اذهبي الى المحتوى
~*أم جويرية*~

〗♥أمرآآض القلـــوب♥ ●● » وطـــرق علاجها«〖

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكم الله خيرًا على العرض الطيب

ونسأل الله تعالى أن يعافينا ويصرف عنا هذه الشرور

ويطهر قلوبنا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

المرض الرابع والثلاثون**ضعفُ الإيمان بالقدر

 

post-93813-1305736222.gif

 

الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان، وهذا ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.

قال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة:177]، وقال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، [القمر:49] والآيات في هذا الباب كثيرة جدا.

و في حديث جبريل المشهور عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الإيمان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره"(1).

وقال صلى الله عليه سولم في حديث ابن عباس: "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيء لم يضرُّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رُفعت الأقلام وجَفتِ الصحف"(2).

 

www.hh50.com-Photos-Images-Topics-Pixel-2926.gif

 

الإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور:

الأول: الإيمان بأن الله تعالى عَلِمَ بكل شيء جملة وتفصيلا أولا وأبدا سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله أو بأفعال عباده.

 

الثاني: الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج:70].

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كتب الله مَقَاديرَ الخلائض قبل أن يخلق السماوات و الأرضَ بخمسين ألف سنة قال:" وعرشه على الماء(3).

الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى، سواء كانت مما يتعلق بفعله أم مما يتعلق بفعل المخلوقين، قال تعالى فيها: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} القصص86،وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا وقال: { يَشَاءُ}[إبراهيم:12]، وقال: { وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام:27].

الرابع: الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها وصفاتها وحركاتها، قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وكيل} [الزمر:62]، وقال: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}. [الفرقان:2]

والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا يُنافي أن تكون للعبد مشيئة في أفعاله الإختيارية والقدرة عليها، لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.

 

أما الشرع: فقد قال الله تعالى في المشيئة: {فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً} [النبأ:39]، وقال: {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:223]، وقال في القدرة {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا}. [التغابن:16]

وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعل وبهما يترك، ويفرق بين ما يقع بإرادته كالمشي وما يقع بغير إرادته كالإرتعاش، ولكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى وقدرته، لقوله تعالى: {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ. وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:28-29].

ولأنَّ الكون كلَّه ملك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته.

والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا يمنح العبد حجة على ما ترك من الواجبات أو فعل من المعاصي، وعلى

هذا فاحتجاجُه به باطل من وُجوه:

 

www.hh50.com-Photos-Images-Topics-Pixel-2926.gif

 

 

 

1-قوله تعالى سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُون [الأنعام:148] ولو كان لهم حجة بالقدر ما أذاقهم الله بأسه

 

www.hh50.com-Photos-Images-Topics-Pixel-2926.gif

 

 

2-قوله تعالى {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء:165] ولو كان القدر حجة للمخالفين لم تنتفِ بإرسال الرسل لأن المخالفة بعد إرسالهم واقعة بقدر الله تعالى.

www.hh50.com-Photos-Images-Topics-Pixel-2926.gif

 

 

 

3-ما رواه ابخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما منكم من أحد إلا وقد كُتب مقعده من النار أو الجنة" فقال رجل من القوم ألا نتكل يا رسول الله؟ قال: "لا، اعملوا فكل ميسر" ثم قرأ فأما من أعطى واتقى (4) [الليل:5]، وفي لفظ مسلم: "فكل ميسر لما خلق له"(5)، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل ونهى عن الأنكال على القدر.

www.hh50.com-Photos-Images-Topics-Pixel-2926.gif

 

 

 

4-أن الله تعالى أمر العبد ونهاه ولم يكلفه إلا ما يستطيع، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، [التغابن:16] وقال: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [البقرة:286]، ولو كان العبد مُجبرا على الفعل لو كان مكلفا بما لا يستطيع الخلاص منه، وهذا باطل ولذلك إذا وقعت منه المعصية بجهل أو نسيان أو إكراه فلا إثم عليه لأنه معذور.

www.hh50.com-Photos-Images-Topics-Pixel-2926.gif

 

 

5-أن قدر الله تعالى سر مكتوم لا يُعلم به إلا بعد وقوع المقدور، وإرادة العبد لما يفعله سابقة على فعله،، فتكون إرادته الفعل غير مبنية على علمٍ منه بقدر الله وحينئذ تنتفي حجته إذ لا حجةً للمرء فيما لا يعلم.

 

www.hh50.com-Photos-Images-Topics-Pixel-2926.gif

 

 

6-أننا نرى الإنسان يحرص على ما لا يلائمه من أمور دنياه حتى يدركه ولا يعدل عنهُ إلى ما لا يلائمه ثم يحتجُ على عدوله بالقدر، فلماذا يعدلُ عما ينفعه في أمر دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر، أفليس شأن الأمرين واحدًا؟؟

وإليك مثالا يوضح ذلك: لو كان بين يدي الإنسان طريقان أحدهما ينتهي به إلى بلد كلها فوضى وقتل ونهب وانتهاك للأعراض وخوف وجوع، ةالثاني ينتهي به إلى بلد كلها نظام وأمن مستتب وعيش رغيد واحترام للنفوس والأعراض والأموال فأي الطريقين يسلك؟ أنه سيسلك الطريق الثاني الذي ينتهي به إلى بلد النظام والأمن ولا يمكن لأي عاقل أبدا أن يسلك طريق بلد الفوضى والخوف ويحتج بالقدر، فلماذا يسلك في أمر الآخرة طريق النار دون الجنة، ويحتج بالقدر؟

مثال آخر: نرى المريض يُؤمر بالدواء فيشربه ونفسه لا تشتهيه ويُنهى عن الطعام الذي يضره فيتركه ونفسه تشتهيه، كل ذلك طلبا للشفاء والسلامة، ولا يمكن أن يمتنع عن شرب الدواء أو يأكل الطعام الذي يضره ويحتج بالقدر، فلماذا يترك الإنسان ما أمر الله ورسوله أو يفعل ما نهى الله ورسوله ثم يحنج بالقدر؟

www.hh50.com-Photos-Images-Topics-Pixel-2926.gif

 

 

7-أن المُحتج بالقدر على ما تركه من الواجبات أو فعله من المعاصي، لو اعتدى عليه شخص فأخذ ماله أو انتهك حرمته ثم احتج بالقدر، وقال: لا تلمني فإن اعتدائي كان بقدر الله، لم يقبل حجته فكيف لا يقبل الإحتجاج في اعتداء غيره عليه، ويحتج به لنفسه في في اعتدائه على حق الله تعالى(6)؟؟

___________________________________

 

(1)أخرجه مسلم (8) وغيره.

(2)صحيح: تقدم تخريجه.

(3)أخرجه مسلم (2653).

(4)أخرجه البخاري (4946، 4947).

(5)أخرجه مسلم (2647).

(6)شرح الأصول الثلاثة (ص:79) وما بعدها باختصار.

 

 

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،

 

جميل جدًّا اللّهمَّ بارك يا حبيبات !!

ولي عودة بإذن الله للاستكمال .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

بورك فيكن علىالعرض الطيب الرائع

وهذا المرض الخطير لهو من أخطر الأمراض وأكثرها تغلغلًا في نفوس الضعفاء من الخلق

 

بالفعل يرتكبون المعاصي ويحتجون بالقدر .. وينأون عن الطريق المستقيم ويحتجون بأمر الله ومشيئته .. سبحان ربي العظيم الأعلى!!

أننا نرى الإنسان يحرص على ما لا يلائمه من أمور دنياه حتى يدركه ولا يعدل عنهُ إلى ما لا يلائمه ثم يحتجُ على عدوله بالقدر، فلماذا يعدلُ عما ينفعه في أمر دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر، أفليس شأن الأمرين واحدًا؟؟

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

بارك الله فيكما صموتة وسدورة ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

المرض الخامس والثلاثون**حبُ البدعة

 

post-93813-1305736222.gif

البدعة في اللغة: بَدَعَ الشيئ يَبْدَعُهُ وابتَدَعَهُ: أنْشَأَهُ وبدَأهُ(1).

والبديع والبدع: الشيء يكون أولا، كما في التنزيل {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ} [الأحقاف:9].

البدعة شرعا: هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب(2).

قال شيخ الإسلام (3):

أهل العبادات البدعية يُزين لهم الشيطان تلك العبادات، ويُبغضُ إليهم السبل الشرعية حتى يبغضهم في العلم والقرآن والحديث، فلا يحبون سماع القرآن والحديث ولاذكره وقد يبغض إليهم حتى الكتاب فلا يحبون كتابا ولا من معه كتاب، ولو كان مصحفا أو حديثا.

قال عبد الله التستري: يا معشر الصوفية لا تفارقوا السوادَ على البياضِ، فما فارق أحد السواد على البياض إلا تزندق.

وقال الجنيدُ: عَلمُنَا هذا مبني على الكتاب والسنة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يُقتدى به في هذا الشأن اهــ.

وكثير من هؤلاء ينفرُ ممن يذكر الشرع أو القرآن أو يكون معه كتاب أو يكتي وذلك لأنهم استشعروا أن هذا الجنس فيه ما يخالف طريقهم فصارت شياطينهم تهربهم من هذا، كما يُهرب اليهودي والنصراني ابنه أن يسمع كلام المسلمين حتى لا يتغير اعتقاده في دينه وكما كان قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم لئلا يسمعوا كلامه ولا يروه، وقال تعالى عن المشركين: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت:26]، وقال تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ{49} كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ{50} فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ} [المدثر:49-51]، وما أرغب الناس في السماع البدعي، سماع المعازف وما أزهدهم في السماع الشرعي آيات الله تعالى.

وكان مما زين لهم طريقهم أن زجدوا كثيرا من المشتغلين بالعلم والكتب معرضين عن عبادة الله تعالى وسلوكه سبيله إما اشتغالا بالدنيا وإما بالمعاصي وإما جهلا وتكذيبا بما يحصل لأهل التألُهِ والعبادةِ، فصار وجود هؤلاء مما ينفرهم وصار بين الفرقين نوع من التباغض... إلى أن قال: فمنهم من يظن أنه يلقنُ القرآن بلا تلقين، ويحكون أن شخصا حصل له ذلك، وهذا كذب، نعم، قد يكون سمع آيات الله فلما صفى نفسه تذكرها فتلاها، فإن الرياضة تصقل النفس قيذكر أشياء كان قد نسيها، ويقول بعضهم أو يحكي بعضهم قال: أخذوا علمهم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي لاذي لا يموت، وهذا يقع لكن منهم من يظن أن ما يلقى إليه خطاب أو خاطر من من الله تعالى بلا واسطة، وقد يكون من الشيطان وليس عندهم فرقان يفرق بين الرحماني والشيطاني فإن الفرق الذي لا يخطئ هو القرآن والسنة، فما وافق الكتاب والسنة فهو حق وما خالف ذلك فهو خطأ. انتهى.

لابد أن يكون القدوة في العبادة والمبينُ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب:21].

قال الإمام أحمد: نظرتُ في المصحف فوجدت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثلاث وثلاثين موضعا، ثم جعل يتلو {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].

وقال صلى الله عليه وسلم: "من عَمِلَ عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"(4).

وفي رواية: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"(5).

قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله:

فالثواب على ما جاء به الرسول والنصرة لمن نصره والسعادة لمن اتبعه وصلوات الله وملائكته على المؤمنين به والمعلمين للناس دينه والحق يدور معه حيثما دار، وأعلم الخلق بالخلق واتبعهم له أعلمهم بسنته وأتبعهم لها وكل قول خالف قوله، إما دين منسوخ وإما دين مبداذل لم يشرع قط(6).

ذم البدع والمبتدعين وسوء منقلب أصحابها

 

post-93813-1305736222.gif

 

اعلم أن الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان، لأن الله تعالى قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة:3].

وفي حديث العرباض بي سارية: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها الأعيم ووجلت منها القلوب فقلنا: يا رسول الله إن هذا موعظة مودع، فما تعد إلينا؟ قال: "قد تركتكم على البيضاء ليلُها كنهارِها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك من يعِش

منكم فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ" (7).

وثيت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يُحتاجُ إليه في أمر الدين والدنيا، وهذا لا مخالفَ عليه من أهل السنة.

فإن كان كذلك فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله أو مقاله:

إن الشريعة لم تتم وإنه بقي أشياء منها يجب أن يستحب استدراكها لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه لم يبتدع ولا استدرك عليها، وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم.

قال ابن الماجشون: سمعت مالكا يقول:

من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعِم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}

فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا.

 

post-93813-1305736222.gif

 

المبتدع قد نزل نفسه منزلة المضاهي للشارع

 

لأن الشارع وضع الشرائع وألزم الخلق الجري على سنتها وصار هو المنفرد بذلك لأنه حكم بين الخلق فيما كانوا فيه يختلفون وإلا فلو كان التشريع من مدركات الخلق لم تنزل الشرائع ولم يبق الخلاف بين الناس ولا احتِيجَ إلى بعث الرسل عليهم السلام.

هذا الذي ابتدع في دين الله قد صيَّر نفسه نظيرا ومضاهيا للشارع حيثُ شرَّع مع الشارعِ وفتح للاختلاف بابا وردَّ قصد الشارعِ في الإنفراد بالتشريع وكفى بذلك.

post-93813-1305736222.gif

 

المبتدع متَّبع لهواه:

لأن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع لم يبق له إلا الهوى والشهوة، وأنت تعلم ما في اتباعِ الهوى وأنه ضلال.

ألا ترى قول الله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص:26].

فحصرَ الحكمُ في أمرين لا ثالث لهما عنده، وهو الحق والهوى وعزلُ العقلِ مجردا إذ لا يمكن في العادة إلا ذلك.

وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ} [القصص:50]، والمبتدع قدَّمَ هوى نفسه على هدى ربه فكان أضل الناس، وهو يظن انه على هدى.

عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106]، قال: تبيض وجوهُ أهل السنة وتسود وجوه أهل البِدعة.

 

post-93813-1305736222.gif

 

البدعة أحبُّ إلى الشيطان من المعصية:

قال طائفة من السلف –منهم الثوري- البدعة أحبُّ إلى إبليس من المعصية، لأن المعصية يُتابُ منها والبدعة لا يُتابُ منها وهذا معنى ما رُويَ عن طائفة أنهم قالوا: إن الله حجزَ التوبة على كل صاحب بدعةٍ بمعنى أنه لا يتوب منها لأنه يحسبُ أنه على هُدى ولو تاب لتابَ الله عليه كما يتوب على الكافر(8)

__________________________________

 

 

(1)لسان العرب (1/352).

(2)مجموع الفتاوى (4/108).

(3)مجموع الفتاوى (10/412-413).

(4)أخرجه مسلم (18-1718).

(5)أخرجه البخاري (2697).

(6)من الإعتصام بالكتاب والسنة جمع وترتيب أبي الفضل عبد السلام (ص:81).

(7)صحيح سنن ابن ماجه (43) وصحيح الترمذي (4607) ومسند الإمام أحمد (4/127).

(8)هذا الباب ملتقط من الاعتصام للإمام الشاطبي (1/61) وما بعدها باختصار وتصرف.

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حكمٌ ومواعظٌ

post-93813-1305736222.gif

 

 

أ أيها المشغولُ بالشهواتِ الفانيات، متى تستعدُ للمماتِ الآتِ؟ حَتى متى لا تجتهد في لحاقِ القوافل الماضيات؟ أتطمعُ وأنت رهينُ الوسادِ في لحاقِ السادات؟ هيهات هيهات آملاً في زعمه اللذات احذر هجومَ هازمِ اللذات احذر مكائده فهي كوامن في عدة الأنفاس واللحظات:

نمضي حلاوة ما أخفيت وبعدها تبقى عليك مرارةُ التبعات

 

يا حسرة العاصين يوم معادهم لو أنهم سِيقوا إلى الجنات

 

لو لم يكن إلا الحياء من الذي ستر العيوب لأكثرُوا الحسرات

 

يا من صحيفته بالذنوبِ قد حُفت وموازينه بكثرةِ الذُنوبِ قد خُفت ، أنا رأيت أكفاء عن مطامعها كُفت؟ أما رأيت عرائس آحادٍ إلى اللحودِ قد زُفت؟ أما عاينت أبدان المترفين وقد أدرجت في الأكفان ولُفت؟ أما عاينت طور الأجسام في الأرحام؟ ومتى تنتبهُ لخلاصِ نفسكِ أيها الناعسُ؟ متى تعتبرُ بربع غيرك الدارس؟ أين الأكاسر الشجعان الفوارسُ؟ وأين المنعمون بالجواري والظباء الخنس الكوانس؟ أين المتكبرون ذوو الوجوه العوابس؟ أين من اعتاد سعة القصور؟ حُبس في القبور في أضيق المحابسِ أين الرافلُ في أثوابه عري في ترابه عن الملابس؟ أين الغافلُ في أمله وأهله عن أجله؟ سلبتهُ أكفُّ الخالسِ، أين جامعُ الأموال؟ سلب المحروس وهلك الحارس! حقٌ لمن علم مكر الدنيا أن يهجرها ولمن جهل نفسه أن يزجرها ولمن تحقق نقلته أن يذكرها، ومن غمر بالنعماء أن يشكرها ولمن دُعي إلى دارِ السلامِ أن يقطع مفاوز الهوى ليحضرها(1).

اللهم عاملنا بلطفك وتداركنا بعفوك

عبادُ الله! ما أشرفُ الأوقاتِ وقد ضيعتموها، وما أجهلُ النفوسِ وقد أطعتموها، وما أدقُّ السؤالِ عن الأموالِ فانظروا كيف جمعتموها وما أحفظُ الصحف بالأعمال فتدبروا ما أودعتموها قبل الرحيل عن القليل والمناقشة عن النقير والفتيل قبل أن تنزلوا بطون اللحودِ، وتصيروا طعامًا للدودِ في بيتٍ بابهُ مسدودٌ ولو قيل فيه للعاصي: ما تختار لقال: أعود ولا أعود.

أين أهل الديار من قوم نوح ثم عادٍ من بعدهم وثمود

 

بينما القومُ في النمارقِ والاستبرق أفضت إلى التراب الخدود

 

وصحيحٌ أضحى يعودُ مريضًا وهو أدنى للموتِ ممن يعود(2)

 

فائدة:

 

قد أجمعُ السائرون إلى الله أن القلوب لا تُعطى مُناها حتى تصل إلى مولاها، ولا تصل إلى مولاها حتى تكون صحيحة سليمة ولا تكون صحيحةً سليمةً حتى ينقلب داؤها فيصيرُ نفسه دواءها، ولا يصحُّ لها ذلك إلا بمخالفة هواها، فهواها مرضها، وشفاها مخالفته فإن استحكم المرضُ قُتل أو كاد(3).

 

فصلٌ نافعٌ جدًا عظيمُ النفعِ للسالكِ

يوصلهُ عن قريبٍ، ويسيره بأخلاقه التي لا يمكنه إزالتها، فإن أصعب ما على الطبيعة الإنسانية تغيرُ الأخلاق التي طبعت النفوسُ عليها، وأصحابُ الرياضات الصعبة والمجاهدات الشاقة إنما عملوا عن ظهور سلطانها فإذا سلطانُ تلك الأخلاق وبرز كسرُ جيوش الرياضة وشتتها استولى على مملكة الطبع.

 

وهذا فصلٌ يصلُ به السالك مع تلك الأخلاق ولا يحتاج إلى علاجها وإزالتها ويكون سيره أقوى وأجل وأسرع من سير العامل على إزالتها

 

ونقدمُ قبل هذا مثلاً نضربهُ مطابقًا لما نريدهُ وهو نهرٌ جار في صببه ومنحدره ومنته إلى تغريق أرض وعمران ودور، وأصحابها يعلمون أنهُ لا ينتهي حتى يخرب دورهم ويتلف أراضيهم وأموالهم فانقسموا ثلاث فرق:

 

فرقةٌ صرفت قواها وقوى أعمالها إلى سكره وحبسه وإيقافه، فلا تصنعُ هذه الفرقة كبير أمرٍ، فإنه يوشكُ أن يجتمع ثم يحملُ على السكر فيكون إفسادُهُ وتخريبُهُ أعظم.

 

وفرقةٌ رأت هذه الحالة وعلمت أنه لا يغني عنها شيئًا فقالت: لا خلاصَ من محذورهِ إلا بقطعه من أصل الينبوع، فرامت قطعه من أصله فتعذر عليها ذلك غاية التعذر وأبت الطبيعة النهرية عليهم ذلك أشد الإباء، فهم دائمًا في قطع الينبوع وكلما سدوه من موضع نبع من موضع فاشتغل هؤلاء بشأن هذا النهر من الزراعات والعمارات وغرس الأشجار.

 

فجاءت فرقةٌ ثالثةٌ خالفت رأي الفرقتين وعلموا أنهم قد ضاع عليهم كثير من مصالحهم، فأخذوا في صرف ذلك النهر عن مجراه المنتهي إلى العمران فصرفوه إلى موضع ينتفعون به، فأنبت أنواع العشب والكلأ والثمار المختلفة الأصناف، فكانت هذه الفرقة أصوب الفرق في شأن هذا النهر .

 

فإذا تبين هذا المثلُ، فاللهُ سبحانهُ قد اقتضت حكمتهُ أن رَكَّب الإنسابل وسائر الحيوان- على طبيعةٍ محمولةٍ على قوتين: غضيبةٌ،، وشهوانيةٌ وهي الإراديةُ وهاتان القوتان هما الحاملتان لأخلاق النفس وصفاتها وهما مركوزتان في جبلة كل حيوان، فبقوة الشهوة والإرادة يجذبُ المنافعَ إلى نفسهِ وبقوةِ الغضب يدفعُ المضار عنها.

 

فإذا عجز عن ذلك الضار أورثه قوة الحقد، وإن أعجزه وصولُ ما يحتاجُ إليه ورأى غيره مُستبدًا به أورثه الحسد، فإن ظفر به أورثته شدةُ شهوته وإرادته خلق البخل والشحِ، وإن اشتد حرصهُ وشهوتهُ على الشيء ولم يمكنه تحصيلهُ إلا بالقوةِ الغضبية، فاستعملها فيه أورثه ذلك العدوان والبغي والظلم ومنه يتولد الكبرُ والفخرُ والخيلاءُ فإنها أخلاقٌ متولدةٌ من بين قوتي الشهوة والغضبِ وتزوج أحدهما بصاحبه.

 

فإذا تبين هذا فالنهر مثال هاتين القوتين وهو منصبٌ في جدول الطبيعة ومجرها إلى دورِ القلبِ وعمرانهِ، وحواصله يخربها ويتلفها ولا بد فالنفوس الجاهلة الظالمة تركته ومجراه فخربَ ديارَ الإيمان وقلع آثاره وهدم عمرانه وأنبت موضعها كل شجرة خبيثة من حنظل وضريع وشوك وزقوم، وهو الذي يأكله أهلُ النار يومَ القيامةِ يومَ المعادِ.

 

وأمَّا النفوسُ الزكيةُ الفاضلةُ: فإنها رأت ما يؤولُ إليه أمرُ هذا النهرِ، فافترقوا ثلاثَ فرقٍ:

 

فأصحابُ الرياضيات المجاهدات والخلوات والتمرينات راموا قطعه من ينبوعه فأبت عليهم ذلك حكمة الله تعالى وما طبعه عليه الجبلة البشرية ولم تنقد له الطبيعةُ، فاشتد القتالُ ودام الحربُ وحمي الوطيسُ وصارت الحربُ دولاً وسجالاً وهؤلاءُ صرفوا إلى مجاهدة النفس على إزالة تلك الصفات. وفرقةٌ أعرضوا عنها وشغلوا نفوسهم بالأعمال ولم يجيبوا دواعي تلك الصفات مع تخليتهم إياها على مجراها، لكن لم يمكنوا نهرها من إفساد عمرانهم بل اشتغلوا بتحصين العمران، وإحكام بنائه وأساسه ورأوا أن ذلك النهر لابد أن يصل إليه،، فإذا وصل وصل غلى بناء محكم فلم يهدمه بل أخذ عنهُ يمينًا وشمالاً، فهؤلاء صرفوا قوة عزيمتهم وإرادتهم في العمارة وإحكام البناء وأولئك صرفوها في قطع المادة الفاسدة من أصلها، خوفًا من هدم البناء، إذا تبين هذا، فهذه الفرقة الثالثة رأت أن هذه الصفات ما خُلقت سدى ولا عبثًا وأنها بمنزلةِ ماءٍ يسقى به الوردُ والشوكُ والثمارُ والحطبُ وأنها صوانٌ وأصدافٌ لجواهرَ منطويةٍ عليها، وأن ما خاف منه اولئك هو نفسُ سبب الفلاح والظفر، فرأوا أن الكبر نهرٌ يسقى به العلو والفخر والبطر والظلم والعدوان ويسقى به علو الهمة والأنفة والحمية والمراغمة لأعداء الله وقهرهم والعلو عليهم، وهذه الدرةُ من صدفه فصرفوا مجراه إلى هذا الغرس واستخرجوا هذه الدرة من صدفته وأبقوه على حاله في نفوسهم، لكن استعملوه حيثُ يكونُ استعمالهُ أنفع، وقد رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) أبا دُجانة بين الصفين، فقال: " إنها لمشيةٌ يبغضها اللهُ، إلا في مثل هذا الموضع" فانظر كيف خلى مجرى هذه الصفة هذا الخلق يجري في أحسن مواضعه.

 

وفي الحديث الآخر-وأظنه في المسند-"إن من الخيلاء ما يحبها اللهُ وما يبغضها الله، فالخيلاء التي يحبها الله: اختيالُ الرجل في الحرب وعند الصدقة".

 

فانظر كيف صارت الصفةُ المذمومةُ عبودية؟ وكيف استحال القاطعُ موصلاً؟

 

فصاحبُ الرياضيات والعاملُ بطريق الرياضيات والمجاهدات والخلوات، هيهات هيهات أن يوقعه ذلك في الآفات والشبهات والضلالات فإن تزكية النفوس مسلمٌ إلى الرسل وإنما بعثم الله لهذه التزكية وولاهم إياها وجعلها على أيديهم دعوةً وتعليمًا وبيانًا وإرشادًا، لا خلقًا ولا إلهامًا انتهى(4).

 

مما تقدم يتبينُ لنا أن محاولة اقتلاع الطبع البشري من جذوره محالٌ، لأنه ليس في مقدورِ العبدِ فضلاً على أن الله سبحانهُ وتعالى لم يخلق شيئًا عبثًا فالحكمةُ الإلهيةُ اقتضت وجود هذه الطبائعِ في الإنسان، ومن الحكمةِ جهادُ النفسِ حتى يستعمل كلُّ عبدٍ ما به من طبائع خبيثةٍ أو أمراض مهلكةٍ استعمالاً شرعيًا.

 

واذكرُ مثالاً تأكيدًا لما سبق بيانه:

 

إنسانٌ يحبُ كثرة الكلام ويتقن الحوار والحديث قد يكون مع ذلك عندهُ قبولُ فينجذبُ الناسُ لسماعهِ، هذا الإنسانُ إذا لم ينتبه لما يقولُ حتمًا سيقع في اللغو فضلاً عن آفاتِ اللسان الأخرى من الغيبة والنميمةِ والكذبِ والحلفِ بغير الله...وماأشبهُ ذلك، فمن الحكمة أن يتعلم العلم الشرعي الصحيح وينشغل بالدعوةِ إلى دين الله ونفع المسلمين، وبهذا يكونُ قد استعمل هذه النعمة –نعمة الكلام والقول- في كسبِ الحسنات بدلاً من أن يستعملها في جلبِ السيئات المهلكات.

 

ومثالٌ آخرُ: رجلٌ أوتي جدلاً فبدلاً من ان يجادل لينتصر لنفسه ويتفوق على خصمهِ ويكونُ هذا كلُّ همهِ، فإن كان عاقلاً استعمل هذه الصفة في جدالِ أعداءِ الدينِ والعصاةِ من المسلمين بالتي هي أحسنُ حتى يظهر محاسنُ هذا الدين ويذب عن الإسلام وعن نبينا (صلى الله عليه وسلم شرط ذلك أن يكون عندهُ العلمُ الشرعي الصحيحُ والنيةُ الصالحةُ، فإن وفقَ لذلك فهذا خيرٌ له من الدنيا وما فيها، قال رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) لعلي-رضى الله عنه-: "فوالله لأن يهدي اللهُ بك رجُلاً واحدًا خيرٌ لك من أن يكون لك حُمُرُ النعمِ(5)"(6).

 

وهكذا يستطيعُ كلُّ عبدٍ مخلصٍ صادقٍ متبرئٍ من حولهِ وقوتهِ معتمدًا على حولِ اللهِ وقوتهِ أن يبدل أمراض قلبه وآفات نفسه صفات تجلبُ له الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، والموفقُ من وَفقهُ اللهُ.

 

_______________

 

 

(1)الكبائر للإمام الذهبي(ص:186،187).

(2)المصدر السابق.

(3)الداء والدواء(ص:95).

(4)مدارج السالكين لابن القيم(2/311-315)نقلاً من صلاح الأمة في علو الهمة للشيخ سيد العفاني(5/346).

(5)حمرُ النعم: هي الإبلُ الحمرُ، وهي أنفسُ أموال العرب-شرح مسلم(8/194).

(6)أخرجه البخاري(2942)،ومسلم(2406).

 

 

 

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

العلاج

post-93813-1305736222.gif

**

ما خلقَ اللهُ سبحانهُ وتعالى وعزوجل داءً إلا وجعلَ لهُ دواءً، فقد يصابُ العبدُ بمرضٍ أو أكثر من أمراضِ القلوبِ التي أوردناه في هذا البحثِ فإن لم يبادر ويسع ويبحث عن دواءٍ هلك، فمن رحمة الله تعالى أن جعلَ لنا أدويةً لعلاجِ أمراضِ قلوبنا منها ما تقدم في البحثِ الذي سقته آنفًا ومنها:

 

تلاوةُ القرآنِ بالتدبرِ والتفكرِ.

 

اللهُ سبحانهُ وتعالى يدعو عباده في القرآن إلى معرفته وإلى عبادته وحده، وهذا لا يكونُ إلا بالتدبرِ والتفكرِ في آياته الكونية والشرعية(1) التي فيها صلاحُ القلوبِ.

 

قال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}[النساء: 82]، وقال سبحانهُ: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}[المؤمنون: 68]، وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}[ص: 29].

 

وقال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}[فصلت:53]، لا ريب أن تدبر القرآن من أنفعِ الأدوية لعلاجِ أمراضِ القلوبِ، قد أخبر بذلك سبحانهُ وتعالى في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}[يونس:57].

 

قال العلامةُ السعدي في تفسيرها:

 

القرآنُ شفاءٌ لما في الصدورِ من أمراضِ الشهواتِ الصادةِ عن الانقيادِ للشرعِ، وأمراض الشبهات القادحة في العلمِ اليقيني، فإن ما فيه من المواعظ والترغيب والترهيب والوعدِ والوعيدِ، مما يوجبُ للعبدِ الرغبة والرهبة، وإذا وُجدت فيه الرغبةُ في الخيرِ والرهبةُ من الشرِّ ونمتا على تكرر ما يردُ إليها من معاني القرآن،، أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس وصارَ ما يرضي اللهَ أحبَّ إلى العبد من شهوةِ نفسهِ.

 

وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة التي صرفها اللهُ غاية التصريفِ وبينها أحسن بيانٍ مما يزيلُ الشبه القادحة في الحقِّ ويصلُ به القلبُ إلى أعلى درجات اليقين، وإذا صح القلبُ من مرضه ورفل بأثوابِ العافيةِ تبعته الجوارحُ كلها، فإنها تصلحُ تصلحُ بصلاحه وتفسد بفساده(2). إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألقِ سمعك واحضر حضور من يخاطبهُ به من تكلم به سبحانهُ منه إليه، فإنه منه لك على لسان رسول الله (صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق: 37]، فقوله: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} فهذا هو المحلُ القابلُ والمرادُ به القلبُ الحيُّ الذي يعقلُ عن اللهِ كما قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً}[يس:69-70]، أي حي القلب، وقوله:{أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}أي وجه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقالُ لهُ، وهذا شرطُ التأثرِ بالكلامِ.

 

وقوله: {وَهُوَ شَهِيدٌ} أي شاهدُ القلبِ، حاضرٌ غير غائبٍ.

 

قال ابنُ قتيبة: استمع كتاب الله هو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساه، وهو إشارةٌ إلى المانعِ من حصولِ التأثير وهو سهوُ القلبِ وغيبته عن تعقلِ ما يقالُ له النظر فيه وتأمله(3).

 

فلا شيء أنفعُ للقلبِ من قراءةِ القرآنِ بالتدبرِ والتفكر فإنه جامعٌ لجميع منازل السائرين، وأحوالِ العاملين ومقاماتِ العارفين وهو الذي ويورثُ المحبة والشوقَ والخوفَ والرجاءَ والإنابةَ والتوكلَ والرضا والتفويضَ والشكرَ والصبرَ، وسائرَ الأحوال التي بها حياةُ القلبِ وكماله.

 

وكذلك يزجرُ عن جميع الصفاتِ والأفعال المذمومةِ التي بها فسادُ القلبِ وهلاكه، فلو علم الناسُ ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها.

 

فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآيةٍ وهو محتاجٌ إليها في شفاء قلبه، كررها ولو مائة مرةٍ ولو ليلة، فقراءة آيةٍ بتفكر وتفهم خيرٌ من قراءة ختمةِ بغيرِ تدبر وتفهم، وأنفعُ للقلبِ وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوةِ القرآنِ وهذه كانت عادةُ السلفِ يردد أحدهم الآية إلى الصباحِ(4).

 

التأسي برسول الله(صلى الله عليه وسلم) والاقتداء بأهل العلم والفضل والخير والصلاح(5):

 

فذلك يورثُ تقاربًا بين قلب الشخصِ وقلبِ أهلِ الخيرِ والفضلِ

 

________________

(1)الآيات الكونية: كخلق السموات والأرض والجبال والبحار وغير ذلك، أما الآيات الشرعية: هي الخاصة بالتكليف.

(2)تيسير الكريم الرحمن(ص:367).

(3)الفوائد لابن القيم (ص:7) باختصار.

(4)مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/187) وفي ظلال المحبة

. (5)شفاء القلوب لشيخنا حفظه الله(ص/104) وما بعدها.

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

العلاج والصلاح

 

**

post-93813-1305736222.gif

وابتداءًا فإن الله أمرنا بالتَّأسِي بنبيه صلى الله عليه وسلم فقال الله سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21]، وقال تعالى: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:90]، وقال سبحانه وتعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان:15]، ونهى الله عن التشبه بأهل الكفر وعن سلوك سبيلهم قال تعالى: {فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [يونس:89].

فالاتفاق في الظاهر يجلب الاتفاق في الباطن –في الغالب- وكذلك فالاختلاف في الظاهر يجرُّ إلى اختلاف القلوب ففي الصحيح من حديث أبي مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم"(1)، وفي الصحيحين (2) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَتُسَوُّنَّ صُفوفكم أو لَيُخَالِفَنَّ الله بين وجوهكم"(3).

ولذلك ترى مثلاً المتشابهين في زيهم ولباسهم وسمتهم أقرب إلى بعضهم البعض، فترى من يلبس الثوب الأبيض يحنُّ إلى من يلبس الثوب الأبيض ومن ترتدي النقاب تحن إلى من ترتدي النقاب إذا رأتها في طريق، وكذلك إذا كان شخص ملتحيا تجده يحن إذا وجد شخصا ملتحيا مثله ويقبل عليه، وهكذا في غالب الأحوال، فمن تشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأهل الصلاح نجد قلبه متجها إليهم، وكذلك من تَسمى وتَشبه بأهل الشر والفساد.

فحتى يسلم لك قلبك، فليكن تشبهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ما دمت تستطيع ذلك في سمتك وفي لباسك وفي عبادتك وفي صبرك وحلمك وفي سائر أحوالك، فإن ذلك يورثك تقاربا من نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وتقاربا من أهل الخير والصلاح والفضل والعفاف، وما التوفيق إلا بالله.

 

post-93813-1305736222.gif

تدبر أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

النظر في سنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدبرها من أنفع الأدوية لعلاج أمراض القلوب وخاصة الأحاديث التي تحث العبد على الزهد في الدنيا الفانية، وأيضا أحاديث الترغيب والترهيب، الترغيب في الجنة وما أعدَّ الله فيها لعباده الصالحين، والترهيب من النار، وما فيها من العذاب الأليم المهين، ونذكر هنا بعضا منها عسى أن ينتفع بها المؤمنين والمؤمنات:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل"(4)، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك.

 

وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم لا عيشَ إلا عيشُ الآخرة"(5).

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب"(6).

وعن سهل بن سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولغَدوةٌ في سبيل الله أو روحةٌ خير من الدنيا وما فيها"(7).

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسأل أحد منهم إلا أعطاه حتى نفدَ ما عنده، فقال لهم حين نفد كل شيء أنفق بيديه: "ما يكن عندي من خير لا أدخره عنكم وإنه من يستعفَّ يعفه الله ومن يتصبَّر يُصبِّره الله ومن يستغنِ يغنهِ الله ولن تُعْطَوْا عطاء خيرا وأوسع من الصبر"(8).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولَبكيتم كثيرا"(9).

وقال صلى الله عليه وسلم: "أصدقُ بيت قاله الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل"(10)

 

وعن أنس رضي الله عنه قال: كانت ناقة رسول الله تسمى العضباء وكانت لا تسبقُ فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين، وقالوا: سبقت الغضباء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه"(11).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله"(12).

 

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تُحشرون حُفاةً عُراةً غُرلاً" قالت عائشة رضي الله عنها فقلت يار سول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: "الأمر أشدُّ من أن يُهِمَّهُم ذاك"(13).

وقال صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة ليس بين الله وبينه تُرجُمان ثم ينظر فلا يرى شيئا قُدامه ثم ينظر بين يديه فتستقبله النار فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة"(14) وفي رواية: "اتقوا الله ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة"(15).

 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يُجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا على حزنهم"(16).

 

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول: هل رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحدا من خلقك فيقول:: أنا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحِلُّ عليكم رِضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا"(17).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بين مَنْكِبَيْ الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع (18)

وعن أنس رضي الله عنه فال أصيب الحارث يوم بدر وهوغلام فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله قد عرفت منزلة حارث مني فإن يَكُ في الجنة أصبر وأحتسب وإن تكن الأخرى ترى ما أصنع فقال "ويحكِ، أوَ هَبِلتِ، أوَ جنة واحدة هي؟َ! إنها جنان كثيرة، وإنه لفي جنة الفردوس"(19).

 

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة لشجرة يسر الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها"(20).

فاعتبروا يا أولي الأبصار والعقول، أي عاقل يترك هذا النعيم المقيم ويعرضُ نفسه إلى العذاب الأليم، فالشهوات تمضي وتبقى التبعات...

فاحذر أعداءك الثلاثة: النفس، والشيطان والدنيا جميعهم يتربصون بكِ ليهلكوك.

 

ذكر الله تبارك وتعالى لا شك أن القرآن أفضل أنواع الذكر إذ به تطمئن القلوب وبه يزداد الإيمان ويحصل اليقين المنافي للشك، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله (21) ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد:28 وقد تقدم الكلام عن أهمية تلاوة القرآن وتدبره فهو أقوى علاج لأمراض القلوب.

 

وما نحن بصدده هو الذكر المقصود به التسبيح و التحميد والتهليل و التكبير، ذكر العبد ربه على كل حال وفي كل وقت، قال تعالى مثنيا على الذاكرين والذاكرات {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات...} إلى قوله تعالى: {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما} [الأحزاب:35].

وقال سبحانه وتعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض} [آل عمران:190-191 وأمرنا الله تعالى بكثرة الذكر، فقال: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا} [الأحزاب:41-42وقال سبحانه: {وذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} [الجمعة:10 وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه(22).

وقد جاء في السنة المطهرة أحاديث كثيرة جدا تحث العبد وترغِّبه في كثرة ذكر الله تبارك وتعالى نذكر منها:

"يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وانا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في نلأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة"(23).

 

وعن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمر على جبل يقال له جمدان، فقال: "سيروا هذا جُمْدَانٌ سبق المُفَرِّدُونَ" قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: "الذاكرون الله كثيرا والذاكرات"(24).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إليّ مما طلعت عليه الشمس"(25).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده"(26).

فالسكينة والرحمة تتنزلان عند ذكر الله سبحانه وتعالى وعزَّ وجلَّ، لا سيما إذا جمع العبدُ قلبه مع لسانه عند الذكر، فبالذكر يُحرِّزُ العبد نفسه من الشيطان، فهو العدو الأول لابن آدم، فهو يدخل عليه من باب الغفلة فإذا دخل عليه ظفر به وأسد عليه قلبه، فإن ذكر الله مع حضور القلب خنسٌ وبعد، فيحدث له من صفاء القلب ما لم يحدث لغيره.

 

post-93813-1305736222.gif

 

الإيمان بقدر الله تعالى والرضا بقضائه:

اعلم أن الإيمان بقدر الله والرضا بقضائه من أسباب شفاء القلب، فضلا عن ما يحصل للعبد من السعادة في معاشه ومعاده، إذ إن والإيمان بقدر الله والرضا بقضائه يُورث طمأنينة القلب وانشراح الصدر، فلا تجد عبدا مؤمنا بالقضاء والقدر راضيا بهما ثم تراه حزينا مهموما ولا ساخطا حاسدا للآخرين ولا متكبرا متعاليا عل الخلق.

قال تعالى: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [التغابن:11].

قيل: يصدق ويعلن أنه لا يصيبه مصيبة إلا بإذن الله {يهد قلبه} للصبر والرضا، وقيل: يثبته على الإيمان.

وقال ابن عباس: هو أن يجعل الله في قلبه اليقين، ليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه(27) وثَمَّ أقوال أخر وكلها متقاربة في المعنى.

قال سبحانه وتعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر:49].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة"(28)، والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة لأهمية هذا الركن من أركان الإيمان.

إن تدبر كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في القدر يُفضي بالعبد إلى الإيمان والرضا بقضاء الله وقدره فإذا تقرر ذلك

لم يحزن على فوات حظ من حظوظ الدنيا ولن يحزن على ضرر لحق به في ماله أو نفسه أو ولده إلا بالقدر الذي لا يخرجه عن حد الرضا بالقضاء والقدر، فقد حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى على فقد ولده إبراهيم، ولم يخرجه 1لك عن كمال الرضا فقال صلى الله عليه وسلم: "تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون"(29) فكما أن الإيمان بالقدر حماية للقلب من السخط والحزن والهم والنكد كذلك هو حماية للقلب من الحسد والحقد والغلِّ والشماتة وما أشبه ذلك من الأمراض.

وكذلك إذا أنعم الله على عبده بصنوف النعم من المال والأولاد والجاه والرياسة وجعله عزيزا في قومه، إذا كان العبد مؤمنا بالقدر وعنده فهمٌ عن الله، دفعه ذلك إلى الشكر لعلمه علم اليقين أن كل ما عنده محضُ فضل من الله ولو شاء الله أن يمنع عنه النعم فلن يستطيع حفظ نعمة واحدة بكل ما أوتي من أسباب، وفي الحديث: "اللهم لا مَانِعَ لما أعطيت ولا مُعطِيَ لما منعت ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ"(30).

فإذا أيقن القلب بذلك طَهُرَ مقلبه من مرض الكبر والعجب والغرور والاستعلاء واحتقار الآخرين، وترك الفخر والخيلاء لعلمه أنه عبد مملوك، وكل ما به من نعمة فمن الله تعالى، ولهذا نجد الهبد المؤمن يتقلَّبُ بين الصبر والشكر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن عن أصابته سرَّاءُ شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضرَّاءُ صبر فكان خيرا له"(31).

________________________________________

 

 

(1)أخرجه مسلم (432).

(2)أخرجه البخاري (717)، ومسلم (436).

(3)قال شيخنا حفظه الله: إن معناه والله أعلم: يوقع بينكم العداوة والبغضاء باختلاف القلوب.

(4)أخرجه البخاري (6413).

(5)أخرجه البخاري (6416) ، ومسلم (1805).

(6)أخرجه البخاري (6436) ،ومسلم (1049).

(7) (6415)، ومسلم (1881) اخرجه البخاري.

(8)أخرجه البخاري (6470)، ومسلم (1053).

(9)أخرجه البخاري (6485).

(10)أخرجه البخاري (6489).

(11)البخاري (6501).

(12)أخرجه البخاري (6514)، ومسلم (2960).

(13)أخرجه البخاري (6527)، ومسلم (2859).

(14)أخرجه البخاري (6539)، ومسلم (1016).

(15)أخرجه البخاري (6540)،ومسلم (67-1016).

(16)أخرجه البخاري (6548)ومسلم (2850).

(17)أخرجه البخاري (6549)، ومسلم (2829).

(18)أخرجه البخاري (6551)، ومسلم(2852).

(19)أخرجه البخاري (6550).

(20)أخرجه البخاري (6552)، ومسلم (2827).

(21)قال مجاهد وقتادة وغيرهما: بالقرآن تفسير القرطبي (9/323) وثم أقوال آخر لمعنى الذكر والذي ليس فيه شك أن القرآن يسمى ذكر، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} [طه:124]، قال القرطبي: أي ديني وتلاوة كتابي، والعمل بما فيه من أحكام القرآن (11/275).

(22)أخرجه مسلم (373) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(23)أخرجه مسلم (2675) وغيره.

(24)أخرجه البخاري(7405)،ومسلم(2676).

(25)أخرجه البخاري (6404)، ومسلم (2695).

(26)أخرجه مسلم (2700) و الترمذي (3378) وابن ماجه (3791).

(27)أحكام القرآن للقرطبي (18/135).

(28)أخرجه مسلم (2655).

(29)أخرجه مسلم (2315).

(30)أخرجه البخاري (844)، ومسلم (593).

(31)أخرجه مسلم (2999).

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خير الجزاء سوسو الحبيبة

 

وجعله في ميزان حسناتك ونفع به ونفع بكِ

 

وأسأل الله أن يعيد الحبيبة أم جويرية قريبًا فغيابها وعدم رؤية اسمها بين الأخوات ترك في قلبي وحشة كبيرة

 

اللهم اشفها شفاء لا يغادر سقمًا وأعدها لنا سريعًا يا ذا الجلال والإكرام

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
جزاكِ الله خير الجزاء سوسو الحبيبة

 

وجعله في ميزان حسناتك ونفع به ونفع بكِ

 

وأسأل الله أن يعيد الحبيبة أم جويرية قريبًا فغيابها وعدم رؤية اسمها بين الأخوات ترك في قلبي وحشة كبيرة

 

اللهم اشفها شفاء لا يغادر سقمًا وأعدها لنا سريعًا يا ذا الجلال والإكرام

 

:mellow: :mellow:

 

اللهم آمين منولة الحبيبة

 

والله أحسبها على خير كثير ولا أزكيها على ربها

 

شفاها الله وعافاها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

النعمة للعبد ليس دليلاً على رِضا الله عنه والمنعُ ليس دليلاً على سخطِ الله عليه

post-93813-1305736222.gif

 

قال الله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴿١٥﴾ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر:15-16] فقد علق الإنسان الذي لا يعلم شيء عن الله- إكرام الله له أو إهانته على العطاء أو المنع، فقال سبحانه: {كَلَّا} أي ليس الأمر كذلك فلا يُخفى على أحد أن الله سبحانه وتعالى قد أنعم على الكفار بصنوف من النِعم، قد لا تكون عند كثير من عباده الموحدين فقد أعطاهم المال والجاه والجمال والحضارة وغير ذلك من نعيم الدنيا وهم أبغض الخلقِ إليه. وقد يمنع عبده المؤمن من النِعم وهو أحب االناس إليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عزّ وجلّ يحمي عبده المؤمن في الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب تخافون عليه"(1) وقد قدمنا جملة من الأحاديث الدالة على أن أشد الناس بلاء الأنبياء وأن الرجل يبتلى على قدر دينه، فمن تدبر قول الله تعالى وقول رسوله في هذه المسألة تبيَّن له الصواب وزال اللبس الذي قد يكون عند كثير من الناس.

كيف نؤمن ونرضى بقضاء الله تعالى وقدره؟

ابتداءً لا بد أن يكون عند العبد الموحدِ يقين لا شك فيه بكل ما جاء في كتاب الله تعالى وكل ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن الأحاديث التي ينبغي للعبد أن يتدبرها ويعيها جيدا الحديث القدسي الذي أخرجه الإمام مسلم بسنده عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جمبعا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضَرِّي فتضرُّوني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقصُ المخيط (2) إذا أُدخِلَ البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أُوفِّيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه"(3).

 

الشاهد في الحديث: حصول اليقين للعبد بأن الله تبارك وتعالى مالكُ الملك يتصرف في ملكه بأمره وبعلمه كما يشاء، لا يُعجِزه شيء في السماوات ولا في الأرض، فلو أعطى الأولين والآخرين ما نقص ذلك في ملكه شيئا، وإذا منع الأولين والآخرين ما زاد ذلك في ملكه شيئا، فقد يقول قائل: إذا كان الأمر كذلك إذا لماذا حرمني الأولاد ويقول الثاني لماذا ابتلاني بالفقر والمرض ويقول ثالث لماذا سلط عليّ أعداءه كما يحدث لكثير من المسلمين في شتى بقاع الأرض لماذا فعل بي كذا وكذا، فقد يقف العبد حيران لا يكاد يجد إجابة عن مثل هذه التساؤلات، وذلك لأنه لم يعرف الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته.

الله تبارك وتعالى حكيمٌ عليمٌ خبيرُ، حكيمٌ: يضع الشيء في محله الذي لا يصلح أن يكون في غيره، عليمٌ:، يعلم السر وأخفى خبيرٌ: بحالِ عبده وما يحتاج إليه، يعلم ما يُصلِحه وما يُفسِده فالعبد الذي ابتُلِيَ بالفقر لابد أن يعلم أن الفقر هو دواؤه ولو أعطاه الله المال ربما كان ذلك سببا في فساده فالمريض الذي لا يُرجى برؤُه ربما كان في حال مرضه في قرب من الله تعالى، لأن المريض منكسر ذليل ملتجأ إلى ربه وربما أورثه هذا الذل والانكسار درجة في الجنة لا يصل إليها بعمل فيكون المرض خيرا له من العافية،. وهكذا ينبغي للعاقل أن ينظر إلى الابتلاء من هذا الوجه فيحصل له من الإيمان والرضا بالقدر ما لا يحصل لغيره

 

هذا وقد تظهر للعبد الحكمة من الابتلاء وقد لا تظهر، فصاحب البصيرة يستسلم استسلاما كاملا لقدر الله لعلمه علم اليقين الذي لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى أفعاله كلها كمال ليس فيها نقص بأي وجه من الوجوه وذلك لأن أفعاله صادرة عن صفاته، وصفاته كلها كمال فكذلك أفعاله... فتأمل هذا المعنى جيدا ولا تكن من الغافلين(4). انتهى

فإن قيل: فكيف يجتمع الرضا بالقضاء بالمصائب مع شدة الكراهة والنفرة منها؟؟

وكيف يُكَلَّفُ العبدُ أن يرضى بما هو مؤلم له، والألم يقتضي الكراهة والبغض المضاد للرضا، واجتماع الضدين محال؟ قيل: الشيء قد يكون محبوبا مرضيا من جهة،، ومكروها من جهة أخرى كشرب الدواء النافع الكريه فإن المريض يرضى به مع شدةِ كراهته له،، وكالجهاد للأعداء قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } [البقرة:216].

فالمجاهد المخلص يعلم أن القتال خير له فرضيَ به، وهو يكرهه لما فيه من التعريض لإتلاف النفس وألمها ومفارقة المحبوب، ومتى قَوِي الرضا بالشيء وتمكن انقلبت كراهته محبة وإن لم يخلُ من الألم، فالألم بالشيء لا ينافي الرضا به وكراهته من وجه لا ينافي محبته وإرادته الرضا به من وجه آخر(5).

 

______________________

 

(1)أخرجه أحمد في المسند (5/427).

(2)المخيط: هو الإبرة.

(3)أخرجه مسلم (2577).

(4)تقدم بيان ثواب الصبر على الابتلاء والرضا بالقضاء في غير موضع في الكتاب.

(5)شفاء العليل لابن القيم (ص:596-597).

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الدعاء وأهميته لعلاج أمراض القلوب

post-93813-1305736222.gif

 

الدعاء من أفضل أنواع العبادات التي يتقرب العبد بها إلى ربه فالعبد يُثابُ على الدعاء سواء أُستجيب لدعائه أم لم يستجب.

 

ذلك لأن الدعاء عبادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة"(1) ثم قرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60].

فالعبد الموحد لا تكون رغبته ورهبته إلا لله ولا يطلب حاجته إلا ممن بيده الخيرُ كله وإليه يرجع الأمر كله فهو الذي يملك خزائن السماوات والأرض بل عنده خزائن كل شيء، قال تبارك وتعالى: {وَ لِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ والأّرْضِ} [المنافقون:7]، وقال سبحانه: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر:21]،: وقال {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَـٰهًا} [الكهف:14].

وانطلاقا من هذه النصوص وغيرها كان على العبد العاقل أن يسأل الله سبحانه وتعالى صلاح قلبه وطهارته من أمراض الشهوات والشبهات بل عليه أن يسأله في كل حاجة له من حوائج الدنيا والآخرة.

 

____________________

(1)صحيح سنن الترمذي (3372)، ومسند الإمام أحمد (4/272) وغيرهما.

 

 

 

post-93813-1305736222.gif

 

التضرع مع حضور القلب عند الدعاء

 

 

قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55].

{تَضَرُّعًا}: أي إلحاحا في المسألة ودؤوبا في العبادة، و{خُفْيَةً} أي: لا جهرا وعلانية من الرياء بل خفية وإخلاصا لله تعالى(1).

اعلم أن السيف بضاربه وكذلك الدعاء بداعيهِ فالسيف الواحد قد يقع على جذع شجرة فيقطعه لقوة ضاربِه ونفس السيف قد يقع على عصا فلا يُؤثر فيها لضعف ضاربِه وكذا الدعاء إذا خرج من عبدٍ صادق مخلص لله تعالى مع جمع قلبه على الله في الدعاء فسيستجيب له لأنه سبحانه وتعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة(2) قال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.

وقال تعالى: {وَإِذَا سَاَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:86]، {وَعْدَ اللَّهِ حَقَّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء:22].

 

post-93813-1305736222.gif

أوقات إجابة الدعاء:

 

ينبغي للعبد الفطن أن يكون على درايةٍ بأوقات إجابة الدعاء التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّتهُ وحثَّهم على الدعاء فيها فلْيتحرَّ هذه الأوقات وليجتهد في الدعاء فيها، فقمن أن يستجاب له، ومن هذه الأوقات:

الثلث الأخير من الليل:

دليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا(3) حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيه ومن يستغفرني فأغفر له"(4)، وقد جاءت السنة بأحاديث كثيرة ترغب في قيام الليل وفضل الدعاء فيه.

 

____________________________________

 

 

(1)تفسير السعدي (ص:291).

(2)وقد لا يستجاب الدعاء لأسباب سنذكرها قريبا بإذن الله تعالى.

(3)أجمع السلف على ثبوت النزول لله، فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل وهو نزول يليق بالله –لُمعة الاعتقاد للعلامة ابن قدامة المقدسي بشرح ابن العثيمين، الله سبحانه وتعالى {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى:11]، فصفات الله فوق ما يتصور، ولذا أخفى الله سبحانه وتعالى كيفية صفاته عن عباده رحمة بهم وبعقولهم القاصرة، فألزم منهج السلف في باب الصفات بل وفي الدين كله، فالخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، والشر كله في الإبتداع.

(4)أخرجه البخاري (1145 و6321 و7393)، ومسلم (758).

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

الدعاء عقب الآذان:

 

post-93813-1305736222.gif

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلّوا علي فإنه من صلّى علي صلاة صلّى الله عليه بها عشرًا، ثمّ سَلوا الله لي لاوسيلة فإنها منزلة في الجنّة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة))(1).

 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يسمع الدعاء: اللهم رب هذه الدعوة التامّة والصلاة القائمة آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلّت له شفاعتي يوم القيامة))(2).

post-93813-1305736222.gif

 

 

الدعاء بين الآذان والإقامة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((الدعوة لا تُرد بين الآذان وافقامة فادعوا))(3).

 

 

post-93813-1305736222.gif

 

الدعاء حين تُقام الصلاة:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((ساعتان لا تُرد على داعٍ دعوته، حين تُقام الصلاة، وفي الصفّ في سبيل الله))(4).

 

 

post-93813-1305736222.gif

 

 

الدعاء في السجود:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((فأمّا الركوع فعظّموا فيه الربّ عزّ وجلّ وأمّا السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمنٌ(5) أن يُستجاب لكم))(6).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء))(7).

 

post-93813-1305736222.gif

 

الدعاء يوم الجمعة في ساعة الإجابة:

عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذكر يوم الجمعة، فقال: ((فيه ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه))(8).

وعن أبي بردة بن ابي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم، يسأل الله فيها خيرًا، إلا أعطاه إياها، وهي بعد العصر))(9).

عن أبي موسى الشعري قال: قال لي عبد الله بن عمر: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله يقول: ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى الصلاة))(10).

اختلف العلماء في تحديد ساعة الإجابة يوم الجمعة.

قال ابن عبد البر: والذي ينبغي على كل مسلم الإجتهاد في الدعاء للدين والدنيا في الوقتين المذكورين رجاءَ الإجابة فإنه لا يخيب إن شاء الله(11).

 

post-93813-1305736222.gif

 

دعاء من تعارَّ بالليل:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((من تعارَّ(12) من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي-أو دعا- استُجيب، فإن توضأ وصلّى قُبلت صلاته))(13).

 

 

post-93813-1305736222.gif

 

الدعاء في ليلة القدر:

عن عائشة رضي الله عنها: قالت: قلت يا رسول الله! أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: ((قولي اللهم إنّك عفوٌ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنّي))(14).

 

post-93813-1305736222.gif

دعاء الصائم قبل أن يفطر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يُفطر، ودعوة المظلوم الله يرفعها دون الغمام يوم القيامة وتُفتح لها أبواب السماء))(15).

وعن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((ثلاث دعوات لا تُرد: دعوة الوالد لولده ودعوة الصائم ودعوة المسافر))(16).

فدعاء الصائم مستجاب مطلقًا وليس كما يعتقد كثير من الناس أن وقت إجابة دعاء الصائم قبل الإفطار مباشرة، فالأحاديث تدل على غير ذلك، فله أن يدعو ما بين الفجر والمغرب في أي ساعة يشاء.

 

 

post-93813-1305736222.gif

 

دعاء يوم عرفة:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير الدعاء، دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))(17).

 

post-93813-1305736222.gif

 

من آداب الدعاء:

العبد الكيّس الفطن يعلم أنّه ضعيف فقير ذليل لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، فإذا أراد أن يدعو سيّده ومولاه وخالقه ورازقه ومدبّر أمره، وجب عليه أن يحمده ويُثني عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ثمّ يصلّي على نبيّه صلى الله عليه وسلّم ثمّ يدعو الله بعد ذلك بما شاء الله له أن يدعو.

عن فُضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلذم رجلًا يدعو في صلاته لم يمجّد الله تعالى ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلّم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((عجل هذا)) ثم دعاه، فقال له أو لغيره: ((إذا صلى أحدكم، فليبدأ بتحميد ربّه، والثناء عليه، ثمّ ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلّم، ثمّ ليدعُ بما يشاء))(18).

 

post-93813-1305736222.gif

 

موانع استجابة الدعاء:

قد يدعو العبد ربّه ولا تُستجاب دعوته، وذلك لأسباب كثيرة منها:

 

الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم:

دليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمّا أن تُعجّل له دعوته، وإمّا أن يدّخرها له في الآخرة، وإمّا أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذًا نُكثر؟ قال: ((الله أكثر))(19).

 

المطعم الحرام والملبس الحرام:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((أيها الناس، إن الله طيّبٌ لا يقبل إلا طيّبًا.. ثم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذّي بالحرام فأنّى يُستجاب له؟))(20).

 

 

اليأس من رحمة الله تعالى:

من الناس من يدعو ويكرر الدعاء مرةً أو مرّات، فإذا لم يُستجب له يئس وترك الدعاء فيُمنع الخير.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ((يُستجاب لأحدكم ما لم يَعجَل فيقول قد دعوتُ ربّي فلم يستجب لي))(21).

______________________________________

 

 

(1) أخرجه مسلم(384)، وأبو داوود(523)والنسائي(678).

(2) أخرجه البخاري(614).

(3) أخرجه أحمد (226/3) وأبو داوود(521) والترمذي(212).

(4) صحيح سنن الترمذي وابن حبّان(297) نقلًا من كتاب فقه الدعاء لشيخنا-حفظه الله-.

(5)قمنٌ: حقيقٌ وجديرٌ شرح مسلم(437/2).

(6) أخرجه مسلم(479).

(7) أخرجه مسلم(482).

(8) أخرجه البخاري(935) ومسلم(582).

(9) أخرجه عبد الرازق في المصنف (5061) وصححه شيخنا حفظه الله في كتابي "الفقه الميسّر" الجزء الأول باب الصلاة.

(10) أخرجه مسلم(853) وأبو عوانة(2551) وابو داوود(1049).

(11) التمهيد(261/2).

(12) تعارّ: قيل انتبه وقيل تكلّم وقيل علم، وقال الأكثر: التعارُّ: اليقظة مع صوتٍ وقال ابن التين: ظاهر الحديث أن معنى تعارَّ: استيقظ لأنه قال: ((من تعارّ فقال)) فعطف القول على التعرّ- الفتح(48/3).

(13) أخرجه البخاري(1154).

(14) صحيح سنن الترمذي(3513) وصحيح ابن ماجه(3850) مسند الإمام أحمد(171/6).

(15) صحيح سنن ابن ماجه(1752).

(16) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى(6485) وصححه الأباني رحمه الله في الجامع (3032).

(17) من أراد التوسع في فقه الدعاء فليرجع إلى الكتاب النافع الماتع فقه الدعاء للعالم الجليل شيخنا مصطفى العدوي حفظه الله طبعة دار ابن كثير.

(18) أخرجه أحمد في المسند(18/6) وأبو داوود(162/2) والنسائي(44/3) والترمذي(449/9) بسند حسن-كذا قال شيخنا -حفظه الله- في كتاب فقه الدعاء.

(19) أخرجه أحمد في المسند(18/3).

(20) أخرجه مسلم(1015/65) والترمذي(2989).

(21) أخرجه البخاري(6340) ومسلم(2735).

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

صفةُ القلبِ السليمِ

 

 

القلبُ السليمُ الَّذِى يَنجُو من عذابِ الله

هو القلبُ الَّذى قد سلمَ من هَذَا وهَذَا(1) فهو القلبُ الذِى قد سلمَ لربَّهِ

وسلمَ لأمرِه، ولم تبقَ فيه منازعةُ لأمرهِ ولا معارضةُ لخبرِه فهو سلمٌ

مما سوى الله وأمرِه وشرعُه ووسيلتُه وطريقتُه، لا تعترضه شبهةٌ

تَحْولُ بينَه وبين تصديقِ خبرِه، لكن لا تمرُّ عَلَيْهِ إلا وهي مجتازةٌ تعلمُ

أَنَّه لا قرارَ لها فَيه وَلا شهوةَ تحولُ بينه وبين مُتابعةِ رضاه..

 

ومتى كَانَ القلبُ كَذلك فهو سليمٌ من الشَّك وسليمٌ من البدعِ وسليمٌ

من الغيَّ(2) وسليمٌ من الباطلِ وكلُّ الأقوالِ الَّتى قِيْلَت فِى تفسيرِه فذَلِكَ

يتضمنها .

وحقيقتُهُ:

أَنَّهُ القلبُ الَّذِى قد سلمَ لعبُودِيَّةِ ربَّه، حُبَّا وخوفًا وطمعًا ورجاءً

ففنَي بحبَّهِ عن حُبَّ ما سواه وبخوفهِ عن خوفِ ما سواه، وبرجائهِ عن

رجاءِ ما سواه، وسلمَ لأمرِه ولرسولهِ تصديقاً وطاعةً كَمَا تقدَّم

واستسلمَ لقضائهِ وقدرهِ فلم يتهمه ولم ينازعْهُ ولم يتسخطْ لأقدارِه فَأَسلم

لربَّهِ انقياداً وخضوعاً وذلاَ وعبوديةً، وسلمَ جميعَ أحوالهِ وأقوالهِ وأعمالهِ

وأذواقِه ومواجيدِه ظاهرًا وباطنًا من مشكاةِ رسولهِ، وعرض ما جاءَ من سواهَا عليها فما وافقَهَا قَبِلَهُ وما خَالفَهَا رَدَّهُ، وَما لم يتبينْ لَهُ فيه موافقةٌ

ولا مُخالفةٌ وقفَ أمرَه وأَرجأَهُ(3)إِلَى أن يتبينَ لَهٌ، وسَالَمَ أولياءَه المخالفينَ لكتابهِ وسنةِ نبيَّهِ الخارجينَ عنْهَما الداعينَ إِلَى خلافهما(4)..

 

الحمدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيبًا مُباركًا كَمَا يَنْبَغى لِجلال وَجْهِهِ وعظيْم سُلْطانِهِ

________________________________

 

(1) يعني: سلم من الشهوات والشبهات.

(2) الغيَّ:الفسادُ,قَالَ ابن بري: غَوِ هو اسمُ الفاعلِ من غَوِى

لا من غَوَىَ- اللسان(702/6).

(3)أرجأه: أخره

(4)مفتاح دار السعادة لابن القيم(200/1)

 

 

post-93813-1305736230.gif

 

 

post-25975-1291788891.png

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكنّ ورحمة الله وبركاته

 

تم بحمد الله ..

الحمد للهِ الذي بنعمتهِ تتمُّ الصالحات

جزى الله الحبيبة أم جويرية خيرًا على هذه السلسلة الماتعة فهي صاحبة الجهد الأكبر في تفريغ هذا الكتاب القيم الماتع

 

بارك الله فيها وحفظها من كل سوء

وجزى الله خيرًا الحبيبات

[الفقيرة إلى الله-سدرة المُنتهى-ذليلة لله-أمل الأمة-ساجدة للرحمن-أم رقية-كفى يا نفس-أمونة-عزيزة].

تم تعديل بواسطة مُقصرة دومًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وجزاكِ الله خير الجزاء على مجهودك في هذا الكتاب القيم

 

ففلقد حملتي همه في غياب الحبيبة وأثناء تواجدها كنتِ خير معينة

 

وأسأله تعالى أن يطهر قلوبنا ويعفو عنا ولا يحاسبنا بأعمالنا ولا بعدله بل يحاسبنا برحمته وواسع عفوه

 

وأن يعيد لنا الحبيبة أم جويرية قريبًا وأن يجعل ما كتبتم في موازين حسناتكم ويجعله شاهدًا لكم لا عليكم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،،

 

صلى الله على نبيّنا محمّد وآله وسلّم،

اللهمّ يا مقلّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك،

نفع الله بكنّ يا غاليات، وجزاكنّ الله خيرًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمان الرحيم

جزى الله كل من اشترك في هذه السلسلة الرائعة وجهلعا في ميزان حسناتكن

يا رب أرجع إلينا الغالية ام جويرية على خير

أحبكن في الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

موضع قيّم ورائع

 

يعتبر مرجع كامل

 

بوركت يمينك))

 

ولا تتأخري علينا

أختك (( نورة الجزائرية))

نحن في الانتظار

 

جزيتم خيرا ..

 

 

تم تعديل بواسطة نورة الجزائرية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

موضوع مفيد ومهم جدا واقراه دائما...لكن ارجوا الانتباه الى الاخطاء التي في بعض الاحاديث والآيات وتصحيحها ما امكن من قبل المشرفات ,فهناك كلمات ذات معنى مختلف عن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ..وجزاكم الله خيراً.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نفع الله بكل ما كتبت حبيبتى

 

وثبتك الله عند السؤال

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

موضوع مفيد ومهم جدا واقراه دائما...لكن ارجوا الانتباه الى الاخطاء التي في بعض الاحاديث والآيات وتصحيحها ما امكن من قبل المشرفات ,فهناك كلمات ذات معنى مختلف عن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ..وجزاكم الله خيراً.

 

حياكِ الله أختي الكريمة

 

الأحاديث ذكرنها بالتخريج يا حبيبة وهذا الكتاب رُجع من قبل الشيخ أبو إسحاق الحويني رحمه الله وكذلك الشيخ مصطفى العدوي حفظها الله

 

وإن وجدتِ أخطاء كما أسلفتِ فأوضحي أين وجدتِ ذلك بارك الله فيكِ

 

رحمك الله يا حبيبتي أم جويرية ونفع الله بما قدمتِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×