اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

مُدارسة كتاب : •°o.O تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان O.o°•

المشاركات التي تم ترشيحها

 

 

﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) ﴾

 

 

 

 

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ } .

 

ثم أخبر تعالى عن حال المشركين إذا أمروا باتباع ما أنزل الله على رسوله - مما تقدم وصفه - رغبوا عن ذلك وقالوا: { بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } فاكتفوا بتقليد الآباء، وزهدوا في الإيمان بالأنبياء، ومع هذا فآباؤهم أجهل الناس، وأشدهم ضلالا وهذه شبهة لرد الحق واهية، فهذا دليل على إعراضهم عن الحق، ورغبتهم عنه، وعدم إنصافهم، فلو هدوا لرشدهم، وحسن قصدهم، لكان الحق هو القصد، ومن جعل الحق قصده، ووازن بينه وبين غيره، تبين له الحق قطعا، واتبعه إن كان منصفا.

 

ثم قال [تعالى]: { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ } .

 

لما بين تعالى عدم انقيادهم لما جاءت به الرسل، وردهم لذلك بالتقليد، علم من ذلك أنهم غير قابلين للحق، ولا مستجيبين له، بل كان معلوما لكل أحد أنهم لن يزولوا عن عنادهم، أخبر تعالى، أن مثلهم عند دعاء الداعي لهم إلى الإيمان كمثل البهائم التي ينعق لها راعيها، وليس لها علم بما يقول راعيها ومناديها، فهم يسمعون مجرد الصوت، الذي تقوم به عليهم الحجة، ولكنهم لا يفقهونه فقها ينفعهم، فلهذا كانوا صما لا يسمعون الحق سماع فهم وقبول، عميا لا ينظرون نظر اعتبار، بكما فلا ينطقون بما فيه خير لهم.

والسبب الموجب لذلك كله، أنه ليس لهم عقل صحيح، بل هم أسفه السفهاء، وأجهل الجهلاء.

 

فهل يستريب العاقل، أن من دعي إلى الرشاد، وذيد عن الفساد، ونهي عن اقتحام العذاب، وأمر بما فيه صلاحه وفلاحه، وفوزه، ونعيمه فعصى الناصح، وتولى عن أمر ربه، واقتحم النار على بصيرة، واتبع الباطل، ونبذ الحق - أن هذا ليس له مسكة من عقل، وأنه لو اتصف بالمكر والخديعة والدهاء، فإنه من أسفه السفهاء.

(1/81)

________________________________________

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) ﴾

 

 

{ 172 - 173 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

 

 

هذا أمر للمؤمنين خاصة، بعد الأمر العام، وذلك أنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي، بسبب إيمانهم، فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق، والشكر لله على إنعامه، باستعمالها بطاعته، والتقوي بها على ما يوصل إليه، فأمرهم بما أمر به المرسلين في قوله { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا } .

 

فالشكر في هذه الآية، هو العمل الصالح، وهنا لم يقل "حلالا " لأن المؤمن أباح الله له الطيبات من الرزق خالصة من التبعة، ولأن إيمانه يحجزه عن تناول ما ليس له.

وقوله { إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } أي: فاشكروه، فدل على أن من لم يشكر الله، لم يعبده وحده، كما أن من شكره، فقد عبده، وأتى بما أمر به، ويدل أيضا على أن أكل الطيب، سبب للعمل الصالح وقبوله، والأمر بالشكر، عقيب النعم؛ لأن الشكر يحفظ النعم الموجودة، ويجلب النعم المفقودة كما أن الكفر، ينفر النعم المفقودة ويزيل النعم الموجودة.

 

ولما ذكر تعالى إباحة الطيبات ذكر تحريم الخبائث فقال { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ } [ ص 82 ] وهي: ما مات بغير تذكية شرعية، لأن الميتة خبيثة مضرة، لرداءتها في نفسها، ولأن الأغلب، أن تكون عن مرض، فيكون زيادة ضرر (1) واستثنى الشارع من هذا العموم، ميتة الجراد، وسمك البحر، فإنه حلال طيب.

{ وَالدَّمَ } أي: المسفوح كما قيد في الآية الأخرى.

{ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } أي: ذبح لغير الله، كالذي يذبح للأصنام والأوثان من الأحجار، والقبور ونحوها، وهذا المذكور غير حاصر للمحرمات، جيء به لبيان أجناس الخبائث المدلول عليها بمفهوم قوله: { طَيِّبَاتِ } فعموم المحرمات، تستفاد من الآية السابقة، من قوله: { حَلالا طَيِّبًا } كما تقدم.

 

وإنما حرم علينا هذه الخبائث ونحوها، لطفا بنا، وتنزيها عن المضر، ومع هذا { فَمَنِ اضْطُرَّ } أي: ألجئ إلى المحرم، بجوع وعدم، أو إكراه، { غَيْرَ بَاغٍ } أي: غير طالب للمحرم، مع قدرته على الحلال، أو مع عدم جوعه، { وَلا عَادٍ } أي: متجاوز الحد في تناول ما أبيح له، اضطرارا، فمن اضطر وهو غير قادر على الحلال، وأكل بقدر الضرورة فلا يزيد عليها، { فَلا إِثْمَ } [أي: جناح] عليه، وإذا ارتفع الجناح الإثم (2) رجع الأمر إلى ما كان عليه، والإنسان بهذه الحالة، مأمور بالأكل، بل منهي أن يلقي بيده إلى التهلكة، وأن يقتل نفسه.

فيجب، إذًا عليه الأكل، ويأثم إن ترك الأكل حتى مات، فيكون قاتلا لنفسه.

 

وهذه الإباحة والتوسعة، من رحمته تعالى بعباده، فلهذا ختمها بهذين الاسمين الكريمين المناسبين غاية المناسبة فقال: { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

 

ولما كان الحل مشروطا بهذين الشرطين، وكان الإنسان في هذه الحالة، ربما لا يستقصي تمام الاستقصاء في تحقيقها - أخبر تعالى أنه غفور، فيغفر ما أخطأ فيه في هذه الحال، خصوصا وقد غلبته الضرورة، وأذهبت حواسه المشقة.

وفي هذه الآية دليل على القاعدة المشهورة: "الضرورات تبيح المحظورات "فكل محظور، اضطر إليه الإنسان، فقد أباحه له، الملك الرحمن. [فله الحمد والشكر، أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا].

 

__________

(1) في ب: مرض.

(2) في أ: (وإذا ارتفع الجناح) وفوق كلمة الجناح كلمة (الإثم) وفي ب، وردت الجملة هكذا (وإذا ارتفع الاثم).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله بكنّ

وأعتذر على التأخيــر

 

نسأل الله أن يُبارك في أوقاتنا وأن يرزقنا الإخلاص والقبول

ونسأله سبحانه الإعانة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

أخواتى فى الله جزاكم الله خيرا على مجهودكم الرائع

 

ممكن تسمحولى أشارككم فى هذا الخير العظيم

 

أنا عارفة انى متأخرة كتير لكن هأحاول بقدر استطاعتى أراجع السابق

 

ولو مفيش مانع ممكن تعرفونى انتوا ماشيين ازاى

 

يعنى كل يوم الجزء المضاف بنلخصه و اللا ايه؟؟

 

32_304.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

أخواتى فى الله جزاكم الله خيرا على مجهودكم الرائع

 

ممكن تسمحولى أشارككم فى هذا الخير العظيم

 

أنا عارفة انى متأخرة كتير لكن هأحاول بقدر استطاعتى أراجع السابق

 

ولو مفيش مانع ممكن تعرفونى انتوا ماشيين ازاى

 

يعنى كل يوم الجزء المضاف بنلخصه و اللا ايه؟؟

 

32_304.gif

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

الله والله أسعدتيني بمشاركتك يارب يكون اجتماعنا هنا يرضي الله سبحانه

أنتظر من الاخت أنين أمة أن تشرح لك كيف تلتحقين بركبنا المبارك

شكرا أختي من كل أعماق قلبي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...جزاك الله خيرا أختي أنين أمة وبارك في وقتك

نسأل الله أن يُبارك في أوقاتنا وأن يرزقنا الإخلاص والقبول

ونسأله سبحانه الإعانة .

آآآمين

مرحبا بك بيننا أختي أم منة وعمر

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

أخواتى فى الله جزاكم الله خيرا على مجهودكم الرائع

 

ممكن تسمحولى أشارككم فى هذا الخير العظيم

 

أنا عارفة انى متأخرة كتير لكن هأحاول بقدر استطاعتى أراجع السابق

 

ولو مفيش مانع ممكن تعرفونى انتوا ماشيين ازاى

 

يعنى كل يوم الجزء المضاف بنلخصه و اللا ايه؟؟

 

32_304.gif

 

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,,

حيّاكِ الله أختي الفاضلة " أم منةوعمر "

 

طبعًا يسعدنا إنضمامكِ إلينا , عسى الله أن ينفعنا ويرزقنا العمل بما نتعلم ونتدارس

أما طريقة تدارسنا

نضع يوميًا من السبت إلى الأربعاء تفسير عدد من الآيات

والخميس والجمعة يكون للمراجعة وكتابة تلخيص لما تم مدارسته خلال الأسبوع

 

وننتظر متابعتكِ .. وفقكِ الله لكل خيـر ,,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسملة النور وأمة من إماء الله

بارك الله بكنّ ورزقنا الله الإخلاص والقبول .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176) ﴾

 

 

{ 174 - 176 } { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } .

 

 

هذا وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله، من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله، أن يبينوه للناس ولا يكتموه، فمن تعوض عنه بالحطام الدنيوي، ونبذ أمر الله، فأولئك: { مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ } لأن هذا الثمن الذي اكتسبوه، إنما حصل لهم بأقبح المكاسب، وأعظم المحرمات، فكان جزاؤهم من جنس عملهم، { وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } بل قد سخط عليهم وأعرض عنهم، فهذا أعظم عليهم من عذاب النار، { وَلا يُزَكِّيهِمْ } أي: لا يطهرهم من الأخلاق الرذيلة، وليس لهم أعمال تصلح للمدح والرضا والجزاء عليها، وإنما لم يزكهم لأنهم فعلوا أسباب عدم التزكية التي أعظم أسبابها العمل بكتاب الله، والاهتداء به، والدعوة إليه، فهؤلاء نبذوا كتاب الله، وأعرضوا عنه، واختاروا الضلالة على الهدى، والعذاب على المغفرة، فهؤلاء لا يصلح لهم إلا النار، فكيف يصبرون عليها، وأنى لهم الجلد عليها؟"

{ ذَلِكَ } المذكور، وهو مجازاته بالعدل، ومنعه أسباب الهداية، ممن أباها واختار سواها.

{ بِأَنَّ اللَّهَ نزلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } ومن الحق، مجازاة المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.

وأيضا ففي قوله: { نزلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } ما يدل على أن الله أنزله لهداية خلقه، وتبيين الحق من الباطل، والهدى من الضلال، فمن صرفه عن مقصوده، فهو حقيق بأن يجازى بأعظم العقوبة.

 

{ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } أي: وإن الذين اختلفوا في الكتاب، فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه، والذين حرفوه وصرفوه على أهوائهم ومراداتهم { لَفِي شِقَاقٍ } أي: محادة، { بَعِيدٍ } عن الحق لأنهم قد خالفوا الكتاب الذي جاء بالحق الموجب للاتفاق وعدم التناقض، فمرج أمرهم، وكثر شقاقهم، وترتب على ذلك افتراقهم، بخلاف أهل الكتاب الذين آمنوا به، وحكموه في كل شيء، فإنهم اتفقوا وارتفقوا بالمحبة والاجتماع عليه.

 

وقد تضمنت هذه الآيات، الوعيد للكاتمين لما أنزل الله، المؤثرين عليه، عرض الدنيا بالعذاب والسخط، وأن الله لا يطهرهم بالتوفيق، ولا بالمغفرة، وذكر السبب في ذلك بإيثارهم الضلالة على الهدى، فترتب على ذلك اختيار العذاب على المغفرة، ثم توجع لهم بشدة صبرهم على النار، لعملهم بالأسباب التي يعلمون أنها موصلة إليها، وأن الكتاب مشتمل على الحق الموجب للاتفاق عليه، وعدم الافتراق، وأن كل من خالفه، فهو في غاية البعد عن الحق، والمنازعة والمخاصمة، والله أعلم.

(1/82)

________________________________________

 

 

﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) ﴾

[ ص 83 ]

 

 

{ 177 } { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } .

 

 

يقول تعالى: { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ } أي: ليس هذا هو البر المقصود من العباد، فيكون كثرة البحث فيه والجدال من العناء الذي ليس تحته إلا الشقاق والخلاف، وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "ونحو ذلك.

 

{ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ } أي: بأنه إله واحد، موصوف بكل صفة كمال، منزه عن كل نقص.

{ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } وهو كل ما أخبر الله به في كتابه، أو أخبر به الرسول، مما يكون بعد الموت.

{ وَالْمَلائِكَةِ } الذين وصفهم الله لنا في كتابه، ووصفهم رسوله صلى الله عليه وسلم { وَالْكِتَابِ } أي: جنس الكتب التي أنزلها الله على رسوله، وأعظمها القرآن، فيؤمن بما تضمنه من الأخبار والأحكام، { وَالنَّبِيِّينَ } عموما، خصوصا خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

{ وَآتَى الْمَالَ } وهو كل ما يتموله الإنسان من مال، قليلا كان أو كثيرا، أي: أعطى المال { عَلَى حُبِّهِ } أي: حب المال ، بيَّن به أن المال محبوب للنفوس، فلا يكاد يخرجه العبد.

 

فمن أخرجه مع حبه له تقربا إلى الله تعالى، كان هذا برهانا لإيمانه، ومن إيتاء المال على حبه، أن يتصدق وهو صحيح شحيح، يأمل الغنى، ويخشى الفقر، وكذلك إذا كانت الصدقة عن قلة، كانت أفضل، لأنه في هذه الحال، يحب إمساكه، لما يتوهمه من العدم والفقر.

وكذلك إخراج النفيس من المال، وما يحبه من ماله كما قال تعالى: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } فكل هؤلاء ممن آتى المال على حبه.

ثم ذكر المنفق عليهم، وهم أولى الناس ببرك وإحسانك. من الأقارب الذين تتوجع لمصابهم، وتفرح بسرورهم، الذين يتناصرون ويتعاقلون، فمن أحسن البر وأوفقه، تعاهد الأقارب بالإحسان المالي والقولي، على حسب قربهم وحاجتهم.

ومن اليتامى الذين لا كاسب لهم، وليس لهم قوة يستغنون بها، وهذا من رحمته [تعالى] بالعباد، الدالة على أنه تعالى أرحم بهم من الوالد بولده، فالله قد أوصى العباد، وفرض عليهم في أموالهم، الإحسان إلى من فقد آباؤهم ليصيروا كمن لم يفقد والديه، ولأن الجزاء من جنس العمل فمن رحم يتيم غيره، رُحِمَ يتيمه.

{ وَالْمَسَاكِين } وهم الذين أسكنتهم الحاجة، وأذلهم الفقر فلهم حق على الأغنياء، بما يدفع مسكنتهم أو يخففها، بما يقدرون عليه، وبما يتيسر، { وَابْنَ السَّبِيلِ } وهو الغريب المنقطع به في غير بلده، فحث الله عباده على إعطائه من المال، ما يعينه على سفره، لكونه مظنة الحاجة، وكثرة المصارف، فعلى من أنعم الله عليه بوطنه وراحته، وخوله من نعمته، أن يرحم أخاه الغريب، الذي بهذه الصفة، على حسب استطاعته، ولو بتزويده أو إعطائه آلة لسفره، أو دفع ما ينوبه من المظالم وغيرها.

 

{ وَالسَّائِلِينَ } أي: الذين تعرض لهم حاجة من الحوائج، توجب السؤال، كمن ابتلي بأرش جناية، أو ضريبة عليه من ولاة الأمور، أو يسأل الناس لتعمير المصالح العامة، كالمساجد، والمدارس، والقناطر، ونحو ذلك، فهذا له حق وإن كان غنيا { وَفِي الرِّقَابِ } فيدخل فيه العتق والإعانة عليه، وبذل مال للمكاتب ليوفي سيده، وفداء الأسرى عند الكفار أو عند الظلمة.

 

{ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ } قد تقدم مرارا، أن الله تعالى يقرن بين الصلاة والزكاة، لكونهما أفضل العبادات، وأكمل القربات، عبادات قلبية، وبدنية، ومالية، وبهما يوزن الإيمان، ويعرف ما مع صاحبه من الإيقان.

{ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا } والعهد: هو الالتزام بإلزام الله أو إلزام العبد لنفسه. فدخل في ذلك حقوق الله كلها، لكون الله ألزم بها عباده والتزموها، ودخلوا تحت عهدتها، ووجب عليهم أداؤها، وحقوق العباد، التي أوجبها الله عليهم، والحقوق التي التزمها العبد كالأيمان والنذور، ونحو ذلك.

 

{ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ } أي: الفقر، لأن الفقير يحتاج إلى الصبر من وجوه كثيرة، لكونه يحصل له من الآلام القلبية والبدنية المستمرة ما لا يحصل لغيره.

فإن تنعم الأغنياء بما لا يقدر عليه تألم، وإن جاع أو جاعت عياله تألم، وإن أكل طعاما غير موافق لهواه تألم، وإن عرى أو كاد تألم، وإن نظر إلى ما بين يديه وما يتوهمه من المستقبل الذي يستعد له تألم، وإن أصابه البرد الذي لا يقدر على دفعه تألم.

فكل هذه ونحوها، مصائب، يؤمر بالصبر عليها، والاحتساب، ورجاء الثواب من الله عليها.

{ وَالضَّرَّاءِ } أي: المرض على اختلاف أنواعه، من حمى، وقروح، ورياح، ووجع عضو، حتى الضرس والإصبع ونحو ذلك، فإنه يحتاج إلى الصبر على ذلك؛ لأن النفس تضعف، والبدن يألم، وذلك في غاية المشقة على النفوس، خصوصا مع تطاول ذلك، فإنه يؤمر بالصبر، احتسابا لثواب الله [تعالى].

[ ص 84 ]

{ وَحِينَ الْبَأْسِ } أي: وقت القتال للأعداء المأمور بقتالهم، لأن الجلاد، يشق غاية المشقة على النفس، ويجزع الإنسان من القتل، أو الجراح أو الأسر، فاحتيج إلى الصبر في ذلك احتسابا، ورجاء لثواب الله [تعالى] الذي منه النصر والمعونة، التي وعدها الصابرين.

{ أُولَئِكَ } أي: المتصفون بما ذكر من العقائد الحسنة، والأعمال التي هي آثار الإيمان، وبرهانه ونوره، والأخلاق التي هي جمال الإنسان وحقيقة الإنسانية، فأولئك هم { الَّذِينَ صَدَقُوا } في إيمانهم، لأن أعمالهم صدقت إيمانهم، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } لأنهم تركوا المحظور، وفعلوا المأمور؛ لأن هذه الأمور مشتملة على كل خصال الخير، تضمنا ولزوما، لأن الوفاء بالعهد، يدخل فيه الدين كله، ولأن العبادات المنصوص عليها في هذه الآية أكبر العبادات، ومن قام بها، كان بما سواها أقوم، فهؤلاء هم الأبرار الصادقون المتقون.

 

وقد علم ما رتب الله على هذه الأمور الثلاثة، من الثواب الدنيوي والأخروي، مما لا يمكن تفصيله في [مثل] هذا الموضع.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

فصل ( في خطر كتمان العلم وفضل التعليم وما قيل في أخذ الأجر عليه ) .

 

قال مثنى : إنه سأل أبا عبد الله عن الحديث الذي جاء { من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار } فرفعه ولم ير إذا سئلت عن شيء إلا أن أجيب علمت ، ولم ير الجلوس في مسجد الجامع لمكان الشهرة ، ولم يكره أن أحدث فيه إذا من أراد ذلك مني وإن كنت متعلما .

 

وقال الخلال : سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن صدقة يقول قال أبو عبد الله : الأحاديث فيمن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار لا يصح منها شيء .

 

قال أبو داود ( باب كراهية منع العلم ) ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد أنا علي بن الحكم عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة } ورواه ابن ماجه والترمذي وحسنه من حديث علي بن الحكم له طرق عن علي بن الحكم ، وعلي من رجال البخاري ، ووثقه ابن سعد وأبو داود وغيرهما .

 

وقال أبو حاتم لا بأس به صالح الحديث وقد رواه صدقة بن موسى ، وهو ضعيف عندهم عن مالك بن دينار عن عطاء وقال ابن الجوزي في قوله تعالى : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } .

 

قال : وهذه الآية توجب إظهار علوم الدين منصوصة كانت أو مستنبطة ، وتدل على امتناع جواز أخذ الأجرة على ذلك إذ غير جائز استحقاق الأجر على ما يجب فعله ، كذا قال ابن الجوزي وقد يستحق [ ص: 152 ] الأجر على ما يجب فعله كأداء الشهادة ونحو ذلك على خلاف مشهور فيه .

 

ثم ذكر ابن الجوزي ما في الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال : إنكم تقولون أكثر أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم والله الموعد وايم الله لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدا بشيء أبدا ثم تلا { إن الذين يكتمون ما أنزلنا } إلى آخرها .

 

وروى ابن ماجه عن أبي هريرة قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم { أفضل الصدقة أن يتعلم المسلم علما ثم يعلمه أخاه المسلم } . وعن أبي الدرداء والحسن البصري وغيرهما هذا المعنى وقد ذكر الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله ذلك في بعض كلامه وقال : إن كاتم العلم يلعنه الله ويلعنه اللاعنون ، ومراد هؤلاء إذا لم يكن عذر وغرض صحيح في كتمانه والله أعلم وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه : علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه ، وروي مرفوعا ولا يصح

 

وقال الضحاك أول باب من العلم الصمت ثم استماعه ثم العمل به ثم نشره .

 

خطر كتمان العلم...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مكرر...

تم تعديل بواسطة { الــهـــا م }

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..بارك الله فيك أختي أنين أمة وبارك فيك أختي إلهام على الإضافة القيمة

من المتابعات إن شاء الله...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) ﴾

 

{ 178 - 179 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأنْثَى بِالأنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .

 

 

 

يمتن تعالى على عباده المؤمنين، بأنه فرض عليهم { الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } أي: المساواة فيه، وأن يقتل القاتل على الصفة، التي قتل عليها المقتول، إقامة للعدل والقسط بين العباد.

 

وتوجيه الخطاب لعموم المؤمنين، فيه دليل على أنه يجب عليهم كلهم، حتى أولياء القاتل حتى القاتل بنفسه إعانة ولي المقتول، إذا طلب القصاص وتمكينه (1) من القاتل، وأنه لا يجوز لهم أن يحولوا بين هذا الحد، ويمنعوا الولي من الاقتصاص، كما عليه عادة الجاهلية، ومن أشبههم من إيواء المحدثين.

ثم بيَّن تفصيل ذلك فقال: { الْحُرُّ بِالْحُرِّ } يدخل بمنطوقها، الذكر بالذكر، { وَالأنْثَى بِالأنْثَى } والأنثى بالذكر، والذكر بالأنثى، فيكون منطوقها مقدما على مفهوم قوله: "الأنثى بالأنثى "مع دلالة السنة، على أن الذكر يقتل بالأنثى، وخرج من عموم هذا الأبوان وإن علوا، فلا يقتلان بالولد، لورود السنة بذلك، مع أن في قوله: { الْقِصَاصُ } ما يدل على أنه ليس من العدل، أن يقتل الوالد بولده، ولأن في قلب الوالد من الشفقة والرحمة، ما يمنعه من القتل لولده إلا بسبب اختلال في عقله، أو أذية شديدة جدا من الولد له.

وخرج من العموم أيضا، الكافر بالسنة، مع أن الآية في خطاب المؤمنين خاصة.

وأيضا فليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه، والعبد بالعبد، ذكرا كان أو أنثى، تساوت قيمتهما أو اختلفت، ودل بمفهومها على أن الحر، لا يقتل بالعبد، لكونه غير مساو له، والأنثى بالأنثى، أخذ بمفهومها بعض أهل العلم فلم يجز قتل الرجل بالمرأة، وتقدم وجه ذلك.

وفي هذه الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في القتل، وأن الدية بدل عنه، فلهذا قال: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية، أو عفا بعض الأولياء، فإنه يسقط القصاص، وتجب الدية، وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي.

فإذا عفا عنه وجب على الولي، [أي: ولي المقتول] أن يتبع القاتل { بِالْمَعْرُوفِ } من غير أن يشق عليه، ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب، ولا يحرجه.

وعلى القاتل { أَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } من غير مطل ولا نقص، ولا إساءة فعلية أو قولية، فهل جزاء الإحسان إليه بالعفو، إلا الإحسان بحسن القضاء، وهذا مأمور به في كل ما ثبت في ذمم الناس للإنسان، مأمور من له الحق بالاتباع بالمعروف، ومن عليه الحق، بالأداء بإحسان (2) .

وفي قوله: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ } ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأحسن من ذلك العفو مجانا.

وفي قوله: { أَخِيهِ } دليل على أن القاتل لا يكفر، لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإيمان، فلم يخرج بالقتل منها، ومن باب أولى أن سائر المعاصي التي هي دون الكفر، لا يكفر بها فاعلها، وإنما ينقص بذلك إيمانه.

وإذا عفا أولياء المقتول، أو عفا بعضهم، احتقن دم القاتل، وصار معصوما منهم ومن غيرهم، ولهذا قال: { فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ } أي: [ ص 85 ] بعد العفو { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: في الآخرة، وأما قتله وعدمه، فيؤخذ مما تقدم، لأنه قتل مكافئا له، فيجب قتله بذلك.

وأما من فسر العذاب الأليم بالقتل، فإن الآية تدل على أنه يتعين قتله، ولا يجوز العفو عنه، وبذلك قال بعض العلماء والصحيح الأول، لأن جنايته لا تزيد على جناية غيره.

ثم بين تعالى حكمته العظيمة في مشروعية القصاص فقال: { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } أي: تنحقن بذلك الدماء، وتنقمع به الأشقياء، لأن من عرف أنه مقتول إذا قتل، لا يكاد يصدر منه القتل، وإذا رئي القاتل مقتولا انذعر بذلك غيره وانزجر، فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل، لم يحصل انكفاف الشر، الذي يحصل بالقتل، وهكذا سائر الحدود الشرعية، فيها من النكاية والانزجار، ما يدل على حكمة الحكيم الغفار، ونكَّر "الحياة "لإفادة التعظيم والتكثير.

ولما كان هذا الحكم، لا يعرف حقيقته، إلا أهل العقول الكاملة والألباب الثقيلة، خصهم بالخطاب دون غيرهم، وهذا يدل على أن الله تعالى، يحب من عباده، أن يعملوا أفكارهم وعقولهم، في تدبر ما في أحكامه من الحكم، والمصالح الدالة على كماله، وكمال حكمته وحمده، وعدله ورحمته الواسعة، وأن من كان بهذه المثابة فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب، وناداهم رب الأرباب، وكفى بذلك فضلا وشرفا لقوم يعقلون.

وقوله: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } وذلك أن من عرف ربه وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة، أوجب له ذلك أن ينقاد لأمر الله، ويعظم معاصيه فيتركها، فيستحق بذلك أن يكون من المتقين.

__________

(1) في ب: ويمكنه.

(2) في ب: بالإحسان.

(1/84)

________________________________________

 

 

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) ﴾

 

 

{ 180 - 182 } { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } .

 

 

أي: فرض الله عليكم، يا معشر المؤمنين { إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ } أي: أسبابه، كالمرض المشرف على الهلاك، وحضور أسباب المهالك، وكان قد { تَرَكَ خَيْرًا } [أي: مالا] وهو المال الكثير عرفا، فعليه أن يوصي لوالديه وأقرب الناس إليه بالمعروف، على قدر حاله من غير سرف، ولا اقتصار على الأبعد، دون الأقرب، بل يرتبهم على القرب والحاجة، ولهذا أتى فيه بأفعل التفضيل.

وقوله: { حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } دل على وجوب ذلك، لأن الحق هو: الثابت، وقد جعله الله من موجبات التقوى.

واعلم أن جمهور المفسرين يرون أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وبعضهم يرى أنها في الوالدين والأقربين غير الوارثين، مع أنه لم يدل على التخصيص بذلك دليل، والأحسن في هذا أن يقال: إن هذه الوصية للوالدين والأقربين مجملة، ردها الله تعالى إلى العرف الجاري.

ثم إن الله تعالى قدر للوالدين الوارثين وغيرهما من الأقارب الوارثين هذا المعروف في آيات المواريث، بعد أن كان مجملا وبقي الحكم فيمن لم يرثوا من الوالدين الممنوعين من الإرث وغيرهما ممن حجب بشخص أو وصف، فإن الإنسان مأمور بالوصية لهؤلاء وهم أحق الناس ببره، وهذا القول تتفق عليه الأمة، ويحصل به الجمع بين القولين المتقدمين، لأن كلا من القائلين بهما كل منهم لحظ ملحظا، واختلف المورد.

فبهذا الجمع، يحصل الاتفاق، والجمع بين الآيات، لأنه (1) مهما أمكن الجمع كان أحسن من ادعاء النسخ، الذي لم يدل عليه دليل صحيح.

ولما كان الموصي قد يمتنع من الوصية، لما يتوهمه أن من بعده، قد يبدل ما وصى به قال تعالى: { فَمَنْ بَدَّلَهُ } أي: الإيصاء للمذكورين أو غيرهم { بَعْدَمَا سَمِعَهُ } [أي:] بعدما عقله، وعرف طرقه وتنفيذه، { فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ } وإلا فالموصي وقع أجره على الله، وإنما الإثم على المبدل المغير.

{ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ } يسمع سائر الأصوات، ومنه سماعه لمقالة الموصي ووصيته، فينبغي له أن يراقب من يسمعه ويراه، وأن لا يجور في وصيته، { عَلِيمٌ } بنيته، وعليم بعمل الموصى إليه، فإذا اجتهد الموصي، وعلم الله من نيته ذلك، أثابه ولو أخطأ، وفيه التحذير للموصى إليه من التبديل، فإن الله عليم به، مطلع على ما فعله، فليحذر من الله، هذا حكم الوصية العادلة.

__________

(1) في ب: فإنه.

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182) ﴾

 

 

{ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

 

وأما الوصية التي فيها حيف وجنف، وإثم، فينبغي لمن حضر الموصي وقت الوصية بها، أن ينصحه بما هو الأحسن والأعدل، وأن ينهاه [ ص 86 ] عن الجور والجنف، وهو: الميل بها عن خطأ، من غير تعمد، والإثم: وهو التعمد لذلك.

 

فإن لم يفعل ذلك، فينبغي له أن يصلح بين الموصى إليهم، ويتوصل إلى العدل بينهم على وجه التراضي والمصالحة، ووعظهم بتبرئة ذمة ميتهم فهذا قد فعل معروفا عظيما، وليس عليهم إثم، كما على مبدل الوصية الجائزة، ولهذا قال: { إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ } أي: يغفر جميع الزلات، ويصفح عن التبعات لمن تاب إليه، ومنه مغفرته لمن غض من نفسه، وترك بعض حقه لأخيه، لأن من سامح، سامحه الله، غفور لميتهم الجائر في وصيته، إذا احتسبوا بمسامحة بعضهم بعضا لأجل براءة ذمته، رحيم بعباده، حيث شرع لهم كل أمر به يتراحمون ويتعاطفون، فدلت هذه الآيات على الحث على الوصية، وعلى بيان من هي له، وعلى وعيد المبدل للوصية العادلة، والترغيب في الإصلاح في الوصية الجائرة.

(1/85)

________________________________________

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) ﴾

 

 

{ 183 - 185 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .

 

 

يخبر تعالى بما منَّ به على عباده، بأنه فرض عليهم الصيام، كما فرضه على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.

وفيه تنشيط لهذه الأمة، بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة، التي اختصيتم بها.

ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.

فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربا بذلك إلى الله، راجيا بتركها، ثوابه، فهذا من التقوى.

ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى.

ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام، أخبر أنه أيام معدودات، أي: قليلة في غاية السهولة.

ثم سهل تسهيلا آخر. فقال: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } وذلك للمشقة، في الغالب، رخص الله لهما، في الفطر.

ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن، أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض، وانقضى السفر، وحصلت الراحة.

وفي قوله: { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ } فيه دليل على أنه يقضي عدد أيام رمضان، كاملا كان، أو ناقصا، وعلى أنه يجوز أن يقضي أياما قصيرة باردة، عن أيام طويلة حارة كالعكس.

وقوله: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } أي: يطيقون الصيام { فِدْيَةٌ } عن كل يوم يفطرونه { طَعَامُ مِسْكِينٍ } وهذا في ابتداء فرض الصيام، لما كانوا غير معتادين للصيام، وكان فرضه حتما، فيه مشقة عليهم، درجهم الرب الحكيم، بأسهل طريق، وخيَّر المطيق للصوم بين أن يصوم، وهو أفضل، أو يطعم، ولهذا قال: { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ } .

 

ثم بعد ذلك، جعل الصيام حتما على المطيق وغير المطيق، يفطر ويقضيه في أيام أخر [وقيل: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } أي: يتكلفونه، ويشق عليهم مشقة غير محتملة، كالشيخ الكبير، فدية عن كل يوم مسكين (1) وهذا هو الصحيح] (2) .

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } أي: الصوم المفروض عليكم، هو شهر رمضان، الشهر العظيم، الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم، وهو القرآن الكريم، المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية، وتبيين الحق بأوضح بيان، والفرقان بين الحق والباطل، والهدى والضلال، وأهل السعادة وأهل الشقاوة.

 

فحقيق بشهر، هذا فضله، وهذا إحسان الله عليكم فيه، أن يكون موسما للعباد مفروضا فيه الصيام.

فلما قرره، وبين فضيلته، وحكمة الله تعالى في تخصيصه قال: { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } هذا فيه تعيين الصيام على القادر الصحيح الحاضر.

ولما كان النسخ للتخيير، بين الصيام والفداء خاصة، أعاد الرخصة للمريض والمسافر، لئلا يتوهم أن الرخصة أيضا منسوخة [فقال] { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير، ويسهلها أشد (3) تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية [ ص 87 ] السهولة في أصله.

وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله، سهَّله تسهيلا آخر، إما بإسقاطه، أو تخفيفه بأنواع التخفيفات.

وهذه جملة لا يمكن تفصيلها، لأن تفاصيلها، جميع الشرعيات، ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات.

{ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ } وهذا - والله أعلم - لئلا يتوهم متوهم، أن صيام رمضان، يحصل المقصود منه ببعضه، دفع هذا الوهم بالأمر بتكميل عدته، ويشكر الله [تعالى] عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده، وبالتكبير عند انقضائه، ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد.

__________

(1) ظاهر أن المراد عن كل يوم طعام مسكين.

(2) زيادة من هامش ب.

(3) في ب: أبلغ تسهيل.

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمان الرحيم

أختي أنين الامة أكرمتينا غاية الكرم

يعني بدأت ألتلخيص حتى أحسست بيدي تؤلمني

تم تعديل بواسطة بسملة النور

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

أخبرتعالى عن حال المشركين اذا أمرو باتباع ما أنزل الله على رسوله رغبو عن ذلك واكتفو بتقليد الاباء وان كان أبائهم أضل الناس .وضرب الله مثل الكفار بانهم لم ينقادو لما جائت به رسلهم واتباع أبائهم بان مثلهم كمثل دعاء الراعي للبهائم ينعق للبهائم وهي لاتفهم ما يقول ولكن تسمع صوتا فقط فهؤلاء الكفار لايسمعون الحق فهم صم ولاينظرون نظرة اعتبار ولا ينطقون بما فيه الخير لهم فليس لهمعقل صحيح.

بعد ذلك أمر سبحانه المؤمنين بسبب ايمانهم بأكل الطيبات من الرزق والشكر لله على انعامه وانه من تمام العبادة شكر الله وبعدها ذكر ما حرم من الخبائث فمنها ما ذبح من غير تذكية ولحم الخنزير والدم المسفوح وانه لا جناح على من التجأ الى هده المنهيات عند الااظطرار غير طالب للمحرم ولايتجاوز الحد في تناول ما أبيح له يعني الاكل بالقدر الضروري فان الله واسع الرحةمة .

وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله من العلم الذي أخذ على أهل الكتاب أن يبينوه للناس ولايكتموه ومن كتمه ورضي بحطام الدنيا وترك أمر الله فجزائه سخط الله ولا يطهرهم من الاخطاء الرذيلة ولهم العذاب .

بين سبحانه معنى البر انه ليس هو كثرة البحث والجدال من العناء الذي ليس تحته الا الشقاق ولكن معنى البر هو من امن بالله واحد أحد وما يكون بعد الموت والملائكة والكتب المنزلة واعطاء المال لمن يستحقه كالمساكين الذين تسكنهم الحاجة والفقراء وابن السبيل والسائلين الذين توجبهم الحاجة الى السؤال والمقيمي الصلاة والمؤتون الزكاة والالتزام بحقوق الله على العباد وكذلك حقوق العباد بينهم والصابرين في حال الفقر وحال المرض وحال القتال فالمتصفون بهذه الاوصاف هم الذين صدقو في ايمانهم هم المتقون.

يتبع باذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسملة النور

بارك الله في همتكِ ورفع الله قدركِ

في انتظار تتمتكِ ,,

وفقكِ الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخواتي وقت التلخيص حان

هل أنتن مستعدات

أكيد أختي بسملة النور وأسأله تعالى لنا التيسير وحسن الفهم.

[line][/line]بسم الله الرحمن الرحيم

دليل من لم يتبع ما أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم أنهم اتبعوا آباءهم وقلدوهم وحقيقته أنه دليل عن إعراضهم عن الحق وهو شبهة ضعيفة لرد الحق لأن من أراد الحق وازن بينه وبين غيره فتبينت له حقيقته واتبعه دون شك وهم في إعراضهم له كمثل البهائم التي ينعق لها راعيها وما علمت من قول داعيها شيئ فهم لا يفقهون كنه هذه الدعوة بل هو صم لا يسمعون الحق عمي عن التفكر والإعتبار بكم عن قول الحق

خاطب الله تعالى المؤمنين وأمرهم بأكل الطيبات وقد كان الخطاب قبل هذا خطابا للناس جميعا ثم خص الله تعالى المؤمنين فأمرهم بأكل الطيبات وشكره سبحانه عليها مما يفهم منه أن استعمالها في الطاعات والتقوي بها على مرضاته سبحانه فأكل الطيب سبب للعمل الصالح وسبب لقبوله والشكر بعده حافظ للنعم جالب لمزيد منها

وقد حرم الله تعالى الخبائث لما فيها من مضرة حتى إن شارفت النفس على الهلاك ولم يكن هناك حلال يؤكل أبيح أكلها للمضطر بقدر ما يدفع عنه الموت إذ أصبح منهي عنه أن يلقي بيديه إلى التهلكة حتى إن ارتفع الجناح عاد الحكم كما كان في الأول وكله من رحمته سبحانه بنا التي وسعت كل شيئ فالآية دليل على القاعدة الضرورات تبيح المحظورات

أخذ الله تعالى الميثاق على أهل العلم أن يبينوه للناس فإن لم يفعلوا وكتموه مقابل حطام الدنيا فقد أكلوا نارا وسخط الله تعالى عليهم ومالهم من عمل يطهرهم إذ كان اختيارهم للضلالة لا الهدى وللعذاب لا المغفرة فجزاؤهم النار فأنى لهم الصبر والجلد عليها

ويصحح القرآن مفهوم البر المقصود من العباد بأنه الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب المنزلة والنبيين وإنفاق المال مع حبه له تقربا إلى الله تعالى لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والوفاء بعهد الله والصبر على الفقر والحاجة وعلى المرض ووقت القتال و من فعل فهو داخل في الذين صدقوا في إيمانهم وترجموه إلى عمل وهؤلاء هم المتقون الأبرار

يمتن الله على عباده بأن فرض عليهم القصاص في القتلى وعليه فإن القاتل يقتل على الصفة التي قتل عليها المقتول إقامة للعدل والمساواة بين الناس حتى إن عفا أو لياء المقتول عن القاتل وجبت الدية وعلى أولياء المقتول أن يحسنوا في الطلب كما وعلى القاتل أن يحسن بالقضاء وعدم المماطلة فتلك تستحق هذه

وإن رأى أولياء المقتول العفو إلى الدية فأفضل منه أن يعفون عفوا مجانا وأبدا لا ترفع صفة الإيمان على القاتل ويبقى مؤمنا وإن اعتدى بعد العفو عنه وجب قتله وفي الآخرة له عذاب أليم

وقد جعل الله تعالى في القصاص حكمة بليغة وعظيمة ألا وهي حقن الدماء فمن علم أنه إن قتل سيقتل لا محالة فأبدا لن يجرأ على القتل فيرتدع وينزوي الشر ويعيش الناس بمأمن وأمان وهذا الأمر لا يدرك حكمته إلا أصحاب العقول النيرة فيعلموا أن كل حكم فيه حكمة ويكونوا من المتقين.

 

يتبع إن شاء الله تعالى غدا وأسأله تعالى التيسير وتذليل الصعاب.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

شكرا أختي الغالية أنين أمة وأختي الغالية أمة من اماء الله

 

 

يخبر تعالى بانه فرض على عباده المؤمنين القصاص في القتلى بأن يقتل القاتل على على الصفة التي قتل عليها المقتول

الحر بالحر والذكر بالذكر والانثى بالنثى وقيل الانثى بالذكر والذكر بالانثى وهذا لا زال عندي فيه ارتباك ولم أفهمه جيدا قيل يكون منطوقها مقدم على المفهوم ففي السنة الذكر يقتل بالانثى

وخرج على العموم الكافر بالسنة ولا يقتل ولي الله بعدوه ذكر كان أو أنثى فالحر لايقتل بالعبد وبعض أهل العلم لم يجز قتل الرجل بالمرأة وان عفا ولي المقتول عن القاتل الى الدية أو بعض أوليائه فيسقط القصاص وتجب الدية فانعفا عنه وجب على ولي المقتول أن يتبع القاتل من غير أن يشق عليه وعلى القاتل الاداء من غير نقص ولا اسائة فمن اعتدى بعد العفو فله العذاب .

ولكم في القصاص حياة ,تنحقن بذلك الدماء لانه من عرف أنه مقتول اذا قتل لا يكاد يفكر في القتل .

فرض على المؤمنين اذا أشرف الموت وقد ترك المال فعليه أن يوصي للوالدين وأقرب الناس اليه بالمعروف فمن بدله يوصي المذكورين بعدما عقلو الوصية فالاثم على الذين بدلو والموصيأجره على الله والله سميع المقال الموصي ووصيه عليم بالنيات .

الوصية فينبغي لمن حضر الموصي وقت الوصية بها أن ينصحه بما هو الاحسن وأن ينهاه عن الجور والجنف وهو الميل بها عن الخطأ من غير تعمد فان لم يفعل ذلك فينبغي له أن يصلح بين الموصي اليهم ويتوصل الى العدل بينهم ووعضهم بتبرئة ذمة ميتهم فهذا قد فعل معروفا وليس على اثم كما على مبدل الوصية الجائرة والله يغفر لمن تاب ومنهم من ترك بعض حقه لاخيه عاف لميتهم الجائر في الوصية اذا احتسبو بمسامحة بعضهم بعضا لاجل براءة ذمته فهنا الحث على الوصية وبيان من هي له والوعيد للمبدل للوصية العادلة والترغيب في الاصلاح في الوصية الجائرة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

جزاكم الله خيرا يا أخوات على المجهود الرائع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحر بالحر والذكر بالذكر والانثى بالنثى وقيل الانثى بالذكر والذكر بالانثى وهذا لا زال عندي فيه ارتباك ولم أفهمه جيدا قيل يكون منطوقها مقدم على المفهوم ففي السنة الذكر يقتل بالانثى
ما الذي لم تفهميه أختي من ذلك ؟..وشكر الله لك أختي الكريمة
يتبع إن شاء الله تعالى غدا
يبدو أني سأعدل عن هذا وسأكمل تلخيصي الآن ذاك أني البارحة لم أستطع الدخول لهذه الصفحة المباركة فما علمت بوجود آيات أخرى مضافة والحمد لله أكرمني الله تعالىو انتهيت من تلخيصها اللحظة فلله الحمد والمنة.

بسم الله الرحمن الرحيم

فرض الله تعالى على المؤمنين الذين لهم مال وفير ,و جاءهم أحد أسباب الموت, أن يوصوا منه لوالديهم ثم الأقرب فالأقرب بالمعروف, وعلى حسب الحاجة, وهذا الأمر داخل في موجبات التقوى, وبعد أن تم الحث على الوصية ,وتوضح لمن هي, توعد القرآن لمبدل الوصية التي لا ظلم فيها ولا جور, ورغب في الإصلاح في الوصية الجائرة.

يعد الصيام من أكبر أسباب التقوى ,وقد أمر الله تعالى به الأمم السابقة قبل هذه الأمة ,وأخبر بذلك حتى لا يظن التخصيص فيه لهذه الأمة فيستثقلوه ,و المطلوب أن يتنافسوا فيه وينشطوا لذلك ,ووصفه بالأيام المعدودات هو في غاية السهولة ومن تمام سهولته أنه, وإن كان المرء مريضا او على سفر, فله أن يفطر ثم يقضيه بعد ذلك ولا عبرة بقصر الأيام أو طولها حالة قضائه, وقد تدرج في فرضية الصيام فكان أوله تخييرا بين صيامه أو إخراج الفدية للمطيق, ثم أخيرا استقر الحكم على ان الصيام فرض واجب على المطيق وغير المطيق, يفطر ويقضيه في أيام أخر

أما الشاق عليه المشقة الكبيرة فله أن يفدي عن كل يوم طعام مسكين .

وقد شاء الله تعالى أن يكون شهر رمضان ,هو الصوم المفروض إذ فيه نزل خير الكتب ,الفاروق بين الحق والباطل, الهادي إلى سواء السبيل, فكان أدعى لأن يكون موسما للعبادة, مفروض فيه الصوم

وقد تعين لمن شهد الشهر أن يصومه, ولما كان النسخ حاصلا للتخيير بين الصيام والفدية على وجه الخصوص, أكد سبحانه أن الرخصة فيه قائمة لمن كان مريضا أو على سفر, فكل امر منه سبحانه وتعالى يسير وهين ,حتى إن كانت هناك مشقة غير ما ذكر أكرمنا الله بإسقاطه أو تخفيفه بأنواع أخر من الرخص المتعارف عليها شرعا

وحتى يرفع اللبس ولا يظن أن من صام بعضا من رمضان فهو يجزئه, أقر أنه عليه تكميل عدته فإن انقضت عدته شكر الله على تيسير صيامه له, وكبر ه سبحانه إلى فراغ خطبة عيد الفطر.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×