اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57899
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180613
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259973
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8299
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30261
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53062
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97011
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32205
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34855
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38213 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • الحديث7: «الدين النصيحة...»     عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الدين النصيحة»، قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»[1]. عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه ينص على أن عماد الدين وقوامه النصيحة، بمعنى أن الدين كُلَّه مجموع في هذا الباب، فبوجودها تكون للدين قائمة، وبفقدانها يدخل النقص على المسلمين في جميع شؤون حياتهم. ومعنى النصيحة في أصل اللغة الخلوص، كما نخلص العسل من الشمع حتى يصبح عسلًا صافيًا. والمقصود هنا تقديم النصح للغير لوجه الله حتى يتخلَّص من الخَلَل الذي فيه، وهي نابعة من إرادة الخير للغير. ثم بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الوجوه الخمسة للنصيحة؛ وهي النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم. فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟
      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- كيف تكون النصيحة لله؟ الله عز وجل غني عن نصح الناصحين، وإنما تكون نصيحته بأداء حقوقه، ومنها: الإيمان به، وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بأسمائه وصفاته، وتعظيم حرماته وشعائره، والحياء منه، والخضوع له، ومحبته والمداومة على ذكره، وإحسان الظن به، وغيرها. قال العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91]، قالوا: النصيحة لله إخلاص الاعتقاد في الوحدانية، ووصفه بصفات الألوهية، وتنزيهه عن النقائص، والرغبة في محابِّه، والبُعْد من مساخطه[2]. قال صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري ما حقهم عليه؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «ألَّا يُعذِّبهم»[3]. 2- كيف تكون النصيحة لكتاب الله؟ بقراءته آناء الليل وأطراف النهار، وفهمه وتدبُّره، ويستعان في ذلك بكتب التفسير وسؤال العلماء، وتكون النصيحة له بالتخلُّق بأخلاق القرآن، وقد سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خُلُقه القرآن»[4].قال العلماء: النصح لكتاب الله: قراءته والتفقُّه فيه، والذب عنه وتعليمه وإكرامه والتخلق به[5]. ومصيبتنا اليوم في البعد عن منهج القرآن، وترك التخلق بأخلاقه، وترك العمل بأحكامه، وترك فهمه وتدبره، واتخاذ قراءته للتبرك به في مناسبات الفرح والحزن غافلين عن اتخاذه كتاب هداية ورقي. 3- كيف تكون النصيحة لرسول الله؟ بالإيمان به، وأنه خاتم النبيِّين، والإيمان بعصمته من الخطأ في تبليغ الرسالة، وأنه بلغها، وعصمته من الكفر والشرك، وأن شريعته تامة كاملة وناسخة للشرائع قبلها، وأنه رسول للعالمين، وعدم الغلو في ذاته أو في وصفه أو رفعه فوق مكانته، قال العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91]، النصيحة لرسوله: التصديق بنبوَّته، والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة مَنْ والاه، ومعاداة من عاداه، وتوقيره، ومحبته ومحبة آل بيته، وتعظيمه وتعظيم سنته، وإحياؤها بعد موته بالبحث عنها، والتفقُّه فيها، والذب عنها ونشرها والدعاء إليها، والتخلق بأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم[6]. 4- كيف تكون النصيحة لأئمة المسلمين؟ أئمة المسلمين هم العلماء والسلاطين والحكام، ونصيحتهم تكون بالسمع والطاعة لهم في غير معصية الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة في معصية؛ إنما الطاعة في المعروف»[7]، قال العلماء: والنصح لأئمة المسلمين: ترك الخروج عليهم، وإرشادهم إلى الحق، وتنبيههم فيما أغفلوه من أمور المسلمين، ولزوم طاعتهم، والقيام بواجب حقهم[8]. وكذلك من حقوقهم الذب عنهم عند البغي عليهم ممن يقع في أعراضهم بالباطل، أو وقع في أعراضهم بحق؛ لكن المفسدة في ذلك أعظم، جمعًا لكلمة المسلمين ودفعًا لتنقصهم؛ لأن تنقص الرفعاء من أهل العلم والسيادة يختلف عن تنقص غيرهم، وذلك أنه كلما نقص الإنسان في أعين الناس؛ نقص تبعًا لذلك أمره ونهيه وقلَّ نفوذه عندهم، فلم يكن له عندهم حينئذٍ سمعٌ ولا طاعةٌ، وقلَّتْ هيبته في النفوس. وما من أحد إلا ويرد عليه الخطأ؛ فإذاعة أخطاء الذين لهم الانقياد بالسمع والطاعة من الأئمة وغيرهم من الأمور المذمومة شرعًا، وسترها أوْلَى من ستر عيوب سواد المسلمين. 5- كيف تكون النصيحة لعموم المسلمين؟ قال العلماء: والنصح للعامة: ترك معاداتهم، وإرشادهم وحب الصالحين منهم، والدعاء لجميعهم وإرادة الخير لكافتهم [9]. فالذي يغش في السلعة أو يُطفِّف في الكيل والوزن ما نصح المسلمين، والذي يستشيرك في أمر من أمور دنياه، أو يسألك عن مسألة في أمور دينه وأنت تعلم، فكتمت عنه؛ فقد غششته، والذي يزاول مهنةً ويعمل مقابل أجرة فغش في عمله ما نصح المسلمين، والذي تولَّى وظيفةً ويتكاسل في أداء مهامه، أو يتأخَّر عن الوقت أو يخرج قبل الوقت، أو يزاول عملًا في مكان آخر، ويضُرُّ بعمله الأصلي؛ فقد غشَّ المسلمين، وعلى هذا القياس. فارحم إخوانك وأدِّ الأمانة على وجهها، وإياك أن يؤتى المسلمون من قِبَلِك، قالصلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمَّى»[10]، ولا خير في أمة لا يتناصحون، ولا يقبلون النصيحة. فاللهم اجعلنا ممن ينصحون لأئمة المسلمين وعامتهم، آمين. (تتمة الدعاء).   [1] رواه مسلم، رقم: 1718. [2] تفسير القرطبي: 8/ 227. [3] رواه مسلم، رقم: 1718. [4] رواه أحمد، رقم: 25302. [5] تفسير القرطبي: 8/ 227. [6] نفسه: 8/ 227. [7] رواه البخاري، رقم: 7257. [8] تفسير القرطبي: 8/ 227. [9] نفسه: 8/ 227. [10] رواه مسلم، رقم: 2586.
    • الحديث7: «الدين النصيحة...»   عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الدين النصيحة»، قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»[1]. عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه ينص على أن عماد الدين وقوامه النصيحة، بمعنى أن الدين كُلَّه مجموع في هذا الباب، فبوجودها تكون للدين قائمة، وبفقدانها يدخل النقص على المسلمين في جميع شؤون حياتهم. ومعنى النصيحة في أصل اللغة الخلوص، كما نخلص العسل من الشمع حتى يصبح عسلًا صافيًا. والمقصود هنا تقديم النصح للغير لوجه الله حتى يتخلَّص من الخَلَل الذي فيه، وهي نابعة من إرادة الخير للغير. ثم بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الوجوه الخمسة للنصيحة؛ وهي النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم. فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟
      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- كيف تكون النصيحة لله؟ الله عز وجل غني عن نصح الناصحين، وإنما تكون نصيحته بأداء حقوقه، ومنها: الإيمان به، وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بأسمائه وصفاته، وتعظيم حرماته وشعائره، والحياء منه، والخضوع له، ومحبته والمداومة على ذكره، وإحسان الظن به، وغيرها. قال العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91]، قالوا: النصيحة لله إخلاص الاعتقاد في الوحدانية، ووصفه بصفات الألوهية، وتنزيهه عن النقائص، والرغبة في محابِّه، والبُعْد من مساخطه[2]. قال صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري ما حقهم عليه؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «ألَّا يُعذِّبهم»[3]. 2- كيف تكون النصيحة لكتاب الله؟ بقراءته آناء الليل وأطراف النهار، وفهمه وتدبُّره، ويستعان في ذلك بكتب التفسير وسؤال العلماء، وتكون النصيحة له بالتخلُّق بأخلاق القرآن، وقد سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خُلُقه القرآن»[4].قال العلماء: النصح لكتاب الله: قراءته والتفقُّه فيه، والذب عنه وتعليمه وإكرامه والتخلق به[5]. ومصيبتنا اليوم في البعد عن منهج القرآن، وترك التخلق بأخلاقه، وترك العمل بأحكامه، وترك فهمه وتدبره، واتخاذ قراءته للتبرك به في مناسبات الفرح والحزن غافلين عن اتخاذه كتاب هداية ورقي. 3- كيف تكون النصيحة لرسول الله؟ بالإيمان به، وأنه خاتم النبيِّين، والإيمان بعصمته من الخطأ في تبليغ الرسالة، وأنه بلغها، وعصمته من الكفر والشرك، وأن شريعته تامة كاملة وناسخة للشرائع قبلها، وأنه رسول للعالمين، وعدم الغلو في ذاته أو في وصفه أو رفعه فوق مكانته، قال العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91]، النصيحة لرسوله: التصديق بنبوَّته، والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة مَنْ والاه، ومعاداة من عاداه، وتوقيره، ومحبته ومحبة آل بيته، وتعظيمه وتعظيم سنته، وإحياؤها بعد موته بالبحث عنها، والتفقُّه فيها، والذب عنها ونشرها والدعاء إليها، والتخلق بأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم[6]. 4- كيف تكون النصيحة لأئمة المسلمين؟ أئمة المسلمين هم العلماء والسلاطين والحكام، ونصيحتهم تكون بالسمع والطاعة لهم في غير معصية الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة في معصية؛ إنما الطاعة في المعروف»[7]، قال العلماء: والنصح لأئمة المسلمين: ترك الخروج عليهم، وإرشادهم إلى الحق، وتنبيههم فيما أغفلوه من أمور المسلمين، ولزوم طاعتهم، والقيام بواجب حقهم[8]. وكذلك من حقوقهم الذب عنهم عند البغي عليهم ممن يقع في أعراضهم بالباطل، أو وقع في أعراضهم بحق؛ لكن المفسدة في ذلك أعظم، جمعًا لكلمة المسلمين ودفعًا لتنقصهم؛ لأن تنقص الرفعاء من أهل العلم والسيادة يختلف عن تنقص غيرهم، وذلك أنه كلما نقص الإنسان في أعين الناس؛ نقص تبعًا لذلك أمره ونهيه وقلَّ نفوذه عندهم، فلم يكن له عندهم حينئذٍ سمعٌ ولا طاعةٌ، وقلَّتْ هيبته في النفوس. وما من أحد إلا ويرد عليه الخطأ؛ فإذاعة أخطاء الذين لهم الانقياد بالسمع والطاعة من الأئمة وغيرهم من الأمور المذمومة شرعًا، وسترها أوْلَى من ستر عيوب سواد المسلمين. 5- كيف تكون النصيحة لعموم المسلمين؟ قال العلماء: والنصح للعامة: ترك معاداتهم، وإرشادهم وحب الصالحين منهم، والدعاء لجميعهم وإرادة الخير لكافتهم [9]. فالذي يغش في السلعة أو يُطفِّف في الكيل والوزن ما نصح المسلمين، والذي يستشيرك في أمر من أمور دنياه، أو يسألك عن مسألة في أمور دينه وأنت تعلم، فكتمت عنه؛ فقد غششته، والذي يزاول مهنةً ويعمل مقابل أجرة فغش في عمله ما نصح المسلمين، والذي تولَّى وظيفةً ويتكاسل في أداء مهامه، أو يتأخَّر عن الوقت أو يخرج قبل الوقت، أو يزاول عملًا في مكان آخر، ويضُرُّ بعمله الأصلي؛ فقد غشَّ المسلمين، وعلى هذا القياس. فارحم إخوانك وأدِّ الأمانة على وجهها، وإياك أن يؤتى المسلمون من قِبَلِك، قالصلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمَّى»[10]، ولا خير في أمة لا يتناصحون، ولا يقبلون النصيحة. فاللهم اجعلنا ممن ينصحون لأئمة المسلمين وعامتهم، آمين. (تتمة الدعاء).   [1] رواه مسلم، رقم: 1718. [2] تفسير القرطبي: 8/ 227. [3] رواه مسلم، رقم: 1718. [4] رواه أحمد، رقم: 25302. [5] تفسير القرطبي: 8/ 227. [6] نفسه: 8/ 227. [7] رواه البخاري، رقم: 7257. [8] تفسير القرطبي: 8/ 227. [9] نفسه: 8/ 227. [10] رواه مسلم، رقم: 2586.    
    • الحديث6: «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن...»

      عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بيِّن، وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحِمى، يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمًى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجسدُ كُلُّه، وإذا فسدت، فسد الجسد كُلُّه، ألا وهي القلب»[1]. عباد الله،هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، ومعدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعد الدين والشريعة، قال بعض العلماء: عمدة الدين عندنا كلمات مسندات من قول خير البرية: أترك الشبهات (ويقصد الحديث الذي بين أيدينا) وازهد ودَعْ ما ليس يعنيك (وهو حديث: «من حُسْن إسلام المرء تَرْكُه ما لا يعنيه»)، واعملَنَّ بنيَّةٍ (وهو حديث: «إنما الأعمال بالنيات») وقد سبق معنا.

      والحديث يفيد أن الشريعة ثلاثة أقسام:
      القسم الأول: الحلال البَيِّن الواضح،
      والقسم الثاني: الحرام البَيِّن الواضح،
      والقسم الثالث: المتشابه، وهو كل ما ليس بواضح حله أو حرمته؛ ولهذا لا يعرفه كثير من الناس، وأما العلماء فيعرفون حكمه بنص أو قياس، وأوصى صلى الله عليه وسلم بترك المشتبهات استبراءً للدين، ولأنها تؤدي للوقوع في الحرام، وشَبَّه ذلك بمن يرعى بالقرب من أرض محمية، فإنه لا يأمن من الوقوع فيها، ونبَّه صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث إلى أهمية القلب ودوره في صلاح باقي الجوارح أو فسادها تبعًا لصلاح القلب أو فساده.

      فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟

      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:

      1- وجوب البُعْد عن الحرام البَيِّن والاكتفاء بالحلال البين؛ كشرب الخمر، وتناول المخدرات، وأكل لحم الخنزير، فهي حرام بيِّن، فنتركه إلى ما أباحه الله من أنواع الطيبات التي لا تنحصر؛ كثمرات النخيل والأعناب، وهي حلال بيِّن. وعلى هذا القياس؛ فنترك الاستدانة بالربا إلى القرض الحسن، والكذب إلى الصدق، والخيانة إلى الوفاء، والسرقة إلى العمل والكسب الحلال، والزنا إلى الزواج أو الاستعفاف إلى حين القدرة عليه، ونترك قذف المحصنات المؤمنات والغيبة والنميمة إلى السكوت عن أعراض المؤمنين والمؤمنات، ونترك الغش في الميزان والامتحانات والعمل إلى الأمانة والصدق والوفاء والإتقان وغيرها، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119]، وقال: ﴿ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 88].

      2- قاعدة سد الذرائع والبعد عن المتشابه: سد الذرائع نقصد بها سد الطرق الموصِّلة إلى الحرام، أو كما نقول: الباب الذي يأتيك منه الريح أغلقه. وهذه قاعدة عظيمة لدى علمائنا، يدخل فيها الكثير من الأمثلة في واقعنا، ومنها: ترك المتشابهات؛ وهي غالبًا تكون في باب المكروهات التي لم تصل إلى درجة التحريم الصريح، لكن الورع يقتضي تركها؛ لأن تركها من كمال الإيمان. ومن أمثلتها: من يبرم موعدًا مع شخص أمام خمَّارة، فهذا لا يليق، فالأماكن التي لا شبهة فيها كثيرة، وإذا رآك أحد أساء الظن بك، أو من يحمل شيئًا مباحًا في قنينة معروفة للخمور، نقول: لا يليق؛ وعليك سد ذريعة إساءة الظن بك، أو من يجلس مع رفقة سيئة تنطق بالكلام الفاحش أو تعاقر خمرًا أو تتناول مخدرات رغم أنه لا يفعل من ذلك شيئًا؛ لأنه إن فعل فقد وقع في الحرام البيِّن، ولكن من حمى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه. وكمثال شخص يتردد على موقع (إنترنِت) أو يشاهد قنوات أو يقرأ كتابًا أو جريدةً يختلط فيها الحق بالباطل، والحلال بالحرام، ولا يستطيع التمييز بينهما؛ لأنه ليس بعالم، أو قد ينجرُّ إلى الحرام، نقول له: ابتعد؛ لأنك تحوم حول الحمى وحول الحرام، فإنك توشك أن تقع فيه. أو من يعمل في أماكن يختلط فيها الحلال بالحرام، ولا يأمن على نفسه من الوقوع في الحرام، فالأولى الابتعاد والبحث عن مكان يسلم له فيه دينه ورزقه، فما من مصيبة أعظم من الابتلاء في الدين، ومن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه.

      3- السعي لإصلاح القلب لأنه أمير البدن: أشار النبي صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث إلى أهمية القلب، فقال: «ألا وإن في الجسد مضغةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجسدُ كُلُّه، وإذا فسدت، فسد الجسد كُلُّه، ألا وهي القلب»، والقلب سُمِّي كذلك لشدة تقَلُّبه،

      ومن أسباب الاهتمام به ما يلي:
      • أنه آلة لفقه الأمور والتذكُّر، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ [الأعراف: 179]، وقال: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ [ق: 37]؛ ولهذا استدل الكثير من العلماء على أن العقل في القلب.
      • وأن صلاحه يُورِث صلاحًا في السلوك، وفساده يورث فسادًا في السلوك، فهو كالأمير والملك، بصلاحه تصلح الرعية وبفساده تفسد. وقديمًا قيل: كل إناء بالذي فيه ينضح.
      • ونهتم به أيضًا؛ لأن هذا القلب يعتريه الفتور والمرض، قال تعالى: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: 10]، والمقصود بمرض القلب ما يُصاب به من أمراض الشبهات والشهوات؛ كالكفر والنفاق والشك والقسوة والحقد والحسد والكراهية وغيرها، فالواجب على المسلم إصلاح قلبه من هذه الأمراض ومجاهدة نفسه؛ لأن الله ضمن لمن أخذ بهذه الأسباب أن يُوفِّقه للهداية والاستقامة، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].
      • ونهتم به؛ لأنه محل نظر الله يوم القيامة؛ إذ الإنسان قد يظهر الإخلاص لكن علَّام الغيوب يعلم أنه مشرك، وقد يظهر التقوى والورع وحقيقته غير ذلك، وقد يظهر الإيمان لكنه منافق، وقد يظهر الفقر والحاجة ويتسوَّل الناس في الطرقات ولكنه يملك ما لا يملكون، وهكذا. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم»، وأشار بأصابعه إلى صدره[2].

      فاللهم إنا نسألك قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا، آمين. (تتمة الدعاء).
        [1] رواه مسلم، رقم: 1718.
      [2] رواه مسلم، رقم: 2564.
    • روى أبو داود وغيره بإسناد صحيح، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يَدَع [= يترك] هؤلاء الكلمات حين يُمسي وحين يُصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي)).


      هذا الدعاء من الأدعية العظيمة التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم كلَّ صباح ومساء؛ لذا تناوله أهل العلم بالشرح والتحليل، وقد قمت بتهذيب وترتيب شروحهم في السطور التالية.


      1- اشتمل الدعاء على العافية في جميع مطالب الإنسان:
      العافية: دفاع الله عن العبد، يُقال: عافاه الله: وهب له العافية من العلل والبلايا.


      وسؤال الله العافية (في الدنيا): هو طلب السلامة والأمان من كل ما يضر العبد في دنياه؛ من المصائب والبلايا، والشدائد والمكاره.


      وسؤال الله العافية (في الآخرة): هو طلب النجاة، والوقاية من أهوال الآخرة، وشدائدها، وكُرباتها، وما يكون عند الحساب، ثم يعافيه الله من النار، وينجِّيه منها، وهذا هو الفوز العظيم.


      ونلاحظ أنه جمع بين عافيتَي الدنيا والدين؛ لأن صلاح العبد لا يتم في الدارين إلا بالعفو واليقين؛ أي: سلامة القلب من مرض الجهل والشك، فاليقين يدفع عنه عقوبة الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه.


      2- دلالة التفصيل بعد الاجمال:
      سؤال العافية في الدنيا والآخرة سؤال مجمَل، فكل ما يدخل في العافية في الدنيا، وكل ما يدخل في العافية في الآخرة، فهو داخل فيه.


      ثم بعد ذلك أعاده على سبيل التفصيل؛ لأهمية هذه المذكورات، مع أنها داخلة فيما سبق، فقال: ((اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي...)).


      والعفو: أن يتجاوز الله عن العبد، ويمحو ذنوبه وخطاياه، مأخوذ من: عفتِ الريحُ الأثَرَ: إذا مسحته؛ فتذهب آثاره، والعافية تعني: السلامة من الأسقام والبلاء، فلا تقع أصلًا.


      والدين: كل ما يتقرب به العبد إلى ربه عز وجل، والعافية في الدين تشمل شيئين؛ الشيء الأول: العافية من الشُّبهات، بأن يمُن الله تعالى عليك بالعلم الذي هو نور تهتدي به، ولا يلتبس عليك الحق بالباطل.


      أما الثاني: العافية من الشهوات، فهو أن يسأل ربَّه أن يعافيه من الإرادات السيئة؛ لأن الإنسان قد يكون عنده علمٌ، لكن ليس عنده إرادة حسنة، يعرف أن هذا باطل، ولكن لا يمتنع منه، يعرف أن هذا حقٌّ، ولكنه لا يتبعه أو لا يفعله، فإذا سألت الله العافية، فإنك تسأله في الواقع علمًا، وتسأله هدًى وتوفيقًا.


      العافية في الدنيا أن الله تعالى يعافيك من الأسقام والأمراض الجسدية حتى تصبح معافًى، تستطيع أن تقوم بطاعة الله عز وجل، وأن يعافيك من الانهماك فيها، والغرور بها، وما تجره من الغفلة ونسيان الآخرة.


      والعافية في الأهل: أن يجعلهم في طاعتك وتحت طوعك، وفي توجيهك وأن يبقيَهم لك، وألَّا يكدر صفوك فيهم بمرض أو عاهة، أو ما أشبه ذلك.


      والعافية في المال بأن يحفظه ويقِيَه الآفات، سواء كانت الآفات بفعل الله عز وجل أو بفعل مخلوق، كالسرقة وما أشبه ذلك.


      3- جواز تعلق القلب بالمال:
      من فوائد هذاالحديث أنه لا حرج على الإنسان أن يسأل الله تعالى العافية في المال، ولا يُقال: إن الورع ألَّا يتعلق قلبك بمالك هذا خطأ؛ لأن هذا سيد الورعين محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك سأل الله أن يعافيه في ماله.


      ومن تلبيس إبليس على بعض الجهلة كما ذكر ابن الجوزي، أنهم تركوا الدنيا في الجملة، فرفضوا ما يصلح أبدانهم، وشبَّهوا المال بالعقارب، ونسوا أنه خُلق لمصالح العباد.

      4- الحذر من مراعاة المال على حساب الأهل:
      من الفوائد المستفادة من هذا الدعاء أن العافية في الأهل مقدمة على العافية في المال، وهنا سؤال: أيهما أولى بالمراعاة؛ أن تراعي أهلك وتحفظهم من الشرور، وتحافظ على مصالحهم، أو أن تراعي مالك؟


      الإجابة: أن يراعي الإنسان أهله، ولهذا من السَّفه في العقل، والضلال في الدين، أن بعض الناس اليوم يراعي ماله مراعاة كبيرة، ويحافظ عليه، أما أهله فينساهم ولا يبالي بهم.


      5- شدة حياء العبد من ربه:
      تضمَّن الحديث إشارة إلى أن شدة حياء العبد من ربه توجِب أن يسأله العفو، كما فعل الأنبياء والأصفياء وخِيار الخلق؛ وقد ورد أن سؤال العافية من أفضل الأدعية، وأحبها إلى الله؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر منه؛ كما في دعاء الاستفتاح، والدعاء بين السجدتين، وفي دعاء الوتر، وعند قول أذكار الصباح والمساء، وعند الاستيقاظ، وعند النوم، وعند زيارة المقبرة.


      6- احذروا سؤال البلاء:
      وردت نصوصتدل على فضل الابتلاء، لكن لا يلزم منها طلب الابتلاء، بل المأمور به طلب العفو والعافية في كل وقت، كما في هذا الحديث وغيره، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أشرف بني آدم يسأل ربه العفو والعافية، فمَن دونه من باب أولى.


      وأما قول بعضهم: "أود أن أكون جسرًا على النار يعبر عليَّ الخلق فينجون، وأكون أنا فيها"، فمثل هذا الكلام لا يُعول عليه، ومن ذلك قول سحنون: "ليس لي في سواك حظٌّ، فكيفما شئت فاختبرني"، فابتُلي باحتباس البول، فصار يطوف ويقول لأطفال الكتاب (= مكتب تحفيظ القرآن😞 "ادعوا لعمكم الكذَّاب".


      7- حاجة كل إنسان إلى ستر عورته:
      قوله: ((واستر عوراتي))؛ أي: كلما يسوؤني نشره من المعايب، يدخل فيها العيوب والنقائص، والخلل والتقصير، ويدخل فيها أيضًا العورات والذنوب، وكل ما يسوء الإنسان كشفه، معنويًّا كان أو حسيًّا.


      وقد ذكر أبو حامد الغزالي أن رجلًا من الصالحين قيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أشتهي عافيةَ يوم إلى الليل، فقيل له: ألستَ في عافية في كل الأيام؟ فقال: العافية يوم لا أعصي الله تعالى فيه.


      والرسول لم يسأل ستر عوراته إلا وهو محتاج إلى ذلك، فهو صلى الله عليه وسلم ليس معصومًا من الخطأ في غير الوحي، فقد يجتهد ويخطئ، لكن الله تعالى لا يُقره على خطئه، وهذا من ستر الله له.


      ويمكن أن يُقال: استر عوراتي إن كانت، ولا يلزم من ذلك الوقوع، كما لم يلزم وقوع الشرك منه؛ في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65].


      8- حريٌّ بالمرأة أن تحافظ على هذا الدعاء:
      وقوله: ((اللهم استر عوراتي))؛ أي: عيوبي وخللي وتقصيري، وكل ما يسوؤني كشفه، ويدخل في ذلك الحفظ من انكشاف العورة، "وحريٌّ بالمرأة أن تحافظ على هذا الدعاء، ولا سيما في هذا الزمان الذي كثر فيه في أنحاء العالم تكشُّف النساء، وعدم عنايتهن بالستر والحجاب، فتلك تبدي ساعدها، والأخرى تكشف ساقها، وثالثة تبدي صدرها ونحرها، وأخريات يفعلن ما هو أشد وأقبح من ذلك، بينما المسلمة المصونة العفيفة تتجنب ذلك كله، وهي تسأل الله دائمًا وأبدًا أن يحفظها من الفتن، وأن يمُن عليها بستر عورتها"



      9- هذا الدعاء له أثر بالغ في تحقيق الطمأنينة والسَّكينة:
      قوله: ((وآمِن روعاتي))، جمع روعة، وهي المرة من الروع؛ أي: الخوف والفزع، وذُكرت بصيغة الجمع لكثرتها، والمعنى: اجعلني آمنًا عند الروع، وارفع عني كل خوف يُقلقني ويزعجني.


      فالإنسان بين مخاوف كثيرة، ويحتاج إلى مثل هذا السؤال؛ أن يسأل ربه تبارك وتعالى الأمنَ، فيكون في حالٍ من الطمأنينة والسكينة؛ فتهدأ نفسه وتطمئن، وإلا فما هي حال العبد من غير ألطاف الله؟ الجواب: مخاوف من كل ناحية، خاصة في هذا العصر الذي يعصف فيه القلق بعامة الخلق.


      10- طلب الحفظ الكامل من جميع الجهات:
      نلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ربهالحفظَ من جميع الجهات؛ لأن العبد بين أعدائه من شياطين الإنس والجن، كالشاة بين الذئاب؛ إذا لم يكن له حافظٌ من الله، فما له من قوة، وقد أفرد الجهة السادسة بقوله: ((وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي))؛ لأن الاغتيال أن يُدهى الإنسان من حيث لا يشعر، كأن تُخسف به الأرض كما صنع الله تعالى بقارون، أو بالغرق كما صنع بفرعون.


      11- الرسول محتاج إلى حفظ الله:
      يدل هذا الحديث علىأن الإنسان بحاجة إلى أن يسأل الله، فمهما بذلنا من الجهود والاحتياطات، يبقَ حفظ الله في المنتهى هو الأصل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم مفتقر إلى حفظ الله عز وجل؛ لقوله: ((احفظني من بين يدي))، وهذا يرد دعوى الذين يدَّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم قادر على حفظهم؛ ولهذا يستغيثون به، ويستعينون به، ويستعيذون به، ويعتقد الواحد منهم أنه في حفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، فيُقال له: إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو نفسه محتاج إلى حفظ الله.


      12- جواز التوسع والتفصيل في الدعاء إن كان لمصلحة: يستنبط من هذا الحديثأنه يجوز للمسلم إذا كان يدعو منفردًا أن يتبسط - أي يتوسع - في الدعاء إذا كان فيه مصلحة؛ لقوله: ((احفظني من بين يدي...))؛ إذ كان بإمكانه أن يأتي بهذا مجملًا فيقول: احفظني من كل نازلة، أو من كل جهة    لكن التبسيط في الدعاء أفضل لوجوه:   الوجه الأول: طول مناجاة الله عز وجل.


      الوجه الثاني: أن التبسيط يؤدي إلى الاستحضار؛ استحضار ذنوبه إذا كانت ذنبًا، واستحضار الحاجات إذا كانت حاجة.


      الوجه الثالث: كثرة الثواب؛ لأن كل جملة تدعو الله بها، فإنك مثاب عليها.


      الوجه الرابع: التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا لا يعني أن نأتي بالألفاظ المكررة التي ليس فيها إلا الإطالة بدون فائدة، فإن هذا يُنهى عنه، خاصة إذا كان إمامًا للمصلين.


      وأخيرًا: نسأل الله العافية من كل بلاء، وأن يتولَّانا في الدنيا والآخرة، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.


      د. أحمد عبدالمجيد مكي

      شبكة الالوكة

       
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182496
    • إجمالي المشاركات
      2536072
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93298
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×