اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57989
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180624
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259988
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8329
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4165
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30261
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53081
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97011
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36839
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29722
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32205
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13119
      مشاركات
    3. 34855
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38420 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • مقتطفات الفوائد من تفسير ابن كثير- المجموعة الأولى 50 فائدة

      ١- قوله ﷻ :"أكّالون للسّحت"
      أي الحرام ، وهو الرشوة كما قاله ابن مسعود وغير واحد.

      ٢- قال تعالى"وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"
      وقال أبو العالية : الحنيف الذي يستقبل البيت بصلاته ، ويرى أن حجه عليه إن استطاع إليه سبيلا .
      وقال مجاهد ، والربيع بن أنس : حنيفا ، أي : متبعا .وقال أبو قلابة : الحنيف الذي يؤمن بالرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم .
      قال قتادة : الحنيفية : شهادة أن لا إله إلا الله
      يدخل فيها تحريم الأمهات والبنات والخالات والعمات وما حرم الله ، عز وجل والختان.
      ٣- قال ابن_كثير:
      ولقد أحسن بعض المتكلمين حيث قال : لو اجتمع عشرة من النصارى لافترقوا على أحد عشر قولًا.
      [تفسير سورة النساء آية ١٧١]
      ٤- قال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ! القردةُ والخنازيرُ ، هي مما مُسِخ ؟ فقال النبيُّ ﷺ " إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لم يُهلِكْ قومًا ، أو يُعذِّب قومًا ، فيجعل لهم نسلًا . وإنَّ القردةَ والخنازيرَ كانوا قبلَ ذلك " . رواه مسلم
      ٥- قوله ﷻ :"والصابئون" هم طائفة من النصارى و المجوس ليس لهم دين ، قاله مجاهد.
      ٦- وقد ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب أنه قال في خطبته على منبر رسول الله ﷺ:"أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، (والخمر ما خامر العقل) ".
      ٧- "ليعلم الله من يخافه بالغيب"
      يعني أنه تعالى يبتليهم بالصيد يغشاهم في رحالهم ، يتمكنون من أخذه بالأيدي والرماح سرًّا وجهرا لتظهر طاعة من يطيع منهم في سره وجهره
      ٨- "أحل لكم صيد البحر وطعامه"
      قال ابن عباس في الرواية المشهورة عنه: صيده ما أُخذ منه حيًّا "وطعامه" ما لفَظَه ميتًا.
      ٩- "يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ (قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا) إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ"
      قال مجاهد والحسن البصري والسدي: قالوا ذلك من هول الموقف.
      ١٠- قوله ﷻ :"وإذ علمتك الكتاب والحكمة"[المائدة١١٠]
      أي الخط والفهم.
      ١١- قوله ﷻ "...هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ..."
      قال الضحاك عن ابن عباس يقول: يوم ينفع الموَحّدين توحيدهم.
      ١٢- قوله ﷻ :"...يدعون ربهم بالغداة والعشي..."الآية[الأنعام٥٢]
      "يدعون ربهم" أي يعبدونه ويسألونه
      "بالغداة والعشي" قال سعيد بن المسيب ومجاهد والحسن وقتادة: المراد به الصلاة المكتوبة.
      ١٣- قوله ﷻ:"...أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ..."الآية[الأنعام٥٤]
      قال #ابن_كثير: كل من عصى الله فهو جاهل.
      ١٤- قوله ﷻ:"أو يَلبسكم شِيَعًا"
      يعني يجعلكم ملتبسين شيعا: فرقا متخالفين. وقال الوالبي عن ابن عباس: يعني الأهواء وكذا قال مجاهد وغير واحد.
      ١٥- وأما الخليل إبراهيم عليه السلام فلم يبعث الله عز وجل بعده نبيًّا إلا من ذريته كما قال تعالى:"وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب".
      الأنعام ٨٤
      ١٦- قوله ﷻ:"وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ..." أي ومن أنزل القرآن الذي علمكم الله فيه من خبر ما سبق ، ونبأ ما يأتي مالم تكونوا تعلمون ذلك لا أنتم ولا آباؤكم.
      ١٧- قال ﷻ:"ولو ترىٰ إذ الظالمون في غمرات الموت( والملائكة باسطو أيديهم )أخرجوا أنفسكم..."الآية أي: بالضرب ، وقال الضحاك وأبوصالح أي:بالعذاب.
      ١٨- قوله ﷻ "أخرجوا أنفسكم"
      وذلك أن الكافر إذا احتضر بشّرته الملائكة بالعذاب والنكال ، والأغلال والسلاسل ، والجحيم والحميم ، وغضب الرحمن الرحيم ، فتتفرق روحه في جسده ، وتعصى وتأبى الخروج ، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم ،
      ١٩- وكثيرًا ما إذا ذَكر الله تعالى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، يختم الكلام بالعزة والعلم.
      ٢٠- قال بعض السلف: من اعتقد في هذه النجوم غير ثلاث فقد أخطأ وكذب على الله سبحانه: أن الله جعلها زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، ويُهتدى بها في ظلمات البر والبحر.
      [ تفسير ابن كثير سورة الأنعام آية رقم ٩٧]




      ٢١- قوله ﷻ:"فمستقر ومستودع"
      فمستقر ) اختلفوا في معنى ذلك ، فعن ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وقيس بن أبي حازم ومجاهد ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك وقتادة والسدي ، وعطاء الخراساني : ( فمستقر ) أي : في الأرحام قالوا - أو : أكثرهم - : ( ومستودع ) أي : في الأصلاب .
      وعن ابن مسعود وطائفة عكس ذلك . وعن ابن مسعود أيضا وطائفة : فمستقر في الدنيا ، ومستودع حيث يموت .
      ٢٢- ( ومن النخل من طلعها قنوان ) أي : جمع قنو وهي عذوق الرطب ) دانية ) أي : قريبة من المتناول
      ٢٣- وقوله : ( والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه ) قال قتادة وغيره : يتشابه في الورق ، قريب الشكل بعضه من بعض ، ويتخالف في الثمار شكلا وطعما وطبعا .
      ٢٤- والشيطان كل من خرج عن نظيره بالشّر.
      [تفسير ابن كثير سورة الأنعام آية١١٢]
      ٢٥- قوله ﷻ:"وإن أطعتموهم إنكم لمشركون"
      أي حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه غيره، فهذا هو الشرك كقوله تعالى:"اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله" الآية



      ٢٦- قوله ﷻ:"وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا"
      قيل معناه: أمرناهم بالطاعة فخالفوا فدمرناهم، وقيل: أمرناهم أمرًا قدريا.
      ٢٧- قال مجاهد وقتاده "أكابر مجرميها" عظماؤها.
      ٢٨- قوله ﷻ:"...لَن نُّؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ ..." الآية
      أي حتى تأتينا الملائكة من الله بالرسالة، كما تأتي إلى الرسل.
      ٢٩-قوله ﷻ:"وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ"
      القريتين: مكة والطائف.
      ٣٠- قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: الرجس الشيطان
      وقال مجاهد: الرجس: كل مالاخير فيه، وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: الرجس العذاب.
      ٣١- ومعنى قوله : ( قد استكثرتم من الإنس )
      أي : من إضلالهم وإغوائهم.
      قال الحسن : وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت ، وعملت الإنس .
      ٣٢- قوله ﷻ :"معروشات وغير معروشات"
      قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: "معروشات"مسموكات، وفي رواية فالمعروشات ما عرش الناس "وغير معروشات" ماخرج في البر والجبال من الثمرات ، وقال عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : ( معروشات ) ما عرش من الكرم ( وغير معروشات ) ما لم يعرش من الكرم . وكذا قال السدي .
      ٣٣- قول ﷻ:" أن تقولوا إنما أُنزل الكتاب (على طائفتين من قبلنا)..."
      قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هم اليهود والنصارى.
      وكذا قال مجاهد والسدي وقتادة وغير واحد.
      ٣٤- قوله ﷻ :"دينا قِيَمًا"
      أي قائمًا ثابتًا.
      ٣٥- قوله ﷻ:"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ"
      فإن المراد منه آدم المخلوق من السلالة وذريته مخلوقون من نطفة ، وصح هذا لأن المراد من ( خلقنا الإنسان ) الجنس ، لا معينا.
      ٣٦- وروى ابن جرير عن الحسن في قوله : ( خلقتني من نار وخلقته من طين ) قال : قاس إبليس ، وهو أول من قاس . إسناده صحيح .
      ٣٧- قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ) أشككهم في آخرتهم ، ( ومن خلفهم ) أرغبهم في دنياهم ( وعن أيمانهم ) أشبه عليهم أمر دينهم ( وعن شمائلهم ) أشهي لهم المعاصي .
      والمراد جميع طرق الخير والشر
      ٣٨- وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( ولا تجد أكثرهم شاكرين )قال : موحدين .
      وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم ، وقد وافق في هذا - الواقع ، كما قال تعالى : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ ).
      ٣٩- قوله ﷻ:"يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ..."الآية
      يمتن تبارك وتعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش فاللباس المذكور هاهنا لستر العورات - وهي السوءات والرياش والريش : هو ما يتجمل به ظاهرا ، فالأول من الضروريات ، والريش من التكملات والزيادات .
      قال ابن جرير : " الرياش " في كلام العرب : الأثاث ، وما ظهر من الثياب .
      ٤٠- قوله ﷻ:"...ولباس التقوى ذلك خير..."الآية
      واختلف المفسرون في معناه ، فقال عكرمة : يقال : هو ما يلبسه المتقون يوم القيامة . رواه ابن أبي حاتم .
      وقال زيد بن علي ، والسدي ، وقتادة ، وابن جريج : ( ولباس التقوى ) الإيمان .
      وقال العوفي ، عن ابن عباس رضي الله عنه : ( ولباس التقوى ) العمل الصالح .
      وقال زياد بن عمرو ، عن ابن عباس : هو السمت الحسن في الوجه .
      وعن عروة بن الزبير : ( لباس التقوى )خشية الله .
      وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( لباس التقوى ) يتقي الله ، فيواري عورته ، فذاك لباس التقوى .
      وكل هذه متقاربة ،
      ٤١- "ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ (حَتَّىٰ عَفَوا)وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ"
      حتى عفوا: أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم، يقال عفا الشيء إذا كثر.
      ٤٢- ( فإذا هي تلقف ) أي : تأكل ( ما يأفكون ) أي : ما يلقونه ويوهمون أنه حق ، وهو باطل .
      قال ابن عباس : فجعلت لا تمر بشيء من حبالهم ولا من خشبهم إلا التقمته ، فعرفت السحرة أن هذا أمر من السماء ، وليس هذا بسحر ، فخروا سجدا وقالوا : ( آمنا برب العالمين رب موسى وهارون )
      ٤٣- "لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ"
      قال ابن عباس: وكان أول من صلب وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف فرعون.
      ٤٤- وقال السدي في قوله تعالى : ( ويذرك وآلهتك ) وآلهته ، فيما زعم ابن عباس ، كانت البقر ، كانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم فرعون أن يعبدوها ، فلذلك أخرج لهم عجلا جسدا .
      ٤٥- وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ [الأعراف : 145]
      وقوله ﷻ : ( فخذها بقوة ) أي : بعزم على الطاعة ( وأمر قومك يأخذوا بأحسنها )قال سفيان بن عيينة : حدثنا أبو سعد عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : أمر موسى - عليه السلام - أن يأخذ بأشد ما أمر قومه .
      ٤٦- قال ﷻ:" إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ" [الأعراف : 152]
      وقوله : ( وكذلك نجزي المفترين ) نائلة لكل من افترى بدعة ، فإن ذل البدعة ومخالفة الرسالة متصلة من قلبه على كتفيه ، كما قال الحسن البصري : إن ذل البدعة على أكتافهم ، وإن هملجت بهم البغلات ، وطقطقت بهم البراذين .
      وهكذا روى أيوب السختياني ، عن أبي قلابة الجرمي ، أنه قرأ هذه الآية : ( وكذلك نجزي المفترين ) قال : هي والله لكل مفتر إلى يوم القيامة .
      وقال سفيان بن عيينة : كل صاحب بدعة ذليل .
      ٤٧- وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ [الأعراف : 163]
      ( إذ يعدون في السبت ) أي : يعتدون فيه ويخالفون أمر الله فيه لهم بالوصاة به إذ ذاك .
      ٤٨- وقد روى الفقيه الإمام أبو عبد الله بن بطة ، رحمه الله عن أبي هريرة ; أن رسول الله ﷺ قال : " لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل "
      وهذا إسناد جيد
      تفسير آية ١٦٣ من سورة الأعراف
      ٤٩- يقول تعالى : ( والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) الأعراف ١٨٢
      ومعناه : أنه يفتح لهم أبواب الرزق ووجوه المعاش في الدنيا ، حتى يغتروا بما هم فيه ويعتقدوا أنهم على شيء ، كما قال تعالى : ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين )
      ٥٠- قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف : 188]
      ...
      والأحسن في هذا ما رواه الضحاك ، عن ابن عباس : ( ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) أي : من المال . وفي رواية : لعلمت إذا اشتريت شيئا ما أربح فيه ، فلا أبيع شيئا إلا ربحت فيه ، وما مسني السوء ، قال : ولا يصيبني الفقر .
      وقال ابن جرير : وقال آخرون : معنى ذلك : لو كنت أعلم الغيب لأعددت للسنة المجدبة من المخصبة ، ولعرفت الغلاء من الرخص ، فاستعددت له من الرخص .
      وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( وما مسني السوء ) قال : لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون ، واتقيته .
        مقتطفات الفوائد من تفسير ابن كثير- المجموعة الثانية 50 فائدة

      ٥١- ۞ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الأعراف : 189]
      وقوله : ( فمرت به ) قال مجاهد : استمرت بحمله . وروي عن الحسن ، وإبراهيم النخعي ، والسدي ، نحوه .
      وقال ميمون بن مهران : عن أبيه استخفته .
      وقال أيوب : سألت الحسن عن قوله : ( فمرت به ) قال : لو كنت رجلا عربيا لعرفت ما هي . إنما هي : فاستمرت به .
      وقال قتادة : ( فمرت به ) واستبان حملها .
      وقال ابن جرير : [ معناه ] استمرت بالماء ، قامت به وقعدت .
      وقال العوفي ، عن ابن عباس : استمرت به ، فشكت : أحملت أم لا .
      ( فلما أثقلت ) أي : صارت ذات ثقل بحملها .
      وقال السدي : كبر الولد في بطنها .
      ( دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا )أي : بشرا سويا ، كما قال الضحاك ، عن ابن عباس : أشفقا أن يكون بهيمة .
      وكذلك قال أبو البختري وأبو مالك : أشفقا ألا يكون إنسانا .
      وقال الحسن البصري : لئن آتيتنا غلاما .

      ٥٢- فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ۚ فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الأعراف : 190]
      ...
      قال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا سهل بن يوسف ، عن عمرو ، عن الحسن : ( جعلا له شركاء فيما آتاهما ) قال : كان هذا في بعض أهل الملل ، ولم يكن بآدم
      حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال : قال الحسن : عنى بها ذرية آدم ، ومن أشرك منهم بعده - يعني : [ قوله ] ( جعلا له شركاء فيما آتاهما )
      وحدثنا بشر حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : كان الحسن يقول : هم اليهود والنصارى ، رزقهم الله أولادا ، فهودوا ونصروا
      وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن ، رحمه الله ، أنه فسر الآية بذلك ، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية...

      ٥٣- وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ [الأعراف : 202]
      وقوله : ( وإخوانهم ) أي : وإخوان الشياطين من الإنس ، كقوله : ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) [ الإسراء : 27 ] وهم أتباعهم والمستمعون لهم القابلون لأوامرهم ( يمدونهم في الغي ) أي : تساعدهم الشياطين على المعاصي ، وتسهلها عليهم وتحسنها لهم .
      ٥٤( ثم لا يقصرون ) قيل : معناه إن الشياطين تمد ، والإنس لا تقصر في أعمالهم بذلك . كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون ) قال : لا الإنس يقصرون عما يعملون من السيئات ، ولا الشياطين تمسك عنهم .
      كما قال تعالى : ( ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ) [ مريم : 83 ] قال ابن عباس وغيره : تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا .
      ٥٥- إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال : 9]
      وقوله تعالى : ( بألف من الملائكة مردفين ) أي : يردف بعضهم بعضا ، كما قال هارون بن عنترة عن ابن عباس : ( مردفين ) متتابعين .
      ويحتمل أن [ يكون ] المراد ) مردفين ) لكم ، أي : نجدة لكم ، كما قال العوفي ، عن ابن عباس : ( مردفين ) يقول : المدد ، كما تقول : ائت الرجل فزده كذا وكذا .
      وهكذا قال مجاهد ، وابن كثير القارئ ، وابن زيد : ( مردفين ) ممدين .
      ٥٦- وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال : 10]
      قوله تعالى : ( وما جعله الله إلا بشرى [ ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله ] ) الآية ، أي : وما جعل الله بعث الملائكة وإعلامه إياكم بهم إلا بشرى ، ( ولتطمئن به قلوبكم ) ؛ وإلا فهو تعالى قادر على نصركم على أعدائكم بدون ذلك ، ولهذا قال : ( وما النصر إلا من عند الله ) كما قال تعالى : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم ) [ محمد : 4 - 6 ] وقال تعالى : ( وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) [ آل عمران : 140 ، 141 ] فهذه حكم شرع الله جهاد الكفار بأيدي المؤمنين لأجلها ، وقد كان تعالى إنما يعاقب الأمم السالفة المكذبة للأنبياء بالقوارع التي تعم تلك الأمة المكذبة ، كما أهلك قوم نوح بالطوفان ، وعادا الأولى بالدبور ، وثمود بالصيحة ، وقوم لوط بالخسف والقلب وحجارة السجيل وقوم شعيب بيوم الظلة ، فلما بعث الله تعالى موسى [ عليه السلام ] وأهلك عدوه فرعون وقومه بالغرق في اليم ، ثم أنزل على موسى التوراة ، شرع فيها قتال الكفار ، واستمر الحكم في بقية الشرائع بعده على ذلك ، كما قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر [ للناس ] ) [ القصص : 43 ] وقتل المؤمنين الكافرين أشد إهانة للكافرين ، وأشفى لصدور المؤمنين ، كما قال تعالى للمؤمنين من هذه الأمة : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين [ ويذهب غيظ قلوبهم ] ) [ التوبة : 14 ، 15 ] ؛ ولهذا كان قتل صناديد قريش بأيدي أعدائهم الذين ينظرون إليهم بأعين ازدرائهم - أنكى لهم وأشفى لصدور حزب الإيمان . فقتل أبي جهل في معركة القتال وحومة الوغى ، أشد إهانة له من أن يموت على فراشه بقارعة أو صاعقة أو نحو ذلك ، كما مات أبو لهب - لعنه الله - بالعدسة بحيث لم يقربه أحد من أقاربه ، وإنما غسلوه بالماء قذفا من بعيد ، ورجموه حتى دفنوه ؛ ولهذا قال تعالى : ( إن الله عزيز ) أي : له العزة ولرسوله وللمؤمنين بهما في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد [ يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ] ) [ غافر : 51 ، 52 ] ) حكيم ) فيما شرعه من قتال الكفار ، مع القدرة على دمارهم وإهلاكهم ، بحوله وقوته ، سبحانه وتعالى .
      ٥٧-قوله ﷻ: "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [الأنفال : 17]  يبين تعالى أنه خالق أفعال العباد ، وأنه المحمود على جميع ما صدر عنهم من خير ؛ لأنه هو الذي وفقهم لذلك وأعانهم ؛ ولهذا قال : ( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ) أي : ليس بحولكم وقوتكم قتلتم أعداءكم مع كثرة عددهم وقلة عددكم...
      ثم قال لنبيه - ﷺ - أيضا في شأن القبضة من التراب ، التي حصب بها وجوه المشركين يوم بدر ، حين خرج من العريش بعد دعائه وتضرعه واستكانته ، فرماهم بها وقال : شاهت الوجوه . ثم أمر الصحابة أن يصدقوا الحملة إثرها ، ففعلوا ، فأوصل الله تلك الحصباء إلى أعين المشركين ، فلم يبق أحد منهم إلا ناله منها ما شغله عن حاله ؛ ولهذا قال [ تعالى ] ( وما رميت إذ رميت ) أي : هو الذي بلغ ذلك إليهم ، وكبتهم بها لا أنت .
      📚 منتقى من تفسير ابن كثير

      ٥٨- ذَٰلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ [الأنفال : 18]
      وقوله ( ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين ) هذه بشارة أخرى مع ما حصل من النصر : أنه أعلمهم تعالى بأنه مضعف كيد الكافرين فيما يستقبل ، مصغرا أمرهم ، وأنهم كل ما لهم في تبار ودمار ، ولله الحمد والمنة .

      ٥٩- إِن تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ ۖ وَإِن تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَعُودُوا نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ [الأنفال : 19]
      يقول تعالى للكفار ( إن تستفتحوا )أي : تستنصروا وتستقضوا الله وتستحكموه أن يفصل بينكم وبين أعدائكم المؤمنين ، فقد جاءكم ما سألتم ، كما قال محمد بن إسحاق وغيره ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير ؛ أن أبا جهل قال يوم بدر : اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة - وكان ذلك استفتاحا منه - فنزلت : ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ) إلى آخر الآية .

      ٦٠- وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) أي : للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل ، وقواكم بها بعد الضعف ، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم لكم .

      ٦١- ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )
      يعني : أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة .
      وقال في رواية له ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية : أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين ظهرانيهم إليهم فيعمهم الله بالعذاب .
      وهذا تفسير حسن جدا ؛ ولهذا قال مجاهد في قوله تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )هي أيضا لكم ، وكذا قال الضحاك ، ويزيد بن أبي حبيب ، وغير واحد .

      ٦٢- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال : 29]
      قال ابن عباس ، والسدي ، ومجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان : ( فرقانا ) مخرجا . زاد مجاهد : في الدنيا والآخرة .
      وفي رواية عن ابن عباس : ( فرقانا )نجاة . وفي رواية عنه : نصرا .
      وقال محمد بن إسحاق : ( فرقانا ) أي : فصلا بين الحق والباطل .
      وهذا التفسير من ابن إسحاق أعم مما تقدم وقد يستلزم ذلك كله ؛ فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره ، وفق لمعرفة الحق من الباطل ، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا ، وسعادته يوم القيامة ، وتكفير ذنوبه - وهو محوها - وغفرها : سترها عن الناس - سببا لنيل ثواب الله الجزيل ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم )[ الحديد : 28 ] .

      ٦٣- وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال : 30]
      قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : ( ليثبتوك ) [ أي ] : ليقيدوك .
      وقال عطاء ، وابن زيد : ليحبسوك .
      وقال السدي : الإثبات هو الحبس والوثاق .

      ٦٤- وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا ۙ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الأنفال : 31]
      ومعنى : ( أساطير الأولين ) وهو جمع أسطورة ، أي : كتبهم اقتبسها ، فهو يتعلم منها ويتلوها على الناس . وهذا هو الكذب البحت ، كما أخبر الله عنهم في الآية الأخرى : ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما ) [ الفرقان : 5 ، 6 ] . أي : لمن تاب إليه وأناب ؛ فإنه يتقبل منه ويصفح عنه .



      65- وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الأنفال : 39]
      وقوله : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) قال البخاري : حدثنا الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا عبد الله بن يحيى ، حدثنا حيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن بكير ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ أن رجلا جاءه فقال : يا أبا عبد الرحمن ، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) الآية [ الحجرات : 9 ] ، فما يمنعك ألا تقاتل كما ذكر الله في كتابه ؟ فقال : يا ابن أخي ، أعير بهذه الآية ولا أقاتل ، أحب إلي من أن أعير بالآية التي يقول الله - عز وجل - : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا ) إلى آخر الآية [ النساء : 93 ] ، قال : فإن الله تعالى يقول : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) ؟ قال ابن عمر : قد فعلنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ كان الإسلام قليلا وكان الرجل يفتن في دينه : إما أن يقتلوه ، وإما أن يوثقوه ، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة ، فلما رأى أنه لا يوافقه فيما يريد ، قال : فما قولك في علي وعثمان ؟ قال ابن عمر : ما قولي في علي وعثمان ؟ أما عثمان فكان الله قد عفا عنه ، وكرهتم أن يعفو عنه ، وأما علي فابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وختنه - وأشار بيده - وهذه ابنته أو : بنته - حيث ترون .
      ...
      عن سعيد بن جبير قال : خرج علينا - أو : إلينا - ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال رجل : كيف ترى في قتال الفتنة ؟ فقال : وهل تدري ما الفتنة ؟ كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يقاتل المشركين ، وكان الدخول عليهم فتنة ، وليس بقتالكم على الملك .
      وقال الضحاك ، عن ابن عباس : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) يعني : [ حتى ] لا يكون شرك ، وكذا قال أبو العالية ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والربيع عن أنس ، والسدي ، ومقاتل بن حيان ، وزيد بن أسلم .
      وقال محمد بن إسحاق : بلغني عن الزهري ، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا : ( حتى لا تكون فتنة ) حتى لا يفتن مسلم عن دينه .
      وقوله : ( ويكون الدين كله لله ) قال الضحاك ، عن ابن عباس في هذه الآية ، قال : يخلص التوحيد لله .
      وقال محمد بن إسحاق : ويكون التوحيد خالصا لله ، ليس فيه شرك ، ويخلع ما دونه من الأنداد . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( ويكون الدين كله لله ) لا يكون مع دينكم كفر .
      ويشهد له ما ثبت في الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها ، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ، عز وجل.

      66- ۞ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنفال : 41]
      ...
      و " الغنيمة " : هي المال المأخوذ من الكفار بإيجاف الخيل والركاب . و " الفيء " : ما أخذ منهم بغير ذلك ، كالأموال التي يصالحون عليها ، أو يتوفون عنها ولا وارث لهم ، والجزية والخراج ونحو ذلك . هذا مذهب الإمام الشافعي في طائفة من علماء السلف والخلف .

      67- وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا ۚ إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ [الأنفال : 59]
      يقول تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( ولا تحسبن ) يا محمد ( الذين كفروا سبقوا ) أي : فاتونا فلا نقدر عليهم ، بل هم تحت قهر قدرتنا وفي قبضة مشيئتنا فلا يعجزوننا ،

      68- ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الأنفال : 61]
      يقول تعالى : إذا خفت من قوم خيانة فانبذ إليهم عهدهم على سواء ، فإن استمروا على حربك ومنابذتك فقاتلهم ، ( وإن جنحوا ) أي : مالوا ( للسلم )أي المسالمة والمصالحة والمهادنة ، ( فاجنح لها ) أي : فمل إليها ، واقبل منهم ذلك

      69- وأحسن ما قيل في قوله : ( ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ) أي : لا يحسدونهم على فضل ما أعطاهم الله على هجرتهم ، فإن ظاهر الآيات تقديم المهاجرين على الأنصار ، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء ، لا يختلفون في ذلك ،
      تفسير ابن كثير لآية 72 من سورة الأنفال

      70- وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [الأنفال : 73]
      ...
      ومعنى قوله تعالى : ( إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) أي : إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين ، وإلا وقعت الفتنة في الناس ، وهو التباس الأمر ، واختلاط المؤمن بالكافر ، فيقع بين الناس فساد منتشر طويل عريض .

      71- فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [التوبة : 5]
      ( واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ) أي : لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم ، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم ، والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع ، وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام ؛ ولهذا قال : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم )
      ولهذا اعتمد الصديق - رضي الله عنه - في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها ، حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الأفعال ، وهي الدخول في الإسلام ، والقيام بأداء واجباته . ونبه بأعلاها على أدناها ، فإن أشرف الأركان بعد الشهادة الصلاة التي هي حق الله - عز وجل - وبعدها أداء الزكاة التي هي نفع متعد إلى الفقراء والمحاويج ، وهي أشرف الأفعال المتعلقة بالمخلوقين ؛ ولهذا كثيرا ما يقرن الله بين الصلاة والزكاة ، وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة الحديث .

      72- كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ [التوبة : 8]
      يقول تعالى محرضا للمؤمنين على معاداة المشركين والتبري منهم ، ومبينا أنهم لا يستحقون أن يكون لهم عهد لشركهم بالله وكفرهم برسول الله ولو أنهم إذ ظهروا على المسلمين وأديلوا عليهم ، لم يبقوا ولم يذروا ، ولا راقبوا فيهم إلا ولا ذمة .
      قال علي بن أبي طلحة ، وعكرمة ، والعوفي عن ابن عباس : " الإل " : القرابة ، " والذمة " : العهد . وكذا قال الضحاك والسدي

      73- وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ [التوبة : 12]
      يقول تعالى : وإن نكث هؤلاء المشركون الذين عاهدتموهم على مدة معينة أيمانهم ، أي عهودهم ومواثيقهم ، ( وطعنوا في دينكم ) أي : عابوه وانتقصوه . ومن هاهنا أخذ قتل من سب الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، أو من طعن في دين الإسلام أو ذكره بتنقص ؛ ولهذا قال : ( فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ) أي : يرجعون عما هم فيه من الكفر والعناد والضلال .

      74- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة : 28]
      وقوله : ( وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ) قال ابن إسحاق : وذلك أن الناس قالوا : لتنقطعن عنا الأسواق ، ولتهلكن التجارة وليذهبن ما كنا نصيب فيها من المرافق ، فنزلت ( وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ) من وجه غير ذلك - ( إن شاء )إلى قوله : ( وهم صاغرون ) أي : إن هذا عوض ما تخوفتم من قطع تلك الأسواق ، فعوضهم الله بما قطع عنهم من أمر الشرك ، ما أعطاهم من أعناق أهل الكتاب ، من الجزية .

      75- قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة : 29]
      وقوله : ( حتى يعطوا الجزية ) أي : إن لم يسلموا ، ( عن يد ) أي : عن قهر لهم وغلبة ، ( وهم صاغرون ) أي : ذليلون حقيرون مهانون . فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين ، بل هم أذلاء صغرة أشقياء ، كما جاء في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه .
      ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم ، وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ ، من رواية عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال : كتبت لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين صالح نصارى من أهل الشام :
      بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا ، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا ألا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ، ولا قلاية ولا صومعة راهب ، ولا نجدد ما خرب منها ، ولا نحيي منها ما كان خطط المسلمين ، وألا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل ، وأن ينزل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم ، ولا نئوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا ، ولا نكتم غشا للمسلمين ، ولا نعلم أولادنا القرآن ، ولا نظهر شركا ، ولا ندعو إليه أحدا ؛ ولا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه ، وأن نوقر المسلمين ، وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس ، ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم ، في قلنسوة ، ولا عمامة ، ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، ولا نتكلم بكلامهم ، ولا نكتني بكناهم ، ولا نركب السروج ، ولا نتقلد السيوف ، ولا نتخذ شيئا من السلاح ، ولا نحمله معنا ، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ، ولا نبيع الخمور ، وأن نجز مقاديم رءوسنا ، وأن نلزم زينا حيثما كنا ، وأن نشد الزنانير على أوساطنا ، وألا نظهر الصليب على كنائسنا ، وألا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيا ، وألا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين ، ولا نخرج شعانين ولا باعوثا ، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ، ولا نجاورهم بموتانا ، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ، وأن نرشد المسلمين ، ولا نطلع عليهم في منازلهم .
      قال : فلما أتيت عمر بالكتاب ، زاد فيه : ولا نضرب أحدا من المسلمين ، شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا ، وقبلنا عليه الأمان ، فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطناه لكم ووظفنا على أنفسنا ، فلا ذمة لنا ، وقد حل لكم منا ما يحل من أهل المعاندة والشقاق .

      76- هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة : 33]
      ( ليظهره على الدين كله ) أي : على سائر الأديان ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إن الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها .

      77- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة : 34]
      قال السدي : الأحبار من اليهود ، والرهبان من النصارى .
      وهو كما قال ، فإن الأحبار هم علماء اليهود ، كما قال تعالى : ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت ) [ المائدة : 63 ]والرهبان : عباد النصارى ، والقسيسون : علماؤهم ، كما قال تعالى : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) [ المائدة : 82 ] .
      والمقصود : التحذير من علماء السوء وعباد الضلال كما قال سفيان بن عيينة : من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى . وفي الحديث الصحيح : لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة . قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ . وفي رواية : فارس والروم ؟ قال : ومن الناس إلا هؤلاء ؟ .
      والحاصل : التحذير من التشبه بهم في أحوالهم وأقوالهم ؛ ولهذا قال تعالى : ( ليأكلون أموال الناس بالباطل ) وذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين ومناصبهم ورياستهم في الناس ، يأكلون أموالهم بذلك ، كما كان لأحبار اليهود على أهل الجاهلية شرف ، ولهم عندهم خرج وهدايا وضرائب تجيء إليهم ، فلما بعث الله رسوله - صلوات الله وسلامه عليه - استمروا على ضلالهم وكفرهم وعنادهم ، طمعا منهم أن تبقى لهم تلك الرياسات ، فأطفأها الله بنور النبوة ، وسلبهم إياها ، وعوضهم بالذلة والمسكنة ، وباءوا بغضب من الله .
      ...
      وقوله : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) هؤلاء هم القسم الثالث من رءوس الناس ، فإن الناس عالة على العلماء وعلى العباد وعلى أرباب الأموال ، فإذا فسدت أحوال هؤلاء فسدت أحوال الناس ، كما قال ابن المبارك :
      وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها ؟
      وأما الكنز فقال مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه قال : هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة .
      وروى الثوري وغيره عن عبيد الله عن نافع ، عن ابن عمر قال : ما أدي زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين ، وما كان ظاهرا لا تؤدى زكاته فهو كنز وقد روي هذا عن ابن عباس ، وجابر ، وأبي هريرة موقوفا ومرفوعا وعمر بن الخطاب ، نحوه - رضي الله عنهم - : أيما مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا في الأرض ، وأيما مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه الأرض .
      وروى البخاري من حديث الزهري ، عن خالد بن أسلم قال : خرجنا مع عبد الله بن عمر ، فقال : هذا قبل أن تنزل الزكاة ، فلما نزلت جعلها الله طهرا للأموال .
      وكذا قال عمر بن عبد العزيز ، وعراك بن مالك : نسخها قوله تعالى : ( خذ من أموالهم ) [ التوبة : 103 ] .

      78- لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ [التوبة : 47]
      ( وفيكم سماعون لهم ) أي : مطيعون لهم ومستحسنون لحديثهم وكلامهم ، يستنصحونهم وإن كانوا لا يعلمون حالهم ، فيؤدي هذا إلى وقوع شر بين المؤمنين وفساد كبير .

      79- لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَّوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ [التوبة : 57]
      ( لو يجدون ملجأ ) أي : حصنا يتحصنون به ، وحرزا يحترزون به ، ( أو مغارات ) وهي التي في الجبال ، ( أو مدخلا ) وهو السرب في الأرض والنفق . قال ذلك في الثلاثة ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة . ( لولوا إليه وهم يجمحون ) أي : يسرعون في ذهابهم عنكم ، لأنهم إنما يخالطونكم كرها لا محبة ، وودوا أنهم لا يخالطونكم ، ولكن للضرورة أحكام ؛ ولهذا لا يزالون في هم وحزن وغم ؛ لأن الإسلام وأهله لا يزال في عز ونصر ورفعة ؛



      80- الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ۗ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة : 67]
      قول تعالى منكرا على المنافقين الذين هم على خلاف صفات المؤمنين ، ولما كان المؤمنون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، كان هؤلاء ( يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم ) أي : عن الإنفاق في سبيل الله ، ( نسوا الله ) أي : نسوا ذكر الله ، ( فنسيهم ) أي : عاملهم معاملة من نسيهم ، كقوله تعالى : ( وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ) [ الجاثية : 34 ]

      81- كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [التوبة : 69]
      يقول تعالى : أصاب هؤلاء من عذاب الله في الدنيا والآخرة كما أصاب من قبلهم ، وقد كانوا أشد منهم قوة وأكثر أموالا وأولادا ، ( فاستمتعوا بخلاقهم )قال الحسن البصري : بدينهم...
      عن ابن عباس في قوله : ( كالذين من قبلكم ) الآية ، قال ابن عباس : ما أشبه الليلة بالبارحة ، ( كالذين من قبلكم ) هؤلاء بنو إسرائيل ، شبهنا بهم ، لا أعلم إلا أنه قال : والذي نفسي بيده ، لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه .

      82- أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ۚ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [التوبة : 70]
      ( والمؤتفكات ) قوم لوط ، وقد كانوا يسكنون في مدائن ، وقال في الآية الأخرى : ( والمؤتفكة أهوى ) [ النجم : 53 ، ] أي : الأمة المؤتفكة ، وقيل : أم قراهم ، وهي " سدوم " . والغرض : أن الله تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبي الله لوطا - عليه السلام - وإتيانهم الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين .

      83- وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة : 71]
      لما ذكر [ الله ] تعالى صفات المنافقين الذميمة ، عطف بذكر صفات المؤمنين المحمودة ، فقال : ( بعضهم أولياء بعض ) أي : يتناصرون ويتعاضدون ، كما جاء في الصحيح : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه وفي الصحيح أيضا : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم ، كمثل الجسد الواحد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .

      84- وقوله تعالى : ( ورضوان من الله أكبر )أي : رضا الله عنهم أكبر وأجل وأعظم مما هم فيه من النعيم ، كما قال الإمام مالك - رحمه الله - عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله - عز وجل - يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك يا ربنا وسعديك ، والخير في يدك . فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك . فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا أخرجاه من حديث مالك .

      85- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التوبة : 73]
      وقال ابن مسعود في قوله تعالى : ( جاهد الكفار والمنافقين ) قال : بيده، فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه .
      وقال ابن عباس : أمره الله تعالى بجهاد الكفار بالسيف ، والمنافقين باللسان ، وأذهب الرفق عنهم .
      وقال الضحاك : جاهد الكفار بالسيف ، واغلظ على المنافقين بالكلام ، وهو مجاهدتهم . وعن مقاتل والربيع مثله .
      وقال الحسن وقتادة : مجاهدتهم : إقامة الحدود عليهم .
      وقد يقال : إنه لا منافاة بين هذه الأقوال ، لأنه تارة يؤاخذهم بهذا ، وتارة بهذا بحسب الأحوال ، والله أعلم .

      86- رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ [التوبة : 87]
      وقوله : ( وطبع على قلوبهم ) أي : بسبب نكولهم عن الجهاد والخروج مع الرسول في سبيل الله ، ( فهم لا يفقهون ) أي : لا يفهمون ما فيه صلاح لهم فيفعلوه ، ولا ما فيه مضرة لهم فيجتنبوه .

      87- وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]
      فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان : فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم ، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم ، أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة ، رضي الله عنه ، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم ، عياذا بالله من ذلك . وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة ، وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن ، إذ يسبون من رضي الله عنهم ؟ وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه ، ويسبون من سبه الله ورسوله ، ويوالون من يوالي الله ، ويعادون من يعادي الله ، وهم متبعون لا مبتدعون ، ويقتدون ولا يبتدون ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون .

      88- وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ [التوبة : 101]
      يخبر تعالى رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، أن في أحياء العرب ممن حول المدينة منافقين ، وفي أهل المدينة أيضا منافقون ( مردوا على النفاق ) أي : مرنوا واستمروا عليه : ومنه يقال : شيطان مريد ومارد ، ويقال : تمرد فلان على الله ، أي : عتا وتجبر .
      وقال مجاهد في قوله : ( سنعذبهم مرتين ) يعني : القتل والسباء وقال - في رواية - بالجوع ، وعذاب القبر ، ( ثم يردون إلى عذاب عظيم )
      وقال ابن جريج : عذاب الدنيا ، وعذاب القبر ، ثم يردون إلى عذاب النار .
      وقال الحسن البصري : عذاب في الدنيا ، وعذاب في القبر

      89- خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة : 103]
      وقوله : ( وصل عليهم ) أي : ادع لهم واستغفر لهم ، كما رواه مسلم في صحيحه ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بصدقة قوم صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفى "



      90- أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [التوبة : 104]
      هذا تهييج إلى التوبة والصدقة اللتين كل منها يحط الذنوب ويمحصها ويمحقها .
      وأخبر تعالى أن كل من تاب إليه تاب عليه ، ومن تصدق بصدقة من كسب حلال فإن الله تعالى يتقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها ، حتى تصير التمرة مثل أحد . كما جاء بذلك الحديث ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم ، كما يربي أحدكم مهره ، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد " ، وتصديق ذلك في كتاب الله ، عز وجل : "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات" وقوله: "يمحق الله الربا ويربي الصدقات".

      91- قال ﷻ: "لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ" [التوبة : 108]
      وقوله : ( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) دليل على استحباب الصلاة في المساجد القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحده لا شريك له ، وعلى استحباب الصلاة مع جماعة الصالحين ، والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء ، والتنزه عن ملابسة القاذورات.

      92- وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة : 114]
      عن عبدالله بن مسعود، أنه قال: الأواه: الدعّاء، وكذا روي من غير وجه، عن ابن مسعود، وقيل: المتضرع، وقيل: الرحيم، وقيل: الموقن المؤمن، وقيل: المسبح، وقيل: غير ذلك.

      93- إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۚ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ [التوبة : 116]
      قال ابن جرير : هذا تحريض من الله لعباده المؤمنين في قتال المشركين وملوك الكفر ، وأن يثقوا بنصر الله مالك السماوات والأرض ، ولم يرهبوا من أعدائه فإنه لا ولي لهم من دون الله ، ولا نصير لهم سواه .

      94- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة : 119]
      أي : اصدقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا من المهالك ويجعل لكم فرجا من أموركم ، ومخرجا.

      95- وقال قتادة في قوله تعالى : ( ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ) الآية : ما ازداد قوم من أهليهم في سبيل الله بعدا إلا ازدادوا من الله قربا .

      96- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة : 123]
      أمر الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أولا فأولا الأقرب فالأقرب إلى حوزة الإسلام ؛ ولهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال المشركين في جزيرة العرب ، فلما فرغ منهم وفتح الله عليه مكة والمدينة ، والطائف ، واليمن واليمامة ، وهجر ، وخيبر ، وحضرموت ، وغير ذلك من أقاليم جزيرة العرب ، ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجا ، شرع في قتال أهل الكتاب ، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب ، وأولى الناس بالدعوة إلى الإسلام لكونهم أهل الكتاب ، فبلغ تبوك ثم رجع لأجل جهد الناس وجدب البلاد وضيق الحال ، وكان ذلك سنة تسع من هجرته ، عليه السلام .
      ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجته حجة الوداع . ثم عاجلته المنية ، صلوات الله وسلامه عليه ، بعد الحجة بأحد وثمانين يوما ، فاختاره الله لما عنده .
      وقام بالأمر بعده وزيره وصديقه وخليفته أبو بكر ، رضي الله عنه ، وقد مال الدين ميلة كاد أن ينجفل ، فثبته الله تعالى به فوطد القواعد ، وثبت الدعائم . ورد شارد الدين وهو راغم . ورد أهل الردة إلى الإسلام ، وأخذ الزكاة ممن منعها من الطغام ، وبين الحق لمن جهله ، وأدى عن الرسول ما حمله . ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان وإلى الفرس عبدة النيران ، ففتح الله ببركة سفارته البلاد ، وأرغم أنفس كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد . وأنفق كنوزهما في سبيل الله ، كما أخبر بذلك رسول الله .
      وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده ، وولي عهده الفاروق الأواب ، شهيد المحراب ، أبي حفص عمر بن الخطاب ، فأرغم الله به أنوف الكفرة الملحدين ، وقمع الطغاة والمنافقين ، واستولى على الممالك شرقا وغربا . وحملت إليه خزائن الأموال من سائر الأقاليم بعدا وقربا . ففرقها على الوجه الشرعي ، والسبيل المرضي .
      ثم لما مات شهيدا وقد عاش حميدا ، أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار . على خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان شهيد الدار . فكسا الإسلام رياسة حلة سابغة . وأمدت في سائر الأقاليم على رقاب العباد حجة الله البالغة ، وظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ، وعلت كلمة الله وظهر دينه . وبلغت الأمة الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها ، فكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم ، ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار ، امتثالا لقوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ) وقوله تعالى : ( وليجدوا فيكم غلظة ) أي : وليجد الكفار منكم غلظة عليهم في قتالكم لهم ، فإن المؤمن الكامل هو الذي يكون رفيقا لأخيه المؤمن ، غليظا على عدوه الكافر ، كما قال تعالى : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) [ المائدة : 54 ] ، وقال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) [ الفتح : 29 ] ، وقال تعالى : ( ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) [ التوبة : 73 ، والتحريم : 9 ] ، وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنا الضحوك القتال " ، يعني : أنه ضحوك في وجه وليه ، قتال لهامة عدوه .
      وقوله : ( واعلموا أن الله مع المتقين )أي : قاتلوا الكفار ، وتوكلوا على الله ، واعلموا أن الله معكم إن اتقيتموه وأطعتموه .
      وهكذا الأمر لما كانت القرون الثلاثة الذين هم خير هذه الأمة ، في غاية الاستقامة ، والقيام بطاعة الله تعالى ، لم يزالوا ظاهرين على عدوهم ، ولم تزل الفتوحات كثيرة ، ولم تزل الأعداء في سفال وخسار . ثم لما وقعت الفتن والأهواء والاختلافات بين الملوك ، طمع الأعداء في أطراف البلاد ، وتقدموا إليها ، فلم يمانعوا لشغل الملوك بعضهم ببعض ، ثم تقدموا إلى حوزة الإسلام ، فأخذوا من الأطراف بلدانا كثيرة ، ثم لم يزالوا حتى استحوذوا على كثير من بلاد الإسلام ، ولله سبحانه الأمر من قبل ومن بعد . فكلما قام ملك من ملوك الإسلام ، وأطاع أوامر الله ، وتوكل على الله ، فتح الله عليه من البلاد ، واسترجع من الأعداء بحسبه ، وبقدر ما فيه من ولاية الله . والله المسئول المأمول أن يمكن المسلمين من نواصي أعدائه الكافرين ، وأن يعلي كلمتهم في سائر الأقاليم ، إنه جواد كريم .

      97- وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [التوبة : 124]
      يقول تعالى : ( وإذا ما أنزلت سورة ) فمن المنافقين ( من يقول أيكم زادته هذه إيمانا ) ؟ أي : يقول بعضهم لبعض أيكم زادته هذه السورة إيمانا ؟ قال الله تعالى : ( فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون ) .
      وهذه الآية من أكبر الدلائل على أن الإيمان يزيد وينقص ، كما هو مذهب أكثر السلف والخلف من أئمة العلماء ، بل قد حكى الإجماع على ذلك غير واحد

      98- وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا ۚ صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ [التوبة : 127]
      وقوله : ( ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم ) كقوله : ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ) [ الصف : 5 ] ، ( بأنهم قوم لا يفقهون ) أي : لا يفهمون عن الله خطابه ، ولا يقصدون لفهمه ولا يريدونه ، بل هم في شده عنه ونفور منه فلهذا صاروا إلى ما صاروا إليه .

      99- وقوله ﷻ : ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) أي: تخفض أقواما إلى أسفل سافلين إلى الجحيم، وإن كانوا في الدنيا أعزّاء. وترفع آخرين إلى أعلى عليّين، إلى النعيم المقيم، وإن كانوا في الدنيا وضعاء. وهكذا قال الحسن وقتادة، وغيرهما.
      وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يزيد بن عبد الرحمن بن مصعب المعنى، حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن أبيه، عن سِمَاك، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس: ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) تخفض أناسًا وترفع آخرين.
      وقال عبيد الله العتكي، عن عثمان بن سراقة، ابن خالة عمر بن الخطاب: ( خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ) [قال ]: الساعة خفضت أعداء الله إلى النار، ورفعت أولياء الله إلى الجنة.
      وقال محمد بن كعب: تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين، وترفع رجالا كانوا في الدنيا مخفوضين.
      وقال السُّدِّيّ: خفضت المتكبرين، ورفعت المتواضعين.

      100- (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15)أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)) هود
      قال العوفي، عن ابن عباس، في هذه الآية: إن أهل الرياء يعطون بحسناتهم في الدنيا، وذلك أنهم لا يظلمون نقيرا، يقول: من عمل صالحا التماس الدنيا، صوما أو صلاة أو تهجدا بالليل، لا يعمله إلا التماس الدنيا، يقول الله: أوفيه الذي التمس في الدنيا من المثابة، وحبط عمله الذي كان يعمله التماس الدنيا، وهو في الآخرة من الخاسرين.
      وهكذا روي عن مجاهد، والضحاك، وغير واحد.
      وقال أنس بن مالك، والحسن: نـزلت في اليهود والنصارى.

      صيد الفوائد  
    • فعلا اللغة العربية بحر زاخر بالدرر بارك الله فيك يا حبيبة 🪴
    • ●  محبة الله عز وجل:     ** ﴿ الودود ﴾ الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء, فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال والمعاني والأفعال, فمحبته في قلوب خواص خلقه التابعة لذلك. لا يشبهها شيء من أنواع المحاب.   ** محبته أصل العبودية, وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها, وإن لم يكن غيرها تبعاً لها كانت عذاباً على أهلها.   ** محبة الله للعبد, هي أجل نعمة أنعم بها عليه, وأفضل فضيلة, تفضل الله بها عليه, وإذا أحب الله عبداً يسر له الأسباب, وهون عليه كل عسير, ووفقه لفعل الخيرات, وترك المنكرات, وأقبل بقلوب عباده إليه, بالمحبة والوداد.   ** من لوازم محبة العبد لربه, أنه لا بد أن يتصف بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً, في أقواله وأعماله, وجميع أحواله, كما قال تعالى: ﴿ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ﴾   ** من لوازم محبة الله للعبد أن يكثر العبد من التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل.   ** من لوازم محبة الله, معرفته تعالى, والإكثار من ذكره, فإن المحبة بدون معرفة بالله ناقصة جداً, بل غير موجودة, وإن وجدت دعواها, ومن أحب الله أكثر من ذكره.   ** إذا أحبّ الله عبده قبل منه اليسير من العمل, وغفر له الكثير من الزلل.   ** لا شيء ألذ للقلوب ولا أحلى من محبة خالقها, والأنس به ومعرفته, وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له يكون ذكرها له.   **  كل فعل مدح الله فاعله, دلّ ذلك على أن الله يحبه, وإذا كان يحبه فإنه يأمر به, ويرغب فيه.   ** علامة المحبة, ما ذكره الله, أن يجتهد العبد في كل محل يقربه إلى الله وينافس في قربه, بإخلاص الأعمال كلها لله, والنصح فيها, وإيقاعها في أكمل الوجوه المقدور عليها. فمن زعم أنه يحب الله بغير ذلك فهو كاذب.       ●  التوكل على الله والاعتماد عليه:     ** النفس أمارة بالسوء, ولكن من توكل على الله كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه   ** ﴿ يتوكلون ﴾  أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم, في جلب مصالحهم, ودفع مضارهم الدينية, والدنيوية, ويثقون بأن الله تعالى سيفعل ذلك.   ** لا خاب من توكل عليه, وأما من توكل على غيره, فإنه مخذول, غير مدرك لما أمل   ** بالتوكل يحصل كل مطلوب, ويندفع كل مرهوب.   * العبد ينبغي له أن لا يتكل على نفسه طرفة عين, بل لا يزال مستعيناً بربه, متوكلاً عليه, سائلاً له التوفيق, وإذا حصل له شيء من التوفيق, فلينسبه لموليه ومسديه, ولا يعجب بنفسه لقوله: ﴿ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ﴾   ** يدفع الله عن المؤمنين المتوكلين عليه شر الشيطان ولا يبقى له عليهم سبيل.   ** ما فات أحداً شيء من الخير إلا لعدم صبره, وبذل جهده فيما أريد منه, أو لعدم توكله واعتماده على الله.   ** أعظم مساعد للعبد على القيام بما أمر به, الاعتماد على ربه, والاستعانة بمولاه, على توفيقه للقيام بالمأمور, فلذلك أمر الله تعالى بالتوكل عليه, فقال: ﴿ وتوكل على العزيز الرحيم ﴾      **  كل عمل لا يصحبه التوكل فغير تام, وهو أي: التوكل: الاعتماد بالقلب على الله في جلب ما يحبه العبد, ودفع ما يكرهه مع الثقة به تعالى.           ●  معية الله جل وعلا لعبده:     ** من كان الله معه فهو المنصور وإن كان ضعيفاً قليلاً عدده.   ** من كان الله مولاه وناصره, فلا خوف عليه, ومن كان الله عليه, فلا عزّ له, ولا قائمة تقوم له.   ** الله مع المتقين المحسنين, بعونه, وتوفيقه, وتسديده, وهم الذين اتقوا الكفر والمعاصي, وأحسنوا في عبادة الله, بأن عبدوا الله, كأنهم يرونه, فإن لم يكونوا يرونه فإنه يراهم, والإحسان إلى الخلق ببذل النفع لهم من كل وجه.       ●  الإحسان:     ** الإحسان في كل عبادة: بذل الجهد فيها, وأداؤها كاملة, لا نقص فيها بوجه من الوجوه.   **  كلما كان العبد أكثر إحساناً, كان أقرب إلى رحمة ربه, وكان ربه قريباً منه برحمته, وفي هذا من الحث على الإحسان, ما لا يخفى.   ** ﴿ للذين أحسنوا ﴾   في عبادة الله تعالى, وأحسنوا إلى عباد الله, فلهم ﴿ في هذه الدنيا حسنة ﴾  رزق واسع, وعيشة هنية, وطمأنينة قلب, وأمن, وسرور.   * استحضار العبد رؤية الله له في جميع أحواله, وسمعه لكل ما ينطق به, وعلمه بما ينطوي عليه قلبه من الهم والعزم والنيات يعينه على مرتبة الإحسان.   * ﴿ وكذلك نجزى المحسنين ﴾  في عبادة الله, المحسنين لخلق الله, يعطيهم علماً وحكماً.   * ﴿ إنا كذلك نجزي المحسنين ﴾  في عبادة الله, ومعاملة خلقه, أن نفرج عنهم الشدائد, ونجعل لهم العاقبة, والثناء الحسن.         ●  الإيمان:     ** كلما قوي إيمان العبد تولاه الله بلطفه ويسره لليسرى وجنبه العسرى.   ** الإيمان يقتضي محبة المؤمنين وموالاتهم, وبغض الكافرين وعدواتهم   ** كل ثواب عاجل وآجل فمن ثمرات الإيمان فالنصر والهدى والعلم والعمل الصالح والسرور, والأفراح, والجنة وما اشتملت عليه من النعيم, كل ذلك سبب عن الإيمان   ** الإيمان إذا خلطت بشاشته القلوب لم يعدل به صاحبه غيره ولم يبغ به بدلا   ** عدم الإيمان هو الموجب لعقد الولاية بين الإنسان والشيطان.   ** من نقصت طاعته لله ورسوله,...نقص إيمانه.   ** ليس الإيمان بالتمني والتحلي, ولكنه ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال.   ** الله يعطى الدنيا من يحبّ, ومن لا يحب, ولا يعطي الإيمان والدين إلا من يحب   ** الإيمان يزيد وينقص, وينبغي للمؤمن أن يتفقد إيمانه ويتعاهده, فيجدده وينميه, ليكون دائماً في صعود.   ** الإيمان الصادق يمنع صاحبه من الإقدام على المحرمات.   ** الإيمان, واحتساب الأجر والثواب, يُسهل على العبد كل عسير, ويقلل لديه كل كثير, ويوجب له الاقتداء بعباد الله الصالحين, والأنبياء والمرسلين.   ** المؤمن مهتد بالقرآن متبع له, سعيد في دنياه وأخراه   ** ينبغي للعبد أن يتعاهد إيمانه وينميه, وأن أولى ما يحصل به ذلك, تدبر كتاب الله تعالى, والتأمل لمعانيه.   ** المؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به, أو أخبر به رسوله, سواء شاهده, أو لم يشاهده, وسواء فهمه وعقله, أو لم يهتد إليه عقله وفهمه.   ** العبد لا ينبغي له أن يكون آمناً, على ما معه من الإيمان, بل لا يزال خائفاً وجلاً, أن يبتلي ببلية, تسلب ما معه من الإيمان, وأن لا يزال داعياً بقوله: [ يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ] وأن يعمل ويسعى, في كل سبب يخلصه من الشر.   ** ينبغي للمؤمن أن يؤدى ما عليه من الحقوق, منشرح الصدر, مطمئن النفس, ويحرص أن تكون مغنماً, ولا تكون مغرماً.   ** المؤمنون...يحبون أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله, لما في قلوبهم من الإيمان, ولما يرجون من فضل الله وإحسانه, وبره وامتنانه.   ** الله يدافع عن الذين آمنوا, فإنه بحسب ما مع العبد من الإيمان, تحصل له النجاة من المكاره.   ** ينبغي للعبد أن يتملق إلى الله دائماً, في تثبيت إيمانه, ويعمل الأسباب الموجبة لذلك ويسأل الله حسن الخاتمة وتمام النعمة   ** من كان مؤمناً به, تقياً, كان له ولياً, فأكرمه بأنواع الكرامات, ودفع عنه الشرور والمثلات.   ** من دخل الإيمان في قلبه, وكان مخلصاً لله, في جميع أموره فإن الله يدفع عنه ببرهان إيمانه, وصدق إخلاصه, من أنواع السوء والفحشاء وأسباب المعاصي, ما هو جزاء لإيمانه وإخلاصه   ** العبد إذا أصابته مصيبة فصبر وثبت, ازداد بذلك إيمانه, ودل ذلك على أن استمرار الجزع مع العبد دليل على ضعف إيمانه.   ** آيات الله وعبره وأيامه في الأمم السابقة, يستفيد بها ويستنير المؤمنون, فعلى حسب إيمان العبد تكون عبرته.   ** كل من سلك طريقاً في العلم والإيمان, والعمل الصالح, زاده الله منه وسهله عليه, ويسره له, ووهب له أموراً أخر لا تدخل تحت كسبه. وفي هذا دليل على زيادة الإيمان ونقصه, كما قاله السلف الصالح.   ** الذين آمنوا,...الله يدفع عنهم كل مكروه, ويدفع عنهم بسبب إيمانهم كل شر من شرور الكفار, وشرور وسوسة الشيطان, وشرور أنفسهم, وسيئات أعمالهم, ويحمل عنهم عند نزول المكاره ما لا يتحملوه فيخفف عنهم غاية التخفيف   ** حكمته لا تقتضي أن كل من قال: " إنه مؤمن " وادعى لنفسه الإيمان, أن يبقوا في حالة يسلمون فيها من الفتن والمحن, ولا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم وفروعه, فإنهم لو كان الأمر كذلك, لم يتميز الصادق من الكاذب, والمحق من المبطل   ** الذين آمنوا وعملوا الصالحات...إذا أصابهم الخير والنعمة والمحاب, شكروا الله تعالى, وخافوا أن تكون نعم الله عليهم, استدراجاً وإمهالاً. وإن أصابتهم مصيبة في أنفسهم وأموالهم وأولادهم صبروا, ورجوا فضل ربهم, فلم ييأسوا.   ** من يزعم أنه مؤمن بالله واليوم الآخر, وهو مع ذلك مُوادّ لأعداء الله, مُحبّ لمن نبذ الإيمان وراء ظهره, فإن هذا إيمان زعمي, لا حقيقة له, فإن كل أمر لا بد له من برهان يصدقه, فمجرد الدعوى, لا تفيد شيئاً, ولا يصدق صاحبها.   ** مما يدعو المؤمن أيضاً إلى معادة الكفار, أنهم قد كفروا بما جاء المؤمنين من الحق, ولا أعظم من هذه المخالفة والمشاقة.   ** أهل الإيمان أهدى الناس قلوباً وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات وذلك لما معهم من الإيمان.   ** السعداء هم: المؤمنون المتقون       الدعاء:   ** من دعا ربه بقلب حاضر ودعاء مشروع ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء كأكل الحرام ونحوه فإن الله قد وعده بالإجابة وخصوصاً إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية والإيمان به.   ** من آداب الدعاء: الإخلاص فيه لله وحده,...إخفاؤه وإسراره, أن يكون القلب خائفاً طامعاً, لا غافلاً, ولا أمناً, ولا غير مبال بالإجابة.   ** الإقبال على الدعاء....وإحضار له بقلبه, وعدم غفلة, فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.   ** الذي يؤمن يكون شريكاً للداعي في ذلك الدعاء.   ** الدعاء بتلف مال من كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه, خصوصاً إن فضّل نفسه بسببه على المؤمنين, وفخر عليهم.   ** هل يجيب المضطر الذي أقلقته الكروب وتعسر عليه المطلوب واضطر للخلاص  مما هو فيه إلا الله وحده.؟ ومن يكشف السوء أي البلاء والشر...إلا الله وحده.؟   ** الدعاء للشخص من أدل الدلائل على محبته, لأنه لا يدعو إلا لمن يحبه.         ●  العلم والعلماء:     ** الربانيين...العلماء العاملين المعلمين, الذين يربون الناس بأحسن تربية, ويسلكون معهم مسلك الأنبياء المشفقين   ** العلم يرفع الله به صاحبه, فوق العباد درجات, خصوصاً العالم العامل المعلم, فإنه يجعله الله إماماً للناس, بحسب حاله, ترمق أفعاله, وتقتفى آثاره, ويستضاء بنوره, ويمشى بعلمه في ظلمة ديجوره   ** علم القرآن أجل العلوم وأبركها وأوسعها و به تحصل الهداية إلى الصراط المستقيم, هداية تامة, لا يحتاج معها إلى تخرص المتكلفين, ولا أفكار المتفلسفين, ولا لغير ذلك من علوم الأولين والآخرين.   ** علم القرآن...أسهل العلوم, وأجلها على الإطلاق, وهو العلم النافع, الذي إذا طلبه العبد أُعين عليه.   ** إذا تكلم العالم عن مقالات أهل البدع فالواجب عليه أن يعطى كل ذي حق حقه, وأن يبين ما فيها من الحق والباطل ويعتبر قربها من الحق, وبعدها منه.   ** من تعلماً علماً, فعليه نشره وبثه في العباد, ونصيحتهم فيه, فإن انتشار العلم عن العالم من بركته, وأجره الذي ينمى.   ** إذا سئل المفتي وكان السائل في حاجة أشد لغير ما سأل عنه, أنه ينبغي أن يعلمه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله, فإن هذا علامة على نصح المعلم وفطنته, وحسن إرشاده وتعليمه.   ** ينبغي للمسئول أن يدلّ السائل على أمر ينفعه مما يتعلق بسؤاله ويرشده إلى الطريق التي ينتفع بها في دينه ودنياه فإن هذا من كمال نصحه وفطنته وحسن إرشاده   ** في هذه القصة العجيبة الجليلة...فوائد فمنها: فضيلة العلم, والرحلة في طلبه وأنه أهم الأمور فإن موسى عليه السلام رحل مسافه طويلة, ولقي النصب في طلبه, وترك القعود عند بني إسرائيل لتعليمهم وإرشادهم, واختار السفر لزيادة العلم على ذلك.   ** التأدب مع المعلم, وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب, لقول موسى عليه السلام: ﴿ هل أتبعك على أن تعلمنِ مما علمت رشداً ﴾ فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة, وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا ؟ وإقراره بأنه يتعلم منه.   ** تعلم العالم الفاضل, للعالم الذي لم يتمهر فيه, ممن مهر فيه, وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.   ** العلم النافع هو العلم المرشد إلى الخير, فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطريق الخير, وتحذير عن طريق الشر, أو وسيلة لذلك فإنه من العلم النافع, وما سوى ذلك فإما أن يكون ضاراً, أو ليس فيه فائدة.   ** من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم, وحسن الثبات على ذلك, أنه ليس بأهل لتلقي العلم.   ** أمره تعالى أن يسأله زيادة العلم...فإن العلم خير, وكثرة الخير مطلوبة, وهي من الله, والطريق إليها: الاجتهاد, والشوق للعلم, وسؤال الله, والاستعانة به, والافتقار إليه في كل وقت.   ** المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنى ويصبر, حتى يفرغ المملي والمعلم من كلامه, المتصل بعضه ببعض, فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال, ولا يبادر إلى السؤال وقطع كلام مُلقى العلم فإنه سبب للحرمان.   ** المسئول ينبغي له أن يستملي سؤال السائل, ويعرف المقصود منه قبل الجواب, فإن ذلك من سبب لإصابة الصواب.   ** تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم, نهي عن سؤال المعروف بالجهل, وعدم العلم, ونهي له أن يتصدى لذلك.   ** الناظر في العلم عند الحاجة إلى التكلم فيه, إذا لم يترجح عنده أحد القولين, فإنه يستهدي ربه, ويسأله أن يهديه الصواب من القولين, بعد أن يقصد بقلبه الحق, ويبحث عنه, فإن الله لا يخيب من هذه الحالة.   ** من جدّ واجتهد في طلب العلم الشرعي فإنه يحصل له من الهداية, والمعونة على تحصيل مطلوبة, أمور إلهية خارجه عن مدرك اجتهاده, ويتسر له أمر العلم.   ** طلب العلم الشرعي, من الجهاد في سبيل الله, بل هو أحد نوعي الجهاد, الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق, وهو الجهاد بالقول واللسان للكفار والمنافقين. والجهاد على تعليم أمور الدين. وعلى ردّ نزاع المخالفين للحق ولو كانوا من المسلمين.   ** التعليم الفعلي أبلغ من القولي خصوصاً إذا اقترن بالقول, فإن ذلك نور على نور   ** كلما كان العبد أعظم علماً وتصديقاً بأخبار ما جاء به الرسول, وأعظم معرفة بحكم أوامره نواهيه, كان من أهل العلم الذين جعلهم الله حجة على ما جاء به الرسول.   ** كلّ من كان بالله أعلم كان أكثر له خشية. وأوجبت له خشية الله الانكفاف عن المعاصي,....وهذا دليل على فضيلة العلم. فإنه داع إلى خشية الله.   ** طريق العلم الصحيح الوقوف مع الحقائق, وترك التعرض لما لا فائدة فيه. وبذلك تزكو النفس, ويزيد العلم.   ** لذة أهل العلم بالتساؤل عن العلم والبحث عنه فوق اللذات الجارية في أحاديث الدنيا.   ** لا يبادر المتعلم المعلم قبل أن يفرغ المعلم من المسألة, التي شرع فيها, فإذا فرغ منها, سأله عما أشكل عليه.   ** ينبغي ويتأكد على المعلم استعمال الإخلاص التام في تعليمه, وأن لا يجعل تعليمه وسيلة لمعاوضة أحد من مال, أو جاه, أو نفع.   ** أعلى مراتب العلم: اليقين, وهو: العلم الثابت الذي لا يتزلزل, ولا يزول.   ** ينبغي الإقبال على طالب العلم المفتقر إليه,...أزيد من غيره.   ** المعلم مأمور بحسن الخلق مع المتعلم, ومباشرته بالإكرام, والتحنن عليه, فإن في ذلك معونة له على مقصده وإكراماً لمن يسعى في نفع العباد والبلاد     ●  التعامل مع الناس:     ** معاملة الناس فيما بينهم على درجتين إما عدل وإنصاف واجب وهو أخذ الواجب وإعطاء الواجب وإما فضل وإحسان وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة ولو في بعض الأوقات.   ** العفو ترك المؤاخذة, مع المسامحة عن المسيء, وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة, وتحلى عن الأخلاق الرذيلة, وممن تأجر مع الله, وعفا عن عباد الله رحمة بهم, وإحساناً إليهم,...وليعفو الله عنه, ويكون أجره على ربه الكريم.   ** ينبغي للجار أن يتعاهد جاره بالهدية, والصدقة, والدعوة, واللطافة بالأقوال, والأفعال, وعدم أذيته بقول أو فعل.   ** القول السديد, لين الكلام ولطفه في مخاطبة الأنام, والقول المتضمن للنصح والإشارة بما هو أصلح   **  لما كان لا بد من أذية الجاهل, أمر الله تعالى أن يقابل الجاهل بالأعراض عنه, وعدم مقابلته بجهله, فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه, ومن حرمك لا تحرمه, ومن قطعك فصِلهُ, ومن ظلمك فاعدل فيه.   ** ينبغي إدخال السرور على المؤمن, بالكلام اللين, والدعاء له, ونحو ذلك, مما يكون فيه طمأنينة وسكون لقلبه.   ** من أساء إليكم في أبدانكم, وأموالكم, وأعراضكم, فتسمحوا عنه, فإن الجزاء من جنس العمل, فمن عفا لله عفا الله عنه, ومن أحسن, أحسن الله إليه.   ** العبد عليه أن يلتزم أمر الله ويسلك طريق العدل ولو جُني عليه, أو ظُلِمَ, واُعتدي عليه, فلا يحلُّ له أن يكذب على من كذب عليه, أو يخون من خانه.   ** من أساء إليهم بقول أو فعل لم يقابلوه بفعله, بل قابلوه بالإحسان إليه, فيعطون من حرمهم, ويعفون عمن ظلمهم, ويصلون من قطعهم, ويحسنون إلى من أساء إليهم, وإذا كانوا يقابلون المسيء بالإحسان فما ظنك بغير المسيء ؟ !.   ** إذا أساء إليك أعداؤك بالقول والفعل, فلا تقابلهم بالإساءة...ومن مصالح ذلك: أنه أدعى لجلب المسيء إلى الحق, وأقرب إلى ندمه ورجوعه بالتوبة عما فعل ويتصف العافي بصفة الإحسان, ويقهر بذلك عدوه الشيطان, ويستوجب الثواب من الرب   ** هل يليق بمؤمن بالله ورسوله ويدعي اتباعه والاقتداء به, أن يكون كلاًّ على المسلمين شرس الأخلاق, غليظ القلب, فظ القول, فظيعه ؟ وإن رأى منهم معصية, أو سوء أدب, هجرهم, ومقتهم, وأبغضهم, لا لين عنده, ولا أدب لديه, ولا توفيق,   ** إذا أساء إليك مسيء من الخلق خصوصاً من له حق كبير عليك كالأقارب والأصحاب, ونحوهم, فقابله بالإحسان إليه, فإن قطعك فصِلهُ, وإن ظلمك فاعف عنه, وإن تكلم فيك غائباً أو حاضراً, فلا تقابله بل اعف عنه, وعامله بالقول اللين, **النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته, وعدم العفو عنه, فكيف بالإحسان ؟!! فإذا صبر الإنسان نفسه وامتثل أمر ربه, وعرف جزيل الثواب وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله, لا تفيده شيئاً ولا تزيد العداوة إلا شدة, هان عليه الأمر.   ** مما يهيج على العفو أن يعامل العبد الخلق بما يجب أن يعامله الله به, فكما يحب أن يعفو الله عنه, فليعفُ عنهم, وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم.   ** شرط الله في العفو: الإصلاح فيه, ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق بالعفو عنه, وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته, فإنه في هذه الحال لا يكون مأموراً به.   ** الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له, يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات, بل يدخل في عموم هذا الحجج والمقالات.   ** لا يصدر منك كلام للسائل يقتضى رده عن مطلوبه, بنهر وشراسة خلق, بل أعطه ما تيسر عندك, أو ردّه بمعروف وإحسان, ويدخل قي هذا السائل للمال, والسائل للعلم.   ** المخالطة بين الأقارب والأصحاب, وكثرة التعلقات الدنيوية المالية, موجبة للتعادي بينهم, وبغي بعضهم على بعض, وأنه لا يرد عن ذلك إلا استعمال تقوى الله, والصبر على الأمور, بالإيمان والعمل الصالح, وأن هذا من أقلِّ شيء في الناس         ●  الدعوة إلى الله عز وجل:     ** لا ينبغي للداعي إلى الله أن يصده اعتراض المعترضين, ولا قدح القادحين, وخصوصاً إذا كان القدح لا مستند له, ولا يقدح فيما دعا إليه, وأنه لا يضيق صدره, بل يطمئن بذلك, ماضياً على أمره, مقبلاً على شأنه.   ** إذا كان أولياء الشيطان يصبرون ويقاتلون وهم على باطل, فأهل الحق أولى بذلك   ** كل مفسد عمل عملاً واحتال كيداً أو أتى بمكر, فإن عمله سيبطل, ويضمحل, وإن حصل لعمله رواج في وقت ما, فإن مآله الاضمحلال, والمحق.   ** الباطل, من المحال أن يغلب الحق, أو يدفعه, وإنما يكون له صولة, وقت غفلة الحق عنه, فإذ برز الحق وقاوم الباطل قمعه.   ** مما ينشط العاملين أن يذكر لهم من ثواب الله على أعمالهم ما به يستعينون على سلوك الصراط المستقيم,...وأن يذكر في مقام الترهيب, العقوبات المترتبة على ما يرهب منه, ليكون عوناً على الكف عما حرم الله.   ** المأمور بدعاء الخلق إلى الله عليه التبليغ, والسعي بكل سبب يوصل إلى الهداية, وسدّ طرق الضلال والغواية بغاية ما يمكنه, مع التوكل على الله في ذلك, فإن اهتدوا فبِهَا ونِعمت, وإلا فلا يحزن ولا يأسف. فإن ذلك مُضعف للنفس, هادم للقوى.   ** من تكملة دعوة الداعي وتمامها, أن يكون أول مبادر لما يأمر غيره به, وأول منته عما ينهى غيره عنه, كما قال شعيب عليه السلام: ﴿ وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ﴾ ولقوله تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ﴾   ** المصلحون الذين قصدهم بأعمالهم وجه الله تعالى, وهي أعمال ووسائل نافعة, مأمور بها, فإن الله يصلح أعمالهم ويرقيها, وينميها على الدوام.   ** من الحكمة, الدعوة بالعلم لا بالجهل, والبدأة بالأهم فالأهم, وبالأقرب إلى الأذهان والفهم, وبما يكون قبوله أتم, وبالرفق واللين.   ** أمرنا الله باتباع ملة إبراهيم فمن اتباع ملته سلوك طريقه في الدعوة إلى الله, بطريق العلم والحكمة واللين والسهولة والانتقال من رتبة إلى رتبة وعدم السآمة منه, والصبر على ما ينال الداعي من أذى الخلق بالقول والفعل ومقابلة ذلك بالصفح والعفو.   ** الصدر إذا ضاق لم يصلح صاحبه لهداية الخلق ودعوتهم قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ﴾ وعسى الخلق يقبلون الحق مع اللين, وسعة الصدر وانشراحه عليهم   ** من تيسير الأمر أن ييسر للداعي أن يأتي جميع الأمور من أبوابها ويخاطب كل أحد بما يناسب له ويدعوه بأقرب الطرق الموصلة إلى قبوله.   ** لا ينبغي أن يثنيك عن الدعوة شيء لأنك ﴿ على هدى مستقيم ﴾ أي معتدل موصل للمقصود متضمن علم الحق والعمل به فأنت على ثقة من أمرك.   **الداعي إلى الله...يحتاج إلى. لسان فصيح يتمكن من التعبير عن ما يريده ويقصده بل الفصاحة والبلاغة لصاحب هذا المقام من ألزم ما يكون لكثرة المراجعات ولحاجته لتحسين الحق وتزينه بما يقدر عليه, ليحببه إلى النفوس, وإلى تقبيح الباطل لينفر عنه   ** من الدعوة إلى الله: الترغيب في اقتباس العلم والهدى من كتاب الله, وسنة رسوله, والحث على ذلك بكل طريق موصل إليه, ومن ذلك: الحث على مكارم الأخلاق والإحسان إلى عموم الناس ومقابلة المسيء بالإحسان.   ** من الدعوة إلى الله: تحبيبه إلى عباده, بذكر تفاصيل نعمه, وسعة جوده, وكمال رحمته, وذكر أوصاف كماله, ونعوت جلاله....ومن ذلك: الوعظ لعموم الناس, في أوقات المواسم, والعوارض, والمصائب, بما يناسب الحال.   ** ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس مبادرة إليه, والناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس عنه, قال تعالى ﴿ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ﴾ وقال شعيب ﴿وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه﴾   ** إنما كان السكوت عن المنكر مع القدرة موجباً للعقوبة, لما فيه من المفاسد العظيمة منها: أن مجرد السكوت فعل معصية وإن لم يباشرها الساكت, فإنه كما يجب اجتناب المعصية, فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.   ** المعصية مع تكررها وصدورها من كثير...وعدم إنكار أهل الدين والعلم لها يظن أنها ليست بمعصية وربما ظن الجاهل أنها عبادة مستحسنة, وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ما حرم الله حلالاً ؟ وانقلاب الحقائق على النفوس ورؤية الباطل حقاً ؟ !!             ● حقيقة الدنيا:     ** حقيقة الدنيا: إنها لعب ولهو, لعب في الأبدان, ولهو في القلوب, فالقلوب لها والهة, والنفوس لها عاشقة, والهموم فيها متعلقة, والاشتغال بها كلعب الصبيان.   ** ما مقدار عمر الإنسان القصير جداً من الدنيا, حتى يجعله الغاية, التي لا غاية وراءها, فيجعل سعيه وكده, وهمه, وإرادته, لا يتعدى الحياة الدنيا القصيرة المملوءة بالأكدار, المشحونة بالأخطار.   ** فوالله ما آثر الدنيا على الآخرة, ومن وقرّ الإيمان في قلبه, ولا من جزل رأيه, ولا من عُدّ من أولى الألباب.   ** العبد ينبغي له أن يدعو نفسه ويشوقها لثواب الله, ولا يدعها تحزن إذا رأت زينة أهل الدنيا ولذاتها, وهي غير قادرة عليها, بل يسليها بثواب الله الأخروي وفضله العظيم.   ** الحث والترغيب على الزهد في الدنيا, خصوصاً الزهد المتعين, وهو الزهد فيما يكون ضرراً على العبد, ويوجب له الاشتغال عما أوجب الله عليه, وتقديمه على حق الله, فإن هذا الزهد واجب.   ** الدنيا وما فيها من أولها إلى آخرها ستذهب عن أهلها, ويذهبون عنها, وسيرث الأرض ومن عليها ويرجعهم إليه, فيجازيهم بما عملوا فيها, وما خسروا فيها أو ربحوا فمن عمل خيراً فليحمد الله, ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ نفسه.   ** من الدواعي للزهد, أن يقابل العبد لذات الدنيا وشهواتها بخيرات الآخرة, فإنه يجد من الفرق والتفاوت ما يدعوه إلى إيثار أعلى الأمرين.   **  الغالب أن الله تعالى يزوي الدنيا عن أوليائه وأصفيائه, ويوسعها على أعدائه, الذين ليس في الآخرة نصيب   ** من عرف الدنيا وحقيقتها جعلها معبراً, ولم يجعلها مستقراً, فنافس فيما يقربه إلى الله, واتخذ الوسائل التي توصله إلى دار كرامته, وإذا رأى من يكاثره وينافسه في الأموال والأولاد, نافسه بالأعمال الصالحة.      ** من آثر الدنيا على الدين, فقد خسر الخسارة الحقيقة, من حيث يظن أنه يربح     ● العذاب   ** أشد ما يكون من العذاب, أن يؤخذوا على غرة, وغفلة وطمأنينة, ليكون أشد لعقوبتهم, وأعظم لمصيبتهم.   ** اعتصم يوسف بربه...فاستحب السجن, والعذاب الدنيوي, على لذة حاضرة, توجب العذاب الشديد.   ** ينبغي للعبد إذا ابتلي بين أمرين: إما فعل معصية, وإما عقوبة دنيوية, أن يختار العقوبة الدنيوية على مواقعة الذنب الموجب للعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة.   ** ﴿ولعذاب الأخرة أشد﴾ من عذاب الدنيا أضعاف مضاعفة ﴿وأبقى﴾  لكونه لا ينقطع, بخلاف عذاب الدنيا فإنه منقطع, فالواجب الخوف والحذر من عذاب الآخرة   ** ﴿ إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ﴾ أي: موجع للقلب والبدن,...فإذا كان هذا الوعيد لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة, واستحلاء ذلك بالقلب, فكيف بما هو أعظم من ذلك من إظهاره ونقله ؟!!       ● نعم الله على عبده:   ** القرآن...أعظم نعمة, ومنة, وفضل تفضل الله به على عباده.   ** ينبغي لمن أنعم الله عليه بنعمة, بعد شدة وفقر وسوء حال, أن يعترف بنعمة الله عليه, وأن لا يزال ذاكراً حاله الأولى ليحدث لذلك شكراً  كلما ذكرها.   ** ﴿ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ﴾ فضلاً عن قيامكم بشكرها.   ** نعمه الظاهرة والباطنة على العباد بعدد الأنفاس واللحظات من جميع أصناف النعم, مما يعرف العباد ومما لا يعرفون, وما يدفع عنهم من النقم فأكثر من أن يحصى   ** ﴿ وبنعمة الله هم يكفرون ﴾ يجحدونها, ويستعينون بها على معاصي الله والكفر به. هل هذ إلا من أظلم الظلم, وأفجر الفجور, وأسفه السفه ؟!!   ** اعتبار بحال الذي أنعم الله عليه نعماً دنيوية فألهته عن آخرته وأطغته, وعصى الله فيها, أن مآلها الانقطاع والاضمحلال, وأنه وإن تمتع بها قليلاً فإنه يحرمها طويلا.   ** حال الخلفاء الصالحين إذا منَّ الله عليهم بالنعم الجليلة ازداد شكرهم, وإقرارهم, واعترافهم بنعمة الله, كما قال سليمان عليه السلام, لما حضر عنده عرش ملكة سبأ, مع البعد العظيم, قال: ﴿ هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ﴾   ** أهل التجبر والتكبر, والعلو في الأرض...النعم الكبار تزيدهم أشراً وبطراً, كما قال قارون لما أتاه الله من الكنوز ما أن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة, قال: ﴿ إنما أوتيته على علم عندي ﴾   ** العبد ينبغي له أن يتدبر نعم الله عليه...ويقيسها بحال عدمها, فإنه إذا وزان بين حالة وجودها وبين حالة عدمها تنبه عقله لمواضع المنة بخلاف من جرى مع العوائد.. وعمى قلبه عن الثناء على الله بنعمه,...فإن هذا لا يحدث له فكره شكر, ولا ذكر.   ** من نعمه على عباده الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح, أن يجعل لهم وداً, أي: محبة و وداداً في قلوب أوليائه, وأهل السماء والأرض.   ** من أكبر نعم الله على عبده أن يكون إماماً يهتدى به المهتدون, ويمشى خلفه السالكون.   ** من أعظم نعم الله على عبده, وأعظم معونة للعبد على أموره, تثبيت الله إياه, وربط جأشه وقلبه عند المخاوف, وعند الأمور المذهلة, فإنه بذلك يتمكن من القول الصواب, والفعل الصواب.   ** من أكبر نعم الله على عبده, أن يرزقه العلم النافع, ويعرف الحكم والفصل بين الناس, كما امتن الله به على عبده داود عليه السلام.   ** من أكبر نعم الله على عبده: أن يهب له ولداً صالحاً, فإن كان عالماً,  كان نوراً على نور.   ** لا أعظم من نعمة الدين, التي هي مادة الفوز, والسعادة الأبدية.   ** النعم الدينية والدنيوية, أي: أثن على الله بها, وخصها بالذكر إن كان هناك مصلحة. وإلا فحدث بنعم الله على الإطلاق, فإن التحدث بنعمة الله داع لشكرها, وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها, فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن.   ** ﴿ثم لتسألن يومئذ عن النعيم﴾ الذي تنعمتم به في دار الدنيا هل قمت بشكره وأديتم حق الله فيه, ولم تستعينوا به على معاصيه, فينعمكم نعيماً, أعلى منه وأفضل, أم اغتررتم به, ولم تقوموا بشكره ؟ بل ربما استعنتم به العاصي, فيعاقبكم على ذلك   ** رغد الرزق والأمن من الخوف من أكبر النعم الدنيوية, الموجبة لشكر الله.       ● الابتلاء والمصائب:     ** العزة لله جميعاً, فإن نواصي العباد بيده, ومشيئته نافذة فيهم, وقد تكفل بنصر دينه وعباده المؤمنين, ولو تخلل ذلك بعض الامتحان لعباده المؤمنين, وإدالة العدو عليهم, إدالة غير مستمرة, فإن العاقبة والاستقرار للمؤمنين.   ** ﴿ وإن جندنا لهم الغالبون ﴾ وهذه بشارة عظيمة, لمن قام بأمر الله وصار من حزبه وجنده, أن له الغلبة, وإن أديل عليه في بعض الأحيان, لحكمة يريدها الله تعالى, فآخر أمره الغلبة والانتصار, ومن أصدق من الله قيلاً.   ** الكافرون بربهم...الله لهم بالمرصاد وله تعالى الحكمة البلغة في عدم معاجلتهم بالعقوبة التي من جملتها ابتلاء عباده المؤمنين وامتحانهم وتزودهم من طاعته ومراضيه, ما يصلون به المنازل العالية, واتصافهم بأخلاق وصفات لم يكونوا بغيره بالغيها.   ** من رحمته بعباده المؤمنين أن قيض لهم من الأسباب ما تكرهه النفوس, لينيلهم ما يحبون, من المنازل العالية, والنعيم المقيم.   ** الابتلاء والامتحان للنفوس, بمنزلة الكير يخرج خبثها, وطيبها.   ** الله يبتلي أولياءه بالشدة والرخاء والعسر واليسر, ليمتحن صبرهم وشكرهم, ويزداد بذلك إيمانهم ويقينهم وعرفانهم   ** الله حكيم يقيض بعض أنواع الابتلاء ليظهر بذلك كمائن النفوس الخيرة والشريرة   ** الله تعالى يجعل المحن والعقبات الشاقة بين يدي الأمور العالية والمطالب الفاضلة.   ** يخبر تعالى أنه ما أصاب العباد من مصيبة في أبدانهم, وأموالهم, وأولادهم, وفيما يحبون ويكون عزيزاً عليهم, إلا بسبب ما قدمته أيديهم من السيئات, وأن ما يعفو الله عنه أكثر, فإن الله لا يظلم العباد, ولكن أنفسهم يظلمون.   ** جميع ما أصاب العباد فبقضاء الله وقدره وقد سبق بذلك علم الله وجرى به قلمه ونفذت به مشيئته, واقتضته حكمته...فإذا آمن أنها من عند الله فرضى بذلك وسلم أمره, هدى الله قلبه, فاطمأن ولم ينزعج عند المصائب كما يجرى ممن لم يهد الله قلبه     ** من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب, بأن لم يلحظ قضاء الله وقدره, بل وقف مع مجرد الأسباب أنه يخذل, ويكله الله إلى نفسه, وإذا وكل العبد إلى نفسه, فالنفس ليس عندها إلا الهلع والجزع, الذي هو عقوبة عاجلة على العبد, قبل عقوبة الآخرة.   ** الغنى والفقر, والسعة والضيق, ابتلاء من الله, وامتحان يمتحن به العباد, ليرى من يقوم بالشكر والصبر, فيثيبه على ذلك, الثواب الجزيل, ومن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل.     ● الحياة الزوجية وتربية الأبناء:     ** على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف, من الصحبة الجميلة, وكف الأذى, وبذل الإحسان, وحسن المعاملة, ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما.   ** الرأي الحسن لمن استشار في فراق زوجه أن يؤمر بإمساكها مهما أمكن إصلاح الحال, فهو أحسن من الفرقة.   ** ﴿ فأمسكوهن بمعروف ﴾ أي: على وجه المعاشرة الحسنة, والصحبة الجميلة, لا على وجه الضرر, وإرادة الشر والحبس, فإن إمساكها على هذا الوجه لا يجوز.   ** ﴿ أو فارقوهن بمعروف ﴾ أي: فراقاً لا محذور فيه, من غير تشاتم ولا تخاصم, ولا قهر لها على أخذ شيء من مالها   * لما كان الطلاق قد يوقع في الضيق والكرب والغم, أمر تعالى بتقواه, ووعد من اتقاه في الطلاق وغيره أن يجعل له فرجاً ومخرجاً.   ** إذا أراد العبد الطلاق, ففعله على الوجه المشروع, بأن أوقعه طلقة واحدة, في غير حيض, ولا طهر أصابها فيها, فإنه لا يضيق عليه الأمر, بل جعل الله له فرجاً وسعة, يتمكن بها من الرجوع إلى النكاح, إذا ندم على الطلاق.   ** وقاية الأهل والأولاد بتأديبهم, وتعليمهم, وإجبارهم على أمر الله, فلا يسلم العبد إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه, وفيمن تحت ولايته وتصرفه.   ** صلاح الوالدين بالعلم والعمل من أعظم الأسباب لصلاح أولادهم   ** النفس مجبولة على محبة الأزواج والأولاد, فنصح تعالى عباده أن توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الأزواج والأولاد. التي فيها محذور شرعي, ورغبهم في امتثال أوامره, وتقديم مرضاته,...وأن يؤثروا الآخرة على الدنيا الفانية المنقضية.   ** الأولاد عند والديهم موصى بهم, فإما أن يقوموا بتلك الوصية فلهم جزيل الثواب, وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعد والعقاب, وهذا مما يدل على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين, حيث أوصى الوالدين مع كمال شفقتهما عليهم.       ● خصال وأخلاق مذمومة:     ** ﴿ إن الله لا يحبُّ من كان مختالاً ﴾ أي: معجباً بنفسه, متكبراً على الخلق. ﴿فخوراً ﴾ يثنى على نفسه ويمدحها, على وجه الفخر والبطر على عباد الله.   ** النهى عن العجلة, والتسرع لنشر الأمور, من حين سماعها, والأمر بالتأمل قبل الكلام, والنظر فيه, هل هو مصلحة, فيقدم عليه الإنسان, أم لا ؟ فيحجم عنه ؟   ** ﴿ ولا تطع كل حلاف ﴾ أي: كثير الحلف, فإنه لا يكون كذلك إلا وهو كذاب, ولا يكون كذاباً إلا وهو ﴿ مهين ﴾ أي: خسيس النفس, ناقص الحكمة, ليس له رغبة في الخير, بل إراداته في شهوات نفسه الخسيسة.   ** السرف يبغضه الله, ويضر بدن الإنسان ومعيشته, حتى إنه ربما أدت به الحال أن يعجز عما يجب عليه من النفقات.   ** ﴿ الذين يلمزون ﴾ أي: يعيبون, ويطعنون,...واللمز محرم, بل هو من كبائر الذنوب, في أمور الدنيا, وأما للمز في أمر الطاعة فأقبح وأقبح.   ** ﴿ ولا تصغر خدك للناس﴾ أي: لا تُملهُ وتعبس بوجهك للناس, تكبراً عليهم وتعاظماً.   ** السخرية, لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق, مُتحلّ بكل خلق ذميم, مُتخلِّ من كل خلق كريم.   ** ﴿ هماز ﴾ أي: كثير العيب للناس والطعن فيهم بالغيبة والاستهزاء وغير ذلك   ** ﴿ مشاء بنميم ﴾ أي: يمشى بين الناس بالنميمة, وهو: نقل كلام بعض الناس لبعض, لقصد الإفساد بينهم, وإيقاع العداوة والبغضاء.   ** ﴿ عتل بعد ذلك ﴾ أي: غليظ شرس الخلق قاس, غير منقاد للحق, ﴿ زنيم ﴾ أي: دعي ليس له أصل ولا مادة ينتج منها الخير, بل أخلاقه أقبح الأخلاق.   ** ﴿ ويل ﴾ أي: وعيد ووبال وشدة عذاب, ﴿ لكل همزة لمزة ﴾ أي: الذي يهمز الناس بفعله, ويلمزهم بقوله, فالهماز: الذي يعيب الناس ويطعن عليهم بالإشارة والفعل, واللماز: الذي يعيبهم بقوله.   ** البخل يقصف الأعمال, ويخرب الديار, والبر يزيد في العمر   ** الحاسد. هو: الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها, بما يقدر عليه من الأسباب. فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره, وإبطال كيده...ويدخل في الحاسد, العاين, لأنه لا تصدر العين, إلا من حاسد شرير الطبع, خبيث النفس.     ● خصال وأخلاق طيبة:   ** الصفح الجميل, أي: الحسن الذي سلم من الحقد, والأذية القولية والفعلية, دون الصفح الذي ليس بجميل, وهو الصفح في غير محله, فلا يصفح حيث اقتضى المقام العقوبة, كعقوبة المعتدين الظالمين, الذين لا ينفع فيهم إلا العقوبة.   ** ﴿ وإذا خاطبهم الجاهلون ﴾ أي: خطاب جهل ﴿ قالوا سلاماً ﴾ أي: خاطبوهم خطاباً يسلمون فيه من الإثم, ويسلمون من مقابلة الجاهل بجهله, وهذا مدح لهم بالحلم الكثير, ومقابلة المسيء بالإحسان, والعفو عن الجاهل, ورزانة العقل.   ** ﴿ وإذا مروا باللغو ﴾وهو الكلام الذي لا خير فيه, ولا فيه فائدة دينية, ولا دنيوية ككلام السفهاء, ونحوهم ﴿ مروا كراماً﴾ أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه ورأوا أن الخوض فيه وإن كان لا إثم فيه, فإنه سفه...فربأوا بأنفسهم عنه   ** ﴿ يمشون على الأرض هوناً ﴾ أي: ساكنين متواضعين لله, وللخلق, فهذا وصف لهم بالوقار, والسكينة, والتواضع لله, ولعباده.   ** ﴿ والذين لا يشهدون الزور ﴾ أي: لا يحضرون الزور, أي: القول والفعل المحرم, فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على الأقوال المحرمة, أو الأفعال المحرمة.   ** في قوله: ﴿ وإذا مروا باللغو ﴾ إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره, ولا سماعه, ولكن عند المصادفة التي من غير قصد يكرمون أنفسهم عنه.   ** القوة والأمانة خير أجير استؤجر من جمعهما, القوة والقدرة على ما استؤجر عليه, والأمانة فيه بعدم الخيانة, وهذان الوصفان ينبغي اعتبارهما في كل من يتولى للإنسان عملاً بإجارة أو غيرها فإن الخلل لا يكون إلا بفقدهما أو فقد أحدهما   ** الحياء من الأخلاق الفاضلة, وخصوصاً في النساء.   ** ﴿ فلا تخضعن بالقول ﴾ أي: في مخاطبة الرجال....وتتكلمن بكلام رقيق.   ** ﴿ وقرن في بيوتكن ﴾ أي: اقررن فيها, لأنه أسلم وأحفظ لكُنّ.   ** ﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾ أي: لا تكثرن الخروج متجملات أو متطيبات, كعادة أهل الجاهلية الأولى.   ** ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ أي: يغطين بها وجوههن وصدورهن.   ** وصف الله إسماعيل بالحلم, وهو يتضمن الصبر, وحسن الخلق, وسعة الصدر, والعفو عمن جنى.   *﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ أي من أوصاف الأنصار التي فاقوا بها غيرهم وتميزوا عنم سواهم: الإيثار وهو أكمل أنواع الجود وهو الإيثار بمحاب النفس وهذا لا يكون إلا من خلق زكي, ومحبة لله تعالى, مقدمة على شهوات النفس       كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ  صيد الفوائد    
    • الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن أفضل تفاسير العلماء المتأخرين: تفسير العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي, رحمه الله, الموسوم بــ : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ", وقد أثنى عليه العلماء, قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

      & قال محمد صالح العثيمين : من أحسن التفاسير حيث كان له ميزات كثيرة منها : سهولة العبارة ووضوحها...تجنب الحشو والتطويل...تجنب ذكر الخلاف...السير على منهج السلف في آيات الصفات...دقة الاستنباط...ومنها أنه كتاب تفسير وتربية على الأخلاق الفاضلة, وقال : أفضل التفاسير...كتاب جيد وسهل ومأمون, وقال: أشير على كل مريد لاقتناء كتب التفسير أن لا تخلو مكتبته من هذا التفسير القيم, وقال : أنصح بالقراءة فيه. وقال : تفسير الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله جيد وخصوصاُ في استنباط الفوائد من الآيات.
      وتفسير الشيخ رحمه الله يوجد به الكثير من الفوائد, وقد يسّر الله الكريم فانتقيت بعضاً منها, ورتبتها على الموضوعات, والتزمت أن تكون فوائد مختصرة, فلا تزيد أي فائد عن ثلاثة أسطر, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

        ** الله تعالى إذا أراد أن يهلك قرية, زاد شرهم وطغيانهم, فإذا انتهى أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه.
      ** ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله, وقتله شر قتله.
      ** ﴿فسيروا في الأرض ﴾ بأبدانكم وقلوبكم, ﴿ فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين﴾ فإنكم سترون من ذلك العجائب, فلا تجد مكذباً إلا كان عاقبته الهلاك.
      ** الذي انفرد بإعطائكم ما تحبون, وصرف ما تكرهون, هو الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده, ولكن كثيراً من الناس يظلمون أنفسهم, ويحمدون نعمة الله عليهم إذا نجاهم من الشدة. فإذا صاروا في حال الرخاء أشركوا به بعض مخلوقاته الفقيرة.
      ** ليس الزهد الممدوح هو الانقطاع للعبادات القاصرة, كالصلاة والصيام والذكر
      ونحوها, بل لا يكون العبد زاهداً زهداً صحيحاً حتى يقوم بما يقدر عليه من الأوامر الشرعية الظاهرة والباطنة, ومن الدعوة إلى الله وإلى دينه بالقول والفعل.
      ** الكاذب يكذب, ولا يفكر فيما يؤول إليه كذبه, فيكون في قوله من التناقض والفساد ما يوجب رده, بمجرد تصوره.
      ** كل من كذب بالحق, فإنه في أمر مختلط, لا يدرى له وجه ولا قرار. فترى أموره متناقضة مؤتفكة, كما أن من اتبع الحق وصدق به, قد استقام أمره, واعتدل سبيله, وصدق فعله قيله.
      ** تثبّت في كل ما تقوله وتفعله...فحقيق بالعبد الذي يعرف أنه مسئول عما قاله وفعله وعما استعمل به جوارحه التي خلقها الله لعبادته أن يُعدّ للسؤال جواباً, وذلك لا يكون إلا باستعمالها بعبودية الله وإخلاص الدين له, وكفها عما يكرهه الله تعالى.
      ** من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه, تربية صالحة غير الأبوين, فإن له على من رباه حق التربية.
      ** ﴿ وهدى وبشرى للمسلمين ﴾ أي: يهديهم إلى حقائق الأشياء, ويبين لهم الحق من الباطل, والهدى من الضلال.
      ** القول الحسن داع لكل خلق جميل, وعمل صالح, فإن من ملك لسانه, ملك جميع أمره.
      ** من هداه الله فإنه عند النعم يخضع لربه, ويشكر نعمته, وعند الضراء يتضرع ويرجو من الله عافيته, وإزالة ما يقع فيه, وبذلك يخف عليه البلاء.
      ** لم يزل الله يُرى عباده من الآيات في الآفاق وفي أنفسهم, ما يتبين به الحق من الباطل, والهدي من الضلال.
      ** من رحمته بمن طلب الحقيقة في الأمور المطلوب علمها, وسعى لذلك ما أمكنه, فإن الله يوضح له ذلك.
      ** المماراة المبنية على الجهل والرجم بالغيب, أو التي لا فائدة فيها, إما أن يكون الخصم معانداً, أو تكون المسألة لا أهمية فيها, ولا تحصل فائدة دينية بمعرفتها,...فإن كثرة المناقشات فيها,...تضيعاً للزمان, وتأثيراً في مودة القلب بغير فائدة.
      ** فضل الله لا تحيط به الأوهام والعقول, ولا ينكره إلا ظالم جهول.
      ** العبد ينبغي له إذا أعجبه شيء من ماله أو ولده أن يضيف النعمة إلى موليها ومسديها, وأن يقول: " ما شاء الله, لا قوة إلا بالله " ليكون شاكراً, متسبباً لبقاء نعمته عليه. لقوله: ﴿ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴾
      ** أي ظلم أعظم من ظلم من اتخذ عدوه الحقيقي ولياً, وترك الولي الحميد ؟!!
      ** استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله, وأكلهما جميعاً.
      ** تعليق الأمور المستقبلة التي من أفعال العباد بالمشيئة, وأن لا يقول الإنسان للشيء: " إني فاعل ذلك في المستقبل ", إلا أن يقول: " إن شاء الله."
      ** العبد الصالح يحفظه الله في نفسه, وفي ذريته.
      ** المبغض لا يستطيع أن يلقى سمعه إلى كلام من أبغضه.
      ** ﴿ ذكر رحمت ربك عبده زكريا * إذا نادى ربهُ نداءً خفياً ﴾ ناداه نداء خفياً ليكون أكمل وأفضل, وأتم إخلاصاً.
      ** الشيب دليل الضعف والكبر, ورسول الموت, ورائده ونذيره.
      ** ﴿ قال ربِ إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ﴾ توسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه, وهذا من أحب الوسائل إلى الله, لأنه يدل التّبرّي من الحول والقوة, وتعلق القلب بحول الله وقوته.
      ** من رحمة الله بعبده أن يرزقه ولداً صالحاً, جامعاً لمكارم الأخلاق, ومحامد الشيم.
      ** الأسباب جميعها لا تسقل بالتأثير, وإنما تأثيرها بتقدير الله, فيرى عباده خرق العوائد في بعض الأسباب العادية, لئلا يقفوا مع الأسباب, ويقطعوا النظر عن مقدرها ومسببها.
      ** ﴿ وجعلني مباركاً أينما كنت ﴾ أي: في أي مكان, وأي زمان, فالبركة جعلها الله في تعليم الخير والدعوة إليه, والنهي عن الشر, والدعوة إلى الله في أقواله وأفعاله, فكل من جالسه أو اجتمع به نالته بركته, وسعد به مصاحبة.
      ** من بركة الشام, أن كثيراً من الأنبياء كانوا فيها, وأن الله اختارها مهاجراً لخليله, وفيها أحد البيوت الثلاثة المقدسة, وهو بيت المقدس.
      ** من كان في الضلالة بأن رضيها لنفسه وسعى فيها فإن الله يمده منها ويزيده فيها حباً عقوبة له على اختيارها على الهدى قال تعالى: ﴿ فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم﴾ , ﴿ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون﴾
      ** له الأسماء الكثيرة الكاملة الحسنى, من حسنها: أنه أمر العباد أن يدعوه بها, لأنها وسيلة مقربه إليه, يحبها, ويحب من يحفظها, ويحب من يبحث عن معانيها ويتعبد له بها, قال تعالى: ﴿ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ﴾
      ** الصلاح هو السبب لدخول العبد برحمه الله, كما أن الفساد سبب لحرمانه الخير.
      ** من فوائد الجليس الصالح والقرين الصالح أنه مبارك على قرينه.
      ** صحبة الأخيار ومجاهدة النفس على مصاحبتهم, ومخالطتهم وإن كانوا فقراء, فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يحصى.
      ** من سلطه...على العباد من الملوك وقام بأمر الله, كانت له العاقبة الحميدة والحالة الرشيدة, ومن تسلط عليهم بالجبروت, وأقام فيهم هوى نفسه. فإنه وإن حصل له ملك مؤقت, فإن عاقبته غير حميدة, فولايته مشئومة وعاقبته مذمومة.
      ** الجهاد في الله حق جهاده, هو القيام التام بأمر الله, ودعوة الخلق إلى سبيله بكل طريق موصل إلى ذلك, من نصيحة وتعليم وقتال وأدب وزجر ووعظ, وغير ذلك.
      ** سمى الاستئذان استئناساً, لأن به يحصل الاستئناس, وبعدمه تحصل الوحشة.
      ** البصير ينظر إلى هذه المخلوقات نظر اعتبار وتفكر وتدبر لما أريد بها ومنها, والمعرض الجاهل نظره إليها نظر غفلة, بمنزلة نظر البهائم.
      ** الفلاح: الفوز بالمطلوب, والنجاة من المرهوب, ولا يفلح إلا من حكّم الله ورسوله, وأطاع الله ورسوله.
      ** نور الإيمان والقرآن أكثر وقوع أسبابه في المساجد.
      ** السيد, وولي الصغير, مخاطبان بتعليم عبيدهم, ومن تحت ولايتهم من الأولاد العلوم والآداب الشرعية, لأن الله وجه الخطاب إليهم, بقوله: ﴿ يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم ﴾ الآية, فلا يمكن ذلك إلا بالتعليم والتأديب.
      ** الزينة على الأنثى ولو مع تسترها, ولو كانت لا تشتهى, يُفتنُ فيها, ويوقع الناظر إليها في حرج. ﴿ وأن يستعففن خير لهن ﴾
      ** معرفة أحكامه الشرعية على وجهها يزيد في العقل, وينمو به اللب, لكون معانيها أجل المعاني, وآدابها أجل الآداب, ولأن الجزاء من جنس العمل, فكما استعمل عقله للعقل عن ربه, وللتفكر في آياته, التي دعاه إليها, زاده من ذلك.
      ** حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام, الأدب الكامل, والتعجب في موضعه, وأن لا يبلغ بهم الضحك إلا التبسم, كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جُلّ ضحكه التبسم, فإن القهقهة تدل على خفة العقل, وسوء الأدب.
      ** عدم التبسم والعجب مما يتعجب منه يدل على شراسة الخلق والجبروت والرسل منزهون عن ذلك
      ** ﴿ وتفقد الطير ﴾ دلّ هذا على كمال عزمه وحزمه, وحسن تنظيمه لجنوده, وتدبيره بنفسه للأمور الصغار والكبار, حتى أنه لم يهمل هذا الأمر, وهو: تفقد الطير, والنظر هل هي موجودة كلها, أم مفقود منها شيء ؟ وهذا هو معنى الآية.
      ** ﴿قالت كأنه هو﴾ وهذا من ذكائها وفطنتها لم تقل: هو لوجود التغير فيه والتنكير ولم تنف أنه هو, لأنها عرفته, فأتت بلفظ محتمل للأمرين, صادق على الحالين.
      ** من أعظم آثار الجبار في الأرض, قتل النفس بغير حق.
      ** الله تعالى إذا أراد أمراً هيأ أسبابه, وأتى بها شيئاً فشيئاً بالتدرج, لا دفعة واحدة.
      ** العبد إذا عمل العمل لله تعالى, ثم حصل له مكافأة عليه, من غير قصد بالقصد الأول, فإنه لا يلام على ذلك.
      ** الأوامر والنواهي يحتاج المكلف فيها إلى جهاد, لأن نفسه تتثاقل بطبعها عن الخير, وشيطانه ينهاه عنه, وعدوه الكافر يمنعه من إقامة دينه كما ينبغي, وكل هذه معارضات تحتاج إلى مجاهدات, وسعى شديد.
      ** لو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة لما اختص بذلك الحمار الذي علمت خسته وبلادته.
      ** الانعام...سخرها الله لمنافعكم...تستدلون بها على كمال قدرة الله...حيث أسقاكم من بطونها المشتملة على الفرث والدم فأخرج من بين ذلك لبناً خالصاً من الكدر سائغاً للشاربين للذته, يسقي ويغذي فهل هذه إلا قدرة إلهية لا أمور طبيعية
      ** ترى العبد الضعيف الذي يفوض أمره لسيده,[أي: الله عز وجل] قد قام بأمور لا تقوم بها أمة من الناس, وقد سهل الله عليه, ما كان يصعب على فحول الرجال, وبالله المستعان.
      ** الأسباب تنفع, إذا لم يعارضها القضاء والقدر, فإذا جاء القضاء والقدر, تلاشي كل سبب, وبطلت كل وسيلة ظنها الإنسان تنجية.
      ** الأسوة الحسنة في الرسول صلى الله عليه وسلم,...وهذه الأسوة الحسنة إنما يسلكها ويوفق لها من كان يرجو الله واليوم الآخر, فإن ما معه من الإيمان, وخوف الله, ورجاء ثوابه, وخوف عقابه, يحثه على التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم.
      ** فسرت الحكمة بالعلم النافع, والعمل الصالح.
      ** ينبغي للعبد إذا رأى من نفسه...أنه يهش لفعل المحرم فليعرف أن ذلك مرض فليجتهد في إضعاف هذا المرض, وحسم الخواطر الردية, ومجاهدة نفسه على سلامتها من هذا المرض الخطر, وسؤال الله العصمة والتوفيق.
      ** كلما بعد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر, فإنه أسلم له, وأطهر لقلبه.
      ** شكر الله تعالى حافظ للنعمة, دافع للنقمة.
      ** من أسباب قصر العمر, الزنا, وعقوق الوالدين, وقطيعة الرحم, ونحو ذلك, مما ذكر أنها من أسباب قصر العمر.
      ** ﴿ إنه أواب ﴾ أي: رجّاع إلى الله في جميع الأمور, بالإنابة إليه, بالحب والتأله, والخوف, والرجاء, وكثرة التضرع, والدعاء, رجاع إليه, عندما يقع منه بعض الخلل بالإقلاع, والتوبة النصوح.
      ** الله تعالى يمدح ويحبُّ القوة في طاعته, قوة القلب والبدن, فإنه يحصل منها من آثار الطاعة وحسنها وكثرتها, ما لا يحصل مع الوهن وعدم القوة, وأن العبد ينبغي له تعاطي أسبابها وعدم الركون إلى الكسل, والبطالة المخلة بالقوة, المضعفة للنفس.
      ** لا يمنع الحاكم من الحكم بالحق لسوء أدب الخصم, وفعله ما لا ينبغي.
      ** الحكم بين الناس, مرتبة دينية, تولاها رسل الله, وخواص خلقه.
      ** الحكم بين الناس وظيفة القائم بها الحكم بالحق, ومجانبة الهوى, فالحكم بالحق يقتضي العلم بالأمور الشرعية, والعلم بصورة القضية المحكوم بها, وكيفية إدخالها في الحكم الشرعي, فالجاهل بأحد أمرين: لا يصلح للحكم, ولا يحلّ له الإقدام عليه.
      ** كل ما شغل العبد عن الله فإنه مشئوم مذموم فليُفارقه وليُقبل على ما هو أنفع له
      ** ﴿ ولكن أكثر الناس لا يشكرون ﴾ بسبب جهلهم وظلمهم. ﴿ وقليل من عبادي الشكور﴾ الذين يقرون بنعمة ربهم, ويخضعون لله ويحبونه, ويصرفونها في طاعة مولاهم
      ** الأخلاء يوم القيامة المتخالين على الكفر والتكذيب ومعصية الله﴿ بعضهم لبعض عدو﴾ لأن خلتهم ومحبتهم في الدنيا لغير الله فانقلبت يوم القيامة عداوة ﴿ إلا المتقين﴾ للشرك والمعاصي فإن محبتهم تدوم وتتصل, بدوام من كانت المحبة لأجله
      ** قصّ الله على عباده, نبأ الأخيار والفجار ليعتبروا بهم, وأين وصلت بهم الأحوال.
      ** الضيف يكرم بأنواع الإكرام, بالقول والفعل....وإبراهيم هو الذي خدم أضيافه, وهو خليل الرحمن, وسيد من ضيّف الضيقان.
      ** من خاف من أحد لسبب من الأسباب, فإن عليه أن يزيل عنهُ الخوف, ويذكر له ما يؤمن روعه, ويسكن جأشه, كما قالت الملائكة لإبراهيم لما خافهم: ﴿ لا تخف ﴾
      ** كان النصارى ألين من غيرهم قلوباً, حين كانوا على شريعة عيسى عليه السلام.
      ** من وثق بغير الله فهو مخذول, ومن ركن إلى غير الله كان وبالاً عليه.
      ** ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾ وهذا شامل لأصول الدين وفروعه, وظاهره وباطنه, وأن ما جاء به الرسول يتعين على العباد الأخذ به واتباعه, ولا تحل مخالفته, وأن نص الرسول على حكم الشيء كنص الله تعالى.
      ** متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب اتباعها, وتقديمها على غيرها, كائناً من كان.
      ** الفقه كل الفقه, أن يكون خوف الخالق, ورجاؤه, ومحبته, مقدمة على غيرها, وغيرها تبعاً لها.
      ** المتخذ للكافر ولياً عادم المروءة,...فكيف يوالي أعدى أعدائه, الذي لا يريد له إلا الشر, ويخالف ربه ووليه, الذي يريد به الخير, ويأمره به, ويحثه عليه ؟!
      * موالاة أولياء الله, ومعاداة أعدائه,...من أعظم الجهاد في سبيله, ومن أعظم ما يتقرب به المتقربون إلى الله, ويبتغون به رضاه.
      **﴿ والله قدير ﴾ على كل شيء ومن ذلك: هداية القلوب وتقليبها من حال إلى حال
      ** ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله, وقت دواعي النفس لحضور اللهو, والتجارات والشهوات, أن يذكرها بما عند الله من الخيرات, وما لمؤثر رضاه على هواه.
      ** قال: ﴿ مما رزقناكم ﴾ ليدل ذلك على أنه تعالى لم يكلف العباد من النفقة ما يعنتهم ويشق عليهم, بل أمرهم بإخراج جزء مما رزقهم ويسره ويسر أسبابه, فليشكروا الذي أعطاهم, بمواساة إخوانهم المحتاجين.
      ** ﴿ ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ﴾ أي: أخلصه وأصوبه.
      ** ﴿ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ﴾ فنمدهم بالأموال والأولاد, ونمدهم في الأرزاق والأعمال, ليغتروا ويستمروا على ما يضرهم, وهذا من كيد الله لهم. وكيد الله لأعدائه متين قوي, يبلغ من ضررهم وعقوبتهم كل مبلغ.
      ** الانقطاع إلى الله, والإنابة إليه, هو الانفصال بالقلب عن الخلائق, والاتصاف بمحبة الله, وما يقرب إليه, ويوفي من رضاه.
      ** كلما وجد عسر وصعوبة فإن اليسر يقارنه ويصاحبه حتى لو دخل العسر جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه كما قال تعالى: ﴿سيجعل الله بعد عسر يسراً﴾ وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن الفرج مع الكرب, وإن مع العسر يسراً)
      ** الإيثار عكس الأثرة فالإيثار محمود والأثرة مذموم لأنها من خصال البخل والشح
      ** أكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم, مشتغلون باللهو واللعب, قد رضوا لأنفسهم بأسافل الأمر...فردهم الله في أسفل سافلين, أي: أسفل النار,...إلا من منَّ الله عليه بالإيمان, والعمل الصالح, والأخلاق الفاضلة العالية.
      ** الإنسان,....كثير الحب للمال, وحبه لذلك هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه, قدم شهوة نفسه على رضا ربه. وكلُّ هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار, وغفل عن الآخرة.
      ** " سورة الفلق " هذه السورة تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور, عموماً وخصوصاً, ودلت على أن السحر له حقيقة, يخشى من ضرره, ويستعاذ بالله منه, ومن أهله.
      ** الوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس, ولهذا قال: ﴿من الجِنّة والناس ﴾
      ** من عاش على شيء مات عليه.





      ● الربا:


      ** أخبر تعالى أنه يمحق مكاسب المرابين, ويربى صدقات المنفقين, عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق, أن الإنفاق ينقص المال, وأن الربا يزيده, فإن مادة الرزق وحصول ثمراته من الله تعالى, وما عند الله لا ينال إلا بطاعته, وامتثال أمره.
      ** أكبر الأسباب لاجتناب ما حرم الله من المكاسب الربوية تكميل الإيمان وحقوقه, خصوصاً إقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر, وإن الزكاة إحسان إلى الخلق, ينافي تعاطى الربا, الذي هو ظلم لهم, وإساءة عليهم



      ● الجهاد:

      ** لو شعر العباد بما للمقتولين في سبيل الله من الثواب لم يتخلف عنه أحد ولكن عدم العلم اليقيني التام هو الذي فتر العزائم, وزاد نوم النائم, وأفات الأجور العظيمة
      ** الكفار ﴿قوم لا يفقهون﴾ أي لا علم عندهم بما أعدّ الله للمجاهدين في سبيله, فهم يقاتلون لأجل العلو في الأرض والفساد فيها وأنتم تفقهون المقصود من القتال أنه لأعلاء كلمة الله وإظهار دينه والذب عن كتاب الله وحصول الفوز الأكبر عند الله
      ** الجهاد في سبيل الله...ذرة سنام الدين, به يحفظ الدين الإسلامي, ويتسع, وينصر الحق, ويخذل الباطل.
      ** البلدان التي حصلت فيها الطمأنينة بعبادة الله, وعمرت مساجدها, وأقيمت فيها شعائر الدين كلها, من فضائل المجاهدين وبركتهم, فبذلك دفع الله عنها الكافرين.
      ** لولا دفع الناس بعضهم ببعض, لاستولى الكفار على المسلمين, فخربوا معابدهم, وفتنوهم عن دينهم, فدل هذا على أن الجهاد مشروع لأجل دفع الصائل والمؤذي ومقصود لغيره.



      ● العبادة:

      ** العبادة الشاقة على النفس, لها فضل ومزية, ليست لغيرها, وكلما عظمت المشقة عظم الأجر
      ** في الاشتغال بعبادة الله تسلية للعابد عن جميع التعلقات والمشهيات.
      ** العبادات إن لم يقترن بها الإخلاص, وتقوى الله, كانت كالقشر الذي لا لُبَّ فيه, والجسد الذي لا روح فيه.
      ** كل خير يوجد في الدنيا والآخرة فإنه من آثار عبادة الله وتقواه.
      ** معرفته وعبادته, هما اللذان خلقا الله الخلق لأجلهما, وهما الغاية المقصودة منه تعالى لعباده, وهما الموصلان إلى كل خير وفلاح وصلاح, وسعادة دنيوية وأخروية, وهما أشرف عطايا الكريم لعباده, وهما أشرف اللذات على الإطلاق.
      ** تمام العبادة متوقف على المعرفة بالله. بل كلما ازداد العبد معرفة بربه كانت عبادته أكمل.
      ** ﴿ فإذا فرغت فانصب﴾ أي: إذا تفرغت من أشغالك, ولم يبق في قلبك ما يعقوه, فاجتهد في العبادة والدعاء....ولا تكن ممن إذا فرغوا لعبوا, وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره, فتكون من الخاسرين




      ● الإنسان:

      ** الإنسان بطبعه ظالم جاهل, فلا تأمره نفسه إلا بالشر, فإذا لجأ إلى ربه واعتصم به واجتهد في ذلك, لطف به ربه, ووفقه لكل خير, وعصمه من الشيطان الرجيم
      ** الإنسان كفور للنعم إلا من هدى الله فمنَّ عليه بالعقل السليم, واهتدى إلى الصراط المستقيم.
      ** الإنسان...جاهل ظالم...إلا من وفقه الله, وأخرجه من هذا الخلق الذميم إلى ضده, وهم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا, وعند السراء فلم يبطروا, وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات.
      ** الإنسان...الله إذا أذاقه منه رحمه, كالصحة والرزق والأولاد, ونحو ذلك, ثم نزعها منه, فإنه يستسلم لليأس, وينقاد للقنوط, فلا يرجو ثواب الله, ولا يخطر بباله أن الله سيردها, أو مثلها, أو خير منها.
      ** الإنسان...الله إذا أذاقه...رحمة بعد ضراء مسته, أنه يفرح ويبطر, ويظن أنه سيدوم له ذلك الخير...وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس, والتكبر على الخلق, واحتقارهم, وازدرائهم, وأي عيب أشد من هذا ؟!!
      ** شر ما في الإنسان أن يكون شحيحاً بما أمر الله به, شحيحاً بماله أن ينفقه في وجهه, شحيحاً في بدنه أن يجاهد أعداء الله أو يدعو إلى سبيل الله, شحيحاً بجاهه, شحيحاً بعلمه, ونصيحته, ورأيه.
      ** الإنسان لجهله وظلمه إذا رأى نفسه غنياً طغى وبغى, وتجبر عن الهدى, ونسي أن لربه الرجعى, ولم يخف الجزاء. بل ربما وصلت به الحال أنه يترك الهدى بنفسه, ويدعو غيره إلى تركه.




      ● آيات الله جل وعلا:

      ** من آيات الله العجيبة, أنك لا تجد داعياً من دعاة الكفر والضلال إلا وله من المقت بين العالمين, واللعنة, والبغض, والذم, ما هو حقيق به, وكُلّ بحسب حاله.
      ** ﴿ قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ﴾ وهذا من الآيات العجيبة, فإن منعه من الكلام مدة ثلاثة أيام, وعجزه عنه من غير خرس, ولا آفة, بل كان سوياً لا نقص فيه, من الأدلة على قدرة الله الخارقة للعوائد.



      ● المنتفعون بآيات الله عز وجل:

      ** المنتفعون بالآيات: كل صبار على الضراء, شكور على السراء, صبار على طاعة الله, وعن معصيته, وعلى أقداره, شكور لله على نعمه الدينية, والدنيوية.
      ** كلما كان العبد أعظم إنابة إلى الله كان انتفاعه بالآيات أعظم, لأن المنيب مقبل إلى ربه قد توجهت إرادته وهماته لربه ورجع إليه في كل أمر من أموره فصار قريباً من ربه, ليس له هم إلا الاشتغال بمرضاته, فيكون نظره للمخلوقات نظر فكرة وعبرة.
      ** أهل الإعراض والغفلة, وأهل البلادة وعدم الفطنة,...ليس لهم انتفاع بآيات الله, لعدم وعيهم عن الله, وتفكرهم بآياته.
      ** ﴿ وما يتذكر ﴾ بالآيات حين يذكر بها, ﴿ إلا من ينيب ﴾ إلى الله تعالى بالإقبال على محبته, وخشيته, وطاعته, والتضرع إليه, فهذا الذي ينتفع بالآيات, وتصير رحمة في حقه, ويزداد بها بصيرة.





      ● البصر والفرج:

      ** من حفظ فرجه وبصره, طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش, وزكت أعماله, بسب ترك المحرم,...فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه, ومن غض بصره أنار الله بصيرته.
      ** العبد إذا حفظ فرجه وبصره عن الحرام ومقدماته, مع دواعي الشهوة, كان حفظه لغيره أبلغ, ولهذا سماه الله حفظاً.
      ** البصر والفرج إن لم يجتهد العبد في حفظهما, أوقعاه في بلايا ومحن.



      ● الشورى:

      ** المستشار مؤتمن, يجب عليه إذا استشير في أمر من الأمور أن يشير بما يعلمه أصلح للمستشير, ولو لم يكن للمستشار حظ نفس, بتقدم مصلحة المستشير على هوى نفسه وغرضه.
      ** ﴿ وشاورهم في الأمر ﴾ أي: في الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر.
      ** المشاور لا يكاد يخطئ في فعله, وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب فليس بملوم.
      ** الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة, فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك, فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير.



      ● الشيطان:

      ** كل راكب وماش في معصية الله, فهو من خيل الشيطان ورجله.
      ** ﴿ يا أبت لا تعبد الشيطان ﴾ لأن من عبد غير الله, فقد عبد الشيطان, كما قال تعالى: ﴿ ألم أعهد إليكم يا بنى آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ﴾
      ** ﴿ وكان الشيطان للإنسان خذولاً ﴾ يزين له الباطل, ويقبح له الحق, ويعده الأماني, ثم يتحلى عنه, ويتبرأ منه.
      ** أي وقت من الأوقات, أحسست بشيء من نزغات الشيطان, أي: من وساوسه, وتزينه للشر, وتكسيله عن الخير, وإصابة ببعض الذنوب, وإطاعة له ببعض ما يأمر به, ﴿ فاستعذ بالله ﴾, أي: اسأله مفتقراً إليه, أن يعيذك ويعصمك منه.
      **الشيطان...أصل الشرور كلها ومادتها, الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس, فيحسن لهم الشر, ويثبطهم عن الخير, ويريهم إياه في صورة غير صورته, وهو دائماً بهذه الحال, يوسوس, ثم يخنس, أي: يتأخر عن الوسوسة, إذا ذكر العبد ربه.



      ● رقائق:

      ** من سبق في الدنيا إلى الخيرات, فهو السابق في الآخرة إلى الجنات, فالسابقون أعلى درجة, والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل,...ونفع متعد وقاصر.
      ** من عفوه ومغفرته أن المؤمن لو أتاه بقراب الأرض خطايا, ثم لقيه لا يشرك به شيئاً, لأتاه بقرابها مغفرة.
      ** قال بعض السلف: أهل الجنة نجوا من النار بعفو الله, وأدخلوا الجنة برحمة الله, واقتسموا المنازل وورثوها بالأعمال الصالحة, وهي من رحمته بل من أعلى أنواع رحمته
      ** ﴿ ورضوان من الله﴾ يحله على أهل الجنة, ﴿ أكبر﴾ مما هم فيه من النعيم, فإن نعيمهم لم يطب, إلا برؤية ربهم, ورضوانه عليهم, ولأنه الغاية التي أمَّها العابدون, والنهاية التي سعى نحوها المحبون, فرضا رب الأرض والسموات, أكبر نعيم الجنات.
      ** البشارة في الدنيا, فهي الثناء الحسن, والمودة في قلوب المؤمنين, والرؤيا الحسنة, وما يراه العبد من لطفه به وتيسره لأحسن الأعمال والأخلاق, وصرفه عن مساوئ الأخلاق.
      ** البشارة في الدنيا في الآخرة, فأولها: البشارة عند قبض أرواحهم...وفي القبر, ما يبشر به من رضا الله تعالى, والنعيم المقيم, وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم, والنجاة من العذاب الأليم.
      ** نار جهنم,...مثوى الحسرة والندم, ومنزل الشقاء والألم, ومحل الهموم والغموم, وموضع السخط من الحي القيوم, لا يُفتَّر عنهم من عذابها, ولا يرفع عنهم يوماً من أليم عقابها, قد أعرض عنهم الرب الرحيم, وأذاقهم العذاب العظيم.
      ** يعطى الله أهل الجنة كل ما تمنوه عليه حتى أنه يُذكرُهم أشياء من النعيم لم تخطر على قلوبهم, فتبارك الذي لا نهاية لكرمه, ولا حد لجوده.
      ** أي حسرة أعظم من فوات رضا الله وجنته, واستحقاق سخطه والنار, على وجه لا يتمكن الرجوع ليستأنف العمل ولا سبيل له إلى تغير حاله بالعود إلى الدنيا ؟..
      ** مشهد يوم القيامة,...يشهده الأولون والآخرون, أهل السموات وأهل الأرض الخالق والمخلوق الممتلئ بالزلازل والأهوال.
      ** جنة الفردوس نُزُل وضيافة لأهل الإيمان والعمل الصالح, وأي ضيافة أجل وأكبر وأعظم من هذه الضيافة, المحتوية على نعيم للقلوب والأرواح والأبدان,...فلو علم العباد بعض ذلك النعيم علماً حقيقياً يصل إلى قلوبهم لطارت إليها قلوبهم بالأشواق.
      ** ﴿ خروا سجداً وبكياً ﴾ أي: خضعوا لآيات الله, وخشعوا لها, وأثرت في قلوبهم من الإيمان والرغبة والرهبة ما أوجب لهم البكاء والإنابة.
      ** يوم الحسرة...يجمع الأولون والآخرون في موقف واحد ويسألون عن أعمالهم فمن آمن بالله واتبع رسله سعد سعادة لا يشقي بعدها ومن لم يؤمن بالله ويتبع رسله شقي شقاء لا يسعد بعده وخسر نفسه وأهله فحينئذ...يندم ندامة تنقطع منها القلوب
      ** ﴿ ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً ﴾ أي: جاثين على ركبهم من شدة الأهوال, وكثرة الزلزال, وفظاعة الأحوال, منتظرين لحكم الكبير المتعال.
      ** فسرت المعيشة الضنك بعذاب القبر. وبعض المفسرين يرى أن المعيشة الضنك عامة في دار الدنيا, بما يصيب المعرض عن ذكر ربه من الهموم والغموم والآلام التي عذاب معجل وفي دار البرزخ وفي دار الآخرة لإطلاق المعيشة الضنك, وعدم تقيدها
      ** ﴿ حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربِّ ارجعون﴾ يخبر تعالى عن حال من حضره الموتى من المفرطين الظالمين, أنه يندم في تلك الحال, إذا رأى مآله, وشاهد قبيح أعماله, فيطلب الرجعة إلى الدنيا.
      ** الحسرة كل الحسرة أن يمضي على الحازم وقت من أوقاته وهو غير مشغول بالعمل الذي يقرب لهذه الدار.
      ** لينظر العبد لنفسه وقت الإمكان, وليتدارك الممكن قبل أن لا يمكن, وليُول من ولايته فيها سعادته وليُعاد من تنفعه عداوته وتضره صداقته.
      ** البرزخ, هو الحاجز بين الشيئين, فهو هنا: الحاجز بين الدنيا والآخرة, وفي هذا البرزخ, يتنعم المطيعون, ويعذب العاصون, من ابتداء موتهم واستقرارهم في قبورهم, إلى يوم يبعثون. أي: فليُعدوا له عُدّته, وليأخذوا له أُهبتهُ.
      ** كما أن الجسد بدون الروح لا يحيا ولا يعيش, فالروح والقلب بدون روح الوحي لا يصلح ولا يفلح.
      ** ﴿ فأخذهم عذاب يوم الظلة ﴾ أظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها مستلذين لظلها غير الظليل, فأحرقهم بالعذاب, فظلوا تحتها خامدين, ولديارهم مفارقين, وبدار الشقاء والعذاب نازلين.
      ** يا أيها المحب لربه المشتاق لقربه ولقائه المسارع في مرضاته أبشر بقرب لقاء الحبيب فإنه آت, وكل ما هو آت قريب, فتزود للقائه, وسر نحوه مستصحباً الرجاء, مؤملاً الوصول إليه.
      ** جنات المأوى: أي: الجنات التي هي مأوى اللذات, ومعدن الخيرات, ومحل الأفراح, ونعيم القلوب والنفوس والأرواح, ومحل الخلود, وجوار الملك المعبود, والتمتع بقربه, والنظر إلى وجهه, وسماع خطابه.
      ** الناس,...الموفق منهم الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه, ويتضرع له, ويسأله أن لا يكله إلى نفسة طرفة عين, وأن يعينه على جميع أموره, ويستصحب هذا المعنى في كل وقت, فهذا حري بالإعانة التامة من ربه وإلهه.
      ** الدار التي تستحق المدح على الحقيقة التي يكرم الله فيها خواص خلقه ورضيها الجواد الكريم لهم نزلاً وبنى أعلاها وأحسنها, وغرسها بيده وحشاها من رحمته وكرامته ما ببعضه يفرح الحزين ويزول الكدر, ويتم الصفاء
      ** كل حالة قُدّر إمكان الصبر عليها, فالنار لا يمكن الصبر عليها, وكيف الصبر على نار قد اشتد حرها, وزادت على نار الدنيا بسبعين ضعفاً, وعظم غليان حميمها, وزاد نتن صديدها, وتضاعف برد زمهريرها, وعظمت سلاسلها وأغلالها.
      ** كل من خفت منه فررت منه إلى الله تعالى, فإنه بحسب الخوف منه يكون الفرار إليه
      ** لا تسأل عن بهجة تلك الرياض المونقة, وما فيها من الأنهار المتدفقة, والغياض المعشبه, والمناظر الحسنة, والأشجار المثمرة, والطيور المغردة, والأصوات الشجية المطربة, والاجتماع بكل حبيب, والأخذ من المعاشرة والمنادمة بأكمل نصيب.
      ** ﴿ وزوجناهم بحور ﴾ أي: نساء جميلات من جمالهن وحسنهن, أنه يحار الطرف في حسنهن, وينبهر العقل بجمالهن, وينخلب اللب لكمالهن ﴿ عين ﴾ أي: واسعات الأعين, حسانها.
      ** ﴿ من خشي الرحمن ﴾ أي: من خافه على وجه المعرفة بربه, والرجاء لرحمته, ولازم على خشية الله في حال غيبه, أي: مغيبه عن أعين الناس, وهذه هي الخشية الحقيقية. وأما خشيته في حال نظر الناس وحضورهم, فقد يكون رياء وسمعة.
      ** سمى الله الرجوع إليه فراراً لأن في الرجوع إلى غيره, أنواع المخاوف والمكاره, وفي الرجوع إليه أنواع المحاب والأمن والسرور والسعادة والفوز.
      ** ﴿ ففروا إلى الله ﴾ أي: الفرار مما يكرهه الله ظاهراً وباطناً إلى ما يحبه ظاهراً وباطناً, فرار من الجهل إلى العلم, ومن الكفر إلى الإيمان, ومن المعصية إلى الطاعة, ومن الغفلة إلى الذكر.
      ** الويل: كلمة جامعة لكل عقوبة وحزن وعذاب وخوف.
      ** ﴿ والسابقون السابقون أولئك المقربون ﴾ أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات, هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.
      ** ﴿ وكانوا يصرون على الحنث العظيم ﴾ أي: وكانوا يفعلون الذنوب الكبار, ولا يتوبون منها, ولا يندمون عليها, بل يصرون على ما يسخط مولاهم, فقدموا عليه بأوزار كثيرة, غير مغفورة.
      ** ﴿ والنازعات غرقاً ﴾ وهم: الملائكة, التي تنزع الأرواح بقوة, وتغرق في نزعها حتى تخرج الروح, فتجازى بعملها, ﴿ والناشطات نشطاً ﴾ وهي الملائكة أيضاً تجتذب الأرواح بقوة ونشاط, أو النشط يكون لأرواح المؤمنين, والنزع لأرواح الكفار
      ** من يخشى الله, هو الذي ينتفع بالآيات, والعبر, فإذا رأى عقوبة فرعون, عرف أن من تكبر, وعصى, وبارز الملك الأعلى, يعاقبه في الدنيا, والآخرة, وأما من ترحلت خشية الله من قلبه, فلو جاءته كل آية لا يؤمن بها.
      ** قال بعض السلف: من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين فليتدبر سورة: ﴿إذا الشمس كورت ﴾
      ** ﴿يوم تبلى السرائر﴾ أي: تختبر سرائر الصدور ويظهر ما كان في القلوب من خير وشر, على صفحات الوجوه, ففي الدنيا ينكتم كثير من الأشياء, ولا يظهر عياناً للناس, وأما يوم القيامة, فيظهر برُّ الأبرار, وفجور الفجار, وتصير الأمور علانية
      ** ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ﴾ وهذا فيه الترغيب في فعل الخير ولو قليلاً, والترهيب من فعل الشر ولو كان حقيراً.
      * ﴿ قل إن الخاسرين ﴾ حقيقة هم ﴿ الذين خسروا أنفسهم ﴾ حيث حرموها الثواب, واستحقت بسببهم وخيم العقاب, ﴿ وأهليهم يوم القيامة ﴾ أي: فرق بينهم وبينهم, واشتد عليهم الحزن, وعظم الخسران.


      كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
      صيد الفوائد


      يتبع    
    • موضوع ثري و مفعم بالرحمات و البركات،بوركت اخية. حقا سورة مريم حينما تقراها تشعر بفيض الرحمات و نسمات الرحمة تتخلل كل حروفها  هي علاج لكل قانط او من ضاقت عليه الارض بما رحبت او اشتد كربه او عظم بلاءه اللهم ارحمنا بالقرآن و اجعله لنا نورا و هدى و شفاءا.و افرغ علينا من فيض رحمتك يا ارحم الراحمين.
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182581
    • إجمالي المشاركات
      2536229
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93298
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×