اذهبي الى المحتوى
عروس القرءان

|| صفحة مدارسة التفسير|| ..~ ليدبروا آياته ~..

المشاركات التي تم ترشيحها

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)}

 

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

 

فالصابرين, هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة, والمنحة الجسيمة،

 

ثم وصفهم بقوله: { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ }

وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره.

 

{ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ }

أي: مملوكون لله, مدبرون تحت أمره وتصريفه, فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها, فقد تصرف أرحم الراحمين, بمماليكه وأموالهم, فلا اعتراض عليه

 

بل من كمال عبودية العبد, علمه, بأن وقوع البلية من المالك الحكيم, الذي أرحم بعبده من نفسه، فيوجب له ذلك, الرضا عن الله, والشكر له على تدبيره, لما هو خير لعبده, وإن لم يشعر بذلك

 

ومع أننا مملوكون لله, فإنا إليه راجعون يوم المعاد, فمجاز كل عامل بعمله،

فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورا عنده،

وإن جزعنا وسخطنا, لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر،

 

فكون العبد لله, وراجع إليه, من أقوى أسباب الصبر.

 

 

 

 

-------------- --------------

 

 

* من تفسير الوسيط للإمام الطنطاوي -رحمه الله- :

 

ثم بعد أن بين - سبحانه - مواطن تضطرب فيها النفوس أردف ذلك يذكر عاقبة الصبر ، وجزائه الأسنى

 

فقال : ( وَبَشِّرِ الصابرين . الذين إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) .

 

الخطاب في قوله : ( وَبَشِّرِ ) للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من تتأتى منه البشارة .

والجملة عطف على ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ ) عطف المضمون على المضمون

أي : الابتلاء حاصلكم وكذا البشارة لكن لمن صبر .

و ( مُّصِيبَةٌ ) اسم فاعل من الإِصابة ، والمراد بها الآلام الداخلة على النفس بسبب ما ينالها من الشدائد والمحن .

و ( رَاجِعونَ ) من الرجوع بمعنى مصير الشيء إلى ما كان عليه ،

يقال : رجعت الدار إلى فلان إذا كلها مرة ثانية ، وهو نظير العود والمصير .

والمعنى : وبشر يا محمد بالرحمة العظيمة والإِحسان الجزيل ، أولئك الصابرين الذين من صفاتهم أنهم إذا نزلت بهم مصيبة ، في أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم ، أو غير ذلك ، قالوا : بألسنتهم وقلوبهم على سبيل التسليم المطلق لقضاء الله والرضا بقدره

 

( إِنَّا للَّهِ ) أي : إنا لله ملكا وعبودية ، والمالك يتصرف في ملكه ويقلبه من حال إلى حال كيف يشاء ،

 

( وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) أي : وإنا إليه صائرون يوم القيامة فيجازينا على ما أمرنا به من الصبر والتسليم لقضائه عند نزول الشدائد التي ليس في استطاعتنا دفعها .

فقولهم : ( إِنَّا للَّهِ ) إقرار بالعبودية والملكية لله رب العالمين .

 

وقولهم ( وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) أي : وإنا إليه صائرون يوم القيامة فيجازينا على ما أمرنا به من الصبر والتسليم لقضائه عند نزول الشدائد التي ليس في استطاعتنا دفعها . إقرار بصحة البعث والحساب والثواب والعقاب يوم القيامة .

 

 

وليست هذه البشارة موجهة إلى الذين يقولون بألسنتهم هذا القول مع الجزع وعدم الرضا بالقضاء والقدر

 

وإنما هذه البشارة موجهة إلى الذين يتلقون المصائب بالسكينة والتسليم لقضاء الله لأول حلولها

 

يشير إلى هذا قوله - تعالى - : ( الذين إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ ) فإنه يدل على أنهم يقولون ذلك وقت الإِصابة " ويصرح بهذا قوله صلى الله عليه وسلم " الصبر عند الصدمة الأولى " .

 

وهذه الجملة الكريمة وهي قوله - تعالى - : ( الذين إِذَآ أَصَابَتْهُم ) . . إلخ

وصف كريم لأولئك الصابرين ، لأنها أفادت أن صبرهم أكمل الصبر ، إذ هو صبر مقترن ببصيرة مستنيرة جعلتهم يقرون عن عقيدة صادقه أنهم ملك لله يتصرف فيهم كيف يشاء ، ومن ربط نفسه بعقيدة أنه ملك لله وأن المرجع إليه ، يكون بذلك قد هيأها للصبر الجميل عند كل مصيبة تفاجئه .

قال القرطبي : جعل الله هذه الكلمات وهي قوله - تعالى - ( إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) ملجأ لذوي المصائب ، وعصمة للممتحنين ، لما جمعت من المعاني المباركة ،

 

فإن قوله ( إِنَّا للَّهِ ) توحيد وإقرار بالعبودية والملك

 

وقوله ( وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) إقرار بالهلك على أنفسنا والبعث من قبورنا ، واليقين أن رجعوا الأمر كله إلى ربهم كما هو له .

 

قال سعيد بن جبير : لم تعط هذه الكلمات نبياً قبل نبينا ، ولو عرفها يعقوب لما قال : يا أسفي على يوسف " .

هذا ، ولا يتنافى مع الصبر ما يكون من الحزن عند الحصول المصيبة ، فقد ورد في الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم بكى عند موت ابنه إبراهيم وقال : العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون " .

وإنما الذي ينافيه ويؤاخذ الإِنسان عليه ، الجزع المفضي إلى إنكار حكمة الله فيما نزل به من بأساء أو ضراء ، أو إلى فعل ما حرمه الإِسلام من نحو النياحة وشق الجيوب ، ولطم الخدود .

 

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

قال الله تعالى: { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } (157)

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ أُولَئِكَ } الموصوفون بالصبر المذكور { عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ } أي: ثناء وتنويه بحالهم { وَرَحْمَةٌ } عظيمة، ومن رحمته إياهم, أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } الذين عرفوا الحق, وهو في هذا الموضع, علمهم بأنهم لله, وأنهم إليه راجعون, وعملوا به وهو هنا صبرهم لله.

ودلت هذه الآية, على أن من لم يصبر, فله ضد ما لهم, فحصل له الذم من الله, والعقوبة, والضلال والخسار،

 

فما أعظم الفرق بين الفريقين وما أقل تعب الصابرين, وأعظم عناء الجازعين،

 

فقد اشتملت هاتان الآيتان على توطين النفوس على المصائب قبل وقوعها, لتخف وتسهل, إذا وقعت، وبيان ما تقابل به, إذا وقعت, وهو الصبر، وبيان ما يعين على الصبر, وما للصابر من الأجر، ويعلم حال غير الصابر, بضد حال الصابر.

وأن هذا الابتلاء والامتحان, سنة الله التي قد خلت, ولن تجد لسنة الله تبديلا، وبيان أنواع المصائب.

 

 

 

 

 

 

 

-------------------

 

من تفسير الإمام القرطبي -رحمه الله- :

قوله تعالى: { أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة } هذه نعم من الله عز وجل على الصابرين المسترجعين.

وصلاة الله على عبده: عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياه في الدنيا والآخرة.

وقال الزجاج: الصلاة من الله عز وجل الغفران والثناء الحسن.

 

ومن هذا الصلاة على الميت إنما هو الثناء عليه والدعاء له ، وكرر الرحمة لما اختلف اللفظ تأكيدا وإشباعا للمعنى ، كما قال: { من البينات والهدى } ، وقوله { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم } .

 

وقال الشاعر:

صلى على يحيى وأشياعه رب كريم وشفيع مطاع

 

وقيل: أراد بالرحمة كشف الكربة وقضاء الحاجة.

 

وفي البخاري وقال عمر رضي الله عنه: نعم العدلان ونعم العلاوة: الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. أراد بالعدلين الصلاة والرحمة ، وبالعلاوة الاهتداء. قيل: إلى استحقاق الثواب وإجزال الأجر ، وقيل: إلى تسهيل المصائب وتخفيف الحزن.

 

------------------

 

من تفسير الوسيط للإمام الطنطاوي -رحمه الله- :

ثم بين- سبحانه- ما أعده للصابرين من أجر جزيل فقال: { أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } .

 

{ أُولئِكَ } اسم اشارة، أتى به- سبحانه- للتنبيه على أن المشار إليه هم الموصوفون بجميع الصفات السابقة على اسم الإشارة، وأن الحكم الذي ورد بعد مترتب على هذه الأوصاف.

 

والصلوات جمع صلاة. وصلاة الله على عباده إقباله عليهم. بالثناء والعطف والمغفرة.

وجمعت مراعاة لكثرة ما يترتب عليها من أنواع الخيرات في الدنيا والآخرة.

 

الرحمة كما هو مذهب السلف- صفة قائمة بذاته- تعالى- لا نعرف حقيقتها وإنما نعرف أثرها الذي هو الإحسان.

 

وعطف- سبحانه- الرحمة على الصلوات ليدل على أن بعد ذلك الإقبال منه على عباده إنعاما واسعا، وعطاء جزيلا في الدنيا والآخرة.

 

وجاءت الرحمة مفردة على أصل المصادر وهو الإفراد، والمَقام في الآية يذهب بذهن السامع إلى كثرة الإنعام المترتب على الصبر الجميل.

 

 

والجملة { أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ } استئنافية جواب عن سؤال تقديره: بماذا بشر الله الصابرين؟ فكان الجواب: أولئك عليهم صلوات ... إلخ.

 

والمعنى: أولئك الصابرون المحتسبون الموصوفون بتلك الصفات الكريمة، عليهم مغفرة عظيمة من خالقهم، وإحسان منه- سبحانه- يشملهم في دنياهم وآخرتهم { وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } لطريق الصواب بالتسليم وقت صدمة المصيبة دون غيرهم ممن جزعوا عند صدمتها، حتى صدر عنهم ما لم يأذن به الله.

 

 

هذا، وفي فضل الصبر والصابرين وردت آيات كثيرة، وأحاديث متعددة

 

أما الآيات فيزيد عددها في القرآن على سبعين آية منها قوله- تعالى-: { وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وقوله وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ }

وقوله: { أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا }

وقوله: { إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ إلى غير ذلك من الآيات } .

 

وأما الأحاديثفمنها ما جاء في صحيح مسلّم عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها. قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت: من خير من أبي سلمة: صاحب رسول الله؟ ثم عزم الله لي فقلتها: قالت: فتزوجني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

 

ومنها ما رواه الإمام أحمد بسنده عن أبي سنان قال: دفنت ابنا لي. وإني لفي القبر أخذ بيدي أبو طلحة «يعني الخولاني» فأخرجني وقال: ألا أبشرك؟ قال قلت: بلى. قال: حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عوزب عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال الله- تعالى-: يا ملك الموت، قبضت ولد عبدي، قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده؟ قال: نعم.

قال فماذا قال؟ قال حمدك واسترجع. قال الله- تعالى-: ابنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد.

 

ومنها ما رواه الشيخان عن أبى سعيد وأبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ما يصيب المسلّم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.

 

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي وردت في ثواب الاسترجاع وفي أجر الصابرين وفضلهم.

 

 

ثم تحدث- سبحانه- عن شعيرة من شعائر الحج فقال:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } (158)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يخبر تعالى أن الصفا والمروة وهما معروفان { مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } أي أعلام دينه الظاهرة, التي تَعَبَّد الله بها عباده,

وإذا كانا من شعائر الله, فقد أمر الله بتعظيم شعائره فقال: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ }

فدل مجموع النصين أنهما من شعائر الله, وأن تعظيم شعائره, من تقوى القلوب.

 

والتقوى واجبة على كل مُكَلَّف, وذلك يدل على أن السعي بهما فرض لازم للحج والعمرة, كما عليه الجمهور, ودلت عليه الأحاديث النبوية وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " خذوا عني مناسككم "

 

{ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } هذا دَفْعٌ لِوَهْمِ مَن تَوَهَّمَ وتَحَرَّجَ من المسلمين عن الطواف بينهما, لكونهما في الجاهلية تُعبد عندهما الأصنام، فنفى تعالى الجُناح لدفع هذا الوهم, لا لأنه غير لازم.

 

ودل تقييد نفي الجُناح فيمن تَطَوَّفَ بهما في الحج والعمرة, أنه لا يتطوع بالسعي مفردا إلا مع انضمامه لحج أو عمرة، بخلاف الطواف بالبيت, فإنه يشرع مع العمرة والحج, وهو عبادة مفردة.

 

فأما السعي والوقوف بعرفة ومزدلفة, ورمي الجمار فإنها تتبع النسك، فلو فعلت غير تابعة للنسك, كانت بدعة, لأن البدعة نوعان:

- نوع يتعبد لله بعبادة, لم يشرعها أصلا،

- ونوع يتعبد له بعبادة قد شرعها على صفة مخصوصة, فتفعل على غير تلك الصفة, وهذا منه.

 

وقوله: { وَمَنْ تَطَوَّعَ } أي: فعل طاعة مخلصا بها لله تعالى { خَيْرًا } من حج وعمرة, وطواف, وصلاة, وصوم وغير ذلك { فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ } فدل هذا, على أنه كلما ازداد العبد من طاعة الله, ازداد خيره وكماله, ودرجته عند الله, لزيادة إيمانه.

ودل تقييد التطوع بالخير, أن من تطوع بالبدع, التي لم يشرعها الله ولا رسوله, أنه لا يحصل له إلا العناء, وليس بخير له, بل قد يكون شرا له إن كان متعمدا عالما بعدم مشروعية العمل.

 

{ فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } الشاكر والشكور, من أسماء الله تعالى, الذي يقبل من عباده اليسير من العمل, ويجازيهم عليه, العظيم من الأجر, الذي إذا قام عبده بأوامره, وامتثل طاعته, أعانه على ذلك, وأثنى عليه ومدحه, وجازاه في قلبه نورا وإيمانا, وسعة, وفي بدنه قوة ونشاطا, وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء, وفي أعماله زيادة توفيق.

ثم بعد ذلك, يقدم على الثواب الآجل عند ربه كاملا موفرا, لم تنقصه هذه الأمور.

 

ومن شكره لعبده, أن من ترك شيئا لله, أعاضه الله خيرا منه، ومن تقرب منه شبرا, تقرب منه ذراعا, ومن تقرب منه ذراعا, تقرب منه باعا, ومن أتاه يمشي, أتاه هرولة, ومن عامله, ربح عليه أضعافا مضاعفة.

ومع أنه شاكر, فهو عليم بمن يستحق الثواب الكامل, بحسب نيته وإيمانه وتقواه, ممن ليس كذلك، عليم بأعمال العباد, فلا يضيعها, بل يجدونها أوفر ما كانت, على حسب نياتهم التي اطلع عليها العليم الحكيم.

 

 

 

 

 

 

 

 

---------------

 

من تفسير الوسيط للإمام الطنطاوي -رحمه الله- :

قال الآلوسي: بعد أن أشار- سبحانه- فيما تقدم إلى الجهاد عقب ذلك ببيان معالم الحج، فكأنه جمع بين الحج والغزو، وفيهما شق الأنفس وتلف الأموال.

وقيل لما ذكر الصبر عقبه ببحث الحج لما فيه من الأمور المحتاجة إليه».

 

والصَّفا في اللغة: الحجر الأملس، مأخوذ من صفا يصفوا إذا خلص، واحده صفاة فهو مثل حصى وحصاة ونوى ونواة.

والْمَرْوَةَ في أصل اللغة: الحجر الأبيض اللين، وقيل: الحصاة الصغيرة.

 

وهما- أي الصفا والمروة- قد جعلا علمين لجبلين معروفين بمكة كانا على بعد ما يقرب من ألف ذراع من المسجد الحرام. والألف واللام فيهما للتعريف لا للجنس. ومع توسعة المسجد الحرام صارا متصلين به.

 

والشعائر جمع شعيرة، من الإشعار بمعنى الإعلام، ومنه قولك شعرت بكذا، أي:

علمت به.

وكون الصفا والمروة من شعائر الله، أي: أعلام دينه ومتعبداته. تعبدنا الله بالسعي بينهما في الحج والعمرة.

 

وشعائر الحج: معالمه الظاهرة للحواس، التي جعلها الله أعلاما لطاعته، ومواضع نسكه وعباداته، كالمطاف والمسعى والموقف والمرمى والمنحر.

 

وتطلق الشعائر على العبادات التي تعبدنا الله بها في هذه المواضع، لكونها علامات على الخضوع والطاعة والتسليم لله- تعالى-.

 

وأكدت الجملة الكريمة بإن لأن بعض المسلمين كانوا مترددين في كون السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله، وكانوا يظنون أن السعي بينهما من أحوال الجاهلية، كما سنبين بعد قليل.

 

 

وقوله: { فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما } تفريع على كونهما من شعائر الله وأن السعي بينهما في الحج والعمرة من المناسك.

 

والحج لغة: القصد مطلقا أو إلى معظم.

وشرعا: القصد إلى البيت الحرام في زمان معين بأعمال مخصوصة.

 

و{ اعْتَمَرَ } أي: زار.

والعمرة الزيارة ، مأخوذة من العمارة ، كأن الزائر يعمر البيت الحرام بزيارته.

وشرعا الزيارة لبيت الله المعظم بأعمال مخصوصة وهي: الإحرام والطواف والسعي بين الصفا والمروة.

 

والجُناح- بضم الجيم- الإثم والحرج مشتق من جَنَحَ إذا مال عن القصد، وسمي الإثم به للميل فيه من الحق إلى الباطل.

 

و{ يَطَّوَّفَ } أصلها يتطوف، فأبدلت التاء طاء، وأدغمت في الطاء فصارت «يطوف.

والتطوف بالشيء كالطواف به، ومعناه: الإلمام بالشيء والمشي حوله.

 

وقد فسر النبي صلّى الله عليه وسلّم الطواف بالنسبة للكعبة بالدوران حولها سبعة أشواط.

وفسره بالنسبة للصفا والمروة بالسعي بينهما سبعة أشواط كذلك.

 

و «من» في قوله: { فَمَنْ حَجَّ } شرطية، «وحج» في محل جزم بالشرط،

و { الْبَيْتَ } منصوب على المفعولية، وجملة «فلا جناح عليه أن يطوف بهما» جواب الشرط.

 

والمعنى: إن الصفا والمروة من شعائر الله، أي: من المواضع التي يقام فيهما أمر من أمور دينه وهو السعي بينهما

 

{ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ } أي: قصده بالأفعال المعينة التي شرعها الله { أَوِ اعْتَمَرَ } أي: أتى بالعمرة كما بينتها تعاليم الإسلام «فلا جناح عليه أن يطوف بهما» أي: فلا إثم ولا حرج ولا مؤاخذة عليه في الطواف بهما، لأنهما مطلوبان للشارع، ومعدودان من الطاعات.

 

وهنا قد يقول قائل: إن بعض الذين يقرءون هذه الآية قد يشكل عليهم فهمها وذلك لأن قوله- تعالى-: { إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ } يدل على أن الطواف بهما مطلوب شرعا ، طلبا أقل درجاته الندب،

وقوله- تعالى-: { فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما } يقتضي رفع الإثم عن المتطوف بهما،

والتعبير برفع الإثم عن الشيء يأتي في مقام الدلالة على إباحته،

 

وإذن فما الأمر الداعي إلى أن يقال في هذه الشعيرة: لا إثم على من يفعلها بعد التصريح بأنها من شعائر الله؟

وللإجابة على هذا القول نقول. إن الوقوف على سبب نزول الآية الكريمة يرفع هذا الاستشكال.

وقد روى العلماء في سبب نزولها عدة روايات منها:

ما رواه البخاري عن عروة بن الزبير قال: سألت عائشة- رضي الله عنها- قلت لها: أرأيت قوله- تعالى-: { إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ... }

فو الله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة؟ قالت بئس ما قلت يا ابن أختي!! إن هذه الآية لو كانت كما أولتها لكانت: لا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكن الآية أنزلت في الأنصار. كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشعر. فكان من أهل يتحرج أن يتطوف بالصفا والمروة. فلما أسلموا سألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك؟ فقالوا:

يا رسول الله: إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله- تعالى- هذه الآية.

قالت عائشة: وقد سن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما.

 

وهناك رواية لمسلّم عن عروة عن عائشة تشبه ما جاء في رواية البخاري،

 

وهناك رواية للنسائي عن زيد بن حارثة قال: كان على الصفا والمروة صنمان من نحاس يقال لهما «إساف ونائلة» كان المشركون إذا طافوا تمسحوا بهما.

 

وهناك رواية للطبراني وابن أبى حاتم بإسناد حسن من حديث ابن عباس قال: قالت الأنصار: إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله هذه الآية.

 

 

فيؤخذ من هذه الروايات أن بعض المسلمين كانوا يتحرجون من السعي بين الصفا والمروة لأسباب من أهمها

- أن هذا السعي كان من شعائرهم في الجاهلية فقد كانوا يهلون -أي يحرمون- لمناة، ثم يسعون بينهما ليتمسحوا بصنمين عليهما، وهم لا يريدون أن يعملوا في الإسلام شيئا مما كان من أمر الجاهلية ؛ لأن دين الإسلام الذي خالط أعماق قلوبهم هز أرواحهم هزا قويا ، وجعلهم ينظرون بجفوة وازدراء واحتراس إلى كل ما كانوا عليه في الجاهلية من أعمال تتنافى مع تعاليم دينهم الجديد، فنزلت هذه الآية الكريمة لتزيل التحرج الذي كان يتردد في صدورهم من السعي بين الصفا والمروة.

وهذا يدل على قوة إيمانهم، وصفاء يقينهم، وتحرزهم من كل قول أو عمل يشم منه رائحة التعارض مع العقيدة التي جعلتهم يخلصون عبادتهم لله الواحد القهار.

 

 

وقوله { وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ } تذييل قصد منه الإتيان بحكم كلي في أفعال الخيرات كلها، وقيل إنه تذييل لما أفادته الآية من الحث على السعي بين الصفا والمروة.

 

و { تَطَوَّعَ } من التطوع وهو فعل الطاعة فريضة كانت أو نافلة، وقيل هو التطوع بالنفل خاصة.

 

و { شاكِرٌ } من الشكر، والشاكر في اللغة هو المُظهر للإنعام عليه، وذلك مُحال في حق الله -تعالى-، إذ هو المنعم على خلقه، فوجب حمل شكر الله لعباده على معنى مجازاتهم على ما يعملون من خيرات، وإثابتهم على ذلك بالثواب الجزيل.

 

قال الإمام الرازي: وإنما سمى- سبحانه- المجازاة على الطاعة شكرا لوجوه:

الأول: أن اللفظ خرج مخرج التلطف مع العباد مبالغة في الإحسان إليهم، كما في قوله- تعالى-: { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } وهو- سبحانه- لا يستقرض من عَوَز، ولكنه تلطف في الاستدعاء كأنه قيل: من ذا الذي يعمل عمل المقرض. بأن يقدم فيأخذ أضعاف ما قدم.

الثاني: أن الشكر لما كان مقابلا للإنعام أو الجزاء عليه، سمي كل ما كان جزاء شكرا على سبيل التشبيه.

الثالث: كأنه يقول: أنا وإن كنت غنيا عن طاعتك، إلا أني أجعل لها من الموقع بحيث لو صح على أن أنتفع بها لما ازداد وقعه على ما حصل.

 

وبالجملة فالمقصود أن طاعة العبد مقبولة عند الله، وواقعة موقع القبول في أقصى الدرجات.

و { مِنْ } شرطية.

و { تَطَوَّعَ } فعل الشرط،

و { خَيْراً } منصوب على نزع الخافض، وأصله بخير ؛ لأن تطوع يتعدى بالباء ولا يتعدى بنفسه ، ثم حذفت الباء في نظم الكلام نحو: تمرون الديار فلم تعوجوا.

أو هو منصوب على أنه نعت لمصدر محذوف أي: تطوعا خيرا،

 

وجملة { فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ } دليل على جواب الشرط، إذ التقدير، ومن تطوع خيرا جوزي فإن الله شاكر عليم.

والمعنى: ومن تطوع بالخيرات وأنواع الطاعات، أو من أتى بالحج أو العمرة طاعة لله، أو من أتى بهما مرة بعد مرة زيادة على المقروض أو الواجب عليه، فاز بالثواب الجزيل، والنعيم المقيم ؛ لأن من صفاته- سبحانه- مجازاة من يحسنون العمل، وهو عليم بكل ما يصدر عن عباده، ولن يضيع أجر من أحسن عملا.

 

هذا، وقد اختلفت أقوال الفقهاء في حكم السعي بين الصفا والمروة.

فمنهم من يرى أنه من أركان الحج كالإحرام والطواف والوقوف بعرفة.

وإلى هذا الرأي ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل ومالك في أشهر الروايتين عنه ، ومن حججهم أنه من أفعال الحج، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد اهتم به وبادر إليه، فقد روى الشيخان عن عمرو بن دينار قال:

سألنا ابن عمر عن رجل طاف بالبيت العمرة، ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته؟ فقال:

قدم النبي صلّى الله عليه وسلّم فطاف بالبيت سبعا وصلّى خلف المقام ركعتين، وطاف بين الصفا والمروة. وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» .

 

ومنهم من يرى أنه واجب يجبر بالدم، وإلى هذا الرأي ذهب الحنفية ومن حججهم أنه لم يثبت بدليل قطعي فلا يكون ركنا.

 

ومنهم من يرى غير ذلك كما هو موضح في كتب الفقه.

 

 

ثم حض- سبحانه- على إظهار الحق وبيانه، وتوعد بالعقاب الشديد من يعمل على إخفائه وكتمانه.

فقال- تعالى:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

* مَعدود: ( اسم )

الجمع: معدودون و معدودات. مفعول من عَدَّ.

عدَّ فلانًا عالِمًا: اعتبره.

 

 

 

* ندب ندبا فهو مندوب ( اسم مفعول )، والمندوب عن شخص ما هو النائب عنه.

والمندوب في الأحكام هو المستحب.

و المَنْدُوبُ ( في الشرع ) : المستحبّ.

( في الفقه ) أمرٌ مستحبٌّ فعلُه من غير تحتيم ولا إلزام.

 

 

 

* اِقتَضَى: ( فعل )

اقْتَضَى أَمْراً: اسْتَلْزَمَهُ.

 

 

* تَعارَضَ: ( فعل )

تعارضت الأقوالُ: تقاطعت ، تضاربت ولم تتطابق ، تعارضت آراؤهم.

تَعارُض: ( اسم )

بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ فِي الآرَاءِ: تَبَايُنٌ ، اِخْتِلاَفٌ.

 

 

 

* تَذييل: ( اسم )

مصدر ذيَّلَ / ذيَّلَ في.

تَذيِيلُ الكِتَابِ: إِضَاَفَةُ زِيَادَةٍ فِي آخِرِهِ.

تَذْيِيلُ الكَلاَمِ: إِرْدَافُهُ بِكَلاَمٍ كَتَتِمَّةٍ لَهُ.

التَّذْييل ( في علم المعانى ) : تَعقيب جملةٍ بأُخرى تشمل على معناها تأكيدًا لها.

 

 

 

* اِستَقرَضَ: ( فعل )

استقرضَ يستقرض ، اسْتقراضًا ، فهو مُستقرِض ، والمفعول مُستقرَض.

استقرضَ من صديقه مالاً: طلب منه قَرْضًا ، استلف منه.

 

 

 

* عَوَز: ( اسم )

العَوَزُ : الحاجَةُ واختلالُ الحالِ.

رَجُلٌ عَوِزٌ: مُفْتَقِرٌ ، مُحْتَاجٌ.

 

 

* استدعاء ( اسم )

تَلَقَّى اسْتِدْعَاءً لِحُضُورِ الحَفْلَةِ: دَعْوَةً.

اسْتَدْعاهُ: صَاح به. / اسْتَدْعاهُ: طلبه واستلزمه.

 

 

 

* قَطعيّ: ( اسم )

اسم منسوب إلى قَطْع

لا شكَّ فيه ، ما هو مؤكّد بالضرورة ولا يحتاج إلى تجربة.

قَطْعيًّا: بدون شكّ.

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

 

قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } (159)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب, وما كتموا من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته, فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله { مِنَ الْبَيِّنَاتِ } الدالات على الحق المظهرات له، { وَالْهُدَى } وهو العلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم, ويتبين به طريق أهل النعيم, من طريق أهل الجحيم، فإن الله أخذ الميثاق على أهل العلم, بأن يبينوا الناس ما منّ الله به عليهم من علم الكتاب ولا يكتموه، فمن نبذ ذلك وجمع بين المفسدتين, كتم ما أنزل الله, والغش لعباد الله، فأولئك { يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ } أي: يبعدهم ويطردهم عن قربه ورحمته.

{ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } وهم جميع الخليقة, فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة, لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم, وإبعادهم من رحمة الله, فجوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير, يصلي الله عليه وملائكته, حتى الحوت في جوف الماء, لسعيه في مصلحة الخلق, وإصلاح أديانهم, وقربهم من رحمة الله, فجوزي من جنس عمله، فالكاتم لما أنزل الله, مضاد لأمر الله, مشاق لله, يبين الله الآيات للناس ويوضحها، وهذا يطمسها فهذا عليه هذا الوعيد الشديد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

----------------

 

من تفسير الإمام القرطبي -رحمه الله- :

قوله تعالى: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون }

وفيه سبع مسائل:

الأولى: أخبر الله تعالى أن الذي يكتم ما أنزل من البينات والهدى ملعون.

واختلفوا من المراد بذلك ،

فقيل: أحبار اليهود ورهبان النصارى الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد كتم اليهود أمر الرجم.

وقيل:المراد كل من كتم الحق ، فهي عامة في كل من كتم علما من دين الله يحتاج إلى بثه ،

وذلك مفسر في قوله صلى الله عليه وسلم: من سئل عن علم يعلمه فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار. رواه أبو هريرة وعمرو بن العاص أخرجه ابن ماجه.

ويعارضه قول عبد الله بن مسعود: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.

وقال عليه السلام: حدث الناس بما يفهمون أتحبون أن يكذب الله ورسوله.

وهذا محمول على بعض العلوم ، كعلم الكلام أو ما لا يستوي في فهمه جميع العوام ، فحكم العالم أن يحدث بما يفهم عنه ، وينزل كل إنسان منزلته ، والله تعالى أعلم.

 

الثانية: هذه الآية هي التي أراد أبو هريرة رضي الله عنه في قوله: لولا آية في كتاب الله تعالى ما حدثتكم حديثا.

وبها استدل العلماء على وجوب تبليغ العلم الحق ، وتبيان العلم على الجملة ، دون أخذ الأجرة عليه ، إذ لا يستحق الأجرة على ما عليه فعله ، كما لا يستحق الأجرة على الإسلام ، وقد مضى القول في هذا.

 

وتحقيق الآية هو: أن العالم إذا قصد كتمان العلم عصى ، وإذا لم يقصده لم يلزمه التبليغ إذا عرف أنه مع غيره.

وأما من سئل فقد وجب عليه التبليغ لهذه الآية وللحديث.

أما أنه لا يجوز تعليم الكافر القرآن والعلم حتى يسلم ،

وكذلك لا يجوز تعليم المبتدع الجدال والحجاج ليجادل به أهل الحق ،

ولا يعلم الخصم على خصمه حجة يقطع بها ماله ،

ولا السلطان تأويلا يتطرق به إلى مكاره الرعية ،

ولا ينشر الرخص في السفهاء فيجعلوا ذلك طريقا إلى ارتكاب المحظورات ، وترك الواجبات ونحو ذلك.

 

يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم ولا تضعوها في غير أهلها فتظلموها.

 

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تعلقوا الدر في أعناق الخنازير ، يريد تعليم الفقه من ليس من أهله.

وقد قال سحنون: إن حديث أبي هريرة وعمرو بن العاص إنما جاء في الشهادة.

قال ابن العربي: والصحيح خلافه; لأن في الحديث ( من سئل عن علم ) ولم يقل عن شهادة ، والبقاء على الظاهر حتى يرد عليه ما يزيله ، والله أعلم.

 

الثالثة: قوله تعالى: { من البينات والهدى } يعم المنصوص عليه والمستنبط ، لشمول اسم الهدى للجميع.

وفيه دليل على وجوب العمل بقول الواحد; لأنه لا يجب عليه البيان إلا وقد وجب قبول قوله ، وقال: { إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا } فحكم بوقوع البيان بخبرهم.

فإن قيل: إنه يجوز أن يكون كل واحد منهم منهيا عن الكتمان ومأمورا بالبيان ليكثر المخبرون ويتواتر بهم الخبر.

قلنا: هذا غلط; لأنهم لم ينهوا عن الكتمان إلا وهم ممن يجوز عليهم التواطؤ عليه ، ومن جاز منهم التواطؤ على الكتمان فلا يكون خبرهم موجبا للعلم ، والله تعالى أعلم.

 

الرابعة: لما قال: { من البينات والهدى } دل على أن ما كان من غير ذلك جائز كتمه ، لا سيما إن كان مع ذلك خوف فإن ذلك آكد في الكتمان.

وقد ترك أبو هريرة ذلك حين خاف فقال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم. أخرجه البخاري.

قال أبو عبد الله: البلعوم مجرى الطعام.

قال علماؤنا: وهذا الذي لم يبثه أبو هريرة وخاف على نفسه فيه الفتنة أو القتل إنما هو مما يتعلق بأمر الفتن والنص على أعيان المرتدين والمنافقين ، ونحو هذا مما لا يتعلق بالبينات والهدى ، والله تعالى أعلم.

 

الخامسة: قوله تعالى: { من بعد ما بيناه } الكناية في بيناه ترجع إلى ما أنزل من البينات والهدى. والكتاب: اسم جنس ، فالمراد جميع الكتب المنزلة.

 

السادسة: قوله تعالى: { أولئك يلعنهم الله } أي يتبرأ منهم ويبعدهم من ثوابه ويقول لهم: عليكم لعنتي ، كما قال للعين: وإن عليك لعنتي. وأصل اللعن في اللغة الإبعاد والطرد ، وقد تقدم.

 

السابعة: قوله تعالى: { ويلعنهم اللاعنون } قال قتادة والربيع: المراد ب اللاعنون الملائكة والمؤمنون.

قال ابن عطية: وهذا واضح جار على مقتضى الكلام.

وقال مجاهد وعكرمة: هم الحشرات والبهائم يصيبهم الجدب بذنوب علماء السوء الكاتمين فيلعنونهم.

قال الزجاج: والصواب قول من قال: اللاعنون الملائكة والمؤمنون ، فأما أن يكون ذلك لـدواب الأرض ، فلا يوقف على حقيقته إلا بنص أو خبر لازم ولم نجد من ذينك شيئا.

قلت: قد جاء بذلك خبر رواه البراء بن عازب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: { يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } قال: ( دواب الأرض ) . أخرجه ابن ماجه عن محمد بن الصباح أنبأنا عمار بن محمد عن ليث عن أبي المنهال عن زاذان عن البراء إسناد حسن.

 

فإن قيل: كيف جمع من لا يعقل جمع من يعقل؟

قيل: لأنه أسند إليهم فعل من يعقل ، كما قال: { رأيتهم لي ساجدين } ولم يقل ساجدات ، وقد قال: { لم شهدتم علينا } ، وقال: { وتراهم ينظرون إليك } ، ومثله كثير ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

وقال البراء بن عازب وابن عباس: اللاعنون كل المخلوقات ما عدا الثقلين: الجن والإنس ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكافر إذا ضرب في قبره فصاح سمعه الكل إلا الثقلين ولعنه كل سامع. وقال ابن مسعود والسدي: ( هو الرجل يلعن صاحبه فترتفع اللعنة إلى السماء ثم تنحدر فلا تجد صاحبها الذي قيلت فيه أهلا لذلك ، فترجع إلى الذي تكلم بها فلا تجده أهلا فتنطلق فتقع على اليهود الذين كتموا ما أنزل الله تعالى ، فهو قوله: { ويلعنهم اللاعنون } فمن مات منهم ارتفعت اللعنة عنه فكانت فيمن بقي من اليهود ) .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

----------------

 

من تفسير الوسيط للإمام الطنطاوي -رحمه الله- :

قال الآلوسي: أخرج جماعة عن ابن عباس قال: سأل معاذ بن جبل، وسعد بن معاذ، وخارجه بن زيد نفرا من أحبار يهود عما في التوراة من صفات النبي صلّى الله عليه وسلّم ومن بعض الأحكام فكتموا، فأنزل الله- تعالى- فيهم هذه الآية { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ... إلخ } .

 

والكتم والكتمان: إخفاء الشيء قصدا مع مسيس الحاجة إليه وتحقق الداعي إلى إظهاره.

وكتم ما أنزل الله يتناول إخفاء ما أنزله، وعدم ذكره للناس وإزالته عن موضعه ووضع شيء آخر موضعه، كما يتناول تحريفه بالتأويل الفاسد عن معناه الصحيح جريا مع الأهواء، وقد فعل أهل الكتاب ولا سيما اليهود- كل ذلك.

فقد كانوا يعرفون مما بين أيديهم من آيات أن رسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم حق، ولكنهم كتموا هذه المعرفة حسدا له على ما آتاه الله من فضله، كما أنهم حرفوا كلام الله وأولوه تأويلا فاسدا تبعا لأهوائهم.

 

والمراد «بما أنزلنا» ما اشتملت عليه الكتب السماوية السابقة على القرآن من صفات النبي صلّى الله عليه وسلّم ومن هداية وأحكام.

والمراد بـالكتاب جنس الكتب، فيصح حمله على جميع الكتب التي أنزلت على الرسل- عليهم السلام-. وقيل: المراد به التوراة.

و { الْبَيِّناتِ } جمع بينة، والمراد بها الآيات الدالة على المقاصد الصحيحة بوضوح، وهي ما نزل على الأنبياء من طريق الوحي.

والمراد «بالهدى» ما يهدي إلى الرشد مُطلقا فهو أعم من البينات، إذ يشمل المعاني المُسْتَمدّة من الآيات البينات عن طريق الاستنباط، والاجتهاد القائم على الأصول المُحْكَمَة.

 

و «اللعن» الطرد والإبعاد من الرحمة. يقال: لعنه، أي: طرده وأبعده ساخطا عليه، فهو لعين وملعون.

 

والمعنى: إن الذين يخفون عن قصد وتعمد وسوء نية ما أنزل الله على رسله من آيات واضحة دالة على الحق، ومن علم نافع يهدي إلى الرشد، من بعد ما شرحناه وأظهرناه للناس في كتاب يتلى، أولئك الذين فعلوا ذلك { يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ } بأن يبعدهم عن رحمته { وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } أي ويلعنهم كل من تتأتى منه اللعنة- كالملائكة والمؤمنين- بالدعاء عليهم بالطرد من رحمة الله لكتمانهم لما أمر الله بإظهاره.

وجملة { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ... إلخ } ، مستأنفة لبيان سوء عاقبة الكاتمين لما أمر الله بإظهاره، وأكدت «بإن» للاهتمام بهذا الخبر الذي ألقي على مسامع الناس.

وعبر في { يَكْتُمُونَ } بالفعل المضارع، للدلالة على أنهم في الحال كاتمون للبينات والهدى، ولو وقع بلفظ الماضي لتوهم السامع أن المقصود به قوم مضوا، مع أن المقصود إقامة الحجة على الحاضرين.

 

وقوله: { مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ } متعلق بـ يكتمون،

وقد دلت هذه الجملة الكريمة على أن معصيتهم بالكتمان في أَحَطِّ الدَّرَكات وأقبحها، لأنهم عمدوا إلى ما أنزل الله من هدى، وجعله بينا للناس في كتاب يقرأ، فكتموه قصدا مع تحقق المقتضى لإظهاره، وإنما يفعل ذلك من بلغ الغاية في سفاهة الرأي، وخبث الطَّوِيَّة.

 

واللام في قوله: { لِلنَّاسِ } للتعليل، أي: بيناه في الكتاب لأجل أن ينتفع به الناس، وفي هذا زيادة تشنيع عليهم فيما أتوه من كتمان، لأن فعلهم هذا مع أنه كتمان للحق، فهو في الوقت نفسه اعتداء على مستحقه الذي هو في أشد الحاجة إليه.

 

وقوله: { أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } يفيد نهاية الغضب عليهم، حتى لكأنهم تحولوا إلى ملعنة ينصب عليها اللعن من كل مصدر، ويتوجه إليها من كل من يستطيع اللعن ويؤديه.

 

والآية الكريمة وإن كانت نزلت في أهل الكتاب بسبب كتمانهم للحق، إلا أن وعيدها يتناول كل من كتم علما نافعا، أو غير ذلك من الأمور التي يقضي الدين بإظهارها، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ومن شواهد هذا العموم ما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا ثم تلا قوله- تعالى-: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ } إلى قوله: { الرَّحِيمُ } .

 

 

قال ابن كثير: وقد ورد في الحديث المسند من طرائق يشد بعضها بعضا عن أبي هريرة وغيره، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيام بلجام من نار» .

هذا، وينبغي أن يُعْلَمْ أن الإسلام وإن كان ينهى نهيا قاطعا عن كتم العلم الذي فيه منفعة للناس، إلا أنه يوجب على أتباعه -وخصوصا العلماء- أن يحسنوا ما ينشرونه على الناس من علم، ففي الحديث الشريف: حدثوا الناس بما يفهمون أتحبون أن يكذب الله ورسوله.

كما أنه يوجب عليهم أن يضعوا العلم في موضعه المناسب لمقتضى حال المخاطبين، فليس كل ما يُعْلَم يُقال، بل أحيانا يكون إخفاء بعض الأحكام مناسبا لأن إظهاره قد يستعمله الطغاة والسفهاء فيما يؤذي الناس،

وفي صحيح البخاري أن الحجاج قال لأنس بن مالك حدثني بأشد عقوبة عاقبها النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فذكر له أنس حديث العرنيين الذين قتلوا الرعاة واستاقوا الإبل، حيث قطع النبي صلّى الله عليه وسلّم أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا. فلما بلغ الحسن البصري ذلك قال: وددت أنه لم يحدثه؟؟ إنهم يتلقفون من ظاهره ما يوافق هواهم فيجعلونه ذريعة لهم فيما يعاملون به الناس من الظلم.

 

ومما يشهد بفقه بعض العلماء وحسن إدراكهم، ووضعهم العلم في موضعه المناسب: ما جاء في بعض الكتب أن سلطان قرطبة سأل يحيى بن يحيى الليثي عن حكم يوم أفطره في رمضان عامدا لأن شهوته غلبته على وطء بعض جواريه، فأفتاه بأن من الواجب عليه أن يصوم ستين يوما، وكان بعض الفقهاء جالسا فلم يجترئ على مخالفة يحيى. فلما انفض المجلس قيل له: لم خصصت الحكم بأحد المخيرات وكتمت العتق والإطعام؟ فقال- رحمه الله- لو فتحنا هذا الباب لوطئ كل يوم وأعتق أو أطعم، فحملته على الأصعب لئلا يعود.

فالإمام يحيى عند ما كتم عن السلطان الكفارتين الأخريين- وهما الإعتاق والإطعام- لا يعتبر مسيئا، لأنه قد أعمل دليل دفع مفسدة الجرأة على حرمة فريضة الصوم.

 

وهكذا نرى أن إظهار العلم عند تحقق المقتضى لإظهاره، ووضعه في موضعه اللائق به بدون خشية أو تحريف يدل على قوة الإيمان، وحسن الصلة بالله- تعالى-: { ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ } .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) }

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا } أي رجعوا عمّا هم عليه من الذنوب, ندما وإقلاعا, وعزما على عدم المعاودة

 

{ وَأَصْلَحُوا } ما فسد من أعمالهم، فلا يكفي ترك القبيح حتى يحصل فعل الحسن.

ولا يكفي ذلك في الكاتم أيضا, حتى يبين ما كتمه, ويبدي ضد ما أخفى، فهذا يتوب الله عليه

 

لأن توبة الله غير محجوب عنها، فمن أتى بسبب التوبة, تاب الله عليه

 

لأنه { التَّوَّابُ } أي: الرجاع على عباده بالعفو والصفح, بعد الذنب إذا تابوا, وبالإحسان والنعم بعد المنع, إذا رجعوا

 

{ الرَّحِيمُ } الذي اتصف بالرحمة العظيمة, التي وسعت كل شيء

 

ومن رحمته أن وفقهم للتوبة والإنابة فتابوا وأنابوا

ثم رحمهم بأن قبل ذلك منهم, لطفا وكرما, هذا حكم التائب من الذنب.

 

 

 

* أَقْلَعَ: ( فعل )

أقْلَعَ عَنِ اللَّهْوِ : كَفَّ عَنْهُ ، تَرَكَهُ

 

* عَزَمَ: ( فعل )

عَزَمَ عَزْماً ، عَزيماً ، وعَزيمةً ، وعَزْمَةً ، ومَعزِمًا ، فهو عازم ، والمفعول معزوم - للمتعدِّي

عزَم الشَّخصُ : قصَد ونَوَى ،

 

* حَجَبَ: ( فعل )

حجَبَ يَحجُب ، حَجْبًا وحِجابًا ، فهو حاجِب ، والمفعول مَحْجوب - للمتعدِّي

حَجَبَ عَنْهُ الضَّوْءَ : سَتَرَهُ عَنْهُ

حَجَبَ بَيْنَهُما : حالَ بَيْنَهُما : مستورون عنه فلا يرونه

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)}

 

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

وأما من كفر واستمر على كفره حتى مات

ولم يرجع إلى ربه, ولم يتب إليه, ولم يتب عن قريب

 

فأولئك { عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }

لأنه لما صار كفرهم وصفا ثابتا, صارت اللعنة عليهم وصفا ثابتا لا تزول,

لأن الحكم يدور مع علته, وجودا وعدما.

 

 

* عِلّة: ( اسم )

الجمع : عِلاّت و عِلَل

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ (162)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

 

{ خَالِدِينَ فِيهَا } أي: في اللعنة, أو في العذاب

 

والمعنيان { لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ } بل عذابهم دائم شديد مستمر

 

{وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ } أي: يمهلون, لأن وقت الإمهال وهو الدنيا قد مضى, ولم يبق لهم عذر فيعتذرون.

 

 

 

مصدر أَمْهَلَ

طَلَبَ إِمْهالَهُ فَتْرَةً مِنَ الوَقْتِ : أَيْ إِعْطاؤُهُ مُهْلَةً

 

 

أمهلَ يُمهل ، إمْهَالاً ، فهو مُمْهِل ، والمفعول مُمْهَل

أَمْهَلَهُ الدَّيْنَ : أَعْطاهُ مُهْلَةً ، فَتْرَةً لأَدائِهِ ، أَجَّلَهُ لَنْ أُمْهِلَهُ مَرَّةً ثالِثَةً

أَمْهَلَ صاحِبَهُ : رَفِقَ بِهِ

أَمْهَلَ في الأمْرِ : بالَغَ فيهِ وَأَعْذَرَ

أَمْهَلَهُ : لم يُعجِلْه

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

 

قال الله تعالى: { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } (163)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يخبر تعالى - وهو أصدق القائلين - أنه { إِلَهٌ وَاحِدٌ } أي: متوحد منفرد في ذاته, وأسمائه, وصفاته, وأفعاله، فليس له شريك في ذاته, ولا سمي له ولا كفو له, ولا مثل, ولا نظير, ولا خالق, ولا مدبر غيره، فإذا كان كذلك, فهو المستحق لأن يؤله ويعبد بجميع أنواع العبادة, ولا يشرك به أحد من خلقه, لأنه { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } المتصف بالرحمة العظيمة, التي لا يماثلها رحمة أحد, فقد وسعت كل شيء وعمت كل حي، فبرحمته وجدت المخلوقات, وبرحمته حصلت لها أنواع الكمالات، وبرحمته اندفع عنها كل نقمة، وبرحمته عرّف عباده نفسه بصفاته وآلائه, وبيَّن لهم كل ما يحتاجون إليه من مصالح دينهم ودنياهم, بإرسال الرسل, وإنزال الكتب.

 

فإذا علم أن ما بالعباد من نعمة, فمن الله, وأن أحدا من المخلوقين, لا ينفع أحدا، علم أن الله هو المستحق لجميع أنواع العبادة, وأن يفرد بالمحبة والخوف, والرجاء, والتعظيم, والتوكل, وغير ذلك من أنواع الطاعات.

 

وأن من أظلم الظلم, وأقبح القبيح, أن يعدل عن عبادته إلى عبادة العبيد, وأن يشرك المخلوق من تراب, برب الأرباب, أو يعبد المخلوق المدبر العاجز من جميع الوجوه, مع الخالق المدبر القادر القوي، الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء.

 

ففي هذه الآية, إثبات وحدانية الباري وإلهيته، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين وبيان أصل الدليل على ذلك وهو إثبات رحمته التي من آثارها وجود جميع النعم, واندفاع [جميع] النقم، فهذا دليل إجمالي على وحدانيته تعالى.

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (164)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

أخبر تعالى أن في هذه المخلوقات العظيمة, آيات أي: أدلة على وحدانية الباري وإلهيته، وعظيم سلطانه ورحمته وسائر صفاته، ولكنها { لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي: لمن لهم عقول يعملونها فيما خلقت له، فعلى حسب ما منّ الله على عبده من العقل, ينتفع بالآيات ويعرفها بعقله وفكره وتدبُّره، ففي { خَلْقِ السَّمَاوَاتِ } في ارتفاعها واتساعها, وإحكامها, وإتقانها, وما جعل الله فيها من الشمس والقمر, والنجوم, وتنظيمها لمصالح العباد.

وفي خلق { الْأَرْضِ } مهادا للخلق, يمكنهم القرار عليها والانتفاع بما عليها, والاعتبار.

 

ما يدل ذلك على انفراد الله تعالى بالخلق والتدبير, وبيان قدرته العظيمة التي بها خلقها, وحكمته التي بها أتقنها, وأحسنها ونظمها, وعلمه ورحمته التي بها أودع ما أودع, من منافع الخلق ومصالحهم, وضروراتهم وحاجاتهم.

 

وفي ذلك أبلغ الدليل على كماله, واستحقاقه أن يفرد بالعبادة, لانفراده بالخلق والتدبير, والقيام بشئون عباده { و } في { اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } وهو تعاقبهما على الدوام, إذا ذهب أحدهما, خلفه الآخر، وفي اختلافهما في الحر, والبرد, والتوسط, وفي الطول, والقصر, والتوسط, وما ينشأ عن ذلك من الفصول, التي بها انتظام مصالح بني آدم وحيواناتهم, وجميع ما على وجه الأرض, من أشجار ونوابت، كل ذلك بانتظام وتدبير, وتسخير, تنبهر له العقول, وتعجز عن إدراكه من الرجال الفحول, ما يدل ذلك على قدرة مصرفها, وعلمه وحكمته, ورحمته الواسعة, ولطفه الشامل, وتصريفه وتدبيره, الذي تفرد به, وعظمته, وعظمة ملكه وسلطانه, مما يوجب أن يؤله ويعبد, ويفرد بالمحبة والتعظيم, والخوف والرجاء, وبذل الجهد في محابه ومراضيه.

 

{ و } في { وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ } وهي السفن والمراكب ونحوها, مما ألهم الله عباده صنعتها, وخلق لهم من الآلات الداخلية والخارجية ما أقدرهم عليها.

 

ثم سخر لها هذا البحر العظيم والرياح, التي تحملها بما فيها من الركاب والأموال, والبضائع التي هي من منافع الناس, وبما تقوم به مصالحهم وتنتظم معايشهم.

 

فمن الذي ألهمهم صنعتها, وأقدرهم عليها, وخلق لهم من الآلات ما به يعملونها؟ أم من الذي سخر لها البحر, تجري فيه بإذنه وتسخيره, والرياح؟ أم من الذي خلق للمراكب البرية والبحرية, النار والمعادن المعينة على حملها, وحمل ما فيها من الأموال؟ فهل هذه الأمور, حصلت اتفاقا, أم استقل بعملها هذا المخلوق الضعيف العاجز, الذي خرج من بطن أمه, لا علم له ولا قدرة، ثم خلق له ربه القدرة, وعلمه ما يشاء تعليمه، أم المسخر لذلك رب واحد, حكيم عليم, لا يعجزه شيء, ولا يمتنع عليه شيء؟ بل الأشياء قد دانت لربوبيته, واستكانت لعظمته, وخضعت لجبروته.

 

وغاية العبد الضعيف, أن جعله الله جزءا من أجزاء الأسباب, التي بها وجدت هذه الأمور العظام, فهذا يدل على رحمة الله وعنايته بخلقه, وذلك يوجب أن تكون المحبة كلها له, والخوف والرجاء, وجميع الطاعة, والذل والتعظيم.

 

{ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ } وهو المطر النازل من السحاب.

 

{ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } فأظهرت من أنواع الأقوات, وأصناف النبات, ما هو من ضرورات الخلائق, التي لا يعيشون بدونها.

أليس ذلك دليلا على قدرة من أنزله, وأخرج به ما أخرج ورحمته, ولطفه بعباده, وقيامه بمصالحهم, وشدة افتقارهم وضرورتهم إليه من كل وجه؟ أما يوجب ذلك أن يكون هو معبودهم وإلههم؟ أليس ذلك دليلا على إحياء الموتى ومجازاتهم بأعمالهم؟

 

{ وَبَثَّ فِيهَا } أي: في الأرض { مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ } أي: نشر في أقطار الأرض من الدواب المتنوعة, ما هو دليل على قدرته وعظمته, ووحدانيته وسلطانه العظيم، وسخرها للناس, ينتفعون بها بجميع وجوه الانتفاع.

فمنها: ما يأكلون من لحمه, ويشربون من دره، ومنها: ما يركبون، ومنها: ما هو ساعٍ في مصالحهم وحراستهم, ومنها: ما يعتبر به، ومع أنه بث فيها من كل دابة، فإنه سبحانه هو القائم بأرزاقهم, المتكفل بأقواتهم، فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها, ويعلم مستقرها ومستودعها.

 

وفي { تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ } باردة وحارة, وجنوبا وشمالا, وشرقا ودبورا وبين ذلك، وتارة تثير السحاب, وتارة تؤلف بينه, وتارة تلقحه, وتارة تدره, وتارة تمزقه وتزيل ضرره, وتارة تكون رحمة, وتارة ترسل بالعذاب.

 

فمن الذي صرفها هذا التصريف, وأودع فيها من منافع العباد, ما لا يستغنون عنه؟ وسخرها ليعيش فيها جميع الحيوانات, وتصلح الأبدان والأشجار, والحبوب والنوابت, إلا العزيز الحكيم الرحيم, اللطيف بعباده المستحق لكل ذل وخضوع, ومحبة وإنابة وعبادة؟.

 

وفي تسخير السحاب بين السماء والأرض على خفته ولطافته يحمل الماء الكثير, فيسوقه الله إلى حيث شاء، فيحيي به البلاد والعباد, ويروي التلول والوهاد, وينزله على الخلق وقت حاجتهم إليه، فإذا كان يضرهم كثرته, أمسكه عنهم, فينزله رحمة ولطفا, ويصرفه عناية وعطفا، فما أعظم سلطانه, وأغزر إحسانه, وألطف امتنانه"

أليس من القبيح بالعباد, أن يتمتعوا برزقه, ويعيشوا ببره وهم يستعينون بذلك على مساخطه ومعاصيه؟ أليس ذلك دليلا على حلمه وصبره, وعفوه وصفحه, وعميم لطفه؟ فله الحمد أولا وآخرا, وباطنا وظاهرا.

 

والحاصل, أنه كلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات, وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات, وازداد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة, علم بذلك, أنها خلقت للحق وبالحق, وأنها صحائف آيات, وكتب دلالات, على ما أخبر به الله عن نفسه ووحدانيته, وما أخبرت به الرسل من اليوم الآخر, وأنها مسخرات, ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها.

فتعرف أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون, وإليه صامدون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات، فلا إله إلا الله, ولا رب سواه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

 

قال الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } (165)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ما أحسن اتصال هذه الآية بما قبلها، فإنه تعالى, لما بين وحدانيته وأدلتها القاطعة, وبراهينها الساطعة الموصلة إلى علم اليقين, المزيلة لكل شك، ذكر هنا أن { مِنَ النَّاسِ } مع هذا البيان التام من يتخذ من المخلوقين أندادا لله أي: نظراء ومثلاء, يساويهم في الله بالعبادة والمحبة, والتعظيم والطاعة.

 

ومن كان بهذه الحالة - بعد إقامة الحجة, وبيان التوحيد - علم أنه معاند لله, مشاق له, أو معرض عن تدبر آياته والتفكر في مخلوقاته, فليس له أدنى عذر في ذلك, بل قد حقت عليه كلمة العذاب.

 

وهؤلاء الذين يتخذون الأنداد مع الله, لا يسوونهم بالله في الخلق والرزق والتدبير, وإنما يسوونهم به في العبادة, فيعبدونهم، ليقربوهم إليه،

 

وفي قوله: { اتخذوا } دليل على أنه ليس لله ند وإنما المشركون جعلوا بعض المخلوقات أندادا له, تسمية مجردة, ولفظا فارغا من المعنى، كما قال تعالى: { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ } { إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ }

فالمخلوق ليس ندا لله لأن الله هو الخالق, وغيره مخلوق, والرب الرازق ومن عداه مرزوق, والله هو الغني وأنتم الفقراء، وهو الكامل من كل الوجوه, والعبيد ناقصون من جميع الوجوه، والله هو النافع الضار, والمخلوق ليس له من النفع والضر والأمر شيء، فعلم علما يقينا, بطلان قول من اتخذ من دون الله آلهة وأندادا، سواء كان ملكا أو نبيا, أو صالحا, صنما, أو غير ذلك، وأن الله هو المستحق للمحبة الكاملة, والذل التام، فلهذا مدح الله المؤمنين بقوله: { وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } أي: من أهل الأنداد لأندادهم, لأنهم أخلصوا محبتهم له, وهؤلاء أشركوا بها، ولأنهم أحبوا من يستحق المحبة على الحقيقة, الذي محبته هي عين صلاح العبد وسعادته وفوزه، والمشركون أحبوا من لا يستحق من الحب شيئا, ومحبته عين شقاء العبد وفساده, وتشتت أمره.

 

فلهذا توعدهم الله بقوله: { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } باتخاذ الأنداد والانقياد لغير رب العباد وظلموا الخلق بصدهم عن سبيل الله, وسعيهم فيما يضرهم.

 

{ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ } أي: يوم القيامة عيانا بأبصارهم، { أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } أي: لعلموا علما جازما, أن القوة والقدرة لله كلها, وأن أندادهم ليس فيها من القوة شيء، فتبين لهم في ذلك اليوم ضعفها وعجزها, لا كما اشتبه عليهم في الدنيا, وظنوا أن لها من الأمر شيئا, وأنها تقربهم إليه وتوصلهم إليه، فخاب ظنهم, وبطل سعيهم, وحق عليهم شدة العذاب, ولم تدفع عنهم أندادهم شيئا, ولم تغن عنهم مثقال ذرة من النفع، بل يحصل لهم الضرر منها, من حيث ظنوا نفعها.

 

وتبرأ المتبوعون من التابعين, وتقطعت بينهم الوصل, التي كانت في الدنيا, لأنها كانت لغير الله, وعلى غير أمر الله, ومتعلقة بالباطل الذي لا حقيقة له, فاضمحلت أعمالهم, وتلاشت أحوالهم، وتبين لهم أنهم كانوا كاذبين, وأن أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها, انقلبت عليهم حسرة وندامة, وأنهم خالدون في النار لا يخرجون منها أبدا، فهل بعد هذا الخسران خسران؟ ذلك بأنهم اتبعوا الباطل، فعملوا العمل الباطل ورجوا غير مرجو, وتعلقوا بغير متعلق, فبطلت الأعمال ببطلان متعلقها، ولما بطلت وقعت الحسرة بما فاتهم من الأمل فيها, فضرتهم غاية الضرر، وهذا بخلاف من تعلق بالله الملك الحق المبين, وأخلص العمل لوجهه, ورجا نفعه، فهذا قد وضع الحق في موضعه, فكانت أعماله حقا, لتعلقها بالحق, ففاز بنتيجة عمله, ووجد جزاءه عند ربه, غير منقطع كما قال تعالى: { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم, بأن يتركوا الشرك بالله, ويقبلوا على إخلاص العمل لله، وهيهات, فات الأمر, وليس الوقت وقت إمهال وإنظار، ومع هذا, فهم كذبة, فلو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وإنما هو قول يقولونه, وأماني يتمنونها, حنقا وغيظا على المتبوعين لما تبرأوا منهم والذنب ذنبهم، فرأس المتبوعين على الشر, إبليس, ومع هذا يقول لأتباعه لما قضي الأمر { إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ }

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فلا إله إلا الله, ولا رب سواه.

فله الحمد أولًا وآخرًا, وباطنًا وظاهرًا.

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة زُلفى

تمت دراسة تفسير الآيات

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) }

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

 

وتبرأ المُتبوعون من التابعين, وتقطعت بينهم الوصل, التي كانت في الدنيا, لأنها كانت لغير الله, وعلى غير أمر الله, ومتعلقة بالباطل الذي لا حقيقة له, فاضمحلت أعمالهم, وتلاشت أحوالهم، وتبين لهم أنهم كانوا كاذبين, وأن أعمالهم التي يؤملون نفعها وحصول نتيجتها, انقلبت عليهم حسرة وندامة, وأنهم خالدون في النار لا يخرجون منها أبدا، فهل بعد هذا الخسران خسران؟

 

ذلك بأنهم اتبعوا الباطل، فعملوا العمل الباطل ورجوا غير مرجو, وتعلقوا بغير متعلق, فبطلت الأعمال ببطلان متعلقها، ولما بطلت وقعت الحسرة بما فاتهم من الأمل فيها, فضرتهم غاية الضرر،

 

وهذا بخلاف من تعلق بالله الملك الحق المبين, وأخلص العمل لوجهه, ورجا نفعه، فهذا قد وضع الحق في موضعه, فكانت أعماله حقا, لتعلقها بالحق, ففاز بنتيجة عمله, ووجد جزاءه عند ربه, غير منقطع

 

كما قال تعالى:

{ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }

 

 

 

 

 

* تَبِعَ: ( فعل )

تبِعَ يَتبَع ، تَبَعًا وتُبوعًا ، فهو تابِع ، والمفعول مَتْبوع

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}

 

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

وحينئذ يتمنى التابعون أن يردوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم, بأن يتركوا الشرك بالله, ويقبلوا على إخلاص العمل لله، وهيهات, فات الأمر, وليس الوقت وقت إمهال وإنظار،

 

ومع هذا, فهم كذبة, فلو ردوا لعادوا لما نهوا عنه، وإنما هو قول يقولونه, وأماني يتمنونها, حنقا وغيظا على المتبوعين لما تبرأوا منهم والذنب ذنبهم،

 

فرأس المتبوعين على الشر, إبليس, ومع هذا يقول لأتباعه لما قضي الأمر

{ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ }

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذا خطاب للناس كلهم, مؤمنهم وكافرهم، فامتن عليهم بأن أمرهم أن يأكلوا من جميع ما في الأرض، من حبوب, وثمار, وفواكه, وحيوانات, حالة كونها

 

{ حَلَالًا } أي: محللا لكم تناوله، ليس بغصب ولا سرقة, ولا محصلا بمعاملة محرمة أو على وجه محرم، أو مُعينا على محرم.

 

{ طَيِّبًا } أي: ليس بخبيث, كالميتة والدم, ولحم الخنزير, والخبائث كلها،

 

ففي هذه الآية, دليل على أن الأصل في الأعيان الإباحة، أكلا وانتفاعا,

 

وأن المحرم نوعان:

 

ــ إما محرم لذاته, وهو الخبيث الذي هو ضد الطيب،

ــ وإما محرم لما عرض له, وهو المحرم لتعلق حق الله, أو حق عباده به, وهو ضد الحلال.

 

وفيه دليل على أن الأكل بقدر ما يقيم البنية واجب, يأثم تاركه لظاهر الأمر،

 

ولما أمرهم باتباع ما أمرهم به - إذ هو عين صلاحهم - نهاهم عن اتباع

 

{ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} أي: طرقه التي يأمر بها, وهي جميع المعاصي من كفر, وفسوق, وظلم، ويدخل في ذلك تحريم السوائب, والحام, ونحو ذلك، ويدخل فيه أيضا تناول المأكولات المحرمة،

{إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } أي: ظاهر العداوة, فلا يريد بأمركم إلا غشكم, وأن تكونوا من أصحاب السعير

 

* حَصَّلَ: ( فعل )

حصَّلَ يحصِّل ، تحصيلاً ، فهو مُحصِّل ، والمفعول مُحصَّل

حصَّل الشَّيءَ والأمرَ : أدركه وناله أحرزه ، اكتسبه ، جمعه

 

* كَفَرَ: ( فعل )

كفَرَ / كفَرَ بـ يكفُر ، كُفْرًا وكُفُورًا وكُفْرانًا فهو كافِرٌ

كَفَرَ الشَّيْءَ : سَتَرَهُ ، غَطَّاهُ كَفَرَ عَلَيْهِ

 

فسَق الرَّجلُ / فسَق الرَّجلُ عن أمر الله : عصى وجاوز حدود الشَّرع ، خرج عن طاعة الله ، انغمس في الملذَّات

فَسَقَتِ الرُّطْبَةُ عَنْ قِشْرِهَا : اِنْفَصَلَتْ عَنْهُ

فَسَقَ الرُّكَّابُ عَنْ قَصْدِ الطَّرِيقِ : خَرَجُوا

فَسَقَ الرَّجُلُ : فَجَرَ

 

 

* ظَلَمَ: ( فعل )

ظلَمَ يظلِم ، ظَلْمًا وظُلْمًا ، فهو ظالمٌ ، وظَلاَّمٌ ، وهو وهي ظَلُومٌ ، والمفعول مَظْلوم

ظلَم فلانًا : جار عليه ولم ينصفه ، عكسه : عدل ،

ظَلَمَ نَفْسَهُ بِما اقْتَرَفَ مِنْ جُرْمٍ : أَساءَ إلى نَفْسِهِ

 

 

 

 

* حام: ( اسم )

الجمع : حُماةٌ ، حامِيةٌ ، حَوامٍ ، حامِياتٌ

الحامي من الإبل : الذي طال مُكثُه عند أصحابه حتَّى صار له عشرةُ أبطن فَحَمَوْا ظهره وتركوه فلا يُركب ولا يُجَزُّ وَبَرُه ، وكان ذلك من عادة الجاهليّة فأبطلها الإسلام

 

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

قال الله تعالى: { إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } (169)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

فلم يكتفِ ربنا بنهينا عن اتباع خطواته, حتى أخبرنا - وهو أصدق القائلين - بعداوته الداعية للحذر منه, ثم لم يكتف بذلك, حتى أخبرنا بتفصيل ما يأمر به, وأنه أقبح الأشياء, وأعظمها مفسدة فقال: { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ } أي: الشر الذي يسوء صاحبه, فيدخل في ذلك, جميع المعاصي، فيكون قوله: { وَالْفَحْشَاءِ } من باب عطف الخاص على العام؛ لأن الفحشاء من المعاصي, ما تناهى قبحه, كالزنا, وشرب الخمر, والقتل, والقذف, والبخل ونحو ذلك, مما يستفحشه من له عقل، { وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } فيدخل في ذلك, القول على الله بلا علم, في شرعه, وقدره، فمن وصف الله بغير ما وصف به نفسه, أو وصفه به رسوله, أو نفى عنه ما أثبته لنفسه, أو أثبت له ما نفاه عن نفسه, فقد قال على الله بلا علم، ومن زعم أن لله ندا, وأوثانا, تقرب من عبدها من الله, فقد قال على الله بلا علم، ومن قال: إن الله أحل كذا, أو حرم كذا, أو أمر بكذا, أو نهى عن كذا, بغير بصيرة, فقد قال على الله بلا علم، ومن قال: الله خلق هذا الصنف من المخلوقات, للعلة الفلانية بلا برهان له بذلك, فقد قال على الله بلا علم،

 

ومن أعظم القول على الله بلا علم, أن يتأول المتأول كلامه, أو كلام رسوله, على معانٍ اصطلح عليها طائفة من طوائف الضلال, ثم يقول: إن الله أرادها، فالقول على الله بلا علم, من أكبر المحرمات, وأشملها, وأكبر طرق الشيطان التي يدعو إليها, فهذه طرق الشيطان التي يدعو إليها هو وجنوده, ويبذلون مكرهم وخداعهم, على إغواء الخلق بما يقدرون عليه.

 

وأما الله تعالى, فإنه يأمر بالعدل والإحسان, وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، فلينظر العبد نفسه, مع أي الداعيين هو, ومن أي الحزبين؟

أتتبع داعي الله الذي يريد لك الخير والسعادة الدنيوية والأخروية, الذي كل الفلاح بطاعته, وكل الفوز في خدمته, وجميع الأرباح في معاملة المنعم بالنعم الظاهرة والباطنة, الذي لا يأمر إلا بالخير, ولا ينهى إلا عن الشر، أم تتبع داعي الشيطان, الذي هو عدو الإنسان, الذي يريد لك الشر, ويسعى بجهده على إهلاكك في الدنيا والآخرة؟ الذي كل الشر في طاعته, وكل الخسران في ولايته، الذي لا يأمر إلا بشر, ولا ينهى إلا عن خير.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

 

قال الله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ } (170)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم أخبر تعالى عن حال المشركين إذا أمروا باتباع ما أنزل الله على رسوله - مما تقدم وصفه - رغبوا عن ذلك وقالوا: { بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } فاكتفوا بتقليد الآباء, و زهدوا في الإيمان بالأنبياء، ومع هذا فآباؤهم أجهل الناس, وأشدهم ضلالا وهذه شبهة لرد الحق واهية، فهذا دليل على إعراضهم عن الحق, ورغبتهم عنه, وعدم إنصافهم، فلو هدوا لرشدهم, وحسن قصدهم, لكان الحق هو القصد، ومن جعل الحق قصده, ووازن بينه وبين غيره, تبين له الحق قطعا, واتبعه إن كان مُنصِفا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } (171)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم قال [تعالى]: { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } لما بين تعالى عدم انقيادهم لما جاءت به الرسل, وردهم لذلك بالتقليد, علم من ذلك أنهم غير قابلين للحق, ولا مستجيبين له, بل كان معلوما لكل أحد أنهم لن يزولوا عن عنادهم، أخبر تعالى, أن مثلهم عند دعاء الداعي لهم إلى الإيمان كمثل البهائم التي ينعق لها راعيها, وليس لها علم بما يقول راعيها ومناديها، فهم يسمعون مجرد الصوت, الذي تقوم به عليهم الحجة, ولكنهم لا يفقهونه فقها ينفعهم,

فلهذا كانوا صُمًّا, لا يسمعون الحق سماع فهم وقبول, عُمْيًا, لا ينظرون نظر اعتبار, بُكْمًا, فلا ينطقون بما فيه خير لهم.

والسبب الموجب لذلك كله, أنه ليس لهم عقل صحيح, بل هم أسفه السفهاء, وأجهل الجهلاء. فهل يستريب العاقل, أن من دعي إلى الرشاد, وذيد عن الفساد, ونهي عن اقتحام العذاب, وأُمِرَ بما فيه صلاحه وفلاحه, وفوزه, ونعيمه فعصى الناصح, وتولى عن أمر ربه, واقتحم النار على بصيرة, واتبع الباطل, ونبذ الحق - أن هذا ليس له مِسْكَةٌ من عقل, وأنه لو اتصف بالمكر والخديعة والدهاء, فإنه من أسفه السفهاء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (171) }

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذا أمر للمؤمنين خاصة, بعد الأمر العام, وذلك أنهم هم المنتفعون على الحقيقة بالأوامر والنواهي, بسبب إيمانهم

 

فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق, والشكر لله على إنعامه, باستعمالها بطاعته, والتقوي بها على ما يوصل إليه

 

فأمرهم بما أمر به المرسلين في قوله { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا }

 

فالشكر في هذه الآية, هو العمل الصالح، وهنا لم يقل " حلالا " لأن المؤمن أباح الله له الطيبات من الرزق خالصة من التبعة، ولأن إيمانه يحجزه عن تناول ما ليس له.

 

وقوله { إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }

أي: فاشكروه، فدل على أن من لم يشكر الله, لم يعبده وحده,

كما أن من شكره, فقد عبده, وأتى بما أمر به،

ويدل أيضا على أن أكل الطيب, سبب للعمل الصالح وقبوله،

والأمر بالشكر, عقيب النعم؛ لأن الشكر يحفظ النعم الموجودة, ويجلب النعم المفقودة كما أن الكفر, ينفر النعم المفقودة ويزيل النعم الموجودة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حجَزَ / حجَزَ على يحجُز ويَحجِز ، حَجْزًا ، فهو حاجِز ، والمفعول مَحْجوز

حجَز الشَّيءَ : حازه ومنعه عن غيره ، أبقاه لنفسه

حجَز الشَّخصَ أو الشَّيءَ : حبَسَه

حجَزه عن الأمر : منعه عنه

حجَز القاضي على ماله : منع صاحَبَه عن التّصرّف فيه حتّى يفضّ مشكلتَه مع العدالة

حجَز بينهما : فصَل : مانعين حائلين

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (172)}

 

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ولما ذكر تعالى إباحة الطيبات ذكر تحريم الخبائث فقال:

 

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ }

وهي: ما مات بغير تذكية شرعية, لأن الميتة خبيثة مضرة, لرداءتها في نفسها, ولأن الأغلب, أن تكون عن مرض, فيكون زيادة ضرر

واستثنى الشارع من هذا العموم, ميتة الجراد, وسمك البحر, فإنه حلال طيب.

 

{ وَالدَّمَ }

أي: المسفوح كما قيد في الآية الأخرى.

 

{ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ }

أي: ذبح لغير الله, كالذي يذبح للأصنام والأوثان من الأحجار, والقبور ونحوها,

وهذا المذكور غير حاصر للمحرمات، جيء به لبيان أجناس الخبائث المدلول عليها بمفهوم قوله: { طَيِّبَاتِ } فعموم المحرمات, تستفاد من الآية السابقة, من قوله: { حَلَالًا طَيِّبًا } كما تقدم.

 

وإنما حرم علينا هذه الخبائث ونحوها, لطفا بنا, وتنزيها عن المضر

 

ومع هذا {فَمَنِ اضْطُرَّ }أي: ألجئ إلى المحرم, بجوع وعدم, أو إكراه،

 

{ غَيْرَ بَاغٍ } أي: غير طالب للمحرم, مع قدرته على الحلال, أو مع عدم جوعه،

 

{ وَلَا عَادٍ } أي: متجاوز الحد في تناول ما أبيح له, اضطرارا، فمن اضطر وهو غير قادر على الحلال، وأكل بقدر الضرورة فلا يزيد عليها،

 

{ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ }أي: جناح عليه، وإذا ارتفع الجناح الإثم رجع الأمر إلى ما كان عليه،

 

والإنسان بهذه الحالة, مأمور بالأكل, بل منهي أن يلقي بيده إلى التهلكة, وأن يقتل نفسه.

 

فيجب, إذًا عليه الأكل, ويأثم إن ترك الأكل حتى مات, فيكون قاتلا لنفسه.

 

وهذه الإباحة والتوسعة, من رحمته تعالى بعباده, فلهذا ختمها بهذين الاسمين الكريمين المناسبين غاية المناسبة فقال:

{ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ولما كان الحل مشروطا بهذين الشرطين, وكان الإنسان في هذه الحالة, ربما لا يستقصي تمام الاستقصاء في تحقيقها - أخبر تعالى أنه غفور, فيغفر ما أخطأ فيه في هذه الحال, خصوصا وقد غلبته الضرورة, وأذهبت حواسه المشقة.

 

وفي هذه الآية دليل على القاعدة المشهورة: " الضرورات تبيح المحظورات " فكل محظور, اضطر إليه الإنسان, فقد أباحه له, الملك الرحمن.

[فله الحمد والشكر, أولا وآخرا, وظاهرا وباطنا].

 

 

 

 

مصدر ذَكَّى

تَذْكِيَةُ الشَّاةِ : ذَبْحُهَا

 

 

 

ذكَّى الشاةَ ونحوَها : ذبحها وفي التزيل العزيز : المائدة آيه 3 وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إلاَّ مَا ذَكَّيتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (173) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ(174)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذا وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله, من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله, أن يبينوه للناس ولا يكتموه، فمن تعوض عنه بالحطام الدنيوي, ونبذ أمر الله, فأولئك:

 

{ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ} لأن هذا الثمن الذي اكتسبوه, إنما حصل لهم بأقبح المكاسب, وأعظم المحرمات, فكان جزاؤهم من جنس عملهم،

 

{وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} بل قد سخط عليهم وأعرض عنهم، فهذا أعظم عليهم من عذاب النار،

 

{ وَلَا يُزَكِّيهِمْ} أي: لا يطهرهم من الأخلاق الرذيلة, وليس لهم أعمال تصلح للمدح والرضا والجزاء عليها، وإنما لم يزكهم لأنهم فعلوا أسباب عدم التزكية التي أعظم أسبابها العمل بكتاب الله, والاهتداء به, والدعوة إليه،

فهؤلاء نبذوا كتاب الله, وأعرضوا عنه, واختاروا الضلالة على الهدى, والعذاب على المغفرة،

فهؤلاء لا يصلح لهم إلا النار, فكيف يصبرون عليها, وأنى لهم الجلد عليها؟"

 

 

 

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

قال الله تعالى: { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } (176)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ ذَلِكَ } المذكور, وهو مجازاته بالعدل, ومنعه أسباب الهداية, ممن أباها واختار سواها.

 

{ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } ومن الحق, مجازاة المحسن بإحسانه, والمسيء بإساءته.

 

وأيضا ففي قوله: { نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } ما يدل على أن الله أنزله لهداية خلقه, وتبيين الحق من الباطل, والهدى من الضلال، فمن صرفه عن مقصوده, فهو حقيق بأن يجازى بأعظم العقوبة.

 

{ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } أي: وإن الذين اختلفوا في الكتاب, فآمنوا ببعضه, وكفروا ببعضه، والذين حرفوه وصرفوه على أهوائهم ومراداتهم { لَفِي شِقَاقٍ } أي: محادة، { بَعِيدٍ } عن الحق لأنهم قد خالفوا الكتاب الذي جاء بالحق الموجب للاتفاق وعدم التناقض، فمرج أمرهم, وكثر شقاقهم, وترتب على ذلك افتراقهم، بخلاف أهل الكتاب الذين آمنوا به, وحكموه في كل شيء, فإنهم اتفقوا وارتفقوا بالمحبة والاجتماع عليه.

 

وقد تضمنت هذه الآيات, الوعيد للكاتمين لما أنزل الله, المؤثرين عليه, عرض الدنيا بالعذاب والسخط, وأن الله لا يطهرهم بالتوفيق, ولا بالمغفرة، وذكر السبب في ذلك بإيثارهم الضلالة على الهدى، فترتب على ذلك اختيار العذاب على المغفرة، ثم توجع لهم بشدة صبرهم على النار, لعملهم بالأسباب التي يعلمون أنها موصلة إليها، وأن الكتاب مشتمل على الحق الموجب للاتفاق عليه, وعدم الافتراق، وأن كل من خالفه, فهو في غاية البعد عن الحق, والمنازعة والمخاصمة, والله أعلم.

 

 

* أَبَى: ( فعل )

أبَى / أبَى على / أبَى عن / أبَى من يَأبَى ، ائْبَ ، إباءً وإباءةً ، فهو آبٍ وأبِيّ ، والمفعول مَأْبيّ - للمتعدِّي.

أبَى عنه / أبَى منه: رغب عنه وعفَّه ، امتنع عنه.

اِمْتَنَعَ وَعَصَى.

أبَى إلاّ أن يفعل كذا: أصرَّ على أن يفعله.

 

 

* مُحادّة: ( اسم )

مُحادّة: مصدر حادَّ.

حادَّ: ( فعل )

حادَّ يحادّ ، حادِدْ / حادَّ ، مُحادّةً ، فهو مُحادّ ، والمفعول مُحادّ.

حادَّه: جاوَره ، شاركه في حدّ.

حادَّه: غاضَبه وعصاه ، عاداه وخالفه { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا } .

 

 

* وجِب: ( اسم ) ، الجمع: موجبات.

اسم فاعل من أوجبَ.

مُوجِبٌ: باعِثٌ ، سَبَبٌ ، دَاعٍ.

بِلاَ مُوجِبٍ: بِلاَ سَبَبٍ.

بمُوجِب كذا: بمُقْتَضاهُ أو طبقًا له.

أَوْجَبَ الشيءَ: جعله لازماً.

 

 

* مَرَج: ( اسم ) ، مصدر مَرِجَ.

المَرَجُ: الفتنةُ المشكلة.

بَيْنَهُمْ هَرَجٌ وَمَرَجٌ: بَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ وَاضْطِرَابٌ.

المَرَجُ: الفسادُ.

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } (177)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يقول تعالى: { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ } أي: ليس هذا هو البر المقصود من العباد, فيكون كثرة البحث فيه والجدال من العناء الذي ليس تحته إلا الشقاق والخلاف، وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم: " ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " ونحو ذلك.

 

{ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ } أي: بأنه إله واحد, موصوف بكل صفة كمال, مُنَزَّهٌ عن كل نقص.

 

{ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } وهو كل ما أخبر الله به في كتابه, أو أخبر به الرسول, مما يكون بعد الموت.

 

{ وَالْمَلَائِكَةِ } الذين وصفهم الله لنا في كتابه, ووصفهم رسوله صلى الله عليه وسلم

{ وَالْكِتَابِ } أي: جنس الكتب التي أنزلها الله على رسوله, وأعظمها القرآن, فيؤمن بما تضمنه من الأخبار والأحكام،

{ وَالنَّبِيِّينَ } عموما, خصوصا خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

{ وَآتَى الْمَالَ } وهو كل ما يتموله الإنسان من مال, قليلا كان أو كثيرا، أي: أعطى المال { عَلَى حُبِّهِ } أي: حب المال ، بيَّن به أن المال محبوب للنفوس, فلا يكاد يخرجه العبد.

 

فمن أخرجه مع حبه له تقربا إلى الله تعالى, كان هذا برهانا لإيمانه،

 

- ومن إيتاء المال على حبه, أن يتصدق وهو صحيح شحيح, يأمل الغنى, ويخشى الفقر،

 

- وكذلك إذا كانت الصدقة عن قلة, كانت أفضل, لأنه في هذه الحال, يحب إمساكه, لما يتوهمه من العدم والفقر.

- وكذلك إخراج النفيس من المال, وما يحبه من ماله كما قال تعالى: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }

فكل هؤلاء ممن آتى المال على حبه.

 

ثم ذكر المنفق عليهم, وهم أولى الناس ببرك وإحسانك.

- من الأقارب الذين تتوجع لمصابهم, وتفرح بسرورهم, الذين يتناصرون ويتعاقلون،

 

فمن أحسن البر وأوفقه, تعاهد الأقارب بالإحسان المالي والقولي, على حسب قربهم وحاجتهم.

- ومن اليتامى الذين لا كاسب لهم, وليس لهم قوة يستغنون بها، وهذا من رحمته [تعالى] بالعباد, الدالة على أنه تعالى أرحم بهم من الوالد بولده،

فالله قد أوصى العباد, وفرض عليهم في أموالهم, الإحسان إلى من فقد آباؤهم ليصيروا كمن لم يفقد والديه، ولأن الجزاء من جنس العمل فمن رحم يتيم غيره, رُحِمَ يتيمه.

 

 

{ وَالْمَسَاكِين } وهم الذين أسكنتهم الحاجة, وأذلهم الفقر فلهم حق على الأغنياء, بما يدفع مسكنتهم أو يخففها, بما يقدرون عليه, وبما يتيسر،

 

{ وَابْنَ السَّبِيلِ } وهو الغريب المنقطع به في غير بلده، فحث الله عباده على إعطائه من المال, ما يعينه على سفره, لكونه مظنة الحاجة, وكثرة المصارف،

فعلى من أنعم الله عليه بوطنه وراحته, وخوله من نعمته, أن يرحم أخاه الغريب, الذي بهذه الصفة, على حسب استطاعته, ولو بتزويده أو إعطائه آلة لسفره, أو دفع ما ينوبه من المظالم وغيرها.

 

 

{ وَالسَّائِلِينَ } أي: الذين تعرض لهم حاجة من الحوائج, توجب السؤال، كمن ابتلي بــأرش جناية, أو ضريبة عليه من ولاة الأمور, أو يسأل الناس لتعمير المصالح العامة, كالمساجد, والمدارس, والقناطر, ونحو ذلك, فهذا له حق وإن كان غنيا

 

 

{ وَفِي الرِّقَابِ } فيدخل فيه العِتق والإعانة عليه, وبذل مال للمكاتب ليوفي سيده, وفِداء الأَسرى عند الكفار أو عند الظلمة.

 

{ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ } قد تقدم مرارا, أن الله تعالى يقرن بين الصلاة والزكاة, لكونهما أفضل العبادات, وأكمل القربات, عبادات قلبية, وبدنية, ومالية, وبهما يوزن الإيمان, ويعرف ما مع صاحبه من الإيقان.

 

{ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا } والعهد: هو الالتزام بإلزام الله أو إلزام العبد لنفسه.

فدخل في ذلك

- حقوق الله كلها, لكون الله ألزم بها عباده والتزموها, ودخلوا تحت عهدتها, ووجب عليهم أداؤها,

- وحقوق العباد, التي أوجبها الله عليهم,

- والحقوق التي التزمها العبد كــالأيمان والنذور, ونحو ذلك.

 

{ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ } أي: الفقر, لأن الفقير يحتاج إلى الصبر من وجوه كثيرة, لكونه يحصل له من الآلام القلبية والبدنية المستمرة ما لا يحصل لغيره.

فإن تَنَعَّمَ الأغنياء بما لا يقدر عليه تألم، وإن جاع أو جاعت عياله تألم، وإن أكل طعاما غير موافق لهواه تألم، وإن عرى أو كاد تألم, وإن نظر إلى ما بين يديه وما يتوهمه من المستقبل الذي يستعد له تألم, وإن أصابه البرد الذي لا يقدر على دفعه تألم.

فكل هذه ونحوها, مصائب, يؤمر بالصبر عليها, والاحتساب, ورجاء الثواب من الله عليها.

 

{ وَالضَّرَّاءِ } أي: المرض على اختلاف أنواعه, من حُمَّى, وقُرُوح, ورياح, ووجع عضو, حتى الضرس والإصبع ونحو ذلك, فإنه يحتاج إلى الصبر على ذلك؛ لأن النفس تضعف, والبدن يألم, وذلك في غاية المشقة على النفوس, خصوصا مع تطاول ذلك, فإنه يؤمر بالصبر, احتسابا لثواب الله [تعالى].

 

{ وَحِينَ الْبَأْسِ } أي: وقت القتال للأعداء المأمور بقتالهم, لأن الجلاد, يشق غاية المشقة على النفس, ويجزع الإنسان من القتل, أو الجراح أو الأسر, فاحتيج إلى الصبر في ذلك احتسابا, ورجاء لثواب الله [تعالى] الذي منه النصر والمعونة, التي وعدها الصابرين.

 

{ أُولَئِكَ } أي: المتصفون بما ذكر من العقائد الحسنة, والأعمال التي هي آثار الإيمان, وبرهانه ونوره, والأخلاق التي هي جمال الإنسان وحقيقة الإنسانية، فأولئك هم { الَّذِينَ صَدَقُوا } في إيمانهم, لأن أعمالهم صدقت إيمانهم، { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } لأنهم تركوا المحظور, وفعلوا المأمور؛ لأن هذه الأمور مشتملة على كل خصال الخير, تضمنا ولزوما, لأن الوفاء بالعهد, يدخل فيه الدين كله، ولأن العبادات المنصوص عليها في هذه الآية أكبر العبادات، ومن قام بها, كان بما سواها أقوم, فهؤلاء هم الأبرار الصادقون المتقون.

 

وقد علم ما رتب الله على هذه الأمور الثلاثة, من الثواب الدنيوي والأخروي, مما لا يمكن تفصيله في [مثل] هذا الموضع.

 

 

 

 

 

* صَحيح: ( اسم )

الجمع: صحيحون و أَصِحَّاءُ و صِحاح ، المؤنث: صحيحة ، و الجمع للمؤنث: صحيحات و صَحائحُ و صِحاح.

الصَّحيحُ: السليم من العيوب والأمراض ، بريء من العيوب.

 

 

* شَحيح: ( اسم )

الجمع: أشِحَّاءُ و أشِحّة و شِحَاح ، المؤنث: شحيحة ، و الجمع للمؤنث: شحيحات و شحائِحُ.

الشَّحيحُ: البَخيلُ.

 

 

* نَفيس: ( اسم ) ، الجمع: نِفاس.

النَّفِيسُ: المالُ الكثير.

وشيءٌ نفيسٌ: عظيمُ القيمة يُرغب فيه.

بَذَلَ النَّفْسَ وَالنَّفِيسَ: أَيِ الْمَالَ والْجُهْدَ الْكَثِيرَ.

 

 

* تَعاقَلَ: ( فعل )

تعاقلَ يتعاقل ، تعاقُلاً ، فهو مُتعاقِل.

تَعَاقَلَ القومُ دَمَ القتيل: عَقَلُوهُ بينهم.

أعْقَلَ صَاحِبَهُ: وَجَدَهُ عَاقِلاً.

 

 

* خَوَل: ( اسم )

الخَوَلُ: عطيّة الله من النِّعَم والعبيد والإماءِ وغيرهم من الأتباع والحشم.

خَوّله نِعْمَة: أعطاه نعمة عظيمة تفضلا و إحسانا ، سورة: الزمر ، آية رقم : 8

 

 

* أَرْشُ: ( اسم ) ، الجمع: أُرُوش.

الأَرْشُ: الشَّجّة ونحوها.

والأَرْشُ دِيَة الجراحة.

 

 

* جِناية: ( اسم )

الجمع: جِنايات و جَنايا ، مصدر جَنَى.

اِرْتَكَبَ جِنَايَةً: ذَنْباً.

جنَى الشَّخْصُ: أذنب ، ارتكب جُرْمًا.

 

 

* ضَريبة: ( اسم ) الجمع: ضرِيبات و ضرائِبُ.

الضَّرِيبَةُ: مؤنَّثُ الضَّرِيبِ.

الضَّرِيبَةُ: ما يُفْرَضُ على المِلْكِ والعمل والدَّخل للدولة والمشتريات والخدمات.

 

 

* قناطِرُ: ( اسم )

قناطِرُ: جمع قَنطَرة.

قنطار: بناء مقوس فوق الماء للعبور.

ما ارتفع من البنيان.

 

 

* عَتَقَ: ( فعل )

عتَقَ يَعتِق ، عمصدر عَتْقٌ ، عِتْقٌ ، عَتَاقٌ ، عَتَاقَةٌ ، فهو عاتِقٌ ، وعتيقٌ والجمع: عُتَقَاءُ وهي عتيقٌ ، وعتيقَةٌ والجمع: عَتَائقُ.

عِتْقُ رَقَبَةٍ: تَحْرِيرُهَا.

 

 

* مُكاتِب: ( اسم ) اسم فاعل من كاتبَ.

المكاتب:‏ هو العبد الذي كتب سيده بينه وبينه اتفاقا على مال يقسطه له فإذا ما دفعه صار حرا.

كَاتبَ شَرِيكَهُ: كَتَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ اتِّفَاقاً.

 

 

* فِداء: ( اسم )

الجمع: أَفْدِيَةٌ

الفِدَاءُ: ما يقدَّم من مال ونحوه لتخليص المَفْدِيّ.

 

أَسْرى: ( اسم )

أَسْرى: جمع أَسير

وَقَعَ أَسيراً في يَدِ العَدُوِّ: مَنْ أُخِذَ في الحَرْبِ وقُبِضَ عَلَيْهِ وُضِعَ أَسْرَى الحَرْبِ في مُعَسْكَرٍ تُبُودِلَ الأَسْرى بَعْدَ نِهايَةِ الحَرْبِ.

 

فَدَى الأَسِيرَ مِنَ الأَسْرِ: خَلَّصَهُ مِنْهُ بِمَالٍ أَوْ سِوَاهُ: أخذ مقابل لإطلاق الأسير.

 

 

* إيقان: ( اسم ) مصدر أَيقَنَ.

أَيقَنَ: ( فعل )

أيقنَ / أيقنَ بـ / أيقنَ من يُوقن ، إيقانًا ، فهو مُوقِن ، والمفعول مُوقَن.

أيْقَنَ الخَبَرَ: تَأكَّدَ مِنْهُ يَقِيناً.

 

 

* أَيْمَان: ( اسم ) : جمع يَمين.

اليَمِينُ: القَسَم ، الَبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ [ حديث ]

 

 

* نَذَرَ: ( فعل )

نذَرَ يَنذُر ويَنذِر ، نذْرًا ونُذورًا ، فهو ناذِر ، والمفعول مَنْذور.

نذَر الشّخصُ الشّيءَ: أوجبَه على نفسه ، صدقة كان أو إحسانًا أو غير ذلك.

 

 

* جَلَد: ( اسم ) ، الجمع: أَجلاد ، و جِلاد.

جَلُدَ عَلَى تَحَمُّلِ الْمَكَارِهِ: كَانَ ذَا صَلاَبَةٍ وَصَبْرٍ عَلَى تَحَمُّلِهَا.

أَظْهَرَ جَلَداً أَمَامَ أَعْدَائِهِ: أَي الصَّبْرَ ، القُوَّةَ ، الاسْتِمَاتَةَ.

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَى بِالْأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (178)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يَمْتَنُّ تعالى على عباده المؤمنين, بأنه فرض عليهم { الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } أي: المساواة فيه, وأن يقتل القاتل على الصفة, التي قتل عليها المقتول, إقامة للعدل والقسط بين العباد.

 

وتوجيه الخطاب لعموم المؤمنين, فيه دليل على أنه يجب عليهم كلهم، حتى أولياء القاتل حتى القاتل بنفسه إعانة ولي المقتول, إذا طلب القصاص وتمكينه من القاتل, وأنه لا يجوز لهم أن يحولوا بين هذا الحد, ويمنعوا الولي من الاقتصاص, كما عليه عادة الجاهلية, ومن أشبههم من إيواء المحدثين.

 

ثم بيَّن تفصيل ذلك فقال: { الْحُرُّ بِالْحُرِّ } يدخل بــمنطوقها, الذكر بالذكر، { وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى } والأنثى بالذكر, والذكر بالأنثى,

فيكون منطوقها مقدما على مفهوم قوله: " الأنثى بالأنثى " مع دلالة السنة, على أن الذكر يقتل بالأنثى،

وخرج من عموم هذا الأبوان وإن علوا، فلا يقتلان بالولد, لورود السنة بذلك،

مع أن في قوله: { الْقِصَاصُ } ما يدل على أنه ليس من العدل, أن يقتل الوالد بولده، ولأن في قلب الوالد من الشفقة والرحمة, ما يمنعه من القتل لولده إلا بسبب اختلال في عقله, أو أذية شديدة جدا من الولد له.

وخرج من العموم أيضا, الكافر بالسنة, مع أن الآية في خطاب المؤمنين خاصة.

 

 

 

وأيضا فليس من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه، والعبد بالعبد, ذكرا كان أو أنثى, تساوت قيمتهما أو اختلفت، ودل بمفهومها على أن الحر, لا يقتل بالعبد, لكونه غير مساو له، والأنثى بالأنثى, أخذ بمفهومها بعض أهل العلم فلم يجز قتل الرجل بالمرأة, وتقدم وجه ذلك.

 

وفي هذه الآية دليل على أن الأصل وجوب القود في القتل, وأن الدِّيَة بدل عنه، فلهذا قال: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ } أي: عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية, أو عفا بعض الأولياء, فإنه يسقط القصاص, وتجب الدية, وتكون الخيرة في القود واختيار الدية إلى الولي.

فإذا عفا عنه وجب على الولي, [أي: ولي المقتول] أن يتبع القاتل { بِالْمَعْرُوفِ } من غير أن يشق عليه, ولا يحمله ما لا يطيق, بل يحسن الاقتضاء والطلب, ولا يحرجه.

وعلى القاتل { أَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } من غير مطل ولا نقص, ولا إساءة فعلية أو قولية, فهل جزاء الإحسان إليه بالعفو, إلا الإحسان بحسن القضاء، وهذا مأمور به في كل ما ثبت في ذمم الناس للإنسان، مأمور من له الحق بالاتباع بالمعروف، ومن عليه الحق, بالأداء بإحسان

 

وفي قوله: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ } ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأحسن من ذلك العفو مجانا.

وفي قوله: { أَخِيهِ } دليل على أن القاتل لا يكفر, لأن المراد بالأخوة هنا أخوة الإيمان, فلم يخرج بالقتل منها، ومن باب أولى أن سائر المعاصي التي هي دون الكفر, لا يكفر بها فاعلها, وإنما ينقص بذلك إيمانه.

وإذا عفا أولياء المقتول, أو عفا بعضهم, احتقن دم القاتل, وصار معصوما منهم ومن غيرهم, ولهذا قال: { فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ } أي: بعد العفو { فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: في الآخرة، وأما قتله وعدمه, فيؤخذ مما تقدم, لأنه قتل مكافئا له, فيجب قتله بذلك.

 

وأما من فسر العذاب الأليم بالقتل, فإن الآية تدل على أنه يتعين قتله, ولا يجوز العفو عنه, وبذلك قال بعض العلماء والصحيح الأول, لأن جنايته لا تزيد على جناية غيره.

 

 

 

 

* حوَلَّ: ( فعل )

احولَّ يحولّ ، احوِلالاً ، فهو مُحوَلّ.

حال دون الشَّيء: منع حدوثَه.

حَوَّلَ الأمرَ: جعله مُحالاً.

حَوَّلَ الشيءَ: غيَّره من حال إلى حال.

 

 

* اِقْتِصاص: ( اسم )

اِقْتِصاص: مصدر إِقتَصَّ.

 

اِقتَصَّ: ( فعل )

اقتصَّ / اقتصَّ من يقتصّ ، اقْتَصِصْ / اقْتَصَّ ، اقْتِصاصًا ، فهو مُقتَصّ ، والمفعول مُقتَصّ منه.

اقتَصَّ فلانٌ: أَخذ القِصَاصَ.

 

قِصاص: ( اسم )

القِصَاصُ: أَن يُوقَّعَ على الجاني مثلُ ما جَنَى : النَّفْسُ بالنَّفْس ، والجرح بالجرح.

مصدر قاصَّ ( قرآن )

القصاص: المماثلة بين العقوبة والجناية , وهو الجزاء على الذنب.

 

 

* إِيواء: ( اسم ) مصدر آوَى.

أَوَى: ( فعل )

أوَى / أوَى إلى يَأوي ، إيوَاءً ، ائْوِ ، أُوِيًّا ، فهو آوٍ ، والمفعول مأويّ.

أوَى عَنِ الْمُنْكَرِ: تَرَكَهُ.

أَوَى إلَى غُرْفَةِ نَوْمِهِ: اِنْتَقَلَ ، ذَهَبَ.

 

مُحدِث: ( اسم ) فاعل من أَحْدثَ.

المُحْدِث: المجدِّد في العِلْم والفنّ.

 

 

* مَنطوق: ( اسم ) مفعول من نَطَقَ.

مَنْطُوقُ: ( العلوم اللغوية ) شفويّ ، خلاف المكتوب.

مَنْطُوقُ الكَلاَمِ: قَوْلُهُ ، لَفْظُهُ.

مَنْطُوقُ الكَلِمَةِ : مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيُّ.

 

 

* قَوَد: ( اسم )

القَوَدُ: قِصاصٌ وقتل القاتل بدل القتيل.

 

 

* دية: ( اسم ) ، الجمع: دِيَات.

الدِّيَةُ: المالُ الذي يُعطَى ولِيَّ المقتول بَدَلَ نفسِه.

 

 

* مَطَلَ: ( فعل )

مطَلَ يَمطُل ، مَطْلاً ، فهو ماطل و مَطُول ، ومَطَّال ، والمفعول مَمْطول.

مَطَلَهُ حَقَّهُ: سَوَّفَهُ وَتَمَاطَلَ بِالوَفَاءِ بِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.

 

 

* ذِمَم: ( اسم ) ، ذِمَم: جمع ذِمّة.

الذِّمَّةُ ( عند الفقهاء ) : مَعْنًى يصير الإنسان به أهلاً لوجوب الحقِّ له أو عليه.

إبراءُ الذِّمَّة: إرضاء الضمير.

الذِّمَّةُ: العهْدُ ، الأمان ، الكفالة ، وفي الحديث : حديث شريف المسلمون تتكافأُ دماؤهم ويسعى بذِمَّتهم أَدناهم /

 

 

* اِحتقنَ: ( فعل )

احتقنَ يحتقن ، احتِقانًا ، فهو مُحتقِن.

اِحْتَقَنَ الدَّمُ: اِجْتَمَعَ الدَّمُ فِي الجَوْفِ مِنْ طَعْنَةٍ نَفَذتْ إِلَيْهِ.

 

 

* تَعَيَّنَ: ( فعل )

تعيَّنَ على / تعيَّنَ في / تعيَّنَ لـ يتعيَّن ، تعيُّنًا ، فهو متعيِّن ، والمفعول متعيَّن عليه.

تَعَيَّنَ عليه الشيءُ: لَزِمَهُ بعينه.

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) }

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم بين تعالى حكمته العظيمة في مشروعية القصاص فقال:

 

{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ }

أي: تنحقن بذلك الدماء, وتنقمع به الأشقياء, لأن من عرف أنه مقتول إذا قتل, لا يكاد يصدر منه القتل, وإذا رئي القاتل مقتولا انذعر بذلك غيره وانزجر, فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل, لم يحصل انكفاف الشر, الذي يحصل بالقتل، وهكذا سائر الحدود الشرعية, فيها من النكاية والانزجار, ما يدل على حكمة الحكيم الغفار،

ونكَّر " الحياة " لإفادة التعظيم والتكثير.

 

ولما كان هذا الحكم, لا يعرف حقيقته, إلا أهل العقول الكاملة والألباب الثقيلة, خصهم بالخطاب دون غيرهم، وهذا يدل على أن الله تعالى, يحب من عباده, أن يعملوا أفكارهم وعقولهم, في تدبر ما في أحكامه من الحكم, والمصالح الدالة على كماله, وكمال حكمته وحمده, وعدله ورحمته الواسعة، وأن من كان بهذه المثابة, فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب, وناداهم رب الأرباب, وكفى بذلك فضلا وشرفا لقوم يعقلون.

 

وقوله: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

وذلك أن من عرف ربه وعرف ما في دينه وشرعه من الأسرار العظيمة والحكم البديعة والآيات الرفيعة, أوجب له ذلك أن ينقاد لأمر الله, ويعظم معاصيه فيتركها, فيستحق بذلك أن يكون من المتقين.

 

 

 

انقمعَ / انقمعَ في ينقمع ، انْقِماعًا ، فهو مُنْقمِع ، والمفعول مُنقَمَع فيه

انقمع الشَّخصُ مُطاوع قمَعَ / قمَعَ في : ازدُجر ، ورُدع انقمعتِ المظاهراتُ بفضل الشُّرطة

انقمع في البَيْت : قمَع ؛ دخله متخفِّيًا ، دخله هارِبًا

 

 

 

* لُبّ: ( اسم )

الجمع : أَلباب ، و أَلُبٌّ ، و أَلْبُبٌ لُبُوب

اللُّبُّ من كل شيء : خالصه وخياره

اللُّبُّ من كل شيء : نَفْسُه وحقيقته

لُبُّ الرَّجُلِ : عَقْلُهُ : عقول سليمة مستنيرة بنور الله

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)}

 

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

أي: فرض الله عليكم, يا معشر المؤمنين

 

{ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ }

أي: أسبابه, كالمرض المشرف على الهلاك, وحضور أسباب المهالك، وكان قد

{ تَرَكَ خَيْرًا}

أي: مالا وهو المال الكثير عرفا, فعليه أن يوصي لوالديه وأقرب الناس إليه بالمعروف, على قدر حاله من غير سرف, ولا اقتصار على الأبعد, دون الأقرب، بل يرتبهم على القرب والحاجة, ولهذا أتى فيه بأفعل التفضيل.

 

وقوله: { حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ }

دل على وجوب ذلك, لأن الحق هو: الثابت، وقد جعله الله من موجبات التقوى.

 

واعلم أن جمهور المفسرين يرون أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث، وبعضهم يرى أنها في الوالدين والأقربين غير الوارثين, مع أنه لم يدل على التخصيص بذلك دليل،

 

والأحسن في هذا أن يقال: إن هذه الوصية للوالدين والأقربين مجملة, ردها الله تعالى إلى العرف الجاري.

 

ثم إن الله تعالى قدر للوالدين الوارثين وغيرهما من الأقارب الوارثين هذا المعروف في آيات المواريث, بعد أن كان مجملا، وبقي الحكم فيمن لم يرثوا من الوالدين الممنوعين من الإرث وغيرهما ممن حجب بشخص أو وصف, فإن الإنسان مأمور بالوصية لهؤلاء وهم أحق الناس ببره، وهذا القول تتفق عليه الأمة, ويحصل به الجمع بين القولين المتقدمين, لأن كلا من القائلين بهما كل منهم لحظ ملحظا, واختلف المورد.

 

فبهذا الجمع, يحصل الاتفاق, والجمع بين الآيات,

لأنه مهما أمكن الجمع كان أحسن من ادعاء النسخ, الذي لم يدل عليه دليل صحيح.

 

* لَحَظَ: ( فعل )

لحَظَ / لحَظَ إلى يَلْحَظ ، لَحْظًا ولَحَظانًا ، فهو لاحِظٌ ، ولَحَّاظ ، وهي لاحظة والجمع لواحظ ، والمفعول مَلْحوظ

لحَظ فلانًا / لحَظ إلى فلان : نظر إليه بمؤخر العين عن يمين ويسا

لحَظه بالعين : راقبه ودَّعه وظلَّ يلحظه بعينيه حتَّى بعُد واختفى

 

* مَورِد: ( اسم )

الجمع : مواردُ

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ولما كان الموصي قد يمتنع من الوصية, لما يتوهمه أن من بعده, قد يبدل ما وصى به قال تعالى:

{ فَمَن بَدَّلَهُ }

أي: الإيصاء للمذكورين أو غيرهم

{بَعْدَمَا سَمِعَهُ }

أي: بعدما عقله, وعرف طرقه وتنفيذه،

{فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ }

وإلا فالموصي وقع أجره على الله, وإنما الإثم على المبدل المغير.

 

{ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ }

يسمع سائر الأصوات, ومنه سماعه لمقالة الموصي ووصيته، فينبغي له أن يراقب من يسمعه ويراه, وأن لا يجور في وصيته،

{ عَلِيمٌ }

بنيته, وعليم بعمل الموصى إليه، فإذا اجتهد الموصي, وعلم الله من نيته ذلك, أثابه ولو أخطأ،

وفيه التحذير للموصى إليه من التبديل، فإن الله عليم به, مطلع على ما فعله, فليحذر من الله، هذا حكم الوصية العادلة.

 

* جارَ: ( فعل )

جارَ على / جارَ عن / جارَ في يَجُور ، جُرْ ، جَوْرًا ، فهو جائر ، والمفعول مجورٌ عليه

جَارَ الرَّجُلُ : طَلَبَ أَنْ يُجَارَ وَيُغَاثَ

جَارَ عَلَى أَبْنَاءِ قَوْمِهِ : ظَلَمَهُمْ

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (182)}

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

وأما الوصية التي فيها حيف وجنف, وإثم، فينبغي لمن حضر الموصي وقت الوصية بها, أن ينصحه بما هو الأحسن والأعدل, وأن ينهاه عن الجور

والجنف وهو: الميل بها عن خطأ, من غير تعمد,

والإثم: وهو التعمد لذلك.

 

فإن لم يفعل ذلك, فينبغي له أن يصلح بين الموصى إليهم, ويتوصل إلى العدل بينهم على وجه التراضي والمصالحة, ووعظهم بتبرئة ذمة ميتهم فهذا قد فعل معروفا عظيما, وليس عليهم إثم, كما على مبدل الوصية الجائزة، ولهذا قال:

{ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ }

أي: يغفر جميع الزلات, ويصفح عن التبعات لمن تاب إليه, ومنه مغفرته لمن غض من نفسه, وترك بعض حقه لأخيه, لأن من سامح, سامحه الله، غفور لميتهم الجائر في وصيته, إذا احتسبوا بمسامحة بعضهم بعضا لأجل براءة ذمته،

 

رَّحِيمٌ بعباده, حيث شرع لهم كل أمر به يتراحمون ويتعاطفون،

 

فدلت هذه الآيات على الحث على الوصية, وعلى بيان من هي له, وعلى وعيد المبدل للوصية العادلة, والترغيب في الإصلاح في الوصية الجائرة

 

 

* حَيف: ( اسم )

الجمع : حُيوفٌ

مصدر حَافَ

أنْزَلَ بِهِ حَيْفاً : ظُلْماً ، جَوْراً ، إنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى حَيْفٍ ( حديث )

حَيْفٌ عَلَيْكَ : وا أَسَفَاهُ عَلَيْكَ ، بِئْسَ مَا فَعَلْتَ

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

 

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (183)

 

 

من تفسير العلام السعدي -رحمه الله- :

يخبر تعالى بما منَّ به على عباده, بأنه فرض عليهم الصيام, كما فرضه على الأمم السابقة, لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.

وفيه تنشيط لهذه الأمة, بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال, والمسارعة إلى صالح الخصال, وأنه ليس من الأمور الثقيلة, التي اختصيتم بها.

 

ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى, لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.

فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها, التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى.

ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه, مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه،

ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان, فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم, فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه المعاصي،

ومنها: أن الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى،

ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع, أوجب له ذلك, مواساة الفقراء المعدمين, وهذا من خصال التقوى.

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } (184)

 

 

من تفسير العلام السعدي -رحمه الله- :

ولما ذكر أنه فرض عليهم الصيام, أخبر أنه أيام معدودات, أي: قليلة في غاية السهولة.

ثم سهل تسهيلا آخر. فقال: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } وذلك للمشقة, في الغالب, رخص الله لهما, في الفطر.

ولما كان لا بد من حصول مصلحة الصيام لكل مؤمن, أمرهما أن يقضياه في أيام أخر إذا زال المرض, وانقضى السفر, وحصلت الراحة.

 

وفي قوله: { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ } فيه دليل على أنه يقضي عدد أيام رمضان, كاملا كان, أو ناقصا, وعلى أنه يجوز أن يقضي أياما قصيرة باردة, عن أيام طويلة حارة كالعكس.

 

وقوله: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } أي: يطيقون الصيام { فِدْيَةٌ } عن كل يوم يفطرونه { طَعَامُ مِسْكِينٍ } وهذا في ابتداء فرض الصيام, لما كانوا غير معتادين للصيام, وكان فرضه حتما, فيه مشقة عليهم, درجهم الرب الحكيم, بأسهل طريق، وخيَّر المطيق للصوم بين أن يصوم, وهو أفضل, أو يطعم، ولهذا قال: { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ } ثم بعد ذلك, جعل الصيام حتما على المطيق ، وغير المطيق, يفطر ويقضيه في أيام أخر [وقيل: { وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ } أي: يتكلفونه، ويشق عليهم مشقة غير محتملة, كالشيخ الكبير, فدية عن كل يوم مسكين وهذا هو الصحيح]

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (185)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } أي: الصوم المفروض عليكم, هو شهر رمضان, الشهر العظيم, الذي قد حصل لكم فيه من الله الفضل العظيم، وهو القرآن الكريم, المشتمل على الهداية لمصالحكم الدينية والدنيوية, وتبيين الحق بأوضح بيان, والفرقان بين الحق والباطل, والهدى والضلال, وأهل السعادة وأهل الشقاوة.

فحقيق بشهر, هذا فضله, وهذا إحسان الله عليكم فيه, أن يكون موسما للعباد مفروضا فيه الصيام.

فلما قرره, وبين فضيلته, وحكمة الله تعالى في تخصيصه قال: { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } هذا فيه تعيين الصيام على القادر الصحيح الحاضر.

ولما كان النسخ للتخيير, بين الصيام والفداء خاصة, أعاد الرخصة للمريض والمسافر, لئلا يتوهم أن الرخصة أيضا منسوخة [فقال] { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } أي: يريد الله تعالى أن ييسر عليكم الطرق الموصلة إلى رضوانه أعظم تيسير, ويسهلها أشد تسهيل، ولهذا كان جميع ما أمر الله به عباده في غاية السهولة في أصله.

وإذا حصلت بعض العوارض الموجبة لثقله, سهَّله تسهيلا آخر, إما بإسقاطه, أو تخفيفه بأنواع التخفيفات.

وهذه جملة لا يمكن تفصيلها, لأن تفاصيلها, جميع الشرعيات, ويدخل فيها جميع الرخص والتخفيفات.

 

{ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ } وهذا - والله أعلم - لئلا يتوهم متوهم, أن صيام رمضان, يحصل المقصود منه ببعضه, دفع هذا الوهم بالأمر بتكميل عدته، ويشكر الله [تعالى] عند إتمامه على توفيقه وتسهيله وتبيينه لعباده, وبالتكبير عند انقضائه, ويدخل في ذلك التكبير عند رؤية هلال شوال إلى فراغ خطبة العيد.

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أسأل الله أن يُبلغنا رمضان، ويتسلمه منّا مُتقبلًا بإذن الله

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة زُلفى

تمت دراسة تفسير الآيات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) }

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذا جواب سؤال، سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقالوا: يا رسول الله, أقريب ربنا فنناجيه, أم بعيد فنناديه؟ فنزل:

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ }

لأنه تعالى, الرقيب الشهيد, المطلع على السر وأخفى, يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, فهو قريب أيضا من داعيه, بالإجابة، ولهذا قال:

{ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }

والدعاء نوعان: دعاء عبادة, ودعاء مسألة.

والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه, وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.

 

فمن دعا ربه بقلب حاضر, ودعاء مشروع, ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء, كأكل الحرام ونحوه, فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصا إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء, وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية, والإيمان به, الموجب للاستجابة، فلهذا قال:

{ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }

أي: يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة, ويزول عنهم الغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة.

 

ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره, سبب لحصول العلم كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}

 

 

مصدر غَوَى

الغَيّ : الضَّلاَل ( قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ )

عذاب

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)}

 

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

كان في أول فرض الصيام، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم الأكل والشرب والجماع، فحصلت المشقة لبعضهم، فخفف الله تعالى عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع، سواء نام أو لم ينم، لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به.

 

{ فَتَابَ } الله { عَلَيْكُمْ }بأن وسع لكم أمرا كان - لولا توسعته - موجبا للإثم { وَعَفَا عَنكُمْ} ما سلف من التخون.

 

{ فَالْآنَ } بعد هذه الرخصة والسعة من الله { بَاشِرُوهُنَّ } وطأ وقبلة ولمسا وغير ذلك.

 

{ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ }

أي: انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى والمقصود الأعظم من الوطء، وهو حصول الذرية وإعفاف فرجه وفرج زوجته، وحصول مقاصد النكاح.

 

ومما كتب الله لكم ليلة القدر، الموافقة لليالي صيام رمضان، فلا ينبغي لكم أن تشتغلوا بهذه اللذة عنها وتضيعوها، فاللذة مدركة، وليلة القدر إذا فاتت لم تدرك.

 

{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}

هذا غاية للأكل والشرب والجماع، وفيه أنه إذا أكل ونحوه شاكا في طلوع الفجر فلا بأس عليه.

وفيه: دليل على استحباب السحور للأمر، وأنه يستحب تأخيره أخذا من معنى رخصة الله وتسهيله على العباد.

وفيه أيضا دليل على أنه يجوز أن يدركه الفجر وهو جنب من الجماع قبل أن يغتسل، ويصح صيامه، لأن لازم إباحة الجماع إلى طلوع الفجر، أن يدركه الفجر وهو جنب، ولازم الحق حق.

 

{ ثُمَّ} إذا طلع الفجر { أَتِمُّوا الصِّيَامَ}

أي: الإمساك عن المفطرات { إِلَى اللَّيْلِ }

وهو غروب الشمس

 

ولما كان إباحة الوطء في ليالي الصيام ليست إباحته عامة لكل أحد، فإن المعتكف لا يحل له ذلك، استثناه بقوله:

{ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ }

أي: وأنتم متصفون بذلك،

ودلت الآية على مشروعية الاعتكاف، وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وانقطاعا إليه، وأن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد.

 

ويستفاد من تعريف المساجد، أنها المساجد المعروفة عندهم، وهي التي تقام فيها الصلوات الخمس. وفيه أن الوطء من مفسدات الاعتكاف.

 

{ تِلْكَ } المذكورات - وهو تحريم الأكل والشرب والجماع ونحوه من المفطرات في الصيام، وتحريم الفطر على غير المعذور، وتحريم الوطء على المعتكف، ونحو ذلك من المحرمات { حُدُودُ اللَّهِ} التي حدها لعباده، ونهاهم عنها، فقال:

{ فَلَا تَقْرَبُوهَا}

أبلغ من قوله: " فلا تفعلوها " لأن القربان، يشمل النهي عن فعل المحرم بنفسه، والنهي عن وسائله الموصلة إليه.

 

والعبد مأمور بترك المحرمات، والبعد منها غاية ما يمكنه، وترك كل سبب يدعو إليها،

 

وأما الأوامر فيقول الله فيها:{ تلك حدود الله فلا تعتدوها } فينهى عن مجاوزتها.

 

{ كَذَلِكَ } أي: بيَّن [الله] لعباده الأحكام السابقة أتم تبيين، وأوضحها لهم أكمل إيضاح.

 

{ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}

فإنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه، وإذا تبين لهم الباطل اجتنبوه،

فإن الإنسان قد يفعل المحرم على وجه الجهل بأنه محرم، ولو علم تحريمه لم يفعله، فإذا بَيّن الله للناس آياته، لم يبق لهم عذر ولا حجة، فكان ذلك سببا للتقوى.

 

اختانَ يختان ، اخْتَنْ ، اختيانًا ، فهو مُختان ، والمفعول مُختان

اختان نَفْسَه : خانها وظلمها ظُلمًا شديدًا ، غدَر بها ولم يُخلص لها

يخونونها بارتكاب المعاصي

سورة : النساء ، آية رقم : 107

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

أي: ولا تأخذوا أموالكم أي: أموال غيركم، أضافها إليهم,

لأنه ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه, ويحترم ماله كما يحترم ماله؛ ولأن أكله لمال غيره يجرئ غيره على أكل ماله عند القدرة.

 

ولما كان أكلها نوعين: نوعا بحق, ونوعا بباطل

وكان المحرم إنما هو أكلها بالباطل, قيده تعالى بذلك،

ويدخل في ذلك أكلها على وجه الغصب والسرقة والخيانة في وديعة أو عارية, أو نحو ذلك،

ويدخل فيه أيضا, أخذها على وجه المعاوضة, بمعاوضة محرمة, كعقود الربا, والقمار كلها, فإنها من أكل المال بالباطل, لأنه ليس في مقابلة عوض مباح،

ويدخل في ذلك أخذها بسبب غش في البيع والشراء والإجارة, ونحوها،

ويدخل في ذلك استعمال الأجراء وأكل أجرتهم، وكذلك أخذهم أجرة على عمل لم يقوموا بواجبه،

ويدخل في ذلك أخذ الأجرة على العبادات والقربات التي لا تصح حتى يقصد بها وجه الله تعالى،

ويدخل في ذلك الأخذ من الزكوات والصدقات, والأوقاف، والوصايا, لمن ليس له حق منها, أو فوق حقه.

فكل هذا ونحوه, من أكل المال بالباطل, فلا يحل ذلك بوجه من الوجوه، حتى ولو حصل فيه النزاع وحصل الارتفاع إلى حاكم الشرع, وأدلى من يريد أكلها بالباطل بحجة, غلبت حجة المحق, وحكم له الحاكم بذلك، فإن حكم الحاكم, لا يبيح محرما, ولا يحلل حراما, إنما يحكم على نحو مما يسمع, وإلا فحقائق الأمور باقية، فليس في حكم الحاكم للمبطل راحة, ولا شبهة, ولا استراحة.

 

فمن أدلى إلى الحاكم بحجة باطلة, وحكم له بذلك, فإنه لا يحل له, ويكون آكلا لمال غيره, بالباطل والإثم, وهو عالم بذلك.

فيكون أبلغ في عقوبته, وأشد في نكاله.

 

وعلى هذا فالوكيل إذا علم أن موكله مبطل في دعواه, لم يحل له أن يخاصم عن الخائن كما قال تعالى: { وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا }

 

 

 

الجمع : عاريات و عوارٍ

العَارِيَةُ : العارةُ

عارية : مَا تُعْطِيهِ غَيْرَكَ عَلَى أَنْ يُعِيدَهُ إِلَيْكَ

 

 

عَاوَضْتُ ، أُعَاوِضُ ، عَاوِضْ ، مصدر مُعَاوَضَةٌ

عَاوضَهُ : أعاضَهُ

عَاوَضَ صَاحِبَهُ بِعِوَضٍ فِي الْبَيْعِ وَالأَخْذِ وَالإِعْطَاءِ : أَعْطَاهُ إِيّاهُ بَدَلَ مَا ذَهَبَ مِنْهُ

 

 

 

 

مصدر أَجَارَ

إِجَارَة بَيْتٍ : كِرَاء

أُجْرة العمل

( القانون ) عقد يمكِّن من استغلال المؤجَّر واستعماله إلى أجل معيَّن لقاء ثمن معلوم كتب عقد الإجارة

الإجارة : عَقْد يَرِدُ على المَنَافع بِعِوضِ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاصمَ يخاصم ، خِصامًا ومخاصَمَةً ، فهو مخاصِمٌ ، وخَصِيمٌ ، والمفعول مخاصَم و ( ج ) الأَخير خُصَمَاءُ ، وخُصْمان

خَاصَمَهُ دونَ سَبَبٍ : نَازَعَهُ ، عَادَاهُ ، جَادَلَهُ

خَاصَمَهُ إِلى الْقَاضِي : قَاضَاهُ

خَاصَمَهُ مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ : اِنْقَطَعَ عَنْ زِيَارَتهِ وَمُحَادَثَتِهِ

ألدُّ الخِصام : شديده

 

 

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما شاء الله زلفى وعروس الحبيبتين

جعلها ربي في ميزان حسناتكن إنه قريب مجيب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×