اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

المشاركات التي تم ترشيحها

اتباع الصراط المستقيم

 

large.jpg

 

(وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا)

كل تلك العلاقات الإجتماعية – سلسلة العلاقات الإجتماعية و التشريعات- عهود بيننا و بين الله سبحانه و تعالى علينا الوفاء بها، و لذلك قال

( ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

وصانا بهذه القيم الإنسانية، و قد قلنا سابقا ربي عز و جل حين وصف حالة الإيمان حين قال

(وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ )

 

 

 

نور التطبيق و المنهج، فإذا صار الإنسان بالوفاء و العدل و الحق و عدم الإقتراب من الفواحش و الحفاظ على حقوق الناس ألا ينشر ذلك النور بين الناس الذين يسير فيهم و في وسطهم؟

هو في ذاته و سلوكه و تعامله سيكون نورا يمشي فعلا في االناس، و هذا المطلوب في كتاب الله عز و جل، ليس المطلوب دائما أن نتحدث و نكثر من الكلام، و تأتي الأفعال تخالف و تناقض

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ ". الآية : 2-3 من سورة الصف

 

 

ماذا يريد مني القرآن؟

 

يريد أن تكون أفعالي و تصرفاتي مرآة لإيماني الذي أؤمن به، مرآة لأقوالي، لاعتقاداتي، بذلك تصبح رسالة القرآن رسالة عالمية، لأن المؤمن إذا سار بهذا الرصيد أينما حل، في أي مجتمع، حتى و لو لم يتحدث بكلمة عن الإسلام أو عن رسالة القرآن، تحدثت أفعاله عنه، تحدثت أخلاقه، تحدثت عدالته، تحدث إنصافه و وفائه بالنيابة عنه، و هذا الذي بناه القرآن في النفوس حين بنى ذلك الجيل الأول، جيل التلقي الذي تلقى القرآن بقلبه فانعكس على سلوكه و واقعه.

 

قال

( لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)

تدبروا في الأولى قال(تَعْقِلُونَ

هنا قال (تَذَكَّرُونَ)

و في الثالثة سيقول (تَتَّقُونَ).

 

(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)الانعام

 

 

استعمال كلمة (هذا)، الطريق واضح، المنهج واضح، واضح أمام العيان، واضح أمام من يريد أن يراه، النور موجود، و لكن إن أنت لم تفتح عينك أمام ذلك النور فالمشكلة ليست في النور، المشكلة في تلك العين التي لم تفتح لتراه، و كذلك الأحكام و التشريعات في كتاب الله عز و جل.

 

 

 

فالقضية واحدة من اثنتين، لا ثالث لهما، إما صراط مستقيم و إما سبل،

السبل ما النتيجة المترتبة عليها؟

(فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)

 

 

 

التفرق، التمزق، البعد، كلما اتبع الإنسان الطرق و المناهج الأخرى التي اخترعها البشر و ابتدعها من أهوائهم و أمزجتهم، كلما ابتعد عن الصراط المستقيم، و كلما ابتعد عن الصراط المستقيم كلما زادت نسبة الانحراف بكل أشكاله. الصراط المستقيم عدل، واضح، يصل بين النقطتين، يصلك إلى ما تريد، لكن هذه السبل هي التي تكرس قضية الانحراف.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

القرآن تدبره والعمل به

 

p-quran028.jpg

 

 

(ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) )الانعام

 

 

( ثم آتينا موسى الكتاب)

الله سبحانه لم يترك البشرية يوما بدون منهج أو كتاب، ما تركها تتخبط، كل هذا المنهج و هو بطبيعة الحال قد أتى و آتى موسى الكتاب من قبل

 

تدبروا كيف يحدثنا القرآن عن كتاب موسى، لماذا هذا الحديث المتواصل، في بدايات القرآن- و نحن في السور الأولى من القرآن- لماذا الحديث المتواصل عن أهل الكتاب؟ لماذا ذلك الثناء و الذكر للتوراة و الإنجيل، هذه الكتب، لماذا؟

رسالة القرآن رسالة عالمية، و رسالة القرآن و النبي جاء ليكمل بناء تلك الرسالات، هذا بناء متكامل، و بالتالي لا ينبغي أن تقدم رسالة القرآن بمعزل عن تلك الرسالات الإيمانية، الإيمان لا يكتمل بدون الإيمان بكل الرسل

 

إذا رسالة القرآن رسالة عالمية، رسالة تعرف للأمم سابقتها من الخير، تعرف و تدرك و تؤمن.

 

 

 

 

(وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)الانعام

طبيعة هذا الكتاب مبارك، مبارك في حياة الناس، مبارك بكل ما تحمل كلمة البركة من معنى، هذا وصف القرآن.

بركة في العمر، بركة في الوقت، بركة في الرزق، بركة في الصحة، بركة حسية و بركة معنوية

ما الغرض منه؟

(فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)

 

نحن نريد الرحمة لأنفسنا كأفراد و كأسر و كمجتمعات و كأمم، نحن بحاجة لرحمة الله، تتنزل الرحمة علينا بقدر اتباعنا لهذا و تطبيقنا لهذا القرآن العظيم

 

البعض قد يقول حتى في قضية التدبر على سبيل المثال، نحن نتدبر القرآن، مطلوب منا أن نتدبر القرآن، و لكن التدبر ليس فقط قضية غاية و نقف عندها و نقول انتهى الأمر. لا! له ما بعد! ماذا بعد؟

فاتبعوه.

لا بد أن يكون بعد تدبري لكتاب الله و مع تدبري لكتاب الله اتباع، تطبيق للمنهج. أرأيت الكلام الذي ذكرناه الآن في تدبرنا لسورة الأنعام؟

هذا إن لم يطبق في حياتي سيصبح حجة علي، لا لي ، لأني عرفت فإذا عرف الإنسان شيئا عليه أن يطبقه و يلزمه، عرفت فالزم

 

و نحن ذكرنا في آيات سابقة في سورة الأنعام عن قضية الإيمان، و ذكرنا و أكدنا فيها، قلنا أن الإيمان في سورة الأنعام للتطبيق، اتباع، آمنت بكتاب الله عز و جل اتبع…

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

هلاك الامم السابقة ومصائب اليوم

أفلا نتعظ

 

 

 

maxresdefault.jpg

 

(أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) الانعام

 

لم يعد هناك حجة، على بني اسرائيل أنزلت التوراة، و على النصارى أنزل الإنجيل، و على كل أمة من الأمم نزل،

(عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا)

 

 

 

هذه من أهل الكتاب من قبلنا، و أنتم نزل عليكم هذا الكتاب، لم يعد هناك حجة، تلك الأمم تعاملت مع كتبها بطرق مختلفة ذكرها القرآن في هذه السورة و في سور سابقة، عليكم أن تتخذوا هذه النماذج و تقفوا عندها، و تقوموا بدراستها في سياقاتها و تتجاوزوا ما حصل من الانحرافات

( أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157)الانعام)

 

تدبروا في وصف القرآن

( جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ )

البينة هو الشيء البين، لا يبين، هذا القرآن بين، واضح في مقاصده، واضح في معانيه، واضح في الأوامر التي أمر بها و التشريعات، واضح فيما حرم، و فصل فيه كل شيء،

(بينة و هدى و رحمة)

 

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا

المطلوب منك أن تصدق، و التصديق يكون بالإتباع و ليس بالإعراض

( سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ )

و سوء العذاب هنا لا للحصر فقط في الآخرة، الأمم التي أعرضت عن كتبها كما حدث في بني اسرائيل و في النصارى، و قد ذكرت السورة ذلك، ماذا حدث فيها؟ حدث فيها و لا يزال يحدث ألوان من العذاب، أشكال من العذاب: تفكك في الأسر، ارتفاع في نسب الجرائم، انحلالات أخلاقية و انحرافات، أمراض فتاكة، أشكال مختلفة، أصناف مختلفة، هذه السنة ماضية في الأمم، كل أمة تؤتى كتاب و منهج و لا تحسن التعامل معه تدفع الثمن، ثمن في حياتها، ثمن في أنظمتها، ثمن في أسرها، ثمن في مؤسساتها، تدبروا معي في الآيات…

 

الآية التي بعدها قال

( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (158)الانعام )

ماذا يريدون؟

نزل على هؤلاء القوم القرآن، ماذا يريدون أكثر؟ ماذا ينتظروا لكي يؤمنوا؟

يثوبوا إلى رشدهم، يعودوا إلى خالقهم، و لذلك قال

( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)

انتهى الموضوع، نزل فيكم هذا الكتاب العظيم، أكبر آية، أعظم معجزة عرفتها البشرية، لستم بحاجة إلى أن تأتي الملائكة أو تحدث معجزات أخرى تتجدد لتحيي فيكم معالم الإيمان، و لن ينفع إذا حدثت هذه الأمور أبدا، لأن الأوان يكون قد فات، الآن الفرصة أمام البشر لكي يؤمنوا و يتوجهوا من جديد لخالقهم و يعودوا إلى رشدهم، و يعودوا لاتباع المنهج.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سبب التفرق

 

 

( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ )159 الانعام

لماذا الحديث هنا عن قضية التفرق؟

الله قال قبل قليل

(وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)

)

 

 

من أين يأتي التفرق؟ من أين يأتي التشرذم؟ من أين يأتي التمزق؟

سواء كان التمزق المذهبي أو التمزق العرقي أو التمزق الطائفي…

كل أشكال التمزق التي تعاني منها البشرية، و الآن فعلا، تعاني الأمرين، و تعاني الويلات و الكوارث من جراء ذلك التمزق، من أين؟

 

من ذلك التعامل

( كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا )

التكذيب ليس بالضرورة يكون فقط بالقول كما كان حاصل مع قريش،

التكذيب يمكن يكون بالعمل، أؤمن بالآية و لكن أطبق عكسها، أخالف،

 

ما معنى التصديق؟

التصديق أن يصدق جانب كبير مني، أن يصدق فعلي قولي، أنا أؤمن، الإيمان قائم على التصديق، فتصبح أعمالي و سلوكياتي مصدقة لما أؤمن به، ما ذكرناه، و تؤكده السورة مرة بعد مرة. ما الذي يحدث؟

( فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا)

لماذا؟

 

لأن هذا القرآن العظيم و رسالة القرآن لا تفرق، تجمع، الدين لا يفرق،

إذن لماذا الآن تحدث هذه التفرقة؟ و هذا التشرذم؟

و يدعون أن الدين هو السبب وراء ذلك التمزق!كذب!

افتراء على الله عز و جل. الدين الذي جاء به القرآن العظيم و بلغه النبي في رسالته لا يفرق و إنما يجمع، هم كانوا فرقاء و كانوا مفترقين و لكن الله سبحانه و تعالى جمع تلك القلوب على كلمة واحدة

( لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ)

من الذي ألف؟

 

الله ألف بين قلوبهم. إذن الدين الذي جاء هكذا بهذا القرآن العظيم لا يفرق، ما الذي فرق بين الناس؟ الأهواء! و قد حدث ذلك كذلك في أهل الكتاب.

ما الذي فرقهم و مزقهم شيعا و أحزابا و جماعات؟

اتباع الناس لرجالات الدين.. بعض الأحبار و الرهبان الذين كانت تناقض أفعالهم أوامر الكتاب. الدين ليس شعار و ليس لباس يلبس و لا زينة يلبس و يرتدى، الدين ليس زي يرتديه الإنسان أو شعار يكتب عليه دين أو أنا مؤمن، هي ليست كلمة و لا شعار و لا زينة، ماذا إذن؟ أفعال!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حياتى كلها لله

 

CYXiq38WQAEIyY0.jpg

 

 

 

(مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160) قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)الانعام

 

 

(مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )

تدبروا معي.. العمل، الحسنة، و السيئة، ما تفعل، أفعالك

( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)

مرة أخرى الصراط المستقيم، واضح،

( دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

التوحيد،

السورة العظيمة، ختمت بما بدأت به،

قضية التوحيد، قضية سورة الأنعام التوحيد الخالص، النقي، الصافي، الذي يبني إنسانا عدلا مستقيما يسير على الطريق المستقيم، يسير على الصراط المستقيم،

 

(أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ )،

تأملوا معي ذلك الإعلان النهائي

(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) ) الانعام

لا شريك له، أعمالي، سلوكي، أفعالي، قيامي، قعودي، حربي، سلمي، كلامي، عطائي، منعي، لمن؟

لله رب العالمين. المؤمن يعطي حين يعطي لله، و ليس لأجل الناس، يحب حين يحب لله و في الله و ليس لهوى نفسه، يبغض لله، يسعد لله، لا لأجل أحد، قمة التوحيد و الصفاء و النقاء في التوحيد، لا شريك له، لا يشرك معه أحد، لا صنم، و لا حجر، و لا بشر، و لا أحد. الشركيات متعددة لا تأخذ شكلا واحدا. أن يخضع الإنسان في حياته لمنهج سوى منهج الله عز و جل هذا يدخل في هذا الصنف

( وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )

و لذلك قال بعدها

( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي)

هل يعقل؟

الرب الذي تعرف إلينا في هذه السورة العظيمة و في كل سور القرآن‘ تعرف إلينا بنعمه، تعرف إلينا بعطائه، تعرف إلينا بآياته، تعرف إلينا بكتابه،

أتريد ربا غيره؟و هو رب كل شيء؟

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

المسؤولية الفردية في الإسلام

 

4.jpg

 

 

 

 

 

( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)الانعام

 

 

القاعدة

(وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا )

المسؤولية الفردية، مسؤولية الإنسان كفرد، لا تغني عنه جماعاته، و لا تغني عنه انتمائاته شيئا، و لا تغني عنه أبدا كل الانتمائات المختلفة التي اخترعها البشر، إذن

( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)

قمة المسؤولية الفردية…

 

أعمالك أنت مسائل عنها،

لا أحد يحملها غيرك، لا أحد يحمل عن أحد شيئا أبدا، فالقرار بيدك.

 

لماذا الحديث عن المسؤولية الفردية هنا في ختام سورة الأنعام،

ليؤكد أن قرار الإيمان قرار اختياري محض، قرار يقوم به الفرد لنفسه، لذاته، و لذلك نحن اليوم كمسلمين في كثير من الأحيان نعاني حقيقة معاناة، معانة من أين جاءت؟ جانب من جوانب تلك المعاناة أننا ورثنا الإيمان لأبنائنا و بناتنا.

 

 

ما معنى هذا الكلام؟

و لدوا في أسر مسلمة، شيئ عظيم، رائع، و لكن كان علينا كآباء و أمهات و كمربين و معلمين و مدرسين أن نقوم بدورنا الحقيقي في تعليمهم الإيمان، و ذكرنا أكثر من مرة، الإيمان التي تبنيه سورة الأنعام إيمان غير تلقيني، إيمان يبنى بناء، يغرس، يبنى هكذا لبنة لبنة، بناء كما بنته سورة الأنعام، تدبر، تأمل، نظر، بصر، سمع…يتجول الإنسان في أنحاء الكون و الطبيعة فيدرك أن كل هذه الأشياء المبثوثة من حوله آيات ناطقة، ناطقة بأي شيء؟

بقدرة الله عز و جل، بعظيم إرادته سبحانه، بضرورة التوجه إليه و الإنابة إليه و الخضوع لأمره و منهجه، و لذا قال

( ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ )

حساب البشر على الله عز و جل، المرجع و المآل إليه، إذن ما المطلوب منا؟ المطلوب علينا أن ندرك

(وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ).

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف تصبح خليفة الله على الأرض؟

 

1202219.jpg

 

 

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)الانعام)،

الآن جاء التعيين، ربي سبحانه و تعالى عيننا نحن البشر، تعيين، أمر تعيين، ما هي الوظيفة؟ خلائف الأرض. كيف يصبح الإنسان خليفة في الأرض؟

بإعمارها، بتعزيز معاني الإيمان فيها، بإقامة شرع الله فيها و منهجه، بالسير على هذا المنهج، باتباعه

(وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ )

لأي شيء؟

(فَاتَّبِعُوهُ)

 

إذن أعطى الأمر بالتعيين خليفة في الأرض، و أعطى المنهج و هو الكتاب فقال

( وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ)،

هذا المنهج،

و أراك الطريق فقال

(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ )

و لا تتبعوا السبل لأن السبل ستتفرق بكم، و عطاك إلى جانبها كل وسائل الإدراك. قال

( وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ)

لم يجعلنا سواء، كما ذكرنا

درجات.. تفاضل في الرزق، في المال، في الصحة، في القوة، في البدن، في الوجاهة، في المنزلة، في العلم، في العمر..أشياء مختلفة، و لكن هذا التفاضل الموجود بين الناس ليس لأن يتفرقوا، و لكن لأجل أن يتكاملوا.

في أي شيء؟

 

في تحقيق المعنى، الوظيفة، أن يكون خليفة في الأرض فيقيم الشرع و الكتاب و المنهج فيها، ثم كذلك هذا التفاضل فيما بينكم

(لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ )

و تدبروا في كل كلمة في الآية.

ربي سبحانه و تعالى سيختبرنا بما أتانا، و ليس بما لم يأتنا.

 

بعض الناس ينظر إلى ما ليس في يده، و لا ينظر إلى ما في يده، كارثة، بكل المقاييس،

و لذلك شاعت فيما بيننا هذه الكلمة السائدة:

العين بصيرة و اليد قصيرة..من قال هذا؟؟

ربي عز و جل يطالبك بما مكنك فيه و ما أتاك، لا يطالبك بشيء لم يؤتيك إياه.

أنت مطالب بأن تقوم بمهامتك وفق إمكانياتك التي ربي سبحانه و تعالى يعلمها ،

و لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لا يطالبك بما لم يؤتك.

 

 

بعض الناس على سبيل المثال يقول لو أن الله فتح علي و وسع علي في الرزق و في المال لأنفقت! من قال لك أن الإنفاق في المال فقط، الإنفاق له أشكال متنوعة بحسب ما أتاك الله سبحانه و تعالى من قدرة و من قوة، أنفق..أنفق من مالك، أنفق من وقتك، أنفق من خبرتك، أنفق من جهدك..

 

هناك مؤسسات و أيضا مما يلفت النظر، بعضها قد نشأ في الغرب فعلا،

القوم فيهم جوانب كثيرة من الخير يمكن أن نستفيد منها، و أن نتعلم منها،

الحكمة ضاالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها،

و نحن أولى لأن الكتاب فعلا يدعونا إلى هذا.

 

بعض المؤسسات قامت على أن قضية التبرع و الإنفاق و المساعدة و التعاون يكون بالوقت أو بالجهد، تبرع بشيء أنت تتقنه، تحسنه، تتقن على سبيل المثال فنا أو خبرة معينة، تبرع بخبرتك، علم أولاد الناس هذه الخبرة أو هذه الصنعة، علمهم، علم الناس، كلما تعلمت في حياتك علمه للآخرين، هذا إنفاق، هذه صدقة، هذا تبرع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اكتشف امكانياتك، اكتشف ذاتك

 

 

ecourse1.jpg

 

 

نعود من جديد إلى أول آية في سورة الأنعام

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)الانعام)

لماذا خلق السماوات و الأرض؟

لما جعل الظلمات و النور؟

ما خلقها سبحانه عبثا.. حاشا لله،

قال في آخر الآية – تأملوا في الترابط و التناسب بين أول آية و آخر آية-

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ )

إذن خلق السماوات و الأرض و جعل الظلمات و النور لأجل هذه المهمة، خلق كل هذا و سخر الأنعام و أعطى و كل هذا، كل ما في الكون، لأجل أي شيء؟

لأجل أن نقوم بهذه المهمة العظيمة.

 

بعض البشر للأسف ينشغل بذلك التفاوت في المراتب

(وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ)

عن مهمته التي لأجلها خلق، و لا يكف أبدا عن النظر إلى ما في أيدي الآخرين،

و لا ينظر إلى ما في يديه، هذا ما لا يريده القرآن

 

علمك في آية واحدة، قال

(لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ )

يختبرنا فيما أعطانا، فيما وهبنا، فيما منحنا من مواهب، من إمكانات، إمكانياتنا كبشر لا تتوقف عند المآل

اكتشف امكانياتك، اكتشف ذاتك، اكتشف ما أتاك الله سبحانه و تعالى

انظر فيما أعطاك و استعمله فيما يرضيه، أعطاك أولادا على سبيل المثال، أحسن تربيتهم، أحسن تذكيرهم، أحسن تعريفهم، لأن مهمة الأبوة و الأمومة لا تقف عند عمر معين، بعض الأشخاص يعتقد أن الأولاد إذا كبروا و بلغوا سنا معينا انتهى دورهم كأب أو أم، لا ينتهي هذا الدور، لا ينتهي إلا بانقطاع أنفاس الحياة ، و لا أي دور من أدوارك كإنسان لا ينتهي إلا بنهاية الحياة، إلا بآخر نفس يخرج، دورك كمربي، دورك كإنسان، دورك كمعلم، حسب إمكانياتك، اكتشف تلك الإمكانيات، انظر إلى نفسك، تأمل فيها، تأمل في الوقت الذي أعطاك الله سبحانه و تعالى، ما تستطيع أن تفعل فيه، افعل الخير، افعل الصلاح، بمعنى آخر كما جاء في سورة الأنعام امشي بالناس و في الناس بذلك النور بل كن أنت ذلك النور الذي يمشي في الناس

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ختام تدبر سورة الانعام

 

 

 

hqdefault.jpg

 

 

 

سورة الأنعام من أكثر سور القرآن التي تكلمت عن النور

نور التوحيد و الإيمان،

النور الحقيقي

أما الأنوار الصناعية التي صنعها الإنسان

للأسف ما أخرجته من ظلمات الجهل، التكبر، العناد، الفقر..

 

لازال البشر يعاني من ظلمات كثيرة

ظلمات التمزق، ظلمات الحروب، ظلمات المعاناة،

ظلمات البعد عن منهج الله عز و جل.

ما الذي سيخرجه سوى أولئك العقلاء من البشر الذين يطبقون ذلك المنهج،

ذلك النور،

الذين يدركون رسالة القرآن، و يحملونها للعالم، و يمشون بها في الناس.

 

حمل الرسالة لا يعني كما ذكرنا بالضرورة أن تحملها ككلمات

احملها في قلبك و وجدانك، احملها في عقلك، احملها في سلوكك، احملها في تجارتك، احملها في أمانتك، احملها في وظيفتك، احملها في تعاملك، احملها في الكلمة التي تقول، احملها في المسؤولية التي تحمل، احملها في الكلمة الإعلامية و في الرسالة الإعلامية التي تبلغها للناس، احملها في كل شيء تقوم به، احملها و أنت تتحدث لأنها أمانة، أمانات..

( وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا)

عهود..

 

تدبروا هذه المعاني العظيمة التي جاءت بها هذه السورة التي بحق أراد الله سبحانه و تعالى أن يوصل بها هذه الرسالة العظيمة، إخراجا للبشرية من الظلمات إلى النارإلا بهذا القرآن العظيم، إلا بالإيمان به و اتباعه منهجا في واقع الحياة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سورة الأعراف

 

مقدمة

 

%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A94.jpg

 

 

جاءت سورة الأعراف لتقدم نماذج لذلك الإنسان الذي يتحرك وفق دوافع الإيمان

يتحرك في الأرض عطاء ومنعًا خيرًا وإعمارًا وإصلاحًا، نهيًا عن الفساد والمنكر،

تحقيقًا للخير والمعروف ودعوة إليه.

 

 

بداية السورة

(المص)

الحروف المقطعة التي ذكرنا أن الله عز وجلّ جاء بها في سور عديدة وخاصة تلك السور التي بدأت بالحديث عن القرآن، صحيح أن المفسرين اختلفوا في تفسير معاني هذه الحروف المقطعة، البعض منهم قال أنها مما استأثر الله بعلمه والبعض منهم قال أنها نوع من أنواع الإعجاز لأولئك المخاطبين بهذا القرآن العظيم وخاصة أمة العرب التي نزل عليها القرآن أول ما نزل.

أن هذه الحروف التي يتألف منها هذا الكتاب العظيم هي الحروف التي تعرفون

(المص )

ولكن على الرغم من أنكم تعرفون الحروف

ولكن الإعجاز في كلماته وبيانه وجمله

وآياته وفي كل تراكيبه وفي كل أخباره وفي كل القصص التي جاء بها، إعجاز!!

 

 

ثم تدبروا الآية الأولى بعد هذه الحروف المقطعة

(كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)

الآية الأولى

(كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ)

المخاطَب به النبي صلّ الله عليه وسلم

والآية التي بعدها

(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)

الأمة التي نزل عليها القرآن.

 

نحن اعتدنا في حياتنا اليومية أي إنسان يوظف في وظيفة حتى ولو كانت بسيطة أو متواضعة يعطى جملة من التعليمات:

افعل، لا تفعل، هذه الحقوق لك، هذه ليست لك، طريقة أخذ الإجازات، كل هذه التفاصيل، – ولله المثل الأعلى – نحن عيّنا بهذه المهمة كان لا بد من المنهج فجاء التناسب بين سورتي الأنعام والأعراف

(كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ)

 

هذا أول وجه من أوجه التناسب التي تبين لنا ونحن في بداية رحلتنا مع سورة الأعراف أن هذا القرآن العظيم هو فعلًا كتاب منهج كتاب يعلمني كيف أعيش، كتاب يعلمني كيف أتكلم، كيف أتصرف كيف أنجز المهمة التي لأجلها خُلقت ليس كفرد فقط وإنما كفرد ضمن مجموعة سنأتي على الايات بعد ذلك مباشرة في سورة الأعراف وهي تتكلم عن الإنسان الذي يعيش ضمن مجتمعات مختلفة فيحدث فيها التغيير الذي أراد الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان الصالح المصلح أن يحدثه في الأرض.

وتعودنا كذلك ونحن نتكلم عن تدبر السور البحث عن مقاصد السور وقلنا أن كل سورة من سور القرآن لها مقصد عام ومقاصد بعد ذلك تأتي على التفصيل تخدم هذا المقصد العام.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مقصد سورة الأعراف

 

 

اختلف المفسرون والعلماء في تحديد مقصد سورة الأعراف اهتموا به كثيرًا،

عدد كبير من المفسرين ذهبوا إلى أنها تتحدث عن الصراع بين الحق والباطل وأرى والله أعلم أن سورة الأعراف تتحدث عن رحلة الإنسان الخليفة منذ البداية، بداية خلق آدم عليه السلام وإلى النهايات، رحلة ابتدأت بالحياة على هذه الأرض وحتى قبل أن تكون على الأرض ثم بعد ذلك حتى في تحديد مصير هذا الإنسان الخليفة بناء على ما قام به من أعمال بناء على ما أنجز من مهام على هذه الأرض تحدثت عن مصائر أمم وشعوب.

 

 

سورة الأعراف من أطول السور التي تكلمت بالتفصيل عن قصص الأنبياء

تكلمت بالتفصيل عن أشياء دقيقة ووقائع في يوم القيامة في يوم المحشر

تكلمت عن العرض، عن الأعمال، عن الموازين، عن الجزاء، عن المحاورات بين أهل الجنة وأهل النار

 

تكلمت عن الأعراف وعن اصحاب الأعراف الذين بهم سميت هذه السورة سورة الأعراف، هذا مقصد عظيم:

رحلة الإنسان الخليفة على هذه الأرض.

وفي جملة وفي ثنايا تلك الرحلة قد يأتي الكلام عن قضية الصراع أو المواجهة أو ما شباه ولكن في الحقيقة أن رحلة هذا الإنسان هي رحلة لا يمكن أبدًا أن يُدرك تفاصيل هذه الرحلة بدون أن يعلم طبيعة المهمة التي لأجلها أوجد الله سبحانه وتعالى الخلق وهذا الكون من حولنا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيكِ ونفع بكِ

 

سأعود بإذن الله لتكملة القراءة بداية الصفحة العاشرة

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ)

 

 

16602962_388280584858567_271782210750803306_n.jpg?oh=dd7832c4ea5554f7d88c1db5acbbe81f&oe=59A9415F

 

 

 

 

قال الله سبحانه وتعالى في أوائل سورة الأعراف

” كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)”

” إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ” (3)سورة الأعراف.

في واقع الأمر إن هذه الآية لا ينبغي أن تقرأ من دون الآية الثانية،

قال في الآية الأولى

فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ ” ،

والحرج في أصل الكلمة اللغوي المكان الضيق المتشابك الذي لا يستطيع السالك أن يجد فيه طريقا، شجر متشابك لا يستطيع الإنسان أن ينفذ منه، وهي كلمة تستعمل في الحسيات وهذا المعنى انتقل إلى المعنويات.

 

صحيح أن كثير من المفسرين قالوا أن الحرج يأتي بمعاني منها الضيق و الشك، ولكن الواضح من سياق الآية في كتاب الله عز و جل ومقارنة هذه الآية بآيات أخر وردت فيها كلمة الحرج وهي خمسة عشرة موضعا، هذه المواضع التي جاءت في ذات السياق عن الضيق ” وضائق به صدرك” تعطينا فكرة أن هذه الآية العظيمة نزلت عليه صلّ الله عليه وسلم في مكة وهي تسلية لقلبه الشريف

ولتبين كذلك للمؤمنين بهذا القراءن أن قضية الاتباع وتنزيل القرءان في واقع الحياة، في واقع الفرد في واقع المجتمع عملية لها كما يقال ثمرات، لها نتائج تهيئ القلوب وتهيئ العقول والأفكار لما يمكن أن يأتي به هذا التطبيق لهذا القرءان العظيم من نتائج أو ردود فعل البشر من حولك والتي قد تدخلك في نوع من الضيق، الشك، أو المشقة.

 

هذا الكتاب العظيم تتلقاه الأنفس البشرية باخلافات كثيرة وكبيرة، فهو على عالي قدره وعظمته وعلى عظيم قدر نفعه للبشرية قد لا يعبه به بعض البشر، قد لا يلتفتوا إليه، بل ويجادلوا فيه !!

بل وقد يرفضوه جملة وتفصيلا كما فعل غالب أهل مكة.

 

ولا ننسى أن السورة مكية نزلت عليه صلّ الله عليه وسلم وهو يعايش ويعاني أجواء الرفض من قبل قومه لهذا القرآن العظيم.

شيئ طبيعي أن يكون هنالك ضيق وحرج من ردود أفعال قومه صلّ الله عليه وسلم، يكفيه أنه كان يعاين ذلك الواقع الأليم القاسي وهو كان يفعل كذلك صلّ الله عليه وسلم قبل نزول القرآن إلى الحد الذي كان يفزع فيه إلى غار حراء ليخرج بنفسه من تلك البيئة الموبوئة بأمراض الجاهلية الإجتماعية والأخلاقية والنفسية والإعتقادية والفكرية

 

ولذا كان قول الحق سبحانه وتعالى ومنذ بداية نزول سورة الأعراف للنبي صلّ الله عليه وسلم مباشرة أن قضية الضيق أو الشعور بالضيق لا ينبغي أن تكون حاجزا لك عن المهمة الأساسية التي من أجلها أنت على هذه الأرض :

لتنذر به وذكرى للمؤمنين. يتضايق الإنسان، بلى، طبيعي لأنه بشر ولديه مشاعر، أحاسيس، تأتي عليه لحظات يشعر فيها بالضيق، ولكن هذا الضيق لا ينبغي أن يمنعه من إيصال رسالته، لتنذر به وذكرى للمؤمنين.

ومن الآية الثانية نعرف جليا أن هذا المنهج أنزل للإتباع، ونحن نقول مرارا وتكرارا حتى التدبر في كتاب الله عز و جل، ربي عز و جل أنزله لنتدبر فيه، هي مرحلة تليها مرحلة التطبيق والاتباع ، اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم، الأمر.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

علاج ضيق الصدر

 

16711781_388282084858417_2506722661216890120_n.jpg?oh=43aeec5ad52b73257d4781706f64193a&oe=59B3A76E

 

 

 

المطلوب مني وقد عينني الله عز وجل أن أكون خليفة في الأرض ، أن أسير رفق المنهج، أن أتبع المنهج الذي هو القرءان العظيم، ، هذا المنهج في الأساس لم يجيئ من عند النبي صلوات ربي وسلامه عليه ، النبي مبلغ عن ربه، رسول إلى البشر،

”بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ

 

 

مِنْ من ؟

من ربك.

فالإنزال لهذا المنهج العظيم من الله سبحانه وتعالى، الذي خلق، الذي قدر فهدى، الذي أعطى، الذي أنزل، الذي صنع، الذي عين، وهنا تأتي الإجابة على عشرات الأسئلة في ذهن الإنسان وهو يسير في حياته.

 

وتدبروا معي في التناسب الواضح والذي دائما ما يكون في كل سور القرءان العظيم بين أوائل الآيات وأواخرها.

في هذه السورة الكريمة كانت البداية أن لا يكون عليك أيها الرسول ومن بعده أمته حرج عليكم فيما أنزل إليكم من ربكم لأن ما أنزل هو إنذار وذكرى، وفي أواخر السورة قال

” وإذا قريء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ”

، ” واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو الأصال ولا تكن من الغافلين ”

” إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون”

ولو تدبرنا في هذه الآيات الكريمات لوجدناها هي علاج الضيق والحرج الذي نحتاجه

 

اليوم!!

اليوم كثير من الناس في زماننا الذي نعيشه رغم تطور الإنسان في وسائل التسلية والترفيه، إلا أن حالة الضيق والحرج، الحرج المعنوي، والتأفف والضجر والسآمة والملل أصبحت حالة أقرب ما تكون أن نقول عليها ظاهرة إنسانية تلازم حتى الصغير، الطفل، الكبير الذي يملك والذي لا يملك، الذي لديه فعلا ما يشتكي منه والذي ليس لديه، على الأقل ظاهرا ضجر وحرج. وأواخر السورة الكريمة تعطيني العلاج لهذا الحرج، ما هو هذا العلاج؟

 

القرءان . تدبروا، انظروا في التناسب في أولها ، قال

” فلا يكن في صدرك حرج منه ”

، إن القرءان حين يطبق وتتبعه في حياتك أنت في واقع الأمر تعالج عشرات بل كل حالات الضيق الذي يمكن أن تعترض طريقك كإنسان. الحرج مع القرءان غير موجود. إن الحرج حالة إنسانية شعورية تطرأ على الإنسان ولكنها ليست بملازمة له. وماذا أفعل حين يأتيني هذا الحرج أو الضيق، أفزع إلى القرءان ” وإذا قريء القرءان فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ” ،

 

وسنأتي على التفرقة بين الاستماع والانصات. إن العلاج للحرج هو الانصات للقرءان الكريم ، واذكر ربك، الذكر الكثير، الذكر المتواصل، أن تذكره في الرخاء والشدة، في السراء والضراء، في الصحة والمرض، في الليل والنهار، في القيام والقعود، حتى تصبح عادة وسجية لقلبك ولسانك وسائر جوارحك. الذكر لا يكون فقط باللسان، ليس تمتمة باللسان وهز رأس، هذا جزء يسير، ولكن الذكر المطلوب تحدثنا عنه سورة الأعراف وهو ذلك الذكر الذي تتحرك به المشاعر والجوارح فتصبح خاضعة للمنهج وللقرءان وسائر تعاليمه وأوامره، ذلك الخضوع والذكر الذي يحرك في الإنسان الجوارح حتى تسجد خضوعا وخشوعا، فهم لا يستكبرون عن عبادته وله يسجدون. ذكر وانصات يحرك الإنسان معنويا حتى يتحرك جسده مستجيبا لأمر الله عز و جل، والسجود هو موضع الخضوع لله والخشوع له سبحانه وتعالى.

 

وتدبروا في ذلك التناسب العجيب، الذكر الذي يفترض فيه أن يبني في الإنسان خشوع وخضوع حتى تسجد وتخر تلك الجبهة على الأرض ذلا وعبودية لله ، ولكن القرءان لا يريد فقط جباها تخر على الأرض، يريد قلوبا وعقولا تفكر وتبني، تعمل وتعمر ولكنها ساجدة لله سبحانه وتعالى في محراب الكون إعمارا وإصلاحا وعطاءا، هذه سورة الأعراف في التناسب بين أولها وآخرها.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السنن الإلهية في هلاك الأمم الظالمة

 

 

07.jpg

 

 

“إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ”

تدبروا في نفس الآية جاء بما يقابلها جاء بما يقابل ذلك الإتباع قال عز وجل

” ولا تتبعوا من دونه أولياء ” .

إتبعوا ولا تتبعوا، أمر ونهي.

إن الطريق واضح، إما أن تتبع منهجا واضحا أرسله وأنزله خالقك الذي خلق، وإما أن تتبع تلك السبل والطرق والتي سوف تتفرق بك عن سبيل الله سبحانه وتعالى.

 

كلمة ” أولياء ” لها معاني عديدة، و كلمة الولاية في اللغة وفي كتاب الله عز وجل وردت بعدة معاني ولكن سياق الآية هنا بمعنى أن يتولى شئون حياتك،

” ولا تتبعوا من دونه أولياء”،

لا تسلم زمام حياتك وشئونك وأمورك الخاصة والعامة، اقتصاد وتعامل اجتماعي وأسري، لا تسلمها لغير الله أبدا، ولا تتبعوا من دونه أولياء.

 

 

” وكم من قرية أهلكناها فجائها بأسنا بياتا أو هم قائلون ” .

وهذه هي النتيجة المباشرة لعدم اتباع ما جاء من عند الحق سبحانه وتعالى، الهلاك. وهنا تتحدث السورة عن عواقب ونتائج على الرغم من أنها لم تبدأ بعد بالتفاصيل. إن النتيجة التي ستحدث عندما يتبع الإنسان من دون الله أولياء، الهلاك، والآية هنا لا تتحدث عن هلاك أخروي أو جزاء أخروي ، لا ، بل تتحدث عن عقوبة دنيوية.

 

 

ولنا أن نتدبر لماذا جاءت الآية

” وكم من قرية ” ،

وحين يقول القرءان الكريم قرية فهذا يعني مجتمع ، يعني دولة ، يعني أمة أو حتي يمكن أن يعني شعب!

ولماذا جاء على سبيل التكثير

” وكم من قرية “؟

 

إن القرءان يؤكد لي عدة حقائق :

الحقيقة الأولى أن القرءان في أصله يخالف الفكرة السائدة الطاغية على كثير من المجتمعات المعاصرة ، فكرة الفردية. إن القرءان منذ الأصل ينظر للإنسان على أنه الفرد ضمن مجتمع، أو ضمن الأسرة.

ولذلك نجد أن معظم خطابات القرءان تبدأ بيا أيها الناس ، أو بيا أيها الذين آمنوا، خطابات لجماعات وأمم، وهنا ” وكم من قرية ” ليعطيني هذا البعد، أنك أيها الإنسان الفرد لا تعتقد ولا يمر بمخيلتك ولا لثانية واحدة أنما تقوم به من سلوك صالح أوغير صالح في حياتك لا يؤثر على بقية المجموعة أو الأفراد من حولك ، لا، كل ما تقوم به هو ليس فقط شأن يخصك أنت وحدك، لا، كل ما تقوم به سيصب في نهاية الأمر في ذلك المجتمع العام فعليك أن تتريث وأن تتعقل وأن تدرك أن الخير الذي تفعله لا يذهب هباءا، كما أن الشر الذي تفعل أو يظهر منك لا يمكن أن يذهب أثره هباءا

بدون نتائج، بدون عواقب أبدا.

 

. ولذا كانت الآية التي بعدها

” وكم من قرية أهلكناها ” ،

أي شيئ، تدبروا في عظمة القرءان وإعجازه ، أعطاني السبب منذ البداية ، قال

” ولا تتبعوا من دونه أولياء ”

لأن النتيجة الحتمية الطبيعية حين تتبع الدول والأمم والشعوب أولياء من دون هذا المنهج العظيم منهج الله سبحانه وتعالى فإن النتيجةهي الهلاك.

فجاءها نتيجة لذلك الهلاك والبأس بياتا وهم نائمون أو هم قائلون، في النهار أو في الليل أو في القيلولة أو هم يركضون أو ضحا وهم يلعبون، النتيجة واحدة، هي الهلاك.

 

تعددت وتنوعت الأساليب هي قدرة الله عز و جل وقوته سبحانه وتعالى القاهر فوق عباده. وهذه النتيجة الحتمية سيأتي تفصيلها فيما بعد، فإن سورة الأعراف ستتحدثت عن قصص أنبياء مع أقوامهم: ستتحدثت عن موسى عليه السلام وعن داؤود عليه السلام وعن لوط عليه السلام، وكل أمة من تلك الأمم والأقوام لاقت مصيرا يختلف عن مصير الأمة الأخرى، جاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون، العذاب ، فقد تنوعت وتعددت أساليبه وفي نفس الوقت تنوعت الانحرافات ولكنها كلها تدخل تحت مظلة واحدة هي مظلة إتباع من دون الله ، تولى شئون حياتهم أولياء من دون الله عز و جل. وكما سنرى في التفاصيل أن الأولياء ليسوا فقط آباء أو أصنام، أو حجارة أو ما شابه، فيمكن أن يكون الولي الذي يتولى شئون حياتي هو نفسي، هوى نفسي هو الذي يتحكم بي، ممكن ، وسنأتي على نماذج لأقوام كان الذي يحركهم ويصرفهم هو هوى النفوس لا شيئ آخر. إن الأولياء يمكن أن يكونوا متعددين، القرءان هنا يعطيني من اللحظة الأولى من الموقف السبب وراء هلاك تلك الأمم المختلفة ، صحيح قدم لي نماذج من قصص الأنبياء كما سنأتي عليها ولكن النماذج تتعدد وستتنوع ولن نقف عند زمن أو عند بيئة لأن القرءان الكريم رسالة عالمية مفارقة لحدود الزمان والمكان والبيئة فما أهلك به قوم في الزمان الغابر قد يهلك به قوم آخرون في زمان لاحق.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يظلم الإنسان نفسه ؟

 

s84sa5swizdfqz3kn9d2-22290558-1.jpeg

 

 

 

 

(فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)الاعراف

إعتراف ، ظالمين ، بأي شيء ظلم هؤلاء القوم ، ظلموا أنفسهم أولا،

كيف يظلم الإنسان نفسه ،

نحن إعتدنا حين نتكلم عن الظلم نقول أن فلانا ظلمني،

فلان يظلم الآخرين، فلان مظلوم ،

ولكن أن يظلم نفسه !

 

 

والقرءان الكريم يعطيني بعدا واضحا هنا في سورة الأعراف منذ البداية يشخص بدقة : ظلموا أنفسهم، لماذا ؟

لأن الإنسان حين ينتكس عن منهج خالقه سبحانه وتعالى ويتخذ من دونه أربابا وأولياء يصرفون له حياته وشئونه هو في واقع الأمر يظلم نفسه ، أكبر ظلم وأكبر مجال يوقعه في الظلم هو على نفسه وليس أي مجال آخر. والقرءان الكريم في هذه الآية حين يتحدث عن النفس إنما يلقي بظلال المسئولية على الفرد. أنت تظلم نفسك، ولذلك قال سبحانه وتعالى بلسان حالهم

” قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ” .

ولكن ما هي الفائدة أن يقولوا إنا كنا ظالمين وقت الجزاء، بعد نهاية الإمتحان، بعد إنتهاء الدنيا، ما فائدة هذا !

وتدبروا في الآية التي قال الحق سبحانه وتعالى فيها

 

(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8)،

فقد أنتقل مباشرة من البأس الذي وقع على تلك الأمم في الحياة الدنيا إلى الآخرة بإيجاز كعادة القرءان وعظمته في تنوع الأساليب ليعطي المخاطب بهذا القرءان وفي هذه السورة القدرة ليتنبه لما سيأتي بعد ذلك من آيات.

وحين قال سبحانه

(وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)

 

جاء بحالة الظلم في موضعين

الأول ” قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ” والثاني ” بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ” ،

وهنا خسروا أنفسهم ، وتدبر في الآية ، خسروا أنفسهم ، نحن نعرف أن الإنسان يخسر ماله، يخسر تجارة ، قد يخسر بيتا ولدا أو صديقا ، ولكن أن يخسر نفسه ! كيف يخسر نفسه ؟!

 

إن أعظم خسارة في الكون خسارة الإنسان لنفسه والآيات التي كان يظلم بها هؤلاء لم تكن مجرد آيات كتاب قد أنزل عليهم ولكن هي آيات الله الكونية المبثوثة في واقعهم.

 

إن آيات الله عز و جل لا تنحصرفقط في آيات أنزلت في كتب ، في الكتب السماوية فقط ، ولكن آيات الله سبحانه وتعالى متعددة : في النفس ، آيات في الكون، في الواقع ، آيات في الأمم السابقة والمجتمعات المختلفة.

 

هنالك نماذج كثيرة من الآيات منها كيفية هلاك بعض الأمم والمجتمعات ونزول العقاب عليهم هذه أيضا آيات لله سبحانه في خلقه.

ولكن السؤال كيف يظلم الناس بهذه الآيات ؟

ظلمون بها حين يمرون عليها مرور الإنسان الذي لا يفقه شيء ولا يعتبر، تمر الأحداث أمام عينيه دون أن يتوقف، دون أن يسأل نفسه سؤالا مشروعا تماما : لماذا حدث ما حدث ؟ و كيف حدث ؟ وكيف يمكن أن أتجنب ما حدث ؟

 

إن الأحداث والوقائع والمصائب والكوارث التي تحدث في الأمم والمجتمعات لا تحدث خبطا عشواءا، ليس هنالك خبط عشواء في حياتنا أبدا، كل شيئ يسير وفق أمر الله عز و جل، وفق سننه في كونه ، وفق قانونه في خلقه.

 

إذن هنالك خلل أدى إلى هذا الذي حدث ، وحين لا يكتشف الإنسان موضع الخلل يكون كما قالت الآية الكريمة

كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ” .

 

إذن من بداية السورة وإلى الآية التاسعة تحدثني السورة عن العاقبة ، عن النتيجة ، وتعطيني موجزا كاملا لكل ما أوردته بالتفصيل سورة الأعراف،

ما هو الموجز؟

هو رحلة الإنسان الخليفة والنتائج التي يمكن أن تكون متوقعة من تلك الرحلة إذا لم يتخذ الإنسان ربه وليا ومصرفا لشئونه ولحياته.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الكثيرين منا تتعلق قلوبهم بالدائرة الضيقة المحظورة

 

4e2f3-.jpg

 

 

في قصة سيدنا آدم وأمنا حواء عليهما السلام الدروس والعبر التي ينبغي أن يتوقف عندها الإنسان ويستحضر منها العظات والعبر عندما يسير في طريقه في الحياة.

والقصة وما مر فيها لأبينا وأمنا حواء أحداث يمكن أن تقع لكل واحد منا في كل وقت وفي كل مكان وفي كل زمان. ولكن من الوقفات التي تحتاج أن تتوقف عندها هو تلك المساحات الواسعة من المباح.

 

إن الله عز وجل حينما أعطى لآدم وحواء الحرية في أن يأكلا من الجنة ما يشاءا، إنما دل ذلك على أن دائرة المباح، ما هو غير ممنوع ، دائرة واسعة جدا وكذلك المجال الذي أعطاه الله للإنسان في مسيرته في الحياة على هذه الأرض. ولذلك جاء العلماء بتلك القاعدة :

الأصل في الأشياء الإباحة. فالمباح واسع ،

ولكن الحق سبحانه وتعالى حينما منع عنهما وهذا تكليف بالمنع قال

” ولا تقربا هذه الشجرة”

 

إن دائرة الممنوع ضيقة، وعلى الرغم من كبر دائرة المباح وصغر دائرة الممنوع إلا أن الإنسان مع وسوسة الشياطين الذين هم ليس فقط شياطين الجن ولكن كذلك من يتولونهم من شياطين الإنس يوسع على نفسه من دائرة الممنوع ولا ينظر إلى تلك الدائرة الواسعة التي حباه بها الحق سبحانه وتعالى وأتاحها له من المباحات.

وهذه قاعدة في واقع الأمر تقودنا إلى كثير من الإشكاليات التي نمر بها في حياتنا في كل شيئ ، في الطعام والشراب ، في التعامل في الإقتصاد في الأقوال والأفعال.

 

 

إن دائرة المباح واسعة ولكن الكثيرين منا تتعلق أنظارهم وقلوبهم بتلك الدائرة الضيقة المحظورة ولو أننا تسألنا في أنفسنا وحاولنا أن نحل هذه القضية لوجدنا أن المسألة ليست لأن المباح ضيق أو قليل، ولكن أحيانا لأن النفس قد جبلة بناءا على تلك الوسوسة أحيانا من الشياطين على النظر في ذلك المجال الضيق الممنوع المحظور وتركت الواسع المباح الذي فيه قطعا غنا عن كل ما هو محظور ممنوع.

 

هنالك الكثير في دائرة المباح الإقتصادية الواسعة جدا، ولكن تجد أن الكثير من الناس في زماننا وعصرنا هذا لا يبحثون عن وسائل الربح والنفع المشروع المباح بقدر ما تتعلق أنظارهم وقلوبهم وتفكيرهم في كثير من الأحيان بالوسائل الممنوعة أو على أقل تقدير الوسائل التي فيها شبهة. وقصة أبينا آدم وأمنا حواء تنبه إلى أن البشرية على هذا المزلق الخطير.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الخلافة هدف الوجود على الأرض

 

fikr_net_973441d6dbc4516524b98c8354d4f7edb8b5.jpg?itok=CLG7tEIV

 

 

 

(قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)الاعراف

هي الأرض التي تشهد مسيرة البشرية ، مسيرة الخير والشر، مسيرة إمتثال الأوامر الإلهية أو عدم إمتثالها، هي الأرض التي نعيش عليها وهي التي تمثل مسرح الأحداث. هذا المسرح هو في واقع الأمرتصنيف للمشاريع المختلفة التي أوكل الله عز وجل للبشر، إلينا ، إعمارها والقيام بها، مهام.

 

 

أذكر أنني في مرة سئلت :

ما الحكمة من طلب الله إلينا إعمار الأرض؟

ثم يأتي يوم على الأرض فتصبح صعيدا جرزا؟ وهباءا منثورا؟

كما ذكر في القرءان الكريم.

سألت السائل : هل لديك مشاريع تقوم بها؟

قال نعم،

قلت : هذه المشاريع أي كان نوعها ألا تستخدم فيها مواد خام؟

تستخدمها في المشاريع لإكمالها ثم تختبر هذه المشاريع ثم تستخدم،

وقد يهدر بعض هذه المواد وقد يعاد تدوير بعضها بعد الاستهلاك.

قلت ، ولله المثل الأعلى ، إن هذه الأرض التي نعيش عليها إن كل ما فيها من مواد سخرها الله عز وجل للإنسان ليستعملها وليعمر بها الأرض ، قال الله( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) فإذا انتهت مدة المشروع وطلب من كل إنسان ومن كل البشر أن يقدموا مشاريعهم أو أعمالهم أو ما قاموا به على وجه الأرض أمام الله عز وجل وزنت تلك المشاريع تلك الأعمال وأصبحت في موازين أصحابها إما ثوابا وإما عقابا وأصبح ما في الأرض صعيدا جرزا ، إنتهت المشاريع وانتهت القصة بأكملها.

 

إن فترة البقاء على الأرض محدودة وقد لخصت آية واحدة في كتاب الله مصير الإنسان قال سبحانه وتعالى

قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ”الاعراف 25

ولكن لا ننسى أن هذا البقاء كل البقاء على وجه هذه الأرض

إنما هو لهذه اللحظة،لذلك المشروع الذي عليك القيام به عليك إنجازه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قيمة الستر والاحتشام

 

BXRl4Y5IcAAdvRn.jpg

 

 

 

” يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ “ 26 الأعراف

هو أول خطاب يخاطب الله به بني آدم بعد تلك القصة لأبيهم ،

خطاب عن اللباس ؟؟

 

وتدبروا معي، عادة ما يخاطب الحق سبحانه وتعالى عباده ، كعادة القرءان ، بخطاب التوحيد ولكن هنا ذكرهم بقضية اللباس !

ونلاحظ في هذه الآية العظيمة العديد من الأمور :

أول أمر قال عز وجل

يَا بَنِي آَدَمَ ” ،

وفي أكثر من مرة يؤكد القرءان عملية الخطاب القرءاني ، فالقرءان ليس للمسلمين فحسب، هذا فهم قاصر جدا، وكان على من يؤمن به ، وذلك من واجبات ومقتضيات الإيمان أن يقوم بإيصال تلك الرسالة العالمية للبشر وأن يكون لديه من العلم والحكمة والكفاية ما يكتشف به أفضل الوسائل و الطرق لإيصال تلك الرسالة العالمية

 

وحين يتكلم ويحدثني القرءان هنا قال

قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً

، أول ما ذكر قال

يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ” ،

وفي قصة آدم قال

” يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ”

 

القضية في قضية اللباس هي الستر أولا ثم تأتي أغراض أخرى من مهمة اللباس. وقضية اللباس والتي تتناولها سورة الأعراف بأولوية مطلقة إذ تعد السورة بحق الوحيدة إن القرءان الكريم يجعل من ذلك التصرف قيمة أخلاقية، قيمة أخلاقية إنسانية بل يربط إنسانية الإنسان بذلك الستر وبتلك القيمة من الرغبة في الاحتشام ومواراة العوارات والسوءات عن الآخرين، لماذا؟

 

لأنها وببساطة شديدة لا تليق بإنسانية الإنسان المكرم هذا التكريم الذي كرمه به ربه جل وعلا عن باقي المخلوقات. وهذا الخطاب خطاب عالمي وأأكد على عالمية الخطاب هنا، لماذا؟

لأننا اليوم في الواقع الذي نعيش فيه اكتسحت بيوت الآزياء والموضات المعروفة، اكتسحت العالم وأصبحت عالمية لا تفرق بين المجتمعات، أصبح خطاب الموضة والأزياء والموديلات كما يطلق عليها خطاب عالمي لا يفرق بين من سيأخذ هذه الأزياء من الشرق أو الغرب، ويجب إن نلاحظ أن من يقوم على هذا الأمر ثلة أو شرذمة قليلون، وهم يقدمون هذه الأزياء للكل مسلم أو غير مسلم لأن العالم صار فيه من وسائل الإتصلات الإعلامية والتجارية والاقتصادية الكثير مما يوحده ويجعله يكاد يكون نقطة واحدة.

 

إذن القضية أصبحت خطاب عالمي وفي القرءان الكريم وفي سورة الأعراف تقدم السورة للبشرية خطابا عالميا بقيمة الستر بعكس القيمة التي يروج لها اليوم دعاة ما يعرف بالأزياء!

 

ما هي هذه القيمة التي حث عليها الله جل وعلا وطلب من الإنسان المكرم أن يوليها إعتبار في حياته، هي قيمة الستر والاحتشام بصرف النظر أنت تؤمن ، أنت لا تؤمن، أنت مسلم أو غير مسلم، أنت تلتزم بالباس الشرعي أو لا تلتزم، الستر والاحتشام هي قيمة إنسانية في ذاتها.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لا تجري وراء الموضة

 

hijab.jpg

 

 

 

. تدبروا معي في القيم التي يحرص عليها اليوم الناس في لباسهم، الحرص الأول والأكبر على قيم قام القرءان العظيم في الحقيقة لمعالجتها والنهي عنها وعدم الإلتفات إليها : التفاخر، التكاثر، التباهي والزهو، أن يزهو الإنسان بما يملك أو يلبس وحتى في بعض الأحيان يزهو بما لا يملك.

 

إن القرءان يحب الجمال وقد ذكرت قضية الزينة في هذا السياق ليؤكد لي أن قيمة الجمال قيمة أساسية في القرءان الكريم وليست بقيمة مستوردة على كتاب الله ، لا، هي قيمة موجودة في الخلق، فخلق السماوات والأرض قائم على نفع الإنسان، صحيح ولكن مع ذلك الانتفاع هنالك جمال. جعل الله عز وجل في السماء النجوم لماذا؟ بلى هي فيها فوائد ينتفع بها ولكن أيضا فيها زينة وجمال. ولأن قيمة الجمال في القرءان الكريم فيمة مهمة وضرورية فهو مبثوث في كل خلق الله : في الإنسان، في السماء، في الأشجار، في الحيوانات، في الطير، في البحار والأنهار وفي كل ما خلق الحق جل في علاه وبرأ وذرأ نجد فيه الجمال، ولكن حين يرسل القرءان رسالة الجمال يعلم بني آدم أجمعين أن الجمال كقيمة لابد وأن تتماشى تماما مع إنسانية الإنسان. تدبروا معي في هذا الخطاب الرائع، فنحن اليوم ، كل البشر، أحوج ما نكون ، وتدبروا قول الحق سبحانه وتعالى

أَنْزَلْنَا لكم

 

مادة اللباس سواءا من الريش أو الجلد أو من أي مادة أخرى، من الذي أعطى؟

ومن الذي أنزل ؟

ربي عز وجل هو الذي أنزل. أنزل سبحانه وتعالى كل ما يخطر وما لا يخطر على بالنا من المواد كلها مسخرة لبني آدم، وهذا فيه ربط واضح بما جاء في أوائل السورة الكريمة

” ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش “

 

إذن هذا التمكين من جملته ومن مقتضياته أنه جل في علاه أنزل لك هذه المواد يا أيها الإنسان.

يا أيها الإنسان المكلف الخليفة على ظهر هذه الأرض،

فكيف ستستعمل ما أنزل لك الحق وسخر لك؟

كيف ستستعمل ما مكنك فيه؟

ستستعملها في معصيته سبحانه وتعالى؟

في إيذاء نفسك والناس من حولك؟

وتدبروا معي في هذه المعاني العظيمة :

أنت حين تستعمل هذه المواد الخام كما تستعملها بعض دور الأزياء اليوم في إفساد للذوق العام، الذوق البشري والذي يميز الإنسان من سائر الخلوقات. فترى الواحد من هؤلاء رجلا كان أو إمراة يلبس أشياءا ممزقة حقيقة وليس مجازا وقد يدفع أضعاف الأسعار لذلك الثوب الممزق وحين يدفع يدفع بفخر لأنه مواكب لأحدث صيحات الموضة ولو تدبرنا في هذا المعنى لوجدنا أن هنالك إفسادا متعمدا للذوق العام للإنسان بحيث يلبس ما لا يليق بإنسانيته!

وحين نتدبر في الآية الكريمة فإن أول ما ذكر الله سبحانه وتعالى فيها أن هذا اللباس يواري سوءاتكم وهذا هو الحد الأدني في فائدة اللباس أن يواري السوءات أن يستر عورة الإنسان. ثم بعد ذلك قال والأكمل من ذلك اللباس أن يكون لباس تقوى وخشية لله فهو خير من الأول الذي هو فقط يعيد الإنسان لإنسانيته لأن الحق يريد من بني آدم أن يرتقوا إلى ما كرمهم به ، حمل الأمانة وأداء العهد الذي بينه سبحانه وتعالى وبينهم، فقال

” ولباس التقوى ذلك خير “

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلكَ خَيْرٌ

 

 

15359581282_5da9d465ea_z.jpg

 

 

 

إن جمهور المفسرين يقولون أن لباس التقوى لباس معنوي مجازي هو ما تقتضيه قضية التقوى، ولكن حين نتدبر فيه نجد أن ذلك التقابل بين اللباس الظاهري الذي يستر العورات الظاهرة المادية واللباس المعنوي لباس التقوي والذي هو أيضا يستر عورات معنوية لا ينبغي أبدا أن تكون في الإنسان الخليفة وهي كل السلبيات في الأخلاق والتي هي تصده عن التقوى.

 

وما هي التقوى ؟

هي ببساطة شديدة واختصار هي ما يقيك مما لا ينبغي من تصرفات.

إن الله عز وجل قال عن اللباس في آيات أخرى

سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ“ ،

 

فالسرابيل أو الملابس أو ما شابه تقي وتحمي الإنسان من الحر ومن البرد، وفي عصرنا مثلا رجال الإطفاء يلبسون ملابس واقية من الحريق والدخان ، ورجال الفضاء أيضا يلبسون ملابس معينة واقيه، والذي يتعامل مع المواد الخطرة في المعامل كذلك يلبس ملابس تقيه.

 

إذن ما تلبسه يقيك مما حولك مما هو ظاهر أما التقوى القلبيه أو لباس التقوى فهو لباس يقيك من أخطار أخرى معنوية ومادية في نفس الوقت مثل أمراض القلب : الحسد، الكبر ، الغل ، الشهوات، الشبهات وغيرها . فكلما كان اهتمامك بلباس التقوى قويا بارزا واضحا كلما كان نصيبك من التقوى أكبر، وكلما ازداد عندك ذلك اللباس، لباس التقوى، وهو لا يظهر للعيان كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين

” التقوى هاهنا، التقوى هاهنا “

وقد أشار لقلبه الشريف ، هي ليست ظاهرة للعيان ، هي شيئ بينك وبين الله عز وجل هو يطلع على قلبك فيجده قد تزيى بزي التقوى، قد ارتدى ذلك اللباس والزي حتى بات لباسا يحفظه و يقيه.

 

وكلما اهتممت بذلك الزي من باب اهتمامك لما ينظر الله إليه من قلبك، الناس تنظر إلى الملابس إلى ما ترتديه، ولكن الله جل وعلا ينظر إلى قلبك إلى داخلك ، ينظر إلى تلك الصدور إلى السرائر فاصلح السريرة . فإذا ما أصلحت ذلك اللباس وقاك من كل الشرور المختلفة ولابد أن يظهر ذلك اللباس وذلك الرداء الجميل برونقه وبهائه ونوره على ظاهر الإنسان على سلوكه وأخلاقه ومعاملاته. قد يكون الإنسان يرتدي أجمل الحلل وأفخم الملابس ومن أكبر دور الأزياء وقد بذل الغالي والنفيس للحصول على هذه القطعة، ولكن في داخله في واقع الأمر هذه القطعة لا تغني عنه شيئا، لماذا ؟ لأن الداخل خرب وليس له حظ من لباس التقوى، وليس هنالك في الأصل تعارض بين اللبس الخارجي واحتشامه وستره وأناقته وبين التقوى، بل بالعكس التقوى تحرك الإنسان نحو الستر والأناقة والجمال ولكن من قال أن الأناقة تعني عدم الستر؟؟ تعني الملابس الفاضحة ؟؟

 

إن الذي قال ذلك هو الذي أفسد الذوق العام في حياتنا، ولماذا يفسدون الذوق العام؟ لأن المسلمين حين تخلوا عن إيصال رسالة القرءان العالمية وما بلغوا حين قال الحق جل وعلا مخاطبا البشرية جمعاء

” يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون “ (26) الاعراف

حينها تخلوا وما قاموا بالمهمة التي أوكلت إليهم.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ

 

 

Bj1wN71CQAAGHnK.jpg

 

 

” يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ”(27)الاعراف

. فأنت حين تسلم قيادك لأولياء الشيطان يحدث ما قد حدث.

الآن وقد أصبحت قضية التعري والانحلال قضية مهمة جدا في الأناقة والأزياء

نعم هكذا ولكن لماذا ؟

لأن من تسلم قياد الأمور في واقعنا وفي مجتمعات العالم اليوم وفي البشرية جمعاء هم أولئك الذين تولوا الشيطان أو إن الشيطان قد تولاهم، والذين عرفوا الحق وعندهم دليله وأمروا بأن يقوموا بالمهمة ما قاموا بها وتخلوا عن قيادتهم

 

مرة أخرى نعود لعالمية القرءان الكريم خطاب

يَا بَنِي آدَمَ

، أنت وأنا وجميعنا مطالبون بإيصال هذه القيم والحديث عنها، والحديث ليس بالضرورة أن يكون خطبة أو رسالة شفوية أو كتب وترجمات ، لا ، لا ولكن الحديث الذي يعلمني القرءان في أكثر من موضع عنه هو أن يتجلى هذا الحديث عن القرءان في أفعالى وسلوكي وتصرفاتي كما وصفت امنا عائشة رضي الله عنها رسولنا الكريم صلّ الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين بأنه كان ( قرءانا يمشي)

 

، يجب أن يتجلى حديثي عن القرءان في تقديمينموذجا يستحق أن تنظر إليه الأمم والشعوب. إن جانبا من جوانب ما نراه ونعيشه اليوم من الجري وراء الأزياء المختلفة التي أشرنا إليها أن من تسلم زمام الأمور في هذه الأشياء المختلفة في الاقتصاد وفي العلوم وفي الإدارة في العالم بأسره هم أولئك الذين ما عادوا يحملون قيمة من القيم التي يدعوا إليها القرءان الكريم، لا يؤمنون به، فطبيعي أنهم لا يحملون هذه القيم، ولكن الذنب الأكبر على من يؤمن بالقرءان العظيم وقيمه ولم يتمكن ولم يقم بإيصال تلك الرسالة والقيم إلى العالم من خلال تحضره وتقدمه وسلوكياته، من خلال تقديمه أنموذجا فعلا يقتدى به في كل شيئ، في اقتصاده وفي عمرانه وفي أسرته وفي تعامله وفي تجارته وفي أزيائه وفي ملابسه. فما عاد ما نلبس وهو في الواقع مجرد قطعه، ولكننا في واقع الأمر لا نقوم بصناعتها!

نحن نلبس ما لا نصنع ! وإنما ما يصنعه غيرنا لنا، وهذه كارثة في الحقيقة تضاف إلى ما أشرنا إليه.

 

قال الحق عز وجل

” يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ”(27)الاعراف

إذن هي فتنة وابتلاء، ونحن اليوم ونحن نسير في طريقنا في الحياة لابد وأن نتذكرهذه المعاني العظيمة ، أن المسألة فيها ابتلاء وأن هنالك إختبار وأن الشيطان له وساوس يدخل بها على بني آدم ليفتنه !! وتدبروا في الآية الكريمة قال

” كما أخرج أبويكم من الجنة “،

وما ذكر شيء عن الجنة سوى أنه ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما، وتدبروا، إن الجنة فيها أشياء كثيرة وآدم وحواء حينما خرجا من الجنة خرجا من نعيم كبير في كل شيء ليس فقط في اللباس ولكن الآية ما ذكرت إلا قضية اللباس قال

” ينزع عنهما لباسهما”.

 

 

إن سورة الأعراف كما ذكرت سابقا هي السورة الوحيدة في القرءان الكريم التي تقف بهذا الوضوح القيمي تجاه قضية اللباس، وارتباطه بقصة أبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام، بل بوجود الإنسان الخليفة على هذه الأرض، إنسانية الإنسان، فمن جملة إنسانيته أن يكون ساترا لتلك السوءات، وقد يقول قائل :

ولماذا خلقت هذه السوءات إذا كان يجب عليه أن يسترها؟

هذا الابتلاء فتنة. أنت لا تبتلى بما هو غير موجود، أنت تبتلى بما هو موجود وبما هو غير موجود، أنت تبتلى بالمنع والعطاء. إن الأسئلة التي قد تثار متنوعة والاختبار متنوع والرب جل وعلا هو الذي يسأل ولا يُسأل سبحانه وتعالى عما يفعل ونحن نُسأل.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يتقي الانسان ولاية الشيطان

ويسلم من تسلطه عليه

 

 

 

” إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ” (27)الاعراف

أصبحت القضية ولاية الشيطان، وتدبروا معي في أوائل السورة قال الحق

” إتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون” (3).

إن إتباع الأولياء، إتباع أولياء الشيطان ،

حين يصبح الشيطان وليا للإنسان من دون الله ماذا سيحدث؟

سيحدث ما حدث ، ينزع عنه لباسه ويفعل كل ما يفعله اليوم من تشوهات في إنسانية الإنسان.

ولكن هذه الولاية ما جاءت من فراغ لأن الله سبحانه وتعالى قال

إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ “27

 

إن خروجك من واحة الإيمان ودائرة الحق إلى دنيا فيها المعصية والكفر وإلى صحراء جدباء من القيم والفضيلة والبعد عن الله عز وجل تجعل منك إنسانا معرضا لولاية الشياطين من الأنس والجن قطعا.

 

إن إيمانك بالله درع لك وحصانة حقيقية لأن الذي سيتولى شئون حياتك، لباسك، طعامك، شرابك، ما تخرجه ما تنفقه عطاؤك ومنعك زواجك وإنجابك للأبناء كل هذا سيتولاه الحق سبحانه وتعالى، هو الذي سوف يسير ويدبر لك حياتك، بينما حين يخرج الإنسان من دائرة الإيمان وواحته سيصبح معرضا لأي ولاية في كل شئون حياته؟

 

وكما ذكرنا من قبل في قضية اللباس من الذي يتحكم فيما ألبس ويفرض علي ما ألبسه ما أرتديه من لباس؟

أولياء الشيطان.

ما السبب ؟

 

أنا قد أعطيتهم ذلك الحق من خلال عدم إيماني بالله عز وجل.

إن إيماني بالله يقتضي أن يتولى الله حياتي كلها تصريفا بكل ما للكلمة من نواحي أمرا ونهيا تكليفا وإلزاما ، إن الإيمان ليس مجرد كلمة الإيمان عقيدة بيني وبين الله عز وجل وهو الذي يتولاني بالرعاية وبالحماية وبالرحمة من خلال تشريعاته وتوجيهاته.

إن البشرية اليوم تدفع أثمانا باهظة نتيجة خروجها عن أي شيء ؟

 

خروجها عن تلك الدائرة ، دائرة الإيمان ، دائرة العلاقة بالله وإن العلاقة بالله ليست شعار ولا جماعة وليست تحزب يرفع باسم، لا، العلاقة بالله أخلاقيات وسلوكيات وتعامل ، دين ، تصرفات : مالية واجتماعية وأسرية تحكم الحياة تحكم الإنسان في قلبه وحياته قبل أن تخرج إلى محيط قلبه وحياته. هذه الحقيقة ،

 

ولذا ما أعظم الآية الكريمة

” إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ” (27)الاعراف

إن كل كلمة في آيات الله في هذا الكتاب العظيم الحكيم لها معنى ولها مقصد تحققه.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

التحذير من التقليد الأعمى للآباء

المخالف لما أنزل الله

 

 

maxresdefault.jpg

 

 

 

” وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا والله أمرنا بها” (28)الاعراف

الآيات هنا لها مناسبة في حقيقة الأمر وذلك بأن الناس كانوا في الجاهلية قد ورثوا عادة سلبية لا تليق بآدمية الإنسان قالوا وجدنا آبائنا كذلك يفعلون، كانوا يطوفون حول الكعبة الحرام عراة دون ملابس رجالا ونساءا ويدعون أن ذلك العمل يتقربون به إلى الله عز وجل بزعم أنهم سيطوفون بالبيت بدون تلك الملابس التي عصوا الله سبحانه وتعالى فيها. ملابسهم التي عصوا الله فيها ينزعونها ليقوموا بالطواف بالبيت الحرام ليغفر لهم !!

 

انظروا إلى وهن وتفاهة هذا الإدعاء والزعم منهم. ولكن من جعل هذا القول الواهن والذي لا قيمة له ، هذا الإدعاء السخيف، من الذي أعطاه شرعية في الجاهلية؟

ولكن انظروا ماذا قالوا ، قالوا وجدنا آبائنا على هذا الأمر وأن الله قد أمرنا بهذا حتى يعطوا شرعية لما يقومون به تقربا إلى الله، ولكن العقل والمنطق يقول ليست الملابس الظاهرة هي التي يعصي بها الإنسان خالقه، إذا جئت فعلا للتفكر في هذا الأمر، إنما هو ذلك القلب و الجوارح هي التي إغترفت الذنب والمعصية والإثم.

 

فهل على سبيل المثال إن سرق السارق، وحتى إذا سرق مالا بسيطا لا يصل إلى حد السرقة هل سيعني ذلك أنه سيقوم بقطع يده لأنها ارتكبت معصية؟ نظرت بعينك إلى صورة محرمة هل ستقتلع عينك لأنها ارتكبت معصية ؟ أهكذا ؟ إن الملابس ليست هي التي تنزع وإنما تلك ا لجوارح القلب والعقل التي عصت أمرا هي التي تعاقب، الملابس مجرد رداء خارجي، ظاهري وهو في نفسه لا يعقل ولكنه يؤدي مهمة فقط، ولكن الجوارح هي التي إنفعلت وأثارت الأرجل التي مشت والأيدي التي بطشت واقترفت واللسان هو الذي كلم، كل هذه الجوارح تقطع لينتهي الأمر وحتى يتخلص الإنسان من المعصية ؟ لا .

 

إن ربي سبحانه وتعالى قدم لي العلاج حين أعطاني وقص علي قصة آدم عليه السلام وحواء قال

” قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ” 23 الاعراف

التوبة ، التوبة هي التي تجعل الإنسان يعود كيوم ولدته أمه، التوبة هي التي تطهرك، لباس التقوى هو الذي يسترك بالعمل الصالح ويقربك إلى ربك عز وجل. أنت لست بحاجة إلى نزع ملابس عصيت الله فيها، أنت بحاجة لنزع ذلك الإصرار والبعد عن الله سبحانه وتعالى، يكفيك أن تقترب منه وتقول ربي اغفر لي ، يكفيك أن تعلم يقينا أن لك ربا يغفر الذنوب جميعا. أنت إن تبت إلى الله عز وجل واستغفرته يغفر لك ما كان منك وما بدر عنك دون أن تكون لك حاجة في أن تنزع لباسا ظاهريا، إنما جعل لك ذلك اللباس ليستر ما أراد الله أن يستر لك.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما المقصود بالفحشاء؟

 

 

 

 

” يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد” 31 الاعراف

الزينة هنا ليست فقط معنى أجمل لباس كما يتبادر للذهن ، لا ، إن القرءان يجعل الستر، ستر العورات، والاحتشام زينة، قيمة جمالية عظيمة ، الستر جمال، ولذلك ما يشاع اليوم من أن التعري والملابس الفاضحة وهذه الأزياء هي من التحضر، فهو قطعا غير صحيح بل العكس هذا هو عنوان التخلف والجاهلية.

 

فكلما ازداد الإنسان رقيا وتحضرا ازداد تسترا واحتشاما كقيمة حقيقية للإنسان كقيمة تليق به. ولذلك يؤلمني اليوم ما نحن عليه كمسلمين لم نقدم ما هو كاف في رسالة الحشمة والستر ولم نبادر في الحقيقة ولم نستثمر في رحلة الحياة وإعمار الأرض، ولم يكن لنا قصب السبق في ريادة دور الأزياء العالمية، الدور التي تعلم الناس إنسانية الإنسان في حشمته وفي تغطيته لتلك العورات. ولن ننجح في واقع الأمر إلا إذا أدركنا وفهمنا رسالة القرءان الحقيقية، تدبروا معي في قول الله عز وجل

” قل إن الله لا يأمر بالفحشاء”28 الاعراف

 

وهنا جاء الكلام عن الفحشاء بعد أن كان الكلام عن قضية التعري ونزع اللباس

لماذا الفحشاء ؟

أنها كلمة جامعة لكل أنواع المنكرات القولية والفعلية كل أنواع الجرائم والاعتداءات ولكل الأفعال القبيحة، وهذه كلها مصدرها واحد هو ذلك الانتكاس الحقيقي عن إنسانية الإنسان. ذلك التعري في هذا المجال، ذلك السلب لآدمية الإنسان الذي هو مصدر ومفتاح لكل أزمة ولكل فاحشة ولذا قال الله سبحانه وتعالى

” إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون “(28) الاعراف

. بما أمر ربي ؟

إن ربي أمر بالقسط، والقسط أن تضع الأشياء في محلها أن تكون فعلا واضحا في قضية الألبسة وغيرها وفي كل شيء، يجب أن يكون كل شيء في موضعه ومكانه.

 

إن هذه السورة العظيمة ، سورة الأعراف، جاءت بكل هذه الآيات المحكمات لتأكيد قيمة اللباس المعنوي، قيمة التوحيد والتقوى حينما يتجلى في ما يلبس الإنسان وفيما يأكل وما يشرب وفي كل مسجد، وفي الدعاء

” أدعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون” 29 الاعراف

. إن التوحيد ليس كلمة ، وليس شعار فحسب، هو الإخلاص والإيمان الخالص بالله سبحانه وتعالى والذي يجب أن ينعكس على كل أعمال الإنسان على ما يرتديه وعلى ما يقول وعلى كل أفعاله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة *مع الله*
      تفسير معاني مفردات القرآن الكريم (جزء عمً) الدورة مجانية 
      💻📲الدراسة بنظام الاون لاين عن طريق التليجرام من اى مكان فى العالم.
      📜 يحصل الطالب على شهادة بعد الإختبار .
      🏅بالاضافه لشهادة الشكر والامتياز لمن حصل على 95% فما فوق🏅
      🔴 للانضمام للدورات يرجى الضغط على الروابط الآتية:
      رابط صفحة التسجيل في الدورة:
      https://www.islamkingdom.com/ar/تسجيل

      رابط قناة تليجرام الدورة:
      https://t.me/al_feqh_com_ar
       

    • بواسطة امانى يسرى محمد
      في تفسير الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى ـ :‏



      "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏(‏ الفرقان‏:53)‏ .



      ذكرابن كثير ـ‏ يرحمه الله‏ ـ ما نصه‏ :...‏ وقوله ـ تعالى ـ‏ : "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي خلق الماءين الحلو والمالح‏,‏ فالحلو كالأنهار والعيون والآبار ‏.‏ قاله ابن جريج واختاره‏,‏ وهذا المعنى لا شك فيه‏,‏ فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات‏,‏ والله ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ إنما أخبر بالواقع لينبه العباد إلى نعمه عليهم ليشكروه‏,‏ فالبحر العذب فرقه الله ـ تعالى ـ بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهاراً أو عيوناً في كل أرض‏‏ بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم‏ .‏ وقوله تعالى‏: " ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي مالح‏,‏ مر‏,‏ زعاف لا يُستَسَاغ‏,‏ وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب‏,‏ البحر المحيط وبحر فارس، وبحر الصين والهند، وبحر الروم، وبحر الخزر‏,‏ وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري‏,‏ ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح‏,‏ ومنها ما فيه مد وجزر‏,‏ ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض‏,‏ فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتى ترجع إلى غايتها الأولى‏,‏ فأجرى الله‏‏‏ ـ وهو ذو القدرة التامة ـ العادة بذلك‏، فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله‏ ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء‏,‏ فيفسد الوجود بذلك‏,‏ ولئلا تجوي الأرض بما يموت فيها من الحيوان‏,‏ ولما كان ماؤها ملحاً كان هواؤها صحيحاً وميتتها طيبة ‏.ولهذا قال رسول الله‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وقد سئل عن ماء البحر‏:‏ أنتوضأ به؟



      فقال‏: "‏ هو الطهور ماؤه‏,‏ الحل ميتته‏ "‏ (رواه مسلم).



      وقوله تعالى‏: "وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً " أي بين العذب والمالح‏ .‏ وبرزخاً أي حاجزاً وهو اليبس من الأرض ."‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي مانعاً من أن يصل أحدهما إلى الآخر ، كقوله ـ تعالى ـ ‏: "‏ مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ " (الرحمن:19 –20) .



      وقوله ـ تعالى ـ ‏:"‏ وَجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ " (النمل:61) .


       
       

      وجاء في تفسير الجلالين‏ ـ‏ رحم الله كاتبيه‏ ـ‏ ما نصه ‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ "‏أرسلهما متجاورين . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ " شديد العذوبة .‏" ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " شديد الملوحة . " وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ حاجزاً لا يختلط أحدهما بالآخر . "‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً ‏" ستراً ممنوعاً به اختلاطهما‏ .


       

      وجاء في صفوة التفاسير‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ ‏ "‏ أي هو ـ تعالى ـ بقدرته خلَّى وأرسل البحرين متجاورين متلاصقين، بحيث لا يتمازجان . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ‏"‏ أي شديد العذوبة، قاطع للعطش من فرط عذوبته‏ . " وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " أي بليغ الملوحة‏,‏ مر شديد المرارة .‏"‏ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ أي جعل بينهما حاجزاً من قدرته، لا يغلب أحدهما على الآخر . ‏"‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي ومنعاً من وصول أثر أحدهما إلى الآخر وامتزاجه به‏


    • بواسطة امانى يسرى محمد
      سورة الفاتحة :



      اشتملت على التعريف بالمعبود بثلاثة أسماء مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا ومدارها عليها (الله، الرب، الرحمن )



      ابن القيم



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما الدعاء:



      توسل بالحمد والثناء على الله



      توسل لله بعبوديته



      بسم الله: استعانتك بحول الله وقوته في إنجاز أي عمل ، متبرئا من حولك وقوتك



      فتذكر هذا المعنى فهو وقود ودافع لكل خطوة في حياتك



      بسم الله



      حتى تجد أثر الفاتحة من بدايتها وبدقائق حياتك عظِّم ربك وأنت تقول ( بسم الله) ليصغر كل شيء في دنياك



      بسم الله



      نحفظ أنفسنا من كل سوء



      ونحفظ ذرياتنا من شر الشيطان الرجيم


       

      الحمد لله



      { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم }



      أليست كلمة ( الحمد لله ) دارجة على الألسن كال تنفس للهواء اليوم؟



      إنها تبعث في النفوس القوة ، فحملة العرش ومن حوله يستقوون بتسبيحهم



      بحمد ربهم ، ونحن بأمس الحاجة للاستقراء بها في رحلة الحياة الدنيا وفواجعها



      الحمد لله



      الحمد للاستغراق ، لاستغراق أنواع المحامد كلها ، فله سبحانه الحمد كله أوله وآخره



      الحمد لله



      وهو المستحق الحمد المطلق لأن له وحده الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله



      الحمد لله



      على نعم لا تٌحصى ، وأرزاق تترى



      وأخرى نراها ، وأخرى تخفى



      الحمد لله



      بالجنان قبل اللسان



      وبالأفعال والأركان



      الحمد لله



      في السراء والضراء



      في الشدة والرخاء



      طمأنينة في القلب



      ورضا في النفس



      وانشراح في الصدر



      واحتساب وأجر



      أيها المصلي تأمل وأنت تتلو


       

      ( الحمد لله رب العالمين )



      أعمل العقل وقلّب النظر



      تأمل، تفكر،تدبر



      كم بهذا الوجود مما نراه



      من صنوف بفضله شاهدات



      رب العالمين



      دلّ على انفراده سبحانه بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار



      السعدي



      فأعلن فقرك لربك في كل مرة تقرأ فيها هذه السورة لتذوق السعادة الأبدية


       

      الرحمن الرحيم



      كيف وأنت كمسلم تكررها عشرات المرات في يومك فتشعر أن ظلال الرحمة يحوطك من كل اتجاه



      وتكرار الآية يرسخ في عقلك الباطن أنك كبشر تتعامل مع رب رحيم



      الرحمن الرحيم



      الأمر لا يقف عند حد الثناء لله تعالى



      بل هو أيضاً دعاء واستحداث وطلب متكرر بأن :



      يارب ،،، يارحمن ،،،، يا رحيم



      أدخلني برحمتك التي وسعت كل شيء فلا غنى لي عنها لحظة ولا طرفة عين ولا أقل من ذلك



      فالزمن صعب والدنيا دار هموم وغموم ودار بلايا ورزايا



      آلامها ومصابها ، وتقلباتها ومفاجأتها متتاليات لا تنتهي



      ولولا دوام رحمة الله بك لهلكت



      تأمل : روعة الدمج بين الثناء والدعاء وأنت تردد ( الرحمن الرحيم )



      كدعاء غريق مضطر يعرف يقينا أنه هالك لولاها



      الرحمن على وزن فعلان يدل على السعة والشمول فهي أشد مبالغة من الرحيم


       

      الرحمن



      اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به



      متضمن لصفات الإحسان والجود والبر أي يرحم جميع الخلق



      المؤمنين والكافرين في الدنيا ، وذلك بتيسير أمور حياتهم ومعيشتهم



      والإنعام عليهم بنعمة العقل وغيرها من نعم الدنيا


       

      الرحيم



      خاص بالمؤمنين فيرحمهم في الدنيا والآخرة



      ذكر الرحمن مرة في القران



      وذكر الرحيم مرة ، أي ضعفها



      إذا كنت تثني على الله ، وتطلب منه الرحمة بهذا الإلحاح والتكرار اليومي



      فسيكون لها أثر في سلوكياتك وتعاملاتك



      فطريق الرحمة وبابها أن ترحم أنت أيضاً ، فاتصف بالرحمة مع الناس



      واعمل بها



      كُن رحيما تُرحم


       

      الرحمن الرحيم



      املأ جنبات نفسك طمأنينة وراحة وثقة وأملا



      مادمت تكررها وتتدبر أسرارها


       

      مالك يوم الدين



      أما والله إن الظلم لؤم



      إلى ديان يوم الدين نمضي



      وما زال المسيء هو الظلوم



      وعند الله تجتمع الخصوم


       

      يوم الدين



      أمل الصابرين والمحتسبين الذين جاهدوا أنفسهم على ترك المعاصي والسيئات



      وصبروا عن الشهوات وصبروا على أقدار الله المؤلمة في الدنيا



      يوم الدين



      عزاء للمظلومين والمحرومين يوم تجتمع الخصوم



      لعلك تدرك هذا السر العظيم الذي سيثمر الصبر والرضا



      والتسليم وتهدأ آلامك وجراحك وأحزانك ودموعك



      بل سيعينك على تحمّل الظلم الذي تقاسيه ، والحرمان الذي تعيشه في الدنيا



      لأنك تعلم أنك منصور



      ( مالك يوم الدين )



      هل سيجرؤ مسلم يردد هذه الآية أن يبخس حق أحد



      أو أن يظلم أحد أو أن يعتدي على عرض أحد



      ( مالك يوم الدين )



      قراءة هذه الآية يقرع جرس الإنذار عند كل تعامل مع الآخرين أن



      تنبه ،،،



      احذر ،،،،



      لا تغفل ،،،،،



      لا تنس ،،،،،



      مالك يوم الدين



      كأن سورة الفاتحة تصرخ في ضمائرنا يوميا مرات



      تذكروا يوم الدين ، وذكٍّروا الظالم بيوم الدين


       

      إياك نعبد وإياك نستعين



      قدم العبادة على الاستعانة



      لشرفها لأن الأول غاية والثاني وسيلة لها



      تقديم العام على الخاص



      تقديم حقه تعالى على حق عباده



      توافق رؤوس الآي



      وإياك نستعين



      أنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه لهذا المطلوب



      تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في



      ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      أيها المصلي وأنت تردد ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      هل تشعر بأنك تطلب العون حقاً ممن بيده ملكوت السماوات والأرض ؟



      هل تشعر بأنك صاحب توحيد وشجاعة ؟



      وأنك قوي القلب عزيز النفس ؟!



      هل تشعر بأنك قوي بالله ؟!



      اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، وأغنى خلقك بك



      اللهم أعنا وأغننا عمن أغنيته عنا



      اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك



      اهدنا الصراط المستقيم



      إذا كثرت الأقاويل ، واشتد الخلاف وتنازلت الملل والفرق والأحزاب وانتشرت الخرافات



      إذا اشتدت المحن وكثرت الفتن ونزلت الهموم والغموم وتتبع الناس الأبراج والنجوم



      إذا ضاقت الأنفاس واشتد القنوط واليأس وحلّ الضر والبأس وسيطر الشك والوسواس



      ليس لك إلا أن تردد ( اهدنا الصراط المستقيم )



      ( فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه ، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر



      فإن الله يرزقه فإذا انقطع رزقه مات ، والموت لا مفر منه ، فإذا كان من أهل الهدى كان سعيدا قبل الموت وبعده



      وكان الموت موصلا للسعادة الأبدية ، وكذلك النصر إذا قُدّر أنه غلب حتى قُتِلَ فإنه يموت شهيدا وكان القتل من تمام النعمة ، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق ،، بل لا نسبة بينهما )



      ابن تيمية



      الهداية هي



      الحياة الطيبة وأُسُّ الفضائل ولجام الرذائل



      بالهداية تجد النفوس حلاوتها وسعادتها ، وتجد القلوب قوتها وسر خلقها وحريتها



      الهداية لها شرطان :



      ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )



      (من أكبر المنن أن يٌحبب الله الإيمان للعبد ويزينه في قلبه ويذيقه حلاوته وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام ويبغض إليه أصناف المحرمات) ابن سعدي


       

      اهدنا الصراط المستقيم



      (هذا أجلّ مطلوب وأعظم مسؤول ، ولو عرف الداعي قدّر الداعي هذا السؤال لجعله هجّيراه ، وقرنه بأنفاسه



      فإنه لم يدع شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه ، ولما كان بهذه المثابة فرضه الله على جميع عباده فرضا



      متكررا في اليوم والليلة ، لا يقوم غيره مقامه ، ومن ثَمّ يعلم تعين الفاتحة في الصلاة وأنها ليس منها عوض يقوم مقامها)



      ابن القيم



      ( لهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ، فلم يصبه شرّ لا في الدنيا ولا في الآخرة ، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب ، ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء )



      ابن تيمية



      ( من هُدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل كتبه هُدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه



      وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم



      وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على هذا الصراط فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا الصراط ، حذو القذة بالقذة " جزاء وفاقا ". )



      ابن تيمية


       

      غير المغضوب عليهم ولا الضالين



      " من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى "



      " لما كان تمام النعمة على العبد إنما هو بالهدى والرحمة كان لهما ضدان: الضلال والغضب



      ولهذا كان هذا الدعاء من أجمع الدعاء وأفضله وأوجبه"



      ابن القيم



      الفاتحة نور وسرور



      قال صلى الله عليه وسلم ( لن تقرأ بحرف منها إلا أُعطيته )



      وفي الحديث القدسي ( هذا لعبدي ولعبدي ما سأل )



      فيه بشارة عظيمة : من قرأ الفاتحة بصدق وإخلاص وحضور قلب يعطيه الله ما جاء من الفاتحة من مطالب سامية ودرجات رفيعة



      الفاتحة أم القران



      " هي الكافية تكفي عن غيرها ولا يكفي غيرها عنها "



      ابن تيمية


       

      لماذا هي أم القرآن ؟



      اشتمالها على كليات المقاصد والمطالب العالية للقرآن



      اشتملت على أصول الأسماء الحسنى



      اشتملت على كليات المشاعر والتوجيهات



      سيصبح للحياة طعم آخر وأنت تردد الفاتحة بفهمك الجديد لمكامن القوة فيها


       

      لم سميت القرآن العظيم ؟



      لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص والاعتراف بالعجز والابتهال إليه في الهداية وكفاية أحوال الناكثين



      القرطبي



      توسل ووسيلة



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما دعاء



      التوسل بالحمد والثناء على الله



      التوسل إليه بعبوديته



      فهل أنت حاضر القلب والفكر بأنك فعلا تتوسل بهاتين الوسيلتين كل يوم وليلة سبع عشرة مرة



      لا شك أن ذلك سيكون له أثر في حياتك ودقائق تفاصيلها


    • بواسطة راجين الهدي
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
       
      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } .
      هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
      فإنها نزلت عليه في مبادئ النبوة، إذ كان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأمره أن يقرأ، فامتنع، وقال: { ما أنا بقارئ } فلم يزل به حتى قرأ. فأنزل الله عليه: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } عموم الخلق، ثم خص الإنسان، وذكر ابتداء خلقه { مِنْ عَلَقٍ } فالذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره، لا بد أن يدبره بالأمر والنهي، وذلك بإرسال الرسول إليهم (1) ، وإنزال الكتب عليهم، ولهذا ذكر (2) بعد الأمر بالقراءة، خلقه (3) للإنسان.
      ثم قال: { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ } أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود، الذي من كرمه أن علم بالعلم (4) .
      و { عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فإنه تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم.
      فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور، ثم من عليهم بالغنى وسعة الرزق، ولكن الإنسان -لجهله وظلمه- إذا رأى نفسه غنيًا، طغى وبغى وتجبر عن الهدى، ونسي أن إلى ربه الرجعى، ولم يخف الجزاء، بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه، ويدعو [غيره] إلى تركه، فينهى عن الصلاة التي هي أفضل أعمال الإيمان. يقول الله لهذا المتمرد العاتي: { أَرَأَيْتَ } أيها الناهي للعبد إذا صلى { إِنْ كَانَ } العبد المصلي { عَلَى الْهُدَى } العلم بالحق والعمل به، { أَوْ أَمَرَ } غيره { بِالتَّقْوَى } .
      فهل يحسن أن ينهى، من هذا وصفه؟ أليس نهيه، من أعظم المحادة لله، والمحاربة للحق؟ فإن النهي، لا يتوجه إلا لمن هو في نفسه على غير الهدى، أو كان يأمر غيره بخلاف التقوى.
      { أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ } الناهي بالحق { وَتَوَلَّى } عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟
      { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } ما يعمل ويفعل؟.
      ثم توعده إن استمر على حاله، فقال: { كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ } عما يقول ويفعل { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ } أي: لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك، فإنها { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } أي: كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.
      { فَلْيَدْعُ } هذا الذي حق عليه العقاب (5) { نَادِيَهُ } أي: أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله، ليعينوه على ما نزل به، { سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } أي: خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي: الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة، وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال: { كَلا لا تُطِعْهُ } [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين، { وَاسْجُدْ } لربك { وَاقْتَرِبْ } منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.
      وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي [ ص 931 ] عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعبث به (6) وآذاه. تمت ولله الحمد.
      __________
      (1) في ب: بإرسال الرسل.
      (2) في ب: ولهذا أتى.
      (3) في ب: بخلقه.
      (4) في ب: بأنواع العلوم.
      (5) في ب: العذاب.
      (6) في ب: وعذبه.


       
       

      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } .
      يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } كما قال تعالى: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وذلك أن الله [تعالى] ، ابتدأ بإنزاله (1) في رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرًا.
      وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.
      ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.
      { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه (2) الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين سنة.
      { تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } أي: يكثر نزولهم فيها { مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ } أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها، { حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر (3) .
      وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.
      ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].


       

      تفسير سورة لم يكن


       

      وهي مدنية


       

      __________


       

      لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)
      { 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } .
      يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: [من] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.
      { مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين (1) إلا كفرًا.
      { حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: { يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } أي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
      ولهذا قال عنها: { فِيهَا } أي: في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
      وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالا ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: [ ص 932 ] قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، { حُنَفَاءَ } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
      { وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
      ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها، { خَالِدِينَ فِيهَا } لا يفتر عنهم العذاب، وهم فيها مبلسون، { أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عرفوا الحق وتركوه، وخسروا الدنيا والآخرة.
      { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عبدوا الله وعرفوه، وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة .


       
       

      جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)


       

      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } .
      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة، لا ظعن فيها ولا رحيل، ولا طلب لغاية فوقها، { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } فرضي عنهم بما قاموا به من مراضيه، ورضوا عنه، بما أعد لهم من أنواع الكرامات وجزيل المثوبات { ذَلِكَ } الجزاء الحسن { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي: لمن خاف الله، فأحجم عن معاصيه، وقام بواجباته (1) .
      [تمت بحمد لله]


    • بواسطة راجين الهدي
      بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


       

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
       
       
      { 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .
      أي { قُلْ } قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، { هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
      { اللَّهُ الصَّمَدُ } أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } لكمال غناه { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
      فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.


       
       
       

      { 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .
      أي: { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
      { مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال: { وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
      { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
      { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
      ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه [ومن أهله].
      تفسير سورة الناس
      وهي مدنية


       
       

      1 - 6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه [ ص 938 ] يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
      فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
      وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
      وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      والحمد لله رب العالمين أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
      ونسأله تعالى أن يتم نعمته، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت (1) بيننا وبين كثير من بركاته، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.
      ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون.
       
      تابعونا في باقي السلسة لنعرف أكثر عن كلام الرحمن


       

      تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


       
       

      المؤلف : الامام السعدي


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×