اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

المشاركات التي تم ترشيحها

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى)

وتأتي بالأمثال الواقعية الحقيقية، المنّ والأذى يُبطل الصدقة، يبطل معنى الصدقة، لا تعد الصدقة لها اثر حتى وإن كانت القيمة المادية لتلك الصدقة كبيرة، الأشياء ليس بقيمتها المادية بل بقيمتها المعنوية التي أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون فيها. وتستمر الآيات بعد ذلك ليأتي التوجيد من جديد

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ)

أخرِج أحسن ما لديك لأن من أعطاك أحسن ما لديك هو الله سبحانه وتعالى وبقدر يقينك بتلك الحقيقة بقدر ما ستُخرج وتُنفق، لا يمكن للبخيل أن يكون قد وصل اليقين بالله عنده إلى مرحلة أو درجة ويبقى على بخله، مستحيل! اليقين كلما زاد في قلبك كلما ازداد بذلك وعطاؤك وسخاؤك، لا يستقيم الإيمان والبخل أبدًا، لا يستقيم الإيمان والشحّ والشحّ هو البخل إنما هو اتهام لارادة الله وقدرته سبحانه على أن يعطيك على أن يزيدك حين تنفقك، اتهام وسوء أدب مع الله سبحانه وتعالى ولذا تأملوا الآية التي تليها

(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ)

يعدكم الفقر ويصور لك أنك حين تنفق إنما يقل المال وينقص وواقع الأمر أنك حين تنفق يُنفق عليك وأنك حينما تخرج الصدقات من مالك إنما يزداد ذلك المال وينمو ويربو، هذه هي الحقيقة وأن عطاء الله عز وجل لا نهاية له وأن عطاء الله عز وجل لا ينحصر في الأشياء المادية، في الألف والألفين، إنما هو عطاء بكل أشكاله وصوره، الحكمة من عطائه سبحانه، أن تفعل وتتصرف بالطريقة الصحيحة في الموقف المناسب هذا من عطاء الله عز وجل الحكمة من عطائه، الحكمة لا تشترى بالأموال، الحكمة تشترى بيقينك بالله عز وجل بقدرتك بسخائك بإخرج الشح من قلبك ومن نفسك لتصبح إنسانًا معطاء فالمؤمن كالغيث يعطي سخيّ لأنه موقن ويقينه قد وصل بما في يد الله عز وجل أكثر من يقينه بما في يده هو، هذا هو الإيمان الذي تصنعه سورة البقرة، هذا هو الإنفاق الذي تصنعه سورة البقرة.

 

وتستمر الآيات

(إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ)

الصدقة سواء كانت سرّا حين يقتضي الأمر السر أو علانية حين يقتضي الأمر الإعلان وتشجيع الآخرين على البذل والعطاء في كل الأحوال أنت تبذل لله، صحِّح النية، صحح السرّ، أنت تبذل في سبيل الله وكلمة (في سبيل الله) لا بد أن تبقى من أعظم المعالم في منظومة الإنفاق في حياتك، إياك أن تعطي ولو فلسًا واحدًا في غير سبيل الله لأنه سيزول لأنه لا قيمة له أما حين تبذل في سبيل الله فالبذل والعطاء من أعظم الأشياء التي منّ الله سبحانه وتعالى بها عليك.

 

ولذا جاءت الآية في قوله

(وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ

وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ)

ولذلك تستمر الآيات في هذا الجزء من سورة البقرة بإعطاء نماذج لأولئك الذين يستحقون العطاء أكثر من غيرهم أولئك الذين لا يُظهرون للناس الفقر والحاجة والعوز، أولئك الناس الذين قد علت هممهم أولئك الناس أصحاب الكرامة أصحاب الهمة العالية، المؤمن لديه همّة المؤمن لديه كرامة، المؤمن لا يقبل أن يدوس أحد على كرامته ولو بشعرة مقابل حاجة مادية، المؤمن عزيز، جاءت عزة المؤمن من إيمانه بأن الله عزيز حكيم، المؤمن عزيز، نعم قد يكون فقيرًا ولكنه فقير عزيز النفس لا يتذلل ولا يخضع لأحد لا يفتح لى نفسه أبواب المسألة "فمن فتح على نفسه باب مسألة وهو ليس في حاجة إليها فتح الله عليه أبوابًا من الفقر". المؤمن عزيز وعزة المؤمن لا تأتي من فقره ولا من غناه المادي وإنما تأتي من يقينه بالله، تأتي من إيمانه بأن الله قادر على أن يعطيه، تأتي من إيمانه بأن الأرزاق بيد الله عز تأتي من إيمانه بأن العطاء لا يأتي من فلان ولا من علّان العطاء يأتي من الرب الذي يعطي سبحانه وتعالى، المؤمن عزيز والآيات توجه النفوس الكريمة إلى أن تبحث عن أولئك المؤمنين المتعففين الأعزة الذين لا تدفعهم الحاجة إل التذلل والخضوع لأحد، ذاك المؤمن الذي يستحق العطاء فعلًا.

أولئك الأصناف من البشر الذين يستحقون العطاء وهذا المؤمن الذي ينفق سرًّا وعلانية بالليل والنهار أصبحت عملية الإنفاق عملية متواصلة

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سورة آل عمران

 

img024-1.png

اليوم نبدأ بثاني الزهراوين، اليوم نبدأ بالسورة التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بتعلّمها فقال: "تعلّموا القرآن فإنه شافعٌ يوم القيامة، تعلّموا البقرة وآل عمران، تعلّموا الزهراوين فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صوافّ يحاجّان عن صاحبهما.

اليوم حديثنا عن سورة آل عمران، حديثنا عن السورة التي فيها آية قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكّر فيها (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )".

 

سورة آل عمران. هذه السورة العظيمة المقصد الأساس منها أن تثبتني على منهج الحق، على منهج الهداية ولذلك ليس هناك معنى كبير أن يهديني الله سبحانه وتعالى ثم -والعياذ بالله- أنتكس وأزيغ عن طريق الهداية ولكن الخير العظيم أن يهديني ربي سبحانه فأثبت على ذلك الطريق، طريق الحق، طريق الهداية. ولذا هذه السورة العظيمة حوت العديد من الأدعية التي تبيّن معنى التضرع لله عز وجل كما في بدايتها حين يقول المؤمن

(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّاب)

هذه الأدعية وتلك الابتهالات لله عز وجل تعكس خوف المؤمن والقلق الذي يصيبه من الزيغ، من الفتن، من الانتكاس والإنحراف عن طريق الهداية ومنهج الحق الذي ثبتته سورة البقرة في قلب المؤمن ولذلك كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم "يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك" الثبات، المحور الأساس الذي تدور حوله سورة آل عمران، السورة التي تدافع عن صاحبها بقدر ما يثبت في قلب صاحبها الإيمان بما جاء فيها وتطبيق ذلك المنهج والإيمان.

 

أوضحت السورة في بداياتها كيفية مواجهة التحديات المتنوعة، داخلية، خارجية، عقائدية، فكرية، نفسية، كل أنواع التحديات أوجزتها في الآيات الأول من السورة ثم فصّلتها في منتصف السورة جاءت بأشكال، جاءت بمواقف بعض هذه المواقف وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه وأوضحت كيفية التعامل مع تلك التحديات، واقع، تاريخ، ولكن هذا التاريخ الذي تعرضه سورة آل عمران أنا بحاجة إليه اليوم وأنا أقف مواقف متعددة متنوعة وأربط من خلالها ما يقع لي بأنواع تلك التحديات التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هذا في منتصف السورة، أشكال من التحديات وكيفية مواجهة التحديات ولم تكن السورة – كما سنأتي عليها في عرضها - تروح بالمؤمن إلى جو من المثالية بعيدًا عن الواقع، إطلاقاً، القرآن يعالج خلجات النفس البشرية الإنسانية بواقعية وليس بمثالية، يواجه الخلل، يواجه الضعف ويعلّم الإنسان كيف يتغلب على نقاط الضعف الموجودة عنده،

 

ثم جاءت خواتيم السورة بعد ذلك لتبين الخلاصة، الوصفة الموجزة لكيفية مواجهة التحديات وما بين البداية وما بين النهاية تأتي بنماذج من الأنبياء والصديقين والمؤمنين الذين ثبتوا على المنهج رغم كل التحديات التي واجهتهم في حياتهم. تأتي بنموذج مريم عليها السلام، تأتي بنموذج عيسى عليه السلام، تأتي بنموذج النبي صلى الله عليه وسلم والأصحاب الذين ثبتوا في المعارك والشدائد والصعوبات، تأتي بنماذج متعددة لتبين للمؤمن، المؤمن الذي يريد أن يتعلم سورة آل عمران ويجعلها في حياته، في واقعه نبراسًا نورًا يضيء له الطريق ولذلك سميت البقرة وآل عمران الزهراوين تنير، تضيء الطريق للمؤمن، كيف تضيء الطريق؟

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السورة بدأت كما بدأت سورة البقرة (الم) وبدأت كما بدأت سورة البقرة بالدعامة الأساس في قلب المؤمن "ثبات وهداية" عن طريق أيّ شيء؟

التوحيد.

 

قضية المؤمن الأساسية هي التوحيد، السورة تثبت التوحيد. وسورة آل عمران لم تقف عند قضية التوحيد فحسب بل عرضت للمؤمن العديد من الأمور والوسائل والتحديات التي يمكن أن تعرض له في طريق الحياة، تحديات فكرية، تحديات منطقية، تحديات متعلقة بالعقيدة والدين والتوحيد، تحديات نفسية، تحديات داخلية، تحديات خارجية، صراع مع فئات معينة في المجتمع وفي واقع الحياة

 

والسورة بعظمة الآيات التي جاءت فيها أوضحت للمؤمن السلاح الحقيقي الذي يمكن له أن يواجه بالتسلح به كل تلك التحديات والصعوبات،

القرآن يعالج خلجات النفس البشرية الإنسانية بواقعية وليس بمثالية، يواجه الخلل، يواجه الضعف ويعلّم الإنسان كيف يتغلب على نقاط الضعف الموجودة عنده، يعترف بوجود الضعف البشري الذي لا يمكن أن لا يعترف به الإنسان ولكن في نفس الوقت يعلم المؤمن المتبني لنهجه وآياته كيف يتعامل مع ذلك الضعف، كيف يترفع على الدنايا، كيف يترقي بنفسه، كيف يسمو بأخلاقياته لأجل أن يثبت على منهج الحق ومنهج الهداية.

 

(الم اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)

وتأملوا الربط بين هذه الآية وآية الكرسي التي هي أعظم آية في كتاب الله

(اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّ)

من هو ربك الذي تعبده؟

من هو الرب الذي تدين له قلباً وقالبًا في حياتك؟

من هو الرب الذي أسلمتَ له كل شيء في حياتك؟ من هو الربّ؟

(اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)

قائم على كل شيء سبحانه. ولذلك أول آيات السورة تعرّف المؤمن بربه عز وجل من خلال عرض صفاته وهذا الرب القائم على كل شيء في مملكته ومنهم البشر والناس ما تركهم دون منهج (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) هذا الكتاب، القرآن الذي بين يديك، المنهج، القرآن شافع لأصحابه الذين يتعلمونه ويعملون به، الذين يتلون آياته آناء الليل وأطراف النهار ويطبقونها ويسيرون عليها في حياتهم.

 

(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)

المنهج وهذا المنهج ما جاء هكذا من فراغ جاء

(مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ

هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ)

الآيات في بداية سورة آل عمران تعترف وتقدم للبشرية الكتب السماوية السابقة التي أنزلها الله على عباده، التوراة والإنجيل، كلها ما نزلت إلا لتكون هداية للبشرية، ما نزلت لأجل أن تفرّق، نزلت لأجل أن توحّد، نزلت لأجل أن تعلم الناس كيف يعيشون وكيف يتعاونون وكيف يصلون بالحق إلى المسار الذي ينبغي أن يصلوا إليه. وتأملوا الربط والصفة هنا للقرآن (وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) والفرقان ومنذ تسميته هذه يعني أنه يفرق بين أمرين متضادين، يفرق بين الحق والباطل، يفرق بين الضلال والهدى، يفرق بين النور والظلام، فرقان وصفه ربي بأنه فرقان.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

9138086615_7ec2ba3f13_z.jpg

 

 

(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ )

ليس ثمة شيء تخفيه على الله عز وجل يعلم كل شيء، لا يخفى عليه شيء وبالتالي عليك أن تراقب الله في السر كما تراقبه في العلن لأنه لا يخفى عليه شيء. وبالتالي الثبات الذي نتكلم عنه الذي هو محور سورة آل عمران الأساس قضية قلبية قضية تبدأ بالقلب أولًا فعليّ أن أثبت الإيمان والتوحيد في قلبي وأتأكد من ذلك وأراقب الله عز وجل في ذلك الثبات.

 

(مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)

كتاب مُحكم مُتقن، متقن في صياغته، متقن في أحكامه، متقن في تشريعاته، كله على السواء ولكن منه آيات متشابهات هذه الآيات المتشابهات نزلت لأجل أن تكون اختبار ابتلاء للمؤمن التمسك بهذا الكتاب العظيم ماذا يفعل تجاه تلك الآيات التي قد لا يتضح المراد منها، ماذا يفعل الإنسان؟

يرد المتشابه إلى المحكم هذا حين يكون الثبات والهدى منهج متمرس متكرس في قلبه وهنا صفة رائعة وخلق ينبغي أن نضعه دائماً نصب أعيننا ونحن نأتي إلى القرآن: لا تأتي إلى القرآن وفي قلبك غاية سوى أنك تريد أن يهديك هذا القرآن إلى سواء السبيل لا تأتي للقرآن بغاية أخرى، إذا جئت للقرآن بغايات مختلفة تثبت رأياً شخصيًا أنت تدين به، تحاول أن تقوي وجهة نظرة معينة، كل هذه الأنواع من الغايات غايات فيها زيغ فيها انحراف لا بد أن يتخلص الإنسان منها. هذا القرآن من الشروط التي ينبغي أن تضعها أمامك لكي تهتدي به ولكي تطلق لقلبك العنان أن يهتدي بنوره أن تأتي إليه وأنت راغبٌ متضرعٌ إلى الله عز وجل أن يهديك به تقتبس منه الهداية تقتبس منه الشفاء.

 

(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ)

أما أولئك الذين يأتون إلى القرآن بأفكار منحرفة، بغايات منحرفة فهؤلاء لا يمكن أبدًا أن يتنبهوا إلى هذه الحكمة الإلهية وإلى الاختبار الذي جعل في القرآن محكم ومتشابه بل يبدأون بمحاولات التأويل الفاسد، المحاولات الفاسدة التي لا يمكن أن تزيد الضالين إلا ضلالًا، أما المؤمن فلا تزيده تلك الآيات إلا هدى وثباتًا ورسوخًا.

ولذلك ختمت الآية السابعة في الحديث عن المحكم والمتشابه في القرآن

(وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ )

 

أولو الألباب حاضرون بشكل واضح في سورة آل عمران ولنا أن نتساءل لماذا؟ محور السورة الثبات على الحق والهدى لا يمكن أن يحدث ثبات على منهج الحق والهدى دون تبصر، دون تفكر دون تذكر، دون القيام بمستوى العمليات العقلية التي تؤكد للإنسان أن عليك أن تثبت على الحق الذي تؤمن به مهما بلغت التحديات الموجودة أمامك، مهما كان حجم التحديات لأن عادة الحق وأهل الحق أن يُبتلوا في الدنيا بشتى الابتلاءات بالخير بالشر هذه طبيعة الحياة، هنا تأتي أهمية الثبات.

 

كيف تثبت أمام كل تلك التحديات إن لم يكن لديك عقل وتكون من أصحاب الألباب والعقول الكبيرة التي تنظر إلى الأمام تنظر إلى العواقب تحاول أن تستحضر النتائج قبل أن تضع أقدامها على هذا الطريق أو ذاك، تفكّر، تدرس، تنظر إلى الأمور من جوانب وزوايا مختلفة نظرة استراتيجية،سورة آل عمران تعيد صياغة الإنسان المؤمن الثابت، تعطيه مواصفات، تعلّمه كيف يكون ثابتًا، كيف يكون راسخًا، لا يمكن أن يكون هناك ثبات ورسوخ دون أن يكون هناك تبصّر وتعقّل وتفكّر.

 

 

ولذا من أبرز وأهم مواصفات هؤلاء أولو الألباب الدعاء والتضرع والتوجه لله عز وجل فكيف يكون ذلك؟

أول الآيات بدأت بالتوجه لله (ربنا)

وهذا كلام أولو الألباب، كلام أصحاب العقول الكبيرة

(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)

الزيغ أي الانحراف عن الحق الميل عن الحق وهو مرض يقع في القلب أولًا ثم ينعكس على تصرفات الإنسان وسلوكه وسورة آل عمران تعالج مرض الزيغ، لماذا سورة آل عمران تعالج الزيغ؟ لأن الزيغ نقيض الثبات

 

 

فأول سلاح يتسلح به أولو الألباب سلاح الدعاء التضرع لله عز وجل. علينا أن نستحضر وندرك أنت مهما كنت ومهما بلغت درجة الإيمان في قلبك والتوحيد إياك أن تتصور أنك تؤمن وتثبت على الحق دون رحمة الله عز وجل ومشيئته ولذلك أنت أولى بالضرع إليه أن يحفظ قلبك، أن يحفظ عليك إيمانك، توحيدك ولذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من هذا الدعاء

"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الدنيا كبرت أو صغرت زادت ابتلاءاتها أو قلّت هي في النهاية ستنتهي أنا أؤمن أنها مجرد مرحلة وقتية وبالتالي لا أعطيها أكبر من حجمها فلا يذهب قلبي فرحًا ولا حزنا يبقى قلبي ثابتًا لأني مؤمن أن ربي جامع الناس ليوم لا ريب فيه، عليّ أن أعدّ العدة.

 

ثم تنتقل الآيات بعد ذلك لشيء آخر لنموذج من أناس لم يدركوا حقيقة الدنيا وحقيقة تحدياتها زاغوا فأزاغ الله قلوبهم نموذج آل فرعون، فرعون إنسان أُعطي من القوة وهذا تحدي من القوة والسلطان والجاه والمال والمنعة ما جعله يطغى ويستعلي على الآخرين فكيف كانت عاقبة هذا الفرعون؟

أولو الألباب أصحاب العقول الكبيرة تعطيهم سورة آل عمران وسيلة أخرى لمواجهة التحديات وكيفية الثبات على المنهج والهداية:

النظر في أحوال الأمم السابقة ولنا أن نفهم وأن نستحضر السورة نزلت على الجيل الأول جيل التلقي من المسلمين كانوا يرون أمام أعينهم كفار قريش اليهود النصارى وفد نجران الذين جاؤوا للنبي صلى الله عليه وسلم كانوا يروا قوى الباطل من حولهم وهذا تحدي كبير لأن المؤمن في حياته معرّض لأن يرى الباطل وهو منتشي يرى الباطل في قوة يرى الباطل فيه مال فيه جاه فيه سلطان فيه أناس يعززونه ويتحالفون معه هذا تحدي كبير كيف يثبت أمام هذا التحدي؟

 

تأتي الآيات في سورة آل عمران فتثبته

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا)

كل الذين كفروا في صف واحد في خانة واحدة سبقهم ولاحقهم أولهم وآخرهم ميتهم وحيّهم كلهم في خانة واحدة

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ )

لا يزيغ قلبك أمام ما تراه من أموال ولا من قوة ولا من جاه ولا من منعة ولا من سلطان ولا من تحالفات لقوى الباطل الفاسدة لأنها لن تغني عنهم شيئًا،ويعطيك المثال الأول

(كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ)

هذا مثل واحد ولكن المؤمن يربط المؤمن ينتقل من شيء إلى آخر هكذا يعلمني لقرآن، آل فرعون كانوا نموذجًا وربما النماذج اللاحقة التي لحقت بآل فرعون ربما لم تبلغ ما بلغه الفرعون من قوة ومنعة ولكن النتيجة واحدة ولذلك جاء الكلام

(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)

إذن أنت يا محمد صلى الله عليه وسلم وأنت تواجه تحديات الكفار والمشركين وقريش واليهود وغيرهم قل لهم

(سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ)

من أين جاءك هذا اليقين وهذا الثبات من الذي أخبرك بهذا؟

الرب الذي علمك في القرآن أن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا فقس اللاحق على السابق والحاضر على الغئب وكل قوى الباطل مهما تتابعت ومهما تغيرت صورها ومهما تغيرت أشكالها النتيجة التي ستلحق بهم واحدة طالما أنك حققت الشرط الإلهي شرط التوحيد والإيمان في قلبك وعدم الزيغ والثبات واليقين بالله سبحانه وتعالى.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا)

حصلت أمام أعينكم

(فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ)

ماذا كانت النتيجة؟

(وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ)

كن على ثقة، هذه المعاني التي تقدمها لي سورة آل عمران تحقق الثبات في قلبي تجعل قلبي يثبت على الإيمان يثبت على التوحيد يعلم أن الله ناصره يعلم أنه لا بد بعد الليل الحالك في ظلمته سيأتي الفجر، سيأتي النور، سيأتي النصر، لا يحفل بطول ساعات الليل لأنه يقضي تلك الساعات بالإيمان والتوحيد والتقرّب لله، ثابت، متأكد تمامًا لأن من وعده الله

(وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ )

أصحاب الأبصار الذين ينظرون في الواقع ويقرأون واقعهم من خلال آيات القرآن العظيم، أبصار ترى الشيء بعينك، كيف تراه بعينك؟

 

أنا لا أرى سوى أحداث تحصل أمامي اليوم في الواقع، أحداث، مجريات، أمور كيف أقرأها؟ القرآن يعلمني كيف أقرأها، أقرأها من خلال تلك الآيات التي أمامي في قلبي تعلمني أن الإنسان الذي كفر بربي فردًا كان أو جماعة مهما بلغت قوته مثل قوة فرعون أو أكثر لن تغني عنه لا أمواله ولا أولاده ولا حلفاؤه ولا أي شيء مما يرتكز عليه وأن النصر حليف المؤمنين ولكن لا ينبغي أنا أن أتكئ أن النصر حليف المؤمنين فأنا أعطي لنفسي شهادة بأني مؤمن أنا عليّ كإنسان أن أتأدب وأن أمارس التوحيد والإيمان في حياتي

 

15253430_354580744895218_5445970194362461708_n.jpg?oh=f4ea08000f1e10a4b3bb7669079f0a4a&oe=58FB4682

 

 

 

ثم تنتقل آيات سورة آل عمران إلى الوسيلة التي تليها، وسائل الثبات التي أوجزتها في البداية. ما هي وسائل الثبات؟ إدراك حقيقة الدنيا كما هي لا تجعل الحقيقة مختلفة عن الواقع. ما هي حقيقة الدنيا؟

تأملوا دقة القرآن للفظ

(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ)

إذن هي زُينت ولكن هذا لا يعني أنها هي في الحقيقة هكذا، لا،

(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ )

مغريات الدنيا لو لم تكن جميلة وحلوة وخضرة لَما اغترّ بها الناس ولَما أقبلوا عليها ولكن الزينة الموجودة فيها جزء من الاختبار والابتلاء، جميلة! تستهويني، تستهوي قلبي، تستهوي فكري، تستهوي حياتي، أميل إليها لأن شيء فعلًا يمكن أن يميل إليه الإنسان ولكن تأملوا كيف يأتي العلاج

(ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ)

عليك أن توازن. بعض الناس قد يقول أترك الدنيا؟ ومتاع الدنيا؟

الآية لا تقول هذا ولكن الآية حددت لك حجم هذه المغريات ووضعتها في الإطار الصحيح (ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ومن الذي عنده حسن المآب؟ ا

لله سبحانه وتعالى فلا يأخذك متاع الحياة الدنيا بعيدًا عن الله عز وجل، وازن بين الأمور، خذ من الدنيا ما أمر الله به أن تأخذ، لا تنسَ نصيبك من الدنيا وأحسِن كما أحسن الله إليك واستحضر دائمًا أن الله عنده حسن المآب.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

من أكثر الأشياء التي تجعل الإنسان يستسلم ولا يثبت على الدين ولا يثبت على الحق ولا يثبت على الطاعة مغريات الدنيا. وإذا أردت مثالًا لذلك تأمل أحوالنا نحن البشر، في رمضان على سبيل المثال نكون في غاية الطاعة والإقبال على الله عز وجل وتلاوة القرآن وعمل الخيروالصدقات وكل شيء من الأعمال، ينقضي رمضان تعود النفس البشرية في كثير من الأحيان إلى سالف عهدها، البعد، النسيان، الغفلة، هذه الحالة الموسمية سورة آل عمران تعالجها. كيف تعالجها؟

 

إياك أن تتصور أن هذا المتاع الذي أنت الآن تنشغل عنه هو كل شيء، لا،

(قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَير مِنْ ذَلِكُمْ)

خير من المغريات التي تراها أمام عينيك في الدنيا، التي تلهيك، التي تشغلك عن خالقك سبحانه وتعالى التي تأخذك بعيدًا عنه ولا ينبغي أن تكون بعيدًا عنه.

ما هو الخير يا رب؟

(لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ)

ولم تأتي الأوصاف الكثيرة التي جاءت في الآية الأولى في وصف متاع الدنيا يكفيك أن الله قد وعددك بها يكفيك أن تدرك أن ما عند الله خير وأبقى يكفيك أن تدرك هذه المعاني يكفيك أن تستحضر الآخرة في قلبك لتثبت كثيرون اليوم يعانون من مشكلة عدم الثبات على الطاعة، يقوم بالطاعة يمكن يكون قد بدأ في رمضان برنامج قيام الليل وتلاوة القرآن وحفظه ربما، المشكلة الاستمرارية، ينقطع عن العمل، لا يثبت على هذا العمل، لماذا لا يثبت؟

مغريات، التي تكلمت عنها سورة آل عمران وحددت لي العلاج وهو أن أُعطي الدنيا حجمها الطبيعي ويبقى نظري دائماً معلقاً بالآخرة ومعلقًا بما عند الله عز وجل

 

من أعظم وسائل الثبات على الحق والهداية الدعاء

(الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )

انظر إلى تطلع المؤمن المغفرة (فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا) أعظم شيء يلحّ على قلب المؤمن وعقله ليس طلب الدنيا ولكن طلب المغفرة، لماذا؟

من شغله طلب الآخرة عن طلب الدنيا أعطاه الله من خيري الدنيا والآخرة هكذا عطاء الله عز وجل ولذلك ينبغي أن أتقرب لله عز وجل بقولي ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

 

 

%D9%85%D9%8E%D9%86-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%90-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8F%D9%91%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D9%87%D9%8E%D9%85%D9%8E%D9%91%D9%87%D9%8F-%D8%8C-%D9%81%D8%B1%D9%8E%D9%91%D9%82%D9%8E-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8E%D9%91%D9%87%D9%8F-%D8%B9%D9%84%D9%8E%D9%8A%D9%87%D9%90-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8E%D9%87%D9%8F-%D8%8C.jpg

 

 

هذه الوسيلة جعلت ذاك المؤمن مؤمن بمواصفات خاصة الناس الثابتين في هذه الدنيا في هذه الحياة لهم مواصفات

(الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ )

وبدأ بالصابرين لأن الثبات يحتاج إلى صبر، صبر على الطاعة،

هب أنك بدأت جدولا زمنيا في رمضان للطاعة، لحفظ القرآن ثم انتهى رمضان وتوقفت وانقطع العمل، ماذا عليك أن تفعل؟

أن تعاود وتجاهد نفسك وتصبر على الطاعة

(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) الكهف)

اصبر نفسك على الطاعة اصبر نفسك حتى حين تجلس على سبيل المثال للصلاة اصبر نفسك بعد الصلاة أن تعطي لنفس الفرصة أن تذكر الله أن تستغفره أن تدعوه أن تتقرب إليه نفسك ستنازعك تقول لك انتهت الصلاة، قُم بسرعة، اِلْحق بالدنيا لا تفوتك! لكن الصبر يعلمك أن تصبر أن تتوقف أن تعطي لقلبك الفرصة أن يذكر ربه عز وجل ذكرًا كثيرًا، الصبر على الطاعة من أشد وأعلى مراتب الصبر، الصبر على الطاعة. لا ثبات بدون صبر والصبر يتكرر في سورة آل عمران وصية من الله عز وجل في السورة وآخر وصية هي الصبر، الثبات يحتاج إلى صبر، لا يمكن أن يكون ثبات بدون صبر.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)

قضية حتمية ألغت كل أنواع وأشكال وصور الجهل.

الجهل أنواع:

الجهل البسيط أن لا تعرف الشيء والجهل المركب أن تعرف الشيء الخطأ

فلكي يعالج الجهل المركب عليك أن تزيل الخطأ أولًا ثم تأتي بالصواب ليحل محل ذاك الخطأ.

 

فأول كلمة عالجتها سورة آل عمران لتخلص الإنسان من السبب الأول للزيغ إنهاء الجهل (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) شهادة من الرب سبحانه لنفسه فإذا شهد الله عز وجل فمن بقي بعد ذلك ليشهدّ (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) التوحيد الذي جاءت به كل الشرائع السماوية، موسى عليه السلام جاء به، اليهودية جاءت به، النصرانية جاءت به على لسان عيسى عليه السلام.

 

إذن لماذا زاغ بعض الناصرى وبعض أهل الكتاب عن ذلك التوحيد؟

الآية تعالجه ولكن الحقيقة الراسخة التي ينبغي أن تستقر في قلبك وفي وجدانك وعقلك أن لا إله إلا الله. ثم تعود الآية، نفس الآية

(لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

التوحيد ذكر مرتين في آية واحدة، قضية التوحيد هي القضية الأساس فأيّ انحراف عن ذلك التوحيد باي شكل زيغ، ضلال

 

قد يسأل سائل لم الدمج بين آل عمروان والبقرة

وسميت البقرة وآل عمران بالزهراوين؟

لأنهما يتحدثان عن قضية واحدة،

سورة البقرة تتحدث عن الهداية وسورة آل عمران تتحدث عن الثبات على الهداية، كلاهما يكمّل الآخر، كلاهما يدافعان عن صاحبهما، بأيّ شيء؟

بما ركز في قلبك من الإيمان والعمل بما جاء فيهما.

 

(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)

هذا التوحيد وهذا الاستسلام وهذا الانقياد والخضوع لله عز وجل ولما جاء به الأنبياء من قبل النبي صلى الله عليه وسلم وانتهاء به وهذا الكتاب الذي نزل الفرقان الذي جاء مصدقًا للتوراة والإنجيل هذا هو الحق الذي ينبغي اتباعه.

إذن لماذا حدث الزيغ؟

(وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) ظلم! المسألة في الزيغ قد تكون جهلًا وقد تكون ظلمًا وفي كلتا الحالتين فإن الله سريع الحساب. ما موقفك يا نبي صلى الله عليه وسلم ويا كل إنسان مؤمن أمام هذا التحدي؟ أن يأتيك الباطل وهو في حالة انتفاش، يأتيك الباطل وهو مُنتفش مغترّ، ما هو موقفك؟

 

(فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ)

القضية واضحة عندي أنا لا يهمني من يتبعني ومن يخالفني القضية واحدة أنا ثابت على إيماني وتوحيدي ولذلك الآيات ختمت

(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ)

المهمة التي ينبغي لك أنت كإنسان مؤمن بهذه الآيات وهذه السورة العظيمة أن تبلّغ أن توضّح أن تبين أن توصل الرسالة تقوم بإيصال الرسالة وتثبت على الحق وتؤمن بأن ما حدث من زيغ وانحراف في بعض الأمم إنما جاء من قبيل انحراف بعض أهلها وليس من قبيل تلك الكتب حاشا لله ولا من قبيل الرسل

 

(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ)

لماذا الحديث عن المُلك في وسط الآيات؟

الباطل والزيغ والإنحراف قد يمتلك الكثير، قد يصبح الملك والسلطة والجاه في يديه، ما هو موقفك أنت كمؤمن كثابت؟ هل تتزعزع أمام ذاك التحدي؟ أم أنك تُدرك أن الله هو مالك الملك وأنه يؤتي الملك من يشاء وتنزع الملك ممن يشاء وأن عاقبة الأمور إليه سبحانه وأنه على كل شيء قدير وأن إليه المرجع وإليه المآب وإليه المصير وأن كل ما يحدث أمامك من تحديات ومن وقائع ومن مجريات أمور إنما هو من قبيل الابتلاء والاخبتار فاحذر.

ولذلك في ضمن هذه الآيات جاء الحديث عن

(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)

لأن الولاء في قلب المؤمن كل الولاء لله، للإيمان، لا يمكن قلب المؤمن أن يميل لأحد إلا لله عز وجل ولأهل الإيمان الذين يشاركونه إيمانه وتوحيده لخالقه سبحانه وتعالى والمسألة هنا ليست مسألة أشخاص وفئات ومجتمعات ودول، لا، المسألة متعلقة بالإيمان، بالإحساس، بالميل، قلبك يميل لمن؟ لأهل الإيمان أم لأهل الكفر؟! القضية في غاية الأهمية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

15400913_356507038035922_5891614089049458074_n.jpg?oh=d81627d5339c5a93bf5ac1b492bd3ad9&oe=58F4C712

 

 

 

(قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)

طهّر قلبك لأن الزيغ أول ما يبدأ يبدأ بالقلوب

"يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك"

إذن انتبه لنفسك واعلم أن الله مراقِبك فاجعل قلبك يميل ويكون هواه لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولا يكن قلبك تبعًا لأهواء وشهوات غير ما جاء به الحق. نقطة في غاية الأهمية والمسألة ليست مجرد مشاعر قلبية وإنما مسألة اتّباع ومسألة منهج ولذلك جاءت الآيات بعد ذلك بقوله

(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)

حب والميل والأمور القلبية ليست ادعاء وإنما اتّباع، منهج أسير عليه في حياتي، أتحبب إلى الله بمتابعة أمره وأتجنب أن يبغضني الله عز وجل والعياذ بالله من خلال تجنبي لما نهاني عنه. لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك أن تكون. المؤمن وقّاف عند أمر الله عز وجل ونواهيه، يترك محابّه هو إلى ما يحبه الله ورسوله، يترك ما يحب لأنه يؤمن تماماً ويثق أنه إذا ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا، مؤمن. قد يحبّ أشياء معينة من أشياء الدنيا ولكن الله سبحانه وتعالى نهى على سبيل المثال عنها أو أمر بأشياء أخرى مختلفة عنها،

كيف يكون الموقف في هذه الحالة؟

أترك ما أحب لما يحبه الله ورسوله اِجعل أول رقم في حياتك وأولوياتك من المحبة والولاء ما يحبه الله، هل هذا الشيء يحبه الله؟ أم لا يحبه؟

. هذا سبيل من سبل التخلص من الزيغ والانحراف وخداع النفس، نهى النفس عن الهوى ولذلك أمر ربي سبحانه وتعالى أمر داوود عليه السلام فقال (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ (26) ص) (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) القصص)

 

أعظم ظلم يرتكبه الإنسان في حق نفسه أن يتبع هواه، أعظم ظلم اتباع الهوى! اخرج من هواك، اترُك هواك، دع ما تهواه لما يريده الله، قاعدة من أعظم القواعد. ولذلك هذا المقطع من السورة ختم بقول الله عز وجل

(قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ (32))

الطاعة، تريد أن تثبت على الحق انظر فيما أمرك الله فقف عند أمره ونهيه، هذا سبيل الثبات، هذا سبيل الطاعة

 

يقول ابن تيمية في كلمة جميلة:

"صلاح العبد في أن يعلم الحق ويعمل به فمن لم يعلم الحق فهو ضال عنه ومن علمه فخالفه واتبع هواه فهو هاو ومن عمله أي الحق وعمل به كان من أولي الأيدي عملًا ومن أولي الأبصار علماً"

أعظم نعمة على الإنسان أن تعلم الحق وتثبت عليه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

12540534_335380173252662_2542441034872889975_n.jpg?oh=9990227e95f9a3e5d3d8081fd981fc2d&oe=58B951E2

 

 

 

 

 

(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ )

السورة في أول نموذج تعرضه للثابتين على الحق تعرضه في سورة امرأة، امرأة عادية امرأة عمران امرأة سمت وارتقت بآمالها وأهدافها وطموحاتها. امرأة حملت بجنين فجعلت ذلك الجنين مشروع رسالة بالنسبة لها هذه العملية الطبيعية عملية الحمل حمّلتها تلك المرأة معاني وقيم جديدة، هذه المرأة امرأة عمران توجهت بكلّها لله متضرعة إليه أن يجعل ما في بطنها الذي نذرت به أن يكون محررا من كل التكاليف ومن كل الأعباء ليتفرّغ لخدمة بيت المقدس وعبادة الله وحده، مشروع. ولنا أن نتوقف ونحن نتحدث عن مناهج التربية وعوامل التربية ومؤسسات التربية وكيف يتربى الناس على الثبات وكيف يتربى الطفل من صغره على أن يكون إنسانًا صاحب مشروع، صاحب رسالة، صاحب شعور بالمسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين وتجاه المجتمع الذي يعيش فيه، كيف يتربى على تلك المعاني؟

 

امرأة عمران منذ أن حملت بمريم جنينًا في بطنها غرست تلك المعاني، توجهت لله سبحانه، دعته سبحانه والدعاء حاضر في سورة آل عمران في كل المواقف ليبين لي أن من أعظم وسائل الثبات الدعاء لله سبحانه وتعالى ولذلك هذه المرأة العظيمة دعت ربها قالت

(فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )

هذه المرأة وُجهت بتحدي باختبار صعب أنها وضعتها أنثى وكان المتعارف عليه في مجتمعها أن من يتفرغ لخدمة بيت المقدس ولعبادة الله يكون ذكرًا ولا يكون أنثى ولكن هذه المرأة العظيمة ما تخلّت عن حلمها ما تخلت عن هدفها ما تخلت عن مشروعها توجهت من جديد لخالقها، بعد أن وضعتها أنثى

 

والمسألة ليست مسألة تمييز بين ذكر وأنثى المسألة مسألة ظرفية تاريخية اجتماعية كانت تعيشها تلك المرأة توجهت من جديد لله سبحانه وقالت

(وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )

 

فماذا كان جزاء ذلك الثبات الذي كان في قلب امرأة آل عمران؟ ماذا كان جزاء ذاك اليقين؟ ماذا كان جزاء ذاك التوجه والسمو والرقي في الآمال والطموحات؟

مشروع الولادة الذي أصبح معتادًا وهو معتاد جدًا في كل أنثى وفي كل امرأة، مشروع طبيعي جدًا، كيف استطاعت تلك المرأة أن تحوله إلى مشروع قيَمي، مشروع هادف، مشروع حياة، مشروع رسالة من خلال إيمانها وثباتها ويقينها بالله عز وجل؟ ماذا كان الجزاء؟

 

(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا)

هذا القبول كان جزاء للثبات فالجزاء من جنس العمل.

كلما ازددت ثباتًا على أوامر الله كلما ازداد في قلبك الرسوخ واليقين بأمر الله بما أمرك الله سبحانه وتعالى كلما ازددت اقبالاً وصدقًا عليه سبحانه كلما ازددت إخلاصاً وتيقنًا بما عنده سبحانه كلما زادك الخالق وأقبل عليك بالنعم والمنح والعطايا كلما فتح عليك الأبواب وأمامك الأبواب من حيث لا تحتسب

هذا قانون من القوانين الذي تضعه سورة آل عمران

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

15391236_358013284551964_841049404034375759_n.jpg?oh=118eb7c6a20ffa6082394ff798a853d8&oe=58E8B009

 

 

 

زكريا عليه السلام كان يقوم برعاية مريم وهذه همسة في أذن الآباء والأمهات وأولياء الأمور: التربية ليست مجرد تزويد بالحاجات المادية من طعام وشراب وملبس وإرسال إلى المدارس، التربية متابعة، التربية مراقبة، التربية شيء متواصل رعاية متواصلة لا تنقطع عن ذاك الطفل لا يمكن أن تنقطع بحال، فزكريا لاحظ أنه كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقًا من فواكه وأشياء ما كانت موجودة في ذلك الموسم في ذاك المكان وفي ذاك الزمان، وحُقّ له أن يتساءل عن مصدر ذلك الرزق وهذه أيضاً وقفة تربوية لا بد لولي الأمر أن يتابع أبناءه، لا بد لولي الأمر أن يعرف من أين (قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا) لا بد، مهما كانت الثقة، المسألة ليست مسألة ثقة المسألة مسألة متابعة، المسألة مسألة شعور بالمسؤولية، المسألة مسألة تكفّل، كلمة كفالة كلمة شاملة كلمة تشمل كل أونواع الرعاية الوجدانية والعاطفية والشعورية كل أنواع الرعاية وأشكالها، وقد قام بها زكريا عليه السلام. ولكن هذه الفتاة أجابت إجابة أيقظت أمنية قديمة مرّ عليها وقت طويل في قلب ذلك النبي زكريا عليه السلام (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ )

 

زكريا كان قد حُرم من نعمة الولد وكانت زوجته عاقر ووقف وثبت أمام الابتلاء ولكن زكريا النبي يعرف تمامًا أن الله هو مسبب الأسباب يدرك تمامًا أن الأسباب حين تنقطع يبقى مسبب الأسباب سبحانه لا ينقطع الأمل ولا الرجاء فيه.

 

زكريا يدرك تماما أن الله هو مسبب الأسباب، يدرك تمامًا أن بيده الأمور كلها، يدرك تماماً أن بيده مقاليد كل شيء وأنه يقول للشيء كن فيكون وحين تتوق نفسه لشيء لا بد أن يسمو في ذلك الطموح وفي ذلك الأمل

ولذلك تذكر الآيات في سورة مريم أن طموح زكريا في الولد ورغبته في الولد ما كانت مجرد رغبة مادية أن أجد من يحمل اسمي .البشر يرغبون بالولد لأجل أن يكون امتدادًا لهم ولاسمهم، لأجل أن يكون عونًا لهم حين يحتاجون إليه، نصرة، تأييد، ولكن زكريا عليه السلام يضرب مثلًا جديدًأ كذاك المثل الذي ضربته امرأة عمران في الطموح والآمال حيث يقول

(يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا )

وراثة الأمانة، حمل أمانة التوحيد والرسالة، أن يكون ذاك الولد امتدادًا لأبيه فيحمل تلك الأمانة أمانة الدعوة لله سبحنه والتفرغ لعبادته. تلك الأمنية العظيمة التي تتسامى وترقى فوق آمال وأمنيات البشر الذين حوّلوا مسألة إنجاب الأولاد إلى شيء طبيعي جدًأ

 

ولذلك زكريا عليه السلام توجه فقال

(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ) وكما كانت الإجابة في موقف امرأة عمران كانت الإجابة في موقف زكريا عليه السلام الله سبحانه أرسل إليه البشرى، الرب الذي أحسن الظن به وتيقن بقدرته، الرب الذي تضرع إليه، الرب الذي لجأ إليه الرب الذي افتقر إليه أعطاه، من أقبل بقلبه لله مستغنيًا به عن كل أحد وعن كل سبب أغناه الله بلا سبب.

(كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ).

 

والتوجّه في كل الأحوال بذاك القلب المؤمن لله ذكرًا ودعاءً وتسبيحًا

(وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ).

المؤمن الذي يريد الثبات عليه أن يديم ذكر الله عز وجل بقلبه ولسانه وجوارحه. أنا أريد الثبات، كيف أثبت إلا على شيء قد اتصلت به وتعلقت به. أريد أن أثبت على أوامر الله عليّ أن أصل صلتي وأقويها بالله سبحانه وتعالى وأعظم صلة ذكر الله سبحانه (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) الأنفال) (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) البقرة) أدِم ذكر الله عز وجل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

15390767_358334547853171_3965499557178751713_n.jpg?oh=d1111d6277d64abf880d5560024f42a5&oe=58B50122

 

 

مريم تعرضت لامتحان وابتلاء شديد صعب وكذلك أصحاب الرسالات، ما من صاحب قيمة ولا رسالة ولا مشروع إلا وكان سنة الله في خلقه أن يتعرض للابتلاء والامتحان.

 

والثبات يعلّم الإنسان المؤمن كيف يثبت في وجوه الخطوب والمحن يثبت فلا تحدي ولا تزيغ به التحديات والخطوب ولا تميل به الصعوبات والشدائد، ثابت، راسخ.

 

هذه المرأة كانت تتولى نفسها وقلبها بالذكر والابتهال والقنوت والركوع والسجود لله سبحانه فأراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل وأن يبشرها بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم. والآيات في سورة مريم تصف موقف مريم، تصف حالة مريم الإنسانة وما أصابها من الخوف والهلع والقلق والشدة والضيق إلى الدرجة التي قالت

(يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا )

هذه مريم الإنسانة، طبيعي جدًا أن الإنسان حين يتعرض لمحنة تبدأ عوامل القلق والخوف في نفسه، عوامل الضعف البشري الإنساني المعتاد الذي لا شيء فيه ولكن الثبات يأتي هنا تمامًا ربي سبحانه وتعالى أمر أمرًا فتلك الفتاة التي كانت تديم الركوع والسجود بين يديه عليها أن تديم الامتثال لأمره وطاعته حين يبتلي وحين يأمر بأمر فكان ذاك.

(قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)

ترسّخت تلك الحقيقة في قلب مريم فما كان منها إلا ما يكون من المؤمن الثابت التفويض وتسليم الأمر لله الواحد الأحد ألا له الأمر من قبل ومن بعد سبحانه. سلّمت أمرها لله وجاءت قومها وهي تحمله وتحمل معه الثبات في قلبها واليقين وتدرك تمامًأ ما ستواجَه به من قبل قومها من اتهامات ومن افتراءات وتطاول عليها وهي الطاهرة العفيفة المبرّأة من كل سوء، امتحان صعب!

 

ولكن اليقين الذي كان في قلبها والإيمان جعلها تثبت، جعلها تقف صامدة أمام كل تلك التحديات فجاءت به بمنتهى الشجاعة. جاءت لتواجه المجتمع، جاءت لتواجه الأهل والناس والأقارب والعشيرة وما كان ذلك سهلاً عليها! ولكن الثبات واليقين بالله سبحانه وتعالى سهّله عليها.

 

كلما كان الإنسان مليء القلب بالثبات والرسوخ لأمر الله واليقين به وحسن الظن به كلما فتح الله أمامه الأبواب المغلقة كلما سهّل عليه الشدائد والصعاب كلما جعل تلك المحن تنزل على قلبه وكأنها منح وعطايا وكان ذلك الأمر في مريم.

وكان ذاك الجزاء أن جعلها الله وابنها آية للعالمين وأنزل فيها القرآن الذي يُتلى وأنزل فيها كل تلك الآيات البينات جزاء الثبات، جزاء اليقين، جزاء الامتثال لأوامر الله. والوقفة رائعة، العبادة والقنوت والركوع والسجود والتفرغ لعبادة الله لا بد أن يكون لها ما يصدّقها في الواقع من الثبات حين تشتد الخطوب وتتوالى على الإنسان الابتلاءات. الإنسان معرّض والركوع والسجود وذكر الله زاد المؤمن في المحن، زاد المؤمن الذي يمدّه بطاقة إيجابية، زاد المؤمن الذي يمده بقوة لا يفهمها الكثير من البشر يتعجبون لحاله كيف يثبت والمحن تتوالى عليه كيف يثبت؟!

إنما يثبته الله

(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (27) إبراهيم)

وكذلك في الآخرة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

15541245_358783224474970_7097220540620093969_n.jpg?oh=afa2e60e5eb946bc3bcae5bd30b97d96&oe=58E9055A

 

 

(إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ )

الكلمة التي جاء بها كل الأنبياء، الكلمة التي ثبت عليها كل الأنبياء الكلمة التي جاء بها الأنبياء للناس ليجعلوا من الحق والعدل قيمة عليا والحق لا يمكن أن يترفع بأناس لا يثبتون عليه.

الله قادر على أن يرفعه بقول كن فيكون لكن الله سن للبشر سنن وقوانين ومن تلك السنن أن يكون للحق وللعدل وللقيم وللصدق آل وأناس يدافعون عنه، أناس على استعداد لبذل المال والنفس في سبيله، في سبيل أن يرتفع عاليًا وقد أدرك عيسى تلك المعاني ولذلك سورة آل عمران تعرض نماذج من البشر العاديين ليسوا من الأنبياء ولكنهم ثبتوا ولذلك يأتي لاحقًا

(فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )

ثبات أمام التحديات والشدائد والمحن والكروب، هذا الثبات كيف يُصنع؟

توجه عيسى عليه السلام لما أحس من قومه المكائد والكفر

(قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ)

عيسى عليه السلام يدرك أن الله ناصره لكنه أراد أن يؤسس أن الحق لا بد أن يكون له من أناس ينصرونه بأرواحهم

 

(قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)

هذه الفئة من البشر نصرت الحق،

دافعت عنه لماذا أراد عيسى أن يؤكد هذه المعاني؟

الإنسان في الحياة مهما امتد به العمر سينقطع فكل نفس ذائقة الموت ولكن الحق ممتد وباقي، أمر الله وتعاليمه باقية ولا بد أن يكون لذلك امتداد ولا بد للنبي وأتباع الأنبياء وأصحاب الحق أن يحمِّلوا من بعدهم الرسالة، رسالة الأمانة، رسالة التوحيد والقيم والحق والعدل، لا بد أن يعلموا هؤلاء من يحملوا بعدهم ذاك الهمّ أن الحق غالي، أن الحق يدافع عنه بالأرواح أن الحق تبذل في سبيله التضحيات ليحق الله الحق بكلماته ويقطع بعد ذلك دابر الكافرين والظالمين المناهضين للحق وقيم العدل.

 

ولذلك عيسى عليه السلام الذي أحيط بكمّ من الكروب والمحن ما هزته الشدائد ولا غيّرته الدسائس ولا المكر ولا الكيد ولا المحن ولا الصعوبات، فالله يمكر له (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ).

كانت النتيجة أن الله سبحانه وتعالى رفعه إليه، أن الله سبحانه وتعالى جعل الذين اتبعوه فوق الذين كفروا، جعل أنصار الحق والعدل والقيم الذين ثبتوا على ذلك فوق الذين كفروا وهذه قاعدة وقانون:

من يثبت على الحق والعدل لا بد أن الله يرفعه لا بد أن الله ينصره. وليس النصر فقط في الدنيا وإنما في الآخرة ويوم القيامة.

أما أولئك الكفرة، أولئك الذين يبيعون ويشترون بالحقّ وبالعدل وبالقيم فأولئك لا خلاق لهم لا في الدنيا ولا في الآخرة وما لهم من ناصرين.

(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ )

ليس المطلوب من المؤمن أن يحمل الناس أو يُكرههم على الحق وإنما المطلوب منه أن يُظهر ذلك الحق بالحوار والحكمة والموعظة الحسنة ثم يترك للناس حرية الاختيار في اتخاذ القرار وفي كل الأحوال يضرب المثل الأعلى والأسمى في الثبات على ذاك الحق مهما كلفه الثمن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الولاء والانتماء لا يكون لأفراد ولا لأشخاص ولو كان هؤلاء الأشخاص صفوة الخلق من الأنبياء، الولاء والانتماء يكون للدين، الولاء والانتماء يكون للتوحيد، الولاء والانتماء يكون للشريع الذي جاء به الله سبحانه وتعالى والأنبياء ومن بعدهم رجال الدين، هؤلاء جميعًا إنما يحملون أمانة توصيل الرسالة ولكن الانتماء لا يكون لهم كأشخاص، ألغت سورة آل عمران تلك الفوارق والحواجز لتقطع دابر العنصرية والتعصّب.

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُون)

لا تجادل بأشياء باطلة

ابراهيم عليه السلام كان سابقًا على اليهودية والنصرانية من الناحية التاريخية ومن الناحية الزمنية فلِمَ تحاجّون، لِمَ تريدون أن تخضعوا كل شيء لأهوائكم، لِمَ تأتون إلى الحق بأفكار مُسبقة تريدون أن تُخضعوا الحق لها؟

الحق لا ينبغي أن يُخضع لآراء مسبقة، الحق يُخضَع له ولا يخضه هو لشيء،

 

(وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ (69))

ليس كل أهل الكتاب على حد سواء، أنت مهما كان انحرافات البعض منهم لا ينبغي لك أن يدفع بك الهوى والتعصّب والعنصرية لأن تنظر إلى كل الفئة أو الطائفة أو أصحاب الدين بمنظار واحد. لا يحق لك ذلك، لا ينبغي لك، أنت تؤمن بالله أنت تؤمن بمبادئ القرآن والقرآن حرّم الظلم وحرّم التعميم حرّم أن تعمم الأحكام على شعوب أو على طوائف فيقال الشعب الفلاني كذا، النصارى كذا، اليهود كذا، أبداً، طائفة فريق أمة فرقة ولكن لا تعمم لأن التعميم ظلم والظلم قد حرّمه القرآن بشتى صوره وأشكاله وأنواعه.

15100037787_ca0bd2d611.jpg

 

 

 

 

(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا (75)).

لا تنظر ولا تجحِف في النظرة إليهم على حد سواء لا بد أن يكون هناك تفرقة، لا بد أن تعامل الناس بمعيار العدل والحق ولا تعاملهم بمعيار التعميم ولا تعاملهم وكأنهم بشر على طائفة وعلى قلب واحد، منهم الأشرار ومنهم الأخيار، منهم الصالحون ومنهم دون ذلك كانوا طرائق، الناس طرائق، الناس مشارب مختلفة حتى وإن انتموا لدين واحد، حتى وإن كانوا يدينون بدين واحد أو ينتمون إلى حزب واحد أو إلى طائفة أو ما شابه مما تعارف عليه الناس.

القرآن يعلمني الإنصاف

القرآن يعلمني العدل حتى في الكلمة التي أقولها،

لا تعمم.

ولذلك جاء بعد ذلك في نهاية الآيات لتعيب على بعض أهل الكتاب ما قالوه وخاصة اليهود

(لَيْسَ عَلَيْنَا فِيالْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)

لا يهمنا من خالفنا، نسرق منهم، ننهب منهم، نصادر أموالهم وحياتهم لا يهم

(لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)

ولكن هذا المبدأ مبدأ مرفوض في القرآن، لماذا؟

لأن القرآن يعلمني أن أكون أميناً مع من ائتمنني ومن أمَّنَنِي سواء أكان خائناً أم كان أميناً، هذا ما يعلمني عليه القرآن. القرآن يعلمني أن أمارس الأمانة بمطلقيتها، القرآن يعلمني أن أمارس الأمانة بإطلاق لا أفرق بين الناس، أنا أمين سواء أكان ذاك الذي أتعامل معه أمين أم خائن لا يهم ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم

"أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك".

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

w-4d6850f4af.jpg

 

 

 

(بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76))

الوفاء بالعهود، قيم القرآن العظيمة الوفاء، الوفاء مع الجميع، الوفاء كقيمة مطلقة لا تحدّها مع من أتعامل، هكذا يعلم القرآن أتباعه، هكذا يربي القرآن من يسير عليه، هكذا القرآن ينقض تلك المواثيق الجائرة التي جاء بها البشر جراء اتباعهم للهوى وللتعصب وللعنصرية.

 

لا عليك من الوقوع في ظلم من يخالفك، مبدأ مرفوض تماماً لا يقبله القرآن

(بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).

ثم تقدّم لي الآية وتؤكد المعنى من جديد لماذا تخلى هؤلاء عن تلك المبادئ التي جاءت في اليهودية وفي النصرانية؟

لأنهم اشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً، باعوا تلك القيم والمبادئ التي لا يختلف عليها الأنبياء ولم يختلف عليها أحد من العقلاء، باعوها بأي شيء؟

بثمن قليل. باعوها لأجل مصالحهم الشخصية، باعوها بعنصريتهم، باعوها بتعصبهم الأعمى باعوا القيم وتاجروا بها فكيف سيكون الجزاء؟

(لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)).

 

(كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ (86))

الهداية نعمة من الله عز وجل صحيح ولكن الإنسان لا بد أن يؤهِّل نفسه أن يكون موضعاً ومحلاً لهداية الله. كيف يؤهل نفسه؟

حين يُعرض عليه الحق يقبله وحين يُعرض عليه الباطل لا يقبل به ويرفضه، هذه من مؤهلات الهداية حتى يصبح قلبي أهلاً وموضعاً لهداية الله عز وجل. أما أن أرتضي الضلال بعد الهدى، أما أن أرضى بالباطل يحكم في حياتي بعد أن رأيت الحق هذا زيغ، هذا انحراف عاقبته أن (اللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، عاقبته

(أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87)) لماذا؟

لأنهم كفروا بعد إيمانهم. لأن المسألة ما كانت مسألة اختيار، المسألة كانت مسألة زيغ وضلال وانحراف ومحاولة لزرع ذلك الضلال والإنحراف وهذه قضية لا يقبل بها القرآن، ولذلك ربي قال

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90))

الضالون الذين يتعّوذ المؤمن منهم مرات ومرات في سورة الفاتحة حين يقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) الفاتحة) هذا هو القرآن، أولئك هم الضالون (وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) من هم؟ (الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا (90)) الذين ابتغوا الباطل بعد أن رأوا الحق والعمى واستحبوه بعد أن رأوا الهداية، الذين أضلوا بأعمالهم، أضلوا الآخرين، الذين باعوا واشتروا بقيم الحق والعدل وقيم الدين الذي جاء به كل الأنبياء. ولذلك هؤلاء لا تُقبل منهم فدية ولذلك هؤلاء لا يُقبل منهم عمل، تلك الإنحرافات الحقيقية والإفتراء على الله عز وجل وعلى أنبيائه لا يمكن أن تبقي بعد ذلك محلا للقبول

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

726732.gif

 

 

 

 

(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (92))

في مقابل أيّ شيء؟

في مقابل أن هؤلاء الذين كفروا لا تُقبل منهم فدية

(فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ (91))

لإصرارهم على الكفر، إصرارهم على الضلال، إصرارهم على البعد عن الله

 

13148975501278.gif

 

 

 

(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (92))

لماذا ذكر الإنفاق في مقابل هذا؟

للتأكيد أن أهل الباطل سينفقون من الأموال الكثير الكثير لإحقاق الباطل الذي ساروا عليه فأنتم يا أهل الحق، يا أهل الثبات عليكم أن تضحّوا وتقدموا الأموال والأنفس والأرواح لأجل الحق الذي تؤمنون به وعليكم الثبات

بعض الناس يقول أنا على الحق ولكني لست على استعداد أن أنفق شيئًا في سبيل ذلك الحق، ما قيمة أن تؤمن بالشيء ولا تنفق لأجله؟! ما قيمة أن تؤمن بشيء ولا تنصره ولا ترفعه ولا تحاول أن تبذل شيئًا في سبيل إحقاقه؟!

 

(وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)

تجديد في الثبات، الآيات بعد الآية 100 تشدد على المؤمنين في مسألة الثبات على الحق وتؤكد لهم ذلك

(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)

تنهى عن الفرقة وتأمر بجمع القلوب وتأمر بتوحيد الصفوف وتأمر بجعل الكلمة كلمة واحدة ثابتة لا مرجعية ولا تراجع عنها، منجاة للمجتمع، منجاة للأمة من الانهيار

(وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا)

وصنوان تلك الوحدة وتلك المشاعر وعدم التفرّق الذي لا يقبل به دين، صنوان ذلك أن يكون منكم أمة تدعو إلى الخير وإلى الحق، القيم، ترفع القيم عاليًا، تعلي من شأن القيم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتأملوا الآية

(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

عدم فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تخلي الأفراد والمجتمعات والأمم عن دورها في حماية القيم، في حماية المكتسبات الإيمانية التي حققها التوحيد، تخلّي الأفراد والجمتمعات عن تلك القيم وعن حمايتها يؤدي إلى الفرقة، يؤدي إلى التشتت، يؤدي إلى انهيار وحدة الأمة ووحدة المجتمع.

 

وحين يحدث ذلك لا سمح الله فلن يكون هناك إلا العذاب والخسارة العذاب دنيوي وأخروي. وشتى أنواع العذاب وأشكال العذاب الدنيوي ما قد يراه الإنسان في المجتمعات من تمزّق الأسرة الواحدة وتفرّق كلمتها والنزاع والخصومة بشتى أنواعها ووقوع اوالقتل والحروب والدمار على لا شيء، لِمَ حدث ذلك كله؟

حين تخلّت الأمة عن أوامر ما جاء في كتاب الله،

 

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)

بأي شيء يا رب؟

(تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (110))

والمعروف ما عرّفه الله لنا في كتابه: القيم، الحق، العدل، التسامح، الرحمة بالبشر دون تفرقة بينهم، دون فوارق مفتعلة افتعلها الشيطان وهوى النفس وافتعلتها التحزّب والعنصرية والطائفية دون تلك العوامل التي افتعلها الشيطان وهوى النفس.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُون (112))

لا طريق للخلاص لأيّ أمة من الأمم إلا بعودتها إلى المنهج الرباني ولذلك هذه الآية تعرض صوراً من إذلال الأمم حين تخالف أوامر الله عز وجل.

(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا)

خلافات داخلية، تخلّف، استعباد، كوارث طبيعية، البعد عن المنهج الرباني كفيلٌ بتحقيق الهزيمة بكل أنواعها وصورها في حياة الفرد وفي حياة المجتمعات والأمم، لماذا يا رب؟

(لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ (113))

وتأملوا معي كلمة "قائمة"، أمة ثابتة على أيّ شيء يا رب؟

(يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)

الآيات توضح تعامل هذه الفئة الجيدة الراسخة الثابتة من أهل الكتاب مع كتاب ربها، كيف يكون التعامل؟

تلاوة لآيات الله آناء الليل وهم يسجدون، تعامل وتفاعل قلبي ووجداني واضح أثناء الليل مع آيات الكتاب العظيم ولكن في نفس الوقت هذا التفاعل الوجداني ما كان ليبقى تفاعلًا فقط في عالم الوجدان والعواطف بل تحول في النهار إلى فعل وسلوك وتطبيق في واقع الحياة

(يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114))

التفاعل في النهار إنما هو متحول إلى سلوكيات، إلى واقع، إلى أعمال خيرية، أعمال صالحة، إلى مبادرة

 

1astbko.jpg

 

 

(وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)

مباردة للعمل الصالح والنهضة به وحماية لمكتسبات العمل الصالح في حياة الفرد والأمم.

 

 

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا (116))

المنافسات الموجودة في الدنيا كثرة الثروة المادية أو العلمية لا تعني أنك يا مؤمن معنى ذلك أنك تخضع لتلك الفئات من البشر. هؤلاء الذين يختلفون معك في قيم الحق والعدل التي جاءت بها كل الكتب السماوية لا تخضع لهم حين ترى الدنيا قد حيزت لهم وجمعت بين أيديهم ووضِعَت فإن جمع الدنيا واكتساب الثروة المادية والعلمية لا يعني الخيرية بحال، أبداً! لا يعني الخيرية، لماذا؟

لأن الذين حادوا عن قيم الكتب السماوية والديانات السماوية أخطأوا في فهم الحياة، أخطأوا في فهم الآخرة، أخطأوا في الأهداف والغايات والمقاصد وبالتالي كل الوسائل التي يتوسلون بها من وسائل مادية أو مكتسبات ومنجزات مادية حضارية لا تغني عنهم شيئاً.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا (118))

لا تتخذوا من هؤلاء الفئات التي أخطأت في الأهداف، أخطأت في المقاصد، حادت عن منهج الله لا تقربونهم إليكم، لا تتخذوا منهم مهما بلغ قشر المادة التي هم يحتشدون فيها وحولها، مهما بلغت القوة أو التقدم أو التطور المادي أو الذكاء العلمي لديهم، لا تتخذوا من هؤلاء مستشارين لا تتخذوا من هؤلاء أصحاب خبرة يقدمون إليكم المعلومات التي تحتاجون إليها في بناء مجتمعاتكم أو في بناء دولكم، لماذا يا رب؟ لماذا كل هذا التحذير؟

(لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا)

الضرّ، يوقعون بكم الضر، يوقعون بكم الأذى، ولماذا قضية إيقاع الأذى وذاك التحذير الشديد منهم؟ إختلاف المقاصد. أنتم اختلفتم في الأهداف معهم هؤلاء أناس ليسوا بأصحاب رسالة ولا قيم وإن تبدّى لكم أنهم قد اكتسبوا القيم المادية، القيم التي جاءت بها الأديان، القيم العظمى من عدالة ومن حرية ومن مساواة لا يمكن أن تنفك عن القيم المادية أو المنجزات المادية. وحين يخطئ الإنسان في تلك القيم الأساس التي جاءت بها الأديان قطعاً سيخطئ كذلك في الوسائل.

 

(إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور (119))

النوايا ليس للمؤمن أن يتدخل فيها، ليس للمؤمن أن يُحاكِم البشر وفق نواياهم ولكن للمؤمن أن يكون حذراً، للمؤمن أن يعرف الأمور وأن يقيسها بشكل جيد.

 

(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا (120))

المؤمن ليس بالخدّاع ولا بالمكّار ولا بالمختال، المؤمن إنسان صاحب مصداقية مع المؤمن والكافر، مع المؤمن والمنافق على حد سواء، ولكن في ذات الوقت هو ليس بالإنسان المغفّل لذي يمكن أن يُستغل إلى أبعد حد، لا. المؤمن إنسان صاحب قيم ولكن هذه القيم لا تعني أن يكون مغفّلاً ولكنه تعني أن يكون واقفاً عند أمر الله له بالتحذير ولذلك هذه الآيات بيّنت وسائل التعامل مع الزائغين والضالين عن القيم التي جاءت بها الأديان، كيف يتعامل المؤمن؟ كيف يتعامل المؤمن في أجواء وفي عصور تموج بالضلال والمكائد والمكر، كيف يتعامل؟ القرآن يقدّم له أول أسلوب من أساليب التعامل الثبات على المبادئ والقيم وليس على المصالح، ليس على المصالح الشخصية ولذلك جاءت الآية بالتحذير

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا (118))

لا تقدّم المصلحة الشخصية لذاتك على مبادئك وقيمك.

لا تتنازل عن القيم والمبادئ التي تؤمن بها في كتابك لأجل تحقيق مصلحة شخصية أو غرض قريب من أغراض وعروض الدنيا، لا تتنازل.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ (119))

المؤمن لا يحقد، المؤمن لا يبغض إلا لله ومعنى البغض لله أن يبغض الفعل لا يبغض الشخص، المؤمن ليس بالإنسان صاحب العداوات الشخصية، المؤمن ليس إنسانًا يعادي لأجل عرق أو تعصب أو قومية أو ما شابه.

 

 

(وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ (121))

استعداد مادي، تجهيز العدّة والعتاد، استعداد مادي بحت لكن تأملوا كيف يربط القرآن بين الاستعداد المادي والاستعداد الروحي، كيف يجعل التقوى قضية حاضرة في لبّ المعركة، كيف يجعل التقوى قضية حاضرة في الاعداد المادي لأي مواجهة أو معركة

(وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

عليم بالنوايا ولذلك لا يمكن أن يتم إعداد الجيش إعدادًأ حقيقيًا دون أن يكون له رصيد من التقوى، من الشعور بأن الله سميع عليم، بأن الله مطّلع على النيّات والمقاصد والأهداف. وهذه لفتة واضحة جدًا أن المؤمن وأن المؤمنين كجماعة وكأمة لا تخرج لأجل مصالح شخصية، لا تخرج لكي تقاتل الناس لأجل أن تفرض آراءها أو تفرض مبادئها بالقوة، إطلاقاً! المؤمن إنسان يصفي نيته لله عز وجل،

 

(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) آل عمران)

من الذي ينصر؟

الله.

هل الإنسان يأتي ويأتيه النصر من تلقاء نفسه؟

لا، المؤمن عليه أن يستحضر هذه الحقيقة الكبرى أن النصر من عند الله، أن النصر ليس من الغرب ولا من الشرق، أن النصر ليس بالعدة المادية فحسب، هذه وسائل، هذه جزئية ولكن الجزئيات الأكبر أن النصر من عند الله عز وجل فعليك أن تكون مع الله وتخرج لله لأجل أن ينصرك وإلا فلن يتحقق النصر.

 

(فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)

تأملوا التقوى، الوصية بالتقوى، الوصية بإصلاح علاقة الإنسان مع الله عز وجل التي بها صلاح شأنه. المؤمن لا يصلح شأنه فردًا كان أو جماعة أو دولة أو أمة إلا بصلاح علاقته مع خالقه، إلا بتصحيح المنهج الذي أراد له الله أن يسير عليه في الواقع. ولذلك جاءت الآيات التي تليها بتثبيت المؤمنين، بإعطاء المؤمنين وسائل للنصر لا يمكن أن تكون للكافر أبداً

(إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) آل عمران)

جيش من الملائكة وجيوش الملائكة لا يمكن أن تقاتل من أجل باطل، جيوش الملائكة لا يمكن أن تكون مع أناس حركتهم المصالح الشخصية،

 

(بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) آل عمران)

إذاً هذا من عند الله، هذه وسائل ربانية من عند الله لا يمكن للعلم ولا للتطور ولا التقدم في آليات الحروب أن تعرف لها سبيلاً. لا يعرفها إلا المؤمن، المؤمن الذي خالجت التقوى خاصية وسويداء قلبه، المؤمن الذي صبر على المبادئ والقيم، المؤمن الذي ثبت عليها، المؤمن الذي جاءت المعركة لتؤكد ثباته وصبره بالله عز وجل.

 

 

(وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) آل عمران).

هذه الحقيقة لا ينبغي أن تغيب عن المؤمن بحال أن النصر من عند الله وأن الهزيمة من عند النفس الأمارة بالسوء من قبيل حظوظ النفس والاستجابة والخضوع لمتطلباتها.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

15672930_1209943532415701_7818026845313557624_n.jpg?oh=e849fb67a35362faebe05c0db08225bd&oe=58EB87EA

 

 

 

آيات سورة آل عمران تقدم قوانين النصر.

قوانين النصر في أي مواجهة لأي أمة من الأمم التي حادت عن المنهج الرباني وتحقيق قيمه في واقع الحياة. لأجل أن يكتب لك النصر عليك أن تنتصر على نفسك وأهوائها وشهواتها في الداخل وإلا فلن تُنصر في الخارج. النصر إنما يبدأ بالنفس لا يبدأ بالآخر، لا يمكن لأمة أن تنتصر على عدوها وهي لم تتمكن من أن تنتصر على شهوات نفوسها وأهوائها لا يمكن أبدًا، والربا الذي هو مكتسب غير مشروع حرمه الله عز وجل، استغلال لحاجة الضعيف إيجاد طبقة من المترفين لطبقة من المستغلين طبقة من الناس الذين تحركهم غرائز جمع الأموال ومصادرة حقوق الآخرين واستغلال ضعفهم وفقرهم وحاجتهم

 

 

 

(وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132))

نفِّذ المنهج.

آيات القرآن العظيم ما جاءت من أجل أن تكون وآيات وحسب جاءت ونزلت لأجل أن تكون آيات تطبق في واقع حياتك في نفسك في مجتمعك طاعة الله متابعة المنهج الذي تقرأه في كتاب الله في أبسط وأدق جزئيات حياتك.

 

 

(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133))

مبادرة، مسارعة، استحضر دائماً أنك في سباق مع الزمن، الأيام معدودة والأجل محتوم والعمر قصير والمؤمن إنسان صاحب مبادرات، إنسان لا يضيع شيئًا من وقته فيما لا طائل من ورائه.

 

 

(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134))

ممارسات وسلوكيات اجتماعية، إحسان إلى الآخرين. المؤمن الذي يواجه وينتصر في المعركة إنسان صاحب قيم وصاحب سلوك متميز في تعامله مع الآخرين. ثم تختم الآيات بالحديث عن التوبة والاستغفار والرجوع عن الذنوب، لماذا؟

من أعظم أسباب الهزائم الفردية والجماعية في الأمم كثرة الذنوب والخطايا والمعاصي، مخالفة أمر الله عز وجل، مخالفة المنهج الذي نزل في هذا الكتاب العظيم بشتى أنواع المخالفات. ولكن كيف تعالج تلك المخالفات؟

سورة آل عمران في آية واحدة تقدم لي التعامل مع المخالفات، الاستعداد، الإعداد النفسي للقاء العدو ولمواجهته

(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135))

 

 

 

(وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ)

الاستغفار هنا ليس عملًا سلبيًا، ليس كلمات باللسان أستغفر الله العظيم وأتوب إليه وأنا منغمس في أوضاع مخالفة لأمر الله، هذا ليس بالاستغفار الكامل، أبداً!

التوبة من شرائطها العزم على عدم الرجوع إلى الذنب، التوبة من أعظم شروط تحققها وقبولها أن يشعر الإنسان المسلم بالندم على ما قد صدر منه والعزم على عدم الرجوع إليه (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا) تراجع عن الخطأ، إصلاح الوضع السابق، الأعداء لا يمكن أن يواجهوا بذنوب. أنا لا يمكن أن أتوقع النصر وأنا مليء بأوضاع خاطئة، أوضاع غير صحيحة، أوضاع نفسية وتراكمات اجتماعية وسلوكيات منحرفة، لا يمكن. ولذلك التوبة من أعظم الأسلحة التي يُكتب بها النصر للمؤمنين التوبة التي تعني التراجع عن الخطأ

ولذلك التوبة من أعظم الأسلحة التي يُكتب بها النصر للمؤمنين التوبة التي تعني التراجع عن الخطأ ولذل

 

 

(هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138))

بيان لأسباب النصر، بيان لسنن النصر والهزيمة حتى يكون المؤمن على بينة وهو ويخوض في واقع المواجه. ولذلك جاءت بعد ذلك الآيات تطمينًا لنفوس المؤمنين تهوينًا وتخفيفًا على قلوب المؤمنين الذين أدركوا مواطن الخلل والخطأ وعزموا على الرجوع والتراجع وإصلاح ما كان من خلل

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

280570.jpg

 

 

(وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140))

الابتلاءات، المحن، الهزائم، النكبات، النكسات، القروح، الجروح، الندوب، الآلام، الأحزان، هذه من واقع الحياة تصيب المؤمن وتصيب الكافر والأيام مداولة بين الناس ولكن المؤمن يفقه معنى الابتلاء والاختبار ولا تكون الخطوب أو المصائب والشدائد التي تمر به سواء على مستوى الحياة الفردية واليومية أو على مستوى الأمم والدول لا تكون مدعاة لإدخاله في نوبة اكتئاب أو في نوبة حزن سلبي فالحزن منهيٌ عنه في القرآن، ما ذُكِر الحزن في موضع القرآن إلا وقد نُهي عنه

(لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40) التوبة)

(وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) آل عمران)

لماذا هذا النهي عن الحزن؟

حزن سلبي يُدخل الإنسان في مداخل غريبة بعيدة عن قيم القرآن،

المؤمن متفائل، القرآن يزرع الأمل والتفاؤل في نفس المؤمن

 

 

 

. القرآن وسورة آل عمران تعلمني أن أتعلم من الخطأ، الهزائم والنكبات والمصائب تجعل الإنسان إذا تعلّم مواضع ومواطن الخطأ فيها أكثر قوة أكثر صلابة أشد قدرة على مواجهة تلك الصعاب والمحن والابتلاءات. ثم إن سورة آل عمران تقدم لي فقه الابتلاء، فقه المحن، فقه التعامل مع المشاكل، فقه التعامل مع مصائب الحياة، مع أزماتها

(وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141))

والآية التي قبل

(وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)

اختبار، تمحيص، لا يمكن أن يكون هناك إيمان بدون تضحيات، لا يمكن أن يكون هناك ثبات بدون أن يقدم الإنسان عربونًا لذلك الثبات. المحن والشدائد والمصائب لها حِكَم، لها مشيئة من إرادة الله سبحانه وتعالى، فيها دروس، فيها عبر تفرز المؤمن من المنافق من الكافر، تمحيص، يمحص، المحن والشدائد والصعوبات طهارة للمؤمن، تنقية لإيمانه، غربلة لعناصر الثبات في حياته، ترك وفرز لعناصر الضعف من القوة في قلبه ونيته وإخلاصه لله عز وجل يمحّص، تمحيص.

 

ولذلك الآية التي تليها

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142))

كثير من الناس اليوم يتساءل لماذا المحن؟

لماذا يحصل لي هذا وأنا مؤمن وأصلي؟!

كثير من الناس بعض المؤمنين اليوم حين يواجه بمصيبة فقد عزيز، مرض عضال، ضائقة مادية شديدة، إصابة في أولاد، إصابة في شيء من هذه الأمور المادية المختلفة على المستوى الفردي وأحياناً على المستوى المجتمعي أول سؤال يتبادر لذهنه وإن لم يصرِّح به لماذا أنا؟!!

وأنا مؤمن بالله، أنا أخاف الله، أنا أصلي لله، أنا أقوم بفروض الطاعة والولاء لله لماذا يصيبني هذا؟! هذا التساؤل في حد ذاته غير مشروع كيف؟

المؤمن لا يصلي لأجل أن لا يصاب بمحن، المؤمن لا يمتثل لأوامر الله لأجل أن يحميه الله سبحانه وتعالى من النكبات والمصائب، المؤمن ليست هذه هي الغاية لديه المؤمن يمتثل لأمر الله لله، المؤمن يصلي لله لأن الله قد أمره بذلك، المؤمن يسير على منهج الله لأنه المنهج الحق الذي أمر به الله عز وجل سواء كان فقيرًا أو غنيًا، سواء أن الله سبحانه وتعالى ابتلاه بمرض أو كان صحيح الجسم، سواء أقبلت عليه الدنيا أو أدبرت. قضية الإيمان والامتثال والسير على منهج الله قضية لا ينبغي أن تخضع لظروف الحياة ونكباتها وأزماتها، هذا من فقه الابتلاء والاختبار، هذه من فوائد المحن والمصائب والشدائد، إفراز قيمة المؤمن، قيمة الإيمان في قلبه، تمحيص، طهارة. ولذلك ألم ونار وشدة التضحيات والمصائب ومرارة المواقف الصعبة في حياة المؤمن لها لذة خاصة حين يصبر عليها المؤمن. صحيح المؤمن يسأل الله العفو والعافية ولكن إن أصابته المحنة أو الكرب ما تراجع عن إيمانه بل ثبت على الإيمان ثبت على القيم، تأكد أن الله سبحانه وتعالى إنما يختبر ويمتحن قوة يقينه وثقته بالله عز وجل وليس مجرد قوة الإيمان أو عدم الإيمان بل قوة يقينك بالله. أنت تعلم وتقول بأن الله رحمن رحيم ما مدى يقينك بهذا الإيمان؟ ما مدى يقينك بهذه الصفة أن الله رحمن رحيم عزيز حكيم؟ كل ابتلاء وكل مصيبة من ورائها حكمة وفي أمر الله عز وجل. ثم إن جدارة الدخول إلى الجنة تقتضي منك أن تقدم التضحية، الإيمان ليس بالتمني ليس بالأماني الباطلة، ليس أن يتمنى الإنسان الجنة ولا يسعى لها ولا يقدم مهرًا لها

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144))

تراجعتم، تخاذلتم، زغتم وحدتم عن المنهج الحق ولم تثبتوا عليه، هنا موطن الشدة والابتلاء هنا اختبار موطن الثبات على الحق ولذلك ربي عز وجل قرر هذه الحقيقة أمام مصيبة الموت، الموت مصيبة تقع على الإنسان سواء في نفسه أو في غيره ومن يعزّ عليه

(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145))

الموت لا ينحصر في القتال ولا في ساحة المعركة والثبات في ساحات المعركة ومواجهة العدو لا تقصّر أجلاً كما أن الجبن والتراجع والتخاذل والفشل وعدم الثبات لا يطيل عمر الإنسان ولا يؤخّر في أجله شيئًا، كتاب مؤجل عند الله عز وجل. فلتكن إرادة المؤمن الآخرة، التطلع إلى الإيمان، القوة الروحية ولذلك تقدم سورة آل عمران في هذا الموقع من السورة وسائل النصر

" القوة الروحية"

القوة التي لا يمكن أن تستمد إلا من هذا الكتاب العظيم آيات القرآن العظيمة. ولذلك ضربت مثلاً لكل المؤمنين عبر العصور مع أنبيائهم وكتبهم

(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ (146))

كثرة مهولة كما أن للباطل من ينصره فإن للحق آلاف مؤلفة وجنود مجندة تنصره عبر الأجيال وعبر التاريخ.

 

(فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)

وهن ضعف خضوع تذلل واستكانة لمن يخالفوك في القيم والمبادئ التي أنت ينبغي أن تثبت عليها، من جراء ماذا؟ من جراء عدم الثبات، من جراء عدم القدرة والاستعداد للتضحية. ولذلك النصر لا يُكتَب إلا بهذه المبادئ، قوة روحية مستمدة من القرآن العظيم. إيمان وثبات على الحق استعداد للتضحية بالغالي والنفيس لأجل ذلك الإيمان الذي تحمله في قلبك. لا معنى للإيمان إن كان مجرد تمني وأماني باطلة وحين تحق الحقيقة ويطلب الله من عباده التضحية بالمال والنفس لا يجد منهم إلا التخاذل، هذا ليس بالإيمان! هذه أماني باطلة، استعداد. ثم يصاحبه الدعاء ليصبح سلاح المؤمن الماضي الذي لا يمكن أن يرد ولا يصد

 

(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147))

في تلك الأجواء الإيمانية العظيمة وتلك الاستعدادات المادية والروحية والوجدانية وتلك الاستعدادات للتضحية بكل شيء لأجل هذا المنهج والثبات عليه والسير على ما جاء فيه لا يمكن أن يكون الجزاء إلا الجنة

(فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)).

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

dohaup_738229958.jpg

 

 

 

المؤمن إنسان ينظر إلى الأمام، تقع منه الأخطاء قد تقع منه الهزيمة، قد يصدر منه الخلل والمخالفة ولكن لا يبقى أسيرًا لتلك المخالفة ولا أسيرًا لذلك الخطأ الذي وقع فيه من خلال الندم لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن عوضًا عن ذلك يقدم له القرآن منهجًا في التعامل مع الخطأ حاول أن تستفيد من الأخطاء التي وقعت ولكن لا تحزن على ما فات ولا على ما أصابك واجعل الخطأ والفشل والهزيمة درسًا تتعلم منه الأفضل والأحسن. اجعل العثرة التي تتعثر فيها في طريق الحياة اجعلها نقطة قوة تتعلم من خلالها، اجعل الصخرات والعقبات التي تمر بها في حياتك اجعلها صخرة ترتقي عليها، اجعلها صخرة تحاول أن تنهض من فوقهاوتتعلم من خلالها.

ولذلك القرآن يعرض بعد هذه الآيات لأصناف من البشر أصناف من المنافقين الذين يتراجعون ويتخاذلون في المواقف الشديدة الصعبة

(يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154))

هذا قول المنافقين المتخاذلين المثبطين المتراجعين في الشدائد والمحن الذين حين يرون الموت بأعينهم يقولون يا ليتنا كنا في بيوتنا! الذين لا يدركون الحقيقة الذين لا يدركون أن الموت بأمر الله وأن القتال والثبات والصبر على الحق في المحن والشدائد والمعارك لا يمكن أن يكون هو السبب وراء تقديم ولا تأخير ساعة الموت ولا الأجل المحتوم فالأمر بيد الله

 

(قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْوَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)

تمحيص، فرز الإيمان عن النفاق، هذه من أعظم الحكم من وراء المصائب والمحن. المواقف الشديدة والصعبة تفرز المؤمن من المنافق من الكافر، وجود المنافقين بين ظهراني المؤمنين نقطة ضعف وليست نقطة قوة ولولا المصائب والشدائد والمحن ما برز المنافق من المؤمن، ما ظهر الإيمان من النفاق في قلوب أصحابه وأتباعه، هنا تظهر معادن الناس، في الشدائد والمحن تظهر المعادن.

 

21597_image002.jpg

 

 

(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155))

الذنوب من أعظم أسباب الهزيمة الفردية والمجتمعية، الذنوب. ولذلك الآيات التي قبل حين تحدثت عن النصر تحدثت عن التوبة لا يمكن أن يتحقق نصر بدون توبة وتراجع عن الذنوب والمعاصي وإصلاح مواطن الخلل والفساد في نفسك وفي مجتمعك. تريد نصرًا من الله؟ تريد تثبيتًا من الله؟ تريد أن يلقي الله الرعب في قلوب أعدائك؟ تريد مددًا من الملائكة؟

عليك أن تتراجع عن الأخطاء وتصلح، عليك أن تصحح الأوضاع الخطأوالأوضاع غير الصحيحة في نفسك وفي واقعك. ثم تأتي بعد ذلك الآيات لتأتي ببلسم لجروح المؤمنين، لتأتي بشفاء لجراحاتهم وآلامهم وتضحياتهم لتأتي بمفهوم جديد للموت وللشهادة تأملوا معي قول الله عز وجل

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156))

المؤمن إنسان مستعد للتضحية، إنسان مستعد لمغادرة الأهل والأوطان والمال والراحة والدَعَة لأجل الحق الذي يؤمن به وهو مؤمن أن ما يصيبه في سبيل ذلك مدخر عند الله عز وجل وأن ما يتركه وراءه من مال ونفس وولد سيُخلف الله عليه بأفضل منهم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا)

تتساءلون عن أسباب الهزيمة؟

(قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165))

الهزيمة من عند أنفسكم من عند التراجع والخذلان والفشل ومخالفة أمر الله وعدم الثبات على منهجه. ثم في نهاية الأمر ما يصيب المؤمن من فرح أو من حزن أو من ثبات أو نصر أو من هزيمة فما كان له أن يخرج عن مشيئة الله فبإذن الله

(وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166))

 

.

 

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ (185))

ولكن هناك فارق شاسع بين من يموت في سبيل الله وبين من يموت في سبيل أهوائه وشهواته ومطامعه وبين من يموت الموت العادي. مكسب أن يموت الإنسان في سبيل الله، مكسب أن يموت الإنسان في سبيل الحق الذي امتلأ به صدره وآمن به، هذا مكسب، ربح، هذه ليست خسارة هي خسارة في أعين المنافقين والمتخاذلين ولكنها مكسب في أعين المؤمنين لأن هذا هو منهج القرآن العظيم.

 

 

 

(الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173))

المؤمن لا تزيده الجموع والحشود حشود الباطل وأعوان الباطل لا تزيده تقاعسًا ولا خذلانًا بل تزيده إيمانًا وثباتًا فالله سيكفيه، الله سيحميه، أعدّ العدة أخذ بالأسباب المشروعة وبقي لديه الإيمان الراسخ الذي يستطيع من خلاله أن يواجه أقوى الحشود شراسة وإعداداً، لا تهمه الحشود وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فماذا كانت النتيجة؟

 

(فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174))

هذا المؤمن هذا جزاء الثبات، هذا جزاء المؤمن الذي لا يشتري الكفر بالإيمان أما الذي يشتري الكفر بالإيمان فهؤلاء لن يضروا الله شيئاً، فهؤلاء ربي سبحانه يملي لهم في الدنيا ما هم فيه من متاع الدنيا وإقبال الدنيا عليهم ليس بشيء

(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178))

أبداً! هذا إملاء هذا إمهال (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ) لماذا يا رب؟

(لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)

الخير الذي هم فيه خير الدنيا هذا ليس بالخير لأنفسهم،

هذا شر، هذا إمهال لهم، هذا مد لهم في الباطل والإثم والعدوان.

 

COC90s_UAAAhIrJ.jpg

 

 

ولذلك جاءت الآيات التي تليها للحديث عن فئة من الضالين من اليهود، هؤلاء الذين ما استطاعوا أن يضحوا في سبيل الحق الذي جاء به الأنبياء، هؤلاء الذين بخلوا بما آتاهم الله به من فضله، هؤلاء الذين كذبوا الرسل، هؤلاء الذين ليسوا أهلاً وليست لهم جدارة أن يرتقوا إلى مستوى التضحية في سبيل الإيمان مستوى الابتلاء أما المؤمن فالله سبحانه وتعالى رقاه بآيات الكتاب ورباه ليصبح موضعاً للشهادة

 

(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186))

الابتلاء سنة من سنن الله في الكون وفي النفس وفي المجتمع ولكن

(وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)

تتقوا مرة أخرى بعد مرة كيف أواجه الابتلاءات؟

صبر وتقوى، سلاح المؤمن سلاح المؤمن الذي لا يعرف الانكسار.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

RamadanMsg14.jpg

 

 

ثم تنتقل بعد ذلك آيات سورة آل عمران إلى الختام، إلى عبادة من أعظم العبادات، إلى عبادة لا يتم ثبات المؤمن إلا بها تلك التي جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه قال

(لقد نزلت علي الليلة آيات ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها)

 

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190))

أعظم وسيلة الوسيلة التي تجمع كل وسائل الثبات التي ذكرتها السورة العظيمة سورة آل عمران التفكر الذي يلتفت فيه القلب إلى عظيم آيات الله في الكون فتتضح له قدرة الله عز وجل المطلقة فيخرّ القلب خاضعًا ساجدًا بين يدي ربه عز وجل ذاكرًا لله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون. التفكر يولد التفكر مرة أخرى، التفكر في هذا الكون آيات الكون المبثوثة من حوله والمؤمن لا يستقيم حاله إلا بالتفكر في آيات الكون المبثوثة في السماء والأرض وفي آيات الكتاب العظيم الذي أنزله عليه في هذا القرآن العظيم.

(رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191))

ربي خلق السموات والأرض بالحق وطالما أنه خلق السموات والأرض بالحق فعليك أنت يا مؤمن يا من أنت من أصحاب الألباب وأولي الألباب والعقول الكبيرة المتفكرة عليك أن تقيم الحق في واقعك، أن تقيم الحق في قلبك وفي نفسك لأن السموات والأرض ما قامت إلا بالحق.

 

ولذلك بعض الصالحين يقول الفكر مرآة تريك الحسنات والسيئات.

وابن القيم يقول: الفكر ينقل المؤمن من موت الفطنة إلى حياة اليقظة، من المكاره إلى المحابّ، من سجن الدنيا إلى فضاء الآخرة، من أمراض الشبهات إلى برد اليقين وثلج الصدور، أصل كل طاعة من الفكر.

 

من أعظم أعمال القلوب الفكر، التفكر في النفس فتفكر ساعة خير من عبادة ستين عامًا بدون تفكر،وما معنى التفكر هنا؟

هل هو مجرد عمل قلبي لا يحرك الجوارح؟

على الإطلاق!

هو عمل جوارح، عمل يبدأ بالقلب والعقل والفكر والوجدان ويحرك الجوارح

 

هذا التفكر الذي تبنيه سورة آل عمران، تفكر لا يمكن أبداً أن يبتعد عن آيات الكتاب العظيم، تفكر يجعل المؤمن معلقًا قلبه بالله سبحانه وتعالى، يجعل المؤمن يقول

(رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193))

الأبرار من أولي الألباب أصحاب العقول المتفطنة، أصحاب العقول اليقظة، أصحاب العقول التي استيقظت ضمائرها فأصلحت العالم والمجتمع والنفوس وأهدت للبشرية الخير والعمل الصالح والعطاء

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة *مع الله*
      تفسير معاني مفردات القرآن الكريم (جزء عمً) الدورة مجانية 
      💻📲الدراسة بنظام الاون لاين عن طريق التليجرام من اى مكان فى العالم.
      📜 يحصل الطالب على شهادة بعد الإختبار .
      🏅بالاضافه لشهادة الشكر والامتياز لمن حصل على 95% فما فوق🏅
      🔴 للانضمام للدورات يرجى الضغط على الروابط الآتية:
      رابط صفحة التسجيل في الدورة:
      https://www.islamkingdom.com/ar/تسجيل

      رابط قناة تليجرام الدورة:
      https://t.me/al_feqh_com_ar
       

    • بواسطة امانى يسرى محمد
      في تفسير الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى ـ :‏



      "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏(‏ الفرقان‏:53)‏ .



      ذكرابن كثير ـ‏ يرحمه الله‏ ـ ما نصه‏ :...‏ وقوله ـ تعالى ـ‏ : "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي خلق الماءين الحلو والمالح‏,‏ فالحلو كالأنهار والعيون والآبار ‏.‏ قاله ابن جريج واختاره‏,‏ وهذا المعنى لا شك فيه‏,‏ فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات‏,‏ والله ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ إنما أخبر بالواقع لينبه العباد إلى نعمه عليهم ليشكروه‏,‏ فالبحر العذب فرقه الله ـ تعالى ـ بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهاراً أو عيوناً في كل أرض‏‏ بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم‏ .‏ وقوله تعالى‏: " ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي مالح‏,‏ مر‏,‏ زعاف لا يُستَسَاغ‏,‏ وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب‏,‏ البحر المحيط وبحر فارس، وبحر الصين والهند، وبحر الروم، وبحر الخزر‏,‏ وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري‏,‏ ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح‏,‏ ومنها ما فيه مد وجزر‏,‏ ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض‏,‏ فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتى ترجع إلى غايتها الأولى‏,‏ فأجرى الله‏‏‏ ـ وهو ذو القدرة التامة ـ العادة بذلك‏، فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله‏ ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء‏,‏ فيفسد الوجود بذلك‏,‏ ولئلا تجوي الأرض بما يموت فيها من الحيوان‏,‏ ولما كان ماؤها ملحاً كان هواؤها صحيحاً وميتتها طيبة ‏.ولهذا قال رسول الله‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وقد سئل عن ماء البحر‏:‏ أنتوضأ به؟



      فقال‏: "‏ هو الطهور ماؤه‏,‏ الحل ميتته‏ "‏ (رواه مسلم).



      وقوله تعالى‏: "وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً " أي بين العذب والمالح‏ .‏ وبرزخاً أي حاجزاً وهو اليبس من الأرض ."‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي مانعاً من أن يصل أحدهما إلى الآخر ، كقوله ـ تعالى ـ ‏: "‏ مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ " (الرحمن:19 –20) .



      وقوله ـ تعالى ـ ‏:"‏ وَجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ " (النمل:61) .


       
       

      وجاء في تفسير الجلالين‏ ـ‏ رحم الله كاتبيه‏ ـ‏ ما نصه ‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ "‏أرسلهما متجاورين . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ " شديد العذوبة .‏" ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " شديد الملوحة . " وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ حاجزاً لا يختلط أحدهما بالآخر . "‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً ‏" ستراً ممنوعاً به اختلاطهما‏ .


       

      وجاء في صفوة التفاسير‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ ‏ "‏ أي هو ـ تعالى ـ بقدرته خلَّى وأرسل البحرين متجاورين متلاصقين، بحيث لا يتمازجان . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ‏"‏ أي شديد العذوبة، قاطع للعطش من فرط عذوبته‏ . " وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " أي بليغ الملوحة‏,‏ مر شديد المرارة .‏"‏ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ أي جعل بينهما حاجزاً من قدرته، لا يغلب أحدهما على الآخر . ‏"‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي ومنعاً من وصول أثر أحدهما إلى الآخر وامتزاجه به‏


    • بواسطة امانى يسرى محمد
      سورة الفاتحة :



      اشتملت على التعريف بالمعبود بثلاثة أسماء مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا ومدارها عليها (الله، الرب، الرحمن )



      ابن القيم



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما الدعاء:



      توسل بالحمد والثناء على الله



      توسل لله بعبوديته



      بسم الله: استعانتك بحول الله وقوته في إنجاز أي عمل ، متبرئا من حولك وقوتك



      فتذكر هذا المعنى فهو وقود ودافع لكل خطوة في حياتك



      بسم الله



      حتى تجد أثر الفاتحة من بدايتها وبدقائق حياتك عظِّم ربك وأنت تقول ( بسم الله) ليصغر كل شيء في دنياك



      بسم الله



      نحفظ أنفسنا من كل سوء



      ونحفظ ذرياتنا من شر الشيطان الرجيم


       

      الحمد لله



      { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم }



      أليست كلمة ( الحمد لله ) دارجة على الألسن كال تنفس للهواء اليوم؟



      إنها تبعث في النفوس القوة ، فحملة العرش ومن حوله يستقوون بتسبيحهم



      بحمد ربهم ، ونحن بأمس الحاجة للاستقراء بها في رحلة الحياة الدنيا وفواجعها



      الحمد لله



      الحمد للاستغراق ، لاستغراق أنواع المحامد كلها ، فله سبحانه الحمد كله أوله وآخره



      الحمد لله



      وهو المستحق الحمد المطلق لأن له وحده الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله



      الحمد لله



      على نعم لا تٌحصى ، وأرزاق تترى



      وأخرى نراها ، وأخرى تخفى



      الحمد لله



      بالجنان قبل اللسان



      وبالأفعال والأركان



      الحمد لله



      في السراء والضراء



      في الشدة والرخاء



      طمأنينة في القلب



      ورضا في النفس



      وانشراح في الصدر



      واحتساب وأجر



      أيها المصلي تأمل وأنت تتلو


       

      ( الحمد لله رب العالمين )



      أعمل العقل وقلّب النظر



      تأمل، تفكر،تدبر



      كم بهذا الوجود مما نراه



      من صنوف بفضله شاهدات



      رب العالمين



      دلّ على انفراده سبحانه بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار



      السعدي



      فأعلن فقرك لربك في كل مرة تقرأ فيها هذه السورة لتذوق السعادة الأبدية


       

      الرحمن الرحيم



      كيف وأنت كمسلم تكررها عشرات المرات في يومك فتشعر أن ظلال الرحمة يحوطك من كل اتجاه



      وتكرار الآية يرسخ في عقلك الباطن أنك كبشر تتعامل مع رب رحيم



      الرحمن الرحيم



      الأمر لا يقف عند حد الثناء لله تعالى



      بل هو أيضاً دعاء واستحداث وطلب متكرر بأن :



      يارب ،،، يارحمن ،،،، يا رحيم



      أدخلني برحمتك التي وسعت كل شيء فلا غنى لي عنها لحظة ولا طرفة عين ولا أقل من ذلك



      فالزمن صعب والدنيا دار هموم وغموم ودار بلايا ورزايا



      آلامها ومصابها ، وتقلباتها ومفاجأتها متتاليات لا تنتهي



      ولولا دوام رحمة الله بك لهلكت



      تأمل : روعة الدمج بين الثناء والدعاء وأنت تردد ( الرحمن الرحيم )



      كدعاء غريق مضطر يعرف يقينا أنه هالك لولاها



      الرحمن على وزن فعلان يدل على السعة والشمول فهي أشد مبالغة من الرحيم


       

      الرحمن



      اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به



      متضمن لصفات الإحسان والجود والبر أي يرحم جميع الخلق



      المؤمنين والكافرين في الدنيا ، وذلك بتيسير أمور حياتهم ومعيشتهم



      والإنعام عليهم بنعمة العقل وغيرها من نعم الدنيا


       

      الرحيم



      خاص بالمؤمنين فيرحمهم في الدنيا والآخرة



      ذكر الرحمن مرة في القران



      وذكر الرحيم مرة ، أي ضعفها



      إذا كنت تثني على الله ، وتطلب منه الرحمة بهذا الإلحاح والتكرار اليومي



      فسيكون لها أثر في سلوكياتك وتعاملاتك



      فطريق الرحمة وبابها أن ترحم أنت أيضاً ، فاتصف بالرحمة مع الناس



      واعمل بها



      كُن رحيما تُرحم


       

      الرحمن الرحيم



      املأ جنبات نفسك طمأنينة وراحة وثقة وأملا



      مادمت تكررها وتتدبر أسرارها


       

      مالك يوم الدين



      أما والله إن الظلم لؤم



      إلى ديان يوم الدين نمضي



      وما زال المسيء هو الظلوم



      وعند الله تجتمع الخصوم


       

      يوم الدين



      أمل الصابرين والمحتسبين الذين جاهدوا أنفسهم على ترك المعاصي والسيئات



      وصبروا عن الشهوات وصبروا على أقدار الله المؤلمة في الدنيا



      يوم الدين



      عزاء للمظلومين والمحرومين يوم تجتمع الخصوم



      لعلك تدرك هذا السر العظيم الذي سيثمر الصبر والرضا



      والتسليم وتهدأ آلامك وجراحك وأحزانك ودموعك



      بل سيعينك على تحمّل الظلم الذي تقاسيه ، والحرمان الذي تعيشه في الدنيا



      لأنك تعلم أنك منصور



      ( مالك يوم الدين )



      هل سيجرؤ مسلم يردد هذه الآية أن يبخس حق أحد



      أو أن يظلم أحد أو أن يعتدي على عرض أحد



      ( مالك يوم الدين )



      قراءة هذه الآية يقرع جرس الإنذار عند كل تعامل مع الآخرين أن



      تنبه ،،،



      احذر ،،،،



      لا تغفل ،،،،،



      لا تنس ،،،،،



      مالك يوم الدين



      كأن سورة الفاتحة تصرخ في ضمائرنا يوميا مرات



      تذكروا يوم الدين ، وذكٍّروا الظالم بيوم الدين


       

      إياك نعبد وإياك نستعين



      قدم العبادة على الاستعانة



      لشرفها لأن الأول غاية والثاني وسيلة لها



      تقديم العام على الخاص



      تقديم حقه تعالى على حق عباده



      توافق رؤوس الآي



      وإياك نستعين



      أنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه لهذا المطلوب



      تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في



      ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      أيها المصلي وأنت تردد ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      هل تشعر بأنك تطلب العون حقاً ممن بيده ملكوت السماوات والأرض ؟



      هل تشعر بأنك صاحب توحيد وشجاعة ؟



      وأنك قوي القلب عزيز النفس ؟!



      هل تشعر بأنك قوي بالله ؟!



      اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، وأغنى خلقك بك



      اللهم أعنا وأغننا عمن أغنيته عنا



      اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك



      اهدنا الصراط المستقيم



      إذا كثرت الأقاويل ، واشتد الخلاف وتنازلت الملل والفرق والأحزاب وانتشرت الخرافات



      إذا اشتدت المحن وكثرت الفتن ونزلت الهموم والغموم وتتبع الناس الأبراج والنجوم



      إذا ضاقت الأنفاس واشتد القنوط واليأس وحلّ الضر والبأس وسيطر الشك والوسواس



      ليس لك إلا أن تردد ( اهدنا الصراط المستقيم )



      ( فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه ، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر



      فإن الله يرزقه فإذا انقطع رزقه مات ، والموت لا مفر منه ، فإذا كان من أهل الهدى كان سعيدا قبل الموت وبعده



      وكان الموت موصلا للسعادة الأبدية ، وكذلك النصر إذا قُدّر أنه غلب حتى قُتِلَ فإنه يموت شهيدا وكان القتل من تمام النعمة ، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق ،، بل لا نسبة بينهما )



      ابن تيمية



      الهداية هي



      الحياة الطيبة وأُسُّ الفضائل ولجام الرذائل



      بالهداية تجد النفوس حلاوتها وسعادتها ، وتجد القلوب قوتها وسر خلقها وحريتها



      الهداية لها شرطان :



      ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )



      (من أكبر المنن أن يٌحبب الله الإيمان للعبد ويزينه في قلبه ويذيقه حلاوته وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام ويبغض إليه أصناف المحرمات) ابن سعدي


       

      اهدنا الصراط المستقيم



      (هذا أجلّ مطلوب وأعظم مسؤول ، ولو عرف الداعي قدّر الداعي هذا السؤال لجعله هجّيراه ، وقرنه بأنفاسه



      فإنه لم يدع شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه ، ولما كان بهذه المثابة فرضه الله على جميع عباده فرضا



      متكررا في اليوم والليلة ، لا يقوم غيره مقامه ، ومن ثَمّ يعلم تعين الفاتحة في الصلاة وأنها ليس منها عوض يقوم مقامها)



      ابن القيم



      ( لهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ، فلم يصبه شرّ لا في الدنيا ولا في الآخرة ، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب ، ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء )



      ابن تيمية



      ( من هُدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل كتبه هُدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه



      وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم



      وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على هذا الصراط فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا الصراط ، حذو القذة بالقذة " جزاء وفاقا ". )



      ابن تيمية


       

      غير المغضوب عليهم ولا الضالين



      " من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى "



      " لما كان تمام النعمة على العبد إنما هو بالهدى والرحمة كان لهما ضدان: الضلال والغضب



      ولهذا كان هذا الدعاء من أجمع الدعاء وأفضله وأوجبه"



      ابن القيم



      الفاتحة نور وسرور



      قال صلى الله عليه وسلم ( لن تقرأ بحرف منها إلا أُعطيته )



      وفي الحديث القدسي ( هذا لعبدي ولعبدي ما سأل )



      فيه بشارة عظيمة : من قرأ الفاتحة بصدق وإخلاص وحضور قلب يعطيه الله ما جاء من الفاتحة من مطالب سامية ودرجات رفيعة



      الفاتحة أم القران



      " هي الكافية تكفي عن غيرها ولا يكفي غيرها عنها "



      ابن تيمية


       

      لماذا هي أم القرآن ؟



      اشتمالها على كليات المقاصد والمطالب العالية للقرآن



      اشتملت على أصول الأسماء الحسنى



      اشتملت على كليات المشاعر والتوجيهات



      سيصبح للحياة طعم آخر وأنت تردد الفاتحة بفهمك الجديد لمكامن القوة فيها


       

      لم سميت القرآن العظيم ؟



      لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص والاعتراف بالعجز والابتهال إليه في الهداية وكفاية أحوال الناكثين



      القرطبي



      توسل ووسيلة



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما دعاء



      التوسل بالحمد والثناء على الله



      التوسل إليه بعبوديته



      فهل أنت حاضر القلب والفكر بأنك فعلا تتوسل بهاتين الوسيلتين كل يوم وليلة سبع عشرة مرة



      لا شك أن ذلك سيكون له أثر في حياتك ودقائق تفاصيلها


    • بواسطة راجين الهدي
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
       
      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } .
      هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
      فإنها نزلت عليه في مبادئ النبوة، إذ كان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأمره أن يقرأ، فامتنع، وقال: { ما أنا بقارئ } فلم يزل به حتى قرأ. فأنزل الله عليه: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } عموم الخلق، ثم خص الإنسان، وذكر ابتداء خلقه { مِنْ عَلَقٍ } فالذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره، لا بد أن يدبره بالأمر والنهي، وذلك بإرسال الرسول إليهم (1) ، وإنزال الكتب عليهم، ولهذا ذكر (2) بعد الأمر بالقراءة، خلقه (3) للإنسان.
      ثم قال: { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ } أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود، الذي من كرمه أن علم بالعلم (4) .
      و { عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فإنه تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم.
      فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور، ثم من عليهم بالغنى وسعة الرزق، ولكن الإنسان -لجهله وظلمه- إذا رأى نفسه غنيًا، طغى وبغى وتجبر عن الهدى، ونسي أن إلى ربه الرجعى، ولم يخف الجزاء، بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه، ويدعو [غيره] إلى تركه، فينهى عن الصلاة التي هي أفضل أعمال الإيمان. يقول الله لهذا المتمرد العاتي: { أَرَأَيْتَ } أيها الناهي للعبد إذا صلى { إِنْ كَانَ } العبد المصلي { عَلَى الْهُدَى } العلم بالحق والعمل به، { أَوْ أَمَرَ } غيره { بِالتَّقْوَى } .
      فهل يحسن أن ينهى، من هذا وصفه؟ أليس نهيه، من أعظم المحادة لله، والمحاربة للحق؟ فإن النهي، لا يتوجه إلا لمن هو في نفسه على غير الهدى، أو كان يأمر غيره بخلاف التقوى.
      { أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ } الناهي بالحق { وَتَوَلَّى } عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟
      { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } ما يعمل ويفعل؟.
      ثم توعده إن استمر على حاله، فقال: { كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ } عما يقول ويفعل { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ } أي: لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك، فإنها { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } أي: كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.
      { فَلْيَدْعُ } هذا الذي حق عليه العقاب (5) { نَادِيَهُ } أي: أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله، ليعينوه على ما نزل به، { سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } أي: خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي: الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة، وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال: { كَلا لا تُطِعْهُ } [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين، { وَاسْجُدْ } لربك { وَاقْتَرِبْ } منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.
      وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي [ ص 931 ] عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعبث به (6) وآذاه. تمت ولله الحمد.
      __________
      (1) في ب: بإرسال الرسل.
      (2) في ب: ولهذا أتى.
      (3) في ب: بخلقه.
      (4) في ب: بأنواع العلوم.
      (5) في ب: العذاب.
      (6) في ب: وعذبه.


       
       

      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } .
      يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } كما قال تعالى: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وذلك أن الله [تعالى] ، ابتدأ بإنزاله (1) في رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرًا.
      وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.
      ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.
      { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه (2) الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين سنة.
      { تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } أي: يكثر نزولهم فيها { مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ } أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها، { حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر (3) .
      وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.
      ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].


       

      تفسير سورة لم يكن


       

      وهي مدنية


       

      __________


       

      لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)
      { 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } .
      يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: [من] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.
      { مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين (1) إلا كفرًا.
      { حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: { يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } أي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
      ولهذا قال عنها: { فِيهَا } أي: في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
      وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالا ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: [ ص 932 ] قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، { حُنَفَاءَ } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
      { وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
      ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها، { خَالِدِينَ فِيهَا } لا يفتر عنهم العذاب، وهم فيها مبلسون، { أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عرفوا الحق وتركوه، وخسروا الدنيا والآخرة.
      { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عبدوا الله وعرفوه، وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة .


       
       

      جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)


       

      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } .
      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة، لا ظعن فيها ولا رحيل، ولا طلب لغاية فوقها، { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } فرضي عنهم بما قاموا به من مراضيه، ورضوا عنه، بما أعد لهم من أنواع الكرامات وجزيل المثوبات { ذَلِكَ } الجزاء الحسن { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي: لمن خاف الله، فأحجم عن معاصيه، وقام بواجباته (1) .
      [تمت بحمد لله]


    • بواسطة راجين الهدي
      بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


       

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
       
       
      { 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .
      أي { قُلْ } قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، { هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
      { اللَّهُ الصَّمَدُ } أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } لكمال غناه { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
      فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.


       
       
       

      { 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .
      أي: { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
      { مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال: { وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
      { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
      { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
      ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه [ومن أهله].
      تفسير سورة الناس
      وهي مدنية


       
       

      1 - 6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه [ ص 938 ] يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
      فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
      وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
      وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      والحمد لله رب العالمين أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
      ونسأله تعالى أن يتم نعمته، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت (1) بيننا وبين كثير من بركاته، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.
      ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون.
       
      تابعونا في باقي السلسة لنعرف أكثر عن كلام الرحمن


       

      تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


       
       

      المؤلف : الامام السعدي


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×