسألة لغير الله عزّ وجل في قليل أو كثير، والله سبحانه وتعالى إذا أراد عونك يسر لك

العون سواء كان بأسباب معلومة أو غير معلومة، فقد يعينك الله بسبب غير معلوم لك, فيدفع عنك من

الشر ما لا طاقة لأحد به، وقد يعينك الله على يد أحد من الخلق يسخره لك ويذلِّله لك حتى يعينك، ولكن

مع ذلك لا يجوز لك إذا أعانك الله على يد أحد أن تنسى المسبب وهو الله عزّ وجل.

 

pnkCrnbar.gif

 

الكلمة الخامسة: "وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك" الأمة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك,

وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في الحقيقة لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا

على أن نعتمد على الله عزّ وجل ونعلم أن الأمة لا يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عزّ وجل.

 

pnkCrnbar.gif

 

الكلمة السادسة : "وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ"

وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره،

ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضر عنك،لأن الله تعالى يقول(وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ) (الشورى: الآية40) .

 

pnkCrnbar.gif

 

الكلمة السابعة: "رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّت الصُّحُفُ" يعني أن ما كتبه الله عزّ وجل قد انتهى

فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله .

 

pnkCrnbar.gif

 

قوله رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية غير الترمذي: "اِحفظِ اللهَ تَجدهُ أَمَامَكَ"

وهذا بمعنى "احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تُجَاهَكَ، تَعَرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يَعرِفُكَ في الشّدةِ" يعني قم بحق الله

عزّ وجل في حال الرخاء وفي حال الصحة وفي حال الغنى يَعرِفكَ في الشّدةِ إذا زالت عنك الصحة

وزال عنك الغنى واشتدت حاجتك عرفك بما سبق لك أو بما سبق فعل الخير الذي تعرفت به إلى الله عزّ وجل.

"وَاعْلَم أَنَّ مَا أَخطَأَكَ لَمْ يَكُن ليُصيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَم يَكُن ليُخطِئُكَ" أي ما وقع عليك فلن يمكن دفعه،

وما لم يحصل لك فلا يمكن جلبه، ويحتمل أن المعنى، يعني أن ما قدر الله عزّ وجل أن يصيبك فإنه لا يخطئك،

بل لابد أن يقع لأن الله قدره.

 

وأن ما كتب الله عزّ وجل أن يخطئك رفعه عنك فلن يصيبك أبداً، فالأمر كله بيد الله،وهذا يؤدي إلى أن يعتمد

الإنسان على ربه اعتماداً كاملاً ثم قال: "وَاعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ" فهذه الجملة فيها الحث على الصبر،

لأنه إذا كان النصر مع الصبر فإن الإنسان يصبر من أجل أن ينال النصر، والصبر هنا يشمل الصبر على طاعة الله

وعن معصيته وعلى أقداره المؤلمة، لأن العدو يصيب الإنسان من كل جهة فقد يشعر الإنسان أنه لن يطيق عدوه

فيتحسر ويدع الجهاد، وقد يشرع في الجهاد ولكن إذا أصابه الأذى استحسر وتوقف، وقد يستمر ولكنه يصيبه

الألم من عدوه فهذا أيضاً يجب أن يصبر، قال الله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) (آل عمران: الآية140)

وقال الله تعالى: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا

لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء:104) فإذا صبر الإنسان وصابر ورابط فإن الله سبحانه ينصره.

 

وقوله: "وَاعْلَمْ أَن الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ" الفرج انكشاف الشدة والكرب، فكلما اكتربت الأمور فإن الفرج قريب،

لأن الله عزّ وجل يقول في كتابه: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوء) (النمل: الآية62) فكل يسر

بعد عسر بل إن العسر محفوف بيسرين، يسر سابق ويسر لاحق قال الله تعالى:

(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) ، قال ابن عباس رضي الله عنه "لَن يَغلُبَ عسرٌ يُسرَين" .

 

pnkCrnbar.gif

 

من فوائد الحديث :

 

1. ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم لمن هو دونه حيث قال: "يَا غُلام إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ".

 

2. أنه ينبغي لمن ألقي كلاماً ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه، حيث قال: "يَا غُلاَمُ إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ".

 

3. أن من حفظ الله حفظه الله لقوله: "احفَظ الله يَحفَظكَ".

 

4. أن من أضاع الله - أي أضاع دين الله - فإن الله يضيعه ولا يحفظه،قال تعالى:

(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (الحشر: 19)

 

5. أن من حفظ الله عزّ وجل هداه ودله على ما فيه الخير، وأن من لازم حفظ الله له أن يمنع عنه الشر.

 

6. أن الإنسان إذا احتاج إلى معونة فليستعن بالله، ولكن لا مانع أن يستعين بغير الله ممن يمكنه أن يعينه

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وتُعينَ الرجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحمِلَهُ عَليها أَو تَرْفَعَ لَهُ عَليها مَتَاعَهُ صَدَقَة".

 

7. أن الأمة لن تستطيع أن تنفع أحداً إلا إذا كان الله قد كتبه له، ولن يستطيعوا أن يضروا أحداً

إلا أن يكون الله تعالى قد كتب ذلك عليه.

 

8. أنه يجب على المرء أن يكون معلقاً رجاءه بالله عزّ وجل وأن لايلتفت إلى المخلوقين،

فإن المخلوقين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً.

 

9. أن كل شيء مكتوب منتهٍ منه، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عزّ وجل

كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة..

 

10. في الرواية الأخرى أن الإنسان إذا تعرف إلى الله عزّ وجل بطاعته في الصحة والرخاء

عرفه الله تعالى في حال الشدة فلطف به وأعانه وأزال شدته.

 

11. أن الإنسان إذا كان قد كتب الله عليه شيئاً فإنه لا يخطئه، وأن الله عزّ وجل إذا لم يكتب عليه شيئاً فإنه لا يصيبه.

 

12. البشارة العظيمة للصابرين، وأن النصر مقارن للصبر.

 

13. فيه البشارة العظيمة أيضاً بأن تفريج الكربات وإزالة الشدائد مقرون بالكرب، فكلما كر ب الإنسان الأمر فرج الله عنه.

 

14. البشارة العظيمة أن الإنسان إذا أصابه العسر فلينتظر اليسر، وقد ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم،

فقال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) فإذا عسرت بك الأمور فالتجيء

إلى الله عزّ وجل منتظراً تيسيره مصدقاً بوعده.

 

15. تسليةالعبد عند حصول المصيبة، وفوات المحبوب على أحد المعنيين في قوله:

"وَاعْلَم أن مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئكَ ، وَمَا أخطأَكَ لَمْ يَكُن لِيصيبَك" فالجملة الأولى

تسلية في حصول المكروه،والثانية تسلية في فوات المحبوب. والله الموفق.

 

pnkCrnbar.gif

 

w6w_w6w_20050428104549574eeb4f82f.gifw6w_w6w_20050428104549574eeb4f82f.gif

w6w_w6w_20050428104549574eeb4f82f.gif

وهنا انتهى الحديث التاسع عشر: )

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

حياكن الله أخواتي الحبيبات : )

 

يا صاحبات الهمم ، أرجو منكن مراجعة ما سبق من حفظ الأحاديث

وفقكن الله لما يحبه ويرضاه ، ولا تنسين بارك الله بكن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام:

(( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ))

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

w6w200504201619058cfef1ec.gif

"الحديث العشرون"

 

عَنْ أَبيْ مَسْعُوْدٍ عُقبَة بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَاسُ مِن كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذا لَم تَستَحْيِ فاصْنَعْ مَا شِئتَ)

رواه البخاري.

 

1796744d861f8ad9d5.gif

 

"الشرح"

 

قوله: "إِنَّ مِما أَدرَكَ الناسُ" ،أي إن بعض الذي أدركه الناس من كلام النبوة الأولى... الخ.

 

وقوله: النبوَةِ الأُولَى يعني السابقة، فيشمل النبوة الأولى على الإطلاق، والنبوة الأولى

بالنسبة لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم فعليه نفسر : النبوَةِ الأُولَى أي السابقة

 

إذا لَم تَستَحْيِ فَاصْنَع مَا شِئت" هذه الكلمة من كلام النبوة الأولى،

والحياء هو عبارة عن انفعال يحدث للإنسان عند فعل ما لا يجمله ولا يزينه، فينكسر ويحصل الحياء.

 

وقوله: "إِذا لَم تَستَحْيِ" يحتمل معنيين:

 

المعنى الأول:إذا لم تكن ذا حياء صنعت ما تشاء، فيكون الأمر هنا بمعنى الخبر،

لأنه لا حياء عنده، يفعل الذي يخل بالمروءة والذي لا يخل.

 

المعنى الثاني: إذا كان الفعل لا يُستَحَيى منه فاصنعه ولا تبالِ.

 

فالأول عائد على الفاعل، والثاني عائد على الفعل.

 

والمعنى: لا تترك شيئاً إذا كان لا يُستَحيى منه.

 

وقوله: "فاصنَع مَا شِئت" أي افعل،والأمر هنا للإباحة على المعنى الثاني،

أي إذا كان الفعل مما لا يستحيى منه فلا حرج.

 

وهي للذم على المعنى الأول، أي أنك إذا لم يكن فيك حياء صنعت ما شئت

 

1796744d861f8ad9d5.gif

 

الحياء من حيث حكمه هل هو ممدوح أو مذموم ؟

 

الحياء منه ممدوح ومنه مذموم

 

فالحياء الممدوح هو الذي يمنع من فعل القبائح والرذائل ويمنع من اقتراف المعاصي

ولذلك مدح به النبي صلي الله عليه وسلم والله جل وعلا مدحا به بنتي شعيب عندما جاء

موسى عليه الصلاة والسلام وسقى لهما ثم ذهبا إلي أبيهما فأمر أبوهما أن تذهب واحدة

لتناديه إليه قال الله سبحانه وتعالي ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾(القصص: من الآية25)

إذن هذه شهادة من الله سبحانه وتعالي على أن الحياء خلق ممدوح لأنها جاءت في مخاطبة هذا

الرجل الأجنبي عنها باستحياء ،

ومن الحياء الممدوح ما يمنع من الاعتداء سواء الاعتداء على الأموال ، الأبدان و الأعراض

ولذلك يجب أن يتصف به المسلم وبالأخص المرأة المسلمة لأنها مجبولة عليه فإذا خالفت هذه

الجبلة هذا الخلق دخلت في المذموم ولذلك نرى كثير من تصرفات بعض النساء خلاف خلق الحياء

فاللتي تخرج زينتها وتخرج متجملة متطيبة وتحادث الرجال كيفما شاءت كيفما

وقد تنزل في الأسلوب تتعامل بالمصطلحات السوقية ونحو ذلك كل هذا خلاف الحياء الممدوح ،

 

 

القسم الثاني الحياء المذموم : والحياء المذموم إما أن يقود إلي فعل القبائح أو

يمنع من فعل المحاسن والواجبات والمستحبات.

و من الحياءأيضا ما يسمى مجاملة مقيتة فيحجز عن فعل المعروف أو يدفع إلي فعل المنكر

و يمنع من فعل المستحبات لذلك يقول المجاهد بن جبر رحمه الله :

"لا ينال العلم مستحى ولا مستكبر"

لأن الحياء هنا في طلب العلم مذموم إذا منع من السؤال ،

ولذلك عائشة رضي الله عنها مدحت نساء الأنصار لأنهن لم يمنعهن الحياء عن التفقه في

الدين وأم سليم لما جاءت للنبي صلي الله عليه وسلم قالت إن الله لا يستحي من الحق

هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ،

فالحياء إذا منع من السؤال للتفقه في الدين كان مذموماً

فنقول الحياء المذموم هو الذي يدفع للمجاملات المقيتة وحين إذن يمتنع الإنسان عن فعل الطاعات

أو يرتكب فعل المعاصي كما هو حاصل مع مجاملات بعض الشباب أو بعض الفتيات بعضهم مع بعض

في أمور بعض المعاصي ،كالذي يؤجل صلاته لأن صديقه لا يصلي

أو كاللتي تخجل من الخروج بملابس محتشمة خشية استهزاء رفقاء السوء بها..الخ

 

 

 

الحياء خلق عالي لأنه شعبة من شعب الإيمان كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث

المشهور الصحيح" الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة

الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الأيمان"

أيضا الحياء الممدوح يقود إلي فعل الخيرات الكثيرة ويحجز عن فعل المعاصي و يرفع

الدرجات ويكفر السيئات ويضفي على الإنسان السكينة والطمأنينة ومن ثم هذا

العبد الحيي يكون محبوبا مقبولا عند الآخرين يكون يرتاح إليه الناس لا يخافون من لسانه

ولا يخافون من تصرفاته ولا يخافون أن يوقعهم في مكروه أو في مصيبة ونحو ذلك.

 

إذن هذا توجيه من النبي صلي الله عليه وسلم إلي أن يتخلق المسلم بهذا الخلق

فيتخلق بالحياء الممدوح ويمتنع عن الحياء المذموم

 

1796744d861f8ad9d5.gif

 

من فوائد هذا الحديث :

 

1- أن الآثار عن الأمم السابقة قد تبقى إلى هذه الأمة، لقوله: إِنَّ مِمَا أَدرَكَ الناسُ مِن كَلاَمِ النُّبوَةِ الأُولَى وهذا هو الواقع.

وما سبق عن الأمم السابقة إما أن ينقل عن طريق الوحي في القرآن، أو في السنة ،أو يكون مما تناقله الناس.

 

فأما في القرآن ففي قوله عزّ وجل:

(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * َالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) [الأعلى:16-19] ،

وما جاءت به السنة فكثير، كثيراً ما يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل ما يذكر.

 

وأما ما يؤثر عن النبوة الأولى: فهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

 

القسم الأول:ما شهد شرعنا بصحته،فهو صحيح مقبول.

 

القسم الثاني:ما شهد شرعنا ببطلانه، فهو باطل مردود.

 

القسم الثالث:ما لم يرد شرعنا بتأييده ولا تفنيده،فهذا يتوقف فيه،وهذا هو العدل.

 

ولكن مع ذلك لا بأس أن يتحدث به الإنسان في المواعظ وشبهها إذا لم يخشَ أن يفهم المخاطَب أنه صحيح.

 

2- أن هذه الجملة: إِذا لَم تَستَحْيِ فاصنَع مَا شِئت مأثورة عمن سبق من الأمم، لأنها كلمة توجه إلى كل خلق جميل.

 

3- الثناء على الحياء، سواء على الوجه الأول أو الثاني، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الحَيَاءُ شُعبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ

والحياء نوعان:

 

الأول: فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل.

 

الثاني: فيما يتعلق بحق المخلوق.

 

أما الحياء فيما يتعلق بحق الله عزّ وجل فيجب أن تستحي من الله عزّ وجل أن يراك حيث نهاك، وأن يفقدك حيث أمرك.

 

وأما الحياء من المخلوق فأن تكفَّ عن كل ما يخالف المروءة والأخلاق.

 

فمثلاً: في المجلس العلمي لو أن إنساناً في الصف الأول مدَّ رجليه، فإنه لا يعتبر حياءً لأن هذا يخالف المروءة،

لكن لو كان مجلس بين أصحابه ومدَّ رجليه فإن ذلك لا ينافي المروءة، ومع هذا فالأولى أن يستأذن

ويقول: أتأذنون أن أمدَّ رجلي؟.

 

ثم الحياء نوعان أيضاً من وجه آخر:

 

نوع غريزي طبيعي، ونوع آخر مكتسب.

 

النوع الأول: فإن بعض الناس يهبه الله عزّ وجل حياءً، فتجده حيياً من حين الصغر، لا يتكلم إلا عند الضرورة،

ولا يفعل شيئاً إلا عند الضرورة، لأنه حيي.

 

النوع الثاني: مكتسب يتمرن عليه الإنسان، بمعنى أن يكون الإنسان غير حيي ويكون فرهاً باللسان،

وفرهاً بالأفعال بالجوارح، فيصحب أناساً أهل حياء وخير فيكتسب منهم، والأول أفضل وهو الحياء الغريزي.

 

ولكن اعلم أن الحياء خلق محمود إلا إذا منع مما يجب، أو أوقع فيما يحرم ، فإذا منع مما يجب فإنه مذموم

كما لو منعه الحياء من أن ينكر المنكر مع وجوبه، فهذا حياء مذموم، أنكر المنكر ولا تبالِ، ولكن بشرط أن يكون ذلك

واجباً وعلى حسب المراتب والشروط، وحياء ممدوح وهو الذي لا يوقع صاحبه في ترك واجب ولا في فعل محرم.

 

4- أن من خلق الإنسان الذي لا يستحيي أن يفعل ما شاء ولا يبالي، ولذلك تجد الناس إذا فعل هذا الرجل ما يستحيى منه

يتحدثون فيه ويقولون: فلان لا يستحيي فعل كذا وفعل كذا وفعل كذا.

 

5- ومن فوائد الحديث على المعنى الثاني: أن ما لا يستحيى منه فالإنسان حل في فعله لقوله: إذَا لَم تَستَحْيِ فَاصنَع مَا شِئت.

 

6- فيه الرد على الجبرية، لإثبات المشيئة للعبد. والله الموفق.

 

1796744d861f8ad9d5.gif

وهنا انتهى الحديث العشرون : )

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
hydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gif

 

الحديث الحادي والعشرين

 

عَنِ أَبيْ عَمْرٍو، وَقِيْلَ،أَبيْ عمْرَةَ سُفْيَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ:

قُلْتُ يَارَسُوْلَ اللهِ قُلْ لِيْ فِي الإِسْلامِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدَاً غَيْرَكَ؟ قَالَ: "قُلْ آمَنْتُ باللهِ ثُمَّ استَقِمْ".

 

hydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gif

 

الشرح

 

قوله: "قل لي في الإسلام " أي في الشريعة.

 

قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك يعني قولاً يكون حداً فاصلاً جامعاً مانعاً.

 

فقال له: "قُل آمَنْتُ بِاللهِ" وهذا في القلب "ثُمَّ استَقِم" على طاعته، وهذا في الجوارح.

 

فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم كلمتين: "آمَنْتُ بِاللهِ" محل الإيمان القلب "ثُمَّ استَقِم" وهذا في عمل الجوارح.

 

وهذا حديث جامع، من أجمع الأحاديث.

 

فقوله: قُل آمَنْتُ يشمل قول اللسان وقول القلب.

 

قال أهل العلم:قول القلب:هو إقراره واعترافه.

 

"آمَنْتُ بِاللهِ" أي أقررت به على حسب ما يجب علي من الإيمان بوحدانيته في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

 

ثم بعد الإيمان "اِستَقِم" أي سر على صراط مستقيم، فلا تخرج عن الشريعة لا يميناً ولا شمالاً.

 

هاتان الكلمتان جمعتا الدين كله.

 

فلننظر: الإيمان بالله يتضمن الإخلاص له في العبادة، والاستقامة تتضمن التمشي على شريعته عزّ وجل،

فيكون جامعاً لشرطي العبادة وهما: الإخلاص والمتابعة.

 

hydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gif

نقف مع هذا الحديث الوقفات الآتية :

 

الوقفة الأولى : المسلم دائماً وأبداً يحرص على ما ينفعه، وما ينفعه في الدنيا وفي الآخرة،

لذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم، يسارعون كلما وجدوا فرصة إلى سؤال النبي

– صلى الله عليه وسلم – وهذا الصحابي الجليل سأل عن هذا السؤال، الذي استفادت

الأمة كلها من جوابه - صلى الله عليه وسلم – فأجابه النبي – صلى الله عليه وسلم –

بهاتين الكلمتين أو بهذه الجملة البليغة العظيمة التي تحوي معاني كثيرة .

 

 

الوقفة الثانية : السؤال ينبغي أن يكون بأعلى مستوى فهنا نلاحظ الصاحبي - رضي الله

عنه – قال لا أسأل عنه أحد غيرك، إذا أعطني الزبدة التي أستغني بها عن أي سؤال آخر

لذلك بعض الناس يسأل عن أسئلة جزئية بسيطة سهلة ولا يسأل عن الأسئلة العظيمةالكبيرة،

فتجده يتقعر في سؤال أو في مناقشة قضية قد تكون يعني لها جانب استحباب أحياناً

أو قد تكون مباحة فقط لكن الأسئلة على الواجبات الكبرى و المحرمات الكبرى لا يهتم بها .

 

 

الوقفة الثالثة : في قوله - صلى الله عليه وسلم – ( قل آمنت بالله ) .

 

هنا أعطتنا هذه الجملة أو هذا الجواب أن السعادة الدنيوية أو الأخروية لابد لها من

ركنين، الركن الأول الإيمان، والإيمان الآن لا نفصل فيه لأنه سبق التفصيل

فيه وعرفنا ما يحتويه عرفنا ما هو الإيمان وعرفنا أركان الإيمان الذي يقوم عليه .

 

الركن الثاني : الاستقامة، ولكن قبل أن نتجاوز الإيمان نلاحظ أن النبي – صلى الله

عليه وسلم – قال ( قل آمنت بالله ) فجمع بين القول والاعتقاد .

القول من قوله ( قل آمنت ) والاعتقاد من آمنت بالله إذاً الإيمان لابد أن يشتمل على

القول والاعتقاد وبطبيعة الحال جاءت الاستقامة التي هي العمل .

فلذلك اشتملت هذه الجملة على تعريف الإيمان بأنه يشمل القول والاعتقاد والعمل .

 

الوقفة الرابعة : في قوله ثم استقم، هذه الجملة متفق مع قوله - سبحانه وتعالى –

﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾[فصلت:30].

فما هذه الاستقامة ؟

هي المداومة على الطريق المستقيم وعندنا بالمداومة على طاعة الله وعلى ترك المعاصي .

 

 

hydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gif

 

هذا على الإجمال أما على التفصيل فهي عدة مجالات نذكر منها :

 

المجال الأول :

 

يجب أن تكون الاستقامة فيما أعتقد بيني وبين الله سبحانه وتعالى فى أمور الاعتقاد،و الإيمان

فيما أوجه إليه عباداتي ونسكي وما يترتب عليه أمر هذه العبادات

 

قد تكون الأعمال طيبة يصلى فلان يزكي يبر والديه يعامل الناس معاملة حسنة ولكن

قد يكون للرياء وقد يكون للسمعة و قد يقول أنا إنسان فاضل أعمل هذه الأعمال

 

فنقول إذا لم تكن هذه الأعمال موجهة لله سبحانه وتعالى فهي خرجت عن طريق الاستقامة

 

إذاً أمور العبودية يجب أن تكون لله - سبحانه وتعالى- هذا المجال الأول من مجالات

الاستقامة ولذلك الله سبحانه وتعالى قبل قوله ﴿ اهدنا الصراط المستقيم ﴾ ماذا قال ؟

﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ .

 

إذاً لابد أن تتوجه العبادة لله - سبحانه وتعالى – .

 

المجال الثاني :

 

الاستقامة فى عبوديتنا المباشرة لله - سبحانه وتعالى – صلاتنا يجب أن تكون كما أمر الله

– سبحانه وتعالى – صيامنا كذلك، زكاتنا كذلك، حجنا وعمرتنا كذلك، الطاعات الأخرى بر الوالدين،

صلة الأرحام التعامل مع الآخرين، قراءة القرآن، ذكر الله – سبحانه وتعالى- يجب أن يكون وفق ما شرع الله

- سبحانه وتعالى –

إذا الاستقامة على العبادة أن تكون كما شرع الله - سبحانه وتعالى - .

 

المجال الثالث :

 

الاستقامة فى التشريع وهذا يغفل عنه كثير من الناس،

الاستقامة فى التشريع معناه أنني أرضى بحكم الله - سبحانه وتعالى –

((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ﴾) ولذلك نفى الإيمان عمن يطلب التحاكم

إلى غير - سبحانه وتعالى – من المؤمنين

﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾.

 

إذاً لابد من القبول بحكم الله - جل وعلا – فالاستقامة على التشريع لابد منها

 

المجال الرابع:

 

الاستقامة فى المجال الرابع على الأخلاق بعض الناس تجده يصلي ما شاء الله

لكن لسانه سليط وبذيء، وتعامله مع الناس جاف، تعامله سيء فى تعامله المالي فى الكلام فى الألفاظ

هذا لم يستقم على طاعة الله ولو كان مظهره مظهر الطائع ومتجنب لكثير من الأمور مثل المحرمات مثلا لا

يتعامل بالربا لا يتعامل بالغش والتدليس لكن لسانه سليط .

 

أو تجده مستقيم فى عبادته وفى أخلاقه لكن تعامله المالي سيء فيبخس الناس حقوقهم

يغشهم فى أموالهم يتعامل بالربا هل هذا مستقيم؟ هذا غير مستقيم، إذا لابد من

الاستقامة بالتعامل وفى الأخلاق وهنا لأهمية الأخلاق نص عليها فى الاقتداء بالنبى -

صلى الله عليه وسلم – فقال الله - سبحانه وتعالى -

﴿ وإنك لعلي خلق عظيم ﴾

﴿ لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة ﴾ .

 

إذاً لابد أن تكون الإستقامة فى الأخلاق سواء كانت الأخلاق فيما بين الإنسان وبين أسرته

أو بينه وبين الناس حتى الأخلاق فى التعامل مع الكفار، كما يظن بعض الناس أنه إذا كان كافر

أنني لا مانع أن أكذب عليه، لا مانع أن أغشه، لا مانع أن أدلس عليه، لا مانع أن أختلس ماله

وهذا كله من يتعامل بمثل هذه المعاملة غير مستقيم، لأن الله - سبحانه وتعالى – قال فى مسألة القول

﴿ وقولوا للناس حسنا ﴾

 

المجال الخامس :

 

الاستقامة أيضاًَ فى الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وفى العمل لهذا الدين لذلك يجب

كما أنت مؤمن بالله، كما أنت مصلى ومزكي وعابد لله سبحانه وتعالى كما أنت تتعامل مع

الناس التعامل الحسن بخلق حسن كما أنت تتعامل المعاملات المالية كوفق ما شرع الله -

سبحانه وتعالى – كذلك فى دعوتك للآخرين، التي هي أعلى مجالات القول كما عرفنا

سابقاً كذلك يجب أن تكون مستقيماً على منهاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في الدعوة إليه.

 

المجال السادس :

 

ن مجالات الاستقامة ، الاستقامة فى الحياة عموماً، بمعنى التكامل فى مجالات الحياة،

وهذه أيضاً يغفل عنها كثير من الناس، مثل الاستقامة فى التفكير، لما الإنسان مثلاً

يريد أن يفكر فى أي أمر خير ولو كان أمراً بسيطاً، أو سهلاً، أو يريد أن يفكر فى

مشروع كبير يجب أن يكون مستقيماً فى تفكيره، لا ينحرف تفكيره يميناً أو يساراً

ولا يفكرمثلاً بأنه لا مانع فى البدايات أن يتعامل بالربا حتى يسققيم المشروع ويقوم

على رجليه ثم حينئذ أطلع المجالات وأطلع النسبة،

 

ولذلك اجعل التفكير سليم فى تعاملك مع جيرانك فى تعاملك مع نفسك، فى

تعاملك مع الله - سبحانه وتعالى –فللنية أثرها،

 

hydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gif

 

من فوائد هذا الحديث:

 

1. حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم، وذلك لما يرد على النبي صلى الله عليه وسلم منهم من الأسئلة.

 

2. عقل أبي عمرو أو أبي عمرة رضي الله عنه حيث سأل هذا السؤال العظيم الذي فيه النهاية، ويستغنى عن سؤال أي أحد.

 

3. أن الإنسان ينبغي له أن يسأل عن العلم السؤال الجامع المانع حتى لا تشتبه عليه العلوم وتختلط،

لقوله: "قَولاً لا أَسأَلُ عَنهُ أَحَدَاً غَيْرَك"،وفي هذا إشكال وهو قوله: "لا أَسأَلُ عَنهُ أَحَدَاً غَيْرَك"

 

4. أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم حيث جمع كل الدين في كلمتين:"آمَنتُ بِاللهِ، ثُمَّ استَقِم"

وهذا يشهد له قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الاحقاف:13)

وقوله تبارك وتعالى:

(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30)

وقوله تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا)[هود:112] والآيات في هذا المعنى كثيرة .

 

5. التعبير بكلمة الاستقامة دون التعبير المشهور عند الناس الآن بكلمة الالتزام، فإن الناس اليوم إذا أرادوا

أن يثنوا على شخص بالتمسك بالدين قالوا: فلان ملتزم، والصواب أن يقال: فلان مستقيم كما جاء في القرآن والسنة .

 

6. أن من قصر في الواجبات فما استقام، بل حصل عنده انحراف،

والانحراف تكون شدته بقدر ما ترك من الواجبات أو فعل من المحرمات.

 

7. أنه ينبغي للإنسان أن يتفقد نفسه دائماً: هل هو مستقيم أو غير مستقيم؟ فإن كان مستقيماً حمد الله

وأثنى عليه وسأل الله الثبات، وإن كان غير مستقيم وجب عليه الاستقامة وأن يعدل سيره إلى الله عزّ وجل.

 

فمن أخر الصلاة عن وقتها فهو غير مستقيم ، لأنه أضاع الصلاة.

 

ومن منع الزكاة فهو غير مستقيم لأنه أضاع الزكاة.

 

ورجل يعتدي على الناس في أعراضهم فغير مستقيم، لفعل المحرم.

 

ورجل يغش الناس ويخادعهم في البيع والشراء والإجارة والتأجير وغير ذلك فهذا غير مستقيم.

 

فالاستقامة وصف عام شامل لجميع الأعمال ، والله الموفق.

 

hydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gifhydrangeabar2.gif

 

hydrangeabar2.gif

hydrangeabar.gif

وهنا انتهى الحديث الحادي والعشرون : )

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك أخيتي الحبيبة *محبة الرحمن *

 

وبارك الله بالحبيبة أم سهيلة وجزاكما الله كل الخير

متابعة معكن ان شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

حياكن الله أخواتي الحبيبات

 

الرجاء الدخول إلى هذه الصفحة

 

https://akhawat.islamway.net/forum/index.ph...mp;#entry207806

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

جزاك الله خيراً أختنا محبة الرحمن

لكن أريد أن أعرف كيفية التسميع و بالنسبة للشرح هل هيكون فى أسئلة اختبار و لا ايه النظااام

و هيكون فى نفس صفحة الدرس و لا له صفحة مستقلة

و التسميع هيكون متى ان شاء الرحمن

بارك الله فيك

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

حياكن الله أخواتي الحبيبات

 

ما شاء الله لقد اخذتن قسطاً وافراً من الراحة : )

 

والآن عُدنا لإستكمال ما تبقى من دورة الأربعين النووية

 

فأرجوا منكن تجديد النية والعزم على مدارسة الاحاديث ..

 

سنبدأ إن شاء الله من الأسبوع القادم ،،

 

نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما يعلمنا

 

اللهم آمين

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

f04c65b81e.gif

 

حياكنَّ الله أخواتي الحبيبات ،

 

بعد انقطاع دام طيلة شهر رمضان المبارك نستكمل سوياً الأحاديث المتبقية

 

راجيين المولى عزَّ وجل أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما يعلمنا

 

اللهم آمين

 

anyaflower504.gif

 

~:: الحديث الثاني والعشرون ::~

 

 

عَنْ أَبيْ عَبْدِ اللهِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه

أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:

"أَرَأَيتَ إِذا صَلَّيْتُ المَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضانَ، وَأَحلَلتُ الحَلاَلَ،

وَحَرَّمْتُ الحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلى ذَلِكَ شَيئاً أَدخُلُ الجَنَّة ؟ قَالَ: نَعَمْ"

رواه مسلم

 

anyaflower504.gif

 

~:: الشرح ::~

 

يقول جابر رضي الله عنه: إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الرجل لا نحتاج لمعرفة عينه،

لأن المقصود القضية التي وقعت، ولا نحتاج إلى التعب في البحث عنه،

اللهم إلا أن يكون تعيينه مما يختلف به الحكم فلابد من التعيين.

 

وقوله "أَرَأَيتَ" بمعنى أخبرني.

 

إِذا "صَليتُ المَكتوبَات" وهن خمس صلوات في اليوم والليلة كما قال عزّ وجل:

(إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: الآية103)

وغير الخمس لا يجب إلا لسبب يقتضيه، وهذا يُعرَف بالتأمل.

 

" وَصمتُ رَمَضَان" أي الشهر المعروف.

 

والصيام في اللغة الإمساك عن أي شيء،وفي الشرع هو الإمساك عن المفطرات

من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً لله عزّ وجل.

 

وقولنا: تعبداً لله خرج به ما لو أمسك عن المفطرات حمية لنفسه،أو تطبباً،

فإن ذلك ليس بصيام شرعي،ولهذا لابد من تقييد التعاريف الشرعية بالتعبد.

 

anyaflower504.gif

 

 

" وَأَحلَلتُ الحَلالَ" أي فعلت الحلال معتقداً حله، هذا معنى قوله: "أَحلَلت" لأن أحل الشيء لها معنيان:

 

المعنى الأول:الاعتقاد أنه حلال.

 

المعنى الثاني:العمل به.

 

"وَحَرَّمتُ الحَرَامَ" أي اجتنبت الحرام معتقداً تحريمه.

 

ولكن النووي -رحمه الله- بعد أن ساق الحديث لم يقيد الحرام بكونه معتقداً تحريمه،

لأن اجتناب الحرام خير وإن لم يعتقد أنه حرام، لكن إذا اعتقد أنه

حرام صار تركه للحرام عبادة لأنه تركه لاعتقاده أنه حرام.

 

مثال ذلك: رجل اجتنب شرب الخمر،لكن لا على أنه حرام إلا أن نفسه لا تطيب به،

فهذا لا إثم عليه، لكنه إذا تركه معتقداً تحريمه وأنه تركه لله صار مثاباً على هذا،

وسيأتي مزيد بيان لهذا إن شاء الله في آخر الفوائد.

 

"أَدخُل الجَنة" يعني أأدخل الجنة، والجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عزّ وجل للمتقين،

فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر،

والجنة فيها فاكهة ونخيل ورمان وفيها لحم وماء وفيها لبن وعسل.

 

الاسم مطابق لأسماء ما في الدنيا ولكن الحقيقة مخالفة لها غاية المخالفة

لقول الله تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) (السجدة:17)

 

وقوله تعالى في الحديث القدسي:

(أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِيْنَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ،وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ،وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر)

 

فلا تظن أن الرمان الذي في الجنة كالرمان الذي في الدنيا،

بل يختلف بجميع أنواع الاختلافات، لقوله تعالى:

(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [السجدة:17] ولو كان لا يختلف لكنا نعلم بهذا .

 

قال: نَعَم ونعم حرف جواب لإثبات المسؤول عنه، والمعنى: نعم تدخل الجنة ،

 

anyaflower504.gif

 

 

من فوائد هذا الحديث:

 

 

1. حرص الصحابة رضي الله عنهم على السؤال.

 

2. بيان غايات الصحابة رضي الله عنهم، وأن غاية الشيء عندهم دخول الجنة،

لا كثرة الأموال، ولا كثرة البنين، ولا الترفه في الدنيا، ولهذا لما قضى أحد

الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم حاجة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: اسْأل ماذا تريد؟

قال: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: "أِو غَيْرَ ذَلِكَ؟" قال:هو ذاك،

قال: "فَأَعِنِّيْ عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ" ، أي بكثرة الصلاة.

 

فهذا الرجل لم يسأل نقوداً ولا مواشي ولا قصوراً ولا حرثاً، بل سأل الجنة،

مما يدل على كمال غاياتهم رضي الله عنهم.

 

3. أن الإنسان إذا اقتصر على الصلاة المكتوبة فلا لوم عليه، ولا يحرم من دخول الجنة ،

لقوله: "أَرَأَيتَ إِذا صَليتُ المَكتوبَات".

 

فإن قال قائل: قال الإمام أحمد - رحمه الله- فيمن ترك الوتر: هو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة؟

 

فالجواب: أن كونه رجل سوء لا يمنعه من دخول الجنة، فهو رجل سوء ترك الوتر وأقله ركعة مما يدل على أنه مهمل

ولا يبالي إذ لم يطلب منه ركعات كثيرة، بل ركعة واحدة ومع ذلك يتركها.

 

4. أن الصلوات وكذلك الصوم من أسباب دخول الجنة،وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم

أن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

 

5. أن لا يمتنع الإنسان من الحلال، لقوله: "وَأَحلَلتُ الحَلال" فكون الإنسان يمتنع من الحلال لغير

سبب شرعيٍّ مذموم وليس بمحمود.

 

6. إن الحرام: ما حرمه الله تعالى في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ،

وتحليل الحلال وتحريم الحرام هو عام في جميع المحللات وجميع المحرمات، ولهذا قال: أَدخُل الجَنة؟ قَالَ:نَعَم .

 

وفي هذا الحديث إشكال: أن الرجل قال: لم أزد على ذلك شيئاً. وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم تدخل الجنة،

مع أنه نقص من أركان الإسلام الزكاة والحج،والزكاة مفروضة قبل الصيام،

يعني فلا يقال: لعل هذا الحديث قبل أن تفرض الزكاة، أما الحج فيمكن أن نقول إن هذا الحديث

قبل فرض الحج،لكن لا يمكن أن نقول إنه قبل فرض الزكاة، فما الجواب عن هذا؟

 

الجواب أن يقال: لعل النبي صلى الله عليه وسلم علم من حال الرجل أنه ليس ذا مال،

وعلم أنه إذا كان ذا مال فسوف يؤدي الزكاة،لأنه قال: "وَحَرَّمتُ الحَرَام" ومنع الزكاة من الحرام.

 

أما الحج فما أسهل أن نقول: لعل هذا الحديث قبل فرض الحج، لأن الحج إنما فرض في السنة التاسعة أو العاشرة.

 

وأما قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )(البقرة: الآية196) فهذا فرض إتمامه لا ابتدائه.

وقد يقال: ذلك داخل في قوله: "حَرَّمتَ الحَرَامَ" لأن ترك الحج حرام وترك الزكاة حرام.

 

7. أن الجواب بـ: نعم إعادة للسؤال، لأن قوله: أَأَدْخُلُ الجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ يعني تدخل الجنة،

ولهذا لوسئل الرجل فقيل له: أطلّقتَ امرأتك؟ قال: نعم، فإنها تطلق لأن قوله:نعم، أي طلقتها.

 

ولو أوجب الولي عقد النكاح وقال للرجل: زوجتك ابنتي، فقلنا له: أَقَبلْتَ؟ قال: نعم،

فإنه يكفي في القبول، لأن: نعم كإعادة السؤال.

 

وهكذا في كل موارد: نعم اعتبرها إعادة للسؤال.

 

قال النووي - رحمه الله- ومعنى حَرَّمْتَ الحَرَامَ اجتنبته، ومعنى أَحْلَلْتَ الحَلالَ فعلته معتقداً حِلَّهُ). إهـ

 

وهناك معنى آخر غير الذي ذكره النووي - رحمه الله وهو: أن تعتقد أن الحرام حرام ولابد،

لأنك إذا لم تعتقد أن الحرام حرام فإنك لم تؤمن بالحكم الشرعي،

وإذا لم تعتقد أن الحلال حلال فإنك لم تؤمن بالحكم الشرعي، فلابد من أن تعتقد الحلال حلالاً، والحرام حراماً.

 

anyaflower504.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

rose[1].gif

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،

 

~×:: الحديث الثالث والعشرون ::×~

 

عَنْ أَبِي مَالِكٍ الحَارِثِ بنِ عَاصِم الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

(الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ، والحَمْدُ للهِ تَمْلأُ الميزانَ،

وسُبْحَانَ اللهِ والحَمْدُ للهِ تَمْلآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ،

وَالصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَو عَلَيْكَ،

كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا)

رواه مسلم.

 

rose[1].gif

 

~×:: الشرح ::×~

 

قوله: الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ أي نصفه، وذلك أن الإيمان - كما يقولون - تخلية وتحلية .

 

التخلية: بالطهور، والتحلية: بفعل الطاعات.

 

فوجه كون الطهور شطر الإيمان: أن الإيمان إما فعل وإما ترك.

 

والتّركُ تَطَهُّرٌ، والفعل إيجاد.

 

فقوله: "شَطْرُ الإِيْمَانِ" قيل في معناه: التخلي عن الإشراك

لأن الشرك بالله نجاسة كما قال الله تعالى:

(إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس)(التوبة: الآية28)

 

فلهذا كان الطهور شطر الإيمان،

وقيل: إن معناه أن الطهور للصلاة شطر الإيمان،

لأن الصلاة إيمان ولا تتم إلا بطهور،

لكن المعنى الأول أحسن وأعمّ.

 

rose[1].gif

 

"وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ المِيزَانَ" يعني قول القائل: الحمد لله يمتلئ الميزان بها،

أي الميزان الذي توزن به الأعمال كما قال الله عزّ وجل:

(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ

مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء:47)

 

rose[1].gif

 

"وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمدُ للهِ تَمْلآنِ - أو تَمْلأُ –" (أو) هذه شك من الراوي،

يعني هل قال: تملآن ما بين السماء والأرض،

أو قال:تملأ ما بين السماء والأرض.

والمعنى لا يختلف، ولكن لحرص الرواة على تحرّي الألفاظ يأتون بمثل هذا.

 

"سبحان الله والحمد لله": فيها نفي وإثبات.

النفي في قوله: "سُبْحَانَ اللهِ" أي تنزيهاً لله عزّ وجل عن كل ما لايليق به،

 

والذي ينزه الله تعالى عنه ثلاثة أشياء:

 

الأول: صفات النقص، فلا يمكن أن يتصف بصفة نقص.

 

الثاني: النقص في كماله، فكماله لايمكن أن يكون فيه نقص.

 

الثالث: مشابهة المخلوق.

 

ودليل الأول قول الله عزّ وجل: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) (الفرقان:58)

فنفى عنه الموت لأنه نقص، وقوله: ( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ)(البقرة: الآية255)

فنفى عنه السِّنَة والنوم لأنهما نقص.

 

ودليل الثاني: قول الله تعالى:

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) (قّ:38)

فخلق هذه المخلوقات العظيمة قد يوهم أن يكون بعدها نقص

أي تعب وإعياء فقال: (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ).

 

ودليل الثالث: قول الله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية11)

حتى في الكمال الذي هوكمال في المخلوق فالله تعالى لا يماثله.

 

وَالحَمْدُ للهِ الحمد يكون على صفات الكمال، فالحمد هو وصف المحمود

بالكمال مع المحبة والتعظيم، فتكون هذه الجملة: "سُبْحَانَ اللهِ، والحَمْدُ للهِ"

فيها: نفي النقص بالأنواع الثلاثة، وإثبات الكمال.

 

"تَملآنِ - أَو تَمْلأُ - مَا بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ"

والذي بين السماء والأرض مسافة لايعلمها إلا الله عزّ وجل.

 

rose[1].gif

 

"وَالصَّلاةُ نورٌ" أي صلاة الفريضة والنافلة نور، نور في القلب،

ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور في الحشر، لأن الحديث مطلق، وجرّب تجد.

 

إذا صلّيت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس

بأن قلبك استنار وتلتذّ بذلك غاية الالتذاذ،

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : "جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ"

 

rose[1].gif

 

(والصدقة برهان) الصدقة أيضا الصدقة المفروضة والصدقة النافلة المستحبة ،

برهان دليل على الإيمان .

وجه ذلك: أن المال محبوب للنفوس، ولايبذل المحبوب إلا في

طلب ماهوأحب، وهذا يدلّ على إيمان المتصدق،

ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة برهاناً.

 

وَالصَّبرُ ضِيَاءٌ الصبر: حبس النفس عما يجب الصبر عنه وعليه،

قال أهل العلم: والصبر ثلاثة أنواع:

 

الأول: صبر عن معصية الله: بمعنى أن تحبس نفسك عن فعل

المحرّم حتى مع وجود السبب.

 

ومثاله: رجل حدثته نفسه أن يزني - والعياذ بالله -

فمنع نفسه، فنقول: هذا صبر عن معصية الله.

 

وكما جرى ليوسف عليه السلام مع امرأة العزيز، فإن امرأة العزيز

دعته إلى نفسها - والعياذ بالله - في حال هي أقوى ما يكون للإجابة،

لأنها غلّقت الأبواب وقالت: هيت لك، أي تدعوه إلى نفسها،

فقال: إنه ربي - أي سيدي _ أحسن مثواي إنه لايفلح الظالمون،

يعني فإن خنته في أهله فأنا ظالم،

ومن شدة الإلحاح همَّ بها كما قال الله عزّ وجل :

(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (يوسف: الآية24)

ولم يفعل مع قوة الداعي وانتفاء الموانع، فهذا صبر عن معصية الله .

 

وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلّهم الله

في ظله يوم لاظلّ إلا ظله، وذكر منهم:

"رَجُلاً دَعَتْهُ امرأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ"

 

الثاني: صبر على طاعة الله: بأن يحبس الإنسان نفسه على الطاعة

كرجل أراد أن يصلي، فدعته نفسه إلى الكسل، أو إلى الفراش،

أو إلى الطعام الذي ليس بحاجة إليه،أو إلى محادثة الإخوان،

ولكنه ألزم نفسه بالقيام للصلاة، فهذا صبر على طاعة الله.

 

الثالث: صبر على أقدار الله: فإن الله تعالى يقدر للعبد ما يلائم الطبيعة وما لايلائم،

والذي لايلائم يحتاج إلى صبر، بأن يحبس نفسه عن التسخّط القلبي

أو القولي أو الفعلي إذا نزلت به مصيبة.

 

فإذا نزل بالعبد مصيبة فإنه يحبس قلبه عن التسخط القلبي،

وأن يقول إنه يرضى عن ربه عزّ وجل.

 

والتسخط اللساني: بأن لايدعو بالويل والثبور كما يفعل أهل الجاهلية.

 

والتسخط الفعلي: بأن لايشق الجيوب، ولايلطم الخدود، وما أشبه ذلك .

 

فهذا نسميه صبر على أقدار الله مع أنه كره أن يقع هذا الحادث.

 

وهناك مرتبة فوق الصبر وهي الرضا بأقدار الله، والرضا بأقدار

الله أكمل حالاً من الصبر على أقدار الله.

 

والفرق: أن الصابر قد تألّم قلبه وحزن وانكسر، لكن منع نفسه من الحرام.

 

والراضي: قلبه تابع لقضاء الله وقدره، فيرضى ما اختاره الله له ولايهمّه،

فهومتمشٍّ مع القضاء والقدر إيجاباً ونفياً.

 

ولهذا قال أهل العلم: إن الرضا أعلى حالاً من الصبر،

وقالوا: إن الصبر واجب والرضا مستحب.

 

وأي أنواع الصبر الثلاثة أفضل؟

 

نقول: أما من حيث هو صبر فالأفضل الصبر علىالطاعة،

لأن الطاعة فيها حبس النفس، وإتعاب البدن.

 

ثم الصبر عن المعصية، لأن فيه كفُّ النفس عن المعصية ثم

الصبر على الأقدار، لأن الأقدار لاحيلة لك فيها، فإما أن

تصبر صبر الكرام، وإما أن تسلو سُلُوَّ البهائم وتنسى المصيبة،

هذا من حيث الصبر.

 

أما من حيث الصابر: فأحياناً تكون معاناة الصبر عن المعصية

أشد من معاناة الصبر على الطاعة.

 

فلو أن رجلاً هُيئَ له شرب الخمر مثلاً، بل ودعي إلى ذلك وهو يشتهيه،

ويجد معاناةمن عدم الشرب، فهو أشد عليه من أن يصلي ركعتين لاشك.

 

كذلك لو كان شابّاً ودعته امرأة إلى نفسها، وهي جميلة، والمكان خالٍ،

والشروط متوفرة، فأبى، فهذا فيه صعوبة أصعب مما لو صلى عشرين ركعة،

فهنا قد نقول: ثواب الصبر عن المعصية هنا أعظم من ثواب الصبر

على الطاعة لما يجده هذا الإنسان من المعاناة . فيؤجر بحسب ماحصل له من المشقّة.

 

"وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ" ولم يقل: إنه نور، والصلاةقال: إنها نور. وذلك لأن الضياء فيه حرارة،

كما قال الله عزّ وجل: (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً )(يونس: الآية5) ففيه حرارة،

والصبر فيه حرارة ومرارة، لأنه شاق على الإنسان، ولهذا جعل الصلاة نوراً،

وجعل الصبر ضياءً لما يلابسه من المشقة والمعاناة.

 

rose[1].gif

 

"والقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ اَو عَلَيْكَ" القرآن هو كلام الله عزّ وجل

الذي نزل به جبريل الأمين القوي على قلب النبي صلى الله عليه وسلم

من عند الله تعالى، لا تبديل فيه ولاتغيير، ولهذا وصف الله تعالى جبريل

الذي هو رسول الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم بأنه قوي أمين

كما قال الله عزّ وجل:

(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) [التكوير:19-21]

ليتبيّن أنه عليه السلام أمين على القرآن قوي علىحفظه وعدم التلاعب به.

 

هذا القرآن كلام الله عزّ وجل، تكلّم به حقيقة، وسمعه جبريل عليه السلام،

ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم .

 

هذا القرآن الكريم هو كلام الله لفظه ومعناه، فالأمر والنهي والخبر والاستخبار

والقصص كلها كلام الله عزّ وجل.

 

"القُرآنُ حُجَّةٌ لكَ أَو عَليكَ" يكون حجة لك إذا قمت بما يجب له من نصيحة

وقد سبق في حديث تميم الداري رضي الله عنه النصيحة لله ولكتابه،

وسبق هناك شرح النصيحة للكتاب فليرجع إليه .

 

يكون القرآن حجة لك إذا نصحت له، ويكون حجة عليك إذا لم تنصح له.

 

مثال ذلك: قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ )(البقرة: الآية43)

هنا رجلان: أحدهما لم يقم الصلاة فيكون القرآن حجة عليه، والثاني أقام الصلاة فيكون القرآن حجة له.

ورجل آخر لم يؤت الزكاة فالقرآن حجة عليه، والثاني آتى الزكاة فالقرآن حجة له.

 

rose[1].gif

 

قوله: "كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو" أي كل الناس يخرج مبكراً في الغدوة

في الصباح وهذا من باب ضرب المثل.

 

"فَبَائِعٌ نَفْسَهُ" أي الغادي يبيع نفسه، ومعنى يبيع نفسه أنه

يكلفها بالعمل، لأنه إذا كلفها بالعمل أتعب النفس فباعها.

 

ينقسم هؤلاء الباعة إلى قسمين: معتق و موبق،ولهذا قال:

 

"فَمُعْتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا" فيكون بيعه لنفسه إعتاقاً إذا قام بطاعة الله

كما قال الله عزّ وجل:

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ)(البقرة: الآية207)

يشتري نفسه أي يبيع نفسه ابتغاء مرضاة الله عزّ وجل،

فهذا الذي باع نفسه ابتغاء مرضاة الله وقام بطاعته قد أعتقها من العذاب والنار.

 

والذي أوبقها هو الذي لم يقم بطاعة الله عزّ وجل حيث أمضى عمره خسراناً،

فهذا موبق لها أي مهلك لها.

 

لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالنسبة للقرآن

إلى من يكون القرآن حجة له، ومن يكون حجة عليه ذكر

أن العمل أيضاً قد يكون على الإنسان وقد يكون للإنسان،

فيكون للإنسان إذا كان عملاً صالحاً، ويكون عليه إذا كان عملاً سيئاً.

 

وانظر إلى هذا الحديث: "كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ" يتبين لك أن

الإنسان لابد أن يعمل إما خيراً وإما شراً.

 

rose[1].gif

 

من فوائد هذا الحديث:

 

1. الحث على الطهور الحسي والمعنوي، وجه ذلك أنه قال: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيْمَانِ"

 

2. أن الإيمان يتبعض، فبعضه فعل وبعضه ترك، وهو كذلك.

 

3. فضيلة حمد الله عزّ وجل حيث قال: إنها تملأ الميزان.

 

4. إثبات الميزان، والميزان جاء ذكره في القرآن عدة مرات، جاء ذكره

مجموعاً وذكره مفرداً فقال الله عزّ وجل:(

وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) [الأنبياء:47]

وقال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) (القارعة:6)

وجاء ذكره في السنة صريحاً في قوله صلى الله عليه وسلم:

"كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلى اللِسانِ، ثَقِيلَتَانِ في المِيزَانِ، حَبيبَتَانِ إلى الرَّحمَنِ:

سُبحَانَ الله وَ بِحَمدِهِ سُبحَانَ الله العَظيم" وكذلك في هذ الحديث.

 

5. فضيلة الجمع بين سبحان الله والحمد لله لقوله

"سُبحَانَ الله وَ الحَمدُ لِلهِ تَملآنِ مَا بَينَ السَمَاءِ وَ الأَرضِ"

ووجه ذلك أن الجمع بينهما جمع بين نفي العيوب والنقائص وإثبات الكمالات.

 

ففي "سُبحَانَ الله" نفي العيوب والنقائص، وفي "الحَمدُ لِلهِ" إثبات الكمالات.

 

6. أن الصلاة نور ويتفرع على هذا:

 

الحث على كثرة الصلاة. ولكن يرد علينا أن كثيراً من المصلين

وكثيراً من الصلوات من المصلي الواحد لا يشعر الإنسان بأنها نور، فما الجواب؟

 

الجواب أن نقول: إن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم حق لا إشكال فيه،

لكن عدم استنارة القلب لخلل في السبب أو وجود مانع.

 

فمن خلط صلاته برياء فهنا خلل في السبب، لأنه لم يخلص.

 

ومن صلى لكن قلبه يتجول يميناً وشمالاً فهنا مانع يمنع من كمال

الصلاة فلا تحصل النتيجة، وقس على هذا كل شيء رتب الشرع

عليه حكماً وتخلف فاعلم أن ذلك إما لوجود مانع، أو لاختلال سبب،

وإلا فكلام الله عزّ وجل حق وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم حق.

 

7. الحث على الصدقة، لقوله: "الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ".

 

8. أن بذل المحبوب يدل على صدق الباذل، والمحبوب الذي يُبذَل في الصدقة هو المال.

 

9. الحث على الصبر وأنه ضياء وإن كان فيه شيء من الحرارة، لكنه ضياء ونور لقوله: "وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ".

 

10. أن حامل القرآن إما غانم وإما غارم، وليس هناك مرتبة لا له ولا عليه،

إما للإنسان وإما على الإنسان، ويتفرع على هذه الفائدة:

 

أن يحاسب الإنسان نفسه هل عمل بالقرآن فيكون حجة له،أو لا، فيكون حجة عليه فليستعتب.

 

11.عظمة القرآن وأنه لن يضيع هكذا سدىً، بل إما للإنسان وإما على الإنسان.

 

12. بيان حال الناس وأن كل الناس يعملون من الصباح، وأنهم يبيعون أنفسهم،

فمن باعها بعمل صالح فقد أعتقها، ومن باعها بعمل شيء فقد أوبقها.

 

13. أن الحرية حقيقة هي القيام بطاعة الله عزّ وجل، وليس إطلاق الإنسان نفسه

ليعمل كل سيء أراده، قال ابن القيم - رحمه الله - في النونية:

 

هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان

 

فكل إنسان يفر من عبادة الله فإنه سيبقى في رق الشيطان .

 

rose[1].gif

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
12_133.gif

السلام عليكم ورحمة الله بوركاته

12_125.gif

 

,,,, الحديث "الرابع والعشرون" ,,,,

 

عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم

فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ:

 

(يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا،

يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ،

يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ،

يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ،

يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ،

يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ،

يَاعِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً.

يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً،

يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ

فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ،

يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ)

رواه مسلم.

 

12_133.gif

 

,,,, الشرح ,,,,

 

"قوله فيمَا يَرْويَهُ" الرواية نقل الحديث "عَنْ رَبِِّهِ" أي عن الله عزّ وجل،

وهذا الحديث يسمى عند المحدثين قدسياً،

والحديث القدسي: كل ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل.

 

لأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً، وليس من القرآن بالإجماع،

وإن كان كل واحد منهما قد بلغه النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن الله عزّ وجل.

 

وهذا الحديث نداءٌ من الله عزّ وجل أبلغنا به أصدق المخبرين وهو محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وقوله: "يَاعِبَادِي" يشمل كل من كان عابداً بالعبودية العامة والعبودية الخاصة.

 

12_133.gif

 

إِنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفسِي" أي منعته مع قدرتي عليه،

 

وإنما قلنا: مع قدرتي عليه لأنه لو كان ممتنعاً على الله لم يكن ذلك مدحاً ولاثناءً،

 

إذ لايُثنى على الفاعل إلا إذا كان يمكنه أن يفعل أو لا يفعل.

 

"وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي صيّرته بينكم محرماً.

 

فَلا تَظَالَمُوا" هذا عطف معنوي على قوله: "جَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً"

 

أي فبناء على كونه محرماً لاتظالموا، أي لا يظلم بعضكم بعضاً.

 

12_133.gif

 

" يَا عِبَاديَ كُلُّكُم ضَالٌّ" أي تائه عن الطريق المستقيم "إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ" أي علمته ووفقته،

و علمته هذه هداية الإرشاد و وفقته هداية التوفيق.

 

"فَاستَهدُونِي أَهدِكُمْ" أي اطلبوا مني الهداية لامن غيري أهدكم،

وهذا جواب الأمر، وهذا كقوله: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60]

 

12_133.gif

 

"يَاعِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ" أي كلكم جائع إلا من أطعمه الله،

وهذا يشمل ما إذا فقد الطعام، أو وجد ولكن لم يتمكن الإنسان من الوصول إليه،

فالله هو الذي أنبت الزرع، وهو الذي أدرّ الضرع، وهو الذي أحيا الثمار،

واقرأ من سورة الواقعة من قول الله تعالى:

(أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ* أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ*نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ

وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ*عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ*و َلَقَدْ

عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ*أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ

أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ*إِنَّا لَمُغْرَمُونَ*

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ

أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ

الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ* نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً

وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة:58-74] ،

 

تجد كيف تحدّى الله الخلق في هذه الآيات لابالنسبة للمأكول، ولا المشروب،

ولا ما يصلح به المأكول والمشروب. فكلّنا جائع إلا من أطعمه الله.

 

كذلك أيضاً يمكن أن يوجد الطعام لكن قد لا يتمكن الإنسان منه:إما لكونه محبوساً،

أو مصاباً بمرض، أو بعيداً عن المحل الخصب والرخاء.

 

"فَاسْتَطْعِمُونِي" أي اطلبوا مني الإطعام، وإذا طلبتم ذلك ستجدونه.

 

" أُطْعِمْكُمْ" أطعم: فعل مضارع مجزوم على أنه جواب الأمر.

 

12_133.gif

 

"يَاعِبَادِي كُلُّكُم عَارٍ" فكلنا عار، لأننا خرجنا من بطون أمهاتناعراة.

 

"إِلاّ مَنْ كَسَوتُهُ فَاستَكْسُونِي أَكْسُكُمْ" سواء كان من فعل الإنسان

كالكبير يشتري الثوب، أو من فعل غيره كالصغير يُشترى له الثوب،

وربما يقال: إنه يشمل لباس الدين، فيشمل الكسوتين: كسوة الجسد الحسيّة، وكسوة الروح المعنوية.

 

12_133.gif

 

"يَاعِبَادي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ" أي تجانبون الصواب، لأن الأعمال إما خطأ وإما صواب،

فالخطأ مجانبة الصواب وذلك إما بترك الواجب، وإما بفعل المحرّم.

 

وقوله: بِالَّليْلِ الباء هنا بمعنى: (في) كما هي في قول الله تعالى:

(وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْل) [الصافات:137-138] أي وفي الليل.

 

"وَأَنَا أَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً" أي أسترها وأتجاوز عنها مهما كثرت،

ومهما عظمت، ولكن تحتاج إلى الاستغفار.

 

"فَاستَغفِرُونِي أَغْفِر لَكُم" أي اطلبوا مغفرتي، إما بطلب المغفرة

كأن يقول: اللهم اغفر لي، أو: أستغفر الله وأتوب إليه.

وإما بفعل ما تكون به المغفرة،

فمن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه ولوكانت مثل زبد البحر.

 

12_133.gif

 

"يَاعِبَاديَ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّيْ فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُونِي"

أي لن تستطيعوا أن تضروني ولا أن تنفعوني، لأن الضار والنافع هو

الله عزّ وجل والعباد لايستطيعون هذا، وذلك لكمال غناه عن عباده عزّ وجل.

 

12_133.gif

 

" يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتقَى

قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئَاً"

 

يعني لو أن كل العباد من الإنس والجن الأولين والآخرين كانوا على أتقى قلب رجل

ما زاد ذلك في ملك الله شيئاً، وذلك لأن ملكه عزّ وجل عام واسع لكل شيء، للتقيّ والفاجر.

 

ووجه قوله: "مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلكِي شَيئَاً" أنهم إذا كانوا على أتقى قلب رجل واحد

كانوا من أولياء الله، وأولياء الله عزّ وجل جنوده، وجنوده يتسع بهم ملكه،

كما لوكان للملك من ملوك الدنيا جنود كثيرون فإن ملكه يتسع بجنوده.

 

ثم قال: "يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفجَرِ قَلبِ

رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِن مُلْكِي شَيْئَاً"

 

ووجه ذلك: أن الفاجر عدو لله عزّ وجل فلا ينصر الله،

ومع هذا لاينقص من ملكه شيئاً لأن الله تعالى غني عنه.

 

12_133.gif

 

"يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلونِي

فَأَعطَيتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسأَلَتَهُ" أي إذا قاموا في أرض واحدة منبسطة،

وذلك لأنه كلما كثر الجمع كان ذلك أقرب إلى الإجابة.

 

"مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحرَ"

وهذا من باب المبالغة في عدم النقص، لأن كل واحد يعلم أنك لو

أدخلت المخيط وهو الإبرة الكبيرة في البحر ثم أخرجتها فإنها

لا تنقص البحر شيئاً ولا تغيره، وهذاكقوله تعالى:

( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ)(الأعراف: الآية40)

 

إذ من المعلوم أن الجمل لايمكن أن يدخل في سم الخياط، فيكون هذا مبالغة في عدم دخولهم الجنة.

 

كذلك هنا من المعلوم أن المخيط لو أدخل في البحر لم ينقص شيئاً، فكذلك لو أن أول الخلق

وآخرهم وإنسهم وجنهم سألوا الله عزّ وجل وأعطى كل إنسان مسألته مهما بلغت فإن ذلك

لاينقص ما عنده إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، ومن المعلوم أن المخيط إذا أدخل البحر

لاينقص البحر شيئاً، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

"يَدُ اللهِ مَلأى سحَّاءَ" أي كثيرة العطاء "الَّليلَ والنَّهَارَ" أي في الليل والنهار

"أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرض فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ" أي لم ينقص "مَا فِي يَمِيْنِهِ" .

 

12_133.gif

 

يَاعِبَادِيَ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ هذه جملة فيها حصر طريقه: (إنما) أي ما هي إلا أعمالكم

أُحْصِيْهَا لَكُمْ أي أضبطها تماماً بالعدّ لازيادة ولانقصان،

لأنهم كانوا في الجاهلية لايعرفون الحساب فيضبطون الأعداد بالحصى، وفي هذا يقول الشاعر:

 

ولستُ بالأكثر منهمْ حصى وإنّما العزّة للكاثرِ

 

يعني أن عددكم قليل، وإنما العزة للغالب في الكثرة.

 

"ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا" أي في الدنيا والآخرة، وقد يكون في الدنيا فقط، وقد يكون في الآخرة فقط.

 

قد يكون في الدنيا فقط: فإن الكافر يجازى على عمله الحسن لكن في الدنيا لا في الآخرة،

والمؤمن قد يؤخر له الثواب في الآخرة، وقد يجازى به في الدنيا وفي الآخرة،

قال الله تعالى:

( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى:20)

 

وقال عزّ وجل: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيد)(الاسراء: الآية18)

وقال عزّ وجل: ( وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) (الاسراء:19)

 

إذاً فالتوفية تكون في الدنيا دون الآخرة للكافر، أما المؤمن فتكون في الدنيا والآخرة جميعاً، أو في الآخرة فقط.

 

" فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ" أي من وجد خيراً من أعماله فليحمد الله على الأمرين:

على توفيقه للعمل الصالح، وعلى ثواب الله له.

 

"وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ" أي وجد شراً أو عقوبة "فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ" لأنه لم يُظلم،

واللوم: أن يشعر الإنسان بقلبه بأن هذا فعل غير لائق وغير مناسب، وربما ينطق بذلك بلسانه.

 

12_133.gif

 

يُتبع هذا الحديث بإذن الله ،،،

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله عنّا كل الخير أختي الحبيبة "محبة الرحمن "

 

 

أتابع معكِ غاليتي ،، بانتظار البقية ...اٍن شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×