اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57242
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180510
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8234
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32131
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4160
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      52990
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31793
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  9. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33904
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13116
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (36933 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • سميت "سورة فاطر" في كثير من المصاحف وفي كثير من التفاسير. وسميت في "صحيح البخاري" وفي "سنن الترمذي" وفي كثير من المصاحف والتفاسير "سورة الملائكة" لا غير. قد ذكر لها كلا الاسمين صاحب "الإتقان". وجه تسميتها "سورة فاطر" أن هذا الوصف وقع في طالعة السورة ولم يقع في أول سورة أخرى. سميت "فاطر" لذكر هذا الاسم الجليل والنعت الجميل في طليعتها لما في هذا الوصف من الدلالة على الإبداع والاختراع والإيجاد لا على مثال سابق ولما فيه من التصوير الدقيق المشير إلى عظمة ذي الجلال وباهر قدرته وعجيب صنعه فهو الذي خلق الملائكة وأبدع تكوينهم بهذا الخلق العجيب تسمى سورة «فاطر» لافتتاحها بهذا الوصف للّه عز وجل الدال على الخلق والإبداع والإيجاد للكون العظيم والمنبئ عن عظمة الخالق وقدرته الباهرة. ووجه تسميته "سورة الملائكة" أنه ذكر في أولها صفة الملائكة ولم يقع في سورة أخرى. ولأنها أفادت في مطلعها أيضا أن اللّه سبحانه جاعل الملائكة وسائط بينه وبين أنبيائه لتبليغهم رسالاته وأوامره.   ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٠﴾] أي: يا من يريد العزة؛ اطلبها ممن هي بيده؛ فإن العزة بيد الله، ولا تنال إلا بطاعته. السعدي:685.   ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٠﴾] الآية تحتمل ثلاثة معان: أحدها -وهو الأظهر-: من كان يريد نيل العزة فليطلبها من عند الله؛ فإن العزة كلها لله، والثاني: من كان يريد العزة بمغالبة الإسلام؛ فللَّه العزة جميعاً، فالمغالب له مغلوب، والثالث: من كان يريد أن يعلم لمن العزة فليعلم أن العزة لله جميعاً. ابن جزي:2/212.   ﴿ إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُوا۟ حِزْبَهُۥ لِيَكُونُوا۟ مِنْ أَصْحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٦﴾] أي: عادوه بطاعة الله، ولا تطيعوه... وكان الفضيل بن عياض يقول: يا كذاب يا مفتر، اتق الله، ولا تسب الشيطان في العلانية وأنت صديقه في السر، وقال ابن السماك: يا عجباً لمن عصى المحسن بعد معرفته بإحسانه، وأطاع اللعين بعد معرفته بعداوته. البغوي:3/616، القرطبي:17/347   ﴿ إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُوا۟ حِزْبَهُۥ لِيَكُونُوا۟ مِنْ أَصْحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٦﴾] فعداوة الشيطان لما كانت جبلّية لا يرجى زوالها مع من يعفو عنه، لم يأمر الله إلا باتخاذه عدوّاً؛ لأنه إذا لم يتخذ عدوّاً لم يراقب المسلم مكائده ومخادعته. ومن لوازم اتخاذه عدوّاً: العملُ بخلاف ما يدعو إليه؛ لتجنب مكائده، ولمقته بالعمل الصالح. ابن عاشور:22/261.     ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٥﴾] وقد تضمنت الآية غرورين: غروراً يغتَرّه المرء من تلقاء نفسه، ويزيّن لنفسه من المظاهر الفاتنة التي تلوح له في هذه الدنيا ما يتوهمه خيراً، ولا ينظر في عواقبه؛ بحيث تخفى مضارّه في باديء الرأي، ولا يظنّ أنه من الشيطان، وغروراً يتلقاه ممن يغرّه وهو الشيطان. وكذلك الغرور كله في هذا العالم: بعضه يمليه المرء على نفسه، وبعضه يتلقاه من شياطين الإِنس والجن. ابن عاشور:22/259.   ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٥﴾] قال سعيد بن جبير: غرور الحياة الدنيا: أن يشتغل الإنسان بنعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة، حتى يقول: (يا ليتني قدمت لحياتي) [الفجو: 24]. القرطبي:17/346.   ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٤﴾] فإذا كان وعده حقاً؛ فتهيؤوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع. السعدي:685.   ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِۦ ۚ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٨﴾] المعنى: أن الإنذار لا ينفع إلا الذين يخشون ربهم، وليس المعنى اختصاصهم بالإنذار. ابن جزي:2/215.   ﴿ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰٓ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٨﴾] قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: يَلقَى الأب والأم ابنه فيقول: يا بني احمل عني بعض ذنوبي، فيقول: لا أستطيع؛ حسبي ما علي. البغوي:3/621.   ﴿ ۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٥﴾] لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم، وليس كل غني نافعاً بغناه إلا إذا كان الغني جواداً منعماً... ذكر (الحميد) ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه، الجواد المنعم عليهم. القرطبي:17/366   ﴿ ۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٥﴾] يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى الله من جميع الوجوه: - فقراء في إيجادهم؛ فلولا إيجاده إياهم لم يوجدوا. - فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح التي لولا إعداده إياهم بها لما استعدوا لأي عمل كان. - فقراء في إمدادهم بالأقوات، والأرزاق، والنعم الظاهرة والباطنة؛ فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور لما حصل لهم من الرزق والنعم شيء. - فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد؛ فلولا دفعه عنهم وتفريجه لكرباتهم وإزالته لعسرهم لاستمرت عليهم المكاره والشدائد. السعدي:687.   ﴿ ۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٥﴾] لَمَّا أُشبِعَ الْمَقَام أَدلَّةً، ومواعظَ... ولَم يظْهر مع ذلكَ كُلِّه من أَحوالِ الْقَومِ ما يُتَوَسَّمُ منه نَزعهم عن ضلالهِم، وربما أحدث ذلك في نفوس أهل العزّة منهم إعجاباً بأنفسهم، واغتراراً بأنهم مرغوب في انضمامهم إلى جماعة المسلمين؛ فيزيدهم ذلك الغرورُ قبولاً لتسويل مكائد الشيطان لهم أن يعتصموا بشركهم، ناسب أن ينبئهم الله بأنه غني عنهم، وأن دينه لا يعتزّ بأمثالهم، وأنه مُصيِّرهم إلى الفناء، وآت بناس يعتز بهم الإِسلام. ابن عاشور:22/285.   ﴿ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا۟ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا۟ مَا ٱسْتَجَابُوا۟ لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٤﴾] ولما كشف حال الأصنام في الدنيا بما فيه تأييس من انتفاعهم بها... كشف أمرها في الآخرة بأن تلك الأصنام ينطقها الله؛ فتتبرأ من شركهم؛ أي: تتبرأ من أن تكون دعت له، أو رضيت به. ابن عاشور:22/283.   ﴿ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿١٣﴾] أي: لا يملكون شيئاً؛ لا قليلاً ولا كثيراً، حتى ولا القطمير الذي هو أحقر الأشياء، فكيف يُدعَوْن وهم غير مالكين لشيء من ملك السماوات والأرض؟! السعدي:686.   ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَٰرَةً لَّن تَبُورَ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٢٩﴾] وهذا فيه أنهم يخلصون بأعمالهم، وأنهم لا يرجون بها من المقاصد السيئة والنيات الفاسدة شيئاً. السعدي:689.   ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَٰبَ ٱللَّهِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَٰرَةً لَّن تَبُورَ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٢٩﴾] في الآية ما يشمل ثواب قُرَّاء القرآن؛ فإنهم يصدق عنهم أنهم من الذين يتلون كتاب الله، ويقيمون الصلاة، ولو لم يصاحبهم التدبر في القرآن؛ فإن للتلاوة حظها من الثواب والتنوّر بأنوار كلام الله. ابن عاشور:22/297.   ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَٰٓؤُا۟ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٢٨﴾] قال الربيع بن أنس: «من لم يخش الله تعالى فليس بعالم»، وعن ابن مسعود: «كفى بخشية الله تعالى علماً، وبالاغترار به جهلاً»، وعن مجاهد قال: «إنما الفقيه من يخاف الله عز وجل». القرطبي:17/375-376.     ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِۦ ثَمَرَٰتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَٰنُهَا ۚ وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌۢ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَٰنُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴿٢٧﴾ وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلْأَنْعَٰمِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٢٧﴾] يذكر تعالى خلقه للأشياء المتضادات التي أصلها واحد، ومادتها واحدة، وفيها من التفاوت والفرق ما هو مشاهد معروف؛ ليدل العباد على كمال قدرته وبديع حكمته... فتفاوتها دليل عقلي على مشيئة الله تعالى التي خصصت ما خصصت منها بلونه، ووصفه، وقدرة الله تعالى حيث أوجدها كذلك، وحكمته ورحمته. السعدي:688.   ﴿ وَمَا يَسْتَوِى ٱلْأَحْيَآءُ وَلَا ٱلْأَمْوَٰتُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ ۖ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى ٱلْقُبُورِ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٢٢﴾] أعظم حرمان نشأ عن الكفر هو حرمان الانتفاع بأبلغ كلام وأصدقه، وهو القرآن. ابن عاشور:22/295.   ﴿ وَمَا يَسْتَوِى ٱلْأَحْيَآءُ وَلَا ٱلْأَمْوَٰتُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ ۖ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى ٱلْقُبُورِ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٢٢﴾] تمثيل لمن آمن؛ فهو كالحي، ومن لم يؤمن فهو كالميت. (إن الله يسمع من يشاء): عبارة عن هداية الله لمن يشاء. (وما أنت بمسمع من في القبور): عبارة عن عدم سماع الكفار للبراهين والمواعظ، فشبههم بالموتى في عدم إحساسهم. ابن جزي:2/215.   ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَٰلِحًا غَيْرَ ٱلَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ ۚ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٧﴾] قال ابن عباس: «نقل: لا إله إلا الله»... أي: نؤمن بدل الكفر، ونطيع بدل المعصية، ونمتثل أمر الرسل. القرطبي:17/388.   ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا۟ وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٦﴾] وقوله: (لا يقضى) معناه: لا يجهز؛ لأنهم لو ماتوا لبطلت حواسهم فاستراحوا. ابن عطية:4/440.     ﴿ ٱلَّذِىٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِۦ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٥﴾] الذي أعطانا هذه المنزلة وهذا المقام من فضله ومنته ورحمته؛ لم تكن أعمالنا تساوي ذلك. ابن كثير:4/535.     ﴿ ٱلَّذِىٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٥﴾] (دار المقامة): هي الجنة، والمقامة: هي الإقامة والموضع، وإنما سميت الجنة دار المقامة لأنهم يقومون فيها ولا يخرجون منها. ابن جزي:2/217.     ﴿ وَقَالُوا۟ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِىٓ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٤﴾] قال ابن عباس: حزن النار، وقال قتادة: حزن الموت، وقال مقاتل: حزنوا لأنهم كانوا لا يدرون ما يصنع الله بهم، وقال عكرمة: حزن الذنوب والسيئات، وخوف رد الطاعات. البغوي:3/626.     ﴿ وَمِنْهُمْ سَابِقٌۢ بِٱلْخَيْرَٰتِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٢﴾] وقوله: (بإذن الله) راجع إلى السابق بالخيرات؛ لئلا يغتر بعمله، بل ما سبق إلى الخيرات إلا بتوفيق الله تعالى ومعونته، فينبغي له أن يشتغل بشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه. السعدي:689.     ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِۦ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌۢ بِٱلْخَيْرَٰتِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٢﴾] قال عمر وابن مسعود وابن عباس وكعب وعائشة وأكثر المفسرين: هذه الأصناف الثلاثة في أمة محمد ﷺ ؛ فالظالم لنفسه: العاصي. والسابق: التقي. والمقتصد: بينهما. ابن جزي:2/217.     ﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُۥ مِن شَىْءٍ فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِى ٱلْأَرْضِ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٤٤﴾] عجز المريد عن تحقيق إرادته إما أن يكون سببه خفاء موضع تحقق الإِرادة؛ وهذا ينافي إحاطة العلم، أو عدم استطاعة التمكن منه؛ وهذا ينافي عموم القدرة. ابن عاشور:22/339.     ﴿ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٤٣﴾] أجرى الله العذاب على الكفار، وجعل ذلك سنة فيهم، فهو يعذب بمثله من استحقه، لا يقدر أحد أن يبدل ذلك، ولا أن يحول العذاب عن نفسه إلى غيره. القرطبي:17/400.     ﴿ ٱسْتِكْبَارًا فِى ٱلْأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِۦ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٤٣﴾] فإذا لم يأمن أفراد الإنسان بعضهم بعضاً؛ تنكَّر بعضهم لبعض، وتبادروا الإِضرار والإِهلاك؛ ليفوز كل واحد بكيد الآخر قبل أن يَقع فيه؛ فيفضي ذلك إلى فساد كبير في العالم، والله لا يحب الفساد. ابن عاشور:22/335.     ﴿ ٱسْتِكْبَارًا فِى ٱلْأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِۦ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٤٣﴾] (استكباراً): أَي: عُتُوًّا عنِ الإيمانِ، (ومكر السيِّء): أَي: مكْر الْعملِ السيِّء؛ وهو الْكُفْر وخَدْعُ الضُّعَفَاءِ، وَصَدُّهُم عنِ الإيمانِ؛ ليكْثر أَتْباعهم. القرطبي:17/396.     ﴿ وَأَقْسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَٰنِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٤٢﴾] وليس إقسامهم المذكور لقصد حسن، وطلب للحق، وإلا لوفِّقوا له، ولكنه صادر عن استكبار في الأرض على الخلق وعلى الحق، وبهرجة في كلامهم هذا؛ يريدون به المكر والخداع، وأنهم أهل الحق الحريصون على طلبه، فيغتر به المغترون، ويمشي خلفهم المقتدون. السعدي:691.     ﴿ وَلَا يَزِيدُ ٱلْكَٰفِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٩﴾] أي: كلما استمروا على كفرهم أبغضهم الله تعالى... بخلاف المؤمنين؛ فإنهم كلما طال عمر أحدهم وحسن عمله ارتفعت درجته ومنزلته في الجنة، وزاد أجره، وأحبه خالقه وبارئه رب العالمين. ابن كثير:3/538.     ﴿ هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَٰٓئِفَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُۥ ﴾ [سورة فاطر آية:﴿٣٩﴾] يقول تعالى ذكره: فمن كفر بالله منكم أيها الناس؛ فعلى نفسه ضر كفره، لا يضر بذلك غير نفسه؛ لأنه المعاقب عليه دون غيره. الطبري:20/480.   الكلم الطيب    
    • من كتاب قواعد قرآنية - 50 قاعدة قرآنية في النفس والحياة - د. عمر المقبل القاعدة العشرون: (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ)   الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبدالله، وعلى وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
      فهذا حديث متجدد عن قاعدة من القواعد المحكمة في أبواب العدل والجزاء، ولتدبرها أثرٌ في فهم المؤمن لما يراه أو يقرأه في كتب التاريخ، أو كتاب الواقع من تقلبات الزمن والدهر بأهله، سواء على مستوى الأفراد أم الجماعات، إنها القاعدة القرآنية التي دل عليها قوله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18].   ولعل إيراد الآية الكاملة التي ذكرت فيها هذه القاعدة مما يجلي لنا أبرز صور الإهانة التي تنزل الإنسان من عليائه، يقول سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18].   فهل أدركتَ معي ـ أخي ـ وأنت تستمع لهذه الآية الكريمة أن أعلى وأبهى وأجلى صور كرامة العبد أن يوحّد ربه، وأن يفرده بالعبادة، وأن يترجم ذلك بالسجود لربه، والتذللِ بين يدي مولاه، وخالقِه ورازقه، ومَنْ أمرُ سعادتِه ونجاته وفلاحِه بيده سبحانه وتعالى، يفعلُ ذلك اعترافاً بحق الله، ورجاءً لفضله، وخوفاً من عقابه؟!   وهل أدركتَ ـ أيضاً ـ أن غاية الهوان والذلّ، والسفول والضعة أن يستنكف العبد عن السجود لربه، أو يشرك مع خالقه إلهاً آخر؟! وتكون الجبال الصم، والشجر، والدواب البُهمُ، خيراً منه حين سجدت لخالقها ومعبودها الحق؟!   أيها الإخوة: وإذا تبيّن هذا فإن هذه القاعدة القرآنية الكريمة: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} جاءت في سياق بيان من هم الذين يستحقون العذاب؟ إنهم الذين أذلوا أنفسهم بالإشراك بربهم، فأذلهم الله بالعذاب، كما قال سبحانه وتعالى: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} فلا يجدون حينها من يكرمهم بالنصر، أو بالشفاعة!   وتأمل ـ أيها المبارك ـ كيف جاء التعبير عن هذا العذاب بقوله: {ومن يهن الله} ولم يأت بـ(ومن يعذل الله) وذلك ـ والله أعلم ـ "لأن الإهانة إذلالٌ وتحقيرٌ وخزيٌ، وذلك قدرٌ زائدٌ على ألم العذاب، فقد يعذب الرجل الكريم ولا يهان" (1).   ثم تأمل كيف جاء التعبير عن ضد ذلك بقوله: (فما له من مكرم) فإن لفظ "الكرم لفظ جامع للمحاسن والمحامد، لا يراد به مجرد الإعطاء، بل الإعطاء من تمام معناه، فإن الإحسان إلى الغير تمام المحاسن، والكرم كثرة الخير ويسرته،... والشيء الحسن المحمود يوصف بالكرم، قال تعالى: {أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} [الشعراء: 7]، قال ابن قتيبة: من كل جنس حسن، والقرآن قد دل على أن الناس فيهم كريم على الله يكرمه، وفيهم من يهينه، قال تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات:13]، وقال تعالى: {ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء} [الحج:18] (2)   أيها القارئ الكريم: وإذا كان الشرك بالله هو أعظم صورةٍ يذل بها العبد نفسه، ويدسها في دركات الهوان، فإن ثمةَ صوراً أخرى ـ وإن كانت دون الشرك ـ إلا أن أثرها في هوان العبد وذله ظاهر بيّن: إنه ذل المعصية، وهوان العبد بسببها، يقول ابن القيم: موضحاًً شيئاً من معاني هذه القاعدة القرآنية المحكمة {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} وهو يتحدث عن شيء من شؤم المعاصي، وآثارها السيئة:
      "ومنها: أن المعصية سببٌ لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه، قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم!.
      وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}! وإنْ عَظّمهم الناس في الظاهر لحاجتهم إليهم، أو خوفاً من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه...
      إلى أن قال: وهو يتحدث عن بعض عقوبات المعاصي:
      "أن يرفع الله عز وجل مهابته من قلوب الخلق، ويهون عليهم، ويستخفون به، كما هان عليه أمر الله، واستخف به، فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس، وعلى قدر خوفه من الله يخافه الناس، وعلى قدر تعظيمه الله وحرماته يعظم الناس حرماته! وكيف ينتهك عبدٌ حرمات الله ويطمع أن لا ينهك الناس حرماته؟! أم كيف يهون عليه حق الله ولا يهونه الله على الناس؟! أم كيف يستخف بمعاصي الله ولا يستخف به الخلق؟!   وقد أشار سبحانه إلى هذا ـ في كتابه ـ عند ذكر عقوبات الذنوب، وأنه أركس أربابها بما كسبوا، وغطي على قلوبهم، وطبع عليها بذنوبهم، وأنه نسيهم كما نسوه، وأهانهم كما أهانوا دينه، وضيعهم كما ضيعوا أمره، ولهذا قال تعالى ـ في آية سجود المخلوقات له ـ: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} فإنهم لما هان عليهم السجود له، واستخفوا به، ولم يفعلوه أهانهم، فلم يكن لهم من مكرم بعد أن أهانهم، ومن ذا يكرم من أهانه الله أو يهن من أكرم... إلى أن قال:: ومن عقوباتها: أنها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف، وتكسوه أسماء الذم والصغار، فتسلبه اسم المؤمن والبر والمحسن والمتقي والمطيع... ونحوها، وتكسوه اسم الفاجر والعاصي والمخالف والمسيء...، وأمثالها فهذه أسماء الفسوق وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان التي توجب غضب الديان، ودخول النيران، وعيش الخزي والهوان، وتلك أسماء توجب رضى الرحمان، ودخول الجنان، وتوجب شرف المتسمي بها على سائر أنواع الإنسان، فلو لم يكن في عقوبة المعصية إلا استحقاق تلك الأسماء وموجباتها لكان في العقل ناهٍ عنها، ولو لم يكن في ثواب الطاعة إلا الفوز بتلك الأسماء وموجباتها؛ لكان في العقل أمرٌ بها ولكن لا مانع لما أعطى الله، ولا معطي لما منع، ولا مقرب لمن باعد، ولا مبعد لمن قرب، ومن يهن الله فماله من مكرم، إن الله يفعل ما يشاء"(3) انتهى كلامه.   معشر القراء الكرام: وفي كلمة ابن القيم الآنفة: "ومن ذا يكرم من أهانه الله، أو يهنْ من أكرم؟" إشارة إلى معنى يفهم من هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} وهو أن من أكرمه ربه بطاعته، والانقيادِ لشرعه ظاهراً وباطناً، فهو الأعز الأكرم، وإن خاله المنافقون أو الكفار الأمر على خلاف ذلك، كما قال من طمس الله على بصائرهم من المنافقين وأشباههم: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[المنافقون: 8] إي والله.. لا يعلمون من هم أهل العزة حقاً!   ألم يقل الله: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين} [آل عمران: 139]؟!
      وكيف يشعر المؤمن بالهوان وسنده أعلى؟! ومنهجه أعلى؟! ودوره أعلى؟ وقدوته ج أعلى وأسمى؟!
      فهل يعي ويدرك أهل الإيمان أنهم الأعزة حقاً متى ما قاموا بما أوجب الله عليهم؟   وأختم حديثي عن هذه القاعدة القرآنية المحكمة {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}،بكلمة رائعة لشيخ الإسلام ابن تيمية: حيث يقول:
      "الكرامة في لزوم الاستقامة، واللهُ تعالى لم يكرم عبده بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه وهو طاعته وطاعة رسوله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وهؤلاء هم أولياء الله الذين قال الله فيهم: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}" (4)، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم منهم، وأن يكرمنا وإياكم بطاعته، ولا يذلنا ويهيننا بمعصيته، وإلى لقاء جديد بإذن الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. _______________ (1)    مجموع الفتاوى 15/367.
      (2)    مجموع الفتاوى 16/295.
      (3)    الجواب الكافي: (38 – 52) باختصار.
      (4)    التحفة العراقية في الأعمال القلبية: (12).   موقع المسلم  
    • نسأل الله أن ينزل السكينة على قلوب بيوت المسلمين بوركت يا حبيبة على نقلك النافع ..
    • نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم: « كما تَداعَى الأكَلةُ إلى قصْعتِها »   حسام كمال النجار على مر عشرات السنين لم تجعل العولمة شيئًا واحدًا له استخدام مزدوج في الخير والشر إلا جعلته يداعب الشهوات بالقدر الذي يصرفه في النهاية إلى الشر بنسبة كبيرة، فتحدث أُلفة تدريجية بين الإنسان والشر، ودرجة عالية من التسليم بأنه العادي بحكم التكرار والانتشار، لتجعل استخدام الأشياء في الشر اعتياديًّا لدرجة عدم مروره حتى على نفسٍ لوَّامة أو بقايا ضمير، فتنشأ أجيال في غاية التشظي، لا تعرف هداية لخير، بل ومحاطة بالإغواء من كل جانب، فلا يشغل هذه الأجيال إلا شهوات أجسادهم وينطلقون منغمسين في الفتن تاركين أرواحهم في ظلمة مستمرة.   حرص رعاة العولمة والترويج لها على التحكم في تشكيل الهوية بشكل منحرف أو شبه منحرف، فمن أجل أن يُـتـاح للإنسان أن يكتسب هوية واضحة تحمله بفطرة نقية حتى يلقى الله على حسن خاتمة، عليه أن ينال فرصة اكتسابها في وسط نقي مُنظم، فكيف يحدث هذا في خضم ما يُـغَـذُّون به المجتمعات من مزيجٍ متضاد هدفه تشتيت الأجيال، مزيج يعزل روح الإنسان ويُـعمِل فقط شهواته، حتى إن الإنسان يتناول دوافع هذا في تركيبة طعامه وشرابه وأدويته. والثورة المعلوماتية التي عدَّها اللاهثون وراء العولمة وجعل العالم قرية واحدة، هي ثورة معلوماتية تحمل في طيَّاتها وسائل عدم النفع العام، فكَمُّ تدفق المعلومات أصبح فوق مستوى الاستيعاب للإنسان العادي، كم من المعلومات يزاحم بعضه بعضًا حد النسيان، يعطي لمن يشاهد أو يسمع أو يقرأ متعة أثناء المشاهدة أو الاستماع أو القراءة فقط لكن المحصلة المخزنة والممكن استحضارها في المستقبل تكون عبارة عن خاطرة مشتتة لا يمكن تجميع تفاصيلها أو الاعتماد عليها.   حتى البحث العلمي أيضًا يُـمكن إدارته في ظل العولمة بأيدي المتحكمين في نشر العولمة، فهم أصحاب المال والإغداق في الإنفاق على الأبحاث يكون على علماء دون غيرهم، وعلى جمعيات علمية دون غيرها، تخدم مصالح هؤلاء رعاة العـولمة، أيديولوجيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وانحرافيًّا.   إن أمة الإسلام تعيش في هذا العصر "عصر العولمة" أمواجًا من الفتن والتربص والترصد والتآمر والالتفاف حولها للإجهاز عليها بعد إضعافها، إن أمة الإسلام تعيش في هذا العصر ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم واقعًا رأي العين، فعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الأممُ أن تَداعَى عليكم، كما تَداعَى الأكَلةُ إلى قصْعتِها، فقال قائلٌ: ومن قِلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاء السَّيلِ، ولينزِعَنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ، فقال قائلٌ: يا رسولَ اللهِ، وما الوهْنُ؟ قال: حبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ"؛ [السلسلة الصحيحة: 958].   والحل في التئام جراح الأمة بعد كل هذا التشظِّي، وتماسكها وقوتها بعد كل هذا الضعف هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الشيطانَ قد يَئِسَ أن يُعبَدَ بأرضِكم، ولكن رضِيَ أن يُطاعَ فيما سِوى ذلك مما تُحاقِرون من أعمالِكم، فاحْذَروا، إني قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتُم به فلن تَضِلُّوا أبدًا، كتابَ اللهِ، وسُنَّةَ نبيِّه"؛ [صحيح الترغيب: 40] وهو ما ترجمه الإمام مالك رحمه الله، بقوله: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".   إن قوة الأمة، كأمة كاملة متنوعة المجتمعات مترامية الأطراف لبنتها الأسرة والأفراد داخلها، ليس لها أي منبع آمن إلا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكل ما سوى ذلك خراب في خراب، والعجيب أنه مع توافر هذا المنبع الآمن وسط كل هذه الأمواج من الفتن والشهوات والشبهات والمؤامرات، تجد الناس منصرفين عنه إلى غيره.   والاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لا يكون بالأقوال أو بمجرد الارتباط الظاهري، إنما لا بد أن نهرول إليهما عمليًّا نستقي منهما ما نفعله في كل موقف نتعرض له وكل نازلة نعيشها، نسترشد بهما لنعمل بما فيهما بمنتهى التسليم والاستسلام حتى في أدق الأحكام والتشريعات، وتكون غايتنا بهذا تحقيق العبودية المُطلقة لله رب العالمين.   بهذا فقط تكون النجاة، بهذا فقط تكون القوة، بهذا فقط نعبر أمواج الفتن وهندسة الانحراف التي تجري على قَدَمٍ وساقٍ، بهذا فقط تخرج الأمة من الظلمات إلى النور، بهذا فقط نُربِّي جيلًا قادرًا على السير إلى الله، بهذا فقط نحفظ لأنفسنا ولأبنائنا مكانًا بعيدًا عن نار الدنيا والآخرة.  
    • قال تعالى عن أصحاب الكهف وهم نيام: ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾ [الكهف: 18]، قد لا ننتبه إلى أن هذه الكلمات القليلة تُمثِّل إعجازًا علميًّا يفوق حدَّ الخيال؛ فإنَّ مِن الأمراض الخطيرة التي يعاني منها المرضى في المشافي (قرحة الفراش)، فالمرضى الذين تضطرهم أمراضُهم إلى البقاء طويلًا على السرير ككسر في الحوض، أو العمود الفقري، أو شلل، أو في حالات النوم الطويل، هذه الحالاتُ المرضية تستوجب أن يبقى المريضُ مستلقيًا على ظهره أيامًا طويلة بل شهورًا!   فالإنسانُ له وزن كليٌّ، لكن إذا استلقى على السرير فإن وزن هيكله العظمي مع ما فوقه من عضلات وأنسجة يضغط على الجزء الذي تحت الهيكل العظمي، وإذا ضغطت العضلات والنسيج، فالأوعيةُ الدموية التي في هذه العضلات والنسيج تَضيق؛ فيقلّ وصولُ الدم إلى هذه الأماكن، وينشأ حولها تقرُّحات مُزعجة جدًّا.   فلو نظرنا إلى الإنسان وهو نائمٌ يتقلَّب في الليلة الواحدة ما يزيد على أربعين مرة، وهو لا يدري ذلك؛ لأن الجسم إذا ضغط على جهة معينة ضاقت الشرايين فيَضْعُف وصول الدم، ومن ثَم ينتقل هذا الإحساسُ بالضغط إلى المخ والإنسان نائم، والمخ يصدر أمرًا بالحركة، ومن الإعجاز العلمي في قوله تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾ [الكهف: 18]، لو قلَّبَهم في جهة واحدة لوقعوا من المكان الذي ينامون عليه، ولكن التقلُّب ذات اليمين وذات الشمال لكي يبقوا في إطار المكان.   فالمرضى الذين لا بد مِن أن يبقوا على السرير مدةً طويلةً تزيد على بضعة أشهر، لا بد من تقليبهم باليد، وإلا تقرَّحتْ أجسامهم وتسلَّختْ، وقد يُشفى المريض من المرض الذي أقعده، ويموت بسبب هذا المرض اللعين (قرحة الفراش)، ومِن هنا قدَّم التقدم العلمي بعض الأسِرَّة التي تهتزُّ بشكل دائم بفعل مُحرِّك كهربائي مِن أجل أن تقي المريض قرحةَ السرير، فلولا أن الله قلَّب أهل الكهف ذات اليمين وذات الشمال، لما بقَوا في كهفهم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعًا، دون أن يُصابوا بهذه التقرُّحات.   إنَّ أكثرَ الأجزاء مِن الجسد إصابةً بهذا المرض الخطير: المنطقة العضدية والأليتان، ولوحا الكتفين، وكعبا القدمين، هذه الأماكن فيها عظام فيضغط وينعدم وصول الدم [إليها] فيموت النسيج، ويسود ويتقرَّح الجلد عفنًا، عافاكم الله.   الحكمة الطبية من وراء إسدال العذبة: أثبت الأطباءُ الحكمة مِن وراء فِعْل النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتمَّ أسدل طرفي العمامة بين منكبيه، وكما هي هيئة رجال الجمعية الشرعية لأَخْذِهم مِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم.   فإسدالُ العذبة على منطقة جذع المخ يُؤدي إلى حماية مراكز تحكُّم وتنظيم درجة حرارة الجسم الموجودة في جذع المخ؛ فإسدال العذبة حمايةٌ لهذه المنطقة، ومظلة لها مِن ضربة الشمس.   وقد وَرَد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذيُّ وحسَّنه ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُسدل عمامته بين كتفيه، وروى مسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائي عن جابرٍ رضي الله عنه قال: دَخَل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم فَتْح مكة، وعليه عمامة سوداء، زاد النسائي: قد أرخى طرف العذبة بين كتفيه، ورُوِيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « عليكم بالعمائم؛ فإنها سيماء الملائكة، وأرخوها خلْفَ ظهوركم »؛ رواه الطبراني عن طريق عيسى بن يونس عن ابن عمر رضي الله عنهما.   وروى أبو يعلى والبزار - برجال ثقات - وابن أبي الدنيا والطبراني والبيهقي في الزُّهد، وحَسَّن إسناده أبو الحسن الهيثمي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله أمر عبدالرحمن بن عوف أن يتجهَّز لسرية يَبْعَثُها، فأصبح عبدالرحمن وقد اعتمَّ بعمامة كرابيس سوداء، فنقضها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعمَّمه، وأرخى له أربع أصابع، أو قريبًا مِن شبرٍ، ثم قال: « هكذا فاعتم يا بن عوف؛ فإنه أعرب وأحسن ».   موضوعات متنوعة: لو أَطْلَقْنا لأنفسنا العنان في تدبُّر عظمة الخالق في خَلْق الإنسان، فلن ننتهي مِن الحديث عنه أبدًا.   ويطول بنا المقامُ لو تتبَّعنا عمل الأجهزة المختلفة في جسم الإنسان، وما فيها مِن خوارق ومعجزاتٍ، وإنما نضرب الأمثلةَ لبعض هذه المعجزات التي يحتويها جسمُ الإنسان، وما ذاك إلا قطرة مِن هذا البحر الزاخر من الإعجاز الرباني والإبداع الإلهي في خلق الإنسان؛ قال تعالى: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21]،وقال:﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4].   لقد أجهد العلماء في البحث عن إبراز هذه الحقائق الثابتة في الخلق، وما زال البحثُ مستمرًّا للكشف عما تحتويه كلماتُ القرآن الكريم.   جنود الله للدفاع عن جسم الإنسان: مِن المعلوم أن جهاز المناعة في جسم الإنسان هو المسؤول عن حمايته مِن الجراثيم والميكروبات، فهو أشبه بجيشٍ يمتلك أعظمَ الأسلحة الحديثة لمواجهة الأعداء، فالجهاز المناعي لا يترك ثغرةً يتسلَّل منها عدوٌّ لمهاجمة الجسم، وهناك أربعة خطوط للدفاع عن الجسم: الأول: يتمثَّل في الجلد وإفرازاته التي تُقاوم الفطريات والميكروبات، ودموع العين التي تحتوي على أملاح مقاومة لبعض الميكروبات.   الثاني: يتمثَّل في الخلايا الليمفاوية التي تعمل على مدار 24 ساعة بيقظةٍ ونشاطٍ.   الثالث: يتمثَّل في نوعٍ مِن الخلايا المقاتلة، تتمُّ صناعتها بسرعة بعد الحصول على معلوماتٍ دقيقةٍ عن نوع العدو الذي عجزتْ خطوط الدفاع الأخرى عن مواجهتها؛ لكي تتمكَّن وتُصبح قادرةً على هزيمتها.   الرابع: كرات الدم البيضاء، وعددها 5000 - 11 ألفًا، تزداد في حالة هجوم ميكروبي للجسم، وتقلُّ إذا حدَث خلل في الجهاز المناعي، وهذا يُؤدي إلى تعرُّض الجسم إلى أقل وأضعف ميكروب؛ ولهذا فإن مدافع وصواريخ جهاز المناعة تُصاب أحيانًا بخللٍ يُفقدها الاتجاه الصحيح؛ فتنطلق بعضُ قذائفها ضد أحد أعضاء الجسم بدلًا مِن تصويبها نحو العدو، فعند إصابة هذا الجهاز بالمرض أو العَجْز، تتسلَّل إلى الجسم الميكروبات بلا حاجزٍ أو رادعٍ بسبب عجزه عن مواجهتها، ولعل مرض الإيدز خيرُ مثالٍ على هذا، فلا يمكن محاسبة جهاز المناعة عن هجوم فيروس الإيدز عليه؛ لأنه يكون في حالة عجزٍ عن مواجهة الميكروبات، وهناك جدلٌ بين العلماء والأبحاث العلمية حول عَجْز المناعة عن التمييز بين العدو والصديق أو القريب، فإذا حدث خللٌ في الجهاز توهَّم أنَّ أحد أجزاء الجسم دخيلٌ عليه أو عدوٌّ فيُعلن التعبئة العامة، ويحشد جيوشه لتبدأ أغرب مأساة داخل الجسم الواحد، فيُهاجم جهازُ المناعة جزءًا مِن كيانه بسبب اضطرابٍ في التمييز بين العدوِّ والصديق، أو بين جزء من الجسم أو مِن خارجه؛ لذلك ظهرتْ مجموعة أمراض سُميتْ أمراض المناعة الذاتية وهي كثيرةٌ، ومِن أشهر أمراض المناعة المعروفة لدى الجميع (الروماتويد)؛ حيث تهاجم أسلحة جهاز المناعة المفاصل والغضاريف مما يُسفر عن آلامٍ صعبة، وغالبًا ما يتركَّز في الأطراف مثل مفاصل اليد وأصابعها.   فالأبحاثُ العلمية الحديثة أشارتْ إلى اتهام جهاز المناعة بمسؤوليته عن الإصابة بمرض السكر، فهو الذي يهاجم الخلايا الحيوية في البنكرياس المسؤولة عن إفراز هرمون الأنسولين، واقترحتْ بعض الدراسات إعطاء بعض العقاقير منذ الصغر حتى يتمَّ وقف الهجوم ضد خلايا البنكرياس!   حركات لا إرادية ولا شعورية بداخلك: وهذه الحركاتُ كثيرة داخل الإنسان؛ حيث إنها تبدأ مع السطور الأولى للحياة منذ أن كان المرء طفلًا، ففي أقل من ربع ثانية يحدث تنسيقٌ دقيق لثلاث عمليات أثناء بلع الطعام هي: 1- ينفتح المدخل التنفُّسي للقصبة الهوائية بواسطة لسان المزمار. 2- ينفتح مدخل المريء. 3- يتوقَّف الجهاز التنفُّسي لفترة قصيرة جدًّا.   وهذه الحركاتُ اللاإرادية واللاشعورية تحدث في اليوم الواحد آلاف المرات، ولا يشعر بها الإنسانُ.   وإذا أردتَ أن تحسَّ بذلك، فاصرفْ حسَّك وشعورك وركِّزهما عند حركات فمك الداخلية عند بَلْع الريق، مُركزًا الانتباه لما يحدث عند قاع الفم، وستشعر أن هناك مجرًى قد انفتح وآخر قد انغلق، وأنك لا يمكنك أن تُخرج أو تُدخل النفَس في تلك اللحظة، وتتكرر العملية نفسها حركيًّا وديناميكيًّا أثناء المعاشرة الجنسية عند قذف السائل المنوي، في تلك اللحظة يكون الجهاز التناسلي كلُّه محتقنًا، وإفرازات البروستاتا جاهزة، وعندما تتوتَّر العضلات ويأذن لها المؤثِّر الخارجي بالإفراغ، يُعطيها العصب السمبثاوي الإشارة؛ فيقوم صمام المثانة مباشرةً بغلق ممرِّ البول، وفتح ممرِّ البروستاتا والسائل المنوي مِن الخصية، فتحدث عمليتان في لحظة خروج السائل هما: 1- غلق ممر ماء البول. 2- فتح قناة البروستاتا؛ حتى لا يختلطَ البول بالسائل المنوي.   وللتأكُّد مِن ذلك: يُلاحظ الرجلُ أنه بعد الممارسة الجنسية، وبعد عملية القذف مباشرةً، لو حاول التبوُّل لوَجَد شبه احتباس بولي مؤقَّت، ويحتاج إلى شيء من الضغط حتى ينزل البول؛ لأن الصمام البولي للمثانة ما زال تحت تأثير الإشارات العصبية القوية.   هل تعلم ما هي منطقة الكذب والصدق في جسدك؟ إنها الناصية التي ذُكِرَتْ في القرآن الكريم منذ ما يزيد عن 1400 سنة في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾ [العلق: 15، 16]، والناصيةُ: هي مُقدمة الرأس، وقد أُجريت العديد مِن الأبحاث والتجارب، وتم الْتِقاط العديد مِن الصور لجميع أجزاء الدماغ، فوَجَد العلماء أن الإنسان عندما يكذب، فإنَّ هناك نشاطًا كثيرًا تُظهره الصورُ المغناطيسية في منطقةٍ محددةٍ في المخ، وهي أعلى مُقدمة الرأس، وعندما يكون الإنسان صادقًا تكون هذه المنطقة مِن الدماغ في حالة نشاط أيضًا؛ فأمكن للعلماء استنتاج أن منطقة الناصية هي المسؤولة عن الصدق والكذب، ولقد أثبتت التجارب الجديدة على المخ بطريقة التصوير بالرنين المغناطيسي أن الإنسان عندما يكذب فإن دماغه يعمل أكثر، ومن ثَم يتطلَّب طاقةً أكبرَ، وهذا يعني: أن الصدق يُوفِّر طاقةً للمخ.   واستطاع العلماءُ الكَشْف عن الكذب عند المجرمين الذين يخدعون أجهزة الكشف عن الكذب باستخدام تقنية مسح المخ؛ حيث إن الإنسان لا يستطيع التحكُّم في المنطقة الأمامية في دماغه التي تكون أكثر نشاطًا عندما يكذب، وذلك برصد حركة الدم وسرعة تدفُّق الدم، وبالطبع فإن المنطقة ذات التدفُّق الأكبر تكون هي الأنشط، وكما هو معروف فإن الجزء الأمامي من الدماغ هو أهم جزء في الدماغ؛ حيث يتمُّ فيه توجيه الإنسان والحيوان، ويتمُّ فيه اتخاذ القرارات المهمة والتخطيط للخير والشر؛ فبهذه الأبحاث أُكِّدتْ هذه الحقائق منذ سنواتٍ قليلة، مع أن القرآن الكريم أول كتاب تحدَّث عن هذه المنطقة؛ يقول ربُّ العزة: ﴿ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود: 56] ، وقال سبحانه: ﴿ كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ* نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴾ [العلق: 15، 16]،هكذا ينسب القرآن الكذب والخطأ إلى الناصية منذ أكثر مِن أربعة عشر قرنًا، وفي الحديث الشريف قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمَتِك، ناصيتي بيدِك))؛(أخرجه أحمد والطبراني)، فمن هنا يُفهم أيضًا أن الناصية مركز القيادة، ولحكمةٍ يعلمها الله شرَع الله أن تسجدَ هذه الناصية لله تعالى.   معجزة البصمة: لقد توصَّل العلم إلى البصمة في القرن التاسع عشر، وبيَّن أن البصمةَ تتكوَّن من خطوط بارزة في بشرة الجلد، تجاورها منخفضات، ويوجد بها فتحات المسام العَرَقية، وتتلوَّى هذه الخطوط، وتتفرَّع فروعًا لتأخذ في النهاية وفي كل شخص شكلًا مميزًا.   وقد ثبت أنه لا يمكن للبصمة أن تتطابق وتتماثَل في شخصينِ في العالم، حتى في التوائم المتماثلة التي أصلها مِن بويضةٍ واحدة، وإن تشابهتْ في (DNA)؛ حيث تتكوَّن البصمة في الجنين في الشهر الرابع، وتظلُّ ثابتةً ومميزةً له طوال حياته؛ ولذلك تعدُّ البصمة دليلًا قاطعًا ومميزًا لشخصية الإنسان، معمولًا بها في أنحاء العالم للكشف عن المجرمين واللصوص.   ويلفت القرآنُ الكريم الانتباه إلى أطراف الإنسان بصفة خاصةٍ في قوله تعالى: ﴿ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ ﴾ [القيامة: 4]؛ ليبين للإنسان ولو بعد قرون مِن نزول القرآن أنَّ الله قادر على أن يُعيد بناء ما يميِّزه عن باقي بني البشر مِن سيدنا آدم إلى قيام الساعة، وهذا بيانٌ كافٍ لأن يؤمن الإنسانُ بأن البعث حقٌّ، كما أن الموت حقٌّ.   هل تعلم أن بجسدك 360 مفصلًا؟ روى الإمام مسلم عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنه خُلِقَ كلُّ إنسان مِن بني آدم على ستين وثلاثمائة مَفْصلٍ؛ فمَنْ كبَّر الله، وحمد الله، وسبَّح الله، واستغفر الله، وعزَلَ حجرًا عن طريق الناس أو شوكةً أو عظمًا عن طريق الناس، وأَمَر بمعروفٍ، ونهى عن منكرٍ، عَدَدَ تلك الستين والثلاثمائة السُّلامى، فإنه يمشي يومئذٍ وقد زَحْزَحَ نفسه عن النار)). فالمفاصلُ هي التقاءُ العظام بعضها مع بعض، وأغلبها مُتحرِّك، ولكن بعضها ثابت كمفاصل جمجمة الرأس.   والأمرُ المُعجِز في هذا الحديث: أن يُحدِّد المصطفى صلى الله عليه وسلم عددَ مفاصل جسم الإنسان هذا التحديد الدقيق في زمنٍ لا يعرف الإنسانُ فيه أدنى علم عن تشريح الإنسان! وقد أثبت العلمُ الحديث هذه الحقيقة في أواخر القرن العشرين، وبيَّن أن منها 147 مفصلًا بالعمود الفقري، و24 مفصلًا بالصدر، و86 مفصلًا بالنصف العلوي مِن الجسم، و88 مفصلًا بنصفه السفلي، و15 مفصلًا بالحوض.   فإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة العلمية إعجازٌ رباني؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعلم أن الإنسانَ سيصل في يوم من الأيام إلى إدراك هذه الحقيقة التشريحية لجسم الإنسان، فتكون معجزةً له صلى الله عليه وسلم دالةً على صِدْق النبوة واتصاله بوحي السماء.   والمعجزةُ الإلهية أنه مِن البدهي أن أية مادة تحتكُّ وتتحرَّك بالنسبة لمادة أخرى، لا بد أن تبلى، طال الزمانُ أو قَصُر، وإنْ توافر لها عواملُ التزييت والتشحيم، أما مفاصل الإنسان فقد امتلكت الحيوية والكفاءة الربانية التي تمدها (بزيتها) العمر كله، وهو زيتٌ يختلف كل الاختلاف عن زيوتنا وشحوماتنا؛ لأن زيت الحياة سائلٌ مائي أشبه ما يكون ببلازما الدم، وهذا السائلُ يخرج مِن نهاية المفاصل، ونهاية المفاصل بدورها محاطة بطبقة مِن النسيج الغضروفي المرن، ويحيط به غشاء صُلْب نسبيًّا يُعرف باسم: الغشاء المزلقي، وللعلم فإنَّ سُمك السائل الفاصل بين المفاصل يقع في حدود جزءٍ مِن عشرة ملايين جزء مِن المليمتر، وهذه دقة في الصنع ما بعدها دقة! فتبارك الله أحسن الخالقين.   لما كان الإنسانُ كثيرَ النسيان، فقد أمره الله سبحانه وتعالى بالتأمُّل في ذاته؛ ليرى العجائبَ والمعجزات الكثيرة التي لا تُعدُّ ولا تُحصى، ويرى كيف ركب في هذا البناء الدقيق الذي يحتوي بداخله على أسرار وألغازٍ يُظهرها البحث العلمي بين الحين والحين.   والسؤالُ الذي يَطْرَح نفسه الآن: لماذا خَلَقَنا الله تعالى على هذه الهيئة؟ حين نُجيب عن ذلك: نجد أن هيئة الإنسان بها صناديق متعددة لتحويَ بداخلها أعضاء مهمة وخطيرة؛ فالقلبُ والرئتان داخل قفص عظميٍّ يتكون من العمود الفقري وضلوع الصدر لحمايتهما مِن أي مؤثرات خارجية، فتخيَّل لو أن القلبَ في متناول الصدمات والكدمات لحدثتْ مشكلات كثيرة تضرُّ بالإنسان!   وكذلك نجد الأعضاء الرقيقة - كالمخ والنخاع - تحتويها صناديقُ عظمية، مُبطَّنة بأغشية ومواد سائلة لَزِجة لحمايتها مِن الصدمات. نجد المثانة والرحم والمبايض في صندوقٍ عظميٍّ فيما يُسمَّى بعظم الحوض لحمايتها مِن العبَث بها.   وإذا دقَّقْنا النظر في عِلْم التشريح نجد أن الأعضاء الزوجية تقع على بُعدٍ متساوٍ تمامًا، سواء أكانتْ هذه الأعضاءُ ظاهرةً أم باطنةً، فإذا مُدَّ خط وهمي رأسي مِن منتصف الرأس ليقسم الإنسان إلى قسمين، نرى أن كل عين على مسافة متساوية مِن هذا الخط مع العين الأخرى، وكذلك الأنف والأذن والكليتان والمبايض والخصيتان والثديان والرجلان واليدان وغير ذلك، فإن وَضْع أعضاء الجسم في هذا النظام الرباني يُحقِّق أحسنَ تقويم للإنسان، وصدَق رب العزة إذ يقول: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين:4].   أخي الكريم، انظرْ إلى أي عضو في جسمك، وركِّز النظرَ لتجد آيةً مِن آيات الله تنطق بحال لسان هذا العضو على عظَمة الخالق سبحانه، فمثلًا الأوعية الدموية التي تجعل الدم يسير في اتجاهٍ واحدٍ مهما تغيَّرتْ أوضاع الإنسان.   ولو نظرتَ إلى قدرة الله التي جعلت القصبة الهوائية مفتوحةً على الدوام بأنْ خَلَقَها على هيئة حلقات غضروفية مفتوحة باستمرار مِن حيث إنَّ حاجة الجسم إلى الهواء مستمرة.   وانظر إلى العين تجد بها جفنًا يحميها مِن الأذى، وكذلك للجفن شعر يعكس الشمس عنها كمظلة إلهية لهذا العضو الحساس، وكذلك تجد للعين ماءً تفرزه غُددٌ، يجعلها لا تجفُّ ويحميها مِن الإصابة بالأمراض والميكروبات؛ حيث أثبت العلم الحديث أن ماء العين به مواد كيميائية تحمي العين مِن غَزْو الميكروبات.   وتجد في الأنف شعيرات تحجز الأتربة، وتدفئ الهواء ليدخل التجويف، وهو متلائم مع درجة الحرارة الداخلية. وانظرْ كيف تخرج إفرازات الأذن مِن الداخل إلى الخارج بواسطة الأهداب التي لا تُرى بالعين المجرَّدة، كما أنه توجد أهداب تُساعد على دخول أشياء مثل أهداب قناة فالوب التي تلتقم البويضة مِن المبيض، ثم تُدخلها إلى القناة، ثم إلى تجويف الرحم.   لماذا خَلَق الله تعالى الخصية في كيس خارج الجسم؟ فلو نَظَرْنا إلى عظَمة خلق الخصية، وهي العضوُ الوحيد الذي يقوم بوظائفه المتعددة في درجة حرارة أقل مِن درجة حرارة الجسم، وهي لذلك جعلها رب العزة خارج الجسم، وبداخل كيس الصفن الذي يحتوي على خلايا مُنظِّمة لدرجة الحرارة (تكييف رباني) لإنتاج الحيوانات المنوية، فإذا بقيت الخصيةُ داخل جسم الإنسان (الخصية المعلقة)؛ أي: التي لم تنزل في الكيس - فإن الخصية تتعرَّض للتلف الأبدي، فتفقد المقدرة على تكوين النُّطَف المنوية؛ ومن ثَم قد يُصاب هذا الذكَرُ بالعقم، وسبب تلف الخصية المستوقفة أنها وُضعتْ في مكانٍ لا يتلاءم مع الحرارة المطلوبة لتكوين الحيوانات المنوية؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2].   كلُّ هذه الظواهر وغيرها تُشير إلى أن وراءها خالقًا حكيمًا سبحانه، جَعَل هذه الأجهزة تتناغم مع بعضها بعضًا، كلُّ عضو بل كل خلية تقوم بدورها على أحسن وجهٍ، حتى وقت نوم الإنسان وذهاب الوعي لا تتوقف عن العمل، فالتنفُّس يعمل، والدورة الدموية لا تنام، والقلب يَقِظ للعمل بانتظام.   النهي عن الشُّرب والأكل واقفًا: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشُّرب قائمًا؛ (رواه مسلم)، وهناك أحاديثُ كثيرة في هذا الشأن، ولكن حسبي هنا أن أبرز البحث العلمي، وما توصَّل إليه العلماءُ في ذلك؛ فالشُّربُ وتناول الطعام جالسًا أصحُّ وأسلمُ وأهنأُ؛ حيث ينزل الماء والأكل على جدران المعدة بتُؤَدة ولطفٍ، وأما الشرب واقفًا فيؤدي إلى تساقُط السائل بعنف إلى قعر المعدة، ويصدمها صدمًا، وإن تَكرار هذه العملية يؤدي إلى استرخاء المعدة، وعُسر الهضم، وقرحة المعدة!   ويرى الأطباء أن الإنسان في حالة الوقوف يكون متوترًا، ويكون الجهاز العصبي نشطًا للسيطرة على عضلات الجسم؛ لكي تتمَّ عملية التوازن والوقوف منتصبًا.   وأثبت العلمُ أن الطعام والشراب قد يؤدي تناولهما في حالة الوقوف إلى إحداث انعكاساتٍ عصبيةٍ شديدةٍ، تقوم بها نهايات العصب المبهم المنتشرة ببطانة المعدة، هذا العصب مربوط بالمعدة والقلب؛ فالتنبيه العنيف لهذا العصب بالماء البارد مثلًا يؤدي إلى انعكاساتٍ خطيرة، وإطلاق شرارة النهي العصبي الخطيرة ربما نبَّه القلب فأوقفه عن العمل، وهناك حالات موت مفاجئ كثيرة بسبب التنبيه الشديد جدًّا لهذا العصب المبهم!   وأثبت أطباء الأشعة أن قرحات المعدة تكثر في المناطق التي تكون عرضةً لصدمات اللقم وجرعات الأشربة بنسبة تبلغ 95% مِن حالات الإصابة بالقرحة.   كما أثبت الطب الحديث أن عملية التوازن أثناء الوقوف تُرافقها تشنُّجات عضَلية في المريء تُعيق مرور الطعام بسهولة إلى المعدة.   ومِن هنا ننصح في حالات الحر الشديد، وفي الجهد العالي - أن يشرب الماء القليل وعلى فترات، وهذا ما أرشدنا إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حديثه عن أنس بن مالك، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفَّس في الشراب ثلاثًا، ويقول: ((إنه أَمْرَأُ وأَرْوَى))؛ (رواه مسلم)؛ أي: إنه يشرب على ثلاث دفعات.     الوضوء وقاية مِن الميكروبات والجراثيم: أثبت العلم الحديث أنَّ الإنسان الذي يتوضَّأ في اليوم خمس مرات، يُنظف أنفه وفمه مِن الجراثيم والأتربة والمتعلقات.   ولقد أُجري العديد مِن الفحوصات على عددٍ مِن الذين يتوضَّؤون باستمرار، وظَهَر عندهم الأنفُ والفم نظيفينِ خاليينِ مِن الميكروبات، أمَّا الذين لا يتوضَّؤون فقد وُجِدَتْ عندهم كميات كبيرة مِن الميكروبات العنقودية الشديدة العدوى والكروية السبحية السريعة الانتشار وغير ذلك، وأثبت العلماء أن التسمُّم الذاتي يحدث نتيجة نمو وتكاثُر الميكروبات الضارة في تجويفي الأنف والفم، ومنهما إلى داخل المعدة والأمعاء، وتؤدي إلى الالتهابات المتعددة؛ لذلك شرع الاستنشاق بصورة متكررة ثلاث مرات في كل وضوء.   أما المضمضة فقد ثبت علميًّا أنها تحفظ الفم والبلعوم مِن الالتهابات وتقيُّح اللثة، وتقي الأسنان مِن التسوس، وإضافة إلى ذلك فإن المضمضة تُنمِّي وتقوِّي بعض عضلات الوجه، أمَّا غسل الوجه واليدين إلى المرفقين والقدمين - فيزيل الغبار وما يحتوي عليه من الجراثيم، فضلًا عن تنظيف البشرة مِن المواد الدهنية التي تُفرزها الغُدد الجلدية، بالإضافة إلى إزالة العرق، فإذا أهمل الإنسانُ في نظافة جلده فترةً طويلةً بدون غسلٍ، فإن إفرازات الجلد المختلفة مِن دهون وعرق تتراكم على سطح الجلد مُحدثةً حكَّةً شديدةً.   وهناك فائدة أخرى للوضوء، وهي تنشيط الدورة الدموية في الأطراف العلوية مِن اليدين والساعدين، والأطراف السفلية مِن القدمين والساقين، فإن تدليكها يُنشِّط الأطراف، ويزيد مِن نشاطها وفعاليتها.   كما توصَّل أحدُ العلماء إلى أنَّ سقوط أشعة الضوء على الماء أثناء الوضوء يُؤدي إلى انطلاق أيونات سالبة، ويُقلِّل الأيونات الموجبة؛ مما يُؤدي إلى استرخاء الأعصاب والعضلات، ويتخلَّص الجسم مِن ارتفاع ضغط الدم والآلام العضليَّة، وحالات القلق والأرق؛ إذًا فالوضوء هو أفضل وسيلة للاسترخاء وإزالة التوتر، ومِن هنا يتجلَّى الإعجاز العلمي في شرعية الوضوء في الإسلام لمصلحة جسم الإنسان.   الإعجاز النبوي في تخليل الأصابع: لقد ثبَت طبيًّا أن أمراض الحساسية في الجلد يكون سببها ناشئًا مِن بين أصابع الرجلين؛ خاصة لأنَّ أصابع الرجلين محبوسة طوال اليوم، وبخاصة في فترة العمل تكون داخل الحذاء؛ مما يؤدي إلى أمراض والتهابات وتكوين فطريات.   أما بالنسبة لليدين: فالأصابع فيهما عرضةٌ للتلوث؛ لأنهما أداة العمل، والأخذ والعطاء، وعادة تتراكم القاذورات والأوساخ بين الأصابع؛ لذلك اعتنت السنة المطهَّرة بتخليل الأصابع؛ صيانةً للجسد من الأذى، ومعلوم أن صحة الأبدان لها أثرها الفعَّال في أداء العبادات، والقدرة على أداء مهام حياة الإنسان، وهناك فوائدُ كثيرة، وإنما هذا غيضٌ من فيض، وقليلٌ مِن كثير.   الصلاة تلك المصحَّة الربانية: الصلاة هي الدواء الناجع، والشفاء الرباني لكل أمراض الدنيا البدنية والعضوية والنفسية والعصبية؛ ففي عملية الصلاة تتحرَّك كلُّ عضلة مِن عضلات الجسم، صغرتْ أم كبرتْ، وفي هذا صيانةٌ لها، وتدريبٌ لتقويتها.   فجِسْمُ الإنسان يتكوَّن مِن عظامٍ ومفاصل وعضلات وشرايين وأوردة وأعصاب وأجهزة، ولكنها تحتاج إلى تزييتٍ وتشحيمٍ كلَّ يومٍ بالحركة المنتظمة، فالنومُ والراحة التامة يصيبانها بالكسل والملل والتيبُّس، ولعل وجَع الظهر أو جلطة الساقين الوريدية تأتي للأفراد الذين يُؤْثِرون الراحة التامة.   مِن فوائد الصلاة البدَنيَّة: تحسينُ عمَل القلب، وتوسيعُ الشرايين والأوردة، وإنعاش الخلايا، وتنشيط الجهاز الهضمي، ومكافحة الإمساك، وإزالة العصبية والأرق، وزيادة المناعة، وتقوية العضلات، وزيادة مُرونة المفاصل، وإزالة التيبُّس، وتقوية الأوتار والأربطة، وزيادة مرونتها، وإصلاح العيوب الجسمية، وتشوُّهات القوام والوقاية منها.   وقد ثبَت علميًّا أنه يندر بين المصلين ضيق الصدر الذي هو بسبب تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون في الرئتين؛ فأداءُ الصلاة خمس مرات كلَّ يومٍ - خيرُ وسيلة لجني فوائد التمرينات الرياضية، فأوقاتها أنسب الأوقات التي يُوصى فيها بأداء التمارين، فقبل الشروق حيث الجو النقي، وحيث الجسم ما زال متأثرًا بالنوم، وفي الظهيرة حيث حلَّ بالجسم تعبُ العمل، وفي العصر حيث قارب يوم العمل أن ينتهي، وفي الغروب حيث يبدأ الإنسان استعداده لراحة الليل، وفي العشاء حيث يختم الإنسانُ يومه؛ يقول بعض علماء الطب: لعلَّ الصلاة هي أعظم طاقة مولِّدة للنشاط عُرفتْ إلى يومنا هذا! وكم من أمراضٍ فشلت العقاقير في علاجها، فلما رفع الطب يديه عجزًا وتسليمًا دخلت الصلاة، فبرأتهم مِن عِلَلِهم! ومِن هنا نجد ما يؤكِّد لنا هذا في السنة النبوية وهو حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ((يا بلال، أرحنا بالصلاة)).   مِن فوائد السجود سَحْب الشحنات الكهربائية الضارة من الجسم: جِسْمُ الإنسان يستقبل قدرًا كبيرًا مِن الأشعة الكهرومغناطيسية يوميًّا مِن الأجهزة الكهربائية التي يستخدمها الإنسانُ والآلات المتعددة التي لا يُستغنى عنها، ويعتبر جسم الإنسان جهاز استقبال كميات كبيرة مِن الأشعة الكهرومغناطيسية، ويعني ذلك أنك مشحون بالكهرباء وأنت لا تشعر، ومن هنا قدَّم باحثٌ غربيٌّ غير مسلم بحثًا علميًّا مفاده: إن أفضل طريقة لتخلُّص جسم الإنسان مِن الشحنات الكهربائية الموجبة التي تؤذي الجسم - أن يضع جبهته على الأرض أكثر مِن مرة في اتجاه مركز الأرض وهو الكعبة؛ ذلك لأن الأرض سالبة، فهي تسحب الشحنات الموجبة؛ لذا فإنَّ السجودَ في الصلاة هو الحالة الأمثل لتفريغ تلك الشحنات الضارة.   وكذلك فإنَّ السجود مِن شأنه أن يرويَ الدماغ بالدم، خاصة في حالات التيه، وخرف الشيخوخة، الذي مِن بعض أسبابه نَقْص في وصول الدم إلى المخ؛ لذلك فإن السجود يجعل الدم ينصبُّ على أوعية الرأس، وبحكم فِعل الجاذبية أيضًا.   وكذلك يُعالج السجود نظافة الجيوب الأنفية، بسَحْب إفرازاتها أولًا بأول، وبقية الجيوب الأنفية التي بالرأس يزداد تدفُّق الدم إلى المخ والجيوب؛ مما يمدُّه بالأكسجين والمواد الغذائية؛ فيؤدي وظيفته على أحسن وجه.   والسجود أيضًا يساعد على تخفيف الاحتقان بمنطقة الحوض؛ ومن ثَم يساعد على الوقاية من الإصابة بالبواسير وحدوث الجلطات. والسجود يعالج انقلاب الرحم عند الإناث، وعلاجُه تمرينات تُشبه تمامًا حركات الصلاة.   وكما هو معلوم فإن الإنسان هو قبضة مِن طين، ونفخة من روح، وقد خلقه الله تعالى بصورةٍ تُناسب مهام الاستخلاف في الأرض، فهو صاحب العقل، ميَّزه الله تعالى به عن باقي المخلوقات كي يفكِّر، وجعل الله له عينين ولسانًا وشفتين، وكل الأعضاء الخارجية والداخلية، فلو نقص عضوٌ أو زاد لكان المنظر قبيحًا، ولا يمكن أن يكون في خلق الله نقصٌ ولا زيادةٌ ولا عبثٌ؛ فكل شيء عنده بمقدار، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، فهذه آيات محكمات دالة على جليل صُنع الخالق؛ لذا سوف نتوقَّف عند قوله تعالى: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21]؛ لكي نتعرَّف على بعض الأسرار: فإن هذه الآية التي بها كلمات معدودات تحمل بين طياتها أحلى المعاني، وأدقَّ التعبيرات، ففيها يلفت الله سبحانه وتعالى أنظارنا إلى ما تحتوي عليه أجسامنا مِن الآيات والمعجزات التي تدلُّ على عظمة الخالق وجمال الخَلْق؛ ففي هذه الأجسام البشرية نلمس دقة التكوين، وتماسُك البناء، وحُسن المظهر، وهو ما لا نستطيع إدراكه بالعقل المجرد؛ فالجسمُ البشري بناءٌ ضخمٌ، دقيقُ التركيب إلى درجة تدعو إلى الدهشة والإعجاب، فلم يتوصَّل العلم الحديث إلى بعض أسراره إلا بعد دراسات شاقَّة، وبحوث وتجاربَ كثيرةٍ، قام بها عددٌ كبيرٌ مِن العلماء في مختلف العلوم؛ فنِعَمُ الله علينا كثيرةٌ لا تُعدُّ ولا تُحصى، فمنها: أن في رأس الإنسان أربعة سوائل: مالح في عينيه يمنعها من اليبس، وعذب في فمه يسوغ به طعامه وشرابه، ومر في أذنه يحميه من الحشرات، ولزج في أنفه يمنع الغبار مِن الدخول إلى رئتيه!   ولو نظرنا إلى تركيب جسم الإنسان لَوَجَدْنا أن الوحدة الأساسية فيه هي الخلية، وتعتبر الخلية المصنع العملاق الذي لا يُرى بالعين المجردة، ويحتوي جسم كل واحد منا على ما يقرب من بليون خلية (ألف مليون خلية)، وتؤدي تلك الخلايا وظائفها الحيوية وفق نظام دقيق جدًّا وضَعه لها الخالق عز وجل، وتوجد هذه الخلايا البشرية في طبقات متزامنة، على أحسن ما يكون البناء، فلو جمعنا مليون خلية مِن هذه الخلايا في مكانٍ واحدٍ، لأصبح حجمُها بقدر رأس الإبرة تقريبًا.   فخلايا جسم الإنسان ليستْ كلها على نمطٍ واحد، مِن حيث الشكل أو الحجم أو الوظيفة؛ بل إنها تختلف فيما بينها اختلافات تُثير الدهشة والإعجاب.   فالخليةُ بإيجاز شديد تُغلَّف مِن الخارج بغشاء رقيق، كما توجد في وسطها نواة، وتسيطر النواة على كل نشاطات الخلية، فهي بمثابة القلب من الجسد، فإذا نُزعتْ من الخلية سرعان ما تموت، وتحيط النواة محتويات أخرى، منها: جهاز جولجي، والجسم المركزي، والسيتوبلازم، وغيرها، فالخلية الواحدة لا تستطيع أن تقوم بوظائفها إلا بالتعاون والتنظيم مع الخلايا المختلفة؛ ليؤدي الإنسان الاحتياجات اليومية، فهذا التنظيم المتجانس يُطلق عليه علماء الأحياء اسم النسيج، ويتركَّب النسيج من ملايين عدة من الخلايا التي تندمج مع بعضها بعضًا، ثم تندمج الأنسجة في تنظيمات أكبر لتكون أعضاءً، ثم تندمج الأعضاء التي تؤدي إلى تكون الجهاز، وهو أكبر التنظيمات الجسدية، وأكثرها تعقيدًا على الإطلاق، فإنَّ الأجهزة الموجودة في جسم الإنسان، هي: الجلد، والجهاز الهضمي، والتنفُّسي، والدوري، والعصبي، والحسي والهيكلي، والعضلي، وجهاز الإفراز الداخلي (الغدد الصماء).   فمجموع هذه الأجهزة التي تختلف في سلوكها ووظائفها وصفتها التشريحية - يتركَّب جسم كل واحد منها مِن الخلايا، الأنسجة، الأعضاء.   هل تعلم مكونات جسم الإنسان المادي؟ أثبتت المعامل والأبحاث أن جسم الإنسان العادي يحتوي على مائة وأربعين رطلًا مِن الماء ومن الدهون، ما يكفي لصنع سبع قطع مِن الصابون، ومن الرصاص ما يكفي لصناعة ستة آلاف قلم رصاص، ومن الملح ما يملأ ملعقة صغيرة، ومن الفسفور ما يكفي لصناعة ألفي عود ثقاب مِن الكبريت، ومن الماغنسيوم ما يكفي لجرعة مِن الأملاح الملينة، ومن الحديد ما يكفي لصنع مسمار طويل، ومن البوتاسيوم ما يكفي لقدح زناد مدفع من مدافع الأطفال، ومن السكر ما يملأ زجاجة عادية.   هذا هو الإنسان الذي خُلق مِن تراب، فإذا مات عاد إلى الأرض وتحلَّل جسمُه إلى هذه العناصر، ودخَل في تركيب أجسام أخرى حيوانية ونباتية، وصدق الله العظيم: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ﴾ [طه: 55].     عُجْب الذنَب أصل الإنسان الذي لا يبلى: وهو آخر عظمة في العمود الفقري ويُسمَّى: العصعص، وقد جاء ذكرُه في الأحاديث النبوية على أنه هو أصل الإنسان، والبذرة التي يُبعث منها يوم القيامة، وأن هذا الجزء لا يبلى، ولا تأكله الأرض!   قال صلى الله عليه وسلم: ((ثم ينزل من السماء ماء، فيَنبتون كما يَنبت البقل، وليس في الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظمًا واحدًا، وهو عَجْبُ الذَّنَب))؛ (أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما).   الزائدة الدودية تشهد على وجود الله: يظن الناس خطأً أن الزائدة الدودية عضو زائد في جسم الإنسان لا فائدة لها، وقد اكتشفت الأبحاث العلمية الحديثة الدور الحقيقي للزائدة الدودية ومنافعها الهائلة للإنسان، فقد ثبت أنها مسؤولة عن إنتاج وحفظ مجموعة متنوعة مِن البكتيريا والجراثيم التي تلعب دورًا مفيدًا للمعدة.   فإنَّ عدد الجراثيم والبكتيريا التي يحويها جسم الإنسان تفوق عددَ خلاياه، لكن السواد الأعظم من هذه الكائنات الدقيقة يمارس دورًا إيجابيًّا داخل الجسم، ويساعد على هضم الأطعمة.   وتُشير الدراسة إلى أن أمراضًا معينة مثل الكوليرا أو الإسهال الشديد قد تُؤدي إلى إفراغ الأمعاء مِن هذه البكتيريا والجراثيم المفيدة، وهنا يبدأ دور الزائدة التي تقوم في هذه الحالة بالعمل على إعادة إنتاج وحِفْظ تلك الجراثيم.   أكبر عضو في جسم الإنسان: يعتبر الجلد أكبر عضو في جسم الإنسان؛ إذ تبلُغ مساحته 2 م2! تنمو خلايا الجلد وتموت وتستبدل نفسها باستمرار، ويعتبر الجلد الكاميرا المخفية في جسم الإنسان، فهو ستار محكم للأعضاء؛ حيث لا يسمح للجراثيم بالدخول إلى الجسم، فضلًا عن أنه قادر على تحطيم هذه الجراثيم بمساعدة المواد التي تفرزها غددُه، وكذلك لا يسمح بدخول الماء والغازات، فهو يسمح بخروج الماء ولا يسمح له بالدخول، رغم مسامه التي تساعد على الإخراج.   ومِن أهم وظائف الجلد حِفْظ الجسم عند درجة حرارة ثابتة؛ إذ إنَّ أعصاب الأوعية الدموية في الجلد تنشطها عندما يشتد حرُّ الجو كي تشعَّ منه الحرارة، وتفرز غدد العرَق ما يزيد على لتر مِن الماء، فتخفض درجة حرارة الجو الملاصق للجلد، أما إذا اشتدَّ برد الجو، انقبضت الأوعية الدموية؛ فتحتفظ بحرارتها، ويقل العرَق.   ومِن عِظَم قدرة الخالق في هذا العضو أن انتشار الأعصاب تحت الجلد شيء لا يكاد يُصدَّق؛ حيث تنتهي الألياف العصبية بجسيمات خاصة يختصُّ كل نوع منها بنقل حس معين، فهناك جسيمات تنقل البرد، وأخرى تنقل الحرَّ واللمس والألم... إلخ، وهكذا تتنوَّع الإحساسات وتتباين، فعندما يُصاب المرء بحروق شديدة، فإن بعض وظائف الجلد تتوقَّف أو تتعطَّل، وقد يكون توقُّفُها أخطرَ مِن فَقْد الجلد نفسه؛ لأنه يتعطَّل نقل الإحساس، ولا سبيل لإعادته إلا بتجديد الجلد وتبديل التالف؛ يقول رب العزة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 56]؛ إذًا فالقرآن قد تكلم عن هذه الحقيقة العلمية قبل أن تصبح حقيقة مستقرة ثابتة.     الحكمة الإلهية مِن وُجود الأظافر: مِن البدهي أن الإنسان إذا سألته عن فوائد الأظافر لقال لك: إنها للتجميل والتزيُّن والحماية مِن الاحتكاك وتآكل الأصابع... إلخ، ولكن هناك حكمة إلهية أثبَتَها العلمُ الحديث؛ حيث إن الأظافر تغطي شبكة من الشعيرات الدموية التي تعمل بدورها على توازن درجة حرارة الجسم، وهذه الشعيراتُ تعتبر نهاية الدورة الدموية في جسم الإنسان.   أ. د. علي فؤاد مخيمر   شبكة الالوكة  
  • أكثر العضوات تفاعلاً

    لاتوجد مشارِكات لهذا الاسبوع

  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      181932
    • إجمالي المشاركات
      2535158
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93133
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    أأم محمد
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×