اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

مُدارسة كتاب : •°o.O تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان O.o°•

المشاركات التي تم ترشيحها

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكن الله خيرا

 

بسملة النور

 

ارجو الله

 

امة من اماء الله

 

على المتابعة والتلخيص

 

نفع الله به

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) ﴾

 

{ وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ } أي: جماعة { يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } أي: يهدون به الناس في تعليمهم إياهم وفتواهم لهم، ويعدلون به بينهم في الحكم بينهم، بقضاياهم، كما قال تعالى: { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } وفي هذا فضيلة لأمة موسى عليه الصلاة والسلام، وأن اللّه تعالى [ ص 306 ] جعل منهم هداة يهدون بأمره.

وكأن الإتيان بهذه الآية الكريمة فيه نوع احتراز مما تقدم، فإنه تعالى ذكر فيما تقدم جملة من معايب بني إسرائيل، المنافية للكمال المناقضة للهداية، فربما توهم متوهم أن هذا يعم جميعهم، فذكر تعالى أن منهم طائفة مستقيمة هادية مهدية.

(1/305)

________________________________________

 

﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) ﴾

 

 

{ وَقَطَّعْنَاهُمُ } أي: قسمناهم { اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا } أي: اثنتي عشرة قبيلة متعارفة متوالفة، كل بني رجل من أولاد يعقوب قبيلة.

{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ } أي: طلبوا منه أن يدعو اللّه تعالى، أن يسقيهم ماء يشربون منه وتشرب منه مواشيهم، وذلك لأنهم - واللّه أعلم - في محل قليل الماء.

فأوحى اللّه لموسى إجابة لطلبتهم { أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ } يحتمل أنه حجر معين، ويحتمل أنه اسم جنس، يشمل أي حجر كان، فضربه { فَانْبَجَسَتْ } أي: انفجرت من ذلك الحجر { اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا } جارية سارحة.

{ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ } أي: قد قسم على كل قبيلة من تلك القبائل الاثنتي عشرة، وجعل لكل منهم عينا، فعلموها، واطمأنوا، واستراحوا من التعب والمزاحمة، والمخاصمة، وهذا من تمام نعمة اللّه عليهم.

{ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ } فكان يسترهم من حر الشمس { وَأَنزلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ } وهو الحلوى، { وَالسَّلْوَى } وهو لحم طير من أنواع الطيور وألذها، فجمع اللّه لهم بين الظلال، والشراب، والطعام الطيب، من الحلوى واللحوم، على وجه الراحة والطمأنينة.

وقيل لهم: { كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا } حين لم يشكروا اللّه، ولم يقوموا بما أوجب اللّه عليهم.

{ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } حيث فوتوها كل خير، وعرضوها للشر والنقمة، وهذا كان مدة لبثهم في التيه.

(1/306)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162) ﴾

 

{ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ } أي: ادخلوها لتكون وطنا لكم ومسكنا، وهي (إيلياء) { وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ } أي: قرية كانت كثيرة الأشجار، غزيرة الثمار، رغيدة العيش، فلذلك أمرهم اللّه أن يأكلوا منها حيث شاءوا.

 

{ وَقُولُوا } حين تدخلون الباب: { حِطَّةٌ } أي: احطط عنا خطايانا، واعف عنا.

{ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا } أي: خاضعين لربكم مستكينين لعزته، شاكرين لنعمته، فأمرهم بالخضوع، وسؤال المغفرة، ووعدهم على ذلك مغفرة ذنوبهم والثواب العاجل والآجل فقال: { نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنزيدُ الْمُحْسِنِينَ } من خير الدنيا والآخرة، فلم يمتثلوا هذا الأمر الإلهي، بل { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } أي: عصوا اللّه واستهانوا بأمره { قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ } فقالوا بدل طلب المغفرة، وقولهم: { حِطَّة } (حبة في شعيرة)، وإذا بدلوا القول - مع يسره وسهولته - فتبديلهم للفعل من باب أولى، ولهذا دخلوا وهم يزحفون على أستاههم.

{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ } حين خالفوا أمر اللّه وعصوه { رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ } أي: عذابا شديدا، إما الطاعون وإما غيره من العقوبات السماوية.

وما ظلمهم اللّه بعقابه وإنما كان ذلك { بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ } أي: يخرجون من طاعة الله إلى معصيته، من غير ضرورة ألجأتهم ولا داع دعاهم سوى الخبث والشر الذي كان كامنا في نفوسهم.

(1/306)

________________________________________

 

 

﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) ﴾

 

{ وَاسْأَلْهُمْ } أي: اسأل بني إسرائيل { عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ } أي: على ساحله في حال تعديهم وعقاب اللّه إياهم.

{ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ } وكان اللّه تعالى قد أمرهم أن يعظموه ويحترموه ولا يصيدوا فيه صيدا، فابتلاهم اللّه وامتحنهم، فكانت الحيتان تأتيهم { يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا } أي: كثيرة طافية على وجه البحر.

{ وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ } أي: إذا ذهب يوم السبت { لا تَأْتِيهِمْ } أي: تذهب في البحر فلا يرون منها شيئا { كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } ففسقهم هو الذي أوجب أن يبتليهم (1) اللّه، وأن تكون لهم هذه المحنة، وإلا فلو لم يفسقوا، لعافاهم اللّه، ولما عرضهم للبلاء والشر، فتحيلوا على الصيد، فكانوا يحفرون لها حفرا، وينصبون لها الشباك، فإذا جاء يوم السبت ووقعت في تلك الحفر والشباك، لم يأخذوها في ذلك اليوم، فإذا جاء يوم الأحد أخذوها، وكثر فيهم ذلك، وانقسموا ثلاث فرق:

 

معظمهم اعتدوا وتجرؤوا، وأعلنوا بذلك.

وفرقة أعلنت بنهيهم والإنكار عليهم.

 

__________

(1) كذا في ب، وفي أ: يبليهم.

(1/306)

________________________________________

 

وفرقة اكتفت بإنكار أولئك عليهم، ونهيهم لهم، وقالوا لهم: { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا } كأنهم يقولون: لا فائدة في [ ص 307 ] وعظ من اقتحم محارم اللّه، ولم يصغ للنصيح، بل استمر على اعتدائه وطغيانه، فإنه لا بد أن يعاقبهم اللّه، إما بهلاك أو عذاب شديد.

فقال الواعظون: نعظهم وننهاهم { مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ } أي: لنعذر فيهم.

{ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي: يتركون ما هم فيه من المعصية، فلا نيأس من هدايتهم، فربما نجع فيهم الوعظ، وأثر فيهم اللوم.

وهذا المقصود الأعظم من إنكار المنكر ليكون معذرة، وإقامة حجة على المأمور المنهي، ولعل اللّه أن يهديه، فيعمل بمقتضى ذلك الأمر، والنهي.

{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ } أي: تركوا ما ذكروا به، واستمروا على غيهم واعتدائهم.

{ أَنْجَيْنَا } من العذاب { الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ } وهكذا سنة اللّه في عباده، أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.

{ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا } وهم الذين اعتدوا في السبت { بِعَذَابٍ بَئِيسٍ } أي: شديد { بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }

وأما الفرقة الأخرى التي قالت للناهين: { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ } فاختلف المفسرون في نجاتهم وهلاكهم، والظاهر أنهم كانوا من الناجين، لأن اللّه خص الهلاك بالظالمين، وهو لم يذكر أنهم ظالمون.

فدل على أن العقوبة خاصة بالمعتدين في السبت، ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فاكتفوا بإنكار أولئك، ولأنهم أنكروا عليهم بقولهم: { لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا } فأبدوا من غضبهم عليهم، ما يقتضي أنهم كارهون أشد الكراهة لفعلهم، وأن اللّه سيعاقبهم أشد العقوبة.

(1/306)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه

 

حالت الاقدار بينى وبين التلخيص فسامحونى

الوضع كان صعبآ قليلآ

دعواتكن أخواتى

لابأس أختي,وإن شاء الله تيسر الأمور...

جزاك الله خيرا إلهام

ومن المتابعات إن شاء الله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكن الله خيرا

 

ارجو الله

 

وامة من اماء الله

 

على المتابعة والرد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ َلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) ﴾

 

{ فَلَمَّا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ } أي: قسوا فلم يلينوا، ولا اتعظوا، { قُلْنَا لَهُمْ } قولا قدريا: { كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } فانقلبوا بإذن اللّه قردة، وأبعدهم اللّه من رحمته، ثم ذكر ضرب الذلة والصغار على من بقي منهم فقال:

(1/307)

________________________________________

 

﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) ﴾

 

 

{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ } أي: أعلم إعلاما صريحا: { لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ } أي: يهينهم، ويذلهم.

{ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ } لمن عصاه، حتى إنه يعجل له العقوبة في الدنيا. { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } لمن تاب إليه وأناب، يغفر له الذنوب، ويستر عليه العيوب، ويرحمه بأن يتقبل منه الطاعات، ويثيبه عليها بأنواع المثوبات، وقد فعل اللّه بهم ما أوعدهم به، فلا يزالون في ذل وإهانة، تحت حكم غيرهم، لا تقوم لهم راية، ولا ينصر لهم عَلَمٌ.

(1/307)

 

________________________________________

 

{ وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأرْضِ أُمَمًا } أي: فرقناهم ومزقناهم في الأرض بعد ما كانوا مجتمعين، { مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ } القائمون بحقوق اللّه، وحقوق عباده، { وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ } أي: دون الصلاح، إما مقتصدون، وإما ظالمون لأنفسهم، { وَبَلَوْنَاهُمْ } على عادتنا وسنتنا، { بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ } أي: بالعسر واليسر.

{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عما هم عليه مقيمون من الردى، يراجعون ما خلقوا له من الهدى، فلم يزالوا بين صالح وطالح ومقتصد، حتى خلف من بعدهم خلف. زاد شرهم { وَرِثُوا } بعدهم { الْكِتَابُ } وصار المرجع فيه إليهم، وصاروا يتصرفون فيه بأهوائهم، وتبذل لهم الأموال، ليفتوا ويحكموا، بغير الحق، وفشت فيهم الرشوة.

{ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ } مقرين بأنه ذنب وأنهم ظلمة: { سَيُغْفَرُ لَنَا } وهذا قول خال من الحقيقة، فإنه ليس استغفارا وطلبا للمغفرة على الحقيقة.

فلو كان ذلك لندموا على ما فعلوا، وعزموا على أن لا يعودوا، ولكنهم - إذا أتاهم عرض آخر، ورشوة أخرى - يأخذوه.

فاشتروا بآيات اللّه ثمنا قليلا واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، قال اللّه [تعالى] في الإنكار عليهم، وبيان جراءتهم: { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ } فما بالهم يقولون عليه غير الحق اتباعا لأهوائهم، وميلا مع مطامعهم.

{ و } الحال أنهم قد { دَرَسُوا مَا فِيهِ } فليس عليهم فيه إشكال، بل قد أَتَوْا أمرهم متعمدين، وكانوا في أمرهم مستبصرين، وهذا أعظم للذنب، وأشد للوم، وأشنع للعقوبة، وهذا من نقص عقولهم، وسفاهة رأيهم، بإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، ولهذا قال: { وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } ما حرم اللّه عليهم، من المآكل التي تصاب، وتؤكل رشوة على الحكم بغير ما أنزل اللّه، وغير ذلك من أنواع المحرمات.

{ أَفَلا تَعْقِلُونَ } أي: أفلا يكون لكم عقول توازن بين ما ينبغي إيثاره، وما ينبغي الإيثار عليه، وما هو أولى بالسعي إليه، والتقديم له على غيره. فخاصية العقل النظر للعواقب.

وأما من نظر إلى عاجل طفيف منقطع، يفوت نعيما عظيما باقيا فأنى له العقل والرأي؟

وإنما العقلاء حقيقة من وصفهم اللّه بقوله { وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ } [ ص 308 ] أي: يتمسكون به علما وعملا فيعلمون ما فيه من الأحكام والأخبار، التي علمها أشرف العلوم.

ويعلمون بما فيها من الأوامر التي هي قرة العيون وسرور القلوب، وأفراح الأرواح، وصلاح الدنيا والآخرة.

ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات، إقامة الصلاة، ظاهرا وباطنا، ولهذا خصها الله بالذكر لفضلها، وشرفها، وكونها ميزان الإيمان، وإقامتها داعية لإقامة غيرها من العبادات.

ولما كان عملهم كله إصلاحا، قال تعالى: { إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ } في أقوالهم وأعمالهم ونياتهم، مصلحين لأنفسهم ولغيرهم.

وهذه الآية وما أشبهها دلت على أن اللّه بعث رسله عليهم الصلاة والسلام بالصلاح لا بالفساد، وبالمنافع لا بالمضار، وأنهم بعثوا بصلاح الدارين، فكل من كان أصلح، كان أقرب إلى اتباعهم.

(1/307)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) ﴾

 

ثم قال تعالى: { وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ } حين امتنعوا من قبول ما في التوراة.

فألزمهم اللّه العمل ونتق فوق رءوسهم الجبل، فصار فوقهم { كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } وقيل لهم: { خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ } أي: بجد واجتهاد.

{ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ } دراسة ومباحثة، واتصافا بالعمل به { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } إذا فعلتم ذلك.

(1/308)

________________________________________

 

﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) ﴾

 

 

{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ * وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } .

 

 

يقول تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } أي: أخرج من أصلابهم ذريتهم، وجعلهم يتناسلون ويتوالدون قرنا بعد قرن.

{ و } حين أخرجهم من بطون أمهاتهم وأصلاب آبائهم { أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ } أي: قررهم بإثبات ربوبيته، بما أودعه في فطرهم من الإقرار، بأنه ربهم وخالقهم ومليكهم.

قالوا: بلى قد أقررنا بذلك، فإن اللّه تعالى فطر عباده على الدين الحنيف القيم.

فكل أحد فهو مفطور على ذلك، ولكن الفطرة قد تغير وتبدل بما يطرأ عليها من العقائد الفاسدة، ولهذا { قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } أي: إنما امتحناكم حتى أقررتم بما تقرر عندكم، من أن اللّه تعالى ربكم، خشية أن تنكروا يوم القيامة، فلا تقروا بشيء من ذلك، وتزعمون أن حجة اللّه ما قامت عليكم، ولا عندكم بها علم، بل أنتم غافلون عنها لاهون.

فاليوم قد انقطعت حجتكم، وثبتت الحجة البالغة للّه عليكم.

أو تحتجون أيضا بحجة أخرى، فتقولون: { إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ } فحذونا حذوهم، وتبعناهم في باطلهم.

{ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ } فقد أودع اللّه في فطركم، ما يدلكم على أن ما مع آبائكم باطل، وأن الحق ما جاءت به الرسل، وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءكم، ويعلو عليه.

 

نعم قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين، ومذاهبهم الفاسدة ما يظنه هو الحق، وما ذاك إلا لإعراضه، عن حجج اللّه وبيناته، وآياته الأفقية والنفسية، فإعراضه عن ذلك، وإقباله على ما قاله المبطلون، ربما صيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق، هذا هو الصواب في تفسير هذه الآيات.

 

وقد قيل: إن هذا يوم أخذ اللّه الميثاق على ذرية آدم، حين استخرجهم من ظهره وأشهدهم على أنفسهم، فشهدوا بذلك، فاحتج عليهم بما أقروا به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم، وعنادهم في الدنيا والآخرة، ولكن ليس في الآية ما يدل على هذا، ولا له مناسبة، ولا تقتضيه حكمة اللّه تعالى، والواقع شاهد بذلك.

فإن هذا العهد والميثاق، الذي ذكروا، أنه حين أخرج اللّه ذرية آدم من ظهره، حين كانوا في عالم كالذر، لا يذكره أحد، ولا يخطر ببال آدمي، فكيف يحتج اللّه عليهم بأمر ليس عندهم به خبر، ولا له عين ولا أثر؟" ولهذا لما كان هذا أمرا واضحا جليا، قال تعالى:

{ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ } أي: نبينها ونوضحها، { وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } إلى ما أودع اللّه في فطرهم، وإلى ما عاهدوا اللّه عليه، فيرتدعون عن القبائح.

(1/308)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

وجزاكِ الله خيرا

 

امة من اماء الله

 

تسعدني متابعتك : )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) ﴾

 

{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ * مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } .

 

 

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا } [ ص 309 ] أي: علمناه كتاب اللّه، فصار العالم الكبير والحبر النحرير.

{ فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ } أي: انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بآيات اللّه، فإن العلم بذلك، يصير صاحبه متصفا بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويرقى إلى أعلى الدرجات وأرفع المقامات، فترك هذا كتاب اللّه وراء ظهره، ونبذ الأخلاق التي يأمر بها الكتاب، وخلعها كما يخلع اللباس.

فلما انسلخ منها أتبعه الشيطان، أي: تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين، وصار إلى أسفل سافلين، فأزه إلى المعاصي أزا.

{ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ } بعد أن كان من الراشدين المرشدين.

وهذا لأن اللّه تعالى خذله ووكله إلى نفسه، فلهذا قال تعالى: { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا } بأن نوفقه للعمل بها، فيرتفع في الدنيا والآخرة، فيتحصن من أعدائه.

{ وَلَكِنَّهُ } فعل ما يقتضي الخذلان، فَأَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ، أي: إلى الشهوات السفلية، والمقاصد الدنيوية. { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ } وترك طاعة مولاه، { فَمَثَلُهُ } في شدة حرصه على الدنيا وانقطاع قلبه إليها، { كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } أي: لا يزال لاهثا في كل حال، وهذا لا يزال حريصا، حرصا قاطعا قلبه، لا يسد فاقته شيء من الدنيا.

{ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } بعد أن ساقها اللّه إليهم، فلم ينقادوا لها، بل كذبوا بها وردوها، لهوانهم على اللّه، واتباعهم لأهوائهم، بغير هدى من اللّه.

{ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } في ضرب الأمثال، وفي العبر والآيات، فإذا تفكروا علموا، وإذا علموا عملوا.

{ سَاءَ مَثَلا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ } أي: ساء وقبح، مثل من كذب بآيات اللّه، وظلم نفسه بأنواع المعاصي، فإن مثلهم مثل السوء، وهذا الذي آتاه اللّه آياته، يحتمل أن المراد به شخص معين، قد كان منه ما ذكره اللّه، فقص اللّه قصته تنبيها للعباد. ويحتمل أن المراد بذلك أنه اسم جنس، وأنه شامل لكل من آتاه اللّه آياته فانسلخ منها.

وفي هذه الآيات الترغيب في العمل بالعلم، وأن ذلك رفعة من اللّه لصاحبه، وعصمة من الشيطان، والترهيب من عدم العمل به، وأنه نزول إلى أسفل سافلين، وتسليط للشيطان عليه، وفيه أن اتباع الهوى، وإخلاد العبد إلى الشهوات، يكون سببا للخذلان.

ثم قال تعالى مبينا أنه المنفرد بالهداية والإضلال: { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ } بأن يوفقه للخيرات، ويعصمه من المكروهات، ويعلمه ما لم يكن يعلم { فَهُوَ الْمُهْتَدِي } حقا لأنه آثر هدايته تعالى، { وَمَنْ يُضْلِلِ } فيخذله ولا يوفقه للخير { فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } لأنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين.

(1/308)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

التلخيص باذن الله

ومن بني اسرائيل جماعة مستقيمون على شريعة الله يهدون الناس بكلمة الحق لا يجورون.

وفرقنا بني إسرائيل فجعلناهم قبائل شتّى اثنتي عشرة قبيلة من اثني عشر ولداً من أولاد يعقوب أوحينا إِلى موسى أن يضرب الحجر بعصاه فضربه فانفجرت من الحجر اثنتا عشرة عيناً من الماء بعدد الأسباط قد عرف كل سبطٍ وجماعة منهم عينهم الخاصة بهم وجعلنا الغمام يكنّهم من حر الشمس ويقيهم من أذاها وأكرمناهم بطعام شهي وهو شيء حلوٌ ينزل على الشجر يجمعونه ويأكلونه يسمى المن والسلوى وهو طائر لذيذ اللحم يسمى السُمَّاني، كلُّ ذلك من إفضال الله وإنعامه عليهم دون جهدٍ منهم وقلنا لهم كلوا من هذا الشيء الطيب اللذيذ الذي رزقناكم إياه فكفروا بهذه النعم الجليلة وما ظلمونا ولكنْ ظلموا أنفسهم حيث عرّضوها بالكفر لعذاب الله.

واذكر لهم حين قلنا لأسلافهم اسكنوا بيت المقدس وكلوا من مطاعمها وثمارها من أي جهة ومن أي مكان شئتم منها وقولوا حين دخولكم: يا ألله حُطَّ عنا ذنوبنا نمح عنكم جميع الذنوب التي سلفت منكم وسنزيد من أحسن عمله بامتثال أمر الله وطاعته فوقَ الغفران دخول الجنان

فغير الظالمون منهم أمر الله بقولهم كلاماً لا يليق حيث قالوا بدل حطة حنطة في شعيرة وبدل أن يدخلوا ساجدين خشوعاً لله دخلوا يزحفون على أستاههم "أدبارهم" سخرية واستهزاء بأوامر الله فأرسلنا عليهم عذاباً من السماء بسبب ظلمهم وعدوانهم

واسأل يا محمد اليهود عن أخبار أسلافهم وعن أمر القرية التي كانت بقرب البحر وعلى شاطئه ماذا حلَّ بهم لما عصوا أمر الله واصطادوا يوم السبت

وهي قرية على شاطئ بحر وقد تجاوزوا حد لله فيه وهو اصطيادهم يوم السبت

حين كانت الحيتان تأتيهم يوم السبت وقد حرم عليهم الصيد فيه وكانت كثيرةً ظاهرةً على وجه الماء وفي غير يوم السبت وهي سائر الأيام لا تأتيهم بل تغيب عنهم وتختفي مثل ذلك البلاء العجيب نختبرهم ونمتحنهم بإظهار السمك لهم على وجه الماء في اليوم المحرَّم عليهم صيده وإخفائها عنهم في اليوم الحلال بسبب فسقهم وانتهاكهم حرمات لله.

يخبر تعالى عن أهل هذه القرية أنهم صاروا إلى ثلاث فرق على قول ابن كثير

فرقة ارتكبت المحظور واحتالوا على اصطياد السمك يوم السبت، وفرقة نهت عن ذلك واعتزلتهم، وفرقة سكتت فلم تفعل ولم تنه ولكنها قالت للمنكرة قالت لم تنهون هؤلاء وقد علمتم أنهم قد هلكوا واستحقوا العقوبة من الله فلا فائدة في نهيكم إياهم؟ قال الناهون إنما نعظهم لنعذر عند الله بقيامنا بواجب النصح والتذكير ولعلهم ينتهون عما هم فيه من الإِجرام،

فلما تركوا ما ذكّرهم به صلحاؤهم وأعرضوا عن قبول النصيحة إعراضاً كلياً نجينا الناهين عن الفساد في الأرض وأخذنا الظالمين والعصاة بعذابٍ شديد وهم الذين ارتكبوا المنكر بسبب فسقهم وعصيانهم لأمر الله فلما استعصوا وتكبروا عن ترك ما نهو عنه مسخناهم إلى قردة وخنازير

واذكر يا محمد حين أعلم ربك ليسلطنَّ على اليهود إلى قيام الساعة من يذيقهم أسوأ العذاب بسبب عصيانهم ومخالفتهم أمر الله واحتيالهم على المحارم

ولا يزال وعد الله بتسليط العذاب عليهم

والله سريع العقاب لمن عصاه وغفورٌ رحيم لمن أطاعه و فرّقناهم في البلاد طوائف وفرقاً منهم من آمن وهم قلة قليلة ومنهم من انحطّ عن درجة الصلاح بالكفر والفسوق وهم الكثرة الغالبة و اختبرناهم بالنعم والنقم والشدة والرخاء لعلهم يرجعون عن الكفر والمعاصي فخلف من بعد ذلك الجيل الذي فيهم الصالح والطالح خلْفٌ آخر لا خير فيهم ورثوا الكتاب وهو التوراة عن آبائهم يأخذون ذلك الشيء الدنيء من حطام الدنيا من حلال وحرامٍ ويقولون متبجحين سيغفر الله لنا ما فعلناه، وهذا اغترار منهم وكذب على الله ويرجون المغفرة وهم مصرّون على الذنب كلما لاح لهم شيء من حطام الدنيا أخذوه لا يُبالون من حلالٍ كان أو حرام ألم يؤخذ عليهم العهد المؤكد في التوراة أن يقولوا الحق ولا يكذبوا على الله؟ فكيف يزعمون أنه سيغفر لهم مع إصرارهم على المعاصي وأكل الحرام والحال أنهم درسوا ما في الكتاب وعرفوا ما فيه المعرفة التامة من الوعيد على قول الباطل والافتراء على الله والآخرة خير للذين يتقون الله بترك الحرام و لو كانوا عقلاء لما آثروا الفانية على الباقية والذين يتمسكون في أمور دينهم بما أنزله الله ويحافظون على أداء الصلاة في أوقاتها فانا لا نضيع أجرهم بل نجزيهم على تمسكهم وصلاحهم أفضل

 

واذكر حين اقتلعنا جبل الطور ورفعناه فوق رؤوس بني إسرائيل كأنه سقيفة أو ظلة غمام و أيقنوا أنه ساقط عليهم إن لم يمتثلوا الأمر وقلنا لهم خذوا التوراة بجد وعزيمة و اذكروا ما فيه بالعمل واعملوا به لتكونوا في سلك المتقين.

أخذ الميثاق العام على بني آدم

قال الطبري واذكر يا محمد إذْ استخرج ربك أولاد آدم من أصلاب آبائهم فقرّرهم بتوحيده وأشهد بعضَهم على بعض بذلك وقرّرهم على ربوبيته ووحدانيته فأقروا بذلك والتزموه لئلا تقولوا يوم الحساب إنا كنا عن هذا الميثاق والإِقرار بالربوبية غافلين لم ننبه عليه ولكيلا تقولوا يوم القيامة أيضاً نحن ما أشركنا وإنما قلدنا آباءنا واتبعنا منهاجهم فنحن معذورون أفتهلكنا بإشراك من أشرك من آبائنا المضلّين بعد اتباعنا منهاجهم على جهلٍ منا بالحق وكما بينا الميثاق نبيّن الآيات ليتدبرها الناس وليرجعوا عما هم عليه من الإِصرار على الباطل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

التلخيص بإذن الله تعالى

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وما جزاءالتكبر والتعنت والعتو عن ما نهى الله تعالى عنه الا السخط والغضب عليهم فعاقبهم تعاى بأنه جعل منهم القردة صاغرين ويعلمهم تعالى أنه سيبعث لهم من يذلهم ويأخذ الجزية ، وبالفعل يبعثتعالى اليهم سليمان وبعده بختنصرفقتلهم وسباهم وضربعليهم الجيه فكانوا يؤدونها للمجوسالى أن بعثالله تعالى نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام فضربها عليهم .

 

وفرقهم فى الارض أمم متفارقة فمنهم الصالحون ومنهم دون ذلك من الكفار والفاسقين فأتى من بعدم خلف وثوا التوراة عنأبائهم يأخذون حطام الشئالدنئمن حلال وحرام ويقولون سيغفرلنا وقد أخذ عليهم عهدأن لا يقولو الا الحق.

 

والذين يتمسكون بالتوراة والمقيمى الصلاة فلهم أجرهم عند الله تعالى أمثال عبد الله بن سلام وأصحبه .

وذكريا محمد اذ رفعنا الجبل فوقهم فجعلناه ظلة وأيقنوا أنه ساقط عليهم بوعد الله تعالى بوقوعه إن لم يقبلو أحكام التوراة ، وكانوا ابوها لثقلها فقبلو وقلنا لهم خذوا ما آتيناكم بجد واجتهاد واعملو به لعلكم تتقون

واذكر يامحمد اذ أخرج من صلب ادم بعضهم من بعض فكن التناسل ثمأشهدهمتعالى على أنفسهم الست بربكم فقالو بلى أنت ربنا شهدنا بذلك أن لا تقولو اى الكفار انا كنا عن التوحيد لغافلون اى لا نعرفه .

أو تقولو اشرك ابائنا واجدادنا فاقتدينا بهم أتعذبنا بما فعلوا

ثم يا محمد اتل عل اليهود خبر الذى اتيناه آياتنا فخرج منها كما تخرج الحية من جلدها ،وهو بلعم بن باعوراءمن علماءبتى اسرائل سئل أن يدعو على موسى وأهدى اليه شئ فدعا اليه شئ، فدعا فانقلب عليه واندلع لسانه على صدره (تفسير الجلالين )

ولو شاءالل تعالى لرفعه فصار من كبار العلماء ولكنه اسكن الى الدنيا وملذاتها وتبع هواه فهو مثله كمثل الكلب إن تطرده وتزجره يلهثوإن تتركه ايضآ يلهث فبئس مثل القوم الذين قابلوا آياتنا بالكذب ولكن الله تعالى هو من يهدى ومن يضل فؤلئك هم الخاسرون

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

 

بعد أن ذكر الله تعالى معايب بني إسرائيل, استثنى منهم تعالى جماعة من أمة موسى عليه السلام ,عدهم سبحانه من الهداة المهديين , القائمين على الحق, ولقد قسم الله تعالى قوم موسى عليه السلام إلى اثنتي عشرة قبيلة , وعندما طلبوا من موسى أن يستسقيهم إذ كانوا في أرض قليلة الماء والله أعلم , أوحى الله تعالى إلى نبيه أن اضرب بعصاك الحجر وهذا الحجر قد يكون مما عينه سبحانه له عليه السلام , أو هو اسم جنس, ففعل موسى ما أمر به ,فكان منه اثنتي عشرة عينا فياضة , لكل قبيلة عينا ,وهو من تمام نعمته تعالى عليهم ,كما جعل لهم الغمام يسترهم من حر الشمس ورزقهم الحلوى والسلوى وهو لحم طير من أجود أنواع الطيور, وأمرهم سبحانه أن يتمتعوا بما رزقهم من الطيبات, ولما لم يشكروا نعمه تعالى , كانوا ظلمين لأنفسهم إذ فوتوا عليها الخير,وعرضوها لكل نقمة وبلية

ولقد أمرهم ربهم أن يدخلوا قرية تدعى إيلياء , بها من خيرات الله تعالى الكثير , أشجار وثمار وما إلى ذلك , فأمروا أن يأكلوا منها حيث شاؤوا , وأن يدخلوها قائلين حطة أي احطط عنا خطايانا واعف عنا , وأن يدخلوها خاشعين , خاضعين , شاكرين ,ولو فعلوا لغفر لهم خطاياهم سبحانه وسيزيد المحسنين من خيري الدنيا والآخرة ,لكن الذين ظلموا منهم , بدلوا الذي أمروا به فقالوا حنطة أي حبة من شعير , ودخلوا وهم يزحفون على أستاههم فأصابتهم عقوبة سماوية شديدة , بما كانوا يظلمون ,إذ عصوا الله تعالى من غير ضرورة ألجأتهم لعصيانه تعالى , وإنما السبب فساد سرائرهم

واسأل بني إسرائيل عن القرية التي كانت على ساحل البحر,إذ أمرهم الله تعالى أن لا يصيدوا فيها صيدا , ثم ابتلاهم ربهم جزاء فسقهم بأن جعل كثرة السمك تطفو على وجه البحر يوم السبت الذي منعوا من الصيد فيه , فإذا جاء اليوم الذي يليه , لا يرون منها شيئا , فتحايلوا على نهي الله تعالى لهم للصيد يوم السبت , فحفروا حفرا ونصبوا الشباك , حتى إذا كان يوم السبت وقعت الحيتان في الحفر ,ولم يأخذوا منها شيئا إلى يوم الأحد , فكان أن انقسموا إلى ثلاث فرق :

الفرقة الأولى وهم الأغلبية , اعتدوا وأعلنوا عن ذلك

والفرقة الثانية نهتهم , وأنكرت عليهم علنا

والفرقة الثالثة غضبوا من فعل الفرقة الأولى و قالوا لمن أنكر عليهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم , وكأنهم أيسوا من هدايتهم , فكان جواب الفرقة الثانية : معذرة إلى ربهم ولعلهم يرجعون

فعذب الله تعالى الفرقة الأولى , ونجا سبحانه الفرقة الثانية لنهيهم عن المنكر وأمرهم بالمعروف, والثالثة اختلف المفسرون فيها أهلكوا أم نجوا , والظاهر نجاتهم

ولما لم يتعظوا مسخوا قردة , وضرب على المتيبقين مهم الصغار والذلة , وشتتهم الله تعالى في الأرض وفرقهم ,وجعل منهم الصالحون ومنهم المقتصد ومنهم الظالم لنفسه, فخلفهم من بعدهم خلف, كانوا أشر منهم , فقد ورثوا الكتاب , وتصرفوا فيه بأهوائهم , رغبة في المال , فأفتوا بغير ما أنزل الله تعالى , عمدا ,وأقروا بذنوبهم وظنوا أن سيغفر لهم وماأتوا بالتوبة النصوح ,, وإنما تمادوا فيما هم فيه, وقد علموا شناعته , وآثروا الفانية على الخالدة ,وما كانوا من العقلاء إذ فعلوا ما فعلوه ,فالعاقل ينظر في مآل الأمور وينظر إلى عقوبة الجرم , والعقلاء هم من تمسكوا بالكتاب علما وعملا

ولقد نتق الله تعالى عليهم الجبل من فوق رؤوسهم , فصار كأنه ظلة, ففرقوا أن يقع عليهم ,وذلك عندما امتنعوا عن قبول ما في التوراة فقيل لهم خذوا ما آتنيناكم وادرسوه وابحثوا ثم اعملوا بمقتضاه

ولقد أشهد الله تعالى على بني آدم أنفسهم , حيث فطرهم على الإقرا ربوحدانيته سبحانه فأقروا بذلك , فكان حجة عليهم يوم القيامة أن يقولوا ما قامت علينا حجة , أو أن يحتجوا بأن ءاباءهم أشركوا , فتبعوهم على الباطل , فكيف يعذبون بجريرة ءابائهم , ففطرهم كفيلة بأن تدلهم على الحق,وهذا التفسير هو الذي اختاره الشيخ وصوبه

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أخبرهم بخبر الذي علمناه الكتاب حتى صار عالما جهبذا , فاتبع هواه ولم يتصف بأخلاق العلماء ’ ولم يعمل بعلمه , فوكله الله تعالى لنفسه , وسلط عليه الشيطان , فكان من الغاوين ثم مثله سبحانه وتعالى بالكلب الذي يلهث في كل الأحوال وهذا يلهث في الدنيا , ولا تسد فاقته شيئ , وقد يكون الشخص المذكور شخصا بعينه, وقد يكون اسم جنس , ومن يهده الله فهو المهتد ومن يضلل ولم يوفقه للخير فقد خسر الخسران المبين.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكن الله خيرا

 

بسملة النور

 

ارجو الله

 

امة من اماء الله

 

على المتابعة والتلخيص

 

نفع الله به

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) ﴾

 

{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } .

 

 

يقول تعالى مبينا كثرة الغاوين الضالين، المتبعين إبليس اللعين: { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا } أي: أنشأنا وبثثنا { لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ } صارت البهائم أحسن حالة منهم.

{ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا } أي: لا يصل إليها فقه ولا علم، إلا مجرد قيام الحجة.

{ وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا } ما ينفعهم، بل فقدوا منفعتها وفائدتها.

{ وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا } سماعا يصل معناه إلى قلوبهم.

{ أُولَئِكَ } الذين بهذه الأوصاف القبيحة { كَالأنْعَامِ } أي: البهائم، التي فقدت العقول، وهؤلاء آثروا ما يفنى على ما يبقى، فسلبوا خاصية العقل.

{ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } من البهائم، فإن الأنعام مستعملة فيما خلقت له، ولها أذهان، تدرك بها، مضرتها من منفعتها، فلذلك كانت أحسن حالا منهم.

{ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } الذين غفلوا عن أنفع الأشياء، غفلوا عن الإيمان باللّه وطاعته وذكره.

خلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار، لتكون عونا لهم على القيام بأوامر اللّه وحقوقه، فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود.

فهؤلاء حقيقون بأن يكونوا ممن ذرأ اللّه لجهنم وخلقهم لها، فخلقهم للنار، وبأعمال أهلها يعملون.

وأما من استعمل هذه الجوارح في عبادة اللّه، وانصبغ قلبه بالإيمان باللّه ومحبته، ولم يغفل عن اللّه، فهؤلاء، أهل الجنة، وبأعمال أهل الجنة يعملون.

(1/309)

 

________________________________________

 

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) ﴾

 

{ وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } .

 

 

هذا بيان لعظيم جلاله وسعة أوصافه، بأن له الأسماء الحسنى، أي: له كل اسم حسن، وضابطه: أنه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة، وبذلك كانت حسنى، فإنها لو دلت على غير صفة، بل كانت علما محضا لم تكن حسنى، وكذلك لو دلت على صفة ليست بصفة كمال، بل إما صفة نقص أو صفة [ ص 310 ] منقسمة إلى المدح والقدح، لم تكن حسنى، فكل اسم من أسمائه دال على جميع الصفة التي اشتق منها، مستغرق لجميع معناها.

وذلك نحو { العليم } الدال على أن له علما محيطا عاما لجميع الأشياء، فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.

و { كالرحيم } الدال على أن له رحمة عظيمة، واسعة لكل شيء.

و { كالقدير } الدال على أن له قدرة عامة، لا يعجزها شيء، ونحو ذلك.

ومن تمام كونها "حسنى" أنه لا يدعى إلا بها، ولذلك قال: { فَادْعُوهُ بِهَا } وهذا شامل لدعاء العبادة، ودعاء المسألة، فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب، فيقول الداعي مثلا اللّهم اغفر لي وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، وتب عَلَيَّ يا تواب، وارزقني يا رزاق، والطف بي يا لطيف ونحو ذلك.

وقوله: { وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } أي: عقوبة وعذابا على إلحادهم في أسمائه، وحقيقة الإلحاد الميل بها عما جعلت له، إما بأن يسمى بها من لا يستحقها، كتسمية المشركين بها لآلهتهم، وإما بنفي معانيها وتحريفها، وأن يجعل لها معنى ما أراده اللّه ولا رسوله، وإما أن يشبه بها غيرها، فالواجب أن يحذر الإلحاد فيها، ويحذر الملحدون فيها، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه صلى الله عليه وسلم ( أن للّه تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة )

(1/309)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

عدت من جديد والحمدلله

يعلم الله أنى حزييينة جداااا غلى ما فاتنى من رمضان اللى فات إلى الان

لكن عاوزة أرجع استمر تانى وربنا يعينني يآآآرب

وبقولها تانى

ان شاء الله هنتظم معكن وأحاول ألخص بقدر ما أستطيع

 

بارك الله فيكن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

عودا حميدا أختي هدوء الفجر ,يسعدنا رؤية اسمك من جديد , وإن شاء الله يبارك لنا ربنا في الوقت والجهد ونستمر معا

جزاك الله خير إلهام الحبيبة

ومتابعة بإذن الله تعالى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

حياكن الله أخواتى الغاليات الهام وبسمة النور وامة من اماء الله والاخت هدوء الفجر حياكِ الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

بارك الله فيكم

 

هدوء الفجر

 

(عودا حميداً )

 

امة من اماء الله

 

ارجو الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181 ﴾

)

 

وقوله: { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } .

 

أي: ومن جملة من خلقنا أمة فاضلة كاملة في نفسها، مكملة لغيرها، يهدون أنفسهم وغيرهم بالحق، فيعلمون الحق ويعملون به، ويعلِّمونه، ويدعون إليه وإلى العمل به.

{ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } بين الناس في أحكامهم إذا حكموا في الأموال والدماء والحقوق والمقالات، وغير ذلك، وهؤلاء هم أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وهم الذين أنعم اللّه عليهم بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وهم الصديقون الذين مرتبتهم تلي مرتبة الرسالة، وهم في أنفسهم مراتب متفاوتة كل بحسب حاله وعلو منزلته، فسبحان من يختص برحمته من يشاء، واللّه ذو الفضل العظيم.

(1/310)

________________________________________

 

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) ﴾

 

 

﴿ { وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ * أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ * مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } ﴾
.

 

 

أي: والذين كذبوا بآيات اللّه الدالة على صحة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، من الهدى فردوها ولم يقبلوها. { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ } بأن يدر لهم الأرزاق.

{ وَأُمْلِي لَهُمْ } أي: أُمْهِلُهُم حتى يظنوا أنهم لا يؤخذون ولا يعاقبون، فيزدادون كفرا وطغيانا، وشرا إلى شرهم، وبذلك تزيد عقوبتهم، ويتضاعف عذابهم، فيضرون أنفسهم من حيث لا يشعرون، ولهذا قال: { إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ } أي: قوي بليغ.

{ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ } محمد صلى الله عليه وسلم { مِنْ جِنَّةٍ } أي: أَوَ لَمْ يُعْمِلُوا أفكارهم، وينظروا: هل في صاحبهم الذي يعرفونه ولا يخفى عليهم من حاله شيء، هل هو مجنون؟ فلينظروا في أخلاقه وهديه، ودله وصفاته، وينظروا في ما دعا إليه، فلا يجدون فيه من الصفات إلا أكملها، ولا من الأخلاق إلا أتمها، ولا من العقل والرأي إلا ما فاق به العالمين، ولا يدعو إلا لكل خير، ولا ينهى إلا عن كل شر.

أفبهذا يا أولي الألباب من جنة؟ أم هو الإمام العظيم والناصح المبين، والماجد الكريم، والرءوف الرحيم؟

ولهذا قال: { إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ } أي: يدعو الخلق إلى ما ينجيهم من العذاب، ويحصل لهم الثواب.

{ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } فإنهم إذا نظروا إليها، وجدوها أدلة دالة على توحيد ربها، وعلى ما له من صفات الكمال.

{ و } كذلك لينظروا إلى جميع { مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ } فإن جميع أجزاء العالم، يدل أعظم دلالة على اللّه وقدرته وحكمته وسعة رحمته، وإحسانه، ونفوذ مشيئته، وغير ذلك من صفاته العظيمة، الدالة على تفرده بالخلق والتدبير، الموجبة لأن يكون هو المعبود المحمود، المسبح الموحد المحبوب.

وقوله: { وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ } أي: لينظروا في خصوص حالهم، وينظروا لأنفسهم قبل أن يقترب أجلهم، ويفجأهم الموت وهم في غفلة معرضون، فلا يتمكنون حينئذ، من استدراك الفارط.

{ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } أي: إذا لم يؤمنوا بهذا الكتاب الجليل، فبأي حديث يؤمنون به؟" أبكتب الكذب والضلال؟ أم بحديث كل مفتر دجال؟ ولكن الضال لا حيلة فيه، ولا سبيل إلى هدايته.

(1/310)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

صحبة الخير الهام أمة من اماء الله أرجو الله والحبيبة العائدة هدوء الفجر

يارب تكن بخير حال

متابعة باذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
بســم الله الـرحمــن الرحيــم

صحبة الخير الهام أمة من اماء الله أرجو الله والحبيبة العائدة هدوء الفجر

يارب تكن بخير حال

 

الحمد لله بخير

 

متابعة باذن الله

 

بارك الله فيكِ :tongue:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187) ﴾

 

ولهذا قال تعالى { مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي: متحيرين (1) يترددون، لا يخرجون منه ولا يهتدون إلى حق.

[ ص 311 ]

 

 

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } .

 

يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: { يَسْأَلُونَكَ } أي: المكذبون لك، المتعنتون { عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا } أي: متى وقتها الذي تجيء به، ومتى تحل بالخلق؟

{ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي } أي: إنه تعالى مختص بعلمها، { لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ } أي: لا يظهرها لوقتها الذي قدر أن تقوم فيه إلا هو.

{ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } أي: خفي علمها على أهل السماوات والأرض، واشتد أمرها أيضا عليهم، فهم من الساعة مشفقون.

{ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً } أي: فجأة من حيث لا تشعرون، لم يستعدوا لها، ولم يتهيأوا لقيامها.

{ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } أي: هم حريصون على سؤالك عن الساعة، كأنك مستحف عن السؤال عنها، ولم يعلموا أنك - لكمال علمك بربك، وما ينفع السؤال عنه - غير مبال بالسؤال عنها، ولا حريص على ذلك، فلم لا يقتدون بك، ويكفون عن الاستحفاء عن هذا السؤال الخالي من المصلحة المتعذر علمه، فإنه لا يعلمها نبي مرسل، ولا ملك مقرب.

وهي من الأمور التي أخفاها الله عن الخلق، لكمال حكمته وسعة علمه.

{ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } فلذلك حرصوا على ما لا ينبغي الحرص عليه، وخصوصا مثل حال هؤلاء الذين يتركون السؤال عن الأهم، ويدعون ما يجب عليهم من العلم، ثم يذهبون إلى ما لا سبيل لأحد أن يدركه، ولا هم مطالبون بعلمه.

__________(1) في ب يتحيرون ويترددون.

(1/310)

________________________________________

 

﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) ﴾

 

{ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } .

 

 

{ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا } فإني فقير مدبر، لا يأتيني خير إلا من اللّه، ولا يدفع عني الشر إلا هو، وليس لي من العلم إلا ما علمني اللّه تعالى.

{ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ } أي: لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع، ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه، لعلمي بالأشياء قبل كونها، وعلمي بما تفضي إليه.

ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء، وقد يفوتني ما يفوتني من مصالح الدنيا ومنافعها، فهذا أدل دليل على أني لا علم لي بالغيب.

{ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ } أنذر العقوبات الدينية والدنيوية والأخروية، وأبين الأعمال المفضية إلى ذلك، وأحذر منها.

{ وَبَشِيرٌ } بالثواب العاجل والآجل، ببيان الأعمال الموصلة إليه والترغيب فيها، ولكن ليس كل أحد يقبل هذه البشارة والنذارة، وإنما ينتفع بذلك ويقبله المؤمنون، وهذه الآيات الكريمات، مبينة جهل من يقصد النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوه لحصول نفع أو دفع ضر.

فإنه ليس بيده شيء من الأمر، ولا ينفع من لم ينفعه اللّه، ولا يدفع الضر عمن لم يدفعه اللّه عنه، ولا له من العلم إلا ما علمه اللّه تعالى، وإنما ينفع من قبل ما أرسل به من البشارة والنذارة، وعمل بذلك، فهذا نفعه صلى الله عليه وسلم، الذي فاق نفع الآباء والأمهات، والأخلاء والإخوان بما حث العباد على كل خير، وحذرهم عن كل شر، وبينه لهم غاية البيان والإيضاح.(1/311)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×