اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

المشاركات التي تم ترشيحها

الفرق بين المعية الخاصة والمعية العامة

 

 

12912516_1132163633490144_1183829872_n.jpg?ig_cache_key=MTIzNDQ1OTAxOTU0NDk4NTIxMA%3D%3D.2.c

 

(وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ )

تدبروا منذ البداية تعهّد الله سبحانه وتعالى بقوله

(وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ)

مع كل الأمم وليس فقط مع بني إسرائيل إن قامت بمقتضيات ذلك العقد

 

وقد يقول قائل ولكن الله مع حلقه مراقبة وجزاء وعدلًا وعطاء وأخذا ومنعًا، تلك المعية العامة الله سبحانه وتعالى مع عباده على نوعين:

المعية الأولى معية لكل الخلق المؤمن والكافر الذي يقوم بمقتصى لميثاق والعهد الذي لا يقوم به، معية بالعطاء فهو يعطي الجميع، يعطي الكافر ويعطي المؤمن، ينفع سبحانه وتعالى، يسبب لهم الأسباب ويرسل لهم الرسل وينزل عليهم الكتب، هذه معية عامة.

ولكن المعية الخاصة التي تعهد الله سبحانه وتعالى بها لعباده المؤمنين معية من نوع آخر معية التأييد معية التوفيق معية النصرة معية الفتح، معية الهداية معية الرزق معية الشعور بالأمن والإيمان، هذه المعية التي حدثنا القرآن عنها في آيات أخرى، تلك المعية التي استشعرها النبي صلّ الله عليه وسلم حين قال لصاحبه في الغار (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40] معية التأييد، معية الشعور بأن الله سبحانه وتعالى مع الإنسان المؤمن الذي وفّى له بالعقد حتى ولو وقفت في وجهه كل جنود الأرض، تلك المعية التي لم يستشعر بها بنو إسرائيل ، حين حرموا من القيام بذلك الميثاق والعقد، شعروا بالخوف وعدم الأمن والأمان لأنهم سُلبوا من معية الله الخاصة التي لا تكون إلا لعباده المؤمنين، إلا لعباده الواقفين عند بنود ذلك الميثاق، معية خاصة يستشعر بها المؤمن الذي يقوم بمقتضيات ذلك العقد، إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، إيمان بمناهج الرسل، تأييد لرسالاتهم، تأييد لقيمهم، لشرايعهم ولمبادئهم. وكيف يكون التأييد للرسل وتعزيرهم والنصرة والإيمان بمبادئهم إلا من خلال تطبيق تلك القيم التي جاؤوا بها إلا من خلال تنفيذ الشرائع، السير على المنهج الذي جاؤوا به في حياة الإنسان في حياة الأمم في حياة المجتمعات. ولكن على الرغم من محدودية تلك البنود ويُسرها إلى حد كبير فهي ليست بخارجة عن حدود البشر إلا أن بعض تلك الأقوام نقضوا المواثيق فحكى الله سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) نقضوا الميثاق، تجاوزوا تلك البنود، لم يوفوا بتلك العهود ولا المواثيق ربما يكونوا فعلًا قد قاموا بالصلاة لكنهم لم يقيموها حقًا، لم يحققوا القيم التي جاءت في الصلاة لم يحققوا مقاصد الصلاة ولا غاياتها، ربما قاموا بأشكال العبادات لكنه في مواقع الأمر حولوا تلك العبادات إلى مجرد مظاهر لا تحقق القيم ولا المقاصد التي لأجلها شُرِعت ووضِعت، ربما قالوا ظاهرا أنهم ناصروا موسى عليه السلام أو أنهم معه ولكن القلوب لم تكن مع رسالة موسى عليه السلام، الجوارح لم تخضع لرسالته ولم تقم والميثاق الذي جاء به وجاءت به رسالته.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أبعد القلوب من الله القلب القاسي

 

 

 

-7-638.jpg?cb=1398203069

 

 

 

قضية القيام بالميثاق ليست قضية شكلية ليست قضية صورية، القرآن يريد مجتمعات ويريد أفرادا تحقق بنود الميثاق في حياتها وفي واقعها وأما ما خالف ذلك يعتبر مناقضة للميثاق.

واللافت للنظر أن القرآن تكلم عن بني إسرائيل وتكلم عن النصارى وجاء بعقوبات دنيوية، عقوبات يلمسها البشر في واقعهم في مجتمعاتهم حين ينقضوا الميثاق حين ينقضوا العهد فيما بينهم وبين الله سبحانه وتعالى قال

(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ)

 

عقوبات دنيوية ضرب الله سبحانه وتعالى بها تلك المجتمعات، طرد من رحمة الله عز وجلّ، وحين يُطرد المجتمع أو الفرد من رحمة الله عز وجلّ ماذا بقي له بعد ذلك؟ ماذا بقي للإنسان إن طرد من رحمة الله عز وجلّ؟ كيف يعيش؟ كيف يشعر بالسكينة؟ كيف يشعر براحة القلب؟ كيف يشعر بالاستقرار وقد طرد من رحمة خالقه؟! أين يعيش؟ أيّ سماء تظله وأيّ أرض تقلّه إن عاش بعيدًا عن رحمته سبحانه وتعالى وهو شاء أم أبى إنما يتقلب في رحمته سبحانه؟! ولكن هذا الجزاء، هذه العقوبة خاصة وهي تتلاءم تمامًا مع نقضه لعقود الميثاق، مع نقضه لبنود ذلك الميثاق الذي فرضه عليه الإيمان بخالقه سبحانه.

 

11377885_849472961790511_2058812861_n.jpg?ig_cache_key=OTkyODI3NTc0MjM4MzQxMjEx.2

 

 

 

 

ثم تدبروا: ضربهم أيضًا بقسوة القلب فقال

(وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً)

وما ضرب العبد بعقوبة ولا ابتلي ببلاء أشد من قسوة القلب!

القلب القاسي الذي يحدثنا القرآن عنه كثيرًا في العديد من سور القرآن كما في سورة البقرة وذكره القرآن بعد الحديث عن شكل من أشكال نقض بني إسرائيل للميثاق. بنو إسرائيل أمرهم الله عز وجلّ في سورة البقرة بالقيام بأمر ما في قضية ذبح البقرة وهو أمر من الله عز وجلّ تلكأوا فيها ما أرادوا أن يخضعوا للأمر الإلهي فضربهم الله بعقوبة قال عنها

(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (البقرة))

القلب القاسي يصبح حين يتلكأ في الأمر الإلهي ويتجاوز الأمر الإلهي أشد قسوة من الحجارة لأن الحجارة لو وجدت فيها وسائل الإدراك لخضعت لخالقها الذي خلق والذي هو أولى بالاتباع وأولى بالخضوع لمنهجه في واقع الحياة ولكن الإنسان الذي لا يخضع في منهجه وفي حياته لأمر الله سبحانه ولا يقف عند مناهيه ولا يسير وفق المنهج ولا وفق العقد ولا وفق الميثاق الذي واثق به خالقه سبحانه يصبح أشد قسورة من تلك الحجارة. وقضية القلب القاسي لماذا يعطيها القرآن العظيم هذا الحيّز الكبير؟

 

إذا قسى القلب ما عاد محلًا صالحًا لاستقبال آيات الكتاب، لآيات الكتاب تنزل عليه لكنه لا ينتفع بها، لا يتأثر بها، لا تتحرك مشاعره ولا عواطفه لتلك المواعظ الواردة في كتاب الله، كل الكتب. فإذا جمدت تلك المشاعر وتوقفت تلك الأحاسيس عن الانفعال بآيات الكتاب ما عادت الآيات تؤثر بها، عاد يحرّف ويتعامل مع تلك الآيات بمنهج منحرف يأخذ منها ما يتماشى مع مصالحه ويترك منها ويهجر ما لا يتوافق مع أهواء نفسه ولذلك إذا وجد الإنسان في نفسه قسوة وما وجد في نفسه انفعالًا مع آيات الكتاب ولا تأثرا بها عليه أن يراجع القلب عليه أن يعود إلى قلبه لأن الأصل في آيات الكتاب أن ينزل على القلب فيتأثر وينفعل به القلب تتغير به المشاعر تتألم تتأثر تنفعل فإذا بذلك الانفعال يتحول إلى خضوع، إلى خنوع إلى استكانة لمنهج الله سبحانه وتعالى في الواقع خضوعًا لأوامر الله سبحانه وتعالى لا يستطيع العبد معه إلا أن يقول سمعنا أطعنا

 

ولذلك نحن في تعاملنا مع الكتاب العظيم مع القرآن علينا دومًا أن نتفقد القلوب، نتفقد قلوبنا القلوب بحاجة إلى تفقد بحاجة إلى مراجعة بحاجة إلى عرض على آيات الكتاب، عالج قلبك بالعرض على آيات القرآن العظيم، استمع للقرآن فإذا وجدت ذلك الانفعال، انفعال عاطفي ولكن لا بد لذلك الانفعال العاطفي أن يولد فيك استجابة فإذا ما تولدت فيك الاستجابة ولا صحّ التأثر بآيات الكتاب ولا التحرك أثناء الاستماع والقرآءة لهذه الآيات العظيمة اعلم أنه هناك إشكالية خطيرة في ذلك القلب.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لماذا الظلمات جمع والنور مفرد؟

 

 

10258082_676101295772464_8213855989224648549_n.jpg

 

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍقَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ)

الرسول جاء منا، الرسول لا ينتمي إلى عرق ولا قوم، القضية ليست قضية قومية وليست قضية عرقية كما نظر إليها بنو إسرائيل، الرسالات والرسل والكتب والأنبياء ما جاؤوا لأجل أن يؤججوا أسس الصراعات بين البشر، أبدًا، جاؤوا بعوامل الجمع لا التفرقة، جاؤوا بعوامل المحبة وإرساء المحبة لا العداوة والبغضاء، والدعوة العرقية والدعوة العنصرية لا يمكن أن تؤدي إلا إلى البغضاء وإثارة العداوات بين البشر.

وتأملوا كيف وصف الله سبحانه وتعالى كتابه الكريم (نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) لا يحتاج إلى بيان (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ) هذه ثمرات لاتباع المنهج للسير وفق منهج القرآن والوفاء بعقوده والتزاماته في واقع الحياة، سبل السلام، السلام ذلك الحلم الذي بات يراود البشرية يوما بعد يوم وأصبح أقرب ما يكون إلى الخيال منه إلى الواقع، البشرية باتت اليوم تحلم بشيء اسمه السلام! والقرآن يحدثنا عن السلام فيقول (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ) لا يهدي به البشر، يهدي به الله، الهداية من الله هداية حقيقية تتحقق حين يتعهد الله سبحانه وتعالى ويقول (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ) متى؟ حين يتّبع البشر هذا الكتاب العظيم يهدي به الله.

 

(وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ)

قال يُخرجهم، الإنسان لا يخرج بنفسه ولكن الرب سبحانه وتعالى هو الذي يُخرجه وكيف يُخرجه؟ يخرجه حين يلتزم ببنود ذلك العقد والميثاق يخرجه هو من الظلمات إلى النور وجاء بالظلمات جمعًا كعادة القرآن في حديثه عن الظلمات: ظلمات الجهل، ظلمات العداوة، ظلمات البغضاء، ظلمات التفرق، ظلمات القسوة، ظلمات الانحراف عن المنهج البشرية عرفت في تاريخها وتعرف في واقعها صنوفًا متنوعة من الظلمات لا صنفًا واحدا، البشرية أصبحت تتخبط في دياجير الظلمات على الرغم من كل أشكال الإضاءة التي أهدتها التكنولوجيا الحديثة للبشرية، كل أشكال الإضاءة لم تخلّص البشرية من دياجير الظلمات التي أصبحت اليوم تتخبط فيها، ظلمات الفقر، ظلمات المعاناة، ظلمات التهجير، ظلمات البؤس، ظلمات الشقاء، هذه الظلمات عقوبات طبيعية جدًا تتناسب مع تلك الجريمة، خالق خلقنا وأعطانا ورزقنا ووهبنا ثم بعد ذلك أعطانا ما تصلح به الحياة وتستقيم به المعيشة ولكننا تنكصنا وما أردنا أن نسير وفق ذلك المنهج الذي أعطى، تخبطنا في دياجير الظلمات، اتبعنا منهجا من هنا ومنهجا من هناكّ من الذي يُخرجنا؟

(وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ)

النور واحد نور القرآن نور الإيمان نور العقد الذي تدخل به مع الله سبحانه وتعالى حياة جديدة حياة تشعرك بذلك النور حياة النور الحقيقي النور الذي يبعدك عن التخبط يبعدك عن الشقاء يبعدك عن كل أشكال العقوبات المختلفة التي جاءت نتيجة لنقض ذلك الميثاق.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الصدقة بافضل ما نمتلك

 

16708684_390018078018151_3258166448228495559_n.jpg?oh=8087a893a40f1650d97a2efcf61af23a&oe=5937C5F4

 

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ‏الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)

موقف ربما يمر به الانسان أحيانًا دون أن ينتبه، قد لا تصل القضايا الى القتل ‏ولكن تصل الى مستويات عالية من الحدّة. أولاد آدم كلاهما أُمر بالتزام معين: تقديم القربان طاعة لله سبحانه وتعالى، ‏والطاعة أو الأمر الالهي لا بد أن يقوم به المؤمن وفق أكثر الأشياء التي يمكن والمستويات التي يمكن أن يقدمها من ‏الإحسان والإتقان، وربي عز وجل قال في سورة الملك وفي سور أخرى (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) فالإنسان مطلوب ‏منه في كل عمل يقدّمه، أن يقدمه لله سبحانه وتعالى صغيرًا كان أو كبيرًا، أن يتحرى جوانب الاحسان فيه إخلاص ‏النية لله سبحانه وتعالى والصدق الذي هو واحد من مقاصد سورة المائدة

(هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)

 

 

ليس هناك ‏التزام بمواثيق ووفاء بعقود دون ان يكون هناك صدق، والصدق أول ما يبدأ يبدأ في النيّة وفي القلب ثم يظهر على ‏الأقوال والجوارح والأعمال المختلفة، فهذا الالتزام بالعقد والطاعة والاستجابة للأمر، والأمر الذي حدد ووجه ‏لأولاد أدم عليه السلام كان يقتضي منهما الاخلاص والصدق في النية: التقوى، الأمر الذي يدفع بكل واحد منهما الى ‏يبحث عن أفضل المستويات والإمكانيات في تقديم العمل، هذا قربان فعلى الانسان حين يقدم لله سبحانه وتعالى هذا ‏القربان أو الأضحية أو ما شابه عليه أن يبحث عن أفضل الأشياء، وكذلك الأمر في الزكاة وكذلك في الصدقة (لَنْ تَنَالُوا ‏الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)

 

هناك درجات في الانفاق، صحيح ربي سبحانه وتعالى ما أراد أن يكلف الانسان بشيء إلا ‏في حدود إمكانياته وطاقته، فينفق من أوسط ماله حتى لا يصبح هناك نوع من أنواع الضرر، ولكن الايمان درجات ومنازل ‏ومراتب والأعمال مراتب، فإذا ما حاول الانسان أن ينفق من أفضل ما عنده أفضل ممتلكاته أفضل شيء من أمواله، قطعًا هذه الدرجة لا يمكن أن تتساوى مع درجة أخرى أو تتكافئ من إنسان يبحث عن أقل شيء لأجل أن ينفقه، أقل ‏المستويات، الفرق شاسع بينهما! ولذلك في سورة الحج ربي سبحانه وتعالى وقف بنا عند هذه القضية (يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) ‏الأضاحي القرابين الصدقات الطاعات ربي سبحانه وتعالى لا يصله منها شيء، هو الخالق الغني الحميد، نحن الفقراء الى ‏رحمته وقبول أعمالنا منه سبحانه أن نصل الى مرحلة القبول، هنا علينا أن نتحرى التقوى في الأعمال، ‏وتحري التقوى يقتضي منا الصدق والاخلاص وتقديم الأفضل في كل ما نمتلك.‏

 

 

هذه المعادلة البسيطة ما حدثت بين أولاد آدم واحد منهما لم يقدم أفضل ما عنده والآخر تحرى الأفضل فقدمه فكانت ‏النتيجة أن الله عز وجل تقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ذلك القربان. الطرف الذي لم يتقبل منه لم ينظر الى ‏الإشكالية التي حصلت في فعله لم يرجع الى نفسه لم يراجع نفسه وحساباته المختلفة فيتوصل من خلال تلك المراجعة ‏أنه قد أخطأ، والواجب من الإنسان حين يخطئ أن يتراجع ويتوب ويصحح الخطأ حتى تقبل منه التوبة، فعوضًا عن أن ‏يتراجع ويتوب ويستغفر لذنبه ويبحث في موطن الخلل الذي جعل ذلك القربان غير مقبول عند الله سبحانه وتعالى، ‏ترك كل هذا ونظر الى أخيه فقال

(لَأَقْتُلَنَّكَ)‏

 

 

وهذه قضية خطيرة جدًا تحدث في بعض الأحيان بين الناس في التنافس في مجالات العمل والأسرة والمجتمع ‏والمجالات المختلفة. الانسان حين يرى شخصًا أفضل منه في أي مجال أو في أي ناحية من نواحي الحياة المطلوب منه لا أن ‏يتوجه اليه بالحسد والرغبة في إسقاط ذلك الانسان والتوهم أنه يمكن أن يرتقي من خلال إسقاطه، بل عليه أن يتوجه ‏الى نقاط الضعف في عمله ونقاط القوة في عمل الآخر فيستفيد منها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

التعاون على البر والتقوى

 

emankh_shaier_altaaoen-6.gif

 

 

 

(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)

تشكيل فريق ‏عمل.

تدبروا معي نحن قلنا هنالك نماذج مختلفة للأخوّة، موسى وهارون عليهما السلام، وأولاد أدم، موسى وهارون ‏جمع بينهما الحق والعقد، عقد الإيمان والوفاء به ولذلك اجتمعا على أي شيء؟؟

على التعاون والإيمان والبر بالمعروف ‏والنهي عن المنكر، بينما أولاد آدم حين نقض واحد منهما العقد كان السبيل والتفرق والتمزق والصراع الموهوم المفتعل، ‏صراع شيء يفتعله الانسان هو غير موجود في واقع الأمر، ولكن يصور للإنسان أو يهيأ له أنه سيفوز من خلال ‏صراعه مع الآخر، الآخر الذي نجح في عمل لم ينجح هو فيه، هو فشل في ذلك القربان، فشل في الامتحان، فعوضًا ان ‏يتعاون مع أخيه لإيجاد مواطن الخلل فيتعاون معه على البر والتقوى ولا يتعاون بطبيعة الحال على الإثم والعدوان، ‏تصور أن قتل والتخلص من الطرف الآخر -من أخيه- سيحل الإشكالية تماماً، وهي قضية ندرك تمام خطورتها ليس ‏فقط على الفرد كما جاء في هذه القصة وإنما خطورتها على المجتمع بأسره وعلى الأسرة، وهذه القضية الخطيرة نبهنا ‏القرآن إليها كذلك في سورة يوسف، تدبر القرآن يعلمنا كيفية الربط بين القصص وبين الآيات وبين الأحداث وبين ‏السور المختلفة

 

. سورة يوسف في قصة يوسف عليه السلام مع أخوته الموقف مشابه، الأخوة تصوروا أن إزاحة ‏يوسف عليه السلام من الطريق سيجعل الأمور أسهل الى محبة والى طريق قلب أبيهم من أن يتعاونوا مع يوسف على أمر ‏معين!

وهذه نقطة خطيرة جدًا نقطة عانى منها هنا ابن آدم (قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ) أتخلص منك. وللأسف الشديد ونحن نتعلم من ‏تدبرنا لكتاب الله سبحانه عدد مهول من المشاريع الناجحة اجتماعية وسياسية واقتصادية وتربوية سقطت وحطّمت ‏من جذورها بسبب هذه القضية، القضية الخطيرة أن الإنسان يتوهم أن إزاحة الطرف الناجح من طريقه سيحقق له ‏نجاحًا أو فوزًا أو انتصارًا، وهذا خطأ بالمئة مئة هذا لا يحقق الا مزيد من الفشل، عشرات مئات من المشاريع ومن ‏القضايا المؤسسية في مجتمعاتنا وبلداننا تسقط بسبب عدم القدرة على التعاون وعدم القدرة على تشكيل فريق عمل، ‏والقرآن في هذه السورة العظيمة وفي سورة يوسف ينبه الى أهمية تشكيل فرق العمل (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا ‏عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)

لماذا؟

 

 

التعاون على البر والتقوى ينجح المشاريع، ينجح قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‏ينجح محاصرة الفساد والمفسدين وإقامة العدل والخير والإصلاح ولا يأتي المجتمع والفرد إلا بكل خير، التكاتف، ‏التعاون تدبروا في واقعنا في عشرات المشاريع المختلفة التي أزاح رؤوس أو مدراء أو أشخاص أصحابهم الناجحين ‏من طريقهم عوضًا عن أن يتعاونوا معهم خشية أن يأتي ذلك الطرف الناجح فيحل محله أو يأخذ مكانه أو يستولي على ‏منصبه، وبذلك تضيع المؤسسة ويضيع المشروع وتنتهي القضية بأسرها لأجل ذلك التنافس، التنافس غير المشروع ‏المذموم، القرآن يقدم لنا مصطلحًا للتنافس المشروع

(وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)

ولكن التنافس الشريف المحمود الذي ‏يدفع الى التعاون على البر والتقوى ولا يدفع الى الصراع ولا إلى الخصام ولا إلى الشقاق ولا إلى شق الصف والوحدة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

عظم جرم قتل النفس بغير حق

1166212.jpg

 

(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

تدبروا معي التصفية للطرف الآخر الناجح لا يمكن ‏أن تأتي على الفرد بصلاح،خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين!.

وتدبروا معي كل أشكال التنافسات غير ‏المشروعة المنافسات في واقعنا في أسرنا في مؤسساتنا لا تأتي بخير على أصحابها

(فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

 

خسارة وندم، والندم يقابله خطوة كان لا بد لابن آدم ‏أن يقوم بها، الابن القاتل بدل أن يفكر بعملية القتل والتصفية: التوبة قبل فوات الأوان تصحيح الخطأ، الندم بعد أن ‏يحدث الجرم ويفوت الأوان لأن التوبة لها أوان ووقت، ولذلك أمرنا أن نبادر بالتوبة وتصحيح الأخطاء طالما أن ‏أنفاس الحياة تدخل وتخرج – وهذه نعمة عظيمة من الله سبحانه وتعالى – علينا أن نبادر بالتوبة وتصحيح الأخطاء كلها ‏، أخطاء فردية أو مجتمعية أو على مستوى المؤسسي -كل الأخطاء- بادر بالتوبة، التوبة ليست مجرد تصحيح للعلاقة ‏بينك وبين الله سبحانه وتعالى بل هذا جزء والجزء الآخر ما يتعلق بنفسك وحقوق الأخرين تصحيح تغيير المسار، وهذا ما ‏فشل به ابن آدم فكانت النتيجة خسارة وندم، وهي عاقبة واضحة لكل إنسان ينقض الميثاق مع الله سبحانه وتعالى.

 

نحن في سفينة واحدة كما شبهها النبي صلّ الله عليه وسلم في بعض الأحاديث،

سفينة ‏المجتمع وسفينة الإنسانية وسفينة العالم،

أخطاؤنا وسلبياتنا وسوء تصرفاتنا في بعض الأحيان إنما هي خروق في ‏تلك السفينة، خروق نحدثها وكل خرق في تلك السفينة هو قطعًا يصب في عملية إغراقها عاجلًا أو آجلًا،

المطلوب ‏منا في حياتنا أن نسد تلك الخروق أن نقوم بعملية الإصلاح.‏

 

 

(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ)

-تدبروا معي-

(أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ‏أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)

الذي يقتل نفسًا كأنما يقتل الناس جميعًا، كل البشرية

(ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ ‏جَمِيعًا)

لماذا يا رب؟

تدبروا معي في الآية، آية سورة المائدة عرضت لنا أشكالًا من نقض المواثيق والعقود، وأعظم عقد ‏بدأت به في بدايتها عقد الدين، عقد الايمان. ثم جاءت هذه القصة لتبين أن الحفاظ على النفس يأتي بالمرتبة التي تليها، ‏حفاظ على الدين، على الايمان ثم الحفاظ على النفس البشرية. فإذا إنسان قتل إنسانًا نفسًا واحدة فكأنما قتل الناس جميعا ، لأن المسألة ليس مسألة عدد، المسالة هي مسألة اعتداء الإنسان على تلك الروح وحق الحياة الذي وهبه الله لإنسان ‏آخر، فالذي وهب حق الحياة هو فقط سبحانه الذي يحدد كيف يؤخذ ذلك الحق، لا ينبغي لإنسان أن يعتدي عليه أبدا ‏بغير نفس أو فساد في الأرض

 

 

ربي عز وجل في سورة البقرة – هكذا التدبر يعلمنا الربط- قال

(وَلَكُمْ فِي ‏الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

حياة ونحن نعلم بأن القصاص أن يُقتل الانسان المجرم القاتل بسبب قتله لغيره ‏فكيف يكون القصاص هنا حياة؟؟؟ حياة للمجتمع، حياة لعشرات الأرواح البريئة التي ستُحمى من خلال تنفيذ ‏القصاص على المجرم القاتل الذي سفك الدم، ولذلك اليوم البشرية الأغلبية الصامتة على سفك الدماء على الاعتداء على ‏الأرواح البريئة قتل الأطفال قتل الأبرياء قتل النساء قتل الرجال قتل المستضعفين، هذا الصمت العالمي سيدفع ثمنه ‏جموع البشرية أجيال من البشرية

 

(مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ)

عظمة التعبير القرآني العظيم في هذه الآية عظيم

(أَوْ ‏فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)

فما بالك بمن يقتل في كل ساعة عشرات وربما مئات

أمام صمت مطبق يكاد ‏يقترب من حد الموت أكثر منه الى حد الصمت؟؟!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

محاربة الفساد فريضة وضرورة

 

8c92854b179995e26dd52f3a8cc5295c.jpg

 

 

(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا ‏مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

هذه الآية آية حد الحرابة لماذا جاءت هنا؟ – ولذلك تسمى ‏الحرابة جزاء الذين يحاربون الله ورسوله – السؤال الذي يطرح نفسه على المتدبر هنا كيف يحارب الانسان الله ورسوله؟ ‏هل يستطيع أحد أن يحارب بالله ورسوله؟!! كيف تكون محاربة الله ورسوله؟؟

 

تكون من خلال محاربة المنهج ومنازلته، ‏محاربة القيم والمبادئ التي جاء بها الرسل والأنبياء ربي عز وجل شرّع، أمر، قال منذ بداية السور ة (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ‏النفس البشرية حرمة النفس والحفاظ عليها هذا عقد بين الله وبين خلقه عليهم جميعًا أن يوفوا به بصيانته والحفاظ عليه والأخذ بقوة على كل من تطوع له نفسه أن يعتدي على تلك النفس البشرية ولذلك قال (يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ‏الْأَرْضِ فَسَادًا) منازلة القيم ونقض المواثيق والعقود والاعتداء على النفس البشرية هو مصب ومحط وبدايات الفساد في ‏الأرض، هو البدايات مع الدين عقد الايمان بيننا وبين الله عز وجل وشكل من أشكاله وخطواته المتتابعة قضية قتل ‏النفوس قتل النفس البشرية والاعتداء عليها. وقد يسأل سائل ولكن العقوبة شديدة ! أكيد، هذه العقوبة شديدة

(يُقَتَّلُوا أَوْ ‏يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ)

 

عقوبة شديدة تتناسب تمامًا مع طبيعة الجُرم الذي أحدثوه مع طبيعة الخرق ‏الواسع الذي أحدثوه في اغراق سفينة البشرية والمجتمع، الفساد حيت ينتشر وحين ترخص الدماء تصبح الدماء ‏رخيصة فما الذي يعيد الأمور الى نصابها بعد ذلك؟!

 

المطلوب ايقاف الفساد والمفسدين وهذا عقد ‏جديد يفرض على بقية أفراد المجتمع أفراد المجتمع الانساني الأسرة الانسانية الكبيرة، أنا لدي عدد من المفسدين عدد ‏ممكن أن يكون محدودًا خمسة، عشرة، مئة، ألف، آلآف ولكن الاشكالية الخطيرة حين يترك هؤلاء المفسدون بالاستمرار ‏في افسادهم في الأرض، اليوم نحن ننظر الى البشرية هل نتوقع أن معظم نفوس العالم البشر اليوم يقبلون بسفك الدماء ‏البريئة؟! أبدًا! شعوب العالم أفراد العالم نحن وأنا وأنتم والناس أغلب الناس أيرضون بسفك الدماء؟ أيعجبهم مناظر تلك ‏الأجساد والأشلاء المقطعة التي يرونها على شاشات التلفزة ليل نهار؟ أبدًا! أبدًا! إذن من الذي يحصل؟

 

الذي يحصل أن ‏القلة المفسدة في الأرض التي تعيث في الأرض فسادًا ما أوقفت عند حدها، وهذا هو يأمر به القران. هذا عقد جديد ‏التزام جديد أن يكون المجتمع الانساني على قدر المسؤولية، المجتمع العالمي على قدر الشعور بالمسؤولية فيوقف ‏الفساد والمفسدين، هذه مسؤولية الجميع فاذا فشل فيها الناس كانت العقوبة عقوبة عامة كما سنأتي عليها. والعقوبة ليس ‏بالضرورة فقط قضية قتل، لا، عقوبة المعاناة، المعاناة من شرور المفسدين، العالم اليوم كل العالم في الشرق وفي الغرب ‏يعاني من الفساد والمفسدين، يعاني من أولئك الذين يقتلون ويسفكون ويهجّرون ويقطّعون، ولكن جزء من أسباب تلك ‏المعاناة هو ذلك الصمت، تلك السلبية البشعة التي لا ينبغي للإنسان المؤمن الذي يدخل في عقد مع مع الله سبحانه وتعالى أن ‏يقوم بها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

2.jpg

 

 

بسم الله ماشاء الله

 

مجهود راااااائع وقيّم

 

بارك الله فيكِ حبيبتى ونفع بكِ

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

المؤمن عنصرًا إيجابيا في ايقاف الفساد

 

 

7777.png

 

 

 

 

(يَا أَيُّهَا ‏الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

اتقوا الله

ما العلاقة بين الكلام قبل قليل عن الفساد ‏والتقوى وابتغوا اليه الوسيلة؟؟

أعظم طريق ووسيلة للتقرب الى الله عز وجل أن يكون الإنسان الصالح المؤمن عنصرًا ‏فاعلا إيجابيا في ايقاف الفساد والمفسدين بكل ما أوتي من إمكانيات ومن قوة بحسب الإمكانيات التي بين يديه حتى ولو ‏كانت تلك الامكانيات ممكن أن تكون في مستوى أن يرى شيئا في قارعة الطريق يؤذي الناس فيقوم بإزالتها.

 

 

لماذا ‏اماطة الأذى عن الطريق صدقة؟

لأنها عملية، خطوة في وقف شكل من أشكال الفساد، رمي النفايات أو القاذورات في ‏قارعة الطريق أو في طريق الناس ذلك المنظر أو المظهر غير الحضاري غير اللائق فساد في حقيقته فحتى لو كان ‏المؤمن يفعل هذا الفعل المحدود هذا يعتبر صدقة وتقرب لله عز وجل، لأن المطلوب مني بموجب العقد والاتفاق بيني وبين الله ‏سبحانه وتعالى أني لا أفسد في الأرض قال (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ ‏نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ذكرت الملائكة من الإفساد في الأرض (يسفك الدماء) رغم أن أشكال الفساد كثيرة متنوعة لا ‏تقف عند حد، ولكن ذكروا سفك الدماء لأنه واحد من أبشع أشكال الفساد،

 

مساهمة الانسان المؤمن بكلمة بقول، بفعل، ‏بكل ما لديه من إمكانية لأجل أن يوقف الفساد إنما هو ابتغاء الوسيلة في التقرب لله سبحانه وتعالى ولذلك قال

(وَجَاهِدُوا فِي ‏سَبِيلِهِ)

جهاد بالكلمة جهاد بالتوعية جهاد بالفعل، كل الأشكال المختلفة المهم أن تسهم في إيقاف الفساد المهم أن لا تقف موقفًا ‏سلبًيا المهم أن لا تعتقد ولو في قرارة نفسك أن الحياد أو الموقف الحيادي هو موقف إيجابي، لا عليك ان لا تقف ولا تأخذ موقف الحياد عليك أن تنكر المنكر وأن تعرف المعروف، أنكر المنكر، إنكارك للمنكر مساهمة في إيقافه مساهمة في ‏وقفه عند حده ولكن الصمت والسكوت انما هو بطريقة أو بأخرى إسهام في نشر ذلك المنكر والفساد وهو بلاء أصيبت به البشرية في عصرنا الحاضر بلاء بشع ستعاني منه وتعاني منه هي اليوم الكثير من ‏الأمراض والويلات

 

ولذلك ربي سبحانه وتعالى جاء في الآية وتدبروا معي الترابط

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي ‏الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

علينا أن نجاهد في سبيل الحفاظ على ذلك العقد والحفاظ على النفس البشرية ووقف الفساد ‏بكل ما أوتينا من قوة بالكلمة وبالمال وبكل الأشكال، أن نبذل الكثير وأن نبذل كل ما نستطيع أن نبذل لإيقاف الفساد في ‏الأرض

فاليوم يقبل منك القليل وغدا يوم القيامة لا يقبل من الإنسان ولو كان له ما في ‏الأرض جميعا ، زمن ‏الاختبار والابتلاء انتهى وهذا الربط الواضح بين الدنيا والأخرة مباشرة يوم القيامة القرآن يبين لنا هنا وواضح هذا ‏المعنى، مستفاد منه أن عملية ووقت وزمن الاختبار في الدنيا زمن محدود، ابذل ما تستطيع قبل ان يفوت ‏الأوان لتوقف الفساد والمفسدين.‏

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حرمة مال المسلم

 

51zkVKds.jpg

 

(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ)

من النقاط التي تذكر

لماذا قطع الأيدي؟!

 

سارق ‏سرق مبلغا بسيطا ربع دينار أو شيء بسيط تقطع اليد، القرآن في تشريعاته والحدود التي يفرضها لا ينظر الى حجم ‏الفعل أو حجم الفاسد ينظر الى ما يترتب عليك، قلنا قبل قليل (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ ‏جَمِيعًا) هو قتل نفس ولكن لأن الاعتداء على النفس وقع وعلى الروح البشرية الإنسانية، الحياة الانسانية التي هي ‏مكرمة مصانة محرّمة في ذاتها فكأنما قتل كل البشرية، ولكن هو على وجه الحقيقة لم يقتل كل البشر هو قتل واحد، ‏السارق نفس القضية المبلغ ممكن ان يكون بسيط محدود

اذا لماذا تقطه يده أنه سرق هذا المبلغ البسيط؟!

 

اعتداء على ‏أموال الناس القضية هي قضية الاعتداء نقض العقد، لأن الانسان في عقد مع الله سبحانه وتعالى ان يحافظ على ماله ‏وأموال الآخرين من أن تنتهك، أموال الاخرين لها حرمة كما أنك لا تقبل أن يعتدى على مالك عليك كذلك أن تحافظ في ‏صيانة أموال الناس، أموال الناس محرّمة لا يجوز أن يعتدى عليها فقضية قطع اليد هنا ليس لأجل المبلغ هنا بقدر ما هي ‏قضية الاعتداء على حرمة المال، أموال الناس وأعراض الناس وأنفس الناس مصانة،

ومرة أخرى نقول حين لا تطبق ‏هذه الأشياء يا ترى ما الذي سوف يحدث؟

 

كل الانسانية تعاني من ويلات الاعتداء على الأموال الان في كل يوم لأن ‏الفساد والمفسدين ما أوقفوا عند حدهم ولم يؤخذ على أيديهم من قبل المجتمع الإنساني، كانت النتيجة أن الإنسانية، كل الانسانية تعاني ‏من جرائم هؤلاء حتى لو كان عددهم بسيط أو محدود، إشكالية خطيرة جدًا.

 

وأيضًا فتح باب التوبة عند قضية السرقة، التوبة التي تقدمها سورة المائدة هنا توبة ليست فقط توبة لأجل صلاح الفرد توبة شرعت للحفاظ على المجتمع، المجتمع يُسعَد ويتخلص من الآلام حين يكون هناك أصناف من ‏المجرمين التائبين أجرم، أخطأ، تاب، إذن ما المطلوب من المجتمع ؟

المطلوب أن يساعد في إصلاحه ولذلك هناك ‏مؤسسات “إصلاحيات” تعبير جميل جدا لأنه ينبغي أن تكون الاصلاحيات وأن تحاول الاسهام في إصلاح ‏العناصر الفاسدة في المجتمع بكل الطرق، طرق التوعية طرق محاولات التأهيل من جديد إعادة التأهيل النفسي ‏الأخلاقي الديني كل الأشكال، المجتمع بحاجة الى هذه المؤسسات ولذلك قال

(مَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ ‏عليه)

 

التوبة مطلوبة وهذا تنبيه واضح في سورة المائدة تشريع هذا للمجتمع أن يقيم مؤسسات لأجل إصلاح المفسدين ‏والمجرمين، لإيقاف حدود الشرور فيهم، المجتمع أنت لا تستطيع أن تتأكد أن المجتمع مئة في المئة أصبح صالحًا، لا بد أن ‏يبقى به عناصر فاسدة مفسدة

ما المطلوب من المجتمع؟؟

المطلوب أن يسهم في إصلاح هذه العناصر حتى لا تأتي ‏بالفساد على بقية أفراد المجتمع.‏

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(مَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ ‏عليه)

 

إصلاح هذه العناصر حتى لا تأتي ‏بالفساد على بقية أفراد المجتمع.‏

 

إذن مجتمعنا محتاج البلطجية المُستغَلة من قِبَل أنظمة القمع والاستبداد

 

توبتهم خير للمجتمع

 

نفع الله بكِ

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الكذب آفة تهدم المجتمعات

 

 

 

w-elag0039.jpg

 

 

(أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) ‏

كيف تكون طهارة القلب؟

بتخليصه من كل أشكال وشوائب الانحرافات والكذب، الازدواجية والنفاق، يؤمن بشيء ‏ويقول شيئا آخر، يدرك أن الحق في جانب معين ولكنه مع ذلك لا يلتزم تجاه ذلك الحق، إشكالية خطيرة جدًا!

 

تدبروا ‏معي في أوصافهم قال

(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ)

مرة ثانية والآية تنبه على خطورة الاستماع للكذب، الكذب للأسف الشديد تلك ‏العملة التي باتت عملة رائجة الآن، هي عملة مزيفة، تدبروا معي

سورة المائدة من مقاصدها العظيمة الصدق

(هَذَا يَوْمُ ‏يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)

ليس هناك وفاء بدون صدق، ونحن في عصرنا وزماننا هذا كم من الأكاذيب نسمعها ‏ونمررها ونلتزم بالصمت حيال تلك الأكاذيب؟!

 

إشكالية خطيرة جدًا جدًا شكل من أشكال الفساد الذي ينبغي أن يوقف، ‏وللأسف الشديد الكذب اليوم ما عاد كلمة فردية يقولها فرد لآخر وانتهى ‏الموضوع، الكذب الآن أصبح على إشكاليات لأنه أصبح عاليما، كذبة واضحة ممكن يقولها إنسان فرد فتنتشر كانتشار ‏النار في الهشيم، انتشار عالمي وسائل تواصل المختلفة وهناك من يسمع، هل من يسمع للكذب كذلك يشارك فيه؟ ‏

 

الذي يبدو أنه مشارك فيه لأنه بصمته وسكوته عن ذلك الكذب إنما هو يساهم في الترويج له بطريقة أو أخرى، إذن ما ‏المطلوب؟

المطلوب إيقاف الكذب، توضيح الحق، بيان الحق هذا عقد هذا من الالتزامات المختلفة، الالتزامات أمام الله ‏سبحانه وتعالى أن يكون الإنسان صادقًا مع نفسه صادقًا مع ربه صادقًا مع الاخرين ناشرًا للصدق مؤيدًا له داعيًا له وبعكسه سيكون ‏الكذب، ونتيجة لترويج تلك العملة الزائفة عملة الكذب أصبحوا أكّالون للسحت الحرام

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

انواع متعددة من اكل السحت

 

download%2B%252831%2529.jpg

 

 

 

غالبية المسلمين إن لم نقل الغالبية العظمى من المسلمين في واقع الأمر لا يمكن أن يفكر على سبيل المثال في تناول لحم ‏الخنزير أو الاقتراب منه مجرد اقتراب، في حين أنه رغم هذا الحرص الشديد الذي ينبغي أن يكون من عدم الاقتراب ‏من الحرام أو لحم الخنزير أو ما شابه إلا أنه لا نجد في نفسه ذات الورع عندما يتعلق الأمر بالحرام المعنوي الأكل المعنوي ‏اكل اموال الناس بالباطل الاختلاس رشوة، ممكن أن يكون أكل اموال اليتامى،

موارد الحرام كثيرة المال الحرام ولكن ‏هذا الورع لا يشبه هذا!

 

وأحيانا نجد ورعًا شديدًا جدًا في ما يتعلق بالجانب الحسي في الحرص الشديد على تناول الطعام ‏الحلال والتأكد من كل هذا، وهو أمر رائع ينبغي أن نحافظ عليه، يشكّل هوية الانسان المؤمن ولكن في ذات الوقت علينا أن لا ‏يكون لدينا تلك الازدواجية التي حدثتنا سورة المائدة عن بعض أشكالها في جانب الذي أشعر أنه لا يمس أو يؤثر ‏علي بشكل واضح أحرص أشد الحرص على الأكل الحلال، ولكن الجوانب التي يمكن أن يكون لها تأثير على مدخولي ‏المادي لا، ممكن أن لا أوجهها بنفس الطريقة، هذه الازدواجية لا يقبل بها القرآن ولذلك الآيات الوحيدة التي جاءت في ‏الحديث عن هذه القضية

(أكالون للسحت)

 

عليك أن تحذر من الوقوع في المال الحرام. وربما ‏هناك بعض الأشياء التي قد لا ينتبه إليها بعض الناس،وهي ما يتعلق بساعات العمل

العمل أمانة والانسان حين يتقاضى أجرًا معينًا ماديًا مرتبًا تجاه أيّ عمل ‏من الاعمال في مؤسسة في مدرسة في شركة في عمل في القطاع الخاص في العمل العام لا يفرق الأمر لا يختلف، لا ‏بد أن نراعي جانب الأمانة بمعنى أنت تعطى هذا المال أو الأجر المادي مقابل عمل تقوم به عليك أن تقوم به وفق ما ‏يرضى الله عز وجل وفق ما أمر الله عز وجل من أداء الأمانات والقيام بالحقوق والواجبات، ولا يغرّك أن الاخرين ‏من حولك لا يهتمون ولا يعملون ولا يفعلون ويضيعون الوقت، نحن نحاسب أفرادًا، نحاسب على أعمالنا وتصرفاتنا ‏نحن لا نحاسب على تصرفات الآخرين ولا على سلوكياتهم أنت تحاسب على عملك أنت وهذه إشكالية خطيرة، ‏والبعض منا للأسف الشديد لا ينظر إلى هذا المدخول الدخل الذي يأتي إليه في كل شهر الأجر المادي المرتب مقابل هذا ‏العمل لا ينظر إلى أنه إن لم يقم بالعمل، فالمال فيه شيء على الاقل شبهة من حرام، لا ينظر الى هذه القضية بهذا الشكل أبدًا

 

القرآن يعلمنا أن نتوخى الحذر الحلال يعلمنا الورع يعلمنا أن نبحث عن اللقمة الحلال فنحصل عليها لنا ولمن نعول. وفي نفس الوقت حتى في صدقاتنا ربي عز وجل لا يقبل إلا الطيب فلماذا أُدخل على نفسي وأسرتي وأولادي وأهلي ‏شبهة من المال الحرام بتصرفات لا ينبغي أن أقوم بها

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

خالف هواك ترشد

 

BvW1ORgCMAAMQXz.jpg

 

 

 

 

(فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ )

جاء بعض اليهود الى النبي صل الله عليه وسلم ‏في المدينة لكي يحكم بينهم وهم عندهم الأحكام كلها كاملة في التوراة ولكن لماذا جاءوا اليه؟

جاؤوا إليه ليس لأجل أن ‏ينفذوا الأوامر والأحكام، جاؤوا اليه لأجل أن يبحثوا عن الرخص والتسهيلات، شيء أسهل، شيء يوافق أهواء النفوس ‏في بعض الأحيان، وهذا أيضا مدلف خطير يحذرنا منه القرآن في سؤالي عن الحكم الشرعي لأي قضية تعرض لي في ‏حياتي علي أنا أن أتأكد من نفسي من نيتي في الصدق، أسأل عن الحكم لأجل الرخص والأسهل والأيسر أم لأجل ما يقربني الى الله أكثر؟أبحث عن شيء أخرج منه، رخصة لكي أتخلص من الحكم الشرعي أم أبحث عن ما يمكن أن ‏يقربني الى الله سبحانه وتعالى؟

 

قضية في غاية الأهمية

والمطلوب في كل الأحوال سواء كان مع يهود أو مع غيرهم

(وَإِنْ حَكَمْتَ ‏فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ)

القسط، العدل، الميزان، إعطاء كل ذي حق حقه الذي يستحق فعلًا.

ثم تدبروا معي في قوله عز وجل ‏ليبين ويؤكد لنا حقيقة أن القرآن العظيم لا ينبغي أن ننظر اليه بنظرة تجزيئية نظرة تجزئ تأخذ منه ما يروق لها وتترك ‏منه ما لا يروق لهواها أو ما لا يوافق هواها أو يخالف مزاجها، لا،

(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ

ثُمَّ ‏يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ)

 

الأحكام موجودة لماذا أعرضوا عنها؟

لأنهم يبحثون في الأحكام عن ما يوافق ‏أهواءهم ويتركون ما يخالفها، مزلق خطير جدًا للأسف كذلك هو موجود في زماننا نبحث عن الأشياء التي تطيب لنا ‏نرتاح إليها أما الاشياء التي تخالف هوانا وتخالف الشيء الذي نريد لا تروق لنا لأي سبب من الأسباب، في ذلك ‏الوقت يكون الأمر مختلف تولّي أو إعراض، هذا أمر خطير!

نفى صفة الإيمان قال

(وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ)

إذن ما الايمان ‏؟

الايمان أن يصبح هواك تبعًا لما جاء به الله ورسوله تدبروا معي الإيمان أن يصبح هواي ومزاجي وفق ما جاء به الله ‏سبحانه وتعالى وليس من قبيل تفسي لأن المشرّع هو الله وليس هوى النفس.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الاتجار بالدين فساد في الدنيا وخزي في الآخرة

 

CE-_EebVAAEmf2Z.jpg

 

 

 

 

(فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)

(وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ‏ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)

ما دخل خشية الناس؟

أعظم عائق يقف بين الإنسان وبين تطبيق منهج الله وشريعته في واقع الحياة الجري وراء أهواء الناس وتلبية رغباتهم وحظوظهم وما يرغبون وما يقولون. ‏

 

تدبروا إعجاز لفظ القرآني

(وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا)

هل الآيات تباع وتشترى؟

هي ليست للبيع والشراء

إذن ‏لماذا القرآن يعبر في أكثر من موضع في آياته بهذه اللفظة:

(يشترون بآيات الله ثمنا قليلا)؟ لماذا؟

 

إلأن الانسان حين يبيع ‏هذه القيم والمبادئ في سبيل عرض من عرض الدنياوالزائلة الفانية إنما هو على وجه الحقيقة يبيع ويشتري، حين ‏يخالف أمرا من أوامر الله عز وجل لإرضاء فلان من الناس أو لإرضاء شخص معين قوي أو ضعيف صاحب ‏منصب أو ليس كذلك رئيس أو مرؤوس أو ما شابه هذا ما نسميه إلا أنه يشتري بآيات الله ثمنا قليلا؟!

يرضي الناس ‏ولكنه يسخط الله سبحانه وتعالى، هذا بيع وشراء، الدين لا يُتاجر به، وفي الآية تحذير شديد لأولئك الذين حمِّلوا أمانة ‏تعليم الناس العلماء علماء الدين الأحبار الربانيون علماء الدين في كل الأديان والشرائع وفي هذا الدين الاسلام، من أي ‏شيء لا تبيع وتشتري بأحكام الله سبحانه وتعالى بمعنى آخر لا تشهد إلا بالحق، لكن أن تشهد لأجل أن تحصل على ‏منصب أو مال أو بيت أو تحصل على أي شيء من عروض الدنيا الزائفة هذا شراء وبيع

 

(وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا)

‏تدبروا عظمة التناسب في كلمات القران!

الكلام عن الحكم ثم جاء بخشية الناس وجاء بالشراء بآيات الله ثمنًا قليلا لماذا؟

لأن هذين السببين أعظم الاسباب وراء عدم الحكم بما أنزل الله الخوف من الناس والبيع والشراء بآيات الله سبحانه ‏وتعالى المتاجر بها لأجل عروض الدنيا الزائفة الزائلة الفانية التي لا قيمة لها، ما قيمة أن يبيع الانسان دينه حتى لو حيزت ‏له الدنيا بأسرها؟؟ ما قيمة هذا؟ ما قيمة أن يخسر الانسان دينه؟ ما قيمة أن يخسر التزامه أمام الله عز وجل؟!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الهــوى آفــةُ النفـــس

 

%25D8%25AA%25D9%2582%25D9%2588%25D9%2589.gif

 

 

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)

لماذا؟

لأن الإيمان عقد ليس كلمة تقال باللسان، إنما ‏تطبيق وتحكيم لأمر الله ومنهجه سواء خالف ما أريد أم لم يخاف سواء جاء وفق ما يرغب ويحبه الناس أو لا يرغبون ‏فيه، أوامر الله وتشريعاته لا تخضع لأهواء وأمزجة الناس، قضية خطيرة جدًا!

 

 

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)

تأكيد مرة بعد مرة،

ظلمٌ أن يؤمن الانسان ‏بإله مالك الملك له ملك السماوات والأرض ولكنه لا ينفذ ما أمر به هذا الإله الخالق البارئ المصور الرحمن الرحيم لا ‏ينفذ ما يؤمر به في واقعه ويجد له مشرّعًا آخر!!

ولن تكون هناك شريعة أخرى إلا شريعة الهوى ولذلك جاءت الآيات ‏فتدبروا معي (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ‏عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ)

تدبروا معي شريعة الهوى،

هما شريعتان:

إما شريعة الله وإما شريعة الهوى

 

(لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ ‏شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)

بعض التفاصيل تختلف ما بين أحكام التوراة وما بين الانجيل وما بين القرآن ولكن أصول الشرائع واحدة وهذا القرآن ‏جاء ليهيمن ويحكم وتختم بها الرسالات السماوية. قال

(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)

إذن لمَ الاختلاف؟

ليس لأنه هو سبحانه يريد منك أن تختلفوا، لا ؟

ولكن لو ربي أراد ألا يختبركم ويجعل الجميع أمة واحدة

(أن لو يشاء اللّه لهدى ‏الناس جميعا)

ولكن ربي عز وجل أراد أن يسند ويعطي الانسان القدرة على الاختيار ليختبره فيها لأنه لو لم يعطى حرية ‏الاختيار يختبر ويبتلى في أيّ شيء؟!

 

(وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)

هناك تنافس مذموم وهناك تنافس محمود ‏هنا سباق، سباق بأيّ شيء؟

بالخيرات، فيما آتاكم، بحسب إمكانياتك أنت لا تحاسب إلا على امكانياتك أنت فإذا كانت ‏إمكانياتك محدودة ربي سبحانه وتعالى يحاسبك على قدر هذه الإمكانيات، فربي سبحانه وتعالى لا يحاسب على سبيل ‏المثال الفقير على إنفاقه كما يحاسب المليونير أو الغني الذي يمتلك الاموال الطائله ؟

 

(فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).

ثم تؤكد الآيات مرة ‏اخرى القرآن ليس فيه تكرار القرآن فيه تأكيد قال

(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)

 

 

1426597828971.png

 

شريعة الهوى، اتباع الهوى أخطر شيء على النفوس البشرية، أخطر شيء على الفرد أن يتبع الإنسان شريعة ‏هواه، هوى نفسه! ابن آدم لو أنه ما اتبع هوى نفسه فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من النادمين، نفسه سولت له ‏زينت له الباطل حسد غيرة تصور توهم أنه إن أزاح الأخ عن الطريق هذا الأخ الصالح سيتقبل الله منه العمل وسيصبح ‏من بعده صالحًا إلى اخره، نفس القضية التي وقع فيها كذلك إخوة يوسف نفس القضية التي يقع فيها الكثير من الذي ‏يحكم بإزاحة الاخرين من الطريق عوضًا عن التعاون على البر والتقوى؟ من؟

هوى النفس.

أما شريعة الله سبحانه ‏وتعالى والحكم بما أنزل الله فهو يقتضي أن نتعاون جميعًا على البر والتقوى وأن لا نتعاون على الإثم والعدوان، فارق ‏شاسع!!

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ذم الاكثرية في القران

 

16806754_1286467494763304_2229077548024626585_n.jpg?oh=fc58d37274d9d44c730da3989754378a&oe=5970FBF1

 

 

(وَإِنَّ كَثِيرًا ‏مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ)

عجيب!

الكثرة

 

الكثرة لا تعني أبدًا الصحة، الكثرة في القرآن غالبًا ما تأتي في ‏سياق الذم وإن كثيرًا من الناس لفاسقون فلا تتبع الأكثرية المسألة ليست أكثرية وأقلية، المسلمون في مكة كانوا أقلية ‏والأغلبية كانت لكفار قريش من كان على حق ومن كان على باطل؟ الأكثرية أم الأقلية؟!

 

إذن المسألة ليست أكثرية وأقلية ‏لا، المسألة ليست عدد، المسألة مسألة المبدأ، المسألة مسألة الحق، والحق لا يُعرف بكثرة من يتبعه ويسير خلفه، الحق ‏يُعرف بنفسه يعرف بقيمه يُعرف بذاته، ولذلك كل الأنبياء ما كان أتباع الانبياء هم الأكثرية، معظم أتباع الرسل ‏والأنبياء كانوا أقلية ما كانوا أكثرية، الملأ كانوا من غير أتباع الأنبياء غالبًا ولكن ذلك لم يغير من واقع أن الحق حق وأن الباطل باطل، لا يتغير ولا يحل واحدًا منهما مكان الاخر بكثرة أو قلة، الأتباع، قضية خطيرة جدا لأننا ‏وللأسف الشديد في كثير من الأحيان في مجتمعاتنا ننساق وراء أغلبية الناس.

 

لذلك النبي صلّ الله عليه وسلم يحذر أن ‏الانسان لا ينبغي أن يكون إمعة إن أحسن الناس أحسن وان اساؤوا اساء لأنه يمشي وراء الناس، القران لا يريد من ‏الإنسان المؤمن أن يمشي وراء الناس يريد إنسانا يمشي أمام الناس.

 

القرآن أعظم كتاب يصنع الانسان القيادي ‏والانسان القيادي هو من أبرز صفاته ذلك الإنسان لا يسير وراء أهواء الناس ولا وراء ما يقولون ولا وراء ما ‏يرغبون لأنه لديه ميزان دقيق ميزان ما أنزل الله سبحانه وتعالى، ماذا يريد الله منا؟

ما الذي يرضي ربي عز وجل ‏عني وليس الجري وراء ما يرضي الناس ولذلك القرآن العظيم اعتبر ذلك حكم جاهلية

(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ ‏مِنَ اللَّهِ حُكْمًا)

ولكن لمن؟؟

( لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)

 

large.jpg

 

تحولت قضية الإيمان في قلوبهم إلى يقين يعيشونه ويرونه ويشعرون به حكم ‏الجاهلية لماذا الكلام عن الجاهلية؟

الجاهلية كانت تحركهم أهواؤهم،

عدد الناس الكثرة بينما القرآن أيضا في سورة ‏البقرة قال

(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ)

المسألة ليست الكثرة والقلة المسألة هي مسألة القضية التي لأجلها ‏يقوم القلة أو الكثرة ولذلك ربي عز وجل في آيات أخرى قال

(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا)

قضية ‏خطيرة قضية الكثرة والقلة

لماذا جاء ذكرها بالذات في هذا السياق في سياق الحديث عن الحكم؟

 

لأننا في كثير من الأحيان ننجر ‏وننساق وراء الأكثرية ونتأثر يقولها كذلك نتأثر بما يقول الآخرون وأحيانًا نتعرض لإشكالية وتحدي خطير في أنفسنا ‏قد يصل بنا الى حد تغيير المبادئ والقيم والقناعات لأجل إرضاء الأكثرية وإرضاء الناس، لا تكن إمعة! إذن ماذا يكون ‏الإنسان؟

 

يكون نفسه تلك النفس المؤمنة التي لا يضرها من ضل إذا كانت هي على حق وهداية

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

استعلاء المؤمن على أهل الباطل

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ‏اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)

قضية الولاية هنا لغير الله ورسوله نوع من أنواع الارتداد والتراجع عن الدين ‏والإيمان وعقد الميثاق، العقد عقد الإيمان وميثاق الإيمان مع الله سبحانه وتعالى، وأعطانا مواصفات لأولئك القوم في حال حدوث عملية الاستبدال هذا فيها وعيد، وعيد واضح جداً لكل أولئك الذين لا يسيرون وفق ما أراد الله سبحانه وتعالى ‏في منهجهم وفي حكمه وفي تشريعاته.

(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)

والله سبحانه وتعالى لا يعطي ولا يقدم لنا في أي سورة ولا في أي موضع من مواضع الحياة التي تتحدث عن قضية الذل في ‏القرآن، لا يعطينا أي شيء من الإيجابية لهذه الصفة إلا في مواضع محصورة:‏

الموضع الأول في التعامل مع الوالدين: حين قال:

(وَاخْفِضْ لهما جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)

عند الوالدين لا بأس للإنسان ‏المؤمن أن يكون ذليلاً بين يديهم، بين يدي الوالدين.

ثم بعد ذلك في التعامل مع المؤمنين هو وصفهم فقال:

(أَذِلَّةٍ عَلَى ‏الْمُؤْمِنِينَ)

الذل ليس بمعناه السلبي، وإنما بمعنى التذلل بمعنى الليونة في التعامل، بمعنى اليسر والتسامح في التعامل معهم ‏إلى الحد الذي يُشعر الإنسان الآخر أو الطرف الآخر بهذه الصفة.‏

 

أما في التعامل مع الكافرين فالموقف مختلف،

لماذا أعزة على الكافرين؟

لأن المطلوب من المؤمن ألا يُظهر لهم أي نوع من ‏أنواع التخاذل أو التواضع أو شيء من أنواع التذلل معهم الذي قد يوهمهم بأن هذا الطرف طرف المؤمن في ضعف. ‏المؤمن حتى إذا كان طبيعة الظروف المحيطة به تفرض عليه شيئا من الضعف فهو لا يظهر هذا الضعف ولا يبديه أبداً؛ لأنه ‏في قرارة نفسه مؤمن بأنه يستمد قوته من الله سبحانه وتعالى، ولذلك أيضاً وصف هؤلاء القوم فقال:

(يُجَاهِدُونَ فِي ‏سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ)

على العكس تماماً من أولئك الذين يخافون لومة لائم.

أولئك الذين يوالون لغير الله، ويدخلون في الولاءات حسب ‏مصالحهم العاجلة، لماذا؟

لأنهم يخافون من هذا وذاك يخافون من الشرق ويخافون من الغرب، يخافون من اللوم ويخافون من ‏كل شيء؛ لأنهم ما عادوا يدركون أن أعظم خوف يجب أن ينصرف هو الخوف من الله سبحانه وتعالى. والإنسان إذا خاف الله عز وجل ربي عز وجل أخاف منه كل شيء، ولكنه إذا خاف من كل شيء، أخافه الله سبحانه ‏وتعالى من كل شيء؛ لأنه لم يخف الله سبحانه، توهم وجود نفع أو ضر من قبل أحد من البشر.‏

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

دور العلماء والدعاة في محاربة الفساد

 

(وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ

لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

(لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ

لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)

الأحبار والربانيون هنا تشكل فئة العقلاء والحكماء والعلماء الذين وصفتهم آيات أخرى قبل ذلك بما استحفظوا من كتاب الله، على اطلاع ومعرفة حقيقية بالدين وبالكتب السماوية استحفظوا من كتاب الله، ومدركين لهذه التعاليم والتشريعات، هؤلاء لا بد أن يكون لهم موقف من الفساد والمفسدين، لا بد أن ينهوا عن الفساد في الأرض، لا بد من النهي عن الفساد ‏في الأرض، ولكن أن يقفوا صامتين أمام وإزاء كل هذا الفساد الذي يحدث فالقضية لن تقف أبداً عند حد!

 

ولذلك كان ‏من الواجب على أولئك العقلاء والربانيون والأحبار والعلماء والرهبان أن يكون لهم موقف واضح إزاء ما حدث من سخرية ومن استهزاء ومن تطاول على شخص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنا لا أتكلم هنا عن أفراد، أنا أتكلم عن تجمعات، تحالفات، يكون لها صوت قوي مسموع،

ولذلك قال في نهاية الآية الأولى قال:

(لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

والثانية

(لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)

الفساد بكل أشكاله حين لا يجد من يوقفه سيصبح صنعة عند البشر وفي المجتمعات ‏الإنسانية الناس تعتاد عليه، وهذا هو الفرق بين شيء يصنع، وبين عمل، العمل يعمله الإنسان مرة مرتين كذا مرة، ولكن ‏حين يصبح هذا الشيء صنعة له فهو أصبح مهنة، أصبح يزاوله ويزاوله ويديم المزاولة إلى أن أصبحت صنعة له

 

تدبروا معي هذا الربط العظيم هذه كل الآيات كأنها تحكي عن الواقع الذي نعيش فيه، وهكذا القرآن. القرآن يعالج واقعًا إنسانيًا، واقعاً إنسانياً غير متوقف على زمن معين غير مرتبط بزمن معين، لماذا ربي عز وجل حدثنا هنا عن قضية ‏اليهود والنصارى؟

لأن القضية ليست قضية مرتبطة بزمن، ومعظم التعاملات نستطيع أن نقول كلها اليوم نحن في تعاملاتنا ‏وفي تعاملاتنا الخارجية والعلاقات الخارجية علاقات الدول والأفراد الخارجية هي مع من؟ هي مع هؤلاء القوم، صحيح ‏القضية لم تعد قضية أو هكذا يظهر أن القضية لا تتعلق بأشياء دينية ولكن القرآن حدد لك الإطار العام الذي يتم التعامل ‏فيه ومن خلاله حتى يكون الإنسان والمجتمعات مدركة لواقع هذا التعامل، ولا تتعامل مع هؤلاء القوم، ومع الآخرين من ‏زاوية أو من ناحية الشعور بالضعف، والاستجداء منهم، الأمر الذي يولد عشرات التنازلات حتى عن القيم والمبادئ والدين الذي تؤمن به، إشكالية في غاية الخطورة! والإنسان حين لا يدافع حتى عن الدين الذي يؤمن هو به، ماذا بقي له؟! ‏ماذا بقي له؟!

 

للأسف الشديد خسرنا كثيراً حين سمحنا للآخرين بطريقة أو بأخرى من خلال ضعفنا ومن خلال عجزنا من ‏خلال تنازلاتنا، خسرنا إنما لم نعالج قضية عدم احترام الآخرين لقيمنا ومبادئنا وديننا، خسرنا ولا زلنا نخسر، لأن هذه ‏القضية جوهرية تماماً.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أهم أسباب وعوامل حدوث الانهيار

والتدهور في الحالة الاقتصادية للبشر

 

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)

(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا ‏التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا ‏يَعْمَلُونَ)

تدبروا معي!

أعظم أسباب وعوامل الرخاء الاقتصادي والاستقرار السياسي والمجتمعي، والأخلاقي في كل المجتمعات: إقامة ‏منهج الله سبحانه وتعالى(وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ ) لو أنهم أقاموا، طبّقوا، نفّذوا، ساروا على المنهج الذي جاء في هذه الكتب، الكتب السماوية، لكانت تغيرت النتيجة.‏

 

فاليوم نحن لدينا بمفهوم المخالفة هنا أن كثيرًا من الناس لا يجدون ما يأكلون، ناهيك عن أن يأكلوا ‏من فوقهم أو من تحت أرجلهم. الآيات تتحدث عن رخاء اقتصادي، عن غنى، وفرة في الأموال، في المكاسب، في المطاعم، في ‏المصادر، المصادر بكل أشكالها، مصادر الثروة. ما نجده في عصرنا وفي زماننا اليوم الشكوى المتواصلة من الكوارث ‏الاقتصادية، ومن المجاعات، ومن قضية التقشف، معظم الدول العالم اليوم ومن نزول في قضايا الثروات، ومصادر الدخل، ‏واضح جداً هذا، السؤال:

يا ترى لماذا حدثت هذه النتيجة؟

 

بمفهوم المخالفة: أن واحدًا من أهم أسباب وعوامل حدوث ‏هذا الانهيار والتدهور في الحالة الاقتصادية للبشر، وهو عدم اتباع منهج الله عز وجل، وممكن أن نوضح هذا، كيف؟ أعظم رسالة وقيمة في إقامة منهج الله سبحانه وتعالى التي جاءت في التوراة، جاءت في الإنجيل، جاءت في القرآن: النهي عن ‏الفساد وإيقاف المفسدين في الأرض. ولو تدبرنا في معظم ما نعاني منه من حالات اقتصادية لوجدنا أن السبب الرئيس في حالات التدهور في اقتصاد دول هو الفساد، مستويات الفساد لدينا في كثير من مجتمعاتنا عالية! فساد بكل أشكاله، شخص أو مجموعة أفراد يسيطرون على ممتلكات دول، وينهبون أموالها، هذا الفساد، أو مؤسسات تنهب هذه الأموال، وتبقى هذه المؤسسة والدولة والمجتمع يعاني من أشد الأمراض فتكاً من فقر، ومن تدني في التعليم، من كل الأمراض! والرسالة ‏الجامعة بين كل قيم الأنبياء والرسالات السماوية لو أردنا فعلاً أن نلخصها في كلمات

(وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ ‏إِصْلَاحِهَا)

ولا ننسى أن في القضية في سورة البقرة ربي عز وجل على لسان الملائكة حين قالت:

(قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ‏وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)

عن الإنسانية ذكروا الفساد.

فالرسالات والرسل جاءوا بالنهي عن الفساد بكل أشكاله، فساد في ‏الدين، وفساد في المال، وفساد في الأخلاق، وفساد في القيم، ومشكلة العالم اليوم ليس قضية قلة الموارد أو مصادر ‏الدخل، أو أن الأرض ما عاد فيها أقوات تكفي لهذه الجموع من البشر كما يتوهم البعض، أو يحاول الترويج له، لا، وإنما ‏الإشكالية الخطيرة إذا استطعنا فعلاً ونريد أن نلخصها في كلمات: (قضية الفساد والمفسدين) أن هناك مجموعات من ‏المفسدين استولوا على تلك الثروات، ثروات البشرية وأهدروها، فكانت النتيجة ما نراه!

 

هل فعلاً محاصرة الفساد ‏وإقامة ما أنزل الله في واقع الحياة يحقق رخاءً اقتصاديًا؟ قطعاً. لماذا؟

لأن إقامة منهج الله سبحانه وتعالى هو أنجع طريق لمحاصرة ‏الفساد والمفسدين، وإذا قضيت على الفساد والمفسدين، أصبحت في غنى حقيقي، رخاء حقيقي، وهذه هي الرسالة التي أعطانا ‏إياها القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الدين النصيحة

 

7_1460665355_1348.jpg

 

(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى ‏لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)

لعن الذين كفروا على لسان كل الأنبياء، عصيان تمرد، ‏اعتداء

(كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)

 

تدبروا في قضية محورية النهي عن المنكر والفساد. إشكالية خطيرة في مجتمعاتنا الآن بدأت تظهر أن الناس أصبح أيّ ‏واحد منهم حتى في الأسرة الواحدة يرى الخطأ يرى المنكر من أخيه، من أمه، من أبيه، من ابنه، من ابنته، من ابن أخيه، ويقول ‏لك: لا لا لا، لا أريد أن أتدخل هذه حرية شخصية

 

(لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)

نهيك عن المنكر لا يعني أنك تتدخل في ‏حريات الآخرين، لا يعني أنك تقوم بالوصاية عليهم، لا يعني أبداً هذه المعاني، ولكن هو يعني بالفعل أنك إنسان تهتم لأمر ‏الآخرين، تقوم بالواجب الذي يفرضه عليك، عشرات الأمور من العلاقات الإنسانية فيما بينك وبين هؤلاء من الروابط ‏رابطة الإنسانية، رابطة الدم، رابطة القرابة، عشرات الروابط التي تربط بيننا كبشر، كيف نتغافل عن كل هذه الروابط؟! ويهيأ ‏لنا بأن القضية قضية حرية شخصية ولا أتدخل في الآخرين؟! كيف أنت اليوم أنا أتساءل دعونا نضعها في هذا المثال: لو أنك ‏رأيت بيتاً يحترق حريقًا حسيًا حقيقيًا، ورأيت في داخله أشخاصًا كبار وصغار ونساء ورجال، بالله عليك أتتركهم يحترقون؟! أم تسارع لإنقاذهم ونجدتهم؟ الحقيقة أن الطبيعة الإنسانية تفرض عليك أن تفعل كل ما بوسعك لأجل إنقاذهم أليس كذلك؟! البعد عن منهج الله عز وجل، أليس هو نوع من أنواع الاحتراق المعنوي؟! أكل المال الحرام على سبيل ‏المثال، أليس هذا نوع من أنواع الاحتراق؟! الجسد الذي يغذّى بالسحت وبالحرام، أليست النار أولى به؟! فأنت المطلوب ‏منك كإنسان أن تبادر لإنقاذ هؤلاء بالحكمة والموعظة الحسنة والطريقة الجيدة، نعم، ولكن قطعاً لا تتركهم هكذا هذا الشيء منطقي، فلماذا يغيب عنا العقل والمنطق ونحن نواجه المنكر والفساد؟! لماذا؟! هل أحد يلومك إذا أنت قمت بمحاولة إنقاذ هؤلاء من الحريق، أو من الغرق؟! لا، فلماذا إذاً أنت تتوهم أن هناك من يمكن أن يوجه إليك اللوم لو أنك نهيت عن منكر، ‏أو أوقفت فساداً، أو أمرت بخيرٍ أو إصلاح بين الناس لماذا؟! لماذا هذا التناقض لماذا؟!

 

ولذلك ربي عز وجل قال

(كَانُوا لَا ‏يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)

وروي في بعض الآثار أنهم كانوا ممكن ينهون في بعض الأحوال، ولكنهم يجالسونهم ويمشون معهم وكأن الأمر طبيعي الإشكالية خطيرة جداً إذا ظهرت في الأسرة، إذا ظهرت في المجتمع قامت بتدميره من جذوره!!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

احذروا كثرة الحلف

 

15837156388_8b5dcec3dd_z.jpg

 

القرآن في سورة المائدة يعرض لنا أشكالاً متنوعة في قضايا التشريع، قضايا تعرض للإنسان في واقعه، فكما أن القضايا في ‏التشريع متعلقة بالطعام والشراب وما شابه، هي كذلك متعلقة بالكلمات بما يتفوه به الإنسان، فبعض الأشخاص قد ‏يأخذ قضية الحلف والأيمان وما شابه وسيلة يحرّم بها أشياء معينة على نفسه، وهذا يعتمد إلى حد كبير على ‏طبيعة البيئة التي يعيش فيها الإنسان، ونحن نرى في بعض المجتمعات الناس يحلفون على بعضهم البعض لأجل دعوة على ‏طعام أو عشاء أو ما شابه، أو تناول صنف معين من أصناف الطعام، هذا ما عبّر عنه القرآن باللغو في أيمانكم، هو لا ‏يقصد به الحلف في ذاته، ولكن هو الذي يقصد به في واقع الأمر مجرد عملية زيادة في التأكيد على شيء معين، ولذلك ربي ‏سبحانه قال

(لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ)

لماذا؟

 

لأن القضية قضية التزام هنا وربي سبحانه وتعالى حتى في هذه الآية أوصانا بأي شيء؟

قال: (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ)

كل شيء في هذا الدين العظيم، يقوم على مبدأ الحفظ، يقوم على مبدأ التنبؤ واليقظة، لا شيء في هذا الدين من تشريع يأتي هكذا عفوياً بدون معنى، تصبح في ‏ظل هذه التشريعات أقوال الإنسان، ألفاظه، أفعاله، حتى النية لا بد أن يكون لها موقع لا بد أن يكون لها أهمية واضحة

(كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)

 

ثم تدبروا معي!! في ذاك التناسب الرائع العجيب الذي جاء موقعه بعده في الآية التي تليها في مسألة تحريم الخمر تحريماً قطعياً، ربي سبحانه في الآية التي قبل قال:

(وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ)

الألفاظ التي يتلفظ بها الإنسان عليه أن يراقبها تماماً، وبالتالي لا يستعمل كلمة الحلف كما جاء ويأتي في كثير من مجتمعاتنا وبيوتنا الناس يحلفون كثيراً، ولكن ليس هم حين يحلفون هم ‏يريدون فعلاً قضية الحلف، وإنما هم فقط هكذا درجت أصبحت كلمة دارجة على الألسنة، ما المطلوب؟ المطلوب أن يتيقظ ‏الإنسان وأن ينتبه لما يقول، وأن يصحح من لسانه، وأن يضبط عملية التفوه بتلك الكلمات التي يقولها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

الخمر حرام بنص القرآن

 

 

%D8%A5%D9%86%D9%8E%D9%91-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87%D9%8E-%D9%84%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%85%D8%B1%D9%8E.jpg

 

 

 

 

 

الآية التي جاءت في تحريم الخمر تحريماً قطعياً لأننا كما نعلم الخمر حرمت على مراحل، بتدرج قال:

(يَا أَيُّهَا ‏الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

الرب الذي أمرك بأن تحفظ الأيمان، وأن تحافظ على الكلمات التي تتفوه بها، هو الرب الذي يأمرك أن تحافظ على أعظم ‏نعمة أعطاها لذلك المخلوق، لذلك الإنسان، النعمة التي هي مناط التكفير، النعمة التي بدونها لا يمكن أن يكون هناك تكليف ‏في واقع الأمر(إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)

وبدأ بالخمر، ولماذا الخمر؟

 

الخمر فيه اعتداء واضح ‏على نعمة العقل، أعظم اعتداء فيها اعتداء على نعمة العقل، نعمة العقل التي بها كُرِّم الإنسان، وبها خوطب في مجال التحريم ‏والتحليل والتشريع، المجنون لا يخاطب بالتشريع، فاقد العقل لا يخاطب بالتكليف وبالت،شريع الذي يخاطَب هو الإنسان ‏العاقل، فكيف لذلك الإنسان أن يأتي إلى الخمر طواعية لتفقده أعظم ما كرّمه الله به ألا وهو العقل؟!

الخمر، والميسر، ‏والأنصاب، والأزلام وربي عز وجل في هذه الآية جمع لنا كل ما يعرف في واقع الأمر من الحفاظ على الضروريات أو ‏مقاصد الشريعة حفاظ على الدين، حفاظ على العرض، الحفاظ على العقل، الحفاظ على المال، الحفاظ على النفس، هذه ‏الآفات الخمر والميسر، والأنصاب والأزلام هي التي تهدر هذه الضروريات التي لا تستقيم حياة البشر أبداً دون الحفاظ ‏عليها، تدبروا معي!

ولذلك قال

(رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

 

نحن تكلمنا وقلنا أن سورة المائدة تتحدث عن العقود، وهذه الممارسات التي لم تعد ممارسات فردية، بل هي تنسحب على ‏كل طبقات المجتمع: الخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، ممارسات اجتماعية ليست فقط فردية، ممارسات يتأثر بها الفرد، ‏وتتأثر بها الأسرة، ويتأثر بها المجتمع بأسرة، فكان لا بد من الحفاظ عليها، ولا يمكن أن يكون هناك حديث عن وفاء بعقود أو ‏التزامات بوجود هذه الآفات الاجتماعية التي أمر القرآن العظيم في هذه الآية باجتنابها، وجعل اجتناب هذه المحرّمات ‏مفتاح الفلاح والنجاة والفوز ليس فقط في الآخرة، وإنما في الدنيا الكلام هنا عن الجزاء الدنيوي. وتدبروا معي في الآية ‏التي تليها

(إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ)

 

آفات اجتماعية تترتب عليها ‏عشرات الممارسات التي تهدم المجتمع، وتهدم الكيان الأسري: العداوة والبغضاء، وقلنا في موقع آخر وقد ذكرت في سورة ‏المائدة قبل ذلك العداوة فيها اعتداء فيها فعل، فيها قول، البغضاء: هو شعور سلبي شعور بالكراهية، ولكن شعور ‏الكراهية إذا تولدت عنه اعتداءات على حقوق الآخرين نتيجة لذلك الشعور أصبح عداوة، أصبح عدوانًا، والله لا يحب ‏المعتدين.‏

 

إذاً هذه الآفات السيئة: الخمر، والميسر، القمار بكل أشكاله وصوره، لأن الميسر في الجاهلية كان له شكل معين، ممارسة اعتاد ‏عليها رواد النوادي في الجاهلية، ولكن في واقع الأمر في أيامنا هذه اتخذ أشكالاً مختلفة، متنوعة جداً متعددة، ولكن كل ‏هذه الأشكال تقوم على مبدأ الغشّ، والتدليس، وأخذ أموال الناس وتداول تلك الأموال بالباطل، ‏ربي عز وجل جعل لتداول المال بين الناس قنوات مشروعة، وهذه القنوات لا بد أن تكون من التشريع مباحة، حتى تصبح ‏عملية التداول المالي مشروعة، الميسر فيه تداول مالي، وكذلك الخمر في البيع والشراء والتعاطي، ولكن هذه القنوات ‏قنوات جففها القرآن العظيم، وأمرنا بأن لا نقوم بعملية التداول من خلالها، وذكر بعض وأهم الأسباب الكامنة وراء ذلك ‏التحريم: عداوة، وبغضاء وصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون؟ سبل العداوة فعلاً تنفتح من خلال هذه الوسائل غير المشروعة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

التحليل والتحريم حق خالص لله تعالى

 

10498131026_a2e94b7618_z.jpg

 

 

(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ ‏اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)

وتدبروا معي!! تقوى وإيمان، تقوى وإيمان وعمل صالح، تقوى وإيمان، تقوى وإحسان، الإيمان درجات، الإيمان يزيد ‏وينقص، يزيد على قدر مراقبة الإنسان وحرصه الشديد على الاستجابة لأمر الله سبحانه وتعالى وتنفيذه في واقعه، كلما ‏كان الإنسان أكثر التزامًا ورغبة من الداخل ونية صادقة في اتباع أمر الله سبحانه وتعالى في حياته في كل الجزئيات، كلما ‏ترقى في مرتبة التقوى والإحسان، الإيمان يزيد بالطاعة، كما أنه ينقص بالمعصية ومخالفة أمر الله سبحانه وتعالى.‏

 

ثم إننا في هذه الدنيا نمر بعشرات الابتلاءات، نمر بعشرات الاختبارات والامتحانات وفي بعض الأحيان الاختبارات تكون ‏متعلقة في ذلك الجانب التشريعي فعلاً:

هل تمتد يدي إلى الحرام؟ أم أتوقف ولا أتجاوز الحلال إلى الحرام أبداً؟

 

(يَا أَيُّهَا ‏الَّذِينَ آَمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ ‏عَذَابٌ أَلِيمٌ)

الصيد ممكن أن يكون الشيء في أصله مباحًا، ولكن هناك توقيت زمني معين يحرّم ذلك الشيء عليك، أو ‏أحياناً توقيت مكاني، كما في القضايا المتعلقة بالحج وعملية الصيد، أو كما هي متعلقة في رمضان الطعام مباح، ربي أباحه في ‏كل وقت، ولكنه تحديداً في رمضان في نهار رمضان حرم على الإنسان أن يتناول ذلك المباح، فيصبح المباح محرماً توقيت ‏زمني، لماذا؟ قضية امتحان، قضية اختبار، رغم علم الله سبحانه وتعالى من يخافه بالغيب، ولكن كما ذكرنا في مرات سابقة ربي عز وجل أراد أن يقيم الحجة علينا بأعمالنا، وليس بعلمه سبحانه، وهذا من تمام عدله سبحانه، ومن تمام حكمته عز وجل.

 

ثم تتوالى الآيات بعد ذلك تحدثنا عن المباح وعن الحرام

(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ)

وفي نفس ‏الوقت

(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا)

تدبروا في تلك الصورتين المتقابلتين في آية واحدة:

صيد البحر وطعامه هذا أحلّ لكم، ولكن صيد البر ما دمتم حرماً حُرّم عليكم.

(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)

هنا ربي عز وجل يبتلينا بقضية الوقوف والحزم في الوقوف عند أوامر الله سبحانه وتعالى، تحديداً في كل الأشياء وخاصة فيما يتعلق بقضية التشريعات.

 

هناك أشياء جعل الله سبحانه وتعالى مساحة لها ليدرك الإنسان الحكمة في التشريع، ممكن، ولكن كذلك هناك مساحة أخرى ‏في جانب التشريع لا يدرك الإنسان الحكمة من قضية التحريم أو التحليل، ليس كل شيء في الدنيا حُرّم أو أبيح لنا، ممكن ‏أن ندرك فيه الحكمة من التشريع، وليس مطلوب من عندي في قضية التعبد لله سبحانه وتعالى والتزام شرعه أن أدرك كل ‏الحكمة أو أجزاء من الحكمة في التشريع، لا، لأن المطلوب أن يكون لدي رصيد قوي وعالي من الإيمان والتقوى، يمكنني من ‏اتباع أوامر الله سبحانه وتعالى سواء ظهرت لي الحكمة أم لم تظهر،

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تعظيم شعائر الله في الحج

 

%D8%B8%CB%86%D8%B8%E2%80%A6%D8%B8%E2%80%A0_%D8%B8%D9%B9%D8%B7%C2%B9%D8%B7%C2%B8%D8%B8%E2%80%A6_%D8%B7%C2%B4%D8%B7%C2%B9%D8%B7%C2%A7%D8%B7%C2%A6%D8%B7%C2%B1_%D8%B7%C2%A7%D8%B8%E2%80%9E%D8%B8%E2%80%9E%D8%B8%E2%80%A1.jpg

 

 

 

(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ)

قيام تقوم به حياتهم، دنياهم، دينهم، ولماذا هذا المكان بالذات؟

ما خصوصية هذا المكان؟

ربي عز وجل في سورة الحج قال

(;وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)

رسالة التوحيد، ولا يقوم معاش الناس ولا حياتهم ولا دينهم ولا دنياهم إلا بالتوحيد. تدبروا معي في هذه اللفتة المناسبة العظيمة: الذهاب إلى الحج، أو إلى العمرة، أو زيارة الكعبة تجديد لمعاني التوحيد في قلب ‏الإنسان المؤمن، ولا تقوم حياة الناس إلا بالتوحيد وتجديده وتصفيته وتنقيته. رسالة التوحيد

(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ)

لأن هذه الرحلة بكل شعائرها وتعظيم شعائرها وبكل ‏وقوف الإنسان عند كل جزئية فيها من تحريم الصيد، من الأشياء التي جاءت فيها، من تعظيم شعائر الله في الزمان في المكان، ‏تجديد وتنقية وتصفية للتوحيد الذي لا تستقيم حياة الناس إلا به.

 

 

وبالتالي هذا المكان، وهذه الشعيرة وهذا الالتزام هو ‏الذي يذكرنا بهذه التصفية العظيمة للتوحيد. وتدبروا معي في الكلمة! قال:

(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ)

لكل الناس الآية هنا. كيف يكون هذا القيام؟

‏كيف يصبح ذلك المكان فعلاً مكانًا يصلح به الأمور المختلفة أمور الناس في دنياهم وفي آخرتهم، وفي دينهم، كيف؟

 

ربي عز ‏وجل من خلال قضايا متعلقة بالتشريعات بهذا المكان مكاناً وزماناً أراد من هذه الأمة أن توفّي بذلك العقد والميثاق فتجعل ‏الشعائر والعبادات المتعلقة إقامتها بهذا المكان، بهذا البيت، مصدراً لتبليغ رسالة القرآن للعالم كله، فإذا ما نظر الناس إلى مكة ‏إلى الكعبة البيت الحرام وجدوا كأنها صورة واقعية لشعائر الإسلام وشعائر الدين، بمعنى آخر إذا أراد إنسان أن يتعرف ‏على الإسلام كدين، وأن ينظر إلى شعائر هذا الدين، فما عليه إلا أن ينظر إلى الكعبة البيت الحرام ليرى كل الشعائر ‏متحققة فيه بشكل عملي.

الإنسان بطبيعته جُبِل على أن ينظر إلى مثال إلى شيء واقعي، شيء حسي، شيء يلمسه، وربي ‏سبحانه وتعالى في كل السورة وفي سور أخرى قال:

(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)

 

فتعظيم الشعائر الذي عمل قلبي يبدأ بالتقوى، لا بد أن يكون له رصيد في الواقع. وبالتالي أريد لهذه الأمة التي أُمرت ‏بالالتزام بأوامر الله إيجاباً ونهياً، زماناً ومكاناً، أن تُظهر تعظيم الشعائر في ذلك المكان كأعظم ما تُظهره حتى تصبح فعلاً الكعبة ‏بمجرد أن ينظر إليها أيّ إنسان وإلى ما يدور حولها، يتعرف إلى طبيعة هذه الدعوة، يرى مدى احترام وإيمان المسلمين ‏بشعائر هذا الدين وتطبيقهم له.

 

 

وهنا لفتة عظيمة جداً للأسف الشديد نجد أن بعض المسلمين اليوم يعتقدون أو يتوهمون، ‏بعضاً منهم يتساهل في الموضوع، ويتصور أن تعظيم شعائر البيت هذا البيت الحرام تنحصر في قضية متعلقة بقصّ الشعر أو ‏قتل الصيد أو ما شابه القضايا المتعلقة التي نصّ عليها القرآن وجاءت في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتناولها ‏الفقهاء قديماً وحديثاً، ولكن المسألة أعظم وأعمق وأكبر، الحج هو في حد ذاته في واقع الأمر أريد له أن يكون رسالة سنوية ‏عالمية تقدم للعالم أنموذجاً حياً لتعاليم الإسلام،

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة *مع الله*
      تفسير معاني مفردات القرآن الكريم (جزء عمً) الدورة مجانية 
      💻📲الدراسة بنظام الاون لاين عن طريق التليجرام من اى مكان فى العالم.
      📜 يحصل الطالب على شهادة بعد الإختبار .
      🏅بالاضافه لشهادة الشكر والامتياز لمن حصل على 95% فما فوق🏅
      🔴 للانضمام للدورات يرجى الضغط على الروابط الآتية:
      رابط صفحة التسجيل في الدورة:
      https://www.islamkingdom.com/ar/تسجيل

      رابط قناة تليجرام الدورة:
      https://t.me/al_feqh_com_ar
       

    • بواسطة امانى يسرى محمد
      في تفسير الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى ـ :‏



      "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏(‏ الفرقان‏:53)‏ .



      ذكرابن كثير ـ‏ يرحمه الله‏ ـ ما نصه‏ :...‏ وقوله ـ تعالى ـ‏ : "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي خلق الماءين الحلو والمالح‏,‏ فالحلو كالأنهار والعيون والآبار ‏.‏ قاله ابن جريج واختاره‏,‏ وهذا المعنى لا شك فيه‏,‏ فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات‏,‏ والله ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ إنما أخبر بالواقع لينبه العباد إلى نعمه عليهم ليشكروه‏,‏ فالبحر العذب فرقه الله ـ تعالى ـ بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهاراً أو عيوناً في كل أرض‏‏ بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم‏ .‏ وقوله تعالى‏: " ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي مالح‏,‏ مر‏,‏ زعاف لا يُستَسَاغ‏,‏ وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب‏,‏ البحر المحيط وبحر فارس، وبحر الصين والهند، وبحر الروم، وبحر الخزر‏,‏ وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري‏,‏ ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح‏,‏ ومنها ما فيه مد وجزر‏,‏ ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض‏,‏ فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتى ترجع إلى غايتها الأولى‏,‏ فأجرى الله‏‏‏ ـ وهو ذو القدرة التامة ـ العادة بذلك‏، فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله‏ ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء‏,‏ فيفسد الوجود بذلك‏,‏ ولئلا تجوي الأرض بما يموت فيها من الحيوان‏,‏ ولما كان ماؤها ملحاً كان هواؤها صحيحاً وميتتها طيبة ‏.ولهذا قال رسول الله‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وقد سئل عن ماء البحر‏:‏ أنتوضأ به؟



      فقال‏: "‏ هو الطهور ماؤه‏,‏ الحل ميتته‏ "‏ (رواه مسلم).



      وقوله تعالى‏: "وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً " أي بين العذب والمالح‏ .‏ وبرزخاً أي حاجزاً وهو اليبس من الأرض ."‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي مانعاً من أن يصل أحدهما إلى الآخر ، كقوله ـ تعالى ـ ‏: "‏ مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ " (الرحمن:19 –20) .



      وقوله ـ تعالى ـ ‏:"‏ وَجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ " (النمل:61) .


       
       

      وجاء في تفسير الجلالين‏ ـ‏ رحم الله كاتبيه‏ ـ‏ ما نصه ‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ "‏أرسلهما متجاورين . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ " شديد العذوبة .‏" ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " شديد الملوحة . " وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ حاجزاً لا يختلط أحدهما بالآخر . "‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً ‏" ستراً ممنوعاً به اختلاطهما‏ .


       

      وجاء في صفوة التفاسير‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ ‏ "‏ أي هو ـ تعالى ـ بقدرته خلَّى وأرسل البحرين متجاورين متلاصقين، بحيث لا يتمازجان . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ‏"‏ أي شديد العذوبة، قاطع للعطش من فرط عذوبته‏ . " وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " أي بليغ الملوحة‏,‏ مر شديد المرارة .‏"‏ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ أي جعل بينهما حاجزاً من قدرته، لا يغلب أحدهما على الآخر . ‏"‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي ومنعاً من وصول أثر أحدهما إلى الآخر وامتزاجه به‏


    • بواسطة امانى يسرى محمد
      سورة الفاتحة :



      اشتملت على التعريف بالمعبود بثلاثة أسماء مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا ومدارها عليها (الله، الرب، الرحمن )



      ابن القيم



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما الدعاء:



      توسل بالحمد والثناء على الله



      توسل لله بعبوديته



      بسم الله: استعانتك بحول الله وقوته في إنجاز أي عمل ، متبرئا من حولك وقوتك



      فتذكر هذا المعنى فهو وقود ودافع لكل خطوة في حياتك



      بسم الله



      حتى تجد أثر الفاتحة من بدايتها وبدقائق حياتك عظِّم ربك وأنت تقول ( بسم الله) ليصغر كل شيء في دنياك



      بسم الله



      نحفظ أنفسنا من كل سوء



      ونحفظ ذرياتنا من شر الشيطان الرجيم


       

      الحمد لله



      { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم }



      أليست كلمة ( الحمد لله ) دارجة على الألسن كال تنفس للهواء اليوم؟



      إنها تبعث في النفوس القوة ، فحملة العرش ومن حوله يستقوون بتسبيحهم



      بحمد ربهم ، ونحن بأمس الحاجة للاستقراء بها في رحلة الحياة الدنيا وفواجعها



      الحمد لله



      الحمد للاستغراق ، لاستغراق أنواع المحامد كلها ، فله سبحانه الحمد كله أوله وآخره



      الحمد لله



      وهو المستحق الحمد المطلق لأن له وحده الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله



      الحمد لله



      على نعم لا تٌحصى ، وأرزاق تترى



      وأخرى نراها ، وأخرى تخفى



      الحمد لله



      بالجنان قبل اللسان



      وبالأفعال والأركان



      الحمد لله



      في السراء والضراء



      في الشدة والرخاء



      طمأنينة في القلب



      ورضا في النفس



      وانشراح في الصدر



      واحتساب وأجر



      أيها المصلي تأمل وأنت تتلو


       

      ( الحمد لله رب العالمين )



      أعمل العقل وقلّب النظر



      تأمل، تفكر،تدبر



      كم بهذا الوجود مما نراه



      من صنوف بفضله شاهدات



      رب العالمين



      دلّ على انفراده سبحانه بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار



      السعدي



      فأعلن فقرك لربك في كل مرة تقرأ فيها هذه السورة لتذوق السعادة الأبدية


       

      الرحمن الرحيم



      كيف وأنت كمسلم تكررها عشرات المرات في يومك فتشعر أن ظلال الرحمة يحوطك من كل اتجاه



      وتكرار الآية يرسخ في عقلك الباطن أنك كبشر تتعامل مع رب رحيم



      الرحمن الرحيم



      الأمر لا يقف عند حد الثناء لله تعالى



      بل هو أيضاً دعاء واستحداث وطلب متكرر بأن :



      يارب ،،، يارحمن ،،،، يا رحيم



      أدخلني برحمتك التي وسعت كل شيء فلا غنى لي عنها لحظة ولا طرفة عين ولا أقل من ذلك



      فالزمن صعب والدنيا دار هموم وغموم ودار بلايا ورزايا



      آلامها ومصابها ، وتقلباتها ومفاجأتها متتاليات لا تنتهي



      ولولا دوام رحمة الله بك لهلكت



      تأمل : روعة الدمج بين الثناء والدعاء وأنت تردد ( الرحمن الرحيم )



      كدعاء غريق مضطر يعرف يقينا أنه هالك لولاها



      الرحمن على وزن فعلان يدل على السعة والشمول فهي أشد مبالغة من الرحيم


       

      الرحمن



      اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به



      متضمن لصفات الإحسان والجود والبر أي يرحم جميع الخلق



      المؤمنين والكافرين في الدنيا ، وذلك بتيسير أمور حياتهم ومعيشتهم



      والإنعام عليهم بنعمة العقل وغيرها من نعم الدنيا


       

      الرحيم



      خاص بالمؤمنين فيرحمهم في الدنيا والآخرة



      ذكر الرحمن مرة في القران



      وذكر الرحيم مرة ، أي ضعفها



      إذا كنت تثني على الله ، وتطلب منه الرحمة بهذا الإلحاح والتكرار اليومي



      فسيكون لها أثر في سلوكياتك وتعاملاتك



      فطريق الرحمة وبابها أن ترحم أنت أيضاً ، فاتصف بالرحمة مع الناس



      واعمل بها



      كُن رحيما تُرحم


       

      الرحمن الرحيم



      املأ جنبات نفسك طمأنينة وراحة وثقة وأملا



      مادمت تكررها وتتدبر أسرارها


       

      مالك يوم الدين



      أما والله إن الظلم لؤم



      إلى ديان يوم الدين نمضي



      وما زال المسيء هو الظلوم



      وعند الله تجتمع الخصوم


       

      يوم الدين



      أمل الصابرين والمحتسبين الذين جاهدوا أنفسهم على ترك المعاصي والسيئات



      وصبروا عن الشهوات وصبروا على أقدار الله المؤلمة في الدنيا



      يوم الدين



      عزاء للمظلومين والمحرومين يوم تجتمع الخصوم



      لعلك تدرك هذا السر العظيم الذي سيثمر الصبر والرضا



      والتسليم وتهدأ آلامك وجراحك وأحزانك ودموعك



      بل سيعينك على تحمّل الظلم الذي تقاسيه ، والحرمان الذي تعيشه في الدنيا



      لأنك تعلم أنك منصور



      ( مالك يوم الدين )



      هل سيجرؤ مسلم يردد هذه الآية أن يبخس حق أحد



      أو أن يظلم أحد أو أن يعتدي على عرض أحد



      ( مالك يوم الدين )



      قراءة هذه الآية يقرع جرس الإنذار عند كل تعامل مع الآخرين أن



      تنبه ،،،



      احذر ،،،،



      لا تغفل ،،،،،



      لا تنس ،،،،،



      مالك يوم الدين



      كأن سورة الفاتحة تصرخ في ضمائرنا يوميا مرات



      تذكروا يوم الدين ، وذكٍّروا الظالم بيوم الدين


       

      إياك نعبد وإياك نستعين



      قدم العبادة على الاستعانة



      لشرفها لأن الأول غاية والثاني وسيلة لها



      تقديم العام على الخاص



      تقديم حقه تعالى على حق عباده



      توافق رؤوس الآي



      وإياك نستعين



      أنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه لهذا المطلوب



      تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في



      ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      أيها المصلي وأنت تردد ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      هل تشعر بأنك تطلب العون حقاً ممن بيده ملكوت السماوات والأرض ؟



      هل تشعر بأنك صاحب توحيد وشجاعة ؟



      وأنك قوي القلب عزيز النفس ؟!



      هل تشعر بأنك قوي بالله ؟!



      اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، وأغنى خلقك بك



      اللهم أعنا وأغننا عمن أغنيته عنا



      اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك



      اهدنا الصراط المستقيم



      إذا كثرت الأقاويل ، واشتد الخلاف وتنازلت الملل والفرق والأحزاب وانتشرت الخرافات



      إذا اشتدت المحن وكثرت الفتن ونزلت الهموم والغموم وتتبع الناس الأبراج والنجوم



      إذا ضاقت الأنفاس واشتد القنوط واليأس وحلّ الضر والبأس وسيطر الشك والوسواس



      ليس لك إلا أن تردد ( اهدنا الصراط المستقيم )



      ( فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه ، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر



      فإن الله يرزقه فإذا انقطع رزقه مات ، والموت لا مفر منه ، فإذا كان من أهل الهدى كان سعيدا قبل الموت وبعده



      وكان الموت موصلا للسعادة الأبدية ، وكذلك النصر إذا قُدّر أنه غلب حتى قُتِلَ فإنه يموت شهيدا وكان القتل من تمام النعمة ، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق ،، بل لا نسبة بينهما )



      ابن تيمية



      الهداية هي



      الحياة الطيبة وأُسُّ الفضائل ولجام الرذائل



      بالهداية تجد النفوس حلاوتها وسعادتها ، وتجد القلوب قوتها وسر خلقها وحريتها



      الهداية لها شرطان :



      ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )



      (من أكبر المنن أن يٌحبب الله الإيمان للعبد ويزينه في قلبه ويذيقه حلاوته وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام ويبغض إليه أصناف المحرمات) ابن سعدي


       

      اهدنا الصراط المستقيم



      (هذا أجلّ مطلوب وأعظم مسؤول ، ولو عرف الداعي قدّر الداعي هذا السؤال لجعله هجّيراه ، وقرنه بأنفاسه



      فإنه لم يدع شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه ، ولما كان بهذه المثابة فرضه الله على جميع عباده فرضا



      متكررا في اليوم والليلة ، لا يقوم غيره مقامه ، ومن ثَمّ يعلم تعين الفاتحة في الصلاة وأنها ليس منها عوض يقوم مقامها)



      ابن القيم



      ( لهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ، فلم يصبه شرّ لا في الدنيا ولا في الآخرة ، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب ، ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء )



      ابن تيمية



      ( من هُدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل كتبه هُدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه



      وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم



      وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على هذا الصراط فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا الصراط ، حذو القذة بالقذة " جزاء وفاقا ". )



      ابن تيمية


       

      غير المغضوب عليهم ولا الضالين



      " من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى "



      " لما كان تمام النعمة على العبد إنما هو بالهدى والرحمة كان لهما ضدان: الضلال والغضب



      ولهذا كان هذا الدعاء من أجمع الدعاء وأفضله وأوجبه"



      ابن القيم



      الفاتحة نور وسرور



      قال صلى الله عليه وسلم ( لن تقرأ بحرف منها إلا أُعطيته )



      وفي الحديث القدسي ( هذا لعبدي ولعبدي ما سأل )



      فيه بشارة عظيمة : من قرأ الفاتحة بصدق وإخلاص وحضور قلب يعطيه الله ما جاء من الفاتحة من مطالب سامية ودرجات رفيعة



      الفاتحة أم القران



      " هي الكافية تكفي عن غيرها ولا يكفي غيرها عنها "



      ابن تيمية


       

      لماذا هي أم القرآن ؟



      اشتمالها على كليات المقاصد والمطالب العالية للقرآن



      اشتملت على أصول الأسماء الحسنى



      اشتملت على كليات المشاعر والتوجيهات



      سيصبح للحياة طعم آخر وأنت تردد الفاتحة بفهمك الجديد لمكامن القوة فيها


       

      لم سميت القرآن العظيم ؟



      لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص والاعتراف بالعجز والابتهال إليه في الهداية وكفاية أحوال الناكثين



      القرطبي



      توسل ووسيلة



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما دعاء



      التوسل بالحمد والثناء على الله



      التوسل إليه بعبوديته



      فهل أنت حاضر القلب والفكر بأنك فعلا تتوسل بهاتين الوسيلتين كل يوم وليلة سبع عشرة مرة



      لا شك أن ذلك سيكون له أثر في حياتك ودقائق تفاصيلها


    • بواسطة راجين الهدي
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
       
      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } .
      هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
      فإنها نزلت عليه في مبادئ النبوة، إذ كان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأمره أن يقرأ، فامتنع، وقال: { ما أنا بقارئ } فلم يزل به حتى قرأ. فأنزل الله عليه: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } عموم الخلق، ثم خص الإنسان، وذكر ابتداء خلقه { مِنْ عَلَقٍ } فالذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره، لا بد أن يدبره بالأمر والنهي، وذلك بإرسال الرسول إليهم (1) ، وإنزال الكتب عليهم، ولهذا ذكر (2) بعد الأمر بالقراءة، خلقه (3) للإنسان.
      ثم قال: { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ } أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود، الذي من كرمه أن علم بالعلم (4) .
      و { عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فإنه تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم.
      فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور، ثم من عليهم بالغنى وسعة الرزق، ولكن الإنسان -لجهله وظلمه- إذا رأى نفسه غنيًا، طغى وبغى وتجبر عن الهدى، ونسي أن إلى ربه الرجعى، ولم يخف الجزاء، بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه، ويدعو [غيره] إلى تركه، فينهى عن الصلاة التي هي أفضل أعمال الإيمان. يقول الله لهذا المتمرد العاتي: { أَرَأَيْتَ } أيها الناهي للعبد إذا صلى { إِنْ كَانَ } العبد المصلي { عَلَى الْهُدَى } العلم بالحق والعمل به، { أَوْ أَمَرَ } غيره { بِالتَّقْوَى } .
      فهل يحسن أن ينهى، من هذا وصفه؟ أليس نهيه، من أعظم المحادة لله، والمحاربة للحق؟ فإن النهي، لا يتوجه إلا لمن هو في نفسه على غير الهدى، أو كان يأمر غيره بخلاف التقوى.
      { أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ } الناهي بالحق { وَتَوَلَّى } عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟
      { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } ما يعمل ويفعل؟.
      ثم توعده إن استمر على حاله، فقال: { كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ } عما يقول ويفعل { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ } أي: لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك، فإنها { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } أي: كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.
      { فَلْيَدْعُ } هذا الذي حق عليه العقاب (5) { نَادِيَهُ } أي: أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله، ليعينوه على ما نزل به، { سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } أي: خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي: الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة، وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال: { كَلا لا تُطِعْهُ } [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين، { وَاسْجُدْ } لربك { وَاقْتَرِبْ } منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.
      وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي [ ص 931 ] عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعبث به (6) وآذاه. تمت ولله الحمد.
      __________
      (1) في ب: بإرسال الرسل.
      (2) في ب: ولهذا أتى.
      (3) في ب: بخلقه.
      (4) في ب: بأنواع العلوم.
      (5) في ب: العذاب.
      (6) في ب: وعذبه.


       
       

      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } .
      يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } كما قال تعالى: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وذلك أن الله [تعالى] ، ابتدأ بإنزاله (1) في رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرًا.
      وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.
      ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.
      { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه (2) الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين سنة.
      { تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } أي: يكثر نزولهم فيها { مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ } أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها، { حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر (3) .
      وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.
      ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].


       

      تفسير سورة لم يكن


       

      وهي مدنية


       

      __________


       

      لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)
      { 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } .
      يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: [من] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.
      { مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين (1) إلا كفرًا.
      { حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: { يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } أي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
      ولهذا قال عنها: { فِيهَا } أي: في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
      وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالا ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: [ ص 932 ] قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، { حُنَفَاءَ } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
      { وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
      ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها، { خَالِدِينَ فِيهَا } لا يفتر عنهم العذاب، وهم فيها مبلسون، { أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عرفوا الحق وتركوه، وخسروا الدنيا والآخرة.
      { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عبدوا الله وعرفوه، وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة .


       
       

      جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)


       

      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } .
      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة، لا ظعن فيها ولا رحيل، ولا طلب لغاية فوقها، { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } فرضي عنهم بما قاموا به من مراضيه، ورضوا عنه، بما أعد لهم من أنواع الكرامات وجزيل المثوبات { ذَلِكَ } الجزاء الحسن { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي: لمن خاف الله، فأحجم عن معاصيه، وقام بواجباته (1) .
      [تمت بحمد لله]


    • بواسطة راجين الهدي
      بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


       

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
       
       
      { 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .
      أي { قُلْ } قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، { هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
      { اللَّهُ الصَّمَدُ } أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } لكمال غناه { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
      فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.


       
       
       

      { 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .
      أي: { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
      { مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال: { وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
      { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
      { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
      ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه [ومن أهله].
      تفسير سورة الناس
      وهي مدنية


       
       

      1 - 6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه [ ص 938 ] يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
      فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
      وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
      وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      والحمد لله رب العالمين أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
      ونسأله تعالى أن يتم نعمته، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت (1) بيننا وبين كثير من بركاته، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.
      ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون.
       
      تابعونا في باقي السلسة لنعرف أكثر عن كلام الرحمن


       

      تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


       
       

      المؤلف : الامام السعدي


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×