اذهبي الى المحتوى
سُندس واستبرق

ورشة عمل | واقعي أجمل بغض البصر

المشاركات التي تم ترشيحها

النظرة الخائنة .. الداء والدواء

 

قال الإمام ابن القيم:

أمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم مطلع عليها ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19]، ولما كان مبدأ ذلك من قِبل البصر جعل الأمر بغضه مقدما على حفظ الفرج، فإن كل الحوادث مبدؤها من النظر، كما أن معظم النار من مستصغر الشرر، تكون نظرة.. ثم خطرة.. ثم خطوة.. ثم خطيئة، ولهذا قيل: من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه: اللحظات، والخطرات، واللفظات، والخطوات.

وقال: والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فإن النظرة تولدالخطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة،ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولابد ما لم يمنع مانع، ولهذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده.

 

كـل الحوادث مبدأها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر

 

 

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها ... فتك الســهام بلاقوس ولاوتر

 

 

والعبــد ما دام ذا عين يقلبها ... في أعين الغيد موقوف على الخطر

 

 

يسـر مقلته ما ضـر مهجـته ... لا مـرحبا بسرور عاد بالضـرر

 

` أحاديث وأثار في فتنة النظر

قال النبي صلى الله عليه وسلم:»ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء « متفق عليه.

وقال صلى الله عليه وسلم:»فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء« رواه مسلم.

وعن جرير بن عبدالله t قال:» سألت رسول الله صلى عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري «رواه مسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: » يا علي، لا تتبع النظرة النظرة؟ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة«رواه الترمذي وأبو داود وحسنه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: »العينان تزنيان، وزناهما النظر«متفق عليه.

 

```

 

وكان السلف الصالح يبالغون في غض البصر؟ حذراً من فتنته، وخوفا من الوقوع في عقوبته.

قال ابن مسعودرضي الله عنه وأرضاه: ما كان من نظرة فان للشيطان فيها مطمعا.

وكان الربيع بن خثيم رحمه الله يغض بصره، فمر به نسوة، فأطرق - أي أمال رأسه إلى صدره - حتى ظن النسوة أنه أعمى، فتعوذن بالله من العمى!!

قال ابن عباس رضي الله عنهما: الشيطان من الرجل في ثلاثة منازل: في بصره، وقلبه، وذكره. وهو من المرأة في ثلاثة منازل: في بصرها، وقلبها،وعجزها.

وقال في قوله تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ [غافر:19] : الرجل يكون في القوم فتمر بهم المرأة، فيريهم أنه يغض بصره عنها، فإن رأى منهم غفلة نظر إليها، فإن خاف أن يفطنوا إليه غض بصره،وقد اطلع الله عز وجل من قلبه أنه يود لو نظر إلى عورتها!!

وقال عيسى ابن مريم: النظر يزرع في القلب الشهوة، وكفى بها خطيئة.

وقال معروف: غضوا أبصاركم ولو عن شاة أنثى!!

وقال ذو النون: اللحظات تورث الحسرات؟ أولها أسف، وآخرها تَلَف، فمن طاوع طرفه تابع حتفه.

وخرج حسان بن أبي سنان يوم عيد، فلما عاد قالت له امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: والله ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك إلى أن رجعت إليك!

وقال أحمد بن حنبل: كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلابل!!

 

يا من رأى سـقمي يزيد ... وعـلتي تـعي طبيـبي

 

 

لا تعجـبن فهكـــذا ... تجني العيون على القلوب

 

`حكم النظر للنساء

قال الحافظ أبو بكر بن حبيب العامري: إن الذي أجمعت عليه الأمة، واتفق على تحريمه علماء السلف والخلف من الفقهاء والأئمة هو نظر الأجانب من الرجال والنساء بعضهم إلى بعض - وهم من ليس بينهم رحم من النسب، ولا محرم من سبب كالرضاع وغيره - فهؤلاء حرام نظر بعضهم إلى بعض... فالنظر والخلوة محرم على هؤلاء عند كافة المسلمين.

»ولما نظر الفضل بن عباس إلى امرأة حوَّل النبي صلى الله عليه وسلم وجْهه إلى الشق الآخر« رواه أبو داود.

قال ابن القيم: وهذا منع وإنكار بالفعل، فلو كان النظر جائزا لأقره عليه.

`حكم النظر إلى الأمرد

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" : يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمرد إذا كان حسن الصورة سواء كان نظره بشهوة أم لا ، سواء أمن الفتنة أم خافها . هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين، نص عليه الشافعي، وحذاق أصحابه رحمهم الله تعالى، ودليله أنه في معنى المرأة فإنه يُشتهى كما تُشتهى، وصورته في الجمال كصورة المرأة، بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء، بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر ما لا يتمكن من مثله في حق المرأة والله أعلم .

قال الحسن بن ذكوان: لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صوراً كصور العذارى وهم أشد فتنة من النساء.

وقال بعض التابعين: ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه، وكان يقول: لا يبيتن رجل مع أمرد في مكان واحد.

وقال بقية بن الوليد رحمه الله: قال بعض التابعين رضي الله عنه: كانوا يكرهون أن يحدق الرجل النظر إلى الغلام الأمرد الجميل الوجه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: من كرر النظر إلى الأمرد ونحوه وقال لا أنظر لشهوة كذب في دعواه.

`عقوبات النظر إلى المحرمات

اعلم أن النظر إلى المحرمات يورث الحسرات والزفرات، والألم الشديد،فيرى العبد ما ليس قادرا عليه ولا صابرا عنه، وهذا من أعظم العذاب كماقيل:

 

يا راميا بسـهام اللحظ مجتهدا ... أنت القتيل بما ترمي فـلا تصب

 

 

وباعث الطرف يرتاد الشفاء له ... احبس رسولك لا يأتيك بالعطب

 

فمن عقوبات النظر إلى المحرمات:

·فساد القلب: فالنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية،فإن لم تقتله جرحته، فهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس،فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه.

·نسيان العلم: فقد نسي أحد العباد القرآن بسبب نظرة إلى غلام نصراني!!

·نزول البلاء: قال عمرو بن مرة: نظرت إلى امرأة فأعجبتني فكف بصري، فأرجو أن يكون ذلك جزائي.

· إبطال الطاعات: فعن حذيفة قال: من تأمل خلق امرأة من وراء الثياب فقد أبطل صومه!!

· الغفلة عن الله والدار الآخرة: فإن القلب إذا شغل بالمحرمات أورثه ذلك كسلا عن ذكر الله وملازمة الطاعات.

· إهدار الشارع عين من تعمد النظر في بيوت الناس متجسسا: فعن أبي هريرة رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو اطلع أحد في بيتك ولم تأذن له، فخذفته بحصاة ففقأت عينه، ما كان عليك جناح»متفق عليه.

`فوائد غض البصر

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@شامخة بإيماني و@قلب تائب إلى الله

من فضلكم يا حبيبات.. هل بإمكان واحدة منكما.. أن تقرأ خاطرة "يا يُوسف" مرة أخرى، وتكتب ردّ عليها؟

وكأنه على لسانها، توجّهه لصديقة ما.. ولو في عبارات موجزة بسيطة.

يعني أكثر ما استفادته وما أثر فيها وهكذا؟

 

تمامًا كما لو أنّكِ سمعتيها من صديقة في نقاش بينكما..

ويتوجّب عليكِ ابداء رأيكِ؟ ماذا ستقولين؟

تم تعديل بواسطة أملْ ناجح (مَريَمَة)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

GU74F7.png

 

 

غاليتي شامخة.. @

معذرة.. لي طلب بسيط.. فقط انتبهت له الآن وأنا أتصفّح لإكمال كتابة بعض الأشياء.

إن كنّا سنعتمد هذا التصميم.. فأرجو فقط أن تكون "الحَرَكات" على الحُروف في أماكنها.

 

[[ واقِـعي أجمَـــل بغَـــضّ البَــصَــر ]]

 

وإن كان هناكَ تصميمات أخرى، للفواصل والمقدّمة..

أطلعينا عليها ونُقارن بارك الله فيكِ وزادكِ من فضله.

دعواتكم.. بإذن الله قريبًا أطلعكم على الموضوع كاملًا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مقال مهمّ ... أقتبس منه بعض الجزئيات بإذن الله.

 

المصدر: الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ مختار الجزائري الشنقيطي

 

 

 

رفع الضرر في غض البصر

 

 

 

 

الحمد لله القائل في كتابه ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]،

والصلاة والسلام الدائم على نبي الهدى الداعي إلى رضوان الله وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

 

وبعد:

 

فما أجمل ديننا الحنيف الذي جعل الوقاية من كل الأضرار قبل وقوعها، وأمر المسلم أن يجتنب خطوات الشيطان قبل اقتراف المنكرات والسقوط في براثن الموبقات، وأنزل قرءانا يتلى وجعله سبيل النجاة ومن سورة الحسنى سورة النور التي من تأملها وتدبرها وعمل بها كانت له نورا في الدنيا والآخرة نورا، "هذه سورة النور.. يذكر فيها النور بلفظه متصلا بذات الله: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35] ويذكر فيها النور بآثاره ومظاهره في القلوب والأرواح ممثلة هذه الآثار في الآداب والأخلاق التي يقوم عليها بناء هذه السورة. وهي آداب وأخلاق نفسية وعائلية وجماعية، تنير القلب، وتنير الحياة ويربطها بذلك النور الكوني الشامل أنها نور في الأرواح، وإشراق في القلوب، وشفافية في الضمائر، مستمدة كلها من ذلك النور الكبير[1].

 

 

 

﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40].

 

 

 

لقد جاءت بداية السورة توجه المجتمع بأوامر ربانية ليحافظ على كيانه، ويسمو بعيدا عن سفاسف الشهوات والملذات، فينال رفيع الدرجات ولن يكون إلا بامتثال الأوامر الربانية واجتناب النواهي الإلهية لكي تشرق بين ربوعه شمس الهداية الإيمانية والسعادة القرءانية.

 

 

 

ما معنى الغض:

 

أمَّا معنى الغضِّ: فَمادَّةُ الغضِّ تُفيدُ مَعنَى الخفضِ والنَّقصِ، فغَضُّ البَصَرِ:هُو عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ التَّحْدِيقِ وَاسْتِيفَاءِ النَّظَرِ، فَتَارَةً يَكُونُ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي الطَّرْفِ كَسْراً وَفُتُوراً خِلْقِيَّيْنِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي قَولِ كَعْبٍ بنِ زُهيرٍ:

وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ البينِ إذ رَحَلُوا

إلا أغنُّ غَضِيضُ الطَّرفِ مَكحُولُ

 

 

 

كما أنه َيكونُ تَارةً من مَذَلَّةٍ كَمَا قَالَ جَريرٌ:

فَغُضَّ الطَّرفَ إنَّكَ مِن نُمَيرٍ

فَلا كَعبَاً بَلغتَ وَلا كِلابَاً

 

 

 

ويَكُونُ َتَارَةً لِقَصْدِ الْكَفِّ عَنْ التَّأَمُّلِ حَيَاءً أو خجلاً مِنْ الخَلقِ كما قال عَنتَرَةُ:

وَأغُضُّ طَرفِي حِينَ تَبدُو جَارَتِي

حَتى يُوَارِي جَارَتِي مَأواهَا

 

 

 

وهَذِه المَعانِي كُلُّهَا غُيرُ مَقصُودَةٍ هنُا، وإنمَّا المقصُودُ: غَضُّ البَصَرِ خَوفَاً مِنَ اللهِ تَعَالى وَعِقَابِهِ، وَامتِثَالاً لأمرِهِ.

 

 

 

ولذلك جاء غض البصر مأمورا به ليشمل جميع الشهوات الفاتنة والمهالك المضلة وليس مقصورا كما نفهمه كثيرا عند إطلاقه أنه أمر يختص بغض البصر عن النّساء، فهنّ لاشك جزء من أخطر الفتن المحدقة بدين الرجل وآخرته كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي عَلَى أُمَّتِي فِتْنَةً، أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ" أخرجه أحمد" 5/200(22089) و"البُخَارِي" 7/11(5096). و"مسلم" 8/89(7045).

 

 

 

ومن تأمل القرءان وجد أنّ غض البصر يتجاوز ذلك المفهوم القاصر الذي ندور حوله، وإن كان كما ذكرنا أنه من رأس الشهوات، وقد قسم العلماء غض البصر إلى عدة إلى أمور:

 

أولها: غض البصر عن عورات الناس، ومن ذلك زينة المرأة الأجنبية.

 

إن الله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان:

 

غض البصر عن العورة، وغضه عن محلّ الشهوة.

 

فالأول كغضّ الرّجل بصره عن عورة غيره.

 

 

وأما النوع الثاني من النّظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية، فهذا أشد من الأول، كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير، وعلى صاحبها الحد... لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر" انتهى[2].

 

 

 

وقد تواردت نصوص الشرع في التحذير من النظر إلى المرأة الأجنبية والتلذذ:

 

قال الإمام أبو مُحَمَّدٍ ابنُ حَزمٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "مراتب الإجماع‏": "واتَّفَقُوا على وُجُوب غَضِّ البَصَرِ عَن غَيرِ الحَريمَةِ والزَّوجَةِ والأمَةِ، إلا من أراد نِكاحَ امرأةٍ حلَّ لهُ أنْ ينظُرَهَا".

 

 

 

وقال الإمَامُ أبو بكرٍ بنُ عَبدِ اللهِ العَامِريُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "رِسَالتِه في أحكَامِ النَّظر‏": "إنَّ الذي أجمعتْ عليه الأُمَّةُ، واتَّفَقَ عليهِ عُلماءُ السَّلفِ وَالخلفِ مِن الفُقَهاءِ والأئمَّةِ: هُو نَظَرُ الأجانِبِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بَعضُهُم إلى بَعضٍ، وَهُم مَن لَيسَ بينَهُم رَحِمٌ مِن النَّسبِ، ولا مَحرَمٌ مِن سَببٍ كالرِّضَاعِ وَغيرهِ، فَهؤلاءِ حرامٌ نَظَرُ بعضِهم إلى بَعضٍ".

 

 

 

أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ"‏.

 

 

 

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ:"‏وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي فَزِنَاهُ الْقُبَلُ"‏.

 

 

 

وَأَخْرَجَ الْأئمة أَحْمَدُ وأبو بكرٍ الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى الموصِليُّ رَحِمَهُم الله تَعَالَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ‏:"‏الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْفَرْجُ يَزْنِي".

 

 

 

قال الإمامُ أبو زكريا النَوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: "مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ اِبْنَ آدَمَ قُدِّرَ عَلَيْهِ نَصِيبٌ مِنْ الزِّنَا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ حَقِيقِيًّا بِإِدْخَالِ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ الْحَرَامِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ مَجَازًا بِالنَّظَرِ الْحَرَام أَوْ الِاسْتِمَاع إِلَى الزِّنَا وَمَا يَتَعَلَّق بِتَحْصِيلِهِ، أَوْ بِالْمَسِّ بِالْيَدِ بِأَنْ يَمَسّ أَجْنَبِيَّة بِيَدِهِ، أَوْ يُقَبِّلهَا، أَوْ بِالْمَشْيِ بِالرِّجْلِ إِلَى الزِّنَا، أَوْ النَّظَر، أَوْ اللَّمْس، أَوْ الْحَدِيث الْحَرَام مَعَ أَجْنَبِيَّة، وَنَحْو ذَلِكَ، أَوْ بِالْفِكْرِ بِالْقَلْبِ. فَكُلّ هَذِهِ أَنْوَاع مِنْ الزِّنَا الْمَجَازِيِّ، "وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ كُلّه أَوْ يُكَذِّبهُ": مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يُحَقِّق الزِّنَا بِالْفَرْجِ، وَقَدْ لَا يُحَقِّقهُ بِأَلَّا يُولِجَ الْفَرْجَ فِي الْفَرْجِ، وَإِنْ قَارَبَ ذَلِكَ. وَاَللَّه أَعْلَم".

 

 

 

وقد جاء نحو هذا المعنى عن أبي مُوسَى الأشعَرِيِّ رضي الله عنه قال:"كُلُّ عَينٍ فَاعِلَةٌ" يعني: زَانِيَةٌ. أَخْرَجَهُ الإمامُ أبو بكرِ ابنُ أبي شيبةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "مُصَنَّفِه" وأَخْرَجَه ابن الجوزي عن أبي مُوسَى مرفوعاً في "ذمِّ الهوى".

 

 

 

وجاء كتابِ "عُيونِ الأخبَارِ" للإمام أبي محمَّدٍ ابن قُتيبَةَ الدينوريِّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى: نظر رجل يوماً إلى ابنه وهو يديم النظر إلى امرأة فقال: "يا بنُيَّ! نظرُك هذا يُحبِل!".

 

 

 

2: غض البصر عن بيوت الناس وما أغلقت عليه أبوابهم:

 

"وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التي على البدن" انتهى[3].

 

 

 

"ومن النظر الحرام النظر إلى العورات، وهي قسمان: عورة وراء الثياب. وعورة وراء الأبواب"[4].

 

 

 

قَال تَعَالَى: ﴿ إنَّا عَرضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ وَالجِبَالِ فَأبينَ أنْ يَحمِلنَهَا وَحَمَلََهَا الإنسانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومَاً جَهُولاً﴾ [الأحزاب: 72].

 

 

 

قالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي تَفسِيرِ هذِهِ الآيةِ: "مِن تَضِييعِ الأمَانَاتِ النَّظَرُ في الدُّورِ وَالحُجُرَاتِ". أَخْرَجَه الإمامُ أبو بَكرٍ ابنُ أبي الدُنيَا رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "الورع‏" والإمام أبو بكر البيهَقيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "شُعَبِ الإيمَان‏ِ".

 

 

 

3: غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها:

 

قال تعالى: ﴿ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 88].

 

 

 

قال ابن سعدي في "تفسيره" (434): "أي: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون، واغترَّ بها الجاهلون، واستغن بما آتاك الله من المثاني والقرآن العظيم" انتهى.

 

 

 

وقال أيضا (ص/516): "أي: لا تمدن عينيك معجبا، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والمُمَتَّعين بها، من المآكل والمشارب اللذيذة، والملابس الفاخرة، والبيوت المزخرفة، والنساء المجملة، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا، تبتهج بها نفوس المغترين، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون، ثم تذهب سريعا، وتمضي جميعا، وتقتل محبيها وعشاقها، فيندمون حيث لا تنفع الندامة، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها، ومن هو أحسن عملا" اهـ.

 

 

 

‏وما أحسن قول الشاعر‏:‏

وغض عن المحارم منك طرفا

طموحا يفتن الرجل الأريب

فخائنة العيون كأسد غاب

إذا ما أهملت وثبت وثوبا

ومن يغضض فضول الطرف عنها

يجد في قلبه روحا وطيبا

 

 

 

ثانياً: قواعد ذهبية معينة على غض البصر:

 

الأولى: إذا نظرت نظر الفجأة فاصرف بصرك:

 

ففي صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله البجلي قال سَأَلْت رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نَظْرَة الْفَجْأَة، فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِف بَصَرِي.

 

 

 

قال النووي في شرح مسلم وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ، وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال، فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ، وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث، فَإِنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]

 

 

 

فاصرف بصرك أيها الموفق ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

 

 

 

دخل الإمام الأعمش حماما فرأى رجلا عريانا فأغمض عينيه وصار يتلمس الحائط فانتبه إليه الرجل وقال: متى فقدت بصرك يا إمام؟ فقال: منذ أن كشف الله عورتك.

 

 

 

القاعدة الثانية:

 

اجتنب تكرار النظر بعد الفجأة ففي الحديث: (يا علي! لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة) رواه الإمام أحمد وأبوداود وهو حديث حسن.

 

 

 

وهذه قاعدة متصلة بالقاعدة السابقة، ومكملة لها، وهي قاعدة ذهبية في غض البصر وحفظه عن الحرام، لا سيما في هذه البلاد.

 

 

 

قال ابن الجوزي‏:‏ "وهذا لأنّ الأولى لم يحضرها القلب‏،‏ ولا يتأمل بها المحاسن،‏ ولا يقع الالتذاذ بها‏،‏ فمتى استدامها مقدار حضور الذّهن كانت كالثانية في الإثم".‏

 

 

 

القاعدة الثالثة: تجنب الجلوس والتسكع في الطرقات:

 

في صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ)).

 

 

 

قال النووي: "هَذَا الْحَدِيث كَثِير الْفَوَائِد، وَهُوَ مِنْ الْأَحَادِيث الْجَامِعَة، وَأَحْكَامه ظَاهِرَة، وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَب الْجُلُوس فِي الطُّرُقَات لِهَذَا الْحَدِيث".

 

 

 

فقد نهاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الجلوس في الطرقات لأنها مظنة التعرض للنظر المحرم، ولا يعطى الطريق حقه إلا بغض البصر، وكف الأذى.

 

 

 

القاعدة الرابعة: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ ﴾ [غافر:19].

 

 

 

قال ابن عباس: (هو الرجل يكون جالساً مع القوم فتمر اّلمرأة فيسارقهم النّظر إليها، وعنه: هو الرّجل ينظر إلى المرأة فإذا نظر إليه أصحابه غضّ بصره، فإذا رأى منهم غفلة تدسس بالنظر، فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره، وقد علم الله عز وجل منه أنه يود لو نظر إلى عورتها).

 

 

 

وقال مجاهد هي مسارقة نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه.

 

 

 

وقال قتادة: هي الهمزة بعينه وإغماضه فيما لا يحب الله تعالى[5].

 

 

 

سئل الجنيد: بم يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق إلى ما تنظره.

 

 

 

وكان الإمام أحمد ينشد:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا

تقل خلوت ولكن قل على رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة

ولا أن ما يخفى عليه يغيب

 

 

 

القاعدة السادسة: ((احفظ الله يحفظ)):

 

يا أخي أحطت نفسك بأسوار الشيطان، وتخندقت في حبائله، ثم بعد ذلك تطالب نفسك بما لا مقدرة عليه، وتتمنى أن تغض بصرك.

ترجو السلامة ولم تسلك مسالكها

إن السفينة لا تجري على اليبس

 

 

 

قال ابن تيمية: وتأمّل كيف عصم الله عز وجل يوسف عليه السلام من فتنة امرأة العزيز، فقد كانت مشركة فوقعت مع تزوجها فيما وقعت فيه من السوء، ويوسف عليه السلام مع عزوبته ومراودتها له واستعانتها عليه بالنسوة وعقوبتها له بالحبس على العفة عصمه الله بإخلاصه لله تحقيقاً لقوله: ﴿ وَلاغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾ [الحجر:39، 40]، قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ ﴾ [الحجر:42].

 

 

 

القاعدة الثامنة: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)):

 

إذا وقع منك ما وقع فاتبع السيئة بحسنة من صلاة أو صدقة واستغفار وغيرها مما يرضي الحليم الغفار.

 

 

 

ثالثاً: من فوائد غض البصر:

 

"في غض البصر عدة منافع[6]:

 

أحدها: أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره.

 

 

 

الثانية: أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذى لعل فيه هلاكه إلى قلبه.

 

 

 

الثالثة: أنه يورث القلب أنسا بالله، وجمعية على الله، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله، وليس على العبد شيء أضرّ من إطلاق البصر، فإنّه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه.

 

 

 

الرابعة: أنه يقوي القلب ويفرحه، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه.

 

 

 

الخامسة: أنه يكسب القلب نورا، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة، ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر، فقال: ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30] ثم قال إثر ذلك: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ﴾ [النور: 35] أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى واجتناب هدى وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام.

 

 

 

السادسة: أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل والصادق والكاذب،... والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإذا غض بصره عن محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته، عوضة عن حبسه بصره لله، ويفتح له باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة المصيبة، التي إنما تنال ببصيرة القلب، وضد هذا ما وصف الله به اللوطية من العمه الذي هو ضد البصيرة فقال تعالى: ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الحجر: 72].

 

 

 

السابعة: أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة، كما في الأثر: (الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله) ومثل هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها، ما جعله الله سبحانه فيمن عصاه، كما قال الحسن: (إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، فإن المعصية لا تفارق رقابهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه).

 

 

 

الثامن: أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب، فإنه يدخل مع النظرة، وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي، فيمثل له صورة المنظور إليه، ويزينها ويجعلها صنما يعكف عليه القلب، ثم يَعِدُهُ ويُمَنِّيه، ويوقد على القلب نار الشهوة، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة، فيصير القلب في اللهب، فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار، وتلك الزفرات والحرقات، فإن القلب قد أحاطت به النيران بكل جانب، فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور، لهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة أن جُعل لهم في البرزخ تنورٌ من نار.

 

 

 

التاسع: أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها، فتنفرط عليه أموره، ويقع في اتباع هواه، وفي الغفلة عن ذكر ربه، قال تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].

 

 

 

العاشر: أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما عن الآخر، وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده، فإذا فسد القلب فسد النظر، وإذا فسد النظر فسد القلب، وكذلك في جانب الصلاح" انتهى [7].

 

 

 

وأما في عصرنا الحاضر فظهرت أمور كثيرة عن طريق الوسائل الحديثة التي تكشف لنا يوميا أن القرءان والوحي الذي نطق به نبينا - صلى الله عليه وسلم - يمثل للحضارة إعجازا علميا رائعا ففي مجال البصر كتب الشيخ الدكتور زغلول النجار فقال:

 

الإعجاز العلمي في القرآن في غض البصر:

 

يقول الله عز وجل: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ [النور: 30]؛ فقال العلماء أزكى معنى أطهر وأنفع وأطيب.

 

 

 

والسهم إذا دخل الجسم أحدث جرحا فقد يتلف مكانا معينا، أما حين يكون السهم مسموما فإن السم يسري إلى كل أنحاء الجسم.

 

 

 

فالنبي عليه السلام قبل أربعة عشر قرنا بيَّن مخاطر النظرة التي تتبع النظرة، فالنظرة كالضغط على الزناد، الذي تبدأ بسببه سلسلة من التفاعلات والإفرازات الهرمونية الجنسية المعقدة، التي لها تأثير على كل عضو، بل على كل خلية والتي تهيء الجسم لعملية الاتصال الجنسي وكل هذا يجب أن يتم في وقت محدد، أما إذا استمر انطلاق هذه الهرمونات في الجسم دون تفريغ هذه الشحنة، فإنها سوف تؤدي إلى مضاعفات خطيرة في الجسم.

 

 

 

وفي بحث أجري قبل 20عاما توصل إلى النتائج التالية:

 

أولا: هذه الهرمونات تجري في الأوعية، وتجول في الجسم الإنسان الذي يطلق بصره في الحرام طوال النهار.

 

 

 

والنبي الكريم نهى عن إتباع النظرة النظرة، ونهى عن تبرج النساء، وعن تعطر المرأة إذا خرجت من بيتها، ونهى عن الخلوة بالأجنبية، ونهى عن المصافحة، ونهى أن تمتنع المرأة عن فراش زوجها، وكل هذا للوقاية من أمراض كثيرة.

 

 

 

فما الذي يحدث؟

 

أولا: ظهور رائحة كريهة جدا من الإبطين والقدمين من أثر دورة هذه السموم في الجسم طوال النهار بسبب إطلاق البصر والمجلات ومشاهد جنسية وأفلام ونساء كاسيات عاريات ….

 

 

 

فهذا بدوره يؤدي إلى دورة هذه الهرمونات طوال النهار وزيادة كميتها وامتداد دورانها في الجسم (الهرمونات الجنسية الزائدة عن الحد تعتبر سموما إذا زادت عن الكمية المحددة وكذالك إذا امتد إفرازها في الجسم طوال النها).

 

 

 

ثانيا: توسع فتحات الغدد العرقية والدهنية في الكعبين وأسفل القدمين وفي المؤخرة، وهذا يسبب البواسي.

 

 

 

وتوسع الفتحات الدهنية يسبب حب الشباب من دورة الهرمونات …

 

 

 

والهرمونات الجنسية، التي هي كالسموم، وتهيجها لحد أكثر من المتوسط يسبب داء الشقيقة أو الصداع النصفي الذي لا يوجد له علاج ليومنا هذا.

 

 

 

أما الشيء المخيف فآلام المفاصل ولا سيما الكبيرة..

 

 

 

كمفصل الركبة والورك، ويبدوا أن هذه الهرمونات تقلل من لزوجة السائل الذي بين العظام وهذا يؤدي إلى جفاف السائل ثم احتكاك العظام ثم إلى آلام مفصلية لا تحتمل.

 

 

 

أما في مجال القلب والأوعية الدموية فاستمرار هذه الهرمونات في الجسم تسبب هبوط في ضربات القلب وبطء في الدوران الدموي.

 

 

 

ثم أن هذه السموم قد تسبب جلطة دهنية إذا ما ترسبت في مكان معين، ومن بعض هذه الآثار هو حدوث توسع في غدة البروستاتة، وكل هذا مصداقا لحديث رسولنا الكريم الذي أخبر به عن الله عز وجل: النظرة سهم من سهام إبليس المسمومة، فمن تركها من خوف من الله عز وجل أثابه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه)[8].

 

 

 

المرخص لهم في النظر:

 

قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله تعالى: (ولا) حرج (في النّظر إلى المتجالة) أي كبيرة السن (ولا) حرج (في النّظر إلى الشّابة) وتأمّل صفتها (لعذر من شهادة عليها) في نكاح أو بيع ومثل الشّاهد الطّبيب والجرّاح ولا يجوز له ان يتعدى النظر إلى غير موضع العلة (وقد أرخص في ذلك) أي في النّظر إلى الشّابة (للخاطب) وذلك لما روى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه[9] من حديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "انظر إليها فإنّه أحرى أن يؤدم بينكما" وروى أحمد ومسلم[10] من حديث أبي هريرة قال: "كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل فأخبره أنه تزوّج امرأة من الأنصار فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنظرت إليها، قال: لا، قال: اذهب فانظر إليها فإنّ في أعين الأنصار شيئا "،وغيرها من الأحاديث.

 

 

 

فيرخص للخاطب والشاهد على امرأة أمام القضاء والطبيب بقدر علة المريض.

 

 

 

قصص واقعية:

 

ساق أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه ذم الهوى بقوله: "بلغني عن رجل كان ببغداد يُقال له: صالح المؤذن، أذّن أربعين سنة، وكان يُعرف بالصلاح، أنه صعد يوماً إلى المنارة ليؤذن، فرأى بنت رجل نصراني كان بيته إلى جانب المسجد، فافتتن بها، فجاء فطرق الباب، فقالت: من؟ فقال: أنا صالح المؤذن، ففتحت له، فلمّا دخل ضمّها إليه، فقالت: أنتم أصحاب الأمانات فما هذه الخيانة؟ فقال: إن وافقتني على ما أريد وإلاّ قتلتك. فقالت: لا؛ إلا أن تترك دينك، فقال: أنا بريء من الإسلام ومما جاء به محمد، ثم دنا إليها، فقالت: إنما قلت هذا لتقضي غرضك ثم تعود إلى دينك، فكُلْ من لحم الخنزير، فأكل، قالت: فاشرب الخمر، فشرب، فلما دبّ الشراب فيه دنا إليها، فدخلت بيتاً وأغلقت الباب، وقالت: اصعد إلى السطح حتى إذا جاء أبي زوّجني منك، فصعد فسقط فمات، فخرجت فلفّته في ثوب، فجاء أبوها، فقصّت عليه القصة، فأخرجه في الليل فرماه في السكة، فظهر حديثه، فرُمي في مزبلة"[11].

 

 

 

أما الحكاية الثانية: فقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة ثمان وسبعين ومائتين ما يلي: "وفيها توفي عبدة بن عبد الرحيم قبحه الله ذكر ابن الجوزي أن هذا الشقيّ كان من المجاهدين كثيراً في بلاد الروم، فلما كان في بعض الغزوات والمسلمون يحاصرون بلدة من بلاد الروم، إذ نظر إلى امرأة من نساء الرّوم في ذلك الحصن، فهويها، فراسلها: ما السّبيل إلى الوصول إليك؟ فقالت: أن تتنصر وتصعد إليّ، فأجابها إلى ذلك، فما راع المسلمين إلاّ وهو عندها، فاغتمّ المسلمون بسبب ذلك غمّاً شديداً، وشقّ عليهم مشقة عظيمة، فلما كان بعد مدة مرّوا عليه وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن، فقالوا: يا فلان ما فعل قرآنك؟ ما فعل علمك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعل جهادك؟ ما فعلت صلاتك؟ فقال: اعلموا أني أُنسيت القرآنَ كلّه إلاّ قوله:﴿ رُّبَمَا يَوَدُّ الَذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يأكلوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾[12] وقد صار لي فيهم مال وولد"[13].

 

 

 

قصة واقعية عامل محطة بنزين يتزوج بأجمل جميلات نيوزلندا:

 

كانت إحدى ملكات جمال نيوزيلندا يهفو إليه الجمهور الكبير في داخل بلدها وخارجه لينعموا بنظرة إلى جمالها، ولكن كان هناك شاب مسلم من جنسية آسيوية يعمل في محطة بنزين قريب من بيتها، وكلما جاءت الملكة لمحطة البنزين لتزود سيارتها بالبترول غض الشاب بصره وملأ ما تحتاجه وأخذ الثمن، مما جعل الملكة تمتلئ غيظا وحنقا عليه، فهو لا يبالي بها وهي التي فتنت الجماهير في العالم، ولم يطل صبرها ففي يوم من الأيام نزلت من سيارتها لتصب جام غضبها على الشاب الذي قهرها بامتثاله لربه، فسألته من أنت؟ ومن أين أنت؟ هل أنت بشر أم جماد؟ وما ديانتك؟ لماذا تقهرني بعدم الالتفات إلي والنظر في جمالي ومحاسني؟ فأخبرها بأنه مسلم وأن دينه يحرم عليه إطلاق بصره في غير ما ضرورة، فأسلمت على يديه، وقالت لابد أن تكون زوجا لا أرضى بغير ذلك، فتزوجها وحسن إسلامها.

 

 

 

وفي قصة أخرى حكاها الشيخ الداعية محمد حسان أن شابا مغربيا سافر إلى أمريكا وفي يوم من الأيام قدر له أن يجتمع بفتاة جميلة في إحدى الأبراج العالية إلا أن الشاب لم يرفع رأسه لينظر إلى هذه الجميلة التي كانت طول الوقت خائفة من هذا الذي ركّز نظره في الأرض دون أن يغويه جمالها، ويغويه الشيطان لفعل ما يخل بإيمانه ودينه، فما إن وطئت أقدامهم باحة البرج ومر ذاهبا حتى نادته قائلة، ألم يعجبك جمالي؟ فقال لها وهو غاض بصره لم أر جمالك ليعجبني أو لا يعجبني!، فأنا مسلم أمرني ربي بغض البصر؟ فقالت من ربك هذا فقال: الله، قالت أي ديانة تعتنقها، قال: الإسلام، فقالت ما أجمل هذا الدين الذي ينهاك عن إيذاء الغير حتى بالنظر، قالت وهي مندهشة من أخلاقه وسمته هل تتزوجني، قال أنا مسلم ولا يجوز لي أن أتزوج امرأة على غير ديني؟ قالت فإن دخلت دينك، قال: نعم، فأسلمت، وتزوج بها، وأعطته جميع ما تملك وكانت من أسرة ثرية جدا فاصبح بغضِّ بصره مليارديرا. صدق الله العظيم القائل ﴿ ..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

 

 

من الأشعار الرائقة في الباب:

 

قال الشاعر:

وكنت متى أرسلت طرفك رائداً

لقلبك يوماً أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر

عليه ولا عن بعضه أنت صابر

 

 

 

والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية، فإن لم تقتله جرحته، وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس، فإن لم يحرقه كله أحرقت بعضه، والناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه، وهو لا يشعر فهو إنما يرمي قلبه.

 

 

 

وقال الشاعر:

إذا أنت لم ترع البروق اللوامحا

ونمت جرى من تحتك السيل سائحا

غرست الهوى باللحظ ثم احتقرته

وأهملته مستأنسا متسامحا

ولم تدر حتى أينعت شجراته

وهبت رياح الوجد فيه لواقحا

فأمسيت تستدعي من الصبر عازبا

عليك وتستدني من النوم نازحا

 

 

 

وقال آخر:

يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا

أنت القتيل بما ترمي فلا تصب

وباعث الطرف يرتاد الشفاء له

توقه فإنه يأتيك بالعطب

ترجو الشفاء بأحداق بها مرض

فهل سمعت ببرء جاء من عطب

وبائعا طيب عيش ما له خطر

بطيف عيش من الأيام منتهب

‏غبنت والله غبنا فاحشا فلو اس

ترجعت ذا العقد لم تغبن ولم تخب

 

 

 

ورُفِعَتْ لِلْإِمَامِ أَبِي الْخَطَّابِ بْنِ أَحْمَدَ الْكُلُوذَانِيِّ مِنْ أَكَابِرِ الأئمة والعلماء رُقْعَةٌ فِيهَا‏:‏

قُلْ لِأَبِي الْخَطَّابِ نَجْمِ الْهُدَى

وَقُدْوَةِ الْعَالَمِ فِي عَصْرِهِ

لَا زِلْت فِي فَتْوَاك مُسْتَأْمَنًا

مِنْ خُدَعِ الشَّيْطَانِ أَوْ مَكْرِهِ

مَاذَا تَرَى فِي رَشَإٍ أَغْيَدَ

حَازَ اللَّمَا وَالدُّرَّ فِي ثَغْرِهِ

لَمْ يَحْكِ بَدْرَ التِّمِّ فِي حُسْنِهِ

حَتَّى حَكَى الزُّنْبُورَ فِي خَصْرِهِ

فَهَلْ يُجِيزُ الشَّرْعُ تَقْبِيلَهُ

لِمُسْتَهَامٍ خَافَ مِنْ وِزْرِهِ

أَمْ هَلْ عَلَى الْمُشْتَاقِ فِي ضَمِّهِ

مِنْ غَيْرِ إدْنَاءٍ إلَى صَدْرِهِ

إثْمٌ إذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُضْمِرًا

غَيْرَ الَّذِي قُدِّمَ مِنْ ذِكْرِهِ

 

 

 

فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ‏:‏

يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ الْأَدِيبُ الَّذِي

قَدْ فَاقَ أَهْلَ الْعَصْرِ فِي شِعْرِهِ

تَسْأَلُ عَنْ تَقْبِيلِ بَدْرِ الدُّجَى

وَعَطْفِ زَنْدَيْك عَلَى نَحْرِهِ

هَلْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْلِيلِهِ

لِمُسْتَهَامٍ خَافَ مِنْ وِزْرِهِ

مَنْ قَارَفَ الْفِتْنَةَ ثُمَّ ادَّعَى

الْعِصْمَةَ قَدْ نَافَقَ فِي أَمْرِهِ

هَلْ فِتْنَةُ الْمَرْءِ سِوَى الضَّمِّ

وَالَتَّقْبِيلِ لِلْحِبِّ عَلَى ثَغْرِهِ

هَلْ دَوَاعِي ذَلِكَ الْمُشْتَهَى

إلَّا عِنَاقُ الْبَدْرِ فِي خِدْرِهِ

وَبَذْلُهُ ذَاكَ لِمُشْتَاقِهِ

يُزْرِي عَلَى هَارُوتَ فِي سِحْرِهِ

وَلَا يُجِيزُ الشَّرْعُ أَسْبَابَ مَا

يُوَرِّطُ الْمُسْلِمَ فِي حَظْرِهِ

فَانْجُ وَدَعْ عَنْك صُدَاعَ الْهَوَى

عَسَاك أَنْ تَسْلَمَ مِنْ شَرِّهِ

هَذَا جَوَابُ الْكُلُوذَانِيِّ قَدْ

جَاءَ يَرْجُو اللَّهَ فِي أَجْرِهِ

 

 

 

قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ بَعْدَ إيرَادِهِ لِمَا ذكر:‏ فَهَذَا جَوَابُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا ذَكَرْنَا، يَعْنِي مِنْ عَدَمِ إبَاحَةِ النَّظَرِ لِلْمَحْبُوبِ، حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ النَّظَرَ رُبَّمَا يُذْهِبُ مَا الْتَاعَ بِهِ فُؤَادُهُ الْمَحْجُوبُ، فَإِنَّ احْتِمَالَ مَفْسَدَةِ أَلَمِ الْحُبِّ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ وَعَدَمِ تَقْبِيلِهِ وَضَمِّهِ أَقَلُّ مِنْ مَفْسَدَةِ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ أَعْنِي مَفْسَدَةَ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ تَجُرُّ إلَى هَلَاكِ الْقَلْبِ وَفَسَادِ الدِّينِ، وَغَايَةُ مَا يُقَدَّرُ مِنْ مَفْسَدَةِ الْإِمْسَاكِ عَنْ ذَلِكَ سَقَمُ الْجَسَدِ أَوْ الْمَوْتُ تَفَادِيًا عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْحَرَامِ [14].‏

 

 

 

الخاتمة:

 

اللهم أحسن خاتمتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة برحمتك يا أرحم الراحمين

 

 

 

المصدر: الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ مختار الجزائري الشنقيطي

 

رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/10334/46941/#ixzz2zwIKpj6r

 

رفع الضرر في غض البصر

 

 

الحمد لله القائل في كتابه ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]، والصلاة والسلام الدائم على نبي الهدى الداعي إلى رضوان الله وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

 

وبعد:

 

فما أجمل ديننا الحنيف الذي جعل الوقاية من كل الأضرار قبل وقوعها، وأمر المسلم أن يجتنب خطوات الشيطان قبل اقتراف المنكرات والسقوط في براثن الموبقات، وأنزل قرءانا يتلى وجعله سبيل النجاة ومن سورة الحسنى سورة النور التي من تأملها وتدبرها وعمل بها كانت له نورا في الدنيا والآخرة نورا، "هذه سورة النور.. يذكر فيها النور بلفظه متصلا بذات الله: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35] ويذكر فيها النور بآثاره ومظاهره في القلوب والأرواح ممثلة هذه الآثار في الآداب والأخلاق التي يقوم عليها بناء هذه السورة. وهي آداب وأخلاق نفسية وعائلية وجماعية، تنير القلب، وتنير الحياة ويربطها بذلك النور الكوني الشامل أنها نور في الأرواح، وإشراق في القلوب، وشفافية في الضمائر، مستمدة كلها من ذلك النور الكبير[1].

 

 

 

﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40].

 

 

 

لقد جاءت بداية السورة توجه المجتمع بأوامر ربانية ليحافظ على كيانه، ويسمو بعيدا عن سفاسف الشهوات والملذات، فينال رفيع الدرجات ولن يكون إلا بامتثال الأوامر الربانية واجتناب النواهي الإلهية لكي تشرق بين ربوعه شمس الهداية الإيمانية والسعادة القرءانية.

 

 

 

ما معنى الغض:

 

أمَّا معنى الغضِّ: فَمادَّةُ الغضِّ تُفيدُ مَعنَى الخفضِ والنَّقصِ، فغَضُّ البَصَرِ:هُو عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ التَّحْدِيقِ وَاسْتِيفَاءِ النَّظَرِ، فَتَارَةً يَكُونُ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي الطَّرْفِ كَسْراً وَفُتُوراً خِلْقِيَّيْنِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي قَولِ كَعْبٍ بنِ زُهيرٍ:

وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ البينِ إذ رَحَلُوا

إلا أغنُّ غَضِيضُ الطَّرفِ مَكحُولُ

 

 

 

كما أنه َيكونُ تَارةً من مَذَلَّةٍ كَمَا قَالَ جَريرٌ:

فَغُضَّ الطَّرفَ إنَّكَ مِن نُمَيرٍ

فَلا كَعبَاً بَلغتَ وَلا كِلابَاً

 

 

 

ويَكُونُ َتَارَةً لِقَصْدِ الْكَفِّ عَنْ التَّأَمُّلِ حَيَاءً أو خجلاً مِنْ الخَلقِ كما قال عَنتَرَةُ:

وَأغُضُّ طَرفِي حِينَ تَبدُو جَارَتِي

حَتى يُوَارِي جَارَتِي مَأواهَا

 

 

 

وهَذِه المَعانِي كُلُّهَا غُيرُ مَقصُودَةٍ هنُا، وإنمَّا المقصُودُ: غَضُّ البَصَرِ خَوفَاً مِنَ اللهِ تَعَالى وَعِقَابِهِ، وَامتِثَالاً لأمرِهِ.

 

 

 

ولذلك جاء غض البصر مأمورا به ليشمل جميع الشهوات الفاتنة والمهالك المضلة وليس مقصورا كما نفهمه كثيرا عند إطلاقه أنه أمر يختص بغض البصر عن النّساء، فهنّ لاشك جزء من أخطر الفتن المحدقة بدين الرجل وآخرته كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي عَلَى أُمَّتِي فِتْنَةً، أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ" أخرجه أحمد" 5/200(22089) و"البُخَارِي" 7/11(5096). و"مسلم" 8/89(7045).

 

 

 

ومن تأمل القرءان وجد أنّ غض البصر يتجاوز ذلك المفهوم القاصر الذي ندور حوله، وإن كان كما ذكرنا أنه من رأس الشهوات، وقد قسم العلماء غض البصر إلى عدة إلى أمور:

 

أولها: غض البصر عن عورات الناس، ومن ذلك زينة المرأة الأجنبية.

 

إن الله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان:

 

غض البصر عن العورة، وغضه عن محلّ الشهوة.

 

فالأول كغضّ الرّجل بصره عن عورة غيره.

 

 

وأما النوع الثاني من النّظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية، فهذا أشد من الأول، كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير، وعلى صاحبها الحد... لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر" انتهى[2].

 

 

 

وقد تواردت نصوص الشرع في التحذير من النظر إلى المرأة الأجنبية والتلذذ:

 

قال الإمام أبو مُحَمَّدٍ ابنُ حَزمٍ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "مراتب الإجماع‏": "واتَّفَقُوا على وُجُوب غَضِّ البَصَرِ عَن غَيرِ الحَريمَةِ والزَّوجَةِ والأمَةِ، إلا من أراد نِكاحَ امرأةٍ حلَّ لهُ أنْ ينظُرَهَا".

 

 

 

وقال الإمَامُ أبو بكرٍ بنُ عَبدِ اللهِ العَامِريُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "رِسَالتِه في أحكَامِ النَّظر‏": "إنَّ الذي أجمعتْ عليه الأُمَّةُ، واتَّفَقَ عليهِ عُلماءُ السَّلفِ وَالخلفِ مِن الفُقَهاءِ والأئمَّةِ: هُو نَظَرُ الأجانِبِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بَعضُهُم إلى بَعضٍ، وَهُم مَن لَيسَ بينَهُم رَحِمٌ مِن النَّسبِ، ولا مَحرَمٌ مِن سَببٍ كالرِّضَاعِ وَغيرهِ، فَهؤلاءِ حرامٌ نَظَرُ بعضِهم إلى بَعضٍ".

 

 

 

أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، الْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ"‏.

 

 

 

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ:"‏وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي فَزِنَاهُ الْقُبَلُ"‏.

 

 

 

وَأَخْرَجَ الْأئمة أَحْمَدُ وأبو بكرٍ الْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى الموصِليُّ رَحِمَهُم الله تَعَالَى بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ‏:"‏الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْفَرْجُ يَزْنِي".

 

 

 

قال الإمامُ أبو زكريا النَوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: "مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ اِبْنَ آدَمَ قُدِّرَ عَلَيْهِ نَصِيبٌ مِنْ الزِّنَا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ حَقِيقِيًّا بِإِدْخَالِ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ الْحَرَامِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُون زِنَاهُ مَجَازًا بِالنَّظَرِ الْحَرَام أَوْ الِاسْتِمَاع إِلَى الزِّنَا وَمَا يَتَعَلَّق بِتَحْصِيلِهِ، أَوْ بِالْمَسِّ بِالْيَدِ بِأَنْ يَمَسّ أَجْنَبِيَّة بِيَدِهِ، أَوْ يُقَبِّلهَا، أَوْ بِالْمَشْيِ بِالرِّجْلِ إِلَى الزِّنَا، أَوْ النَّظَر، أَوْ اللَّمْس، أَوْ الْحَدِيث الْحَرَام مَعَ أَجْنَبِيَّة، وَنَحْو ذَلِكَ، أَوْ بِالْفِكْرِ بِالْقَلْبِ. فَكُلّ هَذِهِ أَنْوَاع مِنْ الزِّنَا الْمَجَازِيِّ، "وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ كُلّه أَوْ يُكَذِّبهُ": مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يُحَقِّق الزِّنَا بِالْفَرْجِ، وَقَدْ لَا يُحَقِّقهُ بِأَلَّا يُولِجَ الْفَرْجَ فِي الْفَرْجِ، وَإِنْ قَارَبَ ذَلِكَ. وَاَللَّه أَعْلَم".

 

 

 

وقد جاء نحو هذا المعنى عن أبي مُوسَى الأشعَرِيِّ رضي الله عنه قال:"كُلُّ عَينٍ فَاعِلَةٌ" يعني: زَانِيَةٌ. أَخْرَجَهُ الإمامُ أبو بكرِ ابنُ أبي شيبةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "مُصَنَّفِه" وأَخْرَجَه ابن الجوزي عن أبي مُوسَى مرفوعاً في "ذمِّ الهوى".

 

 

 

وجاء كتابِ "عُيونِ الأخبَارِ" للإمام أبي محمَّدٍ ابن قُتيبَةَ الدينوريِّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى: نظر رجل يوماً إلى ابنه وهو يديم النظر إلى امرأة فقال: "يا بنُيَّ! نظرُك هذا يُحبِل!".

 

 

 

2: غض البصر عن بيوت الناس وما أغلقت عليه أبوابهم:

 

"وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التي على البدن" انتهى[3].

 

 

 

"ومن النظر الحرام النظر إلى العورات، وهي قسمان: عورة وراء الثياب. وعورة وراء الأبواب"[4].

 

 

 

قَال تَعَالَى: ﴿ إنَّا عَرضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ وَالجِبَالِ فَأبينَ أنْ يَحمِلنَهَا وَحَمَلََهَا الإنسانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومَاً جَهُولاً﴾ [الأحزاب: 72].

 

 

 

قالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي تَفسِيرِ هذِهِ الآيةِ: "مِن تَضِييعِ الأمَانَاتِ النَّظَرُ في الدُّورِ وَالحُجُرَاتِ". أَخْرَجَه الإمامُ أبو بَكرٍ ابنُ أبي الدُنيَا رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "الورع‏" والإمام أبو بكر البيهَقيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في "شُعَبِ الإيمَان‏ِ".

 

 

 

3: غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها:

 

قال تعالى: ﴿ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 88].

 

 

 

قال ابن سعدي في "تفسيره" (434): "أي: لا تعجب إعجابا يحملك على إشغال فكرك بشهوات الدنيا التي تمتع بها المترفون، واغترَّ بها الجاهلون، واستغن بما آتاك الله من المثاني والقرآن العظيم" انتهى.

 

 

 

وقال أيضا (ص/516): "أي: لا تمدن عينيك معجبا، ولا تكرر النظر مستحسنا إلى أحوال الدنيا والمُمَتَّعين بها، من المآكل والمشارب اللذيذة، والملابس الفاخرة، والبيوت المزخرفة، والنساء المجملة، فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا، تبتهج بها نفوس المغترين، وتأخذ إعجابا بأبصار المعرضين، ويتمتع بها - بقطع النظر عن الآخرة - القوم الظالمون، ثم تذهب سريعا، وتمضي جميعا، وتقتل محبيها وعشاقها، فيندمون حيث لا تنفع الندامة، ويعلمون ما هم عليه إذا قدموا في القيامة، وإنما جعلها الله فتنة واختبارا، ليعلم من يقف عندها ويغتر بها، ومن هو أحسن عملا" اهـ.

 

 

 

‏وما أحسن قول الشاعر‏:‏

وغض عن المحارم منك طرفا

طموحا يفتن الرجل الأريب

فخائنة العيون كأسد غاب

إذا ما أهملت وثبت وثوبا

ومن يغضض فضول الطرف عنها

يجد في قلبه روحا وطيبا

 

 

 

ثانياً: قواعد ذهبية معينة على غض البصر:

 

الأولى: إذا نظرت نظر الفجأة فاصرف بصرك:

 

ففي صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله البجلي قال سَأَلْت رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نَظْرَة الْفَجْأَة، فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِف بَصَرِي.

 

 

 

قال النووي في شرح مسلم وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ، وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال، فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ، وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث، فَإِنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]

 

 

 

فاصرف بصرك أيها الموفق ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

 

 

 

دخل الإمام الأعمش حماما فرأى رجلا عريانا فأغمض عينيه وصار يتلمس الحائط فانتبه إليه الرجل وقال: متى فقدت بصرك يا إمام؟ فقال: منذ أن كشف الله عورتك.

 

 

 

القاعدة الثانية:

 

اجتنب تكرار النظر بعد الفجأة ففي الحديث: (يا علي! لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة) رواه الإمام أحمد وأبوداود وهو حديث حسن.

 

 

 

وهذه قاعدة متصلة بالقاعدة السابقة، ومكملة لها، وهي قاعدة ذهبية في غض البصر وحفظه عن الحرام، لا سيما في هذه البلاد.

 

 

 

قال ابن الجوزي‏:‏ "وهذا لأنّ الأولى لم يحضرها القلب‏،‏ ولا يتأمل بها المحاسن،‏ ولا يقع الالتذاذ بها‏،‏ فمتى استدامها مقدار حضور الذّهن كانت كالثانية في الإثم".‏

 

 

 

القاعدة الثالثة: تجنب الجلوس والتسكع في الطرقات:

 

في صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الْأَذَى وَرَدُّ السَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ)).

 

 

 

قال النووي: "هَذَا الْحَدِيث كَثِير الْفَوَائِد، وَهُوَ مِنْ الْأَحَادِيث الْجَامِعَة، وَأَحْكَامه ظَاهِرَة، وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَب الْجُلُوس فِي الطُّرُقَات لِهَذَا الْحَدِيث".

 

 

 

فقد نهاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الجلوس في الطرقات لأنها مظنة التعرض للنظر المحرم، ولا يعطى الطريق حقه إلا بغض البصر، وكف الأذى.

 

 

 

القاعدة الرابعة: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ ﴾ [غافر:19].

 

 

 

قال ابن عباس: (هو الرجل يكون جالساً مع القوم فتمر اّلمرأة فيسارقهم النّظر إليها، وعنه: هو الرّجل ينظر إلى المرأة فإذا نظر إليه أصحابه غضّ بصره، فإذا رأى منهم غفلة تدسس بالنظر، فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره، وقد علم الله عز وجل منه أنه يود لو نظر إلى عورتها).

 

 

 

وقال مجاهد هي مسارقة نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه.

 

 

 

وقال قتادة: هي الهمزة بعينه وإغماضه فيما لا يحب الله تعالى[5].

 

 

 

سئل الجنيد: بم يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق إلى ما تنظره.

 

 

 

وكان الإمام أحمد ينشد:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا

تقل خلوت ولكن قل على رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة

ولا أن ما يخفى عليه يغيب

 

 

 

القاعدة السادسة: ((احفظ الله يحفظ)):

 

يا أخي أحطت نفسك بأسوار الشيطان، وتخندقت في حبائله، ثم بعد ذلك تطالب نفسك بما لا مقدرة عليه، وتتمنى أن تغض بصرك.

ترجو السلامة ولم تسلك مسالكها

إن السفينة لا تجري على اليبس

 

 

 

قال ابن تيمية: وتأمّل كيف عصم الله عز وجل يوسف عليه السلام من فتنة امرأة العزيز، فقد كانت مشركة فوقعت مع تزوجها فيما وقعت فيه من السوء، ويوسف عليه السلام مع عزوبته ومراودتها له واستعانتها عليه بالنسوة وعقوبتها له بالحبس على العفة عصمه الله بإخلاصه لله تحقيقاً لقوله: ﴿ وَلاغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ ﴾ [الحجر:39، 40]، قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ ﴾ [الحجر:42].

 

 

 

القاعدة الثامنة: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)):

 

إذا وقع منك ما وقع فاتبع السيئة بحسنة من صلاة أو صدقة واستغفار وغيرها مما يرضي الحليم الغفار.

 

 

 

ثالثاً: من فوائد غض البصر:

 

"في غض البصر عدة منافع[6]:

 

أحدها: أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده، وليس للعبد في دنياه وآخرته أنفع من امتثال أوامر ربه تبارك وتعالى، وما سعد من سعد في الدنيا والآخرة إلا بامتثال أوامره، وما شقي من شقي في الدنيا والآخرة إلا بتضييع أوامره.

 

 

 

الثانية: أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذى لعل فيه هلاكه إلى قلبه.

 

 

 

الثالثة: أنه يورث القلب أنسا بالله، وجمعية على الله، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله، وليس على العبد شيء أضرّ من إطلاق البصر، فإنّه يوقع الوحشة بين العبد وبين ربه.

 

 

 

الرابعة: أنه يقوي القلب ويفرحه، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه.

 

 

 

الخامسة: أنه يكسب القلب نورا، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة، ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر، فقال: ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ [النور: 30] ثم قال إثر ذلك: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ﴾ [النور: 35] أي مثل نوره في قلب عبده المؤمن الذي امتثل أوامره واجتنب نواهيه، وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب، كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان، فما شئت من بدعة وضلالة واتباع هوى واجتناب هدى وإعراض عن أسباب السعادة واشتغال بأسباب الشقاوة، فإن ذلك إنما يكشفه له النور الذي في القلب، فإذا فقد ذلك النور بقي صاحبه كالأعمى الذي يجوس في حنادس الظلام.

 

 

 

السادسة: أنه يورث الفراسة الصادقة التي يميز بها بين المحق والمبطل والصادق والكاذب،... والله سبحانه يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإذا غض بصره عن محارم الله عوضه الله بأن يطلق نور بصيرته، عوضة عن حبسه بصره لله، ويفتح له باب العلم والإيمان والمعرفة والفراسة الصادقة المصيبة، التي إنما تنال ببصيرة القلب، وضد هذا ما وصف الله به اللوطية من العمه الذي هو ضد البصيرة فقال تعالى: ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الحجر: 72].

 

 

 

السابعة: أنه يورث القلب ثباتا وشجاعة وقوة، ويجمع الله له بين سلطان البصيرة والحجة وسلطان القدرة والقوة، كما في الأثر: (الذي يخالف هواه يفر الشيطان من ظله) ومثل هذا تجده في المتبع هواه من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها، ما جعله الله سبحانه فيمن عصاه، كما قال الحسن: (إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين، فإن المعصية لا تفارق رقابهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه).

 

 

 

الثامن: أنه يسد على الشيطان مدخله من القلب، فإنه يدخل مع النظرة، وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهوى في المكان الخالي، فيمثل له صورة المنظور إليه، ويزينها ويجعلها صنما يعكف عليه القلب، ثم يَعِدُهُ ويُمَنِّيه، ويوقد على القلب نار الشهوة، ويلقي عليه حطب المعاصي التي لم يكن يتوصل إليها بدون تلك الصورة، فيصير القلب في اللهب، فمن ذلك اللهب تلك الأنفاس التي يجد فيها وهج النار، وتلك الزفرات والحرقات، فإن القلب قد أحاطت به النيران بكل جانب، فهو في وسطها كالشاة في وسط التنور، لهذا كانت عقوبة أصحاب الشهوات بالصور المحرمة أن جُعل لهم في البرزخ تنورٌ من نار.

 

 

 

التاسع: أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها، وإطلاق البصر يشتت عليه ذلك ويحول عليه بينه وبينها، فتنفرط عليه أموره، ويقع في اتباع هواه، وفي الغفلة عن ذكر ربه، قال تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].

 

 

 

العاشر: أن بين العين والقلب منفذا أو طريقا يوجب اشتغال أحدهما عن الآخر، وأن يصلح بصلاحه ويفسد بفساده، فإذا فسد القلب فسد النظر، وإذا فسد النظر فسد القلب، وكذلك في جانب الصلاح" انتهى [7].

 

 

 

وأما في عصرنا الحاضر فظهرت أمور كثيرة عن طريق الوسائل الحديثة التي تكشف لنا يوميا أن القرءان والوحي الذي نطق به نبينا - صلى الله عليه وسلم - يمثل للحضارة إعجازا علميا رائعا ففي مجال البصر كتب الشيخ الدكتور زغلول النجار فقال:

 

الإعجاز العلمي في القرآن في غض البصر:

 

يقول الله عز وجل: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ﴾ [النور: 30]؛ فقال العلماء أزكى معنى أطهر وأنفع وأطيب.

 

 

 

والسهم إذا دخل الجسم أحدث جرحا فقد يتلف مكانا معينا، أما حين يكون السهم مسموما فإن السم يسري إلى كل أنحاء الجسم.

 

 

 

فالنبي عليه السلام قبل أربعة عشر قرنا بيَّن مخاطر النظرة التي تتبع النظرة، فالنظرة كالضغط على الزناد، الذي تبدأ بسببه سلسلة من التفاعلات والإفرازات الهرمونية الجنسية المعقدة، التي لها تأثير على كل عضو، بل على كل خلية والتي تهيء الجسم لعملية الاتصال الجنسي وكل هذا يجب أن يتم في وقت محدد، أما إذا استمر انطلاق هذه الهرمونات في الجسم دون تفريغ هذه الشحنة، فإنها سوف تؤدي إلى مضاعفات خطيرة في الجسم.

 

 

 

وفي بحث أجري قبل 20عاما توصل إلى النتائج التالية:

 

أولا: هذه الهرمونات تجري في الأوعية، وتجول في الجسم الإنسان الذي يطلق بصره في الحرام طوال النهار.

 

 

 

والنبي الكريم نهى عن إتباع النظرة النظرة، ونهى عن تبرج النساء، وعن تعطر المرأة إذا خرجت من بيتها، ونهى عن الخلوة بالأجنبية، ونهى عن المصافحة، ونهى أن تمتنع المرأة عن فراش زوجها، وكل هذا للوقاية من أمراض كثيرة.

 

 

 

فما الذي يحدث؟

 

أولا: ظهور رائحة كريهة جدا من الإبطين والقدمين من أثر دورة هذه السموم في الجسم طوال النهار بسبب إطلاق البصر والمجلات ومشاهد جنسية وأفلام ونساء كاسيات عاريات ….

 

 

 

فهذا بدوره يؤدي إلى دورة هذه الهرمونات طوال النهار وزيادة كميتها وامتداد دورانها في الجسم (الهرمونات الجنسية الزائدة عن الحد تعتبر سموما إذا زادت عن الكمية المحددة وكذالك إذا امتد إفرازها في الجسم طوال النها).

 

 

 

ثانيا: توسع فتحات الغدد العرقية والدهنية في الكعبين وأسفل القدمين وفي المؤخرة، وهذا يسبب البواسي.

 

 

 

وتوسع الفتحات الدهنية يسبب حب الشباب من دورة الهرمونات …

 

 

 

والهرمونات الجنسية، التي هي كالسموم، وتهيجها لحد أكثر من المتوسط يسبب داء الشقيقة أو الصداع النصفي الذي لا يوجد له علاج ليومنا هذا.

 

 

 

أما الشيء المخيف فآلام المفاصل ولا سيما الكبيرة..

 

 

 

كمفصل الركبة والورك، ويبدوا أن هذه الهرمونات تقلل من لزوجة السائل الذي بين العظام وهذا يؤدي إلى جفاف السائل ثم احتكاك العظام ثم إلى آلام مفصلية لا تحتمل.

 

 

 

أما في مجال القلب والأوعية الدموية فاستمرار هذه الهرمونات في الجسم تسبب هبوط في ضربات القلب وبطء في الدوران الدموي.

 

 

 

ثم أن هذه السموم قد تسبب جلطة دهنية إذا ما ترسبت في مكان معين، ومن بعض هذه الآثار هو حدوث توسع في غدة البروستاتة، وكل هذا مصداقا لحديث رسولنا الكريم الذي أخبر به عن الله عز وجل: النظرة سهم من سهام إبليس المسمومة، فمن تركها من خوف من الله عز وجل أثابه الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه)[8].

 

 

 

المرخص لهم في النظر:

 

قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله تعالى: (ولا) حرج (في النّظر إلى المتجالة) أي كبيرة السن (ولا) حرج (في النّظر إلى الشّابة) وتأمّل صفتها (لعذر من شهادة عليها) في نكاح أو بيع ومثل الشّاهد الطّبيب والجرّاح ولا يجوز له ان يتعدى النظر إلى غير موضع العلة (وقد أرخص في ذلك) أي في النّظر إلى الشّابة (للخاطب) وذلك لما روى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه[9] من حديث المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "انظر إليها فإنّه أحرى أن يؤدم بينكما" وروى أحمد ومسلم[10] من حديث أبي هريرة قال: "كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل فأخبره أنه تزوّج امرأة من الأنصار فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنظرت إليها، قال: لا، قال: اذهب فانظر إليها فإنّ في أعين الأنصار شيئا "،وغيرها من الأحاديث.

 

 

 

فيرخص للخاطب والشاهد على امرأة أمام القضاء والطبيب بقدر علة المريض.

 

 

 

قصص واقعية:

 

ساق أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه ذم الهوى بقوله: "بلغني عن رجل كان ببغداد يُقال له: صالح المؤذن، أذّن أربعين سنة، وكان يُعرف بالصلاح، أنه صعد يوماً إلى المنارة ليؤذن، فرأى بنت رجل نصراني كان بيته إلى جانب المسجد، فافتتن بها، فجاء فطرق الباب، فقالت: من؟ فقال: أنا صالح المؤذن، ففتحت له، فلمّا دخل ضمّها إليه، فقالت: أنتم أصحاب الأمانات فما هذه الخيانة؟ فقال: إن وافقتني على ما أريد وإلاّ قتلتك. فقالت: لا؛ إلا أن تترك دينك، فقال: أنا بريء من الإسلام ومما جاء به محمد، ثم دنا إليها، فقالت: إنما قلت هذا لتقضي غرضك ثم تعود إلى دينك، فكُلْ من لحم الخنزير، فأكل، قالت: فاشرب الخمر، فشرب، فلما دبّ الشراب فيه دنا إليها، فدخلت بيتاً وأغلقت الباب، وقالت: اصعد إلى السطح حتى إذا جاء أبي زوّجني منك، فصعد فسقط فمات، فخرجت فلفّته في ثوب، فجاء أبوها، فقصّت عليه القصة، فأخرجه في الليل فرماه في السكة، فظهر حديثه، فرُمي في مزبلة"[11].

 

 

 

أما الحكاية الثانية: فقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في حوادث سنة ثمان وسبعين ومائتين ما يلي: "وفيها توفي عبدة بن عبد الرحيم قبحه الله ذكر ابن الجوزي أن هذا الشقيّ كان من المجاهدين كثيراً في بلاد الروم، فلما كان في بعض الغزوات والمسلمون يحاصرون بلدة من بلاد الروم، إذ نظر إلى امرأة من نساء الرّوم في ذلك الحصن، فهويها، فراسلها: ما السّبيل إلى الوصول إليك؟ فقالت: أن تتنصر وتصعد إليّ، فأجابها إلى ذلك، فما راع المسلمين إلاّ وهو عندها، فاغتمّ المسلمون بسبب ذلك غمّاً شديداً، وشقّ عليهم مشقة عظيمة، فلما كان بعد مدة مرّوا عليه وهو مع تلك المرأة في ذلك الحصن، فقالوا: يا فلان ما فعل قرآنك؟ ما فعل علمك؟ ما فعل صيامك؟ ما فعل جهادك؟ ما فعلت صلاتك؟ فقال: اعلموا أني أُنسيت القرآنَ كلّه إلاّ قوله:﴿ رُّبَمَا يَوَدُّ الَذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يأكلوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾[12] وقد صار لي فيهم مال وولد"[13].

 

 

 

قصة واقعية عامل محطة بنزين يتزوج بأجمل جميلات نيوزلندا:

 

كانت إحدى ملكات جمال نيوزيلندا يهفو إليه الجمهور الكبير في داخل بلدها وخارجه لينعموا بنظرة إلى جمالها، ولكن كان هناك شاب مسلم من جنسية آسيوية يعمل في محطة بنزين قريب من بيتها، وكلما جاءت الملكة لمحطة البنزين لتزود سيارتها بالبترول غض الشاب بصره وملأ ما تحتاجه وأخذ الثمن، مما جعل الملكة تمتلئ غيظا وحنقا عليه، فهو لا يبالي بها وهي التي فتنت الجماهير في العالم، ولم يطل صبرها ففي يوم من الأيام نزلت من سيارتها لتصب جام غضبها على الشاب الذي قهرها بامتثاله لربه، فسألته من أنت؟ ومن أين أنت؟ هل أنت بشر أم جماد؟ وما ديانتك؟ لماذا تقهرني بعدم الالتفات إلي والنظر في جمالي ومحاسني؟ فأخبرها بأنه مسلم وأن دينه يحرم عليه إطلاق بصره في غير ما ضرورة، فأسلمت على يديه، وقالت لابد أن تكون زوجا لا أرضى بغير ذلك، فتزوجها وحسن إسلامها.

 

 

 

وفي قصة أخرى حكاها الشيخ الداعية محمد حسان أن شابا مغربيا سافر إلى أمريكا وفي يوم من الأيام قدر له أن يجتمع بفتاة جميلة في إحدى الأبراج العالية إلا أن الشاب لم يرفع رأسه لينظر إلى هذه الجميلة التي كانت طول الوقت خائفة من هذا الذي ركّز نظره في الأرض دون أن يغويه جمالها، ويغويه الشيطان لفعل ما يخل بإيمانه ودينه، فما إن وطئت أقدامهم باحة البرج ومر ذاهبا حتى نادته قائلة، ألم يعجبك جمالي؟ فقال لها وهو غاض بصره لم أر جمالك ليعجبني أو لا يعجبني!، فأنا مسلم أمرني ربي بغض البصر؟ فقالت من ربك هذا فقال: الله، قالت أي ديانة تعتنقها، قال: الإسلام، فقالت ما أجمل هذا الدين الذي ينهاك عن إيذاء الغير حتى بالنظر، قالت وهي مندهشة من أخلاقه وسمته هل تتزوجني، قال أنا مسلم ولا يجوز لي أن أتزوج امرأة على غير ديني؟ قالت فإن دخلت دينك، قال: نعم، فأسلمت، وتزوج بها، وأعطته جميع ما تملك وكانت من أسرة ثرية جدا فاصبح بغضِّ بصره مليارديرا. صدق الله العظيم القائل ﴿ ..وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

 

 

 

من الأشعار الرائقة في الباب:

 

قال الشاعر:

وكنت متى أرسلت طرفك رائداً

لقلبك يوماً أتعبتك المناظر

رأيت الذي لا كله أنت قادر

عليه ولا عن بعضه أنت صابر

 

 

 

والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية، فإن لم تقتله جرحته، وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش اليابس، فإن لم يحرقه كله أحرقت بعضه، والناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه، وهو لا يشعر فهو إنما يرمي قلبه.

 

 

 

وقال الشاعر:

إذا أنت لم ترع البروق اللوامحا

ونمت جرى من تحتك السيل سائحا

غرست الهوى باللحظ ثم احتقرته

وأهملته مستأنسا متسامحا

ولم تدر حتى أينعت شجراته

وهبت رياح الوجد فيه لواقحا

فأمسيت تستدعي من الصبر عازبا

عليك وتستدني من النوم نازحا

 

 

 

وقال آخر:

يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا

أنت القتيل بما ترمي فلا تصب

وباعث الطرف يرتاد الشفاء له

توقه فإنه يأتيك بالعطب

ترجو الشفاء بأحداق بها مرض

فهل سمعت ببرء جاء من عطب

وبائعا طيب عيش ما له خطر

بطيف عيش من الأيام منتهب

‏غبنت والله غبنا فاحشا فلو اس

ترجعت ذا العقد لم تغبن ولم تخب

 

 

 

ورُفِعَتْ لِلْإِمَامِ أَبِي الْخَطَّابِ بْنِ أَحْمَدَ الْكُلُوذَانِيِّ مِنْ أَكَابِرِ الأئمة والعلماء رُقْعَةٌ فِيهَا‏:‏

قُلْ لِأَبِي الْخَطَّابِ نَجْمِ الْهُدَى

وَقُدْوَةِ الْعَالَمِ فِي عَصْرِهِ

لَا زِلْت فِي فَتْوَاك مُسْتَأْمَنًا

مِنْ خُدَعِ الشَّيْطَانِ أَوْ مَكْرِهِ

مَاذَا تَرَى فِي رَشَإٍ أَغْيَدَ

حَازَ اللَّمَا وَالدُّرَّ فِي ثَغْرِهِ

لَمْ يَحْكِ بَدْرَ التِّمِّ فِي حُسْنِهِ

حَتَّى حَكَى الزُّنْبُورَ فِي خَصْرِهِ

فَهَلْ يُجِيزُ الشَّرْعُ تَقْبِيلَهُ

لِمُسْتَهَامٍ خَافَ مِنْ وِزْرِهِ

أَمْ هَلْ عَلَى الْمُشْتَاقِ فِي ضَمِّهِ

مِنْ غَيْرِ إدْنَاءٍ إلَى صَدْرِهِ

إثْمٌ إذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُضْمِرًا

غَيْرَ الَّذِي قُدِّمَ مِنْ ذِكْرِهِ

 

 

 

فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ‏:‏

يَا أَيُّهَا الشَّيْخُ الْأَدِيبُ الَّذِي

قَدْ فَاقَ أَهْلَ الْعَصْرِ فِي شِعْرِهِ

تَسْأَلُ عَنْ تَقْبِيلِ بَدْرِ الدُّجَى

وَعَطْفِ زَنْدَيْك عَلَى نَحْرِهِ

هَلْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَحْلِيلِهِ

لِمُسْتَهَامٍ خَافَ مِنْ وِزْرِهِ

مَنْ قَارَفَ الْفِتْنَةَ ثُمَّ ادَّعَى

الْعِصْمَةَ قَدْ نَافَقَ فِي أَمْرِهِ

هَلْ فِتْنَةُ الْمَرْءِ سِوَى الضَّمِّ

وَالَتَّقْبِيلِ لِلْحِبِّ عَلَى ثَغْرِهِ

هَلْ دَوَاعِي ذَلِكَ الْمُشْتَهَى

إلَّا عِنَاقُ الْبَدْرِ فِي خِدْرِهِ

وَبَذْلُهُ ذَاكَ لِمُشْتَاقِهِ

يُزْرِي عَلَى هَارُوتَ فِي سِحْرِهِ

وَلَا يُجِيزُ الشَّرْعُ أَسْبَابَ مَا

يُوَرِّطُ الْمُسْلِمَ فِي حَظْرِهِ

فَانْجُ وَدَعْ عَنْك صُدَاعَ الْهَوَى

عَسَاك أَنْ تَسْلَمَ مِنْ شَرِّهِ

هَذَا جَوَابُ الْكُلُوذَانِيِّ قَدْ

جَاءَ يَرْجُو اللَّهَ فِي أَجْرِهِ

 

 

 

قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ بَعْدَ إيرَادِهِ لِمَا ذكر:‏ فَهَذَا جَوَابُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا ذَكَرْنَا، يَعْنِي مِنْ عَدَمِ إبَاحَةِ النَّظَرِ لِلْمَحْبُوبِ، حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ النَّظَرَ رُبَّمَا يُذْهِبُ مَا الْتَاعَ بِهِ فُؤَادُهُ الْمَحْجُوبُ، فَإِنَّ احْتِمَالَ مَفْسَدَةِ أَلَمِ الْحُبِّ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ وَعَدَمِ تَقْبِيلِهِ وَضَمِّهِ أَقَلُّ مِنْ مَفْسَدَةِ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَفْسَدَةَ أَعْنِي مَفْسَدَةَ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ تَجُرُّ إلَى هَلَاكِ الْقَلْبِ وَفَسَادِ الدِّينِ، وَغَايَةُ مَا يُقَدَّرُ مِنْ مَفْسَدَةِ الْإِمْسَاكِ عَنْ ذَلِكَ سَقَمُ الْجَسَدِ أَوْ الْمَوْتُ تَفَادِيًا عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْحَرَامِ [14].‏

 

 

 

الخاتمة:

 

اللهم أحسن خاتمتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة برحمتك يا أرحم الراحمين

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مقال آخر قيّم جدًا ...

 

:غض البصر - عبادة الإخلاص.

 

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1998-06-28

line.jpg

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا إتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أيها الأخوة الكرام: أخ كريم طلب مني بإلحاح أن أجعل من أحد دروس الأحد حول غض البصر، يبدو أنه يعاني وأخوة كثر خلال هذا الوقت العصيب في الصيف عرضوا علي مشكلة أن حجابهم عن الله عز وجل كان في موضوع إطلاق البصر، ولأن هذا الموضوع وردت فيه آية قرآنية في القرآن الكريم معنى ذلك أن هذا شيء مهم جداً حول هذه النقطة أضع لكم هذه الحقيقة، محطة وقود تبيع وقود كالبنزين وهو سائل متفجر ويوجد مكان لإعلان يمكن أن يكتب في هذا الإعلان ألف جملة، مليون حكمة، ما الإعلان المناسب لهذه المحطة ؟ ممنوع التدخين لأن التدخين قد يحرق المحطة كلها، نسمي هذا الإعلان إعلان مصيري فصاحب المحطة الحكيم ينتقي إعلان متعلق بمصير المحطة.

كلام الله عز وجل ولله المثل الأعلى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو منهج الإنسان، هو الصراط المستقيم، هو حبل الله المتين، هو النور المبين، لما موضوع غض البصر يشغل حيز من غض البصر معنى هذا شيء مهم جداً لذلك بعض العلماء أعجبتني هذه الكلمة قال: ممكن أن نقول هناك مدرسة غض البصر.

الصفة الصارخة بالمؤمن أنه يغض بصره، هناك أنظمة وقوانين في كل بلد تمنع السرقة، تمنع القتل، فالذي لا يسرق احتمال كبير أنه يخاف من قسوة القوانين، ولكن شاءت حكمة الله البالغة أن يعطينا أمراً ليس في بلاد الأرض بلد تحرمه القوانين، فالذي يغض بصره لا يخشى قانوناً ولا يخشى سلطةً، ولا يخشى شيء إلا الله إذا كان هذا الأمر له خاصة فلأنه أمر يدل على إخلاصك لله، فامتناعك عن السرقة قد يُفسر طاعةً لله وقد يُفسر خوفاً من القوانين، إلا أن غضك للبصر لا يفسر إلا خوفاً من الله عز وجل.

وكلما استيقظت الفتن، وكلما عم الفساد، وكلما تفلتت الفتيات وخلعت جلباب الحياء، صار أمر غض البصر أشد أهميةً.

يعني بشكل مختصر الرجل الكهل يأخذ من المال والشاب يأخذ من المرأة، يوجد لغمين لغم يفجر الشاب و هو المرأة، ولغم يفجر الكهل وهو المال، وأكثر معاصي المسلمين في المرأة والمال، تسعة أعشار لتنظيم علاقة الرجل بالمرأة وعلاقته بكسب المال وإنفاق المال، يمكن أن تعد بقية الموضوعات عشر.

فحينما نخصص درس الأحد لموضوع غض البصر هذا شيء مهم جداً إلا أن الملاحظة التي أتمنى أن تكون واضحةً عندكم هو أن المؤمن يجب أن يصل إلى درجة أن يكون حكيم نفسه، أن يشعر متى غفل عن الله، متى اتصل به، متى شعر أنه محجوب، متى شعر أن الطريق إلى الله سالك، هذا شعور مهم جداً، الذي عنده حساسية في إيمانه لو أنه تساهل في موضوع البصر لشعر بالحجاب فوراً أثناء الصلوات.

فالذي يشعر بالحجاب وعدم الحجاب معنى هذا أنه يوجد عنده حياة، أما الذي لا يسأل هذا بالأساس لم يتصل بالله فلذلك لم يشعر بالحجاب، الحجاب متى تشعر به ؟ بعد الاتصال، بعد الاتصال ينكشف لك بعض حالات الحجاب أما قبل الاتصال على الحالتين محجوب، ما ذقت طعم العسل حتى تقول أين العسل، عندما الإنسان يستقيم ويصطلح مع الله عز وجل، عندما يضبط شهواته ضبط حازم ولا يسمح لهذه العين إلا أن تنظر لما أحله الله فقط، هذا الإنسان صار له صلة بالله لو غلط أو تساهل بعد حين يشعر بالحجاب، وشعوره بالحجاب لأنه كان في الماضي موصولاً، فالوصل يكشف لك الحجب.

وإذا قلت لي ما هو أكبر عقاب ينال الإنسان على وجه الأرض ؟ أن يحجب عن الله، وقد قال الله عز وجل:

﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)﴾

( سورة المطففين )

 

وما أعظم سعادة يصل إليها الإنسان أن يكون في رضوان الله، أن يكون في طاعته، قد تكون مريضاً وقد تكون فقيراً وقد تحاط بهموم كالجبال ولكنك على منهج الله الصحيح، لكنك في رضوان الله، لكنك في طاعة الله لكن الله يحبك، وهذه هي البطولة، أن تكون في طاعة الله، أن تكون مع أحبابه، أن تكون من أوليائه، أن تكون مقرباً إليه أول الشيء كما هي عادة الإمام النووي رحمه الله أنه يعقد أبواباً حول موضوعات يراها مهمة جداً، من هذه الأبواب التي عقدها:

باب تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية، مرة ثانية يوجد نقطة دقيقة، الدين له كليات، وله مقاصد بعيدة، من هو الفقيه ؟ هو الذي ربط جزئيات الدين بمقاصد الدين البعيدة.

إذا ربطت الأوامر التفصيلية ربطتها بالمقاصد الكبرى للدين أصبح لهذه الأوامر معنى، أنت تدرس لو وطنت نفسك أن كل فكرة جديدة تلفت النظر أن تكتبها على الهامش وكل عبارة مشرقة تضع تحتها خط أحمر ما علاقة هذا السلوك الجزئي ؟ هذا مربوط بالنجاح والنجاح مربوط بالوظيفة والوظيفة مربوطة بالزواج، أي أن أهدافك الكبرى يمكن أن تربط بدقة قراءتك للنص، الإنسان متى يسعد إذا كان له أهداف كبرى وكل الجزئيات ربطها بشبكة مع هذه الأهداف، الآن يفعل الجزئية بقناعة كبرى جداً.

إذا الإنسان اعتلت صحته والمرض خطير، احتشاء فرضاً، فيقول له الطبيب سلطة بلا ملح، لا تصعد على الدرج، ترى هذا المريض الحريص على صحته يطبق هذه التعليمات بشكل مذهل، ربط الدرج بالموت، ربط الملح بالموت، ربط الشدة النفسية بالموت.

أنت عندما تربط الجزئيات بالكليات الآن تنفذ هذه الجزئيات بدقة كبرى وأنا سوف أقول لكم هذه الكلمة إذا ربطت غض البصر بحسن صلتك بالله هل في حياتك كلها حالة أسعد من أن تكون مع الله ؟ من أن تكون موصول بالله، من أن يكون الله راضياً عنك، من أن تكون في رضوانه، إذا ربطت هذا الإنجاز الكبير حسن الصلة بالله بغض البصر صار لغض البصر معنى كبير جداً، ولم يعد عبء كبير عليك، صار متعة، أنت تشعر بقيمتك وبمكانتك عند الله، أنه شيء لا يحرمه قانون ولا نظام ولا شرطي يحاسبك، ولا مخالفة، ولا رسم، ولك أن تطلق البصر كما تشاء لكن الله يشاهدك، وأنت حينما تغض بصرك عن محارم الله معنى ذلك أنك ترضي الله وحده ولا تعبأ بأحد.

هذا الكلام عادي ولكن متى تشتد أهميته ؟ حينما تخرج المرأة من بيتها وكأنها في بيتها، وكأنها مع زوجها، وكأنها ليلة عرسها، وهذه مشكلة كبيرة جداً، لذلك يوجد نقطة دقيقة جداً أنه قديماً الفساد في بؤر محدودة بالخمسينات والأربعينات في كم سينما وكم ملهى والمدينة كلها نساء محجبات، دروس علم، مساجد، هذه حالة سهلة، كما أنك دخلت إلى حديقة حيوان هذه الحيوانات المفترسة جالسة في أقفاص وهؤلاء الناس في بحبوحة يتجولون في هذه الحديقة وينعمون في مروجها الخضراء أحب أن يرى بعض الحيوانات، أحب أن يرى الفيل فهو ضمن قفص والعملية سهلة، أما الآن يوجد حدائق حيوان في أفريقيا الحيوان طليق والزائر يجب أن يكون ضمن قفص.

الوضع الآن هكذا الفساد في كل مكان، في كل طريق، في كل مجلة، في كل إذاعة، جهاز إعلاني، ويجب الآن نحن أن نجلس ضمن قفص ما هو القفص ؟ هو غض البصر، نحن في قفص غض البصر لنسلم في بعض الأحيان إنسان ينتهي بامرأة.

أنا لا أبالغ، أنا عندي قصص، لا أتكلم من معلومات في الكتب، الإسلام هو الحياة، خلال هذه الدعوة الطويلة يوجد عندي قصص واقعية شباب كالملائكة كانوا، انتهى على يد فتاة وزلت قدمه، فموضوع الشهوة لغم، الآن الفساد في كل مكان عم أي ما سافرت، إذا أحببت أن تسافر من دمشق إلى حلب يجب أن تسمع أغاني ساقطة طول الطريق، في السفر يوجد أي جهاز إعلامي فيه نساء بأبهى زينة، أي مجلة تفتحها، نحن الآن يجب أن نعتصم بحصن غض البصر.

غض البصر متعلق بالله وحده، هذه عبادة الإخلاص، وصدقوني الحلاوة التي يذوقها الإنسان مع عض البصر لا تعدلها حلاوة.

من غض بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه

لأن المرأة محببة، وكل إنسان عنده هذا الشعور الثابت، فحينما يغض بصره يدفع ثمن الجنة.

مرة خطر في بالي مثلاً رجل اشترى مكمورة كبيرة، وكلما لمح امرأة تلفت النظر غض بصره، كأنك وضعت في هذه المكمورة ليرة ذهب، كل غض بصر ليرة ذهب، وعندما الله عز وجل يأذن لك بالزواج تفتح هذه المكمورة فتجد فيها مائة ألف ليرة ذهب لأنه لا يوجد في الإسلام حرمان ولكن الذي يعف قبل الزواج يكافأه بزواج سعيد، والزواج لا يوجد حل وسط، إما قطعة من الجنة أو إنه حسنة الدنيا كما فسره بعض العلماء، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ما هي حسنة الدنيا ؟ المرأة الصالحة التي إن نظرت إليها سرتك وإن أمرتها طاعتك وإن غبت عنها حفظتك، ولود ودود هذه هي المرأة الصالحة.

فكل إنسان يضبط نفسه قبل الزواج الله عز وجل لا يحرمك من هذا الذي أودعه فيك، ولكن في الوقت المناسب وفي الطريقة المناسبة مع الراحة النفسية، والراحة النفسية مريحة جداً، وأنت عندما تغض بصرك ماذا تفعل ؟ تتقرب إلى خالق الكون، يا رب أنا أحبك وها أنا قاومت شهوتي إرضاءً لك.

عجب ربكم من شاب ليست له صبوة، شاب في مقتبل العمر ضابط أموره، هذا ينتظره خير كثير، أنا والله لا من باب استعجال الأمور بل من باب الثقة بالله، شاب في أول حياته ضابط أموره، لا يكون له مستقبل مشرق مستحيل، مستحيل، الله عز وجل يهيئ له أجمل حياة، لأنه أراد طاعة الله عز وجل، لا تنسوا أنه يوجد حديث إذا الإنسان قرأه يقشعر جسمه، ويوجد عشرات الأحاديث، حق المسلم على المسلم حق الأخ على أخيه، حق الأب على أبيه، حق الزوجة على زوجها، إلا حديث واحد إذا قرأته وكنت في حال طيب مع الله يقشعر جلدك، حق المسلم على الله أن يعينه إذا طلب العفاف.

لا يوجد طلب محترم عند الله، طلب مشروع في مجتمع المسلمين بأن يقول شاب زوجوني، وكل إنسان يساهم في تزويجه، يهيئ له بيت، يهيئ له عمل، يسهم في تأسيس أسرة، له عند الله مقام لا يعلمه إلا الله.

الآن مشكلتنا في معالجة مشكلات الشباب، مشكلاتهم في بيت وزواج، الذي يقدم بيت ما هو المانع إذا كان الله عز وجل أكرمه بالغنى وعنده بنات وهيأ إلى كل بنت بيت عندئذ يأتيه أفضل إنسان، فكل إنسان يساهم في بيت، في تأمين عمل لشاب يكون حصن شاب وحصن شابة، ويكون قد ساهم في تأسيس عش إسلامي جديد.

درسنا غض البصر، وغض البصر تشتد الحاجة إليه في آخر الزمان، وتشتد الحاجة إليه في وقت الفتن يقظة، والشهوات مستعرة وكل شيء يدعو إلى الدنيا، والدنيا خضرة نضرة.

سيدنا يوسف وضع في ظرف قلما ينجو منه أحد، مغري جداً، سيدة القصر وعلى جانب كبير من الجمال وهي التي تأمره وليس لها مصلحة أن تفضح نفسها، وهو غريب وشاب، وغير متزوج، العلماء عدوا اثني عشر سبباً تزيد من احتمال استجابته لطلبها ومع ذلك قال معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، فماذا كان ؟ كان عزيز مصر لما رأته جارية في القصر تعرفه عندما كان عبداً في القصر ثم رأته عزيز مصر قالت: سبحان من جعل العبيد ملوكاً بطاعته.

أنت لا تعلم لعل الله سبحانه وتعالى يهيئ لك أفضل زوجة وأفضل زواج، أفضل حياة مستمرة والثمن طاعتك لله، قال تعالى:

﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)﴾

( سورة الأحزاب )

 

الآن نحن يناسبنا آية فأووا إلى الكهف، أي كهف هذا ؟ بيتك كهف، والمسجد كهف، نريد أن نعمل نزهة، هذه القهوة طعامها جيد ولكن فيها نساء، وفيها أغاني، وفيها فتن، المؤمن جنته داره أو مكان جميل لا يوجد فيه معاصي، أما الأماكن العامة فيها فتن كثيرة، والعوام لهم كلمة، لا عين ترى ولا قلب يحزن.

الإنسان يرى الطعام وهو جائع، هذا حال أكثر الشباب الطعام شهي وممنوع يأكل، هذا حال أكثر الشباب، ممنوع أن تقترب هذا عذاب، أما أنت إذا جلست في بيتك أو في مكان لا يوجد فيه مثيرات هذا نوع من السعادة الدينية يفتقدها أهل الدنيا فأول آية افتتح بها الإمام النووي باب تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

( سورة النور )

 

الله عز وجل يخاطب الناس بأصول الدين و لكن بعد أن آمنت بالله و عرفت عظمة الله و عرفت ما عنده إذا أطعته و ما ينتظر العاصي من عذاب شديد في الدنيا و الآخرة قال يا أيها الذين آمنوا افعلوا كذا و كذا

الآن أنت مخاطب لأنك بعقد إيماني مع الله، لذلك الله يخاطب المؤمنين بفروع الدين، ليس من المعقول أن تقول لإنسان ملحد غض بصرك يتهمك بالجنون، ليس من العقل إطلاقاً أن تخاطب التائهين أو الشاردين بفروع الدين، هؤلاء يخاطبون بأصول الدين، بالإيمان بالله، بالإيمان باليوم الآخر، بأحقية هذا القرآن، أما حينما تؤمنوا بالله و برسوله و بكتابه و باليوم الآخر، أنت الآن مؤمن، ما دمت قد آمنت فهناك منهج تفصيلي، أحد بنود هذا المنهج التفصيلي هذه الآية، لكن هذه الآية أي القرآن الكريم بلسان عربي مبين و ذكرت هذا مرة في درس العثمان في آيات الأحكام، ماذا تعني كلمة من ؟ قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

( سورة النور )

 

من للتبعيض، أي ما كل النساء أنت مكلف أن تغض البصر عنهن، هناك الزوجة بدون قيد أو شرط، هناك المحارم الأم و البنت و الأخت و العمة و الخالة و بنت الأخ و بنت الأخت هؤلاء المحارم طبعاً هناك فرق بين الزوجة و المحارم، المحارم ينبغي أن تنظر إليهن بثياب الخدمة، أكثر الأسر بتفلت شديد في البيت، قد يقوم الشاب بالبيت بالثياب المبتذلة جداً الداخلية أمام أخته و قد تقوم الأخت أمام أخيها بثياب النوم الشفافة أحياناً، هذا عمل خطير جداً، أخي هي أختي، أختك أي بثياب الخدمة، أختك على العين و الرأس و لكن يجب أن تنظر إليها بثياب محتشمة و لا يجوز إطلاقاً أن تطلق البصر في أختك بثياب غير محتشمة، من هنا كان الاستئذان، يجب أن تستأذن إذا دخلت إلى غرفة ابنتك، يا رسول الله قال له: أمي كيف استأذنها في الدخول عليها، فقال عليه الصلاة و السلام: أتحب أن تراها عريانة، مستحيل الذي عنده أخت، أم، أو بنت يجب أن يستأذن في الدخول على غرفتها.

ضمن البيت هناك منهج ولو أنها أختك، لو أنها ابنتك أو عمتك أو خالتك أو أم زوجتك لا بد من أن تظهر أمامك بثياب الخدمة، أي نصف كم مسموح، قبة عالية، تحت الركبة، هذه ثياب الخدمة و المسلم منضبط.

الزوجة من دون قيد أو شرط، الزوجة وحدها صنف، أما المحارم صنف ثاني، فأنت مكلف أن تغض بصرك عن غير هؤلاء، عن بعض النساء الأجنبيات اللواتي لا يحللن لك هذه واحدة.

من الثانية: من زمانية، من الأولى عن بعض النساء، من الثانية عن زمن النظر، رجل ماشي في الطريق و هناك منعطف حاد فجأة أمام امرأة رآها كما هي، النظرة الأولى لك و لكن الأولى كما أرادها النبي عليه الصلاة و السلام و كما ذكروا علماء الفقه الأولى لا تؤثر إطلاقاً لأنه ليس لها زمن، فوراً تغض بصرك، الأولى لك و الثانية عليك، أما هذه الأولى في دقيقتين فهذه لم تعد أولى صاروا خمسة عشر، الأولى لا تنطبع الصورة على الشبكية إطلاقاً هذه الأولى، و كلما كان ورعك أشد تكون الأولى أقصر، هذه من الثانية، من للتبعيض و التبعيض الوقت.

الإنسان بحكم أنه يمشي في الطريق، دخل إلى دائرة، فجأة امرأة رآها الأولى لك و الثانية عليك، هذه من الثانية المعنى الثاني.

المعنى الثالث: حتى اللواتي يحل لك أن تنظر إليهن عدا الزوجة يجب ألا تنظر مدققاً في التفاصيل و لا أن تُتبع النظرة النظرة، الإنسان ليس له حق أن يتأمل بتفاصيل مثلاً جسم ابنته أو أخته أو عمته أو خالته، هناك نظرة شاملة كلية عادية طبيعية شريفة بريئة، أما التفاصيل مثلاً أحدهم قامت تريد أن تتناول غرضاً ما من الأرض يجب ألا تنظر و لو كانت خالتك أو عمتك أو ابنتك أو والدتك، هناك وضع دقيق في البيت هناك حركات للمرأة ببيتها قد تبدو خطوط جسمها أحياناً، فإذا وجدت حركة تبدو معها خطوط الجسم و أنت ابنها و هذه أختك و هذه ابنتك لا ينبغي أن تدقق النظر إطلاقاً هذا المعنى الثالث قال تعالى:

﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

( سورة النور )

 

أروع ما في الآية طبعاً لا يوجد يحفظ من فروجهم هذه لا توجد إطلاقاً لا يوجد حالة ثالثة، لكن حينما جاء غض البصر قبل حفظ الفرج تبين أن طريق حفظ الفرج غض البصر، أي إنسان يغض بصره مستحيل أن يتورط في عملية زنا، الأبواب كلها مغلقة أمامه خارج الحصن، أما عندما يطلق بصره.

وشيء دقيق جداً وهي من طبيعة النفس البشرية، هذه الشهوة عندما الإنسان يُثار وهذه قرأتها في مقالة علمية وهي حلت مشكلة كبيرة جداً إذا الإنسان أُثير جنسياً الدماغ يفرز مادة يعطل المحاكمة العقلية، لذلك النبي حرم الخلوة بامرأة تحريم قطعي، ما قال ما خلا مؤمن، أو ما قال ما خلا كافر بامرأة، لا كافر، ولا منافق، ولا مؤمن، ولا تقي، ولا فاسق، قال عليه الصلاة والسلام:

(( عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ: لا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ))

 

ولو عندك نفس طويل وترى حالات الفجر والفسوق من أين بدأت ؟ تراها من الخلوة، أنت حينما تمتنع عن الخلوة بامرأة أنت امتنعت عن أخطر شيء يهدد علاقتك بالله عز وجل

هذا الموضوع ليس فيه مجاملة، أتيت من مكان بعيد، وفي البيت لا يوجد أحد هل من المعقول أن لا أستقبلها، معقول أن لا تستقبلها وقل لها لا يوجد أحد في البيت، هذا هو المؤمن داخل في حصن وحصنه طاعته لله عز وجل.

أيها الأخوة: قال تعالى:

﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

( سورة فاطر )

 

الله هو الخبير، هو الذي خلقنا هذه الشهوة تشبه حجر مستقر في قمة جبل وأخذ مكانه، أنت عندما تدفعه إلى المنحدر، أنت عندك خيار واحد تدفعه أو لا تدفعه أما إذا دفعته لا يستقر إلا في قعر الوادي، لذلك أعجب أمر أن الأمر الإلهي في القرآن أن لا تقربوا الزنا ولم يقل لا تزنوا، لأنه عندما يندفع الحجر لا يستقر إلا في الوادي، والغلطة في البدايات.

قرأت كلمة للسيد المسيح: الشريف ليس الذي يهرب من الخطيئة لكنه الذي يهرب من أسبابها.

أسباب الزنا الخلوة، أسباب الزنا صحبة الأراذل، الإنسان له عدالة وهذه العدالة تسقط أو تجرح، الإنسان إذا عامل الناس فظلمهم تسقط عدالته، إذا حدثهم فكذبهم تسقط عدالته، إذا وعدهم فأخلفهم تسقط عدالته، من هنا قال عليه الصلاة والسلام:

(( من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم فهو من كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته، وحرمت غيبته ))

 

يوجد عندنا حالات كثيرة، حالة بين سقوط العدالة وبين سلامتها سموها جرح، كأس سليم وأحضرنا مطرقة وكسرنا هذه الكأس فأصبح طحين ويوجد حالة ثانية لعل هذا الكأس يقع فينشعر.

يوجد عندنا سقوط عدالة، وسلامة العدالة، جرح العدالة، التنزه في الطرقات يجرح العدالة السبب ؟ لأنه يوجد نساء، الحديث على النساء يجرح العدالة، التحدث عن أشكالهم، صحبة الأراذل، من علا صوته في البيت، من أطلق لفرسه العنان، من قاد برزوناً وأخاف الناس به، وهو متحضر يوجد عنده كلب ورابطه في مدخل البناء هذا تجرح عدالته، من أكل في الطريق.

أحد خطباء المساجد في الشام عنده ابن في روضة، فقال لي مرة استيقظنا صباحاً متأخرين ألبسناه بسرعة وأعطيناه سندويشة وقلنا له كلها في الطريق، فقال الابن: يا أبتي قال عليه الصلاة والسلام: الأكل في الطريق دناءة.

شيء جميل طفل في الحضانة يعلم السنة، من أكل في الطريق أو من بال في الطريق، من مشى حافياً، من طفف بتمرة، محطة الوقود ليس على الصفر بل على التسعة، ماذا يساوي ربع لتر فقط ولكن جرحت عدالته، إذا وزنتم فأرجحوا.

تطفيف بتمرة، أكل لقمة من حرام، رأى مشمش في الطريق ولم يريد أن يشتري فأكل وسأل البائع كم ثمنهم وتابع مشيه.

هذه كلها تجرح عدالة المسلم، فموضوع النساء صار في خلوة والقصة والفيلم والمسلسل كل شيء فيه إثارة هذا قربك من الطريق الغير المشروع.

طوبى لما وسعته السنة ولم تستهوه البدعة، قال تعالى:

﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

( سورة النور )

 

الصفة الصارخة الآن للمؤمن، كم مؤمن يسرق قلة كثيرة جداً، كم مؤمن يقتل ؟ لا يذكر تقريباً، كم مؤمن يغض بصره ؟ قلة جداً، غض البصر طريق إلى الله سالك، وإذا كان يوجد إطلاق بصر، هذا الموضوع اسأل عنه في اليوم مرتين، ثلاثة، شاب مثل الوردة نفسه غلبته فحجب عن الله.

لكل شيء أوان فمن تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، أنا مرة أخ زارني كبير في السن عمره بالثمانينات تقريباً ضيفته قطعة كاتو وكأس شاي، وضع الشوكة في الكاتو وقال: بسم الله الرحمن الرحيم سبحان من قسم لنا هذا ولا ينسى من فضله أحد، والله أيها الأخوة عند قوله ولا ينسى من فضله أحد دمعت عيناي، هذه عميقة جداً، أنت شاب لا ينساك الله من فضله سوف تتزوج ويأتيك دخل وتعيش في بحبوحة، ولا ينسى من فضله أحد، ضعها في بالك.

الله سبحانه وتعالى لا يعطي الكفار وينساك أنت، كماله مطلق، سبحان من قسم لنا هذا ولا ينسى من فضله أحد، أنا سحبتها على كل شيء الله لا يوجد عنده ظروف صعبة هذه عندنا قال تعالى:

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)﴾

( سورة الحجر )

 

أنت عندما تعرف أن الله عنده كل شيء وأنت مع الله انتهى كل شيء، لماذا اخترت هذا الموضوع ؟ لأنه موضوع حيوي، نحن الآن متعلقون باليهود إذا يهودي مصمم أزياء في فرنسا خطر بباله أن يقصر يقصرون كلهم، ضيق يضيقون، نساء المسلمين تابعون إلى الجنرال والمجلة، دينهم الموضة، أنت زوجك مسلم وأنت من بيت مسلم هل من المعقول أن تلبسي هذا، هكذا الموضة، فلذلك موضوع غض البصر مهم جداً والذي عنده بنت، أو أخت، مفروض أن يوجهها، هذه الموضة والجنرالات إذا لم تضعها تحت قدمك لست مؤمناً، أنا ألبس ثياب فضفاضة ثخينة لا تبدي شيء.

مرة ألفّ كتاب عن المرأة أعجبني به فكرة جميلة جداً، المؤلف قال: لو فرضنا أن امرأة متبذلة جداً ومعها شهادة عليا دكتوراه ومحاضرة على ألف رجل وهي في ثياب فاضحة، كم رجل من هؤلاء يلتفت إلى كلامها ؟ ولا واحد، لو أنها محجبة كلهم يصغون إليها إذاً متى تساوي المرأة الرجل ؟ إذا تحجبت، فهي عالمة وصاحبة مبدأ إذا أغفلت مفاتنها عن الأجانب، أما إذا أظهرت مفاتنها كانت امرأة فأصبحت سلعة.

المرأة المسلمة خاصة لزوجها، والمرأة سبحان الله تبدو في أجمل ما تكون وهي محتشمة، وتسقط من عين الناس عندما تتبذل، قال تعالى:

﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)﴾

( سورة النور )

 

هذا كلام ربنا جل جلاله، ومرة ثانية هذه عبادة عبادة الإخلاص، لا يوجد إنسان، أنت في غرفتك والبناء المجاور خرجت منه امرأة على الشرفة بثياب متبذلة لا يوجد جهة في الأرض تحاسبك أو تكشف مخالفتك إذا نظرت والمؤمن يغض البصر، يغلق الستار إني أخاف الله رب العالمين والآن تصلي لا يوجد حجاب بينك وبين الله.

يوجد بدعة أن هذه خيال الذي يكون على شاشة التلفاز، هذا شيء مضحك، أحدهم قال مثل وهذا المثل أعجبني، أحدهم يقف في الشرفة أمام مغسلة فيها مرآة وهذه المرآة معكوس بها صورة الجارة على الشرفة المقابلة إذا هذه المرآة نظر إليها ليس حرام نفس الشيء هذه ليست حقيقة ولكن خيال ولكن العبرة في الأثر، الأثر الذي تحدثه امرأة في المرآة هو الأثر الذي تحدثه امرأة حقيقةً.

هذا المنظر يثير، فتقول صعب، ألا إن سلعة الله غالية، أين أذهب في عيوني، والله قال:

﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)﴾

(سورة البقرة )

 

أنت إذا قلت أين أذهب في عيوني تكذب كلام الله، هل تعلم ماذا تقول تكذب الله تعالى مستحيل أن يكلفك فوق طاقتك، هو الخبير قال تعالى

﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)﴾

( سورة فاطر )

 

الآن الآية الثانية قال تعالى:

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36)﴾

( سورة الإسراء )

 

الفؤاد إذا جاء مع السمع والبصر فهو الدماغ، الفكر، الإنسان أحياناً يفكر بالمعصية وليس أمامه شيء تصور، قال تعالى:

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36)﴾

( سورة الإسراء )

 

والآية الثالثة قال تعالى:

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾

( سورة غافر )

 

الله وحده وليس في الأرض كلها جهة تعلم خائنة الأعين، أوضح شيء امرأة عند الطبيب، يفحصها بإمكانه أن يختلس النظر إلى عضو آخر لا تشكو منه لا يوجد جهة ممكن أن تحاسبه، لا يوجد جهة يمكن أن تضبطه بهذه المخالفة إلا الله.

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾

( سورة غافر )

 

الضرورة تقدر بقدرها كما قال العلماء، الشيء المسموح لك أن تنظر إليه فانظر إليه ولا شيء عليك، أما مكان آخر، يوجد أطباء مؤمنين لهم سلوك رائع جداً، يوجد طبيب عظمية أنا أحترمه كثيراً، يوجد عنده مثل ملاءة بيضاء لها فتحة صغيرة توضع هذه على المرأة ويسألها أين الألم وهو يرى من هذه الفتحة فقط ويعالجه، ممكن أن يكون طبيب مؤمن يسلك سلوك شريف جداً، يوجد أطباء عندهم عفة تفوق حد الخيال، امرأة مستور وجهها ليس له حاجة أن يرى وجهها، ويوجد طبيب متبذل، أنا أنصح الأخوان أن يبحثوا عن طبيب مؤمن وإذا كان يوجد طبيبة أفضل.

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾

( سورة غافر )

 

والآية الأخيرة قال تعالى:

﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)﴾

( سورة الفجر )

 

الله عز وجل يراك كما أنت لا تخفى عليه خافية، نحن نريد أن نصل إلى الله نريد أن يحبنا، وأن يرضى عنا، أحد العلماء له كلمة قال: علة أي أمر أنه أمر، من دون فلسفة.

يوجد نقطة مهمة اليوم ذكرتها إلى واحد قلت له: هذا المكيف يأتي رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب يضغط هذا الزر يأتيه هواء بارد، يأتي رجل معه دكتوراه بالتكنولوجيا وهو دارس التبريد ويعرف الغاز والتبريد، وآلية التبريد، الاثنين كانوا في الحر وجاءهم هواء بارد.

أمر الله عز وجل من دون فلسفة عندما تطبقه تأخذ ثماره، وفلسفه ولا تطبقه لا تستفيد شيء، إذا قلت أن التبريد رائع... ولم تضغط الزر لا تستفيد شيء، الدين بسيط جداً لا تعقدوا الأمور، غض بصرك تقطف كل الثمار.

اجتهد اجتهاداً عالياً كي تتصل بالله، حتى إذا صار هناك قطيعة تحن إلى الله، حاول أن تلتزم باستقامة حازمة جداً من أجل أن تنعقد هذه الصلة وتقبل على الله، من أجل أن تعرف طعم القرب، عندئذ إذا حصل شيء يبعدك على هذه الصلة، تحرص على إعادتها وتحن إليها والإنسان له مع الله حال ويجب هذا الحال أن يكون في صعود دائم وإذا أصابه خلل نعيد الكرة ونتوب، والمؤمن مذنب تواب، والله عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير.

يوجد أحاديث مهمة في هذا الباب:

(( النظرة سهم من سهام إبليس ))

(( النظرة سهم مسموم ))

والسهم المسموم يسمم كل الأجهزة، إذا أحدهم تلقى سهم غير مسموم، مكان الطعن فقط، أما إذا السهم مسموم السهم وصل إلى كل الأجهزة، معنى هذا أن الإنسان عندما يطلق بصره ترتبك كل حياته، مع أولاده وفي عمله، دخل في متاهة، ما هو السبب وراء تفوق المؤمنين ؟ يوجد عنده صفاء لا يوجد عنده اضطراب نفسي، استقامته تكسبه صفاءً وتوازناً، يعني بالتعبير الشائع فكره نظيف، ونظافة فكره من نظافته، أنت عندما تستقيم وتكون عفيف، كيف أن العدسة تحرق ورقة بأشعة الشمس وتتجمع بالمحرق وتحرق، وأنت عندما تعطي طاقاتك كلها توجهها إلى شيء تفلح، إطلاق البصر يبعثر الطاقات، النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، معنى مسموم أي إطلاق البصر شوه لك حياتك، ردود فعلك غير طبيعية صار هناك إثارة مستمرة، لا يوجد تلبية ضغط.

ما هو الكبت ؟ إثارة بلا تلبية، وإذا لم يكن هناك إثارة لا يوجد كبت والكبت له أمراض كثيرة، أما إذا أنت ألغيت الإثارة لا يوجد كبت.

الذي يغض بصره يفلح في دراسته، في تجارته، في علاقاته، في بيته أخوانا المتزوجين الذين يغضون بصرهم أول مكافأة أن الله سبحانه وتعالى يلهم زوجته أن تكون كما يريد.

أيام المرأة تحرن، وأيام تتصرف بحمق، لذلك قال الشعراني: أنا أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي.

إذا أنت تغض بصرك في الطريق المكافأة الأولى من الله عز وجل يصلح لك زوجتك تراه يلبسك ثوب من المهابة، تحترمك كثيراً وتخدمك كثيراً، وعندما أنت تغلط مع الله في خارج البيت، تأتي وتراها لا يوجد احترام، ولا اهتمام، كلمة قاسية، كلام شديد، عدم مبالاة بأمرك هذه بتلك.

الشاب قبل الزواج صافي، ينجح في دراسته، ينجح في تأسيس عمله، والمتزوج مرتاح لا يوجد عنده موازنة ولا يوجد عنده تشويش، والله عز وجل يلهم زوجته أن تكون كما يريد، وإذا هو أخطأ يراها تتصرف بشيء غير معقول إطلاقاً بلا سبب، كلام قاسي حتى أنها تصل إلى الوقاحة، وهو أساء العلاقة مع الله، كشف ستر الله.

المتزوج بحاجة إلى غض البصر أكثر بكثير من العازب والأعزب مرتاح وكل شيء له أوان، وهذه من عبادة الإخلاص.

والحمد لله رب العالمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أمل ناجح الحبيبة

بارك الله فيك

المقالات كلها رائعة

المهم نحاول نأخد من كل مقال لأن المعلومات تقريبا

متشابهة

ونسق ونرتب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@شامخة بإيماني و@قلب تائب إلى الله

من فضلكم يا حبيبات.. هل بإمكان واحدة منكما.. أن تقرأ خاطرة "يا يُوسف" مرة أخرى، وتكتب ردّ عليها؟

وكأنه على لسانها، توجّهه لصديقة ما.. ولو في عبارات موجزة بسيطة.

يعني أكثر ما استفادته وما أثر فيها وهكذا؟

 

تمامًا كما لو أنّكِ سمعتيها من صديقة في نقاش بينكما..

ويتوجّب عليكِ ابداء رأيكِ؟ ماذا ستقولين؟

سأقرأها إن شاء الله

هل ستكون في المقدمة؟

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

[ البحث بشكله النهائيّ بإذن الله ]

 

يحتاج تنسيق وترتيب فقط للصفحة الأخيرة، وقد راجعته ودققته.

وإن كان ثمّة ملاحظة أو تعديل.. نفعل ذلك بإذن الله.

 

 

*****

 

 

 

عُمر.. أسرع.. بقي 5 دقائق وسينطلق القطار!!

تريّث يا رجُل.. تعبت حقًا، لا أستطيع.. اجلس هُنا وننتظر القطار القادم،

الأفضل نتوضأ ونُصلّي العصر بمسجد الرّضوان، وننتظر بعد ذلك في المحطّة :)

 

جَلس بلالْ على كُرسى يُجاور شجرة في محطّة قطار البلدة القديمة.

أخرجَ حاسوبه من حقيبته وقال: اجلس يا عُمر لأقرأ عليكَ موضوع لفتني أثناء بَحث الأمس.

ابتسم عُمر وهو يجلس إلى جواره: أرني يا مولانا.. يبدوا أنَّ مُحاضرة اليوم تَلاعبت بعقلك! :))

قَطّب بلالْ حاجبيه >_< وقال: لا لا هو موضوع مهمّ وقيّم بالفِعل.

ويدور حول أمر تطرّقنا له الأسبوع الماضي سريعًا.

 

اقرأ بلالْ... لا أسكت الله لك لسانًا ذاكرًا.

حسنًا يا عُمر .. عنوان المقال .. [يا يُوسُف] !

 

مَدخَل :

 

نعم، أفعلها الآن، مرّة واحدة وَحَسبْ.. نظرة هي، ليس إلّا!!

 

يجلس بأريحيّة تامّة.. يبحث بسلاسة بين مقاطع الفيديو ..

وأخيرًا يصل لبُغيته، ليسمَع هذه الفاتنة..

ولم لا.. لقد سمع أنها جميلة وجدًا.

وما الضَّير في مشاهدة أغنيّة واحدة لها وحَسبْ.

 

- لكن .. ملابسها فاحشة فاضحة.. مُقززة؟

- لا بأس.. فوالده واعظ المَسجد لن يراه الآن،

 

أمّه مُنهمكة في أعمال البيت، إخوانه كلٌّ في غُرفته،

وثيابه المُنَمّقة، ولحيته الكثيفة تُضفيان عليه مظهرًا "مُتدينًا" مَرمُوقًا!

وطالت النّظرة لمقطع كامل، ثُمّ تلاه آخر! الأمر مُمتع إذًا.

وبات لا يكترث لكل هذه المَشاهد المُخجلة التي يَراها بينَ الفينة والأخرى (وَحدَهُ)،

يومٌ وراء يَوم .. طُبع على قلبه، فَمَا عاد يشعر بالحَرج من مُشاهدتها أبدًا.

يَتَنَقّل ببصره دُونَ أن تنتابه هذه الوَخزَة في صَدره حينَ كان يُحاسب قلبه آخر كُلّ ليلة.

- تُراهَا أينَ ذهبت !!

 

اعتاد الأمر، كلّما وجد نفسه (وحده) يَسمع ويَرى،

يأكل بعَينَيه ويَسقي قلبه من قِطران مشاهده -المُخزية- المُفضلة.

ثُم هو نَفسه بينَ الأحبّة والرّفاق يَركع ويَسجد .. يَذكُر ويدعوا برَتابة.

"اللهُمّ لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتتنا ... " آمين !

وقد يجري بين الأصدقاء في في شتّى الأعمال الخيرية.

ثُمّ إذا جنّ عليه الليل، يفرح بنَفسه الشّقيّة، ويُنَحّي إيمانهُ وعقله جانبًا،

ويُكمل ما قد كان من خزي وَصغار (وَحدهُ)!

وهكذا ...

 

تَنَاسَى أنّ الله عليه رقيب ..

بل جَعله أهون النّاظرين إليه ..

 

------

 

تمشي كما شَبهها المُصطفى قبل أكثر من 1400 عام.. (كاسية عارية).

ملابس مُخجلة مُقززة، تُنافي فطرة الإنسان السَويّ.

تَميل في الأسواق وتُصدر الضّحكات.. تَنظر لهذا وذاك.

لا تُبالي بمن ينهشونها بعيونهم.. تجلس مع (أصدقائها) (أشباه الذّكور)

يتبادلونَ الأحاديث التّافهات والضّحكات ..

ويعجّ هاتفها بأسماء العشرات منهم.

ثُمّ تأمل أن يرزقها الله بهذا الخَلوق الصالح ..

يُحسن معاملتها ..

يغضّ قلبه قبلَ بَصره عن من سِواها ..

يُرضيها ويُسعدها ..

لا يَميل بطرفه لغيرها ..

هيهات .. هيهات !!

 

----

 

يُطلق بصره هُنا وهناك، يُضاحك هذه وتلك..

يُكيل كلماته المَعسولة لعشرات الغبيّات ..

يجلس مع هذه بدَعوى مُساعدتها ..

يُسلّم على هذه .. ويُربّت على يَد تلك عطفًأ عليها.

ثُمّ يأمل بعد بضع سَنوات ..

أن تكونَ له زَوجته عَفيفة .. حَيية .. تقيّة ..

مَلكة في بيته مُطيعة صالحة طيبة!

قانتةٌ حافظةٌ للغيب .. بما حفظَ الله!

 

هيهات هيهات !!

 

هيهات هيهات لمن أصَرّ على الخطأ وتكبّر ..

اغترّ ولم يُبالي بمحكمة وشِرعَة سَماويّة لا تُحابي أحدًا..

[الطيبونَ للطيّبات .. والخبيثونَ للخبيثات!] ‹1›

 

نعم.. هكذا .. حساب دقيق.. لا اعوجاج فيه.

{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ، وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ !

وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ، وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} .‹2›

 

ورُويَ عن ابن رجب أنهُ قال:

خاتمة السُوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد، لايَطَّلع عليها النّاس.

 

وكذا قالَ ابن القيّم :

أجمع العارفون بالله، بأن ذُنوب الخَلواتِ هي أصل الانتكاسات،

وأن عبادات الخَفاء هي أعظم أسباب الثّبات.

 

وقد قال أحد السلف: احذروا النَسَّافات.

قيل: وَما النَسّافات! قال: ذُنوب الخَلوات، تَنسف الحَسنات.

 

-----

 

وفي درس علم شَرعيّ وغيره، لا تتذرّع بشيء،

وإنما تحرص على غضّ بصرها جدًا .

حتّى وإن كانت وحدها، تشاهدهُ عبر شاشتها.

خشية وحرصًا على قلبها ..

أن تُطلق نظرها هُنا وهُناك أو أن تُبرر لنفسها ..

حياءً وخَوفًا من الله ألا تُطيع ما أمرها به من فوق سبع سماوات ..

تُدثر قلبها بذكر باريه، وتُخبره .. حذارِ أن تكون ممن يقولونَ "سَمِعنَا فَعصينا"!

اثبت يا قلبي؛ فالآخرة خيرٌ وأبقى.. إنّما الدُنيا فَناء.

 

ولأجل جهادها هذا؛ يَوم وراء يَوم تَذوق لذّة (التَقوى) لذة حرصها ويقظة قلبها.

فتسمو رُوحها عن هذه الدنيا برُمّتها..

أجل يحدث هذا .. حينَ يسجد قلبها سجدة طُهر لا يقوم منها أبدًا..

حتى يَلقى وجه ربه الكريم.

 

وإن سألتم قلبها، أيحدث هذا!؟

فقط يَتلوا عليكم قَبسٌ من آية واحدة، تُلخص الأمر، بوضوح، دُونَ أيّ تعقيدات.

 

{ ... وَلَكنَّ اللَّهَ (حَبَّبَ) إِلَيْكُمُ (الْإِيمَانَ) وَ(زَيَّنَهُ) فِي قُلُوبِكُمْ ..

وَ(كَرَّهَ) إِلَيْكُمُ (الْكُفْرَ) وَ(الْفُسُوقَ) وَ(الْعِصْيَانَ) أُولَئِكَ هُمُ (الرَّاشِدُونَ)} ‹3›..

 

ارتواء في القلب، ولذّة إيمان حقيقيّة، بَلسَم ينساب ويُسكب بهدوء..

لتعي القلوب مَعنى من تَركَ شيئًا لله، عوّضه الله خيرًا منه ..

وسُبحانه .. نَحنُ من سيجني ثَمرة هذا، رَحمة ومِنّة مِنهُ.

 

وابن القيّم له قول جميل .. يقول:

جعل الله (أهل طاعته) أكرم خلقه عليه، وأهل معصيته أهون خلقه عليه.

وكُلما عمل العبد (طاعة) ارتفع بها درجة، ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الأعلين.

 

-----

 

كُلّما شَعر أن قلبه بدأ يتهاونَ في أمرٍ ما، رَدَّدَ عليه قول رسولنا العظيم،

"اتقوا الشُبهات، فمن اتقى الشُبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"

 

يُتمتم بينَه وبينَ نفسه قول سُليمان التميمي رحمة الله عليه.

إن الرجل ليُصيب الذَّنب في السرّ، فيُصبح وعليه مَذلّتهُ!

"خمول الذكر، واضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه

ومنع اجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر،

وحرمان العلم، ولباس الذلّ واهانة العدو، وضيق الصدر،

والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت،

وطول الهم والغم."

 

كُلّ صُبح ومساء يَرفع أكفّ الدعاء مناجيًا ربّه :

"اللهُمّ ارزقني لسانًا طاهرًا، ذاكرًا، تائبًا، مُرتلًا لآيات كتابك، زاهدًا في الغيبة،

تائبًا عن النّميمة ،ناصحًا لوجهك الكريم، مُتعففًا عن الفاحش من القول،

وعن كل ما لا يُرضيك، يغرف من قلب مخلص حِصنه اليَقين،

اللهُمّ حَصّن فرجي، وطَهّر قلبي واغفر ذَنبي"

 

أتُراه [عزّ وجَل] يُضيّع هؤلاء، ولا يجزي الإحسانَ بالإحسان!؟

كلّا. فبرحمته وفضله لا يُضيّعهم، ومنهاجهم

{وَالعَصرِ، إنَّ الإنسانَ لفي خُسرٍ! إلّا (الذينَ آمنوا)

وَ(عَمِلوا الصّالِحاتِ)، و(تَواصَوا بالحَقِّ)، و(تَواصوا بالصّبرِ)} ‹4› ...

 

لا يُضيّعهم وبينَ صدورهم..

 

{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ،

وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ،

أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ !} ‹5› ...

 

إذًا، من كانَ يعلم في قلبه شيء يخاف أن يطّلع عليه النّاس،

فليعلم أنّ الله مالك المُلك، يَسمع ويَرى .. لا تَخفى عليه خافية،

 

يقول ابن القيّم :

كتبوا إلى عمر بن الخطاب

يسألونه عن مسألةٍ أيهما أفضل:

رجل لم تخطر له الشهوات ولم تمر بباله

أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله؟

فكتب عمر:

أن الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عز وجل من { الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } ‹6›...

 

ألا تَرى أن من مشى إلى مَحبوبه على الجَمر والشّوكِ،أعظم مِمَّن مَشى إليه رَاكبًا.

 

-----

 

[يا يُوسُف هذا العصر.. استَعصم!] ‹7›...

[إياك أن تكون عدوًّا لإبليس في العلانية، صديقًا له في السرّ] ‹8› ...

 

مخرج :

 

كأنَّا إن تَلَونا الذِّكرَ نَحلٌ ؛ فمنا الشَّهدُ بالقُرآن سالا

قرأنا الكَهفَ فازدَدنا يَقينًا ؛ بأنّ لِغُربةِ الدّينِ الجَلالا

وبالرّحمنِ قُمنَا فاشتعلنا ؛ بنَارِ الشّوقِ للحُورِ اشتِعالا

 

وفي الأنفالِ رَتّلنا [أعِدّوا] ؛ وعزّ في ذَرَى بدرٍ تَعالا

كتاب الله مُؤنسنا بعصر ؛ تجرّعنا بكفيهِ الوَبالا

إذا ازدَحمَت مَواجعُنا وسالت ؛ مبادئنا مع الوَحل ابتذالا

 

ففي القُرآن ما يُحيي نُفوسًا ؛ غَفَت في مَفرش اللهو اتكالًا

يقول المُبطلونَ كفاك وهمًا ؛ تعال لمُتعة الدُنيا تعالا

وما عَلِموا بأنّي في طَريقي ؛ أسيرُ بموكبِ النُّورِ إعتدالا

 

قد استأنستُ بالقرآن حتّى ؛ رأيتُ سواهُ يُلبسني خَبَالا

من استغنى وفي كَفّيه بَدرٌ ؛ أيطلبُ في دُجى الليل الهلالا

أرى فتنًا كقطعِ الليلِ تُعمي ؛ قلوبَ السّائرين لها ضَلالا

 

سأحمي النّفسَ من داعي هواها ؛ تقولُ: نَعم، نَعم فأقول: لَا، لَا

سألجِمُها وأحكمها بعصرٍ ؛ تطاولَ بالمَفاتِنِ واستَطالا

سألبسُ من كتابِ اللهِ دِرعًا ؛ إذا فِتن الزّمانُ غَدَت نِبالا

وأوقِدُ من مَشاعلهِ طَريقي ؛ إذا امتد الظّلام به وَطالا

 

----

 

أخذ يُقلّب في حقيبته وأخرج دفترًا وقال :

أوتدري يا بلالْ بم ذكّرني مقال (يا يُوسُف) هذا؟

خاطرة كنتُ قد كتبتها لكَ مُنذ أيام في دفتر المحاضرات هذا..

لحظة أقرأها عليك..

 

"أتعلم بلالْ..

أنني غالب الأحيان لا أدري كيف أخبركَ بما أريد!

أصمت وأخالكَ كلّ مرة تفهم مقصدي تمامًا، وكأنّها القلوب لا تسعها حروفنا ال 28

فتتحدث بما شاء الله لها من وَصل..

 

لربما يحسبونني أُحسِن صياغة الجمل و و و ... ولكن كل ذلك عبث!

شيء ما يأتيني.. أبثه سواء هنا أو في دفتري... وأمضي.

يبدو أني بحال للآن لا أدري ما هيّته!

أسعيد أنا .. أم حزين .. صدقًا لم أعد أدري إن كنت خائف أو مطمئن؟

أراضٍ عنّي الله، أم أمضي بعبثي ونفسي الشقية حتى أُقبَض؟

أحقًا واعٍ بما يكفي بأنّ بُغيتنا ليست الفناء.. وإنما أن نُزهر في هذه الدنيا..

مُبتغين وجه الله وحده تقرّبًا إليه؟

أواعٍ بما يكفي كيف أنني نفخة من روح الله!

هل أستوعب معنى هذا وأنا أعصيه؛ فتنحط رُوحي لحمأ مسنون في أسفل سافلين!

أأجلِدُ نفسي أنا، أم أنني أصلًا ما ردعتها قطّ، حتّى أصابها ما أصابها من عفن الرّكون،

لكل ما هو سيء ويزينه لي الشيطان؟

صدقًا لا أحبني في هذه الأوقات..

لا أحب بث الحزن والألم.. وإن كنت أفعل رُغمًا عني..

كُل مرة أفتح.. ولا أدري ماذا أكتب لك..

كُل مرة أصلًا حينَ أتحدث إليك وأجد منكَ كل هذا الجمال الذي لن أستطيع وصفه..

تخنقني عبرتي كما الآن..

لا أملك سوى أن أتسائل بحسرة..

الله كريم معي؛ فوق ما يتخيل كل البشر..

يكفي أن مثلكَ يكون صديقًا لمثلي أنا..

كيف أنا بعد كل هذا ما زلت أنا..

ما زالت نفسي هي هذه التي أبكي منها، وأتوسل لله أن يهديها ولو رُغمًا عنها!

فقد أوشكت أن ترديني أسفل سافلين.. إلّا أن يتغمدني برحمته.

 

ماذا أقول..

ستكون نفسي بخير كثير بإذن الله!

لا تتخلّى أبدًا وإن اختلفتم كُل الاختلاف..

خذ بيدها ولا تتركها أبدًا إن لمحت منها ما لا يُرضي الله..

انصحها بلُطف وقول حَسَن، أو انهرها وعنّفها..

لا تيأس إن لم تستجب..

وتذكر عُمر بن الخطاب رضوان الله عليه، أين كان، وكيف صار..

 

يكفي أنه في يوم لا يعلمه إلا الله..

سيفر المرء من أمه وأخيه وصاحبته وبنية!!

لا إله إلا الله..

 

أعاننا الله على حُسن التواصي بالصبر والحق دومًا"

 

***

 

رَكبا عُمر وبلالْ القطار..

أسند بلالْ رأسه للخلف وأغمض عينيه قليلًا ثُمّ عدّل جلسته ونظر لعُمر قائلًا:

 

أتدري يا عمر الأسباب التي أدّت لحالنا هذا.. شبابنا في الجامعات..

مُعظم الزملاء هُ،ا وهناك .. وإن تحدّثت حسبوكَ أنت مُتخلّف مُتشدد لا تفهم شيء!!

 

وكما ترى أغلب شوارعنا.. شباب المقاهي وما يشاهدون ..

الأفلام التي ولا بُدّ بعد دقائق معدودات تعجّ بالعُريّ وكل قول فاضح.

 

سأحكي لكَ ما يحضرني حاليًا من أسباب ما نحن فيه يا حبيب:

 

يُقبل الأغلبيّة بدعـــوى التسلية.. نعم التسلية!

وعدم وجود شيء بديل.. (وهو مُجرد تبرير أقبح من الذنب)

 

الإعلام وما يبثّه حاليًا.. تركيزه العميق بشكل أو بآخر في تدمير عقيدة الإنسان السّوي..

جعل كل الفئات وحتّى الأطفال لا تُفكّر في شيء سوى اشباع غريزتها وكأنه الأنعام بل أضلّ ..

نومة وأكلة وشربة وبحث عن اللذة وحسب في أيّ مكان بأيّ شكل دون ضوابط.

إعلام يُدمّر فِكر الناس ولا يضرّه ذلك في شيء المهمّ فائدته هو وراء ذلك.

أخلق مُجتمع تافه لا يفكر لا يُنتج لا يعمل.. شباب يتسكّعون وفقط لا يعلمون أصلًا هدفهم في الحياة. يستهلكون وحسب.

 

كذلك الفراغ القاتل يا عُمر يلعب دورًا كبيرًا ..

والفراغ لا يكون خارجيًا وحسب ..

 

كذلك الاحساس بإشباع رغبة مُعيّنة في داخله، وهذا يعود للفراغ الدّاخلي..

هذا هو أخطر الأسباب لو تدري. يعود أيضًا لضعف الوازع الدّيني..

وكذلك نُقطة هامّة جدًا.. عدم يقظة الضّمير. فإن مات الضّمير فعلى الدُنيا السّلام!

 

تخيّل ضمير ميّت.. كيف تنصحه وتوّعيه وتخبره أنّ ما يفعله خطأ..

لا بُدّ من إيقاظ روحه وعقله مُسبقًا ليعي.. لا بُدّ من تبصرته وربطه بدينه وعقيدته بشكل مبسط وجدًا حتى يفهم.

أمر آخر أتطرّق له سريعًأ.. مثلي ومثلك.. يجب أن يلتفّوا حولَ هؤلاء النّاس بشكل أو بآخر..

رجل فقير مثلًا .. تقرّب إليه بمساعدته ماديًا.. إن ساعدته ماديًا وفّرت له عملًا مناسبًا سيُحبّك..

ثم يثق بك .. ثُمّ يسمع منكَ .. ثُمّ يتغيّر فعليًا بسببك ..

وهكذا تُعاد الكرّة .. وإن كان الأمر يحتاج نفس طويل ..

لكنّه سيأتي بثمرة بهيّة وإن تأخّر نضجها لا يجب أن نيأس أبدًا.

 

أيضًا من الأسباب عدم المُراقبة السّليمة الواعية من الأهـل.

 

سكت بلالْ قليلًا .. فأردف عُمر:

 

بالإضافة يا بلالْ لوقوع وقع كثير من الناس في شَرَك هذه المواقع المُدمّرة،

بل أصبح بعضهم صرعى الإدمان القاتل لمشاهد العري والفاحشة،

فقط بقصد بدافع الفضول واكتشاف المجهول، وبدعوى التّثقيف!!

 

***

 

في غُرفة بسيطة أنيقة، تنم على أن صاحبها مُرتب جدًا كانت جلستهم.

حيثُ سيبقى عُمر مع بلالْ لإنجاز بعض المهام الدراسية وغيرها

بلالْ مشغول بكتابة بعض الأشياء على حاسوبه ليطبعها صباحًا ويوزعها على بقيّة الزّملاء في الجامعة.

وعُمر يُنهي بعض اللوحات على المَرسَم.

 

- بلالْ، كيفَ الحال الآن؟

- الحمدُ لله عُمر، تعال استرح..

- تعبت وربّ الكعبة متى نتخرج من هذه الجامعة ! :(

- اصبر ليس لنا سوى الله يُخلصنا ويهوّن علينا ما نحنُ فيه.. ستمّر السنة على خير بإذن الله.

 

- عُمر اذهب واقرأ خُلاصة ما جمعت حول هذه النقطة، وقل رأيك.. فأمامنا الكثير غدًا بإذن الله.

 

- حاضر حااااضر ...

تباركَ الله تباااارك الله جميلٌ، جميل جدًا! "))

- عُمر!! >< كيف قرأت بهذه السُرعة !؟

- عن أيّ قراءة تتحدّث.. أنا أتأمّل في هذا!! :))

- حسنًا حسنًا تناول ما تشاء في صمت..

مُنذ ساعة نادتني أمّي وتركتُ الطبق هُنا.. ألم تنتبه!؟

- لم انتبه بسبب هذه اللوحة الـ.... لِمَ لم تُنبهني أنتَ .. ها ؟؟ >_<

- ههههه حسنًا حسنًا سوف أتنازل لكَ عن نصيبي.. لا تفضحنا "))

- إن كان كذلك .. فأنا موافق D: !

أخذ عُمر طبق الحلوى واشتهى أجمل قطعة ووضعها بطبق صغير جوار صديقة بلالْ وطبع على جبينه قبلة.

ابتسم بلالْ ودعا له من قلبه.

 

بين بلالْ وعُمر صداقة لا تُحكى من جمالها.

وِدّ في الله ولله هو .. يُبارك من أهل السّماء بدعوات خالصة في جوف الليل،

لا لدنيا بل لجنة عرضها السّموات والأرض أعدت للمتقين بُغيتهم ( )

 

- تمتَم عُمر قائلًا: أنا أقرأ الآن .. فلتشهدي يا دنيا !! D:

- لا حول ولا قوّة إلا بالله، اقرأ بهدوء حبيبي عُمر، فلديّ أمر سيُسعدكَ جدًا أقصّه عليكَ بعدما تقرأ.

 

***

 

قال جلّ ذكره {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ *

وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}

 

فمن هذا الوحي الإلهي والتوجيه الربّاني نتطرّق حول هذه الآفة العظيمة التي تفشت بيننا إلى حد أنه لم يخلو بيت منها إلا من رحم الله!

وهذه الظاهرة لا شك أنها تفسد البواطن قبل الظواهر، والعقول قبل العيون، والمسلم مأمور بأن يصون عقله وقلبه

حتى يبقى على فطرته السليمة.

 

- من مفاسد وآثار مشاهدة هذه الأفلام:

 

1 - أنها دعوة صريحة إلى الفاحشة

2- وأنها تُذهب المروءة وتسقط العدالة

3- تجعل الإنسان ينظر ليس فقط إلى عورات النساء بل وإلى عورات الرجال المغلظة

4 - أيضًا تُفسد الفطرة السليمة والأخلاق الكريمة

5 - تذهب الغيرة وتقتل الحمية في النفس وهذا من مفاسدها العظيمة

6 - أيضًا الاستمرار عليها تفضي إلى ماهو أشد حُرمه، كذلك من طلب أوضاع محرمة كالجماع في الدبر

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله: لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأته في الدبر.

7 - إثارة شهوته على تطبيق ما يراه فيها، والواقع خير شاهد على ذلك.

8 - ومن المفاسد النّفسيّة أن المدمن لهذه الصور ينتهي به الأمر إلى عدم الاستجابة لصورة عادية،

بل يبحث دائما عن الصور الأكثر شذوذًا عن العادة، حتى يصل به الأمر إلى أن زوجته لا تُثيره جنسيًا

ولا تُحرك فيه شيئًا و إن كانت أجمل الجميلات.

9- الشعور بالاكتئاب والعصبية في المزاج وسرعة الغضب والشعور بصداع شديد ومُتكرر.

10 - انخفاض مستوى التركيز مما يُضعف الذاكرة، ويجعل عملية الاستيعاب بطيئة جدًا،

كما تجعل الشخص أكثر عرضة لسرعة النسيان.

11- تسبب الأرق وقلة النوم، والسرحان الدائم نتيجة للانشغال بتلك الأفلام.

12- الشعور بالإرهاق والخمول والكسل والميل للعزلة والبعد عن الاجتماعات الأسرية.

13- إبطال الطاعات: فعن حذيفة قال: من تأمل خلق امرأة من وراء الثياب فقد أبطل صومه.

14 - نزول البلاء: قال عمرو بن مرة: نظرت إلى امرأة فأعجبتني فكف بصري، فأرجو أن يكون ذلك جزائي.

 

* أمّا ثمار غضّ البصر فنذكر شيء مما قاله ابن القيّم رحمة الله عليه :

 

1- تخليص القلب من ألم الحسرة، فإن من أطلق نظره دامت حسرته.

2- أنه يورث القلب نورًا وإشراقًا يظهر في العين وفي الوجه وفي الجوارح،

كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه.

 

3- أنه يورث صحة الفراسة، فإنها من النور وثمراته.

وقد قال قال شجاع الكرماني: من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم،

وكف نفسه عن الشهوات، وأكل من الحلال- لم تخطئ فراسته.

 

4- أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه، ويسهل عليه أسبابه، وذلك بسبب نُور القلب، فإنه إذا استنار ظهرت فيه حقائق المعلومات،

ومن أرسل بصره تكدر عليه قلبه وأظلم.

 

5- أنه يورث قوة القلب وثباته وشجاعته، قال بعض الشيوخ: الناس يطلبون العزّ بأبواب الملوك، ولا يجدونه إلا في طاعة الله.

6- أنه يورث القلب سُرورًا وفرحة وانشراحًا أعظم من اللذة والسرور الحاصل بالنظر، فلذة العفة أعظم من لذة الذنب.

7- أنهُ يسد عن العبد بابًا من أبواب جهنم، فإن النظر باب الشهوة الحاملة على مواقعة الفاحشة،

فمتى غض بصره سلم من الوقوع في الفاحشة، ومتى أطلقه كان هلاكه أقرب.

 

8- أنه يقوي العقل ويزيده ويثبته، فإن إطلاق البصر وإرساله لا يحصل إلا من خفة العقل وطيشه وعدم ملاحظته للعواقب كما قيل:

وأعقل الناس من لم يرتكب سببا *** حتى يفكر ما تجني عواقبه

 

9- أنه يخلص القلب من ذكر الشهوة ورقدة الغفلة، فإن إطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار والآخرة، ويوقع في سكرة العشق.

 

 

***

الإقناع

***

 

 

تخيّل يا عُمر، محطة وقود تبيع وقود كالبنزين، وهو سائل مُتفجر، ويوجد مكان لإعلان يُمكن أن يكتب في هذا الإعلان ألف جملة، مليون حكمة..

فما الإعلان المناسب لهذه المحطة؟ [ممنوع التدخين لأن التدخين قد يحرق المحطة كلها].

نُسمي هذا الإعلان إعلان مصيري يا عُمر ..

فصاحب المحطّة الحكيم ينتقي إعلان مُتعلّق بمصير المحطة.

 

وكلام الله عز وجل.. ولله المثل الأعلى.. الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو منهج الإنسان، هو الصراط المستقيم،

حين يذكر لنا موضوع كغض البصر.. معناه أن الموضوع جدّ مهم.. ويجب أن ننتبه جيدًا ونسير على هُداه.

وأوضّح لكَ أكثر يا عُمر أكثر..

امتناعك عن السرقة قد يُفسّر طاعةً لله وقد يُفسر خوفــًا من قوانين بلدنا.. أليس كذلك؟

إلّا أن غضك للبصر لا يُفسر إلّا خَوفــًا من الله عز وجل.

فليحاسب كل واحد منا نفسه على هذه النقطة.

 

وكلما استيقظت الفتن، وكلما عم الفساد، وكلما تفلتت الفتيات وخلعت جلباب الحياء، صار أمر غض البصر أشد أهميةً.

كذلك يجب على المؤمن أن يصل إلى درجة أن يكون حكيم نفسه، أن يشعر متى غفل عن الله، متى اتصل به، متى شعر أنه محجوب،

متى شعر أن الطريق إلى الله سالك، هذا شعور مهم جدًا، الذي عنده حساسية في إيمانه لو أنه تساهل في موضوع البصر،

لشعر بالحجاب فورًا أثناء الصلوات. إذا قُلت لي ما هو أكبر عقاب ينال الإنسان على وجه الأرض؟

أن يُحجب عن الله، وقد قال الله عز وجل:

 

﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15)﴾

 

دعني أتلو عليكَ هذه الآيات ولنتدبرها جيّدًا..

 

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ﴾

﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلاْعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ ﴾

﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾

 

نعم، وأعقّب بلالْ على كلامك:

 

أنه إذا ربطت غض البصر بحسن صلتك بالله هل في حياتك كلها حالة أسعد من أن تكون مع الله؟!!

من أن تكون موصول بالله، من أن يكون الله راضيًا عنك، من أن تكون في رضوانه،

إذا ربطت هذا الإنجاز الكبير حسن الصلة بالله بغض البصر،

صار لغض البصر معنى كبير جدًا، ولم يعد عبء كبير عليك، صار متعة، أنت تشعر بقيمتك وبمكانتك عند الله،

حين تهبّ وحدكَ لتُصلّي الفجر، تعلم أنه علم ما في صدركَ فآتاك خيرًا وأيقظك لتُصلّي.

 

غض البصر ! إنه شيء لا يحرمه قانون ولا نظام ولا شرطي يحاسبك، ولا مخالفة، ولا رسم،

ولك أن تطلق البصر كما تشاء لكن الله يشاهدك!

وأنت حينما تغض بصرك عن محارم الله معنى ذلك أنك ترضي الله وحده ولا تعبأ بأحد.

 

والآن يا عُمر الفساد في كل مكان، إذا أحببت أن تُسافر، تركب مواصلة للجامعة، أو لبلدة والدك..

غالبًا يجب أن تسمع أغاني ساقطة طول الطريق! في السفر يوجد أي جهاز إعلامي فيه نساء بأبهى زينة،

أغلب المجلات تفتحها تجد فيها صور خليعة! طيب .. إذًا نحن الآن يجب أن نعتصم بحِصن غضّ البَصر.

 

غض البصر مُتعلق بالله وحده، وهذه هي عبادة الإخلاص، وصدقني الحلاوة التي يذوقها الإنسان مع عض البصر لا تعدلها حلاوة.

من غض بصره عن محارم الله.. أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه.

وقد كانَ حبيبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خافِض الطّرف نظره للأرض أطول من نظره إلى السّماء.

 

كُل إنسان يضبط نفسه قبل الزواج.. الله عز وجل لا يحرمك من هذا الذي أودعه فيك (حُب النساء)

ولكن في الوقت المناسب، وفي الطريقة المناسبة، مع الراحة النفسية، والراحة النفسية ماذا نريد بعدها!

وأنت عندما تغض بصرك ماذا تفعل؟ تتقرب إلى خالق الكون، يا رب أنا أحبك وها أنا قاومت شهوتي إرضاءً لك وحدك.

وهناكَ حديث تقشعرّ له الأبدان.. وهو حديث (حقُ المسلم على الله أن يُعينه إذا طلب العَفاف). يا ألله !

 

تخيّل معي .. أنت يا عُمر ماشي في الطريق وهناك مُنعطف حادّ، فجأة وجدت نفسك أمام امرأة رأيتها كما هي.

النظرة الأولى لك ولكن الأولى كما أرادها النبي عليه الصلاة والسلام وكما ذكروا علماء الفقه..

الأولى لا تؤثر إطلاقـًا لأنه ليس لها زمن، فورًا يجب أن تغض طَرفك، الأولى لك والثانية عليك،

أما إذا أبقيت على هذه الأولى مُدّة دقيقتين .. وتقول هي أولى!! فهذه لم تُعدّ أولى.. صاروا خمسة عشر!!

الأولى لا تنطبع الصورة على الشبكية إطلاقـًا هذه الأولى، وكلما كان ورعك أشد تكون الأولى أقصر.

 

هذه حقًا عبادة عبادة الإخلاص، تخيل أيضًا .. لا يوجد إنسان معك، وأنت في غرفتك ..

والبناء المجاور خرجت منه امرأة على الشُرفة بثياب فاضحة.. لا يوجد جهة في الأرض تحاسبك ..

أو تكشف مخالفتك إذا نظرت!

لكن المؤمن يغض البصر، يغلق الستار... يُتمتم في نفسه إني أخاف الله ربّ العالمين..

لا يُشاهد الأفلام الفاضحة ولو كان في البيت وحده.. حينها يتتذوّق معنى الأنس والصّلة بالله.

يُصلي بقلب خاشع فعلًا .. غير محجوب عن الله. لا يشعر بوحشة بينه وبين الله.

بل بفيض فرح عَذب يُبلسم الرّوح ويحميها ..

 

سيدنا يوسف وضع في ظرف قلما ينجو منه أحد، مُغري جدًا!

سيدة القصر وعلى جانب كبير من الجمال وهي التي تأمره وليس لها مصلحة أن تفضح نفسها!

وهو غريب وشاب، وغير متزوج! العلماء عدوا اثني عشر سببًا تزيد من احتمال استجابته لطلبها!

ومع ذلك قال: معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين، فماذا كان؟ كان عزيز مصر

لما رأته جارية في القصر تعرفه عندما كان عبدًا في القصر ثم رأته عزيز مصر

قالت: سُبحان من جعل العبيد ملوكًا بطاعته!

 

أنت لا تعلم لعل الله سبحانه وتعالى يهيئ لك أفضل زوجة وأفضل زواج، أفضل حياة مُستمرة والثمن طاعتك لله، قال تعالى:

 

﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71)﴾

 

صدقت والله بلالْ.. كذلك قرأت كلامًا للشيخ محمد راتب النابلسي.. يقول:

أنا مرة أخ زارني كبير في السن، عمره بالثمانينات تقريبًا ضيفته قطعة كاتو وكأس شاي،

وضع الشوكة في الكاتو وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، سُبحان من قسم لنا هذا ولا ينسى من فضله أحد!!

والله عند قوله: ولا ينسى من فضله أحد. دمعت عيناي، هذه عميقة جدًا!

أنت شاب لا ينساك الله من فضله سوف تتزوج ويأتيك دخل وتعيش في بحبوحة، ولا ينسى من فضله أحد، ضعها في بالك.

الله سبحانه وتعالى لا يُعطي الكفار وينساك أنت، كماله مُطلق، سبحان من قسم لنا هذا ولا ينسى من فضله أحد،

أنا سحبتها على كل شيء الله لا يوجد عنده ظروف صعبة هذه عندنا قال تعالى:

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)﴾

 

كذلك يا بلالْ ... ديننا بسيط! لا يحتاج لتعقيدات.. وسأوضّح لك..

هذا المُكيف (جهاز التكييف) يأتي رجل أُمّي لا يقرأ ولا يكتب، يضغط هذا الزّر فيأتيه هواء بارد!

يأتي رجل معه دُكتوراه بالتكنولوجيا، وهو دارس التبريد ويعرف الغاز والتبريد، وآلية التبريد.

الاثنين كانوا في الحرّ وجاءهم هواء بارد عندما ضغطوا نفس الزرّ!!

و(أمر الله عز وجل) من دون فلسفة عندما نُطبّقه نأخذ ثماره، وفلسفه ولا نُطبقه لا نستفيد شيء!

إذا قلنا أن التبريد رائع.. ولم نضغط الزر لا نستفيد شيء، والدين بسيط جدًا لا يجب أن تُعقّد الأمور،

بسيطة! غُضّ بصرك .. تقطف كل الثّمار!

اجتهد اجتهادًا عاليًا كي تَتّصل بالله..

حتى إذا صار هناك قطيعة تحنّ إلى الله..

حاول أن تلتزم باستقامة حازمة جدًا من أجل أن تنعقد هذه الصلة وتقبل على الله.

من أجل أن تعرف طعم القُرب، عندئذ إذا حصل شيء يُبعدك على هذه الصلة،

تحرص على إعادتها وتحنّ إليها.. والإنسان له مع الله حال ويجب هذا الحال أن يكون في صعود دائم..

وإذا أصابه خلل نعيد الكرّة ونتوب، والمؤمن مذنب تواب، والله عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير.

 

وقد قيل للحَسن: ألا يستحي أحدنا من ربّه!؟ يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود!؟

فقال: ودّ الشيطان لو ظَفَر مِنكُم بهذه، فلا تَملّوا من الاستغفار.

 

عُمر أخيرًا أذكر لكَ شيء جدًا مُهم حولَ هذه النُقطة.. كُلنا نحفظ حديث (النظرة سهم من سهام إبليس) و(النّظرة سهم مَسموم)

ووجَب أن نَعي أنّ السّهم المسموم يُسمم كل الأجهزة! إذا أحدهم تلقى سهم غير مسموم، فمكان الطعن فقط هو المُصاب.

أمّا إذا السهم المسموم.. فالسهم بسّمه وصل إلى كل الأجهزة في جسده.

معنى هذا أن الإنسان عندما يُطلق بصره ترتبك كُلّ حياته، مع أولاده وفي عمله، يعني دخل في متاهة.

طيّب ما هو السبب وراء تفوق المؤمنين الصّادقين!؟

يُوجد عندهم صفاء لا يُوجد عندهم اضطراب نَفسي، استقامته تكسبهم صفاءً وتوازنًا.

يعني بالتعبير الشائع فكرهم نَظيف، ونظافة فكرهم من نظافتهم.

 

أنت عندما تستقيم وتكون عفيف، أنت عندما تُعطي طاقاتك كلها توجهها إلى شيء مُعيّن.. تفلح بدون شكّ!

أمّا إطلاق البَصر يُبعثر الطّاقات، النّظرة سهم مسموم من سهام إبليس، معنى مسموم أي إطلاق البصر شَوّه لكَ حياتك،

رُدود فِعلك تصير غير طبيعية.. صار هُناك إثارة مُستمرة، ولا يوجد تلبية.. فنشأ ضغط وكَبت!

طيّب ما هو الكبت؟ مِمّا نتج؟ نتج من إثارة بلا تلبية!

وإذا لم يكن هُناك إثارة لا يوجد كَبت.. والكبت له أمراض كثيرة.

أما إذا أنت ألغيت الإثارة فلا يوجد كبت.

والذي يغض بصره يُفلح في دراسته، في تجارته، في علاقاته، في بيته..

إخواننا المتزوجين الذين يغضون بصرهم أوّل مكافأة أن الله سبحانه وتعالى يُلهم زَوجته أن تكون كما يُريد!

أيام المرأة تحرن، وأيام تتصرف بحُمق! لذلك قال الشعراني: أنا أعرف مقامي عند ربّي من أخلاق زوجتي!

 

إذا أنت تغضّ بَصرك في الطّريق.. المكافأة الأولى من الله عز وجل يُصلح لكَ زوجتك.

تراه يُلبسك ثوب من المَهابة والوقار في قلبها وعينها، تَحترمك كثيرًا وتخدمك كثيرًا، تكون المودّة صادقة..

وعندما أنت تغلط مع الله في خارج البيت أو في خَلواتِك، مشاهدة ما لا يرضى من أفلام ومسلسلات فاحشة،

تأتي ولا تجد احترام، ولا اهتمام، تجد كلمة قاسية، كلام شديد، عدم مبالاة من زوجتك بأمرك!! وتذكّر.. إنما هذه بتلك!

 

الشاب قبل الزواج صافي، ينجح في دراسته، ينجح في تأسيس عمله..

والمتزوج مرتاح لا يوجد عنده موازنة ولا يوجد عنده تشويش، والله عز وجل يُلهم زوجته أن تكون كما يريد،

وإذا هو أخطأ يراها تتصرف بشيء غير معقول إطلاقـًا بلا سبب! كلام قاسي حتى أنها تصل إلى الوقاحة!

لأنهُ هو أساء العلاقة مع الله، كشف ستر الله.

المتزوج بحاجة إلى غض البَصر أكثر بكثير من العازب.

والأعزب مرتاح وكل شيء له أوان.

 

﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30)

 

حينما جاء غض البصر قبل حفظ الفَرج تبين أن طريق حِفظ الفرج غضّ البَصر!

أي إنسان يغض بصره مُستحيل أن يتورط في عملية زنا، فالأبواب كلها مغلقة أمامه خارج الحصن..

أما عندما يُطلق بصره فيوصله ذلك للزنا والعياذ بالله، وهذه من طبيعة النفس البشرية..

هذه الشهوة عندما الإنسان يُثار وهذه قرأتها في مقالة علمية وهي حلت مشكلة كبيرة جدًا:

إذا الإنسان أُثير جنسيًا، فالدّماغ يفرز مادة يُعطل المحاكمة العقلية، لذلك النبي حرم الخَلوة بامرأة تحريم قَطعيّ،

ما قال ما خلا "مؤمن"، أو ما قال ما خلا "كافر" بامرأة، لا كافر، ولا منافق، ولا مؤمن، ولا تقي، ولا فاسق..

قال عليه الصلاة والسلام: (لا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ .. فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا.. وَمَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ )

 

ولو عندك نفس طويل وترى حالات الفُجر والفُسوق من أين بدأت؟

تراها من الخلوة، أنت حينما تمتنع عن الخلوة بامرأة أنت امتنعت عن أخطر شيء يهدد علاقتك بالله عز وجل.

 

***

قصص من واقعنا!

 

***

 

اليوم التالي .. أخذ عُمر بلالْ في جولة لقريتهم في الجنوب..

وأثناء سيرهم.. قال عُمر.. بلالْ حدثني عن القصص التي قلت ستخبرني عنها أمس.

فجلس بلالْ فوق التلّة وقال .. اجلس إذًا :)

 

يُحكى أن شابًا مغربيًا سافر إلى أمريكا، وفي يوم من الأيام قدر له أن يجتمع بفتاة جميلة في إحدى مصاعد الأبراج العالية!

إلّا أن الشاب لم يرفع رأسه لينظر إلى هذه الجميلة، والتي كانت طول الوقت خائفة من هذا الذي ركّز نظره في الأرض دون أن يغويه جمالها!

و(يغويه الشيطان لفعل ما يخل بإيمانه ودينه) فما إن وطئت أقدامهم باحة البرج ومَرّ ذاهبًا حتى نادته قائلة: ألم يعجبك جمالي!!؟

فقال لها وهو غاض بصره: لم أر جمالك ليعجبني أو لا يعجبني!! فأنا مُسلم أمرني ربي بغض البصر.

فقالت من ربك هذا فقال: الله.. قالت أي ديانة تعتنقها، قال: الإسلام..

فقالت ما أجمل هذا الدين الذي ينهاك عن إيذاء الغير حتى بالنظر!

قالت وهي مُندهشة من أخلاقه وسمته.. هل تتزوجني؟

قال أنا مسلم ولا يجوز لي أن أتزوج امرأة على غير ديني.

قالت فإن دخلت دينك، قال: نعم، فأسلمت، وتزوج بها، وأعطته جميع ما تملك.

وكانت من أسرة ثرية جدًا فاصبح بغضِّ بصره مليارديرًا!

وصدق الله العظيم القائل ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾

 

وقصّتنا الأخرى عن أجمل جميلات نيوزلندا!!

كانت إحدى ملكات جمال نيوزيلندا يهفو إليها الجمهور الكبير في داخل بلدها وخارجه، لينعموا بنظرة إلى جمالها!

ولكن كان هناك شاب مسلم من جنسية آسيوية يعمل في محطة بنزين قريب من بيتها..

وكلما جاءت الملكة لمحطة البنزين لتزود سيارتها بالبترول غضّ الشاب بصره وملأ ما تحتاجه وأخذ الثمن.

مما جعل الملكة تمتلئ غيظًا وحنقا عليه، فهو لا يبالي بها وهي التي فتنت الجماهير في العالم!!

 

ولم يطل صبرها ففي يوم من الأيام نزلت من سيارتها لتصب جام غضبها على الشاب الذي قهرها بامتثاله لربّه!

فسألته من أنت؟ ومن أين أنت؟ هل أنت بشر أم جماد؟ وما ديانتك؟ لماذا تقهرني بعدم الالتفات إليَّ والنظر في جمالي ومحاسني!؟

فأخبرها بأنه مُسلم، وأن دينه يحرم عليه إطلاق بصره في غير ما ضرورة.

فأسلمت على يديه، وقالت لابُد أن تكون زوجًا لا أرضى بغير ذلك، فتزوجها وحسن إسلامها.

 

 

 

فأخذ عُمر يُشدو بهذه الأبيات فرحة بسماع هذه القصص.

 

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا *** تقل خلوت ولكن قل على رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أن ما يخفى عليه يغيب

 

:)

 

وقصتنا الأخيرة.. قرأتها يا عُمر تحت عنوان :

[واكتشفتُ أنّ زوجي يُشاهد أفلامًا إيباحيّة، فماذا فَعلتُ؟] !!

 

تقول الأخت صاحبة المشكلة:

تزوّجنا عن حُبّ، هو رجلٌ جميل في كلّ شيء،

وأنا أُحسَد عليهِ من كُلّ الناس!

ولكن، مُنذ بداية زواجنا، كان ثمّة خلل في علاقتنا!

فتحت حاسُوبه الشّخصيّ، فوجدتُ روابط لأفلام ومواقع،

وجميعها من هذا الصنف!! (تقصد الأفلام الإباحيّة)

لن أستطيع وصف صَدمتي لكم..

الرجُل المُحترم المُتعلّم المُنفتح.. هكذا يفعل.. وأنا زوجته!؟

 

كنتُ قادرة في هذه اللحظة، أن أشعل فيه النيران بحقّ!

جلستُ أبكي، وأصدم رأسي بحائط الغُرفة، وأنا لا أرى سوى الإنفصال حلّ!

بعد ذلك.. مَرّ شريط حياتنا سويًّا أمام عيني..

صدقًا كنتُ وكأنّي أموت، مر بخاطري شريط حياتنا معًا..

كيف وقف بجانبي في كل شيء..

كيفَ هو حنونٌ معي..

كيفَ هو كريمٌ معي، ومع أهلي..

كيفَ هو أب ليس له مثيل..

كيفَ يتركني لأنام ويجلس هو بأطفالنا، حتّى أستريح..

 

نحنُ في مجال واحد، ولقد تقدمتُ عليه..

وربّي، كُل من يراه يحسبه هو من نجح من شدة فرحته بي، رُغم أننا نتنافس..

كلما سأله أحد يقول: حين يكبر أطفالنا، سترون من تكون، هذه لا يوجد منها إثنين!

وغير هذا، الكثير من الأشياء والمواقف التي لا تُقدّر بثمن.. مَرّت أمام عينَيَّ..

وشعرتُ فجأة، أنهُ ابني، وليس زوجي!

وأنني لن أستطيع التخلّي عنهُ.. لن أستطيع!

وأكمّلتُ بحثي، واكتشفتُ أنّه تقريبًا كل يوم يُشاهد هذه الأفلام.

 

يومها.. استيقظ وأنا أبكي، سألني، ماذا بكِ يا حبيبي!؟

قلت له.. لا شيء.. ولكن شعرتُ بوجع في قلبي ..

ثُمّ أخذني لحُضنه كعادته..

نظرتُ في عينيه وقلت له:

أنت حبيبي، وأنت صاحبي، وكل عائلتي..

إن لم أفعل كلّ شيء من أجل أن نكون في راحة وهناء، فلمن أعمل!؟

 

أخبرته بهذا الكلام، وأنا قبلها بساعة، كنت مجروحة موجوعة مما رأيت..

وأكاد أموت من حالنا التعيس، ونحنُ من المُفترض نتبادل حُبنا..

هو لم يفهم لِمَ أتكلّم هكذا!

ولكن أخذ يبكي مَعي..

وأنا لم أخبره بأيّ شيء رأيته هذا الوقت..

ولا بعده.. ولن أخبره..

 

قرأت عن الموضوع، وفهمت أكثر..

وسأختصر لكم المعلومات:

 

أولًا:

الأفلام "من هذا النوع" تَرفع مُستوى الإثارة البَصري والسّمعي، وتَعدِم اللّمسي الجَسَديّ.

يعني.. طريقة تأثير الزّوجة، غير تأثير الأفلام، غير أن الزوجة

من المستحيل أن تكون شبيهة لبنات الأفلام التي تظهر هكذا لأنها "مُعَدّلة"!

 

ثانيًا:

مهما كان الوازع الدّيني قَويّ، إن لم يرتفع الوازع الشّخصي، فغالبًا، المُشكلة هذه ستصاحبه دومًا.

إن كانَ يرى هذه الأفلام كُلّ يوم، هذا يُسمّى إدمان.. ويحتاج لعلاج وتَدريب.

وعليه، بدأت أنا بالتّعامُل معه على أنهُ حَبيبي، وليسَ زوجي وفقط!

لا أقول له أيّ كلمة تجرحه.. قويتُ علاقته بأولاده جدًا..

بحيثُ يُصاحبه دومًا شعور الأبوّة -بشكل شخصي-

واعتزازه بهذا الشعور قد يمنعه من أيّ تصرف غير لائق بكونه أب يعتزّ بأبوّته.

وبدأ يتجاوب، ولا يعلم أنّي أعرفُ حقيقته.

 

انتهيتُ من اللوم.. مهما حَدث، لا ألومه أبدًا..

ثمّة حُب وفقط..

لا أسأله لم لم تفعل هذا ... وما شابه هذا النوع من العتاب..

توقفتُ تمامًا عن كلمة "أنتَ لا تُحبني" ولا كلمة..

وإذا تضايقتُ جدًأ وشعرتُ بالاختناق، أدخل للحمام، وأبقى فيه إلى أن أهدأ.

توقفتُ عن انتظار أيّ شيء.. أنا من أُقدّم وأعطي بكُل حال..

والنتيجة الآن:

 

خمس شُهور، لم يُشاهد شيء من هذه الأفلام أبدًا!

 

هو حنون وكريم، فصار أكثر وأكثر..

وانتبه لنُقطة أني لا ألومهُ، وأسكت، فصار يُحاول ارضائي أكثر..

وأنا أرضى بسُرعة.. وصار لا ينتابني شعور عدم رضا أو حزن منه أبدًا..

وأتذكر إن حزنتُ شريط حياتنا وإحساسي وقتها.. وأنه ابني!

هو، عَلّى مُستوى مجاله العملي -ما شاء الله-، وعاد أجمل من مستواه الأوّل..

بهمّة عالية، وصار ذهنه صافيًا دائمًا..

مُستعد للعطاء..

 

طبعًا أنا ما زلتُ مُستمرّة بأسلوبي، وتعوّدتُ على ذلك..

وأيضًا لن تستطيعوا معرفة قدر فَرحتي وأنا أرى ثمرة جهدي..

من كونه يرى كُلّ يوم هذه الأفلام.. إلى مرحلة أنهُ لم يراها قطّ طيلة خمس شهور! :")

أنا لم أفرِض عليه أيّ حظر، بالعكس أعطيتهُ مساحة أكثر!

 

هو يقرأ كثيرًا، فأصبح وقته كُله قراءة، وربي يُبارك لنا..

على الحاسوب، الحمدُ لله.. لا أجد أيّ شيء مما مضى..

 

----------

يا ألله !! أتت هذه الأبيات في خاطري وأنتَ تحكي القصّة يا بلالْ:

 

كُل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النّار من مُستصغر الشَرَر

كم نَظـرةٍ فتكت فى قلب صاحبها *** فتك السّهام بلا قوسٍ ولا وَتَـرٍ

والمرء مادام ذا عين يُقلّبهـا *** فى أعين الغِـيـد موقوفٌ على الخَطرِ

يسرّ مُقلته ما ضرّ مُهجتـه *** لا مَرحبًا بسُرورٍ عاد بالضَـَرر

***

 

وسائل عمليّة

 

***

 

أوتدري عُمر ...

بقي لنا الآن أن نذكر نقاط أخيرة غاااية في الأهميّة..

وهي خطوات عمليّة من يتبعها بصدق ويقين يفلح وينجو ويجني ثمار فرح كثيرة بإذن الله.

 

الخطوة الأولى: حاسب نفسك!

 

لابد من وقفة مع النفس يقفها المرء فينظر لأحواله ويسأل نفسه:

أتُحبين الله؟ فلم تعصينه؟ وكيف تتلذذين بأمر يغضب الله؟

أتحبين الشيطان؟ إذن لم تطيعينه طاعة عمياء؟ لم أضعت تلك الساعات في كسب الذنوب؟!

ماذا لو مت وأنت تعصي الله؟ أتلك هي الخاتمة التي تتمناها؟

أتضحي بما أعده الله لك من النعيم الأبدي مقابل لذة مؤقتة يتبعها ندم قاتل؟

أتضحي بالحور العين مقابل تلك القاذورات؟!!

بل ربما تكون تلك التي تنظر إليها وتتلذذ بها ميته ! فكيف تتلذذ بجيفة ؟؟

هل أنت ضعيف لهذه الدرجة؟ هل تشعر فعلا بالسعادة وأنت تعصي الله؟ أين قوة إرادتك؟

الشيطان يتباها بقدرته على إغوائك فهل ترضى أن تكون إضحوكة للشياطين؟

أجب؟؟ استمع لشريط " النفس ذلك الجبل الوعر " للشيخ / محمد حسين يعقوب –

وشريط " محاسبة النفس " للشيخ / عبد الرحمن العابد .

 

ــ

 

الخطوة الثانية: أعلن التوبة النصوح.

 

أعلن التوبة فورًا دون تردد أو تسويف لعلك تموت على تلك التوبة {والتائب من الذنب كمن لا ذنب له}

ثم اقرأ هذا الحديث الصحيح يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لله أشد فرحًا بتوبة عده المؤمن، من رجل في أرض دوية مهلكة، معه راحلته عليها طعامه وشرابه.

فنام فاستيقظ وقد ذهبت. فطلبها حتى أدركه العطش. ثم قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت. فوضع رأسه على ساعده ليموت.

فاستيقظ و عنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه. فالله أشد فرحًا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده " (رواه مُسلم) .

 

هل تصورت هذا الفضل؟ الله الغني عن عبادتك و عن عبادة الخلق الله الذي لم تنقص من ملكه معاصيك يفرح بتوبتك؟؟ فأي دافع أكبر من هذا؟؟

الآن هل أنت مستعد للدخول في حرب مع نفسك والشيطان؟ هل تملك الشجاعة لترويض نفسك فتقودها بدلًا من أن تقودك هي؟

هل ترغب في الشعور بسعادة حقيقية؟ ألا تريد أن تتلذذ بطاعة الله؟ .. إذن قم باتباع الآتي على مدار الأسبوع:

اليوم الأول : أغلق مداخل الشيطان.

 

• استمع لشريط " مداخل الشيطان " للشيخ/ عبد الله الجعيثن،

لتتعرف على مداخل الشيطان فتغلقها للأبد .

 

• قم بالتخلص من جميع المحرمات و عناوين المواقع الإباحية وما يتعلق بها من أمور،

وابتعد عن رفاق السوء وأماكن المنكرات واستشعر فرح الله بتوبتك ثم اكتب : "إن الله يراك"

بخط أحمر على ورقة صغيرة والصقها أعلى الشاشة و ضع مصحفًا بالقرب من الشاشة،

فيكونان كتذكرة لك كلما هممت بالدخول لتلك المواقع، وليس بالضرورة أن تكتب تلك العبارة فقط،

بل هناك آيات وأحاديث وعبارات كثيرة يمكنك كتابتها للتنبيه فاختر أكثرها تأثيرًا عليك.

• إستمع لشريط " دمعة تائب " للشيخ / د إبراهيم الدويش و كذلك سلسلة "طريق التوبة"

للشيخ / محمد حسين يعقوب( على سبيل المثال لا الحصر)

 

• قم في الثلث الأخير من الليل ثم توضأ وخُذ سجادتك واصعد إلى سطح منزلك،

أطلق نظرك في السماء وتأمل خلق الله واستشعر عظمة من كنت تعصي وحجمك بالنسبة لخلق الله ..

صل حسب إستطاعتك وادع الله بأن يمددك بجند من عنده يعينوك في حربك مع الشيطان وادعه بأن يسخر جوارحك لطاعته

وأن لا يدع للشيطان بابًا يدخل منه إلى نفسك.

 

• حافظ على قراءة الأذكار فإنها درعك الواقي ،

وكلما هممت بالنظر للمحرمات توضأ وصل ثم استبدلها بقراءة القرآن وتدبر الآيات ،

و ابتعد عن الوحدة حتى لا يستفرد بك الشيطان .

اليوم الثاني : تعرف على الموت وجهنّم!

 

• استمع لشريط " الأماني والمنون " للشيخ/ د. إبراهيم الدويش .

ابدأ بقراءة كتاب " التذكرة في أحوال الموتى والآخرة " للقرطبي .

اذهب للمقبرة صل على الجنازة واتبعها واشهد دفنها وتخيل .. تفكر .. تدبر .. اتعظ ..

واحمد الله فأنت لا زلت حيًا فلا تضع دقيقة واحدة في معصية الله .

ابحث في الكتب والأشرطة عن عذاب القبر وأهوال القيامة وعذاب أهل النار لتعرف ما كان ينتظرك لو لم تتب.

 

اليوم الثالث: تعرف على الجنّة ونعيمها.

 

• استمع لشريط " وصف الجنة " للشيخ المجاهد / عمر السيف

وهو شريط مُمتع مشوق سيفيدك حتمًا ثم ابحث عن الكتب التي كتبت عن نعيم الجنة

وكذلك الأشرطة فهي كثيرة ولا يسع المجال لذكرها، لتتحمس وتتعرف على ما ستجده بإذن الله

إن حافظت على استقامتك . واقرأ ما كتب عن فوائد غض البصر وستجد ما يثبتك.

 

 

 

اليوم الرابع : استنهض همتك!

 

• استمع لشريط : " علو الهمة " للشيخ / أبو إسحاق الحويني . أو أي درس عن علو الهمم .

• شاهد شريط " جحيم الروس في الشيشان " وتأمل همم هؤلاء المجاهدين الذين يبحثون عن الجنّة

بينما كنت منهمكا في البحث عن ...... !

• استمع لشريط " ما الهم الذي تحمله ؟ " للشيخ / نبيل العوضي وراجع نفسك .

 

اليوم الخامس : التحدي!

 

• اعلم أخي أن ترويض النفس يستلزم تحديها ومخالفتها ويبدأ التحدي بالصّيام وما يتبعه من آداب

كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج،

ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء "( أي قاطع للشهوة ) البخاري.

• ليكن لك في أخر الليل صلاة تخلو بها مع الله.. تحمده وتشكره على نعيمه الذي تعيشه وأن هداك من بعد ضلال ..

تستغفره .. تتوب إليه .. تقرب وتتودد إليه تنكسر و تتذلل تعترف له بندمك على ما فات ..

تتعهد إليه بعدم العودة و ترجوه الثبات .. وأنصحك بقراءة كتاب " كيف تتحمس لقيام الليل .. أكثر من 100 طريقة للتحمس لقيام الليل "

لأبي القعقاع محمد بن صالح آل عبد الله وهو كتاب مُمتع سيعمل على خلق دافع قوي لديك للمحافظة على قيام الليل .

 

اليوم السادس: اكتشف قدراتك.

 

• لقد خلقنا الله و جعل لكل منا قدرات خاصة أو موهبة، فعليك بالبحث عن تلك الموهبة

وكيف تستغلها في طاعة الله وتشغل بها نفسك في وقت الفراغ بدلا من أن تشغلك بالمعاصي

وابدأ بممارسة أي نشاط جسدي أم ذهني كالرياضة أو القراءة أو مجرد التفكر في خلق الله واستشعار عظمته سبحانه.

• ابحث عن الصحبة الصالحة في المسجد أو من خلال الإنخراط بحلقات تحفيظ القرآن ولا تخجل من تكوين صداقات جديدة

فهؤلاء سيوفرون لك البيئة المناسبة للإستمرار بالابتعاد عن مواطن الفساد والإنشغال بالعبادات .

اليوم السابع : اعلان الإنتصار.

 

أخي إن كنت قد اتبعت ما سبق ونفذت تلك المقترحات فستشعر بطعم الإنتصار على نفسك والشيطان

ستشعر بالحرية من عبودية الهوى وحلاوة الإيمان في قلبك فعليك بالإستمرار في قيادة نفسك ولتكن غايتك الفردوس الأعلى ،

احفظ ما تستطيع ان تحفظه من كتاب الله واقرأ في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاصة وسير الصحابة و التابعين عامة ،

واعلم -يا رعاكَ الله- أن الشيطان سيتربص بك فلا تدع له ثغرة يدخل بها إلى نفسك فيفسدها وكن مع الله يكن الله معك .

هذا البرنامج المقترح قابل للزيادة والتمديد حسب قدرات كل شخص ولا يعني بأن الطاعات والعبادات مقصورة على تلك الأيام

بل يجب الإستمرار لتتكون لديك " اللياقة الرُوحية " فلا تستطيع بعدها أن تعود لعبودية الشهوة والشيطان أبدًا، و بالله التوفيق ..

-----------------------

 

حينها نظر عُمر لبلالْ والفرحة تملأ عينيه..

وقال: الحمدُ لله الذي أكرمني صُحبتك. ثبّتنا الله وحقق مراده الجميل منا.

وأعاننا على إصلاح نفوسنا، لنُصلح من حولنا، وهم بالمثل، حتى يتغير مُجتعنا للأفضل بإذن الله.

 

دعا له بلالْ أيضًا وجددا العَهد مع الله بترتيل سورة العصر وهم يتأمّلون آياتها ككلّ مرة.

 

{والعَصرِ .. إنّ الإنسَانَ لفي خُسر .. إلّا الذِينَ آمنُوا .. وَعَمِلوا الصّالِِحَاتِ .. وَتَواصَوا بالحَقّ .. وَتواصَوا بِالصّبر}

 

 

 

 

27 جمادى الآخر, 1435

 

أمل ناجح

 

 

---------------------------------------

 

مصادر ومراجع :

 

 

- خاطرة (يا يُوسُف) رابطها : (رابط خاطرتي في فيس بوك/ وحذفته لأن وجود روابط fb يخالف قواعد المنتدى)

- خاطرة (أتعلمين ...) "حوّلتها لتُناسب المُذكّر" رابطها : (نفس الأمر)

- مقال الشيخ مُحمد راتب النابلسي (غض البصر عبادة الإخلاص) رابطه : (نفس الأمر)

- مقال للدكتور مختار الشنقيطي (رفع الضرر عن غض البصر) رابطه :

(من شبكة الألوكة وحذفت الرابط لنفس الأمر)

- الوسائل العملية من موقع صيد الفوائد/ رابطه: ( )

- بحث فريق واقعي أجمل بغض البصر، منتدى أخوات طريق الإسلام،

رابطه: http://tinyurl.com/laz596t

 

 

_______________________

 

الحمدُ لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..

 

@شامخة بإيماني و@قلب تائب إلى الله

تم تعديل بواسطة أملْ ناجح (مَريَمَة)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

[ بسم الله الرحمن الرحيم ..

قُمتُ ببعض التعديلات الإضافيّة على أوّل جُزء من البحث.. وها هو بشكله الأخير ]

 

** وفي الطريق حَكايا (جُزء أوّل) **

 

 

 

 

- عُمر، أسرع.. بقي 5 دقائق وسينطلق القطار!!

- تريّث يا رجُل.. تعبت حقًا، لا أستطيع.. اجلس هُنا وننتظر القطار القادم،

الأفضل أن نتوضأ ونُصلّي العصر بمسجد الرّضوان، وننتظر بعد ذلك في المحطّة :)

 

جَلس بلالْ على كُرسيّ يُجاور شجرة في محطّة قطار البلدة القديمة.

أخرجَ حاسوبه من حقيبته وقال: اجلس يا عُمر لأقرأ عليكَ موضوع لفتني أثناء بَحث الأمس.

ابتسم عُمر وهو يجلس إلى جواره: أرني يا مولانا.. يبدوا أنَّ مُحاضرة اليوم تَلاعبت بعقلك! :))

قَطّب بلالْ حاجبيه >_< وقال: لا لا هو موضوع مهمّ وقيّم بالفِعل.

ويدور حول أمر تطرّقنا له الأسبوع الماضي سريعًا.

 

- اقرأ بلالْ... لا أسكت الله لك لسانًا ذاكرًا.

- حسنًا يا عُمر .. عنوان المقال .. [يا يُوسُف] !

 

مَدخَل :

 

نعم، أفعلها الآن، مرّة واحدة وَحَسبْ.. نظرة هي، ليس إلّا!!

 

يجلس بأريحيّة تامّة.. يبحث بسلاسة بين مقاطع الفيديو ..

وأخيرًا يصل لبُغيته، ليسمَع هذه الفاتنة..

ولم لا.. لقد سمع أنها جميلة، وجدًا.

وما الضَّير في مشاهدته أغنيّة واحدة لها وحَسبْ.

 

لكن .. ملابسها فاحشة فاضحة.. مُقززة؟ (لام نفسه)

لا بأس.. فوالده واعظ المَسجد لن يراه الآن. (إتبع هوى نفسه)

أمّه مُنهمكة في أعمال البيت، إخوانه كلٌّ في غُرفته،

ثيابه المُنَمّقة ولحيته الكثيفة تُضفيان عليه مظهرًا "مُتدينًا" مَرمُوقًا!

وطالت النّظرة لمقطع كامل، ثُمّ تلاه آخر! الأمر مُمتع إذًا.

وبات لا يكترث لكل هذه المَشاهد المُخجلة التي يَراها بينَ الفينة والأخرى (وَحدَهُ)،

يومٌ وراء يَوم .. طُبع على قلبه، فَمَا عاد يشعر بالحَرج من مُشاهدتها أبدًا.

يَتَنَقّل ببصره دُونَ أن تنتابه هذه الوَخزَة في صَدره حينَ كان يُحاسب قلبه آخر كُلّ ليلة.

تُراهَا أينَ ذهبت !!

 

اعتاد الأمر، كلّما وجد نفسه (وحده) يَسمع ويَرى،

يأكل بعَينَيه ويَسقي قلبه من قِطران مشاهده -المُخزية- المُفضلة.

ثُم هو نَفسه بينَ الأحبّة والرّفاق يَركع ويَسجد .. يَذكُر ويدعوا برَتابة.

"اللهُمّ لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتتنا ... " آمين !

وقد يجري بين الأصدقاء في في شتّى الأعمال الخيرية.

ثُمّ إذا جنّ عليه الليل، يفرح بنَفسه الشّقيّة، ويُنَحّي إيمانهُ وعقله جانبًا،

ويُكمل ما قد كان من خزي وَصغار (وَحدهُ)!

وهكذا ...

 

تَنَاسَى أنّ الله عليه رقيب ..

بل جَعله أهون النّاظرين إليه ..

 

------

 

تمشي كما شَبهها المُصطفى قبل أكثر من 1400 عام.. (كاسية عارية).

ملابس مُخجلة مُقززة، تُنافي فطرة الإنسان السَويّ.

تَميل في الأسواق وتُصدر الضّحكات.. تَنظر لهذا وذاك.

لا تُبالي بمن ينهشونها بعيونهم.. تجلس مع (أصدقائها) (أشباه الذّكور)

يتبادلونَ الأحاديث التّافهات والضّحكات ..

ويعجّ هاتفها بأسماء العشرات منهم.

ثُمّ تأمل أن يرزقها الله بهذا الخَلوق الصالح ..

يُحسن معاملتها ..

يغضّ قلبه قبلَ بَصره عن من سِواها ..

يُرضيها ويُسعدها ..

لا يَميل بطرفه لغيرها ..

هيهات .. هيهات !!

 

----

 

يُطلق بصره هُنا وهناك، يُضاحك هذه وتلك..

يُكيل كلماته المَعسولة لعشرات الغبيّات ..

يجلس مع هذه بدَعوى مُساعدتها ..

يُسلّم على هذه .. ويُربّت على يَد تلك عطفًأ عليها.

ثُمّ يأمل بعد بضع سَنوات ..

أن تكونَ له زَوجته عَفيفة .. حَيية .. تقيّة ..

مَلكة في بيته مُطيعة صالحة طيبة!

قانتةٌ حافظةٌ للغيب .. بما حفظَ الله!

 

هيهات هيهات !!

 

هيهات هيهات لمن أصَرّ على الخطأ وتكبّر ..

اغترّ ولم يُبالي بمحكمة وشِرعَة سَماويّة لا تُحابي أحدًا..

[الطيبونَ للطيّبات .. والخبيثونَ للخبيثات!] ‹1›

 

نعم.. هكذا .. حساب دقيق.. لا اعوجاج فيه.

[يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ، وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ !

وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ، وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا] ‹2›

 

ورُويَ عن ابن رجب أنهُ قال:

خاتمة السُوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد، لايَطَّلع عليها النّاس.

 

وكذا قالَ ابن القيّم :

أجمع العارفون بالله، بأن ذُنوب الخَلواتِ هي أصل الانتكاسات،

وأن عبادات الخَفاء هي أعظم أسباب الثّبات.

 

وقد قال أحد السلف: احذروا النَسَّافات.

قيل: وَما النَسّافات! قال: ذُنوب الخَلوات، تَنسف الحَسنات.

 

-----

 

وفي درس علم شَرعيّ وغيره، لا تتذرّع بشيء،

وإنما تحرص على غضّ بصرها جدًا .

حتّى وإن كانت وحدها، تشاهدهُ عبر شاشتها.

خشية وحرصًا على قلبها ..

أن تُطلق نظرها هُنا وهُناك أو أن تُبرر لنفسها ..

حياءً وخَوفًا من الله ألا تُطيع ما أمرها به من فوق سبع سماوات ..

تُدثر قلبها بذكر باريه، وتُخبره .. حذارِ أن تكون ممن يقولونَ "سَمِعنَا فَعصينا"!

اثبت يا قلبي؛ فالآخرة خيرٌ وأبقى.. إنّما الدُنيا فَناء.

 

ولأجل جهادها هذا؛ يَوم وراء يَوم تَذوق لذّة (التَقوى) لذة حرصها ويقظة قلبها.

فتسمو رُوحها عن هذه الدنيا برُمّتها..

أجل يحدث هذا .. حينَ يسجد قلبها سجدة طُهر لا يقوم منها أبدًا..

حتى يَلقى وجه ربه الكريم.

 

وإن سألتم قلبها، أيحدث هذا!؟

فقط يَتلوا عليكم قَبسٌ من آية واحدة، تُلخص الأمر، بوضوح، دُونَ أيّ تعقيدات.

 

{ ... وَلَكنَّ اللَّهَ (حَبَّبَ) إِلَيْكُمُ (الْإِيمَانَ) وَ(زَيَّنَهُ) فِي قُلُوبِكُمْ ..

وَ(كَرَّهَ) إِلَيْكُمُ (الْكُفْرَ) وَ(الْفُسُوقَ) وَ(الْعِصْيَانَ) أُولَئِكَ هُمُ (الرَّاشِدُونَ)} ‹3›..

 

ارتواء في القلب، ولذّة إيمان حقيقيّة، بَلسَم ينساب ويُسكب بهدوء..

لتعي القلوب مَعنى من تَركَ شيئًا لله، عوّضه الله خيرًا منه ..

وسُبحانه .. نَحنُ من سيجني ثَمرة هذا، رَحمة ومِنّة مِنهُ.

 

وابن القيّم له قول جميل .. يقول:

جعل الله (أهل طاعته) أكرم خلقه عليه، وأهل معصيته أهون خلقه عليه.

وكُلما عمل العبد (طاعة) ارتفع بها درجة، ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الأعلين.

 

-----

 

كُلّما شَعر أن قلبه بدأ يتهاونَ في أمرٍ ما، رَدَّدَ عليه قول رسولنا العظيم،

"اتقوا الشُبهات، فمن اتقى الشُبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"

 

يُتمتم بينَه وبينَ نفسه قول سُليمان التميمي رحمة الله عليه.

إن الرجل ليُصيب الذَّنب في السرّ، فيُصبح وعليه مَذلّتهُ!

"خمول الذكر، واضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه

ومنع اجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر،

وحرمان العلم، ولباس الذلّ واهانة العدو، وضيق الصدر،

والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت،

وطول الهم والغم."

 

كُلّ صُبح ومساء يَرفع أكفّ الدعاء مناجيًا ربّه :

"اللهُمّ ارزقني لسانًا طاهرًا، ذاكرًا، تائبًا، مُرتلًا لآيات كتابك، زاهدًا في الغيبة،

تائبًا عن النّميمة ،ناصحًا لوجهك الكريم، مُتعففًا عن الفاحش من القول،

وعن كل ما لا يُرضيك، يغرف من قلب مخلص حِصنه اليَقين،

اللهُمّ حَصّن فرجي، وطَهّر قلبي واغفر ذَنبي"

 

أتُراه [عزّ وجَل] يُضيّع هؤلاء، ولا يجزي الإحسانَ بالإحسان!؟

كلّا. فبرحمته وفضله لا يُضيّعهم، ومنهاجهم

{وَالعَصرِ، إنَّ الإنسانَ لفي خُسرٍ! إلّا الذينَ (آمنوا)

وَ(عَمِلوا الصّالِحاتِ)، و(تَواصَوا بالحَقِّ)، و(تَواصوا بالصّبرِ)} ‹4› ...

 

لا يُضيّعهم وبينَ صدورهم..

 

{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ،

وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ،

أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ !} ‹5› ...

 

إذًا، من كانَ يعلم في قلبه شيء يخاف أن يطّلع عليه النّاس،

فليعلم أنّ الله مالك المُلك، يَسمع ويَرى .. لا تَخفى عليه خافية،

 

يقول ابن القيّم :

كتبوا إلى عمر بن الخطاب

يسألونه عن مسألةٍ أيهما أفضل:

رجل لم تخطر له الشهوات ولم تمر بباله

أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله؟

فكتب عمر:

أن الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عز وجل من { الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } ‹6›...

 

ألا تَرى أن من مشى إلى مَحبوبه على الجَمر والشّوكِ،أعظم مِمَّن مَشى إليه رَاكبًا.

 

-----

 

[يا يُوسُف هذا العصر.. استَعصم!] ‹7›...

[إياك أن تكون عدوًّا لإبليس في العلانية، صديقًا له في السرّ] ‹8› ...

 

مخرج :

 

كأنَّا إن تَلَونا الذِّكرَ نَحلٌ ؛ فمنا الشَّهدُ بالقُرآن سالا

قرأنا الكَهفَ فازدَدنا يَقينًا ؛ بأنّ لِغُربةِ الدّينِ الجَلالا

وبالرّحمنِ قُمنَا فاشتعلنا ؛ بنَارِ الشّوقِ للحُورِ اشتِعالا

 

وفي الأنفالِ رَتّلنا [أعِدّوا] ؛ وعزّ في ذَرَى بدرٍ تَعالا

كتاب الله مُؤنسنا بعصر ؛ تجرّعنا بكفيهِ الوَبالا

إذا ازدَحمَت مَواجعُنا وسالت ؛ مبادئنا مع الوَحل ابتذالا

 

ففي القُرآن ما يُحيي نُفوسًا ؛ غَفَت في مَفرش اللهو اتكالًا

يقول المُبطلونَ كفاك وهمًا ؛ تعال لمُتعة الدُنيا تعالا

وما عَلِموا بأنّي في طَريقي ؛ أسيرُ بموكبِ النُّورِ إعتدالا

 

قد استأنستُ بالقرآن حتّى ؛ رأيتُ سواهُ يُلبسني خَبَالا

من استغنى وفي كَفّيه بَدرٌ ؛ أيطلبُ في دُجى الليل الهلالا

أرى فتنًا كقطعِ الليلِ تُعمي ؛ قلوبَ السّائرين لها ضَلالا

 

سأحمي النّفسَ من داعي هواها ؛ تقولُ: نَعم، نَعم فأقول: لَا، لَا

سألجِمُها وأحكمها بعصرٍ ؛ تطاولَ بالمَفاتِنِ واستَطالا

سألبسُ من كتابِ اللهِ دِرعًا ؛ إذا فِتن الزّمانُ غَدَت نِبالا

وأوقِدُ من مَشاعلهِ طَريقي ؛ إذا امتد الظّلام به وَطالا

 

----

 

أخذ يُقلّب في حقيبته وأخرج دفترًا وقال :

أوتدري يا بلالْ بم ذكّرني مقال (يا يُوسُف) هذا؟

خاطرة كنتُ قد كتبتها لكَ مُنذ أيام في دفتر المحاضرات هذا..

لحظة أقرأها عليك..

 

"أتعلم بلالْ..

أنني غالب الأحيان لا أدري كيف أخبركَ بما أريد!

أصمت وأخالكَ كلّ مرة تفهم مقصدي تمامًا، وكأنّها القلوب لا تسعها حروفنا الثمانية والعشرين

فتتحدث بما شاء الله لها من وَصل..

 

لربما يحسبونني أُحسِن صياغة الجمل و و و ... ولكن كل ذلك عبث!

شيء ما يأتيني.. أبثه سواء هنا أو في دفتري... وأمضي.

يبدو أني بحال للآن لا أدري ما هيّته!

أسعيد أنا .. أم حزين .. صدقًا لم أعد أدري إن كنت خائف أو مطمئن؟

أراضٍ عنّي الله، أم أمضي بعبثي ونفسي الشقية حتى أُقبَض؟

أحقًا واعٍ بما يكفي بأنّ بُغيتنا ليست الفناء.. وإنما أن نُزهر في هذه الدنيا..

مُبتغين وجه الله وحده تقرّبًا إليه؟

أواعٍ بما يكفي كيف أنني نفخة من روح الله!

هل أستوعب معنى هذا وأنا أعصيه؛ فتنحط رُوحي لحمأ مسنون في أسفل سافلين!

أأجلِدُ نفسي أنا، أم أنني أصلًا ما ردعتها قطّ، حتّى أصابها ما أصابها من عفن الرّكون،

لكل ما هو سيء ويزينه لي الشيطان؟

صدقًا لا أحبني في هذه الأوقات..

لا أحب بث الحزن والألم.. وإن كنت أفعل رُغمًا عني..

كُل مرة أفتح.. ولا أدري ماذا أكتب لك..

كُل مرة أصلًا حينَ أتحدث إليك وأجد منكَ كل هذا الجمال الذي لن أستطيع وصفه..

تخنقني عبرتي كما الآن..

لا أملك سوى أن أتسائل بحسرة..

الله كريم معي؛ فوق ما يتخيل كل البشر..

يكفي أن مثلكَ يكون صديقًا لمثلي أنا..

كيف أنا بعد كل هذا ما زلت أنا..

ما زالت نفسي هي هذه التي أبكي منها، وأتوسل لله أن يهديها ولو رُغمًا عنها!

فقد أوشكت أن ترديني أسفل سافلين.. إلّا أن يتغمدني برحمته.

 

ماذا أقول..

ستكون نفسي بخير كثير بإذن الله!

لا تتخلّى أبدًا وإن اختلفتم كُل الاختلاف..

خذ بيدها ولا تتركها أبدًا إن لمحت منها ما لا يُرضي الله..

انصحها بلُطف وقول حَسَن، أو انهرها وعنّفها..

لا تيأس إن لم تستجب..

وتذكر عُمر بن الخطاب رضوان الله عليه، أين كان، وكيف صار..

 

يكفي أنه في يوم لا يعلمه إلا الله..

سيفر المرء من أمه وأخيه وصاحبته وبنية!!

لا إله إلا الله..

 

أعاننا الله على حُسن التواصي بالصبر والحق دومًا"

 

***

 

رَكب عُمر وبلالْ القطار..

أسند بلالْ رأسه للخلف وأغمض عينيه قليلًا ثُمّ عدّل جلسته ونظر لعُمر قائلًا:

 

أتدري يا عمر الأسباب التي أدّت لحالنا هذا.. شبابنا في الجامعات..

مُعظم الزملاء هُنا وهناك .. وإن تحدّثت حسبوكَ أنت مُتخلّف مُتشدد لا تفهم شيئًا!!

 

وكما ترى أغلب شوارعنا مليئة بشباب المقاهي وما يشاهدون ..

الأفلام التي ولا بُدّ بعد دقائق معدودات تعجّ بالعُريّ وكل قول فاضح.

 

سأحكي لكَ ما يحضرني حاليًا من أسباب ما نحن فيه يا حبيب:

 

يُقبل الأغلبيّة بدعـــوى التسلية.. نعم التسلية!

وعدم وجود شيء بديل.. (وهو مُجرد تبرير أقبح من الذنب)

 

الإعلام وما يبثّه حاليًا.. تركيزه العميق بشكل أو بآخر في تدمير عقيدة الإنسان السّوي..

جعل كل الفئات وحتّى الأطفال لا تُفكّر في شيء سوى اشباع غريزتها وكأنه الأنعام بل أضلّ ..

نومة وأكلة وشربة وبحث عن اللذة وحسب في أيّ مكان بأيّ شكل دون ضوابط.

إعلام يُدمّر فِكر الناس ولا يضرّه ذلك في شيء المهمّ فائدته هو وراء ذلك

 

.

أخلق مُجتمع تافه لا يفكر لا يُنتج لا يعمل..

 

شباب يتسكّعون وفقط لا يعلمون أصلًا هدفهم في الحياة. يستهلكون وحسب.

 

كذلك الفراغ القاتل يا عُمر يلعب دورًا كبيرًا ..

والفراغ لا يكون خارجيًا وحسب ..

 

كذلك الاحساس بإشباع رغبة مُعيّنة في داخله، وهذا يعود للفراغ الدّاخلي..

هذا هو أخطر الأسباب لو تدري. يعود أيضًا لضعف الوازع الدّيني..

وكذلك نُقطة هامّة جدًا.. عدم يقظة الضّمير. فإن مات الضّمير فعلى الدُنيا السّلام!

 

تخيّل ضمير ميّت.. كيف تنصحه وتوّعيه وتخبره أنّ ما يفعله خطأ!؟

 

لا بُدّ من إيقاظ روحه وعقله مُسبقًا ليعي..

لا بُدّ من تبصرته وربطه بدينه وعقيدته بشكل مبسط وجدًا حتى يفهم.

 

أمر آخر أتطرّق له سريعًا..

من هم مثلي ومثلك يا عُمر، يجب أن يلتفّوا حولَ هؤلاء النّاس بشكل أو بآخر..

رجل فقير مثلًا.. تقرّب إليه بمساعدته ماديًا..

إن ساعدته ماديًا، ووفّرتَ له عملًا مناسبًا.. سيُحبّك..

إن أحبّك، يثق بك .. ثُمّ يسمع منكَ .. إن سَمع منكَ سيتغيّر فعليًا بسببك ..

وهكذا تُعاد الكرّة منهم هم.. وإن كان الأمر يحتاج إلى نفس طويل جدًا وصبر عظيم ..

لكنّه سيأتي بثمرة بهيّة وإن تأخّر نضجها، لا يجب أن نيأس أبدًا! فلا مجال لليأس

أيضًا من ضمن الأسباب.. عدم المُراقبة السّليمة الواعية من الأهـل.

 

 

سكت بلالْ قليلًا .. فأردف عُمر:

 

بالإضافة يا بلالْ إلى وقوع كثير من الناس في شَرَك هذه المواقع المُدمّرة،

بل أصبح بعضهم صرعى الإدمان القاتل لمشاهد العري والفاحشة،

فقط بدافع الفضول واكتشاف المجهول، وبدعوى التّثقيف!!

كمحرري المرأة ومن على شاكلتهم

 

***

 

في غُرفة بسيطة أنيقة، تنم على أن صاحبها مُرتب جدًا كانت جلستهم.

حيثُ سيبقى عُمر مع بلالْ لإنجاز بعض المهام الدراسية وغيرها

بلالْ مشغول بكتابة بعض الأشياء على حاسوبه ليطبعها صباحًا ويوزعها على بقيّة الزّملاء في الجامعة.

وعُمر يُنهي بعض اللوحات على المَرسَم.

 

 

- بلالْ، كيفَ الحال الآن؟

- الحمدُ لله عُمر، تعال استرح..

- تعبت وربّ الكعبة متى نتخرج من هذه الجامعة ! :(

- اصبر ليس لنا سوى الله يُخلصنا ويهوّن علينا ما نحنُ فيه.. ستمّر السنة على خير بإذن الله.

 

- عُمر اذهب واقرأ خُلاصة ما جمعت حول هذه النقطة، وقل رأيك.. فأمامنا الكثير غدًا بإذن الله.

 

- حاضر حااااضر ...

تباركَ الله تباااارك الله جميلٌ، جميل جدًا! "))

- عُمر!! >< كيف قرأت بهذه السُرعة !؟

- عن أيّ قراءة تتحدّث.. أنا أتأمّل في هذا!! :))

- حسنًا حسنًا تناول ما تشاء في صمت..

مُنذ ساعة نادتني أمّي وتركتُ الطبق هُنا.. ألم تنتبه!؟

- لم انتبه بسبب هذه اللوحة الـ.... لِمَ لم تُنبهني أنتَ .. ها ؟؟ >_-

 

ههههه حسنًا حسنًا سوف أتنازل لكَ عن نصيبي.. لا تفضحنا "))

- إن كان كذلك .. فأنا موافق D: !

أخذ عُمر طبق الحلوى واشتهى أجمل قطعة ووضعها بطبق صغير جوار صديقة بلالْ وطبع على جبينه قبلة.

ابتسم بلالْ ودعا له من قلبه.

 

بين بلالْ وعُمر صداقة لا تُحكى من جمالها.

وِدّ في الله ولله هو .. يُبارك من أهل السّماء بدعوات خالصة في جوف الليل،

لا لدنيا بل لجنة عرضها السّموات والأرض أعدت للمتقين بُغيتهم ( )

 

- تمتَم عُمر قائلًا: أنا أقرأ الآن .. فلتشهدي يا دنيا !! D:

- لا حول ولا قوّة إلا بالله! اقرأ بهدوء حبيبي عُمر، فلديّ أمر سيُسعدكَ جدًا أقصّه عليكَ بعدما تقرأ.

 

 

يُتبع بإذن الله ، .. .. ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@شامخة بإيماني و@قلب تائب إلى الله

 

ما أخبار التنسيق والتصاميم يا حبيبات؟

 

 

سأقوم بذلك الليلة بإذن الليلة

 

مشغولة قليلاً : (

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بإذن الله ... بوركتي يا حبيبة

 

سأحاول أن اعدل الفواصل لأنها لا تاتي في المنتصف

 

وشعار المجموعة أحاول أن أعدله الحركات كما طلبتي بإذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قبل التعديل

 

 

GU74F7.png

 

 

بعد التعديل

 

QbMHnS.png

 

 

كـــــــذا تمام ؟!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أمل ناجح :

تعديل القصة :

يُحكى أن شابًا مغربيًا سافر إلى أمريكا، وفي يوم من الأيام قدر له أن يجتمع بفتاة جميلة في إحدى مصاعد الأبراج العالية!

إلّا أن الشاب لم يرفع رأسه لينظر إلى هذه الجميلة، والتي كانت طول الوقت خائفة من هذا الذي ركّز نظره في الأرض دون أن يغويه جمالها!

و(يغويه الشيطان لفعل ما يخل بإيمانه ودينه) فما إن وطئت أقدامهم باحة البرج ومَرّ ذاهبًا حتى نادته قائلة: ألم يعجبك جمالي!!؟

فقال لها وهو غاض بصره: لم أر جمالك ليعجبني أو لا يعجبني!! فأنا مُسلم لا يسمح لي ديني أن أنظر إليك.

فقالت وما دينك ؟فقال: ديني الإسلام .

فقالت ما أجمل هذا الدين الذي ينهاك عن إيذاء الغير حتى بالنظر!

قالت وهي مُندهشة من أخلاقه وسمته.. هل تتزوجني؟

قال أنا مسلم ولا أرضى أن أتزوج بإمرأة على غير ديني.

قالت فإن دخلت دينك، قال: نعم، فأسلمت، وتزوج بها، وأعطته جميع ما تملك.

وكانت من أسرة ثرية جدًا فاصبح بغضِّ بصره مليارديرًا!

وصدق الله العظيم القائل {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}

وكان سبب تعديلي

كونها سألته : من ربك

أن المرأة ليست ملحدة وإنما هي معتنقة لدين النصارى

وأن الإسلام يجوز للرجل أن يتزوج بإمرأة من أهل الكتاب

هو الذي يريد أن تعتنق الإسلام قبل تزوجه منها

وأيضا أرجوا منكي أن تنسب الأيات الى الله عزوجل وترقمها لكي لا تختلط بالكلام

 

شامخة بإيماني :

أرجو منك تكملة تعديل القصة كما عدلتها

تم تعديل بواسطة قلب تائب إلى الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

 

 

 

 

QbMHnS.png

 

 

 

 

 

 

 

 

 

xcUK9z.png

- عُمر، أسرع.. بقي 5 دقائق وسينطلق القطار!!

- تريّث يا رجُل.. تعبت حقًا، لا أستطيع.. اجلس هُنا وننتظر القطار القادم،

الأفضل أن نتوضأ ونُصلّي العصر بمسجد الرّضوان، وننتظر بعد ذلك في المحطّة :)

جَلس بلالْ على كُرسيّ يُجاور شجرة في محطّة قطار البلدة القديمة.

أخرجَ حاسوبه من حقيبته وقال:اجلس يا عُمر لأقرأ عليكَ موضوع لفتني أثناء بَحث الأمس.

ابتسم عُمر وهو يجلس إلى جواره: أرني يا مولانا.. يبدوا أنَّ مُحاضرة اليوم تَلاعبت بعقلك! :))

قَطّب بلالْ حاجبيه >_< وقال:لا لا هو موضوع مهمّ وقيّم بالفِعل.

ويدور حول أمر تطرّقنا له الأسبوع الماضي سريعًا.

- اقرأ بلالْ... لا أسكت الله لك لسانًا ذاكرًا.

- حسنًا يا عُمر .. عنوان المقال ..[يا يُوسُف]!

 

 

 

 

مَدخَل :

 

نعم، أفعلها الآن، مرّة واحدة وَحَسبْ.. نظرة هي، ليس إلّا!!

يجلس بأريحيّة تامّة.. يبحث بسلاسة بين مقاطع الفيديو ..

وأخيرًا يصل لبُغيته، ليسمَع هذه الفاتنة..

ولم لا.. لقد سمع أنها جميلة، وجدًا.

وما الضَّير في مشاهدته أغنيّة واحدة لها وحَسبْ.

لكن .. ملابسها فاحشة فاضحة.. مُقززة؟(لام نفسه)

لا بأس.. فوالده واعظ المَسجد لن يراه الآن.(إتبع هوى نفسه)

أمّه مُنهمكة في أعمال البيت، إخوانه كلٌّ في غُرفته،

ثيابه المُنَمّقة ولحيته الكثيفة تُضفيان عليه مظهرًا "مُتدينًا" مَرمُوقًا!

وطالت النّظرة لمقطع كامل، ثُمّ تلاه آخر! الأمر مُمتع إذًا.

وبات لا يكترث لكل هذه المَشاهد المُخجلة التي يَراها بينَ الفينة والأخرى(وَحدَهُ)

يومٌ وراء يَوم .. طُبع على قلبه، فَمَا عاد يشعر بالحَرج من مُشاهدتها أبدًا.

يَتَنَقّل ببصره دُونَ أن تنتابه هذه الوَخزَة في صَدره حينَ كان يُحاسب قلبه آخر كُلّ ليلة.

تُراهَا أينَ ذهبت !!

 

 

 

VNuUvN.png

اعتاد الأمر، كلّما وجد نفسه(وحده) يَسمع ويَرى،

يأكل بعَينَيه ويَسقي قلبه من قِطران مشاهده -المُخزية- المُفضلة.

ثُم هو نَفسه بينَ الأحبّة والرّفاق يَركع ويَسجد .. يَذكُر ويدعوا برَتابة.

"اللهُمّ لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتتنا ... " آمين !

وقد يجري بين الأصدقاء في في شتّى الأعمال الخيرية.

ثُمّ إذا جنّ عليه الليل، يفرح بنَفسه الشّقيّة، ويُنَحّي إيمانهُ وعقله جانبًا،

ويُكمل ما قد كان من خزي وَصغار(وَحدهُ)!وهكذا ...

تَنَاسَى أنّ الله عليه رقيب ..

بل جَعله أهون النّاظرين إليه ..

 

 

 

 

 

 

 

تمشي كما شَبهها المُصطفى قبل أكثر من 1400 عام..(كاسية عارية).

ملابس مُخجلة مُقززة، تُنافي فطرة الإنسان السَويّ.

تَميل في الأسواق وتُصدر الضّحكات.. تَنظر لهذا وذاك.

لا تُبالي بمن ينهشونها بعيونهم.. تجلس مع(أصدقائها) (أشباه الذّكور)

يتبادلونَ الأحاديث التّافهات والضّحكات ..

ويعجّ هاتفها بأسماء العشرات منهم.

ثُمّ تأمل أن يرزقها الله بهذا الخَلوق الصالح ..

يُحسن معاملتها ..

يغضّ قلبه قبلَ بَصره عن من سِواها ..

يُرضيها ويُسعدها ..

لا يَميل بطرفه لغيرها ..

هيهات .. هيهات !!

 

يُطلق بصره هُنا وهناك، يُضاحك هذه وتلك..

يُكيل كلماته المَعسولة لعشرات الغبيّات ..

يجلس مع هذه بدَعوى مُساعدتها ..

يُسلّم على هذه .. ويُربّت على يَد تلك عطفًأ عليها.

ثُمّ يأمل بعد بضع سَنوات ..

أن تكونَ له زَوجته عَفيفة .. حَيية .. تقيّة ..

مَلكة في بيته مُطيعة صالحة طيبة!

قانتةٌ حافظةٌ للغيب .. بما حفظَ الله!

هيهات هيهات!!

هيهات هيهات لمن أصَرّ على الخطأ وتكبّر ..

اغترّ ولم يُبالي بمحكمة وشِرعَة سَماويّة لا تُحابي أحدًا..

{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}

<1>

نعم.. هكذا .. حساب دقيق.. لا اعوجاج فيه.

{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}

<2>

ورُويَ عن ابن رجب أنهُ قال:

خاتمة السُوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد، لايَطَّلع عليها النّاس.

وكذا قالَ ابن القيّم :

أجمع العارفون بالله، بأن ذُنوب الخَلواتِ هي أصل الانتكاسات،

وأن عبادات الخَفاء هي أعظم أسباب الثّبات.

وقد قال أحد السلف: احذروا النَسَّافات.

قيل:وَما النَسّافات!قال:ذُنوب الخَلوات، تَنسف الحَسنات.

 

 

 

VNuUvN.png

 

 

وفي درس علم شَرعيّ وغيره، لا تتذرّع بشيء،

وإنما تحرص على غضّ بصرها جدًا .

حتّى وإن كانت وحدها، تشاهدهُ عبر شاشتها.

خشية وحرصًا على قلبها ..

أن تُطلق نظرها هُنا وهُناك أو أن تُبرر لنفسها ..

حياءً وخَوفًا من الله ألا تُطيع ما أمرها به من فوق سبع سماوات ..

تُدثر قلبها بذكر باريه، وتُخبره .. حذارِ أن تكون ممن يقولونَ"سَمِعنَا فَعصينا"!

اثبت يا قلبي؛ فالآخرة خيرٌ وأبقى.. إنّما الدُنيا فَناء.

ولأجل جهادها هذا؛ يَوم وراء يَوم تَذوق لذّة(التَقوى)

لذة حرصها ويقظة قلبها.

فتسمو رُوحها عن هذه الدنيا برُمّتها..

أجل يحدث هذا .. حينَ يسجد قلبها سجدة طُهر لا يقوم منها أبدًا..

حتى يَلقى وجه ربه الكريم.

وإن سألتم قلبها، أيحدث هذا!؟

فقط يَتلوا عليكم قَبسٌ من آية واحدة، تُلخص الأمر، بوضوح، دُونَ أيّ تعقيدات.

{ ... وَلَكنَّ اللَّهَ (حَبَّبَ) إِلَيْكُمُ (الْإِيمَانَ) وَ(زَيَّنَهُ) فِي قُلُوبِكُمْ ..

وَ(كَرَّهَ) إِلَيْكُمُ (الْكُفْرَ) وَ(الْفُسُوقَ) وَ(الْعِصْيَانَ) أُولَئِكَ هُمُ (الرَّاشِدُونَ)}

‹3›..

ارتواء في القلب، ولذّة إيمان حقيقيّة، بَلسَم ينساب ويُسكب بهدوء..

لتعي القلوب مَعنى من تَركَ شيئًا لله، عوّضه الله خيرًا منه ..

وسُبحانه .. نَحنُ من سيجني ثَمرة هذا، رَحمة ومِنّة مِنهُ.

وابن القيّم له قول جميل .. يقول:

جعل الله(أهل طاعته) أكرم خلقه عليه، وأهل معصيته أهون خلقه عليه.

وكُلما عمل العبد(طاعة) ارتفع بها درجة، ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الأعلين.

كُلّما شَعر أن قلبه بدأ يتهاونَ في أمرٍ ما، رَدَّدَ عليه قول رسولنا العظيم،

"اتقوا الشُبهات، فمن اتقى الشُبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"

يُتمتم بينَه وبينَ نفسه قول سُليمان التميمي رحمة الله عليه.

إن الرجل ليُصيب الذَّنب في السرّ، فيُصبح وعليه مَذلّتهُ!

"خمول الذكر، واضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه

ومنع اجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر،

وحرمان العلم، ولباس الذلّ واهانة العدو، وضيق الصدر،

والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت،

وطول الهم والغم."

كُلّ صُبح ومساء يَرفع أكفّ الدعاء مناجيًا ربّه :

"اللهُمّ ارزقني لسانًا طاهرًا، ذاكرًا، تائبًا، مُرتلًا لآيات كتابك، زاهدًا في الغيبة،

تائبًا عن النّميمة ،ناصحًا لوجهك الكريم، مُتعففًا عن الفاحش من القول،

وعن كل ما لا يُرضيك، يغرف من قلب مخلص حِصنه اليَقين،

اللهُمّ حَصّن فرجي، وطَهّر قلبي واغفر ذَنبي"

أتُراه [عزّ وجَل] يُضيّع هؤلاء، ولا يجزي الإحسانَ بالإحسان!؟

كلّا. فبرحمته وفضله لا يُضيّعهم، ومنهاجهم

{وَالعَصرِ، إنَّ الإنسانَ لفي خُسرٍ! إلّا الذينَ (آمنوا)

وَ(عَمِلوا الصّالِحاتِ)، و(تَواصَوا بالحَقِّ)، و(تَواصوا بالصّبرِ)}‹4› ...

لا يُضيّعهم وبينَ صدورهم..

{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ،

وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ،

أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ !}‹5› ...

إذًا، من كانَ يعلم في قلبه شيء يخاف أن يطّلع عليه النّاس،

فليعلم أنّ الله مالك المُلك، يَسمع ويَرى .. لا تَخفى عليه خافية،

 

يقول ابن القيّم :

كتبوا إلى عمر بن الخطاب

يسألونه عن مسألةٍ أيهما أفضل:

رجل لم تخطر له الشهوات ولم تمر بباله

أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله؟

فكتب عمر:

أن الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عز وجل من

{ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ }‹6›...

ألا تَرى أن من مشى إلى مَحبوبه على الجَمر والشّوكِ،أعظم مِمَّن مَشى إليه رَاكبًا.

[يا يُوسُف هذا العصر.. استَعصم!]‹7›...

[إياك أن تكون عدوًّا لإبليس في العلانية، صديقًا له في السرّ]‹8› ...

 

 

 

 

 

مخرج :

 

كأنَّا إن تَلَونا الذِّكرَ نَحلٌ ؛ فمنا الشَّهدُ بالقُرآن سالا

قرأنا الكَهفَ فازدَدنا يَقينًا ؛ بأنّ لِغُربةِ الدّينِ الجَلالا

وبالرّحمنِ قُمنَا فاشتعلنا ؛ بنَارِ الشّوقِ للحُورِ اشتِعالا

 

وفي الأنفالِ رَتّلنا[أعِدّوا]؛ وعزّ في ذَرَى بدرٍ تَعالا

كتاب الله مُؤنسنا بعصر ؛ تجرّعنا بكفيهِ الوَبالا

إذا ازدَحمَت مَواجعُنا وسالت ؛ مبادئنا مع الوَحل ابتذالا

 

ففي القُرآن ما يُحيي نُفوسًا ؛ غَفَت في مَفرش اللهو اتكالًا

يقول المُبطلونَ كفاك وهمًا ؛ تعال لمُتعة الدُنيا تعالا

وما عَلِموا بأنّي في طَريقي ؛ أسيرُ بموكبِ النُّورِ إعتدالا

 

قد استأنستُ بالقرآن حتّى ؛ رأيتُ سواهُ يُلبسني خَبَالا

من استغنى وفي كَفّيه بَدرٌ ؛ أيطلبُ في دُجى الليل الهلالا

أرى فتنًا كقطعِ الليلِ تُعمي ؛ قلوبَ السّائرين لها ضَلالا

 

سأحمي النّفسَ من داعي هواها ؛ تقولُ: نَعم، نَعم فأقول: لَا، لَا

سألجِمُها وأحكمها بعصرٍ ؛ تطاولَ بالمَفاتِنِ واستَطالا

سألبسُ من كتابِ اللهِ دِرعًا ؛ إذا فِتن الزّمانُ غَدَت نِبالا

وأوقِدُ من مَشاعلهِ طَريقي ؛ إذا امتد الظّلام به وَطالا

 

 

VNuUvN.png

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@@قلب تائب إلى الله

@@أملْ ناجح (مَريَمَة)

 

أكمل التنسيق على هذا النحــو ؟َ!

 

 

أمل يا حبيبة لو جعلنا اسم السورة ورقم الآية مباشرة بعد الآيات ’ ألا يكون ذلك أفضل ؟!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حسنًا شامخة ... أفضل يا غالية .. @

 

أنا فقط كنت أرقّم أرقام صغيرة أمام كل آية، وأذكر ذلك في المراجع،، كما (يا يوسف) ولكن سهوًا لم أنتبه في بقيّة البحث.

أكملي بارك الله فيكِ، وكذلك أذكركِ لو نُغيّر الخطّ؟ كما الخط الذي مكتوب في في توقيعكِ مثلًا أعتقد أفضل.

 

 

الآيات نكتبها هكذا [اسم السورة:رقم الآية] ولا يوجد أيّ فواصل.

 

 

 

 

لا بأس أبدًا @قلب تائب إلى الله

جزاكِ الله خيرًا.. أنا وجدتها نفسها أيضًا بموقع الشيخ الشنقيطي، وهكذا كانت صياغته للقصة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@شامخة بإيماني

 

كنتُ سأقترح ألا نُسمّي التصميم الأوّل باسم الورشة ..

يعني نُسمّيها مثلُأ (وفي الطّريق حَكَايا .. بخطّ واضح وكبير...

وكذلك نضع من الأسفل قليلًأ [بلالْ وعُمر] )

 

 

مثل (واهتز عرش الرّحمن)....

اعتقدتُ سيكون هكذا أجمل ....

مادام أننا سنُعنون اسم البحث في المنتدى مثلًا:

 

(( وفي الطريق حكايا ...... واقعي أجمل بغض البصر )) يعني وهكذا ...

 

لولا أنني ما زلت مبتدئة مع فوتوشوب...

وأي شيء يأخذ معي وقت كبير لكنت بدأت.

لكن .. بإذن الله خير، والتصميم الأول جميل أيضًا. :")

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شامخة حبيبتي كما قالت أمل

 

أرجو منك كتابة الموضوع بالخط المكتوب في توقيعك

 

أعجبني ومن الأفضل تطرحيه بالكتابة في الوسط بالترتيب

 

ولون الخط نغيره يمكن يكون ب3 ألوان ،لون للموضوع ولون

 

للعناوين ولون للآيات يكون أحسن وما أخبار التصاميم

 

ما رأيكن حبيباتي

 

أمل ناجح الحبيبة لا أعلم من أين أتيت بالقصة إعتقدت هي قصتي

 

التي طرحتها عليكن لكن بتعبيرك لكن

 

أردت التوضيح لأني سمعتها من الشيخ كما هي

 

يمكن المرأة التي كتب عنها الشنقيطي ملحدة

 

لكن المرأة الي قصدتها في قصتي الي طرحتها عليكن من

 

أهل الكتاب لأنها أمريكية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

للتو رأيت أرائكن

 

ورأيكن جميل عن التصميم

 

سامحكن الله , لماذا لا تتحدثن من قبل !!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

طيب عدت إلى الصورة نفسها وغيرت الكلمات فقط

 

مارأيكن ؟!

 

هل تفي بالغرض ؟!

 

RI7AFW.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

طيب الخط هو Tradirional Arabic وحجمه 18 وسميك

 

وهذا لون العناوين

 

لون النص تارة أسود وتارة رمادي

 

هذا لون الآيات وترقيم الآيات كما قلتي يا أمل , فعلا بدأت وكتبت السورة والرقم , لكن قلت أخبرك أولا وحذفتها بعد ذلك

 

والتصميم يا أخوات كما ترون 14 بطاقة وعظية

 

وفواصل العنوان وتوابعه ....

 

فقط هذا الموجود : )

 

 

 

خلاص كذا اتفقنا ؟!

 

اللي عندها شي تحكي من الحين , مابقى وقت , الليلة لازم يكتمل الموضوع تماماً

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حين أتت الفكرة ببالي والله قلت مباشرة شامخة حبيبتي ...

 

اللهمُ بارك ... جميل جدًا الآن يا غالية ....

التصميم يفي بالغرض .. بل جميل صدقًأ ..

 

وصار أجمل حين غيرتي الاسم ..

شامخة .. إن كان لديكِ التصميم أكبر بعض الشيء بجودة عالية أعتقد يكون أفضل ..

ليتضح من مجرد أول نظرة وجود اسم أبطال القصة ويعطي بعض التشويق ...

أقصد لو التصميم كله أكبر بعض الشيء ...

 

لكنه جيد إن كنتِ اعتمدتيه .. ولا بأس ..

 

جزاكِ الله الخير كله يا حبيبة :")

سامحينا لا تحزني منّا.

@شامخة بإيماني و@قلب تائب إلى الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قلب تائب الغالية .. أعتقد تقسيم شامخة أفضل من أن نُدرج كل الموضوع بالكتابة في الوسط

 

هي قسّمته بشكل شيّق .. المدخل والمخرج على الجوانب .. وهكذا .. كما فعلتِ شامخة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
زوار
هذا الموضوع مغلق.

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة سُندس واستبرق
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


       

      حياكن الله وبياكن يا حبيبات هنا ستكون ورشة عمل فريق " واقعي أجمل بالستر "



      ستكون عنوان الورشة :


       

      " العُري الفاضح وأسبابه "


       





      عضوات الفريق :


       
       

      @@يحبهم ويحبونه



      @


       
       
      أم زيــــاد
       
       
       




       

      المطلوب من عضوات الورشة البحث في :


       

      - أسباب انتشار العري .



      - الاقناع بالستر .



      - سرد تجربة واقعية عن فتيات كن عاريات فتحشمن .


       





      قواعد الورشة :


       

      - التعاون في البحث .



      - والتنسيق الجميل .


       
       
       




       
       

      سائلين الله لكن التوفيق وفالكن الفوز بإذن الله ()





    • بواسطة سُندس واستبرق
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


       

      حياكن الله وبياكن يا جبيبات هنا ستكون ورشة عمل فريق " واقعي أجمل بلا دخان "



      ستكون عنوان الورشة :


       

      " التدخين أسباب وعلاج "


       





      عضوات الفريق :


       

      @نَّــائِــلَــةُ



      @@خيوط ذهبية


       
      مُقصرة دومًا
       
       
       
       




       

      المطلوب من عضوات الورشة البحث في :


       

      - أسباب انتشار الدخان .



      - علاج التدخين .



      - سرد تجربة واقعية عن الدخان .


       





      قواعد الورشة :


       

      - التعاون في البحث .



      - والتنسيق الجميل .


       
       
       




       
       

      سائلين الله لكن التوفيق وفالكن الفوز بإذن الله ()





    • بواسطة سُندس واستبرق
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



      حياكن الله وبياكن ياغاليات : ))



      هاهي أيام المسابقة أنتهت سريعاً لمسابقة على أعتاب واقعنا .~استمتعنا بإبداعهن : )


       
       
      مُسابَقَة || عَلَى أعتابِ وَاقِعِنا .. حَكـايَا وَصُور
       
       
       
       
       
       
       




       

      وها قد وصلنا للختام



      ختام حكايَا من واقعنا المعاصر



      كان معنا أخوات ذات همة عالية ، وحيوية نشطة


       





      أرجو من أخواتنا التصويت لأجمل مشروع في نظرهن : )



      مع العلم أن كل عضوات الفرق يمنع لهن التصويت لفريقهن



      التي تريد التصويت تصوت لكن لاي فريق عدا فريقها ..


       




       
       
       
      نَـتَـآجْ وَرْشَـة عَمَـلْ { وَآقِـعِـي أجْـمَـلْ بِــلآ دُخَــآنْ }
       
       
       
       
       
       
       
      وفي الطريق حكايا! | حصاد واقِعي أجمل بغضّ البَصر |
       
       
       
       
       
       
      نِـتَاج ورْشَة| وَاقعِي أجْمل بالسّتر
       
       
       
       
       
       
       




       
       

      وفقكن الله






    • بواسطة راماس
      عَلَى أعتَاب وَاقِعنَــا .. حَكَــايَـا وَصُور
       
      وأزْهَرَ اليَاسَمين مُغلِنَا عَن الشَوق وَ الحَنين
      لأمـة كانت جَضارَتَهـا تَفوق الشام والأندَلس وَ جنين .
       
      قال الله عَز وَجل في محْكم آياتِه والتنزيل :
      إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11].


      ويبقى الواقع نعيشه ومنه نستخلص الحكايا والصور



      ومن إبداع أخواتنا الحبيبات إستنتجنا الفوائد والعبر



      وها قد حان وقت التكريم



      بارك الله بكن يا حبيبات على هذا المجهود القيم



      ونسأل الله أن يجعل مجهودكن في ميزان حسناتكن


       




       
       

      استمتعنا بثلاث بحوث قيمة



      الفائزات بالمركز الاول


       
       

      وتقبلن منا هذه الاوسمة


       






      وسام للإدارة






      الفائزات بالمركز الثاني



      وتقبلن منا هذه الاوسمة


       
       
       





       

      الفائزات بالمركز الثالث



      وتقبلن منا هذه الاوسمة





       
       
      سلمت اناملكن يا حبيبات



      كل الشكر للحبيبة



      سندس واستبرق



      على الأوسمة الرائعة كروعتها


       
       
       




    • بواسطة سُندس واستبرق
      بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
      - صلى الله عليه وسلم- :
       
      عَلَى أعتَاب وَاقِعنَــا .. حَكَــايَـا وَصُور
       
      وأزْهَرَ اليَاسَمين مُغلِنَا عَن الشَوق وَ الحَنين
      لأمـة كانت جَضارَتَهـا تَفوق الشام والأندَلس وَ جنين .
       
      قال الله عَز وَجل في محْكم آياتِه والتنزيل :
      إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11] .
       
      وقال َ الحبيب المُصطفى عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم :
      وعظنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومًا بعد صلاةِ الغداةِ موعظةً بليغةً ذرفَتْ منها العيونُ ووجِلتْ منها القلوبُ فقال رجلٌ إنَّ هذه موعظةُ مُودِّعٍ فماذا تعهد إلينا يا رسولَ اللهِ قال أوصيكم بتقوى اللهِ، والسمعِ والطاعةِ وإن عبدٌ حبشيٌّ فإنه من يعشْ منكم يرَ اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ، فإنها ضلالةٌ فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدِين المهديِّين عَضوا عليها بالنواجذِ
      الراوي: العرباض بن سارية المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

      وكما قال صلى الله عليه وسلم :
      بادروا بالأعمالِ فتنًا كقطعِ الليلِ المظلمِ .
      يصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا . أو يمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا .
      يبيعُ دينَه بعرضٍ من الدنيا
      الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - خلاصة حكم المحدث: صحيح

      وَمِن هُنا كانَت مُسابقتنا ، فالأخت المسلمة ترى الكثير في واقعها ، والمشاهد الأليمة والابتعاد عن تعاليم ديننا الحنيف ،
      والركض وراء الشهوات والملذات والماديات والكماليات .
      مما أظهر ذلك البُعد عن الدين ، وسوء الأخلاق ،
      والفساد ، وإجهارٌ للمعاصي ، وحياة عُقبها سواد .
      لذلك علينا التعلم والدراسة عن سبب نشأت تلك الآفات ،
      وأن نتعلم كيفية علاجها إذا كانت قريبة منا أو من أحبتنا
      وذلك اعذارًا لله سبحانه وتعالى ، وأننا قلنا كلمة الحق فيها وعدم الرضى عن حالنا هذا .

       
      شروط المسابقة :
       
      - اختيار موضوع البحث من الاستفتاء الموجود .
      - البحث عن سببه وانتشاره ، وكيفية علاجه .
      - سرد تجارب واقعية حدثت في البحث .
       

       
      اختيار الفرق :
      لكل فريق مكون من ثلاث عضوات يهتتمن بـ :
       
      - جمع المادة المطلوبة .
      - تنسيق البحث بشكل جميل .
      - التعاون .
       

      مدة المُسابقة :
      حتى 29 جمادي الثانية 1435| 29 ابريل 2014

       

      كان معكن في المُسابقة :


       

      راماس & سُندس واستبرق




منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×