اذهبي الى المحتوى
عروس القرءان

|| صفحة مدارسة التفسير|| ..~ ليدبروا آياته ~..

المشاركات التي تم ترشيحها

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

 

قال الله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (189)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يقول تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ } جمع - هلال - ما فائدتها وحكمتها؟ أو عن ذاتها، { قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ } أي: جعلها الله تعالى بلطفه ورحمته على هذا التدبير يبدو الهلال ضعيفا في أول الشهر, ثم يتزايد إلى نصفه, ثم يشرع في النقص إلى كماله, وهكذا, ليعرف الناس بذلك, مواقيت عباداتهم من الصيام, وأوقات الزكاة, والكفارات, وأوقات الحج.

 

ولما كان الحج يقع في أشهر معلومات, ويستغرق أوقاتا كثيرة قال: { وَالْحَجِّ } وكذلك تعرف بذلك, أوقات الديون المؤجلات, ومدة الإجارات, ومدة العدد والحمل, وغير ذلك مما هو من حاجات الخلق، فجعله تعالى, حسابا, يعرفه كل أحد, من صغير, وكبير, وعالم, وجاهل، فلو كان الحساب بــالسنة الشمسية, لم يعرفه إلا النادر من الناس.

 

{ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا } وهذا كما كان الأنصار وغيرهم من العرب, إذا أحرموا, لم يدخلوا البيوت من أبوابها, تعبدا بذلك, وظنا أنه بر.

فأخبر الله أنه ليس ببر لأن الله تعالى, لم يشرعه لهم، وكل من تعبد بعبادة لم يشرعها الله ولا رسوله, فهو متعبد ببدعة، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها لما فيه من السهولة عليهم, التي هي قاعدة من قواعد الشرع.

 

ويستفاد من إشارة الآية أنه ينبغي في كل أمر من الأمور, أن يأتيه الإنسان من الطريق السهل القريب, الذي قد جعل له موصلا،

فالآمر بالمعروف, والناهي عن المنكر, ينبغي أن ينظر في حالة المأمور, ويستعمل معه الرفق والسياسة, التي بها يحصل المقصود أو بعضه،

والمتعلم والمعلم, ينبغي أن يسلك أقرب طريق وأسهله, يحصل به مقصوده،

 

وهكذا كل من حاول أمرا من الأمور وأتاه من أبوابه وثابر عليه, فلا بد أن يحصل له المقصود بعون الملك المعبود.

 

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ } هذا هو البر الذي أمر الله به, وهو لزوم تقواه على الدوام, بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه, فإنه سبب للفلاح, الذي هو الفوز بالمطلوب, والنجاة من المرهوب، فمن لم يتق الله تعالى, لم يكن له سبيل إلى الفلاح, ومن اتقاه, فاز بالفلاح والنجاح.

 

 

 

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } (190)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذه الآيات, تتضمن الأمر بالقتال في سبيل الله, وهذا كان بعد الهجرة إلى المدينة, لما قوي المسلمون للقتال, أمرهم الله به, بعد ما كانوا مأمورين بكف أيديهم، وفي تخصيص القتال { فِي سَبِيلِ اللَّهِ } حث على الإخلاص, ونهي عن الاقتتال في الفتن بين المسلمين.

 

{ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } أي: الذين هم مستعدون لقتالكم, وهم المكلفون الرجال, غير الشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال.

والنهي عن الاعتداء, يشمل أنواع الاعتداء كلها, من قتل من لا يقاتل, من النساء, والمجانين والأطفال, والرهبان ونحوهم والتمثيل بالقتلى, وقتل الحيوانات, وقطع الأشجار [ونحوها], لغير مصلحة تعود للمسلمين.

ومن الاعتداء, مقاتلة من تقبل منهم الجزية إذا بذلوها, فإن ذلك لا يجوز.

 

 

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ } (191)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } هذا أمر بقتالهم, أينما وجدوا في كل وقت, وفي كل زمان قتال مدافعة, وقتال مهاجمة، ثم استثنى من هذا العموم قتالهم { عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } وأنه لا يجوز إلا أن يبدأوا بالقتال, فإنهم يقاتلون جزاء لهم على اعتدائهم، وهذا مستمر في كل وقت, حتى ينتهوا عن كفرهم فيسلموا, فإن الله يتوب عليهم, ولو حصل منهم ما حصل من الكفر بالله, والشرك في المسجد الحرام, وصد الرسول والمؤمنين عنه وهذا من رحمته وكرمه بعباده.

 

ولما كان القتال عند المسجد الحرام, يتوهم أنه مفسدة في هذا البلد الحرام, أخبر تعالى أن المفسدة بالفتنة عنده بالشرك, والصد عن دينه, أشد من مفسدة القتل, فليس عليكم - أيها المسلمون - حرج في قتالهم.

 

ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة، وهي: أنه يرتكب أخف المفسدتين, لدفع أعلاهما.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

ما شاء الله زلفى وعروس الحبيبتين

جعلها ربي في ميزان حسناتكن إنه قريب مجيب

 

 

 

 

 

اللهم آمين.

 

 

 

بارك الله فيكِ طيبة الحبيبة.

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

 

 

 

قوله تعالى: {فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (192) }

 

 

 

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله, وأنه ليس المقصود به, سفك دماء الكفار, وأخذ أموالهم

 

 

 

ولكن المقصود به أن { يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ } تعالى, فيظهر دين الله تعالى, على سائر الأديان, ويدفع كل ما يعارضه, من الشرك وغيره, وهو المراد بالفتنة

 

 

 

 

فإذا حصل هذا المقصود, فلا قتل ولا قتال، {فَإِنِ انتَهَوْا} عن قتالكم عند المسجد الحرام { فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ }

 

 

 

أي: فليس عليهم منكم اعتداء, إلا من ظلم منهم, فإنه يستحق المعاقبة, بقدر ظلمه.

 

 

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قوله تعالى: { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)}

 

 

 

 

* من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

ثم أمر تعالى بقتال الكفار : ( حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ )

 

 

 

أي : شرك . قاله ابن عباس ، وأبو العالية ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والربيع ، ومقاتل بن حيان ، والسدي ، وزيد بن أسلم .

 

 

 

( وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ )

 

 

 

أي : يكون دين الله هو الظاهر [ العالي ] على سائر الأديان

 

 

 

كما ثبت في الصحيحين : عن أبي موسى الأشعري ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمية ، ويقاتل رياء ، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال : " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " .

 

 

 

 

 

وفي الصحيحين : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله "

 

 

 

 

وقوله : ( فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ )

 

 

 

يقول : فإن انتهوا عما هم فيه من الشرك ، وقتال المؤمنين ، فكفوا عنهم ، فإن من قاتلهم بعد ذلك فهو ظالم ، ولا عدوان إلا على الظالمين ،

 

 

 

 

وهذا معنى قول مجاهد : لا يقاتل إلا من قاتل .

 

 

 

 

أو يكون تقديره ; فإن انتهوا فقد تخلصوا من الظلم ، وهو الشرك فلا عدوان عليهم بعد ذلك ،

 

 

 

 

والمراد بالعدوان هاهنا المعاقبة والمقاتلة ، كقوله : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) [ الشورى : 40 ] ، ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) [ النحل : 126 ] .

 

 

 

 

ولهذا قال عكرمة وقتادة : الظالم : الذي أبى أن يقول : لا إله إلا الله .

 

 

 

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)}

 

 

 

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يقول تعالى: { الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ }

 

 

 

يحتمل أن يكون المراد به ما وقع من صد المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عام الحديبية, عن الدخول لمكة, وقاضوهم على دخولها من قابل,

 

 

 

 

وكان الصد والقضاء في شهر حرام, وهو ذو القعدة, فيكون هذا بهذا، فيكون فيه, تطييب لقلوب الصحابة, بتمام نسكهم, وكماله.

 

 

 

 

ويحتمل أن يكون المعنى: إنكم إن قاتلتموهم في الشهر الحرام فقد قاتلوكم فيه, وهم المعتدون, فليس عليكم في ذلك حرج، وعلى هذا فيكون قوله:

 

 

 

{ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ }من باب عطف العام على الخاص،

 

 

 

أي: كل شيء يحترم من شهر حرام, أو بلد حرام, أو إحرام, أو ما هو أعم من ذلك, جميع ما أمر الشرع باحترامه,

 

 

 

فمن تجرأ عليها فإنه يقتص منه،

 

 

 

فمن قاتل في الشهر الحرام قوتل،

 

 

 

ومن هتك البلد الحرام, أخذ منه الحد, ولم يكن له حرمة،

 

 

 

ومن قتل مكافئا له قتل به,

 

 

 

ومن جرحه أو قطع عضوا, منه, اقتص منه،

 

 

 

ومن أخذ مال غيره المحترم, أخذ منه بدله،

 

 

 

 

ولكن هل لصاحب الحق أن يأخذ من ماله بقدر حقه أم لا؟

 

 

 

خلاف بين العلماء, الراجح من ذلك,

 

 

 

أنه إن كان سبب الحق ظاهرا كالضيف, إذا لم يقره غيره, والزوجة, والقريب إذا امتنع من تجب عليه النفقة [من الإنفاق عليه] فإنه يجوز أخذه من ماله.

 

 

 

 

وإن كان السبب خفيا, كمن جحد دين غيره, أو خانه في وديعة, أو سرق منه ونحو ذلك, فإنه لا يجوز له أن يأخذ من ماله مقابلة له, جمعا بين الأدلة, ولهذا قال تعالى, تأكيدا وتقوية لما تقدم:

 

 

 

{ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}

 

 

 

هذا تفسير لصفة المقاصة, وأنها هي المماثلة في مقابلة المعتدي.

 

 

 

 

ولما كانت النفوس - في الغالب - لا تقف على حدها إذا رخص لها في المعاقبة لطلبها التشفي,

 

 

 

أمر تعالى بلزوم تقواه, التي هي الوقوف عند حدوده, وعدم تجاوزها,

 

 

 

وأخبر تعالى أنه { مَعَ الْمُتَّقِينَ }

 

 

 

أي: بالعون, والنصر, والتأييد, والتوفيق.

 

 

 

ومن كان الله معه, حصل له السعادة الأبدية

 

 

 

ومن لم يلزم التقوى تخلى عنه وليه, وخذله, فوكله إلى نفسه فصار هلاكه أقرب إليه من حبل الوريد.

 

 

 

 

 

']

 

 

 

 

* اقتصَّ:

 

 

 

اقتصَّ / اقتصَّ من يقتصّ ، اقْتَصِصْ / اقْتَصَّ ، اقْتِصاصًا ، فهو مُقتَصّ ، والمفعول مُقتَصّ :-

 

 

 

• اقتصَّ الأَثَر قصّه ، تتبّعه .

 

 

 

• اقتصَّ من عَدُوِّه : فَعَل بعدُوِّه مثل ما فَعل به ، أخذ منه القصاص .

 

 

 

* قاصَّ: ( فعل )

 

 

 

 

قاصَّ يُقاصّ ، قاصِصْ / قاصَّ ، مُقاصَّةً وقِصاصًا ، فهو مُقاصّ ، والمفعول مُقاصّ

قَاصَّ الْمُجْرِمَ : أَوْقَعَ بِهِ القِصَاصَ

قَاصَّهُ مُقاصَّةً : كان له دَينٌ مثل ما على صَاحبه ، فجعل الدَّينَ في مقابلة الدَّين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

 

قال الله تعالى: { وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } (195)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يأمر تعالى عباده بالنفقة في سبيله, وهو إخراج الأموال في الطرق الموصلة إلى الله، وهي كل طرق الخير, من صدقة على مسكين, أو قريب, أو إنفاق على من تجب مؤنته.

 

وأعظم ذلك وأول ما دخل في ذلك الإنفاق في الجهاد في سبيل الله، فإن النفقة فيه جهاد بالمال, وهو فرض كالجهاد بالبدن، وفيها من المصالح العظيمة, الإعانة على تقوية المسلمين, وعلى توهية الشرك وأهله, وعلى إقامة دين الله وإعزازه، فالجهاد في سبيل الله لا يقوم إلا على ساق النفقة، فالنفقة له كالروح, لا يمكن وجوده بدونها، وفي ترك الإنفاق في سبيل الله, إبطال للجهاد, وتسليط للأعداء, وشدة تكالبهم،

فيكون قوله تعالى: ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) كالتعليل لذلك،

والإلقاء باليد إلى التهلكة يرجع إلى أمرين:

- ترك ما أمر به العبد, إذا كان تركه موجبا أو مقاربا لهلاك البدن أو الروح،

- وفعل ما هو سبب موصل إلى تلف النفس أو الروح,

فيدخل تحت ذلك أمور كثيرة، فمن ذلك, ترك الجهاد في سبيل الله, أو النفقة فيه, الموجب لتسلط الأعداء، ومن ذلك تغرير الإنسان بنفسه في مقاتلة أو سفر مخوف, أو محل مسبعة أو حيات, أو يصعد شجرا أو بنيانا خطرا, أو يدخل تحت شيء فيه خطر ونحو ذلك،

فهذا ونحوه, ممن ألقى بيده إلى التهلكة.

 

ومن الإلقاء باليد إلى التهلكة الإقامة على معاصي الله, واليأس من التوبة، ومنها ترك ما أمر الله به من الفرائض, التي في تركها هلاك للروح والدين.

 

 

ولما كانت النفقة في سبيل الله نوعا من أنواع الإحسان, أمر بالإحسان عموما فقال: ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان, لأنه لم يقيده بشيء دون شيء، فيدخل فيه الإحسان بالمال كما تقدم.

ويدخل فيه الإحسان بالجاه, بالشفاعات ونحو ذلك، ويدخل في ذلك, الإحسان بالأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وتعليم العلم النافع، ويدخل في ذلك قضاء حوائج الناس, من تفريج كرباتهم وإزالة شداتهم, وعيادة مرضاهم, وتشييع جنائزهم, وإرشاد ضالهم, وإعانة من يعمل عملا والعمل لمن لا يحسن العمل ونحو ذلك, مما هو من الإحسان الذي أمر الله به، ويدخل في الإحسان أيضا, الإحسان في عبادة الله تعالى, وهو كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: « أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه, فإنه يراك »

 

فمن اتصف بهذه الصفات, كان من الذين قال الله فيهم: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } وكان الله معه يسدده ويرشده ويعينه على كل أموره.

 

ولما فرغ تعالى من [ ذكر ] أحكام الصيام فالجهاد, ذكر أحكام الحج فقال:

 

 

 

 

 

* مُؤنة: ( اسم )

الجمع: مُؤْنات و مُؤُنات و مُؤَن.

المُؤْنَةُ: مئونة ؛ قُوت ، موادّ تخزّن ليتمّ استهلاكُها عند الحاجة :- أعطاه مؤنةً من الحبوب تكفيه شهرًا ، - لم يكن يمتلك مؤنة يومه.

ذخيرة ، عتاد حربيّ.

 

 

* وهَى: ( فعل )

وهَى يَهِي ، هِ / هِهْ ، وَهْيًا ووُهِيًّا ، فهو واهٍ.

وهَى الشَّخصُ: ضعُف.

وَهَتْ عَزِيمَتُهُ: خَارَتْ ، تَضَعْضَعَتْ.

 

 

* تَكالَبَ: ( فعل )

تكالبَ / تكالبَ على يتكالب ، تكالُبًا ، فهو مُتكالِب ، والمفعول مُتكالَب عليه.

 

تَكالُب: ( اسم )

مصدر تَكالَبَ.

تَكالُبُ الأعْداءِ: إِظْهارُ العَداوَةِ لِبَعْضِهِمْ ، التَّجاهُرُ بِها.

 

 

* تغرير: ( اسم )

تغرير: مصدر غَرَّرَ.

 

غَرَّرَ: ( فعل )

غرَّرَ / غرَّرَ بـ يُغرِّر ، تغريرًا ، وتَغِرَّةً ، فهو مُغرِّر ، والمفعول مُغرَّر - للمتعدِّي.

غَرَّرَ بِهِ: عَرَّضَهُ لِلْهَلاَكِ.

 

 

* مَسبَعة: ( اسم ) ، الجمع: مَسَابِعُ.

المَسْبَعُ: موضِع السَّبُعِ.

المَسْبَعَةُ: الأَرضُ الكثيرةُ السِّباع.

 

 

* سَدَّدَ: ( فعل )

سدَّدَ يُسدِّد ، تسديدًا ، فهو مُسدِّد ، والمفعول مُسدَّد.

سدَّد اللهُ خطاه: قوّاه ووفَّقه ، هداه إلى الطريق الصواب.

سدَّد اللهُ الشَّخصَ: هداه ووفَّقه إلى الصواب ، أصلحه وأرشده.

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

 

قال الله تعالى: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (196)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يستدل بقوله [تعالى]: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ } على أمور:

أحدها: وجوب الحج والعمرة, وفرضيتهما.

الثاني: وجوب إتمامهما بأركانهما, وواجباتهما, التي قد دل عليها فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: " خذوا عني مناسككم "

الثالث: أن فيه حجة لمن قال بوجوب العمرة.

الرابع: أن الحج والعمرة يجب إتمامهما بالشروع فيهما, ولو كانا نفلا.

الخامس: الأمر بإتقانهما وإحسانهما, وهذا قدر زائد على فعل ما يلزم لهما.

السادس: وفيه الأمر بإخلاصهما لله تعالى.

السابع: أنه لا يَخرج المُحْرِمُ بهما بشيء من الأشياء حتى يكملهما, إلا بما استثناه الله, وهو الحصر, فلهذا قال: { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ } أي: مُنِعْتُمْ من الوصول إلى البيت لتكميلهما, بمرض, أو ضلالة, أو عدو, ونحو ذلك من أنواع الحصر, الذي هو المنع.

 

{ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } أي: فاذبحوا ما استيسر من الهدي, وهو سبع بدنة, أو سبع بقرة, أو شاة يذبحها المحصر, ويحلق ويحل من إحرامه بسبب الحصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, لما صدهم المشركون عام الحديبية، فإن لم يجد الهدي, فليصم بدله عشرة أيام كما في المتمتع ثم يحل.

 

ثم قال تعالى: { وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } وهذا من محظورات الإحرام, إزالة الشعر, بحلق أو غيره, لأن المعنى واحد من الرأس, أو من البدن, لأن المقصود من ذلك, حصول الشعث والمنع من الترفه بإزالته, وهو موجود في بقية الشعر.

وقاس كثير من العلماء على إزالة الشعر, تقليم الأظفار بجامع الترفه،

ويستمر المنع مما ذكر, حتى يبلغ الهدي محله, وهو يوم النحر،

والأفضل أن يكون الحلق بعد النحر, كما تدل عليه الآية.

 

ويستدل بهذه الآية على أن المتمتع إذا ساق الهدي, لم يتحلل من عمرته قبل يوم النحر، فإذا طاف وسعى للعمرة, أحرم بالحج, ولم يكن له إحلال بسبب سوق الهدي،

وإنما منع تبارك وتعالى من ذلك, لما فيه من الذل والخضوع لله والانكسار له, والتواضع الذي هو عين مصلحة العبد, وليس عليه في ذلك من ضرر،

فإذا حصل الضرر بأن كان به أذى من مرض, ينتفع بحلق رأسه له, أو قروح, أو قمل ونحو ذلك فإنه يحل له أن يحلق رأسه,

ولكن يكون عليه فدية من صيام ثلاثة أيام, أو صدقة على ستة مساكين أو نسك ما يجزئ في أضحية, فهو مخير، والنسك أفضل, فالصدقة, فالصيام.

ومثل هذا, كل ما كان في معنى ذلك, من تقليم الأظفار, أو تغطية الرأس, أو لبس المخيط, أو الطيب, فإنه يجوز عند الضرورة, مع وجوب الفدية المذكورة لأن القصد من الجميع, إزالة ما به يترفه.

 

ثم قال تعالى: { فَإِذَا أَمِنْتُمْ } أي: بأن قدرتم على البيت من غير مانع عدو وغيره، { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ } بأن توصل بها إليه, وانتفع بتمتعه بعد الفراغ منها.

 

{ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } أي: فعليه ما تيسر من الهدي, وهو ما يجزئ في أضحية، وهذا دم نسك, مقابلة لحصول النسكين له في سفرة واحدة, ولإنعام الله عليه بحصول الانتفاع بالمتعة بعد فراغ العمرة, وقبل الشروع في الحج، ومثلها القِران لحصول النسكين له.

 

ويدل مفهوم الآية, على أن المفرد للحج, ليس عليه هدي، ودلت الآية, على جواز, بل فضيلة المتعة, وعلى جواز فعلها في أشهر الحج.

 

{ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ } أي الهدي أو ثمنه { فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ } أول جوازها من حين الإحرام بالعمرة, وآخرها ثلاثة أيام بعد النحر, أيام رمي الجمار, والمبيت بـ "منى" ولكن الأفضل منها, أن يصوم السابع, والثامن, والتاسع، { وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } أي: فرغتم من أعمال الحج, فيجوز فعلها في مكة, وفي الطريق, وعند وصوله إلى أهله.

 

{ ذَلِكَ } المذكور من وجوب الهدي على المتمتع { لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } بأن كان عند مسافة قصر فأكثر, أو بعيدا عنه عرفات, فهذا الذي يجب عليه الهدي, لحصول النسكين له في سفر واحد، وأما من كان أهله من حاضري المسجد الحرام, فليس عليه هدي لعدم الموجب لذلك.

 

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ } أي: في جميع أموركم, بامتثال أوامره, واجتناب نواهيه، ومن ذلك, امتثالكم, لهذه المأمورات, واجتناب هذه المحظورات المذكورة في هذه الآية.

 

{ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } أي: لمن عصاه, وهذا هو الموجب للتقوى,

فإن من خاف عقاب الله, انكف عما يوجب العقاب،

كما أن من رجا ثواب الله عمل لما يوصله إلى الثواب،

وأما من لم يخف العقاب, ولم يرجُ الثواب, اقتحم المحارم, وتجرأ على ترك الواجبات.

 

 

 

 

 

* أَحَلَّ: ( فعل )

أحلَّ يُحلّ ، أحْلِلْ / أحِلَّ ، إحلالاً ، فهو مُحِلّ ، والمفعول مُحَلّ - للمتعدِّي.

أحلَّ الشَّخصُ / أحلَّ المُحْرِمُ: خرج من إحرامه فجاز له ما كان ممنوعًا منه.

 

 

* هَدي: ( اسم ) مصدر هدَى.

هَدْي: جمع هَدية.

 

الهَدْيُ: ما يُساق إلى البيت الحرام من الأنعام للتَّصدُّق بلحمه بعد ذبحه.

 

الهَدْيُ:

الهَدْيُ: ما يُهدَى إِلى الحرَم من النَّعَم.

وفي التنزيل العزيز: البقرة آية 196 وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) ) .

 

يبلغ الهدي محلّه:

مكان وجوب ذبحه ( الحرم ) أو حيث أحصِرتم ( حِلاً أو حَرَمًا )

سورة: البقرة ، آية رقم : 196

 

من الهدْي: هو هدي التّمتّع.

سورة: البقرة ، آية رقم : 196

 

 

* أَشْعَثُ: ( اسم )

الجمع: شُعْثٌ المؤنث: شَعْثاءُ.

أَشْعَثُ الشَّعْرِ: مُغْبَرٌّ ، مُتَلَبِّدٌ.

 

شَعَث: ( اسم ) مصدر شَعِثَ.

الشَّعَثُ: ما تفرَّق من الأُمور.

 

 

* مُتَمَتِّع: ( اسم ) ، فاعل مِنْ تَمَتَّعَ.

سعي المتمتع:

المتمتع هو الذي يتمتع بالعمرة إلى الحج أي أَقَام معتمرًا في الحرم حتى أَدَّى الحَجَّ فضَمَّ العُمرةَ إِلى الحَجّ.

 

 

* تحلَّلَ: ( فعل )

تحلَّلَ / تحلَّلَ في / تحلَّلَ من يتحلّل ، تحلُّلاً ، فهو مُتحلِّل ، والمفعول متحلَّل فيه.

تحلَّل من الشَّيء: تخلَّص منه تحلَّل من التَّبِعة.

تَحَلَّلَهُ: سَأَلَهُ أَنْ يَجَعَلَهُ فِي حِلٍّ.

 

 

* نَسَكَ: ( فعل )

نَسَكَ لِلَّهِ: تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِأَعْمَالِ البِرِّ والطَّاعَةِ.

نَسَكَ: ذبح ذبيحةً تقرَّب بها إِلى الله.

 

نُسك: ( اسم )

النُّسُكُ: النُّسْكُ ( مصدر نَسَكَ ) جمع نسيكة.

عَاشَ فِي نُسْكٍ: فِي زُهْدٍ وَتَعَبُّدٍ.

النُّسْكُ: كلّ حقٍّ لله تعالى.

 

 

* أُضحيَّة: ( اسم )

أُضحيَّة: جمع أضْحِيَّةَ.

ذبيحة ؛ اسم لما يذبح في أيّام النحر بنيَّة التَّقرُّب إلى الله تعالى ذبح الأضحيَة بعد الصلاة مباشرة.

 

أضْحِيَة: جمع أُضْحِيات وأضاحٍ: أُضحيَّة ، ذبيحة ؛ اسم لما يذبح في أيّام النحر بنيَّة التَّقرُّب إلى الله تعالى :- ذبح الأضحيَة بعد الصلاة مباشرة.

أضحية:‏ ما يضحى به من الحيوان , وهي الأنعام التي تذبح يوم النحر إقامة للسنة.

ذبح الأضحية:‏ قطع حلقوم الحيوان المضحى به.

 

 

* سعي المفرد:‏ وهو الذي أفرد بالحج بدون العمرة.

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } (197)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يخبر تعالى أن { الْحَجَّ } واقع في { أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } عند المخاطبين, مشهورات, بحيث لا تحتاج إلى تخصيص، كما احتاج الصيام إلى تعيين شهره, وكما بين تعالى أوقات الصلوات الخمس.

 

وأما الحج فقد كان من ملة إبراهيم, التي لم تزل مستمرة في ذريته معروفة بينهم.

 

والمراد بالأشهر المعلومات عند جمهور العلماء: شوال, وذو القعدة, وعشر من ذي الحجة, فهي التي يقع فيها الإحرام بالحج غالبا.

 

{ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } أي: أحرم به, لأن الشروع فيه يصيره فرضا, ولو كان نفلا.

واستدل بهذه الآية الشافعي ومن تابعه, على أنه لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره، قلت لو قيل: إن فيها دلالة لقول الجمهور, بصحة الإحرام [بالحج] قبل أشهره لكان قريبا، فإن قوله: { فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } دليل على أن الفرض قد يقع في الأشهر المذكورة وقد لا يقع فيها, وإلا لم يقيده.

 

وقوله: { فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } أي: يجب أن تعظموا الإحرام بالحج, وخصوصا الواقع في أشهره, وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه, من

الرفث وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية, خصوصا عند النساء بحضرتهن.

والفسوق وهو: جميع المعاصي, ومنها محظورات الإحرام.

والجدال وهو: المماراة والمنازعة والمخاصمة, لكونها تثير الشر, وتوقع العداوة.

 

والمقصود من الحج, الذل والانكسار لله, والتقرب إليه بما أمكن من القربات, والتنزه عن مقارفة السيئات, فإنه بذلك يكون مبرورا ، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة،

وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل مكان وزمان, فإنها يتغلظ المنع عنها في الحج.

 

واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله بترك المعاصي حتى يفعل الأوامر، ولهذا قال تعالى: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ } أتى بـ " من " لتنصيص على العموم، فكل خير وقربة وعبادة, داخل في ذلك،

أي: فإن الله به عليم, وهذا يتضمن غاية الحث على أفعال الخير, وخصوصا في تلك البقاع الشريفة والحرمات المنيفة, فإنه ينبغي تدارك ما أمكن تداركه فيها, من صلاة, وصيام, وصدقة, وطواف, وإحسان قولي وفعلي.

 

ثم أمر تعالى بالتزود لهذا السفر المبارك, فإن التزود فيه الاستغناء عن المخلوقين, والكف عن أموالهم, سؤالا واستشرافا، وفي الإكثار منه نفع وإعانة للمسافرين, وزيادة قُربة لرب العالمين، وهذا الزاد الذي المراد منه إقامة البنية بلغة ومتاع.

وأما الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه, في دنياه, وأخراه, فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار, وهو الموصل لأكمل لذة, وأجل نعيم دائم أبدا،

ومن ترك هذا الزاد, فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر, وممنوع من الوصول إلى دار المتقين. فهذا مدح للتقوى.

ثم أمر بها أولي الألباب فقال: { وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } أي: يا أهل العقول الرزينة, اتقوا ربكم الذي تقواه أعظم ما تأمر به العقول, وتركها دليل على الجهل, وفساد الرأي.

 

 

 

 

* حَجٌّ مَبْرُورٌ: لاَ يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَآثِمِ.

 

 

* غَلَظَ: ( فعل )

غلَظَ / غلَظَ على يَغلِظ ، غِلَظًا وغَلاظةً وغِلْظَةً ، فهو غليظ ، والمفعول مغلوظ عليه.

غلَظ الشَّيءُ ثخُن وصلُب ، خلاف رقَّ ودقَّ ولان.

الدِّيَّة المغلّظة: الشديدة القويّة التي تجب في شبه العمد.

 

 

* الحُرُمات: ما تجب المحافظة عليه. سورة: البقرة ، آية رقم : 194

 

* مُنِيف: ( اسم ) فاعل من أَنافَ.

عِزٌّ مُنِيفٌ: عالٍ تامٌّ. أناف الشيء: ارتفع.

 

 

* كَفَّ عن الأَمر كَفًّا: انصرف وامتنع.

 

 

* اِستِشراف: ( اسم ) مصدر اِسْتَشْرَفَ.

اسْتَشْرَفَ: انْتَصَب وعَلاَ.

 

 

* الزَّادُ: طعام يُتَّخَذُ للسفر.

الزَّادُ: ما يكتسبه الإِنسان من خَيرٍ أَو شرّ.

الزَّادُ: حاجة أساسيَّة لا يستطاع بدونه.

 

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة زُلفى

تمت دراسة تفسير الآيات

 

أسأل الله أن يرزقني وإياكِ زيارة بيته الحرام

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) }

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

لما أمر تعالى بالتقوى, أخبر تعالى أن ابتغاء فضل الله بالتكسب في مواسم الحج وغيره, ليس فيه حرج إذا لم يشغل عما يجب إذا كان المقصود هو الحج,

وكان الكسب حلالا منسوبا إلى فضل الله, لا منسوبا إلى حذق العبد, والوقوف مع السبب, ونسيان المسبب, فإن هذا هو الحرج بعينه.

 

وفي قوله: { فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ }

دلالة على أمور:

أحدها: الوقوف بعرفة, وأنه كان معروفا أنه ركن من أركان الحج، فالإفاضة من عرفات, لا تكون إلا بعد الوقوف.

الثاني: الأمر بذكر الله عند المشعر الحرام, وهو المزدلفة, وذلك أيضا معروف, يكون ليلة النحر بائتا بها, وبعد صلاة الفجر, يقف في المزدلفة داعيا, حتى يسفر جدا, ويدخل في ذكر الله عنده, إيقاع الفرائض والنوافل فيه.

الثالث: أن الوقوف بمزدلفة, متأخر عن الوقوف بعرفة, كما تدل عليه الفاء والترتيب.

الرابع, والخامس: أن عرفات ومزدلفة, كلاهما من مشاعر الحج المقصود فعلها, وإظهارها.

السادس: أن مزدلفة في الحرم, كما قيده بالحرام.

السابع: أن عرفة في الحل, كما هو مفهوم التقييد بـ " مزدلفة "

 

{ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ }

أي: اذكروا الله تعالى كما منّ عليكم بالهداية بعد الضلال, وكما علمكم ما لم تكونوا تعلمون، فهذه من أكبر النعم, التي يجب شكرها ومقابلتها بذكر المنعم بالقلب واللسان.

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (199)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ }

أي: ثم أفيضوا من مزدلفة من حيث أفاض الناس, من لدن إبراهيم عليه السلام إلى الآن

والمقصود من هذه الإفاضة كان معروفا عندهم, وهو رمي الجمار, وذبح الهدايا, والطواف, والسعي, والمبيت بـ " مِنى " ليالي التشريق وتكميل باقي المناسك.

 

ولما كانت [هذه] الإفاضة, يقصد بها ما ذكر, والمذكورات آخر المناسك,

أمر تعالى عند الفراغ منها باستغفاره والإكثار من ذكره،

فالاستغفار للخلل الواقع من العبد, في أداء عبادته وتقصيره فيها،

وذكر الله شكر الله على إنعامه عليه بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنة الجسيمة.

 

وهكذا ينبغي للعبد, كلما فرغ من عبادة, أن يستغفر الله عن التقصير, ويشكره على التوفيق, لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة, ومَنّ بها على ربه, وجعلت له محلا ومنزلة رفيعة, فهذا حقيق بالمقت, ورد الفعل، كما أن الأول, حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أخر.

']

* مَقَتَ: ( فعل )

مقَتَ يمقُت ، مَقْتًا ، فهو ماقت ، والمفعول مَمْقوتٌ

مَقَتَ الرَّجُلَ : أَبْغَضَهُ أَشَدَّ البُغْضِ

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَاب (202) }

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم أخبر تعالى عن أحوال الخلق, وأن الجميع يسألونه مطالبهم, ويستدفعونه ما يضرهم, ولكن مقاصدهم تختلف، فمنهم:

{ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا }

أي: يسأله من مطالب الدنيا ما هو من شهواته, وليس له في الآخرة من نصيب, لرغبته عنها, وقصر همته على الدنيا،

ومنهم من يدعو الله لمصلحة الدارين, ويفتقر إليه في مهمات دينه ودنياه،

وكل من هؤلاء وهؤلاء, لهم نصيب من كسبهم وعملهم, وسيجازيهم تعالى على حسب أعمالهم, وهماتهم ونياتهم, جزاء دائرا بين العدل والفضل, يحمد عليه أكمل حمد وأتمه،

 

وفي هذه الآية دليل على أن الله يجيب دعوة كل داع, مسلما أو كافرا, أو فاسقا،

ولكن ليست إجابته دعاء من دعاه, دليلا على محبته له وقربه منه, إلا في مطالب الآخرة ومهمات الدين.

 

والحسنة المطلوبة في الدنيا يدخل فيها كل ما يحسن وقعه عند العبد, من رزق هنيء واسع حلال, وزوجة صالحة, وولد تقر به العين, وراحة, وعلم نافع, وعمل صالح, ونحو ذلك, من المطالب المحبوبة والمباحة.

وحسنة الآخرة, هي السلامة من العقوبات, في القبر, والموقف, والنار, وحصول رضا الله, والفوز بالنعيم المقيم, والقرب من الرب الرحيم،

 

فصار هذا الدعاء, أجمع دعاء وأكمله, وأولاه بالإيثار, ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء به, والحث عليه.

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أسأل الله أن يرزقني وإياكِ زيارة بيته الحرام

 

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ

 

 

اللـــــهـــــم آمـــــيـــــن.

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

 

قال الله تعالى: { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } (203)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ويدخل في ذكر الله فيها, ذكره عند رمي الجمار, وعند الذبح, والذكر المقيد عقب الفرائض،

بل قال بعض العلماء: إنه يستحب فيها التكبير المطلق, كالعشر, وليس ببعيد.

 

{ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ } أي: خرج من " منى " ونفر منها قبل غروب شمس اليوم الثاني { فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ } بأن بات بها ليلة الثالث ورمى من الغد { فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ } وهذا تخفيف من الله [تعالى] على عباده, في إباحة كلا الأمرين،

ولكن من المعلوم أنه إذا أبيح كلا الأمرين, فالمتأخر أفضل, لأنه أكثر عبادة.

 

ولما كان نفي الحرج قد يفهم منه نفي الحرج في ذلك المذكور وفي غيره, والحاصل أن الحرج منفي عن المتقدم، والمتأخر فقط قيده بقوله: { لِمَنِ اتَّقَى } أي: اتقى الله في جميع أموره, وأحوال الحج،

- فمن اتقى الله في كل شيء, حصل له نفي الحرج في كل شيء،

- ومن اتقاه في شيء دون شيء, كان الجزاء من جنس العمل.

 

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ } بامتثال أوامره واجتناب معاصيه، { وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } فمجازيكم بأعمالكم، فمن اتقاه, وجد جزاء التقوى عنده, ومن لم يتقه, عاقبه أشد العقوبة،

فالعلم بالجزاء من أعظم الدواعي لتقوى الله, فلهذا حث تعالى على العلم بذلك.

 

 

 

 

* الذكر المُقَيَّد: هو الذكر في أوقات مخصوصة وبصفات معينة كالذكر بعد الصلوات المفروضة.

 

* الذكر المُطْلَق: هو الذي ليس له ارتباط بوقت معين ولا بكيفية معينة.

 

 

* نُفور: ( اسم )

نُفور: مصدر نَفَرَ ، الْكُرْهُ ، الإِعْرَاضُ ، التَّبَاعُدُ.

يَوْمُ النُّفور: اليوم الثَّالث من عيد النَّحر ينفرُ القومُ فيه من منى إلى مكَّة.

نَفَرَ: ( فعل )

نفَرَ / نفَرَ من يَنفِر ، نَفْرًا ونُفورًا و نِفارًا ، فهو نافر ، والمفعول مَنْفور.

نفَر الحُجَّاجُ من مِنَى: اندفعوا إلى مكّة.

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } (204)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

لما أمر تعالى بالإكثار من ذكره, وخصوصا في الأوقات الفاضلة الذي هو خير ومصلحة وبر, أخبر تعالى بحال من يتكلم بلسانه ويخالف فعله قوله,

فالكلام إما أن يرفع الإنسان أو يخفضه فقال: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: إذا تكلم راق كلامه للسامع، وإذا نطق, ظننته يتكلم بكلام نافع, ويؤكد ما يقول بأنه { وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ } بأن يخبر أن الله يعلم, أن ما في قلبه موافق لما نطق به, وهو كاذب في ذلك, لأنه يخالف قوله فعله.

فلو كان صادقا, لتوافق القول والفعل, كحال المؤمن غير المنافق, فلهذا قال: { وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ } أي: إذا خاصمته, وجدت فيه من اللَّدد والصعوبة والتعصب, وما يترتب على ذلك, ما هو من مقابح الصفات, ليس كأخلاق المؤمنين, الذين جعلوا السهولة مركبهم, والانقياد للحق وظيفتهم, والسماحة سجيتهم.

 

 

 

 

* سَجيّة: ( اسم ) ، الجمع: سَجِيّات و سَجايا.

السَّجِيَّة: الطبيعةُ والخُلُقُ.

يتَحَلَّى بِسَجَايَا نَبِيلَةٍ: بِأَخْلاَقٍ نَبِيلَةٍ.

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ } (205)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ وَإِذَا تَوَلَّى } هذا الذي يعجبك قوله إذا حضر عندك { سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا } أي: يجتهد على أعمال المعاصي, التي هي إفساد في الأرض { وَيُهْلِكَ } بسبب ذلك { الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ } فالزروع والثمار والمواشي, تتلف وتنقص, وتقل بركتها, بسبب العمل في المعاصي، { وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ } وإذا كان لا يحب الفساد, فهو يبغض العبد المفسد في الأرض, غاية البغض, وإن قال بلسانه قولا حسنا.

 

ففي هذه الآية دليل على أن الأقوال التي تصدر من الأشخاص, ليست دليلا على صدق ولا كذب, ولا بر ولا فجور حتى يوجد العمل المصدق لها, المزكي لها ، وأنه ينبغي اختبار أحوال الشهود, والمحق والمبطل من الناس, بــسبر أعمالهم, والنظر لقرائن أحوالهم, وأن لا يغتر بتمويههم وتزكيتهم أنفسهم.

 

 

* سَبَرَ: ( فعل )

سبَرَ يَسبُر ويَسبِر ، سَبْرًا ، فهو سابِر ، والمفعول مَسْبور.

سبَر الشَّيءَ: قاس غَوْره ليتعرَّف عمقَه ومقدارَه.

سَبَرَ قُدْرَتَه: اِخْتَبَرَهُ ، جَرَّبَهُ.

سبر فلانا: خبرَه ليعرف ما عنده ويحدِّد نواياه أو دوافعه الحقيقيّة.

 

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فمن اتقى الله في كل شيء, حصل له نفي الحرج في كل شيء

 

فالكلام إما أن يرفع الإنسان أو يخفضه

الأقوال التي تصدر من الأشخاص, ليست دليلا على صدق ولا كذب, ولا بر ولا فجور حتى يوجد العمل المصدق لها, المزكي لها

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة زُلفى

تمت دراسة تفسير الآيات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم ذكر أن هذا المفسد في الأرض بمعاصي الله, إذا أمر بتقوى الله تكبر وأنف،

و{أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ } فيجمع بين العمل بالمعاصي والكبر على الناصحين.

 

{فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ} التي هي دار العاصين والمتكبرين

{ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } أي: المستقر والمسكن, عذاب دائم, وهم لا ينقطع, ويأس مستمر, لا يخفف عنهم العذاب, ولا يرجون الثواب, جزاء لجناياتهم ومقابلة لأعمالهم،

فعياذا بالله من أحوالهم.

 

أَنِفَ: ( فعل )

أنِفَ / أنِفَ من يأنَف ، أَنَفًا وأَنَفةً ، فهو آنِف ، والمفعول مَأْنوف

أَنِفَ مِنَ الطَّعامِ : تَقَزَّزَتْ نَفْسُهُ ، أَيْ شُعورُ الْمَرْءِ بِعَدَمِ القُدْرَةِ على الاقْتِرابِ مِنَ الطَّعامِ أَوْ بَلْعِهِ ، عافَهُ أَنِفَتِ الحامِلُ

أَنِفَ مِنَ اللَّهْوِ : تَنَزَّهَ عَنْهُ ، تَرَفَّعَ عَنْهُ أَنِفَ اللَّهْوَ

أَنِفَ مِنْ عَدَمِ الشُّغْلِ : اِشْتَكَى

أَنِفَ الْمُسافِرُ : سافَرَ أَوَّلَ النَّهارِ أَو أَوَّلَ اللَّيْلِ

أَنِفَ الوَلَدُ : اِشْتَكَى أَنْفَهُ

أنِف من النَّاس : استنكف واستكبر

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هؤلاء هم الموفقون الذين باعوا أنفسهم وأرخصوها وبذلوها طلبا لمرضاة الله ورجاء لثوابه،

فهم بذلوا الثمن للمليء الوفي الرءوف بالعباد، الذي من رأفته ورحمته أن وفقهم لذلك، وقد وعد الوفاء بذلك، فقال:

{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ } إلى آخر الآية.

 

وفي هذه الآية أخبر أنهم اشتروا أنفسهم وبذلوها، وأخبر برأفته الموجبة لتحصيل ما طلبوا، وبذل ما به رغبوا، فلا تسأل بعد هذا عن ما يحصل لهم من الكريم، وما ينالهم من الفوز والتكريم

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208) }

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذا أمر من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا {فِي السِّلْمِ كَافَّةً }

أي: في جميع شرائع الدين, ولا يتركوا منها شيئا,

وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه, إن وافق الأمر المشروع هواه فعله, وإن خالفه, تركه،

بل الواجب أن يكون الهوى, تبعا للدين, وأن يفعل كل ما يقدر عليه, من أفعال الخير, وما يعجز عنه, يلتزمه وينويه, فيدركه بنيته.

 

ولما كان الدخول في السلم كافة, لا يمكن ولا يتصور إلا بمخالفة طرق الشيطان قال: { وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} أي: في العمل بمعاصي الله

 

{ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } والعدو المبين, لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء, وما به الضرر عليكم.

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209) }

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ولما كان العبد لا بد أن يقع منه خلل وزلل, قال تعالى:

{ فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ }

أي: على علم ويقين

 

{ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } وفيه من الوعيد الشديد, والتخويف, ما يوجب ترك الزلل, فإن العزيز القاهر الحكيم, إذا عصاه العاصي, قهره بقوته, وعذبه بمقتضى حكمته فإن من حكمته, تعذيب العصاة والجناة.

 

 

زَلَل: ( اسم )

مصدر زَلَّ

زَلَل : ذَنْبٌ ، إِثْمٌ

مَكانٌ زَلَلٌ : يُزَلُّ فيهِ

في المِيزَانِ زَلَلٌ : نُقْصانٌ

 

 

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

 

قال الله تعالى: { هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ } (210)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

وهذا فيه من الوعيد الشديد والتهديد ما تنخلع له القلوب،

يقول تعالى: هل ينتظر الساعون في الفساد في الأرض, المتبعون لخطوات الشيطان, النابذون لأمر الله إلا يوم الجزاء بالأعمال, الذي قد حشي من الأهوال والشدائد والفظائع, ما يقلقل قلوب الظالمين, ويحق به الجزاء السيئ على المفسدين.

 

وذلك أن الله تعالى يطوي السماوات والأرض, وتنثر الكواكب, وتكور الشمس والقمر, وتنزل الملائكة الكرام, فتحيط بالخلائق, وينزل الباري [تبارك] تعالى: { فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ } ليفصل بين عباده بالقضاء العدل.

 

فتوضع الموازين, وتنشر الدواوين, وتبيض وجوه أهل السعادة وتسود وجوه أهل الشقاوة, ويتميز أهل الخير من أهل الشر، وكل يجازى بعمله، فهنالك يعض الظالم على يديه إذا علم حقيقة ما هو عليه.

 

 

وهذه الآية وما أشبهها دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, المثبتين للصفات الاختيارية, كالاستواء, والنزول, والمجيء, ونحو ذلك من الصفات التي أخبر بها تعالى, عن نفسه, أو أخبر بها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، فيثبتونها على وجه يليق بجلال الله وعظمته, من غير تشبيه ولا تحريف،

خلافا للمعطلة على اختلاف أنواعهم, من الجهمية, والمعتزلة, والأشعرية ونحوهم, ممن ينفي هذه الصفات, ويتأول لأجلها الآيات بتأويلات ما أنزل الله عليها من سلطان, بل حقيقتها القدح في بيان الله وبيان رسوله, والزعم بأن كلامهم هو الذي تحصل به الهداية في هذا الباب،

فهؤلاء ليس معهم دليل نقلي, بل ولا دليل عقلي،

 

أما النقلي فقد اعترفوا أن النصوص الواردة في الكتاب والسنة, ظاهرها بل صريحها, دال على مذهب أهل السنة والجماعة, وأنها تحتاج لدلالتها على مذهبهم الباطل, أن تخرج عن ظاهرها ويزاد فيها وينقص، وهذا كما ترى لا يرتضيه من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.

 

وأما العقل فليس في العقل ما يدل على نفي هذه الصفات، بل العقل دل على أن الفاعل أكمل من الذي لا يقدر على الفعل, وأن فعله تعالى المتعلق بنفسه والمتعلق بخلقه هو كمال،

فإن زعموا أن إثباتها يدل على التشبيه بخلقه، قيل لهم: الكلام على الصفات, يتبع الكلام على الذات، فكما أن لله ذاتا لا تشبهها الذوات, فلله صفات لا تشبهها الصفات، فصفاته تبع لذاته, وصفات خلقه, تبع لذواتهم, فليس في إثباتها ما يقتضي التشبيه بوجه.

 

ويقال أيضا, لمن أثبت بعض الصفات, ونفى بعضا, أو أثبت الأسماء دون الصفات:

إما أن تثبت الجميع كما أثبته الله لنفسه, وأثبته رسوله، وإما أن تنفي الجميع, وتكون منكرا لرب العالمين،

وأما إثباتك بعض ذلك, ونفيك لبعضه, فهذا تناقض،

ففرق بين ما أثبته, وما نفيته, ولن تجد إلى الفرق سبيلا،

فإن قلت: ما أثبته لا يقتضي تشبيها، قال لك أهل السنة: والإثبات لما نفيته لا يقتضي تشبيها،

فإن قلت: لا أعقل من الذي نفيته إلا التشبيه، قال لك النفاة: ونحن لا نعقل من الذي أثبته إلا التشبيه، فما أجبت به النفاة, أجابك به أهل السنة, لما نفيته.

 

والحاصل أن من نفى شيئا وأثبت شيئا مما دل الكتاب والسنة على إثباته, فهو متناقض, لا يثبت له دليل شرعي ولا عقلي, بل قد خالف المعقول والمنقول.

 

 

 

* دَوَاوينُ: جمع ديوان.

الدِّيوانُ كل كتاب.

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (211)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يقول تعالى: ( سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ) تدل على الحق, وعلى صدق الرسل, فتيقنوها وعرفوها, فلم يقوموا بشكر هذه النعمة, التي تقتضي القيام بها.

بل كفروا بها وبدلوا نعمة الله كفرا, فلهذا استحقوا أن ينزل الله عليهم عقابه ويحرمهم من ثوابه،

 

وسمَّى الله تعالى كفر النعمة تبديلا لها, لأن من أنعم الله عليه نعمة دينية أو دنيوية, فلم يشكرها, ولم يقم بواجبها, اضمحلت عنه وذهبت, وتبدلت بالكفر والمعاصي, فصار الكفر بدل النعمة،

وأما من شكر الله تعالى, وقام بحقها, فإنها تثبت وتستمر, ويزيده الله منها.

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } (212)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يخبر تعالى أن الذين كفروا بالله وبآياته ورسله, ولم ينقادوا لشرعه, أنهم زينت لهم الحياة الدنيا،

فزينت في أعينهم وقلوبهم, فرضوا بها, واطمأنوا بها وصارت أهواؤهم وإراداتهم وأعمالهم كلها لها,

فأقبلوا عليها, وأكبوا على تحصيلها, وعظموها, وعظموا من شاركهم في صنيعهم, واحتقروا المؤمنين, واستهزأوا بهم

وقالوا: أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا؟

وهذا من ضعف عقولهم ونظرهم القاصر,

فإن الدنيا دار ابتلاء وامتحان, وسيحصل الشقاء فيها لأهل الإيمان والكفران،

بل المؤمن في الدنيا, وإن ناله مكروه, فإنه يصبر ويحتسب, فيخفف الله عنه بإيمانه وصبره ما لا يكون لغيره.

وإنما الشأن كل الشأن, والتفضيل الحقيقي, في الدار الباقية, فلهذا قال تعالى: ( وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) فيكون المتقون في أعلى الدرجات, متمتعين بأنواع النعيم والسرور, والبهجة والحبور.

والكفار تحتهم في أسفل الدركات, معذبين بأنواع العذاب والإهانة, والشقاء السرمدي, الذي لا منتهى له،

 

ففي هذه الآية تسلية للمؤمنين, ونعي على الكافرين.

 

ولما كانت الأرزاق الدنيوية والأخروية, لا تحصل إلا بتقدير الله, ولن تنال إلا بمشيئة الله، قال تعالى: ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )

فــالرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر، وأما رزق القلوب من العلم والإيمان, ومحبة الله وخشيته ورجائه، ونحو ذلك, فلا يعطيها إلا من يحب.

 

 

 

* أَكَبَّ: ( فعل )

أكبَّ على / أكبَّ لـ يُكبّ ، أكْبِبْ / أكِبَّ ، إكبابًا ، فهو مُكِبّ ، والمفعول مُكَبّ عليه.

أكَبَّ عَلَى العِلْمِ وَالدِّرَاسَةِ: اِنْصَرَفَ مُسْتَغْرِقاً ، أقْبَلَ عَلَيْهِ يُكِبُّ عَلَى العِلْمِ صَبَاحَ مَسَاءَ.

أكب على العلم أو العمل: أقبل عليه ولزمه.

أكب عليه: أقبل عليه ولزمه.

 

 

 

* حَبَرَ: ( فعل )

حبَرَ يَحبُر ، حَبْرًا وحُبُورًا ، فهو حابر ، والمفعول مَحْبور.

حَبَرَ بِما رَأَى: سَرَّهُ ، الزخرف آية 70 اُدْخُلوا الجَنَّةَ أَنْتُمْ وأَزْواجُكُمْ تُحْبَرونَ ( قرآن )

حبَر الشَّخصَ: سرَّه وكرّمه ونعَّمه.

 

 

 

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وأما رزق القلوب من العلم والإيمان, ومحبة الله وخشيته ورجائه، ونحو ذلك, فلا يعطيها إلا من يحب.

 

أسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة زُلفى

تمت دراسة تفسير الآيات

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (213)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

( كَانَ النَّاسُ )

أي: كانوا مجتمعين على الهدى، وذلك عشرة قرون بعد نوح عليه السلام،

فلما اختلفوا في الدين فكفر فريق منهم وبقي الفريق الآخر على الدين، وحصل النزاع بعث الله الرسل ليفصلوا بين الخلائق ويقيموا الحجة عليهم

 

وقيل بل كانوا مجتمعين على الكفر والضلال والشقاء, ليس لهم نور ولا إيمان،

فرحمهم الله تعالى بإرسال الرسل إليهم

( مُبَشِّرِينَ ) من أطاع الله بثمرات الطاعات, من الرزق, والقوة في البدن والقلب, والحياة الطيبة, وأعلى ذلك, الفوز برضوان الله والجنة.

( وَمُنذِرِينَ ) من عصى الله, بثمرات المعصية, من حرمان الرزق, والضعف, والإهانة, والحياة الضيقة, وأشد ذلك, سخط الله والنار.

( وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ) وهو الإخبارات الصادقة, والأوامر العادلة، فكل ما اشتملت عليه الكتب, فهو حق, يفصل بين المختلفين في الأصول والفروع،

وهذا هو الواجب عند الاختلاف والتنازع, أن يرد الاختلاف إلى الله وإلى رسوله، ولولا أن في كتابه, وسنة رسوله, فصل النزاع, لما أمر بالرد إليهما.

ولما ذكر نعمته العظيمة بإنزال الكتب على أهل الكتاب, وكان هذا يقتضي اتفاقهم عليها واجتماعهم،

فأخبر تعالى أنهم بغى بعضهم على بعض, وحصل النزاع والخصام وكثرة الاختلاف

فاختلفوا في الكتاب الذي ينبغي أن يكونوا أولى الناس بالاجتماع عليه, وذلك من بعد ما علموه وتيقنوه بالآيات البينات, والأدلة القاطعات, فضلوا بذلك ضلالا بعيدا.

 

( فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) من هذه الأمة

( لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ ) فكل ما اختلف فيه أهل الكتاب, وأخطأوا فيه الحق والصواب, هدى الله للحق فيه هذه الأمة ( بِإِذْنِهِ ) تعالى وتيسيره لهم ورحمته.

( وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) فعمَّ الخلق تعالى بالدعوة إلى الصراط المستقيم, عدلا منه تعالى, وإقامة حجة على الخلق,

لئلا يقولوا: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ وهدى - بفضله ورحمته, وإعانته ولطفه - من شاء من عباده، فهذا فضله وإحسانه, وذاك عدله وحكمته.

 

* بَغَى: ( فعل )

بغَى / بغَى على يَبغِي ، ابْغِ ، بَغْيًا ، فهو باغٍ ، والمفعول مَبْغيٌّ عليه

بَغَى الوَلَدُ : كَذَبَ

بغَتِ المرأةُ : زَنَتْ ، فَجَرت وتكسَّبتْ بفُجورِها

بَغَى الهِلالَ : رَقَبَهُ ، اِنْتَظَرَهُ

بَغَى فلانٌ بَغَى بَغْياً : تجاوَز الحَدَّ واعتدى

بَغَيْتُ لك الأمرَ ، وبَغَيْتُكَ الأمرَ : طَلبْتُه لك

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يخبر تبارك وتعالى أنه لا بد أن يمتحن عباده بالسراء والضراء والمشقة كما فعل بمن قبلهم, فهي سنته الجارية, التي لا تتغير ولا تتبدل, أن من قام بدينه وشرعه,لا بد أن يبتليه،

فإن صبر على أمر الله, ولم يُبال بالمكاره الواقفة في سبيله, فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها, ومن السيادة آلتها.

ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله, بأن صدته المكاره عما هو بصدده، وثنته المحن عن مقصده, فهو الكاذب في دعوى الإيمان، فإنه ليس الإيمان بالتحلي والتمني, ومجرد الدعاوى, حتى تصدقه الأعمال أو تكذبه.

فقد جرى على الأمم الأقدمين ما ذكر الله عنهم

( مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ ) أي: الفقر

( وَالضَّرَّاءُ ) أي: الأمراض في أبدانهم

( وَزُلْزِلُوا) بأنواع المخاوف من التهديد بالقتل, والنفي, وأخذ الأموال, وقتل الأحبة, وأنواع المضار حتى وصلت بهم الحال, وآل بهم الزلزال, إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به.

ولكن لشدة الأمر وضيقه قال ( الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ )

فلما كان الفرج عند الشدة, وكلما ضاق الأمر اتسع، قال تعالى: ( أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ.)

فهكذا كل من قام بالحق فإنه يُمتَحَن.

فكلما اشتدت عليه وصعبت، إذا صابر وثابر على ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة, والمشقات راحات, وأعقبه ذلك, الانتصار على الأعداء وشفاء ما في قلبه من الداء،

 

وهذه الآية نظير قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ )

وقوله تعالى: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِين)

فعند الامتحان, يُكرَمُ المَرءُ أو يُهان.

 

 

 

* فِتنة: ( اسم )

الجمع : فِتْنات و فِتَن

الفِتْنَةُ : الاختبارُ بالنارِ

الفِتْنَةُ : الابتلاءُ ؛

الفِتنتان : المال والولد

 

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) }

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

أي: يسألونك عن النفقة, وهذا يعم السؤال عن المُنفق والمَنفق عليه، فأجابهم عنهما فقال:

( قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ )

أي: مال قليل أو كثير,

فأولى الناس به وأحقهم بالتقديم, أعظمهم حقا عليك,

وهم الوالدان الواجب برهما, والمحرم عقوقهما، ومن أعظم برهما, النفقة عليهما, ومن أعظم العقوق, ترك الإنفاق عليهما

ولهذا كانت النفقة عليهما واجبة, على الولد الموسِر

 

ومن بعد الوالدين الأقربون, على اختلاف طبقاتهم, الأقرب فالأقرب, على حسب القرب والحاجة, فالإنفاق عليهم صدقة وصلة،

 

( وَالْيَتَامَى ) وهم الصغار الذين لا كاسب لهم, فهم في مظنة الحاجة لعدم قيامهم بمصالح أنفسهم, وفقد الكاسب, فوصى الله بهم العباد, رحمة منه بهم ولطفا،

 

( وَالْمَسَاكِينِ ) وهم أهل الحاجات, وأرباب الضرورات الذين أسكنتهم الحاجة, فينفق عليهم, لدفع حاجاتهم وإغنائهم.

( وَابْنِ السَّبِيلِ ) أي: الغريب المنقطع به في غير بلده, فيُعان على سفره بالنفقة, التي توصله إلى مقصده.

ولما خصص الله تعالى هؤلاء الأصناف, لشدة الحاجة,

عمم تعالى فقال: ( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ ) من صدقة على هؤلاء وغيرهم, بل ومن جميع أنواع الطاعات والقربات, لأنها تدخل في اسم الخير

 

(فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) فيجازيكم عليه, ويحفظه لكم, كل على حسب نيته وإخلاصه, وكثرة نفقته وقلتها, وشدة الحاجة إليها, وعظم وقعها ونفعها.

 

 

* عَقَّ: ( فعل )

عَقَّ ، يَعُقّ ، اعْقُقْ / عُقّ ، عُقوقًا وعَقًّا ، فهو عاقّ ، والمفعول معقوق

عقَّ والديه : عصاهما ، وترك الشَّفقة والإحسان إليهما

 

* عَقوق: ( اسم )

الجمع : عُقُقٌ ، و عِقاقٌ

العَقُوقُ من البهائم : الحاملُ

و ( الأَبْلَقُ العَقُوقُ ) : مَثَلٌ لما لا يكون ؛ إِذ الأَبلقُ من ذكور الخيل ، وهو بالطِّبع لا يحمل تقول : كلَّفتني بيضَ الأَنوق ، والأَبلقَ العقوق

و ( العُقُقُ ) : البُعَدَاءُ من الأَعداءِ

والعُقُقُ : قاطعوا الأَرحام

 

* موسِر: ( اسم )

الجمع : مَيَاسِرُ و مَيَاسيرُ

المُوسِرُ :: اسم فاعل من أيسرَ ، ذو اليسار والغنى

 

 

* مَظَنّة: ( اسم )

أَصْلُ الشَّيْءِ وَمَنْبَعُهُ

 

 

 

 

 

~ يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

 

قال الله تعالى: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } (216)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذه الآية, فيها فرض القتال في سبيل الله, بعد ما كان المؤمنون مأمورين بتركه, لضعفهم, وعدم احتمالهم لذلك،

فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة, وكثر المسلمون, وقووا أمرهم الله تعالى بالقتال، وأخبر أنه مكروه للنفوس, لما فيه من التعب والمشقة, وحصول أنواع المخاوف والتعرض للمتالف،

ومع هذا, فهو خير مَحْض, لما فيه من الثواب العظيم, والتَّحَرُّزُ من العقاب الأليم, والنصر على الأعداء والظفر بالغنائم, وغير ذلك, مما هو مُرَبٍّ, على ما فيه من الكراهة

 

{ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ } وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة, فإنه شر, لأنه يعقب الخذلان, وتسلط الأعداء على الإسلام وأهله, وحصول الذل والهوان, وفوات الأجر العظيم وحصول العقاب.

 

وهذه الآيات عامة مُطْرَدَة, في أن

أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من المشقة أنها خير بلا شك،

وأن أفعال الشر التي تحب النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة فهي شر بلا شك.

 

وأما أحوال الدنيا, فليس الأمر مطردا, ولكن الغالب على العبد المؤمن, أنه إذا أحب أمرا من الأمور, فــقَيَّضَ الله [له] من الأسباب ما يصرفه عنه أنه خير له, فــالأَوْفَق له في ذلك, أن يشكر الله, ويجعل الخير في الواقع, لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه, وأقدر على مصلحة عبده منه, وأعلم بمصلحته منه كما قال [تعالى:] { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره, سواء سَرّتْكم أو ساءتكم.

 

ولما كان الأمر بالقتال, لو لم يقيد, لشمل الأشهر الحرم وغيرها,

 

 

 

 

* مَحَضَ: ( فعل )

محَضَ يَمحَض ، مَحْضًا ، فهو ماحض ، والمفعول مَمْحوض.

 

كلّ شيء خالص لا يشوبه ما يخالطه ( للمذكَّر والمؤنَّث والمفرد ويجوز التأنيث والجمع )

لَبَنٌ مَحْضٌ: لَبَنٌ خَالِصٌ لَمْ يُخَالِطْهُ غَيْرُهُ.

فضَّة محْض: خالصة نقيّة.

 

 

* تَحَرَّزَ: ( فعل )

تحرَّزَ من يتحرَّز ، تَحَرُّزًا ، فهو مُتحرِّز ، والمفعول مُتحرَّز منه.

تَحَرَّزَ مِنْهُ خَوْفاً: تَوَقَّاهُ.

يَتَحَرَّزُ مِنْ مُعَامَلاَتِهِ: يَتَحَفَّظُ مِنْهَا يَخْتَلِفَانِ وَيَلِجَانِ فِي الخِلاَفِ وَلاَ يَتَحَرَّزَانِ مِنَ الخِلاَفِ وَالإِلْحَاحِ ( لعقاد )

 

 

* مُرَبٍّ: ( اسم ) فاعل من رَبَّى.

ربَّى الأبُ ابنَه: هذّبه ونمّى قواه الجسميّة والعقليّة والخلقيّة كي تبلغ كمالها.

 

 

* مُطَّرِد: ( اسم ) فاعل مِن اِطَّرَدَ.

عَمَلٌ مُطَّرِدٌ: دَائِمٌ ، مُسْتَمِرٌّ.

قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ: قَاعِدَةٌ عَامَّةٌ.

 

 

* قَيَّضَ: ( فعل )

قيَّضَ يُقيّض ، تقْييضًا ، فهو مُقيِّض ، والمفعول مُقَيَّض.

قَيَّضَ قَيَّضَ الله له كذا: قدّره له وهيأه.

قَيَّضَ اللهُ فلانا لفلان: أتاحه له.

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (217)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

الجمهور على أن تحريم القتال في الأشهر الحرم, منسوخ بالأمر بقتال المشركين حيثما وجدوا،

 

وقال بعض المفسرين: إنه لم ينسخ, لأن المطلق محمول على المقيد، وهذه الآية مقيدة لعموم الأمر بالقتال مطلقا؛ ولأن من جملة مزية الأشهر الحرم، بل أكبر مزاياها, تحريم القتال فيها, وهذا إنما هو في قتال الابتداء، وأما قتال الدفع فإنه يجوز في الأشهر الحرم, كما يجوز في البلد الحرام.

ولما كانت هذه الآية نازلة بسبب ما حصل, لــسريّة عبد الله بن جحش, وقتلهم عمرو بن الحضرمي, وأخذهم أموالهم, وكان ذلك - على ما قيل - في شهر رجب، عَيَّرَهُم المشركون بالقتال بالأشهر الحرم, وكانوا في تعييرهم ظالمين, إذ فيهم من القبائح ما بعضه أعظم مما عيروا به المسلمين, قال تعالى في بيان ما فيهم: { وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } أي: صد المشركين من يريد الإيمان بالله وبرسوله, وفتنتهم من آمن به, وسعيهم في ردهم عن دينهم, وكفرهم الحاصل في الشهر الحرام, والبلد الحرام, الذي هو بمجرده, كاف في الشر، فكيف وقد كان في شهر حرام وبلد حرام؟! { وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ } أي: أهل المسجد الحرام, وهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, لأنهم أحق به من المشركين, وهم عماره على الحقيقة, فأخرجوهم { مِنْهُ } ولم يمكنوهم من الوصول إليه, مع أن هذا البيت سواء العاكف فيه والباد، فهذه الأمور كل واحد منها { أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } في الشهر الحرام, فكيف وقد اجتمعت فيهم؟! فعلم أنهم فسقة ظلمة, في تعييرهم المؤمنين.

 

ثم أخبر تعالى أنهم لن يزالوا يقاتلون المؤمنين، وليس غرضهم في أموالهم وقتلهم, وإنما غرضهم أن يرجعوهم عن دينهم, ويكونوا كفارا بعد إيمانهم حتى يكونوا من أصحاب السعير، فهم باذلون قدرتهم في ذلك, ساعون بما أمكنهم, { ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون } وهذا الوصف عام لكل الكفار, لا يزالون يقاتلون غيرهم, حتى يردوهم عن دينهم، وخصوصا, أهل الكتاب, من اليهود والنصارى, الذين بذلوا الجمعيات, ونشروا الدعاة, وبثوا الأطباء, وبنوا المدارس, لجذب الأمم إلى دينهم, وتدخيلهم عليهم, كل ما يمكنهم من الشبه, التي تشككهم في دينهم.

ولكن المرجو من الله تعالى, الذي مَنّ على المؤمنين بالإسلام, واختار لهم دينه القيم, وأكمل لهم دينه، أن يتم عليهم نعمته بالقيام به أتم القيام, وأن يخذل كل من أراد أن يطفئ نوره, ويجعل كيدهم في نحورهم, وينصر دينه, ويعلي كلمته.

وتكون هذه الآية صادقة على هؤلاء الموجودين من الكفار, كما صدقت على من قبلهم: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }

ثم أخبر تعالى أن من ارتدّ عن الإسلام, بأن اختار عليه الكفر واستمر على ذلك حتى مات كافرا، { فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } لعدم وجود شرطها وهو الإسلام، { وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

ودلت الآية بمفهومها, أن من ارتد ثم عاد إلى الإسلام, أنه يرجع إليه عمله الذي قبل ردته، وكذلك من تاب من المعاصي, فإنها تعود إليه أعماله المتقدمة.

 

 

 

* أَوفَق: اسم تفضيل من وفِقَ.

أكثر تلاؤمًا ، أصْلح ، أنسب من الأوْفَق له أن يُهاجر.

 

 

* سَريّة: ( اسم ) ، الجمع: سَرِيّات و سَرايا.

السَّرِيّة: قطعة من الجيش ، ما بين خمسةِ أنفس إلى ثلثمائة أو هي من الخيل نحو أربعمائة والجمع: سَرايا.

 

 

* عَمّار: ( اسم )

العَمّارُ: الكثير الصلاة والصيام.

 

 

* عاكَفَ: ( فعل )

العاكف فيه: المقيم فيه الملازم له ، سورة: الحج ، آية رقم : 25

اعتكف في المسجد عَكَف ؛ لَزِمه وأقام فيه للعبادة :- اعتكف في بيته ، - مُعتَكِفٌ في المكتبة.

 

 

* الباد: الطارئ غير المقيم ، سورة: الحج ، آية رقم : 25

 

 

* اِرتَدَّ: ( فعل )

ارتدَّ الشَّيءُ: رجَع وعاد.

وارتَدَّ عن دِينِهِ: إِذا كفر بعد إِسلام.

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (218)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

هذه الأعمال الثلاثة, هي عنوان السعادة وقطب رَحَى العبودية, وبها يعرف ما مع الإنسان, من الربح والخسران،

فأما الإيمان, فلا تسأل عن فضيلته, وكيف تسأل عن شيء هو الفاصل بين أهل السعادة وأهل الشقاوة, وأهل الجنة من أهل النار؟ وهو الذي إذا كان مع العبد, قبلت أعمال الخير منه, وإذا عدم منه لم يقبل له صَرْفٌ ولا عَدْلٌ, ولا فَرْضٌ, ولا نَفْلٌ.

وأما الهجرة: فهي مفارقة المحبوب المألوف, لرضا الله تعالى، فيترك المهاجر وطنه وأمواله, وأهله, وخلانه, تقربا إلى الله ونصرة لدينه.

وأما الجهاد: فهو بذل الجهد في مُقَارَعَةِ الأعداء, والسعي التام في نصرة دين الله, وقَمْعِ دين الشيطان، وهو ذروة الأعمال الصالحة, وجزاؤه, أفضل الجزاء، وهو السبب الأكبر, لتوسيع دائرة الإسلام وخذلان عُبَّاد الأصنام, وأمن المسلمين على أنفسهم وأموالهم وأولادهم.

 

فمن قام بهذه الأعمال الثلاثة على لَأْوَائِهَا ومشقتها كان لغيرها أشدّ قياما به وتكميلا.

 

فحقيق بهؤلاء أن يكونوا هم الراجون رحمة الله, لأنهم أتوا بالسبب الموجب للرحمة،

وفي هذا دليل على أن الرجاء لا يكون إلا بعد القيام بأسباب السعادة،

وأما الرجاء المُقارِن للكسل, وعدم القيام بالأسباب, فهذا عَجْزٌ وتَمَنٍّ وغُرُور، وهو دال على ضعف همة صاحبه, ونقص عقله, بمنزلة من يرجو وجود ولد بلا نكاح, ووجود الغلة بلا بذر, وسقي, ونحو ذلك.

 

وفي قوله: { أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ } إشارة إلى أن العبد ولو أتى من الأعمال بما أتى به لا ينبغي له أن يعتمد عليها, ويُعَوِّلُ عليها, بل يرجو رحمة ربه, ويرجو قبول أعماله ومغفرة ذنوبه, وستر عيوبه.

ولهذا قال: { وَاللَّهُ غَفُورٌ } أي: لمن تاب توبة نصوحا { رَحِيمٌ } وسعت رحمته كل شيء, وعَمَّ جوده وإحسانه كل حي.

 

وفي هذا دليل على أن من قام بهذه الأعمال المذكورة, حصل له مغفرة الله, إذ الحسنات يذهبن السيئات ، وحصلت له رحمة الله.

- وإذا حصلت له المغفرة, اندفعت عنه عقوبات الدنيا والآخرة، التي هي آثار الذنوب, التي قد غفرت واضمحلت آثارها،

- وإذا حصلت له الرحمة, حصل على كل خير في الدنيا والآخرة؛ بل أعمالهم المذكورة من رحمة الله بهم, فلولا توفيقه إياهم, لم يريدوها, ولولا إقدارهم عليها, لم يقدروا عليها, ولولا إحسانه لم يتمها ويقبلها منهم، فله الفضل أولا وآخرا, وهو الذي مَنَّ بالسَّبَبِ والمُسَبَّبِ.

 

 

 

* قُطب: ( اسم )

الجمع: قطوبٌ ، و أقْطابٌ ، و قِطَبَةٌ.

القُطْبُ: المحور القائمُ المثبَّتُ في الطَّبَقِ الأسفلِ من الرَّحَى يدور عليه الطبقُ الأعلى ؛ ومنه: قطب الدائرة.

القُطْبُ من الشيء: قِوَامُهُ ومدارُه.

 

 

* رَحى: ( اسم )

الجمع: أرحاء و أرْحٍ و أَرْحِيَة و رُحِيّ ، مثنى رَحَيان.

رَحى: أداة يُطحن بها ، وهي حجران مستديران يُوضع أحدهما على الآخر ويُدار الأعلى على قُطب حجر الرَّحى ،

بين شِقَّيّ الرَّحى: لمن يكون بين فريقين متخاصمين ويتعرّض لتلقِّي الضربات من الجهتين ، أي أحاطت به المشكلات من كلّ جانب ،

دارَت رحى الحرب: اشتعلت واشتدَّت ،

رحاه: عظمه.

 

 

* صَرْف: ( اسم ) ، مصدر صرَفَ.

الصَّرْف: تدبير ، حيلة.

صرف: الصَّرْفُ التوبة يقال لا يقبل منه صرف ولا عدل قال يونس الصرف الحيلة ومنه قولهم إنه ليتصرف في الأمور وقال الله تعالى { فما يستطيعون صَرْفا ولا نصرا }

 

 

* عَدَلَ: عَدَلَ عَدَلَ ِ عَدْلاً ، وعُدُولا: مالَ.

ويقال: عَدَل عن الطريق: حاد.

و عَدَلَ إليه: رَجَعَ.

عدل عن رأيه: حاد ورجَع عنه:- عدَل عن الطَّريق / المعصية - عدَل عمَّا كان ينوي عليه - عدَل عن قَراره في اللَّحظة الأخيرة.

 

 

* مُقارَعة: ( اسم ) مصدر قَارَعَ.

مُقَارَعَةُ الأَعْدَاءِ: مُصَارَعَتُهُمْ ، مُضَارَبَتُهُمْ.

 

 

* قَمْع: ( اسم ) مصدر قَمَعَ.

 

قَمَعَ: ( فعل )

قمَعَ / قمَعَ في يَقْمَع ، قَمْعًا ، فهو قامِع ، والمفعول مَقْموع.

قمع الشّخْص: أبْعدَه عمَّا يُريد.

و قَمَعَ مَنَعَهُ عمَّا يريد.

و قَمَعَ قَهَرَهُ وذَلَّلَه.

 

 

* ذُروة: ( اسم )

الجمع: ذُرُوات و ذُرْوات و ذُرًى.

ذُرْوَةٌ ، ذِرْوَةٌ.

الذُّرْوَة: أعلَى الشّيء وقمَّته.

 

 

* اللأْواءُ:

شدة وضيق ومصيبة: « لأواء الحرب ، لأواء العيش ، لأواء المرض »

اللأْواءُ: ضيقُ المعيشة.

و اللأْواءُ: شدةُ المرض.

 

 

* مُقارِن: ( اسم ) فاعل من قَارَنَ.

مُقَارِنٌ بَيْنَ عَمَلَيْنِ: مُمَاثِلٌ بَيْنَهُمَا ، مُوَازِنٌ.

 

 

* عَجَزَ: ( فعل )

عجَزَ عن الشَّيءِ: ضعُف ولم يقدر عليه اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ ( حديث )،

عجَزَ الشَّخصُ: لم يكن حازمًا.

 

 

* تَمَنّ: ( اسم ) ، الجمع: تمنّيات. مصدر تَمَنَّى.

مَا نَيْلُ الْمَطَالِبِ بِالتَّمَنِّي: لاَ يَكْفِي طَلَبُ حُصُولِ الْمَطَالِبِ بِالآمَالِ وَالرَّغْبَةِ فِيهَا.

 

 

* الغَلَّةُ: الدَّخْلُ من كراء دار أَو ريع أَرض ، والجمع: غَلاَّت ، وغِلال.

 

 

* عَوَّلَ: ( فعل )

عوَّلَ / عوَّلَ على يعوِّل ، تعويلاً ، فهو مُعوِّل ، والمفعول مُعوَّلٌ عليه.

عَوَّلَ عَلَيهِ أَوبِهِ: اِعْتَمَدَ عَلَيْهِ ، اِتَّكَلَ عَلَيْهِ ، اِسْتَعَانَ بِهِ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ فَوَجَدْنَاهُ نِعْمَ الْمُعَوَّلُ.

 

 

* مُسَبِّب: ( اسم ) اسم فاعل من سبَّبَ.

ما يؤدِّي إلى حدوث أمر أو إلى نتيجة.

مُسَبِّبُ مَا حَدَثَ: الَّذِي كَانَ السَّبَبَ.

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }

فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره, سواء سَرّتْكم أو ساءتكم.

 

وفي قوله: { أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَت اللَّهِ }

وإذا حصلت له الرحمة, حصل على كل خير في الدنيا والآخرة؛ بل أعمالهم المذكورة من رحمة الله بهم, فلولا توفيقه إياهم, لم يريدوها, ولولا إقدارهم عليها, لم يقدروا عليها, ولولا إحسانه لم يتمها ويقبلها منهم، فله الفضل أولا وآخرا, وهو الذي مَنَّ بالسَّبَبِ والمُسَبَّبِ.

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة زُلفى

تمت دراسة تفسير الآيات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِقُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

أي: يسألك - يا أيها الرسول - المؤمنون عن أحكام الخمر والميسر,

وقد كانا مستعملين في الجاهلية وأول الإسلام, فكأنه وقع فيهما إشكال، فلهذا سألوا عن حكمهما

فأمر الله تعالى نبيه, أن يبين لهم منافعهما ومضارهما, ليكون ذلك مقدمة لتحريمهما, وتحتيم تركهما.

 

فأخبر أن إثمهما ومضارهما, وما يصدر منهما من ذهاب العقل والمال, والصد عن ذكر الله, وعن الصلاة, والعداوة, والبغضاء - أكبر مما يظنونه من نفعهما, من كسب المال بالتجارة بالخمر, وتحصيله بالقمار والطرب للنفوس, عند تعاطيهما

 

وكان هذا البيان زاجرا للنفوس عنهما, لأن العاقل يرجح ما ترجحت مصلحته, ويجتنب ما ترجحت مضرته،

ولكن لما كانوا قد ألفوهما, وصعب التحتيم بتركهما أول وهلة,

قدم هذه الآية, مقدمة للتحريم, الذي ذكره في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ } إلى قوله: { مُنْتَهُونَ } وهذا من لطفه ورحمته وحكمته،

ولهذا لما نزلت, قال عمر رضي الله عنه: انتهينا انتهينا.

 

فأما الخمر: فهو كل مسكر خامر العقل وغطاه, من أي نوع كان،

وأما الميسر: فهو كل المغالبات التي يكون فيها عوض من الطرفين, من النرد, والشطرنج, وكل مغالبة قولية أو فعلية, بعِوَض

سوى مسابقة الخيل, والإبل, والسهام, فإنها مباحة, لكونها معينة على الجهاد, فلهذا رخص فيها الشارع.

 

{ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }

وهذا سؤال عن مقدار ما ينفقونه من أموالهم، فيسر الله لهم الأمر,

وأمرهم أن ينفقوا العفو, وهو المتيسر من أموالهم, الذي لا تتعلق به حاجتهم وضرورتهم، وهذا يرجع إلى كل أحد بحسبه, من غني وفقير ومتوسط, كل له قدرة على إنفاق ما عفا من ماله, ولو شق تمرة.

 

ولهذا أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم, أن يأخذ العفو من أخلاق الناس وصدقاتهم, ولا يكلفهم ما يشق عليهم.

 

ذلك بأن الله تعالى لم يأمرنا بما أمرنا به حاجة منه لنا, أو تكليفا لنا [بما يشق] بل أمرنا بما فيه سعادتنا, وما يسهل علينا, وما به النفع لنا ولإخواننا فيستحق على ذلك أتم الحمد.

 

ولما بيّن تعالى هذا البيان الشافي, وأطلع العباد على أسرار شرعه قال:

{ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ}

أي: الدالات على الحق, المحصلات للعلم النافع والفرقان،

 

{ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ }

أي: لكي تستعملوا أفكاركم في أسرار شرعه, وتعرفوا أن أوامره, فيها مصالح الدنيا والآخرة

وأيضا لكي تتفكروا في الدنيا وسرعة انقضائها, فترفضوها

وفي الآخرة وبقائها, وأنها دار الجزاء فتعمروها.

 

 

* إِشكال: ( اسم )

الجمع : إشكالات

الإشْكَالُ : الأمْرُ يوجب التباسًا في الفهم

وإشكال التنفيذ ( في قانون المرافعات ) : منازعة تتعلق بإجراءات تنفيذ الحكم

مصدر أشكلَ

 

* قِمار: ( اسم )

مصدر قامَرَ / قامَرَ بـ

القِمَارُ : رِهَانٌ قَائِمٌ عَلَى الصِّدْفَةِ وَالْحَظِّ بِأَدَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ، يَأْخُذُ بِمُقْتَضَاهُ الغَالِبُ مِنَ الْمَغْلُوبِ القَدْرَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ لَعِبَ الْقِمَارَ فَخَسِرَ نَفْسَهُ وَأَصْدِقَاءهُ

القِمَارُ : كلُّ لَعِبٍ فيه مراهنة

 

* وَهلة: ( اسم )

الجمع : وَهَلات و وَهْلات

وَهَلة ، وَهلة

في الوَهْلة الأولى : في أوّل مرَّة ،

لأوّل وَهْلة : أي أوّل ما تراه أو أوّل شيء أو لأوّل نظرة ،

للوَهْلة الأولى : للمرّة الأولى

أَخَذَتْهُ الوَهْلَةُ مِمَّا رَآى : الهَوْلُ ، الفَزْعَةُ

 

* نَرد: ( اسم )

النَّرْدُ : لعبة ذات صندوق وحجارة وفصَّين ، تعتمد على الحظ وتُنْقل فيها الحجارة على حسب ما يأتي به الفَصُّ : [ َّهر ]، وتعرف عند العامة ،

زَهْر النَّرد : قطعتان من العاج أو نحوه صغيرتان مكعبتان ، محفور على الأوجه السّتّة لكلٍّ منهما نقط سُود من واحدة إلى سِتّ

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

لما نزل قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا }

شق ذلك على المسلمين, وعزلوا طعامهم عن طعام اليتامى, خوفا على أنفسهم من تناولها, ولو في هذه الحالة التي جرت العادة بالمشاركة فيها,

وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأخبرهم تعالى أن المقصود, إصلاح أموال اليتامى, بحفظها وصيانتها, والاتجار فيها وأن خلطتهم إياهم في طعام أو غيره جائز على وجه لا يضر باليتامى, لأنهم إخوانكم, ومن شأن الأخ مخالطة أخيه,

والمرجع في ذلك إلى النية والعمل

 

فمن علم الله من نيته أنه مُصلِح لليتيم, وليس له طمع في ماله, فلو دخل عليه شيء من غير قصد لم يكن عليه بأس، ومن علم الله من نيته, أن قصده بالمخالطة, التوصل إلى أكلها وتناولها, فذلك الذي حرج وأثم, و " الوسائل لها أحكام المقاصد "

 

وفي هذه الآية, دليل على جواز أنواع المخالطات, في المآكل والمشارب, والعقود وغيرها,

وهذه الرخصة, لطف من الله [تعالى] وإحسان, وتوسعة على المؤمنين، وإلا فـ

{لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ}

أي: شق عليكم بعدم الرخصة بذلك, فحرجتم. وشق عليكم وأثمتم،

{ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ }

أي: له القوة الكاملة, والقهر لكل شيء، ولكنه مع ذلك { حَكِيمٌ } لا يفعل إلا ما هو مقتضى حكمته الكاملة وعنايته التامة, فعزته لا تنافي حكمته

 

فلا يقال: إنه ما شاء فعل, وافق الحكمة أو خالفها،

بل يقال: إن أفعاله وكذلك أحكامه, تابعة لحكمته, فلا يخلق شيئا عبثا, بل لا بد له من حكمة, عرفناها, أم لم نعرفها وكذلك لم يشرع لعباده شيئا مجردا عن الحكمة، فلا يأمر إلا بما فيه مصلحة خالصة, أو راجحة, ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة خالصة أو راجحة, لتمام حكمته ورحمته.

 

 

* بأس: ( اسم )

الجمع : أبؤُس

لاَ بَأسَ عَلَيْكَ : لاَ خَوْفَ عَلَيْكَ لاَ بَأسَ عَلَيْهِ لاَ بَأْسَ فِيهِ

مصدر بؤُسَ وبئِسَ

رَجُلٌ ذو بأْس : قويّ شديد ، ،

شديد البأس : شجاع

عذاب شديد في الدنيا ، أو في الآخرة ، عقاب الله

 

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: { وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِوَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) }

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

أي: { وَلَا تَنكِحُوا } النساء { الْمُشْرِكَاتِ } ما دمن على شركهن { حَتَّى يُؤْمِنَّ } لأن المؤمنة ولو بلغت من الدمامة ما بلغت خير من المشركة, ولو بلغت من الحسن ما بلغت, وهذه عامة في جميع النساء المشركات

 

وخصصتها آية المائدة, في إباحة نساء أهل الكتاب كما قال تعالى: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ }

 

{ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}

وهذا عام لا تخصيص فيه.

 

ثم ذكر تعالى, الحكمة في تحريم نكاح المسلم أو المسلمة, لمن خالفهما في الدين فقال: { أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ }

أي: في أقوالهم أو أفعالهم وأحوالهم, فمخالطتهم على خطر منهم, والخطر ليس من الأخطار الدنيوية, إنما هو الشقاء الأبدي.

 

ويستفاد من تعليل الآية, النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع,

لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة فالخلطة المجردة من باب أولى, وخصوصا, الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم, كالخدمة ونحوها.

وفي قوله: { وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ}

دليل على اعتبار الولي [في النكاح].

 

{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ }

أي: يدعو عباده لتحصيل الجنة والمغفرة, التي من آثارها, دفع العقوبات وذلك بالدعوة إلى أسبابها من الأعمال الصالحة, والتوبة النصوح, والعلم النافع, والعمل الصالح.

 

{ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ } أي: أحكامه وحكمها

 

{ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} فيوجب لهم ذلك التذكر لما نسوه, وعلم ما جهلوه, والامتثال لما ضيعوه.

 

* دَمامة: ( اسم )

مصدر دمَّ

دمامة الوجه : قبحه عكسها جمَال

 

* دَمَّ: ( فعل )

دمَّ دَمَمْتُ ، يَدُمّ ، ادْمُمْ / دُمَّ ، دَمامَةً ، فهو دميم والجمع : دِمَام وهى دميمة والجمع : دِمَامٌ ، ودَمائمُ

دمَّ الشَّخْصُ : قَبُح مَنْظرُه وصَغُر جِسْمُه وحقر

 

* نَكَحَ: ( فعل )

نكَحَ يَنكَح ويَنكِح ، نِكاحًا ، فهو ناكِح ، هي ناكِحٌ ، وناكِحَةٌ والمفعول مَنْكوح

نَكَحَ الْمَرْأَةَ : تَزَوَّجَهَا / النساء آية 25 فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ( قرآن )

نَكَحَتِ الْمَرْأَةُ : تَزَوَّجَتْ فهي ناكِحٌ ، وناكِحَةٌ

 

* نِكاح: ( اسم )

مصدر نَكَحَ

عَقْدُ النِّكَاحِ : عَقْدُ الزَّوَاجِ ، النساء آية 6 وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ ( قرآن )

مصدر نكَحَ

مؤنة الزَّواج من مهر ونفقة

نكاح السِّرّ : ( الفقه ) زواج بلا إشهار

نكاح المُتعة : ( الفقه ) شكل من أشكال الزَّواج الوقتيّ الذي يتحدَّد بزمن معلوم

نكاح المحارم : ( الفقه ) الاتِّصال الجنسيّ بين الأقارب من المحارم ، وهو حرام شرعًا

عِصْمة النِّكاح : ( الفقه ) حقّ التَّطليق ، ويكون للزَّوج إلاّ إذا اشترطتِ الزَّوجَةُ أن تكون لها العصمة

 

 

 

 

 

 

~ يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

نُتابع تفسير آيات (سورة البقرة)

 

 

قال الله تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } (222)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

يخبر تعالى عن سؤالهم عن المحيض, وهل تكون المرأة بحالها بعد الحيض, كما كانت قبل ذلك, أم تجتنب مطلقا كما يفعله اليهود؟.

فأخبر تعالى أن الحيض أذى, وإذا كان أذى, فمن الحكمة أن يمنع الله تعالى عباده عن الأذى وحده, ولهذا قال: { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } أي: مكان الحيض, وهو الوطء في الفرج خاصة, فهذا هو المحرم إجماعا،

وتخصيص الاعتزال في المحيض, يدل على أن مباشرة الحائض وملامستها, في غير الوطء في الفرج جائز.

 

لكن قوله: { وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } يدل على أن المباشرة فيما قرب من الفرج, وذلك فيما بين السرة والركبة, ينبغي تركه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأته وهي حائض, أمرها أن تتزر, فيباشرها.

 

وحَدُّ هذا الاعتزال وعدم القربان للحُيَّض { حَتَّى يَطْهُرْنَ } أي: ينقطع دمهن, فإذا انقطع الدم, زال المنع الموجود وقت جريانه, الذي كان لحله شرطان, انقطاع الدم, والاغتسال منه.

 

فلما انقطع الدم, زال الشرط الأول وبقي الثاني, فلهذا قال: { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ } أي: اغتسلن { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } أي: في القبل لا في الدبر, لأنه محل الحرث.

 

وفيه دليل على وجوب الاغتسال للحائض, وأن انقطاع الدم, شرط لصحته.

 

ولما كان هذا المنع لطفا منه تعالى بعباده, وصيانة عن الأذى قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ } أي: من ذنوبهم على الدوام { وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } أي: المتنزهين عن الآثام وهذا يشمل التطهر الحسي من الأنجاس والأحداث.

 

ففيه مشروعية الطهارة مطلقا, لأن الله يحب المتصف بها, ولهذا كانت الطهارة مطلقا, شرطا لصحة الصلاة والطواف, وجواز مس المصحف، ويشمل التطهر المعنوي عن الأخلاق الرذيلة, والصفات القبيحة, والأفعال الخسيسة.

 

 

* اِتَّزَرَ: ( فعل )

اتَّزرَ / اتَّزرَ بـ يتَّزر ، اتِّزارًا ، فهو مُتَّزِر ، والمفعول مُتَّزَر به.

اِتَّزَرَتِ الْمَرْأةُ: لَبِسَتِ الإزَارَ ، اِئْتَزَرَتْ.

اِتَّزَرَ بِالثَّوْبِ: لَبِسَهُ.

 

 

* القبل والدبر:

‏ القبل بالضم ؛ مقدم الشيء الذي يقابلك به , وهو الذكر من الرجل والفرج من الأنثى , أما الدبر بضم الدال والباء هو مؤخر الشيء.

 

 

* حَدَث: ( اسم ) ، الجمع: أَحْداثٌ.

الحَدَث: الأَمرُ الحادثُ المنكرُ غيرُ المعتاد.

الحَدَث ( عند الفقهاء ) : النَّجاسة الحُكْمية التي ترتفع بالوضوء أَو الغُسْل أو التيمُّم.

 

 

* خَسَّ: ( فعل )

خسَّ خسَستُ ، يَخُسّ ، اخْسُسْ / خُسّ ، خَسًّا وخِسَّةً وخَساسةً ، فهو خَسيس.

خسَّ الرَّجلُ: فعل الخسيس ، أتى بخسيس من الأفعال.

خَسَّ عَمَلُهُ: صَارَ رَذِيلاً خَسِيساً ، رَذُلَ ، حَقُرَ.

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } (223)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } مقبلة ومدبرة غير أنه لا يكون إلا في القبل, لكونه موضع الحرث, وهو الموضع الذي يكون منه الولد.

 

وفيه دليل على تحريم الوطء في الدبر, لأن الله لم يبح إتيان المرأة إلا في الموضع الذي منه الحرث،

وقد تكاثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم ذلك, ولعن فاعله.

 

{ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ } أي: من التقرب إلى الله بفعل الخيرات, ومن ذلك أن يباشر الرجل امرأته, ويجامعها على وجه القربة والاحتساب, وعلى رجاء تحصيل الذرية الذين ينفع الله بهم.

 

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ } أي: في جميع أحوالكم, كونوا ملازمين لتقوى الله, مستعينين بذلك لعلمكم، { أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ } ومجازيكم على أعمالكم الصالحة وغيرها.

 

ثم قال: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } لم يذكر المبشر به ليدل على العموم, وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وكل خير واندفاع كل ضير, رتب على الإيمان فهو داخل في هذه البشارة.

وفيها محبة الله للمؤمنين, ومحبة ما يسرهم, واستحباب تنشيطهم وتشويقهم بما أعد الله لهم من الجزاء الدنيوي والأخروي.

 

 

* ضَير: ( اسم ) مصدر ضَارَ.

أَصَابَهُ ضَيْرٌ مِنْهُ: ضَرَرٌ ، سورة الشعراء آية 50 قَالُوا لاَ ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ( قرآن )

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (224)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

المقصود من اليمين، والقسم تعظيم المقسم به, وتأكيد المقسم عليه،

وكان الله تعالى قد أمر بحفظ الأيمان, وكان مقتضى ذلك حفظها في كل شيء،

ولكن الله تعالى استثنى من ذلك إذا كان البر باليمين, يتضمن ترك ما هو أحب إليه، فنهى عباده أن يجعلوا أيمانهم عرضة, أي: مانعة وحائلة عن أن يبروا: أن يفعلوا خيرا, أو يتقوا شرا, أو يصلحوا بين الناس،

فمن حلف على ترك واجب وجب حنثه, وحرم إقامته على يمينه،

ومن حلف على ترك مستحب, استحب له الحنث،

ومن حلف على فعل محرم, وجب الحنث,

أو على فعل مكروه استحب الحنث،

وأما المباح فينبغي فيه حفظ اليمين عن الحنث.

 

ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة, أنه " إذا تزاحمت المصالح, قدم أهمها "

فهنا تتميم اليمين مصلحة, وامتثال أوامر الله في هذه الأشياء, مصلحة أكبر من ذلك, فقدمت لذلك.

 

ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين فقال: { وَاللَّهُ سَمِيعٌ } أي: لجميع الأصوات { عَلِيمٌ } بالمقاصد والنيات, ومنه سماعه لأقوال الحالفين, وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته, وأن أعمالكم ونياتكم, قد استقر علمها عنده.

 

 

* حَنِثَ: ( فعل )

حنِثَ / حنِثَ بـ / حنِثَ في يَحنَث ، حِنْثًا ، فهو حانِث ، والمفعول محنوث به.

حنِث: فلانٌ أذنب ومال من حقٍّ إلى باطِل.

حنِث بوعده: أخلفه أو نقضه.

حنِث بيمينه / حنِث في يمينه: تراجع فيه ، لم يبرّ في قَسَمِه وأثِم.

 

 

* تتميم: ( اسم ) مصدر تَمَّمَ.

تَمَّمَ: ( فعل )

تمَّمَ / تمَّمَ على يُتمِّم ، تتميمًا وتَتِمَّةً ، فهو مُتمِّم ، والمفعول مُتمَّم.

تَمَّمَ عَمَلَهُ: أنْجَزَهُ كَامِلاً ، أكْمَلَهُ ، أَتَمَّهُ.

تمم الشيء: جعله تاما كاملا.

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×