اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

المشاركات التي تم ترشيحها

سورة الفجر

 

مقدمه

fadail-dil-hijja.jpg

في حديثنا عن الأيام العشر لا نستطيع إلا أن نقف عند سورة الفجر

(وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ).

هذه السورة المكية العظيمة المكونة من ثلاثين آية العظيمة في معانيها التي ابتدأها الله سبحانه وتعالى بالقسم والله لا يقسم إلا بعظيم بهذه الأوقات والأزمنة (والفجر) والأيام التي ذكر أكثر المفسرين على أنها هي هذه الأيام العشر العشر من ذي الحجة ويوم عرفة ويوم النحر، هذه الأيام العظيمة التي أقسم الله عز وجلّ بها هي ايام عظيمة كان لا بد أن تحرك في نفس العاقل صاحب الحجر أي الإنسان الذي يمنعه عقله ويضبطه عن الوقوع في الغفلة والتهافت فيما لا ينبغي أن يتهافت فيه ويتراكض ويتسارع إليه.

 

هذه الآيات لا بد لها أن توقظ في نفوس البشر الرجوع والعودة لله سبحانه وتعالى

والحقيقة أن محور سورة الفجر التي هي في واقع الأمر

هي حديث عن الأيام العشر هي النفس المطمئنة عودة النفس المطمئنة إلى خالقها.

تلك النفس التي إن لم يتمكن الإنسان من الرقي بها والوصول إليها في الدنيا

لا يمكن أبدًا أن تنتهي رحلة هذه النفس بقوله

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً )

 

العبد لا يعود إلى ربه في الدنيا مطمئنا في الدنيا راضيا مطمئنا قانعا لن تقال له هذه الكلمة في وقت أحوج ما يكون أن تقال له وأن يسمع البشارة بها.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يهمل ولا يهمل

 

tumblr_ov389eVEII1ttsw3no1_1280.jpg

 

هذه السورة العظيمة بدأت منذ البداية بالقسم بالأزمنة ثم انتقلت بعد ذلك للحديث عن أكثر الأقوام منعة وعزة مادية وعطاء من العطاء الرباني من العطاء الذي أعطاهم الله وأغدق عليهم من النعم

(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ *وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ *وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ )

أقوام كانت لهم منعة وفتحت عليهم الأموال والسلطة والجاه ولكنهم ماذا فعلوا بها؟!

 

لأنهم غفلوا عن تلك الآيات والأزمنة والآيات المبثوثة في الكون والنفس طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد

(الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ )

 

وهكذا كل البشر أمم مجتمعات أفراد إن غفل الإنسان عن حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة وأن الآخرة هي الحياة الحقيقية وغفل عن تعاقب الأزمنة فيه وتداور الأيام وصل إلى تلك الحالة من الطغيان والفساد لأنه تنكص ببساطة شديدة عن الغاية التي لأجلها خُلِق ولكنه حتى وإن فعل ذلك فعليه أن يدرك أن الله له بالمرصاد

وإنه يهمل ولا يهمل

(فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ *إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

العطاء ابتلاء

انتقلت الآيات بانسيابية رائعة تتكلم عن حالة الإنسان الغافل التي لا تحركه الآيات الزمنية والكونية والأحداث التاريخية فيعتبر بما حلّ بالأقوام السابقة فينظر نظرة سطحية إلى المال

(فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ )

يعتبرها قضية إكرام له أن تُفتح عليه الدنيا ويُغدق عليه الرزق المادي والمال في حين أن السورة قالت (ابتلاه) العطاء ابتلاء الغنى ابتلاء، أن تفتح عليك الدنيا اختبار امتحان فإياك أن تغفل عن هذه الحقيقية!!

(وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ )

وفي واقع الأمر أن العطاء أو المنع، السعة في المال أو الضيق في الرزق كلاهما اختبار وامتحان، القيمة الحقيقية للمال في كيفية تصرفنا فيه قد يعطيك الله ملايين من الدنانير لكن يغفل الإنسان فإذا به لا ينفق فيها لا يجعل لها حظا من أعمال الخير والنفع لنفسه، لأسرته، لمجتمعه، لا يشعر بالآخرين!

وإنما يوظف ذلك المال في التفاخر والتكاثر وتلبية شهواته ونزواته والإسراف والمغالاة فيها والبطر والطغيان وتجاوز الحدود التي وضعها الله سبحانه وتعالى له.

 

يا ترى ماذا ستكون النتيجة؟!

هذا المال سيكون وبالًا عليه كما حدث مع تلك الأمم، فرعون وغيره لما ذكر الله سبحانه وتعالى على سبيل المثال

(إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ *الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ )

قوة، تقدّم، تحضّر، مدن، نحت جبال وبيوت وقصور فارهة!!

ماذا أغنت عنهم تلك القصور؟!

تركوها خاوية بالأعمال والتصرفات السيئة التي لم يدركوا من خلالها وغفلوا أن هذا المال وذاك العطاء والقوة والمنعة إنما هو امتحان عليك أن تفهم السؤال كي تجيب عنه إجابة حقيقية تنفعك في حياتك الآخرة.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

افضل الأعمال فى العشر الأوائل من ذي الحجة

 

lhqg2il3g2ziwp0bjhs8.jpg

 

 

 

كلنا يتكلم عن الأيام العشر وفضل الأيام العشر وكلنا يستشهد بالحديث:

(ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر فأكثروا فيها من التهليل من التحميد من التسبيح من الصيام من الصدقة من الصلاة)

 

تدبروا قول الله عز وجلّ في هذه السورة

(كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ )

أعظم الأعمال التي تقوم بها في مثل هذه الأيام إكرام اليتيم وتدبروا ما قال تعطي وإنما قال تكرم لأن الإكرام لليتيم والإحسان إليه لا ينحصر في جانب العطاء المادي فقط، العطاء النفسي العطاء المعنوي اليتيم لا يحتاج فقط إلى دراهمك ودنانيرك اليتيم يحتاج إلى حنان يحتاج إلى عطف، إلى محبة، يحتاج إلى أسرة تحتويه وتضمه، يحتاج إلى أب بدل ذلك الأب الذي فقده، يحتاج أمومة يحتاج حنان هذه العواطف هي التي يعبر عنها القرآن أجمل تعبير

(َلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ).

ما قيمة أن تمتلك الملايين ولكنك لم تجرب حلاوة أن تمسح على رأس يتيم ما قيمة تلك الملايين؟!! المال ليس له قيمة في ذاته، قيمته فيما تفعل به وتتصرف فيه!!

 

(وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ)

يحضّ بعضكم البعض، التواصي بالحق التواصي بالصبر قد لا تمتلك الكثير من المال ولكنك تستطيع أن ترسل رسالة تذكّر أحدًأ من الناس بالإطعام، بالشعور، بأن تكون إنسانًا تشعر بغيرك، تشعر بالآخرين من حولك تداوي وتواسي وتخفف من آلآمهم وأوجاعهم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سارع بالتقديم لحياتك الحقيقية

 

 

 

ما قيمة المال حين يأكله الإنسان وتدبروا في الكلمة

(وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا )

ليس تأخذون الميراث فقط، تأكلوه من شدة الحرص عليهّ تدبروا في تلك الحالة الإنسانية التي يصورها القرآن أعظم تصوير!

يتمسك الإنسان بذلك المال تمسكًأ يدفعه إلى أن يأكله أكلًأ وكأنه يأكل أكلا لمّا لا يهمه يخلط حلال مع حرام ولكنه يأكله أكلا لشدة حرصه عليه علمًا بأنه سيتركه

ولذلك قال القرآن مباشرة

(كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا )

جاء بيوم القيامة مباشرة، انتهت الرحلة

ولكن في تلك الرحلة القصيرة مهما طالت لم أتزود بخير زاد:

التقوى

 

(وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا *وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى )

عندها فقط يتذكر الإنسان، المفروض أنه كان يتذكر في الدنيا، المفروض أن الايام العشر التي أطلتنا تذكرنا بالله، تذكرنا بالرحلة تذكرنا بفترة بقائنا القصيرة على هذه الأرض، تدبروا في الآية

(يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى)

ماذا تنفع؟!

 

فات الأوان فات!

فات وقت العمل!

فات وقت التزود بالزاد والمتاع الباقي

فماذا يقول؟

(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي )

أمنية لا قيمة لها لأنه فات أوان تحققها فات أوان تمكنك من أن تجعلها واقعًأ في حياتك.

 

 

(يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي )

أدرك هنا ذلك الإنسان المفرّط أن الحياة الحقيقية هي الآخرة وليست هي هذه الرحلة الفانية الدار الفانية التي إلى زوال سرعان ما تنقضي أخذت منها كثيرًا أو أخذت منها قليلا، لن تأخذ معك إلا ما قدمت

لأن الدنيا هنا هي دار التقديم، الآخرة ليس فيها تقديم، فيها جزاء، ولكن الدنيا هي التي ينبغي أن تقدم لها فسارع بالتقديم لحياتك الحقيقية.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ *وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ )

أكيد، الإنسان الغافل الإنسان الذي لم يتيقظ للحكمة من الحياة، هذا الإنسان ربي عز وجلّ لن يغفل أبدًا عن عذابه، تدبروا في الكلمات كلمات قوية جدًا!!

ولكن هناك صنف من الناس صنف أدرك فعلًأ قيمة الحياة الحقيقية،

قيمة الأيام العشر فبادروا بالصالحات

 

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً *فَادْخُلِي فِي عِبَادِي *وَادْخُلِي جَنَّتِي ).

وتأملوا في هذه الآيات الأيام العشر على عظمة ما فيها من أعمال لا ينبغي أبدًا أن تشتغل بالأعمال والهيئات وأشكالها وصورها عن المقصد والغاية من العمل الصالح ما هو قصدك؟ لماذا تصلي؟ تصوم؟ لماذا تتصدق؟ لماذا تكرم اليتيم؟ لماذا تفعل كل ما تفعله؟

تفعل كل ذلك لأجل أن ترجع إلى ربك تدبروا في الربط: في البداية قال

(وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ )

هذه الأيام العشر هي التي تسهل لك طريق العودة إلى خالقك سبحانه وتعالى كلنا سنعود إليه لا مفر أبدا

(كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)

 

ولكن هناك فرق شاسع بين عودة العبد الآبق العاصي الذي فرط في نفسه وفرط في دنياه وفرط في حياته وآخرته فعاد إلى ربه منكسرًا مقيدًأ بالقيود تسوقه ملائكة العذاب وبين تكل النفس التي تفد على الرحمن وفدا وتستقبلها الملائكة بالبشائر حال مفارقتها الدنيا

(ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً )

الرضا الذي لا يتحقق أبدًا إلا بالاطمئنان الذي يعانيه المؤمن، الاطمئنان الذي ستخلفه علينا هذه الأيام العشر إذا ما أحسنا التعامل معها وفيها، الاطمئنان الذي بمعنى السكون بعد الانزعاج، طمأنينتك بما قسم الله لك، اطمئن واقنع بما قسمه الله لك ليس من باب التخاذل أو الكسل وإنما من باب إدراك حقائق الأشياء لا تجزع، اصبر، إن ضيق عليك في رزقك فاصبر، اعمل العمل بالجوارح والاطمئنان بالقلب والسكينة في النفس. اِرض، لأن الرضى بالنفس قضية لا تتعارض، ليس هناك تعارض مع العمل والنشاط افعل وخذ بالأسباب ولكن لا تجعل تلك الأسباب تأخذ أجمل منك ما فيك: القناعة والطمأنينة والرضى عن الله عز وجلّ، الرضى عن حكمه وهذا معنى رضيت بالله ربًا، اِرض عن الله ليرضيك، اِرض عنه واطمئن بما أعطاك وعليك أن تدرك دومًا أن المنع والعطاء كلاهما امتحان، اعرف ما هو السؤال لكي تنجح فيه.

اجعل هذه الأيام العشر عودة حقيقية لله لأن المقصد الأساسي من هذه الأيام العشر العظيمة، عظيمة الفضائل التي جاءت بصيغة التنكير

(وَلَيَالٍ عَشْرٍ)

لعظيم ما جاء فيها من فضل في المكانة في المنزلة في الأجر في الثواب في كل شيء. هذه الفرصة العظيمة التي بلغنا الله سبحانه وتعالى إياها علينا أن نفهم ما المعنى وما الغرض فيها، علينا أن نعود وأن نحسن الأوبة والعودة لله سبحانه وتعالى، نرجع إليه قانعين مطمئنين فينا من اليقين ما يوصلنا إلى درجة الطمأنينة والرضا بما قسمه الله لنا ولذلك نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا نفوسًا راضية مطمئنة قانعة بعطائه سبحانه وتعالى، عائدة راجعة إليه تأخذ من الخير وييسر لها الخير، ونسأله من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، تقبّل الله منا ومنكم صالح العمل.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تم الانتهاء من نقل تدبر بعض السور القرآنيه لد. رقية العلواني

من موقع اسلاميات

وسأقوم بنقل تدبر لبعض الآيات لد. رقية العلواني

من الموقع الرسمي للدكتورة رقية طه العلواني

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

26230579_535605360126088_3199869123641392632_n.jpg?oh=7cba4d731cbd5cb792e3126d1c9e1bc8&oe=5B4D9FB6

 

 

 

تدبر آية:

 

حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله

maxresdefault.jpg

 

القرآن الكريم على عكس ما قد يظنه البعض كتاب يعلم الإنسان أن يعيش متفائلًا، أن يعيش مقبلًا على الحياة بكل الأمل متيقنًا أن الغد يحمل أخبارًا سارة وأن العيش سيكون أفضل وأن اليوم ينبغي أن يكون أفضل من الأمس وأن الغد يحمل معه تباشير الأمل.

 

هذه النظرة المتفائلة للحياة تجعل الإنسان يستقبل أحداث الحياة التي قد تعلوها في بعض الأحيان أشياء من الصعوبات والشدائد والمحن المعتادة التي هي لا تخرج عن طبيعة الحياة، الحياة لا يمكن أن تصفو بدون كدر لا يمكن أن تبقى على طبيعة واحدة، الحياة من طبيعتها إذا أردنا بالفعل أن نفهم طبيعتها، من طبيعتها أنها تحمل الكدر في ثنايا الصفاء والنقاء، أنها قد يعرض فيها للإنسان المرض وهو في كامل صحته وعافيته وقوته.

 

السؤال كيف أستقبل تلك الأحداث بنفس متشائمة؟ بنفس مليئة بالإحباطات؟ بنفس لا ترى الغد إلا أنه يحمل الأسوأ؟ أم بنفس مطمئنة بنفس راغبة بالله سبحانه وتعالى متفائلة مقبلة عليه متيقنة أن الله سيكشف الضر والله سبحانه وتعالى منجز وعده للمؤمنين.

 

تأملوا قول الله عز وجل في سورة التوبة

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ ( التوبة))

 

صحيح الآيات في سياق الحديث عن المنافقين في أثناء تقسيم الصدقات

لكن العبرة في القرآن

قاعدة:

العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

 

الآية في آخر كلماتها

(وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ)

وبداية الآية

(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)

أن أعيش الرضا أن أستشعر معنى الرضا عن قضاء الله سبحانه وتعالى وقدره هناك أحداث تمر بي كإنسان لا أملك حيالها شيئًا، لا أستطيع أن أغيّر مجرى الأحداث فيها، ليس لي فيها كسب. ما يتعلق بكسبي وعملي وأخذي بالأسباب هذا أمر لا غبار عليه ولكن لا ينبغي أن يتعارض مع حالة الرضا النفسي التي ينبغي أن تبقى في أعماق القلب مستقرة الرضا والتقبل لما يأتي به القضاء والقدر

يكفينا الله سبحانه وتعالى.

ec564ce5.gif

 

 

واستشعار المؤمن بكفاية الله عز وجل له يعني الوثوق بما سيأتي به الله سبحانه وتعالى الوثوق بوعده، الوثوق بعطائه، الشعور أن ما أنا فيه الآن من نعم، نعم الله سبحانه وتعالى تكفيني وتدفع بي نحو الأمل وتستمطر رحمة الله عز وجل وتستجلب ذلك الرضا. الرضا عن الله سبحانه وتعالى في قضائه وقدره من أعظم ما تستجلب به الرحمة، من أعظم ما تستجلب به المغفرة من أعظم ما يستجلب به التفريج عن الكروب ورفع الضر عن الإنسان.

 

هذه المعاني العظيمة تأملوها ونحن نقرأ هذه الآية

(وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)

تأملوا معي هنا (السين) في المستقبل القريب، تأملوا في ثقة الإنسان المؤمن لو أن هؤلاء المنافقين قالوا واستشعروا حالة الرضا التي ينبغي أن يكون عليها قلب المؤمن وهو مستقبل لما عند الله سبحانه وتعالى واثق يأن الله سيؤتيه من فضله، بأن الله سيعطيه أحسن، بأن الأيام القادمة ستكون أفضل.

 

هذه النظرة التفاؤلية التي تصنعها في نفسي هذه الآية العظيمة وتأملوا في قوله

(إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)

ولذلك في تفسير هذه الآية يقول بعض المفسرين من المعاصرين كذلك:

لو أن العبد إذا أصابته ضائقة في رزق، في مرض، في همّ، نزل به غم من أكدار الحياة المعتادة قال

(وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)

فإن الله سبحانه وتعالى يكشف عنه ما قد نزل به من ضرّ.

وعلى قدر يقين الإنسان وإيمان الإنسان وثقة المؤمن بعطاء الله ورحمته على قدر ما يعطيه الله سبحانه وتعالى، إحسان الظن بالله، استشعار تلك النظرة التي تحمل الأمل، تحمل الطمع والرغبة بما عنده سبحانه فالرب عز وجل خزائنه ملأى عطاياه لا تنفد عطاياه مستمرة علينا، نعمه سبحانه وتعالى تنزل علينا بالليل والنهار إن أخذ شيئًا فلربما أراد أن يعطينا ما هو أفضل ولربما أراد بحكمته سبحانه وتعالى أن يشعرنا بعظمة النعم التي نمتلك حتى يتجدد الإحساس بتلك النعم. بعض النعم حين يبدأ الإنسان يعتاد عليها وتصبح وكأنها شيء مألوف في حياته تفقد الطعم العجيب الذي يجعل فعلًا النعمة تُستقبل بالرضى، تُستقبل بالراحة، بالسعادة، بالحمد والشكر للمنعم الواهب سبحانه وتعالى. هذه النعم ربي سبحانه وتعالى يعالج عباده بين الحين والآخر يعالج عباده لكي يدعوهم إليه من جديد لتتجدد معاني الرضا والرحمة في قلوبهم وفي نفوسهم من جديد ولذلك في كل ما ينزل بنا من حوادث الدهر حكمة لله سبحانه وتعالى. هذه المعاني العظيمة إذا استشعرها المؤمن عاش حالة الرضا، عاش حالة الرضا غير المشروط، لأن رضاي عن الله سبحانه وتعالى رضاي عن قضائه وقدره لا ينبغي أن يكون مشروطا بالنعم فإن أخذ سبحانه لسبب أو لآخر وهو مالك الملك وهو الملك وأنا العبد وهو الرب الخالق الرزاق الوهاب المنعم وأنا عبد لا أملك لأمر نفسي من شيء، هذه المعاني إذا حدثت ينبغي أن يكون الرضى عن الله سبحانه وتعالى متواصل في الرخاء وفي الشدة، في المرض وفي الصحة، في إقبال الدنيا وفي إدبارها، في الأخذ وفي العطاء، هذه المعاني تتجدد معي وأنا أقول وأدعو الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء العظيم

(وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)

 

 

26219112_535604850126139_5349384714505157987_n.jpg?oh=150157f90922b1d86ddffd6f413b23a7&oe=5B4A159C

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

26229358_532271840459440_8546214094100336966_n.jpg?oh=0919b253c4d46ecadbb89517e6123b07&oe=5B485804

 

تدبر آية

(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (الطلاق))

د. رقية العلواني

موقع إسلاميات

 

cabca389d4cf1d13ab0cc3b34411d058.jpg

 

(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ)

التوازن في الإنفاق، أن لا تنفق من المال فوق طاقتك، فوق سعتك، فوق ما تستطيع أن تقدّمه أو يكون من مدخولك.

وليس من العجب أبدًا، كل شيء في كتاب الله عز وجلّ له مناسبة واضحة، له حكمة حتى في موقع الآيات وفي موقع السور بل في موقع الآيات من السور، هذا التناسب العظيم يبين أنه فعلًا من أعظم أسباب الطلاق الذي يحدث بين الأزواج الطلاق الذي يحصل خاصة الذي يحصل في عصرنا الحاضر في بعض الأحوال خلال السنوات الأولى من الزواج وربما الكثير من الزيجات تتعرض لهذه الإشكالية في السنة الأولى من الزواج.

واحدة من أعظم الأسباب قضية الإنفاق، قضية أن الإنسان ينفق ويكلف نفسه فوق طاقتها، فوق ما آتاه الله عز وجلّ.

صحيح كلنا يرغب في أن يوسّع على نفسه وعلى أهله وأسرته، كلنا يرغب في أن يتوسع في مجال أو دائرة الرزق وخاصة مع التوجهات المعاصرة التي حولت الحياة المعاصرة إلى حد كبير في جانب استهلاك بحيث أننا نستطيع أن نقول دون تردد أن الإنسان المعاصر أصبح إنسانًا استهلاكيًا بامتياز بمعنى ليس بالضرورة أنه يستهلك ما يريده أو ما يحتاج إليه أبدًا، ليس بالضرورة أن يقتني شيئًا هو بحاجة حقيقية إليه ولكنه أصبح يقتني الأشياء لمجرد الاقتناء لمجرد الاستهلاك فقط ليس لأنه بحاجة إليها.

26169995_532282440458380_2805226109648959411_n.jpg?oh=ac34235f0c8044e8131903ec7cc6e8de&oe=5B351C2C

 

 

ولذلك ملاحظ جدًا أن وسائل الإعلام قد لعبت دورًا واضحا في الإيحاء والإيعاز للإنسان بأنك بحاجة إلى هذا الغرض بحاجة إلى هذه المسألة الحياة ستكون أسهل وأعظم وأجمل وأسعد حين تقتني تلك الحاجة وما إن يقتني ذلك الشي إلا يأتي بشيء آخر وتستمر الدوامة والنتيجة أن الإنسان إذا لم يتنبه ويستيقظ من هذه الغفلة ومن هذه الموجة سيقع فريسة للديون، ديون متراكمة متراكبة تُثقل كاهله وتؤرق ليله وتُدخل عليه عشرات المشاكل النفسية والاقتصادية التي من الطبيعي جدًا أنها تنعكس على حياته وطريقة أسلوبه ومعيشته وتعامله مع الزوجة أو الأسرة والتعامل مع محيط العمل والشعور بأن هناك دائمًا ثمة نقص حقيقي نقص في النواحي المادية يجعله لا ينتبه ولا يتنعم ببقية الأشياء التي يمتلكها يركز فقط على الشيء الذي لا يستطيع أن يتوسع فيه.

 

ولو أخذنا مثالًا بسيطًا في حياتنا المعاصرة قضية السفر للخارج في أثناء الصيف خاصة وأننا بعد فترة يسيرة من الزمن بإذن الله يأتي موسم الإجازات ومعه الأعياد ومعه الإجازات الصيفية هذا الأمر قضية السفر إلى الخارج لا شك أنها من الأمور التي تحتاج إلى ميزانية محددة، ميزانية ليست بالقليلة خاصة مع الإشكاليات الاقتصادية التي تعصف بالعالم بأسره.

 

وهنا يأتي التساؤل وهنا يأتي مساءلة الشخص ومساءلة الأسرة فيما بينها لإمكانياتها الحقيقية: هل أستطيع توفير هذا الشيء فعلًا دون أن يؤثر على الميزانية المادية والمالية للأسرة لعام أو لأعوام قادمة؟ هل أنا فعلًا بحاجة إلى هذا الأمر؟ أم أنني أستطيع أن أواصل حياتي وأن أتنزه وأن أرفّه عن نفسي وعن أسرتي وأستمتع بوقتي وبإجازتي دون الحاجة للدخول في دوامة الديون؟

 

مؤسف أن هناك عددًا من الأشخاص والأُسر في مجتمعاتنا يحتاجون للاستدانة والاقتراض من البنوك لأجل السفر إلى الخارج. والسفر للخارج ما عاد قضية الغرض منها احتياجية أو قضية نفسية بقدر ما عادت هي مجال للمباهاة وللتفاخر وللشعور بعدم النقص تجاه الآخرين فالكل يسافر لِمَ أنا لا أسافر ؟ هذا الشعور بالنقص النابع من قلة الثقة بالإنسان ذاته فلو أن الثقة وجدت فعلًا واستطاع الإنسان أن يغير من وجهة نظره للأمور والقضايا المختلفة وأصبح يدرك أن قيمته فيما ينجزه، قيمة الإنسان الحقيقية في الإنجاز في العمل الذي يقوم به في العمل الذي يقدمه في الممارسات الاجتماعية والأسرية والعلاقات الناجحة التي يؤسسها وليس في شيء آخر وليس في سفر للخارج إلى مكان اشتُهر بين الناس السفر إليه، المسألة ليست هكذا!

 

لِمَ أنفق فوق طاقتي؟ لِمَ لا أعيش الحياة فعلًا كما هي كما ربي علمني

(فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ)؟

لمَ لا أنظر أن الحياة هي مراحل متنوعة لا تقف على حال، اليوم ربما أكون محدودًا في دخلي وغدًا بإذن الله سيكون أفضل سيجعل الله بعد عسر يسرًا ثم إن المال بعد ذلك ليس باختيار وإنما هو عبارة عن اختبار في واقع الأمر ثم إن هناك قضية الربط بين السعادة والسكينة والاستقرار الأُسري والنفسي والراحة والهدوء والطمأنينة والزيادة في المال.

 

المال قد يزيد في قدرتك على اقتناء الأشياء ولكنه قطعًا لا يزيد في قدرتك في الحصول على السعادة، السعادة قرار لا يرتبط ارتباطًا وثيقًا منتهيًا أبديًا بقضية المال. المال يشكل جزءًا يسيرًا وطبيعة المال وكمية المال وما نفعله في المال تحدد أجزاء متنوعة.

 

الشاهد، آن لنا الأوان أن نتوقف عند قراراتنا وأن نفكر أكثر من مرة قبل أن نعيش ما يريده أو ما يراه الآخرون أنه سعادة وأنه راحة. نحتاج أن نعيد النظر في قراراتنا التي تأتي فعلًا مخالفة لإمكانياتنا المادية، نحتاج أن نلبس لباسًا بقدر مقاساتنا الحقيقية وليس شيئا أكثر من ذلك المقاس. نحتاج أن ندرك تمامًا أن الراحة والهدوء والسعادة لا تعني أبدًا أن أثقل كاهلي لأجل أيام أو لحظات أعيشها وأنا في الأصل قد أثقلت كاهلي وأسرتي بمزيد من القروض أو الديون في شيء لا حاجة إليه فيمكنك أن تسافر حين تسافر بقلبك وأفكارك ومشاعرك بعيدًا عن كل المنغّصات وبعيدًا عن كل الترّهات

 

26167491_532271783792779_1318806008903835401_n.jpg?oh=4e9f579a320314f1df6523ec3f58f142&oe=5B35AD2E

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

3dlat.com_14158908981.gif

 

 

يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الجمعة

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

 

082.jpg

 

 

القرآن العظيم حين يحدثني عن السعي وعن الابتغاء وعن طلب الأشياء يأتيني بمفاهيم عدّة، يرشّد وينظِّم لي مسيرتي في الحياة.

ففي الآيات التي ذكرنا حين يكون الأمر متعلقًا بذكر الله سبحانه حين يكون الأمر متعلقًا بالحقيقية التي لأجلها خلِقت، التي لأجلها خلق الله سبحانه وتعالى السموات والأرض التي لأجلها خلق هذه الأرض يقول (اسعوا) ولذلك لم تأت كلمة السعي إلا إذا كان ذلك السعي مقرونًا بالعمل للآخرة الحقيقة التي لا ينبغي أن تغيب عن أذهاننا حتى ونحن نباشر أعمالنا اليومية لأن السعي فيه حرص شديد هو ليس مجرد طلب أبدًا، حرص نفسي وعملي شديد جدًا في طلب الشيء وابتغائه، حرص على تحققه. ولذلك ربي سبحانه في قضية النداء للصلاة من يوم الجمعة

(فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)

كن أشد ما تكون حرصًا على طلب ذلك الأمر ذكر الله قلبًا وعقلًا وفكرًا وروحًا ولسانًا وجوارحًا، اطلب طلبًا شديدًا طلب تتأهل معه كل قدراتك النفسية والذهنية لأجل تحصيله. اجعله طلب ذكر الله سبحانه وتعالى اجعله شغلا لك اجعله من القائمة التي تكون على رأس همومك وأولوياتك في اليوم والليلة، اهتمّ به.

 

 

 

ولكن تدبروا حين يحدثني عن السعي في الأرض أو عن طلب الأشياء الأخرى،

طلب المعاش يقول

(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )

والابتغاء في الحقيقة هو لا يُخصّ إلا بالاجتهاد في الطلب حين يكون الطلب محمودًا بمعنى أن الإسلام والقرآن لا يدعو الناس إلى الكسل ولا يدعو الناس إلى التعطّل بالعكس القرآن لا يعترف بشيء اسمه تعطّل أو بطالة، القرآن لا يقبل من الإنسان أن يكون عاطلا أو معطِلا أو معطَلا لا يقبل بهذا المفهوم لأنه يخالف أولى القواعد التي أقام عليها الحقائق كل الحقائق في النفس البشرية، الإيمان، قضية الإيمان في حدّ ذاتها لا يمكن أن يكون مكتملة بدون عمل صالح نافع ولذلك جاء التلازم في كتاب الله بين الإيمان والعمل الصالح.

 

إذن لا سبيل إلى أن أتوهم مطلقًا أن القرآن يقلل من شأن العمل أو من شأن كسب المعاش أو من شأن طلب الأمور التي لا تستقيم حياتي أو حياة أسرتي ومجتمعي بدونها، بالعكس تماما فالقرآن يقول في هذه الآية تحديدا

(وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ)

والابتغاء خصّ بالاجتهاد بالطلب عندما يكون الطلب لشيء محمود فالابتغاء فيه محمود، ولذلك في آيات أخرى قال

(ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا) [الإسراء: 28]

(إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) (20) الليل)

 

إذن القضية محمودة، أن تطلب الرزق الحلال أن تطلب من فضل الله لكن هذا لا يعني أبدًا أنك حين تطلب تذهب بعيدا بقلبك وجوارحك وفكرك عن الله سبحانه لا ذكرا ولا كذلك استبعادا لتلك الحقائق التي ينبغي أن تبقى مستقرة في قلبك ونفسك أنك تبتغي من فضل الله لا من فضل البشر، هذه حقيقة لا ينبغي أن تخفت في حياتنا، (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) اطلب واجتهد في الطلب، افعل كل ما يمكن أن تفعله، افعل أقصى ما تستطيع أن تفعله في حياتك استثمر في كل ما يمكن أن يكون حلالا طيبا نافعا، ابذل قصارى جهدك ولكن لا تنسى أبدا وأنت تفعل كل هذا أنك تطلبه من فضل الله لا تجعل الحقيقة الأكبر تغيب عن ذهنك وأنت في خضم الحياة المعاصرة الحياة اليومية التي تأخذنا أحيانا كثيرة بتفاصيلها وجزئياتها. وفي مباشرة تلك الأعمال احرص حرصا شديدا على ذكر الله سبحانه ذكرا كثيرا لا تنشغل عنه، لا نتنشغل بتفاصيل الكلام عنه، لا تنشغل بالكلام مع هذا وهذا والأوراق والأمور والكلام عن الجزئيات اليومية التي نعيشها من طعام شراب أخذ بيع شراء ذهاب إياب كل هذه التفاصيل والجزئيات لا ينبغي أن تشغلنا فعلا عن الغاية الأهم عن ذكر الله سبحانه وتعالى.

 

وتدبروا في نهاية الآية قال

(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

بمعنى سبيل الفلاح سبيل التوفيق سبيل النجاح في حياتنا العملية والعلمية الدنيوية والأخروية لا فصل بينهما، هو بهذه الآلية، بتحقيق ذلك التوزازن في حياتنا، أي نوع من التوازن؟

أن لا أُشغل أبدًا في تفاصيل الحياة وجزئياتها وأعمالي اليومية

وأنا أزاولها عن ذكر الله.

جزء من الذكر هو التسبيح والتحميد والاستغفار والتهليل والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بكل تأكيد ولكن ليس فقط ذكر اللسان المطلوب الأكبر أن يصبح ذكر اللسان متواطئًا مع ذكر القلب والعقل والفكر، أن تُشغَل به سبحانه، تشغل به وأنت تزاول العمل وأنت تبتغي من فضل الله إقامة التوازن في حياتنا اذكر الله كثيرًا سبّحه واستغفره لا تأخذك ولا تستغرقك تفاصيل الحياة بعيدًا عن الغاية الأهم وكن متيقنًا تمامًا أن مفتاح التيسير لأمورك مفتاح النجاح مفتاح الفلاح مفتاح التوفيق والتيسير والتسهيل لكل الأمور المتعطلة في حياتك إنما هو ذكر الله والحرص على ما عند الله سبحانه وتعالى وطلب العون والمساعدة فكم من مشروع تعطل تنفيذه لأجل أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يردك إليه يريدك أن تذكره وهو الغني عن ذكرك يريدك سبحانه وتعالى أن تطلب منه المعونة أن تشعر بفقرك واحتياجك إليه وتُظهر ذلك الاحتياج ولا تغتر بما آتاك الله لا تغتر بكل ما لديك من قوة موهومة فقوة البشر مهما بلغت في نهاية الأمر هي موهومة غير حقيقية عارية قابلة لأن تؤخذ في أي وقت وفي أي لحظة قابلة لأن تضعف أما القوة الوحيدة على وجه الأرض فهي قوة الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ينبغي أن نتوجه إليه سبحانه وتعالى طالبين منه العون وعندها فقط يفتح الله سبحانه وتعالى لك أبواب الفلاح والتيسير والنجاح والتوفيق الذي لا يملكه سواه مهما بلغت بنا الأسباب ومهما قويت واجتمعت لدينا المسببات تبقى في نهاية الأمر مفتاح كل هذه الأمور من أسباب ومسببات بيده سبحانه وتعالى.

 

د. رقية العلواني

 

110250alsh3er.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تدبر آية:

اَتَقْتُلُونَ رَجُلًا اَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ

011910.png

 

أسوأ قرار يتخذه إنسان أن يلوذ بالصمت في موضع ينبغي أن يتكلم فيه حين يرى الحقائق أمام عينيه تُنتهك ولكنه يسكت، يؤثر السلامة يؤثر عدم تحدث الناس عنه بشيء يسوء، يؤثر أشياء كثيرة، هناك عشرات المبررات لنا حين نتخذ قرار الصمت والسكوت ونحن نرى المنكر ونرى الأخطاء وتكلمنا كذلك أننا أحيانًا لا ندرك أبدًا أننا بسكوتنا وصمتنا وسلبيتنا قد أعطينا شرعية لتلك المنكرات والأخطاء، ووقفنا عند آيات في كتاب الله تبين أن ذلك أبشع ما يمكن أن يقوم به أفراد المجتمع أن يصبح العرف السائد أن يسكت الأفراد بعضهم عن أخطاء بعض، أن لا يُنكر أحد منهم على الطرف الآخر ما يقوم به من قبيح فعل أو من قبيح قول أو فحش أو ما شابه.

 

 

وذلك لا يعني أبدًا أن يكون الإنسان فظًا أو غليظًا في أسلوبه وكلماته وطريقته، أبدًا، القرآن العظيم يعلّمنا على سلوك أحسن الطرق والوسائل أفضل الطرق في سبيل توصيل المعلومة وتبيان الخطأ وإنكار المنكر وتعريف المعروف والسير عليه ولكن قطعًا القرآن يجعل من الصمت أسوأ قرار في مثل هذه المواقف,

 

إننا في المجتمع نعيش في سفينة واحدة، نبحر في سفينة واحدة، المجتمع سفينة وهذه السفينة تسير بنا جميعًا ومن حق المجتمع ككل أن يمنع وأن يحمي أفراده من السقوط في الرذائل أو في الأخطاء والمنكرات هذه الحماية لا تعني وصاية من أحد على أحد ولكن هذه الوصاية تعني تكافل، تعني تعاون تعني تعاضد فالمخطئ منا وكلٌ منا معرّض للخطأ بحاجة إلى إنسان يأخذ بيده، بحاجة إلى إنسان يعيده من جديد إلى جادة الصواب ولكننا حين نؤثر الصمت ونؤثر السلبية ونؤثر السكوت في الموضع الذي ينبغي أن نمد فيه يد العون والمساعدة بكلمة حانية بكلمة طيبة بتبيان حق أو ما شابه، حين نفعل كل هذه الأمور إنما في واقع الأمر ندفع بذلك المخطئ إلى القاع ندفع به لكي يصل إلى قاع الخطأ، إلى العمق.

120148403_1__1142_.png

 

 

الإنسان معرّض للخطأ ولكن ربي سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بيّن لنا أن أعظم ما يمكن أن نفعله مع بعضنا البعض في أسرة في بيت في مجتمع أن نمسك بأيدي بعضنا البعض أن نتعاون فيما بيننا لننتشل بعضنا من ذلك الخطأ ولكن أن نترك المخطئ حتى ينهار ويقع في مزيد من الأخطاء ثم يسقط في القاع فلا يجد بطبيعة من يمدّ له يدًا حتى يغرق.

 

هذا السلوك هو النتيجة المترتبة على السكوت، النتيجة المترتبة على السلبية، النتيجة التي زينت لنا أنفسنا في بعض الأحيان بالقول بأنك لا ينبغي أن تتدخل في شؤون الآخرين، تحافظ على شعور الآخرين، لا تك قاضيًا على الناس! من قال هذا بهذا؟!

من قال أني حين أساعد الآخرين من قال حين أوضح الحقيقة وأوضح الطريقة بأسلوب مهذب لطيف من قال أن ذلك تدخل؟! من قال أن المجتمع يعيش دون أن يكون هناك تكافل بين أفراده؟!

 

من قال أن التكافل الاجتماعي في المجتمع ينحصر في بضعة دراهم أو دنانير يدفعها الذي لا يحتاج، الغني إلى من يحتاج أو من هو أقل منه، من قال هذا؟!

الجانب الأعظم في التكافل الاجتماعي هو ذلك الجانب الإنساني الذي يصحّح ويرشّد، الجانب الذي يعيش الأفراد فيه وكأنهم أسرة واحدة كما أراد لها القرآن.

بل إن القرآن خاطب البشرية كل البشرية على أنها أسرة واحدة ما يهمّ الشرق يهمّ الغرب وما يهمّ الغرب يهمّ الشرق لأنه أراد أن ينظر الإنسان العاقل إلى بني البشر على أنهم أسرة واحدة.

 

يا ترى متى نخرج عن ذلك الصمت السلبي الذي أوقعنا في مزيد من الأخطاء الذي وسّع دائرة الفساد، وسع دائرة الخطأ في حياتنا الذي فتح الباب على مصراعية أمام الشباب، أمام الفئات المختلفة في المجتمع لمزاولة أخطاء سكتنا عنها وأعطينا لها بذلك شرعية.

120148403_1__1142_.png

 

تدبروا في سورة غافر يقول الله عز وجلّ

(وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ) [غافر: 28]

تأملوا رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه، يستر إيمانه هذا في السابق كان يستر إيمانه وذلك نتيجة لظروف معينة نتيجة لسطوة فرعون ولم يكن من الحكمة أن يُظهر ذلك الإيمان. ولكن متى خرج ذلك المؤمن عن صمته؟ متى كسر حاجز الصمت؟ متى أظهر إيمانه بالله؟

حين كانت هناك جريمة على وشك أن تقع هذه الجريمة جريمة قتل موسى والتعرّض له من قبَل قومه أخرجت ذلك المؤمن الذي لم يذكر القرآن اسمه ولكن ليس المجال وجال ذكر أسماء ولا تفاخر بهذه المواضع، التركيز في القرآن العظيم على الفعل وليس على من قام بالفعل. كان يكتم إيمانه فخرج عن صمته وقال

(أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ).

 

المسألة أننا دائمًا وأبدًا في كل وقت بحاجة إلى أولئك الأشخاص الذين يأخذون على عاتقهم مسؤولية توضيح الأخطاء، مسؤولية التنبيه على الغلط وهم بذلك حين يقومون بتلك المهمة لا يقومون بها بعين الذبابة بمعنى تلك العين التي تبحث عن المساوئ والعيوب لكي تقف عليها إطلاقًا ولكنهم يفعلون ذلك بعين الطبيب المداوي الذي يبحث عن موضع الألم ويحاول أن يبحث عن أسبابه ومسبباته ثم بعد ذلك يصف الدواء بكل حكمة وحنان وشعور بالمسؤولية لا يعيّر أحدا بخطئه فذاك مُعابٌ لا شد فيه وإنما يعالج الأخطاء ينظر في الجروح والقروح، ينظر في تلك المواضع يطهّرها ينظّفها، يمتد بيده الحانية إلى كل موضع منها يُخرج المتقيّح، يُخرج الذي لا ينبغي أن يدخل في تلك الجروح ثم بعد ذلك يبدأ فيخيط شيئا فشيئا في تلك الأماكن لتلتئم الجروح ولكن حين تلتئم الجروح يحتاج العاقل منا أن يجعل تلك الجروح مطهّرة ليس فيها أي دنس قد أخرج منها كل صديد وقبيح يمكن أن يؤذيها في المستقبل لو أننا قمنا بخياطة ولمّ الجرح على ما فيه من مساوئ وعيوب.

 

نحتاج جميعا اليوم إلى وقفة جادة مع النفس نكتشف فيها جروحنا نكتشف فيها أخطاءنا نحاول أن ننظر إلى تلك الأخطاء بعين الطبيب نحاول أن ننظر إلى أخطاء أنفسنا أولًا ولكننا قطعًا ونحن نباشر كل تلك الأعمال والمراجعات لا ينبغي أبدًا أن يكون الصمت أو السكوت على الأخطاء حلًا أو احتمالية حلّ لما نمر به من أخطاء وعيوب.

نتعاون فيما بيننا نتراحم فيما بيننا وتصحيح الأخطاء لبعضنا البعض إنما هو من باب التراحم والتآلف والتكامل.

 

359638_1334244689.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

88395110.png

تدبر آية:

كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ

605597425.jpg

 

يقول الله عز وجلّ في سياق الحديث عن الكفار من بني إسرائيل وهو يصف أقبح الصفات التي اتصفوا بها وطبعًا القرآن العظيم حين يحدثنا عن هذا وحين يحدثنا عن الأمم السابقة إنما يأتي بها لسياق أخذ الدروس والعبر، في سياق التعلّم، في سياق عدم الوقوع التي وقع بها السابقون لأن العاقل هو الذي يتعظ بغيره ويتعلم من عثرات غيره، يتعلم من الأخطاء ويحاول أن يتدارك تلك الأخطاء فلا يكررها في حياته وقد علم مآلآت تلك الأفعال والأخطاء

 

القرآن العظيم في هذه الآية يحدد صفة شاعت وانتشرت بين تلك الأقوام، شاعت في المجتمع ما أصبحت مجرد عمل فردي فالقرآن يستعمل في مواضع أخرى كلمة (ينهون) ولكن هنا قال (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ) واصفًا ذلك الفعل عدم التناهي (لا يتناهون) وعدم التناهي هنا يوضح لنا من سياق الكلام أنه الذي ينبغي أن يكون أن يصبح إنكار الخطأ وعدم إعطاء الشرعية للأخطاء لما قبّحه الإسلام، لما يقبّحه وينكره العقل السليم الصافي الرشيد النقي الذي يتدبر في عواقب الأمور ويربط بين تلك المآلآت بما جاء في كتاب الله عز وجلّ حين لا يصبح ذلك تفاعلًا في المجتمع حين يرى أفراد المجتمع البعض منهم وهو يزاول أعمالًا مشينة قبيحة لا يقبل بها الشرع أنكرها الشرع العظيم زجر عنها نهى عنها هذه الأفعال حين يكتفي الإنسان المسلم الإنسان الذي يقرأ كتاب الله تعالى الإنسان الذي يعي تمامًا ما معنى رسالته على هذه الأرض يرى الأخطاء يرى القبائح يرى المنكرات من فحش في القول من فحش في الفعل من تصرفات دنيئة من مخالفات صريحة لشرع الله ولكنه يأبى إلا أن يلوذ بالصمت مبررًا لنفسه عشرات التبريرات وما أكثر التبريرات في حياتنا!

 

بمرور الوقت والزمن المخطئ يشعر أن هؤلاء يعطونه ويمنحونه شرعية سلبها الله سبحانه وتعالى منه. نحن حين نرى في حياتنا من يخطئ في حياتنا وكل ابن آدم خطاء ولكن هناك فرق شائع بين من يخطئ ويتستر على خطئه على فعلته وبين من يخطئ ويجاهر بذلك الخطأ وربما في بعض الأحيان حتى يتفاخر به، هذا النوع من التصرفات هو الذي نعى القرآن العظيم نعى على من يحاول أن يعطي شرعية لتلك التصرفات، كيف كيف يعطي شرعية وهو فقط التزم بالسكوت؟!

 

 

8922f279.gif

 

القرآن يعلّمني أني حين لا أوضح لذلك المخطئ الخطأ حين لا أبيّن حين لا أجعل هذا الإنسان المخطئ أنا في حقيقة الأمر أنا حين أوضح له الخطأ إنما آخذ بيده أحاول مساعدته، المخطئ فينا ليس إنسانًا منبوذًا كما يُهيأ للبعض أنك إذا أنكرت الخطأ على صاحبك كأنك نبذته، لا، المسألة ليست بهذا الشكل، المسألة أني بالعكس تماما حين أوضح له الخطأ إنما آخذ بيده إنما أحاول أن أريه أشياء ما رآها من قبل أحاول أن أوضح له العواقب، أسلك أحسن السبل والطرق والوسائل لأجل أن أبين له مدى الخطأ لكن أن أتركه وأتعامل معه وكأنه لم يخطئ وأغض النظر عن تصرفاته وربما تكون تلك التصرفات قبائح، منكرات، هذه كارثةّ ولن يتوقف أثر هذه الكارثة على الشخص فحسب وإنما قطعا سيمتد إلى أطراف متنوعة متعددة.

8922f279.gif

وثمّة أمر نغفل عنه تمامًا أننا حين نتقبل الأخطاء والانحرافات إنما نعطيها شرعية تتكلم بصمت لأبنائنا ولشبابنا ولبناتنا أن ذلك الفعل يمكن أن يكون مقبولًا منهم.

ربما لم نشعر بضخامة الأمر، ربما لم ننتبه إلى جسامة الجريمة، ربما لم ندرك تمامًا ما مدى الآثار السلبية الفظيعة المترتبة على ذلك الفعل، فعل السكوت، السكوت السلبي الذي بات فعلًا يقتل المجتمعات يقتل الحسّ والوعي بالمظاهر المختلفة، ربما لم نعي ذلك. ولكن القرآن العظيم في هذه الآية يؤكد أن من أكثر الأعمال شناعة أن لا يتناهى أفراد المجتمع عن المنكر فيما بينهم بأحسن الأساليب بأجمل الطرق ولكن في ذات الوقت لا يمكن أن يكون السكوت هو الحلّ بل السكوت هو الداء.

 

620145147.png

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

00.gif

 

تدبر آية

(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (القصص))

 

28154584_1778882812174815_6525906767061188608_n.jpg

 

حدثنا القرآن في سورة القصص عن موقف لإحدى بنات النبي شعيب عليه السلام، يحدثنا عن موقف اجتماعي أسري أخلاقي ولكن في سياق تلك القصة يحدّثنا عن أعظم المقومات التي تصلح بها الأًسر والمجتمعات والمؤسسات.

يحدثنا عن أعظم صفتين لا بد من توافرهما حين تكلّف إنسانًا أو شخصًا من الأشخاص للقيام بمهمة وخاصة حين تكون تلك المهمة التي تكلّفه بها مهمة صعبة مهمة شاقة كتكوين أسرة أو تزويج أو ولاية عامة أو خاصة أو ما شابه، وظيفة، وظيفة مهمة.

 

يقول في ذلك السياق

(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ( القصص))

 

"القوي الأمين"

قاعدة من القواعد العظيمة التي لا ينبغي أبدًا أن نبعدها عن أذهاننا حين نتخيّر الأشخاص لتولي مناصب أو مهام معينة في حياتنا وخاصة حين تكون تلك المهام مهام عامة، مهام تهم مجموعة من الأفراد، مهام مؤسسية، مهام جوهرية ومحورية.

 

القوة لا تنحصر في جانب مادي متحدد في البدن أو الجسد فليست كل الأعمال تحتاج إلى أولئك الأقوياء في بنية أجسامهم وإنما القوة بكافةأشكالها، القوة التي تعني الخبرة، المعلومات، المعرفة، التخصص، الدراية، الإدارة، المهارات، عشرات الأشياء تندرج تحت هذه الكلمة الواحدة:

القوي

 

ثم إن القوة لوحدها حتى وإن كانت قد شملت قوة مادية أو معنوية كذلك من القدرة على اتخاذ القرار أو القيادة أو ما شابه فإنها لا يمكن أبدًا أن تقيم حال المهمة التي أوكلته إليها دون أن يصاحبها الأمانة، الأمانة تلك الصفة التي احتفي بها القرآن أيما احتفال، الأمانة التي نكاد أبدًا نجدها تغيب عن واقع القرآن العظيم، لا نجدها أبدًا تغيب عن السور المختلفة في كتاب الله عز وجلّ جعل الأمانة هي أول علاقة بين الإنسان وخالقه

 

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (الأحزاب))

الأمانة التي ينبغي أن تبحث عنها بحثًا جادًا قبل أن توكل المهمة إلى شخص ما مهمة جدًا، فحين تعطي اي إنسان تكليفًا معينًا عليك بتحري الأمرين: البحث عن القوة والبحث عن الأمانة. والقضية أخطر وأشد حين يكون التكليف في منصب أو ولاية عامة: قوة وأمانة. الوظائف والتكاليف والتعيينات ليست منحًا تعطى على أساس من المجاملات لمن نحب أو لمن تقترب منه نفوسنا أو لمن نريد أن نسدي إليه خيرًا أو معروفا أو مصلحة خاصة، لا يمكن أن تستقيم الحياة بهذا المعيار أبدًا لأنه معيار يقوم على أهواء النفوس والقرآن العظيم يصحح ويرشّد مسيرة الحياة الواقعية حين يقيم المعيار على أساس واضح من الموازين المختلفة، الموازين الأساسية والثانوية.

 

 

هب أنك زوجت ابنتك على سبيل المثال أو أسهمت في تزويج ابنة أو أخت أو واحدة من قريباتك على أساس غير معيار القوة أو الأمانة، على أساس المصلحة الشخصية، تبادل منافع أو تبادل مصالح ولكنك أسقطت حساب الأمانة،

يا ترى ما هي النتائج المترتبة على ذلك؟

 

انظر إلى الأمام لا تجعل النظر محدودًا فقط أو محصورًا في زاوية محدودة آنية ضيّقة وقتية وإنما كبّر الدائرة وسّع المسافة حاول أن تستشرف المستقبل وترى بأم عينك ما الذي يمكن أن يترتب على اتخاذ القرار الخطأ القرار الذي يُبنى على أهواء النفوس والمصالح الآنية، القرار الذي يتخذ على أساس المجاملات أو المهادنات، لا يمكن أن يستقر هذا النوع من الزواج لا يمكن أن يترتب عليه نوع من المصالح بالعكس أنت ترفد الأسرة والعشيرة والمجتمع بأعضاء غير فاعلين أعضاء غير مستقرين لا ذهنيا ولا نفسيًا ولا أخلاقيًا لأنك ما اقمته على العدل ما أقمته على المعيار الذي وجه إليه القرآن حتى يُحكم القضية ولا يجعلها خاصعة لتقلبات الأمزجة ولا لأهواء النفوس لكن وفق قواعد وضعها الحق القوي العزيز سبحانه وتعالى الذي وصف نفسه سبحانه وتعالى بالقوة وصف نفسه سبحانه وتعالى بأنه المؤمن القوي العزيز وأمر عباده بتحري القوة والأمانة.

 

 

الذي في واقع الأمر نراه في مجتمعاتنا اليوم نراه في بيوتنا نراه في مؤسساتنا نرى أن هناك تخلفًا واضحًا عن الاهتمام بهذه المعايير العظيمة وخاصة حين يكون الأمر متعلقًا بوظائف، حين يكون الأمر متعلقًا بفرص عمل، كثير منا اليوم يغلّب المصالح الشخصية الآنية الوقتية على مصالح عامة وهو ما لم يرده القرآن لم يقبل به أبدا.

 

ولذلك ربي عز وجلّ لما قدّم لهذه الآية العظيمة جاء بها بصيغة عامة

(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)

الذي يصلح به المعاش، الذي تقام به الأمور، الذي تتحقق من خلال تعيينه وتوظيفه أداء المصالح والحفاظ عليها والحقوق على تلك المصالح العامة التي صانها القرآن بسياج من القوة والأمانة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

12967800209724.jpg

تدبر آية -

(وَلَا تَجَسَّسُوا)

رقيه العلواني

 

8899206473_ff1971d7ea.jpg

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ )

كلنا يتمنى أن يرى في أبنائه الخير العميم كلنا يتمنى أن يرى الأبناء والبنات وقد حققوا النجاحات والأمنيات وربما الأحلام المتأخرة التي لم يتمكن الآباء والمربّون من تحقيقها كلنا يتمنى ذلك في أبنائه

 

لكن السؤال الذي ينبغي فعلًا أن نجيب عليه:

يا ترى كيف يمكن تحقيق ذلك؟

هل القرآن قدّم إجابات وافية عن وسائل وطرق وآليات للتربية الحسنة، التربية التي تصل بنا فعلًا إلى تحقيق كل هذه الأهداف بل وأكثر لأن الرقي والتقدم الذي نتمناه لأبنائنا لا ينحصر في بلوغ منصب أو وظيفة ولا في الحصول على جاهٍ أو مبلغ كبير من المال ولا في الحصول على حظ من حوظ الدنيا فحسب، هذا جزء من القصة لكن الجانب الأهم أن يحصل على جانب وفير من الأخلاق والقيم والمبادئ التي تكون عونًا له على نفسه ولأمته ولمجتمعه ولأسرته ولأمه وأبيه في الدنيا والآخرة.

 

نريد أن نتحدث عن بعض الوسائل السلبية التي عالجها بل ومنعها القرآن منعًا باتًا، لم يُجزها القرآن ولا حتى في أصعب وأشد الحالات احتياجًا، ذلكم التجسس.

يقول الله تعالى في سورة الحجرات تلك السورة التي حوت عشرات الآداب والأخلاقيات: أسس، قيم لإقامة الفرد على أسس صحيحة من الثقة والرقي الأخلاق، القرآن العظيم في سورة الحجرات يقول في آية واحدة وكلمة واحدة

(وَلَا تَجَسَّسُوا)

 

والتجسس هو عبارة عن نوع من الأعمال التي لا تليق بالإنسان المؤمن أن يقوم بها تحت أي ذريعة من الذرائع، واحدة من هذه الأعمال ما يقوم به بعض المربين حين يقوم بتتبع عورات ابنه في سرّه لا يكتفي بالظاهر من الأعمال ولا بالظاهر من الأقوال ولكن حين تنفقد الثقة فيما بينه وبين الأبناء يلجأ إلى تلك الطريقة التي يحاول من خلالها أن يتعرف على ما يقوم به الابن أو الفتاة دون علمه، في السر، ليتأكد تمامًا من قيام هذا الفتى أو الفتاة بعمل لا يرغب فيه ولا أن يراه الأم أو الأب صحيح أم لا.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:

يا تُرى حين أكّد القرآن النهي عن التجسس ألا يعلم الله سبحانه وتعالى بضرورة أن يكون الأم والأب على علم بما يدور ويحدث في حياة أبنائهم؟

الجواب بكل تأكيد: نعم، فالله عز وجلّ يقول في كتابه الكريم

(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )

ألا يعلم سبحانه أننا اليوم ونحن في عصر التكنولوجيا والتواصل والآليات المتواجدة التي لم تكن متواجدة في عصورمن قبلنا ألا يعلم سبحانه أن الأبناء وهم بعمر مبكرة جدًا سيُتاح لهم أن يتصلوا بالعالم الخارجي أن يطلعوا على كمٍّ مهول من المعلومات ربما في كثير من الأحيان لا ينبغي أن يطّلعوا عليه، أن يروا صورًأ لا ينبغي أن ينظروا إليها، ألا يعلم الله عز وجلّ كل هذه التغيرات؟

بالتأكيد، سبحانه عالم الغيب والشهادة، إذن لم النهي عن قضية التجسس؟!

 

لمَ النهي في ذلك وتوجيه الآباء والمربين إلى أهمية بناء الثقة ومد جسور الثقة بينهم وبين الأبناء بعيدًا عن مزاولة التجسس.

التجسس في الأصل هو عمل غير لائق، والأمر الآخر التجسس لا يمكن أن يورث رقيًا في الأخلاق، لا يمكن للتجسس أن يولّد الصدق والثقة، لا يمكن أن يولّد التجسس والجبن والنفاق والازدواجية والكذب في نفوس أبنائنا.

 

إذن كيف السبيل لحل هذه المعضلة؟!

لا سبيل دون إحسان التربية، لا سبيل دون السير مع الأبناء في بناء الثقة فيما بينهم وآبائهم وأمهاتهم، لا سبيل سوى أن نراجع الطريقة التي نتعامل فيها مع الأبناء منذ الصغر، لا سبيل سوى أن نفتح كل الأبواب بيننا وبين أبنائنا ونمد كل الجسور وحين نفعل ذلك نحن فقط نهيئ تلك الأجواء الصالحة لأن يتحدث معنا الأبناء والبنات عن عثراتهم عن أخطائهم عن زلاتهم بمنتهى الشفافية بمنتهى الصدق والبعد عن الخوف ليس لأنهم لا يحترموننا، بالعكس، ولكن لأنهم بحاجة ماسة حين يتعثروا في طريقهم، حين يصدر منهم الزلل ومن منا لا يصدر منه الزلل؟! أو يتعثر في طريق الحياة؟!

 

هم حاجة إلى صدر حانٍ، هم بحاجة إلى نصيحة، هم بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم ليريهم ويرشدهم كيف يكون الطريق للخلاص من ذلك الخطأ وعدم الوقوع فيه مرة ثانية، ليسوا بحاجة إلى من يتتبع عوراتهم ولا من يقف على أسرارهم لمجرد أن يُظهر تلك العيوب، الأم والأب والمربّون بحاجة ماسة إلى مراجعات، تلك الأشياء التي اعتدنا عليها في السابق وربما نعتقد قطعًا عن طريق الخطأ أنها مجدية، هذه الوسائل ما عادت مجدية!

 

 

وحين ندفع بالأبناء لسلوك هذا الطريق، طريق الإزدواجية طريق إخفاء الحقائق وإخفاء الأخطاء وعدم مواجهة الأخطاء ومحاول التعرف على كيفية التخلص منها نحن ندفع بهم نحو طريق مجهول، نحن ندفع بهم في طريق بعيد كل البعد عن توجيهنا، عن إخلاصنا، عن تربيتنا، عن نصحنا السديد لهم، نمنع الخير الكثير بمجرد مزاولة كتلك المزاولة التي نهى عنها القرآن مع الأسف كثير من الآباء والأمهات اليوم وخاصة بشيوع الوسائل المتاحة من الكمبيوتر والآيباد ومن الهواتف النقالة ومن البرامج وغيرها، بدأ يمارس هذه العادة القبيحة التي نهى عنها القرآن: التجسس.

 

يعطي للفتى أو الفتاة الحرية في أن يتصرف كيفما يشاء، يتيح له الوسائل يوفر له الوسائل وربما على استحياء ينبّه على أهمية الالتزام ببعض الضوابط ولكنه فيما بعد ومن وراء ظهره يمد يده إلى تلك الأجهزة ليتفحصها ولينظر في أسرارها ولينظر أين دخل ذلك الفتى وأين دخلت تلك الفتاة بمن اتصلوا وبمن يتصلون؟

 

وإذا كان هناك استثناء يقع في فترة معينة فهو كقوانين الطوارئ بمعنى قد – في حالات مشددة جدًا، استثنائية وليست قاعدة – قد يحتاج الابن إلى من يتعرف على ماذا يقوم به نتيجة لوقوع قصور أو وقوع خلل لكنها حالة استثنائية لها شروط متعددة لا ينبغي أن تتحول في حياتنا إلى قاعدة نتعامل فيها مع أبنائنا وبناتنا.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

C5BAec1WMAEr12o.jpg

 

 

تدبر آية –

(وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ)

 

image006.jpg

 

في كتاب الله عز وجلّ ذكر لعبادات متعددة

الصدقة الصلاة الزكاة الحج الصدق،

أخلاق متنوعة ولكن ملفت للنظر أن هناك عبادة واحدة من العبادات، واحدة ووحيدة جاء ذكرها مقرونا بالكثرة، عبادة واحدة، كل العبادات الأخرى لم يأتي معها ذكر للكثرة إلا هذه العبادة.

 

هذه العبادة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها الأنبياء

فقال مخاطبًا لزكريا

(وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) [آل عمران: 41]

وقال عن موسى عليه السلام

(كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا* وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ( 33,34طه)

وقال ممتدحًا لبيوت الله

(وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا) [الحج: 40]

وقال عن المؤمنين

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) [الشعراء: 227]

وقال كذلك في مدح المؤمنين

(لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21]

وقال في سورة الأحزاب بعد أن عدد جملة من صفات المؤمنين الصادقينوالصادقات المنفقين والمنفقات، كل هذه الأصناف والعبادات قال في واحدة منها كثيرًا حين قال

(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35))

ثم قال في الأحزاب في نفس السورة

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41))

وقال في الجمعة

(وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الجمعة: 10]

 

هذه العبادة التي يغفل عنها الكثيرون منا، التي لا تحتاج إلى مال كما هو الحال في الصدفات ولا تحتاج إلى جهد بدني كما في الصيام أو في الحج ولا تحتاج إلى قيام ولا إلى ركوع ولا إلى سجود ولكنها تحتاج إلى شيء آخر تحتاج إلى صدق مع الله عز وجلّ في النية تحتاج إلى استحضار عظمة الله عز وجلّ وتكبيره وتقديسه وتعظيمه بما يليق بجلاله الأمر الذي يترتب عليه التوفيق من الله عز وجلّ فالرب سبحانه ملك الملوك لا يأذن إلا لمن يشاء بذكره لأنه إذا ذكره الواحد منا ذكره الله سبحانه وتعالى هذا شرف عظيم، مكانة عظيمة لا يمكن أن تعطى لأيّ إنسان أن يذكره الله سبحانه وتعالى فإن ذكره في نفسه ذكره الله في نفسه وإن ذكره في خلق أو في ملأ أو في جمع من الناس ذكره الله في جمع خير من ذلك الجمع. لنا أن نتساءل يا ترى هذه العبادة الوحيدة التي اختص الله سبحانه وتعالى الذكر بها بالكثرة ولم يأت ذكر الكثرة في عبادة أخرى على الإطلاق في كتاب الله عز وجلّ إلا الذكر، الذكر فيه الكثرة.

 

يا ترى كيف نتعرض لأن نكون من هؤلاء؟

كيف نصبح من هؤلاء الذين اختصهم الله بتوفيقه؟

وفّقهم لطاعته، أيّدهم بذكره أذِن لهم بأن يذكروه، كيف نرقى إلى هذا المستوى؟

كيف نرقى للوصول إلى هذه المنزلة العظيمة؟

يحتاح الإنسان منا فعلًا أن يبدأ بتعظيم الله عز وجلّ تعظيم الله في نفسه، المهابة والخوف والتقديس لله عز وجلّ عمل من أعمال القلوب، صحيح كلنا يحب الله، صحيح كلنا يقول الله أكبر صحيح كلنا يقدس الله عز وجلّ وندرك تمامًا بأن الله عز وجلّ في حياتنا أكبر من كل شيء ومن كل أحد ولكن لا يكفي المعرفة والإدراك، العمل الإيماني، العمل القلبي مهم جدًا في عملية الصلة وفي عملية ذكر الله عز وجلّ، هذه العبادة العظيمة يمكن أن يقوم بها الإنسان حتى وهو في صمته في سكوته في خضوعه لله سبحانه وتعالى آناء الليل وأطراف النهار.

 

ولنا أن نتخيل يا ترى كم من الأوقات والساعات والدقائق تمر علينا وربما لا نذكر فيها اسم الله سبحانه وتعالى إلا قليلًا على الرغم من أن الله تعالى قد جعل ذكره قليلًا صفة من صفات النفاق وعاب على المنافقين أنهم يغفلون عن ذكره ولا يذكرونه إلا قليلًا. ورغم ذلك تمر الساعات والدقائق واللحظات من أعمارنا ولا نكاد نذكر الله سبحانه وتعالى ربما إلا في صلاة حين يحين وقت الصلاة في حين أن المطلوب من هذه العبادة العظيمة أن نذكر الله عز وجلّ ذكرًا كثيرًا،

ذكرًا بالقلب وباللسان وبالجوارح

حتى يصبح الإنسان ذاكرًا لربه مخبتًا منيبًا خاشعًا له سبحانه.

 

ولكي يصل إلى هذه المرحلة يحتاج الإنسان المؤمن أن الذكر الذي هو أنفع شيء له في هذه الدنيا هو ذكر الله عز وجلّ يحتاج أن يبدأ فعلًا بترتيب سلم الأولويات في حياته حتى وهو يزاول عمله يبقى ذكر الله عز وجلّ في قلبه في نفسه في وجدانه وهذه المرحلة لا يصل إليها الإنسان وقد اشتغل القلب واللسان والذهن بأشخاص أُخر أو بأشياء أخرى، يوميات الحياة، جزئيات الحياة البسيطة التي لا ينبغي أبدا أن تحتل تلك المكانة الواسعة في قلوبنا وأذهاننا، نعم نعمل، نحن نقوم بأعمالنا، نزاول مختلف الأعمال ولكن يبقى القلب معلقًا بالله سبحانه وتعالى ذاكرًا له لا يبدأ بعمل أو يمسك بورقة أو يفتح بابًا أو يُغلق آخر إلا وذكر الله واسم الله على قلبه قبل لسانه، يستذكر دائمًا في قلبه هذا الذكر العظيم

 

لن تحلو لنا الحياة ولن يصفو لنا الوقت إلا بذكره سبحانه وتعالى ذكرًا كثيرًا وإذا فتح الله للعبد باب الذكر فقد فتح له سبحانه برحمته خيرًا كثيرًا عميمًا وتوفيقًا.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ علينا بذكره.

 

13584965003.gif

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تدبر آية:

إذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا

 

15909249123_cbf32a01f2.jpg

 

 

يقول الله عز وجلّ عن نبيه زكريا، عن حالة من الحالات التي كان قد مرّ بها ذلك النبي نتأمل ونتدبر في تلك الحالة ونحاول أن نقوم بتوظيفها وتشغيلها في حياتنا نحن: “النداء الخفيّ”

 

الدعاء المستتر الخفيّ الذي لا يُظهره الإنسان لأحد من البشر لأنه يريد أن يوجّهه للرب سبحانه الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء يسمع السرّ ويعلمه كما يعلم الجهر والعلانية سبحانه.

 

يقول الله سبحانه وتعالى عن نبيه زكريا في سورة مريم

(كهيعص *ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا *وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (مريم))

تلك المناجاة، ذلك الصوت الخفي المستتر، ذلك ذلك الدعاء تلك الصلة بين العبد وربه نحتاج إليها اليوم جدا خاصة وأننا قد أصبحنا نعيش في عالم يضج بالأصوات المرتفعة، الأصوات العالية، الصاخبة كل شيء صاخب، كل شيء يرتفع بالصوت!

 

الصلة بين الإنسان وربه لا تحتاج إلى صوت مرتفع، تحتاج إلى إخفاء عن الآخرين في كثير من الأحيان ولذلك ربي سبحانه يحدثنا كثيرًا عن أعمال السرّ التي تكون مستترة عن أعين البشر ولكنها عند الله عز وجلّ معلومة يوجهها الإنسان لربّه فيتحرّى فيها الصدق والإخلاص: صدقة السر، البكاء من خشية الله، ذكر الله عز وجلّ في السرّ، أشياء متنوعة متعددة.

116528671_1410869552_5.gif

 

 

والنداء الخفي الذي توجّه به زكريا، توجّه بضعفه إلى القوي سبحانه، توجّه بفقره إلى الغني سبحانه، توجّه وهو العبد العاجز إلى الرب القوي القادر، وحين توجّه زكريا عليه السلام وكلنا يمكنه أن يتوجّه فالرب سبحانه قريب سميع مجيب الدعاء، يسمع لدعائك يسمع لذلك السرّ ولتلك الخواطر والهمسات والأنين والحنين مهما كان في أعماق وداخل أنفسنا وأرواحنا مهما بلغ به الأمر مهما وصل به العمق فالله يعلمه

(يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) [الأنعام: 3]

فإذا كان ربي سبحانه وتعالى بكل هذه الصفات العظيمة قريب بما يليق بجلاله من عباده إذن لماذا لا نتوجه إليه بهمومنا بخواطرنا بمناجاتنا له بأحاسيسنا بكل ما يشغل أفكارنا كما توجه زكريا عليه السلام؟!

ولذلك حديث زكريا عليه السلام لم يكن حديثًا مختصرًا ولا كلامًا مقتضبًا، أبدًا، حكى الحكاية على الرغم من أنه يعلم تمامًا وهو على يقين أن الله عز وجلّ يعلم ما في نفسه ولو لم يتحدث ولكن نحن تكلمنا في مرة من المرات عن الشكوى للناس وقلنا أن المؤمن لا يبث شكواه لغير خالقه سبحانه بل يتوجه بكل الهموم وبكل الأفراح وبكل الخواطر وبكل ما يشغل البال لخالقه سبحانه وتعالى وأجمل وأحلى ما تكون تلك المناجاة في ساعات الليل الأخيرة ربما في ثلث الليل الأخير حيث لا ينام أصحاب الهموم والمشاغل، عادة الناس حينما يكون الذهن مشغولا بشيء ما بموضوع مهم أو بموعد أو بهمّ قد أثقل كاهل الإنسان في النهار أو حزن أو ألم شديد لا ينام بالليل، يفارقه النوم تمامًا والنعاس ولا يعرف النعاس ولا النوم إلى قلبه وإلى عينيه طريقًا، اجلس في تلك الساعة، استيقظ، قُم من فراشك في تلك الساعة وتوضأ اغسل كل تلك الأحاسيس والمشاعر التي يمكن أن تقف حاجزًا بينك وبين النداء، بينك وبين مناجاة الله عز وجلّ، في تلك الساعة العظيمة آنِس قلبك بذكر الله فهو يسمع الهمس وبيده مفتاح كل شيء، بيده كل ما تسأل وكل ما لم يخطر على بالك أن تسأله.

 

116528671_1410869552_5.gif

 

 

 

فهاهو زكريا عليه السلام فهو رجل قد كبر في السن ورغم هذا الأمر الذي هو بوحده كفيل بأن يحول بينه وبين تحقق تلك الأمنية القديمة الغالية إلا أنه مع ذلك هناك مانع آخر وهو أن زوجته عقيم عاقر لا تلد، ورغم كل تلك الموانع إيمان زكريا عليه السلام إيمان عميق بقدرة الله سبحانه القادر على أن يفعل الأشياء ولو حتى لم تكن لها أسباب فهو مسبّب الأسباب يعطّل الأسباب بقدرته ويُعمِل الأسباب بقدرته وكذلك يُعمِل الأمور والنتائج دون وجود أسبابها إن شاء.

 

كل ما نحتاج إليه أن يكون لدينا خزين من الثقة والإيمان والاطمئنان لأمر الله سبحانه وتعالى وأن نأتي بكل أمانينا المتأخرة، كل أمانينا القديمة والعاجلة والمستعجلة وكل ما نحلم به، أن نأتي به في تلك الساعة ونقف بين يديه سبحانه ولنا أن نطيل الوقوف بين يديه ببكاء صامت على ما فات، تقصير على ما قد فرّطنا في جنبه سبحانه واستجداء لرحمته ورأفته وكرمه وفضله وجوده.

116528671_1410869552_5.gif

 

 

 

سل الله عز وجلّ حين تسأل وأنت موقن تمامًا أن لا أحد من البشر يملك لك شيئاً من دون الله سبحانه وأن كل ما تبحث عنه إنما هو بين يديه سبحانه وأن خزائن ملكه لا تنفذ ولا تنقضي أبدًا وأن عطايا البشر مهما كانت فهي في نهاية الأمر ممنونة محسوبة منقوصة منغّصة لا يمكن أن تكون أو تأتي دون أمر من الخالق سبحانه الذي حين يعطيك يعطيك عطاء ليس بمنّ وليس فيه نقص وليس فيه ذلك النوع من التحسّر والتحسّف أو ما نشعر به حين نتكلم مع البشر في حاجة لنا نتمنى أن تقضى على أيديهم.

توجه بكل حاجاتك وبكل أمانيك وبكل طموحاتك وآمالك لخالقك سبحانه وناده نداء خفيا استتر فيه عن أعين وأسماع الخلق بثّه شكواك، بثّه أحزانك وآلآمك وإن كان سبحانه عالمٌ بها فهو الرؤوف الرحيم الذي يحب أن يُدعى، الذي يحب أن نتوجه إليه وأن نسأله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تدبر آية:

(وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَاِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)

 

C8mSwTPWAAAc_Rm.jpg

يمتدح القرآن العظيم عباد الله المؤمنين، المنصفين، العادلين، البعيدين عن الكذب وشبهات الظلم والاعتداء على الآخرين. ومن تلك الأوصاف العظيمة التي تدخل تحت هذا ما وصف الله به عباده المؤمنين حين خصهم وشرفهم وأكرمهم بوصف

(عباد الرحمن) في سورة الفرقان. واحدة من تلك الأوصاف العظيمة أنه قال عنهم (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (الفرقان))

ونريد أن نتوقف اليوم عند

“الذين لا يشهدون الزور”.

 

الزور في معناه العام في اللغة:

الميل، ولذلك يقال عن الكذب زورًا لأنه يميل بالكلام عن الصدق عن المطابقة الواقع، معرفة الشيء والإخبار به كما حدث في الواقع.

 

يخيّل للبعض منا أن شهادة الزور فقط تلك الشهادة التي يُسأل عنها الناس في المحاكم حين تُرفع قضايا متعلقة بأموال أو بحقوق آخرين أو ما شابه ولكن واضح جدًا أن القرآن العظيم لا يقف بالشهادات عند هذا المعنى المحدود الضيق وإنما يصل بها إلى كل قول، فكلمة شهادة معناها إخبار ونحن في كل حياتنا، حياتنا اليومية إما نُخبِر بشيء وإما نُخبَر بشيء وفي كلتا الحالتين نحن في الواقع نزاول الشهادة فأنا إما أن أؤدي الشهادة بمعنى الخبر حين أقول به أو أتكلم به وإما أتلقى شهادة من أحد حين يخبرني أحد من الناس بشيء ما، فيا ترى أين موقع تحصيني لنفسي ولذاتي في علاقاتي وأقوالي وشهاداتي ضد الزور؟

 

في ممارساتي اليومية يا ترى إلى أي مدى أنا أعرض أقوالي وشهاداتي على الكتاب العظيم خشية أن أقع في الزور أو الميل؟ وكيف أحكم في حياتي ذلك الميل؟

كيف أستطيع أن أسيطر على ذلك الميل حتى أرقى لمنزلة أن أكون عبدًا من عباد الرحمن وأنال به ذلك الشرف العظيم فأصبح من أولئك العباد أصحاب المنزلة والوجاهة عند الله سبحانه، أولئك الذين لهم معية خاصة من الله عز وجلّ لهم حفظ، لهم رحمة خاصة كيف أصل إلى تلك المرحلة؟

أحتاج بالتأكيد إلى نوع من أنواع اليقظة، نوع من أنواع الاستحضار التام لأهمية أن لا أميل في حياتي عن العدل عن ذلك الخط الرفيع والخيط الرفيع في ذات الوقت.

 

كثير من جوانب الميل في حياتنا تحدث حين نتكلم عن أهلنا، عن أقاربنا، عن من نحب، عن أنفسنا مهم جدًا نحن نؤدي تلك الشهادات شعرنا أم لم نشعر لأن الشهادات كل الشهادات ستُكتب

(سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) [الزخرف: 19]

فكل تلك الشهادات أنا أحتاج أن أقف فيها مع نفسي أولًا ومع ضميري موقف الإنسان المتيقظ الفطن الحذر جدًا الذي لا يريد أن يميل حتى فيما بينه وبين نفسه عن ذلك الخط الواضح من العدل والإنصاف هذا الخط الذي يسميه القرآن العدل ويسمي كل ما سواه الزور. يا ترى أنا حين أتحدث عن نفسي وعن إمكانياتي وأتكلم حتى عن مؤهلاتي في الموضع والموطن الذي يحتاج لذلك أو عن غيري ممن أحب ومن أهلي ومعارفي وأقاربي يا ترى إلى أيّ مدى أنا أراعي ذلك الخط؟

إلى أي مدى أنا لا أميل عن العدل والصواب والإنصاف؟ يا ترى هل تغيرني وتحركني تلك المنافع القريبة العاجلة أو الآجلة فتميل بي يمينًا أو شمالًا؟

 

يا ترى هل تحركني عواطفي وأحاسيسي ورغبتي في نفع نفسي أو نفع من أحب بالشكل الذي أنا أتصوره أنا منفعة فأدلي بشهادة ما كان ينبغي لي أن أدلي بها فأُنسب على سبيل المثال لشخص لا يستحق أمرًا ما كان ينبغي أن أنسبه إليه.

يا ترى كم من المرات أنا تأثرت بتلك المشاعر فحادت ومالت بي عن الطريق الصائب في إدلائي بالشهادة فنسبت إلى أحد من الناس أو حتى إلى نفسي ما لا أستحقه؟

ويا ترى في كم من المرات قد حدث معي أني ربما قد زرت ومِلت عن العدل وأنا أتكلم هن الآخرين لأجل تعطيل مصلحة معينة حتى تذهب في تصوري تلك المصلحة لمن أريد وليس لذلك الشخص البعيد؟

 

كل هذه المراقبات قد تصدر منا في حياتنا اليومية ولا ننتبه إليها!

نحن ربما في بعض الأحيان نكيل المدح والثناء لأهلينا ولأبنائنا ولأقاربنا ولمعارفنا وخاصة حين نريد أن نتوسل لهم لأجل أن يحدث لهم منفعة معينة من وظيفة أو تقديم على عمل أو منصب أو ربما حتى في تزكية لأجل زواج أو إتمام مشروع زواج.

أين الحذر وأين الشهادة وأين الالتزام والبعد عن شهادة الزور في مواقفنا الحياتية تلك أين مراعاة الله عز وجلّ ؟

ويا ترى حين يحدث في بعض الأحيان كما يحدث في كل الأُسر والعائلات والبيوت شجار أو نزاع أو بعض الخلاف فيما بين الأبناء بعضهم البعض أو الأبناء وأبناء لعمومة أو الأزواج والزوجات

أين نصيب الشهادة الحق لا الشهادة الزور في المواقف المختلفة؟

القرآن يربينا يعلمنا أن نجعل من تلك القيم والخصائص سجايا في أنفسنا في طباعنا ولا يمكن أن تتحول الممارسات إلى طباع وسجايا دون معاصرة ومقارنة أحداث متعددة ومواقف متنوعة تمررني بكل تلك الاختبارات الصعبة لأخرج منها بعد ذلك بنفس منصفة قوية تأبى الظلم وتأبى الزور حتى وإن كان ذلك على حساب رغباتها الآنية المحدودة لأنها تدرك تمامًا أن النفع الأصلح والأدوم والأبقى في الحفاظ على تلك النفوس من الزور في حمايتها من الكذب الذي سماه الله عز وجلّ ظلمًا وزورًا في كتابه الكريم ليحذرنا من عاقبته ليبين لنا أنه لا يمكن أن يأتي بخير وإن توهمنا أو تصورنا واهمين أن فيه خير أو صلاح.

 

3dlat.net_24_16_d694_77b34410bfe11.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

img_1420025393_439.gif

 

 

تدبر آية

(وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)

 

9c245556fe057286558a5a828f99e675.jpg

 

(وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)

هذه القضية:

الصبر على ما لم نحط به خبرا وعلما ومعرفة وإدراكًا بحكم بشريتنا قضية في غاية الأهمية، قضية تعترضنا في كثير من الأشياء التي نمر بها في حياتنا، المشاريع التي يتأخر النجاح فيها المشاريع المعطلة في حياتنا سواء مشاريع على المستوى العملي أو المستوى العائلي أو الاجتماعي والأسري والمادي كل المشاريع التي في بعض الأحيان لا نرى لها ثمرة أو نتيجة.

 

كل الأمنيات التي لم تتحقق لنا بعد كل القضايا التي نتمنى أن تقع اليوم قبل الغد، كل الأشياء التي نعتقد أنها أنفع وأصلح وأحسن بالنسبة لنا ونريد أن تحدث الساعة وليس بعد ساعة، كل تلك الأمور القرآن العظيم يعلمنا من خلال هذه القصة

(وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا )

 

يعلمنا بالمقابل أن ما هو مطلوب مني كبشر بعد أن أجتهد وأقوم بالعمل الذي ينبغي أن اقوم به أن أصبر أن أعطي الأمور المختلفة في حياتي الزمن، حقيقة الزمن الذي لا يمكن أن يحدث إلا من خلال الصبر، وأني أدرك وأنا أصبر وأنتظر أن هناك أشياء في الحياة أنا لم أحط بها علمًا بحكم بشريتي بحكم إنسانيتي بحكم علمي القاصر المحدود فنحن لا نعلم المخفي من الأمور، نحن لا نعلم إلا شيئا مما ظهر نعلم ظاهرًا من الأشياء وهناك عشرات الأشياء مخفية عنا في علم الغيب عند الله سبحانه، هناك كثير من المواقف في حياتنا ربما ونحن نمر بها نحرص عليها وعلى وقوعها أشد الحرص ونتمنى في قرارة أنفسنا أن تحدث الآن ولا تحدث بعد يوم أو يومين ولكن الله سبحانه يشاء أمرًا آخر فتؤخر تلك الأمنيات المستعجلة ولا تحدث تلك الأماني التي كنا نتمناها وربما نتأثر وربما نحزن لذلك وربما حتى نشعر بالسخط والضجر والسأم أن ذلك لم يحدث ولكن بعد فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر ندرك تمامًا أن الخير كل الخير في أن تلك المشاريع التي حرصنا عليها لم تحدث ولم تقع.

 

هذه الإشكاليات نحن نحتاج أن نستحضرها ونحن نمر في الحياة بقضايا متعددة ربما تأخر في مواعيد زواج، ربما تعطل في تحقيق أمنية عزيزة غالية على أنفسنا.

كل أولئك الذين تتعطل أمنياتهم كل أولئك الذين يبحثون عن الوقت والساعة التي يرون فيها أحلامهم واقعًا على الأرض كل تلك الأمور تحتاج منا إلى صبر تحتاج منا أن ندرك أن هناك فسحة من الوقت وفسحة من الزمن ومجال للفعل الإلهي الذي لا يمكن أبدا أن يحدث شيء في الكون إلا بأمره وإرادته سبحانه.

 

عندها فقط لا يستبد بنا اليأس حين تتعطل الأمنيات لا يأخذنا الملل وطول الانتظار بعيدًا عن التفاؤل والإيجابية والعمل الدؤوب عندما لا يحدث ما نتمناه رغم كل سعينا وحرصنا على أن يحدث.

فهناك الكثير من الأشياء لم نخبرها ولم نعلمها ولم نحط بها علمًا، كثيرمن الأمور من المشاريع التي تتعطل ربما الخير في أنها قد تعطلت ربما الخير في أنها لم تشغل في تلك اللحظة التي تمنيناها لأن هناك نقص في جهة معينة لم نستكمله وربي سبحانه من لطفه ورحمته بنا وخبره وعلمه بنا سبحانه وتعالى أراد لنا أن تُعطل وأن لا تتم في الوقت الذي حددنا لنا وإنما في الوقت الذي حدده هو سبحانه وتعالى لنستكمل النقص لنتخلص من جوانب ضعف موجودة في تلك المشاريع.

 

وحين ننظر إلى طبيعة العلاقة بيننا وبين الله سبحانه أنها علاقة الخبير العليم بعباده وخلقه يربيهم ويعلمهم ويؤدبهم ويزكيهم، عندها فقط ستتغير الأمور وستتغير النظرة التي نستقبل بها أحداث الحياة ولذا ربي سبحانه وتعالى يقول

(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (الملك))

خبير بنا سبحانه خبير بأن كثيرًا من الأمنيات لو حدثت في الوقت أو بالشكل الذي أردناه يمكن أن تؤدي إلى اشياء غير جيدة في حياتنا على المستقبل القريب وربما حتى المستقبل البعيد.

 

نحتاج إلى جرعة من الطمأنينة والثقة بأمر الله سبحانه وتعالى خاصة في حياتنا المعاصرة التي تتسم بعامل السرعة الشديدة فنحن في بعض الأحيان يصل بنا الأمر كمن يرمي البذرة في الأرض ويتوقع أن يحصد الثمار بعد أسبوع واسبوعين هذا لا يمكن أن يحدث!

كل شيء في الكون حتى تلك البذرة التي نبذرها في الأرض تحتاج إلى عناية وإلى رعاية وإلى سقي وإلى ماء وإلى ظروف معينة لكي تنبت وحين تنبت في نفس الوقت تأخذ مراحل حتى تكبر حتى تصل إلى مرحلة حتى تكون شجرة حتى تحمل بعد ذلك ثمرة وحتى الثمرة ربي سبحانه وتعالى لا يجعلها من أول تكوّنها صالحة لأن تُجنى أو تقطف، هناك مدة زمنية، أنا إن استعجلت في قطف تلك الثمرة لا يمكن أن أحصد منها شيئًا حتى في الطعم سيكون الطعم مرًّا كالعلقم لأني بالفعل استعجلت وحصدت الثمرة قبل أوان نضجها، قبل اكتمال نضجها!

 

أنّى لي أن أتعلم أن أطبق هذه الجزئيات والقوانين الموجودة أمامي في الكون وفي الطبيعة على حياتي ونفسي على ترك الاستعجال في بعض الأمور والتأني بها، إعطاء عامل الزمن، عامل الوقت حتى في التعامل مع الأشخاص حتى في التعامل مع الأبناء حتى في إحساننا للناس نحن حين نفعل ونقوم ونصنع ونبذل جهدًا لا تتوقع أنك ستجني الثمرة غدًا أو بعد غد وربما قد يطول الأمد!

الله خبير بالوقت الذي يمكن أن تجنى فيه الثمار ربما ربي سبحانه أراد لك شيئا آخر أراد لك وقتا آخر تستفيد منها بشكل أفضل.

فإذا بنيت العلاقة بيننا وبين الله عز وجلّ على تلك الثقة على تلك الطمأنينة على إدراك أننا في نهاية الأمر بشر فينا قصور فينا محدودية فينا قصر نظر بحكم بشريتنا فينا نوع من أنواع الاستعجال الذي تكلم عنه القرآن الإنسان خلق من عجل ولكن هذه العجلة ينبغي أن أراعيها وأن أهذبها وأشذبها إلى أن تستقر حياتي وفق جانب التأني وعدم الاستعجال في الأمور والحكم على الأمور ببداياتها بإدراك أن الله سبحانه وتعالى قد أحاط بكل شيء خبرة وعلمًا ومعرفة ورحمة

 

almstba.co_1371578217_34372.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ayat_14.gif

تدبر آية –

(هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)

 

mJ6VFb0o_400x400.jpeg

 

 

وصف الله سبحانه وتعالى كتابه العظيم بأوصاف عديدة ومن تلك الأوصاف أنه بصائر يقول الله عز وجلّ في كتابه العظيم

في سورة الأنعام

(قَدْ جَاءَكُم بَصَائِر مِن رَّبِّكُمْ) [الأنعام: 104]

يقول في الأعراف

(هَذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[الأعراف: 203]

يقول في الإسراء

(مَا أَنزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِر)[الإسراء: 102]

يقول في سورة القصص

(بصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [القصص: 43]

ويقول في الجاثية

(هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20) الجاثية).

 

 

ولنا أن نتوقف عند معنى البصائر فالبصائر جمع لكلمة بصيرة وهناك ترابط واضح بين البصر والبصيرة، فبالبصر يرى الإنسان وينظر المحسوسات المختلفة، الصور المتعددة المتنوعة الكونية التي نراها من حولنا ولكن عندما يأتي الأمر عند البصائر أو البصيرة فهي نور في القلب يرى فيه الإنسان القضايا المعنوية غير المحسوسة، غير المرئية يدرك بها أمورًا تقع في وجدانه، في إدراكه، في ذاته، يميّز بها بين الحق والباطل، يميّز بها بين العدل وبين الظلم، بين الخطأ وبين الصواب.

 

img_1376585777_218.gif

 

 

عشرات الأمور تقع لنا في اليوم والليلة نحتاج فيها إلى اتخاذ قرارات، هذه القرارات لا يمكن أن تأتي هكذا من فراغ مبنية على مجرد الصور التي نراها من أمامنا، هناك أشياء أخرى.

والقرآن العظيم ربي سبحانه وتعالى حين اختار له هذا الوصف ووصفه بأنه بصائر في أكثر من موضع في آيات القرآن يريد أن يعلمنا أن نتوجه إلى هذا القرآن الكتاب العظيم حين تختلط علينا الأمور، حين نريد أن نتبين الحق من الباطل، الخطأ من الصواب، الضلال من الهدى.

 

هذه الأمور المختلطة المتشابكة وكثير من الأمور في واقعنا وفي حياتنا باتت متشابكة، خيوط، كومة من الخيوط المتشابكة، أخرى من الطرق المتعددة وكأنها ألغاز في بعض الأحيان.

من الذي يمكن أن يساعدنا في حل هذه الإشكاليات؟

في فكّ هذه الخيوط المترابطة المتشابكة؟

من الذي يمكّننا من أن نصل إلى اختيار الأصوب والأفضل والأحسن لنا في ديننا ودنيانا وآخرتنا؟

من الذي يمكن أن يقودنا إلى اختيار العاقبة الأحسن، النتيجة الأفضل في قراراتنا حين تختلط علينا الأوراق والأمور؟

القرآن العظيم.

 

وبطبيعة الحال أنا لن أجد حين أريد على سبيل المثال أن أبحث عن حل أو أتخذ قرارًا في قضية معينة ربما متعلقة بزواج، ربما متعلقة بعمل، ببيت، بأولاد، بشراء، ببيع، بأهل، يا ترى هل سأجد الإجابة واضحة في كتاب الله مباشرة؟

القرآن كتاب لا يقدم الإجابات المباشرة على المشاكل أو الإشكالات اليومية التي يمر بها الناس لأنها متنوعة، لأنها متعددة، لأنها تختلف من شخص لآخر ومن بيئة لأخرى، ولكن القرآن يضع لي الإطار العام الذي من خلاله أستطيع أن أتبين الأمور، أستطيع أن أميّز بين الخطأ والصواب، بين الحسن والأحسن.

فكلما ازدادت علاقتي بكتاب الله عز وجلّ تكرّست تلك النظرة في قلبي وفي نفسي وفي حياتي أنّي لا هدى لي بعيدًا عن القرآن، كلما أصبحت أتمسك أكثر بكتاب الله وأرى فيه هداية وأرى فيه سبيلًا لتخليصي مما أنا فيه على مختلف المستويات كلما تعمّق هذا الشعور والإحساس فيّ توطدت العلاقة بيني وبين القرآن، وكلما توطدت تلك العلاقة ازدادات وقويت البصيرة في نفسي وفي وجداني شعّ نور البصيرة في إحساسي وفي تصوراتي وفي أفكاري التي أبني من خلالها قراراتي المختلفة التي أتخذ قراراتي في الحياة من خلالها، التي أبني مواقفي وقراراتي وعلاقاتي على أساسها.

لا يمكن للإنسان العاقل أن يمشي في الحياة متخبطًا سائرًا على غير هدى تحرّكه الأهواء والنوازع، يحتاج إلى بصائر، يحتاج إلى دليل.

 

img_1376585777_218.gif

 

 

وفي بعض الأحيان نحن حتى حين نريد أن نشق طريقًا في السيارة لنصل إلى مسافة قريبة أو بعيدة من شوارع أو من طرق أو من مكانات نحتاج إلى أن يكون لدينا دليل أو خارطة وحين يكون هناك نوع من أنواع الإعدادت في الشارع أو التغييرات حتى في البناء أو في مستوى الإعداد نجد أنفسنا في حيرة من أمرنا لا ندري أنذهب من هنا أو من نذهب من ذلك الطريق؟

نبحث عن الطريق الأفضل والأقصر والطريق الذي يمكن أن يوجهنا إلى الوجهة التي نريد بأسهل وأيسر ما نريد.

فكيف لنا ونحن نسلك طريق الحياة الممتد المتعرج الذي ينحني حينًا ويبتعد أحيانًا عن المسار الذي نريد الوصول إليه؟! كيف للعاقل أن يسير في الطريق دون بصائر توجهه؟! دون طريق يوضح له المسافات؟! دون نور يوضح له أين يسير في ذلك التوجه؟! أين يؤدي به ذلك المنعطف إن أخذ يمينًا أو شمالًا؟!

لا يمكن للعقل ولا المنطق ولا القلب يمكن أن يقبل بهذا النوع من التخبط!.

 

فكلما ازددت قوة وعلاقة وبدأت العلاقة بينك وبين كتاب الله تزداد وتقوى وتشتد ازداد شوقك إليه وكلما ازداد الشوق والتعلق والمحبة لكتاب الله بدأ نور القرآن العظيم يدخل إلى ثنايا النفس والروح تشرق به الروح، يشرق به العقل والفكر والحسّ فيبدأ فعلًا بطريقة عفوية جدًا يرى الهدى، يرى النور، يرى الخير، يتبصّر فيما حوله، يتبصّر في كل المسائل والأشياء والمواقف التي تمر به وهو في ذلك كله لا يستغني عن الدعاء لله عز وجلّ والتوجه إليه في كتابه الكريم ليهديه سبل الرشاد.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصّرنا وأن يعلمنا وأن يهدينا للحق الذي يحبه ويرضاه وأن يجعلنا له كما يحب ويرضى

3dlat.com_13921460802.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

13501539381421.gif

 

تدبر آية :

(وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)

 

 

 

B-eIG3PCUAAM8rC.jpg

 

 

هذا الكتاب بعدة أوصاف في القرآن نفسه

ومن تلك الأوصاف أن الله وصفه بأنه بشارة وبشرى والبشارة كما نعلم هي الخبر السار الذي يثلج الصدر ويطيب به الخاطر وترتاح به النفس ويأنس له الوجدان. البشرى ذاك الخبر المفرِح الذي يُدخل السرور والأنس والطمأنينة على القلب حين يطول الانتظار بالإنسان ويتمنى أن يسمع خبرًا سارًا. وربي سبحانه وصف كتابه الكريم بهذا الوصف فقال(وَهُدًى وَبُشْرَى( لِلْمُؤْمِنِينَ)) [البقرة: 97]

وفي موضع آخر (وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 89]

(وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 102]

(وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) [الأحقاف: 12]

إضافة إلى عشرات البشارات جاءت بصيغة الفعل (وبشّر) في كتاب الله الكريم.

 

ولنا أن نتساءل ما نوع الأخبار السارة التي حملها القرآن للمؤمنين به؟

تدبروا على سبيل المثال في قوله في سورة البقرة

(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لهم جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار) [البقرة: 25]

وفي نفس السورة حين يحدثني الله عز وجلّ عن ابتلاءات، عن مصائب، عن طبيعة الحياة فيقول (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) البقرة) وفي آية أخرى (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة: 223] وفي ثالثة في سورة الحج (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) [الحج: 34] وفي نفس السورة (وَبَشِّر الْمُحْسِنِينَ) [الحج: 37] (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [الأحزاب: 47] (فَبَشِّرْ عِبَادِ) [الزمر: 17]

 

3dlat.net_13_16_93a5_704213eb9cf23.gif

كل تلك البشارات كل تلك الأنباء السارة التي تفرّج عن القلب الهموم وتمسح عنه آثار الحزن والألم كل تلك البشارات لمن؟!

لمن يؤمن بهذا الكتاب لعظيم، لمن ينظر ويتدبر ويتلو في آياته فيرى فيها غدًا أفضل، لا يرى في تلك الابتلاءات الوجوه الكريهة التي يبغضها في الابتلاءات أو المحن ولكنه يرى أو يقرأ ما بين السطور، يرى بُعدًا آخر وصفحة أخرى في تلك الابتلاءات والمحن والأشياء التي تمر به في أحداث الحياة فتتألم نفسه بها.

 

يرى فيها شيئًا آخر يرى فيها صبرًا حين يكون الصبر مطلبًا وواجبًا فيرى في الصبر حلاوة تمحو به تلك المرارة التي يمر بها في أثناء دروب الحياة ومكابدة الهموم والأحزان والصبر على الابتلاءات والمحن.

 

 

القرآن العظيم وهو يحدثنا عن طبيعة الدنيا وهو يحدثنا عن الابتلاءات التي نمر بها عن طبيعة الامتحانات، المواقف التي نتعرض لها يبشرنا دومًا أن الله مع الصابرين، يبشرنا ويحمل لنا الأنباء السارة أن ما تراه اليوم وأن ما تراه من بدايات الأمور لا يعني أن ليس فيها خيرًا ما تراه في بداية حياتك ربما من ظروف، ما تمر به من صعوبات، ما تعترضك من عقبات كل هذه الأمور لا تبتئس حين تمر بك، امتلك في نفسك وفي قلبك تفاؤلًا ينبع من الإيمان بالله، تفاؤلًا ينبع من التدبر في كتابه سبحانه، ينبع من صدق التوكل عليه، ينبع من اليقين بأن ما ورد في كتاب الله عز وجلّ صدق، حقّ، تيقن، تأكد تمامًا وتيقن بأن الغد يحمل أخبارًا سارة وبأن ما نام على الإنسان ربما من خبر أو حزن أو من ألم، خبر لم يرق له ربي سبحانه وتعالى قادر على أن يبدل ذلك الحزن بشيء آخر بسرور، بفرح، بطمأنينة. مرارة الصبر لا تذهب سدى فأجر الصابرين عند ربهم يوفّى بغير حساب.

 

آهات الأمراض والمتاعب والمشاق التي تمر بنا لا تضيع هكذا هدرًا فربي سبحانه يكفر بكل آهة عشرات الخطايا والذنوب والآثام يرفع بها الدرجات ويضاعف بها الحسنات ويمحو بها السيئات ويعطي بها تفضلًا وتكرمًا ومنًّا وإحسانًا.

 

وما يمنعه ربي سبحانه عنا لخير لنا في ذلك لحكمة يراها سبحانه فهو العزيز الحكيم، لا ترى فيها فقط مرارة الامتحان وصعوبة الابتلاء والانتظار ولكن تأمل وانظر وتدبر في كتاب الله عز وجلّ وهو يبشر المؤمنين وهو يبشر أولئك الذين يبحثون عن الحكم يبحثون عن ما وراء الأحداث، يبحثون عن الأشياء التي يقرأونها في كتاب الله فيصلون ويدركون بها ما يعرض في حياتهم من أمور من مشاق من مصاعب من تحديات، لا يرون في الابتلاءات نهاية المطافات ولكن يرونها مجرد سؤال يستعينون بالله على حلّه ومواجهته وقطعًا والنتيجة لا يمكن أن تكون إلا خيرًا وعطاء ومنًّا وفضلًا وإحسانًا.

 

ثم إن المؤمن ينتظر الخبر السار، ينتظر البشرى ولذلك ربي عز وجلّ يقول

(لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) [يونس: 64]

3dlat.net_13_16_93a5_704213eb9cf23.gif

 

ربي يبشر عباده في الحياة الدنيا من خلال آيات القرآن العظيم ولذلك ونحن نأتي إلى القرآن العظيم ينبغي أن نأتي إليه بقلوب تنتظر الإخبار بأمور سارة، تنتظر إدراك حقائق الأمور والوقائع، تقرأها بنفس مطمئنة لا ترى في الواقع مهما اسودّ ومهما تغيرت أشكاله وتبدلت أصناف الأمور التي تمر به لا ترى فيه واقعا ميؤوسا منه ولا حالة ميؤوسا منها فالمؤمن لا يعرف اليأس إلى قلبه ممرًا أو مسلكا وكيف يعرف اليأس وهو يقرأ في كتاب الله عز وجلّ عشرات البشارات وهو يرى في أن ذلك القرآن العظيم في حد ذاته هو مصدر لكل بشارة هو مصدر لكل خير

 

ولذلك ليس من العجب أن تأتي النفوس إلى كتاب الله منقبضة منكمشة تحمل الهموم والأحزان لكنها بمجرد أن تتلو من آيات هذا الكتاب آية أو ربما كم آية إذا بكلّ ذلك الهمّ يذهب ويروح وكأنه قد زال تمامًا حتى وإن لم يتبين للإنسان أن قد زالت أسباب ومسببات تلك المكدرات والمنغّصات في حياته ولكن مجرد تلاوة القرآن تطيب بها النفوس وتنشرح بها الصدور وتهدأ بها القلوب وتخفت بها أصوات المخاوف وما يمكن أن يبث اليأس في قلوب البشر الذين يبتعدون عن ذلك الكتاب العظيم.

بشّركم الله بكل خير وأسعد الله أوقاتكم

 

3dlat.com_139492616812.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

%D8%AE%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%85-1.jpg

 

تدبر آية

 

(وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَة)

 

 

ربما يتساءل الكثيرون منا يا تُرى ما الحكمة فيما نتعرض له من مواقف في حياتنا من أحداث تمر بنا، من تجارب، من آلآم، من أحزان، من هموم، من مكدّرات، من ابتلاءات أحيانًا في المال أحيانًا في الجسد أحيانًا في الأهل أحيانًا فيمن نحب، يا ترى لم نتعرض لكل هذا؟

وربما أول كلمة تخطر على البلاء كلمة “الابتلاء” أن الدنيا دار ابتلاء، دار امتحان.

 

 

 

ولكن السؤال الذي يبقى دائمًا يدخل في أذهاننا وأحيانًا كثيرة لا نستطيع أن نتوصل إلى إجابة له: لماذا الابتلاء في الأصل؟ ولماذا الاختبار في الأصل؟

وكلنا نؤمن كمسلمين بأن الله سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة، يعلم السر وأخفى وأنه علام الغيوب فهو يعلم بنا مسبقًا وبأننا سننجح أو لا ننجح في تلك الابتلاءات، يعلم في سابق علمه سبحانه وتعالى من منا الذي يستطيع أن يصبر ويتعرض لذلك الامتحان والبلاء ولكنه لا يضعف ومن منا قد يتعرض لأقل من تلك المواقف والصعوبات ولكنه كذلك ربما يضعف وربما ينهار في إيمانه أو في علاقته مع الله عز وجلّ، فلِمَ الابتلاء؟

 

ربي عز وجلّ بيّن لنا بأن فعلًا طبيعة الدنيا أنها لا يمكن أن تسير على وتيرة واحدة، إن صفت يومًا تكدّرت أيام، إن علا فيها الإنسان يومًا ربما يأتي يوم آخر بشكل ثان تمامًأ يختلف عن الأول! تقلّب الأحوال فيها من طبيعتها، تغيّر الأمور، المداولة فيها بين الناس والتفاوت في الأدوار شيء طبيعي من طبيعتها ومن شكلها وبالتالي لا مجال لأن يتساءل العاقل المدرك لطبيعة الدنيا عن الحكمة من وراء تلك الابتلاءات ولمَ نبتلى ولمَ نُمتحن؟

يقول الله عز وجلّ (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).

إذن سواء أكان الامتحان أو الابتلاء في أمر نحبه ونرى في ظاهره أنه خير أو زيادة أو انفتاح في شيء معين، في مجال ما من مال أو رزق أو أولاد أو ما شابه وكذلك في حالة النقص في صحة أو في مال أو في ولد أو فيمن نحب، إقبال أو إدبار الدنيا، كل هذه الأحوال هي لا تخرج عن طبيعة الدنيا أبدًا الزيادة كما النقصان، الصحة كما المرض كلاهما ابتلاء، كلاهما اختبار كلاهما امتحان وفي كلتا الحالتين لا تخرج الدنيا عن طبيعتها التي وصف ربي سبحانه وتعالى فيها ولكن ليست الإشكالية أن نُبتلى.

 

أخطر إشكالية أن نُبتلى وأن نُمتحن في أمور متعددة ونحن طول الوقت نُمتَحن، كل أيام الدنيا وإلى أن نخرج منها نحن في امتحانات متعددة لا نضع الأقلام فيها أبدًا، كل ما هنالك أننا لا ندرك وأننا نقدم ذاك الامتحان أننا بالفعل في قاعة امتحان كبير جدًا اسمها الدنيا والحياة، وقته هو ذلك العمر الذي حدده وكتبه ربي عز وجلّ لنا، سيقال لنا في يوم من الأيام: انتهى الوقت وتحفظ الإجابات وتُكتب كل تلك الإجابات وقد كُتبت ودوّنت وربي سبحانه وتعالى قد حفظها في كتاب مبين حين يوفّي لنا الأعمال ويوفّي لنا الجزاء.

 

إذن ليست الإشكالية في الامتحان وليست في طبيعة الأسئلة ولكن الإشكالية الأكبر في كيفية الإجابة عن تلك الأسئلة إذا ما أدركت أن كل ما أمر أنا فيه وكل ما أمر به من أحداث إنما هو عبارة عن أسئلة في أوراق امتحان، واستقر في قلبي وفي نفسي أن هذه هي طبيعة الدنيا استطعت أن أتعامل مع كل تلك الامتحانات بنفسية مختلفة لا بنفسية مضطربة قلقة لا تدرك الحكمة من وراء كل تلك الأحداث، نفسية هادئة مستقرة تتعامل مع الابتلاء لترى كيف يمكن أن تحصّل أحسن إجابة على ذلك السؤال، لا تقف أبدًا عند: لِمَ السؤال؟ السؤال قضية مفروغ منها، لا بد أن تُسأل. فلا يسأل الطالب حين يدخل الامتحان لِمَ أنا أُسأل؟ وليس كذلك من العقل ولا من الحكمة في شيء ولن يعود على الإنسان بمصلحة أن يبقى واقفًا متجمدا في مكانه يتساءل لم الأسئلة صعبة ولم جاءت طبيعتها بهذا الغموض أو عدم الوضوح كل ذلك لا يجدي نفعًا ولا يأتي بخير ولا يقدم إضافة حقيقية لطبيعة الإجابة التي قد طولبنا بها، إنما ما يقدم فعلًا الإضافة لحقيقية هو التعقل والتبصر والنظر في كيفية تقديم الإجابة بأتم ووجه بأحسن ما يمكن.

 

هذا النوع من التفكير يعدل تمامًا طريقة التعامل مع الابتلاءات والامتحانات المختلفة التي نتعرض لها، لا تصبح المسألة الانغماس والإفراط في تفاصيل السؤال أو ما نتعرض له في مواقف مختلفة في حياتنا ولكن كيف يمكنني أن أحوّل ذلك الموقف لإضافة نوعية في عملي في علاقتي مع الله عز وجلّ سواء أكان ذلك الموقف يروق لي أو جاء على هواي أو ما تحبه وترغب فيه نفسي أو لم يكن كذلك، تبقى فقط الإجابة والتفكير السليم هو الذي يهديني لأحسن إجابة، لأكثر ما يمكن أن يقربني إلى الله عز وجلّ لتصبح بعد ذلك كل الإجابات مختلف المواقف، مختلف الصعوبات، الصحة، المرض، المال، نقص المال، ضائقة مالية، إشكاليات في تربية أولاد، إشكاليات في العمل، إشكاليات مع الأهل كل الأشكال المتنوعة التي كلنا نشترك في نهاية الأمر كبشر في مواجهتها نقصانًا أو زيادة كلها تصبح مواد للإجابة على تلك الأسئلة، مواد تقرّبنا إلى الله سبحانه وتعالى. وقطعًا حين نُدرك هذه الحكمة ونضعها دومًا في أذهاننا تستقر النفوس، تهدأ العقول وتبدأ بالفعل تبحث عن كيفية الإجابة ولا تدور في حلقة مفرغة حول الحكمة من وضع الأسئلة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
 
 
 Ùا ÙØªÙÙØ± ÙØµ بدÙ٠تÙÙØ§Ø¦Ù.
 
تدبر آية - (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ)
- د. رقية العلواني
 
يقول الله عز وجلّ في سورة الأنعام
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)الأنعام)

سبحانه الذي جعلنا خلفاء في عمران الأرض يخلف بعضنا البعض ورفع بعض الناس فوق بعض درجات
وهو واضح في واقعنا درجات في العلم، درجات في المال، درجات في الجاه، درجات في المواهب
، ولكن لماذا ذلك التفاوت والاختلاف والتباين؟
ليختبركم فيما آتاكم من هذه الأمور (لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)
والكلام في الآية هنا

(لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ)
واضح جدًا أن الغاية مما وهبنا الله سبحانه وتعالى الاختبار والابتلاء، إذن كل ما أوجد الله سبحانه وتعالى لي من مواهب خاصة بي أنا أنا
قد تفرّدت بها بشكل أو بآخر إنما هي من قبيل الاختبار الخاص بشخصي والذي قطعًا سأحاسب عليه لأنه جاء في ختام الآية

(إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ)
لمن عصاه لمن وظف تلك الإمكانيات والمواهب والتفاوت في الدرجات في مخالفة نهج الله سبحانه وتعالى الذي أوضحه في كتابه الكريم وفي نفس الوقت سبحانه غفور رحيم لمن وظف تلك الإمكانيات والتفاوت من مواهب ومال وجاه وعلم في تطبيق أوامر الله عز وجلّ في حياته وفي واقعه.

ÙØ§ ÙØªÙÙØ± ÙØµ بدÙ٠تÙÙØ§Ø¦Ù.

حديثنا اليوم عن تلك المواهب، حديثنا اليوم عن الإمكانيات التي نحظى بها، هذه موضع اختبار، هذه موضع الابتلاء في حياتنا وبالتالي حتى الوظائف التي نتدرّج بها هي من قبيل الاختبار. أنا حين أعمل مدرّسًا أو أعمل موظفًا هذا شيء صحيح يبدو لي في شكله الظاهري أنه وظيفة قد وظِّفت بها من قبل الجهاز الذي أنا أعمل فيه لكن في واقع الأمر هو مسؤولية هو ابتلاء فيما آتاني الله عز وجلّ حين أرد الأمور إلى مكانها الحقيقي الصحيح. حين أكون طبيبًا مسؤولًا عن مرضى، مسؤولًا عن مجموعة من الناس هذه من الإمكانيات التي ربي سبحانه وتعالى آتاني وبالتالي أنا في موضع اختبار صباح مساء ليل نهار
(لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ).

إذن لو عدنا مرة ثانية إلى قوله عز وجلّ (لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) أصبح ما يوكل لي من مهام هذا موضع اختبار، إتقاني وقيامي بالعمل لأجل أن يحقق الهدف الذي أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون، هذا هو المحطّ، محطّ الاختبار ولو نظرنا إلى واقعنا اليوم لوجدنا أننا في كثير من الأحيان قد ابتعدنا عن هذه النظرة القرآنية العظيم، أصبحنا ننشغل فيما بيننا من التفاوت، فلان أكثر مني مالًا، فلان حصل على كذا ولم أحصل على كذا، أصبح ما يشغل الكثيرين في حياتهم ما يشغلهم هو النظرة في قضة التفاوت والاختلاف والتباين بين البشر في المواهب في العطاءت هي التي هي في المحصلة عطاءات إلهية ولكن لا ننظر أبدًا إلى مغزى تلك العطاءات. الإنسان على سبيل المثال حين يعطى العمر، العمر في حد ذاته عطاء هو رزق هو نوع من الأصناف التي تدخل في قوله (لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) فلان من الناس قد يعطيه الله عز وجلّ سبعين عامًا من العيش، من الحياة، وشخص آخر قد يعطيه ربي عشرين عامًا، هذا أعطاه سبعين وذاك أعطاه عشرين، النظرة هنا لا ينبغي أن تكون إلى التفاوت والمقياس في عدد السنوات التي أعطاها ربي سبحانه وتعالى هذا الأمر يعود لحكمته وتقديره سبحانه لكن أنا كإنسان مطلوب أن أنظر في قضية الاختبار ماذا أستطيع أن أقدم في السنوات التي أعيش فيها ولذلك من حكمته عز وجلّ أنه أخفى سنوات العمر التي سنقضيها على الأرض، لا نعرف هل سنعيش عشرين عامًا هل سنعيش أكثر أقل؟ لا نعرف، فإذا كنا لا نعفر هذه المعرفة فإذن هي داخلة في قضية الاختبار أن أفعل أقصى ما استطيع فعله ضمن الإمكانيات التي توكل إليّ وتتاح لي ولكن أستعملها في أيّ شيء؟ حدَّد الغاية فقال (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ) كل ما وهبني الله عز وجلّ من مال أو رفعة أو علو درجة أو منصب أو موهبة كل ذلك يوظف في سبيل الغاية التي ربي سبحانه وتعالى خلقني لأجلها: إعمار الأرض. إذن هي ليست مسألة محصورة في نوعية من الأعمال ربما أنت قد وُهبتَ مالًا وغيرك وهبه جاهًا، لا تنظر إلى ما ليس عندك وانظر إلى ما في يدك وتأمل في المنتوج الذي ستنتجه، المنتج، المُخرج الذي سيخرج نتيجة للك الموهبة التي أعطانا الله سبحانه وتعالى. بعض الأشخاص ربي سبحانه يعطيه إمكانيات مهولة ولكن الأعمال التي يُخرجها من ذلك لا تساوي إلا الشيء اليسير البسيط، هذا يتنافى مع هذه الغاية. حين يعطيك ربي الكثير وينعم عليك سبحانه بالكثير وكل ما أنعم الله علينا به فهو كثير لكننا نتفاوت في طبيعة النظرة إلى ما أعطانا الله عز وجلّ. ينبغي أن يكون التركيز ليس على ما أعطاني بقدر ما يكون ماذا أستطيع أن أفعل بما أعطاني الله عز وجلّ؟. وحين يتحول السؤال عند هذه النقطة: ما الذي أستطيع أن أقدّمه من خلال موقعي ومن خلال إمكانياتي يتحول المجتمع كل المجتمع إلى ساحة للإبداع والإتقان ساحة للتنافس المحمود، لا يمكن في تلك الأجواء أن يبرز الحسد كمرض اجتماعي لأن الحسد عقدة نقص، عقدة شعور بأن الآخر يمتلك شيئا أنا لا أملكه ولكن المؤمن الإنسان الذي يربيه القرآن أراد له أن يخرج من تلك النظرة المادية المحدودة إلى فضاء أوسع فضاء يحرره من دوافع الحسد والنظر إلى ما يمتلكه الاخرون، إلى التركيز على ما قد وهبني الله سبحانه وتعالى من نعم لاستخدامها ولتوظيفها في القيام بعمل الخير وعمل كل ما هو نافع يعود بالخير عليّ وعلى غيري وذلك هو محكّ الاختبار.


إسلاميات

Ø±Ø¨ÙØ§ تحتÙÙ Ø§ÙØµÙرة عÙÙ: ââØ²ÙØ±Ø©ââ

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
image.png.ef3e277418fa01c00f6befa186b6e303.png
 
تدبر آية:
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
 
كلنا يحب البيوت العالية المرتفعة خاصة تلك الرفيعة في مكانتها، في علوّها، ولكن القرآن العظيم يقدم لي نوعًا من أنواع العلو ربما لم ننتبه إليه كثيرًا.
تأملوا قول الله عز وجل في سورة النور (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴿٣٦﴾رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴿٣٧﴾ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٨﴾)

بيوت تُرفع، غالبية المفسرين على أن المقصود بتلك البيوت التي أذِن الله لها أن تُرفع ليست المساجد فحسب إنما هي لكل البيوت. البيت الذي يريد أن أهله أن يُرفع فعلًأ هو ذلك البيت الذي لا ترى فيه إلا ساجدًا أو راكعًا أو ذاكرًا أو مسبِّحًا أو مستغفرًا لله بقلبه أو بلسانه أو بعمله. هكذا تُرفع البيوت، هكذا ترتفع البيوت بمنزلتها ولذلك البيوت المرتفعة العالية التي رُفعت بذكر الله عز وجل ينظر إليها أهل السماء كما ينظر أهل الأرض إلى النجوم، لها نور، لها خاصية إشعاع بفضل ذلك الذكر والتلاوة لكتاب الله فيجنباتها.

البيوت لا ترتفع بأعمدة الرخام ولا تزدان بالزينة والزخارف والديكورات والمبالغة في تزيين الأسقف والقبب ووضع أشياء مختلفة خارجة عن طبيعة البيت لمجرد أن نزيّن الشكل أو الظاهر فيها. البيوت لكي ترتفع حقًا وفعلًا وواقعًا ترتفع بذكر الله، ترتفع بتلاوة كتاب الله، بتدارس أبناء ذلك البيت لآيات الكتاب العظيم، ، يتفقون فيما بينهم على موعد لأجل الحفظ والتسميع، يذكّر بعضهم البعض بأوقات الصلاة ما إن يرتفع الأذان حتى تراهم يهرعون إلى مكان الصلاة، يصلّون جماعة ويصلون فرادًا ويذكرون الله قيامًا وقعودًا
. هكذا ترتفع البيوت.

بيوت اليوم في كثير من الأحيان الملفت للنظر فيها أن أصحابها أصبحوا يفرّون منها لا يفرّون إليها على الرغم من كل تلك الزخارف والجماليات الموجودة فيها، لا تراهم في البيوت كثيرًا. أبناء اليوم، الشباب تراهم يخرجون في الخارج كثيرًا جدًا تارة في الأسواق وتارة مع الأصحاب،أين البيوت التي تجمع هؤلاء الأبناء؟
أين البيوت التي تكون فيها السكينة وتكون فيها الراحة وتكون فيها الطمأنينة حتى أن الأبناء والأسرة والأب والأم لا يكادون يخرجون منها حتى يشتاقون للعودة إليها؟
أين النقطة المفقودة في بيوتنا؟!
تأملوا في هذه الآية العظيمة (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)
يا رب لمَ أنت لهذه البيوت أن تُرفع؟


تأملوا الآية التي تليها مباشرة
(رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴿٣٧﴾)
هنا مفتاح الإجابة. هذه البيوت فيها أناس لم تأخذهم الدنيا بعيدًا، لا التجارة ولا البيع ولا كل وسائل العيش الموجودة في واقعنا ومجتمعاتنا لم تأخذهم بعيدًا عن الله، ذكر الله في قلوبهم، في نفوسهم أنفاس الحياة التي تدخل وتخرج تنبض وتتعطر بذكره سبحانه. كل مشاغل الحياة العادية اليومية التي ربما أخذت الكثيرين منا معها لم تأخذ هؤلاء القوم، ما شغلتهم عن الصلاة! البعض منا الآن في هذه الأيام يسمع الصلاة، يسمع الأذان ولكن يسوّف ويؤخّر في أوقات الصلاة وتأديتها إلى أن يفوت الوقت، لماذا؟!
لماذا أخذت منا الدنيا كل هذا الحيز والمساحة من اهتمامنا؟!
 لماذا ما عاد ذكر الله عز وجل رقم واحد في حياتنا؟!

 البيوت التي فعلًأ يُذكر فيها اسم الله لها شكل خاص طعم خاص مذاق خاص لا يدركه ولا يعرفه أبدًا إلا من كان يعيش في تلك البيوت يرى فيها شيئًا من السكينة، والسكينة لا ترتبط بفخامة البناء يمكن أن يكون البيت متواضعًاجدًأ في غاية البساطة ولكنه له حظ عظيم من الرفعة والمكانة عند الله سبحانه وتعالى ينظر إليه أهل السماء بنوره بالإشراق الذي فيه من ذكر الله عز وجل من تلاوة كتابه عز وجل من الوقوف بين يديه آناء الليل وأطراف النهار
فلنحيي بيوتنا من جديد بهذا الذكر العظيم لنعطِّر أرجاء بيوتنا بتلك الرائحة الزكية من ذكر الله عز وجل وتلاوة آياته.

هذه الأشياء غير المادية المعنوية هي التي تنير البيوت فعلًا هي التي ترتفع بالبيوت هي التي تجعل بيوتنا اليوم فيها شيء من الرحابة فيها شيء من السعة البيت لا يتسع فقط بحجم الحجرات التي فيه ولا بحجم البناء ولا بالأعمدة التي فيه البيت يتسع بأهله بنفوس أهله وما من شيء تتسع به النفس وينشرح به الصدر كذكر الله عز وجل وتلاوة آياته العظيمة.
و لك أن تتخيل وأنت تستمع إلى ما نتخاطب به الآن، نحن نتدارس كتاب الله عز وجل،
تأمل في أعماق قلبك ألا تتلمس مواطن الصفاء؟ ألا تشعر بارتياح؟ ألا تحسّ بتلك الطمأنينة والسكينة؟
هذه ثمرة التدارس في كتاب الله عز وجل، هذه ثمرة لا تباع ولا تشترى ولا بكنوز الدنيا كلها! هذه تؤخذ من هذا الكتاب العظيم كلما ازددت قربًا منه وذكرًا لله عز وجل اطمأنت نفسك، استراحت الروح التي تبحث عن غذائها في عالم مليء بالماديات والحسيات أرواحنا تعبت، أنفسنا تعبت، آن لها أن ترتاح ولا راحة لها أبدًا بعيدًا عن كتاب الله عز وجل
(أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴿٢٨﴾ الرعد).

إسلاميات
 
نتيجة بحث الصور عن تدبر  فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة *مع الله*
      تفسير معاني مفردات القرآن الكريم (جزء عمً) الدورة مجانية 
      💻📲الدراسة بنظام الاون لاين عن طريق التليجرام من اى مكان فى العالم.
      📜 يحصل الطالب على شهادة بعد الإختبار .
      🏅بالاضافه لشهادة الشكر والامتياز لمن حصل على 95% فما فوق🏅
      🔴 للانضمام للدورات يرجى الضغط على الروابط الآتية:
      رابط صفحة التسجيل في الدورة:
      https://www.islamkingdom.com/ar/تسجيل

      رابط قناة تليجرام الدورة:
      https://t.me/al_feqh_com_ar
       

    • بواسطة امانى يسرى محمد
      في تفسير الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى ـ :‏



      "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏(‏ الفرقان‏:53)‏ .



      ذكرابن كثير ـ‏ يرحمه الله‏ ـ ما نصه‏ :...‏ وقوله ـ تعالى ـ‏ : "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي خلق الماءين الحلو والمالح‏,‏ فالحلو كالأنهار والعيون والآبار ‏.‏ قاله ابن جريج واختاره‏,‏ وهذا المعنى لا شك فيه‏,‏ فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات‏,‏ والله ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ إنما أخبر بالواقع لينبه العباد إلى نعمه عليهم ليشكروه‏,‏ فالبحر العذب فرقه الله ـ تعالى ـ بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهاراً أو عيوناً في كل أرض‏‏ بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم‏ .‏ وقوله تعالى‏: " ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي مالح‏,‏ مر‏,‏ زعاف لا يُستَسَاغ‏,‏ وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب‏,‏ البحر المحيط وبحر فارس، وبحر الصين والهند، وبحر الروم، وبحر الخزر‏,‏ وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري‏,‏ ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح‏,‏ ومنها ما فيه مد وجزر‏,‏ ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض‏,‏ فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتى ترجع إلى غايتها الأولى‏,‏ فأجرى الله‏‏‏ ـ وهو ذو القدرة التامة ـ العادة بذلك‏، فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله‏ ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء‏,‏ فيفسد الوجود بذلك‏,‏ ولئلا تجوي الأرض بما يموت فيها من الحيوان‏,‏ ولما كان ماؤها ملحاً كان هواؤها صحيحاً وميتتها طيبة ‏.ولهذا قال رسول الله‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وقد سئل عن ماء البحر‏:‏ أنتوضأ به؟



      فقال‏: "‏ هو الطهور ماؤه‏,‏ الحل ميتته‏ "‏ (رواه مسلم).



      وقوله تعالى‏: "وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً " أي بين العذب والمالح‏ .‏ وبرزخاً أي حاجزاً وهو اليبس من الأرض ."‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي مانعاً من أن يصل أحدهما إلى الآخر ، كقوله ـ تعالى ـ ‏: "‏ مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ " (الرحمن:19 –20) .



      وقوله ـ تعالى ـ ‏:"‏ وَجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ " (النمل:61) .


       
       

      وجاء في تفسير الجلالين‏ ـ‏ رحم الله كاتبيه‏ ـ‏ ما نصه ‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ "‏أرسلهما متجاورين . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ " شديد العذوبة .‏" ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " شديد الملوحة . " وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ حاجزاً لا يختلط أحدهما بالآخر . "‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً ‏" ستراً ممنوعاً به اختلاطهما‏ .


       

      وجاء في صفوة التفاسير‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ ‏ "‏ أي هو ـ تعالى ـ بقدرته خلَّى وأرسل البحرين متجاورين متلاصقين، بحيث لا يتمازجان . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ‏"‏ أي شديد العذوبة، قاطع للعطش من فرط عذوبته‏ . " وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " أي بليغ الملوحة‏,‏ مر شديد المرارة .‏"‏ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ أي جعل بينهما حاجزاً من قدرته، لا يغلب أحدهما على الآخر . ‏"‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي ومنعاً من وصول أثر أحدهما إلى الآخر وامتزاجه به‏


    • بواسطة امانى يسرى محمد
      سورة الفاتحة :



      اشتملت على التعريف بالمعبود بثلاثة أسماء مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا ومدارها عليها (الله، الرب، الرحمن )



      ابن القيم



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما الدعاء:



      توسل بالحمد والثناء على الله



      توسل لله بعبوديته



      بسم الله: استعانتك بحول الله وقوته في إنجاز أي عمل ، متبرئا من حولك وقوتك



      فتذكر هذا المعنى فهو وقود ودافع لكل خطوة في حياتك



      بسم الله



      حتى تجد أثر الفاتحة من بدايتها وبدقائق حياتك عظِّم ربك وأنت تقول ( بسم الله) ليصغر كل شيء في دنياك



      بسم الله



      نحفظ أنفسنا من كل سوء



      ونحفظ ذرياتنا من شر الشيطان الرجيم


       

      الحمد لله



      { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم }



      أليست كلمة ( الحمد لله ) دارجة على الألسن كال تنفس للهواء اليوم؟



      إنها تبعث في النفوس القوة ، فحملة العرش ومن حوله يستقوون بتسبيحهم



      بحمد ربهم ، ونحن بأمس الحاجة للاستقراء بها في رحلة الحياة الدنيا وفواجعها



      الحمد لله



      الحمد للاستغراق ، لاستغراق أنواع المحامد كلها ، فله سبحانه الحمد كله أوله وآخره



      الحمد لله



      وهو المستحق الحمد المطلق لأن له وحده الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله



      الحمد لله



      على نعم لا تٌحصى ، وأرزاق تترى



      وأخرى نراها ، وأخرى تخفى



      الحمد لله



      بالجنان قبل اللسان



      وبالأفعال والأركان



      الحمد لله



      في السراء والضراء



      في الشدة والرخاء



      طمأنينة في القلب



      ورضا في النفس



      وانشراح في الصدر



      واحتساب وأجر



      أيها المصلي تأمل وأنت تتلو


       

      ( الحمد لله رب العالمين )



      أعمل العقل وقلّب النظر



      تأمل، تفكر،تدبر



      كم بهذا الوجود مما نراه



      من صنوف بفضله شاهدات



      رب العالمين



      دلّ على انفراده سبحانه بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار



      السعدي



      فأعلن فقرك لربك في كل مرة تقرأ فيها هذه السورة لتذوق السعادة الأبدية


       

      الرحمن الرحيم



      كيف وأنت كمسلم تكررها عشرات المرات في يومك فتشعر أن ظلال الرحمة يحوطك من كل اتجاه



      وتكرار الآية يرسخ في عقلك الباطن أنك كبشر تتعامل مع رب رحيم



      الرحمن الرحيم



      الأمر لا يقف عند حد الثناء لله تعالى



      بل هو أيضاً دعاء واستحداث وطلب متكرر بأن :



      يارب ،،، يارحمن ،،،، يا رحيم



      أدخلني برحمتك التي وسعت كل شيء فلا غنى لي عنها لحظة ولا طرفة عين ولا أقل من ذلك



      فالزمن صعب والدنيا دار هموم وغموم ودار بلايا ورزايا



      آلامها ومصابها ، وتقلباتها ومفاجأتها متتاليات لا تنتهي



      ولولا دوام رحمة الله بك لهلكت



      تأمل : روعة الدمج بين الثناء والدعاء وأنت تردد ( الرحمن الرحيم )



      كدعاء غريق مضطر يعرف يقينا أنه هالك لولاها



      الرحمن على وزن فعلان يدل على السعة والشمول فهي أشد مبالغة من الرحيم


       

      الرحمن



      اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به



      متضمن لصفات الإحسان والجود والبر أي يرحم جميع الخلق



      المؤمنين والكافرين في الدنيا ، وذلك بتيسير أمور حياتهم ومعيشتهم



      والإنعام عليهم بنعمة العقل وغيرها من نعم الدنيا


       

      الرحيم



      خاص بالمؤمنين فيرحمهم في الدنيا والآخرة



      ذكر الرحمن مرة في القران



      وذكر الرحيم مرة ، أي ضعفها



      إذا كنت تثني على الله ، وتطلب منه الرحمة بهذا الإلحاح والتكرار اليومي



      فسيكون لها أثر في سلوكياتك وتعاملاتك



      فطريق الرحمة وبابها أن ترحم أنت أيضاً ، فاتصف بالرحمة مع الناس



      واعمل بها



      كُن رحيما تُرحم


       

      الرحمن الرحيم



      املأ جنبات نفسك طمأنينة وراحة وثقة وأملا



      مادمت تكررها وتتدبر أسرارها


       

      مالك يوم الدين



      أما والله إن الظلم لؤم



      إلى ديان يوم الدين نمضي



      وما زال المسيء هو الظلوم



      وعند الله تجتمع الخصوم


       

      يوم الدين



      أمل الصابرين والمحتسبين الذين جاهدوا أنفسهم على ترك المعاصي والسيئات



      وصبروا عن الشهوات وصبروا على أقدار الله المؤلمة في الدنيا



      يوم الدين



      عزاء للمظلومين والمحرومين يوم تجتمع الخصوم



      لعلك تدرك هذا السر العظيم الذي سيثمر الصبر والرضا



      والتسليم وتهدأ آلامك وجراحك وأحزانك ودموعك



      بل سيعينك على تحمّل الظلم الذي تقاسيه ، والحرمان الذي تعيشه في الدنيا



      لأنك تعلم أنك منصور



      ( مالك يوم الدين )



      هل سيجرؤ مسلم يردد هذه الآية أن يبخس حق أحد



      أو أن يظلم أحد أو أن يعتدي على عرض أحد



      ( مالك يوم الدين )



      قراءة هذه الآية يقرع جرس الإنذار عند كل تعامل مع الآخرين أن



      تنبه ،،،



      احذر ،،،،



      لا تغفل ،،،،،



      لا تنس ،،،،،



      مالك يوم الدين



      كأن سورة الفاتحة تصرخ في ضمائرنا يوميا مرات



      تذكروا يوم الدين ، وذكٍّروا الظالم بيوم الدين


       

      إياك نعبد وإياك نستعين



      قدم العبادة على الاستعانة



      لشرفها لأن الأول غاية والثاني وسيلة لها



      تقديم العام على الخاص



      تقديم حقه تعالى على حق عباده



      توافق رؤوس الآي



      وإياك نستعين



      أنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه لهذا المطلوب



      تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في



      ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      أيها المصلي وأنت تردد ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      هل تشعر بأنك تطلب العون حقاً ممن بيده ملكوت السماوات والأرض ؟



      هل تشعر بأنك صاحب توحيد وشجاعة ؟



      وأنك قوي القلب عزيز النفس ؟!



      هل تشعر بأنك قوي بالله ؟!



      اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، وأغنى خلقك بك



      اللهم أعنا وأغننا عمن أغنيته عنا



      اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك



      اهدنا الصراط المستقيم



      إذا كثرت الأقاويل ، واشتد الخلاف وتنازلت الملل والفرق والأحزاب وانتشرت الخرافات



      إذا اشتدت المحن وكثرت الفتن ونزلت الهموم والغموم وتتبع الناس الأبراج والنجوم



      إذا ضاقت الأنفاس واشتد القنوط واليأس وحلّ الضر والبأس وسيطر الشك والوسواس



      ليس لك إلا أن تردد ( اهدنا الصراط المستقيم )



      ( فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه ، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر



      فإن الله يرزقه فإذا انقطع رزقه مات ، والموت لا مفر منه ، فإذا كان من أهل الهدى كان سعيدا قبل الموت وبعده



      وكان الموت موصلا للسعادة الأبدية ، وكذلك النصر إذا قُدّر أنه غلب حتى قُتِلَ فإنه يموت شهيدا وكان القتل من تمام النعمة ، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق ،، بل لا نسبة بينهما )



      ابن تيمية



      الهداية هي



      الحياة الطيبة وأُسُّ الفضائل ولجام الرذائل



      بالهداية تجد النفوس حلاوتها وسعادتها ، وتجد القلوب قوتها وسر خلقها وحريتها



      الهداية لها شرطان :



      ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )



      (من أكبر المنن أن يٌحبب الله الإيمان للعبد ويزينه في قلبه ويذيقه حلاوته وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام ويبغض إليه أصناف المحرمات) ابن سعدي


       

      اهدنا الصراط المستقيم



      (هذا أجلّ مطلوب وأعظم مسؤول ، ولو عرف الداعي قدّر الداعي هذا السؤال لجعله هجّيراه ، وقرنه بأنفاسه



      فإنه لم يدع شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه ، ولما كان بهذه المثابة فرضه الله على جميع عباده فرضا



      متكررا في اليوم والليلة ، لا يقوم غيره مقامه ، ومن ثَمّ يعلم تعين الفاتحة في الصلاة وأنها ليس منها عوض يقوم مقامها)



      ابن القيم



      ( لهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ، فلم يصبه شرّ لا في الدنيا ولا في الآخرة ، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب ، ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء )



      ابن تيمية



      ( من هُدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل كتبه هُدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه



      وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم



      وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على هذا الصراط فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا الصراط ، حذو القذة بالقذة " جزاء وفاقا ". )



      ابن تيمية


       

      غير المغضوب عليهم ولا الضالين



      " من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى "



      " لما كان تمام النعمة على العبد إنما هو بالهدى والرحمة كان لهما ضدان: الضلال والغضب



      ولهذا كان هذا الدعاء من أجمع الدعاء وأفضله وأوجبه"



      ابن القيم



      الفاتحة نور وسرور



      قال صلى الله عليه وسلم ( لن تقرأ بحرف منها إلا أُعطيته )



      وفي الحديث القدسي ( هذا لعبدي ولعبدي ما سأل )



      فيه بشارة عظيمة : من قرأ الفاتحة بصدق وإخلاص وحضور قلب يعطيه الله ما جاء من الفاتحة من مطالب سامية ودرجات رفيعة



      الفاتحة أم القران



      " هي الكافية تكفي عن غيرها ولا يكفي غيرها عنها "



      ابن تيمية


       

      لماذا هي أم القرآن ؟



      اشتمالها على كليات المقاصد والمطالب العالية للقرآن



      اشتملت على أصول الأسماء الحسنى



      اشتملت على كليات المشاعر والتوجيهات



      سيصبح للحياة طعم آخر وأنت تردد الفاتحة بفهمك الجديد لمكامن القوة فيها


       

      لم سميت القرآن العظيم ؟



      لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص والاعتراف بالعجز والابتهال إليه في الهداية وكفاية أحوال الناكثين



      القرطبي



      توسل ووسيلة



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما دعاء



      التوسل بالحمد والثناء على الله



      التوسل إليه بعبوديته



      فهل أنت حاضر القلب والفكر بأنك فعلا تتوسل بهاتين الوسيلتين كل يوم وليلة سبع عشرة مرة



      لا شك أن ذلك سيكون له أثر في حياتك ودقائق تفاصيلها


    • بواسطة راجين الهدي
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
       
      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } .
      هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
      فإنها نزلت عليه في مبادئ النبوة، إذ كان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأمره أن يقرأ، فامتنع، وقال: { ما أنا بقارئ } فلم يزل به حتى قرأ. فأنزل الله عليه: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } عموم الخلق، ثم خص الإنسان، وذكر ابتداء خلقه { مِنْ عَلَقٍ } فالذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره، لا بد أن يدبره بالأمر والنهي، وذلك بإرسال الرسول إليهم (1) ، وإنزال الكتب عليهم، ولهذا ذكر (2) بعد الأمر بالقراءة، خلقه (3) للإنسان.
      ثم قال: { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ } أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود، الذي من كرمه أن علم بالعلم (4) .
      و { عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فإنه تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم.
      فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور، ثم من عليهم بالغنى وسعة الرزق، ولكن الإنسان -لجهله وظلمه- إذا رأى نفسه غنيًا، طغى وبغى وتجبر عن الهدى، ونسي أن إلى ربه الرجعى، ولم يخف الجزاء، بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه، ويدعو [غيره] إلى تركه، فينهى عن الصلاة التي هي أفضل أعمال الإيمان. يقول الله لهذا المتمرد العاتي: { أَرَأَيْتَ } أيها الناهي للعبد إذا صلى { إِنْ كَانَ } العبد المصلي { عَلَى الْهُدَى } العلم بالحق والعمل به، { أَوْ أَمَرَ } غيره { بِالتَّقْوَى } .
      فهل يحسن أن ينهى، من هذا وصفه؟ أليس نهيه، من أعظم المحادة لله، والمحاربة للحق؟ فإن النهي، لا يتوجه إلا لمن هو في نفسه على غير الهدى، أو كان يأمر غيره بخلاف التقوى.
      { أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ } الناهي بالحق { وَتَوَلَّى } عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟
      { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } ما يعمل ويفعل؟.
      ثم توعده إن استمر على حاله، فقال: { كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ } عما يقول ويفعل { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ } أي: لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك، فإنها { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } أي: كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.
      { فَلْيَدْعُ } هذا الذي حق عليه العقاب (5) { نَادِيَهُ } أي: أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله، ليعينوه على ما نزل به، { سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } أي: خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي: الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة، وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال: { كَلا لا تُطِعْهُ } [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين، { وَاسْجُدْ } لربك { وَاقْتَرِبْ } منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.
      وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي [ ص 931 ] عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعبث به (6) وآذاه. تمت ولله الحمد.
      __________
      (1) في ب: بإرسال الرسل.
      (2) في ب: ولهذا أتى.
      (3) في ب: بخلقه.
      (4) في ب: بأنواع العلوم.
      (5) في ب: العذاب.
      (6) في ب: وعذبه.


       
       

      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } .
      يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } كما قال تعالى: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وذلك أن الله [تعالى] ، ابتدأ بإنزاله (1) في رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرًا.
      وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.
      ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.
      { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه (2) الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين سنة.
      { تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } أي: يكثر نزولهم فيها { مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ } أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها، { حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر (3) .
      وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.
      ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].


       

      تفسير سورة لم يكن


       

      وهي مدنية


       

      __________


       

      لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)
      { 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } .
      يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: [من] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.
      { مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين (1) إلا كفرًا.
      { حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: { يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } أي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
      ولهذا قال عنها: { فِيهَا } أي: في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
      وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالا ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: [ ص 932 ] قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، { حُنَفَاءَ } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
      { وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
      ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها، { خَالِدِينَ فِيهَا } لا يفتر عنهم العذاب، وهم فيها مبلسون، { أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عرفوا الحق وتركوه، وخسروا الدنيا والآخرة.
      { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عبدوا الله وعرفوه، وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة .


       
       

      جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)


       

      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } .
      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة، لا ظعن فيها ولا رحيل، ولا طلب لغاية فوقها، { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } فرضي عنهم بما قاموا به من مراضيه، ورضوا عنه، بما أعد لهم من أنواع الكرامات وجزيل المثوبات { ذَلِكَ } الجزاء الحسن { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي: لمن خاف الله، فأحجم عن معاصيه، وقام بواجباته (1) .
      [تمت بحمد لله]


    • بواسطة راجين الهدي
      بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


       

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
       
       
      { 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .
      أي { قُلْ } قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، { هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
      { اللَّهُ الصَّمَدُ } أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } لكمال غناه { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
      فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.


       
       
       

      { 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .
      أي: { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
      { مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال: { وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
      { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
      { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
      ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه [ومن أهله].
      تفسير سورة الناس
      وهي مدنية


       
       

      1 - 6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه [ ص 938 ] يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
      فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
      وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
      وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      والحمد لله رب العالمين أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
      ونسأله تعالى أن يتم نعمته، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت (1) بيننا وبين كثير من بركاته، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.
      ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون.
       
      تابعونا في باقي السلسة لنعرف أكثر عن كلام الرحمن


       

      تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


       
       

      المؤلف : الامام السعدي


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×