اذهبي الى المحتوى
هدوء الفجر

**؛،،..،، سِلسِلَة فِقـ,,ــهُ الأَسمَـ،،ــاءِ الحُسنَـ،،ــى ؛،،..،،؛**

المشاركات التي تم ترشيحها

الحليم

 

وهو اسم تكرر وروده في القرآن الكريم في عدة مواضع :

قال تعالى : (إِنَّ الَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر:41].

وقال تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) [البقرة : 235].

وقال تعالى : (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً) [الأحزاب :51].

**ومعناه : أي : الذي لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم ومعاصيهم ، يرى عباده وهم يكفرون به ويعصونه ، وهو يحلم عليهم فيؤخر ويُنظِر ويؤجل ولا يعجل ، ويوالي النعم عليهم مع معاصيهم وكثرة ذنوبهم وزلاتهم.

_ فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم ، ويمهلهم كي يتوبوا ، ولا يعاجلهم بالعقوبة كي يُنيبوا ويرجعوا.

 

*ومن ذلكم حلمه بفرعون مع شدة طغيانه وعلوه في الأرض وإفساده للخلق ، قال تعالى : ( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى. فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه:43-44].

 

*وحلمه سبحانه بالذين نسبوا له الولد حيث دعاهم للتوبة ، وفتح لهم أبوابها ، قال تعالى : (لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـَهٍ إِلاّ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لّمْ يَنتَهُواْ عَمّا يَقُولُونَ لَيَمَسّنّ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىَ اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ )[المائدة:73-74].

 

*ومن حلمه سبحانه : إمساكه السماء أن تقع على الأرض ، وإمساكه لهما أن تزولا مع كثرة ذنوب بني آدم ومعاصيهم ،

قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر:41].

 

وقد اقترن اسمه _تبارك وتعالى _ "الحليم" بالعليم في قوله تعالى : (لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ) [الحج:59].

 

واقترن بالغني في قوله : (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) [البقرة :263].

 

واقترن بالشكور في قوله : (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ) [ التغابن:17].

 

واقترن بالغفور في قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) [البقرة :235].

 

_ وفي هذا دلالة على أن حلمه عن إحاطة بالعباد وأعمالهم ، وعن غنى عنهم ، فلا تنفعه طاعة من أطاع ولا تضره معصية من عصى ، وعن شُكر ؛ فيشكر القيلي من العمل ويثيب عليه الثواب العظيم ، وعن مغفرة فيتجاوز عن التائب المنيب مهما عَظُمَ إثمُه وكَبُرَ جُرمُهُ ، فما أعظم حلمه ، وما أوسع فضله وما أجزل عطاءَه ومَنَّه ،فلله الحمد شكراً ، وله المن فضلاً ، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى .

 

***

تم تعديل بواسطة صـمـتُ الأمــل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحق ، المبين

 

_ أما اسمه _تبارك وتعالى_ " الحق" فقد ورد في القرآن الكريم في عشرة مواضع :

 

قال تعالى : (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) [يونس: 32] .

 

 

 

وقال تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [الحج :62] .

 

وقال تعالى : (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون :116].

 

 

 

_ وأما اسمه "المبين" فقد وَرَد في موضع واحد مقروناً بالحق :

قال تعالى : (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) [النور: 25].

 

 

 

**ومعنى "الحق" ؛ أي : الذي لا شك فيه ولا ريب ، لا في ذاته ، ولا في أسمائه وصفاته ، ولا في ألوهيته ، فهو المعبود بحق ولا معبود بحق سواه ، فهو –تبارك وتعالى – حق وأسماؤه وصفاته حق ، وأفعاله وأقواله حق ، ودينه وشرعه حق ، وأخباره كلها حق ، ووعده حق ، ولقاؤه حق.

 

 

 

** ومعنى "المبين" ؛ أي : المبين لعباده سبيل الرشاد ، الموضح لهم الأعمال الصالحة التي ينالون بها الثواب ، والأعمال السيئة التي ينالون عليها العقاب ،

قال تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [النساء:26].

 

وقال تعالى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التوبة :115] .

 

 

 

** ومن معاني "المبين" ؛ أي : البيِّن أمره في الوحدانية ، فهو الإله الحق المبين لا شريك له.

 

 

 

>>ومن أنواع الدلائل والحجج التي ذكر الله في القرآن لبيان أنه المعبود بحق ولا معبود بحق سواه ما يلي :

 

 

 

1- تفرده تبارك وتعالى بالربوبية لا شريك له ، فهو الخالق وحده ، الرازق وحده ، المنعم وحده، المتصرِّف في هذا الكون وحده لا شريك له .

 

 

 

 

 

2- ذكرُه سبحانه لأسمائه الحسنى ، وصفاته العلى الدالّة على كماله وجلاله وعظمته ، وأنّه المستحق للعبادة وحده دون سواه ، ومن الأمثلة على ذلك آية الكرسي التي أخلصت لبيان التوحيد وتقريره ، حيث ذُكر فيها من أسماء الله الحسنى خمسةُ أسماء ، وذكر من صفاته العظيمة ما يزيد على العشرين صفة .

 

 

 

 

 

3- ذكره تبارك وتعالى لتعدد نعمه على العباد وتوالي مننه ، وفي سورة النحل – التي يسمِّيها بعض أهل العلم "سورة النعم" لكثرة ما عدّ فيها سبحانه من النعم على العباد – أكبر شاهد على أنه المعبود بحق ، ولذا ختم هذه النعم بقوله : ( كَذَلِكَ يُتِمّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلّكُمْ تُسْلِمُونَ * فَإِن تَوَلّوْاْ فَإِنّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ * يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللّهِ ثُمّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ) [النحل:81 – 82].

 

 

 

4- ذكره سبحانه لإجابته المضطرين وكشفه كربات المكروبين ، ولا يقدر على ذلك أحد سواه ، قال تعالى : (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُون) [النمل : 62].

 

 

 

5- إخباره عن نفسه بأنه النافع الضار ، المعطي المانع ، وأنَّ مَن سواه لا يملك شيئاً من ذلك لا لنفسه ولا لغيره ، قال تعالى : (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [الزمر : 38].

 

 

 

6- إخباره سبحانه عن دقة صنعه للمخلوقات ، وبديه إيجاده للكائنات ، قال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [غافر : 64].

 

 

7- إخباره عن حقارة الأوثان وعجزها ، وأنها لا تملك شيئاً : قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحج : 73 -74].

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

القدير، القادر، المقتدر

 

وجميع هذه الأسماء وردت في القرآن ، وأكثرها ورودا " القدير" ، ثم "القادر" ، ثم "المقتدر"

،قال تعالى : (وَاللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [البقرة:284]

، وقال تعالى : (إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا) [فاطر:44] .

وقال تعالى : (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) [ الأنعام :65].

وقال تعالى : (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) [الكهف:45].

وجميعها تدل على ثبوت القدرة صفة لله ، وأنه سبحانه كامل القدرة ، فبقدرته أوجد الموجودات ، وبقدرته دبَّرها وبقدرته سواها وأحكمها ، وبقدرته يحيي ويميت ، ويبعث العباد للجزاء ، ويجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، الذي إذا أراد شيئاً قال له : كن ؛ فيكون ، وبقدرته يقلب القلوب ويصرفها على ما يشاء ويريد ، ويهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، ويجعل المؤمن مؤمناً ، والكافر كافراً ، والبر برّاً ، والفاجر فاجراً .

ولكمال قدرته لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء أن يُعلِّمه إياه ، ولكمال قدرته خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسه من لغوب ، ولا يعجزه أحد من خلقه ولا يفوته ، بل هو في قبضته أين كان ، الذي سلمت قدرته من اللغوب والتعب والإعياء والعجز عما يريد ، ولكمال قدرته كلُّ شيء طوع أمره وتحت تدبيره ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .

 

روى مسلم في "صحيحه" (1) عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال :"جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في القدر ، فنزلت : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) [القمر:47-49]".

 

ومَن لا يؤمن بالقدر لا يؤمن بالله _عزوجل_ ، قال الإمام أحمد _رحمه الله _ :"القدر قدرة الله".

فإنكار القدر إنكار لقدرة الله _عزوجل_ ، وجحد صفاته سبحانه أو شيء منها يتنافى مع الإيمان به سبحانه ؛ إذ من الإيمان به الإيمان بأقداره.

 

هذا ؛ وإن للإيمان بقدرة الله _عزوجل_ التي دل عليها أسماؤه "القدير ، القادر ، المقتدر" آثاراً عظيمة وثماراً مباركة ..

 

_ فمن ثماره المباركة : أنه يقوي في العبد الاستعانة بالله وحسن التوكل عليه ، وتمام الالتجاء إليه .

 

_ ومن آثاره : تكميل الصبر وتتميمه وحسن الرضا عن الله _عزوجل_ .

قال ابن القيم _رحمه الله_ :"من ملأ قلبه من الرضا بالقدر ملأ الله صدره غنى وأمناً وقناعة ، وفرَّغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه ، ومن فاته حظه من الرضا امتلأ قلبه بضد ذلك ، واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه".

_ ومن آثاره : سلامة الإنسان من أمراض القلوب ، كالحقد والحسد ونحوهما .

_ ومن آثاره : تقوية عزيمة العبد وإرادته في الحرص على الخير وطلبه ، والبعد عن الشر والهرب منه .

_ ومن آثاره : حُسن رجاء الله ودوام سؤاله ، والإكثار من دعائه ؛ لأن الأمور كلها بيده.

 

وكان من أكثر دعاء نبينا _صلى الله عليه وسلم_ :"اللهم يا مقلب القلوب ثبِّت قلب على دينك".

_________________________

(1) (رقم : 2656)

 

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الودود

 

 

وقد ورد في القرءان مرتين :

 

 

 

الأولى : في قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) [هود:90].

 

 

والثانية : في قوله تعالى : (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) [البروج:13-14] .

 

 

** ومعناه : أي : الذي يحب أنبياءه ورسله وأتباعهم ، محبة ، ويحبونه ، فهو أحب إليهم من كل شيء ، قد امتلأت قلوبهم محبة له .

 

 

قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي _رحمه الله _ "الودود ؛ أي : المتودد إلى خلقه بنعوته الجميلة ، وألائه الواسعة ، وألطافه الخفية ، ونعم الخفية والجلية ، فهو الودود بمعنى الوادِّ ، وبمعنى المودود ، يحب أولياءه وأصفياءه ويحبونه ، فهو الذي أحبهم وجعل في قلوبهم المحبة ،فلما أحبوه أحبَّهم حبّاً آخر جزاء لهم على حبهم.

 

 

..... ومِن تودده : أن العبد يشرد فيتجرأ على المحرمات ، ويقصر في الواجبات ، والله يستره ويحلم عنه بالنعم، ولا يقطع عنه منها شيئاً ، ثم يُقيِّض له من الأسباب والتذكيرات والمواعظ والإرشادات ما يجلبه إليه ، فيتوب إليه وينيب ، فيغفر له تلك الجرائم ، ويمحو عنه ما أسلفه من الذنوب والعظائم ، ويعيد عليه وده وحبه ، ولعل هذا _والله أعلم_ سرُّ اقتران الودود بالغفور في قوله : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ)

 

[البروج:14]."

 

 

وإذا عَرفَ العبدُ بأنَّ ربَّه سبحانه وَدود يحبُّ أولياءه ويحب من أطاعه ، يحب المؤمنين المتقين ، ويحب الصابرين المتوكلين ، ويحب التوابين والمتطهرين ، ويحب الصادقين المحسنين ، ويحب جميع الطائعين ، ولا يحب الظالمين الكافرين ، ولا يحب الخائنين المسرفين ، ولا يحب المختالين المستكبرين ؛ فإنه يجب عليه أن يطيع أمره ويفعل ما يحبه ويرضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال.

 

وأن يتقرب إليه سبحانه بامتثال أمره ، واجتناب نهيه ، وحب ما يحبه من الأقوال والأعمال ، وحب كلامه سبحانه ، وحب رسوله _صلى الله عليه وسلم_ وسنته ، والاجتهاد في متابعته ، فبذلك تُنال محبةُ الله ، قال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)[آل عمران:31].

 

 

 

 

وفي الدعاء المأثور عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ : "أسألك حبَّك ، وحبَّ من يحبُّك ، وحُبَّ عملٍ يقرِّبني إلى حبِّك".

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

عدت إليكنّ حبيباتي بفضل الله

وأعتذر لكنّ على هذا الغياب بسبب ظروفي وأسأل الله أن يعيننا لإكمال باقي الأسماء بإذن الله

 

 

قطرة الندى الحبيبة

وجزاكِ خيرا حبيبتي على مرورك ومتابعتك .

أسأل الله أن ينفعا جميعا وينولنا شرف تعلُّم هذا العلم العظيم اللهم آمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

البَرُّ

 

وقد ورد في القرآن الكريم في موضع واحد وهو قوله تعالى : (إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البَرُّ الرحيم ) [الطور : 28 ]

ومعناه : أي الذي شمل الكائنات بأسرها ببرِّه ومنِّه وعطائه ، فهو مولى النعم ، واسع العطاء ، دائم الإحسان ، لم يزل ولا يزال بالبر والعطاء موصوفاً ، وبالمنِّ والإحسان معروفاً .

تفضل على عباده بالنعم السابغة والعطايا المتتابعة ، والآلاء المتنوعة ، ليس لجودة وبره وكرمه مقدار ، فهو سبحانه ذو الكرم الواسع والنوال المتتابع ، والعطاء المدرار .

 

وبره سبحانه بعباده نوعان : عام وخاص .

,, فالعام : وَسِعَ الخلق كلهم ، فما من شخص إلا وسعه مَنُّ الله وفاض عليه إحسانه ، قال تعالى : (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلنا تفضيلا ) [الإسراء : 70 ] .

وهذا التكريم يدخل فيه خلق الإنسان على هذه الهيئة الحسنة والصورة الجميلة ... .

,, والخاص : هو هدايته من شاء منهم لهذا الدين القويم ، وتوفيقهم لطاعة رب العالمين ، ونيل ما يترتب على ذلك في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : (إن الأبرار لفي نعيم ) [الانفطار : 13] .

أي : في دورهم الثلاثة : في الدنيا ، والبرزخ ، ويوم القيامة .

وتفاصيل برِّه بعباده وأصفيائه أمر لا يمكن حصره ، ولا سبيل إلى استقصائه .

...

,, فمن برِّه بهم : أنه _تبارك وتعالى _ يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر ، يتقبل منهم القليل من العمل ويثيبهم عليه الثواب الكثير ، ويعفو عن كثير من سيئاتهم ولا يؤاخذهم بجميع جناياتهم ، ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها ويضاعف لمن يشاء ، ولا يجازي بالسيئة إلا مثلها ، ويكتب لهم الهَمّ الحسنة ولا يكتب عليهم الهم بالسيئة .

 

,, ومن برِّه بعباده : فتحه أبواب الإنابة والتوبة والأوبة إليه مهما كَثُرت الذنوب وتعددت الآثام . قال تعالى : ( قل يا عباديَ الذين أسرفوا على أنفهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) [الزمر : 53] .

 

,, ومن برِّه بهم : معاملتهم بالصفح والعفو وستر الذنوب والتجاوز عنها ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقول ( إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ، ويستره فيقول : أتعرفُ ذنب كذا ؟ فيقول : نعم أي رب ، حتى إذا قرَّره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال الله : سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته ، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) [هود : 18] ) . متفق عليه .

 

,, ومِن عظيم برِّه بعباده : أنه سبحانه _ مع كمال غناه _ يفرح بتوبة التائبين وإنابة المنيبين ،ففي "صحيح مسلم" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلة بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه ، فأَيسَ منها ، فأتىشجرة فاضطجع في ظلِّها قد أَيس من راحلته ، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال من شدَّة الفَرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح ) .

...

 

ومما ينغي أن يعلم هنا أن البَرَّ سبحانه يحب أهل البِرِّ ، فيقرب قلوبهم منه بحسب ما قاموا به من البر ، ويحب أعمل البر ، فيجازي عليها بالهدى والفلاح والرفعة في الدنيا والآخرة .

قال تعالى : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم ) [آل عمران : 92] .

 

******

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الرءوف

 

وقد ورد هذا الاسم في عشر آيات من القرآن الكريم يأتي ذكرها .

و"الرأفة " _كما قال ابن جرير رحمه الله _ : أعلى معاني الرحمة وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ، ولبعضهم في الآخرة .

بل وهم أولياؤه المؤمنون ، وعباده المتقون .

 

هذا ؛ وإن من القواعد المفيدة التي قررها أهل العلم في باب فقه الأسماء الحسنى : أن ختم الآيات القرآنية بأسماء الله الحسنى يدل على أن الحكم المذكور فيها لها تعلق بذلك الاسم الكريم الذي ختمت به الآية ، وتأمُّل ذلك من أعظم ما يُعين العبد على فقه أسماء الله الحسنى

 

وفيما يلي عرض لبعض مواضع ذكرِ هذا الاسم في الرآن الكريم ، وتنبيه على دلالاته من خلال سياق الآيات التي خُتمت به .

 

1- قال الله تعالى : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم ) [البقرة : 143 ] .

أي : لا ينبغي له ولا يليق به أن يضيع إيمانكم ، وهذا من كمال رأفته ورحمته بهم ، وفي هذا بشارة عظيمة لمن منَّ الله عليهم بالإسلام والإيمان بأن الله سيحفظ عليهم إيمانهم ، فلا يضيعه بل يحفظه من الضياع والبظلان ، ويتممه لهم ويوفقهم لما يزداد به إيمانهم ويتم به إيقانهم .

فكما ابتدأ الآية بالهداية والإيمان فيحفظه لهم ويتمه عليهم رأفة منه بهم ورحمة ، ومَنَّاً منه عليهم وتفضلاً .

 

2- وقال الله تعالى : ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اله والله رءوف بالعباد ) [البقرة : 207] .

وهؤلاء هم الموفقون من عباده الذين باعوا أنفسهم وأرخصوها وبذلوها طلباً لمرضاة الله ورجاءً لثوابه ، فهم بذلوا الثمن للملي الوفي الرءو بالعباد ، الذي من رأفته ورحمته بهم أن وفقهم لذلك ، ووعدهم عليه عظيم الثواب ، وحسن المآب .

ولا تسأل عما يحصل لهم من التكريم وما ينالونه من الفوز العظيم ، فقدومهم يوم القيامة على رب رءوف رحيم .

 

3- وقال تعالى : ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ) [آل عمران : 30] .

وهذا يفيد أن الله سبحانه مع شدَّة عقابه وعِظَم نَكَاله فإنه رءوف بالعباد ، ومن رأفته بهم أن خوَّف العباد وزَجرهم عن الغيِّ والفساد ، ليسلموا من مغبتها ، ولينجوا من عواقبها ، فهو _ جل وعلا _ رأفة منه ورحمة سهَّل لعباده الطرق التي ينالون بها الخيرات ورفيع الدرجات ، ورألإةً منه ورحمةً حذر عباده من الطرق التي تفضي بهم إلى المكروهات .

 

...

4- وقال تعالى : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم ) [ التوبة : 117 ] .

وفي هذا السياق أن من رأفة الله بهم أن منَّ عليهم بالتوبة ووفقهم لها ، وقَبِلها منهم ، وثبتهم عليها ، ولولا أنه رأف بهم ورحمهم لما حصل لهم شئ من ذلك .

 

5- وقال تعالى : ( ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم) [ الحج : 65 ] .

فتسخير الله الأرض وما فيها من حيوانات ونباتات وجمادات ، والفلك تجري في البحر بأمره تحمل الناس وتجاراتهم وأمتعتهم من محل إلى محل ، وإمساكه سبحانه السماء أن تسقط على الأرض فتتلف ما عليها ، وتهلك من فيها ، كل ذلكم من رحمته ورأفته سبحانه بالعباد .

 

6- وقال تعالى : ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم ) [النور : 20 ] .

قال ذلك سبحانه بعد بيانه لأحكامه العظيمة ومواعظة البليغة ، ما يفيد أن هذا البيان النافع والشرع الحكيم هو من رأفة الله بالعباد ورحمته بهم .

 

******

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحسيب ، الكافي

 

قال الله تعالى : (وكفى بالله حسيباً) [النساء : 6] .

وقال الله تعالى : ( أليس الله بكافٍ عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومَن يضلل الله فماله من هاد )

[ الزمر: 36] .

 

و "الحسيب" : هو الكافي الذي كفى عباده جميع ما أهمَّهم من أمور دينهم ودنياهم ، الميسِّر لهم كل ما يحتاجونه ، الدافع عنهم كل ما يكرهونه .

,, ومن معاني الحسيب : أنه الحفيظ على عباده كل ما عملوه ، أحصاه الله ونسوه ، وعلِم تعالى ذلك ، وميز صالح العمل من فاسده ، وحسنه من طبيعه ، وعلم ما يستحقون من الجزاء ومقدار ما لهم من الثواب والعقاب .

 

,, و "الكافي " : الذي كفاية الخلق كل ما أهمَّهم بيده سبحانه ، وكفايته لهم عامة وخاصة .

 

أما العامة : فقد كفى تعالى جميع المخلوقات وقام بإيجادها وإمدادها وإعدادها لكلِّ ما خُلِقَت له ، وهيَّأ للعباد من جميع الأسباب ما يغنيهم ويُيقنيهم ويُطعمهم ويَسقيهم .

وأما كفايته الخاصة : فكفايته للمتوكلين ، وقيامه بإصلاح عباده المتقين ، (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)

[ الطلاق : 3 ] .

أي كافيه كل أموره الدينية والدنيوية ، وإذا توكل العبد على ربه حق التوكل ، بأن اعتمد بلبه على ربِّه اعتماداً قويّاً كاملاً في تحصيل مصالحه ودفع مضارِّه ، وقَوِيَتْ ثقته وحَسُنَ ظنُّه بربه ، حصُلَت له الكفاية التامة ، وأتم الله له أحواله ، وسدده في أقواله وأفعاله ، وكفاه همَّه وكشف غمَّه .

 

,, وقد دلَّ القرآن أن تحقيق العبودية لله وحسن التوكل عليه أمر لا بد منه لنيل كفاية الله الخاصة بأوليائِه المؤمنين وعباده المتقين ، قال تعالى : ( أليس الله بكافٍ عبده ) [الزمر : 36 ] . وقال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبُه ) [ الطلاق : 3 ] .

 

,, ورَبْط الكفاية بالتوكل من رَبْط الأسباب بمسبباتها ، فالله عزوجل كافي مَن يثق به ويُحسن التوكل عليه ويحقق الاتجاه إليه في نوائبه ومهماته ، وكلما كان العبد حسَن الظن بالله عظيم الرجاء فيما عنده صادق التوكل عليه فإن الله لا يخيب أمله فيه ألبته .

 

ولا يستبطئ العبد كفاية الله له إذا بذل أسبابها ، فإن الله بالغ أمره في الوقت الذي قدَّره له ، ولذا قال تعالى : ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شىء قدراً ) [ الطلاق : 3 ] .

 

" ومن اشتغل بالله عن نفسه كفاه الله مئونة نفسه ، ومن اشتغل بالله عن الناس كفاه الله مئونة الناس ، ومن اشتغل بنفسه عن الله وكَله الله إلى نفسه ، ومن اشتغل بالناس عن الله وكله الله إليهم " (1) .

 

ومما يحقق للعبد السلامة في هذا الباب ألا يجعل الدنيا مبلغ علمه وأكبر همه ، وفي الحديث ( من جعل الهموم همّاً واحداً هم المعاد كفاه الله هم دنياه ، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك ) رواه ابن ماجه .

 

وروى ابن أبي شيبة عن أبي عون قال : " كان أهل الخير إذا التقوا يوصي بعضهم بعضاً بثلاث ، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض بثلاث : من عمل لآخرته كفاه الله دنيا ، ومن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله الناس ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته " .

 

 

 

 

________________________

(1) "الفوائد" لابن القيم (ص 197)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الكفيل ، الوكيل

 

قال تعالى : ( ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ) [ النحل : 91] .

وقال تعالى : ( فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) [آل عمران : 173] .

 

و "الكفيل" معناه : القائم بأمور الخلائق المتكفل بأقواتهم وأرزاقهم .

 

وقوله تعالى : (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا )

[ النحل : 91] .

قيل : أي شهيداً ، وقيل : حافظاً ، وقيل : ضامناً .

 

هذا ؛ ومَن صدقَ مع الله بذلك ورضي به سبحانه كفيلاً أعانه على الوفاء ، ويسَّر له الأمر من حيث لا يحتسب .

 

و "الكفيل " معناه : الكافي الكفيل ، وهو عام وخاص :

 

أما العام : فيدل عليه قوله تعالى ( وهو على كل شىء وكيل ) [الأنعام : 102 ] .

وقوله تعالى : ( والله على كل شىء وكيل ) [ هود : 12 ] .

أي : المتكفل بأرزاق جميع المخلوقات وأقواتها ، القائم بتدبير شئون الكائنات وتصريف أمورها .

 

والخاص : يدلُّ عليه قوله تعالى : ( وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً ) [ النساء : 81] .

وقوله تعالى : ( وقالو حسبنا الله ونعم الوكيل ) [ آل عمران : 173 ] .

أي : نِعْمَ الكافي لمن التجأ إليه والحافظ لمن اعتصم به ، وهو خاص بعباده المؤمنين به المتوكلين عليه .

 

وحقيقة التوكل هو عمل القلب وعبوديته اعتماداً على الله وثقة به والتجاء إليه ، ورضا بما يقضيه له ، لعلمه بكفايته سبحانه وحسن اختياره لعبده إذا فوض إليه أموره مع قيامه بالأسباب المأمور بها واجتهاده في تحصيلها .

 

ففي التوكل جمع بين أصلين :

1- اعتماد القلب على الله وحده لا شريك له

2- مع فعل الأسباب المأمور بها والقيام بها ، دون تعدٍّ إلى فعل سبب غير مأمور به ، أو سلوك طريق غير مشروع ، وقد جمع بين هذين الأصلين في نصوص كثيرة كقوله تعالى : ( فاعبده وتوكل عليه )

[ هود : 123 ] .

وقوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) [ الفاتحة : 5 ] .

 

والتوكل مصاحب للمؤمن الصادق في أموره كلها الدينية والدنيوية ، فهو مصاحب له في صلاته وصيامه وحجه وبره وغير وغير ذلك من أمور دنيه ، ومصاحب له في جلبه للرزق وطلبه للمباح وغير ذلك من أموردنياه ، فهو نوعان :

 

,, توكل عليه في جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية أو دفع مكروهاته ومصائبه .

,, وتوكل عليه في حصول ما يحبه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والصلاة والصيام والحج والجهاد والدعوة وغير ذلك .

 

******

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الغالب، النصير

 

 

ومن أسماء الله الحسنى : الغالب والنصير. وقد ورد اسم الله ( الغالب ) في موضع واحد من القرآن؟ وهو قول الله تعالى : ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ {يوسف}(21)).

 

وورد اسمه ( النصير) في أربعة مواضع؟ وهي قوله تعالى: ( فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ){ الأنفال }(40) وقوله: ( وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً ) {النساء}(45) ، وقوله: ( وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) {الحج}(78))، وقوله : ( وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً ){الفرقان}(31).

 

والغالب : معناه الذي يفعل ما يشاء لا يغلبه شيء ولا يرد حكمه راد ، ولا يملك أحد رد ما قضاه ، أو منع ما أمضاه ، قال القرطبي – رحمة الله - : فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الله – سبحانه وتعلى – هو الغالب على الإطلاق ، فمن تمسك به فهو الغالب ولو أن جميع من في الأرض طالب قال تعالى : ( كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ) {المجادلة :21} ومن أعرض عن الله تعالى وتمسك بغيره كان مغلوباً وفي حبائل الشيطان مقلوباً 0

 

والنصير : معناه الذي تولى نصر عباده ، وتكفل بتأييد أوليائه ، والدفاع عنهم ، والنصر لا يكون إلا منه ولا يتحقق إلا بمنه ، فالمنصور من نصره الله ، إذ لا نصر للعباد سواه ، ولا حافظ إلا هو ، قال الله تعالى : ( إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ) {161 آل عمران }وقال تعالى : ( أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَكُمْ يَنصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ){الملك 20} وقال تعالى : ( وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ){البقرة : 107- التوبة : 116- العنكبوت : 22} وقال تعالى : ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ){الروم :47}.

 

وقد ذكر الله – سبحانه – في موضع عديدة من القرآن الكريم منته على أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ){غافر:51}وقال تعالى : ( لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ فِي مَوَاطِن كَثِيرَةٍ َ){التوبة :25} وقال تعالى : (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114) وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنْ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ (116) ) {الصافات : 114-116}.

 

وأخبرهم أنهم لا يطلبون نصرهم إلا منه ، ولا يلجئون لنيله إلا إليه ، ففي دعاء نوح – عليه السلام - : (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ){المؤمنون :26}وفي دعاء لوط – عليه السلام – (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ){العنكبوت :30}وفي دعاء نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين : ( أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ){البقرة :286} وفي سنن أبي داود وقره عن آنس بن مالك – رضى الله عنه – قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا غزا قال : " اللهم أنت عضدي ونصيري بك أحول وبك أصول وبك أقاتل " .

 

وأخيراً – سبحانه - أن الكفار لا ناصر لهم ، قال الله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ){آل عمران:56}، وقال تعالى : (بَلْ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ){الروم : 29} ، وقال تعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ) محمد : 13 ، وقال تعالى للمؤمنين : ( وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (23)) ( الفتح : 22- 23) ، وهو خطاب للمؤمنين الذين قاموا بحقائق الإيمان الظاهرة و الباطنة بأنهم هو المنصورون وأن العاقبة الحميدة لهم فى الدنيا و الآخرة.

 

و لهذا فإن المؤمنين ما لم يجاهدوا أنفسهم على تحقيق الإيمان و الإتيان بمقومات النصر على الأعداء , لا يتحقق لهم نصر ؛ بل يتسلط عليهم أعداؤهم بسبب ذنوبهم وتقصيرهم , قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " وحيث ظهر الكفار فإنما ذلك لذنوب المسلمين التى أوجبت نقص إيمانهم , ثم إذا تابوا بتكميل إيمانهم نصرهم الله كما قال الله تعالى : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ( آل عمران : 139 )

 

وقال تعالى : (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ( آل عمران : 165 ) فيحتاج العباد للانتصار على العدو الظاهر أن يجاهدوا العدو الباطن من النفس الأمارة بالسوء و الشيطان فما لم ينتصروا على هذا العدو فلا نصر لهم 0

قال ابن القيم – رحمه الله – فى بيانه لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ( العنكبوت :69 ) قال : " علق – سبحانه – الهداية بالجهاد ؛ فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا وأفرض الجهاد : جهاد النفس و جهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا فمن جاهد هذه الأربعة فى الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته , و من ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد و لا يتمكن من جهاد عدوه الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنه , فمن نصر عليها نصر على عدوه و من نصرت عليه نصر عليه عدوه 0

 

و قال – رحمه الله - : " فإذا ضعف الإيمان صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بما تركوه من طاعة الله تعالى , فالمؤمن عزيز, عالم, مؤيد , منصور, مكفى مدفوع عنه بالذات أين كان , ولو اجتمع عليه من بأقطارها إذا قام بحقيقة الإيمان وواجباته ظاهراً وباطنا , وقد قال الله تعالى للمؤمنين : (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) ( محمد : 35 ) فهذا الضمان إنما هو بإيمانهم و أعمالهم التى هى جند من جنود الله يحفظهم بها , و لا يفردها عنهم , ويقتطعها عنهم , فيبطلها عليهم , كما يتر الكافرين والمنافقين أعمالهم ؛ إذ كانت لغير الله , ولم تكن موافقة لأمره 0

 

هذا ونسأل الله الكريم أن يصلح أحوال المسلمين , وأن يقيهم شر أعدائهم , و أن يحفظ على المسلمين أمنهم و إيمانهم , وأن يكف بأس الذين كفروا , والله أشد بأساس , وأشد تنكيلا , وأن يعز دينه , ويعلى كلمته , وأن ينصرنا على القوم الكافرين , و الله – عز وجل – حافظ لمن لجأ إليه , وكاف من اعتصم به , فنعم المولى و نعم النصير .

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكن حبيباتى

 

بإذن الله سأعود للتكملة

 

وقفت عند اسم الله الهادى صـــ 3

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكن الله خيرا حبيباتي و كل من شاركت

@

 

@

 

جعله الله في موازين حسناتكن

رحلة روحانية جميلة سبحت فيها في معاني اسماء الله جل شأنه و تقدست صفاته

بوركتن يا غاليات

  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

رائع جدا اللهم بارك

و حزينة على نفسي جدا أني لم أتي هنا من قبل

> ويجب أن أصرخ ببعض الناس ^^

سأفرش بإذن لله قلبي معكن هنا حتى يرتوي بمعرفة الله سبحانه و تعالى

بارك الله فيكن و جزاكن الله الفردوس الأعلى من غير حساب ولا سابقة عذاب

آمين

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله

 

الحبيبة @@هدوء الفجر

حفظها الله تعتذر عن وضع الأسماء هذه الفترة نظرًا للاختبارات نسأل الله أن يعين الجميع و يفتح عليهم برحمته و توفيقه

 

@@أم يُمنى

و فيك بارك الرحمن يا غالية

في انتظارك عودتك بإذن الله تعالى ()

 

@@تالية القران

و جزاك خير الجزاء خالتو الغالية

فعلًا صدقت و ما أجملها حينما يكون الحديث كله عن الله سبحانه و تعالى و عز و جل

نسأل الله أن تكون حجة لنا لا علينا و ينفعنا و يرزقنا العمل بها على الوجه الذي يرضيه ()

 

@@همسة أمل ~

 

جزاك الله خيرًا يا غالية و الحمد لله الذي جعلك تهتدي للموضوع

اللهم آمييين آمين و لك بمثل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

العزيز، الجبار

...

 

و قد ذكر هذان الاسمان معًا في قوله تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون} [الحشر: 23]، و لم يرد اسم الجبار في القرءان إلا في هذه الآية، و أما العزيز فقد ورد في القرءان ما يقرب من مائة مرة

و العزيز أي: الذي له جميع معاني العزَّة، كما قال سبحانه: {إن العزة لله جميعًا} [يونُس: 65]، أي: الذي له العزة بجميع معانيها، و هي ترجع إلى ثلاثة معانٍ كلها ثابتة لله عز و جل على التمام و الكمال.

,,

 

المعنى الأول: عزة القوة، و هي وصفه العظيم الذي لا تنسب إليه قوة المخلوقات و إن عظمت، قال الله تعالى: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [الذاريات: 58]، و قال تعالى: {أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} [فصلت: 15]

المعنى الثاني: عِزة الامتناع، فإنه الغني بذاته فلا يحتاج إلى أحد، لا يبلغ العباد ضره فيضرونه، و لا نفعه فينفعونه، بل هو الضارُّ النافع، المعطي المانع، منزّه سبحانه عن مغالبة أحد، و عن أن يقدر عليه، و عن جميع ما لا يليق بعظمته و جلاله من العيوب و النقائص، و كل ما ينافي كماله، و عن اتخاذ الأنداد و الشركاء، قال الله تعالى: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلامٌ على المرسلين، و الحمد لله رب العالمين} [الصافات: 180-182]، و قال تعالى: {قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم} [سبأ: 27].

,,

 

المعنى الثالث: عزة القهر و الغلبة لجميع الكائنات، فهي كلها مقهورة لله خاضعة لعظمته منقادة لإرادته، و نواصي جميع المخلوقين بيده، لا يتحرَّك منها متحرك، و لا يتصرف متصرف إلا بحوله و قوته و إذنه، فما شاء الله كان و ما لم يشأل لم يكن، و لا حول و لا قوة إلا بالله

...

 

و من آثار الإيمان بهذا الاسم أن يكون ذلُّ العبد لله وحده، لا يلتجئ إلا إليه، و لا يحتمي إلا بحماه، و لا يلوذ إلا بجنابه، و لا يطلب عزه إلا منه {من كان يريد العزة فللهِ العزة جميعًا} [فاطر: 10و كلما كان العبد أعظم تحقيقًا لذلك كان نيله للعزة أمكن {و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين} [المنافقون: 8]

...

و العزة بمعنى القهر هي أحد معاني الجبَّار

فإن من معاني الجبار أي: أنه القاهر لكل شيء، الذي خضع له كل شيء، فالعالم العلوي و السفلي بما فيهما من المخلوقات العظيمة كلها قد خضعت في حركتها و سكناتها، و ما تأتي و ما تذر لمليكها و مدبرها، فليس لها من الأمر شيء، بل الأمر كله لله، و الحكم الشرعي و الجزائي كله له، لا رب غيره، و لا إله سواه.

 

و ليس معنى هذا أن العبد مجبور على فعل نفسه، بل الأمر كما قال الله تعالى: {و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر} [الكهف: 29]

...

و الجبار له ثلاثة معانٍ:

 

,, الأوَّل: بمعنى القهار كما تقدم

,, الثاني: يرجع إلى لطف الرحمة و الرأفة، فهو الذي يجبر الكسير، و يغني الفقير، و ييسر العسير، و يجبر المريض و المصاب بتوفيقه للصبر و تيسير المعافاة له، مع تعويضه على مصابه أعظم الأجر، و يجبر خبرًا خاصًا قلوبَ الخاضعين لعظمته و جلاله، و قلوب المحبين له الخاضعين لكماله، الراجين لفضله و نواله، بما يفيضه على قلوبهم من المحبة و أنواع المعارف و التوفيق الإلهي، و الهداية و الرشاد

..

 

و قول الداعي: (اللهم اجبرني) يراد به هذا الجبر الذي حقيقته إصلاح العبد و دفع جميع المكاره و الشرور عنه، و قد كان النبي –صلى الله عليه و سلم- يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي و ارحمني و اجبرني و اهدني و ارزقني" [رواه الترمذي: (284)]

,, الثالث: أي: العليّ على كل شيء، الذي له جميع معاني العلو: علو الذات، و علو القدر، و علو القهر.

 

و قد كان نبينا –صلى الله عليه و سلم- يعظم ربه في ركوعه و سجوده بذكر جبروت الله عز و جل الدال عليه اسمه الجبّار، فعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: "قمت مع رسول الله –صلى الله عليه و سلم- ليلةَ، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمةٍ إلا وقف فسأل، و لا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوَّذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت و الملكوت و الكبرياء و العظمة، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة" [رواه الإمام أحمد: (6/ 24)]

...

 

و الجبروت لله وحده، و من تجبّر من الخلق باء بسخط الله، و استحق وعيده، و قد توعد جل و علا من كان كذلك بالنكال الشديد و الطبع على القلوب و دخول النار يوم القيامة، قال الله تعالى: {كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} [غافر: 35]، و قال تعالى: {و استفتحوا و خاب كل جبار عنيد، من ورائه جهنم و يسقى من ماء صديد، يتجرعه و لا يكاد يسيغه و يأتيه الموت من كل مكان و ما هو بميت و من ورائه عذاب غليظ} [إبراهيم: 15- 17]

 

و قال النبي –صلى الله عليه و سلم-: "يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما، و أذنان يسمع بهما، و لسان ينطق به، فيقول: إني وكِّلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، و بكل من ادعى مع الله إلهًا آخر، و المصورين" [رواه الترمذي: (2574)]

 

نعوذ بالله من النار، و من سخط الجبار، و نعوذ به سبحانه من منكرات الأخلاق و الأهواء و الأدواء، إنه تبارك و تعالى سميع الدعاء.

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

القريب ، المجيب

 

...

 

 

و قد جمع الله بين هذين الأسمين في قوله : ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ)[هود : 61]

 

و لم يَرد (( المجيب )) في غير هذا الموضع، و أما (( القريب )) فقد ورد في موضعين آخرين هما : قوله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [ البقرة: 186 ] ، و قوله تعالى : (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) [ سبأ: 50].

,,

وقرب الله الذي تدلُّ عليه هذه الآيات هو قربٌ خاصٌ من العابدين المحبَّين و الدّاعين المستجيبين، قربٌ لا يدرك له حقيقة، و إنما تُعلَمُ آثارُه من لطفه بهم، و توفيقه لهم ، وعنايته بهم و من آثاره إجابته للدّاعين، و إثباته للعابدين، كما قال سبحانه: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [ غافر:60 ]

 

 

وقد ثبت في السنَّة أحاديث عديدة تدلُّ على قرب الله عزّ وجل من عباده المؤمنين و أوليائه المتّقين، يسمع دعاءَهم، و يجيب نداءَهم، ويعطيهم سُؤلَهم، ففي (( الصّحيحين)) عن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه قال: (( كنّا مع النبي صلى الله عليه و سلم في سفر، فجعل النّاسُ يجهرون بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: اربَعُوا على أنفسكم، إنَّكم ليس تَدعُون أَصَمَّ ولا غائباً، إنّكم تدعونَ سميعاً قريباً، وهو معكم)). [ رواه البخاري ( 7386)].

 

 

...

 

 

و اسمه تعالى (( المجيب)) يدلُّ على أنه سبحانه يسمع دعاء الدّاعين ، و يجب سؤال السّائلين، ولا يخيّب مؤمناً دعاه، ولا يرد مسلماً ناجاه، و يحبُّ سبحانه أن يسأله العبادُ جيمع مصالحهم الدّينية و الدّنيوية، من الطَّعام و الشَّراب و الكسوة و المسكن، كما يسألونه الهداية و المغفرة و التّوفيق و الصّلاح و الإعانة على الطّاعة، ونحو ذلك، ووعدهم على ذلك كلَّه بالإجابة مهما عظمت المسألة، وكثر المطلوب، وتنوّعت الرَّغباتُ، وفي هذا دلالةُ على كمال قدرة الله سبحانه و كمال ملكه، و أنَّ خزائنه لا تنفد و لا تنقص بالعطاء، ولو أعطى الأوَّلين و الآخرين من الجنّ و الإنس و أجابهم في جميع ما سألوه ، كما في الحديث القدسي: (( يا عبادي لو أنَّ أوّلكم و آخركم و إنسكم و جِنَّكم قاموا في صعيد واحدٍ فسألوني ، فأعطيت كلَّ إنسنا مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر )) [ رواه مسلم : (( 25 77 ))، وهو طرف من حديث أبي ذر رضي الله عنه]

 

وفي حديث النزول الإلهييقول صلى الله عليه وسلم: (( ينزلُ ربُّنا تبارك و تعالى كلَّ ليلة إلى السّماء الدُّنيا حين يبقى ثلثُ اللَّيل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيبَ له، من يسألُني فأعطيَه، من يستغفرني فأغفرَ له)) [متفق عليه، رواه مسلم (( 758 ))]

 

 

 

فهذه النصوص و مافي معناها تدل دلالة بيّنة أن الله تبارك و تعالى لا يرد من سأله من عباده المؤمنين، ولا يخيب من رجاه،

لكن قد يستشكل في هذا أن جماعة من العبَّاد و الصلحاء قد دعوا و بالغوا ولم يجابوا، و الجواب:

,, أن الإجابة تتنوَّع: فتارة يقع المطلوب بعينه على الفور، و تارة يقع ولكن يتأخر لحكمة، وتارة تقع الإجابة ولكن بغير عين المطلوب حيث لا يكون في المطلوب مصلحة ناجزة و في الواقع مصلحة

ناجزة أو أصلح منها، وقد تدخّر له أجراً ومثوبة يوم القيامة.

...

 

 

و إن من أثر الإيمان باسم الله (( المجيب)) أن يقوَى يقينُ العبد بالله، ويعظم رجاؤه و يزيد إقباله عليه و طمعه فيما عنده، و يذهب عنه داءُ القنوط من رحمته أو اليأس من روحه.

و كيف لا يكون المسلم واثقّا بربَّه الجواد الكريم المحسن، وهو سبحانه بيده ملكوتُ كلَّ شيء، فما شاء كان في الوقت الذي يشاء على الوجه الذي يشاء، من غير زيادة ولا نقصان، ولا تقدّم ولا تأخّر، و حكمه سبحانه نافذ في السموات و أقطارها، وفي الأرض و ما عليها و ما تحتها ، و في البحار و الجوّ، وفي سائر أجزاء العالم و ذرَّاته، يقلبها و يصرفها و يحدث فيها ما يشاء، له الخلق و الأمر، وله الملك و الحمد، وله الدنيا و الآخرة ، وله النعمة والفضل ، وله الثناء الحسن (يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) [ الرحمن: 29 ]، تبارك الله ربّ العالمين.

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكن على هذه السلسة المباركة

جعلها الله في ميزان حسناتكن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

الوارث

...

 

و قدر وَرد هذا الاسم في القرءان الكريم في ثلاثة مواضع كلها بصيغة الجمع، و هي قوله تعالى (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ )[ الحجر : 23 ] ، و قوله تعالى : ( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ) [ الأنبياء : 89 ] ، وقوله تعالى : (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ) [ القصص : 58 ].

,,

و معنى (( الوارث ))، أي: الباقي بعد فناءِ الخلق، فكلُّ مَن سواه زائل، و كلُّ مَن عداه فانٍ، وهو جلَّ و علا الحيُّ الذي لا يموت، الباقي الذي لا يزول، إليه المرجع و المنتهى، و إليه المآل و المصير ، يفني الملاك أملاكهم، و يرث تبارك الخلقَ أجمعين، لأنه باقٍ وهم فانون ، و دائمٌ وهم زائلون.

فقوله : ( وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ) أي : نرث الأرض و من عليها، بأن نُميتَ جميعهم فلا يبقى حيٌّ سوانا إذا جاء ذلك الأجل ، إذا الجميع يفنى و كلٌّ يموت، و يبقى الله وحده الحيّ الذي لا يموت.

و قال عزَّ و جلَّ : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ) [ مريم : 40 ]، و في هذا تنبيهٌ لمن أَلهَته الدنيا و شَغَلته عمَّا خُلِقَ لأجله و أُوجِد لتحقيقه، أنَّ الدنيا و ما فيها من أولها إلى آخرها ستذهب عن أهلها، و يذهبون عنها، وسيرث الله عزَّ وجل الأرض ومن عليها، ويُرجِعُهم إليه فيُجازيهم بما عملوا فيها.

و كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن حمد الله و أثنى عليه، ثم قال: (( أمّا بعد، فإنّكم لم تُخلقوا عبثاً، ولن تُتركوا سُدى، و إنّ لكم معاداً ينزل الله فيه للحكم بينكم و الفصل بينكم، فخاب و خسر مَن خرج مِن رحمة الله، و حرم جنّة عرضها السموات و الأرض، ألم تعلموا أنّه لا يأمن غداً إلاّ من حذر هذا اليوم و خافه، وباع نافذاً بباق، و قليلاً بكثير، و خوفاً بأمان، ألا ترون أنّكم من أصلاب الهالكين، و سيكون من بعدكم الباقين حتى تُردّون إلى خير الوارثين؟!.

ثم إنّكم في كلّ يوم تشيَّعون غادياً و رائحاً إلى الله عزّ و جلّ، قد قضى نحبه، و انقضى أجله، حتّى تغيِّبوه في صدع من الأرض، في بطن صَدع غير ممهّد ولا مُسّود، قد فارق الأحباب و باشر التراب، وواجه الحساب ، مرتَهن بعمله ، غني عمّا ترك، فقير إلى ما قدّم.

فاتقوا الله عبدا الله قبل انقضاء مواثقيه، و نزول الموت بكم. ثم جعل طرف ردائه على وجهه، فكى و أبكى من حوله))[رواه ابن أبي حاتم، كما في ( تفسير ابن كثير)(5/494)].

...

 

و قد حثَّ الله عبادَه المؤمنين على النَّفقة في سبيله مِنَ المال الذي مَنَّ عليهم به، و جعلهم مُستَخلَفين فيه، مُذكِّراً لهم بأنه الوارثُ سبحانه، قال تعالى: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) [ الحديد: 7 ]، إلى أن قال: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) [ الحديد: 10 ].

ثم إنَّ الله عز و جلّ هو المالك للسموات و الأرض، و المالك لكل شيء، و الأرض له سبحانه يورثها من يشاء من عباده.

قال تعالى : (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) [ الأعراف : 128 ].

و الجنة دار كرامته يورثها من يشاء من عباده (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا ( 61 ) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ( 62 ) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا ( 63 ) [ مريم : 61/63 ]

و كتابه عزَّ و جل هو كتاب الهداية و العزَّ و الفلاح، يورثه سبحانه من اصطفاهم لمنُّته و اجتباهم لكرامته ، قال تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) [ فاطر: 32 ]، فكلهم قد اصطفاهم الله لوراثة هذا الكتاب ، وإن تفاوتت مراتبهم ، و تمايزت أحوالهم ، فلكلٍّ منهم قسط و نصيب من وراثته.

 

...

ثم إنَّ التوسُّل إلى الله بهذا الاسم داخلٌ في عموم قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [ الأعراف: 180] ، ولا سيما بمراعات المناسبة بين المطلوب و الاسم المذكور كما في دعاء نبي الله زكريا عليه السلام، قال تعالى : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (*) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) [ الأنبياء 89/90]، و في الآية الأخرى قال : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (*) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) [ مريم 5/6].

و الإرث المذكور هنا إنما هو إرثُ علمٍ و نبوَّةٍ و دعوةٍ إلى الله عز و جلّ لا إذث مالٍ، و قد توسّل عليه السلام في هذا السياق باسم الله الوارث مراعاة لمناسبة المسألة و المطلوب.

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

القاهر ,’ القهَّار

 

و قد ورد القهار في ستة مواضع من القرءان، و ورد القاهر في موضعين من القرءان كلاهما في سورة الأنعام، و هما قوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: 18]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً} [الأنعام: 61]

...

 

و القهار صيغة مبالغة من القاهر و معناهما: الذي قهر جميع الكائنات و ذلت له جميع المخلوقات، و دانت لقدرته و مشيئته مواد و عناصر العالم العلوي و السفلي، فلا يحدث حادث و لا يسكن ساكن إلا بإذنه، و ما شاء كان و ما لم يشأ لم يكن، و جميع الخلق فقراء إلى الله عاجزون، لا يملكون لأنفسهم نفعًا و لا ضرًا و لا خيرًا و لا شرًا

 

وكونه تبارك وتعالى قهارا مستلزما لكمال حياته وكمال عزته وكمال قدرته .وقد أتى اسم الله في جميع مواضع وروده مضموما إلى اسمي (الله) و (الواحد)

...

 

الموضع الأول: ورد في سياق إبطال يوسف عليه السلام للشرك و بيان فساده و ضلال أهله، مخاطبًا صاحبي السجن: {يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار، ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم و آباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون} [يوسف: 39/ 40]

فبين لهما عليه السلام بطلان الشرك بقوله: {أأرباب} أي: عاجزة ضعيفة لا تضر و لا تنفع، و هي متفرقة ما بين أشجار و أحجا و ملائكة و أموات و غير ذلك، {خيرٌ أم الله} الذي له صفات الكمال و نعوت الجلال، {الواحد} في ذاته و صفاته و أفعاله لا شريك له، {القهار} الذي انقادت جميع الأشياء لقهره و سلطانه

..

 

الموضع الثاني: في سياق بيان بطلان ما عليه المشركون من اتخاذ الأوثان و الأنداد مع أنها لا تملك لنفسها نفعًا و لا ضرًا، و يتركون عبادة الله الواحد القهار و إخلاص الدين له

 

قال الله تعالى: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }[الرعد: 16]

 

قال ابن سعدي-رحمه الله –في تفسير هذه الآية مبينًا وجه دلالة اسم الله القاهر على بطلان الشرك : (فإنه لا توجد الوحدة والقهر إلا لله وحده ، فالمخلوقات كل مخلوق فوقه مخلوق يقهره ،ثم فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه ،حتى ينتهي القهر للواحد القهار،فالقهر والتوحيد متلازمان متعينان لله وحده ،فتبين بالدليل العقلي القاهر ،أن ما يُدعى من دون الله ليس له شيء من خلق المخلوقات ،وبذلك كانت عبادته باطلة)

..

 

الموضع الثالث: في سياق التهديد و الوعيد للكفار المشركين بالهلاك و حلول النقمة بهم يوم يبرزون لله الواحد القهار مسلسلين بالأصفان من النار و عليهم ثياب من قطران و تغشى وجوههم النار

 

قال الله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب} [إبراهيم: 48/ 51]

..

 

الموضع الرابع: في سياق تقرير تفرد الله بالألوهية، قال تعالى {قل إنما أنا منذر و ما من إله إلا الله الواحد القهار، رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار} [ص: 65/ 66]

 

قال ابن سعدي رحمه الله في تفسيرها: (هذا تقرير لألوهيَّته، بهذا البرهان القاطع، و هو وحدته تعالى، و قهره لكل شيء، فإن القهر ملازم للوحدة، فلا يكون قهاران متساويين في قهرهما أبدًا، فالذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الذي لا نظير له، و هو الذي يستحق أن يعبد وحده، كما كان قاهرًا وحده)

..

 

الموضع الخامس: ورد فيه هذا الاسم في سياق بيان تنزه الله عن الشرك

قال تعالى: {و الذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار، لو أراد الله أن يتخذ ولدًا لاصطفى مما يخلف ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار} [الزمر: 3/ 4]

..

 

الموضع السادس: في سياق التهديد و الوعيد للمشركين يوم بروزهم لله الواحد القهار لا يخفى عليه سبحانه شيء من أعمالهم أو ذواتهم

قال تعالى: {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار}

 

فجميع هذه المواضع السِّت تدل دلالة ظاهرة على التلازم بين اسميه الواحد القهَّار، فالواحد لا يكون إلا قهارًا، و القهار لا يكون إلا واحدًا، و ذلك و لا ريب ينفي الشركة و يبطل اتخاذ الأنداد

 

و بهذا التقرير و العرض يتبين التلازم بين التوحيد و الإيمان باسم الله القهار، و أن من لازم الإقرار بتفرده بالقهر أن يفرد وحده بالعبادة، و به يعلم فساد الشرك، إذ كيف يسوى المصنوع من التراب بربّ الأرباب؟! و كيف تسوّى المخلوقات المقهورة بالله الواحد القهّار؟! تعالى الله عما يشركون و سبحانه الله عما يصفون

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

المتكبِّر

...

 

و قد ورد هذا الاسم في موضع واحد من القرءان ، وهو قوله تعالى :{ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر : 23]

 

و (المتكبر) اسم يدل على وصفه سبحانه بالتكبر و الكبرياء ،و التاء في (المتكبر) ليست تاء التعاطي و التكلف، و إنما هي تاء التفرد و الاختصاص، فالكبرياء وصفه سبحانه الذي لا يليق إلا به

,,

 

قال قتادة : "هو الذي تكبر عن كل سوء"، و قال أيضًا : "الذي تكبر عن السيئات"، و قال أيضًا : "الذي تكبر عن كل شر"

و قال مقاتل : المتعظِّم عن كل سوء

و قال أبو إسحاق السبيعي: الذي يكبر عن ظلم عباده

و قال ميمون بن مهران: تكبَّر عن السوء و السيئات فلا يصدر منه إلا الخيرات

و جماع ذلك أن هذا الاسم يدل على تعالِي الله عن صفات الخلق، وتعظُّمه سبحانه عن مماثلتهم أو أن يماثلوه ، و رفعته سبحانه عن كل نقص و عيب ،فهو المتكبر عن الشر و عن السوء و عن الظلم و عن كل نقص، و هذا متضمن ثبوت الكمال له سبحانه في أسمائه و صفاته و أفعاله

,,

كما كان يجمع ذلك رسول الله –صلى الله عليه و سلم- في تسبيحه لربه سبحانه في ركوعه و سجوده حيث كان يقول: "سبحان ذي الجبروت و الملكوت و الكبرياء و العظمة"

 

و أما العبد المخلوق فمقامه العبودية و الخضوع و الذل وا لانكسار و الركوع و السجود للكبير للمتعال العظيم ذي الجلال، و لعل في هذا سرًا من أسرار ذكر الله بالتكبير عند الخفض للركوع و الخفض للسجود، و ذكر كبريائه سبحانه و عظمته حال الركوع والسجود.

 

و أما إذا استكبر العبد ولا سيما عن الغاية التي أوجد لأجلها و خُلِقَ لتحقيقها ، و هي عبادة الله و إفراده وحده بالذل و الخضوع و الانكسار؛ فإن الله يعاقبه بأعظم العقاب ،و يخزيه في الدنيا و الآخرة

..

,. و قد ذكر سبحانه في مواضع عديدة من كتابه العزيز نماذج من المستكبرين من الأشخاص و الأمم ،و بيَّن ما أحلَّ بهم في الدنيا من العقاب ،و ما أعدَّ لهم في الآخرة من النكال ،و ذلك لتستبين سبيل المجرمين ،و ليكون في ذكر حالهم عظة للمتَّعظين و عبرة للمعتبرين

 

فذكر سبحانه إمام المستكبرين إبليس عدوّ الله و عدوّ دينه و عدوّ عباده المؤمنين، قال تعالى: {إلا إبليس استكبر و كان من الكافرين} [ص: 74]، و ذكر فرعون و تكبُّره على الحقِّ هو وجنوبه، قال تعالى: {و اسكتبر هو و جنوده في الأرض بغير الحق} [القصص: 39]

,,

 

و ذكر سبحانه من التكبرين الوليدَ بنَ المغيرة معاندَ الحقِّ و المبارزَ لله و لرسوله بالمحاربة و المشاقَّة، فذمَّه الله ذمًّا لم يذمَّه غيرَه، و هذا جزاء المعاندين المستكبرين، قال تعالى: {ذرني و من خلقت وحيدًا، و جعلت له مالًا ممدودًا، و بنين شهودًا، و مهدت له تمهيدًا، ثم يطمع أن أزيد، كلا إنه كان لآياتنا عنيدًا، سأرهقه صعودًا، إنه فكر و قدر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر، ثم نظر، ثم عبس و بسر، ثم أدبر و استكبر، فقال إنَّ هذا إلا سحر يؤثَر، إنْ هذا إلا قول البشر، سأصليه سقر} [المدثر: 11/ 26]

 

و عجبًا ثم عجبًا من هؤلاء الطغاه سفهاء العقول و الأحلام كيف رضوا لأنفسهم الاستكبار عن عبادة الواحد القهار، و الاستنكاف عن الإخلاص للعزيز الغفَّار، ثم صرفوا عبادهم و ذلَّهم و خضوعهم لحجر من الأحجار، أو شجرة من الأشجار، أو لأي مخلوق ليس له إلا الذل و الافتقار، فلا إله إلا الله كيف ذهبت عقولهم عن الحق و الهدى، و عميت أبصارهم عن النور و الضياء، و سبحان الله ما أشنعها من حال

*..

 

يقول الله تعالى: {و إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذي لا يؤمنون بالآخرة و إذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} [الزمر: 45]

 

أَلَا ما أسفَهها مِن عقول، نعوذ بالله من الضلال، و نسأله سبحانه أن يرزقنا الذلَّ لجنابه، و أن يُعيذنا من سبيل المستكبرين، فهو وحده تبارك و تعالى المانُّ و المعين

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الغالية صمت الامل بارك الله لك و جزاك خيرا

الله جل جلاله جامع لكل صفات الجمال و الجلال

اسماؤه سبحانه و تعالي جنة لقلب المؤمن حين يتعلق بها و يعيش معانيها

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمته وبركاته

 

جزاكن الله خيرا يا حبيبات

 

ولى عودة بإذن الله تعالى للقراءة

 

سلسلة فقه الأسماء بارك الله فيكن ونفع بكن

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

النُّور

...

 

وقد ورد هذا الاسم في القرءان الكريم في قوله تعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [ النور: 35]

..

 

وقد أفاد هذ النّص و غيره من النّصوص الواردة في هذا الباب تسمية الرّب سبحانه نوراً، و بأن له نوراً مضافا إليه، و بأنه نورُ السموات و الأرض، و بأنّ حجابه نور، فهذه أربعة أنواع:

الأول: إطلاقة عليه سبحانه اسماً

,,

 

الثاني: إضافته إليه و صفاً، كما يضاف إليه حياته و سمعه و بصره و سائر صفاته، و تارة يضاف إلى وجهه كقوله في الحديث: (( أعوذ بنور وجهك ))، و تارة يضاف إلى ذاته كقوله تعالى: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا) [ الزمر: 69 ].

,,

 

الثالث: إضافة نوره إلى السموات و الأرض، كقوله: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).

,,

 

الرابع: ذكرُ أن حجابه النّور، كما في الحديث الصّحيح: (( حجابه النُّور، لو كشفه لأحرقت سُبُحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصرُه من خلقه)).

 

...

 

قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في كلام جامع له في بيان معنى هذا الاسم، و توضيح مدلوله:

(( النُّور من أوصافه تعالى على نوعين:

نور حسَّيّ: وهو ما اتصف به من النور العظيم، الذي لو كشف الحجاب عن وجهه لأحرقت سُبُحاتُ وجهه ونور جلاله ما انتهى إليه بصره من خلقه، و هذا النور لا يمكن التعبير عنه إلا بمثل هذه العبارة النبوية المؤدية للمعنى العظيم، و أنه لا تطيق المخلوقات كلها الثبوت لنور وجهه لو تبدَّى لها، ولولا أن أهل دار القرار يعطيهم الرب حياة كاملة، و يعينهم على ذلك لما تمكَّنوا من رؤية الرب العظيم، و جميع الأنوار في السموات العلوية كلها من نوره، بل نور جنات النعيم التي عرضها السموات و الأرض ــ و سَعَتُها لا يعلمها إلَّا الله ــ من نوره، فنور العرش و الكرسي و الجنات من نوره، فضلا عن نور الشمس و القمر و الكواكب.

..

 

و النوع الثاني: نوره المعنوي، وهو النور الذي نوَّر قلوب أنبيائه و أصفيائه و أوليائه و ملائكته، من أنوار معرفته و أنوار محبته، فإن لمعرفته في قلوب أوليائه المؤمنين أنوارًا بحسب ما عرفوه من نعوت جلاله، وما اعتقدوه من صفات جماله، فكل وصف من أوصافه له تأثير في قلوبهم، فإن معرفة المولى أعظم المعارف كلها، و العلم به أجل العلوم، و العلم النافع كله أنوار في القلوب، فكيف بهذا العلم الذي هو أفضل العلوم و أجلها و أصلها و أساسها.

فكيف إذا انضم إلى هذا نور محبته و الإنابة إليه، فهنالك تمتلئ أقطار القلب و جهاته من الأنوار المتنوعة و فنون اللذات المتشابهة في الحسن و النعيم.

فمعاني العظمة و الكبرياء و الجلال و المجد تملأ قلوبهم من أنوار الهيبة و التعظيم و الإجلال و التكبير.

و معاني الجمال و البر و الإكرام: تملأها من أنوار المحبة و الود و الشوق.

 

و معاني الرحمة و الرأفة و الجود و اللطف: تملأ قلوبهم من أنوار الحب النامي على الإحسان، و أنوار الشكر و الحمد بأنواعه و الثناء.

,,

 

و معاني الألوهية: تملأها من أنوار التعبد، وضياءِ التقرُّب، و سناءِ التّحبب، و أسرار التودُّد، و حرية التعلق التام بالله رغبةً و رهبة، و طلبا و إنابة، وانصراف القلب عن تعلقه بالأغيار كلها.

 

و معاني العلم و الإحاطة و الشهادة و القرب الخاص: تملأ قلوبهم من أنوار مراقبته، وتوصلهم إلى مقام الإحسان الذي هو أعلى المقامات كلها، أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

فكل معنى ونعت من نعوت الرب يكفي في امتلاء القلب من نور، فيكف إذا تنوعت و تواردت على القلوب الطاهرة الزكية الذكية.

...

 

هذا، ولمَّا كان النور من أسمائه سبحانه و صفاته كان دينه نورا، و رسوله نورا، وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورا يتلألأ، و النور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين، و يجري على ألسنتهم، و يظهر على وجوههم، ويتم تبارك و تعالى عليهم هذا النور يوم القيامة، كما قال سبحانه: (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [ التحريم:8 ]

 

***

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×