اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

سلسلة : روائع البيات لـ د/ رقية العلواني

المشاركات التي تم ترشيحها

لا يستوي الخبيث ‏والطيب

 

blogger-image-897998921.jpg

 

 

 

(قُلْ لَا يَسْتَوِي ‏الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ

فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

الآية هنا تعطي قاعدة عظيمة في التعاطي مع الأشياء: لا يستوي الخبيث ‏والطيب، الحرام والحلال ليسوا سواء، البيع ليس كالربا البيع حلال، أحلّ الله البيع وحرّم الربا، الخمر ليس كالماء الخمر ‏حرام والماء مباح، الخبيث ليس كالطيب، الحرام ليس كالحلال، لا،

(وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ)

 

(فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)

يا أصحاب العقول، الإنسان في القرآن كلما ازداد تعقلاً وتبصراً وإقامة لكل هذه المفاهيم العظيمة، وتفكراً وتدبراً لأن من وظائف العقل التدبر، لا يمكن أن يتدبر إنسان غير عاقل، أو ‏لديه قدرات محدودة عقلية، لا، الإنسان الذي يتفكر ويتبصر ويتدبر هو الإنسان العاقل، والإنسان الذي يترقى في درجات ‏التدبر هو ذلك الذي هو من أصحاب الألباب أو العقول الكبيرة.

 

(وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ)

المال الحلال ليس كالمال ‏الحرام، المال الحرام قد يكون كثيراً، هذا جزء من الابتلاء، الإنسان يحصل على مرتب معين، راتب شهري، مقابل عمل ‏يقوم به، حلال، ولكن قد يأتيه عرض مغري جداً اختلاس رشوة، ما شابه ربا، يزيد أضعاف مضاعفة على ذلك المال، عليه ‏أن يستذكر هذه الآية العظيمة

(قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ)

لأن الناس تجري وراء ‏الكثرة، المليون ليس كالألف، طبيعي!

ولكنك إذا أدركت أن ذلك المليون بخبثه وبما فيه من دنس سيحرق حياتي، سيدمر ‏حياة أسرتي وعائلتي، ستعف نفسي عنه، وسأرضى حينها بذلك القليل، الألف، وأدرك تماماً أن الله سبحانه وتعالى سيجعل فيه ‏من البركة ما يكفيني ويزيد، أكثر بكثير من هذا الحرام، فلا أحدّث نفسي أبداً بالاقتراب من الحرام، هذا هو الفرق بين ‏الخبيث والطيب. كما أن أي إنسان مسلم الآن ولا نبالغ في ذلك، الآن غالبية إن لم نقل كل المسلمين، لو تضع له في طبق ‏لحم خنزير طهي بأحسن الطرق ووسائل الطهي والطبخ مزيّن بكل الأشكال والأنواع لا يمكن نفسه تحدثه بأن يقترب منه، هناك ستار وحاجز كثيف يمنعه من أن ينظر حتى إليه، نفسه تعافه، لا رائحة ولا طعم ولا لون ولا شكل لماذا؟ نفسه اعتادت على هذا.

 

ربي سبحانه في سورة المائدة يريد منا أن يقيم ذلك الحاجز القوي السد المنيع بيننا وبين الحرام، ولذلك ‏جاءت لفظة الخبيث هنا، الخبيث هنا بمعنى الحرام. فهذا الحرام الخبيث لا بد أن يقام في نفسي حاجز نفسي الآن عندي أنا ‏كمؤمن تجاه ذلك الخبيث، فمهما كثر لا يمكن أن تحدثني نفسي أن تمتد يدي إليه. وأنا أقول: أن بناء هذا الحاجز النفسي ‏في نفوسنا ونفوس أبنائنا وشبابنا يحتاج إلى زاد من التقوى، يحتاج إلى زاد بنته هذه السورة العظيمة.‏

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وقفة مع آية

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ

إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ )

 

 

 

 

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ‏الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)

في قصة بني إسرائيل في قضية البقرة في سورة ‏البقرة، بنو إسرائيل عُرف عنهم كثرة السؤال، يسألون ما لونها، ما هي، كيف هي؟ أسئلة كثيرة!

كثرة الأسئلة في الدين ‏ليست هي التي تبني ذلك الحاجز الذي أراد القرآن بناءه في نفس الإنسان المؤمن بينه وبين الحرام، كثرة السؤال ليست هي التي تزيد في نصيبك من التقوى، وإنما الوقوف بالضبط عند أمر القرآن الأمر والنهي، تماماً، ولذلك حتى توقيت ‏السؤال ينبغي أن يكون وفق ما أمر الله سبحانه وتعالى

(وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا)

 

إذاً الأشياء التي سُكت عنها وسَكت عنها التشريع هو ما سكت عنها نتيجة لعدم معرفة أو إغفال لها، ولا نسيان حاشا لله ‏سبحانه وتعالى!

ولكن هذه المنطقة من عدم إبداء الكلام فيها أو تناولها مقصودة لذاتها، فكثرة السؤال أو التنقيب عن ‏الشيء الذي لا ينبغي السؤال عنه لن يزيد في رصيدك الإيماني ولن يزيد في رصيد التقوى، لأن هناك كثير من الناس يزيد ‏في جانب التنطّع إلى حد التنطّع كثرة السؤال عن التفاصيل والدقائق بشكل بحيث يخرجه فعلاً عن الحكمة من التشريع أو ‏المقصد من ذلك التشريع، ونحن نهينا عن كثرة السؤال وقيل وقال. بنو إسرائيل هم الذين كانت عندهم هذه الإشكالية، فعلينا الحذر والتنبه لهذا، ولكي تحدث عندي هذه القضية قضية ‏الحذر أحتاج أني حين أسأل أتفقد نيتي من السؤال أنا لماذا أسأل؟ من باب التعلم؟ من باب التقرب لله سبحانه وتعالى؟ من ‏باب البحث عن رخصة؟ من باب أي شيء؟ من باب إبداء الرأي وإبداء الأفضيلة أو إبداء أني أنا أعرف؟ أو من أي باب؟

 

‏لأن الأبواب كثيرة والله سبحانه وتعالى جعل هذا الباب واحدًا قال

(تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ)

القرآن كان ينزل ‏في أوقات محددة معينة، ولكن الآن هو نزل، وهذا هو الترتيب الذي جاء به ونزل به القرآن العظيم كما هو الآن هو هذا ‏الترتيب، كما هو عليه الآن بين أيدينا، فنحتاج أن ندرك هذه الرسالة، وأن نتأدب بأدب القرآن العظيم،

ولذلك قال:

(قَدْ ‏سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ)

الكلام هنا إشارة إلى بني إسرائيل الذين كانوا يكثرون من السؤال، والتفاصيل، ولكن تلك التفاصيل لم تقربهم إلى الله، ‏تلك الأسئلة لم تجعلهم إلى الله أقرب، بل كانوا من الله أبعد.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نصيحة.. لا تكن إمعة لأحد

 

 

maxresdefault-8.jpg

 

(مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ‏يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)

تشريع بغير دليل، تحريم، يشقّون أُذن الناقة أو الأنعام ثم يطلقون أنها هذه حرام، يسيّبون الناقة فترة من الزمن، ثم يقولون: لا ‏هي حرمت علينا لا تُركب ولا تؤكل ولا تُذبح ولا، أشياء ما أنزل الله بها من سلطان!!

 

الذي يملك حق التشريع هو الخالق ‏الذي خلق فقط، ولذلك قال:

(يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ)

وتدبروا معي!

في تلك المعالجة القرآنية الرائعة لأكبر عائق يمكن أن يقف بين الإنسان وبين التشريع، وإذا قيل لهم: رغم أن ‏الكلام في سياق الحديث عن الجاهلية، ولكن الكلام حتى وهو في هذا السياق هو نزل إلينا، نزل تحذيراً من الوقوع في هذه ‏الإشكاليات، قال:

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ ‏لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)

 

كثير من الناس يتركون أوامر الله عز وجل ومنهج الله سبحانه، وتشريعاته لأنهم اعتادوا على تشريعات ومناهج في البيئات ‏التي نشأوا فيها سواء كانت تلك البيئات بيئات الأسرة، أو بيئات المجتمع وضغوط المجتمع، أو ضغوط الإعلام، أو أي ‏شيء آخر، (حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)

 

عليك أن تختبر المنهج الذي تسير وفقه في هذه الحياة، مجرد أن أهلي وعشيرتي وقرابتي أو كل الناس، بعض الناس وخاصة في ‏زماننا يلهثون وراء رأي الأغلبية، يسيرون وراء الأكثرية كما قلنا في لقاء سابق (لا يكن أحدكم إمّعة) الإمعة الذي ‏يتبنى منهج الأكثرية إن أحسن الناس أحسنوا، وإن أساءوا أساء، شيء من التبعية. القرآن يريد أن يصنع إنساناً له استقلالية ‏في ذاته، استقلالية في تفكيره، استقلالية في اختياره للمنهج الذي يسير عليه في حياته، هذه الاستقلالية ليست استقلالية ‏فوضى، وإنما هي استقلالية مبنية على شعوره بالمسؤولية، فهو لأنه يدرك طبيعة المسؤولية حين يختار عليه أن يحسن الاختيار، ‏وما الذي يكون أحسن اختياراً مما يختاره الله سبحانه وتعالى لك وأنزله إليك، ولذلك الآية التي جاءت بعدها تؤكد هذا المعنى، قال:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ ‏تَعْمَلُونَ)

 

كثير من الناس خاصة في زماننا هذا أصبح لديهم قضية الجري وراء قول الأكثرية، ربما يفعل أحياناً شيئاً معيناً ليس لأنه على ‏قناعة فيه، أبداً، ولكن لأنه يرى أن أكثر الناس يقومون به.

 

اختيارك للهدى، لطريق الهدى هذا اختيار ينبغي أن يكون اختيارًا فرديًا، مبنيًا على قناعة تامة، وليس مبنيًا على طريقة ولا ‏على مقياس الأكثرية والأغلبية. وهذه الآية كما فهمها البعض حتى في العصور الأولى: أن لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ‏إذاً أنا لا دخل لي بالناس لا آمر بالمعروف ولا أنهى عن المنكر، إطلاقاً!

 

لا تعارض بينهما: أنت تقوم بواجبك، تقوم بما أمر الله ‏سبحانه وتعالى من تبيان للحق، المنهج واضح، لأن الآية لا ينبغي أن تقرأ بمعزل عن الآيات الأخرى، التي تحض على الأمر ‏بالمعروف والنهي عن المنكر في نفس السورة التي عابت على بني إسرائيل

(كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا ‏كَانُوا يَفْعَلُونَ)

مطلوب منك تماماً أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولكن في نفس الوقت عليك أن تدرك أن المسؤولية المباشرة تقع ‏عليك على نفسك

(لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ).

 

وإذا رأيت بعد ذلك أن الناس قد اختاروا من حولك منهجاً آخر، فعليك دائماً أن يكون التركيز والمقياس هو الاختيار ‏الذي أنت اخترت، وليس النظر إلى الناس، مقياس خطير جداً أن تجعل مقياس الصحة لديك في الأمور بحسب ما ينظر إليه ‏الناس، أو من خلال منظار الناس من أخطر الأمراض، من أخطر الأشياء التي لا بد من تداركها.‏

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سنة كتابة الوصية

 

 

DSonanM2-037.jpg

 

 

ذَلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108) سورة المائدة

 

القرآن يعلمنا كيفية تطبيق أحكامه ‏وتشريعاته من خلال جزئيات الحياة والمواقف التي نتعرض لها، فالموقف الذي نتعرض له في قضية الشهادة والوصية، فماذا ‏تكون النتيجة؟

(وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ)

لا تكتم الشهادة، وكما أن الإشهاد على الوصية في حال الموت وما شابه قضية خطيرة وحساسة جداً لا يجوز للإنسان أن ‏يكتمها، كذلك تعاليم شريعة الله عز وجل وأوامر الله ونواهيه، هذه شهادات وأمانات لا ينبغي أن تُكتم أبداً.‏

(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)

ربط هذا الموقف موقف قضية الشهادة وهو قضية متعلقة بمواقف معينة حياتية يعيشها الناس، لكن يحتاجون إليها، وهي ‏تحصل مع كل إنسان، والمفترض من كل إنسان صغيراً كبيراً فقيراً غنياً رجلاً امرأة، أن يكون له وصية، وأن يُشهد على ‏هذه الوصية، الوصية لا تتعلق بالمرض فقط، كما يعتقد بعض الناس، بعض الناس لا يكتب الوصية إلا إذا مرض، أو أحسّ ‏بدنو أجله، ولكن نحن نعلم تماماً أن الموت لا يعلمه إلا الله، ساعة الرحيل لا يعلم بها إلا الله، فعلى العاقل المؤمن ألا ينام ليلة ‏كما روي عن كثير من الصالحين، إلا ووصيته فعلاً تحت وسادته مستشعراً أن الموت قد يأتي في أيّ لحظة، هذا جزء من ‏أداء الأمانة، ثم تدبروا معي في ذلك الربط العظيم

(يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ ‏أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)

الرسل تُجمع وأماناتهم ووصاياهم كانت متعلقة بأداء رسالات الدين، وأشهدوا الله عليها، وأشهدوا أنهم قد قاموا بإبلاغها ‏للناس، ولذلك النبي صلّ الله وعليه وآله وسلم كان يقول في حجة الوداع:

“اللهم هل بلّغت، اللهم فاشهد”.

أشهد الله على أنه قد بلغ الرسالة، فهذه وصايا

(وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا)

 

 

كيف تكون التقوى؟

 

التقوى بالاستشعار بالمسؤولية.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لا تصدق كل ما تسمع

 

 

 

397416_543242485687755_256215765_n.jpg

 

 

(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ ‏لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)

تدبروا معي في ذلك الخلق القرآني الراقي الذي يمليه القرآن هنا في أنفسنا، خلق المساءلة خلق التأكد التحقق من الأخبار، ‏ربي عز وجل علام الغيوب، ويعلم ماذا قال عيسى عليه السلام ولكن هو جاء بها بصيغة السؤال هنا.

 

الآيات تتكلم عن ‏عقود آيات سورة المائدة، آيات سورة المائدة تتكلم كذلك عن مناظرات ممكن أن تكون مع اليهود ومع النصارى، قضية ‏التحقق والتأكد والسؤال عنصر مهم جداً في قضايا العهود والوفاء بها والالتزام بها، عنصر مهم في قضية الشهادة التي ‏ذكرها القرآن قبل قليل، أدب قرآني مهم جداً لا بد أن نتعلمه. عشرات، مئات، أكثر من مشاكلنا الأسرية والاجتماعية ‏تحدث نتيجة لأخذ الأخبار دون التحقق منها، ليس هناك عملية تحقق كما جاء في سورة النور على سبيل المثال، يقول الله ‏سبحانه وتعالى عن قضية الإفك (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) الإنسان لا يتلقى باللسان، الإنسان يسمع بالأذن، ولكن لتأكيد هذا المعنى العظيم أن الناس حين سمعوا هذه القضية ما أعطوا لأنفسهم فرصة الاستماع، ولا التحقق ولا التأكد مباشرة تلقوه وعلى اللسان مباشرة بالنشر والإشاعة، أخطر شيء! وهي ظاهرة خطيرة جداً تهدّ قيم العقود والالتزامات والعلاقات ‏البشرية، لا تستقيم العلاقات البشرية بهذا النهج دون نهج التحقق!

 

وتدبروا معي حتى في نهاية الآيات

(فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)المائدة

ليعطي هذا المعنى في هذه القضية، الله رقيب، رقيب على الكلمات التي نسمعها، رقيب على الكلمات التي نتلفظ بها، شهيد على كل شيء، وتدبروا كم مرة ذكرت قضية الشهادة، كما ذكرنا التناسب بين قضية العقود والشهادة، والوفاء ‏بالالتزامات والعقود والمواثيق وأن الله هو الشهيد عليها، كل العقود كل الالتزامات مكتوبة غير مكتوبة مسموعة غير ‏مسموعة كلها الذي يشهد عليها هو الله سبحانه وتعالى

 

(وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)

قاعدة عامة.‏

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

12.jpg

 

 

مقاصد سورة الأنعام

 

سورة المائدة قلنا إنها سورة المواثيق والعقود، سورة العهود، وأعظم ميثاق بين الإنسان هو ذاك الميثاق بينه وبين خالقه عز وجل، عقد الإيمان، عقد التوجه لله سبحانه وتعالى عقد الخضوع والاستسلام،

وسورة الأنعام هي السورة التي تحدثنا عن كيفية تجديد ذلك الإيمان، تجديد العقد، وبناء العقد، السورة تتحدث عن الإيمان بالله، السورة تعرض وتدافع بقوة باستعمال وسائل عديدة متنوعة تارة تخاطب الوجدان، وتارة تخاطب العاطفة، وتارة تخاطب الفطرة، وتارة أخرى تخاطب العقل، لأي شيء؟

لأجل أن تستجيش نوازع الإيمان في نفس الإنسان. في نفس الوقت وقد يقول قائل: هذا إذا كان الإنسان ليس لديه إيمان،

ولكن ماذا لو أن الإنسان مؤمن مثل حال المسلمين اليوم؟

نحن نؤمن بالله سبحانه وتعالى نؤمن بوجوده إذاً فما هدف سورة الأنعام،

وماذا تحقق هي سورة الأنعام حين أقرؤها، ماذا تحقق؟

سورة الأنعام تجدد فيك الإيمان، الإيمان وذكرنا هذا في مرة سابقة يخلق، ونحن تعودنا حتى في حياتنا اليومية على أن نجدد كثيرًا من الأشياء نجدد أحياناً حتى في المظهر أحياناً في الملبس، أحياناً في المشرب، أحياناً في البيت، أحياناً فيما نأكل، الإنسان يبحث أحياناً كثيرة عن التغيير، التغيير الإيجابي بطبيعة الحال، هذا التغيير يحدث لدى الإنسان نوعًا من أنواع التجدد يبعد عنه الملل، يبعد عنه السأم، يجدد، يحرك المياه حتى تعود المياه من جديد تجري بانسيابية – ولله المثل الأعلى – الإيمان في قلوبنا، والعلاقة بيننا وبين الله سبحانه وتعالى تحتاج إلى تجديد، التجديد في هذه السورة بكل الوسائل التي جاءت في السورة، بكل الآليات والمناهج العظيمة التي قدمتها سورة الأنعام، لتعلمنا جميعاً آباء، أمهات، مربين، معلمين، أساتذة يدرسون العقيدة والتوحيد ومباحث العقيدة، سورة الأنعام تعلمنا كيف ندرس الإيمان، كيف نعلم الإيمان، كيف نتعلم الإيمان أولاً في نفوسنا، وكيف نعلّم الإيمان لغيرنا، لأبنائنا، للصغار، للكبار، وهل الإيمان يُتعلم؟

أكيد. الإيمان ليس فقط مجرد إحساس أو شعور، ليس مجرد تصديق فقط لا، الإيمان تصديق وشعور إحساس، وعمل بالجوارح، وسلوك وأفعال، وتغيير وإصلاح، هذا الإيمان الذي تؤكده سورة الأنعام. سورة الأنعام توضح لنا كل معاني الإيمان كل مباحث الإيمان، معاني الإيمان الذي يريد الله سبحانه وتعالى أن يكون فينا.

 

سورة المائدة لاحظوا في أول آية فيها خاطبت المؤمنين فقالت:

(;يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)[المائدة:1].

وسورة الأنعام تبني فينا كيف يكون الوفاء بالعقود، وأعظم عقد ذلك العقد بيننا وبين الله سبحانه وتعالى نقطة جديرة بالوقوف عندها،

وتدبروا الآن في التناسق بين الآيات آخر آية في سورة المائدة

يقول فيها الله عز وجل:

(لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير)[المائدة:120].

الآن سورة الأنعام أول آية فيها تبدأ بالتحميد:

(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ)[الأنعام:1].

 

إذاً ربي سبحانه وتعالى هو ليس فقط مالك متصرف في السماوات والأرض وما فيهن، ولكنه أوجد من العدم، خلق على غير مثال سبحانه!

(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون);[الأنعام:1].

 

منذ أول آية في السورة السورة تبين لي فظاعة الكفر،

(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون)[الأنعام:1]

بشاعة الشرك والانحراف في عقيدة الإنسان وعلاقة الإنسان بربه. علاقة الإنسان بربه مبنية على التوحيد أساسها التوحيد، تريد أن تجدد إيمانك بالله سبحانه وتعالى اقرأ في هذه السورة العظيمة بتدبر، بتمعن، لتتجدد فيك معاني التوحيد، فإذا ما تجدد التوحيد تجدد كل شيء في حياتك، أصبح حتى العبادة لها طعم لها لذة خاصة، يستشعرها ذلك المؤمن الذي جدد الإيمان في القلب، ولذلك نحن مطالبون بالإكثار من “لا إله إلا الله محمد رسول الله” كلمة التوحيد الخالدة ليست مجرد كلمة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الظلمات المعنوية

 

(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون)[الأنعام:1].

لماذا ذكر الظلمات هنا والنور؟

الظلمات كما نعلم وكذلك المنكر: حسي ومعنوي،

هناك ظلمة حسية، الآن حين تطفأ الأضواء أو تطفأ الكهرباء وينقطع التيار الكهربائي يصبح الإنسان في ظلام حسي حقيقي، لا يبصر ولا يرى معه الأشياء من حوله ولا شيء، ولا يكاد يتبين الطريق الذي يمشي فيه.

النور يتحقق حين يكون هناك إضاءة، وهذه قدرة العين التي وهبنا الله سبحانه وتعالى على إبصار الأشياء بهذه الطريقة تعمل.

 

وهناك الظلمات المعنوية، والظلمات هنا وذكر الظلمات في أول آية في سورة الأنعام ربي عز وجل يبين لنا فيها: أن الظلمات ظلمات الكفر والشرك بالله سبحانه وتعالى من أول الآيات السورة تتكلم عن التوحيد، والنور الذي تبنيه هذه السورة العظيمة في قلب المؤمن نور التوحيد نور الاستجابة لأمر سبحانه، نور الطاعة، وهل التوحيد له نور؟ أكيد، نور يكون في بصيرة الإنسان وفي قلبه، بل حتى في بصره، فتصبح الأشياء والآيات التي يمر عليها ستأتي سورة الأنعام مليئة بعشرات الآيات الحسية المعجزات التي نراها صباح مساء، ولكنها لا تحرك في قلب الكافر شيئا، ولذلك ستأتي الآيات:

(وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا) الأعراف

 

 

لا يرى، هو فعلاً تقع عينه على الأشياء، تقع عينه على سماء وأرض، ماء وجبال، آيات تهز القلب والوجدان، وتحرك دواعي الفطرة للإيمان بالله سبحانه وتعالى، ولكنها مع ذلك لا تحدث أي أثر في نفس الكافر، لماذا؟

لأنه يعيش في ظلمات الكفر والشرك والنفاق والبُعد عن الله سبحانه، والجحود، هذه الظلمات تجعل الإنسان لا يرى شيئاً من حوله حتى وإن وقعت العين على الأشياء. أما نور التوحيد، فتصبح كل الأشياء لها معاني، كل الأحداث التي تجري من حول الإنسان لها معنى ولها مغزى يفكر فيها يتبصر يدرك يستنتج يحلل القرآن أعظم كتاب يحيي القدرات العقلية أعظم كتاب، وأعظم كتاب يحرك العقل البشري هو القرآن، وقد حركه، العقل البشري كان في سبات عند نزول القرآن، لم يكن يتحرك، ولذلك القرآن عاب على أولئك القوم الذين يسيرون وراء منهج الآباء والأجداد: (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُون)[البقرة:170].

 

فأعظم كتاب حرك العقل وأيقظ العقلي من سباته ونومه العميق: هو القرآن، وحرك معه كل أدوات الحس والإدراك، سمع وبصر، ولذلك سورة الأنعام سنأتي عليها، تحرك كل وسائل الإدراك:

السمع والبصر والتعقل والتفكر والتدبر والتبصر لأي شيء؟

لأجل أن تستعمل كل تلك القدرات العقلية، وكل ذلك التجوال، في أجواء الكون والطبيعة، والإنسان في ذاته لأجل أن تصل به إلى الغاية العظيمة هي غاية الإيمان بالله سبحانه وتعالى وذاك هو النور نور التوحيد. ولماذا ربي سبحانه وتعالى جعل الظلمات وجعل النور؟

طبيعة الاختبار وطبيعة الابتلاء تقتضي أن تكون هناك أشياء يبتلى فيها الإنسان يبتلى فيها الفرد، والأعمى ليس كالبصير، والأصم ليس كالسميع، ولذلك عاب على الكفار فقال:

(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُون)[البقرة:171]

وفي آية: (فَهُمْ لاَ يَهْتَدُون)[النمل:24] لماذا؟

وسائل الإدراك طلب منا أن تحرك لأجل أن تقوم بعملية إيصالنا إلى الإيمان، فإذا هذه الوسائل لم تحرك في الإنسان دواعي الشوق للإيمان بالله سبحانه وتعالى لم تعد لها قيمة.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سبيل الوصول إلى حقيقة الايمان

 

 

تدبروا معي في التناسب بين أول آية في سورة الأنعام، وبين آخر آية في سورة الأنعام الآية (165) يقول الله عز وجل:

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيم)[الأنعام:165].

الآية الأولى:

(الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُون)[الأنعام:1].

والآية الأخيرة:

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ)

 

لماذا ربي سبحانه خلق السماوات والأرض، لماذا جعل الظلمات والنور؟

لماذا خلقنا، ما خلق السماوات والأرض إلا بالحق ما هو الحق؟

الحق أننا خلائف الأرض، الحق أنه سبحانه وتعالى أعطانا مهمة أعطانا شيء أوكل إلينا أمانة، خلائف الأرض، تدبروا معي في الآية آية عظيمة(وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ) في الرزق في المال في الجاه في العلم في الشكل في أشياء مختلفة، درجات، تنوع، تميز، اختلاف، ولكن ليس لأجل أن يكون هناك صراع بيننا، بل لأجل أن يكون تكامل في الأدوار، وتعاون (لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ) ربي سبحانه وتعالى يختبر كل واحد فينا فيما آتاه، وليس فيما لم يؤته، فأنا لا أُسأل عن إمكانيات ليست بيدي، ما هو ليس بمقدوري أنا لا أُسأل عنه، ولكني أسأل عما هو في يدي، وما الذي هو في يدي؟

في يدي الكثير، وأعظم نعمة كما ستأتي علينا سورة الأنعام “وسائل الإدراك” هذه القدرات المهولة القدرات العقلية، ماذا نفعل بها؟ إلى أين توصلنا، وكيف يمكن أن تكون عوناً لنا في الوفاء بالعقد مع الله سبحانه وتعالى، وإخراجنا من ظلمات شتى، والحيرة والريبة، والتردد، وربما حتى الإلحاد والعياذ بالله كما هو واقع حتى في زماننا، اليوم العالم يعيش موجات من الإلحاد تنتشر وللأسف خاصة بين فئات الشباب لماذا؟

أكيد أسباب كثيرة، ولكن ربما يكون واحد من تلك الأسباب ونحن نحتاج في الحقيقة أن نعترف وأن نواجه أنفسنا القرآن كتاب يعلمني كيف أواجه نفسي، ليس من باب جلد الذات ولا تأنيب الضمير فقط، جلد الذات مرفوض! إذاً من باب الإصلاح، من باب الاستدراك، من باب أن أستدرك ما فاتني، من باب أن أتعلم من أخطائي أتعلم من الأشياء التي لم أحاول أن أستكملها في حياتي، قبل فوات الأوان، نحن نقول: أنه ربما يكون من أسباب كذلك موجات الإلحاد كذلك خاصة في بعض البلدان العربية والمسلمة، تلك الطريقة التي علمنا فيها أبناءنا الدين، نحن كآباء كأمهات معلمين في المدارس أساتذة، موجهين، تربويين، هناك طريقة استعملت واضح جداً أنها تختلف عن ما جاء في كتاب الله عز وجل عن ما جاء في سورة الأنعام، سورة الأنعام محور السورة الأساس تعليم وتجديد الإهمال، الإيمان إذا جدد تجددت معه الحياة الإنسانية، عادت الحياة الإنسانية إلى إشراقاتها، إشراقاتها في النفس نوراً، وفي المجتمع وفي الكون، أخلاقيات وحضارات وعمران، هذه المعاني العظيمة جاءت وسائل التعليم فيها في سورة الأنعام.

 

للأسف الشديد اعتاد الكثير من المربيين من المعلمين ومن الأمهات الطفل حين يسأل وهو دليل على أن الفطرة بدأت تتحرك في نفسه، يسأل من خلقني؟ من أعطاني؟ من على كذا من جاء بكذا؟

فكثير من الأحيان نتهرب بعدم الإجابة أو لا تتكلم لا تسأل، يكفي أسئلة، قل فقط لا إله إلا الله محمد رسول الله، تلقين لقناهم الإيمان، لقناهم العقيدة، والإيمان الذي تبنيه سورة الأنعام إيمان لا يأتي عن طريق التلقين، إيمان يبنى، إيمان يتعلمه الإنسان، يتعلمه في محراب الكون الطبيعة التي أمامه المليئة بكل الدروس بكل المعجزات بكل الآيات، وسنرى سورة الأنعام مليئة بالأسئلة عشرات الأسئلة

 

العقل البشري إن لم يسأل ويبحث ويستفسر كيف سيصل إلى الحقيقة؟!

كيف يصل إلى ذلك الإيمان القوي، الذي تريد سورة الأنعام أن تبنيه وأن تجدده في نفس المؤمن، وفي نفوس المؤمنين جميعاً.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

عواقب الذنوب والمعاصي على الأمم

 

07.jpg

 

 

 

جاءت الآيات كل آية هي في حد ذاتها أسلوب من أساليب إيقاظ بواعث الإيمان والتوحيد في قلب الإنسان،

( أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ)

 

تدبروا معي الآن!

السماوات والأرض، خلق الإنسان، ثم بعد ذلك في عمق التاريخ وقصص القرآن والقصص التاريخية ليست هكذا فقط ذكرت في كتاب الله عز وجل، ليس هناك شيء يذكر هكذا في كتاب الله عز وجل بدون مقصد أو غاية.

 

وتدبروا في اللفظة:

(أَلَمْ يَرَوْا)

يعني: يحتاج الإنسان أن يرى، والرؤية تختلف عن الإبصار، الرؤية فيها تعقل، فيها انفعال لحاسة البصر بما يراه الإنسان أمامه، فيستخلص شيئاً مما ينظر إليه، المسألة ليست مجرد أني أنا يقع نظري على شيء، ولكن ماذا حقق ذلك الفعل في نفسي؟

ما هي النتيجة المترتبة على ذلك؟

(أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِين)[الأنعام:6].

 

 

في عمق التاريخ انظر كم من قرن وكم من أمم وقعت فيها سنة الهلاك، وربي عز وجل أعطاها لتلك الأمم كما أعطاكم أنتم، كما يعطينا نحن، أنهار، ماء أشجار، شمس، ليل، نهار، أعطانا، ولكن ما الذي حدث؟

(فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ)

الذنوب: البلاء والبلايا، والأوجاع، والأمراض، والكوارث الإنسانية والطبيعية وكل شيء يحصل بأي شيء؟

قانون

(فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ)

 

الذنوب ثقيلة، الذنوب هي التي تفسد علينا حياتنا، اليوم عدد من الناس عدد يشتكي من الهم ويشتكي من الحزن ويشتكي من الألم ويشتي من ضيق الصدر، وأحياناً بلا سبب محسوس ليس هناك سبب معين، الذنوب لها طعم مرير مذاق مرير، لها ألم، لها وخز في الصدر، لها يمكن أن ينجو الإنسان إلا بالتوبة منها والاستغفار، والرجوع إلى الخالق سبحانه الذي يغسل وينقي ويطهر القلب، وما من شيء يطهر القلب الذي أصيب بهذه الأدواء والأمراض من الذنوب مثل التوحيد، التوحيد لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، ولكن ليست كأيّ لا إله إلا الله تلفظ باللسان، وعدّ بالمرات، هذا عمل جيد، ولكن العمل الذي له تأثير قوي وعظيم الذي ينقي ويغسل ويصفي القلوب هو ذاك الاستشعار والاستحضار لمعاني لا إله إلا الله، هل هناك في الكون إله غير الله؟ هل هناك إله في الكون غيره يخلق ويعطي ويمنع ويأخذ ويحيي ويميت، وقادر على كل شيء وغفور ورحيم؟ لا!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الاستهزاء بالدين من أخطر الكبائر

 

9b6618e75a71452c2967df6334b7f5e8.jpg

 

 

 

(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِين)[الأنعام:7]

هم يريدون منك معجزات حسية، لماذا؟

المسألة ليست في الآيات الحسية، وإلا الآيات مبثوثة في كل مكان، المسألة في تلك القلوب المريضة، القلوب التي تحجرت، والمشاعر التي تصلبت، فما عادت تؤثر فيها مواعظ الآيات ولا القرآن:

(وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ)[الأنعام:8]

أرادوا أن تنزل عليه الملائكة:

(وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُون)[الأنعام:8].

 

 

تدبروا معي! في تلك الحوارات:

(وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُون)[الأنعام:9].

 

 

إذاً ما الحل؟

عليك أن تدرك يا محمد صلّ الله عليه وسلم، وكل من يدرك معاني هذه الرسالة، ويريد أن يقوم بحمل أمانة إيصال الرسالة رسالة التوحيد:

(وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُون)[الأنعام:10] إشكالية خطيرة قضية الاستهزاء والسخرية بقيم الدين، بأشخاص الأنبياء، بالآيات، بالنذر، بالأديان، فماذا كانت النتيجة؟

(فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُون)

ولذلك نحن قلنا ونقول:

من أخطر الأشياء يواجهها الإنسان المعاصر اليوم قضية الاستهزاء بالدين، قضية خطيرة جداً، والنتائج المترتبة عليها نتائج كارثية، الاستهزاء والسخرية بالدين

 

لأن الإنسان في قضية التصديق أو الإيمان هناك رسالة معروضة عليك: إما أن تؤمن بها، وإما لا تؤمن بها، ولكن أن تجعلها مادة للسخرية وللاستهزاء، فكأنك تقول: ما عاد القضية فيها نقاش أو جدال غير السخرية!!

 

وهذا أبشع أنواع تعامل الإنسان مع الأفكار ومع الأقوال ومع ما يطرح أمامه! ما هو البديل؟ القرآن طرحه، المناقشة المحاججة أن تأخذ وتعطي بالكلام، أن يكون هناك تبادل للآراء، ولذلك القرآن العظيم في هذه السورة عشرات الأسئلة، عشرات الأسئلة في سياق الاستنكار حتى، عشرات الحجج بالمنطق، يحاكي ويقابل ويحدث العقل البشري العقل الإنساني، ولكن أي عقل، ليس العقل الذي يجعل من مادة الدين مادة سخرية، لأن هذا الذي يجعل من الدين مادة للسخرية والاستهزاء، هذا ليس معه حوار، ولا نقاش، لماذا؟

لأنه أبسط مبادئ النقاش والدخول في الحوار، احترام الطرف الآخر، هذه ليست قضية حرية رأي هنا، تدبروا معي في هذه المعاني العظيمة، حتى نفهم كيف نتعامل مع الناس، مع الآخر، كيف نتكلم مع العقلاء في العالم من مختلف الأديان، هذه قضايا تتعلق بالعقل وبالمنطق.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما هي الخسارة الحقيقية؟

 

Cw6X1AwWgAANzm1.jpg

 

 

 

كلمة (قُل)

في سورة الأنعام جاءت مرات عديدة تزيد على الأربعين

دور النبي صلّ الله عليه وسلم: البلاغ، أما كل القرآن هذا فهو ليس له فيه إلا البلاغ، فأنت دورك أن تقول:

(قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قل لله)

هذا حقيقة، من يدّعي ومن يتمكن ومن يستطيع أن يدعي أن له شيئا؟!

(قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)

سبحانه!

وتدبروا في الكلمة

(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)

 

مالك متصرف مقتدر وكتب على نفسه الرحمة!

شيء عظيم، وسورة الأنعام مليئة بعشرات الصفات والأسماء لله سبحانه وتعالى قدرة ورحمة. كثير من الناس اليوم يعزون قضية الرحمة إلى الضعف، يتوهمون أن الرحمة تعني الضعف، أن الإنسان إذا كان قوي الشخصية مثلاً فيفترض أن يكون متماسكاً وغير عاطفي، ولا يظهر أمارات الرحمة، – ولله المثل الأعلى – قادر، ولكنه رحيم بعباده، مالك متصرف، ولكنه سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الأم بولدها.

 

(لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون)[الأنعام:12].

الإيمان باليوم الآخر.

(الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون)

تدبروا في الكلمات وفي وقع الكلمات قوية الإيقاع، وهل يمكن أن يخسر الإنسان نفسه؟ نعم، كيف؟ بعدم الإيمان

(الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون)

أنت حين لا تؤمن بالله أنت تخسر، تخسر نفسك، ما قيمة أمتلك كل شيء في الدنيا، وأكون قد خسرت نفسي؟! ما قيمة الأشياء؟!

نفسي هي أغلى شيء، فما قيمة أن أربح كل الأشياء، وأخسر نفسي؟!!

ولاحظت في تدبر كثير من سور القرآن، أن مفهوم الربح والخسارة في كتاب الله عز وجل كمفهوم يختلف تماماً عن مفهومنا للربح والخسارة، نحن حتى في اللهجات العامية نقول:

يا خسارة!

إذا الإنسان خسر شيئاً من متاع الدنيا يا خسارة!

 

لكن الخسارة التي يحدثنا القرآن عنها الخسارة الحقيقة أن يخسر الإنسان علاقته بالله سبحانه وتعالى، أعظم علاقة، أعظم عقد يخسره الإنسان هو ذاك العقد بينه وبين الله سبحانه. أحياناً كثيرة الإنسان تمر به لحظات ندم، أو حسرة على شيء قد فاته من عروض الدنيا، شراء شيء اعتبره أنه نوع من أنواع الصفقات أو الفرص التي لا تعوض، ولكن في الحقيقة كل شيء ممكن أن يعوّض طالما أنه متعلق بمتاع الدنيا، ولكن أن يخسر الإنسان علاقته بالله سبحانه وتعالى فهذا شيء لا يمكن أن يعوّض:

(الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون)

فما الحل؟

 

 

تعالجه السورة آية بعد آية قلنا أن السورة تعالج قضية الإيمان تفي معاني الإيمان العظيمة في نفس الإنسان، وليس أيّ إيمان!

المسألة ليست مجرد إيمان تصديق وشعور وكلمة، فعل، تطبيق، واقع، تنفيذ، استجابة لأمر الله، استجابة للتشريع في واقع الحياة.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لماذا يبتلينا الله ؟

 

1181723.JPG

 

 

تدبروا في الآيات سورة الأنعام من الأشياء التي تميزها عن غيرها من سور القرآن:

أنك حتى حين تتناول مقطع من الآيات مجموعة من الآيات تجد نفسك أنك بحاجة إلى أن تقف عند كل آية آية آية، لأن في كل آية هناك وسيلة وآلية تجدد الإيمان في قلبك.

حدثنا هنا عن الولاية وقال

(فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)

وقال:

(وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ)

وتدبروا بعدها

(وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ

وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُير)[الأنعام:17].

 

تدبروا في الخطاب والنداء العاطفي الإنسان بطبيعته حين يمسه الضر يتوجه لله سبحانه وتعالى، يستشعر الضعف (وخلق الإنسان ضعيفاً) ولكن الإشكالية أنه يغترّ حين يكون صحيح البدن، معافى في بدنه قوي البنية لديه مال، لديه كل ما يحتاج إليه، يعتقد أن الأمر قد انتهى، وأن الأشياء قد ضمنت، ولكن ليست هذه هي الحياة، ربي سبحانه وتعالى جعلها تتقلب بنا، لماذا تتقلب بنا؟

لنرجع إليه، لندرك أنها حياة ودار ابتلاء، وليست دار بقاء، أنها إلى زوال وأن البقاء الحقيقي هو في تلك الدار، الدار الآخرة

(وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ)

إذا كان لا يكشف الضر إلا هو، ولا يعطى الخير إلا هو،

فمن الذي يستحق التوحيد والتوجه إليه بالعبادة؟! من؟!

 

الأولياء الذين يتخذونهم الناس من البشر ومن الحجر، من؟!

وهذه حقيقة أقوياء الدنيا سلاطين الدنيا ملوك الدنيا كل من أوتي شيئاً من متاع الدنيا، واعتقد أنه على قوة، لو مسه الله سبحانه وتعالى بشيء من الضر ألم في الرأس، صداع، ألم في البطن أي شيء من الأشياء المختلفة بما يتعلق ببدنه أو بشيء آخر، كل ما يمتلكه وكل من حول هذا الإنسان لا يستطيعون أن يرفعوا شيئاً من الضر عنه، وتدبر معي حين يمتحن الله سبحانه وتعالى عباده بالمرض، المرض امتحان، أنت لا قدر الله قد تنظر إلى أمك أو إلى أبيك على فراش المرض يعاني من المرض، ولا تملك أن تفعل له شيئاً، وربما يكون قد وضعت عليه أجهزة، أجهزة إنعاش أجهزة التنفس أشياء مختلفة حسب الأمراض، نسأل الله الشفاء والعافية لكل مرضى المسلمين.

 

 

1181724.JPG

 

السؤال: أنت ابن أو ابنه أو زوج أو زوجة، أو قريب، أو حبيب، أو صديق، وتريد بالفعل إرادة حقيقية أن ترفع عنه البلاء أو المرض، ولكن هل تملك ذلك؟ لا، من الذي يملك؟

القاهر فوق عباده

(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير)[الأنعام:18].

قهر عباده بأشكال مختلفة سبحانه، قهرهم بالمرض، قهرهم بالابتلاء، قهرهم بالموت الذي لا بد أن يطرق باب كل حيّ، كل حيّ لا بد أن يطرق بابه الموت، قوي ضعيف صغير كبير، غني فقير، رجل امرأة، مريض صحيح، يطرق الأبواب

(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ)

وتدبروا معي

(وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير)

تدبروا في التناسب في الأسماء والصفات في هذه السورة العظيمة،

حكيم خبير بعباده في حال قهره أيضاً لهم، لماذا؟

لأننا نحتاج أحياناً كذلك القهر، ولأنه سبحانه حكيم وخبير بنا، قهر عباده بالابتلاء، لماذا؟

ليس من باب الانتقام الذي ينتقم هو الذي لا يقدر على فعل الشيء،

وربي سبحانه على كل شيء قدير، إذاً لماذا؟

ليعالج نفوسهم ويعيدهم إليه، نحن عباد، هو سبحانه وتعالى من خلقنا، وهو يتولانا،

ولذلك قال:

(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً)

تدبروا في وقع الآيات:

(قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ

وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ)

إذاً بمَ أشهد؟

أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله،

(قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون)[الأنعام:19].

 

هنا تأتي شهادة التوحيد، هنا تأتي الكلمة، هنا تأتي البراءة من كل الشركاء، هنا تأتي نقاوة وصفاوة التوحيد، تدبروا في الكلمة: قل لا أشهد أن مع الله آلهة أخرى، ولكني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، هنا تكون كلمة الشهادة هي فعلاً التي تثقل بها موازين العباد، كلمة الشهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله، تثقل بها الموازين، تزيد بها الحسنات، تمحى بها السيئات، يعفى بها عن الخطايا، كيف؟ حين تخرج بهذا اليقين، لا أشهد أن هناك أحد مع الله سبحانه وتعالى، ومن ذا الذي يكون معه وهو الخالق القادر الذي يكشف عن عباده الضر، الذي يعطي الذي يأخذ سبحانه! حكيم خبير سميع عليم بصير قدير غفور رحيم، أنّى لي أن أقول أو أزعم أن معه آلهة أخرى؟!!.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يشرك الإنسان

وهو لا يشعر أنه مشرك؟

 

 

 

14241727234587.jpg

 

 

(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ)[الأنعام:20]

آتاهم الكتاب سواءٌ كانوا من أهل الكتاب، أو حتى نحن الكلام سياق الآيات والكلمات نحن أيضاً أتانا الله عز وجل وأعطانا كتاباً فهل فعلاً نحن نعرفه كما نعرف أبناءنا؟

ليست مجرد معرفة شكلية الإنسان يعرف ابنه معرفة حقيقية معرفة الخبير، معرفة المدرك، المتيقظ، الفطن، الذي تقوده تلك المعرفة إلى أن يدرك معاني الدنيا، ومعاني الآخرة، وبالتالي لن يخسر نفسه.

 

أما إذا لم يعرف فعلاً فهناك جاء الحديث عن الخسارة قال:

(الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُون)

لماذا؟

لأنهم عرفوا الكتاب وخالفوه، عرفوا الحق، وخالفوه، نظروا إليه، ولكنهم ما اعتبروا به، ساروا وراءه ونظروا في كيفية عاقبة المكذبين، ولكنهم ما اعتبروا!

هنا يأتي الكلام عن الخسارة، خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون، أعظم خسارة عدم إيمانك بالله سبحانه وتعالى، ولذلك هنا قال:

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون)[الأنعام:21].

 

والتكذيب بالآيات ليس فقط أن يقول الإنسان:

أن هذا الكتاب غير منزل أو ما شاء، التكذيب له أشكال، له أنواع، واحدة من أشكال التكذيب أن الإنسان ينظر إلى الآيات ويهز برأسه صح صح صح سبحان الله!

ولكن كل تفاصيل حياته بعيدة ومناقضة كل البُعد لتلك الآيات، هذا نوع من أنواع التكذيب، ولذلك قال: (لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُون)[الأنعام:21].

 

ثم قال:

(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُون)[الأنعام:22].

 

سورة الأنعام من السور التي تجعل يوم القيامة قضية حاضرة في واقع الحياة، لماذا هذا التقريب الشديد ليوم القيامة، حتى يدرك الإنسان أن يوم القيامة ليس ببعيد، أبداً، قريب يرونه بعيداً ونراه قريباً، حاضر، الإنسان لا يعرف متى فعلاً تقوم قيامته، متى تنتهي أنفاس الحياة، فحينئذٍ أين شركاؤكم الذين تزعمون؟!!.

 

 

(ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِين)[الأنعام:23]

ولكن الشرك والإيمان ليس مجرد ادعاء ولا كلمات باللسان:

(انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُون)[الأنعام:24]

الإنسان يكذب على نفسه، يكذب على نفسه حين يتصور أنه مؤمن بمجرد قول كلمة، أو أنه غير مشرك، وهو في واقع حياته قد أشرك، كيف الإنسان يشرك وهو يقول: أنه غير مشرك؟!

يتوجه بالولاء لغير الله سبحانه وتعالى، يظن ويتأكد ويقتنع ويتصور ويتوهم أن هناك من البشر من يملك له الضر أو النفع، وأن هناك من يستطيع أن يقدم له رزقاً من دون الله إذا رضي عنه، وإن سخط سيمنع عنه الرزق، مع البشر، هذه الأعمال القلبية أو الحسية، أعمال تناقض صفاوة التوحيد ونقاوته، لا يستقيم معها التوحيد، التوحيد الخالص الذي يخلص فيه القلب من النظر لأي أحدٍ إلا الله عز وجل نفعاً وضراً واستعانة وعطاءً واستغاثة وتوكلاً ورزقاً، هذه أعمال قلبية لا بد للإنسان أن يخلّصها من شوائب الشرك، والنظر إلى الخلق، الخلق لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، وربي عز وجل هو الذي يعطي ويمنع ويأخذ وما البشر إلا مجرد أسباب، والأسباب لا تعمل بذاتها، وإنما تعمل بأمر الله عز وجل، ولذلك قال:

(كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُون)[الأنعام:24]

وأصعب شيء أن يكذب الإنسان على نفسه، أن يوهمها بشيء.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يُهلك الإنسان نفسه؟

 

54.gif

 

 

(وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ)

الآن بدأت السورة تفصل في الأمراض التي تحول بين الإنسان وبين نقاء التوحيد والوصول إليه. يستمع إليك فعلاً، إذاً ما الذي حدث؟

(وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين)[الأنعام:25].

لماذا؟

الكفر حاجز، حتى حين يستمع الإنسان إليك، يستمعون إليك في واقع الأمر هناك على القلوب أكنّة وأغطية تمنعه من الفهم تمنعه من الفقه المعرفة الدقيقة التي توصلهم إلى الإيمان، وفي الآذان التي فعلاً هم يستمعون الكلمات، ولكن هناك وقر، هذا الوقر الحاجز لا يجعل الأذن – وهي حاسة تلتقط الأصوات والكلمات تحولها إلى مفهومات – لا تحول إلى العقل، ليس هناك مفهومات.

 

وحتى حين يروا كل آية لا يؤمنوا بها، كما ذكرنا في بدايات السورة المؤمن والكافر، المؤمن ينظر إلى آية غروب شمس شروق شمس، فتراه يخرّ بين يدي ربه ساجداً، والكافر يمر على نفس المنظر، ولا تحرّك فيه شيء، ليس فقط الكافر طبعاً أحياناً الإنسان يتبلّد حسّه تتبلّد مشاعر الإدراك فيه، وهذه قضية خطيرة جداً؛ لأنه حين يتبلّد الإحساس كذلك يقسو القلب يتصلّب فيبدأ التوحيد يتبلّد كذلك يحتاج إلى تجديد، وهذا ما تقوم به هذه السورة العظيمة.

 

 

ولذلك قال:

(وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ)

إعراض، هذا التصوير الدقيق ينهون عنه وينأون عنه، ولكنهم هم في واقع الأمر في إعراضهم ونهي غيرهم عن الاستماع لهذا الكتاب العظيم، هكذا كان يفعل كفار قريش، كانوا يحولون حتى بين من يأتي من القبائل الأخرى من خارج مكة، وبين أن يستمعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتلو القرآن، والقصص كثيرة جداً في هذا السياق(لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ )

لا تستمعوا ولكن هم في واقع الأمر

(وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ)

ولكن الإشكالية الخطيرة أنهم:

(وَمَا يَشْعُرُون)[الأنعام:26]

كيف يُهلك الإنسان نفسه؟

 

يُهلكها بإبعادها عن خالقها، والله البُعد عن هذا الكتاب العظيم هلاك!

البُعد عن كتاب الله سبحانه هلاك!

هلاك حقيقي، البُعد عن آيات هذا الكتاب واستحضارها وتلاوتها والإيمان بها، وتنزيلها وقعاً في الحياة، هلاك، ولا يأتي إلا بالخسارة والهلاك للجنس البشري، وكل ما نعاني منه كل ما تعاني منه البشرية اليوم، بدون أي مبالغ، المرجع الأول له والسبب الرئيس فيه هذه الجفوة مع كتاب الله سبحانه وتعالى، جفوة، انقطاع، وما يهلكون إلا أنفسهم، لكن أين الإشكالية الخطيرة؟

(وَمَا يَشْعُرُون)

هذه مشكلة أن الإنسان لا يشعر، هو مريض ولكنه لا يشعر بالمرض، القلوب تمرض، والإشكالية والخطورة في قضية مرض القلب أن الإنسان حين يمرض الجسد يشتكي صداع ألم حرارة فيذهب يسارع للطبيب ليعالجه، ولكن القلب حين يمرض قد لا يشعر الإنسان بمرضه، قد لا يشعر متى يشعر؟

حين يديم عرض ذلك القلب مع كتاب الله يديم التواصل مع كتاب الله عز وجل، فإذا حصل أي أمارة أو أي عارض من عوارض المرض استشعر بها، وإلا لا يشعر إلى أن:

(وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ)[الأنعام:27]

ما شعروا بأنهم يسيرون في طريق تهلكهم وتفسد عليهم حياتهم ودنياهم وأخراهم، إلى أن وقفوا على النار، فماذا قالوا؟

(يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين)[الأنعام:27]

إذاً؛ التكذيب بآيات الله عز وجل مفتاح الهلاك في الدنيا وفي الآخرة.

 

 

 

13741372_1637715043210120_621181641_n.jpg?ig_cache_key=MTMxMzIzNTQ4MDcxNTk0MDgyMA%3D%3D.2

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لماذا لا نتوب!!!

 

hqdefault.jpg

 

 

 

(بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُون)[الأنعام:28]

لو رجعوا إلى الدنيا لرجعوا إلى كفرهم، ربي خبير بهم، خبير بعباده،

 

نحن في حياتنا، نحن كمسلمين في مرات كثيرة تعرض لنا أوقات ضعف، أوقات مرض فنقول في أنفسنا نقرر إن شافاني الله سبحانه وتعالى من هذا المرض سأفعل سأفعل سأغير حياتي سأفعل كذا! يشاء الله عز وجل ويعطيني ما أردت، يعطيني فرصة، لكن السؤال: كم منا يتعلم من ذاك الموقف، ويأخذ الفرصة فعلًا؟ كم منا حين يعطيه الله سبحانه وتعالى بعد مرض، يصبح أحسن مما كان من قبل ذلك، كم منا؟! المشكلة الإنسان في كثير من الأحيان يكون سريع النسيان، لكن ما الذي يذكره ويعيد الأمور إلى نصابها؟ هذا القرآن العظيم. هؤلاء القوم كذبوا بالبعث:

(وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِين)[الأنعام:29].

 

واللافت للنظر أن في سورة الأنعام كثيراً ما ذكرت قضية الخسارة

(وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا)[الأنعام:30]

ثم بعدها قال:

(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ)

طبعاً خسارة عظيمة،

(حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً)

الساعة لا تأتي إلا بغتة فجأة بدون مقدمات، بدون مقدمات ليس بمعنى: علامات وأمارات الساعة، لكن بمعنى: هي هكذا هذا من طبيعة الامتحان، وربي عز وجل لم يخف ذلك عنا، أعلمنا به، أن الساعة لا تأتي إلا بغتة، وأن أمرها كلمح البصر أو هو أقرب.

(قَالُواْ يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا9

 

وتدبروا في الآية:

(وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُون)[الأنعام:31]

انظر في التشبيه: هل الأوزار تُحمل على الظهور؟

لها ثقل، ثقيلة، الذنوب والآثام الخطايا تحمل هكذا على ظهورهم! ألا ساء ما يزرون، تدبروا في عظمة النص القرآني:

(يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ)

الذنوب ثقيلة البُعد عن الله ثقيل مؤلم، كل الأشياء التي تفصل بيننا وبين الله سبحانه وتعالى ثقيلة جداً، ولذلك قال:

(وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُون)

لماذا حدث ذلك؟

 

من الطبيعي أن يسأل الإنسان في نفسه في خاطره:

لماذا هؤلاء الناس كانوا بهذه الغفلة؟

(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ)[الأنعام:32]

الحياة لعب ولهو، منا من يفقه هذه الحقيقة، فيدرك أن الدار الآخرة خير لمن؟ للذين يتقون؟

تدبروا في الكلمة: (أَفَلاَ تَعْقِلُون) العقل يدرك أن طبيعة هذه الحياة لعب ولهو، ولكن الدار الآخرة خير، إذاً فإذا كانت هذه هي طبيعة هذه الدنيا فما المطلوب مني فيها؟

العمل.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كفر الجحود

 

 

ما الذي يحول بيني وبين الإيمان؟

جحود، نكران، قال:

(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ)

في قرارة أنفسهم يدركون أنك على الحق

(وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُون)[الأنعام:33]

جحود، ليس قائمًا على الجهل، جهل مركّب، ليس بمعنى: أن الإنسان لا يعرف الحق، لا، هو يعرف الحق، ولكنه مع ذلك يجادل فيه ويجحده وينكره، جَحود!.

ولكن اعلم يا محمد صلّّ الله عليه وسلم تسلية لقلبه عليه الصلاة والسلام هنا

(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ)

سنّة، كُذِّب رسل:

(فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ)

سنة من السنن، أي سنة من السنن صراع بين الحق والباطل، صراع أن هؤلاء ممن كذبوا يكذبون الصادقين، وكذلك من الابتلاء أن يكذب الصادق وقد كُذِّب الرسل، ونبينا صلى الله عليه وسلم لقب بينهم وعرف بينهم بالصادق الأمين، هم لقّبوه، ولكنهم كذبوه، تدبروا في المعاني: كذِّب الصادق الأمين، وكُذِّب كل الصادقين من الرسل، ولكن ذلك التكذيب لن يجعل من الصدق كذباً، ولن يجعل من الكذب صدقاً، ولن يجعل من الحقيقة جهلاً، ولن يجعل كذلك من الخير شراً، ولا من الشر خيراً، تكذيب هؤلاء القوم لن يغير حقائق الأشياء، ستبقى الحقائق كما هي، ستبقى الشمس آية من آيات الله، والليل، والنهار، والكون، والإيمان، والكفر والجحود، لا مبدل لكلمات الله.

 

(وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ)

إن ما استطعت أن تفهم وتتقبل لماذا هؤلاء القوم يعرضون عنك وعن رسالتك:

(فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِين)[الأنعام:35]،

لا تحاول وتذهب نفسك حسرات عليهم، لأجل أن تأتيهم بآية حسية، لا آية بعد هذه الآية، آية القرآن لا آيات، وكن واثقاً أن هؤلاء القوم جاحدون لو جاءت كل آية لا يؤمنوا بها، ولذلك قال:

(وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى)

إذاً ماذا شاء الله؟

شاء الله عز وجل أن يهب الإنسان حرية الاختيار، وألا يُكرهه على الهدى، ولو شاء لجمعهم على الهدى، ولكنه شاء غير ذلك، ماذا شاء سبحانه؟ شاء أن يعطي الإنسان حرية الاختيار،

(فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ)

فانتهى الأمر:

(فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِين)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

القرآن الكريم المعجزة الخالدة

 

AMj_hOvG.jpg

 

الايمان الحقيقي له ثمرات،وسنأتي على واحدة من اعظم ثمرات الايمان والتي يحتاج اليها المجتمع الانساني اليوم أشد الحاجة وسنأتي عليها في موضعها سورة الأنعام في الآيات التي سنتكلم عنها ونقوم بتدبرها بإذن الله نجدها كذلك تعطي مساحه واسعه وهامه لوسائل الادراك الانساني، التي اذا ما اهملها الانسان، و لم يقم بتحريكها في الكون وفي التجوال في آيات الله سبحانه مبثوثه في الكون وفي كتابه عز وجل، يتيه الانسان لا فرق بينه وبين الانسان الميت الذي فقد القدرة على تحريك تلك الحواس ووسائل الادراك، تدبروا معي في قوله الله عز وجل

إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ

;الانعام

 

 

هذه الآية في سياق الحديث والنقاش مع قريش كنموذج، لماذا قريش،لأن كفار قريش سورة مكية كانوا يلحون على النبي صلّ الله عليه وسلم أن يأتيهم بالآيات، بالمعجزات الحسية , والرب سبحانه وتعالى اراد ان يؤكد حقيقة أن الانسان باعتبار ان هذا القرآن رسالة عالمية لكل البشر تخاطب كل الأمم، وكل الأجيال التي عاصرت الكتاب وتنزيل الكتاب الجيل الأول و التي لم تعاصر، هذا رسالة قرآنية القرآن فلا يمكن أن يأتي معه كذلك معجزات حسية لأن معنى ذلك ان الأمر سيبقى محصورا في الجيل الذي نزل عليه القرآن وهو لم يرده القرآن العظيم، كل الأنبياء من قبل موسى عليه السلام، عيسى عليه السلام، كل الأنبياء عليهم السلام جاؤوا بمعجزات حسية تخاطب الاقوام التي جاؤوا فيها والأمم التي أرسلوا اليها ولكن امر هذه الرسالة مختلف هذه الرسالة عالمية أمرها مختلف فإذا أريد لها أن تخاطب كل الأجيال وكل الأمم والأقوام، كان لا بد ان ينتهي عصر المعجزات الحسية ومع ذلك كفار قريش يجادلون في قضية الآيات الحسية و يطالبون مرة تلو الأخرى النبي صلّ الله عليه وأله وسلم بتلك المعجزات فالآية جاءت في سياق الرد عليهم، والآية التي بعدها قال :

“وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ”

آية معجزة

” قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ”

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الاستجابة لله حياة

 

17265216_404361523250473_8395973022414581885_n.jpg?oh=32b306671ba0698f7d3ac8d56e43dad8&oe=59636EA2

 

تدبروا في الترابط في آيات الكتاب،

“وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ”

تريدون آية زيادة على كل الآيات المبثوثة امام اعينكم أليست هذه الدواب في الأرض التي تمشي هنا وهناك امام أعينكم ولا ننسى ان السورة سميت بسورة الأنعام تتكلم عن الأنعام، هذه الدواب المختلفة أليست هي في حد ذاتها آية؟، لكنها آية لمن؟، آية لمن يسمعون، لأنه في البداية قال:

” إنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ”

وقد يقول قائل الربط بين الاستجابة والسمع، السمع وسيلة ادراك ربي سبحانه وتعال وهبها للبشر ولكنه سبحانه حين وهب هذه الأداة والآلة للناس، الناس يختلفون في استعمالها بعض الأشخاص يسمع فيولد عنده ذلك الاستماع استجابة وهو المطلوب، ولذلك القرآن في آيات كثيرة في كتاب الله، أن يبصر، او ينظر، لا، المطلوب الشيء أن يتحرك ذلك الإدراك الشيء الذي أدركته انت بسمعك او ببصرك الى فعل، فعل استجابة، فعل تنفيذ لما سمعت فانا حين اسمع كتاب الله عز وجل حين أقرأ الكتاب المطلوب مني ليس فقط القراءة أو الاستماع وان كان الأمر هذا في حد ذاته امر عظيم ومطلوب، ولكن لا بد ان يترتب عليه شيء، ما الذي يترتب الاستجابة التنفيذ، اتباع، تطبيق، تحقيق في واقع الحياة الانسانية ولذلك سبحانه وتعالى قابل في هذه الآية العظيمة قال

” يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ”

اي سماع، سماع الاجابة السماع الذي يشترك فيه بقية الناس ان يستمع ولكن لا يحقق عنده ذلك السماع شيئا بعض الأشخاص يسمع ولكنه لا يفكر حتى في ما يسمع الغى وسائل الادراك، قرر ان يسدل الستار على القلب والعقل وما شابه ولذك قال في آيات اخرى حكاية عن بني اسرائيل وقالوا قلوبنا غلف، غلف لماذا لأن القلب محل الادراك آيات الكتاب التأثر الاستجابة فهنا حصل فعل السماع، ولكن فعل الاستجابة يحصل عند من عند اولئك الأحياء ولذلك القرآن قابل فقال :

“والموتى يبعثهم الله”

 

الفرق بين الانسان الذي يستمع لآيات هذا الكتاب العظيم فيحقق الاستجابة في قلبه وفي حياته وفي سلوكه،كالفرق بين الحي والميت، وفعلا آيات القرآن العظيم جاءت لتحيي القلوب، والفرق بين القلب والحي، لذلك في آيات أخرى قال:

(لينذر من كان حيا)

تتدبروا معي لينذر من كان حيا، الإيمان حياة، والبعد عن الله سبحانه وتعالي موت بكل ما للموت من معاني موت ضلالة ظلام، ولذلك ربي سبحانه وتعالي هنا في سياق الاستنكار على أولئك الكفار، تريدون آيات والكون امام اعينكم مليء بهذه الآيات ولذك جاء بقوله :

” وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ ”

آيات تبصرونها وترونها، ترون أمم الطير وأمم الحيوان هذه الأمم التي لها نظام ولها قواعد تتعامل فيها فيما بينها بما فطرها الله سبحانه وتعالى عليه في كل شيء في المسؤوليات في توزيع الأدوار في طريقة الطيران في تعليم الصغار كيف يطيرون، أمم كاملة هذه آية عظيمة من آيات الله عز وجل فإذا كانت كل تلك الآيات لم تحيي في قلوبكم جلوة الايمان ولم تحقق معنى السماع فماذا تنتظرون بعد ذلك

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الانكسار لله

 

01.jpg

 

ليس هناك انسان ابدا على وجه الأرض الا ويمر في حياته بمراحل عصيبة من مختلف المستويات شيء يصيبه في نفسه شيء يصيبه في ماله، شيء يصيبه في اولاده في اسرته في ما يحب اشياء مختلفة وهذا الشيء طبيعي جدا لأن من ادرك وعرف معني الحياة ادرك أن الحياة مليئة بهذه النماذج هي في طبيعتها دار ابتلاء فلا بد أن يمر الانسان فهذه المواقف المختلفة فربي سبحانه وتعالى يلفت هنا نظر الانسان الى هذه القضية

” قُلْ أَرَأَيْتَكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” (40)

لمن تتوجه في ساعة الضعف في ساعة الشعور بالعجز الانساني الحقيقي، الانسان في طبيعته ضعيف وصفه الله عز وجل فقال في خلقته، وخلق الانسان ضعيف فهو ضعيف لكن الاشكالية انه في بعض اللحظات التي يمن الله سبحانه وتعالى بها عليه بالقوة بالصحة بالمال بالجاه بالاستقرار يتوهم انه قد تفوق على لحظات الضعف الانساني البشري الطبيعية الفطرية ويعتقد انه اصبح قوي وليس بحاجة لأحد فتأتي لحظات الشدة والمرض والتعب فيدرك، فيعود لنفسه من جديد في تلك اللحظة تحديدا الى من يتوجه الانسان، أيتوجه للبشر، أيتوجه لأولئك على سبيل المثال في كفار قريش الأصنام للشركاء الذين يدعوهم من دون الله، قال بل اياه تدعون، فيكشف ما تدعون اليه ان شاء وتنسون ما تشركون

 

بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) الانعام

تدبروا حتى في الكلمة “إياه” حصرها اياه تدعو انت لاتدعوا احدا الا الله سبحانه وتعالى في وقت الشدة في وقت المحنة، فإذا كنت تعرفه في وقت الشدة في وقت المحنة فكيف لا تعرفه في السراء، واذا انت موقن في لحظة الضر والضعف ان لا اله الا هو سبحانه وتعالى فكيف لا تدرك هذا الأمر في غير هذه اللحظات، لأن لحظات الضعف والضراء تكشف عن الفطرة الانسانية والإنسان فطر على الايمان بالله سبحانه وتعالى، فطرت من الله التي فطر الناس عليها فطرهم على الايمان فطرهم على التوحيد الأصل هو التوحيد وكل الأشياء، الشركيات الأخرى هي عوارض وأمور طارئة تطرا على الفطرة فتطمسها فهنا عملية طمس

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

التضرع إلى الله في الشدائد

 

 

09.jpg

 

 

 

 

تدبروا في الآية

” وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء”

لماذا

” لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ”

اذا حتى البأساء و الشدة والضر الذي يقع عليك والذي يكون شديدا واقع عليك من قبل الاخرين او من قبل اي جهة هو في ذاته مدعاة لأن يقربنا الى الله عز وجل

 

 

“لعلهم يتضرعون”

كلمة الضراعة في اصلها في اللغة العربية الضرع، ضرع الدابة، اذا ما معني يتضرعون، يدرك تماما الانسان، تماما ان لا ملجا له من الله الا اليه في الشدة والمحنة صحيح نحن نسأل الله سبحانه وتعالى وقد امرنا بذلك، والنبي صلوات الله وسلامه عليه كان دوما يسال الله العفو والعافية ولكن لحظات المحنة أو الشدة او المرض او السقم او التعب لحظات ثمينة في عمر الانسان البشري، لحظات ثمينة ولكن متى حين تولد مرحلة الضراعة و التضرع لله سبحانه وتعالى، يتضرعون بمعنى يرجعون ويلجؤون ويستجيبون لله سبحانه وتعالى، ولذلك قال :

“فلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تضرعوا”

باتت لديهم الضراعة وهي حالة من الايمان مع انكسار شديد في القلب يتولد عنه هذه الحالة العجيبة، حالة دعاء، ولكن دعاء اجتمع فيه القلب واللسان والجوارح وكل الوسائل، وسائل الادراك في خضوع تام لله سبحانه وتعالى وشعور كامل بالعجز الانساني ولذلك الانسان المؤمن هذه الآيات العظيمة تعلمنا حين نتعرض للحظات الشدة أو الألم والصعوبات، ينبغي علينا ان نستحضر معاني الايمان، لحظات الشدة لحظات عظيمة لتجدد معاني الايمان في النفوس فلا تجعل من تلك اللحظات لحظات سخط على القدر والعياذ بالله، هي نفس اللحظة يعيشها كل الناس، على اختلاف درجات الايمان بالله حتى الكافر يعيشها، الكافر ليس مبرأ ليس منزه ليس بعيدا عن هذا هو انسان، ولكن لحظات الشدة تمر بالمؤمن فتزيده ايمانا، وتمر أحيانا بالإنسان الغافل فربما توقعه في السخط والعياذ بالله وفي البعد عن رحمة الله عز وجل، سخط على أقدار الله عز وجل، لماذا ربي فعل، لماذا أنزل علي، لماذا ابتلاني لماذا سلط علي والعياذ بالله، كلمات لا ينبغي للمؤمن أن يمر بها او يشعر بها اصلا، ناهيك عن ان يتكلم بها او يتفوه بها ولذلك قال

” فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تضرعوا ”

 

 

فما نراه في واقعنا افرادا ومجتمعات وبلدان وأمم من مرور بحالات البأس، اعلم ان الله يريد ان يستخرج منك أجمل ما فيك، وأجمل ما فينا تضرعنا ورجوعنا لله سبحانه وتعالى، فلا تنشغل بالمحنة ولا بالموقف الصعب الذي تمر به عن هذا المعنى العظيم، اجعل من تلك المحنة و الصعوبة والشدة التي تمر بها مرحلة للمراجعة، مرحلة تراجع فيها أعمالك، تراجع فيها نفسك تراجع فيها كل الملفات السابقة المختلفة، وهنا وقفة، وقفة حقيقية للفرد وللمجتمعات بمراجعة الملفات، الصعوبات والمحن والأزمات والكوارث تمر على الجنس البشري بإطلاقه ولكنها تولد في تلك النفوس المستوعبة الواعية المدركة وهذا ما يفعله فينا القرآن، تولد المراجعة، المراجعة لأي شيء لأجل التصحيح لآجل التصويب لأجل الاستدراك على ما فاتنا من أعمال من تصرفات من امور عزم وهذا هو معنى التوبة، التوبة ليس فقط ان يتفوه الانسان بلسانه ويقول استغفر الله وتبت الى الله وانتهى الموضوع، عزم على عدم الرجوع الى ذلك الفعل الذي حال بيننا وبين الله سبحانه وتعالى حال بيننا و بين الايمان

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الدنيا ليست دار جزاء الدنيا دار عمل

 

 

donia.jpg

 

 

 

“فلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تضرعوا ”

لم يحصل التضرع، ماذا حصل

” وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ “،

إشكالية خطيرة عوضا عن ان تصبح الشدة والبأساء والواقع الصعب مرحلة لاسترجاع الانسان لنفسه ومراجعة لأخطائه وعيوبه واستدراك ما فات الذي حدث هو العكس قسوة في القلب تمرد تسخط على الأقدار شعور باني انا لا استحق ما يحدث لي من أزمة انا فعلت كل ما ينبغي ان أفعل فتولدت القسوة من اين تولدت القسوة، القرآن بينها قال :

” وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ”

ما كانوا يعملون من الأخطاء ما قد وقعوا فيه من العيوب والاشكاليات والتجاوزات ما رأوها تجاوزات، كثير من الناس لو تدبرنا في الواقع حين تعرض لهم مشكلة او ابتلاء، اول كلمة يقولها لماذا يحدث لي هذا، أنا الانسان الذي أصلي والذي افعل والامين والذي احافظ على عملي وكذا وكذا أتهم بهذا؟؟؟أو يحصل لي هذا ! بينما الناس الذين يخالفون هذا الأمر أو الامانة او ما شابه لا يحدث لهم , هذا لا ينبغي هذا تفكير سلبي، التفكير الذي ينبغي أن يكون والذي ينبغي ان يحدث في هذه الحالة هو المراجعة، المراجعة التي تقوم على النظر في الذات والتركيز على النفس وليس التعلق بما فعل الاخرون أو ما يستحقه الاخرون، ان هذه القضية ليست من اختصاص الفرد، الانسان مطالب بعمله هو أول ما يطالب به وبالتالي المرجعة ينبغي ات تكون حول نفسي وأخطائي وتصويب ما استطيع ان اقوم بتصويبه ولا ان يزين لي الشيطان عملي، اذا كان في مجالات أنا قصرت فيها فعلي أن أعترف

” رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِر لَنَا وَتَرْحَمنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ”

فماذا كانت النتيجة؟

” فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ”

 

 

قضية تتجدد في كثير من المجتمعات، الانسان حين ينسى كل هذه المالات، ربي سبحانه وتعالى يعامل المجتمعات بطرق مختلفة وواحدة من سننه وأقداره سنة الاستدراج، فتح عليهم أبواب كل شيء، زيادة في الرزق زيادة في الأموال الزيادة في الأرزاق والأموال وفتح الدنيا عليك لا يعني أنك مكرم عند الله عز وجل وضيق العيش والرزق وحدوث المشاكل في حياتك لا يعني أنك انت لست على شيء عند الله سبحانه، مقاييس مختلفة لماذا؟ لأن قضية الايمان والعلاقة بالله سبحانه وتعالى لا بد أن تكون مرتبطة بذاتها دون النظر الى حيثيات ما يحدث لي، الدنيا ليست دار جزاء الدنيا دار عمل وقد يبتليك الله سبحانه وتعالى وانت سائر في الطريق في طريقك الى الايمان يبتليك بأمور يختبرك بأشياء يضيق عليك في شيء فلا تقول

رَبِّي أَهَانَنِ

واذا اعطاك وفتح عليك لا تقول

رَبِّي أَكْرَمَنِ

 

 

لأن الاهانة والاكرام لا تتعلق بالفتح أو الغلق لا تتعلق بالعطاء او بالمنع انظر الى طاعتك انظر الى قربك من الله سبحانه انظر الى ما تجدد في حياتك وفي قلبك من معاني الايمان هذا الذي ينبغي النظر اليه وليس الى ما فتح عليك من الدنيا أو ما لم يفتح الدنيا فتحت أو لم تفتح طبيعتها أنها زائلة الى زوال ولذلك هؤلاء القوم حين فتح عليهم أبواب كل شيء أيضا لم تتحرك وسائل الادراك لديهم ولم يتفكروا

” فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا”

واعتقدوا انه ربي سبحانه وتعالى أعطاهم ذلك لذكاء او عبقرية كما حدث مع قارون

” قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي”

 

نسي قدرة الله سبحانه نسي حكم الله عز وجل في خلقه ولم تولد لديه النعمة استجابة اذا نحن أمام ما عددنا في هذه الآيات كلها مواقف انسانية المفروض ان تجدد معاني الايمان في قلبك الأولى محنة والثانية نعمة منحة، المحنة المفروض ان تولد لدى الانسان الصبر بعض الاصناف من البشر تولد لديهم القسوة خسروا، المحنة هذه هي الغاية التي ينبغي ان تربط بها محنة مع صبر تولد صبر عند الانسان، المنحة او النعمة يفترض ان تولد عند الانسان الشكر او التوجه لله سبحانه وتعالى وله الحمد فاذا غفل عن الشكر وفرح بما أتاه الله سبحانه وتعالى ولم يدرك معاني الاختبار في هذه القضية هنا

” أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ”

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يتحقق لك الأمن ؟

 

%D8%A7%D9%85%D9%86.jpg

 

 

الأمن الداخلي، الأمن النفسي، الأمن على أشكال، وليس شكلاً واحداً، ويمكن من الممكن فعلاً من أكثر ما تفتقر إليه المجتمعات اليوم الأمن، واللافت للنظر: كل بلد من بلدان العالم فيها جهاز يختص بالأمن جهاز الأمن، ولكن القرآن يعلمنا أن القضية ليست قضية إنشاء أجهزة ولا مؤسسات ولا وزارات، بقدر ما هي:

(الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ)[الأنعام:82].

تصلح علاقتك مع الله سبحانه وتعالى فيتحقق لك الأمن،

لأن الأمن منحة من الله سبحانه وتعالى.

 

الأمن على أشكال كما ذكرنا: الأمن الغذائي على سبيل المثال اليوم العالم يعاني من قضيته لا أمن غذائي يخاف الناس على أقواتهم ومصادر رزقهم ما الذي يحقق لك الأمن؟ إيمانك بالله سبحانه، ليس ذلك الإيمان الذي يتوهم الإيمان الإنسان أنه آمنت بالله إذاً أجلس في بيتي والله يرزقني، هذا ليس هو الإيمان التي في سورة الأنعام.

 

إذاً الإيمان الذي يدفع بك لأن تصبح إنساناً في واقعك إنساناً مجتهداً إنساناً مغيراً، إنساناً فاعلاً، إنساناً مؤملاً للحياة وللكون، مستفيداً من ثرواتها، عادلاً في طريقة توزيعها، لا تعرف الغش ولا تعرف الاحتيال، ولا التدليس، هذه معاني مع الإيمان تماماً تتولد وتدبروا في ذاك التلازم بين الأمن والإيمان، والأمانة، ثلاثية عجيبة لا تنفك عن بعضها البعض، إيمان أمانة، أمن، على قدر إيمانك تكون أمانتك، الأمانة التي تكلمت عنها سورة النساء وسورة المائدة، وكل سور القرآن الأمانة:

(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)[النساء:58].

 

ولذلك لا إيمان لمن لا أمانة له، إيمانك الذي يدفعك إلى أداء الأمانات، إيمانك الذي يدفعك إلى النظر إلى الكون وقلنا فيه: على أنه أمانة ينبغي الحفاظ عليها والسعي في حمايتها، وكذلك كل المقدرات الإنسان، كل الإمكانيات البشرية أرواح البشر أعراضهم أمانة لا ينبغي أن يعتدى عليهم، أموالهم أمانة، فتدبر معي! إيمانك يدفعك إلى الاعتقاد أن أموال الناس وأعراض وأرواح الناس أمانات، أليس هذا هو الأمان، ما الذي يمكن أن يتحقق من خلال الأمان سوى أن يأمن الناس على أنفسهم وعلى أعراضهم، وعلى أموالهم وديارهم وبيوتهم، وهذا لا يتحقق في مجتمع فيه مجموعة من الخونة، مجموعة ممن لا يجدون ولا يراعون في المؤمنين لا نفساً ولا عرضاً ولا مالاً، وهذا لا يتحقق إلا من خلال تلك المنظومة الإيمانية الإيمان الذي تبنيه سورة الأنعام في هذا الموضع العظيم، إيمان يحقق الأمان للمجتمع بأسره، وذكرنا ونذكر أن الأمن ليس على شكل واحد، نحن اليوم في مجتمعاتنا نتكلم عن الأمن الغذائي، نتكلم عن الأمن الفكري، نتكلم عن أشكال من الأمن

 

الأمن الغذائي على سبيل المثال لا يتحقق بدون وجود من يراعون الأمانات، من يرون أن مقدرات الكون وأن ما في هذا الكون من ثروات إنما هي محظ أمانات، أمانات في الحفاظ عليها، أمانات في الحصول عليها وكسبها، أمانات في كيفية توزيعها عدالة التوزيع، أمانات في توظيفها وإيصالها لمستحقيها، أمانات سلسلة من الأمانات، ولو تحققت هذه الأمانات، وقام كل فرد بدوره في تحقيقها لتحقق فعلاً الأمن الغذائي، الأمن الغذائي ليس كما يدعي البعض نتيجة لقلة الموارد أو المصادر والثروات الطبيعية، حقيقة إشكالية الأمن الغذائي إشكالية تعود في جذورها الأساسية، إلى قلة أو ندرة الأمانة في الكسب في التوزيع في أشياء متعددة متنوعة في الفساد ما يطلق عليه اليوم معدلات الفساد المرتفعة المخيفة في المجتمعات اليوم، هذه لا تتحقق أبداً بدون وجود هذه الأمانة، بدون الانتهاء من إشكالية الفساد والقضاء عليه، ومحاصرة المفسدين، ولا يكون ذلك إلا من خلال الأمانة.

فيصبح الإيمان عاملاً مولداً للإمانة، وبالتالي مولد للأمن،

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يتحقق الأمن الفكري؟

 

 

 

 

الأمن الفكري بمعنى:

أن يكون الناس في مأمن من الأفكار المنحرفة، من الأفكار الضالة، من التيارات الفاسدة، من الأفكار التي يمكن أن تولد العنف على سبيل المثال أو التطرف أو الإرهاب، أو ما شابه، ما يجري الحديث عنه في مختلف وسائل الإعلام، وفي حياة بشكل عام،

ولكن هذا الأمن كيف يتحقق؟

إن لم يكن لديك مصادر تعزز وتكرس شأن قضية الأمن في حياة الإنسان في حياة البشر، وأين هذا المصدر سوى ذلك المنهج العظيم في كتاب الله سبحانه، الكتاب الذي لا يحابي أحد من البشر على حساب أحد آخر، الكتاب الذي ينظر على الناس على أنهم سواء في خلقتهم الإنسان سواء أمام الله سبحانه، المنهج الوحيد الذي يخاطب البشرية على أنهم بشر، لا وفق أعراضهم ولا أجناسهم ولا لحسابات أخرى، وهنا يتحقق الأمن.

 

إذاً القرآن في هذه الآية العظيمة في سورة الأنعام يؤكد لنا على أهمية غائبة عن كثير من المجتمعات بقضية الإيمان، كل المجتمعات اليوم بدون استثناء تبحث عن الأمن، الغرب منها والشرق، الذي يؤمن والذي لا يؤمن، ولنا أن نتساءل كأفراد كمنظرين كصناع قرار كتربويين لماذا غاب الأمن على حياتنا، لماذا على الرغم من اتساع وتعدد وتنوع وكثرة وسائل المراقبة على سبيل المثال وما شابه، لماذا لا يزال الإنسان العاصر يشكل من هذه القضية في الأمن؟

لماذا لم يعد الناس يشعرون بالأمن والأمان، لماذا عادوا يركبون عشرات الكامرات للمراقبة؟ لماذا؟ هل لاتساع العالم، هل لكثرة الناس؟

ربما تكون عوامل كثيرة متعددة لا ينبغي أن أحصرها في عامل واحد،

ولكن في سورة الأنعام القرآن يعالج هذه المشاكل:

 

(الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ)[الأنعام:82]

الظلم بكل أشكاله، التوحيد الذي يدفع بالإنسان إلى العمل الصالح، التوحيد الذي يدفع بالإنسان إلى الحفاظ على الآخرين، التوحيد الذي يمنع الفرد من الاعتداء على حقوق الآخرين، ليس كأي توحيد، الإيمان الذي تبنيه هذه السورة العظيمة وتدعو الناس إليه عبر عشرات الوسائل المختلفة التي تعرضها الآيات توافق الفطرة تتكلم عن الوجدان، تخاطب العقل تخاطب وسائل متنوعة، لماذا؟

لأن قضية الإيمان قضية محورية في حياة الفرد والمجتمع والعالم، المجتمع الإنسان، الأسرة الإنسانية، ولذلك جاء الحديث عنها قضية الأمن.

 

وإبراهيم عليه السلام كأن موذج كل الأمم التي تؤمن بالشرائع السماوية تؤمن بإبراهيم، إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء، إبراهيم عليه السلام أنموذج لفرد عايش معنى الأمن، أمن من الصراع الداخلي الذي كان موجوداً في وسط ذلك الصراع هو كان موجود في وسط ذلك الصراع بين قومه، ولكنه كان يعيش في أمن، ثم الأمن الذي حتم وجود مصادر الخوف والقلق، ما سلم منه، الأمن الذي تحقق به وهو في النار، ألقى به قومه في النار، ولكنهم حتى وإن ألقوا به في النار لم يتمكنوا من سلبه من الشعور بالأمن، لماذا؟

لأن الإيمان كان متكرساً في قلبه، يقين لا يخاف ما أشركوا بالله سبحانه وتعالى، لا يخاف شيء أدرك آمن تيقن، وصل إلى هذه المرحلة من الأمن، ثم الأمن الذي شعر به كذلك حين هاجر من وطنه ومن بلده، والأمن الذي شعر به حين ترك زوجته هاجر، وابنه إسماعيل في وسط الصحراء، الأمن هنا ليس بمعنى: أن الإيمان يدفع بالإنسان إلى التواكل وعدم الأخذ بالأسباب، ولكن تلك القوة الداخلية التي يحدثها الإيمان نتيجة لذلك الشعور بالسلام الذي يستشعر به المؤمن، المؤمن يشعر بسلام داخل، سلام نتج نتيجة طبيعية جداً لعلاقته الوثيقة بالله سبحانه وتعالى التي لا تغير الأحوال ولا تبدلها الابتلاءات والامتحانات، ثم تأتي الآيات بالحديث عن كل الأنبياء، الأنبياء الذين ساروا على نفس سيرة إبراهيم عليه السلام، تدبروا في الآية قال: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم)[الأنعام:83].

 

رفعه بالإيمان الرفعة الحقيقة هي بالإيمان، وليست كما يتوهمها بعض الناس، بعض الناس يعتقد أن الرفعة بالمال أو الجاه أو المنصب أو ما شابه ذلك، كل هذه الأعراض المختلفة كلها أمانات، تكاليف، لتصب في قضية الامتحان، ولكن الرفعة الحقيقية التي ينعم بها الإنسان رفعة الإيمان، الإيمان هو الذي يرفعك وعدم الإيمان أو الكفر والجحود والعياذ بالله هو الذي ينزل بالإنسان إلى درجة الانحطاط الحقيقي الذي لا يليق بإنسانيته.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نحتاج إلى إحياء فضيلة الإحسان في حياتنا

 

ehsan.gif

 

(وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ)[الأنعام:84]

تدبروا معي! لم يذكر من النعم هنا ابتدأ بأول نعمة نعمة الهداية قبل كل النعم، لأن الهداية هي أعظم نعمة ينعم بها الإنسان، ولذلك كان المطلب الأسمى الذي يطلبه المؤمن صباح مساء في كل ركعة: اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيم[الفاتحة:6] في سورة الفاتحة، نحن لا ندعو بشيء سوى:

اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيم[الفاتحة:6] *

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين[الفاتحة:7].

لماذا؟

لأن الهداية هي مطلب المؤمن الحقيقي، إذا هداه الله أتاه كل شيء، كل شيء يأتيه، والهداية هنا الهداية الخاصة التي اختص الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بها.

 

وتدبروا معي! قال أولاً: (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين)[الأنعام:84].

تدبروا! قلنا: إن الهداية منحة من الله سبحانه وتعالى عطاء بدليل قال:

( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين)[الأنعام:84]

جازاهم على إحسانهم بالهداية، نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى أعظم مطلب لأنه إن لم يهده الله سبحانه وتعالى إليه فماذا يغني عنه كل ما حصله من مكاسب دنيوية ماذا ينفع بدون هداية:

( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين)[الأنعام:84].

 

ولذلك لكي نتحصل ونتعرض لهداية الله سبحانه وتعالى هذه الهداية التي يكلمنا عنها هداية الله عز وجل لأنبيائه نحتاج أن نتخلق بالخلق الحسن بقدر ما نحسن إلى أنفسنا، والإحسان في حقيقته: هو إحسانك لنفسك، فأنت حين تحسن في عبادتك على سبيل المثال في صلاتك: إنما تحسن لنفسك، يحسن في عطائه، يحسن في صدقته، يحسن في عمله، يحسن في علاقاته الأسرية، يحسن في صلة الرحم، يحسن في علاقاته مع الجيران، في كل أشكال الإحسان المختلفة، نتعرض ونطلب الهداية من الله عز وجل بالإحسان أن نكون من المحسنين، الله سبحانه وتعالى يحب المحسنين، ولا يتحصل الإحسان ولا مرتبة الإحسان دون مراقبة الله عز وجل، وتصدر الإحسان أعمال الأنبياء:

( وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين)[الأنعام:84]

كلهم أحسنوا كل هؤلاء في حياتهم نماذج في الإحسان، يعقوب على سبيل المثال عليه السلام أحسن في صبره، أحسن في عفوه، أحسن في تعامله مع أبنائه، أحسن كان من المحسن.

 

نوح عليه السلام نفس الشيء، داود عليه السلام وسليمان أحسنا في أي شيء؟

أحسن في الحكم، أحسنا في الاستخلاف، أحسنا في كل شيء، أيوب، ويوسف عليه السلام ذكر الله عز وجل عنه في السور إنه كان من المحسنين رجل من المحسنين أحسن في صبره أحسن في الامتحان الذي تعرض له في أكثر من موضع أحسن في عطائه أحسن في عمله، أحسن في إداراته أحسن في نصحه الإحسان، الإحسان عبادة الأنبياء، فإذا أردت أن يهديك الله سبحانه وتعالى هداية خاصة تتعرض لها بإحسانك إحسانك في كل شيء، إحسانك في العطاء، فالإحسان فضيلة لابد للإنسان لكي يحصل عليها وينعم بها ويترقى إليها أن يتخلص الأناني، هي من نفس الكلمة إحسان:

(وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ)[القصص:77].

 

فنحتاج إلى إحياء فضيلة الإحسان في حياتنا، ألا يكون جانب من جوانب الإحسان على سبيل المثال ألا يكون تعاملنا مع الآخرين بالمثل، أحسن أُحسن إليه، لم يحسن إليّ لا أُحسن إليه، إذاً فأين الإحسان، إن أنت إذا أحسنت إلى الآخرين بناءً على إحسانهم إليك أنت لست متفضل بهم، ولكن أن تقابل الإساءة بالإحسان هنا يبدأ الترقي.

قال: (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِين)[الأنعام:85].

الإحسان يولد الصلاح، ويولد الإصلاح الذي أمر الله سبحانه وتعالى به وأقام به الدنيا، وأنزل الكتب من أجله، نهى عن الفساد عن ما يضاده ويناقضه، ويقابل الفساد الإصلاح:

(ومن آبائهم وذرياتهم).

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كيف يتفاضل الناس فيما بينهم؟

 

al-takwa.gif

 

 

 

( وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِين)[الأنعام:86]

كيف يتفاضل الناس فيما بينهم؟

تدبروا في الموازين التي يضعها القرآن لنا، عند الناس الناس يتفاضلون بناءً على المراتب التي اخترعها بنو البشر، مال، جاه، منصب، كما ذكرنا، ولكن التفاضل عند رب العالمين سبحانه وتعالى قال:

(وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِين)[الأنعام:86]

فضلهم بأي شيء؟

بالإحسان بالصلاح بالهداية بالنبوة، فإذا كانت النبوة هي مرتبة اصطفاء يصطفي سبحانه وتعالى من يشاء من عباده، ولكن الإحسان والصلاح الذي يمكن أن نتفاضل به نحن كبشر، هذا أمر في مقدورنا، هذا هو ما اختبرنا فيه، وهذا هو ما أمرنا به: أن نحسن، إذاً وسيلة التفاضل ومراتب التفاضل فيما بيننا كبشر: إنما في إحساننا في زيادة وفي كثرة إحساننا وصلاحنا وعطائنا، هذه المعايير التي يبنيها القرآن العظيم، ولذلك جاء الحديث هنا مرة أخرى على الهداية قال:

( وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم)[الأنعام:87] *

(ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ )[الأنعام:88].

 

b0a36b75bb0c.jpg

 

الكلام عن الهداية، ثم الآيات التي بعد ذلك:

(أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)[الأنعام:90].

تدبروا معي! إذاً هو الهدى الإيمان حقق الهدى، والمطلوب في حياتي أن يكون لي هدى، لأن بدون هداية، وتأملوا في الربط، نحن قلنا في بداية سورة الأنعام، وفي آيات عديدة في السور تكلمت عن الظلمات والنور، الظلمات نتيجة للظلام، شيء طبيعي للظلام، النور: نتيجة للهداية، فربي سبحانه وتعالى حين يعطي المؤمن الهداية إنما هو في واقع الأمر يهديه ويوصله ويرشده إلى النور، والنور يحقق له الهداية في نفس الوقت:

(قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِين)[الأنعام:90].

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة *مع الله*
      تفسير معاني مفردات القرآن الكريم (جزء عمً) الدورة مجانية 
      💻📲الدراسة بنظام الاون لاين عن طريق التليجرام من اى مكان فى العالم.
      📜 يحصل الطالب على شهادة بعد الإختبار .
      🏅بالاضافه لشهادة الشكر والامتياز لمن حصل على 95% فما فوق🏅
      🔴 للانضمام للدورات يرجى الضغط على الروابط الآتية:
      رابط صفحة التسجيل في الدورة:
      https://www.islamkingdom.com/ar/تسجيل

      رابط قناة تليجرام الدورة:
      https://t.me/al_feqh_com_ar
       

    • بواسطة امانى يسرى محمد
      في تفسير الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا‏ ـ‏ تبارك وتعالى ـ :‏



      "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏(‏ الفرقان‏:53)‏ .



      ذكرابن كثير ـ‏ يرحمه الله‏ ـ ما نصه‏ :...‏ وقوله ـ تعالى ـ‏ : "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي خلق الماءين الحلو والمالح‏,‏ فالحلو كالأنهار والعيون والآبار ‏.‏ قاله ابن جريج واختاره‏,‏ وهذا المعنى لا شك فيه‏,‏ فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات‏,‏ والله ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ إنما أخبر بالواقع لينبه العباد إلى نعمه عليهم ليشكروه‏,‏ فالبحر العذب فرقه الله ـ تعالى ـ بين خلقه لاحتياجهم إليه أنهاراً أو عيوناً في كل أرض‏‏ بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم‏ .‏ وقوله تعالى‏: " ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ "‏ أي مالح‏,‏ مر‏,‏ زعاف لا يُستَسَاغ‏,‏ وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب‏,‏ البحر المحيط وبحر فارس، وبحر الصين والهند، وبحر الروم، وبحر الخزر‏,‏ وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري‏,‏ ولكن تموج وتضطرب وتلتطم في زمن الشتاء وشدة الرياح‏,‏ ومنها ما فيه مد وجزر‏,‏ ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض‏,‏ فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت حتى ترجع إلى غايتها الأولى‏,‏ فأجرى الله‏‏‏ ـ وهو ذو القدرة التامة ـ العادة بذلك‏، فكل هذه البحار الساكنة خلقها الله‏ ـ سبحانه وتعالى‏ ـ‏ مالحة لئلا يحصل بسببها نتن الهواء‏,‏ فيفسد الوجود بذلك‏,‏ ولئلا تجوي الأرض بما يموت فيها من الحيوان‏,‏ ولما كان ماؤها ملحاً كان هواؤها صحيحاً وميتتها طيبة ‏.ولهذا قال رسول الله‏ ـ‏ صلى الله عليه وسلم ـ‏ وقد سئل عن ماء البحر‏:‏ أنتوضأ به؟



      فقال‏: "‏ هو الطهور ماؤه‏,‏ الحل ميتته‏ "‏ (رواه مسلم).



      وقوله تعالى‏: "وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً " أي بين العذب والمالح‏ .‏ وبرزخاً أي حاجزاً وهو اليبس من الأرض ."‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي مانعاً من أن يصل أحدهما إلى الآخر ، كقوله ـ تعالى ـ ‏: "‏ مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ " (الرحمن:19 –20) .



      وقوله ـ تعالى ـ ‏:"‏ وَجَعَلَ بَيْنَ البَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ " (النمل:61) .


       
       

      وجاء في تفسير الجلالين‏ ـ‏ رحم الله كاتبيه‏ ـ‏ ما نصه ‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ "‏أرسلهما متجاورين . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ " شديد العذوبة .‏" ‏وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " شديد الملوحة . " وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ حاجزاً لا يختلط أحدهما بالآخر . "‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً ‏" ستراً ممنوعاً به اختلاطهما‏ .


       

      وجاء في صفوة التفاسير‏: "‏ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ البَحْرَيْنِ ‏ "‏ أي هو ـ تعالى ـ بقدرته خلَّى وأرسل البحرين متجاورين متلاصقين، بحيث لا يتمازجان . ‏"‏ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ‏"‏ أي شديد العذوبة، قاطع للعطش من فرط عذوبته‏ . " وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " أي بليغ الملوحة‏,‏ مر شديد المرارة .‏"‏ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً ‏"‏ أي جعل بينهما حاجزاً من قدرته، لا يغلب أحدهما على الآخر . ‏"‏ وَحِجْراً مَّحْجُوراً "‏ أي ومنعاً من وصول أثر أحدهما إلى الآخر وامتزاجه به‏


    • بواسطة امانى يسرى محمد
      سورة الفاتحة :



      اشتملت على التعريف بالمعبود بثلاثة أسماء مرجع الأسماء الحسنى والصفات العليا ومدارها عليها (الله، الرب، الرحمن )



      ابن القيم



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما الدعاء:



      توسل بالحمد والثناء على الله



      توسل لله بعبوديته



      بسم الله: استعانتك بحول الله وقوته في إنجاز أي عمل ، متبرئا من حولك وقوتك



      فتذكر هذا المعنى فهو وقود ودافع لكل خطوة في حياتك



      بسم الله



      حتى تجد أثر الفاتحة من بدايتها وبدقائق حياتك عظِّم ربك وأنت تقول ( بسم الله) ليصغر كل شيء في دنياك



      بسم الله



      نحفظ أنفسنا من كل سوء



      ونحفظ ذرياتنا من شر الشيطان الرجيم


       

      الحمد لله



      { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم }



      أليست كلمة ( الحمد لله ) دارجة على الألسن كال تنفس للهواء اليوم؟



      إنها تبعث في النفوس القوة ، فحملة العرش ومن حوله يستقوون بتسبيحهم



      بحمد ربهم ، ونحن بأمس الحاجة للاستقراء بها في رحلة الحياة الدنيا وفواجعها



      الحمد لله



      الحمد للاستغراق ، لاستغراق أنواع المحامد كلها ، فله سبحانه الحمد كله أوله وآخره



      الحمد لله



      وهو المستحق الحمد المطلق لأن له وحده الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله



      الحمد لله



      على نعم لا تٌحصى ، وأرزاق تترى



      وأخرى نراها ، وأخرى تخفى



      الحمد لله



      بالجنان قبل اللسان



      وبالأفعال والأركان



      الحمد لله



      في السراء والضراء



      في الشدة والرخاء



      طمأنينة في القلب



      ورضا في النفس



      وانشراح في الصدر



      واحتساب وأجر



      أيها المصلي تأمل وأنت تتلو


       

      ( الحمد لله رب العالمين )



      أعمل العقل وقلّب النظر



      تأمل، تفكر،تدبر



      كم بهذا الوجود مما نراه



      من صنوف بفضله شاهدات



      رب العالمين



      دلّ على انفراده سبحانه بالخلق والتدبير والنعم وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار



      السعدي



      فأعلن فقرك لربك في كل مرة تقرأ فيها هذه السورة لتذوق السعادة الأبدية


       

      الرحمن الرحيم



      كيف وأنت كمسلم تكررها عشرات المرات في يومك فتشعر أن ظلال الرحمة يحوطك من كل اتجاه



      وتكرار الآية يرسخ في عقلك الباطن أنك كبشر تتعامل مع رب رحيم



      الرحمن الرحيم



      الأمر لا يقف عند حد الثناء لله تعالى



      بل هو أيضاً دعاء واستحداث وطلب متكرر بأن :



      يارب ،،، يارحمن ،،،، يا رحيم



      أدخلني برحمتك التي وسعت كل شيء فلا غنى لي عنها لحظة ولا طرفة عين ولا أقل من ذلك



      فالزمن صعب والدنيا دار هموم وغموم ودار بلايا ورزايا



      آلامها ومصابها ، وتقلباتها ومفاجأتها متتاليات لا تنتهي



      ولولا دوام رحمة الله بك لهلكت



      تأمل : روعة الدمج بين الثناء والدعاء وأنت تردد ( الرحمن الرحيم )



      كدعاء غريق مضطر يعرف يقينا أنه هالك لولاها



      الرحمن على وزن فعلان يدل على السعة والشمول فهي أشد مبالغة من الرحيم


       

      الرحمن



      اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به



      متضمن لصفات الإحسان والجود والبر أي يرحم جميع الخلق



      المؤمنين والكافرين في الدنيا ، وذلك بتيسير أمور حياتهم ومعيشتهم



      والإنعام عليهم بنعمة العقل وغيرها من نعم الدنيا


       

      الرحيم



      خاص بالمؤمنين فيرحمهم في الدنيا والآخرة



      ذكر الرحمن مرة في القران



      وذكر الرحيم مرة ، أي ضعفها



      إذا كنت تثني على الله ، وتطلب منه الرحمة بهذا الإلحاح والتكرار اليومي



      فسيكون لها أثر في سلوكياتك وتعاملاتك



      فطريق الرحمة وبابها أن ترحم أنت أيضاً ، فاتصف بالرحمة مع الناس



      واعمل بها



      كُن رحيما تُرحم


       

      الرحمن الرحيم



      املأ جنبات نفسك طمأنينة وراحة وثقة وأملا



      مادمت تكررها وتتدبر أسرارها


       

      مالك يوم الدين



      أما والله إن الظلم لؤم



      إلى ديان يوم الدين نمضي



      وما زال المسيء هو الظلوم



      وعند الله تجتمع الخصوم


       

      يوم الدين



      أمل الصابرين والمحتسبين الذين جاهدوا أنفسهم على ترك المعاصي والسيئات



      وصبروا عن الشهوات وصبروا على أقدار الله المؤلمة في الدنيا



      يوم الدين



      عزاء للمظلومين والمحرومين يوم تجتمع الخصوم



      لعلك تدرك هذا السر العظيم الذي سيثمر الصبر والرضا



      والتسليم وتهدأ آلامك وجراحك وأحزانك ودموعك



      بل سيعينك على تحمّل الظلم الذي تقاسيه ، والحرمان الذي تعيشه في الدنيا



      لأنك تعلم أنك منصور



      ( مالك يوم الدين )



      هل سيجرؤ مسلم يردد هذه الآية أن يبخس حق أحد



      أو أن يظلم أحد أو أن يعتدي على عرض أحد



      ( مالك يوم الدين )



      قراءة هذه الآية يقرع جرس الإنذار عند كل تعامل مع الآخرين أن



      تنبه ،،،



      احذر ،،،،



      لا تغفل ،،،،،



      لا تنس ،،،،،



      مالك يوم الدين



      كأن سورة الفاتحة تصرخ في ضمائرنا يوميا مرات



      تذكروا يوم الدين ، وذكٍّروا الظالم بيوم الدين


       

      إياك نعبد وإياك نستعين



      قدم العبادة على الاستعانة



      لشرفها لأن الأول غاية والثاني وسيلة لها



      تقديم العام على الخاص



      تقديم حقه تعالى على حق عباده



      توافق رؤوس الآي



      وإياك نستعين



      أنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه لهذا المطلوب



      تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة في



      ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      أيها المصلي وأنت تردد ( إياك نعبد وإياك نستعين )



      هل تشعر بأنك تطلب العون حقاً ممن بيده ملكوت السماوات والأرض ؟



      هل تشعر بأنك صاحب توحيد وشجاعة ؟



      وأنك قوي القلب عزيز النفس ؟!



      هل تشعر بأنك قوي بالله ؟!



      اللهم اجعلنا أفقر خلقك إليك ، وأغنى خلقك بك



      اللهم أعنا وأغننا عمن أغنيته عنا



      اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك



      اهدنا الصراط المستقيم



      إذا كثرت الأقاويل ، واشتد الخلاف وتنازلت الملل والفرق والأحزاب وانتشرت الخرافات



      إذا اشتدت المحن وكثرت الفتن ونزلت الهموم والغموم وتتبع الناس الأبراج والنجوم



      إذا ضاقت الأنفاس واشتد القنوط واليأس وحلّ الضر والبأس وسيطر الشك والوسواس



      ليس لك إلا أن تردد ( اهدنا الصراط المستقيم )



      ( فحاجة العبد إلى سؤال هذه الهداية ضرورية في سعادته ونجاته وفلاحه ، بخلاف حاجته إلى الرزق والنصر



      فإن الله يرزقه فإذا انقطع رزقه مات ، والموت لا مفر منه ، فإذا كان من أهل الهدى كان سعيدا قبل الموت وبعده



      وكان الموت موصلا للسعادة الأبدية ، وكذلك النصر إذا قُدّر أنه غلب حتى قُتِلَ فإنه يموت شهيدا وكان القتل من تمام النعمة ، فتبين أن الحاجة إلى الهدى أعظم من الحاجة إلى النصر والرزق ،، بل لا نسبة بينهما )



      ابن تيمية



      الهداية هي



      الحياة الطيبة وأُسُّ الفضائل ولجام الرذائل



      بالهداية تجد النفوس حلاوتها وسعادتها ، وتجد القلوب قوتها وسر خلقها وحريتها



      الهداية لها شرطان :



      ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )



      (من أكبر المنن أن يٌحبب الله الإيمان للعبد ويزينه في قلبه ويذيقه حلاوته وتنقاد جوارحه للعمل بشرائع الإسلام ويبغض إليه أصناف المحرمات) ابن سعدي


       

      اهدنا الصراط المستقيم



      (هذا أجلّ مطلوب وأعظم مسؤول ، ولو عرف الداعي قدّر الداعي هذا السؤال لجعله هجّيراه ، وقرنه بأنفاسه



      فإنه لم يدع شيئا من خير الدنيا والآخرة إلا تضمنه ، ولما كان بهذه المثابة فرضه الله على جميع عباده فرضا



      متكررا في اليوم والليلة ، لا يقوم غيره مقامه ، ومن ثَمّ يعلم تعين الفاتحة في الصلاة وأنها ليس منها عوض يقوم مقامها)



      ابن القيم



      ( لهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة ، فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته ، وترك معصيته ، فلم يصبه شرّ لا في الدنيا ولا في الآخرة ، لكن الذنوب هي من لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى في كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الأكل والشرب ، ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء )



      ابن تيمية



      ( من هُدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم الذي أرسل به رسله وأنزل كتبه هُدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته ودار ثوابه



      وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم



      وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على هذا الصراط فلينظر العبد سيره على ذلك الصراط من سيره على هذا الصراط ، حذو القذة بالقذة " جزاء وفاقا ". )



      ابن تيمية


       

      غير المغضوب عليهم ولا الضالين



      " من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى "



      " لما كان تمام النعمة على العبد إنما هو بالهدى والرحمة كان لهما ضدان: الضلال والغضب



      ولهذا كان هذا الدعاء من أجمع الدعاء وأفضله وأوجبه"



      ابن القيم



      الفاتحة نور وسرور



      قال صلى الله عليه وسلم ( لن تقرأ بحرف منها إلا أُعطيته )



      وفي الحديث القدسي ( هذا لعبدي ولعبدي ما سأل )



      فيه بشارة عظيمة : من قرأ الفاتحة بصدق وإخلاص وحضور قلب يعطيه الله ما جاء من الفاتحة من مطالب سامية ودرجات رفيعة



      الفاتحة أم القران



      " هي الكافية تكفي عن غيرها ولا يكفي غيرها عنها "



      ابن تيمية


       

      لماذا هي أم القرآن ؟



      اشتمالها على كليات المقاصد والمطالب العالية للقرآن



      اشتملت على أصول الأسماء الحسنى



      اشتملت على كليات المشاعر والتوجيهات



      سيصبح للحياة طعم آخر وأنت تردد الفاتحة بفهمك الجديد لمكامن القوة فيها


       

      لم سميت القرآن العظيم ؟



      لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص والاعتراف بالعجز والابتهال إليه في الهداية وكفاية أحوال الناكثين



      القرطبي



      توسل ووسيلة



      في الفاتحة وسيلتان عظيمتان لا يكاد يرد معهما دعاء



      التوسل بالحمد والثناء على الله



      التوسل إليه بعبوديته



      فهل أنت حاضر القلب والفكر بأنك فعلا تتوسل بهاتين الوسيلتين كل يوم وليلة سبع عشرة مرة



      لا شك أن ذلك سيكون له أثر في حياتك ودقائق تفاصيلها


    • بواسطة راجين الهدي
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
       
      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ * كَلا إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى * إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى * أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى * كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } .
      هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
      فإنها نزلت عليه في مبادئ النبوة، إذ كان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأمره أن يقرأ، فامتنع، وقال: { ما أنا بقارئ } فلم يزل به حتى قرأ. فأنزل الله عليه: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } عموم الخلق، ثم خص الإنسان، وذكر ابتداء خلقه { مِنْ عَلَقٍ } فالذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره، لا بد أن يدبره بالأمر والنهي، وذلك بإرسال الرسول إليهم (1) ، وإنزال الكتب عليهم، ولهذا ذكر (2) بعد الأمر بالقراءة، خلقه (3) للإنسان.
      ثم قال: { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ } أي: كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود، الذي من كرمه أن علم بالعلم (4) .
      و { عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فإنه تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم.
      فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور، ثم من عليهم بالغنى وسعة الرزق، ولكن الإنسان -لجهله وظلمه- إذا رأى نفسه غنيًا، طغى وبغى وتجبر عن الهدى، ونسي أن إلى ربه الرجعى، ولم يخف الجزاء، بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه، ويدعو [غيره] إلى تركه، فينهى عن الصلاة التي هي أفضل أعمال الإيمان. يقول الله لهذا المتمرد العاتي: { أَرَأَيْتَ } أيها الناهي للعبد إذا صلى { إِنْ كَانَ } العبد المصلي { عَلَى الْهُدَى } العلم بالحق والعمل به، { أَوْ أَمَرَ } غيره { بِالتَّقْوَى } .
      فهل يحسن أن ينهى، من هذا وصفه؟ أليس نهيه، من أعظم المحادة لله، والمحاربة للحق؟ فإن النهي، لا يتوجه إلا لمن هو في نفسه على غير الهدى، أو كان يأمر غيره بخلاف التقوى.
      { أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ } الناهي بالحق { وَتَوَلَّى } عن الأمر، أما يخاف الله ويخشى عقابه؟
      { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } ما يعمل ويفعل؟.
      ثم توعده إن استمر على حاله، فقال: { كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ } عما يقول ويفعل { لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ } أي: لنأخذن بناصيته، أخذًا عنيفًا، وهي حقيقة بذلك، فإنها { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } أي: كاذبة في قولها، خاطئة في فعلها.
      { فَلْيَدْعُ } هذا الذي حق عليه العقاب (5) { نَادِيَهُ } أي: أهل مجلسه وأصحابه ومن حوله، ليعينوه على ما نزل به، { سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } أي: خزنة جهنم، لأخذه وعقوبته، فلينظر أي: الفريقين أقوى وأقدر؟ فهذه حالة الناهي وما توعد به من العقوبة، وأما حالة المنهي، فأمره الله أن لا يصغى إلى هذا الناهي ولا ينقاد لنهيه فقال: { كَلا لا تُطِعْهُ } [أي:] فإنه لا يأمر إلا بما فيه خسارة الدارين، { وَاسْجُدْ } لربك { وَاقْتَرِبْ } منه في السجود وغيره من أنواع الطاعات والقربات، فإنها كلها تدني من رضاه وتقرب منه.
      وهذا عام لكل ناه عن الخير ومنهي [ ص 931 ] عنه، وإن كانت نازلة في شأن أبي جهل حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، وعبث به (6) وآذاه. تمت ولله الحمد.
      __________
      (1) في ب: بإرسال الرسل.
      (2) في ب: ولهذا أتى.
      (3) في ب: بخلقه.
      (4) في ب: بأنواع العلوم.
      (5) في ب: العذاب.
      (6) في ب: وعذبه.


       
       

      { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } .
      يقول تعالى مبينًا لفضل القرآن وعلو قدره: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } كما قال تعالى: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وذلك أن الله [تعالى] ، ابتدأ بإنزاله (1) في رمضان [في] ليلة القدر، ورحم الله بها العباد رحمة عامة، لا يقدر العباد لها شكرًا.
      وسميت ليلة القدر، لعظم قدرها وفضلها عند الله، ولأنه يقدر فيها ما يكون في العام من الأجل والأرزاق والمقادير القدرية.
      ثم فخم شأنها، وعظم مقدارها فقال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ } أي: فإن شأنها جليل، وخطرها عظيم.
      { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي: تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر [خالية منها]، وهذا مما تتحير فيه (2) الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين سنة.
      { تَنزلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } أي: يكثر نزولهم فيها { مِنْ كُلِّ أَمْر سَلامٌ هِيَ } أي: سالمة من كل آفة وشر، وذلك لكثرة خيرها، { حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } أي: مبتداها من غروب الشمس ومنتهاها طلوع الفجر (3) .
      وقد تواترت الأحاديث في فضلها، وأنها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه، خصوصًا في أوتاره، وهي باقية في كل سنة إلى قيام الساعة.
      ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، يعتكف، ويكثر من التعبد في العشر الأواخر من رمضان، رجاء ليلة القدر [والله أعلم].


       

      تفسير سورة لم يكن


       

      وهي مدنية


       

      __________


       

      لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)
      { 1 - 8 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ * وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ * وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } .
      يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: [من] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.
      { مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين (1) إلا كفرًا.
      { حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابًا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: { يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً } أي: محفوظة عن قربان الشياطين، لا يمسها إلا المطهرون، لأنها في أعلى ما يكون من الكلام.
      ولهذا قال عنها: { فِيهَا } أي: في تلك الصحف { كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } أي: أخبار صادقة، وأوامر عادلة تهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، فإذا جاءتهم هذه البينة، فحينئذ يتبين طالب الحق ممن ليس له مقصد في طلبه، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.
      وإذا لم يؤمن أهل الكتاب لهذا الرسول وينقادوا له، فليس ذلك ببدع من ضلالهم وعنادهم، فإنهم ما تفرقوا واختلفوا وصاروا أحزابًا { إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } التي توجب لأهلها الاجتماع والاتفاق، ولكنهم لرداءتهم ونذالتهم، لم يزدهم الهدى إلا ضلالا ولا البصيرة إلا عمى، مع أن الكتب كلها جاءت بأصل واحد، ودين واحد فما أمروا في سائر الشرائع إلا أن يعبدوا { اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } أي: [ ص 932 ] قاصدين بجميع عباداتهم الظاهرة والباطنة وجه الله، وطلب الزلفى لديه، { حُنَفَاءَ } أي: معرضين [مائلين] عن سائر الأديان المخالفة لدين التوحيد. وخص الصلاة والزكاة [بالذكر] مع أنهما داخلان في قوله { لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ } لفضلهما وشرفهما، وكونهما العبادتين اللتين من قام بهما قام بجميع شرائع الدين.
      { وَذَلِكَ } أي التوحيد والإخلاص في الدين، هو { دِينُ الْقَيِّمَةِ } أي: الدين المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، وما سواه فطرق موصلة إلى الجحيم.
      ثم ذكر جزاء الكافرين بعدما جاءتهم البينة، فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ } قد أحاط بهم عذابها، واشتد عليهم عقابها، { خَالِدِينَ فِيهَا } لا يفتر عنهم العذاب، وهم فيها مبلسون، { أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عرفوا الحق وتركوه، وخسروا الدنيا والآخرة.
      { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } لأنهم عبدوا الله وعرفوه، وفازوا بنعيم الدنيا والآخرة .


       
       

      جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)


       

      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } .
      { جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } أي: جنات إقامة، لا ظعن فيها ولا رحيل، ولا طلب لغاية فوقها، { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } فرضي عنهم بما قاموا به من مراضيه، ورضوا عنه، بما أعد لهم من أنواع الكرامات وجزيل المثوبات { ذَلِكَ } الجزاء الحسن { لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } أي: لمن خاف الله، فأحجم عن معاصيه، وقام بواجباته (1) .
      [تمت بحمد لله]


    • بواسطة راجين الهدي
      بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


       

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
       
       
      { 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } .
      أي { قُلْ } قولا جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه، { هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
      { اللَّهُ الصَّمَدُ } أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } لكمال غناه { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } لا في أسمائه ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
      فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.


       
       
       

      { 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } .
      أي: { قل } متعوذًا { أَعُوذُ } أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم { بِرَبِّ الْفَلَقِ } أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
      { مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال: { وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
      { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
      { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
      ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه [ومن أهله].
      تفسير سورة الناس
      وهي مدنية


       
       

      1 - 6 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه [ ص 938 ] يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
      فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
      وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
      وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
      والحمد لله رب العالمين أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
      ونسأله تعالى أن يتم نعمته، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت (1) بيننا وبين كثير من بركاته، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.
      ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون.
       
      تابعونا في باقي السلسة لنعرف أكثر عن كلام الرحمن


       

      تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان


       
       

      المؤلف : الامام السعدي


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×