اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57246
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180510
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8238
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4160
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      52991
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31793
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  9. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33904
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13116
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (36941 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا۟ وَءَاثَٰرَهُمْ ۚ ﴾ [سورة يس آية:﴿١٢﴾] وهي آثار الخير وآثار الشر التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم... وهذا الموضع يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى الله، والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك، ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه، وأنه أسفل الخليقة، وأشدهم جرماً، وأعظمهم إثماً. السعدي:693.     ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا۟ وَءَاثَٰرَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَٰهُ فِىٓ إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ [سورة يس آية:﴿١٢﴾] فآثار المرء التي تبقى وتذكر بعد الإنسان من خير أو شر يجازى عليها: من أثر حسن؛ كعلم علموه، أو كتاب صنفوه... أو سيء؛ كوظيفة وظفها بعض الظلام من المسلمين... أو شيء أحدثه فيه صد عن ذكر الله من ألحان وملاهٍ. وكذلك كل سنة حسنة أو سيئة يستن بها. القرطبي:17/420.     ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخَشِىَ ٱلرَّحْمَٰنَ بِٱلْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴾ [سورة يس آية:﴿١١﴾] والتعبير بوصف(الرحمن) دون اسم الجلالة لوجهين: أحدهما: أن المشركين كانوا ينكرون اسم الرحمن؛ كما قال تعالى: (قالوا وما الرحمن) [الفرقان: 60]، والثاني: الإِشارة إلى أن رحمته لا تقتضي عدم خشيته؛ فالمؤمن يخشى الله مع علمه برحمته؛ فهو يرجو الرحمة. ابن عاشور:22/354.     ﴿ تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ [سورة يس آية:﴿٥﴾] فحماه بعزته عن التغيير والتبديل، ورحم به عباده رحمة اتصلت بهم حتى أوصلتهم إلى دار رحمته؛ ولهذا ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين: (العزيز الرحيم). السعدي:692.     ﴿ وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْحَكِيمِ ﴿٢﴾ إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٢﴾] القرآن العظيم أقوى الأدلة المتصلة المستمرة على رسالة الرسول؛ فأدلة القرآن كلها أدلة لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم. السعدي:692.       ﴿ قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَٰلَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ ﴿٢٦﴾ بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى وَجَعَلَنِى مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٢٦﴾] وفي هذه الآية تنبيه عظيم، ودلالة على وجوب كظم الغيظ، والحلم عن أهل الجهل، والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي، والتشمر في تخليصه، والتلطف في افتدائه، والاشتغال بذلك عن الشماتة به والدعاء عليه، ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته والباغين له الغوائل، وهم كفرة عبدة أصنام. القرطبي:17/433.     ﴿ ٱتَّبِعُوا۟ مَن لَّا يَسْـَٔلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٢١﴾] (اتبعوا من لا يسألكم أجراً) أي: اتبعوا من نصحكم نصحاً يعود إليكم بالخير، وليس يريد منكم أموالكم، ولا أجراً على نصحه لكم وإرشاده إياكم، فهذا موجب لاتباع من هذا وصفه. بقي أن يقال: فلعله يدعو ولا يأخذ أجرة، ولكنه ليس على الحق، فدفع هذا الاحتراز بقوله: (وهم مهتدون)؛ لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه، ولا ينهون إلا بما يشهد العقل الصحيح بقبحه. السعدي:694.     ﴿ ٱتَّبِعُوا۟ مَن لَّا يَسْـَٔلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٢١﴾] أي: هؤلاء المرسلون لا يسألونكم أجرة على الإيمان، فلا تخسرون معهم شيئاً من دنياكم، وتربحون معهم الاهتداء في دينكم. ابن جزي:2/222.     ﴿ وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَٰقَوْمِ ٱتَّبِعُوا۟ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٢٠﴾] وبهذا يظهر وجه تقديم (من أقصى المدينة) على (رجل) للاهتمام بالثناء على أهل أقصى المدينة، وأنه قد يوجد الخير في الأطراف ما لا يوجد في الوسط، وأن الإِيمان يسبق إليه الضعفاء؛ لأنهم لا يصدهم عن الحق ما فيه أهل السيادة من ترف وعظمة؛ إذ المعتاد أنهم يسكنون وسط المدينة. ابن عاشور:22/365.     ﴿ وَجَآءَ مِنْ أَقْصَا ٱلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَٰقَوْمِ ٱتَّبِعُوا۟ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٢٠﴾] ووصفُ الرجل بالسعي يفيد أنه جاء مسرعاً، وأنه بلغه همُّ أهل المدينة برجم الرسل أو تعذيبهم، فأراد أن ينصحهم خشيةً عليهم وعلى الرسل، وهذا ثناء على هذا الرجل يفيد أنه ممن يُقتدَى به في الإِسراع إلى تغيير المنكر. ابن عاشور:22/366.       ﴿ قَالُوا۟ طَٰٓئِرُكُم مَّعَكُمْ ۚ أَئِن ذُكِّرْتُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿١٩﴾] وقولهم عليهم السلام: (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) معناه: حظكم وما صار إليه من خير وشر معكم؛ أي: من أفعالكم ومن تكسباتكم، ليس هو من أجلنا ولا بسببنا، بل ببغيكم وكفركم، وبهذا فسر الناس. وسمي الحظ والنصيب طائرا استعارة؛ أي: هو مما تحصل عن النظر في الطائر. ابن عطية:4/450.     ﴿ وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَٰبَ ٱلْقَرْيَةِ ﴾ [سورة يس آية:﴿١٣﴾] تعيين تلك القرية لو كان فيه فائدة لَعَيَّنَهَا الله... ما تعرف به أن طريق العلم الصحيح الوقوف مع الحقائق، وترك التعرض لما لا فائدة فيه، وبذلك تزكو النفس، ويزيد العلم من حيث يظن الجاهل أن زيادته بذكر الأقوال التي لا دليل عليها، ولا حجة عليها، ولا يحصل منها من الفائدة إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها. السعدي:693.     ﴿ وَٱلشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴾ [سورة يس آية:﴿٣٨﴾] وذكر صفتي (العزيز العليم) لمناسبة معناهما للتعلق بنظام سير الكواكب؛ فالعزة تناسب تسخير هذا الكوكب العظيم، والعلم يناسب النظام البديع الدقيق. ابن عاشور:23/21.       ﴿ وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴿٣٧﴾ وَٱلشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴿٣٨﴾ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلْعُرْجُونِ ٱلْقَدِيمِ ﴿٣٩﴾ لَا ٱلشَّمْسُ يَنۢبَغِى لَهَآ أَن تُدْرِكَ ٱلْقَمَرَ وَلَا ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٣٧﴾] فكل هذا دليل ظاهر، وبرهان باهر على عظمة الخالق، وعظمة أوصافه، خصوصاً وصف القدرة والحكمة والعلم في هذا الموضع. السعدي:696.     ﴿ سُبْحَٰنَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْأَزْوَٰجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٣٦﴾] أي: عجباً لهؤلاء في كفرهم مع ما يشاهدونه من هذه الآيات، ومن تعجب من شيء قال: سبحان الله. القرطبي:17/441.       ﴿ وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلْأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَٰهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٣٣﴾] نبههم الله تعالى بهذا على إحياء الموتى، وذكرهم توحيده وكمال قدرته، وهي الأرض الميتة؛ أحياها بالنبات وإخراج الحب منها. القرطبي:17/440.     ﴿ يَٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٣٠﴾] يا حسرة من العباد على أنفسهم، وتندماً وتلهفاً في استهزائهم برسل الله عليهم السلام. القرطبي:17/436.     ﴿ ۞ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِۦ مِنۢ بَعْدِهِۦ مِن جُندٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٢٨﴾] أي: ما احتجنا أن نتكلف في عقوبتهم فننزل جنداً من السماء لإتلافهم، (وما كنا منزلين) لعدم الحاجة إلى ذلك، وعظمة اقتدار الله تعالى، وشدة ضعف بني آدم، وأنهم أدنى شيء يصيبهم من عذاب الله يكفيهم. السعدي:695.     ﴿ ۞ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ قَوْمِهِۦ مِنۢ بَعْدِهِۦ مِن جُندٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٢٨﴾] المعنى أن الله أهلكهم بصيحة صاحها جبريل، ولم يحتج في تعذيبهم إلى إنزال جند من السماء؛ لأنهم أهون من ذلك. ابن جزي:2/223.   آية ﴿ وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ ﴾ [سورة يس آية:﴿٤١﴾] وذكر الذرية لضعفهم عن السفر، فالنعمة فيهم أمكن. ابن عطية:4/455.     ﴿ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٥٢﴾] ولا تحسب أن ذكر الرحمن في هذا الموضع لمجرد الخبر عن وعده، وإنما ذلك للإخبار بأنه في ذلك اليوم العظيم سيرون من رحمته ما لا يخطر على الظنون، ولا حسب به الحاسبون، كقوله: (الملك يومئذ الحق للرحمن) [الفرقان: 26]، (وخشعت الأصوات للرحمن) [طه: 108]، ونحو ذلك مما يذكر اسمه الرحمن في هذا. تفسير السعدي:697.     ﴿ قَالُوا۟ يَٰوَيْلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ﴾ [سورة يس آية:﴿٥٢﴾] يعنون: قبورهم التي كانوا يعتقدون في الدار الدنيا أنهم لا يبعثون منها، فلما عاينوا ما كذبوا به في محشرهم قالوا: (يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا)، وهذا لا ينفي عذابهم في قبورهم؛ لأنه بالنسبة إلى ما بعده في الشدة كالرقاد. ابن كثير:3/552.     ﴿ قَالُوا۟ يَٰوَيْلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٥٢﴾] وقيل: إن الكفار لما قال بعضهم لبعض: (من بعثنا من مرقدنا) صدقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به، ثم قالوا: (هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) فكذبنا به؛ أقروا حين لم ينفعهم الإقرار. القرطبي:17/465.     ﴿ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَآ إِلَىٰٓ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٥٠﴾] وخص الأهل بالذكر؛ لأن القول معهم في ذلك الوقت أهم على الإنسان من الأجنبيين، وأوكد في نفوس البشر. ابن عطية:4/457.     ﴿ مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَٰحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٤٩﴾] يعني: يختصمون في أمر الدنيا من البيع والشراء، ويتكلمون في المجالس والأسواق. البغوي:3/643.     ﴿ مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَٰحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٤٩﴾] (وهم يخِصِّمون) أي: وهم لاهون عنها، لم تخطر على قلوبهم في حال خصومتهم وتشاجرهم بينهم، الذي لا يوجد في الغالب إلا وقت الغفلة. السعدي:697.     ﴿ لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٧٠﴾] لينذر القرآن (من كان حياً) يعني: مؤمناً، حي القلب؛ لأن الكافر كالميت في أنه لا يتدبر ولا يتفكر. البغوي:3/649.     ﴿ وَمَا عَلَّمْنَٰهُ ٱلشِّعْرَ وَمَا يَنۢبَغِى لَهُۥٓ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ ﴾ [سورة يس آية:﴿٦٩﴾] روى ابن القاسم عن مالك أنه سئل عن إنشاد الشعر فقال: لا تكثرن منه، فمن عيبه أن الله يقول: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له). القرطبي:17/484.     ﴿ وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى ٱلْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٦٨﴾] يخبر تعالى عن ابن آدم أنه كلما طال عمره رد إلى الضعف بعد القوة، والعجز بعد النشاط... والمراد من هذا -والله أعلم- الإخبار عن هذه الدار بأنها دار زوال وانتقال، لا دار دوام واستقرار. ابن كثير:3/555.     ﴿ وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِى ٱلْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٦٨﴾] يخبر تعالى عن ابن آدم أنه كلما طال عمره رد إلى الضعف بعد القوة، والعجز بعد النشاط... والمراد من هذا -والله أعلم- الإخبار عن هذه الدار بأنها دار زوال وانتقال، لا دار دوام واستقرار. ابن كثير:3/555.     ﴿ ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰٓ أَفْوَٰهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا۟ يَكْسِبُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٦٥﴾] قيل: لأن اليد مباشرة لعمله، والرجل حاضرة، وقول الحاضر على غيره شهادة، وقول الفاعل على نفسه إقرار بما قال أو فعل، فلذلك عبر عما صدر من الأيدي بالقول، وعما صدر من الأرجل بالشهادة. القرطبي:17/476.     ﴿ ۞ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَٰبَنِىٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا۟ ٱلشَّيْطَٰنَ ۖ إِنَّهُۥ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾ [سورة يس آية:﴿٦٠﴾] وهذا التوبيخ يدخل فيه التوبيخ عن جميع أنواع الكفر والمعاصي؛ لأنها كلها طاعة للشيطان وعبادة له. السعدي:698.     ﴿ وَٱمْتَٰزُوا۟ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٥٩﴾] قال مقاتل: اعتزلوا اليوم من الصالحين،... وقال الضحاك: إن لكل كافر في النار بيتاً؛ يدخل ذلك البيت ويردم بابه بالنار، فيكون فيه أبد الآبدين. البغوي:3/645.     ﴿ إِنَّ أَصْحَٰبَ ٱلْجَنَّةِ ٱلْيَوْمَ فِى شُغُلٍ فَٰكِهُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٥٥﴾] هذا يؤذن بأن أهل الجنة عجل بهم إلى النعيم قبل أن يبعث إلى النار أهلها، وأن أهل الجنة غير حاضرين ذلك المحضر. ابن عاشور:23/41.     ﴿ فَسُبْحَٰنَ ٱلَّذِى بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٨٣﴾] ما قدروا الله حق قدره، وكل من أنكر البعث فإنما أنكره لجهله بقدرة الله سبحانه وتعالى. ابن جزي:2/230.     ﴿ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَآ أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٨٠﴾] ثم ذكر دليلاً ثالثاً على البعث: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون) فإذا أخرج النار اليابسة من الشجر الأخضر الذي هو في غاية الرطوبة، مع تضادهما وشدة تخالفهما، فإخراجه الموتى من قبورهم مثل ذلك. السعدي:700.     ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِىٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [سورة يس آية:﴿٧٩﴾] أي: يعلم العظام في سائر أقطار الأرض وأرجائها أين ذهبت، وأين تفرقت وتمزقت. ابن كثير:3/559.     ﴿ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٧٦﴾] أي: نحن نعلم جميع ما هم فيه، وسنجزيهم وصفهم، ونعاملهم على ذلك؛ يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلاً ولا حقيراً، ولا صغيراً ولا كبيراً، بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديماً وحديثاً. ابن كثير:3/558.     ﴿ فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ۘ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٧٦﴾] إنا نعلم أن الذي يدعوهم إلى قيل ذلك الحسد، وهم يعلمون أن الذي جئتهم به ليس بشعر، ولا يشبه الشعر، وأنك لست بكذاب، فنعلم ما يسرون من معرفتهم بحقيقة ما تدعوهم إليه، وما يعلنون من جحودهم ذلك بألسنتهم علانية. الطبري:20/553.     ﴿ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَٰفِعُ وَمَشَارِبُ ۖ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٧٣﴾] فرع على هذا التذكير والامتنان قوله: (أفلا يشكرون) استفهاماً تعجيبياً؛ لتركهم تكرير الشكر على هذه النعم العِدّة، فلذلك جيء بالمضارع المفيد للتجديد والاستمرار؛ لأن تلك النعم متتالية متعاقبة في كل حين. ابن عاشور:23/69.     ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعَٰمًا فَهُمْ لَهَا مَٰلِكُونَ ﴾ [سورة يس آية:﴿٧١﴾] أي: ضابطون قاهرون، أي: لم يخلق الأنعام وحشية نافرة من بني آدم لا يقدرون على ضبطها، بل هي مسخرة لهم. البغوي:3/649.   الكلم الطيب    
    • الحمد لله قضى فأسقم الصحيح وعافى السقيم، قسَّم عباده إلى قسمين طائعٍ وأثيم، فمنهم من أطاعه فكان من الطائعين الفائزين، ومنهم من عصاه فكان من العاصين الخاسرين، ومنهم من تردَّد بين الأمرين وإنما الأعمال بالخواتيم، خرج موسى عليه السلام خائفًا يترقَّب فعاد لأهله وهو الكليم، وذهب ذو النون مغاضبًا فالتقمه الحوت وهو مليم، وعاش محمد صلى الله عليه وسلم يتيمًا فكان الفضل لذلك اليتيم، وكل ذلك بتقدير العزيز العليم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا شيء يُعجزه، ولا إله غيره، أول بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا ما يريد، لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام، ولا يُشْبِه الأنام، حيٌّ لا يموت قيُّوم لا ينام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه وخليله، صلى عليه بارئ العباد ما جرت الأقلام بالْمِداد، وما أمطرت سحبٌ وسَالَ وادٍ، وأهله وصحبه ومن سلك سبيلهم، ما دار نَجْمٌ في فلك؛ أما بعد:     فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده بسند حسنه الألباني عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعملَ بهن أو يُعلِّمهن من يعمل بهن؟ قال: قلت: أنا يا رسول الله، قال: فأخذ بيدي فعَدَّ فيها خمسًا، وقال: اتَّقِ المحارمَ تَكُنْ أعْبَدَ النَّاس، وارضَ بما قسم الله لك تَكُنْ أغنى الناس، وأحْسِنْ إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تُكْثِر الضَّحِكَ؛ فإن كثرة الضحك تُميت القلب))، هذا الحديث من جوامع كَلِمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد تضمَّن خمس وصايا هي من أعظم ما يوصي به مسلمٌ أخاه، مما يتميز به ديننا، ويُسجَّل من محاسنه الجليلة.           أولى هذه الوصايا: الأمر باتَّقِاء المحارم، والمحارم هي ‏المحرَّمات التي حرمها الله تعالى، والكبائر التي نهى عنها الإسلام، وجاء ذِكْرُها في كتاب الله تعالى، وفي سنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ من مثل قول الله تعالى من سورة الأعراف: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33]، ومعنى ((اتَّقِ المحارمَ تَكُنْ أعْبَدَ النَّاس))؛ أي: مِن أعبدهم؛ لأن المسلم مُطالَب باتَّقِاء المحارم، ومطالب كذلك بفعل الفرائض؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به، فافعلوا منه ما استطعتم))، ولأن الله تعالى يَغارُ إذا انتُهكت حرماته؛ في الصحيحين: ((إن الله يغارُ، وغَيرةُ الله أن يأتي المؤمن ما حرَّم الله عليه))، فقد عظَّم من شأن هذه الحرمات، وجعل اتِّقاءها واجتنابها خيرًا عظيمًا؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "أي: ومن يجتنب معاصيه ومحارمه، ويكون ارتكابها عظيمًا في نفسه، ﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30]؛ أي: فله على ذلك خير كثير، وثواب جزيل، فكما يجزيه على فِعْلِ الطاعات ثوابًا كثيرًا، وأجرًا جزيلًا، كذلك على ترك المحرمات واجتناب المحظورات"، قال الحسن: "ما عبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه"، وقال عمر بن عبدالعزيز: "ليست التقوى قيامَ الليل وصيام النهار، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى أداءُ ما افترض الله، وتَرْكُ ما حرَّم الله، فإن كان مع ذلك عملٌ فهو خير إلى خير"، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن التفاني في العبادة وفعل الطاعات لا ينفع صاحبه، إذا كان يعتدي على حرمات الله، فيستسهل المعاصي، ويركب المنكرات؛ فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَأعلَمَنَّ أقوامًا من أُمَّتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تِهامة بيضاء، فيجعلها الله عز وجل هباء منثورًا، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفْهم لنا، جلِّهم لنا؛ ألَّا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: أمَا إنهم إخوانكم، ومن جِلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوامٌ إذا خَلَوا بمحارم الله انتهكوها))، وابتُلي سيدنا يوسف عليه السلام بامرأة اجتمعت فيها جميع المغريات، حتى إنها غلقت الأبواب، وقالت: ﴿ هَيْتَ لَكَ ﴾ [يوسف: 23]، أو هِئْتُ لك؛ أي: تهيأت لك، ومع ذلك قال: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ [يوسف: 23]، ثم تحمَّل سبع سنين من السجن على ألَّا يقع في المعصية؛ قال ابن الجوزي رحمه الله بعدما ذكر القصة: "هنا تكون العبودية لله".           ((وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس))، كن قنوعًا بما وهب الله تعالى لك، ولا تنظر إلى ما في أيدي الناس، وانظر إلى من هو أقل منك مالًا وولدًا، ولا تحمل همَّ الرزق؛ فالله تعالى تكفَّل لك به، وخزائنه ملآى لا تنفَدُ، فلا تشغل بالك بما ضُمِن لك من الرزق.     والله والله أيمان مكررة ثلاثة عن يمن بعد ثانيها لو أن في صخرة صماء ململمة في البحر راسية مُلْسٌ نواحيها رزقًا لعبدٍ يراه الله لانْفَلَقَت حتى تؤدي إليه كل ما فيها أو كان بين طباق السبع مسلكها لسهَّل الله في المرقى مراقيها حتى ينال الذي في اللوح خُطَّ له فإن أتَتْهُ وإلا سوف يأتيها           فما دام الأجل باقيًا، كان الرزق آتيًا، ولا تحزن إذا صرف الله تعالى عنك الدنيا، ربما صرفها عنك لتنجو، وربما زوى عنك من متاع الدنيا حتى يسهل لك الحساب يوم القيامة، وربما لو أغناك لَبغَيتَ وتجبَّرتَ؛ ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27]؛ قال ابن مسعود: "إن العبد لَيهُمُّ بالأمر من التجارة والإمارة حتى ييسر له، فينظر الله إليه فيقول للملائكة: اصرفوه عنه، فإني إن يسَّرته له أدخلته النار، فيصرفه الله عنه، فيظل يتطير يقول: سبقني فلان، حسدني فلان، دهاني فلان، وما هو إلا فضل الله عز وجل"، فإن من قنع بما قُسِمَ له، ولم يطمع فيما في أيدي الناس، استغنى عنهم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الغِنى عن كثرة العَرَضِ - والعَرَضُ هو ما يُنتفَع به من متاع الدنيا - ولكن الغِنى غِنى النفس))؛ [رواه البخاري ومسلم]، وقال صلوات الله تعالى عليه: ((قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه))؛ [رواه مسلم].           ((وأحْسِنْ إلى جارك تكن مؤمنًا))، وعند البيهقي بسند صححه الألباني: ((أن رجلًا قال: يا رسول الله، دُلَّني على عمل إذا عمِلت به دخلت الجنة؟ فقال: كن محسنًا، فقال: يا رسول الله، كيف أعلم أني محسن؟ قال: سَلْ جيرانك، فإن قالوا إنك محسن، فأنت محسن، أو قالوا إنك مسيء، فأنت مسيء))، فخيرُ الناس منزلةً عند الله خيرهم لجاره، لقد وقف جبريلُ مُمسكًا بثياب النبي صلى الله عليه وسلم موصيًا إياه بالجار على اختلاف ديانته، حتى ظن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سيجعل للجار نصيبًا من الميراث، وعظَّم النبي حرمة الجار؛ في مسند الإمام أحمد بسند صححه الألباني عن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((ما تقولون في الزنا؟ قالوا: حرَّمه الله ورسوله، فهو حرام إلى يوم القيامة، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: لَأن يزنيَ الرجل بعشرة نسوة أيسرُ عليه من أن يزني بامرأة جاره، قال: فقال: ما تقولون في السرقة؟ قالوا: حرمها الله ورسوله، فهي حرام، قال: لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسرُ عليه من أن يسرق من جاره))، إن أذى الجار يُحبِط الأعمال، ويمحو الحسنات؛ صحح الألباني أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ((إن أذى الجار يمحو الحسنات، كما تمحو الشمسُ الجليدَ))، ومعنى ذلك أن الرجل إذا حصَّل كثيرًا من الحسنات، ثم أذى جاره، فقد حبِط عمله وفَنِيَت حسناته، كان أبو حنيفة يأتي بعد صلاة العشاء يريد أن يسبح الله، ويصلي ويبكي، ويدعو ويقرأ القرآن، لكن هذا الجار عزوبي ليس عنده إلا طبل يضرب عليه ويرقص، فكان أبو حنيفة لا يستطيع أن ينام، ولا يستطيع أن يقرأ، ولا أن يصلي، فيصبر ويحتسب، وفي ليلة من الليالي الطويلة ما سمع أبو حنيفة الصوتَ، انتظر، هل يسمع صوتًا؟ ما سمع الرقص، ولا سمع ضرب الطبل، ولا سمع الدربكة، فعجب، طرق باب الدار فما أجابه أحد، سأل الجيران: أين فلان؟ قالوا: أخذته شرطة السلطان، قال: سبحان الله! جاري يأخذونه ولا يخبرونني، ثم ذهب في الليل فركب بغلته، ولبس ثيابه، فاستأذن على السلطان وسط الليل، قال الجنود للسلطان: أبو حنيفة إمام الدنيا يريد مقابلتك، فقام السلطان من نومه والتقى به عند الباب يعانقه، قال له: يا أبا حنيفة، لماذا ما أرسلت إلينا؟ نحن نأتيك لا أن تأتينا، قال: كيف أخذتم جاري وما أخبرتموني به؟ قالوا: إنه فعل وفعل وفعل، قال: ردُّوا عليَّ جاري، قالوا: لو طلبت الدنيا لأعطيناك الدنيا، فركب جاره معه على البغلة، وأخذ جاره يبكي، قال أبو حنيفة: ما لك؟ قال: آذيتك كل هذه الأيام والأعوام والسنوات، وما تركتك تنام، ولا تصلي ولا تقرأ، ولما فقدتني ليلة أتيتَ تتشفع فيَّ، أُشْهِد الله ثم أُشهدك أنني تائب إلى الله.           في شعب الإيمان بسند صحيح عن أبي هريرة، قال: ((قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل، وتصدَّق، وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها، هي من أهل النار، قيل: وفلانة تصلي المكتوبة، وتصدق بالأثوار من الأقِطِ - اللبن المجفف - ولا تؤذي أحدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي من أهل الجنة))، وفي مسند أحمد بسند صححه الألباني: ((إن ممن يحبهم الله عز وجل رجلًا كان له جار سوء يؤذيه، فصبر على أذاه حتى يكفيه الله إياه بحياة أو موت)).           بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.           الخطبة الثانية     أما بعد:     فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وأحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا))، فلا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه؛ جاء ضيف إلى النبي فقال: ((من يضيِّف هذا الليلةَ رحمه الله؟ فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: هل عندك شيء، قالت: لا إلا قوت صبياني، قال: فعلِّليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأرِيه أنَّا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تُطفئيه، قال: فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد عجِب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة؛ فنزلت هذه الآية: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]؛ قال ابن كثير: "أي: يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك".           ((ولا تُكْثِر الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب))، في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أمة محمدٍ، والله لو تعلمون ما أعلم، لَبَكَيتم كثيرًا، ولضحكتم قليلًا))، قال ابن عباس: "من أذنب ذنبًا وهو يضحك، دخل النار وهو يبكي"، ومرَّ الحسن البصري بشاب وهو مستغرق في ضحكه، وهو جالس مع قوم في مجلس، فقال له الحسن: يا فتى، هل مررت بالصراط؟ قال: لا، قال: فهل تدري إلى الجنة تصير أم إلى النار؟ قال: لا، قال: فما هذا الضحك؟ فما رُؤيَ الفتى بعدها ضاحكًا.           هذا، وصلوا وسلموا على البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وسلم.
      أبو زيد السيد عبد السلام رزق   شبكة الالوكة
    • تحية المسلمين عن أبي هريرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك؛ فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن).                                 ذكر نبي الله يونس عليه السلام     عن أبي هريرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال- يعني: الله تبارك وتعالى-: (لا ينبغي لي (و قال ابن المثنى: لعبدي) أن يقول: أنا خير من يونس بن متى عليه السلام).              قصة موسى مع الخضر عليهما السلام   عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل إنما هو موسى آخر، فقال: كذب عدو الله، حدثنا أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا)، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فقال له: (بلى لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال: " أي رب ومن لي به؟ -وربما قال سفيان: أي رب وكيف لي به؟- قال: تأخذ حوتا فتجعله في مكتل حيثما فقدت الحوت فهو ثم).. فذكر الحديث   قصة موسى عليه السلام مع ملك الموت عليه السلام عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (جاء ملك الموت إلى موسى -عليه السلام- فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسى عليه السلام عين ملك الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله تعالى فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني، قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدي فقل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة قال: ثم مه؟ قال: ثم تموت قال: فالآن من قريب رب أمتني من الأرض المقدسة رمية بحجر). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر).                فضل الله على نبيه أيوب عليه السلام عن أبي هريرة (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك).    
         
    • باب ذكر الموت وقصر الأمل قال الله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} [آل عمران (185)]. ---------------- في هذه الآية: وعد للمصدقين والمتقين ووعيد للمكذبين والعاصيين، وأن الفائز من نجي من النار، وأدخل الجنة، وأن من اغتر بالدنيا فهو مغرور خاسر.       قال تعالى: {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت} [لقمان (34)]. ---------------- قال قتادة: أشياء استأثر الله بهن فلم يطلع عليهن ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، {إن الله عنده علم الساعة}، فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة، في أي سنة، أو في أي شهر، {وينزل الغيث}، فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلا أو نهارا، {ويعلم ما في الأرحام}، أذكر أم أنثى، أحمر أو أسود، وما هو، {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا} أخير أم شر، ولا تدري يا ابن آدم متى تموت، لعلك الميت غدا، لعلك المصاب غدا، {وما تدري نفس بأي أرض تموت}، أي ليس من أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض، أفي بحر، أم في بر، أو سهل، أو جبل. وروى الطبراني عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما جعل الله منية عبد بأرض إلا جعل الله له فيها حاجة». وقال أعشى همدان: فما تزود مما كان يجمعه...؟؟... سوى حنوط غادة البين مع خرق...؟؟؟ وغير نفحة أعواد تشب له...؟؟... وقل ذلك من زاد لمنطلق...؟؟؟؟ لا تأسين على شيء فكل فتى...؟؟... إلى منيته سيار في عنق...؟؟؟ وكل من ظن أن الموت يخطئه...؟؟... معلل بأعاليل من حمق...؟؟؟ بأيما بلدة تقدر منيته...؟؟... إلا يسير إليها طائعا شبق...؟؟؟       قال تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [الأعراف (34)]. ---------------- أي: إذا جاء وقت انقضاء أعمارهم لا يتأخرون عنه، ولا يتقدمون.       قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون * وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين * ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون} [المنافقون (9: 11)]. ---------------- في هذه الآيات: النهي عن الاشتغال بالأموال، والأولاد عن طاعة الله، والأمر بالإنفاق قبل الموت، والحض على المبادرة بالأعمال الصالحة، والتوبة قبل حضور الأجل.       قال تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون * فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون * تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون * ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} إلى قوله تعالى: {... كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسئل العادين * قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون * أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون (99: 115)]. ---------------- قوله تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون}، أي: ردوني إلى الدنيا {لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا}، ردع عن طلب الرجعة، واستبعاد لها {إنها كلمة هو قائلها}، لا محالة، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه {ومن ورائهم}، أي: أمامهم، {برزخ إلى يوم يبعثون}، {فإذا نفخ في الصور}، وهو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل للبعث {فلا أنساب بينهم}، أي لا تنفع، {يومئذ ولا يتساءلون}، أي: لا يسأل قريب قريبه، بل يفرح أن يجب له حق ولو على ولده. {فمن ثقلت موازينه}، أي: موازين أعماله، {فأولئك هم المفلحون} الفائزون بالنجاة والدرجات، {ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون * تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} أي: عابسون، وهم الكفار، {ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون}. وأما المسلمون فمن خفت موازين حسناته فإنه تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه، ومصيره بعد ذلك إلى الجنة. {قالوا}، أي الكفار: {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون * قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما}، نسوا مدة لبثهم في الدنيا لعظم ما هم بصدده من العذاب، وقيل: المراد السؤال عن مدة لبثهم في القبور؛ لأنهم أنكروا البعث. فقيل لهم لما قاموا من القبور: {كم لبثتم}، {قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسئل العادين}، أي: الحاسبين، وهم الملائكة، {قال إن لبثتم إلا قليلا}، أي: ما لبثتم فيها إلا زمانا قليلا، {لو أنكم كنتم تعلمون}، أي: لما آثرتم الفاني على الباقي، {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا}، لعبا وباطلا. {وأنكم إلينا لا ترجعون}، أي: في الآخرة للجزاء، {فتعالى الله الملك الحق}، أي: تقدس، أن يخلق شيئا عبثا لا لحكمة، فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك {لا إله إلا هو رب العرش... الكريم}.       قال تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} [الحديد (16)]. ---------------- {ألم يأن} ألم يحن، أي: أما آن للمؤمنين {أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} أي: تلين عند الذكر والموعظة وسماع القرآن فتفهم، وتنقاد له. قال ابن عباس: إن الله استبطأ المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن أول ما يرفع من الناس الخشوع». وقال ابن مسعود: إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، اخترعوا كتابا من عند أنفسهم استهوته قلوبهم، واستحلته ألسنتهم، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم، فقالوا: تعالوا ندعوا بني إسرائيل إلى كتابنا هذا، فمن تابعنا عليه تركناه، ومن كره أن يتابعنا قتلناه، ففعلوا ذلك. وروي عن ابن المبارك أنه في صباه حرك العود ليضربه، فإذا به قد نطق بهذه الآية، فتاب ابن المبارك، وكسر العود، وجاءه التوفيق والخشوع. {وكثير منهم فاسقون} أي: خارجون عن طاعة الله، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لتتبعن سنن من كان قبلكم».       عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي، فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل». وكان ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رواه البخاري. ---------------- الإنسان في الدنيا غريب ووطنه الحقيقي الجنة، وهي التي أنزل الله بها الأبوين ابتداء، وإليها المرجع إن شاء الله تعالى بفضل الله ورحمته، وهو مسافر في الدنيا بالأعمال الصالحة، وترك الأعمال السيئة، والمسافر لا يأخذ من المتاع إلا ما تدعوا إليه ضرورته، فإن الدنيا دار ممر، والآخرة هي دار المقر، فتزودوا من ممركم لمقركم، يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع، وإن الآخرة هي دار القرار. قال الشارح محمد بن علان رحمه الله تعالى: إذا أمسيت فابتدئ الفلاحا...؟؟... ولا تهمله تنتظر الصباحا...؟؟؟ وتب مما جنيت فكم أناسا...؟؟... قضوا نحبا وقد باتوا صحاحا...؟؟       عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما حق امرئ مسلم، له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده». متفق عليه، هذا لفظ البخاري. ---------------- وفي رواية لمسلم: «يبيت ثلاث ليال» قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي. فيه: استحباب الوصية، واستحباب كتابتها، فإن كان عليه دين أو عنده أمانة وجب كتابتها. وفيه: أنه لا ينبغي للمسلم أن يغفل عن الموت والاستعداد له.       عن أنس - رضي الله عنه - قال: خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطوطا، فقال: «هذا الإنسان، وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاء الخط الأقرب». رواه البخاري. ***     عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: «هذا الإنسان، وهذا أجله محيطا به - أو قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا، نهشه هذا، وإن أخطأه هذا، نهشه هذا». رواه البخاري. ---------------- ذكر فيه صور كثيرة، وأقربها هكذا -، فالخط الأوسط هو الإنسان، والمربع: أجله، والصغار: الآفات تعرض له، والخارج من المربع أمله. وفي الحديث: التحريض على قصر الأمل والاستعداد لبغتة الأجل.       عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر»؟!. رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن).ضعفه الالبانى فى تحقيقه لرياض الصالحين ---------------- في الحديث: الأمر بالمسارعة إلى الأعمال الصالحة، قبل حصول واحدة من هذه النوازل التي تذهل الإنسان من التوجه إلى العبادات.       عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكثروا ذكر هاذم اللذات» يعني: الموت. رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن). ---------------- هاذم اللذات بالمعجمة، أي: قاطعها. وروي بالمهملة أي مزيلها من أصلها. وفي حديث أنس مرفوعا: «أكثروا ذكر هاذم اللذات فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها... عليه».     عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ثلث الليل قام، فقال: «يا أيها الناس، اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه» قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: «ما... شئت» قلت: الربع، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: فالنصف؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: فالثلثين؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك». رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن). ---------------- في هذا الحديث: تنبيه الناس من سنة الغفلة وتحريضهم على الطاعات. والراجفة: هي النفخة الأولى. والرادفة: الثانية. قال الله تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} [الزمر (68)]. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «جاء الموت بما فيه». أي: من الأهوال عند الاحتضار، وفي القبر وأهواله. وقوله: فكم أجعل لك من صلاتي، أي: من دعائي. وفيه: جواز ذكر الإنسان صالح عمله، لغرض كالاستفتاء ونحوه.       باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر       عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها». رواه مسلم. ---------------- النهي عن زيارة القبور كان في أول الإسلام، لقرب عهدهم بالجاهلية وكلماتها القبيحة، وأفعالهم التي كانوا يألفونها عند القبور، فلما علموا أحكام الشرع أمرهم بزيارتها لأنها تذكر الآخرة. وروى الحاكم عن أنس مرفوعا: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزورها فإنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة، ولا تقولوا... هجرا».       عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد». رواه مسلم. ----------------       عن بريدة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية». رواه مسلم. ***       عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور بالمدينة فأقبل عليهم بوجهه، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر». رواه الترمذي، وقال: (حديث حسن). ---------------- في هذه الأحاديث: استحباب زيارة القبور والدعاء لأهلها.      
    • اللهم آمين يارب يا أم سارة الحبيبة  سعدت بمرورك الجميل ها هنا بارككِ الله ..
  • أكثر العضوات تفاعلاً

  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • أم أنيس تشعر الآن ب حزينة
    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      181938
    • إجمالي المشاركات
      2535169
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93135
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    أأم محمد
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×