اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57259
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180514
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8238
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4160
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      52993
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31793
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  9. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33904
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13116
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (36954 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فغض البصر مما جاء الأمر به في القرآن والسنة، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾[النور: 30]، وقال الله عز وجل: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾[النور: 31].       وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إيَّاكم والجلوس في الطُّرُقات))، قالوا: ما لنا بدٌّ، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: ((فإذا أبيتم إلا ذلك، فأعطوا الطريق حقَّها)) قالوا: وما حقُّ الطريق؟ قال: ((غضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، والأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر))؛ [أخرجه البخاري]، ومن أطلق لعينيه العنان في النظر إلى ما حرَّم الله عز وجل، فقد جعلهما تزنيان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العينانِ تزنيانِ وزناهما النظر))؛ [أخرجه البخاري ومسلم].       والإنسان يمدح بغض بصره عن نساء الآخرين، يقول عنترة:   وأغضُّ طرفي ما بَدَتْ لي جارتي حتى يُواري جارتي مأواها فينبغي أن يجاهد الإنسان نفسه في غض البصر، فهو داء مهلك، يؤثر في قلب الإنسان، وفي تلذذه بطاعة الله جل وعلا، وقد يكون من أسباب انتكاسة البعض عن طريق الهداية والاستقامة، نسأل الله الكريم أن يعيننا على مجاهدة أنفسنا في غضِّ أبصارنا عمَّا حَرَّم الله.       للسلف رحمهم الله أقوال في غضِّ البصر، جمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.       حفظ البصر عن النظر إلى ما لا يحل له: عن سعيد بن جبير، رحمه الله، في قول الله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]؛ يعني: يحفظوا من أبصارهم...عمَّا لا يحلُّ لهم النظر إليه.       عن الربيع رحمه الله، في قوله تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ قال: لا ينظر إلى عورة أحد.       وصية بغضِّ البصر عن النظرإلى الحرام: قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: فتفهم يا أخي ما أوصيك به، إنما بصرك نعمة من الله عليك، فلا تعصِه بنعمه، وعامله بغضه عن الحرام تربح، واحذر أن تكون العقوبة سلب تلك النعمة، وكل زمن الجهاد في الغضِّ لحظة، فإن فعلت ذلك نلت الخير الجزيل.       غُضَّ طرفك عمَّا هو عليك من أعظم الآثام، وهو النظرإلى ما لا يحل لك من حرم الأنام...وليكن بصرك من النظر إلى المحارم معدولًا.       الاقتداء بالسلف في غضِّهم من أبصارهم: خرج حسان بن أبي سنان رحمه الله يوم العيد، فلما رجع قالت له امرأته: كم من امرأة حسنة نظرت إليها اليوم ورأيتها؟ فلما أكثرت عليه، قال: ويحك، ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك حتى رجعت إليك.   خرج الثوري في يوم عيد، فقال: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا غض البصر.   صوم الصالحين يكون بأمور، منها: غضُّ البصر: قال الإمام الغزالي رحمه الله: صوم الصالحين...تمامه بستة أمور: الأول: غض البصر...إلى كل ما يذم ويكره، وإلى كل ما يشغل القلب عن ذكر الله.       أضرار النظر المحرم على قلب العبد: قال خالد بن أبي عمران رحمه الله: إن الرجل لينظر نظرة فينغل قلبه، كما ينغل الأديم، فيفسد قلبه حتى لا ينتفع به.   عن العلاء بن زياد رحمه الله قال: كان يقال: لا تتبعن بصرك حسن رداء امرأة، فإن النظر يجعل شبقًا في القلب.   قال الإمام السمعاني رحمه الله: عن بعض السلف قال: إن النظر يزرع الشهوة في القلب، ورُبَّ شهوةٍ أورثت حزنًا طويلًا.       قال الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: البصر هو الباب الأكبر للقلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب الحذر منه.   قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أضرُّ شيءٍ على القلب إرسال البصر، فإنه يُريه ما يشتدُّ طلبُه، ولا صبر له عنه، ولا وصول له إليه، وذلك غاية ألمه وعذابه.   وكنت متى أرسلت طرفك رائدًا لقلبك يومًا أتعبتك المناظرُ رأيت الذي لا كلُّه أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ   النظرة تفعلُ في القلب ما يفعلُ السهم في الرميَّة، فإن لم تقتله جرحته، وهي بمنزلة الشَّرارة من النار تُرمى في الحشيش اليابس، فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه، كما قيل: كلُّ الحوادث مبداها من النَّظر ومُعظمُ النارِ مِن مُستصغر الشَّرَرِ كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوسٍ ولا وترِ والمرءُ ما دام ذا عين يُقلبُها في أعين الغيد موقوفٌ على الخطر يسُرُّ مقلته ما ضرَّ مهجته لا مرحبًا بسرورٍ عاد بالضَّررِ   الناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه وهو لا يشعر، فهو إنما يرمي قلبه.   قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: النظر داعية إلى فساد القلب.   قال بعض السلف: النظر سهم سم إلى القلب.   قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: النظر يجعل القلب شيئًا فشيئًا في ظلمة.   من أضرار النظر المحرم: أنه مِفْتاح الزنا: قال الإمام الغزالي رحمه الله: النظر يُحرِّك القلب، والقلب يُحرِّك الشهوة.       قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أمر تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم...ولما كان مبدأ ذلك من قِبَل البصر، جعل الأمر بغضه مقدمًا على حفظ الفرج، فإن الحوادث مبدأها من النظر، كما أن معظم النار من مستصغر الشَّرَر، فتكون نظرة، ثم خطرة، ثم خطوة، ثم خطيئة.   وقال رحمه الله: الله سبحانه ابتلى...الإنسان بعدوٍّ لا يفارقه طرفة عين، ينام ولا ينام عنه، ويغفل ولا يغفل عنه، يراه هو وقبيلُه من حيث لا يراه، يبذل جهده في معاداته في كل حال، ولا يدع أمرًا يكيده به يقدر على إيصاله إليه إلا أوصله، ويستعين عليه ببني أبيه من شياطين الجن وغيرهم من شياطين الإنس، قد نصب له الحبائل...والفخاخ والشباك، وقال لأعوانه: دونكم عدوكم وعدو أبيكم، لا يفوتنكم،....ودونكم ثغر العين، فإن منه تنالون بغيتكم، فإني ما أفسدت بني آدم بشيء مثل النظر، فإني أبذر به في القلب بذر الشهوة، ثم أسقيه بماء الأمنية، ثم لا أزال أعِدُه وأُمنِّيه حتى أقوي عزيمته، وأقوده بزمام الشهوة إلى الانخلاع من العصمة.   قال الإمام الشوكاني رحمه الله: بدأ سبحانه بالغض...قبل حفظ الفرج؛ لأن النظر وسيلة إلى عدم حفظ الفرج.   النظر المحرم أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان: قال العلامة ابن القيم رحمه الله: النظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فإن النظرة تولد خطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل، ولا بد، ما لم يمنع منه مانع.   من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته: قال الإمام جعفر بن محمد الصادق لابنه رحمهما الله: يا بني، من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته.   إطلاق البصر مفتاح العشق: قال العلامة ابن القيم رحمه الله: إطلاق البصر يُوجِب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة، ويُوقِع في سكر العشق وقال: الله سبحانه وتعالى جعل لكل خيرٍ وشرٍّ مِفْتاحًا وبابًا يُدخَل منه إليه...وجعل إطلاق النظر في الصور مفتاح الطلب والعشق.   من يطلق بصره في الحرام لا يستلذُّ بالقرآن كثيرًا: قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: أعظم ما يصد به المرء عن القرآن: النظر، والغناء....وإذا تأملت فإن الذي يطلق نظره، ويسعى في الشهوات من جهة النظر المحرمإلى النساء لا يستلذُّ للقرآن كثيرًا.   من آفات النظر أنه يُورِث الحسرات: قال العلامة ابن القيم رحمه الله: من آفات النظر: أنه يُورِث الحسرات والزفرات والحرقات، فيرى العبد ما ليس قادرًا عليه ولا صابرًا عنه، وهذا من أعظم العذاب أن ترى ما لا صبر لك عن بعضه، ولا قدرة لك على بعضه، وقال رحمه الله: من أطلق نظره دامت حسرته.   خطورة النظر إلى الأمرد: قال ابن كثير: كثير من السلف كانوا ينهون أن يحدَّ الرجل نظره إلى الأمرد.   قال العلامة السعدي رحمه الله: ﴿ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ عن النظر...إلى المردان الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة.   قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: اعلم- وفقك الله- أن هذا الباب من أعظم أبواب الفتن...فإن الشيطان إنما يدخل على العبد من حيث يمكنه الدخول، إلى أن يُدرِجه إلى غاية ما يمكنه من الفتن، فإنه لا يأتي إلى العابد فيحسن له الزنا في الأول، وإنما يزين له النظر، والعابد والعالم قد أغلقا على أنفسهما باب النظر إلى النساء الأجانب، لبعد مصاحبتهن وامتناع مخالطتهن، والصبي مخالط لهما، فليحذر من فتنته.       نظر...إلى غلام في بعض الأسواق، فبُلي به...وطال به البلاء...ولما سُئل عن قصته، قال: رُبَّ ذنبٍ استصغره الإنسان هو أعظم عند الله من ثبير، وحقيق لمن تعرض للنظر الحرام أن تطول به الأسقام ثم بكى، وقال: أخاف أن يطول في النار شقائي.       من فوائد ومنافع غضُّ البصر: قال أبو عمرو بن نجيد رحمه الله: كان شاه الكرماني حادَّ الفراسة، لا يخطئ، ويقول: من غضَّ بصره عن المحارم، وأمسك نفسه عن الشهوات، وعمر باطنه بدوام المراقبة، وظاهره باتباع السُّنة، وتعوَّد أكل الحلال لم تخطئ فراسته.   قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: غضُّ البصر عن الصورة التي نُهي عن النظر إليها يورث ذلك ثلاث فوائد جليلة القدر: حلاوة الإيمان ولذته التي هي أحلى وأطيب مما تركه لله، فإن من ترك شيئًا لله عوَّضَه اللهُ خيرًا منه، ويورث نور القلب والفراسة، وقوة القلب وثباته وشجاعته.   قال الإمام القرطبي رحمه الله: غضُّ البصر وحفظُ الفرج أطهرُ في الدين، وأبعدُ عن دنس الأنام.   قال العلامة ابن القيم رحمه الله: في غضِّ البصر عدة منافع: أحدها: أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده.   الثانية: أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه.   الثالثة: أنه يورث القلب أُنْسًا بالله وجمعية على الله.   الرابعة: أنه يقوي القلب ويفرحه، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه.   الخامسة: أنه يُكسِب القلب نورًا، كما أن إطلاقه يُكسِبه ظلمةً.   السادسة: أنه يورثه فراسةً صادقةً يتميز بها المُحِق والمُبطِل، والصادق والكاذب.   السابعة: أنه يورث القلب ثباتًا وشجاعةً وقوةً.   الثامنة: أنه يسد على الشيطان مدخله إلى القلب، فإنه يدخل مع النظرة.   التاسعة: أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والاشتغال بها، وإطلاق البصر يُشتِّته.   قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قيل: من حفظ بصره أورثه اللهُ نورًا في بصيرته.   قال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله: يقال: إن كلَّ مَنْ كان أتقى لله، فشهوته أشدُّ؛ لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه.   قال العلامة السعدي رحمه الله: من ترك شيئًا لله، عَوَّضَه الله خيرًا منه، ومَنْ غَضَّ بصره أنار الله بصيرته.   مما يعين الإنسان على غض البصر علمُه أن نظر الله إليه أسبق من نظره: قال رجل للجنيد رحمه الله: بمَ أستعين على غض البصر؟ فقال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبقُ من نظرك إلى المنظور إليه.   مجاهدة النفس على غضِّ البصر: قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: لو أنَّ امرأةً مستحسنة مرت على رجلين، فلما عرضت لهما اشتهيا النظر إليها، فجاهد أحدُهما نفسَه وغضَّ بصره، فما كانت إلا لحظة ونسي ما كان، وأوغل الآخر في النظر فعلقت بقلبه، فكان ذلك سبب فتنته، وذهاب دينه.       صرف الإنسان بصره سريعًا لو وقع على محرم من غير قصد: قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أمر الله تعالى عبادَه المؤمنين أن يغضُّوا أبصارهم عمَّا حرَّم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يُغمِضُوا أبصارَهم عن المحارم، فإن اتفق وأن وقع البصر على مُحَرَّم من غير قصد فليصرف بَصَرَه عنه سريعًا.   خوف الإنسان من عقوبة الله إذا أطلق بصره: قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: وعلاج هذه النظرة...خوف العقوبة من الله سبحانه عاجلًا وآجلًا، والحذر من سوء عاقبتها وما تجرُّ وتجني.     فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ شبكة الالوكة
    • قال الله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 20].   قال القرطبي رحمه الله: "إن الدنيا دارُ بلاءٍ وامتحان، فأراد سبحانه أن يجعل بعض العبيد فتنةً لبعض على العموم في جميع الناس؛ مؤمن وكافر، فالصحيح فتنة للمريض، والغني فتنة للفقير، والفقير الصابر فتنة للغنيِّ، ومعنى هذا أن كل واحد مختبَرٌ بصاحبه".   إن المتأمل للآية الكريمة يجدها تركز على جوانب أربعة: 1. حتمية تكوين العلاقات البشرية. 2. الفتنة؛ الاختبار والابتلاء. 3. الصبر على أقوال الناس وأفعالهم. 4. إحاطة علم الله تعالى بحركات الناس وسكناتهم.   وعليه، فقد تضمنت الآية الكريمة توجيهات تربوية عدة؛ منها: أولًا: إن الطبيعة البشرية لا تنفكُّ عن الحاجة إلى تكوين علاقات اجتماعية، بل هي من ضروريات الحياة، وهي ذات مستويات وأبعاد مختلفة ومتنوعة؛ قال تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [الزخرف: 32].   قال ابن كثير رحمه الله: "ليُسخِّرَ بعضهم بعضًا في الأعمال، لاحتياج هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا".   ثانيًا: أكَّدت السنة النبوية المطهرة على حقيقة المضايقات والصعوبات التي تحدُثُ من مخالطة الناس بعضهم لبعض، وأهمية الصبر عليها، وجاء هذا التوجيه النبويُّ موجِّهًا للمؤمنين، والإيمان من أعلى مراتب الدين، والمؤمن في الغالب الأكثر استجابة وتحمُّلًا للمسؤوليات، والصبر عليها؛ ابتغاء ما عند الله من الأجر والمثوبة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم))؛ [الألباني، صحيح الجامع، 6651].   ثالثًا: إن الله سبحانه خالقُ الإنسان، وهو العليمُ بحاله وشؤونه كلها؛ ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]، وما دامت هناك علاقات بشرية قائمة، فإنها لا تخلو غالبًا من مدٍّ وجزر، واختلاف في وجهات النظر، مما قد ينتج معه ردود أفعال ربما تصل إلى إلحاق الضرر بأحد الأطراف، وهذه حقيقة مهمة للغاية، يجب ألَّا تغيب عن الأذهان؛ ولذلك لا بد من الحكمة في التعامل مع الآخرين، وأخذ الحيطة والحذر في كافة التعاملات والعلاقات البشرية؛ لتكون أكثر استقرارًا، ويَحُوطها الرفق واللين.   رابعًا: لما كان تكوين العلاقات البشرية مَظِنَّة الفتنة، فليس من الحكمة التوسعُ فيها دون حاجة ماسَّة، فالأَولَى أن تكون علاقاتنا محدودة، وإن وُجِدت تكون منضبطة بأدبيات وأخلاقيات التعامل البشري الراقي.   خامسًا: من المنطلقات الأساسية في الحياة التي يجب أن تكون واضحة في عقل ووجدان كل مسلم، أن الحياة ليست دار بقاء وسعادة، لا منغِّصات فيها، بل هي دار فناء وعناء وكَبَدٍ، وهذا يقع تحت دائرة الابتلاء، التي أوضحها القرآن الكريم غاية الإيضاح في غير ما آية؛ ومنها قوله تعالى: ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 2]؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أي: جعلتُ بعضكم بلاء لبعض لتصبروا على ما تسمعون منهم"؛ [البغوي، تفسير البغوي، الفرقان: 20].   سادسًا: لما كانت العلاقات الاجتماعية حتمية الوجود؛ لأن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وتكوينه، والاختلاف والتآلف بين البشر قد تحكمها أمور قدرِيَّة، خارجة عن قدرة الإنسان وسيطرته؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((الأرواح جنود مُجَنَّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف))؛ [صحيح مسلم، رقم: 2638]؛ قال النووي رحمه الله: "قيل لأنها خُلِقت مجتمعة، ثم فُرِّقت في أجسادها، فمن وافق بشِيَمِه ألِفه، ومن باعده نافره وخالفه"؛ [شرح النووي على صحيح مسلم، ج 16، ص 185].   سابعًا: من الأهمية أن يستقر في وجدان المسلم أن العلاقات مهما طالت، لا بد من الفراق؛ وهذا مصداق حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، عِشْ ما شئت فإنك ميت، وأحْبِبْ من شئت؛ فإنك مفارقه))؛ [الطبراني، المعجم الأوسط، 4278].   هذا التوجيه النبوي يجعل الإنسان المسلم في حالة من الهدوء والاستقرار النفسي عند حدوث أي داعٍ للفراق وتشتت للعلاقات، مهما كان بينها من أواصر الحب والقرابة.   ثامنًا: من لوازم استمرار العلاقات ونجاحها عدمُ التدقيق في كل صغيرة وكبيرة؛ بمعنى أوضح: إجادة فن التغافل، فهو من الحكمة، ومن كمال العقل.   تاسعًا: قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]؛ قال القرطبي رحمه الله: "هو أمرٌ لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى؛ أي: ليُعِنْ بعضكم بعضًا، وتحاثُّوا على أمر الله تعالى، واعملوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه، وامتنعوا منه".   فالواجب على منظومة العلاقات البشرية العنايةُ بالتعاون فيما بينهم بما يحقق الخير والنفع للناس، وتجنب التعاون على إلحاق الضرر بهم.   والتعاون الْمُثْمِر يعزِّز الروابط الإنسانية، ويحقق التقدم والرخاء للمجتمع وللبشرية عامة.   سائلًا اللهَ تعالى بفضله وإحسانه أن يُدِيمَ المحبة والأُلْفَة بين العلاقات البشرية، وأن يجنِّبهم الفتن والتنازع والبغضاء.   والحمد لله رب العالمين.   د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي   شبكة الالوكة
    • ملامح تربوية من قول الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]   إن القرآن الكريم منهج حياة، وكتاب هداية يهدي الخلق جميعًا للتي هي أقوم، قال سبحانه: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].   قال السعدي رحمه الله: "أي: أعدل وأعلى من العقائد والأعمال والأخلاق، فمن اهتدى بما يدعو إليه القرآن كان أكمل الناس وأقومهم وأهداهم في جميع أموره".   تضمَّنت الآية الكريمة ملامح تربوية عدة غاية في الأهمية، أشير إلى بعضها: أولًا: عناية الإسلام بالعلم وأهله؛ فأول آية نزلت في القرآن الكريم: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1].   وجعل صلى الله عليه وسلم: "طلب العِلمِ فريضة على كلِّ مسلمٍ"؛ (الألباني، صحيح الجامع، رقم: 3914).   ثانيًا: على المسلم الموفق الحرص التام والعناية بتعلم ما يعود عليه بالخير والصلاح في أمر دينه ودنياه، وقد ذمَّ القرآن الكريم حال الذين ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 7].   قال ابن كثير رحمه الله: "أي: أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالدنيا وأكسابها وشؤونها وما فيها، فهم حُذَّاق أذكياء في تحصيلها ووجوه مكاسبها، وهم غافلون عمَّا ينفعهم في الدار الآخرة، كأن أحدهم مغفل لا ذهن له ولا فكرة".   وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه "مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ"؛ (البخاري: 71، مسلم: 1037).   قال النووي رحمه الله: "فيه فضيلة العلم، والتفقُّه في الدين، والحث عليه، وسببه: أنه قائد إلى تقوى الله تعالى"؛ (النووي، شرح مسلم، 7/ 128).   ثالثًا: البعد كل البعد عن الخوض في قضايا وموضوعات ليس للإنسان فيها محصلة علمية كافية؛ لما قد يترتب على ذلك من نتائج عكسية لا تحمد عُقْباها، فمثلًا: الذي يتكلم في أمور طبية، ويصف للناس أنواعًا من العلاجات لأمراض مستعصية دون علم وتمكُّن وخبرة، فإنه قد يُلحق الضرر بالآخرين؛ بل قد يتسبَّب في إزهاق أرواح بريئة، ولات ساعة مندم!   وصدق ابن حجر العسقلاني رحمه الله في عبارته الشهيرة، إذ قال: "إذا تكلَّم المرء في غير فنِّه أتى بالعجائب".   رابعًا: أن العلم بحر لا ساحل له، ولم يحط بعلم كل شيء إلا الله جل شأنه، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282].   أما حال البشر عمومًا فهم على درجات في العلم، وصدق الله العظيم: ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76].   قال السعدي رحمه الله: "فكل عالم، فوقه مَن هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إلى عالم الغيب والشهادة".   خامسًا: تشير الآية الكريمة إلى فقه الموازنات، وفقه الأولويَّات، فالإنسان يُعْمِل فكره، ويوازن بين: الذين يعلمون والذين لا يعلمون، قال الطبري رحمه الله: "والذين لا يعلمون يخبطون في عشواء، لا يرجون بحسن أعمالهم خيرًا، ولا يخافون بسيئها شرًّا".   فالموفق هو الذي يميل قلبه، ويقع اختياره على جانب تحصيل العلم، قال السعدي رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الرعد: 19]؛ "أي: أهل العقول الزكية الذكية، فهم الذين يؤثرون الأعلى على الأدنى، فيؤثرون العلم على الجهل".   ومن توفيق الله للإنسان أن يسعى جاهدًا إلى التزوُّد منه بكل وسيلة مشروعة، وبخاصة من العلماء الثقات بحسب كل فن، المشهود لهم بالعلم، والفضل، والصلاح، والتقوى.   سادسًا: مِن أرقى درجات العلم أن يكون طالب العلم أول من ينتفع بعلمه، ويعمل به قولًا، وعملًا، ويؤكد هذا المعنى القرطبي رحمه الله في تفسيره بقوله: "الذين يعلمون هم الذين ينتفعون بعلمهم ويعملون به، فأمَّا من لم ينتفع بعلمه ولم يعمل به فهو بمنزلة من لم يعلم".   سابعًا: ليس لأحد عذر اليوم في العزوف عن تلقي العلم، فإنه بفضل الله تعالى وتوفيقه، ثم بالتطور المذهل في توفر الأجهزة التقنية الذكية، والبرامج والتطبيقات العلمية المتميزة، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها ووسائلها تسهل الطريق إلى العلم، وما علينا إلا أن نستعين بالله تعالى، ونشحذ الهمة، ونبذل الجهد، مع الأخذ في الاعتبار العناية التامة بالتحقق من مصادر التلقي، وسلامة المنهج، ومدى الالتزام بما عليه سلف الأمة الصالح من وسطية، واعتدال، وثوابت راسخة مستمدة من كتاب الله تعالى، وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.   ثامنًا: يتسع مدى الآية الكريمة لكافة مجالات الحياة العلمية: الشرعية، والتربوية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية...إلخ، وبسعة العلم وقِلَّته يتفاضل الناس، وكلما ازداد الإنسان علمًا في مجال وتخصص وبرز فيه نال قسطًا من الثقة والمكانة، فالواجب على كل من لديه ميول في تخصُّص معين، أو يعمل فيه، فالأولى الإلمام والتمكُّن بقواعده، وكافة موضوعاته؛ دقها وجلها كلما استطاع إلى ذلك سبيلًا، وبقدر حصيلته العلمية في ذلك يبرز ويتفوَّق ويحقق نجاحات تعود عليه، وعلى مجتمعه، وأمته بالخير.   تاسعًا:من سار واتجه لطلب العلم، واعتنى به، وأصبح أسلوب حياة له؛ سواء كان فردًا، أو مجتمعًا، أو أمة، فقد وفق أيما توفيق، ومن نظر وتأمَّل حال الأفراد المتعلمين، أو المجتمعات المتعلمة، أو الأمة المتعلمة وجد بونًا شاسعًا بينهم، وبين من لم يحظ بشرف العلم وطلبه، وفي الغالب الأعم فإن مؤشر قياس نضج الأفراد وتميُّزهم، وتقدم المجتمعات والأمم يعتمد على المستوى التعليمي ارتفاعًا وانخفاضًا؛ لذلك فإن العلم ونشره والعناية به هو الطريق الأصوب والخيار الأوحد لمن أراد الخير والاستقرار والتفوُّق والتقدُّم. والحمد لله رب العالمين   د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي شبكة الالوكة
    • الحمدُ للهِ الذي جعلَ بعدَ كلِّ ضائقةٍ وشدَّةٍ فَرَجًا، ويسَّرَ لِمَنِ اعتصمَ به مِنْ كلِّ نازلةٍ مَخْرجًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الآيات الباهرة، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه، وعلى آله وأصحابه ما جادَ السَّحابُ بقطره، وطلَّ الربيعُ بزهره، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:       أيها المسلمون عباد الله، عند حلول النكبات، وتوالي الأزمات، وتزايُد المدلهمات، يتجلَّى لُطْف الله بأهل الإيمان ورعايته لأهل الإحسان، بالتخفيف عنهم وحفظهم من السوء، وتجنيبهم ما حلَّ بغيرهم، والتحلِّي بالصبر والرِّضا بقدر الله عند الشدائد، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: ((عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)).   ولولا لطف اللطيف الخبير لامتلأت القلوب وحشةً وفزعًا وخوفًا؛ يقول السعدي في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ﴾ [يوسف: 100]، قال: يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها، ومن رحمته سبحانه أنه جعل لنا عبادات جاءتِ النصوصُ بأنها تدفَعُ البلاء؛ عَلَّمنا إيَّاها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه العبادات:   التضرُّع والدعاء يَدْفَعُ البلاء: أيُّها المسلمون، أحسنُ الكلام في الشكوَى سُؤال المولَى زوالَ البَلوى، فاستدفِعوا أمواجَ البلاء بالتضرُّع والدعاء، فليس شيءٌ أكرم على الله عز وجل من الدعاء، وأعجزُ الناسِ من عجزَ عن الدعاء، ولا يرُدُّ القدَرَ إلا الدعاءُ، فأكثِروا من الدعاء والمُناجاة؛ فإن الله يسمعُ دعاءَ من دعاه، ويُبصِرُ تضرُّع من تضرَّع إليه وناداه، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، يقول الحسن: وَمِفْتَاحُ السَّمَاءِ الدُّعَاءُ. وقال الله عز وجلَّ: ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ﴾ [الأنعام: 43]. قال ابن كثير: أَيْ فَهَلَّا إِذِ ابْتَلَيْنَاهُمْ بِذَلِكَ تَضَرَّعُوا إِلَيْنَا وَتَمَسْكَنُوا إِلَيْنَا، وليس لنا إذا أحاطَت الحُتوف، ونزلَ الأمرُ المَخوفُ، واشتدَّ الكَربُ، وعظُمَ الخَطبُ إلا اللهُ، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17].   ومَن سألَ اللهَ بصدقٍ وضراعةٍ كشفَ عنه بَلواه، وحماه ووقاه وكَفاه، وحقَّقَ له سُؤلَه ومُناه، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ فُـتِـحَ له مِنـكُمْ بابُ الدُّعاءِ فُـتِحَتْ لـه أَبـوابُ الرَّحْمَةِ، وما سُئِـلَ اللَّهُ شَيْـئًا – يعني: أَحَبَّ إِليـهِ – مِن أَنْ يُسْأَلَ العافِـيَـةَ)). وقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الدُّعاءَ يَـنْـفَعُ مِمَّا نَـزَلَ ومِمَّا لمْ يَنْزِلْ، فَـعَـلَـيكُم عِبادَ اللهِ بالدُّعاءِ))؛ [رواه الترمذي وغيره]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((وإن البلاء لينزل فيتلقَّاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة))؛ (صحيح الجامع).   ومن عجائب قوة تأثير الدعاء، أن عنوان الفساد يأجوج ومأجوج عند خروجهم في آخر الزمان، يحاصرون عيسى عليه السلام وأصحابه في جبل الطور ببيت المقدس، فيرغبون إلى الله بالدعاء، فيرسل الله عليهم نوعًا من الديدان يُسمَّى النغف، فيصبحون قتلى كموت نفس واحدة، ثم يرغبون إلى الله برفع زهمهم ونتنهم، فيرسل الله طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله؛ والحديث في صحيح مسلم.   ولما كان المرض والوباء من قدر الله فلا يرُدُّه إلا الدعاء، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي بسند حسن قوله: ((لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ)).   وقال وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: يَنْزِلُ الْبَلَاءُ فَيُسْتَخْرَجُ بِهِ الدُّعَاءُ؛ (الإشراف في منازل الأشراف)، وقد ترجم البخاري "بَاب الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الوَبَاءِ وَالوَجَعِ"، وبوَّب النَّسائي في سننه الكبرى باب "الدُّعَاء بِنَقْلِ الْوَبَاءِ"، ثم ذكر حديث دعاء نقل الحمى إلى الجحفة.   ومن الأدعية والتحصينات دعوةُ ذي النُّون؛ يقول النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((دعوةُ ذي النُّون إِذْ دَعا بها وهو في بَطْنِ الحُوتِ؛ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمينَ؛ لَم يَـدْعُ بها رجلٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجابَ اللهُ له))؛ [أخرجه أحمد والترمذي].   قال الله: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].   ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة؛ ما أخرجه أبو داود في سننه، وصحَّحه الألباني، عن عثمان رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيءٌ في الأَرْضِ وَلا في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لم يَضُرَّهُ شَيْءٌ)).   وفي رواية: ((لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ))؛ قَالَ: فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ، فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ، وَلا كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَني غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا، قال القرطبي: هذا خبرٌ صحيح، وقولٌ صادق، عَلِمنا دليله دليلًا وتجربة، فإني منذ سمعته عملت به فلم يضُرُّني شيء إلى أن تركته فلدغتني عقرب بالمدينة ليلًا فتفكَّرْت، فإذا أنا قد نسيت أن أتعوَّذ بتلك الكلمات؛ (الفتوحات الربانية).   ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة النبوية أيضًا التي تقيك الأسقام والآفات؛ أن تقول: "أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّاتِ من شرِّ ما خلق"؛ لما ثبت في صحيح الترغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن قال حين يُمسي ثلاث مرات: أعوذ بكلماتِ الله التامَّاتِ من شر ما خلق؛ لم تَضُرَّهُ حُمَةٌ تلك الليلة)).   يقول ابن باز رحمه الله: ومما يحصل به الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من كل شر، أن يستعيذ الإنسان بكلمات الله التامَّات من شر ما خلق، ثلاث مرات صباحًا ومساءً.   ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة النبوية أيضًا، ما أخرجه ابن السُّنِّي في عمل اليوم والليلة، وصححه شعيب الأرناؤوط، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَبْعَ مَرَّاتٍ، كَفَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)).   ومن الأدعية المهمة الواقية الجامعة التي لم يكن صلى الله عليه وسلم يدعها حين يُمسي وحين يُصبح: ((اللهُمَّ إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ، اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استرْ عوراتي وآمنْ روعاتي، اللهم احفظْني مِن بين يديَّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ مِن تحتي))؛ أخرجه أبو داود في سننه وصحَّحه الألباني.   ومن الأدعية والتحصينات العظيمة النبوية المهمة التي تُقال في الصباح والمساء، ما أخرجه أبو داود في سننه وصحَّحه الألباني في صحيح الأدب المفرد، عن عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ: يَا أَبَتِ، إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ «اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، تُعِيدُهَا ثَلَاثًا، حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي»، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهِنَّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ، (عافِني في بدني؛ أي: من الأمراض والأسقام والآفات والشرور).   وقد كان سيدُ الخلقِ نبيُّنا وسيدُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يدعُو عند الكَربِ بهذه الدعوات: ((لا إله إلا الله العظيمُ الحليمُ، لا إله إلا الله ربُّ العرشِ العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السماوات وربُّ الأرض وربُّ العرش الكريم)).   ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة النبوية ما أخرجه أبو داود في سننه وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ))؛ أي: الأمراض الرديئة الخطيرة، ذات الأثر السيئ على المريض ومن حوله؛ كالأمراض المزمنة والسرطان ومرض الكورونا المنتشر هذه الأيام.   ومن الأدعية النبوية الجامعة والتحصينات النافعة، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ)).   قال الطيبي في شرح المشكاة: ((وتحول عافيتك))؛ أي: من تبدل ما رزقتني من العافية إلى البلاء، ((وفجاءة نقمتك))؛ أي: بمصيبة أو بلية تأتي على غير ميعاد أو توقع أو استعداد.   ومن الأدعية المهمة ما أخرج الترمذي في جامعه وحسنه الألباني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ البَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ)).   وفي رواية عند الترمذي وصححها الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلَاءُ)).   وفي رواية أخرجها البزار في مسنده وحسَّنها الألباني في صحيح الجامع: ((كَانَ شَكَرَ تِلْكَ النِّعْمَةِ))، وهذا توجيه نبوي عظيم ومُهِمٌّ لمن رأى مريضًا أو مبتلًى بلاءً دينيًّا أو دنيويًّا، أن يبادر بهذا الدعاء مع اليقين والإيمان بأثره، فإن الله سيُعافيه منه إن شاء الله.   ومن الأدعية المهمة والتحصينات العظيمة النبوية الدعاء عند الخروج من المنزل، فقد أخرج أبو داود في سننه وصحَّحه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟)).   قراءة القرآن تَدْفَعُ البلاء: أيها المسلمون، ومن العبادات التي تدفع البلاء القرآن الكريم، يقول الله: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، ويقول الله: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44].   فكتاب الله شفاء لجميع الأدواء والأمراض، قرأ الصحابيُّ فاتحة الكتاب على من لدغ بعقرب؛ فشفاه من السُّمِّ الناقع؛ فعجبًا من مريض لم يترك طبيبًا إلا وذهب إليه، ثم غفل عن أعظم دواء: التداوي بالقرآن.   قال ابن القيم: «ومن هَجْر القرآن: هجر التداوي والاستشفاء به» فما أعظم كلمات الله! «القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل، ولا يوفق للاستشفاء به؛ وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه؛ لم يقاومه الداء أبدًا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها؛ فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه، وسببه، والحمية منه، لمن رزقه الله فهمًا في كتابه»؛ (ابن القيم، كتاب الطب النبوي).   ومن التحصينات المؤثرة الفعَّالة قراءة سورة الإخلاص والمعوِّذتين ثلاث مرات في الصباح والمساء تكفيك من كل شيء؛ فعن عَبْدِاللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: «خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ، وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ، نَطْلُبُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ لَنَا، فَأَدْرَكْنَاهُ، فَقَالَ: ((أَصَلَّيْتُمْ؟))، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: ((قُلْ)) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: ((قُلْ))، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: ((قُلْ))، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: ((قُلْ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي، وَحِينَ تُصْبِحُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ»))؛ أخرجه أبو داود، والترمذي، وحسنه الألباني.   ومن التحصينات الوقائية القرآنية المهمة قراءة الآيتين من أواخر سورة البقرة في الليل؛ لما أخرجه البخاري عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)).   ذكر بدر الدين العيني في عمدة القاري معنى كفتاه: قيل: مَا يكون من الْآفَات تِلْكَ اللَّيْلَة، وقيل: معناه كفتاه كل سوء، ووقتاه من كل مكروه، كما في مرقاة المفاتيح.   وقال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: "قَوْلُهُ: ((كَفَتَاهُ))؛ أَيْ: أَجْزَأَتَا عَنْهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ بِالْقُرْآنِ، وَقِيلَ: أَجْزَأَتَا عَنْهُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا, سَوَاءٌ كَانَ دَاخِلَ الصَّلَاةِ أَمْ خَارِجَهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَجْزَأَتَاهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاعْتِقَادِ؛ لِمَا اشْتَمَلَتَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ إِجْمَالًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ كُلَّ سُوءٍ، وَقِيلَ: كَفَتَاهُ شَرَّ الشَّيْطَانِ، وَقِيلَ: دَفَعَتَا عَنْهُ شَرَّ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ " وقال النووي رحمه الله: "قِيلَ: مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقِيلَ: مِنَ الْآفَاتِ، وَيَحْتَمِلُ مِنَ الجَمِيعِ".   ومن التحصينات القرآنية الوقائية المهمة: قراءة آية الكرسي إذا أويت إلى فراشك فإنه لَنْ يَزَالَ معك مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، ولَا يَقْرَبكَ شيطَانٌ حتَّى تُصْبِحَ، كما في قصة أبي هريرة مع الشيطان لما وَكَلَه النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان كما في صحيح البخاري.   الصلاة تَدْفَعُ البلاء: أيها المسلمون، الصَّلاةُ صِلةٌ بين العبدِ وربِّه، وهي عبادةٌ جليلةٌ، فيها تَصْفو الرُّوحُ مِن الكَدَرِ والمُنغِّصاتِ النَّفسيَّةِ، وفيها يَقِفُ العبدُ بينَ يدَيْ ربِّه ويَدْعوه لِتَفريجِ هُمومِه؛ فهو وحْدَه القادِرُ على إزالةِ الهمِّ والحزنِ وتسهيلِ الصِّعابِ؛ فعن أبي الدرداء، وأبي ذر رضي الله عنهما، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عن اللهِ عز وجل أنه قال: ((ابنَ آدمَ، اركعْ لي أربعَ ركَعاتٍ من أولِ النهارِ أكْفِكَ آخِرَه))؛ [حسَّنه الذهبي في "السير"، وصحَّحه الألباني في "صحيح الجامع"].   وعَنْ نُعَيْمِ بْنِ هَمَّارٍ الْغَطَفَانِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((قَالَ اللهُ: يَا بْنَ آدَمَ، لَا تَعْجزْ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَهُ))؛ (مسند أحمد، وأبو داود).   قال الإمام المناوي في فيض القدير: ومعنى: ((أكْفِكَ آخِرَه))؛ أي: شر ما يُحدثه تعالى في آخر ذلك اليوم من المحن والبلايا، فأمره تعالى بفعل شيء أو تركه إنما هو لمصلحة تعود على العبد، وأمَّا هو فلا تنفعه الطاعة، ولا تضُرُّه المعصية.   وقد اختلف أهل العلم في المراد بهذه الصلاة، فذهب بعضهم إلى أن المراد بها صلاة الضحى، منهم: أبو داود، والترمذي، والعراقي، وابن رجب الحنبلي، وغيرهم.   وذهب البعض الآخر إلى أن المراد بها صلاة الصبح وسنتها، ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم.   فالصلاة تَدفَعُ الكرب، وتنجي صاحبها المداوم عليها من العقبات والشدائد؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ، وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ الرَّاعِي، قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ طِينٍ))؛ صحيح البخاري.   فإذا داهمك الخَوْفُ وطوَّقك الحزنُ، وأخذ الهمُّ بتلابيبك، فقمْ حالًا إلى الصلاةِ، تثُبْ لك روحُك، وتطمئنَّ نفسُك، إن الصلاة كفيلةٌ بإذنِ اللهِ باجتياحِ مستعمراتِ الأحزانِ والغمومِ، ومطاردةِ فلولِ الاكتئابِ؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبَهُ أمرٌ قال: ((أرِحْنا بالصلاةِ يا بلالُ))؛ فكانتْ قُرَّةَ عينِهِ وسعادتهُ وبهجتَهُ.   قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وفي الحديث أنَّ المفزعَ في الأمور المُهمَّة إلى الله، يكون بالتوجُّه إليه في الصلاة، يقول حذيفة رضي الله تعالى عنه: كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا حزبَهُ أمرٌ صلَّى؛ لأنَّ في الصَّلاة راحةً وقُرَّةَ عينٍ له، وهذا مِصداقُ قولِ الله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45].   وهذا مِن تعليمِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لأمَّتِه، وحثهم على اللُّجوءِ إلى الصَّلاةِ عِندَ النَّوائبِ؛ بارك الله لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعني وإياكم بما فيهما من البيِّنات والآيات والعِظات والحِكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه، إنه كان للأوَّابين غفورًا.     ومنها قِـيَـاُم اللَّـيْـلِ: فعن بِلالٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((عليكُمْ بِقيامِ اللَّـيْـلِ؛ فإِنَّـهُ دَأبُ الصَّالِحينَ قَبلكُم، وإِنَّ قِيامَ اللَّيلِ قُربَـةٌ إلى اللهِ، ومَنْهاةٌ عنِ الإِثْمِ، وتكفِيرٌ للسَّيِّـئاتِ، ومَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عنِ الجَسَدِ))؛ [رواه الترمذي وغيره، حسنه الألباني].     ملازمة الاستغفار: ومن العبادات اليسيرة ذات التأثيرات العظيمة في دفع البلاء كثرة الاستغفار؛ إذ من داوم عليه أعاذه الله من الشرور ودفع عنه البلاء والنقم والمحن؛ قال الله: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10- 12].   وقال تعالى: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3]، وقال تعالى: ﴿ وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33].   قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أما العذاب المدفوع، فهو يَعُمُّ العذاب السماويَّ، ويعمُّ ما يكون من العباد؛ وذلك أن الجميع قد سمَّاه الله عذابًا".   وقال الشيخ السعدي رحمه الله: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾، فهذا مانعٌ مِن وقوع العذاب بهم، بعدما انعقدت أسبابه.   وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أمانانِ كانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفع أحدهما وبقي الآخر: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾؛ [أخرجه أحمد].   وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ))؛ رواه أبو داود وابن ماجه، وأحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الأوسط"؛ وغيرهم.   وعن فَضالةَ بن عُبَيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((العبدُ آمنٌ من عذاب الله ما استغفر الله))؛ [أخرجه أحمد].     كثرة الصلاة على النبي تَدْفَعُ البلاء: فعن أُبَيِّ بن كعبٍ قال قُلْتُ: يَا رسول الله، إنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتِي؟ فَقَالَ: ((مَا شِئْتَ))، قُلْتُ: الرُّبُع، قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ))، قُلْتُ: فَالنِّصْف؟ قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ))، قُلْتُ: فالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: ((مَا شِئْتَ، فَإنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ))، قُلْتُ: أجعَلُ لَكَ صَلاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: ((إذًا تُكْفى هَمَّكَ، وَيُغْفَر لَكَ ذَنْبكَ))؛ (سنن الترمذي، وحسَّنه الألباني).   قال ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى: «مَنْ فاته كثرة الصيام والقيام، فليشغل نفسه بالصَّلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنك لو فعلت في عمرك كل الطاعات، ثم صلى الله عليك صلاة واحدة، رجحت تلك الصَّلاة الواحدة على كل ما عملته في عمرك من جميع الطاعات؛ لأنك تصلي على قدر وسعك، وهو سبحانه وتعالى يُصلي على قدر ربوبيته، هذا إذا كانت صلاة واحدة، فكيف إذا صلَّى عليك عشرًا بكل صلاة، كما جاء في الحديث الصحيح؟!».   وقال سهل التستري رحمه الله: «الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولَّاها هو وملائكته،ثمَّ أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليست كذلك».   وقال ابن القيم رحمه الله: "من أراد انشراح الصدر، وغفران الذنب وتفريج الكرب، وذهاب الهمِّ فليُكثر من الصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم".   ومن عجيب ما ورد عن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأنها تفرج الكرب ما ذكره الحافظ السخاوي في كتابه (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع): قال: حكى الفاكهاني في كتاب "الفجر المنير" قال: أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير أنه ركب في المركب في البحر المالح، قال: وقد قَدِمَتْ علينا ريحٌ تُسَمَّى (الإقلابية)، قَلَّ مَن ينجو منها مِن الغرق، فنِمْتُ فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي: ((قل لأهل المركب أن يقولوا ألف مرة: اللهم صلِّ على سيدنا محمد صلاةً تُنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتَقضي لنا بها جميعَ الحاجات، وتُطهرنا بها من جميع السيئات، وتَرفعُنا بها عندك أعلى الدرجات، وتُبَلِّغُنا بها أقصى الغايات مِن جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات))، قال: فاستيقظت وأخبرت أهل المركب الرؤيا؛ فصلينا نحو (ثلاثمائة) مرة؛ ففَرَّجَ الله عنا وأسكن عنا تلك الريح ببركة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.   ورَوى هذه القصةَ المجدُ اللُّغوي، ونقل عَقِبها عن الحسن بن عليٍّ الأسواني، قال: ومَن قالها في كلِّ مُهِمٍّ ونازِلةٍ وبَلِيَّةٍ ألفَ مرةٍ؛ فَرَّجَ الله عنه، وأدرك مأمولَه (النفحة الإلهية في الصلاة على خير البريه للشيخ المُحدِّث عبدالله الصديق الغُمَاري).   صَنائعُ المَعروف تَدفَعُ البلاءات والآفات: ومن العبادات التي تدفع البلاءات والآفات في الأموال والأبدان صنائعُ المعروفِ مع الآخرين؛ وصنائع المعروف هي الإحسان إلى عباد الله بعمل المعروف؛ من قرض حسن، أو بر، أو هدية، أو صدقة، أو إعانة على قضاء حاجة، من شفاعة، أو تحمُّل دَين، أو بعضه، أو غير ذلك من وجوه الإحسان المتنوعة؛ ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]، ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].   وصدقة السر تطفئ غضب الرب، ففي الترمذي: ((إنَّ الصدقة تُطفِئ غضب الربِّ، وتدفع ميتة السوء))، وفي الترمذي أيضًا من حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصدقة تُطفِئ الخطيئة كما يُطفِئ الماءُ النارَ)). وعَنْ أَنسِ رضي الله عنه قالَ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((صنائعُ المعرُوفِ تقي مَصارِعَ السُّوءِ، والآفاتِ، والهَلَكَاتِ، وأَهْلُ المعرُوفِ في الدُّنيا هُمْ أَهلُ المعرُوفِ في الآخِرَةِ))؛ [رواه الحاكم، وهو في صحيح الجامع].   قال ابنُ القَـيِّم رحمه الله: «ومِنْ أَعْظَمِ عِلاجات المرضِ: فِعْلُ الخيرِ والإِحسان، والذِّكْـرُ، والدُّعاءُ، والتَّـضَرُّعُ، والابتهالُ إلى الله، ولهذه الأمور تأثيرٌ في دَفْعِ العِلَل، وحُصُولِ الشِّفاءِ؛ ولكن بحَسَبِ استعدادِ النَّـفْس، وقَـبُولِها، وعَقِيدتها في ذلك ونفعِه»؛ [زاد المعاد].   إن الصدقة لترفع الأمراض والأعراض من مصائب وبلايا، وقد جرب ذلك الموفقون من أهل الله، فوجدوا العلاج الروحي أنفع من العلاج الحسي، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج بالأدعية الروحية والإلهية، وكان السلف الصالح يتصدقون على قدر مرضهم وبليتهم، ويخرجون من أعز ما يملكون؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((داووا مرضاكم بالصدقة))؛ حسنه الألباني في صحيح الجامع.   وكما في وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل: ((وآمركم بالصدقة، فإن مثل ذلك رجل أسره العدو فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: أنا أفتدي منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه منهم))؛ (صحيح الجامع).   وقال العلامة ابن القيم: "للصدقة تأثيرٌ عجيب في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو ظالم؛ بل مِن كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعًا من البلاءِ، وهذا أمرٌ معلوم عند الناس، خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلُّهم مُقِرُّون به؛ لأنهم قد جرَّبوه".   وقال رحمه الله: "في الصدقة فوائدُ ومنافع لا يحصيها إلا الله؛ فمنها أنها تقي مصارعَ السوء، وتدفع البلاء حتى إنها لتدفَعُ عن الظالم".   يقول ابن شقيق: "سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع به، فقال: اذهب فأحفر بئرًا في مكان حاجة إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويُمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرئ"؛ صحيح الترغيب.   وقال البيهقي: "في هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبدالله رحمه الله، فإنه قرح وجهه، وعالجه بأنواع المعالجة فلم يذهب، وبقي فيه قريبًا مِن سنة، فسأل الأستاذ الإمام "أبا عثمان الصابوني" أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة، فدعا له وأكثَرَ الناسُ التأمين، فلما كان يوم الجمعة الأخرى ألقت امرأةٌ في المجلس رقعة بأنها عادت إلى بيتها واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبدالله تلك الليلة، فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لها ((قولي لأبي عبدالله يوسع الماء على المسلمين))، فجئت بالرقعة إلى الحاكم فأمر بسقاية بُنِيت على باب داره، وحين فرغوا من بنائها أمر بصبِّ الماء فيها وطرح الجمد؛ أي: الثلج في الماء، وأخذ الناس في الشرب، فما مرَّ عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء، وزالت تلك القروح، وعاد وجهه إلى أحسن ما كان، وعاش بعد ذلك سنين.   ويُذكر أن رجلًا أصيب بالسرطان، فطاف الدنيا بحثًا عن العلاج، فلم يجده، فتصدق على أمِّ أيتام، فشفاه الله تعالى، فأحْسِنوا -أيها المسلمون- ولا تحقروا من المعروف شيئًا؛ فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وإن الله لمع المحسنين.       ومن التوجيهات الشرعية، والآداب المرعية في الشريعة: توقِّي المَواضِع التي فيها الوَباء: فقد وضع الإسلام أساس الحَجْر الصحي في مكافحة الأوبئة القاتلة السارية بما يتوافق مع حقائق الطب (والمراد بالحجر الصحي: تحديد حرية الانتقال لمَن تعرَّض للعدوى بمرض مُعْدٍ، وحجره مدة من الزمن تعادل أطول حد لحضانة ذلك المرض، فإذا ثبتت سلامته رفع عنه الحَجْر، وإلا عُزل بسبب إصابته).   قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ -يعني: الطاعون- بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه))؛ (متفقٌ عليه).   وهذا الحديث أصلٌ في الحجر الصحي الذي لم يعرفه العالم إلا على أبواب القرن العشرين، فقد أثبتت الدراسات أن البلد المصاب بالمرض الوبائي إذا خرج منه الإنسان فإنه يَنشر المرض وإن لم يُصب به، فأصبح أول قرار تتخذه الدول التي تُصاب بالوباء، بأن تحجُر على المنطقة الموبوءة.   وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ))؛ (متفقُ عليه)، وقال صلى الله عليه وسلم: ((وفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كما تَفِرُّ مِنَ الأسَدِ))؛ (رواه البخاري). وقد سلك الرسول صلى الله عليه وسلم الأسباب المؤدية لعدم انتقال العدوى نتيجة الأمراض المعدية، أخرج مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنا قد بايعناك فارجع)).   وكانت البيعة تتم بطريق اللمس، وذلك بوضع اليد في اليد، ولا يوجدُ أوضح وأصرح من هذا النص في تجنب التعامل مع المريض المصاب بمرض مُعْدٍ.   وقد فهم هذا المعنى أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أراد دخول الشام ومعه كبار الصحابة وقد استشرى الطاعون فيها ومات الآلاف، فأخذ بالأسباب والحذرِ والحيطةِ ورجع ومن معه إلى المدينة؛ وهذا هو الحَجرُ الصحي بعينه بلغة اليوم.     أيها المسلمون، هذه بعض العبادات التي تدفع البلاء ولطول الموضوع فسوف يكون لنا معه تتمة في الجمعة القادمة بمشيئة الله تعالى، نسأل الله تعالى أن يصرفَ عنَّا الوباء والبلاء، اللهم احْمِ بلادنا وبلاد المسلمين من شر الأمراض والأوبئة، ما ظهر منها وما بطن, اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم احفظ بلادنا وبلاد الإسلام من كل مكروه وسوء، وارزقنا العفو والعافية في الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير، اللهم آمين، وأقم الصلاة.   جمعها ورتبها: الشيخ محمد عبدالتواب سويدان، خطيب بوزارة الأوقاف المصرية.     شبكة الالوكة
    • (وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بالشَّرِّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً) ١١ -الإسراء (يَدْعُ) الدعاء: طلَب ما تعجز عنه من قادر عليه.
      وأهل النحو يقولون. إن الفعل: ماضٍ ومضارع وأمر. فالأمر: طَلَبٌ من الأعلى إلى الأدنى، فكلّ طلب من الله لخلْقه فهو أمر، أو من الأعلى من البشر للأدنى. أما إنْ كان الطلب من مُسَاوٍ لك فهو التماس أو رجاء. فإنْ كان الطلب من الأدنى للأعلى، كطلب العبد من ربه فهو دعاء.
      لذلك نجد التدقيق في الإعراب يحفظ لله تعالى مكانته ويُعظّمه، فنقول للطالب: أعرب: رب اغفر لي، فيقول: اغفر، فِعْل دالّ على الدعاء، لأنه لا يجوز في حَقِّ الموْلَى تبارك وتعالى أن نقول: فعل أمر، فالله لا يأمره أحد.
      فأوَّل ما يُفهم من الدعاء أنه دَلَّ على صفة العجز والضعف في العبد، وأنه قد اندكتْ فيه ثورة الغرور، فعَلِم أنه لا يقدر على هذا إلا الله فتوجه إليه بالدعاء.
        (بِالشَّرِّ) بالمكروه، والإنسان لا يدعو على نفسه، أو على ولده، أو على ماله بالشر إلا في حالة الحنَق والغضب وضيق الأخلاق، الذي يُخرِج الإنسان عن طبيعته، ويُفقِده التمييز، فيتسرّع في الدعاء بالشر، ويتمنى أن يُنّفذ الله له مَا دعا به.
      ومن رحمة الله تعالى بعباده ألاَّ يستجيب لهم هذا الدعاء الذي إنْ دلَّ فإنما يدلّ على حُمْق وغباء في العبد.
        وكثيراً ما نسمع أماً تدعو على ولدها بما لو استجاب الله له لكانت قاصمة الظهر لها، أو نسمع أباً يدعو على ولده أو على ماله، إذن: فمن رحمة الله بنا أنْ يفوت لنا هذا الحمق، ولا يُنفّذ لنا ما تعجّلناه من دُعاءٍ بالشر.
      قال تعالى: { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } [يونس: 11].
      أي: لو استجاب الله لهم في دعائهم بالشر لكانت نهايتهم.
        وإن كنت تُُسَرّ وتسعد بأن ربك سبحانه وتعالى فوّتَ لك دعوة بالشر فلم يَسْتجب لها، وأن لعدم استجابته سبحانه حكمةً بالغةً. فاعلم أن لله حكمة أيضاً حينما لا يستجيب لك في دعوة الخير، فلا تقُلْ: دعوتُ فلم يستجِبْ لي، واعلم أن لله حكمة في أن يمنعك خيراً تُريده، ولعله لو أعطاك هذا الخير لكان وبالاً عليك.
      إذن: عليك أن تقيسَ الأمريْن بمقياس واحد، وترضى بأمر الله في دعائك بالخير، كما رضيت بأمره حين صرف عنك دعاء الشر، ولم يستجب لك فيه. فكما أن له سبحانه حكمة في الأولى، فلَه حكمة في الثانية.
        وقد دعا الكفار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنفسهم، فقالوا: { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ .. } [الأنفال: 32].
      وقالوا: { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً .. } [الإسراء: 92].
      ولو استجاب الله لهم هذا الدعاء لَقَضى عليهم، وقطع دابرهم، لكن لله تعالى حكمة في تفويت هذا الدعاء لهؤلاء الحَمْقى، وها هم الكفار باقون حتى اليوم، وإلى أن تقوم الساعة.
      وكان المنتظر منهم أن يقولوا: اللهم إنْ كان هذا هو الحقّ من عندك فاهْدنا إليه، لكن المسألة عندهم ليست مسألة كفر وإيمان، بل مسألة كراهية لمحمد صلى الله عليه وسلم، ولما جاء به، بدليل أنهم قَبلوا الموت في سبيل الكفر وعدم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
        ومن طبيعة الإنسان العجلة والتسرُّع، كما قال تعالى: { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ ءَايَٰتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } [الأنبياء: 37].
      فكثيراً ما يدعو الإنسان بالخير لنفسه أو بما يراه خيراً، فلا يجد وراءه إلا الشر والتعب والشقاء، وفي المقابل قد يُنزل الله بك ما تظنه شراً، ويسوق الله لك الخير من خلاله.
      إذن: أنت لا تعلم وَجْه الخير على حقيقته، فدع الأمر لربك عز وجل، واجعل حظك من دعائك لا أنْ تُجابَ إلى ما دعوت، ولكن أن تظهر ضراعة عبوديتك لِعزّة ربك سبحانه وتعالى.
      ومعنى: { دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ .. } [الإسراء: 11].
      أي: أن الإنسان يدعو بالشر في إلحاح، وكأنه يدعو بخير.   تفسير الشيخ الشعراوي   (وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بالشَّرِّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً) ١١ -الإسراء يخبر تعالى عن عجلة الإنسان ، ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده أو ماله ) بالشر ) أي : بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك ، فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه ، كما قال تعالى : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم ) [ يونس : 11 ] ، وكذا فسره ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وقد تقدم في الحديث : (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
      وإنما يحمل ابن آدم على ذلك عجلته وقلقه ؛ ولهذا قال تعالى ( وكان الإنسان عجولا )
      وقد ذكر سلمان الفارسي وابن عباس - رضي الله عنهما - هاهنا قصة آدم ، عليه السلام ، حين هم بالنهوض قائما قبل أن تصل الروح إلى رجليه ، وذلك أنه جاءته النفخة من قبل رأسه ، فلما وصلت إلى دماغه عطس ، فقال : الحمد لله . فقال الله : يرحمك ربك يا آدم . فلما وصلت إلى عينيه فتحهما ، فلما سرت إلى أعضائه وجسده جعل ينظر إليه ويعجبه ، فهم بالنهوض قبل أن تصل إلى رجليه فلم يستطع وقال : يا رب عجل قبل الليل   تفسير ابن كثير  
  • أكثر العضوات تفاعلاً

    لاتوجد مشارِكات لهذا الاسبوع

  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      181952
    • إجمالي المشاركات
      2535188
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93139
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    أأم محمد
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×