اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. ساحة القرآن الكريم العامة

      مواضيع عامة تتعلق بالقرآن الكريم

      المشرفات: **راضية**
      58114
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9073
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      المشرفات: **راضية**
      180666
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 260001
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23503
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8346
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32136
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4165
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25484
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30264
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53104
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21008
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97014
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36840
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31796
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4884
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15482
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29722
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12928
      مشاركات
  9. مملكتكِ الجميلة

    1. 41316
      مشاركات
    2. 33886
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  10. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32212
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13117
      مشاركات
    3. 34853
      مشاركات
    4. 65624
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      المشرفات: خُـزَامَى
      4925
      مشاركات
  11. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  12. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38510 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  13. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • برنامج دولة التلاوة
      تلاوة المتسابق أحمد رشاد ما تيسر من سورة  الفرقان * فضل سورة الفرقان : صدق القرآن وسوء عاقبة المكذبين • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الفرقان من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
      * من خصائص سورة الفرقان: • أكثر سورة تكرر فيها لفظ (تبارك)؛ حيث تكرر 3 مرات، في الآيات (1، 10، 61)، وقد تكرر هذا اللفظ في القرآن كله 9 مرات، ومعنى (تبارك) أي: تعاظم وكملت أوصافه وكثرت خيراته. • احتوت سورة الفرقان على السجدة الثامنة من سجدات التلاوة -بحسب ترتيب المصحف-، وجاءت في الآية (60). • احتوت سورة الفرقان على 14 آية تعتبر من الآيات الجوامع؛ حيث جمعت أوصاف عباد الرحمن (63-76).
      برنامج دولة التلاوة
      تلاوة محمد أبو العلا ما تيسر من سورة النمل الدعوة إلى الإيمان بآيات الله/ العلم والإيمان/ التفوق الحضاري/ الامتنان على النبي ﷺ بمعجزة القرآن • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة النمل من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
      * من خصائص سورة النمل: • اختصت بذكر البسملة فيها مرتين: في بدايتها، وفي الآية (30)، وقد اتفق العلماء على أن البسملة في هذه الآية تعتبر من القرآن ومنكرها كافر، واختلفوا في قرآنيتها في بداية الفاتحة وبداية كل سورة. • احتوت السورة على السجدة التاسعة –بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة، في الآية (25-26). • احتوت السورة على لازمة قرآنية تكررت 5 مرات في خاتمة كل آية، وهي قوله تعالى: ﴿أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ﴾ للتأكيد على تفرد الله تعالى بالخلق والعبادة ونفي الشريك. • احتوت السورة على حوار بين الإنسان ومخلوقات أرضية أخرى، فذكرت حوار النملة والهدهد والجن مع سليمان عليه السلام، وفي نهاية السورة في الآية (82) ذكرت الحوار الذي سيكون مع الدابة التي تخرج من الأرض في آخر الزمان تكلم الناس، وهي من أشراط الساعة الكبرى. • سورة النمل من (الطواسين أو الطواسيم)، وهي ثلاث سور جاءت في المصحف مرتبة: الشعراء، النمل، القصص، وسميت بذلك لأنها افتتحت بالحروف المقطعة طسم (في الشعراء والقصص)، وطس (في النمل). • سورة النمل ثاني أكثر سورة تتكرر فيها كلمة (قرآن) حيث وردت 4 مرات، بعد سورة الإسراء حيث وردت فيها 11 مرة. • السور الكريمة المسماة بأسماء الحيوانات 7 سور، وهي: البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والعاديات، والفيل. برنامج دولة التلاوة
      تلاوة عبدالله السيد ما تيسر من سورة القصص
      * فضل سورة القصص: الدعوة إلى التوحيد، وبيان أن إرادة الله وحده هي النافذة/ الثقة بوعد الله/ عاقبة الطغيان والفساد عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة القصص من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
      * من خصائص سورة القصص: • سورة القصص من (الطواسين أو الطواسيم)، وهي ثلاث سور نزلت متتالية، ووضعت في المصحف متتالية أيضًا، وهي: الشعراء، النمل، القصص، وسميت بذلك؛ لأنها افتتحت بالحروف المقطعة طسم (في الشعراء والقصص)، وطس (في النمل)، ويكاد يكون منهاجها واحدًا، في سلوك مسلك العظة والعبرة، عن طريق قصص الغابرين، وجميعها افتتحت بذكر قصة موسى عليه السلام، وكذلك جميعها اختتم بالتهديد والوعيد للمعاندين والمخالفين. • قصة موسى عليه السلام ذكرت في كثير من سور القرآن (تكرر اسم موسى 136 مرة في 34 سورة، وأكثر السور التي ذكرت قصته بالتفصيل: الأعراف، طه، القصص)، ولكن نجد أنها في سورة القصص ركزت على قصة سيدنا موسى من مولده إلى بعثته، وذكرت تفاصيل لم تذكر في سواها: كقتله المصري، وخروجه إلى مدين، وزواجه من بنت الرجل الصالح، وفصلت أكثر في محنة ميلاده ونشأته في قصر فرعون. • احتوت سورة القصص على آية تدل على فصيح القرآن الكريم وإعجازه، وهي: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (7)؛ لأنها اشتملت على: أَمرْين ونهيين وخبرين وبشارتين؛ أما الأمران فهما: ﴿أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾، و﴿فَأَلْقِيهِ﴾، وأما النهيان فهما: ﴿وَلَا تَخَافِي﴾، و﴿وَلَا تَحْزَنِي﴾، وأما الخبران فهما: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ﴾، و﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ﴾، وأما البشارتان فهما: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾، و﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.   الحفظ الميسر
    • يقول الإمام الحافظ ابن كثير -يرحمه الله- في قوله تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ۝ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [سورة الزمر:73، 74].
      وهذا إخبار عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفداً إلى الجنة زُمَرًا أي: جماعة بعد جماعة: المقربون، ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء، والصديقون مع أشكالهم، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، كل زمرة تناسب بعضها بعضاً.
      حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا أي: وصلوا إلى أبواب الجنة بعد مجاوزة الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتُص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبُوا ونُقُّوا أذن لهم في دخول الجنة، وقد ورد في حديث الصُّور أن المؤمنين إذا انتهوا إلى أبواب الجنة تشاوروا فيمن يستأذن لهم بالدخول، فيقصدون آدم، ثم نوحا، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم محمداً -صلى الله عليه وعليهم أجمعين وسلم، كما فعلوا في العرصات عند استشفاعهم إلى الله ، أن يأتي لفصل القضاء، ليظهر شرف محمد ﷺ على سائر البشر في المواطن كلها.
      وقد ثبت في صحيح مسلم عن أنس ، قال: قال رسول الله ﷺ: أنا أول شفيع في الجنة[1]، وفي لفظ لمسلم: وأنا أول من يقرع باب الجنة[2].
      وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله ﷺ: آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، قال: يقول: بك أُمِرْتُ ألا أفتح لأحد قبلك[3]، رواه مسلم.
      وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله ﷺ: أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون فيها، ولا يتغوطون فيها، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة، ومجامرهم الأَلُوَّة، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد، يسبحون الله تعالى بكرة وعشياً[4]، ورواه البخاري ومسلم.   وروى الحافظ أبو يعلى عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله ﷺ: أول زُمْرَة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على ضوء أشدِّ كوكب دُرِّي في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتْفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك، ومجامرهم الأَلُوَّة، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء[5]، وأخرجاه أيضا من حديث جرير.
      وعن أبي هريرة، ، عن رسول الله ﷺ قال: اللهم اجعله منهم، ثم قام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال ﷺ: سبقك بها عُكاشة[6]، أخرجاه، وقد روى هذا الحديث -في السبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب- البخاري ومسلم، عن ابن عباس -رضي الله عنهما، وجابر بن عبد الله، وعمران بن حصين، وابن مسعود، ورفاعة بن عرابة الجهني، وأم قيس بنت محصن .
      ولهما عن أبي حازم، عن سهل بن سعد -رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: (ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاً أو: سبعمائة ألف آخذٌ بعضهم ببعض، حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة، وجوههم على صورة القمر ليلة البدر[7]. وقوله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ لم يذكر الجواب هاهنا، وتقديره: حتى إذا جاءوها وكانت هذه الأمور من فتح الأبواب لهم إكراماً وتعظيماً، وتلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة والسلام والثناء، لا كما تلقى الزبانية الكفرة بالتثريب والتأنيب، فتقديره: إذا كان هذا سَعِدوا وطابوا، وسُرّوا وفرحوا، بقدر ما يكون لهم فيه نعيم، وإذا حذف الجواب هاهنا ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل. ومن زعم أن "الواو" في قوله: وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا واو الثمانية، واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية فقد أبعد النّجْعَة وأغرق في النزع، وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة.
      روى الإمام أحمد عن أبي هريرة  قال: قال رسول الله ﷺ: من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله تعالى دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دُعِي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، فقال أبو بكر -رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله، ما على أحد من ضرورة دُعي من أيها دعي، فهل يُدعَى منها كلِّها أحدٌ يا رسول الله؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم [8].
      ورواه البخاري ومسلم بنحوه، وفيهما عن سهل بن سعد  أن رسول الله ﷺ قال: إن في الجنة ثمانية أبواب، باب منها يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون[9]. وفي صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب  قال: قال رسول الله ﷺ: ما منكم من أحد يتوضأ فيُبلِغ -أو فيسبغ- الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء[10].     فقوله -تبارك وتعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ الأحاديث التي أوردها المؤلف -رحمه الله: قال ﷺ: ومجامرهم الأَلُوَّة يعني: العود الهندي. وقوله -تبارك وتعالى: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ يقول: لم يذكر الجواب هنا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ، أين الجواب؟ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا سعدوا وطابوا وسروا وفرحوا، فهذا باعتبار أنه مقدر، وهذا الذي عليه عامة أهل العلم، وإن اختلفت عباراتهم في المقدر، بعضهم يقول: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا دخلوها، ولا إشكال في ذلك ولا منافاة؛ لأن دخولهم يعني أنهم يسعدون فلا يشقون أبداً.
      أما على قول طائفة من النحاة وهم الكوفيون، وبه قال الأخفش، فإنهم يقولون: إن الواو زائدة، وليس في الآية حذف، فتكون هكذا: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا، هذا الجواب، باعتبار أن الواو زائدة، وهم حينما يقولون: إن الواو زائدة يقصدون بذلك أنها زائدة إعراباً، وإلا فهم يقرون بأن الزيادة في المبنى زيادة في المعنى، هم لا ينكرون هذا، ومن ثَمّ فإنه لا يوجد في القرآن حشو، ولكن كل حرف فيه وكلمة فإنها تكون لمعنى، والأصل خلاف ذلك، وأما مسألة التعبير بالزيادة فقد أنكره طائفة من أهل العلم تأدباً؛ ولهذا يعبرون أحياناً عن الزيادة يقولون: صلة، ونحو ذلك، ويقول في المراقي:
      تواتر السبع عليه أجمعوا ولم يكن في الوحي حشو يقع ما في حشو، فإطلاق الزيادة غير مناسب، لكن إذا فهم مرادهم أنهم يقصدون إعراباً فالأمر في ذلك يكون أسهل، لكن يحسن تأدباً أن لا يذكر هذا اللفظ. على قول الكوفيين أنه ليس هناك مقدر محذوف، وهذا يؤيده أن الأصل عدم التقدير، وأولائك يؤيد قولهم -إن الأصل عدم الزيادة- أن الأصل عدم التقدير. فقوله: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا، فتحت أبوابها، القراءة الأخرى المتواترة لأبي عمرو وابن عامر وابن كثير وفتِّحت أبوابها، وكما سبق أن زيادة المبنى لزيادة المعنى، وأن ذلك -"فتِّحت"- إما باعتبار الكثرة، كثرة الأبواب أو الفتح، كما قال الله : وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ [سورة يوسف:23]، مبالغة في الإغلاق أو لكثرة الأبواب، وفتِّحت أبوابها.
      قال الإمام الحافظ ابن القيم -رحمه الله- في قوله تعالى: زُمَرًا وقال خزنة أهل الجنة لأهلها: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فبدءوهم بالسلام المتضمن للسلامة من كل شر ومكروه أي سلمتم فلا يلحقكم بعد اليوم ما تكرهون، ثم قال لهم: طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ أي: سلامتكم ودخولها بطيبكم، فإن الله حرمها إلا على الطيبين، فبشروهم بالسلامة والطيب والدخول والخلود.
      وأما أهل النار فإنهم لما انتهوا إليها على تلك الحال من الهم والغم والحزن وفتحت لهم أبوابها وقفوا عليها، وزيدوا على ما هم فيه من توبيخ خزنتها وتبكيتهم لهم بقولهم: أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ فاعترفوا وقالوا: بلى فبشروهم بدخولها والخلود فيها، وإنها بئس المثوى لهم.
      وتأمل قول خزنة الجنة لأهلها: فَادْخُلُوهَا وقول خزنة النار لأهلها: ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ تجد تحته سراً لطيفاً ومعنى بديعاً لا يخفى على المتأمل، وهو: أنها لما كانت دار العقوبة وأبوابها أفظع شيء وأشده حراً، وأعظمه غماً، يستقبل فيها الداخل من العذاب ما هو أشد منها، ويدنو من الغم والخزي والحزن والكرب بدخول الأبواب، فقيل: ادخلوا أبوابها؛ صغاراً لهم وإذلالاً وخزياً، ثم قيل لهم: لا يقتصر بكم على مجرد دخول الأبواب الفظيعة ولكن وراءها الخلود في النار، وأما الجنة فهي دار الكرامة والمنزل الذي أعده الله لأوليائه، فبشروا من أول وهلة بالدخول إلى المقاعد والمنازل والخلود فيها"[11].
      مضى في المجلس الماضي الفرق في الموضعين، وقول من قال: لما كانت أبواب النار موصدة على أهلها، فهم حينما يأتون إليها تفتح أبوابها فيفجؤهم عذابها، ويساقون إليها، وأما الجنة فإنهم حينما يأتون تكون أبواب الجنة مفتحة، كما قال الله : مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ [سورة ص:50]، يدخلون ويخرجون في نواحي الجنة، فيتقلبون حيث شاءوا.   قال ابن كثير -رحمه الله: ذِكْر سعة أبواب الجنة -نسأل الله العظيم من فضله أن يجعلنا من أهلها: في الصحيحين عن أبي هريرة  في حديث الشفاعة الطويل: فيقول الله يا محمد، أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن، وهم شركاء الناس في الأبواب الأخرى، والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة-ما بين عضادتي الباب- لكما بين مكة وهجر، أو هجر ومكة[12]، وفي رواية: مكة وبُصرى[13].
      وفي صحيح مسلم، عن عتبة بن غزوان أنه خطبهم خطبة فقال فيها: ولقد ذُكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام[14].
      ابن القيم -رحمه الله- نظر إليها من جهتين، أو ذكر في الجواب عنه أمرين: الأول قال: يحتمل أن يكون الباب الذي يكون مسيرة أربعين سنة أنه الباب الأعظم، الباب الأيمن، وباقي الأبواب تكون متفاوتة، فتكون كما قال النبي ﷺ هنا: ما بين مكة وهجر وما بين مكة وبُصرى، وفي رواية أخرى ذكر حمير وهي اليمن صنعاء، فهذه المسافات متفاوتة وإن كان بينها شيء من التقارب غير حديث عتبة بن غزوان، غير الأربعين، يعني ما بين مكة وهجر يقرب من ألف ومائتي كيلو، وما بين مكة وصنعاء أيضاً قريب من هذا، وما بين مكة وبصرى أيضاً قريب من هذا، يعني في أطراف بلاد الشام، حوران، فهذه الحافظ ابن القيم يقول: لعله الباب الأيمن هو الذي يكون مسيرة أربعين.
      وذكر الاحتمال الثاني قال: أن يكون حديث عتبة بن غزوان موقوفاً، فيرجح المرفوع، المرفوع: هذه الأحاديث: ما بين مكة وبصرى إلى آخره، والواقع أن حديث عتبة بن غزوان  جاء مصرحاً برفعه عن جماعة من الصحابة، كعبد الله بن سلام -رضي الله تعالى عنه، وغيره أنه بالتصريح بالرفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام، فيمكن أن يكون هذا الباب هو الباب الأعظم من أبواب الجنة، مسيرة أربعين سنة.
      ومثل هذا عادة يحسب بسير الإبل القاصد، يعني الأشياء التي ذُكرت في النصوص، مسيرة كذا، مسيرة ثلاثة أيام، مسيرة يوم وليلة، نصرت بالرعب مسيرة شهر[15]، فهم يفهمون مسيرة شهر، يعني إلى أي مدى، إلى أي حد يكون ذلك، فإذا حسب بهذا التقدير للتقريب فقط، للتقريب والتفكر والاعتبار، فإن هذا يحتاج في رحلة بالطائرة تسير ثمانمئة كيلو بلا توقف، حوالي تسعة وعشرين يوما ونصف حتى تقطع هذه المسافة، مسيرة أربعين عاماً، يعني أكثر من قطع الكرة الأرضية بكاملها، هذا الباب فكيف بالجنة!
      لاحظ هنا: وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام، جاء في بعض الروايات يعني تصوير ذلك الزحام في شدته بزحام الإبل وردتْ لخمسٍ ظمأ[16] يعني: خمسة أيام ما شربت، ووردت على الماء، لا شك أن هذا يكون في غاية الزحام والتدافع، وهو في هذه السعة.
      قال: وقوله -تبارك وتعالى: وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْأي: طابت أعمالكم وأقوالكم، وطاب سعيكم وطاب جزاؤكم، كما أمر رسول الله ﷺ أن ينادى بين المسلمين في بعض الغزوات: إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة [17]، وفي رواية: مؤمنة[18].
      قوله: طِبْتُمْ قال: طابت أعمالكم وأقوالكم، وهذا الذي ذهب إليه ابن جرير -رحمه الله، ومن أهل العلم من يقول: إن ذلك يراد به ما يحصل لهم من التطهير والتنقية عند القنطرة قبل دخول الجنة، فيطيبون، فإن الجنة لا يدخلها إلا نفس طيبة، فيذهب ما في نفوسهم من الغل والحقد والحسد والتباغض والشحناء وما أشبه ذلك، فتكون نفوسهم طاهرة سليمة، وقلوبهم نقية، فالآية تحتمل هذا وهذا؛ لأنهم إذا دخلوها فلا شك أن أعمالهم طيبة، ونفوسهم زاكية من جهة ما كانوا عليه في الدنيا من العمل الصالح والإيمان، ومن جهة ما يحصل لهم من التنقية والتطهير قبل دخول الجنة، فهذا كله مما توصف به نفوس الداخلين فيها. قال: وقوله: فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَأي: ماكثين فيها أبداً، لا يبغون عنها حولاً. هذه المعاني لو يتأملها الإنسان، وإن كان في هذا المجلس نحن في الأصل لا نعرض لهذا، لكن هي تحتها هدايات ومعانٍ عظيمة، يعني حينما يحصل لهم مثل هذا التطهير فإن الإنسان يتنغص ويتكدر عيشه إذا كان في قلبه شيء من البغضاء والغل، فهو عذاب ينغص عليه النعيم، ويكدر عليه الحياة، إذا كان يبغض أحداً، ويذهب أثر هذه اللذات وما يجده الإنسان من النعيم بسبب ما يقع في هذا القلب من الشحناء، فيُطهّرون، ليس فيها تباغض أصلاً، ثم هذا الخلود في الجنة هو من أعظم النعيم، فحينما يقال لهم: فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ هذا نعيم آخر؛ لأن الإنسان تتنغص لذّاته إذا تذكر أنه يفارقها، ولهذا قال الشاعر: هو الموتُ ليس كالموتِ شيءٌ نغّصَ الموتُ ذا الغِنى والفقيرا
      فإذا كان الإنسان في غاية النعيم، وعنده ما يحتاج إليه من الأموال والخدم، ونحو ذلك، ثم إذا تذكر أنه سيفارق هذا تكدر عليه وتنغص، وقل مثل ذلك أيضاً ما يحصل بسبب الافتراق بعد الاجتماع؛ ولهذا كان بعض الشعراء يذكر أنه يحب أيام الفراق؛ لأنه يؤمل بعدها الوصال، ويكره أيام الوصال؛ لأنه يعقبها الفراق. ولذلك تجد من الناس من قد لا يحب زيارة بعض أهله في ناحية أو بلد آخر والسبب في هذا أنه يتذكر اللحظة التي يفارقهم فيها، وما يحصل له من حسرة وألم، ويحصل لهؤلاء أيضاً، فيترك تعاهدهم بالزيارة لهذا السبب، يعني بعض الناس عندهم هذا الجانب، ولربما بعض الرقة، فيصرح بهذا أنه ما يترك الزيارة إلا لتلك اللحظة التي فعلا كل حال الجنة ليس فيها شيء من هذا، فهو نعيم غير مكدر بأي شيء من المكدرات، فلو نظرت إلى جميع المكدرات وجدت أنها منفية في القرآن.
      قال: وقوله: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ أي: يقول المؤمنون إذا عاينوا في الجنة ذلك الثواب الوافر، والعطاء العظيم، والنعيم المقيم، والملك الكبير، يقولون عند ذلك: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ أي: الذي كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام، كما دعوا في الدنيا: رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [سورة آل عمران: 194] وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ [سورة الأعراف:43]. وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ۝ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ [سورة فاطر:34، 35].
      ليس بعد هذا شيء، وصف لهم كل شيء حتى قِيلهم حينما يدخلون الجنة، ماذا يقولون، ليس بعد هذا شيء، ذكر دعاءهم أولاً، ثم ذكر قولهم حينما يدخلون الجنة، فإذا كان المؤمن يوقن بهذا ويصدقه حقاً فينبغي عليه أن يعمل من أجل تحصيل هذا النعيم المقيم، من أجل أن يكون من هؤلاء القائلين: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ.
      وإذا أردت أن تدرك معنى لربما يحمل على مجاهدة النفس والصبر على طاعة الله ، فانظر إلى ما مضى من الأيام وما حصلت فيها من الآلام أو اللذات فكل ذلك قد مضى لا تشعر بشيء منه في ساعتك هذه، الطاعات والعبادات والقربات ونحو ذلك، لا يوجد من هذا شيء، فالذين جاهدوا أنفسهم وعبدوا الله كثيراً هم لا يجدون في هذه الساعة من تعب تلك الأيام الخالية شيئاً، ومضت تلك السنون كأنها ليلة، أو أقل من ذلك، وهكذا بقية العمر.     هذه مختصرة تلخص لك حقيقة هذا الأمر، ويحتاج إلى شيء من الصبر والمجاهدة، ثم يمضي ذلك وينقشع دون أن يشعر به الإنسان، فتكون الحياة بكاملها كأنها ليلة بل كأنها ساعة، ولذلك فإن الناس حينما يقومون من قبورهم يقولون ما قد أخبر الله -تبارك وتعالى- عنه، بعضهم يقول: إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا [سورة طه:104]، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ [سورة الروم:55]، وهذه حقيقة في الدنيا، الإنسان يعتبر ما مضى من أيامه وإن طالت كأنها ساعة، كأنها أحلام، فما سيأتي حينما يطوى ويكون وراء ظهرك هو سيكون بهذه المثابة.
      قال: وقولهم: وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ قال أبو العالية، وأبو صالح، وقتادة، والسدي، وابن زيد: أي أرض الجنة. فهذه الآية كقوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [سورة الأنبياء:105]؛ ولهذا قالوا: نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ.  
      هنا قوله -تبارك وتعالى: وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ، الأرض هنا هل هي أرض الدنيا أو أنها أرض الجنة؟ بعضهم قال: هي أرض الدنيا، وقالوا: إن "ال" هذه عهدية، وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ المعهودة، وإنها إذا أطلقت –الأرض- فإن المقصود بها الأرض المعروفة، وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ يعني: كأنهم أُورثوها من قوم قبلهم، وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ يعني عبر بهذا يعني أنهم ملكوها كأنها صارت إليهم من غيرهم، فتصرفوا فيها، وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ، كما يرث الإنسان المال، فصارت الجنة إليهم فملكوها، تصرفوا فيها، تنعموا، ذاقوا اللذات وعافسوها.
      وبعض أهل العلم يقول: إن ذلك باعتبار أن كل واحد من أهل الجنة له مقعد في الجنة ومقعد في النار، فالتوارث حاصل فيها، فأهل الجنة يرثون مقاعد أهل النار في الجنة، كما أن أهل النار يرثون مقاعد أهل الجنة في النار، وهذا مضى الكلام عليه، وأنه من صور التغابن ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ [سورة التغابن:9]، فمن هذا التغابن هذا التوارث، هذا الذي في الجنة يرث مقعد هذا الذي في النار، وذاك الذي في النار يرث مقعد ذاك الذي في الجنة، أي مقعده في النار، فيكون إضافة إلى مقاعدهم في الجنة ومنازلهم يرثون منازل شاغرة كانت لأهل النار.
      وهذا يدل على سعة الجنة جداً، أنها في غاية السعة، بمعنى أن كل واحد من الخلق له منزل في الجنة حتى أهل النار، فتبقى هذه فارغة فتصير إلى أهل الجنة، كما أن النار واسعة جداً، فكل الخلق لهم منازل فيها -أعاذنا الله وإياكم منها- كل الخلق لهم منازل في النار، فيكون التوارث بعد ذلك، فأهل النار يتوارثون المنازل الشاغرة في النار، التي كانت لأهل الجنة، فهذا قال به كثيرون، بل نسبه بعض أهل العلم للأكثر من العلماء، أن المقصود بـ وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ هذا المعنى، وهو الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله.
      والقول الذي عليه عامة أهل العلم أن المقصود بالأرض أرض الجنة، لكن اختلفوا في معنى هذا التوارث أو الإرث ما المراد به؟ فالأولون يقولون: إن تمكينهم فيها وإفضاءهم إلى الجنة كأنها صارت إليهم من غيرهم، فحلوا بها ونزلوها، فقالوا: الحمد لله الذي أورثنا الأرض، والطائفة الأخرى باعتبار التوارث في المنازل. قال: ولهذا قالوا: نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ أي: أين شئنا حللنا، فنعم الأجر أجرنا على عملنا.
      وفي الصحيحين عن أنس  في قصة المعراج قال النبي ﷺ: أُدخلتُ الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك[19].   جنابذ تقال للقباب والأبنية المرتفعة. وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[سورة الزمر:75]. لما ذكر تعالى حكمه في أهل الجنة والنار، وأنه نزّل كُلًّا في المحل الذي يليق به ويصلح له وهو العادل في ذلك الذي لا يجور أخبر عن ملائكته أنهم محدقون من حول عرشه المجيد، يسبحون بحمد ربهم، ويمجدونه ويعظمونه ويقدسونه وينزهونه عن النقائص والجور، وقد فصل القضية، وقضى الأمر، وحكم بالعدل؛ ولهذا قال : وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أي: بين الخلائق بِالْحَقِّ.   وبعضهم يقول: وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ يعني: بين النبيين والشهداء وأممهم، فإنه يؤتى بالأنبياء والشهداء كما أخبر الله ، وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء، فيقضي الله  بين هؤلاء وأممهم، وهذا الذي اختاره ابن جرير -رحمه الله، وهو لا ينافي ما ذكره ابن كثير: وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أي: بين الخلائق. وبعضهم يقول هنا: قال الله: وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ، يعني قالوا: بين الملائكة بإنزالهم منازلهم، لكن هذا فيه بعد -والله أعلم، وإنما هذه الآية يخبر الله  فيها ويصور ما يجري في ذلك المقام والموقف العظيم، فيكون هؤلاء يصيرون إلى الجنة بهذه الصفة، يدخلون مجموعات وزمراً، وأهل النار يساقون سوقاً إلى النار بجموع وزمر، ثم بعد ذلك ماذا يقول أهل الجنة إذا دخلوها، ويذكر الله  في ذلك اليوم عظمته وجلاله وتسبيح هؤلاء الملائكة العظام الذين يحتفون بالعرش، كما سيأتي في قوله -تبارك وتعالى: وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. ثم قال: وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي: ونطق الكون أجمعه ناطقه وبهيمه لله رب العالمين بالحمد في حكمه وعدله؛ ولهذا لم يسند القول إلى قائل بل أطلقه، فدل على أن جميع المخلوقات شَهِدَت له بالحمد. قال قتادة: افتتح الخلق بالحمد في قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ [سورة الأنعام:1] واختتم بالحمد في قوله: وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.  
      يقول الإمام الحافظ ابن القيم في قوله تعالى: قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا، وقوله: وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ [سورة التحريم:10]، كأن الكون كله نطق بذلك وقاله لهم، والله تعالى أعلم بالصواب"[20]. القائل في قوله: قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ على كلام ابن القيم يقول: كأن الكون ينطق بذلك، الجميع ينطق بذلك لما كانوا في هذا المقام من العدل الكامل، حيث تشهد على الإنسان جوارحه وينطق لسانه ويقر بما كان ينكر، ويجادل عن نفسه، ويكون في ذلك تمام العدل، فعندها ينطق الجميع: ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ، والسر في حذف الفاعل -فلم يقل: وقال الله، وقالت الملائكة ادخلوا، وقالت خزنة جهنم: ادخلوا- على كلام ابن القيم: حينما تظهر دلائل العدل هذه وبراهين العدل، وأجلى صور العدل، فيكون على الإنسان شاهد من نفسه ونحو ذلك، عندها الكل يقول: الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الكل يحمد الله -تبارك وتعالى- على ذلك حتى أهل النار.

        رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قول النبي ﷺ: "أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا"، برقم (196).

      رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قول النبي ﷺ: "أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا"، برقم (196).

      رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قول النبي ﷺ: "أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا"، برقم (197)، وأحمد في المسند، برقم (12397)، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم.
      رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، برقم (3073)، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا، برقم (2834)، وأحمد في المسند، برقم (8198).
      رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم -صلوات الله عليه- وذريته، برقم (3327)، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا، برقم (2834).
      رواه البخاري، كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، برقم (5378)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم (367).
      رواه البخاري، كتاب الرقائق، باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب، برقم (6177)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم (219).
      رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم (3044)، والنسائي، كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم (2439)، وأحمد في المسند واللفظ له، برقم (7633).
      رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة أبواب الجنة، برقم (3084)، ومسلم، كتاب الصيام، باب فضل الصيام، برقم (1152).
      رواه مسلم، كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234).
      حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح، لابن القيم (39).
      رواه البخاري، كتاب التفسير، باب سورة بني إسرائيل الإسراء، برقم (4435)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها، برقم (194)، واللفظ لمسلم.
      رواه البخاري، كتاب التفسير، باب سورة بني إسرائيل الإسراء، برقم (4435)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدني أهل الجنة منزلة فيها، برقم (194).
      رواه مسلم في أول كتاب الزهد والرقائق، برقم (2967).
      رواه البخاري في أول كتاب التيمم، برقم (328)، ومسلم في أول كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (521).
      رواه الطبراني في المعجم الكبير، برقم (153)، قال الشيخ الألباني تحت حديث رقم (1698): "الإسناد صحيح لأن كل رجاله ثقات".
      رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب كيف الحشر، برقم (6163)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب كون هذه الأمة نصف أهل الجنة، برقم (221).
      رواه النسائي، كتاب مناسك الحج، باب قوله : خذوا زينتكم عند كل مسجد ، برقم (2958)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله ﷺ، باب ومن سورة التوبة، برقم (3092)، وأحمد في المسند، برقم (594)، وقال محققوه: حديث صحيح، والحاكم في المستدرك، برقم (4376)، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
      رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء، برقم (342)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله ﷺ إلى السماوات وفرض الصلوات، برقم (163).
      روضة المحبين ونزهة المشتاقين، لابن القيم (65).
       
      الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت  
    • إذا تأملت في الناس ستجدهم على أربعة أصناف :

      1-طائع لله وسعيد في الحياة

      2-طائع لله وتعيس في الحياة

      3-عاصٍ لله وسعيد في الحياة

      4-عاصٍ لله وتعيس في الحياة

        فإذا كنت من الرقم (1) فهذا طبيعي

      ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾

      كلما إزداد العبد قُرباً من الله اذاقه الله من اللذّة والحلاوة ما يجد طعمها في يقظتهِ ومنامه وطعامه وشرابه

      قال الحسن البصري في قوله تعالى: ** فلنحيينّهُ حياةً طيبة .. } نرزقه قناعة

      فسرها ابن القيم أنها: حياة القلب ونعيمه وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله..والتوكل عليه”

      لو قال الملك لأحدهم افعل كذا وسأسعدك؛ لنفذ فورا! لكن انظر كيف نتلقى وعدا ربانيا كهذا:{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن، فلنحيينه حياة طيبة }. / د.عمر المقبل

      “فلنحيينه حياةً طيبة” ما رأيت احداً اطيب عيشا من ابن تيميه مع ما كان فيه من الحبس، كان منشرح الصدر قوي القلب تلوح نضرة النعيم على وجهه ابن القيم      


        وإذا كنت من الرقم (4) فهذا أيضاً طبيعي

      ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾

      يقول طبيب نفسي : زارني في العيادة جميع فئات المجتمع ما عدا .. أهل القرآن … / نايف الفيصل

      المعصية تجلب كل هم وغم وضيق وحزن وحياةٍ نكدةٍ ومعيشةٍ ضنك !!
      إذا شعرت بالاكتئاب والضيق والضنك في العيش فراجع علاقتك بالقرآن والذكر

      دعك منهم.. ! لايوجد طاقة سلبية وطاقة إيجابية يوجد قلوب عامرة وقلوب خربة قلوب أقلبت على الله فاطمأنت ﴿ألابذكر الله تطمئن القلوب﴾ . وقلوب أدبرت عنه فجعل صدور أصحابها ضيقة حرجة  
      أما إذا كنت من الرقم (2) فهذا يحتمل أمرين :

      - إما أن الله يحبك ويريد إختبار صبرك، ورفع درجاتك لقوله :

      ﴿ولنبلونكم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾

      - وإما أن في طاعتك خللًا وذنوبًا غفلت عنها، ومازلت تُسوّف في التوبة منها ولم تتب حتى الآن، ولذلك يبتليك الله لتعود إليه :﴿ولنذيقنهم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾  

      ولكن إن كنت من أصحاب الرقم (3) فالحذر الحذر !!

      لأن هذا هو الإستدراج من الله.. والعياذ بالله

      وهذا أسوأ موضع يكون فيه الإنسان، والعاقبة وخيمة جدًا، والعقوبة من الله آتية آتية لا محالة، إن لم تعتبر قبل فوات الأوان!
      لقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾  
      فتأمل .. وحاسب نفسك

      درر_النابلسي حصاد التدبر


       
    • {51 - 57} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا}
      وهذا من قبائح اليهود وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، أن أخلاقهم الرذيلة وطبعهم الخبيث، حملهم على ترك الإيمان بالله ورسوله، والتعوض عنه بالإيمان بالجبت والطاغوت، وهو الإيمان بكل عبادة لغير الله، أو حكم بغير شرع الله. فدخل في ذلك السحر والكهانة، وعبادة غير الله، وطاعة الشيطان، كل هذا من الجبت والطاغوت، وكذلك حَمَلهم الكفر والحسد على أن فضلوا طريقة الكافرين بالله - عبدة الأصنام- على طريق المؤمنين فقال: ( وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ) أي: لأجلهم تملقا لهم ومداهنة، وبغضا للإيمان: ( هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلا ) أي: طريقا. فما أسمجهم وأشد عنادهم وأقل عقولهم! كيف سلكوا هذا المسلك الوخيم والوادي الذميم؟ هل ظنوا أن هذا يروج على أحد من العقلاء، أو يدخل عقلَ أحد من الجهلاء، فهل يُفَضَّل دين قام على عبادة الأصنام والأوثان، واستقام على تحريم الطيبات، وإباحة الخبائث، وإحلال كثير من المحرمات، وإقامة الظلم بين الخلق، وتسوية الخالق بالمخلوقين، والكفر بالله ورسله وكتبه، على دين قام على عبادة الرحمن، والإخلاص لله في السر والإعلان، والكفر بما يعبد من دونه من الأوثان والأنداد والكاذبين، وعلى صلة الأرحام والإحسان إلى جميع الخلق، حتى البهائم، وإقامة العدل والقسط بين الناس، وتحريم كل خبيث وظلم، والصدق في جميع الأقوال والأعمال، فهل هذا إلا من الهذيان، وصاحب هذا القول إما من أجهل الناس وأضعفهم عقلا وإما من أعظمهم عنادا وتمردا ومراغمة للحق، وهذا هو الواقع . {58، 59} {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} .

      الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به. فأمر الله عباده بأدائها أي: كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولا بها، ويدخل في ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله. وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها. قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك.
      وفي قوله: {إِلَى أَهْلِهَا} دلالة على أنها لا تدفع وتؤدى لغير المؤتمِن، ووكيلُه بمنزلته؛ فلو دفعها لغير ربها لم يكن مؤديا لها.
      {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأموال والأعراض، القليل من ذلك والكثير، على القريب والبعيد، والبر والفاجر، والولي والعدو.والمراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام، وهذا يستلزم معرفة العدل ليحكم به.

      ولما كانت هذه أوامر حسنة عادلة قال: {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} وهذا مدح من الله لأوامره ونواهيه، لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارهما، لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون.ثم أمر بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما.
      وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في -[184]- معصية الخالق. ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم وذكره مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله، وأما أولو الأمر فشرط الأمر بطاعتهم أن لا يكون معصية.
      ثم أمر برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله وإلى رسوله أي: إلى كتاب الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما أو عمومهما؛ أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه، لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما.
      فالرد إليهما شرط في الإيمان فلهذا قال: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت، كما ذكر في الآية بعدها {ذَلِكَ} أي: الرد إلى الله ورسوله {خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} فإن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام وأعدلها وأصلحها للناس في أمر دينهم ودنياهم وعاقبتهم. {60 - 63} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا} .يعجب تعالى عباده من حالة المنافقين. {الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ} مؤمنون بما جاء به الرسول وبما قبله، ومع هذا {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} وهو كل من حكم بغير شرع الله فهو طاغوت.والحال أنهم {قد أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} فكيف يجتمع هذا والإيمان؟ فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور، فمَنْ زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله، فهو كاذب في ذلك. وهذا من إضلال الشيطان إياهم،
      ولهذا قال: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا} عن الحق.{فَكَيْفَ} يكون حال هؤلاء الضالين {إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من المعاصي ومنها تحكيم الطاغوت؟!{ثُمَّ جَاءُوكَ} معتذرين (1) لما صدر منهم، ويقولون: {إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} أي: ما قصدنا في ذلك إلا الإحسان إلى المتخاصمين والتوفيق بينهم، وهم كَذَبة في ذلك. فإن الإحسان كل الإحسان تحكيم الله ورسوله {ومَنْ أحْسَن من الله حكمًا لقوْمٍ يوقنون} .
      ولهذا قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} أي: من النفاق والقصد السيئ. {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي: لا تبال بهم ولا تقابلهم على ما فعلوه واقترفوه. {وَعِظْهُمْ} أي: بين لهم حكم الله تعالى مع الترغيب في الانقياد لله، والترهيب من تركه {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلا بَلِيغًا} أي: انصحهم سرا بينك وبينهم، فإنه أنجح لحصول المقصود، وبالغ في زجرهم وقمعهم عمَّا كانوا عليه، وفي هذا دليل على أن مقترف المعاصي وإن أعرض عنه فإنه ينصح سرًا، ويبالغ في وعظه بما يظن حصول المقصود به {64، 65} {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}

      يخبر تعالى خبرا في ضمنه الأمر والحث على طاعة الرسول والانقياد له. وأن الغاية من إرسال الرسل أن يكونوا مطاعين ينقاد لهم المرسلُ إليهم في جميع ما أمروا به ونهوا عنه، وأن يكونوا معظمين تعظيم المطيع (1) للمطاع.وفي هذا إثبات عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله، وفيما يأمرون به وينهون عنه؛ لأن الله أمر بطاعتهم مطلقا، فلولا أنهم معصومون لا يشرعون ما هو خطأ، لما أمر بذلك مطلقا.

      وقوله: {بِإِذْنِ اللَّهِ} أي: الطاعة من المطيع صادرة بقضاء الله وقدره. ففيه إثبات القضاء والقدر، والحث على الاستعانة بالله، وبيان أنه لا يمكن الإنسان -إن لم يعنه الله- أن يطيع الرسول.ثم أخبر عن كرمه العظيم وجوده،
      ودعوته لمن اقترفوا السيئات أن يعترفوا ويتوبوا ويستغفروا الله فقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} أي: معترفين بذنوبهم باخعين بها. -[185]-{فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} أي: لتاب عليهم بمغفرته ظلْمَهم، ورحمهم بقبول التوبة والتوفيق لها والثواب عليها، وهذا المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مختص بحياته؛ لأن السياق يدل على ذلك لكون الاستغفار من الرسول لا يكون إلا في حياته، وأما بعد موته فإنه لا يطلب منه شيء بل ذلك شرك.ثم أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم، أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف، بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي ذلك (2) حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر، وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن.فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان. فمَن استكمل هذه المراتب وكملها، فقد استكمل مراتب الدين كلها. فمَن ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له فهو كافر، ومَن تركه، مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين. {66 - 68} {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}

      يخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس من قتل النفوس والخروج من الديار لم يفعله إلا القليل منهم والنادر، فليحمدوا ربهم وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد، ولا يشق فعلها، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي أن يلحظ العبد ضد ما هو فيه من المكروهات، لتخف عليه العبادات، ويزداد حمدًا وشكرًا لربه.

      ثم أخبر أنهم لو فعلوا ما يوعظون به أي: ما وُظِّف عليهم في كل وقت بحسبه، فبذلوا هممهم، ووفروا نفوسهم للقيام به وتكميله، ولم تطمح نفوسهم لما لم يصلوا إليه، ولم يكونوا بصدده، وهذا هو الذي ينبغي للعبد، أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها فيكملها، ثم يتدرج شيئًا فشيئًا حتى يصل إلى ما قدر له من العلم والعمل في أمر الدين والدنيا، وهذا بخلاف من طمحت نفسه إلى أمر لم يصل إليه ولم يؤمر به بعد، فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهمة، وحصول الكسل وعدم النشاط.ثم رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به،

      وهو أربعة أمور:(أحدها) الخيرية في قوله: {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي: لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم من أفعال الخير التي أمروا بها، أي: وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار، لأن ثبوت الشيء يستلزم نفي ضده.
      (الثاني) حصول التثبيت والثبات وزيادته، فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان، الذي هو القيام بما وعظوا به، فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب، فيحصل لهم ثبات يوفقون لفعل الأوامر وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد. فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو للشكر. فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك، ويحصل له الثبات على الدين، عند الموت وفي القبر.وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به، لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.

      (الثالث) قوله: {وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا} أي: في العاجل والآجل الذي يكون للروح والقلب والبدن، ومن النعيم المقيم مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

      (الرابع) الهداية إلى صراط مستقيم. وهذا عموم بعد خصوص، لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم، من كونها متضمنة للعلم بالحق، ومحبته وإيثاره والعمل به، وتوقف السعادة والفلاح على ذلك، فمن هُدِيَ إلى صراط مستقيم، فقد وُفِّقَ لكل خير واندفع عنه كل شر وضير. {69، 70} {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} .

      أي: كل مَنْ أطاع الله ورسوله على حسب حاله وقدر الواجب عليه من ذكر وأنثى وصغير وكبير، {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} أي: النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح والسعادة {مِنَ النَّبِيِّينَ} الذين فضلهم الله بوحيه، واختصهم بتفضيلهم بإرسالهم إلى الخلق، -[186]- ودعوتهم إلى الله تعالى {وَالصِّدِّيقِينَ} وهم: الذين كمل تصديقهم بما جاءت به الرسل، فعلموا الحق وصدقوه بيقينهم، وبالقيام به قولا وعملا وحالا ودعوة إلى الله، {وَالشُّهَدَاءِ} الذين قاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله فقتلوا، {وَالصَّالِحِينَ} الذين صلح ظاهرهم وباطنهم فصلحت أعمالهم، فكل من أطاع الله تعالى كان مع هؤلاء في صحبتهم {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} بالاجتماع بهم في جنات النعيم والأنْس بقربهم في جوار رب العالمين.{ذَلِكَ الْفَضْلُ} الذي نالوه {مِنَ اللَّهِ} فهو الذي وفقهم لذلك، وأعانهم عليه، وأعطاهم من الثواب ما لا تبلغه أعمالهم.{وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} يعلم أحوال عباده ومن يستحق منهم الثواب الجزيل، بما قام به من الأعمال الصالحة التي تواطأ عليها القلب والجوارح.
      {71 - 74} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا * وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا * فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} .

      يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين. وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب، التي بها يستعان على قتالهم ويستدفع مكرهم وقوتهم، من استعمال الحصون والخنادق، وتعلم الرمي والركوب، وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك، وما به يعرف مداخلهم، ومخارجهم، ومكرهم، والنفير في سبيل الله.

      ولهذا قال: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ} أي: متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش، ويقيم غيرهم {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} وكل هذا تبع للمصلحة والنكاية، والراحة للمسلمين في دينهم،

      وهذه الآية نظير قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .

      ثم أخبر عن ضعفاء الإيمان المتكاسلين عن الجهاد فقال: {وَإِنَّ مِنْكُمْ} أي: أيها المؤمنون {لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} أي: يتثاقل عن الجهاد في سبيل الله ضعفا وخورا وجبنا، هذا الصحيح.

      وقيل معناه: ليبطئن غيرَه أي: يزهده عن القتال، وهؤلاء هم المنافقون،

      ولكن الأول أَولى لوجهين:أحدهما: قوله {مِنْكُمْ} والخطاب للمؤمنين.

      والثاني: قوله في آخر الآية: {كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} فإن الكفار من المشركين والمنافقين قد قطع الله بينهم وبين المؤمنين المودة. وأيضا فإن هذا هو الواقع، فإن المؤمنين على قسمين:صادقون في إيمانهم أوجب لهم ذلك كمال التصديق والجهاد.وضعفاء دخلوا في الإسلام فصار معهم إيمان ضعيف لا يقوى على الجهاد.كما قال تعالى: {قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} إلى آخر الآيات. ثم ذكر غايات هؤلاء المتثاقلين ونهاية مقاصدهم، وأن معظم قصدهم الدنيا وحطامها فقال: {فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} أي: هزيمة وقتل، وظفر الأعداء عليكم في بعض الأحوال لما لله في ذلك من الحكم. {قَالَ} ذلك المتخلف {قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا} رأى من ضعف عقله وإيمانه أن التقاعد عن الجهاد الذي فيه تلك المصيبة نعمة. ولم يدر أن النعمة الحقيقية هي التوفيق لهذه الطاعة الكبيرة، التي بها يقوى الإيمان، ويسلم بها العبد من العقوبة والخسران، ويحصل له فيها عظيم الثواب ورضا الكريم الوهاب.وأما القعود فإنه وإن استراح قليلا فإنه يعقبه تعب طويل وآلام عظيمة، ويفوته ما يحصل للمجاهدين.

      ثم قال: {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ} أي: نصر وغنيمة {لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} أي: يتمنى أنه حاضر لينال من المغانم، ليس له رغبة ولا قصد في غير ذلك، كأنه ليس منكم يا معشر المؤمنين ولا بينكم وبينه المودة الإيمانية التي (1) من مقتضاها أن المؤمنين مشتركون في جميع مصالحهم ودفع مضارهم، يفرحون بحصولها ولو على يد غيرهم من إخوانهم المؤمنين (2) ويألمون بفقدها، ويسعون جميعا في كل أمر يصلحون به دينهم ودنياهم، فهذا الذي يتمنى الدنيا فقط، ليست معه الروح الإيمانية المذكورة.ومن لطف الله بعباده أن لا يقطع عنهم رحمته، ولا يغلق عنهم أبوابها. بل من حصل منه غير ما يليق أمره ودعاه إلى جبر نقصه وتكميل نفسه، -[187]-

      فلهذا أمر هؤلاء بالإخلاص والخروج في سبيله فقال: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} هذا أحد الأقوال في هذه الآية وهو أصحها.وقيل: إن معناه: فليقاتل في سبيل الله المؤمنون الكاملو الإيمان، الصادقون في إيمانهم {الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} أي: يبيعون الدنيا رغبة عنها بالآخرة رغبة فيها.فإن هؤلاء الذين يوجه إليهم الخطاب لأنهم الذين قد أعدوا أنفسهم ووطَّنوها على جهاد الأعداء، لما معهم من الإيمان التام المقتضي لذلك.وأما أولئك المتثاقلون، فلا يعبأ بهم خرجوا أو قعدوا، فيكون هذا نظير قوله تعالى: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأذْقَانِ سُجَّدًا} إلى آخر الآيات.
      وقوله: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} وقيل: إن معنى الآية: فليقاتل المقاتل والمجاهد للكفار الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، فيكون على هذا الوجه "الذين" في محل نصب على المفعولية.{وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} بأن يكون جهادا قد أمر الله به ورسوله، ويكون العبد مخلصا لله فيه قاصدا وجه الله. {فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} زيادة في إيمانه ودينه، وغنيمة، وثناء حسنا، وثواب المجاهدين في سبيل الله الذين أعد الله لهم في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. {75} {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} .هذا حث من الله لعباده المؤمنين وتهييج لهم على القتال في سبيله، وأن ذلك قد تعين عليهم، وتوجه اللوم العظيم عليهم بتركه،

      فقال: {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} والحال أن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ومع هذا فقد نالهم أعظم الظلم من أعدائهم، فهم يدعون الله أن يخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها لأنفسهم بالكفر والشرك، وللمؤمنين بالأذى والصد عن سبيل الله، ومنعهم من الدعوة لدينهم والهجرة.ويدعون الله أن يجعل لهم وليًّا ونصيرًا يستنقذهم من هذه القرية الظالم أهلها، فصار جهادكم على هذا الوجه من باب القتال والذب عن عيلاتكم وأولادكم ومحارمكم، لا من باب الجهاد الذي هو الطمع في الكفار، فإنه وإن كان فيه فضل عظيم ويلام المتخلف عنه أعظم اللوم، فالجهاد الذي فيه استنقاذ المستضعفين منكم أعظم أجرًا وأكبر فائدة، بحيث يكون من باب دفع الأعداء   {76} .{الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} .

      هذا إخبار من الله بأن المؤمنين يقاتلون في سبيله {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} الذي هو الشيطان.
      في ضمن ذلك عدة فوائد:منها: أنه بحسب إيمان العبد يكون جهاده في سبيل الله، وإخلاصه ومتابعته. فالجهاد في سبيل الله من آثار الإيمان ومقتضياته ولوازمه، كما أن القتال في سبيل الطاغوت من شعب الكفر ومقتضياته.

      ومنها: أن الذي يقاتل في سبيل الله ينبغي له ويحسن منه من الصبر والجلد ما لا يقوم به غيره، فإذا كان أولياء الشيطان يصبرون ويقاتلون وهم على باطل، فأهل الحق أولى بذلك، كما قال تعالى في هذا المعنى: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} الآية.

      ومنها: أن الذي يقاتل في سبيل الله معتمد على ركن وثيق، وهو الحق، والتوكل على الله. فصاحب القوة والركن الوثيق يطلب منه من الصبر والثبات والنشاط ما لا يطلب ممن يقاتل عن الباطل، الذي لا حقيقة له ولا عاقبة حميدة.
      فلهذا قال تعالى: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} .والكيد: سلوك الطرق الخفية في ضرر العدو، فالشيطان وإن بلغ مَكْرُهُ مهما بلغ فإنه في غاية الضعف، الذي لا يقوم لأدنى شيء من الحق ولا لكيد الله لعباده المؤمنين.
      {78، 79} ثم قال: {.... وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}

      يخبر تعالى عن الذين لا يعلمون المعرضين عما جاءت به الرسل، المعارضين لهم أنهم إذا جاءتهم حسنة أي: خصب وكثرة أموال، وتوفر أولاد وصحة، قالوا: {هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وأنهم إن أصابتهم سيئة أي: جدب وفقر، ومرض وموت أولاد وأحباب قالوا: {هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} أي: بسبب ما جئتنا به يا محمد، تطيروا برسول الله صلى الله عليه وسلم كما تطير أمثالهم برسل الله، كما أخبر الله عن قوم فرعون أنهم قالوا لموسى {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} .
      وقال قوم صالح: {قالوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} .
      وقال قوم ياسين لرسلهم: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ} الآية. فلما تشابهت قلوبهم بالكفر تشابهت أقوالهم وأعمالهم. وهكذا كل من نسب حصول الشر أو زوال الخير لما جاءت به الرسل أو لبعضه فهو داخل في هذا الذم الوخيم.

      قال الله في جوابهم: {قُلْ كُلٌّ} أي: من الحسنة والسيئة والخير والشر. {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي: بقضائه -[189]- وقدره وخلقه. {فَمَا لهَؤُلاءِ الْقَوْم} أي: الصادر منهم تلك المقالة الباطلة. {لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} أي: لا يفهمون حديثا بالكلية ولا يقربون من فهمه، أو لا يفهمون منه إلا فهمًا ضعيفًا، وعلى كل فهو ذم لهم وتوبيخ على عدم فهمهم وفقههم عن الله وعن رسوله، وذلك بسبب كفرهم وإعراضهم.وفي ضمن ذلك مدْح من يفهم عن الله وعن رسوله، والحث على ذلك، وعلى الأسباب المعينة على ذلك، من الإقبال على كلامهما وتدبره، وسلوك الطرق الموصلة إليه. فلو فقهوا عن الله لعلموا أن الخير والشر والحسنات والسيئات كلها بقضاء الله وقدره، لا يخرج منها شيء عن ذلك.وأن الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يكونون سببا لشر يحدث، هم ولا ما جاءوا به لأنهم بعثوا بصلاح الدنيا والآخرة والدين.
      ثم قال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} أي: في الدين والدنيا {فَمِنَ اللَّهِ} هو الذي مَنَّ بها ويسرها بتيسير أسبابها. {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ} في الدين والدنيا {فَمِنْ نَفْسِكَ} أي: بذنوبك وكسبك، وما يعفو الله عنه أكثر.فالله تعالى قد فتح لعباده أبواب إحسانه وأمرهم بالدخول لبره وفضله، وأخبرهم أن المعاصي مانعة من فضله، فإذا فعلها العبد فلا يلومن إلا نفسه فإنه المانع لنفسه عن وصول فضل الله وبره.
      ثم أخبر عن عموم رسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقال: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} على أنك رسول الله حقا بما أيدك بنصره والمعجزات الباهرة والبراهين الساطعة، فهي أكبر شهادة على الإطلاق،
      كما قال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} فإذا علم أن الله تعالى كامل العلم، تام القدرة عظيم الحكمة، وقد أيد الله رسوله بما أيده، ونصره نصرا عظيما، تيقن بذلك أنه رسول الله، وإلا فلو تقول عليه بعض الأقاويل لأخذ منه باليمين، ثم لقطع منه الوتين
    • سورة لقمان
        1- علمتني سورة لقمان: أهمية تربية الأجيال، وما ينبغي أن يُربَّى عليه الأبناء.

      2- نادتني سورة لقمان:: إذا أردت الهداية والرحمة فتدبر القرآن الكريم: ﴿الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ﴾ (1-3).

      3- نادتني سورة لقمان:: إذا أردت أن تكون من المحسنين المفلحين فاحرص على: المحافظة على الصلاة والخشوع فيها، إيتاء الزكاة المفروضة عليك والصدقة، الإيمان باليوم الآخر: ﴿هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ (2-4).

      4- نادتني سورة لقمان:: إذا أنعم الله عليك بنعمة فكن من الشاكرين: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّـهِ﴾ (12).

      5- علمتني سورة لقمان: أن نفع الطاعة وضرر المعصية عائد على العبد: ﴿وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ (12).

      6- علمتني سورة لقمان: الإحسان إلى الوالدين في غير معصية الله: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ (14).

      7- علمتني سورة لقمان: أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, وهذا لا ينافـي بر الوالدين في غير المعصية: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ (15).

      8- نادتني سورة لقمان:: إذا أردت الاستمساك بالعروة الوثقى: أخلص العبادة لله واتبع تعاليم دينه، أحسن العمل لوجه الله: ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ (22).

      9- نادتني سورة لقمان:: كن مع الله تعالى في السراء والضراء: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾ (32).

      10- نادتني سورة لقمان:: اتق الله، واحذر من يوم تقف فيه فردًا للحساب فلا تغتر بهذه الحياة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ ... فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ﴾ (33).

      11- علمتني سورة لقمان: التفكر في عظمة الله تعالى وعلمه: ﴿إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ (34).

        سورة السجدة
      1- علمتني سورة السجدة: الخضوع لله، والاستسلام المطلق له سبحانه.

      2- علمتني سورة السجدة: أن الحكمة من بعثة الرسل هي هداية أقوامهم إلى الصراط المستقيم: ﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ (3).

      3- علمتني سورة السجدة: ثبوت صفة الاستواء لله من غير تشبيه ولا تمثيل:﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ﴾ (4).

      4- علمتني سورة السجدة: أن تدبير الله لنا أسرع من وقت انتظارنا؛ لنتفاءل ونُحسن الظن بالله، فهو على كل شيء قدير: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ (5).

      5- نادتني سورة السجدة:: لِمَ لا نشاركهم؟! لعلنا نجد سعادة قد فقدناها بين ملذّات الحياة: ﴿تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ (16).

      6- نادتني سورة السجدة:: تذكر مصيبة نزلت بك، ثم حاسب نفسك، وارجع إلى ربك: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (21).

      7- علمتني سورة السجدة: أن أظلم الناس من ذُكِرَ بآيات الله فأعرض عنها: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا ۚ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ﴾ (22).

      8- علمتني سورة السجدة: ثبوت اللقاء بين نبينا صلى الله عليه وسلم وموسى عليه السلام ليلة الإسراء والمعراج: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ (23).

      9- نادتني سورة السجدة:: بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين:﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (24).

      10- علمتني سورة السجدة: أن التوبة لا تقبل عند معاينة العذاب، أو مشاهدة ملك الموت ساعة الاحتضار: ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ﴾ (29).




      سورة الأحزاب
        1- علمتني سورة الأحزاب: الاستسلام لأمر الله وشرعه.

      2- علمتني سورة الأحزاب: فضل النبي صلى الله عليه وسلم وحقوقه.

      3- نادتني سورة الأحزاب:: لا أحد أكبر من أن يُؤمر بالمعروف ويُنْهى عن المنكر: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ﴾ (1).

      4- علمتني سورة الأحزاب: تقوى الله تعالى، وعدم طاعة الكفار والمنافقين، واتباع الكتاب والسنة، والتوكل على الله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ... وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ﴾ (1-3).

      5- علمتني سورة الأحزاب: تحريم التبني والظهار في الإسلام: ﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ... ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّـهِ﴾ (4-5).

      6- علمتني سورة الأحزاب: أن سيِّئة العالمِ والشَّريفِ أشدُّ من سيِّئةِ الجاهلِ والوضيعِ: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا﴾ (30).

      7- علمتني سورة الأحزاب: أن من فوائد ذكر الله وتسبيحه: الله يذكرك ويثني عليك، الملائكة تذكرك وتثني عليك، يخرجك الله من الظلمات إلى النور، يرحمك الله في الدنيا والآخرة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ (41-43).

      8- علمتني سورة الأحزاب: دعوة النساء للحجاب وعدم التبرج: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ (59).

      9- نادتني سورة الأحزاب:: أنعم الله عليك بالعقل؛ فلا تسلمه لأحد وتتبعه دون تفكير: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ (67-68).

      10- علمتني سورة الأحزاب : أن الله يأمرنا: بتقواه عز وجل في جميع أمورنا، وأن نقول الحق؛ فإذا فعلنا ذلك وعدنا الله تعالى: أن يصلح لنا أعمالنا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، ثم تكون العاقبة بعد ذلك الفوز العظيم يوم القيامة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (70-71).

       
      سورة سبإ
        1- علمتني سورة سبأ: أن العبودية سبيل العمران.

      2- علمتني سورة سبأ: حسن عاقبة الشاكرين وسوء عاقبة الجاحدين.

      3- علمتني سورة سبأ: أن تكذيب الحضارات وكفرها بالله تعالى هو سبب هلاكها.:

      4- نادتني سورة سبأ:: أصلح أعمالك الظاهرة والباطنة؛ فإن الله لا يخفى عليه شيء: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ (3).

      5- نادتني سورة سبأ:: كل إنسان مسؤول عن عمله: ﴿قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ (25).

      6- نادتني سورة سبأ:: لا تسلم عقلك لأحد؛ فأنت مسؤول عن عملك يوم القيامة: ﴿وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ الْقَوْلَ ...﴾ (31-33).

      7- علمتني سورة سبأ: أن الغنى لا يدل على محبة الله للعبد: ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ...﴾ (35-39).

      8- نادتني سورة سبأ:: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ (39)؛ ليس مالًا فحسب، راحتك، سعادتك.

      9- نادتني سورة سبأ:: تذكر كلمة محرمة قلتها ثم استغفر الله تعالى منها: ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ (50).

      10- نادتني سورة سبأ:: صلِّ وتصدَّقْ وسبِّح واقرأ قبل أن تشتَهي ذلك فيحالُ بينك وبينه، فليس في القبرِ فرصةٌ للعملِ، لا مسجدَ للصلاةِ ولا مصحفَ للقراءةِ: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ (54).
        سورة فاطر   1- علمتني سورة فاطر: أن الاستسلام لله هو سبيل العزّة.

      2- نادتني سورة فاطر:: ما كتبه الله لك لن تمنعه قوى الأرض مجتمعة: ﴿مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا﴾ (2).

      3- نادتني سورة فاطر:: إذا أردت العزة في الدنيا والآخرة فتوجه إلى الله، واحذر أن تطلبها من غيره؛ فإن العزة لله جميعًا: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ (10).

      4- علمتني سورة فاطر: التذلل لله تعالى والخضوع له؛ فهو الغني ونحن الفقراء إليه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ ۖ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (15).

      5- نادتني سورة فاطر:: كل إنسان يحمل أوزاره يوم القيامة؛ فتذكر ذلك اليوم: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ﴾ (18).

      6- نادتني سورة فاطر:: كلما زاد علم الإنسان زادت خشيته، وفي كتاب الله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (28).

      7- نادتني سورة فاطر:: إذا أردت تجارة لن تبور: اقرأ كتاب الله بتدبر، حافظ على الصلاة بخشوع، أنفق سرًا وعلانية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ (29).

      8- علمتني سورة فاطر: أن المسلم له ثلاثة أحوال: ظالم لنفسه: يرتكب المعاصي، مقتصد: مقتصر على ما يجب عليه متجنب المعاصي، سابق بالخيرات: يؤدي ما فرض الله عليه متجنب للمعاصي ويكثر من النوافل: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾ (32).

      9- نادتني سورة فاطر:: لا تنوي الشر لغيرك، وتبحث عن توفيق الله!: ﴿وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ (43).

      10- علمتني سورة فاطر: رحمة الله بعباده وإمهالهم؛ فإذا ارتكبت معصية فبادر بالتوبة والعمل الصالح: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّـهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا﴾ (45).
       
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182679
    • إجمالي المشاركات
      2536567
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93296
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

< إنّ من أجمل ما تُهدى إليه القلوب في زمن الفتن أن تُذكَّر بالله، وأن تُعادَ إلى أصلها الطاهر الذي خُلِقت لأجله. فالروح لا تستقيم بالغفلة، ولا تسعد بالبعد، ولا تُشفى إلا بالقرب من الله؛ قريبٌ يُجيب، ويعلم، ويرى، ويرحم

×