اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57965
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180624
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259975
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8321
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30261
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53080
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97011
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36839
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29722
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32205
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34855
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38416 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • الحديث (22) «أرأيت إذا صليت... أأدخل الجنة؟ قال: نعم»

      عن أبي عبدالله جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما: ((أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيتَ إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصُمتُ رمضان، وأحللت الحلال، وحرَّمت الحرام، ولم أزِدْ على ذلك شيئًا، أأدخل الجنة؟ قال: نعم))[1].

      عباد الله: هذا الحديث له أهميةٌ عظيمةٌ؛ لأنه من جوامع كلِمه صلى الله عليه وسلم، لأنه إذا أحلَّ الشخص الحلالَ، وحرَّم الحرام، فقد أدَّى ما عليه، وسيُوفِّيه الله ما وعده؛ وهو الجنة.

      فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:
      1- إقامة الصلاة أولى الواجبات بعد التوحيد: لأنها شرطٌ في تحقق جواب الشرط؛ أي: دخول الجنة، والمقصود بالصلوات المكتوبات: الصلواتُ الخمس المفروضة في اليوم والليلة، والجمعة، ويجب فيها مراعاة ما يلي:
      • الإخلاص فيها لله تعالى بأن نؤديها لله؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

      • أداؤها بالطريقة التي صلَّى بها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي))[2]، فمن أدَّاها بطريقة غير طريقته، فهي مردودةٌ عليه، كمن لا يطمئن في ركوعه وسجوده، أو لا يعتدل في قيامه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته، عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجلٌ، فصلى، ثم جاء، فسلَّم على النبي صلى الله عليه وسلم، فردَّ النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلامَ، فقال: ارجِعْ فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصلِّ، فإنك لم تصلِّ؛ ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أُحسن غيره، فعلِّمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة، فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها))[3].

      • الحرص على الصلاة في المسجد جماعةً، وهذا للرجال دون النساء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن أثقلَ صلاةٍ على المنافقين صلاةُ العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتَوهما ولو حبوًا، ولقد هممتُ أن آمُرَ بالصلاة، فتُقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حُزُمٌ من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأُحرِّق عليهم بيوتهم بالنار))[4]، بهذا إخواني ستؤهلنا هذه الصلوات الخمس للدخول إلى جنة عرضها السماوات والأرض.

      2- صوم رمضان واجبٌ: وهو أيضًا فرضٌ عيني لمن تحققت فيه الشروط وانتفت الموانع؛ ودليل وجوبه قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184]، فلا بد من الصوم الذي يحقق التقوى ويقرِّب من الله، ويجب ألَّا نفهم من الصوم الإمساكَ عن الطعام والشراب والشهوات فقط، يعني الصوم الفقهي، بل لا بد أن نترقى في صومنا إلى صيام الجوارح عما حرم الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحدٌ أو جهِل عليك، فلتقُل: إني صائمٌ، إني صائمٌ))[5].

      3- وجوب إحلال الحلال وتحريم الحرام: فالحلال هنا أوسع مما عند علماء الأصول، فيدخل فيه الواجب كالزكاة والحج، وسائر الواجبات التي لم تُذكر في الحديث، ويدخل فيه المستحب والمندوب غير الواجب كنوافل الصلاة والصيام، ويدخل فيه الحلال الذي يستوي فيه الفعل والترك؛ كأنواع الطعام الطيب، واللباس المشروع، والسفر المباح.

      عباد الله: الويل لمن يسعى لإفساد الدين، وإفساد مجتمعات المسلمين، بإحلال ما حرَّم الله، أو تحريم ما أحله الله، اعتقادًا منهم أن شريعة الله غير صالحة لهذا الزمان، وتراهم يستبدلونها بتشريعات بشرية يستوردونها من هنا أو هناك، تصادم شريعة الرحمن في الظاهر والمقاصد؛ عن عدي بن حاتم قال: ((أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليبٌ من ذهب فقال: يا عديُّ، اطرح هذا الوثن من عنقك، فطرحته فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 31]، حتى فرغ منها، فقلت: إنا لسنا نعبدهم، فقال: أليس يحرِّمون ما أحل الله فتحرمونه، ويُحِلُّون ما حرم الله فتستحلونه؟ قلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم))[6].

      أما من هو مسرفٌ على نفسه بالمعاصي معتقدًا حرمتها وغير مستحلٍّ لها، فهذا أحسن حالًا من الطائفة السابقة، وعليهم بالمسارعة إلى التوبة والرجوع إلى الله قبل فوات الأوان؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 53، 54].

      والكمال في الإيمان – إخواني - في الوقوف على حدود الله وعدم انتهاك محرماته، وفعل الواجبات والمستحبات، وعدم حرمان النفس من المباحات والأخذ بالعزيمة في موضعها، وبالرخصة في موضعها، وخير الأمور أوسطها، وهذا الذي يُدخل الجنة، وينجي من النار.

      فاللهم اجعلنا ممن يُحلون حلالك ويحرِّمون حرامك، آمين.


      (تتمة الدعاء).

      [1] رواه مسلم وغيره، رقم: 38، ولفظ مسلم: ((قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ)).

      [2] رواه البخاري، رقم: 631.

      [3] رواه البخاري، رقم: 793.

      [4] رواه مسلم، رقم: 651.
        [5] رواه ابن خزيمة في صحيحه، برقم: 1996.
      [6] رواه الطبراني في الكبير، رقم: 218.
    • الحديث (21) «قل: آمنت بالله ثم استقم»

      عن أبي عمرو - وقيل أبي عمرة سفيان بن عبدالله – رضي الله عنه، قال: ((قلت: يا رسول الله، قُلْ لي في الإسلام قولًا، لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: قُلْ: آمنت بالله ثم استقم))[1].

      عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة لأنه من جوامع كلِمه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه جمع للسائل بهاتين الكلمتين قواعد الدين، فأمره بالإيمان أولًا، ثم بالاستقامة ثانيًا؛ أي: الاعتدال على طاعة الله عقدًا وقولًا وفعلًا، مع المداومة على ذلك.

      فما الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟
      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:
      1- الترغيب في طلب النصيحة والوصية: لقول الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولًا، لا أسأل عنه أحدًا غيرك)، فتطلب من أهل الفضل والصلاح والدين، وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم، كثيرًا ما يأتون النبي صلى الله عليه وسلم لسؤال أو طلب نصح، ويأتون إلى أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق معنا[2]: ((الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))[3]، وقال عمر رضي الله عنه وهو أمير للمؤمنين في النصيحة: "لا خير فيهم إذا لم يقولوها لنا، ولا خير فينا إذا لم تُقَل لنا"[4].

      2- لا إيمان بدون استقامة: لأن الإيمان مع الاستقامة هو الدين الكامل؛ قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]، وقال له أيضًا: ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ ﴾ [الشورى: 15]، والإيمان محله القلب، والاستقامة محلها الجوارح - وإن كان للقلب منها نصيب - ولذلك الاستقامة قسمان:
      • استقامة القلب: فأعظم ما ينبغي الاهتمام باستقامته هو القلب؛ لأنه متى استقام استقامت الجوارح، فهو كالملك لباقي الأعضاء؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((... ألَا وإن في الجسد مضغةً، إذا صلحت، صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله؛ ألَا وهي القلب))[5]، فتعاهَدْ نيتك وإخلاصك لربك قبل العمل، واسأل سؤالًا: ماذا أريد بهذا العمل؟ فإن كان لله فأمضِه، وإن كان لغيره فتوقف حتى تصلح نيتك، وتعاهد معتقداتك في الله وملائكته، وكتبه ورسله، وقدره خيره وشره، وسائر الأمور الغيبية كأشراط الساعة، ونعيم القبر وعذابه، والجنة والنار وغيرها، حتى تكون وفق المعتقد الصحيح، وتجنب العقائد الفاسدة.

      وعاهِد قلبك في علاقتك بالناس، فتُحب لهم مثل ما تحب لنفسك، وتتجنب الحسد والبغضاء والكراهية، وهكذا إخواني بالمجاهدة تستقيم قلوبنا.

      • استقامة الجوارح:وهي تُعبِّر عما في القلب، فيستقيم لساننا فلا ينطق إلا بما يُرضي الله من الكلام الطيب؛ كإفشاء السلام، وقول كلمة الحق، وشكر الناس وغيرها، ويتجنب ما يجلب سخط الله؛ كالغِيبة، والنميمة، والكذب، وشهادة الزور، والكلام الفاحش وغيرها.

      ويعلم أنه مراقب؛ قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد لَيتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالًا، يرفعه الله بها درجات، وإن العبد لَيتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم))[6].

      فكما ينبغي للسان أن يستقيم بالنسبة للجوارح، كذلك ينبغي للبصر أن يُغَضَّ عما حرم الله؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 30، 31]، وينبغي لليد أن تستقيم فلا تسرق، ولا تغش أو تزوِّر، ولا تعتدي على الغير بالضرب أو القتل، ولا تقبض بها سيجارةً أو مخدرًا أو خمرًا، وبالمقابل تقدم يد العون للآخرين، وينبغي للرِّجل أن تستقيم فلا تذهب برجليك، أو تسافر بها إلى ما حرم الله، وبالمقابل تذهب بها إلى الصلاة الجماعية في المسجد، وتذهب لطلب العلم المشروع؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122].

      وهكذا لتعلموا - رحمكم الله - أن الإنسان مسؤول عن كل حواسه؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

      3- فضل الاستقامة: إذ تحققت استقامة القلب والجوارح - عباد الله كما أسلفنا - حصدنا ثمارها باستقامة أحوالنا في الدنيا، وعِشنا حياةً آمنةً مطمئنةً سعيدةً، وأفاض الله علينا من خزائنه؛ قال تعالى: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16]؛ أي: ماءً كثيرًا، وهو سبب للرزق الواسع، وأما في الآخرة، فإن المستقيم تنزل عليه الملائكة عند الموت والقبر وعند البعث، تؤمِّنهم من الخوف، وتبشرهم بالجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].

      فاللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، ونسألك شكر نعمتك، ونسألك حسن عبادتك، ونسألك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب، آمين.


      (تتمة الدعاء).

      [1] رواه مسلم وغيره، رقم: 38، ولفظ مسلم: ((قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ)).

      [2] الحديث السابع.

      [3] رواه مسلم، رقم: 1718.

      [4] تاريخ المدينة، عمر بن شبة: 2 /773.

      [5] رواه مسلم، رقم: 1718.
        [6]رواه البخاري، رقم: 6478.
    • الحديث (20) «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»

      عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تَسْتَحِ فاصنع ما شئت))[1].

      عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كَلِمِه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يدعو إلى خُلُق الحياء، الذي هو خلق الأنبياء، وهو خلق عظيم يبعث على ترك القبيح، والتحلي بالفضائل، وعدم التقصير في أداء الحقوق، والأمر هنا ليس للوجوب بمعنى: اصنع ما تريد من الشرور والآثام إذا لم تستحِ، ولكنه خرج مخرج التهديد والوعيد، بمعنى: إذا لم يكن عندك حياء، فاعمل ما شئت؛ فإنك معاقَب على صنيعك؛ كقوله تعالى: ﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [فصلت: 40]، فليس المعنى: اعمل ما شئت، ولكن تهديد ووعيد.

      وقد يقصد بالأمر هنا الإباحة؛ أي: إذا أردت فِعْلَ أمرٍ ولم تستحِ في فعله من الله ولا رسوله، ولا الناس، لجوازه؛ فافْعَلْه.


      فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟

      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:


      1- إرث الأنبياء قبلنا يُستفاد منه: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى...))، فاستدل النبي صلى الله عليه وسلم بما كانت عليه النبوة الأولى من أمر الحياء، فبقِيَ إلى قيام الساعة، ويعبِّر عنه العلماء بشرع مَن قبلنا، وينبغي أن يُعلَم أن ما ثبت في شريعة من الشرائع، فهو من شريعة الإسلام في أمور ثلاثة:
      في العقائد: قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، فالدعوة إلى عبادة الله دعوةُ كلِّ الرسل، وهكذا في باقي المعتقدات.

      في الأخلاق: قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعِثْتُ لأُتمِّمَ صالح الأخلاق))[2]، فالأخلاق الصالحة كالصدق والأمانة والحياء أمَرَ بها الأنبياء، وضدها الكذب والخيانة نهى عنها الأنبياء.

      في الأخبار: كالإخبار عن الدَّجَّال؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما بُعِث نبيٌّ إلا أنذر أُمَّتَه الأعورَ الكذَّاب، ألَا إنه أعور، وإن ربَّكم ليس بأعورَ، وإن بين عينيه مكتوب كافر))[3]، أو إخبار الرسل بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم قبله، فعدمُ التصديق تكذيبٌ للأنبياء.

      2- الحياء كله خير ومن الإيمان: قال صلى الله عليه وسلم: ((الحياء لا يأتي إلا بخير))[4]، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: ((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجلٍ، وهو يعاتب أخاه في الحياء، يقول: إنك لَتستحيي، حتى كأنه يقول: قد أضرَّ بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ؛ فإن الحياء من الإيمان))[5]، فمدح النبي صلى الله عليه وسلم خُلُقَ الحياء، الذي يجب أن يتحلَّى به الرجال والنساء على السواء؛ لأنه يمنع المرء من الوقوع في الآثام، وفي الحديث أن: ((الحياء شعبة من الإيمان))[6] ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أشدَّ حياءً من العذراء في خِدرْها))[7] ، وكان موسى عليه السلام ((رجلًا حَيِيًّا ستِّيرًا، لا يُرى من جِلْدِهِ شيءٌ استحياءً منه، فآذاه مَن آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستتر هذا التستُّر، إلا من عَيبٍ بجلده))[8].

      وقد يظن بعض الناس أن الحياء منافٍ للرجولة، وأنه من طِباع النساء، وهذا فهم خاطئ؛ لأن من استحيا من الناس أن يرَوه يأتي الفجور، ويرتكب المحارم؛ عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لَأعلَمَنَّ أقوامًا من أُمَّتي يأتون يوم القيامة بحسناتٍ أمثالِ جبال تِهامة بيضًا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا، قال ثوبان: يا رسول الله، صِفْهم لنا، جلِّهم لنا؛ ألَّا نكون منهم، ونحن لا نعلم، قال: أمَا إنهم إخوانكم، ومن جِلدتِكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خَلَوا بمحارم الله انتهكوها))[9].

      والمجتمع الذي ينتشر فيه الحياء تقِلُّ فيه الشرور والمعاصي؛ قال مجاهد: "إن المسلم لو لم يُصِب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي، لكفاه"[10].

      فاللهم ارزقنا خُلُقَ الحياء والستر، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


      3- هل استحيينا من الله حقَّ الحياء؟
      هذا الذي يسمع المؤذن ينادي: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فيُسارع لاستجابة المنادي، فاز بالخير، والمتخلِّف إذا لم تكن امرأةً أو صاحبَ عذرٍ مقبول، فلا حياء له، فليسارع إلى التوبة ولزوم الجماعة، أو الشروع في الصلاة، إن كان من التاركين لها.

      وهذه التي تخرج مُتبرِّجة، أو تذهب إلى الشواطئ والمسابح المختلطة بلِباس السباحة – زعموا - فيطلع الناسُ على عورتها - امرأةٌ منزوعةُ الحياء.

      والذي - أو التي - يُمسك الهاتف، أو أمام شاشة التلفاز، وينظر إلى ما حرم الله من النظر إليه، بعيدٌ عن الحياء، كبُعدِ السماء عن الأرض؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 30، 31]؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من قلَّ حياؤه قلَّ وَرَعُه، ومن قل ورعه مات قلبه"[11].

      والخلاصة: أن من قصَّر في حقٍّ من الحقوق، سواء كان حقًّا لله، أو حقًّا للعباد، أو حقًّا للحيوان، أو حقًّا للبيئة، أو غيرها من الحقوق، فقد أضاع حق الحياء، ويجب علينا أن نستحي من الله حق الحياء؛ عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استَحْيُوا من الله حقَّ الحياء، قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحيي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حقَّ الحياء أن تحفظَ الرأس وما وعى، والبطنَ وما حوى، ولْتذْكُرِ الموت والبِلى، ومن أراد الآخرة تَرَكَ زينة الدنيا، فمن فعل ذلك، فقد استحيا من الله حق الحياء))[12].
      فاللهم اجعلنا ممن يستحي منك حق الحياء، آمين. (تتمة الدعاء).
      [1] رواه البخاري، رقم: 6120.
        [2] رواه البخاري، رقم: 7405.   [3] رواه البخاري، رقم: 7405.   [4] رواه البخاري، رقم: 6117.   [5] رواه البخاري، رقم: 6118.   [6] رواية البخاري، رقم: 9، قال: ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ)).   [7] رواه البخاري، رقم: 3562.   [8] رواه البخاري، رقم: 3404.   [9] رواه ابن ماجه، رقم: 4245.   [10] حلية الأولياء: 3/ 280.   [11] مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا: 20.   [12] رواه الترمذي، رقم: 6117.
       
    • الحديث 19: ((احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ...))

      عن أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كنتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم يومًا، فقال: ((يا غلامُ، إني أعلمك كلماتٍ، احفَظِ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَتِ الأقلام، وجفَّت الصحف))[1]، وفي رواية غير الترمذي: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرَّف إليه في الرخاء، يعْرِفْك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك، وما أصابك لم يكن ليُخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفَرَجَ مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا))[2].

      عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كَلِمِهِ صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن رجب رحمه الله: "هذا الحديث يتضمن وصايا عظيمةً، وقواعدَ كليةً من أهم أمور الدين، حتى قال بعض العلماء: تدبَّرت هذا الحديث، فأدهشني وكِدتُ أطِيشُ، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهُّم لمعناه"[3].

      فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟

      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يأتي:

      1- من حفِظ الله يحفظه الله: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((احفَظِ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك))، وقوله: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرَّف إليه في الرخاء، يَعْرِفْك في الشدة))؛ أي: مَن حفِظ أوامره بفعلها، ونواهيَه باجتنابها، وحدودَه بعدم التعدي عليها، وحقوقه بالقيام بها؛ حفِظَه الله؛ كقوله تعالى: ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 32، 33]، وقوله في المحافظة على الصلاة: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج: 34]،

      وقوله في حفظ الفُرُوج: ﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35]، والشواهد كثيرة معلومة، فهذا شرط وجوابه؛ حفِظه الله في دينه ودنياه، وحفِظه في نفسه وأولاده وماله، وغيرها من أنواع الحفظ؛ فالجزاء من جنس العمل. كقوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ [البقرة: 40]، والوفاء بعهد الله هو الإيمان به، والعمل بشرائعه، ووفاء الله بعهده هو تحقيق الوعد بالحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.

      وقوله في الذكر: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152]؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرتُه في ملأ خيرٍ منهم، وإن تقرَّب إليَّ بشبرٍ، تقرَّبت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا، تقرَّبت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي، أتيتُه هرولةً))[4].

      وقوله في سنن النصر على الأعداء: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، ونصر الله يكون بنصر نبيِّه ودينه، وقتال الكفار، ونصره للمؤمنين بالغلبة على الكفار، وتثبيت أقدامهم في الحرب؛ ولذلك قال في رواية الترمذي: ((واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفَرَج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا)).

      2- الدعاء والاستعانة لا تكون إلا بالله: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله))؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، وقال تعالى: ﴿ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128]، وقال تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، فمن سأل قضاء الحوائج من المقبورين، أو سأل الناس ما لا يقدر عليه إلا اللهُ؛ كالشفاء والرزق، فهو في ضلال مبين؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴾ [الأحقاف: 5].

      3- الإيمان بالقضاء والقدر: لقوله صلى الله عليه وسلم: ((واعلم أن الأُمَّةَ لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعت الأقلام، وجفَّت الصحف))، وقوله: ((واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليُصيبك، وما أصابك لم يكن ليُخطئك))، فأقدار الخير والشر كُتبت قبل خلق السماوات والأرض؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنةٍ، قال: وعرشه على الماء))[5].

      فلماذا النياحة عند موت قريب، أو لطم الخدود، أو شق الثوب، أو التمرغ في التراب؟ فهذا كله وأمثاله عند وقوع قدر الموت يدل على عدم الرضا بالأقدار المؤلمة؛ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني؛ فإنك لم تُصَب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوَّابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى))[6] ، وعلى هذا القياس في كل ما يصيب الإنسان من شرٍّ، عليه الصبر، وما يصيبه من خير، عليه الشكر؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

      فاللهم اجعلنا من عبادك الشاكرين الراضين بقضائك، آمين.

      [1] رواه الترمذي، رقم: 2516، وقال: حديث حسن صحيح.
      [2] انظر: مسند أحمد، رقم: 2803.
      [3] جامع العلوم والحكم: 1/ 462.

      [4] رواه البخاري، برقم: 7405.
      [5] رواه مسلم، برقم: 2653.
      [6] رواه البخاري، برقم: 1283.
    • الحديث 18: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء»
      عن أبي يعلى شداد بن أوس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتُم فأحسِنوا القِتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحِدَّ أحدكم شفرته، فليُرِحْ ذبيحته»[1].

      عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، قال الإمام النووي رحمه الله: "وهذا الحديث من الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام"[2]؛ لإشارة النبي صلى الله عليه وسلم لعموم الإحسان وشموليته.

      فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟
      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:

      1-الإحسان إلى ما يُذبح أو يُقتل: قال صلى الله عليه وسلم: «فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح»، والمعنى: أحسنوا هيئة القتل والذبح لما يجوز قتله أو ذبحه من الدوابِّ، ومن تأمل في آداب الذبح في الإسلام فكلها إحسان، ومن ذلك:

      1- الذبح بآلة حادة إحسان؛ قال صلى الله عليه وسلم: «وليُحِدَّ أحدكم شفرته، فليُرِح ذبيحته»، أساليب الذبح عند مَن يدَّعي الرفق بالحيوان بشعة، لا تقرها شريعة ولا خلق ولا دين؛ كالصعق بالكهرباء، والضرب حتى يفقد الحيوان وعيه، والذبح من القفا في اتجاه الحلق، وغيرها -والحمد لله في بلادنا لا يوجد هذا- وعلى جاليتنا في الغرب الحرص على الذبح وفق الشريعة الإسلامية. والحكمة من شحذ السكين –كما في الحديث- هو إراحة الذبيحة بسرعة الإمرار عليها، فتموت سريعًا، وهذا هو جانب الرحمة بالحيوان في شريعة الإسلام.

      2- إحداد السكين بعيدًا عن أعين البهيمة إحسان؛ في الحديث الصحيح أن رجلًا أضجع شاةً وهو يحد شفرته، فقال له النبيصلى الله عليه وسلم: «أتريد أن تميتها موتات؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها؟»[3].

      3- سوق الذبيحة إلى مذبحها برفق إحسان؛ وتجنب جرها بالعنف، أو الضرب. وللعلم فإن الحديث يؤكد أن توتُّر الحيوان قبل ذبحه يؤدي إلى انخفاض ضغط دمه بدرجة ملحوظة، ومن ثمَّ بقاء الدم في عروقها مما يؤثر على جودة اللحم.
      4- عرض الماء عليها قبل الذبح إحسان؛ فلعلها أن تكون عطشانةً فتشرب، وذكروا علةً في ذلك فقالوا: عندما تكون شاربةً للماء تنتفخ قليلًا، وهذا يساعد على سهولة سلخ الجلد.

      5- عدم قطع شيء منها حتى تبرد وتزهق روحها إحسان؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما -وإن ضعَّفه أهل العلم- لكن معناه يوافق مقصود الشارع، ويوافق الحديث الصحيح السابق في الإحسان، قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذبيحة أن تُفْرَس قبل أن تموت"[4]، وقد صرح المالكية بكراهية ذلك، فأين هؤلاء ممن يفترسون الحيوانات قبل موتها بأظفارهم؟ وأين من يتسلون بالعجول ويغرسون فيها الآلات الحادة، أمام مرأى الناس، ويسمون ذلك رياضةً؟ فاللهم إنا نبرأ إليك من هذه الرياضة التي تُعَذِّب الحيوان.

      6- إضجاعها على شقها الأيمن عند الذبح إحسان؛ والحكمة من ذلك تسهيل الأمر على الذابح في أخذ السكين باليمين، وإمساك رأسها باليسار، وسرعة الإجهاز عليها.

      7- توجيه الذبيحة (أي مكان الذبح) لجهة القبلة إحسان؛ والحكمة من ذلك أنها جهة الرغبة إلى طاعة الله عز شأنه، كما نفعل في الصلاة.

      8- التسمية قبل الذبح إحسان؛ قال تعالى:﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنعام: 118]، وقال:﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 121].

      - عموم الإحسان في كل شيء؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء». الإحسان قد يأتي بمعنيين:

      إيصال النفع للآخرين؛ فمن الإحسان الذي كتبه الله: الإحسان للوالدين، قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، والإحسان للأقارب والجيران بمختلف أنواعهم، قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36]، والإحسان في القول للناس، قال تعالى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83]، والإحسان لليتيم والسائل، قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴾ [الضحى: 9، 10]، وغيرها من أنواع الإحسان والنفع للناس.

      ويأتي بمعنى الإتقان؛ فمن الإحسان إتقان الوضوء: قال صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره»[5]، وإتقان الصلاة إحسان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيءصلاته بالإعادة، وتجويد القرآن إحسان قال صلى الله عليه وسلم: «زينوا القرآن بأصواتكم»[6]، وإتقان العمل والمهنة إحسان، قالصلى الله عليه وسلم: «إن الله تبارك وتعالى يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه»[7]. وهكذا في كل أمور الحياة.

      فاللهم اجعلنا ممن يحسنون في أعمالهم كلها، آمين. (تتمة الدعاء).

      [1] رواه مسلم، رقم: 1955.
      [2] شرح النووي على مسلم: 13/ 107.
      [3] رواه الحاكم في المستدرك برقم: 7563، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه".
      [4] السلسلة الضعيفة: 4717.
      [5] رواه مسلم: 245.
      [6] رواه البخاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة».
      [7] رواه البيهقي في شعب الإيمان: 4929.
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182562
    • إجمالي المشاركات
      2536171
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93298
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×