اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57899
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180613
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259973
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8302
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30261
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53062
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97011
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32205
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34855
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38232 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • المتواجدات الآن   0 عضوات, 0 مجهول, 108 زوار (القائمه الكامله)

    لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن

  • العضوات المتواجدات اليوم

    2 عضوات تواجدن خلال ال 24 ساعة الماضية
    أكثر عدد لتواجد العضوات كان 8، وتحقق
  • أحدث المشاركات

    • الحديث 10: ((إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا...))
        عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيِّبًا، وإن الله أمَرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعثَ أغْبَرَ، يمُدُّ يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمُه حرام، ومَشْرَبُه حرام، ومَلْبَسُه حرام، وغُذِّيَ بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟))[1].
      عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه ينص على أهمية أن تكون الأعمال التي يتقرب بها العباد إلى الله عز وجل طيبةً، وأنه شرطٌ في قبول الأعمال الصالحة، كما حثَّ على الأكل والشرب واللُّبس من الحلال الطيب، وحثَّ على البعد عن الحرام الخبيث؛ لأنه سبب في عدم استجابة الدعاء، فما هي الفوائد التي نفيدها من هذا الحديث العظيم؟

      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يأتي:
        1- تنزيه الله تعالى عن النقائص: الله منزَّه عن النقائص والعيوب كلها؛ فنزَّه نفسه عن الولد فقال: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾ [الإخلاص: 3]، ونزَّه نفسه عن النوم؛ فقال: ﴿ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾ [البقرة: 255]، وهنا في الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله طيب)) تنزيه لله عن جميع النقائص؛ لأن الطيب هو الطاهر المقدَّس المنزَّه عن العيوب والنقائص كلها، فالعمى نقص والله بصير، والجهل نقص والله عليم، والضعف نقص والله قويٌّ، والبخل نقص والله كريم، وهكذا.
        2- الطِّيبة شرط في قبول الأعمال كلها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل إلا طيبًا))، فالله لا يقبل من الأعمال والأقوال إلا الطيب؛ وذلك لوقوع صاحبها بمحظور أو تقصير لشرط أو ركن من العمل الذي يتقرب به إلى الله عز وجل، ونَفْيُ القَبول يأتي بمعنى نفي الأجر والثواب، ويأتي بمعنى نفي صحة العمل وبطلانه؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تُقبَل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ))[2]؛ أي: لا تصح منه، وفي الحديث الذي بين أيدينا نفي حصول الأجر والثواب والرضا، ومدح فاعله، والثناء عليه بين الملائكة والمباهاة به؛ وعليه من تصدَّق بالمال المستفاد من السرقة أو الغش، أو الربا أو تجارة المخدرات، أو غيرها من الطرق المحرَّمة، نقول له كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا))، وقوله: ((من تصدق بعِدلِ تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يُربِّيها لصاحبه، كما يُربِّي أحدكم فَلُوَّه، حتى تكون مثل الجبل))[3]. ولذلك يرى الإمام الشافعي رحمه الله أن المال الحرام يُحفظ حتى يُعرف صاحبه، ولا يُتصدق به، ويرى غيره أنه يُتخلص منه بإنفاقه في وجوه البر وأعمال الخير، ومصالح المسلمين، هذا إذا لم يُعرف له صاحبُ حقٍّ، مع التوبة الصادقة في عدم العَودِ إلى أكل الحرام.
        3- الأمر بالكسب الطيب والأكل من الحلال: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإن الله أمَرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]))، وأتعجب ممن يستهويه الحرام ودائرته ضيقة وقليلة، ولا يبحث عن الحلال على رغم أن دائرته واسعة وكثيرة، لماذا لا يتحرَّى العبدُ الحلالَ في عمله، فيدخل مع الوقت ويؤدي عمله أحسن قيام، ويخرج في الوقت فيُطعم أبناءه ونفسه من الحلال؟ لماذا بعض الموظفين والعمال يسرقون من وقت العمل، مع ضمان أجرهم كاملًا؟ نقول: ما تسرقونه يجعل أجركم فيه شُبهة من الحرام، لماذا يُصِرُّ البعض على أخذ رُشوة وهي مال حرام، ويُطعم بها أبناءه وعياله؟ لماذا بعض أصحاب المهن - ميكانيكي، بناء، نجار، حداد، رصاص، صباغ، وغيرهم - لا يُتقنون أعمالهم، ويخالفون المتعاقد عليه في العقد، مع أخذهم لأجرتهم كاملة؟ إنما يأكلون السُّحت، فهؤلاء وأمثالهم يصدُق عليهم قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59]، فالواجب تحرِّي أكلِ الحلال في العمل والمطعم، والمشرب والملبس، فاللهم ارزقنا أكل الحلال، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.   4- فمن مواقف السلف في تحري أكل الحلال: قال صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمان، لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام))[4]، وبذلك حرَص السلف على الأكل من الحلال وتجنُّب الحرام؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "إنْ كنَّا نترك تسعة أعشار الحلال؛ مخافة الوقوع في الحرام"، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان لأبي بكر غلام يُخرج له الخَراج، وكان أبو بكر يأكل من خَراجِهِ، فجاء يومًا بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنتُ تكهَّنتُ لإنسان في الجاهلية، وما أُحسن الكَهانة، إلا أني خدعتُه، فلقِيَني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلتَ منه، فأدخل أبو بكر يده، فقاء كلَّ شيء في بطنه"[5]، وكانت المرأة من السلف إذا خرج زوجها لطلب الرزق تأخذ بثوبه وتقول: "يا عبدالله، اتَّقِ الله فينا، فوالله إنَّا لَنصبرُ على الجوع، ولا نصبر على النار"، وهناك اليوم من نسائنا من تدفع زوجها بكثرة طلباتها إلى الاستدانة المحرَّمة، أو تلمُّس اكتساب المال بطرق غير مشروعة، إرضاءً لها، نتيجة ضعف الوازع الديني لديه، فهل لنا من معتبر في تحري سلفنا للحلال؟
      عباد الله: من المستفادات أيضًا: 5- استجابة الدعاء من آثار الرزق الحلال: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعثَ أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟))، فهذا في الذي يأكل الحرام، لا يُستجاب دعاؤه، ومفهومه أن من يأكل الحلال يكون مستجاب الدعاء. فاللهم استجب دعاءنا، وطيِّب أرزاقنا، آمين. [1] رواه مسلم، رقم: 1015.   [2] رواه مسلم، رقم: 225.   [3] رواه مسلم، رقم: 224.   [4] رواه البخاري، رقم: 2059.   [5] رواه البخاري، رقم: 3842.


       
    • الحديث 9: "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ..."   عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ"[1].   عِبَادَ اللهِ، هَذَا الْحَدِيثُ لَهُ أَهَمِّيَّةٌ عَظِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَنُصُّ عَلَى تَرْك الْمَنْهِيَّاتِ النَّبَوِيَّةِ، وَفِعْلِ مَا يُسْتَطَاعُ مِنَ الْأَوَامِرِ، وَحَذَّرَ مِنْ طَرِيقِ الْهَلَاكِ، وَسُلُوكِ مَسْلَكَ مَنْ قَبْلَنَا؛ فِي كَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَمَا هِيَ الْفَوَائِدُ الَّتِي نَسْتَفِيدُهَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ؟   نَسْتَفِيدُ مِنَ الْحَدِيثِ لِوَاقِعِنَا مَا يَلِي:   1- وُجُوب اجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: وَكَذَلِكَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، فَقَولُهُ: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ) يُفِيدُ وُجُوبَ اجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ النَّبَوِيَّةِ، مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَتُكْرَهُ. وَ(مَا) شَرْطِيَّةٌ؛ أَيْ: اجْتَنِبُوا كُلَّ مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الاجْتِنَابَ أَسْهَلُ مِنَ الْفِعْلِ، وَلِأَنَّ النُّفُوسَ تَتَشَوَّفُ إِلَى فِعْلِ الْمَنْهِيَّاتِ؛ وَلِذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعَلِّقْ تَرْكَ الْمَنْهِيَّاتِ بِالاسْتِطَاعَةِ، وَلَمْ يَقُلْ: قَدْر الْإِمْكَانِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا نَهَى عَنْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قَولُهُ: "لا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ"[2]، فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَعْضِ مَا يُسبِّبُ الْعَداوَةَ وَالْقَطِيعَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِمَا فِي تَبَاغُضِهِمْ مِنَ التَّفرُّقِ، ونَهَاهُمْ عَنِ التَّحَاسُدِ، وَهُوَ تَمنِّي زَوَالِ النِّعَمِ عَنِ الآخَرِينَ، ونَهَاهُمْ عَنِ التَّدابُرِ، وَهُو أنْ يُوَلِّي الْمُسْلِمُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ظَهْرَهُ وَدُبُرَهُ؛ إمَّا حِسِّيًّا فَلا يُجَالِسُهُ وَلا يَنظُرُ إِلَيهِ، وَإمَّا مَعْنَوِيًّا فَلا يُظْهِرُ الاهْتِمَامَ بِهِ، وَالْمَقْصُودُ: نَهْيُهُمْ عَنِ التَّقَاطُعِ وَالتَّهَاجُرِ. ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي يَنْبَغِي أنْ يَكونُوا عَلَيْهَا، وهي الأُخُوَّةُ، كَأُخُوَّةِ النَّسَبِ فِي الشَّفَقةِ والرَّحْمَةِ، وَالْمَحَبَّةِ وَالْمُوَاسَاةِ، وَالْمُعَاوَنَةِ وَالنَّصِيحَةِ، فَأَمَرَهُمْ أَنَّ يَأْخُذُوا بِأَسْبَابِ كُلِّ مَا يُوصِلُهُمْ لِمِثْلِ الْأُخُوَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مَعَ صَفَاءِ الْقَلْبِ. وَنَهَاهُمْ عَنْ هَجْرِ الْمُسْلِمِ وَتَرْكِهِ؛ زِيَارَةً، أَوْ كَلَامًا، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَشْكَالِ الْهُجْرَانِ، فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ -إِنْ كَانَ الْخِلَافُ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا- وَكلُّ هَذَا لِأَجْلِ الْحِرْصِ عَلَى وَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ أَفْرَادًا وَجَمَاعَاتٍ وَشُعُوبًا، وَلِأَجْلِ التَّآخِي وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَالْمَنْهِيَّاتُ النَّبَوِيَّةُ كَثِيرَةٌ.   2- وُجُوبُ فِعْلِ الْمُسْتَطَاعِ مِنْ أَوَامِرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: فِي قَولِهِ: "وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"، يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَطِيعُ، وَأَنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ؛ لِأَنَّ تَكَالِيفَهُ مِمَّا يُسْتَطَاعُ، فَلَا حُجَّةَ لِأَحَدِ بَالَتَذرُّعِ فِي تَرْكِ الْأَوَامِرِ جُمْلَةً - مَا دَامَتْ وَاجِبَةً وَغَيْرَ دَاخِلَةٍ فِي دَائِرَةِ الاسْتِحْبَابِ - أَنْ يَقُولَ: لَا أَسْتَطِيعُ فِعْلَهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَصْلًا أَمَرَ بِالْمُسْتَطَاعِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]، وَقَالَ: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]، وَأَوَامِرُ وَنَوَاهِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾[النجم: 3، 4]، وَكَمِثَالٍ عَلَى ذَلِكَ الصَّلَاةُ؛ فَلَا يُمْكِنُ لِتَارِكِ الصَّلَاةِ الاحْتِجَاجُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، أَوِ احْتِجَاجُ الْمُتَبَرِّجَةِ بِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى الْحِجَابِ؛ لَكِنَّ الْفَهْمَ الصَّحِيحَ لِلْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فِي أَنَّ هَذَا الْمُصَلِّي يَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى كَمَالِهَا، لَكِنْ قَدْ يَعُوقُهُ مَرَضٌ أَوْ خَوْفٌ أَوْ سَفَرٌ فَيَنْتَقِلُ إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَسْتَطِيعُهَا وَلَا مَشَقَّةَ فِيهَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"[3].   وَمَنْ أَمْكَنَهُ الرُّكُوعُ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ، وَمِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ، وَهَكَذَا. وَقَصَّرَ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ فِي سَفَرِهِ، وَتَيَمَّمَ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ الْوُضُوءَ أَوِ انْعَدَمَ الْمَاءُ، وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَصَلَّى بِكَيْفِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ. وَجَاءَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: "مَا هَذَا الحَبْلُ؟"، قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ، صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ"[4]، وَالْأَمْثِلَةُ كَثِيرَةٌ.   3- التَّحْذِيرُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ وَالاخْتِلَافِ: الْحَلَال بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَالْغَوْصُ فِي الْكَثِيرِ مِنَ الْأُمُورِ الْفَرْعِيَّةِ فِي الشَّرِيعَةِ فِيه نَوْعٌ مِنَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّرِيعَةِ الْإِجْمَالُ، وَخَاصَّةً فِي زَمَنِ نُزُولِ الْوَحْيِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَحْرِيمَ شَيْءٍ لَمْ يحرَّمْ أَوْ إِيجَاب شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ؛ وَلِذَلِكَ حَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ، وَالشَّيْطَانُ يَكْمُنُ فِي التَّفَاصِيلِ.   وَقَدْ وَرَدَ فِي سَبَبِ وُرُودِ الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ"، ثُمَّ قَالَ: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ"[5].   تَصَوَّرُوا مَعِي- عِبَادَ اللَّهِ - لَوْ فُرِضَ عَلَيْنَا الْحَجُّ كُلَّ عَامٍ بِسَبَبِ مَسْأَلَةِ هَذَا الرَّجُلِ! هَلْ نَسْتَطِيعُ؟ الْآنَ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ وَيَتَعَذَّرُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَنَقِيسُ عَلَى هَذَا الْكَثِيرَ مِنَ الْمَسَائِلِ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْغَوْصُ فِيهَا.   وَهَؤُلَاءِ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَمَرَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً، لَأَجْزَأَتْهُمُ أَيُّ بَقَرَةٍ وَجَدُوهَا، وَلَكِنْ مَاذَا قَالُوا؟ قَالُوا: ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ﴾[البقرة: 68] وَقَالُوا: ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا ﴾[البقرة: 69] حَتَّى عَسَّرُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، حَتَّى قَالَ تَعَالَى:﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [البقرة: 71]، وَمَنِ انْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ الدِّقَّةَ فِي الْإِصَابَةِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُسْتَطَاعُ. فَنَجِدُ- مع الْأَسَفِ- مَنْ يَهْدِمُ الْمَسَاجِدَ لِانْحِرَافٍ بَسِيطٍ فِي الْقِبْلَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾[البقرة: 115]. إِذَنْ فِي مِثْلِ هَذَا إِذَا جَاءَ الْأَمْرُ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ عَلَيْنَا أَلَّا نَبْحَثَ عَنْ مَزِيدِ تَفْصِيلٍ - مَا سَكَتَ الشَّارِعُ عَنْهُ - لِأَنَّ الْإِجْمَالَ مَقْصُودٌ لِلتَّيْسِيرِ عَلَى النَّاسِ، وَالْغَوْصُ فِي التَّفْرِيعَاتِ وَالتَّفَاصِيلِ تُؤَدِّي إِلَى كَثْرَةِ الِاخْتِلَافَاتِ، وَكَثْرَتُهَا تُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاكِ، كَمَا لَحِقَ بِالْأُمَمِ مِنْ قِبَلِنَا.   فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ وَالِاخْتِلَافَاتِ، وَجَنِّبْنَا أَسْبَابَ الرَّدَى وَالْهَلَاكِ، آمِين؛ (تَتِمَّةُ الدُّعَاءِ).   [1] رواه مسلم، رقم: 1337. [2] رواه البخاري، رقم: 6056. [3] رواه البخاري، رقم: 1117. [4] رواه البخاري، رقم: 1117. [5] رواه مسلم، رقم: 1337.  
    • الحديث 8: "أُمِرت أن أقاتل الناس..."

      عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله"[1].

      عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه ينص على قواعد الدين وأصوله؛ من توحيد الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والجهاد في سبيله، كما ينص على حرمة دم المسلم وماله. فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث العظيم؟

      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:

      1- الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم أمر لأمته بالتبع إلا ما خصه الدليل:فقوله: (أُمِرتُ😞 يعني أن الأمر متوجَّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل من تحته من باب أولى؛ كالصحابة رضوان الله عليهم، وكذلك من اقتفى أثره من التابعين وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين. ونفهم أيضًا أن أوامره عليه الصلاة والسلام وَحْيٌ من الله له، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، وخص ببعض الأوامر لعظم وقعها على الناس، خاصةً ما يتعلق بأمور إزهاق الأنفس والجهاد؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يبادر بذكر مستنده من الدليل، حتى لا يقابل من الناس بالتشكيك في هذا الأمر وتزهيدًا فيه، وأخذًا للحيطة ودفعًا لوساوس الشيطان.


      2- فرضية الجهاد والقتال على أمة الإسلام: فالأمر في قوله: "أمرت أن أقاتل الناس"، للوجوب. والمراد بالناس الكفار، قال تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، وهذا لرد كيد الأعداء، وحماية حوزة الدين، وصد من يقف بينه وبين نشره في الآفاق، وخاصةً في هذه الأزمان التي تكالبت فيها الأمم على المسلمين، كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها. قال صلى الله عليه وسلم: "من مات ولم يغْزُ، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبة من نفاق"[2]، وقال عليه السلام يوم الفتح: "لا هجرة، ولكن جهاد ونية، وإذا استُنفرتم، فانفروا"[3]. قال الإمام الزهري: "الجهاد واجب على كل أحد، غزا أو قعد؛ فالقاعد عليه إذا استُعين أن يعين، وإذا استُغيث أن يغيث، وإذا استُنفر أن ينفر، وإن لم يحتج إليه قعد"[4].


      3- من الذي يعصم الدم والمال من القتل؟

      بين النبي صلى الله عليه وسلم العاصم للدماء والأموال وحددها فيما يلي:

      أولًا: النطق بالشهادتين: قال: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله". قال ابن رجب: "ومن المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل من كل من جاءه يريد الدخول في الإسلام الشهادتين فقط، ويعصم دمه بذلك، ويجعله مسلمًا، فقد أنكر على أسامة بن زيد قتله لمن قال: لا إله إلا الله لما رفع عليه السيف، واشتد نكيره عليه"[5]. وسمح الإسلام لأهل الكتاب أن يبقوا على دينهم مقابل دفع الجزية، قال تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256].

      ثانيًا: إقامة الصلاة: قال: "ويقيموا الصلاة". والمقصود الصلوات الخمس المفروضة.

      ثالثًا: إيتاء الزكاة: قال: "ويؤتوا الزكاة"؛ أي: إخراج حق الله للفقراء؛ ولذلك في زمن أبي بكر رضي الله عنه امتنع قوم من العرب عن دفع الزكاة، فعزم على قتالهم، فذكر له عمر رضي الله عنه الحديث الذي بين أيدينا، فرد عليه: "والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها" قال عمر رضي الله عنه: "فو الله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه، فعرفت أنه الحق"[6]، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 5]، وهذا الذي ذكرناه من القتال أو القتل يكون لإمام المسلمين وليس لأفرادهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خُوطِب باعتباره إمامًا، ويكون في حال القوة والعزيمة واشتداد أمر الإسلام، لا في حال ضعفه، وليس لأحد قليل أن يقاوم وأن يقاتل الكثرة المتضافرة؛ فلا بد من الموازنة.

      4- أن الحكم للظاهر والله يتولى السرائر: لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله"، فمن نطق بالشهادتين، وأقام الصلاة وآتى الزكاة، ولم يرتكب ما به يكون مستباح الدم فقد حرم دمه وماله، وعومل معاملة المسلمين. وفيه دليل على أن الأعمال من الإيمان بخلاف المرجئة القائلين بأن الإيمان لا يحتاج إلى عمل.

      ومن قصد بإسلامه التقية من القتل فهو منافق، أمر سريرته إلى الله كما عامل النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين فلم يقتلهم. ومن اعتبر نفسه من أصحاب الأعذار للتخلف عن الجهاد يقبل منه وأمره إلى الله، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل منهم ويكل سرائرهم إلى الله. ومن صلى بغير طهارة أو أفطر في رمضان في بيته وادَّعى أنه صائم يقبل منه وأمره إلى الله. وبعض علماء الإسلام قبلوا ممن أقر بوجوب الصلاة عليه فلم يحكموا بكفره- وإن كان لا يصلي في الظاهر - ففسقوه وأوكلوا أمره إلى الله.

      5- إثبات الحساب:لقوله صلى الله عليه وسلم: "وحسابهم على الله". قال تعالى: ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 25، 26]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8]. فما أحوجناإلى إعداد العدة للسفر البعيد والوقوف بين يدي الله لأجل الحساب، قال فضيل بن عياض لرجل: "كم أتت عليك، قال: ستون سنةً، قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك؟ توشك أن تبلغ، فقال الرجل: يا أبا علي، إنا لله وإنا إليه راجعون، قال له الفضيل: تعلم ما تفسيره؟ قال الرجل: فسِّره لنا يا أبا علي، قال: قولك إنا لله، تقول: أنا لله عبد، وأنا إلى الله راجع، فمن علم أنه عبدالله وأنه إليه راجع، فليعلم بأنه موقوف، ومن علم بأنه موقوف فليعلم بأنه مسؤول، ومن علم أنه مسؤول فليُعِدَّ للسؤال جوابًا، فقال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة، قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى وما بقي، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي"[7].
      فاللهم يسِّر حسابنا، ويمِّن كتابنا، وولِّ أمورنا خيارنا، آمين. (تتمة الدعاء).
        [1] رواه البخاري، رقم: 25، ومسلم، رقم: 20.

      [2] رواه مسلم، رقم: 1910.

      [3] رواه البخاري، رقم: 1834. ومسلم، رقم: 1353.

      [4] تفسير ابن كثير: 1/ 573.

      [5] جامع العلوم والحكم: 228.

      [6] رواه البخاري، رقم: 1834. ومسلم، رقم: 1353.

      [7] حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم: 8/ 113.

           
    • الحديث7: «الدين النصيحة...»     عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الدين النصيحة»، قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»[1]. عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه ينص على أن عماد الدين وقوامه النصيحة، بمعنى أن الدين كُلَّه مجموع في هذا الباب، فبوجودها تكون للدين قائمة، وبفقدانها يدخل النقص على المسلمين في جميع شؤون حياتهم. ومعنى النصيحة في أصل اللغة الخلوص، كما نخلص العسل من الشمع حتى يصبح عسلًا صافيًا. والمقصود هنا تقديم النصح للغير لوجه الله حتى يتخلَّص من الخَلَل الذي فيه، وهي نابعة من إرادة الخير للغير. ثم بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الوجوه الخمسة للنصيحة؛ وهي النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم. فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟
      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- كيف تكون النصيحة لله؟ الله عز وجل غني عن نصح الناصحين، وإنما تكون نصيحته بأداء حقوقه، ومنها: الإيمان به، وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بأسمائه وصفاته، وتعظيم حرماته وشعائره، والحياء منه، والخضوع له، ومحبته والمداومة على ذكره، وإحسان الظن به، وغيرها. قال العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91]، قالوا: النصيحة لله إخلاص الاعتقاد في الوحدانية، ووصفه بصفات الألوهية، وتنزيهه عن النقائص، والرغبة في محابِّه، والبُعْد من مساخطه[2]. قال صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري ما حقهم عليه؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «ألَّا يُعذِّبهم»[3]. 2- كيف تكون النصيحة لكتاب الله؟ بقراءته آناء الليل وأطراف النهار، وفهمه وتدبُّره، ويستعان في ذلك بكتب التفسير وسؤال العلماء، وتكون النصيحة له بالتخلُّق بأخلاق القرآن، وقد سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خُلُقه القرآن»[4].قال العلماء: النصح لكتاب الله: قراءته والتفقُّه فيه، والذب عنه وتعليمه وإكرامه والتخلق به[5]. ومصيبتنا اليوم في البعد عن منهج القرآن، وترك التخلق بأخلاقه، وترك العمل بأحكامه، وترك فهمه وتدبره، واتخاذ قراءته للتبرك به في مناسبات الفرح والحزن غافلين عن اتخاذه كتاب هداية ورقي. 3- كيف تكون النصيحة لرسول الله؟ بالإيمان به، وأنه خاتم النبيِّين، والإيمان بعصمته من الخطأ في تبليغ الرسالة، وأنه بلغها، وعصمته من الكفر والشرك، وأن شريعته تامة كاملة وناسخة للشرائع قبلها، وأنه رسول للعالمين، وعدم الغلو في ذاته أو في وصفه أو رفعه فوق مكانته، قال العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91]، النصيحة لرسوله: التصديق بنبوَّته، والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة مَنْ والاه، ومعاداة من عاداه، وتوقيره، ومحبته ومحبة آل بيته، وتعظيمه وتعظيم سنته، وإحياؤها بعد موته بالبحث عنها، والتفقُّه فيها، والذب عنها ونشرها والدعاء إليها، والتخلق بأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم[6]. 4- كيف تكون النصيحة لأئمة المسلمين؟ أئمة المسلمين هم العلماء والسلاطين والحكام، ونصيحتهم تكون بالسمع والطاعة لهم في غير معصية الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة في معصية؛ إنما الطاعة في المعروف»[7]، قال العلماء: والنصح لأئمة المسلمين: ترك الخروج عليهم، وإرشادهم إلى الحق، وتنبيههم فيما أغفلوه من أمور المسلمين، ولزوم طاعتهم، والقيام بواجب حقهم[8]. وكذلك من حقوقهم الذب عنهم عند البغي عليهم ممن يقع في أعراضهم بالباطل، أو وقع في أعراضهم بحق؛ لكن المفسدة في ذلك أعظم، جمعًا لكلمة المسلمين ودفعًا لتنقصهم؛ لأن تنقص الرفعاء من أهل العلم والسيادة يختلف عن تنقص غيرهم، وذلك أنه كلما نقص الإنسان في أعين الناس؛ نقص تبعًا لذلك أمره ونهيه وقلَّ نفوذه عندهم، فلم يكن له عندهم حينئذٍ سمعٌ ولا طاعةٌ، وقلَّتْ هيبته في النفوس. وما من أحد إلا ويرد عليه الخطأ؛ فإذاعة أخطاء الذين لهم الانقياد بالسمع والطاعة من الأئمة وغيرهم من الأمور المذمومة شرعًا، وسترها أوْلَى من ستر عيوب سواد المسلمين. 5- كيف تكون النصيحة لعموم المسلمين؟ قال العلماء: والنصح للعامة: ترك معاداتهم، وإرشادهم وحب الصالحين منهم، والدعاء لجميعهم وإرادة الخير لكافتهم [9]. فالذي يغش في السلعة أو يُطفِّف في الكيل والوزن ما نصح المسلمين، والذي يستشيرك في أمر من أمور دنياه، أو يسألك عن مسألة في أمور دينه وأنت تعلم، فكتمت عنه؛ فقد غششته، والذي يزاول مهنةً ويعمل مقابل أجرة فغش في عمله ما نصح المسلمين، والذي تولَّى وظيفةً ويتكاسل في أداء مهامه، أو يتأخَّر عن الوقت أو يخرج قبل الوقت، أو يزاول عملًا في مكان آخر، ويضُرُّ بعمله الأصلي؛ فقد غشَّ المسلمين، وعلى هذا القياس. فارحم إخوانك وأدِّ الأمانة على وجهها، وإياك أن يؤتى المسلمون من قِبَلِك، قالصلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمَّى»[10]، ولا خير في أمة لا يتناصحون، ولا يقبلون النصيحة. فاللهم اجعلنا ممن ينصحون لأئمة المسلمين وعامتهم، آمين. (تتمة الدعاء).   [1] رواه مسلم، رقم: 1718. [2] تفسير القرطبي: 8/ 227. [3] رواه مسلم، رقم: 1718. [4] رواه أحمد، رقم: 25302. [5] تفسير القرطبي: 8/ 227. [6] نفسه: 8/ 227. [7] رواه البخاري، رقم: 7257. [8] تفسير القرطبي: 8/ 227. [9] نفسه: 8/ 227. [10] رواه مسلم، رقم: 2586.
    • الحديث7: «الدين النصيحة...»   عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الدين النصيحة»، قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»[1]. عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه ينص على أن عماد الدين وقوامه النصيحة، بمعنى أن الدين كُلَّه مجموع في هذا الباب، فبوجودها تكون للدين قائمة، وبفقدانها يدخل النقص على المسلمين في جميع شؤون حياتهم. ومعنى النصيحة في أصل اللغة الخلوص، كما نخلص العسل من الشمع حتى يصبح عسلًا صافيًا. والمقصود هنا تقديم النصح للغير لوجه الله حتى يتخلَّص من الخَلَل الذي فيه، وهي نابعة من إرادة الخير للغير. ثم بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الوجوه الخمسة للنصيحة؛ وهي النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم. فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟
      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- كيف تكون النصيحة لله؟ الله عز وجل غني عن نصح الناصحين، وإنما تكون نصيحته بأداء حقوقه، ومنها: الإيمان به، وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بأسمائه وصفاته، وتعظيم حرماته وشعائره، والحياء منه، والخضوع له، ومحبته والمداومة على ذكره، وإحسان الظن به، وغيرها. قال العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91]، قالوا: النصيحة لله إخلاص الاعتقاد في الوحدانية، ووصفه بصفات الألوهية، وتنزيهه عن النقائص، والرغبة في محابِّه، والبُعْد من مساخطه[2]. قال صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري ما حقهم عليه؟»، قال: الله ورسوله أعلم، قال: «ألَّا يُعذِّبهم»[3]. 2- كيف تكون النصيحة لكتاب الله؟ بقراءته آناء الليل وأطراف النهار، وفهمه وتدبُّره، ويستعان في ذلك بكتب التفسير وسؤال العلماء، وتكون النصيحة له بالتخلُّق بأخلاق القرآن، وقد سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: «كان خُلُقه القرآن»[4].قال العلماء: النصح لكتاب الله: قراءته والتفقُّه فيه، والذب عنه وتعليمه وإكرامه والتخلق به[5]. ومصيبتنا اليوم في البعد عن منهج القرآن، وترك التخلق بأخلاقه، وترك العمل بأحكامه، وترك فهمه وتدبره، واتخاذ قراءته للتبرك به في مناسبات الفرح والحزن غافلين عن اتخاذه كتاب هداية ورقي. 3- كيف تكون النصيحة لرسول الله؟ بالإيمان به، وأنه خاتم النبيِّين، والإيمان بعصمته من الخطأ في تبليغ الرسالة، وأنه بلغها، وعصمته من الكفر والشرك، وأن شريعته تامة كاملة وناسخة للشرائع قبلها، وأنه رسول للعالمين، وعدم الغلو في ذاته أو في وصفه أو رفعه فوق مكانته، قال العلماء في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 91]، النصيحة لرسوله: التصديق بنبوَّته، والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة مَنْ والاه، ومعاداة من عاداه، وتوقيره، ومحبته ومحبة آل بيته، وتعظيمه وتعظيم سنته، وإحياؤها بعد موته بالبحث عنها، والتفقُّه فيها، والذب عنها ونشرها والدعاء إليها، والتخلق بأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم[6]. 4- كيف تكون النصيحة لأئمة المسلمين؟ أئمة المسلمين هم العلماء والسلاطين والحكام، ونصيحتهم تكون بالسمع والطاعة لهم في غير معصية الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة في معصية؛ إنما الطاعة في المعروف»[7]، قال العلماء: والنصح لأئمة المسلمين: ترك الخروج عليهم، وإرشادهم إلى الحق، وتنبيههم فيما أغفلوه من أمور المسلمين، ولزوم طاعتهم، والقيام بواجب حقهم[8]. وكذلك من حقوقهم الذب عنهم عند البغي عليهم ممن يقع في أعراضهم بالباطل، أو وقع في أعراضهم بحق؛ لكن المفسدة في ذلك أعظم، جمعًا لكلمة المسلمين ودفعًا لتنقصهم؛ لأن تنقص الرفعاء من أهل العلم والسيادة يختلف عن تنقص غيرهم، وذلك أنه كلما نقص الإنسان في أعين الناس؛ نقص تبعًا لذلك أمره ونهيه وقلَّ نفوذه عندهم، فلم يكن له عندهم حينئذٍ سمعٌ ولا طاعةٌ، وقلَّتْ هيبته في النفوس. وما من أحد إلا ويرد عليه الخطأ؛ فإذاعة أخطاء الذين لهم الانقياد بالسمع والطاعة من الأئمة وغيرهم من الأمور المذمومة شرعًا، وسترها أوْلَى من ستر عيوب سواد المسلمين. 5- كيف تكون النصيحة لعموم المسلمين؟ قال العلماء: والنصح للعامة: ترك معاداتهم، وإرشادهم وحب الصالحين منهم، والدعاء لجميعهم وإرادة الخير لكافتهم [9]. فالذي يغش في السلعة أو يُطفِّف في الكيل والوزن ما نصح المسلمين، والذي يستشيرك في أمر من أمور دنياه، أو يسألك عن مسألة في أمور دينه وأنت تعلم، فكتمت عنه؛ فقد غششته، والذي يزاول مهنةً ويعمل مقابل أجرة فغش في عمله ما نصح المسلمين، والذي تولَّى وظيفةً ويتكاسل في أداء مهامه، أو يتأخَّر عن الوقت أو يخرج قبل الوقت، أو يزاول عملًا في مكان آخر، ويضُرُّ بعمله الأصلي؛ فقد غشَّ المسلمين، وعلى هذا القياس. فارحم إخوانك وأدِّ الأمانة على وجهها، وإياك أن يؤتى المسلمون من قِبَلِك، قالصلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائرُ الجسد بالسهر والحُمَّى»[10]، ولا خير في أمة لا يتناصحون، ولا يقبلون النصيحة. فاللهم اجعلنا ممن ينصحون لأئمة المسلمين وعامتهم، آمين. (تتمة الدعاء).   [1] رواه مسلم، رقم: 1718. [2] تفسير القرطبي: 8/ 227. [3] رواه مسلم، رقم: 1718. [4] رواه أحمد، رقم: 25302. [5] تفسير القرطبي: 8/ 227. [6] نفسه: 8/ 227. [7] رواه البخاري، رقم: 7257. [8] تفسير القرطبي: 8/ 227. [9] نفسه: 8/ 227. [10] رواه مسلم، رقم: 2586.    
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182496
    • إجمالي المشاركات
      2536076
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93298
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×