اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57970
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180624
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259975
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8323
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30261
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53081
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97011
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36839
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29722
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32205
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34855
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38419 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

      { والعصر} أول مرحلة لاستثمار حياتك معرفة قيمة الوقت الذي تعيشه وأنه زمن لن يعود ، وسيكون لك أو عليك/محمد الربيعة

      ﴿والعصر۝إنّ الإنسان لَفي خُسْر۝إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصَوْا بالحقِّ وتواصَوْا بالصبر﴾ الذين اتصفوا بهذه الصفات الأربع هم الرابحون ومن سِواهم فهو خاسر عصره، وهذه الحكمة مِن أنّ الله أقسم بالعصر دون غيره؛ لأنّ العصر هو خزائن الأعمال./ ابن عثيمين

      -قال حكيم : من سره أن يعلم ماله عند الله عزوجل فليعرض نفسه على هذه السورة !( والعصر إن الإنسان لفي خسر ... )

      مهما كنت… أربعة مالم تكن عندك.. فأنت خاسر.. خاسر.. خاسر.. ” إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر “/ نايف الفيصل

      { وتواصوا بالصبر }ختم الأعمال بالصبر لكونه جامعا لما قبله ، وجميع ماسبق محتاج إليه ، ولذلك كان ( الصبر شطر الإيمان) /محمد الربيعة





      إن هذه السورة وإن كانت قليلة الآيات، قصيرة المقاطع، فإنها سورة عظيمة في معانيها، بليغة في مبانيها

      وقد تحدثت هذه السورة عن إثبات الخسارة التامة لكل إنسان كفر بالله تعالى، وحاد عن طاعته، واستثنت من الخسارة العامة أهلَ الإيمان والعمل الصالح، الذين من أعمالهم: التواصي بالحق والتواصي بالصبر.

      عباد الله، إن هذه السورة عظيمة القدر، عميقة المضمون، كثيرة النفع لمن تدبَّرها وعمل بما فيها، ومما يدل على هذا: إدراك سلفنا الصالح لذلك، فقد جاء عن أبي مدينة الدارمي - وكانت له صحبة - قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر: ﴿ والعصر إن الإنسان لفي خسر ﴾"رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح.

      وقال الشافعي رحمه الله: "لو تدبَّر الناس هذه السورة لوسعتهم" تفسير ابن كثير (4/ 671).

      يقول تعالى بعد بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ: ﴿ وَالْعَصْرِ ﴾.
      هذا افتتاح مشوق افتتحت به السورة الكريمة؛ حيث ابتدأ بأسلوب قسم، وهو من أساليب التوكيد، والقسم يؤذن بأهمية ما بعده، وهي طريقة من طرق الكلام الذي يراد الانتباه له والعناية به، والقسم في العربية يتكون من: مقسِم، وأداة قسم، ومقسَم به، وجواب قسم، فالمقسم هنا هو الله تبارك وتعالى، وأداة القسم هي الواو، وهي حرف من أحرف القسم الثلاثة، والمقسم به هو العصر، وجواب القسم قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾.

      ولله تعالى أن يقسم بما شاء؛ فيقسم بنفسه؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ [يونس:53]، ويقسم بما شاء من خلقه، كما هنا، وكقوله تعالى: ﴿ وَالضُّحَى ﴾ [الضحى:1].

      فهنا أقسم الله تعالى بالعصر، والمراد بالعصر: الدهر كله، أقسم الله به لما فيه من العجائب؛ أمة تذهب وأمة تأتي، وقدَر ينفذ وآية تظهر، وهو هو لا يتغير، ليل يعقبه نهار، ونهار يطرده ليل، فهو في نفسه عجب...

      أما المكلف فلا يحل له أن يقسم إلا بالله؛ باسم من أسمائه تعالى أو صفة من صفاته، وإقسامه بغير الله لا يجوز؛ كأن يقسم بمخلوق، بآبائه أو أولاده، أو بالأمانة، أو بالحرام والطلاق، أو غير ذلك؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت) متفق عليه.     معشر المسلمين، ثم قال تعالى: ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ ﴾، صُدِّر جواب القسم بحرف: "إن" الذي يفيد التوكيد، وهذا يعني هنا تحقق ما بعد هذه الأداة وحصوله بلا ريب.

      وقد سُمي الإنسان إنسانًا قيل من النسيان؛ لنسيان آدم؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ [طه:115].




      وقوله تعالى: ﴿ لَفِي خُسْرٍ ﴾، يعني: إن الإنسان غارق في الخسارة، وتحيط به من كل جانب، وهذا أبلغ من أن يقال: إن الإنسان لخاسر"

      والخسر ضد الربح، ومعناه: الهلاك والنقصان، والمراد بالخسارة: دخول النار، ونيل غضب الجبار، وعدم دخول الجنة وعدم نيل رضوان.

      إن خسارة الإنسان البعيد عن الله تعالى كبيرة، وهي حاصلة بترك أوامر الشرع وفعل نواهيه، وهي على مراتب، تتفاوت بتفاوت المعاصي، فهناك خسارة كبرى، وهناك خسارات صغرى:
      فالكافر خاسر، والمنافق خاسر، والمشرك خاسر، والمرتد خاسر، فمن ترك الإيمان والعمل الصالح وصار إلى النار بكفره أو بشركه أو بنفاقه واتباعه للشيطان، فهو في خسران مبين؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 119]، وقال: ﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 31]، وقال: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11]، وقال: ﴿ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ﴾ [غافر: 85]، وقال: ﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الزمر: 15].

      والمبتدع في دين الله خاسر، وأهل الربا خاسرون، ومستبيحو الدماء بالباطل خاسرون، وهاتكو الأعراض خاسرون، وآخذو أموال الناس بالباطل خاسرون، ومطلقو ألسنتهم في الباطل خاسرون، والذين ما وجدوا لذة الإيمان، ووجدوها في مقارفة العصيان خاسرون.

      ولن يدرك الجميعَ الربحُ والفلاح حتى يتوبوا إلى الله توبة نصوحًا؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ﴾ [القصص: 67].




      أيها الإخوة الفضلاء، ثم يقول تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 3].

      هذا استثناء من عموم الخسارة التي تلحق كل إنسان، ولا يسلم منها إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

      فأولى هذه الصفات: الإيمان، وهي كلمة لها حقيقة وبرهان، فحقيقتها استقرارها في الجَنان، وبرهانها ظهور آثارها على الجوارح والأركان، وليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، إنما الإيمان ما وقر في القلب وصدَّقه العمل؛ كما قال الحسن البصري

      وقد تحدث القرآن الكريم والسنة النبوية عن الإيمان حديثًا كثيرًا؛ عن كنهه ومعناه، وعن أعماله، وأسباب الحصول عليه ووسائل زيادته، وعوامل نقصانه، وعن ثمراته وآثاره، وعن صفات أهله وجزائهم في الدنيا والآخرة؛ يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [الأنفال: 3] ﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 4].

      وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وستون شعبة، فأفضلها: قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)، وفي رواية لمسلم: (بضع وسبعون شعبة).

      فعلى المسلم أن يرقى من درجة الإسلام إلى درجة الإيمان؛ فإن درجة الإيمان رفيعة، وأن يسعى إلى زيادة إيمانه على مراقي الأعمال الصالحة، وترك الأعمال السيئة؛ حتى يصل إلى درجة الإحسان.     وقوله تعالى: ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾، وهذا هو برهان الإيمان وجناح النجاة الآخر، فالطيران إلى آفاق الفوز لا يكون إلا على جناحي الإيمان والعمل الصالح؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: 9]، وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ [الكهف: 107].





      والعمل الصالح هو العمل بالأوامر، واجتناب النواهي الشرعية الواردة في الكتاب والسنة.

      والعمل الصالح متنوع؛ فمنه ما يكون عملًا باطنًا؛ كالتوحيد ومحبة أولياء الله، وبُغض أعدائه، والإخلاص لله تعالى، ومنه ما يكون ظاهرًا، وأمثلته كثيرة غير محصورة.

      ومنه ما يكون بين العبد وربه؛ كالصلاة والصيام والدعاء، وتجنُّب الحرام في المطعم والمشرب والملبس، ومنه ما يكون بين العبد وغيره من المخلوقين؛ كالإحسان إلى الوالدين وذوي القربى والجيران، وسائر الناس، حتى مع الحيوان، والابتعاد عن إيذائهم بالباطل بقتل أو انتهاك، أو أخذ حق، وغير ذلك.



          ثم قال تعالى: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾، والتواصي بالحق هو من جملة العمل الصالح، وإنما خصَّه تعالى بالذكر لأهميته، ولفت الانتباه إليه؛ إذ قد يظن بعض الناس أنه يكفيه للنجاة أن يكون مؤمنًا وعاملًا بالصالحات فحسب، ولا يهمه غيره بعد ذلك، وربما يستدل بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]، وهو استدلال خاطئ، فعن قيس بن أبي حازم قال: قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105].

      وإنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيِّرونه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقابه) .

      فالمؤمن الصالح لا يكتفي بصلاح نفسه فقط، بل يسعى إلى إصلاح غيره، ولا يكفيه أن يكون صالحًا، بل عليه أن يرقى إلى أن يكون مصلحًا؛ عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم) .

      والخير لا ينتشر ولا يُعرَف إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن على من أراد السعي إلى ذلك أن يكون على علمٍ وحكمة؛ لأنه إذا لم يكن كذلك فقد يفسد أكثر مما يصلح؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108]، وقال: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [النحل: 125].

      وبقاء هذه الشعيرة في الأمة من علامات الخير فيها؛ كما قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].


      فالمؤمنون يتواصون بينهم بالحق، وهو: كل ما كان طاعة لله تعالى؛ فالتواصي بالحق من ذلك، والتواصي بإقام الصلاة من ذلك، والتواصي بترك المعاصي من ذلك، والتواصي بإصلاح الظاهر والباطن من ذلك، وهذا الموقف الأسبوعي بين أيديكم - أعني خطبة الجمعة - هو من التواصي بالحق.



      عباد الله، ثم قال تعالى: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾، ما أحسن هذا وأجمله، وأنفعه وأفضل أثره! نعم، فكما أننا محتاجون إلى التواصي بالحق، فنحتاج كذلك إلى التواصي بالصبر على ذلك الحق؛ التواصي بالصبر على طاعة الله، والتواصي بالصبر عن معصية الله، والتواصي بالصبر على قدر الله تعالى، وكما قلنا في التواصي بالحق من حيث التخصيص، فالتواصي بالصبر هو من التواصي بالحق، لكن الله تعالى خصَّه بذلك لأهميته، ولأن التواصي بالحق يحتاج إلى صبر كبير على أذى الناس؛ ولهذا قال لقمان لابنه كما قال الله تعالى: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17].

      وكذلك التواصي بالحق يحتاج إلى لزوم حصن الصبر الذي يمنع من الاندفاع والطيش الذي يوصل إلى نتائج غير محمودة، ولو كانت نية صاحبه صالحة، فما أحسن هذا التخصيص بعد التخصيص بعد التعميم! ومما لا شك فيه أن الصبر عبادة عظيمة، وقربة إلى الله تعالى كبيرة؛ ولهذا كثُر ذكرُ الصبر في لسان الوحي؛ أمرًا به، ونهيًا عن ضده، وبيانًا لمنزلته وثمراته، وذكرًا للمقامات العلية التي ينالها أهل الصبر.

      فهو بلا ريب نصف الإيمان ومجمع الفضائل، وسد مَنيع أمام طوفان الشهوات والهوى التي تحب أن ترتع في الرذائل؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، وقال: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن يتصبَّر يصبِّره الله، وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر)

      تدبروا سورة العصر، واتَّجهوا بعد ذلك للعمل بها، واحذَروا أن تكونوا من أهل الخسارة، ولكن لنكن جميعًا من أهل الإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

      فما أجمع ما تحتويه هذه السورة من المعاني! وما أحوجنا إلى العمل بما تضمنته من الخير! وما أجمل العاقبة التي تنتظر العاملين بما دعت إليه هذه السورة الكريمة!
      هذا وصلُّوا وسلِّموا على المبعوث رحمةً للعالمين.

      عبدالله بن عبده نعمان العواضي

      شبكة الالوكة

       
    • في مجال القَصص القرآني نجد من أنبياء بني إسرائيل الذين كثُر حديث القرآن عنهم: نبي الله موسى عليه السلام، فهو أكثر نبي فصَّل القرآن قصتَه، وذكر أحواله المختلفة، وتناول جوانب متعددة من حياته الأسرية، وحياته الدعوية، ومن يتأمل في قصة يوسف وقصة موسى- خاصة الجوانب التي ذكرت من قصة موسى في سورة القصص- يلاحظ وجُوهًا متقاربة، وأحوالًا متشابهة.

      إن نبي الله يوسف عليه السلام هو ابن يعقوب الملقب بإسرائيل عليه السلام، وكان ليعقوب اثنا عشر ابنًا، نشأت عنهم اثنتا عشرة قبيلة من بني إسرائيل، فجاء موسى بن عمران من نسل أحد أبناء يعقوب، وهو لاوي بن يعقوب عليه السلام، وكان بين موسى ويعقوب آباء، كان يعقوب هو الجد الرابع أو الخامس لموسى، كما ذكر بعض أهل العلم

      عباد الله، تبدأ القصة - في حديثنا عن المقارنة بين القصتين - بالإلقاء لكلا النبيَّيْنِ الكريمين؛ فيوسف أُلقي في الجب - يعني: البئر- وموسى أُلقي في اليمِّ- يعني: نهر النيل- وقد ألقت يوسف في الجُبِّ أيدٍ تريد أن تتخلَّص منه، وألقت موسى في اليمِّ يدٌ تريد أن تُخلِّصَه، فأيدي الإلقاء في الجُبِّ أيدٍ كارهة ليوسف، وهي أيدي إخوته الذين حسدوه لمزيد حبِّ أبيهم له، فأرادوا الخلاص منه بهذا الفعل الشائن؛ قال تعالى: ﴿ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ﴾ [يوسف: 10]، ثم قال: ﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [يوسف: 15]، وأما يد إلقاء موسى في اليمِّ فهي يدٌ مُحِبَّة، رحيمة حانية، أرادَتْ أن تُخلِّصه من أيدي جنود فرعون الذين يسعون وراء مواليد بني إسرائيل من الذكور لقتلهم؛ لأن فرعون قد أُخبِر عن طريق بعض الكهنة -كما قيل- بأن زوال مُلْكِه سيكون على يد غلام من بني إسرائيل؛ فألهمَ اللهُ أمَّ موسى أن ترضعه حتى يشبع، ثم تُلقيه في اليمِّ، ففعلت ذلك عن ثقة بالله تعالى، وتصديق بوعده الذي لا يتخلَّف بردِّه إليها حيًّا؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7]، وبعد الإلقاء في الجُبِّ واليمِّ جاء الإنقاذ لهما إلى بَرِّ الأمان؛ فيوسف عليه السلام أنقذَتْه أيدٍ تجارية، فباعَتْه بثمنٍ بخسٍ دراهمَ معدودة، حتى وصل إلى عزيز مصر، فعاش في قصره رقيقًا؛ قال تعالى عن يوسف: ﴿ وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ * وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ * وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 19 - 21]، وأما موسى فوصل إلى أيدي علية القوم؛ وهم آل فرعون الذين يقتلون الأطفال؛ ولكنهم لما كانوا جنودًا مأمورين لم يستعجلوا في قتل موسى حتى تصدُر إليهم الأوامر بذلك من قِبَل فرعون؛ فلذلك حملوا موسى إلى قصر فرعون، فلما رآه فرعون وزوجته تبايَنَتْ نظرتُهما إليه؛ فأما فرعون فقد أراد التخلُّص منه على طريقته المعهودة من أجل غايته المقصودة، وأمَّا زوجته فإنها حينما لم يكن لها ولدٌ؛ فقد تملَّكَتْها عاطفةُ الأمومة، فطلبت إبقاءه وتربيته في قصرها؛ رجاء أن يكون قُرَّةَ عينٍ لهما، فنفَّذ فرعون طلب زوجته، فأبقى موسى حيًّا؛ قال تعالى: ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ * وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 8، 9].






      ونلاحظ في هذا الفصل من فصول حياتي هذين النبيَّيْنِ الكريمَينِ أمورًا:
      الأول: أنهما كليهما من أولاد يعقوب.
      الثاني: أن كليهما فُقِد عن أسرته.
      الثالث: أن كليهما ناله الإلقاء في الماء.
      الرابع: أن كليهما لم يدم طويلًا في الماء بل أُنْقِذ منه.
      الخامس: أن كليهما وصل إلى قصر في مصر؛ فيوسف استقرَّ في قصر عزيز مصر، وموسى استقرَّ في قصر ملك مصر فرعون.

      السادس: أن كلَّ مُستقبِلٍ مكرِمٌ لكلٍّ منهما في ذينك القصرين؛ رجاء نفعه أو اتخاذه ولدًا، فقد نطق العزيز وامرأة فرعون بجملة متفقة؛ قال تعالى عن العزيز: ﴿ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [يوسف: 21]، وقال عن امرأة فرعون: ﴿ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [القصص: 9].





      ومما اشترك فيه يوسف وموسى عليهما السلام: حزن الوالدين الشديد على فَقْدِهما؛ فيوسف قد احتال إخوته على أبيهم لأخْذِه للعب معهم، وهم عازمون على التخلُّص منه، فألقوه في الجُبِّ، ثم عادوا إلى أبيهم، فأخبروه الخبر الكاذب بهلاك يوسف بين براثن الذئب ومخالبه، فأدخلوا على أبيهم يعقوب بذلك حزنًا عميقًا، استمرَّ معه سنين عددًا، حتى ذهب بَصَرُ يعقوب من شدة الحزن والبكاء على يوسف؛ قال تعالى: ﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 16 - 18]، وقال تعالى أيضًا بعد فَقْدِ بنيامين في مصر: ﴿ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ * وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 81 - 84].

      وأما أُمُّ موسى فقد حزنت على فراقه حزنًا كبيرًا، حتى أصبح قلبها فارغًا من شواغل الدنيا إلا من ذكر موسى، ومن شدة وَجْدِها عليه وشوقها إليه، وقد قاربت أن تخبر أن لها ولدًا مفقودًا؛ ولكن الله ربط على قلبها فلم تُبِحْ بسرِّها؛ قال تعالى: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [القصص: 10].





      ومما اشترك فيه هذان النبيَّان الكريمان أن الله قد وعد والديهما بنجاة ولَدَيهما، وعودتهما إليهما سالمينِ، وكانا على يقين من حياتهما بعد فقدهما؛ ولذلك أرسلا أولادهما للبحث عنهما؛ قال تعالى عن يعقوب: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 86-87]، وقال عن أم موسى: ﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7]، وقال أيضًا: ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 11].



      أما أخت موسى، فعادَتْ بالخبر سريعًا إلى أمِّها حينما وجدته في قصر فرعون، وأما إخوة يوسف فلم يرجعوا بخبره إلى أبيه، إلا بعد سنوات عقب رحلة تجارية قاموا بها من الشام إلى مصر، حصلت فيها بعض الأحداث.





      و إن من الملاحظ في هذا الفصل من القصتَينِ أن الله تعالى قد جعل سببين مختلفين لعودة يوسف وموسى لأسرتيهما؛ فأما سبب عودة يوسف إلى أبيه، فهو الرحلة التجارية لإخوة يوسف، التي تخللتها أحداث منها: أخذ يوسف لأخيه بنيامين محتجزًا مكرمًا لديه حتى يصل به إلى أبيه يعقوب بعد أن عرَفَ أن أصحاب القافلة هم إخوته، وبعد محاورةٍ وأحوالٍ جَرَتْ بين يوسف وإخوته في مصر، عاد يوسف إلى أبيه الأسيف عليه، فاجتمع به في مصر؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ * قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ * قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ * قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ * وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ ﴾ [يوسف: 88 - 94].

      وأما سبب عودة موسى إلى أمِّه فهو حاجته للارتضاع؛ إذ لم يقبَل ثديَ امرأةٍ غير ثدي أُمِّه، وكان ذلك بقدرة الله تعالى وحكمته ورحمته بأمِّ موسى؛ فقال تعالى: ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص: 12، 13].




      والملاحظ في هذا الفصل من القصتَينِ أيضًا: أن القرآن الكريم وصف حال عودة يوسف، وفصَّل فيها، بخلاف قصة عودة موسى، ولعل من أسباب ذلك: طول مدة فَقْدِ يوسف، وأثر ذلك في يعقوب وصحَّته، وأما موسى فقد بقي مدة يسيرة، ثم عاد إلى أُمِّه، فيعقوب عليه السلام فرح فرحًا عظيمًا بحياة يوسف ومعرفة مكان وجوده، فرجع إليه بَصَرُه بعد عَماه؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 96 - 98].




      ومما اشترك فيه النبيَّانِ الكريمانِ: أن كليهما وصل إلى بيت مُلْك، وإلى يد امرأة؛ فأما يوسف فعاش في ذلك البيت مولًى؛ لكنه لقي من صاحبه الإكرام والإنعام، غير أن نعمته لم تسلم من كدر في آخر عهده بذلك البيت؛ إذ ابتُلي بامرأة العزيز؛ حيث راوَدَتْه عن نفسه، ثم آل أمره بسبب تمنُّعه عنها إلى دخول السجن؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]، ثم قال: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]، إلى أن قال: ﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ﴾ [يوسف: 35]، وأما موسى فعاش في قصر فرعون كما يعيش أبناء الكبراء في نعمة وعناية، ولقي من امرأة فرعون الاحتفال والحفاوة والحب والحنان والخير الكثير؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 9].





      و لقد وصف الله تعالى كلا الرسولين الكريمين بآيةٍ واحدةٍ متفقة الألفاظ وهي قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 22]، إلا أنه زاد في وصف موسى لفظ: "واستوى"، فقال: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [القصص: 14]، والسبب: أن موسى أُوحي إليه في سِنِّ الأربعين من عمره، وهي سِنُّ كمال القوة، وأما يوسف فأُوحي إليه قبل ذلك، كما قيل؛ ولذلك لما زاد موسى بالسن والقوة زيد في وصفه بقوله: "واستوى"، وقيل في سبب الزيادة بوصف الاستواء: أن موسى ورد في الأحاديث وصفه بكمال القوة البدنية، وطول القامة؛ فلهذا زيد وصفه بالاستواء لذلك السبب والله أعلم.




      ومما اشترك فيه النبيَّانِ الكريمانِ يوسف وموسى عليهما السلام: التنعُّم الكبير، والبلاء الكثير؛ فيوسف مرَّتْ حيَّاته بطورين: طور البلاء والرق، وطور التنعُّم والعِزِّ؛ ففي الطور الأول: ابتُلي بعداوة إخوته حتى أُلقي في الجُبِّ، وابتُلي ببيعه حتى صار رقيقًا في بيت العزيز، وابتُلي بمراودة امرأة العزيز؛ مما أدَّى به ذلك إلى دخول السجن، ولبثه فيه سنوات، وبعد هذا كله جاء الطور الثاني؛ وهو طور التنعُّم والعِزِّ، وسيأتي في نهاية القصة.

      وموسى كذلك مرَّ بطورين مخالفين لطوري يوسف، فقد ابتدأتْ حياتُه بالتنعُّم والعِزِّ في بيت فرعون، ثم جاء الطور الثاني: طور البلاء، فقد ابتُلي بقتل القبطي من غير عمد؛ انتصارًا لرجل من بني إسرائيل، حتى آل الأمر إلى تآمُر الملأ عليه من أجل قتله، فخرج عن مصر إلى مدين، فاستقرَّ فيها ثماني سنوات أو عشرًا، بعيدًا عن أهله وبلده؛ قال تعالى: ﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾ [القصص: 15]، ثم قال تعالى: ﴿ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ * فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ * وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 18 - 21].



      وأما النهاية لقصتي هذين النبيين الكريمين، فهي أنه قد صار كلٌّ منهما في مهمة عامة كانت هي خاتمة فصول قصته؛ فيوسف عليه السلام خرج من السجن إلى الجاه العريض، والعز المنيف، والتمكين في أرض مصر، بعد مرور فصول من الابتلاء عليه؛ حيث صار على خزائن مصر، فجاءت الحاجة بأهله من الشام حتى اجتمعوا إليه في مصر، وخرُّوا له سُجَّدًا، وبذلك تحقَّقَتْ رؤياه، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ * وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 99 - 101].

      وأما موسى عليه السلام فقد رجع من مدين إلى مصر رسولًا من الله إلى فرعون وقومه، فدعاهم إلى دين الله، فأبى فرعون قبول دعوته، فخرج موسى ببني إسرائيل من مصر، فتبعهم فرعون وجنوده، فأهلك اللهُ فرعون ومَنْ معه في اليمِّ، ونجَّى موسى وبني إسرائيل، فسار بهم في صحراء سيناء في طريقه إلى بيت المقدس، إذ كان قد طلب منهم أن يدخلوا الأرض المقدَّسة، ويقاتلوا الجبَّارين فيها، لكنَّ بني إسرائيل أبوا عليه ذلك، فضرب عليهم التيه في سيناء أربعين سنة، وفي تلك المدة مات موسى عليه السلام، وهذه النهاية من قصة كليم الله تناولَتْها آياتٌ كثيرةٌ من القرآن العظيم في سورة القصص وغيرها.



      في هاتين القصتَينِ تجلَّى الحبُّ والبغض، والأُلْفة والعداوة، والإحسان والإساءة، والقُرْب والبُعْد، وظهر في القصتَينِ: حنان الأبوَّة والأمومة وحزنهما، ونفع الأُخوَّة وضرُّها.

      وصُوِّر في القصتين: الحزن والفرح في أحوال مختلفة؛ حزنُ الفَقْد والفِراق، وفرح العودة والتلاقي، وحزن البلاء، وفرح النجاة منه، وحزن العداوة، وفرح إذابتها.







      من هذه المقارنة بين هاتين القصتَينِ نتعلَّم:

      أن الابتلاء عنصر ملازم للحياة الإنسانية، غير أن الله تعالى يبسط على الصالحين من عباده أجنحة لطفه وعنايته، ويُسخِّر لهم من عباده مَنْ يُخفِّفُون عنهم شدَّة وَطْأته.

      ونتعلم من هاتين القصتَينِ: أن الفرج يعقب الشدَّة، طالت الشدَّة أم قصرت، وأن المحن تخفي في طواياها المنح، ورُبَّ أمرٍ أحزن أوَّلُه، أفرَح آخِرُه.

      ونتعلم من هاتين القصتَينِ: أن الثقة بالله تعالى، وحسن الظن به طريق إلى المطالب الحميدة، والخروج من المآزق الشديدة.

      ونتعلم من هاتين القصتين: أن مفارقة الولد لوالديه تحزنهما حزنًا شديدًا، وهذا يستدعي كمال بِرِّ الأولاد بالوالدين، وحسن رعايتهما، والقيام بحقِّهما.


      ونتعلم من هاتين القصتَينِ: أن الأخت قد تنفع أخاها، والأخ قد يضُرُّ أخاه في جوِّ العداوة والحسد.


      ونتعلم من هاتين القصتين: أن اختيار الله لعبده خيرٌ من اختيار العبد لنفسه، والموقف الصحيح في ذلك: أن يرضى المسلم بما قدره الله عليه، ويحسن الظن بالله، ويثق بحسن بلائه، فمن فعل ذلك، خفَّ بلاؤه، وقلَّ عناؤه، وقرب فرجُه، وتيسَّر مخرجُه، وأُجِرَ على مصائبه، وسما في مناقبه.


      هذا وصلوا وسلموا على من أُمِرْتم بالصلاة والسلام عليه.


      عبدالله بن عبده نعمان العواضي

      شبكة الالوكة

    • تغريدات د. إبراهيم الحميضي مما يُعين على التَّدبر معرفة علوم السورة: أسمائها، وسبب نزولها، ومكانه، وموضوعاتها، ومقصدها، وفضلها. وهذه السورة الكريمة إحدى سور المُفصَّل، نزلت في مكة، وتحدثت عن إثبات الوحي، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وبطلان الشرك. ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي) كل شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى به فهو وحي أوحاه الله تعالى إليه. بعض المشاركين حاولوا التماس دلالاتٍ بعيدة للنَّجم كتشبيه النبي بالنجم في الهداية، وهذا من التفسير الإشاري، وهو مقبول بشروط. (إن هي إلا أسماء سميتموها) الأسماء والأوصاف والألقاب الكاذبة لاتغير الحقائق، ولاترفع المخلوقَ فوق منزلته، ولاتسوّغ الغلوَّ فيه.     تغريدات المشاركين تحت وسم المجلس والتي تم إعادة تغريدها من قبل الضيف (وأن ليس للإنسان إﻻ ماسعى) بــــادر بالخيــــر ﻵخــــرتك فليس لك من اﻷعمــــال إﻻماقدمــــت اﻵن ” عندها جنة المأوى ” ما أعظم المكان وما أجمل ما حوله القرآن يعلمنا الإنصاف (ألا تزر وازرة وزر أخرى) إذا أردت خيري الدنيا والآخرة فسل من يملكهما(فلله الآخرى والأولى) ) وكم من ملك في السموات… ) على جلالة قدرهم لا تغني شفاعتهم شيئا فكيف اذا بأصنامكم وأحجاركم اللات والعزى ومناة ” وإبراهيم الذي وفى ” تأمل وصف ربنا لأحد خلقه قام بكل ما طلب منه (ما زاغ البصر وما طغى)كمال أدب النبي عليه السلام في هذا المقام العظيم حيث لم يلتفت يمينا وشمالا ولهذا وصف ‘إنك لعلى خلق عظيم’ ﴿ما ضل صاحبكم وما غوى﴾ قوم الرجل أخبر به من غيرهم وبهذا خاطبهم الله أن ما افتروه على نبيه محمدﷺخلاف ماعرفوه عنه. (أزفت الآزفة)تذكرُنالاقتراب الآخرة يزهدنا في الدنيا (فلله الآخرة واﻷولى)بدأ بالآخرة لأن ظهور ملك الله في اﻵخرة أكثر مما في الدنيا،(لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) يُخبرالله عن عظمته وقدرته ، ذلك لتتعرف عليه معرفة توجب تعظيمه وتورث قلبك طاعته وشكره وذكره .. {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}فإن التقوى محلها القلب،والله هو المطلع عليه،المجازي على ما فيه من بر وأما الناس فلا يغنون عنكم شيئا”   تغريدات حسابي إسلاميات تحت وسم المجلس والتي تم إعادة تغريدها من قبل الضيف  سورة النجم تقررصدق الوحي وتبين طريقة تلقي الوحي بكل تفاصيلها حتى كأن السامع يراهاأمام عينيه فلا يبقى في قلبه أدنى شك أن الوحي حق الوحي قائم على الحق والصدق والحقيقة(وماينطق عن الهوى) وادّعاءات الكفار ماهي إلا أوهام وضلالات وظنون(إن يتبعون إلا الظن) (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) اعمل بصمت ولا تفاخر واحرص على أن تأتيك التزكية ممن يعلم صدق سريرتك وصلاح نفسك   سؤال المجلس: في السورة دلالة على أن الجنة في السماء. اذكر الشاهد. الإجابة: (عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ)     تغريدات المشاركين تحت وسم المجلس والتي لم يتم إعادة تغريدها من قبل الضيف ” فلله الآخرة والأولى ” خسارتك فى الآخرة أعظم من خسارتك فى الدنيا لذلك ذكرت أولا ” ليس لها من دون الله كاشفة ” مهما كانت الغيوم شديدة والمحن مؤلمة تعلق بالله يكشف كروبك ويزيل آلامك .. إذا أردت معرفة الهوى فهو باختصار مخالفة الوحي (وماينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى) تعالج هذه السورة مسألة الايمان بالوحي وتبين الفرق الجلي بين الرسالات السماوية والأفكارالتي يبتدعها عباقرةالفكرمن البشر ظلال السيره سورة النجم سورة تبيّن صدق الرسول صلى الله عليه وسلّم وأنّ ما يقولهُ للناس إنَّما هو وحيٌ من الله تعالى ، فهو عليه السلام لا يكذب. كان المشركون بسورة النجم قاب قوسين او ادنى من الايمان حين سجدوا كاد ذلك (وان ليسَ للإنسان إلّا ما سعى ) مبدأ ثابت اعمل لنجاة نفسك ولا تنتظر أحدايوزّع عنك مصاحفاأو يحفر لك بئرًا بعد وفاتك “هوأعلم بمن اتقى”والله ان العبد ليصب عليه معرفة نيته في عمله فكيف يتسلط على نيات الخلق.ابن القيم “أم للإنسان ماتمنى” الجاهل يسعى لتحقيق أمنياته ولايضع توفيق الله في حساباته   تغريدات حسابي إسلاميات تحت وسم المجلس والتي لم يتم إعادة تغريدها من قبل الضيف أيّ تشريف للنبي الذي قال له ربه (فإنك بأعيننا)أن يُستدعى للحضرة الإلهية التي لم يسبقه لها أحد فرأى من آيات ربه الكبرى! جبريل الملك شديد القوى صار كالحلس البالي عند سدرة المنتهى ومحمد العبد البشر ثبت وأنصت وتلقى من ربه ما زاغ بصره وما طغى (أم للإنسان ما تمنى) ليس كل ما تتمناه وتهواه واقع إنما الواقع أنه (فلله الآخرة والأولى) زكّى الله نبيه في رحلة المعراج: زكى لسانه وقلبه وبصره حتى صار قرآنا يمشي على الأرض فتمسّك بالوحي لعلك تنال تزكية ربك.. (أفرأيت الذي تولى*وأعطى قليلا وأكدى) العبرة بدوام العمل فما مدح الله عبدا أعطى قليلا ثم أكدى! قواعد الدين ثابتة لا تتبدل (لا تزروازرة وزر أخرى) (وأن ليس للإنسان إلا ماسعى وأن سعيه سوف يرى) (ثم يجزاه الجزاءالأوفى) (وأن إلى ربك المنتهى) إذا عرفت هدفك ومنتهاك عشت وفق مقتضياته لا تحيد ولا تزيغك أوهام وظنون..  سورة النجم تتحدث عن رحلة واحدة هي المعراج التي فرضت فيها الصلاة والصلاة معراجك خمس مرات في اليوم ألم يئن لك أن يثبت قلبك فتخشع؟! (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس) كيف تتّبع الهوى وقد جاءك الهدى؟!! (ما زاغ البصر وما طغى) كيف يزيغ بصرك وأنت في صلاتك ونبيك وهو يكلّف بالصلاة لم يزغ بصره وهو في حضرة ربه؟! (ماضل صاحبكم وماغوى) نفى عن النبي الأمرين وفي طريق العبد لا بد أن تسلم من الضلال والغواية حتى تكون على الصراط المستقيم أيّ تهيئة ربانية هذه التي جعلت النبي ثابتًا وجبريل يقترب حتى كان قاب قوسين أو أدنى ما فزع قائلا: زملوني، دثّروني؟!   اسلاميات  
    • عباد الله: اتقوا الله تعالى وتَعَلَّمُوا مِن هديِ نبيِّكم صلى الله عليه وسلم ما يَنفعُكم في دينكم ودُنياكم وأُخراكم، فخيرُ الْهَدْيِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وإنَّ معرفتَكَ أخي المسلم لهدي نبيِّك صلى الله عليه وسلم في أمورهِ كُلِّها يدعوك إلى اتِّباعهِ ومَحَبَّتهِ ومَحَبَّةِ ما يُحبُّه وكَراهةِ ما يَكْرَهُه، ويدعوكَ إلى الاقتداءِ به صلى الله عليه وسلم، قال ابنُ عبدِ البرِّ: (ومِن صريحِ الإيمانِ حُبُّ ما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحبُّه، واتِّباعُ ما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَفعَلُه؛ أَلا ترَى إلى قولِ أنس: فلم أزَلْ أُحبُّ الدُّبَّاءَ بعدَ ذلك اليوم) انتهى، ومِن التعرُّف على هديه صلى الله عليه وسلم: أنْ نَتَعَرَّفَ في هذه الْجُمُعَةِ على طعامهِ وشَرابهِ صلى الله عليه وسلم.

      عباد الله: لقد تَنَاوَلَ صلى الله عليه وسلم مِن الأطعمة النباتية مِن الحبوب:
      أولًا: الشعير، قال أبو هريرةَ رضي الله عنه: (خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنَ خُبْزِ الشَّعِيرِ) رواه البخاري، وقال ابْنِ عَبَّاسٍ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَبِيتُ اللَّيَالِي الْمُتَتَابِعَةَ طَاوِيًَا -أي خالي البطن جائعًا- وأَهْلُهُ لا يَجِدُونَ عَشَاءً، وكَانَ أَكْثَرُ ‌خُبْزِهِمْ خُبْزَ الشَّعِيرِ) رواه الترمذي وصحَّحه، و(عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا كَانَ يَبْقَى عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌مِنْ ‌خُبْزِ ‌الشَّعِيرِ ‌قَلِيلٌ ولا كَثِيرٌ») رواه الطبراني في الأوسط وحسَّنه المنذري.

      ومِن الْحُبوب ثانيًا: الْحِنْطةُ -وهي القَمْحُ والبُرُّ-: قالَ أَبُو حَازِمٍ: (رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ مِرَارًا يَقُولُ: «وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، مَا شَبِعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًَا ‌مِنْ ‌خُبْزِ ‌حِنْطَةٍ ‌حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا») رواه مسلم.

      ثالثًا: الثريد -وهو طعامٌ يُتخذ مِن التمرِ والدقيقِ والسَّمْنِ-: قالَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ: (أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِ الثَّرِيدِ فَقَالَ: «كُلُوا بِسْمِ اللهِ مِنْ حَوَالَيْهَا، ‌واعْفُوا ‌رَأْسَهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَأْتِيهَا مِنْ فَوْقِهَا») رواه ابنُ ماجه وصحَّحه الألباني.

      رابعًا: الْخَزِيرَةُ، قال عِتْبانُ بنُ مالِك في دعوتهِ للنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيتِه: (وَحَبَسْنَاهُ ‌عَلَى ‌خَزِيرٍ صَنَعْنَاهُ لَهُ) الحديث رواه البخاري ومسلم، قال ابنُ الأثير: (الْخَزِيرَةُ: ‌لَحْمٌ ‌يَقَطَّع ‌صِغَارًا ويُصَبُّ عَلَيْهِ ماءٌ كَثِير، فَإِذَا نَضِج ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقيق، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَحْمٌ فَهِيَ عَصِيدَة، وَقِيلَ: هِيَ حَسًَا مِنْ دَقِيقٍ ودَسَمٍ، وَقِيلَ: إِذَا كَانَ مِنْ دَقيق فَهِيَ حَرِيرَة، وَإِذَا كَانَ مِنْ نُخَالة فَهُوَ خَزِيرَةٌ) انتهى.

      خامسًا: العَصِيدُ -هُوَ دَقيق ‌يُلَتُّ ‌بالسَّمْن ‌ويُطْبخ-: قال عَبْدُ اللهِ بْنُ بُسْرٍ الْمَازِنِيُّ: (بَعَثَنِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَدْعُوهُ إِلَى طَعَامٍ، فَجَاءَ مَعِي، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنَ الْمَنْزِلِ أَسْرَعْتُ، فَأَعْلَمْتُ أَبَوَيَّ فَخَرَجَا فَتَلَقَّيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَحَّبَا بِهِ، وَوَضَعْنَا لَهُ قَطِيفَةً كَانَتْ عِنْدَنَا زِئْبِرِيَّةً -أي قطيفة ضخمة- فَقَعَدَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ أَبِي لأُمِّي: ‌هَاتِ ‌طَعَامَكِ، فَجَاءَتْ بِقَصْعَةٍ فِيهَا دَقِيقٌ قَدْ عَصَدَتْهُ بِمَاءٍ وَمِلْحٍ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «خُذُوا بِاسْمِ اللهِ مِنْ حَوَالَيْهَا، وَذَرُوا ذُرْوَتَهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ فِيهَا»، فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَكَلْنَا مَعَهُ، وَفَضَلَ مِنْهَا فَضْلَةٌ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ، وَبَارِكْ عَلَيْهِمْ، وَوَسِّعْ عَلَيْهِمْ في أَرْزَاقِهِمْ») رواه الإمام أحمد وصححه محققو المسند.

      سادسًا: السويق: ففي حديث خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر: (ثُمَّ ‌دَعَا ‌بالأَزْوَادِ -الطعام الذي يُتخذ للسفر- فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ -أي بُلَّ بالْماءِ-، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا) رواه البخاري، والسويق هو اسمٌ لصنف من الطعام يُتخذ مِن حَبِّ القمحِ الغضِّ غيرِ الناضجِ، يُحمَّص ويُدق ويُخلط بالتمرِ أو السكر الطبيعي ويُؤكل في السفر حين يصعبُ الطبخ-.

      سابعًا: الْجَشِيشةُ- جاء في حديث عِتبان: (وَحَبَسْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ‌جَشِيشَةٍ ‌صَنَعْنَاهَا لَهُ) رواه مسلم، قال ابن الأثير: (جَشِيشَة: هِيَ أَنْ تُطْحَن الحِنْطَة طَحنًا جَلِيلا، ثُمَّ تُجْعَل في القُدُور ويُلقَى عَلَيْهَا لَحْمٌ أَوْ تَمْرٌ وتُطْبَخ، وَقَدْ يُقال لَهَا ‌دَشِيشَة بالدَّال) انتهى.

        عباد الله: وأما الثمارُ التي كان يأكلُها صلى الله عليه وسلم.

      فأولُها: التمرُ والرُّطَب: فقد كان يأكلها مُفردًا ومقرونًا بغيره، قال أَنَسٌ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ ‌حَتَّى ‌يَأْكُلَ ‌تَمَرَاتٍ) رواه البخاري، وقال عَبْدُ اللهِ بْنُ بُسْرٍ: (نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي قَالَ: فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ ‌طَعَامًا ‌وَوَطْبَةً فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمْرٍ، فَكَانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِي النَّوَى بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى) الحديث رواه مسلم، والوَطْبة: هو الحيس يجمع التمر البَرْني والأَقِط الْمَدقوق والسَّمِن، وقالت عائشة رضي الله عنها: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ فَيَقُولُ: ‌«نَكْسِرُ ‌حَرَّ ‌هَذَا بِبَرْدِ هَذَا، وَبَرْدَ هَذَا بِحَرِّ هَذَا») رواه أبو داود وحسَّنه الألباني، وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌يَجْمَعُ ‌بَيْنَ ‌الرَّطِبِ ‌وَالْخِرْبِزِ) رواه النسائيُّ في الكبرى وصحَّحه ابنُ حَجَر، وقال: (الْخِرْبِزِ.. نَوْعٌ مِنَ الْبِطِّيخِ الأَصْفَرِ) انتهى، وقال عبدُالله بنُ جعفر: («رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌يَأْكُلُ ‌الرُّطَبَ ‌بِالْقِثَّاءِ») رواه البخاري ومسلم، والقِثاء نوعٌ مِن الْخِيار، قال ابن القيم: (وإذا كَانَ في أَحَدِ الطَّعَامَيْنِ كَيْفِيَّةٌ ‌تَحْتَاجُ ‌إِلَى ‌كَسْرٍ ‌وَتَعْدِيلٍ، كَسَرَهَا وَعَدَّلَهَا بِضِدِّهَا إِنْ أَمْكَنَ، كَتَعْدِيلِه صلى الله عليه وسلم حَرَارَةِ الرُّطَبِ بِالْبِطِّيخِ) انتهى.


      ثانيًا: الرُمَّان، (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ ‌بِرُمَّانٍ ‌يَوْمَ ‌عَرَفَةَ فَأَكَلَ) رواه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني.

      ثالثًا: الكَبَاث -وهو النضيج مِن ثَمَرِ الأراك- قال جَابِرٌ: (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَجْنِي الْكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ‌«عَلَيْكُمْ ‌بِالأَسْوَدِ ‌مِنْهُ فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ») رواه البخاري ومسلم.

      رابعًا: جُمَّار النخل -وهو الشحم الذي في وسَطِ النخلة- قال ابْنُ عُمَرَ: (كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‌وَهْوَ ‌يَأْكُلُ ‌جُمَّارًا) رواه البخاري.

      خامسًا: الدُّبَّاء -وهو القَرْع ومن أنواعه الصغار: الكوسا-: قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: («إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ، قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوْلِ الصَّحْفَةِ، ‌فَلَمْ ‌أَزَلْ ‌أُحِبُّ ‌الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمَِئِذٍ»، وَقَالَ.. فَجَعَلْتُ أَجْمَعُ الدُّبَّاءَ بَيْنَ يَدَيْهِ) رواه البخاري ومسلم.

      سادسًا: وَرَقُ الشجر: قال سَعْدٌ: (رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا لَنَا ‌طَعَامٌ ‌إِلاَّ ‌وَرَقُ الْحُبْلَةِ أَوِ الْحَبَلَةِ حَتَّى يَضَعَ أَحَدُنَا مَا تَضَعُ الشَّاةُ) رواه البخاري، وعند مسلم: (حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا)، والحُبْلَة: ثَمَر السَّمُر، والحَبَلَة: قضيب شجر العنب.



      عباد الله: وأما طعامُ نبيِّكم صلى الله عليه وسلم مِن الزيوت والْخَلِّ والْحَلْوى:
      أولًا: الزيت، (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: «لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا شَبِعَ ‌مِنْ ‌خُبْزٍ ‌وَزَيْتٍ ‌فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ») رواه مسلم.

      ثانيًا: السَّمْنُ والأَقِط، قال ابنُ عبَّاس: (أَهْدَتْ خَالَتِي أُمُّ حُفَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ وَالأَقِطِ، ‌وَتَرَكَ ‌الضَّبَّ ‌تَقَذُّرًا، وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) رواه البخاري ومسلم.

      ثالثًا: الزُّبْدُ: (عَنِ ابْنَيْ بُسْرٍ السُّلَمِيَّيْنِ قَالَا: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعْنَا تَحْتَهُ قَطِيفَةً لَنَا، صَبَبْنَاهَا لَهُ صَبًّا، فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ الْوَحْيَ فِي بَيْتِنَا، وَقَدَّمْنَا لَهُ زُبْدًا، وَتَمْرًا، ‌وَكَانَ ‌يُحِبُّ ‌الزُّبْدَ صلى الله عليه وسلم) رواه أبو داود وصححه الألباني.

      رابعًا: الْخَلُّ، عن (طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ فِلَقًا مِنْ خُبْزٍ، فَقَالَ: «مَا مِنْ أُدُمٍ؟» فَقَالُوا: لا، إِلاَّ شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ، قَالَ: «فَإِنَّ الْخَلَّ نِعْمَ الأُدُمُ»، قَالَ جَابِرٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم». وَقَالَ طَلْحَةُ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ جَابِرٍ») رواه مسلم.

      خامسًا: أكلُه صلى الله عليه وسلم من الْخَبِيص: وهو معمول من تَمْرٍ وسَمْنٍ وهو من الحلوى، والحديث رواه الحارث في مسنده بسند حسن.

      و(عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‌يُحِبُّ ‌الْحَلْوَاءَ ‌وَالْعَسَلَ») رواه البخاري ومسلم، قال ابن القيم: (‌وَكَانَ صلى الله عليه وسلم ‌يُحِبُّ ‌الْحَلْوَاءَ ‌وَالْعَسَلَ، وَهَذِهِ الثَّلاثَةُ - أَعْنِي: اللَّحْمَ وَالْعَسَلَ وَالْحَلْوَاءَ - مِنْ أَفْضَلِ الأَغْذِيَةِ، وَأَنْفَعِهَا لِلْبَدَنِ، وَالْكَبِدِ وَالأَعْضَاءِ، ولِلاغْتِذَاءِ بِهَا نَفْعٌ عَظِيمٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ وَالْقُوَّةِ، ولا يَنْفِرُ مِنْهَا إِلاَّ مَنْ بِهِ عِلَّةٌ وَآفَةٌ) انتهى، وانتبه لقوله: (ولا يَنْفِرُ مِنْهَا إِلاَّ مَنْ بِهِ عِلَّةٌ وَآفَةٌ).




      فأما أطعمة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم، فمنها:

      أولًا: اللحم، فقد أكل صلى الله عليه وسلم من لحم الإبل التي أهداها في حَجَّته وشَرِبَ مِن مرقها، كما رواه مسلم، وأكل من لحم البقر، كما رواه مسلم، وأكل من لحم الشاة، كما رواه مسلم، وأكل مِن لَحْمِ الْحُمُر الوحشية -وهي المعروفة بألوانها المخطَّطة بالأبيض والأسود- كما في البخاري ومسلم، وأكلَ صلى الله عليه وسلم مِمَّا شَوى له بلالٌ مِن كَبِد وسنامِ الإبل، كما رواه مسلم، وأكل صلى الله عليه وسلم مِن سواد بطن الشاةِ -وهو كبدها أو كلُّ ما في بطنها مِن كَبِدٍ وغيرِه، كما في البخاري ومسلم، وأكلَ صلى الله عليه وسلم كَتِفَ الشاة، كما في البخاري ومسلم، وأكلَ صلى الله عليه وسلم مِن الذراع وكانت تُعجبه، كما في البخاري، وأكلَ صلى الله عليه وسلم الكُراع، كما رواه الإمام أحمد وصححه الألباني، والكُراع هو مُستدق الساق العاري من اللحم، وكان صلى الله عليه وسلم يأكل اللحم المتبقي على العظام، كما رواه مسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يأكلُ القديد وهو اللحم المملوح المجفف في الشمس، كما رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.

      ثانيًا: الْجُبْن، وأَكَلَهُ صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، كما رواه أبو داود وحسَّنه الألباني.




      عباد الله: ومما أكله نبيُّنا صلى الله عليه وسلم من الطيور:
      أولًا: الدجاج، فقد أكلَهُ صلى الله عليه وسلم، كما رواه البخاري.

      ثانيًا: الْجَرَاد، فقد أكلَه صلى الله عليه وسلم، كما رواه البخاري ومسلم.

      عباد الله: ومما أكله نبيُّنا صلى الله عليه وسلم من الحيوانات البرية: الحوت، كما رواه البخاري ومسلم.




      عباد الله: وأما أشربته صلى الله عليه وسلم: فمنها:
      أولًا: اللَّبَن، كما رواه البخاري ومسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يشربه كثيرًا.

      ثانيًا: الْماء، وكان صلى الله عليه وسلم يشرب الماء بأنواعه من زمزم وغيره، كما رواه البخاري ومسلم.

      ثالثًا: كان صلى الله عليه وسلم يشرب العسل، كما رواه البخاري ومسلم.

      رابعًا: كان صلى الله عليه وسلم يشرب الْمَاءَ المخلوط باللبن، والماء الْمخلوط بالسويق وهو المتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، كما في البخاري ومسلم.

      خامسًا: كان صلى الله عليه وسلم يشرب منقوع التمر، كما في البخاري ومسلم.

      سادسًا: كان صلى الله عليه وسلم يشرب منقوع الزبيب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُنْقَعُ لَهُ الزَّبِيبُ ‌فَيَشْرَبُهُ ‌الْيَوْمَ، ‌وَالْغَدَ، وَبَعْدَ الْغَدِ إِلَى مَسَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ فَيُسْقَى أَوْ يُهَرَاقُ»؛ رواه مسلم.

      سابعًا: كان صلى الله عليه وسلم يشرب النبيذ، كما رواه مسلم، وهو ما يُعمل من الأشربة من التمر أو الزبيب أو العسل فيُترك عليه الماء ليصير نبيذا.

      ثامنًا: كان صلى الله عليه وسلم يشرب الْمَرَق كما تقدَّم.

      تاسعًا: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ‌يُعْجِبُهُ ‌الثُّفْلُ)؛ رواه الإمام أحمد وحسنه محققو المسند، والثفل: هو حُثالة الشيء وهو الثخين الذي يبقى أسفل الصافي، وقيل هو ما بقي من الطعام في أسفل الإناء.

      عباد الله: إن فيما سمعتم إفادة للمٌتأسين بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتقريب للمقتدين بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتيسير على الباحث عن الجوانب الطبية والعلاجية للنبي صلى الله عليه وسلم، فطعامه وشرابه صلى الله عليه وسلم مُتكامل ومُتنوِّع، يُلَبِّي حاجة الجسم، وغيرُ مُتكَلَّف، فلم يقتصر صلى الله عليه وسلم على نوعٍ واحدٍ من المشتقات النباتية أو الحيوانية، بل كان يتناول هذا وهذا، كما كان صلى الله عليه وسلم يتناول المطاعم والمشارب المفردة والمركبة من أكثر من صنف، والمطعومات البرية والبحرية، والحلو والدسم، والمطبوخ والنيئ، وإن شاء الله نتحدث في إحدى الجمع القادمة عن آدابه صلى الله عليه وسلم في طريقة أكله وشربه، رَزَقَنَا الله جميعًا التأسِّي به صلى الله عليه وسلم في جميع أمورنا، اللهم ارزقنا الاهتداء بهدي نبيك صلى الله عليه وسلم، آمين.

      الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
      شبكة الالوكة



         

    • -  إذا أراد اللهُ عزَّ وجلَّ بعبدٍ خيرًا عسَّلهُ، وهل تَدْرونَ ما عسَّلهُ؟ قالوا: اللهُ عزَّ وجلَّ ورسولُهُ أعلمُ، قال: يفتَحُ اللهُ عزَّ وجلَّ له عملًا صالحًا بيْنَ يَدَيْ موْتِهِ حتَّى يَرضى عنه جيرانُهُ، أو مَن حوْلَهُ. خلاصة حكم المحدث : صحيح
      الراوي : عمرو بن الحمق | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 2641
      | التخريج : أخرجه ابن حبان (342)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (3298)، والحاكم (1258) باختلاف يسير     حُسْنُ الخاتِمةِ مِن تَوْفيقِ اللهِ سُبحانَه وتَعالى للعَبدِ، وإلهامُ العَبدِ أنْ يَعمَلَ صالِحًا قبلَ مَوْتِه مِنَ البَشائرِ له، ومِن إرادةِ اللهِ الخَيرَ به.   وفي هذا الحَديثِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إذا أرادَ اللهُ عزَّ وجلَّ بعبدٍ خَيرًا"، وإرادةُ اللهِ الخَيرَ لعَبدِه إنَّما تَكونُ بنَجاحِه وتَوْفيقِه له في الآخِرةِ فيُدخِلُه الجَنَّةَ، "عَسَلَه" من عَسَلِ الطعامِ، "وهل تَدْرونَ ما عَسَلَه؟ قالوا: اللهُ عزَّ وجلَّ ورسولُه أعلَمُ، قال: يَفتَحُ اللهُ عزَّ وجلَّ له عمَلًا صالِحًا بينَ يَدَيْ مَوْتِه" يَجعَلُه يَقومُ بعمَلٍ صالحٍ قبلَ مَوْتِه، ويَقبِضُ رُوحَه، وهو يُقيمُ هذا العمَلَ، أو عَقِبَ فِعْلِه له، كأنْ يُوفِّقَه للصَّلاةِ، أوِ الصِّيامِ، ويَقبِضَه على تلك الحالِ ونحوِ ذلك مِنَ الأعمالِ الصالحةِ، فعندَ مُسلمٍ: "يُبعَثُ كلُّ عبدٍ على ما مات عليه"، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "حتى يَرْضى عنه جِيرانُه، أو مَن حَوْلَه" من أهلِه وجيرانِه ومَعارِفِه، فيُبْرِئُونَ ذِمَّتَه، ويُثْنونَ عليه خَيرًا، فيَتقبَّلُ اللهُ شَهادَتَهم وتَزْكيَتَهم فيه، فشَبَّهَ ما رزَقَه اللهُ منَ العمَلِ الصالِحِ بالعَسَلِ الذي هو الطعامُ الصالحُ الذي يَحْلو به كلُّ شيءٍ، ويُصلِحُ كلَّ ما خالَطَه.   الدرر السنية    
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182570
    • إجمالي المشاركات
      2536180
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93298
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×