اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57238
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180509
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8234
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32130
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4160
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      52990
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97008
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31793
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15478
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  9. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33904
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13116
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (36931 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • تُعَدُّ مواقف الصحابة رضوان الله عليهم نماذجَ سامقةً في قوة إيمانهم، واعتمادهم على الله، وكم نحن اليوم بحاجة ماسة إلى الاقتداء بسيرتهم، وترسُّم خُطاهم، وسوف أعرض جملةً من هذه المواقف على النحو الآتي: 1- موقف لصحابي من الأنصار رضي الله عنه: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يطلُع عليكم الآنَ رجلٌ من أهل الجنة))، فطلع رجل من الأنصار، تَنْطِفُ لحيتُه من وضوئه، قد تعلَّـقَ نعليه في يده الشمال، فلمَّا كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلـع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضًا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تَبِعَه عبدالله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحَيْتُ أبي، فأقسمت ألَّا أدخلَ عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تُؤْويني إليك حتى تمضي، فعلتُ، قال: نعم، قال أنس: وكان عبدالله يحدث: أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئًا، غير أنه إذا تعارَّ وتقلَّبَ على فراشه، ذكر الله عز وجل، وكبَّرَ حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلَّا خيرًا، فلما مَضَتِ الثلاثُ ليالٍ، وكِدْتُ أن أحقِرَ عملَه، قلت: يا عبدالله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثَمَّ؛ ولكن سمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مِرار: ((يطلُع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة))، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردْتُ أن آوي إليك؛ لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرَكَ تعمل كثيرَ عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، قال: فلما ولَّيْتُ دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسُدُ أحدًا على خير أعطاه الله إيَّاه، فقال عبدالله: هذه التي بَلَغَتْ بك، وهي التي لا نُطِيق [1].   2- موقف للصحابي الحباب بن المنذر بن الجموح رضي الله عنه: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، نزل على أدنى ماء هناك؛ أي: أول ماء وجده، فتقدم إليه الحباب بن المنذر رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا المنزل الذي نزلته، منزل أنزلكه الله، فليس لنا أن نجاوزه، أو منزل نزلته للحرب والمكيدة؟ فقال: ((بل منزل نزلته للحرب والمكيدة))، فقال: يا رسول الله، إن هذا ليس بمنزل؛ ولكن سِرْ بنا حتى ننزل على أدنى ماء يلي القوم، ونغور ما وراءه من القلب، ونستقي الحياض، فيكون لنا ماء، وليس لهم ماء، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففعل كذلك [2].   3- موقف للصحابي أبي طلحة مع زوجته رضي الله عنهما: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: اشتكى ابنٌ لأبي طلحة، قال: فمات، وأبو طلحة خارج، فلما رأت امرأتُه أنه قد مات، هيَّأت شيئًا، ونحته في جانب البيت، فلما جاء أبو طلحة، قال: كيف الغلام؟ قالت: قد هدأتْ نفسُه، وأرجو أن يكون قد استراح، وظن أبو طلحة أنها صادقة، قال: فبات، فلمـا أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج أعلمَتْه أنه قد مات، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما كان منهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعل الله أن يبارك لكما في ليلتكما))، قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيت لهما تسعة أولاد كلهم قد قرأ القرآن[3].   4- موقف للصحابي أبي الدحداح مع زوجته رضي الله عنهما: عن أنس رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لفلان نخلةً، وأنا أقيم حائطي بها، فأْمُرْه أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعطها إيَّاه بنخلة في الجنة))، فأبى، فأتاه أبو الدَّحْداح، فقال: بعني نخلتك بحائطي، ففعل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعتُ النخلة بحائطي، قال: فاجعلها له، فقد أعطيتكها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كم من عِذْقٍ رَداحٍ لأبي الدَّحْداح في الجنة))؛ قالها مرارًا قال: فأتى امرأته، فقال: يا أمَّ الدحداح، اخرُجي من الحائط، فإني قد بعتُه بنخلة في الجنة. فقالت: ربِح البيع، أو كلمةً تُشبهها [4].     5- موقف للصحابي أسيد بن حضير رضي الله عنهما: كان أسيد بن حضير رضي الله عنهما رجلًا صالحًا ضاحكًا مليحـًا، فبينما هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحدِّث القوم، ويُضحكهم، فطعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خاصرته، فقال: أوجعتني، قال: ((اقتص))، قال: يا رسول الله، إن عليك قميصًا، ولم يكن علي قميص، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه، فاحتضنه، ثم جعل يقبل كشحه [الخصر: وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي]، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أردت هذا [5]   6- موقف للصحابي أبي أيوب رضي الله عنه: عن أفلح مولى أبي أيوب، عن أبي أيوب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، نزل عليه، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم في السفـل، وأبو أيوب في العلو، قال: فانتبه أبو أيوب ليلةً، فقال: نمشي فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنحوا فباتوا في جانب، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلـم، فقـال النبي صلى الله عليه وسلم: ((السفل أرفق))، فقال: لا أعلو سقيفةً أنت تحتها، فتحول النبي صلى الله عليه وسلم في العلو وأبو أيوب في السفل[6].   7- موقف للصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه: أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قبل القادسية ربعي بن عامر رسولًا إلى رستم قائد الجيوش الفارسية وأميرهم، فدخل عليه، وقد زيَّنوا مجلسه بالنمارق، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت، واللآلئ الثمينة العظيمة، وعليه تاج وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي رضي الله عنه بثياب صفيقة، وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل عليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه، فقالوا له: ضع سلاحك، قال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت؛ فقال رستم: آذنوا له، فأقبل يتوكَّأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها، فقالوا: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومـن جور الأديان إلى عدل الإسلام[7].   8- موقف للصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه قال: كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: اجتمع يومًا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يُسمعهموه؟ فقال عبدالله بن مسعود: أنا، قالوا: إنَّا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلًا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال: دعوني فإن الله سيمنعني، قال: فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، ثم قرأ: [بسم الله الرحمن الرحيم]، رافعًا بها صوته: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [الرحمن: 1، 2]، قال: ثم استقبلها يقرؤها، قال: فتأملوه، فجعلوا يقولون: ماذا قال ابن أم عبد؟ قال: ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه، وقد أثروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدًا، قالوا: لا، حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون[8].   9- موقف للصحابي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: عندما سأله النجاشي عن الدين الذي اعتنقوه، فقال له جعفر رضي الله عنه: أيها الملك، كنا قومًا على الشرك: نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم، بعضنا من بعض في سفك الدماء، وغيرها لا نحل شيئًا ولا نحرمه، فبعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا، نعرف وفاءه، وصدقه، وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي، ونصوم، ولا نعبد غيره[9].   10- موقف للصحابي عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: في غزوة بدر قال الصحابي الجليل: عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض، قال: نعم، قال: بخ، بخ، فقـال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك: بخ، بخ، قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاءة أن أكون من أهلها، قال: فإنك من أهلها، فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهنَّ، ثم قـال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هـذه، إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتِل[10].   11- موقف للصحابي بلال بن رباح رضي الله عنه: عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سُمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر، فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون، وألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس، فما منهم من أحد إلا وقد وأتاهم على ما أرادوا، إلا بلالًا، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأخذوه فأعطوه الولدان، فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهـو يقول: أحد أحد[11].   12- موقف للصحابي كعب بن مالك رضي الله عنه: حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ فقلت: بلى، إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلًا، ولكني والله لقـد علـمت، لئن حدثتك اليـوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطك عليَّ، ولئن حدثتك حديث صدق تجـد عليَّ فيه إني لأرجـو فيه عفـو الله[12].   13- موقف للصحابي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أنه قال: كنت بارًّا بأمي، فأسلمت، فقالت: لتدعنَّ دينك، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتُعيَّر بي، ويقال: يا قاتل أمه، وبقيت يومًا ويومًا، فقلت: يا أماه، لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت، ونزلت: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [العنكبوت: 8][13].   14- موقف للصحابي حنظلة الأسيدي رضي الله عنه: عن حنظلة الأسيدي رضي الله عنه، وكـان مـن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقيني أبو بكـر رضي الله عنه، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت نافق حنظلة، قال: سبحان الله، ما تقول؟ قـال: قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكـرنا بالنار والجنة، حتى كأنا رأيَ عينٍ، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرًا[14].   [1] ابن حنبل؛ المسند، حديث رقم: 12236. [2] البيهقي؛ دلائل النبوة، حديث رقم: 874. [3] البخاري؛ صحيح البخاري، حديث رقم: 1301. [4] ابن حنبل؛ المسند، حديث رقم: 12025. [5] الحاكم؛ المستدرك، حديث رقم: 5264. [6] مسلم؛ صحيح مسلم، حديث رقم: 5358. [7] الطبري؛ تاريخ الطبري، ج3، ص 34. [8] ( السهيلي، الروض الأنف، ج 2، ص 81 ). [9] (ابن إسحاق، السيرة النبوية، ص 75 ). [10] ( مسلم، صحيح مسلم، حديث رقم: 4915). [11] ( ابن ماجه، سنن ابن ماجه، حديث رقم: 150). [12] ( البخاري، صحيح البخاري، حديث رقم: 4418 ). [13] (البغوي، معالم التنزيل، ج 6، ص 2). [14] (مسلم، صحيح مسلم، حديث رقم: 6966 ).   د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي شبكة الالوكة    
    • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67]       إن الحديث عن تعظيم الله تعالى حق تعظيمه، وتقديره حق قدره بحر لا ساحل له، وخطى في طريق لا منتهى لمداه، ولا يساورني أدنى شك البتة أني لن أوفي الموضوع حقه من عرض وبيان الملامح التربوية المستنبطة من الآية موضوع المقال، وشرف لي وفخر لا يدانيه فخر أن قدح في ذهني البدء في كتابة هذا المقال، ووجدت معونة منه سبحانه وعزمًا وتوفيقًا في الكتابة فيه، فاللهم لك الحمد كما تحب وترضى، وأسأله بمنه وكرمه وإحسانه أن يسددني ويجعله خالصًا لوجهه وابتغاء مرضاته.       هناك آيتان أخريان تتشابهان مع موضوع آية المقال: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾، وهما:   الأولى: قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [الأنعام: 91].       قال ابن باز رحمه الله: والآية عامَّة، تُعمُّ قريشًا وغيرهم، كل مَن قال هذه المقالة: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ﴾ تُعمُّ جميع الكفرة الذين قالوا هذه المقالة من قريشٍ وغيرهم، ما عظَّموا الله حقَّ تعظيمه، وما قدروه حقَّ قدره إذ اتَّهموه بأنَّه أهمل الناس، وترك الناسَ على ضلالهم وعماهم من غير رسلٍ ولا كتبٍ، بل هذا من ظن السوء؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ﴾.       الثانية: قال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 73، 74].       قال البغوي رحمه الله: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ ما عظموه حق عظمته، وما عرفوه حق معرفته، ولا وصفوه حق صفته إن أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب ولا ينتصف منه، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾.       أقوال العلماء في تفسير الآية موضوع المقال:   قال ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ قال: هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عليهم، فمن آمن أن الله على كل شيء قدير، فقد قدر الله حقَّ قدره، ومن لم يؤمن بذلك، فلم يقدر الله حقَّ قدره؛ (الطبري، التفسير، الزمر:67).       وقال ابن كثير رحمه الله: وما قدر المشركون الله حق قدره، حين عبدوا معه غيره، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، القادر على كل شيء، المالك لكل شيء، وكل شيء تحت قهره وقدرته.       وقال ابن باز رحمه الله: هذه الآية العظيمة تبين عِظَم قدرته، وأنه الخلاق العليم، وأنه يطوي السماوات ويقبض الأرض، فدلَّ ذلك على عِظَم قدرته، ومن كان بهذه المثابة فهو حريٌّ بأن يعبد ويطاع ويعظم، وهو الذي له الكمال في أسمائه وصفاته وأفعاله، لا شبيه له، ولا نِدَّ له، ولا يقاس بخلقه، فالله جل وعلا له الصفات العليا والأسماء الحسنى، وهو سبحانه الخلاق الرزاق، وهو سبحانه أيضًا المستحق للعبادة.       الملامح التربوية التي تُسهم بعون الله تعالى في تعظيم الله تعالى:   أولًا: الجهل بوحدانية الله عز وجل وقدرته وعظمته من أعظم الجهل، حتى لو كان أعلم أهل الأرض بعلوم الدنيا وفنونها، ولم يتعرف على الله تعالى، فلا ينفعه ذلك، فالإنسان بجهله لمعرفة الله يصبح تائهًا حائرًا، وقد يجد الشيطان فرصةً سانحةً لإغوائه بالكلية حتى يؤدي به للكفر والعياذ بالله، وهذا هو الهدف الأساس الذي يسعى إليه شياطين الجن والإنس، فالحذر ثم الحذر من الجهل بعظمة الله وقدرته، فهي طريق ممهد للضلال والإضلال، والبدار ثم البدار في العناية التامة بأخذ الوسائل المتاحة، وما أكثرها! لمعرفة عظمة الله تعالى وتقديره حق قدره من أهل العلم الثقات المعروفين بالصلاح والتقوى.       ولابن القيم رحمه الله كلام مهم عن معرفة الله تعالى إذ قال: فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب سبحانه في القلب، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيمًا وإجلالًا، وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حقَّ عظمته، ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته؛ قال تعالى: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ [نوح: 13]؛ قال ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهم: لا ترجون لله عظمة، وقال سعيد بن جبير رحمه الله: ما لكم لا تعظمون الله حقَّ عظمته، وروح العبادة هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت (مدارج السالكين، 2/459).       وهناك مثال واضح يردده الدعاة في محاضراتهم ودروسهم لأبيات شعرية منسوبة للشاعر: "إليا أبي ماضي" توضح مدى الضياع والحيرة التي عاشها، ولا شك أن مرد ذلك الجهل المطبق بمعرفة الله عز وجل، إذ قال:   جِئتُ لا أَعلَمُ مِن أَين وَلَكِنّي أَتَيتُ وَلَقَد أَبصَرتُ قُدّامي طَريقًا فَمَشَيتُ وَسَأَبقى ماشِيًا إِن شِئتُ هَذا أَم أَبَيتُ كَيفَ جِئتُ كَيفَ أَبصَرتُ طَريقي لَستُ أَدري   (إليا أبو ماضي؛ شاعر لبناني من شعراء المهجر، ت:1957م).       وهذه الأبيات تصور مدى ضياع الإنسان عندما يجهل عظمة الله تعالى، فإنه يعيش حالة من التيه والشقاء، فمن لم يهتدِ بنور الله فما له من نور، وصدق الله العظيم: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40]، قال ابن كثير رحمه الله: من لم يهده الله فهو هالك جاهل حائر بائر كافر، كما قال تعالى: ﴿ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف: 186]، وجميل مقولة: "من وجد الله فماذا فقد، ومن فقد الله فماذا وجد"، وكذلك مقولة: "من عرف الله تفانى في عبادته، ومن لم يعرف الله تفنن في عصيانه".       ثانيًا: التعرف على الله من أقوى مداخل معرفة الله تعالى؛ التعرف على أسمائه الحسنى وصفاته العليا، قال ابن القيم رحمه الله: "وليست حاجة الأرواح قط إلى شيء أعظم منها إلى معرفة باريها وفاطرها، ولا سبيل إلى هذا إلا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلما كان العبد بها أعلَمَ، كان بالله أعرف، وله أطلب، وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكر، كان بالله أجهل، وإليه أكره، ومنه أبعد"؛ (الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية، ج1، ص 6-7).       ثالثًا: توجد نصوص شرعية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بما ورد من أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، وقد تناولها العلماء بالشرح والبيان، قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 180] وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ"؛ (صحيح البخاري، حديث رقم: 2736، صحيح مسلم، حديث رقم: 2677). قال ابن باز رحمه الله: هذا من أحاديث الوعد، من أحاديث الفضائل، وفيه حث على العناية بأسماء الله، وتدبرها حفظًا وإحصاء؛ حتى يستفيد من هذه المعاني العظيمة، وحتى يكون هذا من أسباب خشوعه لله، وطاعته له، والقيام بحقه سبحانه وتعالى، وهي من أسباب دخول الجنة لمن حفظها، وأدى حق الله، ولم يغش الكبائر، أما من غشي الكبائر من المعاصي؛ فهو معرض لوعيد الله، وتحت مشيئة الله، إن شاء عذَّبه، وإن شاء أدخله الجنة.       رابعًا: إن من توفيق الله تعالى للعبد دلالته للخير مطلقًا، ومن أعظم التوفيق دلالته على التعرف عليه جل جلاله؛ لأن ذلك مدعاة للقرب منه ومناجاته في كل وقت وحين، وليعلم المسلم أنه كلما ازداد عناية ومعرفة بالله تعالى زاد إيمانه وارتقى، وكلما زاد إيمانه وارتقى زاد تعظيمه لله، وكلما زاد تعظيمه لله زادت عبوديته، وهذا هو الشرف الأعظم والمقصد الأسنى من خلق الإنسان، أن يوحده حق توحيده، ويخلص العبادة له وحده سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].       خامسًا:إذا تمكن تعظيم الله تعالى في قلب العبد امتلأ قلبه خشية منه ومهابة له، فهناك تلازم قوي بين تعظيم الله تعالى وبين خشيته سبحانه، فمن عَظَّم الله حق عظمته كانت خشيته في السر كخشيته علانية، بل قد يكون في سره متذللًا منكسرًا من شدة خشيته ولا يُظهر ذلك أمام الناس خشية الرياء؛ ولذلك ذم الله تعالى الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون منه سبحانه عند ارتكاب المحرمات، فهم أشد خشية للناس من الله تعالى المطلع على سرائرهم وعلانيتهم، قال تعالى: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 108].       قال السعدي رحمه الله: وهذا من ضعف الإيمان، ونقصان اليقين، أن تكون مخافة الخلق عندهم أعظم من مخافة الله، فيحرصون بالطرق المباحة والمحرمة على عدم الفضيحة عند الناس، وهم مع ذلك قد بارزوا الله بالعظائم، ولم يبالوا بنظره واطِّلاعه عليهم، وهو معهم بالعلم في جميع أحوالهم.       سادسًا: من فضل الله وكرمه وإحسانه بعباده أنهم إذا حققوا الخشية له سبحانه، فقد أعدَّ لهم ما لا يُحصى من الخير والفضل العظيم، قال تعالى: ﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 31 - 35].       قال ابن عثيمين رحمه الله: وقوله: ﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 33] ﴿ مَنْ ﴾ هذه بدل مما سبقها، ﴿ خَشِيَ الرَّحْمَنَ ﴾؛ أي: خَافَهُ عن علم وبصيرة؛ لأن الخشية لا تكون إلا بعلم، الدليل قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28] فهي خشية؛ أي: خوف ورهبة وتعظيم لله عز وجل؛ لأنها صادرة عن علم، والخشية لها معنيان؛ المعنى الأول: أنه خشي الرحمن مع أنه لم يَرَهُ، لكن رأى آياته الدالة عليه، والمعنى الثاني: خَشِيَهُ بالغيب؛ أي: بغَيْبَتِه عن الناس، يخشى الله وهو غائب عن الناس؛ لأن من الناس مَن يخشى الله إذا كان بين الناس، وأما إذا انفرد فإنه لا يخشى الله.       سابعًا: من مظاهر تعظيم الله تعالى؛ العناية التامة باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وكلما كان الإنسان مُعَظِّمًا لله تعالى زاد تعظيمًا لأوامره وشعائره التعبدية، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32] قال ابن كثير رحمه الله: ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ﴾؛ أي: أوامره، ﴿ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾، وقال السعدي رحمه الله: تعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه؛ لأن تعظيمها تابع لتعظيم الله وإجلاله.       ثامنًا: من أعظم العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه عز وجل ويحرص الشيطان على صده عنها؛ الصلاة، فهي الركن العملي لأركان الإسلام، وهي صلة بين العبد وخالقه جل جلاله، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91] وقد جاء القرآن الكريم والسنة المطهرة ببيان الوسائل المناسبة لصد كيد الشيطان ووسوسته في سائر العبادات وفي الصلاة تحديدًا، قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45] قال البغوي رحمه الله: وأصل الخشوع السكون قال الله تعالى: ﴿ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴾ [طه: 108]، فالخاشع ساكن إلى طاعة الله تعالى، وقال السعدي رحمه الله: إن الخشوع، وخشية الله ورجاء ما عنده يوجب له فعلها منشرحًا صدره لترقبه للثواب، وخشيته من العقاب، بخلاف من لم يكن كذلك، فإنه لا داعي له يدعوه إليها، وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه.       وكلما زاد الإنسان تعظيمًا لله تعالى زاد خشوعًا في صلاته وانصرف الشيطان عنه، وكانت له نورًا في حياته كلها، وعاش معها وبها راحة واطمئنانًا، وصدق الله العظيم: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [الحجر: 39، 40] قال الشنقيطي رحمه الله: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الشيطان لما توعَّد بأنه سيضل أكثر بني آدم، استثنى من ذلك عباد الله المخلصين، معترفًا بأنه لا قدرة له على إضلالهم.           تاسعًا: توجد علاقة قوية للغاية بين القرآن الكريم وتعظيم الله تعالى حق عظمته وتقديره حق قدره، فالقرآن الكريم كلام الله تعالى، وأعظم كتبه، وفيه من الفضائل ما لا يحصى، بل هو معين لا ينضب من الغنائم والخيرات في كل مجال واتجاه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي ‌هِيَ ‌أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]، قال الشنقيطي رحمه الله: ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن العظيم الذي هو أعظم الكتب السماوية، وأجمعها لجميع العلوم، وآخرها عهدًا برب العالمين جلَّ وعلا يهدي للتي هي أقوم؛ أي: الطريق التي هي أسد وأعدل وأصوب، وأقوم الحالات، وهي توحيد الله والإيمان برسله، وهذه الآية الكريمة أجمل الله جلَّ وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، لو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم؛ لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيرَي الدنيا والآخرة؛ (انظر شرح الآية بتوسع: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، سورة الإسراء، الآية: 9).       عاشرًا: إن هداية القرآن الكريم والانتفاع بما فيه من خير عظيم لا يحصل لكل أحد، فقد خص الله تعالى الانتفاع به لعباده المتقين وحدهم دون غيرهم، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ ‌لَا ‌رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، قال الطبري رحمه الله: والقرآن هدًى للمتقين، وشفاءٌ لما في صدور المؤمنين، وَوَقْرٌ في آذان المكذبين، وعَمًى لأبصار الجاحدين، وحجةٌ لله بالغةٌ على الكافرين، فالمؤمن به مُهتدٍ، والكافر به محجوج، وقال السعدي رحمه الله: في نفسه هدى لجميع الخلق، فالأشقياء لم يرفعوا به رأسًا، ولم يقبلوا هدى الله، فقامت عليهم به الحجة، ولم ينتفعوا به لشقائهم، وأما المتقون الذين أتوا بالسبب الأكبر، لحصول الهداية، وهو التقوى التي حقيقتها: اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه، بامتثال أوامره، واجتناب النواهي، فاهتدوا به، وانتفعوا غاية الانتفاع.       الحادي عشر: يُعد القرآن الكريم رافدًا مهمًّا لبيان عظمة الله تعالى لما يتضمن من وجوه الإعجاز المتنوعة، فقد اعتنى المختصون ببيان وجوه الإعجاز في القرآن، وأوضح مصطفى مسلم أن هناك أقوالًا متباينة في تحديد أوجه الإعجاز، ويمكن جمعها في أربعة وجوه:     • الإعجاز البياني.     • الإعجاز العلمي (التجريبي).     • الإعجاز التشريعي.     • الإعجاز الغيبي (مباحث في إعجاز القرآن، ص 113).         ولذلك ينبغي للمسلم العناية بالتعرف على وجوه الإعجاز في القرآن الكريم وما كتبه أهل العلم الثقات في هذا المجال ليزداد معرفة بالله تعالى وتعظيمًا له.       الثاني عشر: أمر الله تعالى بتدبُّر القرآن الكريم، لحاجة الناس له في توجيه حياتهم لخيرَي الدنيا والآخرة، وصدق الله العظيم: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ ‌فَلَا ‌يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123]، قال ابن باز رحمه الله: وهدى الله هو ما دلَّ عليه كتابه العظيم القرآن وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- من فعل الأوامر، وترك النواهي، وتصديق الأخبار التي أخبر الله بها ورسوله، والإقامة عند حدود الله، وعدم تجاوزها، هذا هو الهدى، ومن توجيهات القرآن العظيم في الحث على تدبر القرآن، قوله تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ ‌إِلَيْكَ ‌مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، قال السعدي رحمه الله: فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبُّر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال.       الثالث عشر: من جوانب تدبُّر القرآن الكريم المهمة للغاية في تعظيم الله حق تعظيمه؛ الربط المبهر للعقول في خواتيم الآيات بأسماء الله الحسنى، فمن تأمَّله وتدبَّره بعقله ووجدانه ملأ قلبه إيمانًا ويقينًا وفهمًا لمعاني الآيات، قال السعدي رحمه الله: وهذا باب عظيم في معرفة الله ومعرفة أحكامه، وهو من أجلِّ المعارف وأشرف العلوم، فتجد آية الرحمة مختومةً بصفات الرحمة، وآيات العقوبة والعذاب مختومة بأسماء العزة والقدرة والحكمة والعلم والقهر، ومن الأمثلة؛ قال تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ‌اللَّطِيفُ ‌الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]، فخلقه للمخلوقات وتسويتها على ما هي عليه من إنسان وحيوان ونبات وجماد من أكبر الأدلة العقلية على علمه، فكيف يخلقها وهو لا يعلمها؟ (انظر: القواعد الحسان لتفسير القرآن، ص: 53).       الرابع عشر: التفكر في خلق الله تعالى وقدرته مدعاة لتعظيمه وتقديره حق قدره، وقد حث الله تعالى عباده على التفكُّر في خلقه، قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ‌وَاخْتِلَافِ ‌اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]، قال السعدي رحمه الله: وفي ضمن ذلك حث العباد على التفكر فيها، والتبصُّر بآياتها، وتدبر خلقها، وأبهم قوله: ﴿ لَآيَاتٍ ﴾، ولم يقل: "على المطلب الفلاني" إشارة لكثرتها وعمومها، وذلك لأن فيها من الآيات العجيبة ما يبهر الناظرين، ويقنع المتفكرين، ويجذب أفئدة الصادقين، وينبه العقول النيرة على جميع المطالب الإلهية، وخص الله بالآيات أولي الألباب، وهم أهل العقول؛ لأنهم هم المنتفعون بها، الناظرون إليها بعقولهم لا بأبصارهم.       الخامس عشر: إن النظر والتأمل والتدبر في آيات الكون والنفس والتفكر في خلقها زاد مهم يُعين العبد على توحيد الله تعالى وتعظيمه وتقديره حق قدره، قال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ ‌فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [النمل: 93]، وقال سبحانه: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ‌حَتَّى ‌يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53]، قال القرطبي رحمه الله: أي: علامات وحدانيتنا وقدرتنا في الآفاق، يعني أقطار السماوات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغيرها، وفي أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة، أولم يكفهم ربك بما دلهم عليه من توحيده؛ بأنه على كل شيء شهيد؛ (بتصرف، تفسير القرطبي، فصلت: 53).       السادس عشر: من أنجع وسائل تعظيم الله تعالى الدعاء، وما أدراك ما الدعاء! فهو مخ العبادة، والاعتناء به دليل إيمان وتعظيم لله سبحانه بأنه القادر على تحقيق المرغوب ودفع المرهوب، وبالإضافة إلى ما يحرص عليه العبد في دعائه بطلب توفيقه لمطالب الدنيا والآخرة، كذلك يحرص على سؤال الله جل جلاله الإعانة على خشيته وتعظيمه، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "وأسألُكَ خشيتَكَ في الغيبِ والشَّهادة"؛ (الألباني، صحيح النسائي، حديث رقم: 1305)، وجميل أن يدعو المسلم بهذا الدعاء النبوي؛ لأن خشية الله تعالى في الغيب والشهادة من كمال إيمان العبد، ودليل تعظيم الله تعالى والحياء منه، وقد رتَّب الله تعالى على خشيته والخوف منها الخير الكثير، قال تعالى: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ‌جَنَّتَانِ ﴾ [الرحمن: 46]، قال ابن القيم رحمه الله: قيل هو العبد يهوى المعصية فيذكر مقام ربه عليه في الدنيا ومقامه بين يديه في الآخرة فيتركها لله، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ ‌يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الملك: 12]، قال ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى مخبرًا عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائبًا عن الناس، فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات، حيث لا يراه أحد إلا الله، بأنه له مغفرة وأجر كبير.       السابع عشر: من أجل فوائد تعظيم الله وتقديره حق قدره ما يشعر به العبد في حياته بالراحة والسعادة والهدوء النفسي، وكلما ازداد معرفة بربه ازداد تعظيمًا له، وكلما ازداد تعظيمًا لربه ازداد سعادة واطمئنانًا، وفي الحديث القدسي: "وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِليَّ بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه"؛ (صحيح البخاري، حديث رقم: 6502)، فمن اقترب من الله تعالى الذي بيده السعادة الحقيقية وأطاعه سبحانه واستجاب لأوامره ونواهيه نال منه قمة السعادة، ليست سعادة دنيوية عابرة فقط، بل كذلك سعادة أخروية أكمل وأبقى؛ جنة عرضها السموات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا ‌فَفِي ‌الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ [هود: 108]، قال ابن باز رحمه الله: فأهل الجنة ينعمون فيها وخالدون أبد الآباد، لا موت ولا مرض، ولا خروج، ولا كدر، ولا حزن، ولا حيض، ولا نفاس، ولا شيء من الأذى أبدًا، بل في نعيم دائم وخير دائم.       الثامن عشر: هناك تلازم قوي وارتباط وثيق بين تعظيم الله تعالى وتقديره حق قدره وبين شكره على نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، فقد أوجبت الشريعة شكر من أسدى إلينا معروفًا، قال صلى الله عليه وسلم: "ومن صَنَع إليكم معروفًا فكافِئوه، فإنْ لم تَجِدوا ما تكافِئونَه فادْعُوا له حتى تَرَوا أنَّكم قد كافَأْتُموه"؛ (الألباني، صحيح أبي داود، حديث رقم: 5109)، وقال عليه الصلاة والسلام: "لا يَشْكُرُ اللهَ مَن لا يَشْكُرُ الناسَ"؛ (الألباني، صحيح أبي داود، حديث رقم: 4811)، وإذا كانت الشريعة السمحة أكدت عن شكر المخلوق الذي يقدم معروفًا ولو محدودًا، فكيف بمن أسدى إلينا نعمًا لا حدود لها؟! أليس هو الأولى بالشكر؟! وقد جاء القرآن الكريم بتوجيهات عدة تؤكد على العناية بشكر الله تعالى على نعمه، قال تعالى: ﴿ وَاشْكُرُوا لِي ‌وَلَا ‌تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]، قال ابن كثير رحمه الله: وقوله تعالى: ﴿ وَاشْكُرُوا لِي ‌وَلَا ‌تَكْفُرُونِ ﴾ أمر الله تعالى بشكره، ووعده على شكره بمزيد الخير، فقال: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ ‌عَذَابِي ‌لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، وقد ذم الله تعالى الغافلين عن شكره وهم كُثر، فقال تعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ ‌الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]، قال ابن القيم رحمه الله: إن مقام الشكر جامع لجميع مقامات الإيمان؛ ولذلك كان أرفعها وأعلاها، وهو فوق الرضا، والإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر، والصبر داخل في الشكر، فرجع الإيمان كله شكرًا، والشاكرون هم أقل العباد، كما قال تعالى: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ ‌الشَّكُورُ ﴾؛ (انظر بتوسع: مدارج السالكين، 1/152).       "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، وهذا الدعاء المبارك وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه دبر كل صلاة؛ (الألباني، صحيح أبي داود، حديث رقم: 1522).       التاسع عشر: إذا ارتقى العبد في إيمانه ووصل إلى درجة الكمال واليقين، كان أكثر خوفًا لله تعالى ويجد رقة في قلبه لا يجدها غيره، وهذا من دلائل تعظيم الله جل جلاله، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ ‌وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، قال البغوي رحمه الله: ليس المؤمن الذي يخالف الله ورسوله، إنما المؤمنون الصادقون في إيمانهم، ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ ‌وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ خافت وفَرَقَت قلوبهم، وقيل: إذا خوفوا بالله انقادوا خوفًا من عقابه، ﴿ وَإِذَا ‌تُلِيَتْ ‌عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ﴾ تصديقًا ويقينًا، ﴿ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾؛ أي: يفوضون إليه أمورهم ويثقون به ولا يرجون غيره.       العشرون: إن الوجل الذي يشعر به المؤمنون عند سماعهم لذكر الله تعالى وتلاوة آياته، قد يأتي من شعورهم بالهيبة من إجلال الله وعظمته، ومن خوفهم من التقصير، وهو حاصل لا محالة في حق عبودية الخالق الرازق المدبر المنعم الذي تفضل عليهم بنعم لا تُعد ولا تُحصى، وهم لم يحققوا في ذات الوقت العبادة اللائقة بهذا الإنعام والإكرام، فالإنسان إذا امتلأ قلبه إيمانًا وعظمة لله تعالى وتقديرًا له سبحانه يشعر بتقصيره؛ ولذلك قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ ‌وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60]، قال ابن كثير رحمه الله: أي: يعطون العطاء وهم خائفون ألا يُتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط.       هذا ما يسَّر الله إيراده، والله أسأل بمنه وكرمه أن يوفقنا لتعظيمه حق عظمته وتقديره حق قدره، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.       وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.   د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي شبكة الالوكة  
    • {قَالَ أَنظِرْنِىٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ○ قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ}[الأعراف١٤-١٥]   معنى {أَنظِرْنِي} أمهلني أي لا تمتني بسرعة، ولا تجعل أجلي قريبًا، بدليل قوله سبحانه: {قَالَ إِنَّكَ مِنَ المنظرين...}
        فالإِنظار طلب الإِمهال، وعدم التعجيل بالموت، وقد طلبه إبليس لكي يشفي غليله من بني آدم وآدم؛ انه جاء له بالصَّغَار والذلة والطرد والهبوط، ولذلك أصر على أن يجتهد في أن يغري أولاد آدم ليكونوا عاصين أيضًا. وكأن إبليس في هذا الطلب أراد أن يُنْقذ من الموت وأن يبقى حيًّا إلى يوم البعث الذي يبعث فيه كل من مات. وكأنه يريد أن يقفز على قول الحق: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الموت...} [آل عمران: 185]
        فأوضح الحق: أن تأجيل موتك هو إلى يوم الوقت المعلوم لنا وغير المعلوم لك؛ لأن الأجل لو عرف فقد يعصي من يعلمه مدة طويلة ثم يقوم بالعمل الصالح قبل ميعاد الأجل، ولكن الله أراد بإبهام زمان الموت أن يشيع زمانه في كل وقت. وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه: {إلى يَوْمِ الوقت المعلوم} [الحجر: 38]
      والوقت المعلوم هو النفخة الأولى: {وَنُفِخَ فِي الصور فَصَعِقَ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض إِلاَّ مَن شَاءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر: 68]
      وكأن إبليس كان يريد أن يفر من الموت ليصل إلى النفخة الثانية، لكن ربنا أوضح أنه باق إلى وقت معلوم، وآخر الوقت المعلوم هذا لابد أن يكون قبل النفخة الأولى. اهـ.   تفسير الشعراوى    
      {قَالَ أَنظِرْنِىٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ○ قَالَ إِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ}[الأعراف١٤-١٥]

      ارفع يديك وادع الله الكريم ، وارفع سقف الدعاء ، لقد أجاب الله دعاء شر الخلق (إبليس) أفلا يستجيب لك؟!!

      أعظم غايات إبليس أن يكفر الإنسان بنعم الله ولا يشكرها . لنتأمل أطماعه أيضاً :
      ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾
      هي أطماع عاليه ، إنه لايهدأ ، يعمل دائما دون ملل لغواية الإنسان وإيصاله إلى جهنم.. والعياذ بالله

      لو أن الإنحراف عن طريق الحق يأتي جملة ومن جهة واحدة لَرَفَضَهُ الناس وابتعدوا عنه ، لكن إبليس بغوايته يتدرج ويتنوع في جذب أكثر الناس إلى المعاصي حتى يألفوها وتنتهي بهم إلى النار ..
      لنرفع أيدينا بالدعاء نسأل الله المغفرة والصحبة الصالحة والهدى والتقى والثبات الثبات على الدين.  
    • تفسير الشيخ الشعراوي سورة فاطر٣٦-٣٧ (وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ)٣٦-فاطر الام في { لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ } [فاطر: 36] تفيد الملكية والاختصاص، كما نقول: فلان له كذا وكذا، فكأنهم يتعلَّقون بها، وهي تتعلق بهم تعلُّق المالك بالمملوك، وساعةَ يدخلونها والعياذ بالله يودُّون الخلاص منها ولو بالموت، على حَدِّ قول الشاعر: كَفَى بكَ دَاءً أنْ تَرَى الموْتَ شَافِياً وحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنَّ أَمانيا نعم: يتمنَّوْنَ الخلاص ولو بالموت، لكن هيهات لهم ذلك، وهذا المعنى واضح في قوله تعالى في موضع آخر: { { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [الزخرف: 77] فالموت ليس عذاباً، بل هو بالنسبة لهم راحة من عذاب أشدّ وأبْقى.
        وأذكر أن بعض المستشارين ادعى أن كتاب الله ليس فيه دليل على رَجْم الزانية المحصنة، واستدل على ذلك بقوله تعالى في الإماء: { { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } [النساء: 25].
      على اعتبار أن الرجم لا يتجزأ ليكون فيه نصف رجم، وما دام الرجم لا يتجزأ فلا رجمَ إذن. فربنا سبحانه وتعالى ألهم وقلنا والحمد لله: علينا أن نحدد أولاً ما العذاب؟ العذاب: إيلام حَيٍّ، وإذا ما جمعنا آيات القرآن في الموضوع بعضها إلى بعض، وَضُحَتْ لنا الصورة وظهر المعنى، فالله يقول في قصة هدهد سليمان عليه السلام: { { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ } [النمل: 21] إذن: الموت أو الذبح أو القتل ليس عذاباً. والرجم إماتة، والإماتة إنهاء للعذاب.
        والحق سبحانه وتعالى حين قال هذا النص شاء الله سبحانه أن يجعل لنبيه صلى الله عليه وسلم بياناً بهذا النص، وفَرْق بين حكم تأخذه بالنص، وحكم تأخذه بالتطبيق الفعلي من المشرِّع صلى الله عليه وسلم؛ لأن النص يمكن لك أنْ تؤوله، أما التطبيق الفعلي من رسول الله فلا تأويلَ فيه، وقد ثبت أن رسول الله رجم بالفعل.
      ولو كان الأمر كما يدَّعي المستشار لكانت الآية: فعليهن نصف ما على المحصنات دون أن تذكر العذاب، فقوله تعالى: { { مِنَ ٱلْعَذَابِ } [النساء: 25] يعني: لا من غيره، فهو بيان للنصف، نصف العذاب، والرجم ليس عذاباً، بل إنهاء للعذاب.
      ثم يخبر سبحانه عن حال أهل النار { وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا } [فاطر: 36] أي: أنه عذاب دائم لا ينقطع ولا يفتر، فالإنسان مثلاً في الدنيا قد يُبْتلى - والعياذ بالله - بأنْ يُعتقل ويُضرب مثلاً ليُقرَّ بما حدث، إلى أن يصير جسمه جسماً (أطرش) يعني: لا يشعر بالألم لكثرة الضرب؛ لذلك مثل هؤلاء يُضرب جَلْدة، أو عدة جلدات، ثم لا يشعر بعدها بشيء، ويصدق فيه قول الشاعر: مَنْ يَهُنْ يَسْهُلُ الهَوَانُ عَلَيْهِ مَا لجُرْحٍ ميِّتٍ إيلامُ أو قَوْل الآخر: وكنتُ إذَا أَصَابَتْنى سِهَامٌ تَكسَّرَتِ النِّصَالُ على النِّصَالِ   إذن: عذاب الدنيا قد يُخفَّف، ولو بهذه العادة الرديئة، وهي فقدان الإحساس بالعذاب حين يفقد الجلد اتصاله بالمخ، أما عذاب الآخرة فلا يُخفَّف عنهم مهما طال بهم؛ لذلك يقول تعالى في موضع آخر: { { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } [النساء: 56].   (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ)٣٧-فاطر { يَصْطَرِخُونَ } [فاطر: 37] أي: يصرخون ويصيحون مستغيثين طالبين للنجدة، والصراخ: استنجاد بمَنْ يخلصك من شدة أو ضائقة أو عذاب، ومثل هذا الصوت نسمعه مثلاً حين يشبُّ حريق لا قدَّر الله، فيصرخ الناس طلباً للمساعدة.
        وهؤلاء يصطرخون { فِيهَا } [فاطر: 37] أي: في النار يقولون في صراخهم { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } [فاطر: 37] أولاً: عجيب منهم أن يقولوا الآن (ربنا) هذه الكلمة التي أنكروها في الدنيا، وكفروا بها، الآن ينطقونها، لكن بعد فوات أوانها. ثم أقرُّوا على أنفسهم بأن عملهم في الدنيا لم يكُنْ صالحاً، وهذه حيثية تُحسب عليهم لا لهم، وتزيد من عذابهم لا تُخففه عنهم.
      ثم لو أجابهم الله - وهيهاتَ لهم ذلك - هل سيعلمون صالحاً كما يقولون؟ لقد علم الله كذبهم، فقال سبحانه { { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } [الأنعام: 28].
        إذن: هذا مجرد كلام حين الضائقة، ولو رجعوا لعادوا لما كانوا عليه؛ لذلك يرد الله عليهم { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ .. } [فاطر: 37] يعني: مددنا لكم العمر في الدنيا بما يكفي للتذكُّر وللاعتبار لمَنْ أراد أنْ يتذكر أو يعتبر.
      { وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ } [فاطر: 37] الرسول الذي ينذركم ويحذركم من عاقبة أفعالكم، ومع ذلك لم تعودوا إلى الجادة، ولم تراجعوا أنفسكم إلى أن فات الأوان.
        { فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [فاطر: 37] أي: ذوقوا العذاب، ومعنى { مِن نَّصِيرٍ } [فاطر: 37] أي: مُعين. والنصير هو الذي يدفع عنك بقوة، ويدخل معك المعركة، وفي موضع آخر يقول سبحانه { { مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [الشورى: 31] والولي: هو القريب الذي يدفع عنك برجاء واستمالة وتحنين، وهؤلاء لا لهم وليٌّ، ولا لهم نصير في هذا الموقف.   التفاسير العظيمه
    • سورة لقمان :   ==========   1/ قال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) سورة لقمان 6   أكثر المفسرين على أن المراد بلهو الحديث الغناء ..   قال أهل المعاني : ويد خل في هذا كل من اختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن .   الواحدي - التفسير الوسيط .   = لأن لفظ البيع والشراء يدلان على المعاوضة و ليس أحد يشتري إلا أخذ شيئا وأعطى مقابله آخر ولذا لا يجتمع القرآن والغناء في قلب رجل واحد .       = قال ابن تيمية :   ولهذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرءان حتى ربما كرهه .   اقتضاء الصراط المستقيم .     2/ قال تعالى في سورة لقمان 34: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)) ..   تأمـل:   قال سبحانه وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ولم يقل وما تدري نفس ماذا تعمل غدا فلماذا ؟..     لأن النفوس تعلم ماذا ستعمل في غدها لكن هل تكسبه أم لا هذا في علم الله عز وجل.   ابن عثيمين - مجموع الفتاوى   ////////////////////////   سورة السجدة :   ============   1/ قال تعالى في سورة السجدة : (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)) ..   تأمل :   كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس ؟..   وكيف قابل قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حين يقومون إلى صلاة الليل بقرة الأعين في الجنة ؟.   ابن القيم - حادي الأرواح                       سورة الأحزاب :   ============   1/ قال تعالى في سورة الأحزاب 6 : (النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) أي في الحرمة والاحترام، وإنما جعلهن كالأمهات ..   ولم يجعل نبيه كالأب حتى قال سبحانه :   (مَا كَانَ مُحمّدٌ أبَا أحَدٍ مِن رِجَالِكُم) الأحزاب : 40 ..   لأنه تعالى أراد أن أمته يدعون أزواجه بأشرف ما تنادى به النساء وهو الأم، وأشرف ما ينادى به النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الرسول لا الأب، ولأنه تعالى جعله أولى بنا من أنفسنا، وذلك أعظم من الأب في القرب والحرمة، إذ لا أقرب إلى الإنسان من نفسه.   زكريا الأنصاري - فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن     2/ قال تعالى في سورة الأحزاب : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31)) ..   تأمل :   عبر هنا عند إيتاء الأجر بقوله: (نؤتها) للتصريح بالمؤتي وهو الله ..   وفي الآية التي قبلها عبر عند العذاب بقوله : (يُضاعف) فلم يصرح بالمعذب، إشارة إلى كمال الرحمة والكرم، ولأن الكريم عند النفع يظهر نفسه وفعله، وعند الضر لا يذكر نفسه.   الرازي - التفسير الكبير   3/ قال تعالى في سورة الأحزاب : (فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا(37))   كان يقال: زيد بن محمد حتى نزل: (اُدعُوهُم لآبَائِهِم ) فقال: أنا زيد بن حارثة، وحرُم عليه أن يقول: أنا زيد بن محمد .   فلما نزع عنه هذا الشرف وهذا الفخر، وعلم الله وحشته من ذلك شرفه بخصيصة لم يكن يخص بها أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أنه سماه في القرآن فقال تعالى: (فلمَّا قضَى زيْدٌ مِنهَا وَطَراً).   ومن ذكره الله تعالى باسمه في الذكر الحكيم حتى صار اسمه قرآناً يتلى في المحاريب، نوه به غاية التنويه، فكان هذا تأنيس له وعوض من الفخر بأبوة محمد صلى الله عليه وسلم له.   عبدالرحمن السهيلي - الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام     4/ لابن القليوبي شرح على التنبيه مبسوط ، وفيه يقول : فيما رأيته منقولاً عنه : أنه استنبط من قوله تعالى الأحزاب : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)) ..   أن ما يفعله علماء هذا الزمان في ملابسهم ، من سعة الأكمام وكبر العِمَّة ، ولبس الطيالس حسَن ، وإن لم يفعله السلف ؛ لأنه فيه تمييز لهم ، يُعرفون به ، ويُلتفت إلى فتاويهم وأقوالهم .   طبقات الشافعية الكبرى للسبكي -  المجلد الثامن ص٢٤     5/ قال تعالى في سورة الأحزاب : (لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60)) ..   في الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه صلى الله عليه وسلم حتى مات، والمعروف من أهل الفضل إتمام وعدهم وتأخير وعيدهم.   القرطبي - الجامع لأحكام القرآن                  سورة سبأ :   =========   1/ قال تعالى في سورة سبأ : (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) ..   في هذه الآية دليل على مشروعية تعلم أهل الفضل الصنائع وأن التحرف بها لا ينقص من مناصبهم، بل ذلك زيادة في فضلهم وفضائلهم إذ يحصل لهم التواضع في أنفسهم عن غيرهم، وكسب الحلال الخلي عن الامتنان.   القرطبي - الجامع لأحكام القرآن   2/ قال تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)) سورة سبأ   أتى بـ (على) في الهدى لأن صاحب الهدى مستعل بالهدى مرتفع به ، وبـ (في) في الضلال ، لأن صاحب الضلال منغمس فيه محتقر .   السعدي ـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان .   3/ لو رأيت أهل القبور في وثاق الأسر ، فلا يستطيعون الحركة إلى نجاة : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) سورة سبأ 54 !!..   يا منفقاً بضاعة العمر في مخالفة حبيبه ، والبعد عنه ، ليس في أعدائك أشد عليك منك .   ابن القيم ـ بدائع الفوائد .              سورة فاطر :   ==========   1/ أربع آيات في كتاب الله إذا ذكرتهن لا أبالي على ما أصبحت أو أمسيت:   (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ) سورة فاطر 2   (وإن يَمْسَسكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إلا هُو) سورة يونس107   (سَيَجعلُ اللهُ بَعدَ عُسرٍ يُسراً) سورة الطلاق7   (وَمَا مِنْ دَابةٍ فَي الأرْضِ إِلا عَلَى اللهِ رِزقِهَا) سورة هود 6   عامر بن عبد قيس - المدهش لابن الجوزي     2/ قال تعالى في سورة فاطر :   (ِإنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ (22)) ..   شبه سبحانه من لا يستجيب لرسوله بأصحاب القبور وهذا من أحسن التشبيه، فإن أبدانهم قبور قلوبهم فقد ماتت قلوبهم وقبرت في أبدانهم.   ولقد أحسن القائل :   وفي الجهل قبل الموت موت لأهـله .. وأجسـامهم قبـل القبـور قبـور   وأرواحهم في وحشة من جسومهم .. وليس لهم حتى النشـور نشـور   ابن القيم -إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان     3/ قال تعالى في سورة فاطر :   (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ (29)) ..   فهذا ثناء من الله تعالى على قرآء القرآن العظيم أنهم يستمرون على تلاوته ويداومون عليها، فهم يتلون ألفاظه بدراسته، ومعانيه بتتبعها واستخراجها.   الشوكاني – فتح القدير     4/ قال تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) سورة فاطر 32   قيل : قدم الظالم لئلا ييئس من رحمة الله ، وأخر السابق لئلا يعجب بعمله .   الجامع لأحكام القرآن للقرطبي .  
  • أكثر العضوات تفاعلاً

    لاتوجد مشارِكات لهذا الاسبوع

  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      181924
    • إجمالي المشاركات
      2535154
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93131
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    أأم محمد
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×