اذهبي الى المحتوى
~*أم جويرية*~

〗♥أمرآآض القلـــوب♥ ●● » وطـــرق علاجها«〖

المشاركات التي تم ترشيحها

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,,

 

جزاك الله خيرًا أختي الكريمة

 

اللهم طهر قلوبنا حتي نأتيك بقلب سليم يوم القيامة

 

ما أسوأ الحسد أعوذ بالله منه

 

اللهم نقِ قلوبنا منه ومن غيره

 

في المتابعة بإذن الله تعالى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكم الله خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك


تابعي المرض ** السادس الحسد


_____2.gif
الأضرار على الحاسد في الدنيا:

gif_icon056.gif

فمنها كما لخصه أهل العلم:
1/الحاسد دائمًا في الهم والحزن:

إن الحاسد بسببِ الحسدِ لا يزالُ في الهم والحزن والنكدِ والكمدِ، والناسُ ينعمُ اللهُ عليهم بأنواعٍ من النعمِ دائمًا فلا يزالُ الحاسدُ يعذبُ بكل نعمةٍ يراها على الناسِ.

gif_icon056.gif

2/الحاسدُ قد يتمنى لنفسهِ البلاء:

ثم إن الحاسد -وهو لايدري- قد يتمنى لنفسهِ البلاء بحسدهِ للناسِ، فقد تكون النعمةُ التي يعيش الناسُ في كنفها ابتلاءً من الله سبحانهُ وتعالى لهم، وقد عافاهُ اللهُ
من ذلك الابتلاء فيتمناهُ لنفسهِ(1)، واأيضًا إذا رُزق هو هذه النعم وزفت إليه وجوه الإحسان لم ينفك عن حاسدٍ يحسده، فلو أذهب الله النعمة
عنك لحسده لك فقد زالت عنك نعمٌ في الدين والدنيا.

_____2.gif

هل يحسد المؤمن؟؟

نعم: قد يحسد المؤمن أخاه، ومن ثَمَّ قال نبي الله يعقوب لولده يوسف عليهما السلام:{قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: 5]، وقال إخوة يوسف: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف: 8- 9].

وحديث عامر بن ربيعة وكيف اتجه بعينه إلى سهل بن حنيف رَضِي الله عنْهُما، الحديث في مسند أحمد وغيره وفيه: "أن سهل بن حنيفٍ قال: رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلده مُخبأة فلُبط سهل فأتى رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم فقيل: يا رَسول اللهِ هل لك في سهل بن حنيف، والله ما يرفع رأسه، فقال: "هل تتهمون له أحدًا قالوا: نتهم عامر بن ربيعة، قال: فدعا رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم عامرًا فتغيَّظ عليه وقال: "علام يقتل أحدكم أخاه أل برَّكت (2) اغتسل له" فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس ليس به بأس" (3)

gif_icon056.gif

وأخرجه البخاري ومسلم من حديث أم سلمة رَضِي الله عنْها أن رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال لجارية في بيت أم سلمة زوج النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم رأى بوجهها سفعة (4) فقال: "بها نظرة فاسترقوا لها" (5).

gif_icon056.gif


وفي الصحيحين من حديث عائشة رَضِي الله عنْها قالت كان رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم يأمرني أن أسترقي من العين (6).


_____2.gif


ما الفرق بين العين والحسد؟

اعلم أن كل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائنًا، فالحسد أشمل من العين.
قال ابن القيم رحمه الله (7):
والعائن والحاسد يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء.
فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذاه.
فالعائن: تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته.
والحاسد: يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضًا.

ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده، من جماد أو حيوان أو زرع أو مال وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه، وربما أصابت عينُهُ نفسَه، فإن رؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين.

(قلت -ابن القيم-): النظر الذي يؤثر في المنظور قد يكون سببه شدة العداوة والحسد فيؤثر نظره فيه كما تؤثر نفسه بالحسد ويقوى بتأثير النفس عند المقابلة فإن العدو إذا غاب عن عدوه فقد يشغل نفسه، عنه فإذا عاينه قبلًا اجتمعت الهمة عليه وتوجهت النفس بكليتها إليه فيتأثر بنظره حتى إن من الناس من يسقط ومن من يُحم ومنهم من يُحمل إلى بيته، قد شاهد الناس من ذلك كثيرًا.

وقد يكون سببه الإعجاب وهو الذي يسمونه بإصابة العين وهو أن الناظر يرى الشيء رؤية إعجاب أو استعظام، فتتكيف روحه بكيفية خاصة تؤثر في المعين، قال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم "العين حق" (8).

والمقصود: أن العائن حاسدٌ خاصٌ، وهو أضر من الحاسد –والله أعلم- إنما جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن لأنه أعم، فكل عائن حاسد ولا بد وليس كلُ حاسدٍ عائنًا، إذا استعاذ من شر الحاسد دخل فيه العائن، وهذا شمول القرآن وإعجازة وبلاغته.

_____2.gif

كيف يندفع شر الحاسد عن المحسود؟؟

لا بد من الأخذ بالأسباب لدفع الحسد، لأن ترك الأسباب بالكلية طعنٌ في الشريعة والاعتماد على الأسباب شرك كما قرر هذا المعنى علماء أهل السنة ومنهم شيخ الإسلام شرط أن تكون هذه الأسباب منضبطة بالضوابط الشرعية، فلا يجوز أن يطلب أحد من عراف أو دجال علاجًا للحسد أو دفع للحسد، قال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم :"من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة "(9) وفي رواية "من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على مُحمد صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم" (10).

ولا يجوز تعليق التمائم (11) والعلائق اعتقادًا من صاحبها أنها تدفع عنه شر عين الحاسد، وبعض النساء يتخذن قلادة تُعلق بها خرزة زرقاء اللون اعتقادًا منها أن الحاسد يتجه بنظره إلى القلادة فيندفع عنها شر الحسد.

وهذا كله من الشرك، قال رَسول اللهِ صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم: "التمائم والتّّوَلَة (12) شرك" (13).

gif_icon056.gif


قال العلامة ابن القيم(14)
ويندفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب:
أحدها:التعوذ بالله من شره:
والتحصن به واللجأ إليه وهو المقصود بهذه السورة "الفلق". والله تعالى سميع لاستعاذته، عليمٌ بما يستعيذ منه، والسمع هنا المُراد به: سمع الإجابة لا السمع العام، فهو مثل قوله: "سمع الله لمن حمده: وقول الخليل عليه السلام
{إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: 39].

gif_icon056.gif


السبب الثاني: تقوى الله:
وحفظه عند أمره ونهيه فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يَكِله إلى غيره، قال تعالى{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120] وقال صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم لعبد الله بن عباس "احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك" (15) فمن حفظ الله حفظه الله ووجده أمامه أينما توجه ومن كان الله حافظه وأمامه فممن يخاف من يحذر؟.

gif_icon056.gif


السبب الثالث: الصبر على عدوه:

وأن لا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه أصلًا، فما نُصِر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه، والتوكل على الله ولا يستطل تأخيره وبغيه فإنه كلما بُغي عليه كان بغيه جُندًا وقوة للمبغي عليه المحسود يقاتل به البغاي نفسه وهو لا يشعر، فبغيه سهام يرميها من نفسه إلى نفسه ولو رأى المبغي عليه ذلك لسره بغيه عليه ولكن لضعف بصيرته لا يرى إلا صورة البغي دون آخره ومآله.

قال تعالى: {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} [الحج: 60] فإذا كان الله قد ضمن له النصر مع أنه قد استوفى حقه أولًا فكيف بمن لم يستوفِ شيئًا من حقه، بل بُغي عليه وهو صابر، وما من الذنوب ذنب أسرع من البغي وقطيعة الرحم.

gif_icon056.gif


السبب الرابع: التوكل على الله:
فمن توكل على الله فهو حسبه والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم ... قال بعض السلف: جعل الله لكل عمل جزاء من جنسه، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده فقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] ولم يقل: نؤته كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه، فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادتُهُ السموات والأرض ومن فيهن لجعل له ربه مخرجًا من ذلك وكفاه ونصره.
gif_icon056.gif



السبب الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به:

فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه، وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له، فلا يلتفت إليه ولا يخافه ولا يملأ قلبه بالفكر فيه.
وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره فإن ذلك بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه فإذا لم يتعرض له ولا تماسك هو وإياه، بل انعزل عنه لم يقدر عليه فإذا تماسكا وتعلق كل منهما بصاحبه حصل الشر وهكذا الأرواح سواء. فإذا علق روحه وشبثها به وروح الحاسد الباغي متعلقة به يقظة ومنامًا لا يفتر عنه، فإذا تعلقت كل روحٍ منهما بالأخر ى عُدِم القرار ودام الشر حتى يهلك أحدهما ...
فإذا خطر بباله بادر إلى محو ذلك الخاطر والاشتغال بما هو أنفع له وأولى به، بقي الحاسد الباغي يأكل بعضه بعضًا، فإن الحسد كالنار فإذا لم تجد ما تأكله أكل بعضها بعضًا.

وهذا باب عظيم النفع لا يلقاه إلا أصحاب النفوس الشريفة والهمم العلية وبين الكيس الفطن وبينه حتى يذوق حلاوته وطيبه ونعيمه كأنه يرى من أعظم عذاب القلب والروح اشتغاله بعدوه وتعلق روحه به ولا يرى شيئًا آلمًا لروحه من ذلك، ولا يصدق بهذا إلا النفوس المطمئنة الوادعة اللينة التي رضيت بوكالة الله لها وعلمت أن نصره لها خير من انتصارها لنفسها فوثقت بالله وسكنت إليه واطمأنت به.
gif_icon056.gif


السبب السادس: هو الإقبال على الله والإخلاص له:

وجعل محبته ورضاه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئًا فشيئًا حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الرب والتقرب إليه وتملقه وترَضَّيه ... فإذا صار كذلك فكيف يرضى لنفسه أن يجعل بيت أفكاره وقلبه معمورًا بالفكر في حاسده والباغي عليه والطريق إلى الانتقام منه والتدبير عليه؟ هذا ما لا يتسع له إلا قلب خرب لم تسكن فيه محبة الله و'جلاله وطلب مرضاته.

قال تعالى حكاية عن عدوه إبليس: أنه قال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82- 83] فقال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] وقال: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 99- 100]، وقال في حق الصديق يوسف عليه السلام: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].

gif_icon056.gif


السبب السابع: تجريد التوبة إلى الله من الذنوب:

التي سلطت عليه أعداءه، فإن الله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]، وقال لخير الخلق وهم أصحاب نبيه صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم دونه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165].

فما سُلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه ، وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها، وما ينساه من عمله أضعاف ما يذكره ...

وسنذكر إن شاء الله تعالى أنه ليس في الوجود شر إلا الذنوب وموجباتها، فإذا عوفي العبد من الذنوب عوفي من موجباتها، فليس للعبد إذا بُغي عليه وأُوذي وتسلط عليه خصومه- شيء أنفع له من التوبة النصوح.

وعلامة سعادته أن يعكس فكره ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه فيشتغل بها وبإصلاحها وبالتوبة منها ... والله يتولى نصرته وحفظه والدفع عنه ولا بد فما أسعده من عبدٍ.

gif_icon056.gif

السبب الثامن: الصدقة والإحسان ما أمكنه:

فإن لذلك تأثيرًا عجيبًا في دفع البلاء ودفع العين وشر الحاسد ولو لم يكن في هذا إلا بتجارب الأمم قديمًا وحديثًا لكفى به، فما تكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق وإن أصابه شيء من ذلك كان معاملًا فيه باللطف والمعونة والتأييد وكانت له فيه العاقبة الحميدة

وبالجملة الشكر حارس النعمة من كل ما يكون سببًا لزوالها .فالمحسن المتصدق يستخدم جندًا وعسكرًا يقاتلون عنه وهو نائم على فراشه، فمن لم يكن له جند ولا عسكر وله عدو فإنه يوشك أن يظفر به عدوه وإن تأخرت مدة الظفر والله المستعان.

gif_icon056.gif


السبب التاسع: وهو من أصعب الأسباب على النفس:

وأشقها عليها ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله وهو إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه، فكلما ازداد أذى وشرًا وبغيًا وحسدًا ازددت إليه إحسانًا، وله نصيحة وعليه شفقة.

فاسمع الآن قوله عز وجل: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 34- 36وقال: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [القصص: 54].

وتأمل حال النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم أنه ضربه قومه حتى أدموه فجعل يسلت الدم عنه ويقول "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" (16) كيف جمع في هذه الكلمات أربع مقامات من الإحسان قابل بها إساءتهم العظيمة إليه؟

أحدها عفوه عنهم والثاني استغفاره لهم والثالث إعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون، والرابع استعطافه لهم بإضافتهم إليه، فقال: "اغفر لقومي".
واسمع الآن إلى الذي يسهل ذلك على النفس ويطيبه إليها وينعمها به.
اعلم أن لك ذنوبًا بينك وبين الله تخاف عواقبها وترجوه أن يعفو عنها ويغفرها لك ويهبها لك ومع هذا لا يقتصر على مجرد العفو والمسامحة حتى ينعم عليك ويكرمك ويجلب عليك من المنافع والإحسان فوق ما تؤمله، فإذا كنت ترجو هذا من ربك وتحب أن يقابل به إساءتك، فما أولاك وأجدرك أن تعامل به خلقه وتقابل به إساءتهم، ليعاملك الله تلك المعاملة، فإن الجزاء من جنس العمل.

gif_icon056.gif

السبب العاشر: وهو الجامع لذلك كله وعليه مدار هذه الأسباب، وهو تجريد التوحيد:

والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم، والعلم بأن هذه الآلات بمنزلة حركات الرياح وهي بيد محركها وفاطرها وبارئها ولا تضر ولا تنفع إلا بإذنه- قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يونس: 107]، وقال صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم لعبد الله بن عباس رَضِي الله عنْهما "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك" (17).

فإذا جرد العبد التوحيد فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله، بل يفرد الله بالمخافة وقد أمنه منه وخرج من قلبه اهتمامه به واشتغاله به وفكره فيه، وتجرد لله محبة وخشية وإنابة وتوكلًا واشتغالًا به عن غيره فيرى أن إعماله فكره في أمر عدوه وخوفه منه واشتغاله به من نقص توحيده، وإلا فلو جرد توحيده لكان له فيه شغل شاغل، والله يتولى حفظه والدفع عنه، وبحسب إيمانه يكون دفاع الله عنه.

gif_icon056.gif


فائدة:
حتى لا يأخذ المحسود حسناتك يوم القيامة، حتى لا يبغضك الله ويبغضك الناس، عليك بجهاد النفس على ترك الحسد، وأول الطريق هو أن تقول من قلبك حين يعجبك شيء سواء كان ماديًا كالأموال والسيارات والبيوت وغيرها أو شيئًا معنويًا كالإعجاب بما عند الشخص من علم أو حضور أو قبول أو أي شيء، تقول دفعًا للحسد الدعاء الذي علمه النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم لأمته في مثل هذه المواقف: "اللهم بارك" لأن النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال للرجل الذي اتجه بعينه إلى سهل رَضِي الله عنْهُ "علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا برَّكت" (18)، والموفَق من وفقه الله تعالى.

______________________________________________


(1) كمن يحسد الناس على المال مثلاً فيتمنى أن يرزق ملاً فإذا أعطاه الله من فضله بغى وطغى وفسد في الأرض وأنفقه في الحرام فكان هذا المال نقمة عليه نعمة على غيره
فهو تمنى النقمة والابتلاء وهو لا يشعر -أو كالذي يحسد أهل العلم ويتمنى ما عندهم فإذا رزقه الله العلم قد يفسد قلبه ويمرض بالرياء والعجب والكبر
وحب الجاه والرياسة وصرف وجه الناس إليه إلى غير ذلك من الآفات التي تهلك صاحبها وقد تدخله النار إن لم يتب .
(2) وفي رواية "إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدعُ له بالبركة".
(3) أخرجه أحمد (3/ 486) وابن ماجة (2728) ومالك في الموطأ (2/ 618).
(4) السفعة: التغير والسواد، أو لون تخالف لون الوجه.
(5) أخرجه البخاري (5739)، ومسلم (2197).
(6) أخرجه البخاري (10/ 199)، ومسلم (4/ 184).
(7) بدائع التفسير (5/ 416) وما بعدها باختصار.
(8) أخرجه البخاري (5740)، ومسلم (2187).
(9) أخرجه مسلم (2230).
(10) صحيح سنن أبي داوود (3904) والدارمي (1/ 259) وابن ماجة (639) وصححه الألباني في الإرواء (7/ 68).
(11) التمائم: جمع تميمة وهي ما يُعلق بأعناق الصبيان من خرزات وعظام لدفع العين – فتح المجيد (ص: 133).
(12) التوَلَة: شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى زوجته – المصدر السابق.
(13) رواه أحمد في المسند (1/ 381) وأبو داوود (3883) والبيهقي (1/ 350) وأبو يعلى (5208) والبغوي (3240) – نقل التخريج من فتح المجيد: ص: 131) أشرف على تحقيقه شيخنا –حفظه الله-.
(14) بدائع التفسير (5/ 425) وما بعدها باختصار.
(15) صحيح سنن الترمذي (2516) وغيره.
(16) أخرجه البخاري (12/ 294) ومسلم (4/ 414).
(17) صحيح سنن الترمذي (2556).
(18) صحيح: تقد تخريجه.







_____3.gif


______.png


شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حفظنا الله من كل سوء وشر

 

جزاك الله سروءة الحبيبة وحفظك وأم جويرية وبناتي والمسلمين أجمعين من شر الحاسد ومن شر العائن

 

والحاسد لا يفرق بين الحق والباطل فيحسد حتى في الموت لقول أحدهم

 

هم يحسدوني على موتي فو أسفا *** حتى على الموت لا أخلو من الحسدَ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

المرض السابع** سوء الظن

 

post-93813-1305736222.gif

 

سوء الظن مدخل من مداخل الشيطان ليفسد قلب العبد ويمرضه بظن الشر بالمسلمين، فقد نهى الله تعالى و نهى رسولَه عن سوء الظن.

 

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات:12]

قال القرطبي (1):

ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم و الظن فإن الظن أكذبُ الحديثِ ولا تحسسوا (2)ولا تحاسدوا (3) ولا تدابروا و لا تباغضوا و كونوا عِباد الله إخوانا" (4)

 

قال علماؤنا: فالظن هنا في الآية هو التهمة ومحل التحذير والنهي إنما هو تهمة لا سبب لها يوجبها، كمن يتهم بالفاحشة أو بشرب الخمر مثلا و لم يظهر عليه ما يقتضي ذلك، و دليل كونِ الظن هنا بمعنى بمعنى التهمة ابتداءً ويريد ان يتجسس خبر ذلك ويبحث عنه و يتبصرُ ويستمعُ لتحقيق ما وقع له من تلك التهمة فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، و إن شئت قلت:

و الذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سِواها، أن كل ما لم تعرف له امارة صحيحة وسببٌ ظاهرٌ كان حراما واجبَ الاجتناب و ذلك إذا كان المظنون به ممن شوهِدَ منه الستر و الصلاح و أونست منه الأمانة في الظاهر فظن الفاساد به و الخيانة محرمٌ، بخلاف من اشتهره الناس بتعاطي الريبِ و المجاهرةِ بالخبائثِ اهــ.

 

gif_icon056.gif

قال أحد العلماء: و الظن خواطر تقع في القلب ربما لا يستطيع الإنسان دفعها فيجب عليه أن يضعفها بظن الخير، فإن لم يستطع فعليه أن يتذكر عيوبه وخفايا ذنوبه لينشغل بها عن عيوب الناس، فإن لم يستطع أن يدفع الظن السيئ بذلك فعليه أن لا يتكلم به أو يبحث عن تحقيقه و بهذا يسلم من الإثم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت بهِ أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا بهِ" (5)

______________________________

 

 

(1) تفسير القرطبي (315/16) و ما يعدها باختصار.

(2) التحسس: الإستماع إلى حديث القوم وهم كارهون- تفسير ابن كثير (268/4)

(3) التجسّس: البحث عن الشيء- المصدر السابق.

(4) أخرجه البخاري (6064) ومسلم (2063) و اللفظ للبخاري.

(5) أخرجه البخاري (1028) ومسلم (127).

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

أعاذنا الله اللهم طهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد

 

( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد )

 

جزاكِ الله خيراً أم جويرية وأسعدك في الدارين

 

اللهم آمين خالتي الحبيبة..

جزانا وإياكِ يا رب وكل من عملت في هذا الموضوع

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,,

 

جزاك الله خيرًا أختي الكريمة

 

اللهم طهر قلوبنا حتي نأتيك بقلب سليم يوم القيامة

 

ما أسوأ الحسد أعوذ بالله منه

 

اللهم نقِ قلوبنا منه ومن غيره

 

في المتابعة بإذن الله تعالى

 

اللهمّ آمين..

جزاكِ الله خيرًا على المتابعة يا حبيبة

جزاكم الله خيرا

جزانا وإياكِ أختي الحبيبة

 

حفظنا الله من كل سوء وشر

 

جزاك الله سروءة الحبيبة وحفظك وأم جويرية وبناتي والمسلمين أجمعين من شر الحاسد ومن شر العائن

 

والحاسد لا يفرق بين الحق والباطل فيحسد حتى في الموت لقول أحدهم

 

هم يحسدوني على موتي فو أسفا *** حتى على الموت لا أخلو من الحسدَ

 

اللهم آمين خالتي الحبيبة..

سعيدة جدًا بإضافاتك مع كل رد :)

تسلمي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته؛

 

هلا بكِ بيننا أختي فاطيمة..

تسعدنا متابعتك يا حبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراً أم جويرية

 

فكم من الناس يعيش عيش التعساء بسبب سوء ظنونهم فالظن أكذب الحديث يشعل في القلب نار الكره والحقد

 

والعجيب أن أكثرهم قد منّ الله عليهم من فضله بالعيش الرغد ونعيم الدنيا ومع ذلك دائماً يظنون أن هناك من يتربص وتجدي عندهم يقين عجيب بسوء نية الآخرين تجاههم

 

اللهم عافنا من سوء الظن ونقي قلوبنا وطهرها من أمراض القلوب واجعلنا من الراضين القانعين بعطاءك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا أم جويرية الحبيبة ونفع بكِ

 

نعوذ بالله من سوء الظن،،

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

المرض الثامن** احتقار المسلمين

 

 

post-93813-1305736222.gif

 

احتقار المسلم لأخيه المسلم من أعظم الذنوب، وقد نهى الله تعالى عن السخرية التي هي احتقار المسلمين و الاستهزاءُ بهم.

قال تعالى: {ياأيُّها الَّذين آمنوا لا يَسخَرْ قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساءٌ من نساءٍ عسى أن يَكُنَّ خيرًا منهنَّ ولا تَلْمِزوا أنفُسَكُم ولا تنابَزوا بالألقابِ بئْسَ الاسْمُ الفسوقُ بعد الإيمانِ ومن لم يتُبْ فأولئك همُ الظَّالمونَ} [الحجرات:11]

 

gif_icon056.gif

قال العلامة القاسمي: (1)

 

قال أبو السعود: فإن مناط الخيريةِ في الفريقين ليس ما يُظهرُ الناس من الصور و الأشكال و الأوضاع و الأطوار التي يدور عليها أمر السخرية غالبا، بل إنما الأمور الكامنة في القلوب، فلا يجترئ أحدٌ على احتقار أحدٍ فلعله أجمع منه لما نيطَ له من الخيرية عند الله تعالى فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله تعالى و الاستهانة بمن عظمه الله تعالى، و من أهل التأويل من خص السخرية بما يقع من الغني للفقير، و آخرون بما يعثُر من أحد على زلةٍ أو هفوةٍ فيسخر بهِ من أجلها.

 

 

gif_icon056.gif

 

قال الطبري: (2)

 

و الصواب أن يقال إن الله عم بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعضٍ جميع معاني السخرية، فلا يحِلُ لمؤمن أن يسخر من مؤمن لا لنقرةٍ ولا لذنبٍ ركبه ولا لغير ذلك اهــ.

 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا –ويُشير إلى صدره ثلاث مراتٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" (3)

كما أنه لا يجوز تحقيرُ المسلم للابتلاء أصابه في بدنه أو لنقص عنده في أنر من أمور الدنيا، كذلك لا يجوز تحقير المسلم لتفريطه في أمر من أمور الدين فلا يعلم أحدُ قدرَه عند الله ولا يعلم أحد هل تقبل الله عمله أم لا؟ و قد تقدم في باب الرياء أن أول من تسعر به النار عالم فلا يغتر أحدٌ بطاعته فيحتقر أهل المعاصي، فلا أحد منا يدري بما سيختم له و الأعمال بالخواتيمِ.

 

____________________

 

(1) محاسن التأويل (301/6)

(2) تفسير ابن جرير الطبري (169/13)

(3) أخرجه مسلم (2064) وغيره.

 

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراً أم جويرية

 

فكم من الناس يعيش عيش التعساء بسبب سوء ظنونهم فالظن أكذب الحديث يشعل في القلب نار الكره والحقد

 

والعجيب أن أكثرهم قد منّ الله عليهم من فضله بالعيش الرغد ونعيم الدنيا ومع ذلك دائماً يظنون أن هناك من يتربص وتجدي عندهم يقين عجيب بسوء نية الآخرين تجاههم

 

اللهم عافنا من سوء الظن ونقي قلوبنا وطهرها من أمراض القلوب واجعلنا من الراضين القانعين بعطاءك

 

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته؛

جزانا وإياكِ خالتي الغالية..

صدقتِ!

 

اللهم آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا أم جويرية الحبيبة ونفع بكِ

 

نعوذ بالله من سوء الظن،،

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته؛

مقصمرة الغالية ()

جزانا وإياكِ حبيبة قلبي ونفع بكِ دومًا..

تسلمي على المساعدة ^^

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فلا أحد منا يدري بما سيختم له و الأعمال بالخواتيمِ.

 

صحيح اللهم احسن خواتيمنا ولقائنا

 

إن السخرية والتحقير من قدر الآخرين لا يصدر إلا من سفيه أعجبه حاله فاغتر وتكبر وظن أنه الأصلح

 

ولن نستطيع أن نغلق أفواه هؤلاء ولكن يمكننا أن نضع أقوالهم جانباً ونعمل بقول الله عز وعلا { قل موتوا بغيظكم}

 

اللهم نقنا من هذا المرض فلا يوجد أفقر ولا أضعف منا على وجه الأرض فلماذا نسخر من غيرنا ونحقر من شأنهم وأعمالهم

 

جزاك الله أم جويرية الخير كله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,,

 

بارك الله فيكم على الطرح الطيب

نبهتنا إلى أشياء عديدة

بارك الله فيكم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

المرض التاسع** احتقار الذنوب

 

post-93813-1305736222.gif

 

يجب على المسلم العاقل أن يعلم صفات الإله الذي يعبده ويتقرب إليه، فلا بد أن تعلم أنك تعبد إلها عليما خبيرا رقيبًا مُهيمنًا قيومًا يعلم السر و أخفى، مالكُ الملكِ الجبارُ سبحانه وتعالى و عز وجل.

فإذا علمَ العبد مَنِ الله، استعظم جميع الذنوب، وقد قال غيرُ واحد من الحكماء: بل تنظُر إلى صِغرِ المعصية، و لكن انظر إلى عِظمِ من عصيت.

قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [ الزلزلة:7-8]

 

gif_icon056.gif

 

قال العلامة السعدي: (1)

و هذه الآية فيها غاية الترغيب في فعل الخيرِ ولو قليلا، و الترهيب من فعل الشر ولو حقيرا اهــ.

عن انس رضي الله عنه قال: "إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر إنْ كنا لنعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من المُوبِفاتِ"(2) قال أبو عبد الله: يعني بذلك المهلكات.

 

و في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم ومُحقرات الذنوب، فإنما مثل مُحقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن واد، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه"(3).

 

و عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة إياكِ ومُحقرات الأعمال فإن لها من الله طالِبًا"(4).

 

gif_icon056.gif

 

 

قال ابن بطال:(5)

المخقرات إذا كثُرت صارت كِبَارا مع الإصرار.

و عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صُقِلَ قلبه، فإن زاد زادت فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه"(6). {كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14]

 

gif_icon056.gif

 

قال ابن القيم:(7)

في تفسيره للران: هو الذنبُ بعد الذنبِ، وقال الحسنُ: هو الذنبُ على الذنب حتى يعمى القلب اهــ.

 

مما تقدم يتبين لنا خطر تحقير الذنوب واقترافها بحجة أنها صغيرة، فيجب على العبد الراغب في النجاة أن لا يتهاون بالذنوب ولا يحقر ذنبا صغيرا كان أم كبيرا.

 

___________________

 

(1) تفسير السعدي (ص:932).

(2) أخرجه البخاري (6492) موقوفا على أنس، و أبو عبد الله هو الإمام البخاري -رحمه الله-.

(3) حسنه الحافظ في الفتح (337/11). أخرجه أحمد بسند صحيح، و أخرجه الطبراني (212/10)، و البيهقي في الشعب (269/1)، و غيرهم، كذا قال شيخنا -رحمه الله-.

(4) صحيح سنن ابن ماجه (4243).

(5) فتح الباري (337/11).

(6) أخرجه أحمد في المسند (297/2) و صحيح سنن ابن ماجة (4244)

(7) التفسير القيم - نقلا من التسهيل لتأويل التنزيل (169/1) لشيخنا -حفظه الله

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

خالتي الحبيبة

 

اللهم آمين، اللهم ارزقنا حسن الخاتمة وألا نرى من أنفسنا خيرًا!

اللهمّ آمين.. وخطورة هذا المرض الخفيّ خالتي الحبيبة أنه قد يكون لدى الكثير ولا نشعر به!

تسلمي يا حبيبة..

اللهم آمين وأسأل الله لكِ من خيري الدنيا والآخرة

 

سدرة الغالية،

ربي يبارك فيكِ وفي أهلك أجمعين

وربي لا يحرمنا من تعاونك الطيّب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم اغفر لنا وارحمنا

 

يا الله ذنوبنا تهلكنا وعفوك يُحينا فجُد علينا يارب بما يحينا إنك عفو كريم

 

نعوز بالله من الشيطان ووساوسه ومن شرور النفس وأهواءها

 

جزاكِ الله خيراً أم جويرية وحفظك الله ورضي عنك وعن المسلمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

المرض العاشر **النفاق العقدي

 

post-93813-1305736222.gif

 

 

المنافقون يظهرون غير ما يبطنُون، وكذا يقولونَ بألسنتهم ما ليس في قلوبهم لا يعتقدون صدق القرآنِ ولا صدقَ الرسول (صلى الله عليه وسلم ) .

قال تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[المنافقون 2-1]

قال الحافظُ ابن كثير:

 

يقولُ اللهُ تعالى مخبرًا عن المنافقين: إنهم يتفوهون بالإسلامِ إذا جاءوا النبي (صلى الله عليه وسلم ) فأما في باطن الأمر فليسوا كذلك بل على الضدِّ من ذلك ثم قال الله تعالى: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) أي: فيما أخبروا به، وإن كان مطابقًا للخارج : لأنهم لم يكونوا يعتقدون صحةَ ما يقولون ولاصدقه ولذا كذبهم بالنسبة إلى اعتقادهم (1) .

 

post-93813-1305736222.gif

 

حكم النفاق العقدي :

 

النفاقُ العقدي مخرجٌ من الملةِ؛ لأن أصل الإيمان قولُ اللسان وتصديقُ القلب وعملُ الجوارحِ، فلابدَّ من تصديقِ القلبِ؛ لأن المكذب بقلبه قول الله ورسوله حتى لو قال غير ما في قلبه؛ فهو منافقٌ نفاقًا عقديًا خالدًا في النار.

 

قال تعالى {وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا }[سورة التوبة:68] قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً }[النساء: 140]

اعلم أن أعمالَ الجوارحِ من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وحجٍّ مع جحود القلبِ لا تنفعُ العبد، لأن عبد الله بن سلول زعيمَ المنافقين كان يصلي مع النبي (صلى الله عليه وسلم ) ويشهدُ معه المغازي وعندما مات نزلَ فيه (2) قول الله تعالى" {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }[التوبة: 84] ، فعلم اللهُ أن هذا المنافقَ يقولُ أقوالَ المؤمنين ويفعل أفعال المؤمنين ولكنه يجحدُ ذلك في الباطن غير مصدق بكتابٍ وسنةٍ فمات على النفاق العقدي .

فليحذر المسلمُ من الشكِّ في أيِّ أمر من أمور الدين كمن يشكُ في وجودِ عذاب القبر أو في الحساب أو الجنة أو النار أو المرور على الصراطِ ..

 

وما أشبه ذلك من الأمورِ الغيبية وغيرها بل يلزمه أن يؤمن بكل ما جاء في كتاب الله وعلى لسانِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:

 

{الم{1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3} والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{4}} [سورة البقرة: 1-4]

 

أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب الحقيقة المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلمِ العظيم والحقِّ المبين فلا ريب فيه ولاشك فيه بوجهٍ من الوجوه .(3)

______________________

(1) تفسير ابن كثير (4/452)

 

(2) أسباب النزول للعلامة مقبل بن هادي الوادعي (ص:123 )

 

(3) انظر تفسير السعدي (ص :40) .

post-93813-1305736230.gif

 

post-25975-1291788891.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
اللهم اغفر لنا وارحمنا

 

يا الله ذنوبنا تهلكنا وعفوك يُحينا فجُد علينا يارب بما يحينا إنك عفو كريم

 

نعوز بالله من الشيطان ووساوسه ومن شرور النفس وأهواءها

 

جزاكِ الله خيراً أم جويرية وحفظك الله ورضي عنك وعن المسلمين

 

اللهم آمين..

 

نسأل الله العفو والعافية وأن يتجاوز عن سيئاتنا

 

جزانا وإياكِ خالتي الحبيبة..

آمين ولكِ المثل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

المرضُ الحادي عشر** النفاقُ العمليُّ

post-93813-1305736222.gif

النفاقُ العمليُّ لا يخرجُ صاحبه من الملةِ؛ لأنَّ المسلمَ المصدقَ الذي ليس عندهُ شكُّ قد يكون فيه خصلةٌ من خصالِ النفاقِ .

 

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " أربعٌ من كُنَّ فيهِ كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيهِ خلةٌ منهن كانت فيه خلة من نفاقٍ حتَّى يدعها إذا حدث كذبَ، وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلفَ وإذا خَاصم فَجَر"(1) .

gif_icon056.gif

 

 

وقال (صلى الله عليه وسلم) " آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّث كَذَبَ وإذا وعد أخْلف وإذا ائتُمن خَان " (2) .

قال الإمامُ النوويُّ _ رحمه الله _ (3):

 

اختلفَ العلماءُ في معناه، فالذي قاله المحققون والأكثرون وهُوَ الصحيحُ المختارُ: إنَّ معناه أن هذه الخصال خصالُ نفاقٍ وصاحبها شبيهً بالمنافقين في هذه الخصالِ ومتخلقٌ بأخلاقهم فإنَّ النفاقَ هو إظهارُ ما يبطنُ خلافه وهذا المعنى موجودٌ في صاحبِ هذه الخصالِ ويكونُ نفاقه في حقِّ من حدثه ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من النَّاسِ لا أنهُ منافقٌ في الإسلامِ فيظهره وهو يبطنُ الكفرَ، ولم يرد النبيُّ (صلى الله عليه وسلم ) بهذا أنَّهُ منافقٌ نفاقَ الكفار المخلدين في الدركِ الأسفلِ من النارِ .

gif_icon056.gif

 

قال الخطابيُّ _ رحمه الله _:

 

إنَّ معناه التحذيرُ للمسلم أن يعتاد هذه الخصالَ التي يخافُ عليه أن تفضي به إلى حقيقةِ النفاقِ (4) .

 

gif_icon056.gif

 

 

تنبيه :

ومن الأهميةِ بمكان أن نذكر بعضًا من صفات المنافقين التي جاءت في كتابِ الله وفي سنَّة نبينا (صلى الله عليه وسلم) وعلى العاقل أن يحترز من الوقوع في هذه الصفاتِ ما استطاع إلى ذلك سبيلاً حتى لا يقع في النفاقِ وهوَ لايشعر .

 

post-93813-1305736222.gif

من صفات المنافقين

1- الاستهزاءُ باللهِ وبرسولهِ وبالقُرآنِ:

 

قال تعالى :{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ}[التوبة:5-6]

 

قال القاسميُّ (5):

 

قال الكيا: وفيه دلالةٌ على أنَّ اللاعبَ والجادَ في إظهارِكلمةِ الكفرِ سواءٌ وأن الاستهزاءَ بآياتِ الله كفرٌ .

 

قال الرازيُّ: لأنَّ الاستهزاءَ يدلُّ على الاستخفافِ، والعمدةُ الكبرى في الإيمانِ تعظيمُ الله تعالى بأقصى الإمكانِ والجمعُ بينهما محالٌ .

 

وقال الإمامُ ابن حزم في المللِ: كلُّ مافيه كفرٌ بالبارئ تعالى واستخفافٌ به أو بنبي من أنبيائهِ أو بملكٍ من ملائكته أو بآيةٍ من آياته عزَّوجل، فلا يحلُّ سماعه ولا النطق به ولايحل الجلوسُ حيث يلفظ به .... ثم ساقَ الآية .

post-93813-1305736222.gif

 

2- سبُّ الله تعالى أو سبُّ رسوله (صلى الله عليه وسلم)أو تكذيبهما:

 

قال تعالى {وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَات}[التوبة: 58]

 

أي ومن المنافقين من يعيبك في تفريقِ الصدقات فيتهمونك بعدمِ العدل، واصلُ اللمزِ الإشارةُ بالعينِ ونحوها .

 

post-93813-1305736222.gif

 

3- الإعراضُ عن دينِ الإسلامِ وعيبه والعمل على إبعادِ الناس عنهُ وعلى عدم التحاكم إليه:

 

قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً } [النساء:61]

 

قال ابنُ القيم: هذل دليلٌ على أن من دعى إلى تحكيمِ الكتاب والُّسَّنة فأبى إنَّه من المنافقين .

 

post-93813-1305736222.gif

4- التحاكمُ إلى الكفارِ، والحرصُ على تطبيق قوانينهم مُفضلاً لها على حكمِ اللهِ :

 

قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً}[النساء:60]

 

قال ابنُ القيم –رحمه الله – في حده للطاغوت: أنهُّ كلُّ ماتجاوزَ به العبدُ حده من معبودٍ أو متبوعٍ أو مطاعٍ (6) فكل حاكم إلى غيرِ كتابِ الله وسنةِ رسوله (صلى الله عليه وسلم) فقد حاكم إلى الطاغوت الذي أمر اللهُ تعالى عباده المؤمنين أن يكفروا به، فإنَّ التحاكم ليس إلا إلى كتاب اللهِ وسنة رسوله ومن كان يحكمُ بهما (7) .

post-93813-1305736222.gif

 

5- اعتقادُ صحةِ المذاهب الهدامةِ والدعوةُ إليها مع معرفةِ حقيقتها:

 

ومن هَذِهِ المذاهبِ ماجدَّ في هذا العصر من مذاهبَ هي في حقيقتها حربٌ للإسلام ودعوةٌ للاجتماعِ على هدمهِ، كالقوميةِ والوطنيةِ، فكثيرٌ من المنافقين في هذا العصرِ ممن يسمون (علمانين ) أو (حداثين) أو (قوميين) يعرفون حقيقة هذهِ المذاهب ويدعون إلى الاجتماعِ على هذه الروابط الجاهلية ويدعون إلى نبذ رابطة الإيمان والإسلامِ التي ذكرها ربنا جل وعلا بقوله :{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات:10]

 

post-93813-1305736222.gif

 

 

6-سبُّ وعيبُ العلماءِ والمصلحين وجميع المؤمنين الصادقين:

 

بغضًا لهم ولدعوتهم ولدينهم قال اللهُ تعالى عنهم :{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ}[البقرة:13]

 

ولهذا تجدُ منهم في هذا العصر من يعيبُ العلماءَ والمصلحين ومن يعيبُ الدعاةَ والمجاهدين وحتَّى الأخ الملتحي والأخت المنتقبة لا يتركون أحدًا ذا دينٍ إلا حطوا من شأنه .

 

وقد يكونُ ذلك في وسائل الأعلام المسموعةِ والمرئيةِ منافقٌ لايخافُ الله ربَّ العالمين .

 

post-93813-1305736222.gif

7- مدحُ أهلِ الكفرِ ومدحُ مفكريهم ونشرُ آرائهم المخالفةِ للإسلام:

 

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[المجادلة:14]

 

ولهذا تجدُ منهم في هذا العصر من يمدحُ بعض الملاحدةِ في القديمِ والحديثِ أمثال (أبي علاء المعرى) و (الحلاج ) و(فرويد) وغيرهم .

 

 

post-93813-1305736222.gif

 

 

8- قلةُ الطاعات والتثاقلُ والكسلُ عند أداءِ العبادات الواجبةِ:

 

قال تعالى:

 

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}[النساء:142]

 

وقال (صلى الله عليه وسلم) " ليس صلاةٌ أثقَلَ على المنافقين من صلاةِ الفجرِ والعشاءِ ولو يعلمون ما فيهما لأتوهُمَا حَبوا ... " (8)

 

post-93813-1305736222.gif

 

 

9- إيثارُهم الدُّنيا الفانيةِ على الآخرةِ:

 

وحرصهم على حطامِ الدنيا أكثرُ من حرصهم على طاعةِ الله التي هي سببٌ لسعادتهم في الدنيا والآخرةِ،( ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنهُ قال في شأنِ المنافقين الذين يتخلفون عن صلاةِ الجماعة " ... لو يعلمُ أحدهم أنه يجدُ عرقًا (9) سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهِدَ العشَاءَ " (10) .

 

فهم معرضون عمَّا فيه نجاتُهم، حريصون على ما لا يستفيدون منه إلا اليسيرَ وسيتركونه خلفَ ظهورهم، إن كثيرًا منهم عندهُ القناعةُ بأن دينَ الإسلام هو الدينُ الحقُّ وأن أحكامه كلها خيرٌ وعدلٌ ولكن بسببِ مجالسته للكفار وانبهاره بحضارةِ الغربِ الماديةِ أو بسببِ مجالسته لمن انبهرَ بحضارتهم من المنافقين من علمانين (11) وأمثالهم وقع في قلبه بغض هذا الدينِ وأصبح يدعو إلى تقليدِ الكفارِ وتحكيم قوانينهم ويحاربُ شرعَ ربهِ ويعيبُه؛ وهذا منتهى السفهِ، وهذا تلاعبِ الشيطانِ بهم حتَّى أوقعهم فيما هو سببٌ لهلاكهم وعذابهم في أزمات أبديةٍ سرمديةٍ قال تعالى:

{اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ }

[المجادلة:19]

_______________________

(1) أخرجه البخاري (34) ومسلم (58)

(2) أخرجه البخاري (33) ومسلم (59)

(3) مسلم بشرح النووي (1/ 323)

(4) محاسن التأويل (4/162)

(5) فتح المجيد (ص: 43)

(6) قال الإمام مالك : الطاغوت ماعبد من دون الله – المصدر السابق

(7) نفس المصدر

(8) أخرجه البخاري (657) ومسلم (252،651)

(9) العراق: العظم بلا لحم ، وإن كان عليه لحم فهو عرق – فتح الباري (2/152).

(10) أخرجه البخاري (644) ومسلم (651)

(11) نفس المصدر بزيادة وتصرف

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

المرضُ الثاني عشر **الاغترار باللهِ تعالى

post-93813-1305736222.gif

 

أي الغرورُ الذي يؤدي بالعبدِ إلى الانغماسِ في المعاصي ثُمَّ تراه يقول "اللهُ غفورٌ رحيمٌ " ويعتقدُ أن هذا من بابِ حسنِ الظنِّ باللهِ، وهناك فارقٌ كبيرٌ بين حسنِ الظنِّ باللهِ والاغترارِ بالله .

 

حسنُ الظنِّ (1): إن عملَ العمل وحثَّ عليه وساقَ إليه فهو صحيحٌ وإن دعا إلى البطالةِ والانهماكِ في المعاصي، فهو غرورٌ وحسنُ الظن هو الرجاءُ فمن كان رجاؤه هاديًا له إلى طاعةٍ وزاجرًا له عن معصيةٍ فهو رجاءٌ صحيحٌ، ومن كانت بطالته رجاءً ورجاؤه بطالةً وتفريطًا فهو المغرورُ .

 

ولو أن رجلاً كانت له أرضٌ يؤمل أن يعود عليهِ من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يبذرها ولم يحرثها وحسن ظنه بأنه يأتي مغلها ما يأتي من حرث ويذر وسقى وتعاهد الأرض لعده النَّاس من أسفه السفهاء .

 

وكذلك لو حسنَ ظنُّه وقوى رجاؤُه بأن يجيئهُ ولدٌ من غيرِ جماع أو يصيرُ أعلم أهل زمانه من غير طلبِ للعلم وحرصٍ تام عليه وأمثال ذلك، فكذلك من حسن ظنه وقوى رجاؤُه في الفوزِ بالدرجات العلى والنعيم المقيم من غير تقربٍ إلى الله تعالى بامتثالِ أوامره واجتنابِ نواهيه وباللهِ التوفيق .

 

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[البقرة:218]

 

فتأمل كيف جعلَ رجاءهم

gif_icon056.gif

إتيانهم بهذه الطاعات ؟؟

 

وقال المغرورون: إن المفرطين المضيعين لحقوق الله المعطلين لأوامره، الباغين على عباده المتجرئين على محارمه أولئك يرجون رحمة الله .

مما تقدم يتبين لنا ان الاغترار بالله تعالى: هو التفريط في حق الله وتعطيل أوامره.

 

قال تعالى {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}[لقمان:33]

 

قال الحافظ ابن كثير (2) :

 

أي لا تلينكم بالطمأنينة فيها عن الدار الآخرة (ولا يغرنكم بالله الغرور) يعني: الشيطان ، فإنه يغر بن آدم ويعده ويمنيه وليس من ذلك شيءٌ بل كما قال تعالى {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً}[النساء:120]

 

وقال سبحانه وتعالى {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} [الحجر:49-50]

 

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى } [طه:82]

 

وقال سبحانه وتعالى وعزوجل {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ{156} الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ.....} [الأعراف:156-157].

 

من تأملَ آيات الكتابِ وجدَ أن التوبةَ والإنابةَ والرجوعَ إلى الله بفعل الطاعات وتركِ المنكرات شرطٌ لحصولِ الرحمةِ والعفوِ والمغفرةِ ،وهذا ظاهرٌ الآيات التي ذكرناها آنفًا وفي غيرها من الآيات التي تدلُّ على نفسِ المعنى .

 

gif_icon056.gif

 

الغرورُ بالأماني

يامغرورًا بالأماني، لُعنَ إبليسُ واهبطَ من منزلِ العزِّ بتركِ سجدةٍ واحدةٍ أمرَ بها، وأخرجَ آدمُ من الجنةِ بلقمةٍ تناولها وحُجبَ القاتلُ عنها بعد أن رآها عيانًا بملءِ كفٍ من دم، وأمرَ بقتل الزاني أشنعَ القتلاتِ بإيلاجِ(3) قدرِ الأنملةِ فيما يحلُّ، وأمر بإيساعِ الظهر سياطًا بكلمة قذفٍ أو بقطرةٍ من مسكرٍ وأبان عضوًا من أعضائك بثلاثةِ دراهم (4) فلا تأمنه أن يحبسك في النارِ بمعصيةٍ واحدةٍ من معاصيه {وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا }[الشمس:15]، ودخلت امرأةٌ النارَ في هرةٍ (5) وإن الرجلَ ليتكلمَ الكلمةَ لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في النارِ أبعد ما بينَ المشرقِ والمغربِ (6) .........

 

كيفَ الفلاحُ بين إيمانٍ ناقصٍ وأملٍ زائدٍ ومرضٍ لا طبيبَ لهُ ولا عائدَ،وهوى مستيقظٍ وعقلٍ راقدٍ ساهٍ في غمرته ، عَمَّ (7) في سكرتهِ

سابحًا في لجةِ جهله، مستوحشًا من ربهِ، مستأنسًا بخلقِه ، ذكرُ الناسِ فاكهتُه وقوته ،وذكرُ الله حبسُه وموتُه ،لله منه جزءٌ يسيرٌ من ظاهره وقلبه ويقينه لغيرِه (8) .

____________________

 

(1) الداء والدواء لابن القيم (ص:52) وما بعدها.

(2) تفسير ابن كثير (3/523)

(3) الجماع.

(4) يشير إلى حديث "تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا " وكان ربع دينار يومئذ ثلاثة دراهم والدينار اثنى عشر درهما،أخرجه البخاري (4/296) ومسلم (5/112)

-حاشية الفوائد لابن القيم (ص:52)

(5) أخرجه البخاري (3318) ومسلم (2619) .

(6) أخرجه البخاري (6477) ومسلم (2988) .

(7) أي مترددًا متحيرًا – المصدر السابق .

(8) انظر الداء والدواء لابن القيم

 

post-93813-1305736230.gif

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم عافنا واعف عنا

 

وطهر قلوبنا وأنفسنا وزكنا يا أكرم الأكرمين

 

جزاكن الله خيراً ** أم جويرية ** إسراء **

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
اللهم عافنا واعف عنا

 

وطهر قلوبنا وأنفسنا وزكنا يا أكرم الأكرمين

 

جزاكن الله خيراً ** أم جويرية ** إسراء **

 

 

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

اللهم آآآآآمين منولة الحبيبة ^^

 

بارك الله فيكِ يا غالية

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

المرض الثالث عشر**الأمن من مكر الله

 

post-93813-1305736222.gif

 

قال تعالى {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:99].

قال الحسن البصري:

 

المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن(1).

وقال تعالى { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ } [الأنعام:44].

(فلما نسوا ما ذكروا به) أي: أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم (فتحنا عليهم أبواب كل شيء) أي: فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون، وهذا استدراج منه تعالى وإملاء لهم، عياذًا بالله من مكره، ولهذا قال: (حتى إذا فرحوا بما أوتوا) من الأموال والأولاد والأرزاق (أخذناهم بغتة): أي على غفلة (فإذا هم مبلسون) أي: آيسون من كل خير.

 

gif_icon056.gif

 

 

وعن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج)) (2) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ. .} أي أن الله يستدرجهم بالنعم إذا عصوه ويملي لهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر(5).

قال بعض السلف: رب مستدرج بنعم الله عليه وهو لا يعلم، ورُب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم،. ورُب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم (6)

 

post-93813-1305736222.gif

 

الفرق بين الإغترار بالله تعالى والأمن من مكر الله:

 

أن الأول يقترف أنواع الذنوب والمعاصي الظاهرة والباطنة ويتعلق بنصوص الرجاء التي جاءت بالكتاب والسنّة طقزل الله تعالى {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور:22].

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنّة)) (7) وما شابه ذلك من الأدلة على رحمة الله وقد تقدّم ذكر بعض منها في معرض الكلام عن هذا المرض مع بيان

حقيقة معناه . (8)

 

gif_icon056.gif

أما الأمن من مكر الله تعالى فسببه فساد التصوّر، بمعنى أن يعصي الله ولا تقع عليه العقوبات الدنيوية، وقد يكون آكلًا للربا قاطعًا للرحم عاقًّا لوالديه، يخوض في أعراض الخلق ويمشي بين الناس بالنميمة، وقد تكون إمرأة متبرجة عاصية لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فالله يرزقه المال والصحة والأولاد وصنوفا من مطالبه ورغائبه فيفرح بذلك ويتصوّر أن الله رضي عنه إذ لم يعاقبه مع إصراره على المعاصي بل يعتقد أنه أفضل من العبد الطائع لله القائم على طاعته الحافظ لأمره ونهيه، فقد يُبتلى هذا الطائع بمرض أو فقر أو حرمان الذرية وإلى غير ذلك من أنواع الإبتلاء ويصبر ولا يصدّه ذلك عن الطاعة فيتصوّر العاصي أنه أفضل منه إذ لم يُبتلَ مثله، وهذا بعينه الجهل بسنن الله تعالى وترك تدبر كتابه وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم .

 

gif_icon056.gif

 

 

 

فالإبتلاء سنة ماضية ولن تتبدّل فهي تمحيص للمؤمن وعقوبة للفاجر والكافر.

قال تعالى {آلم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَوَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:1-2].

 

gif_icon056.gif

 

 

 

قال العلامة القاسمي(9):

أي: أحسب الذين أجروا كلمة الشهادة على ألسنتهم وأظهروا القول بالإيمان أنهم يُتركون بذلك غير مُمتحنين بل يمتحنهم الله بضرب المحن حتى يبلو صبرهم وثبات أقدامهم وصحة عقائدهم، لتمييز المخلص من غير المخلص كما قال {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور} [آل عمران:186] وكقوله {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:142] وكقوله {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214].. إلى أن ذكر قوله تعالى { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا } [العنكبوت:4] أي يفوتونا فلا نقدر على مجازاتهم بمساوئ أعمالهم: {سَاء مَا يَحْكُمُونَ} أي بئس الذي يحكمونه اهـ.

والآيات الدالة على سنن الإبتلاء –وأنها ماضية في أهل الإيمان- كثيرة جدًّا-لا يتسع المقام لسردها- فضلًا عن ما جاء في السنة المطهرة لتأكيذ هذا المعنى، فقد أخرج الترمذي بإسناد صحيح لغيره من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: ((الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقّة ابتلي على حسب دينه فما يربح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه من خطيئة)) (10).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حرّه بين يدي فوق اللحاف، فقلت: يا رسول الله! ما أشدّها عليك، قال: ((إنا كذلك يُضعّف لنا البلاء ويُضعّف لنا الأجر)) قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال((الأنبياء)) قلت: يا رسول الله ثم من؟ قال: (( ثم الصالحون إن كان أحدهم ليُبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء)) (11).

وقال صلى الله عليه وسلم: (( إن الله عز وجل ليحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم من الطعام والشراب تخافون عليه)) (12)، وفي رواية: ((إنه عز وجل إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع)) (13).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما يزال البلاء نازل بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)) (14).

مما تقدم تبين لنا أن رغد العيش وكثرة المال والأموال ليس دليلا على حب الله تعالى العبد ورضاه عنه وأيضًا فإن نقص الأموال والأولاد وضيق العيش ليس دليلا على غضب الله على العبد بل الأصل أن المؤمن مُبتلى كما قدّمنا الأدلة على ذلك من الكتاب وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم. قال الشاعر:

إلهي: لولا محبّتك للغفرانِ***ماأمهلتُ من يُبارزكَ بالعصيانِ

_____________________

 

(1) تفسير ابن كثير (2/152).

(2) أخرجه أحمد في المسند (4/145) وصححه شيخنا حفظه الله.

(3) تفسير ابن كثير (2/19).

(4) فتح المجيد (ص:39).

(5) الداء والدواء لابن القيم (ص:49).

(6) صحيح سنن أبي داود (3116) ومسند الإمام أحمد (22384).

(7) أن الإغترار بالله مقدمة الأمن من مكره، فإذا اغتر فسد تصوره، وفساد التصور هو مقدمة كا فساد-كذا قال الشيخ/ أبو إسحاق الحويني عند مراجعته هذا الكتاب فهذا من كلامه وتعليقه على الكتاب.

(8) محاسن التأويل (5/439) ومابعدها.

(9) صحيح الترمذي (2398)

(10) صحيح سنن ابن ماجه (2024)-المصدر السابق.

(11) مسند الإمام أحمد (5/427).

(12) مسند الإمام أحمد (5/428،429)، وصححه شيخنا حفظه الله في المسند لأحاديث الفتن.

(13) صحيح سنن الترمذي (2399).

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

تم تعديل بواسطة مُقصرة دومًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

المرض الرابع عشر** القنوط من رحمة الله

 

post-93813-1305736222.gif

 

القنوط من رحمة الله هو اليأس منه سبحانه وتعالى أن يتوب عليه، وأن يغفر له ويرحمه، وهو يقابل الأمن من مكر الله وكلاهما من أمراض القلوب فضلا عن أن اليأس من رحمة الله كبيرة من الكبائر.

 

قال تعالى: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87]، فدلت الآية على أن اليأس من روح الله _ أي من رحمة الله _ من الكبائر لأن الله وصفهم بأنهم كافرين .

 

وعن ابن مسعود قال: "أكبرالكبائر: لإشراك بالله والأمن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله ".(1)

 

القنوط من رحمة الله يجعل العبد يقطع الرجاء والأمل في الله أن يغفر له فيفتح له بذلك بابًا للشيطان ويمهد له الطريق للدخول عليه، فلا يبرح بتركه حتى يحول بينه وبين التوبة، يقول له أنت لا تصلح للتوبة وأنت تبت قبل ذلك مرات ثم رجعت لا فائدة منك ولا أمل فيك، ولن يغفر الله لك وهكذا، لا يزال بالعبد حتى يصل إلى القنوط من رحمته سبحانه وتعالى، وهذا من سوء الظن بالله إذ يعتقد أن ذنوبه أكبر من أن يغفرها الله ويغفل عن قول أرحم الراحمين الكريم المنان سبحانه وتعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] .

 

أي لا تيأسوا منها فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان ومتزودين ما يغضب عليكم الرحمن، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعا من الشرك والقتل والزنا والربا والظلم وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار "إنه هو الغفور الرحيم " ... ولكن لمغفرته ورحمته ونيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد فقد أغلق على نفسه باب الرحمة والمغفرة ، وأعظمها وأجلها بل لا سبب غيره: الإنابة(2) إلى الله تعالى بالتوبة النصوح والدعاء والتضرع والتأله والتعبد. (3)

عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أهل الأرض فدل على راهب فآتاه فقال: إنه قد قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم، فقال: إنه قد قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فأنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقال ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدني إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة ".(4)

 

هذا الحديث من الأحاديث الدالة على سعة عفو الله ورحمته وجوده وكرمه، هذا العبد قتل مائة ولم يعمل خيرا ، ولكن بصدق نيته وصدق العزم على التوبة .(5)

 

فقبضته ملائكة الرحمة، فلا ينبغي لأحد مهما بلغت ذنوبه أن يقنط من رحمة الله ولكن بصحبة أهل الخير والصلاح والعلماء والربانيين والزهاد والورعين وكل من يأخذ بيده إلى مولاه سبحانه وتعالى عز وجل .

 

post-93813-1305736222.gif

 

الترهيب من تقنيط عباد الله من رحمة الله:

 

فلا ينبغي لأحد أن يقنط أحدا من رحمة الله ولا يجوز لبشر أن يحكم على أحد أنه من أهل الجنة أو أنه من أهل النار، لأن ذلك منازعة لله في ملكه وحكمه وهو وحده مالك الملك له الخلق وله الأمر" يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " وإن رحم من في السموات ومن في الأرض فبفضله ومحض جوده وكرمه .

 

فيا أيها المقنط غيره لا تتسرع في الحكم على عباد الله فأنت لا تدري ما قدرك عند الله، وقد جاء في الحديث القدسي _ الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة يشير إلى هذا المعنى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى (6) " على أن لا أغفر لفلان، فأني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك ".(7)

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين ، ‏ فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول ‏ ‏أقصر ‏ ‏فوجده يوما على ذنب فقال له: ‏ ‏أقصر ‏ ‏فقال:" خلني وربي أبعثت علي رقيبا."؟ فقال والله لا يغفر الله لك ‏ ‏أو لا يدخلك الله الجنة،‏ ‏فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالما؟ أو كنت على ما في يدي قادرا؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار ‏."

هذان الحديثان فيهما من الترهيب ما يدعو كل مقنط أن يكف عن تقنيط خلق الله من رحمة الله تعالى

 

_______________________________________

 

صحيح: رواه عبد الرزاق " 19701" والطبراني " 88783 ، 8784 ، 8785 ، وقال ابن كثير في تفسيره ( 1 / 416 ) وهو صحيح بلا شك _ نقلا من فتح المجيد ( ص : 392).(1)

(2)الرجوع إلى الله بالتوبة أي لا سبب للرحمة والمغفرة إلا بالتوبة

(3) تفسير السعدي " ص 727" باختصار.

(4)خرجه البخاري ( 3470 ) ومسلم ( 3766 ) واللفظ لمسلم .

(5)قال العلامة الشيخ الحويني / هو لم يصدق النية والعزم فقط ، بل تحركت جوارحه بسيره إلى أرض التوبة، وإنما نبهت على ذلك حتى لا يتصور عاص أنه إذا نوى وعزم دون التفات إلى عمل الجوارح أنه صار تائبا ممدوحا. انتهى كلام الشيخ .

( قلت ): وهذا ما أردت أن أقول، لأن معتقد أهل السنة والجماعة قاطبة أن الإيمان قول وعمل ونية ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وبالله التوفيق

(6)يتألى يحلف" شرح مسلم (8 / 422)

(7)أخرجه مسلم

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×