اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. ساحة القرآن الكريم العامة

      مواضيع عامة تتعلق بالقرآن الكريم

      المشرفات: **راضية**
      58070
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9073
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      المشرفات: **راضية**
      180658
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 260001
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23503
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8334
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32136
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4165
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25484
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30262
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53098
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21008
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97014
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36840
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31796
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4884
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15482
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29722
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12928
      مشاركات
  9. مملكتكِ الجميلة

    1. 41316
      مشاركات
    2. 33886
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  10. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32206
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13117
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. 65624
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      المشرفات: خُـزَامَى
      4925
      مشاركات
  11. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  12. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38493 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  13. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( 130 ) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ( 131 ) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ( 132 ) . تقدم في مقدمة هذا التفسير أن العبد ينبغي له مراعاة الأوامر والنواهي في نفسه وفي غيره، وأن الله تعالى إذا أمره بأمر وجب عليه - أولا- أن يعرف حده، وما هو الذي أمر به ليتمكن بذلك من امتثاله، فإذا عرف ذلك اجتهد، واستعان بالله على امتثاله في نفسه وفي غيره، بحسب قدرته وإمكانه، وكذلك إذا نهي عن أمر عرف حده، وما يدخل فيه وما لا يدخل، ثم اجتهد واستعان بربه في تركه، وأن هذا ينبغي مراعاته في جميع الأوامر الإلهية والنواهي، وهذه الآيات الكريمات قد اشتملت عن أوامر وخصال من خصال الخير، أمر الله [ بها ] وحث على فعلها، وأخبر عن جزاء أهلها، وعلى نواهي حث على تركها.
      ولعل الحكمة - والله أعلم- في إدخال هذه الآيات أثناء قصة « أحد » أنه قد تقدم أن الله تعالى وعد عباده المؤمنين، أنهم إذا صبروا واتقوا نصرهم على أعدائهم، وخذل الأعداء عنهم، كما في قوله تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا .
      ثم قال: بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ الآيات.
      فكأن النفوس اشتاقت إلى معرفة خصال التقوى، التي يحصل بها النصر والفلاح والسعادة، فذكر الله في هذه الآيات أهم خصال التقوى التي إذا قام العبد بها فقيامه بغيرها من باب أولى وأحرى، ويدل على ما قلنا أن الله ذكر لفظ « التقوى » في هذه الآيات ثلاث مرات: مرة مطلقة وهي قوله: ( أعدت للمتقين ) ومرتين مقيدتين، فقال: ( واتقوا الله ) ( واتقوا النار ) فقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا ) كل ما في القرآن من قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا ) افعلوا كذا، أو اتركوا كذا، يدل على أن الإيمان هو السبب الداعي والموجب لامتثال ذلك الأمر، واجتناب ذلك النهي؛ لأن الإيمان هو التصديق الكامل بما يجب التصديق به، المستلزم لأعمال الجوارح، فنهاهم عن أكل الربا أضعافا مضاعفة، وذلك هو ما اعتاده أهل الجاهلية، ومن لا يبالي بالأوامر الشرعية من أنه إذا حل الدين، على المعسر ولم يحصل منه شيء، قالوا له: إما أن تقضي ما عليك من الدين، وإما أن نزيد في المدة، ويزيد ما في ذمتك، فيضطر الفقير ويستدفع غريمه ويلتزم ذلك، اغتناما لراحته الحاضرة، ، فيزداد - بذلك- ما في ذمته أضعافا مضاعفة، من غير نفع وانتفاع.
      ففي قوله: ( أضعافًا مضاعفة ) تنبيه على شدة شناعته بكثرته، وتنبيه لحكمة تحريمه، وأن تحريم الربا حكمته أن الله منع منه لما فيه من الظلم.
      وذلك أن الله أوجب إنظار المعسر، وبقاء ما في ذمته من غير زيادة، فإلزامه بما فوق ذلك ظلم متضاعف، فيتعين على المؤمن المتقي تركه وعدم قربانه، لأن تركه من موجبات التقوى.
        والفلاح متوقف على التقوى، فلهذا قال: ( واتقوا الله لعلكم تفلحون * واتقوا النار التي أعدت للكافرين ) بترك ما يوجب دخولها، من الكفر والمعاصي، على اختلاف درجاتها، فإن المعاصي كلها- وخصوصا المعاصي الكبار- تجر إلى الكفر، بل هي من خصال الكفر الذي أعد الله النار لأهله، فترك المعاصي ينجي من النار، ويقي من سخط الجبار، وأفعال الخير والطاعة توجب رضا الرحمن، ودخول الجنان، وحصول الرحمة، ولهذا قال: ( وأطيعوا الله والرسول ) بفعل الأوامر امتثالا واجتناب النواهي ( لعلكم ترحمون ) .
      فطاعة الله وطاعة رسوله، من أسباب حصول الرحمة كما قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ الآيات. ****************************** وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ( 133 ) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( 134 ) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ( 135 ) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ( 136 ) . ثم أمرهم تعالى بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عرضها السماوات والأرض، فكيف بطولها، التي أعدها الله للمتقين، فهم أهلها وأعمال التقوى هي الموصلة إليها، ثم وصف المتقين وأعمالهم، فقال: ( الذين ينفقون في السراء والضراء ) أي: في حال عسرهم ويسرهم، إن أيسروا أكثروا من النفقة، وإن أعسروا لم يحتقروا من المعروف شيئا ولو قل.
        ( والكاظمين الغيظ ) أي: إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم - وهو امتلاء قلوبهم من الحنق، الموجب للانتقام بالقول والفعل- ، هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطباع البشرية، بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ، ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم.
        ( والعافين عن الناس ) يدخل في العفو عن الناس، العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل، والعفو أبلغ من الكظم، لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة، وتخلى عن الأخلاق الرذيلة، وممن تاجر مع الله، وعفا عن عباد الله رحمة بهم، وإحسانا إليهم، وكراهة لحصول الشر عليهم، وليعفو الله عنه، ويكون أجره على ربه الكريم، لا على العبد الفقير، كما قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ .
      ثم ذكر حالة أعم من غيرها، وأحسن وأعلى وأجل، وهي الإحسان، فقال [ تعالى ] : ( والله يحب المحسنين ) والإحسان نوعان: الإحسان في عبادة الخالق. [ والإحسان إلى المخلوق، فالإحسان في عبادة الخالق ] . .
      فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: « أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك »
        وأما الإحسان إلى المخلوق، فهو إيصال النفع الديني والدنيوي إليهم، ودفع الشر الديني والدنيوي عنهم، فيدخل في ذلك أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وتعليم جاهلهم، ووعظ غافلهم، والنصيحة لعامتهم وخاصتهم، والسعي في جمع كلمتهم، وإيصال الصدقات والنفقات الواجبة والمستحبة إليهم، على اختلاف أحوالهم وتباين أوصافهم، فيدخل في ذلك بذل الندى وكف الأذى، واحتمال الأذى، كما وصف الله به المتقين في هذه الآيات، فمن قام بهذه الأمور، فقد قام بحق الله وحق عبيده.
        ثم ذكر اعتذارهم لربهم من جناياتهم وذنوبهم، فقال: ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) أي: صدر منهم أعمال [ سيئة ] كبيرة، أو ما دون ذلك، بادروا إلى التوبة والاستغفار، وذكروا ربهم، وما توعد به العاصين ووعد به المتقين، فسألوه المغفرة لذنوبهم، والستر لعيوبهم، مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها، فلهذا قال: ( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) .
        ( أولئك ) الموصوفون بتلك الصفات ( جزاؤهم مغفرة من ربهم ) تزيل عنهم كل محذور ( وجنات تجري من تحتها الأنهار ) فيها من النعيم المقيم، والبهجة والسرور والبهاء، والخير والسرور، والقصور والمنازل الأنيقة العاليات، والأشجار المثمرة البهية، والأنهار الجاريات في تلك المساكن الطيبات، ( خالدين فيها ) لا يحولون عنها، ولا يبغون بها بدلا ولا يغير ما هم فيه من النعيم، ( ونعم أجر العاملين ) عملوا لله قليلا فأجروا كثيرا فـ « عند الصباح يحمد القوم السرى » وعند الجزاء يجد العامل أجره كاملا موفرا.
        وهذه الآيات الكريمات من أدلة أهل السنة والجماعة، على أن الأعمال تدخل في الإيمان، خلافا للمرجئة، ووجه الدلالة إنما يتم بذكر الآية، التي في سورة الحديد، نظير هذه الآيات، وهي قوله تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فلم يذكر فيها إلا لفظ الإيمان به وبرسله، وهنا قال: ( أعدت للمتقين ) ثم وصف المتقين بهذه الأعمال المالية والبدنية، فدل على أن هؤلاء المتقين الموصوفين بهذه الصفات هم أولئك المؤمنون.
      ****************************** قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ( 137 ) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ( 138 ) . وهذه الآيات الكريمات، وما بعدها في قصة « أحد » يعزي تعالى عباده المؤمنين ويسليهم، ويخبرهم أنه مضى قبلهم أجيال وأمم كثيرة، امتحنوا، وابتلي المؤمنون منهم بقتال الكافرين، فلم يزالوا في مداولة ومجاولة، حتى جعل الله العاقبة للمتقين، والنصر لعباده المؤمنين، وآخر الأمر حصلت الدولة على المكذبين، وخذلهم الله بنصر رسله وأتباعهم.
        ( فسيروا في الأرض ) بأبدانكم وقلوبكم ( فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ) فإنكم لا تجدونهم إلا معذبين بأنواع العقوبات الدنيوية، قد خوت ديارهم، وتبين لكل أحد خسارهم، وذهب عزهم وملكهم، وزال بذخهم وفخرهم، أفليس في هذا أعظم دليل، وأكبر شاهد على صدق ما جاءت به الرسل؟
      وحكمة الله التي يمتحن بها عباده، ليبلوهم ويتبين صادقهم من كاذبهم، ولهذا قال تعالى: ( هذا بيان للناس ) أي: دلالة ظاهرة، تبين للناس الحق من الباطل، وأهل السعادة من أهل الشقاوة، وهو الإشارة إلى ما أوقع الله بالمكذبين.
        ( وهدى وموعظة للمتقين ) لأنهم هم المنتفعون بالآيات فتهديهم إلى سبيل الرشاد، وتعظهم وتزجرهم عن طريق الغي، وأما باقي الناس فهي بيان لهم، تقوم [ به ] عليهم الحجة من الله، ليهلك من هلك عن بينة.
      ويحتمل أن الإشارة في قوله: ( هذا بيان للناس ) للقرآن العظيم، والذكر الحكيم، وأنه بيان للناس عموما، وهدى وموعظة للمتقين خصوصا، وكلا المعنيين حق. ****************************** وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( 139 ) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ( 140 ) . يقول تعالى مشجعا لعباده المؤمنين، ومقويا لعزائمهم ومنهضا لهممهم: ( ولا تهنوا ولا تحزنوا ) أي: ولا تهنوا وتضعفوا في أبدانكم، ولا تحزنوا في قلوبكم، عندما أصابتكم المصيبة، وابتليتم بهذه البلوى، فإن الحزن في القلوب، والوهن على الأبدان، زيادة مصيبة عليكم، وعون لعدوكم عليكم، بل شجعوا قلوبكم وصبروها، وادفعوا عنها الحزن وتصلبوا على قتال عدوكم، وذكر تعالى أنه لا ينبغي ولا يليق بهم الوهن والحزن، وهم الأعلون في الإيمان، ورجاء نصر الله وثوابه، فالمؤمن المتيقن ما وعده الله من الثواب الدنيوي والأخروي لا ينبغي منه ذلك، ولهذا قال [ تعالى ] : ( وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) .
      ثم سلاهم بما حصل لهم من الهزيمة، وبيَّن الحكم العظيمة المترتبة على ذلك، فقال: ( إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ) فأنتم وإياهم قد تساويتم في القرح، ولكنكم ترجون من الله ما لا يرجون كما قال تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ .
      ومن الحكم في ذلك أن هذه الدار يعطي الله منها المؤمن والكافر، والبر والفاجر، فيداول الله الأيام بين الناس، يوم لهذه الطائفة، ويوم للطائفة الأخرى؛ لأن هذه الدار الدنيا منقضية فانية، وهذا بخلاف الدار الآخرة، فإنها خالصة للذين آمنوا.
        ( وليعلم الله الذين آمنوا ) هذا أيضا من الحكم أنه يبتلي الله عباده بالهزيمة والابتلاء، ليتبين المؤمن من المنافق؛ لأنه لو استمر النصر للمؤمنين في جميع الوقائع لدخل في الإسلام من لا يريده، فإذا حصل في بعض الوقائع بعض أنواع الابتلاء، تبين المؤمن حقيقة الذي يرغب في الإسلام، في الضراء والسراء، واليسر والعسر، ممن ليس كذلك.
        ( ويتخذ منكم شهداء ) وهذا أيضا من بعض الحكم، لأن الشهادة عند الله من أرفع المنازل، ولا سبيل لنيلها إلا بما يحصل من وجود أسبابها، فهذا من رحمته بعباده المؤمنين، أن قيَّض لهم من الأسباب ما تكرهه النفوس، لينيلهم ما يحبون من المنازل العالية والنعيم المقيم، ( والله لا يحب الظالمين ) الذين ظلموا أنفسهم، وتقاعدوا عن القتال في سبيله، وكأن في هذا تعريضا بذم المنافقين، وأنهم مبغضون لله، ولهذا ثبطهم عن القتال في سبيله.
      وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ . ****************************** وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ( 141 ) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ( 142 ) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ( 143 ) . ( وليمحص الله الذين آمنوا ) وهذا أيضا من الحكم أن الله يمحص بذلك المؤمنين من ذنوبهم وعيوبهم، يدل ذلك على أن الشهادة والقتال في سبيل الله يكفر الذنوب، ويزيل العيوب، وليمحص الله أيضا المؤمنين من غيرهم من المنافقين، فيتخلصون منهم، ويعرفون المؤمن من المنافق، ومن الحكم أيضا أنه يقدر ذلك، ليمحق الكافرين، أي: ليكون سببا لمحقهم واستئصالهم بالعقوبة، فإنهم إذا انتصروا، بغوا، وازدادوا طغيانا إلى طغيانهم، يستحقون به المعاجلة بالعقوبة، رحمة بعباده المؤمنين.
        ثم قال تعالى: ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) هذا استفهام إنكاري، أي: لا تظنوا، ولا يخطر ببالكم أن تدخلوا الجنة من دون مشقة واحتمال المكاره في سبيل الله وابتغاء مرضاته، فإن الجنة أعلى المطالب، وأفضل ما به يتنافس المتنافسون، وكلما عظم المطلوب عظمت وسيلته، والعمل الموصل إليه، فلا يوصل إلى الراحة إلا بترك الراحة، ولا يدرك النعيم إلا بترك النعيم، ولكن مكاره الدنيا التي تصيب العبد في سبيل الله عند توطين النفس لها، وتمرينها عليها ومعرفة ما تئول إليه، تنقلب عند أرباب البصائر منحا يسرون بها، ولا يبالون بها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
        ثم وبخهم تعالى على عدم صبرهم بأمر كانوا يتمنونه ويودون حصوله، فقال: ( ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه ) وذلك أن كثيرا من الصحابة رضي الله عنهم ممن فاته بدر يتمنون أن يحضرهم الله مشهدا يبذلون فيه جهدهم، قال الله [ تعالى ] لهم: ( فقد رأيتموه ) أي: رأيتم ما تمنيتم بأعينكم ( وأنتم تنظرون ) فما بالكم وترك الصبر؟ هذه حالة لا تليق ولا تحسن، خصوصا لمن تمنى ذلك، وحصل له ما تمنى، فإن الواجب عليه بذل الجهد، واستفراغ الوسع في ذلك.
      وفي هذه الآية دليل على أنه لا يكره تمني الشهادة، ووجه الدلالة أن الله تعالى أقرهم على أمنيتهم، ولم ينكر عليهم، وإنما أنكر عليهم عدم العمل بمقتضاها، والله أعلم.
      ****************************** وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ( 144 ) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ( 145 ) . يقول تعالى: ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) أي: ليس ببدع من الرسل، بل هو من جنس الرسل الذين قبله، وظيفتهم تبليغ رسالات ربهم وتنفيذ أوامره، ليسوا بمخلدين، وليس بقاؤهم شرطا في امتثال أوامر الله، بل الواجب على الأمم عبادة ربهم في كل وقت وبكل حال، ولهذا قال: ( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) بترك ما جاءكم من إيمان أو جهاد، أو غير ذلك.
        قال [ الله ] تعالى: ( ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا ) إنما يضر نفسه، وإلا فالله تعالى غني عنه، وسيقيم دينه، ويعز عباده المؤمنين، فلما وبخ تعالى من انقلب على عقبيه، مدح من ثبت مع رسوله، وامتثل أمر ربه، فقال: ( وسيجزي الله الشاكرين ) والشكر لا يكون إلا بالقيام بعبودية الله تعالى في كل حال.
        وفي هذه الآية الكريمة إرشاد من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالة لا يزعزعهم عن إيمانهم أو عن بعض لوازمه، فقدُ رئيس ولو عظم، وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمر من أمور الدين بعدة أناس من أهل الكفاءة فيه، إذا فقد أحدهم قام به غيره، وأن يكون عموم المؤمنين قصدهم إقامة دين الله، والجهاد عنه، بحسب الإمكان، لا يكون لهم قصد في رئيس دون رئيس، فبهذه الحال يستتب لهم أمرهم، وتستقيم أمورهم.
        وفي هذه الآية أيضا أعظم دليل على فضيلة الصديق الأكبر أبي بكر، وأصحابه الذين قاتلوا المرتدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هم سادات الشاكرين.
      ثم أخبر تعالى أن النفوس جميعها متعلقة بآجالها بإذن الله وقدره وقضائه، فمن حتَّم عليه بالقدر أن يموت، مات ولو بغير سبب، ومن أراد بقاءه، فلو أتى من الأسباب كل سبب، لم يضره ذلك قبل بلوغ أجله، وذلك أن الله قضاه وقدره وكتبه إلى أجل مسمى: إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ .
        ثم أخبر تعالى أنه يعطي الناس من ثواب الدنيا والآخرة ما تعلقت به إراداتهم، فقال: ( ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها ) .
      قال الله تعالى: كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا .
      ( وسنجزي الشاكرين ) ولم يذكر جزاءهم ليدل ذلك على كثرته وعظمته، وليعلم أن الجزاء على قدر الشكر، قلة وكثرة وحسنا. ****************************** وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ( 146 ) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ( 147 ) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ( 148 ) . هذا تسلية للمؤمنين، وحث على الاقتداء بهم، والفعل كفعلهم، وأن هذا أمر قد كان متقدما، لم تزل سنة الله جارية بذلك، فقال: ( وكأين من نبي ) أي: وكم من نبي ( قاتل معه ربيون كثير ) أي: جماعات كثيرون من أتباعهم، الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة، فأصابهم قتل وجراح وغير ذلك.
        ( فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ) أي: ما ضعفت قلوبهم، ولا وهنت أبدانهم، ولا استكانوا، أي: ذلوا لعدوهم، بل صبروا وثبتوا، وشجعوا أنفسهم، ولهذا قال: (والله يحب الصابرين ) .
        ثم ذكر قولهم واستنصارهم لربهم، فقال: ( وما كان قولهم ) أي: في تلك المواطن الصعبة ( إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ) والإسراف: هو مجاوزة الحد إلى ما حرم، علموا أن الذنوب والإسراف من أعظم أسباب الخذلان، وأن التخلي منها من أسباب النصر، فسألوا ربهم مغفرتها.
      ثم إنهم لم يتكلوا على ما بذلوا جهدهم به من الصبر، بل اعتمدوا على الله، وسألوه أن يثبت أقدامهم عند ملاقاة الأعداء الكافرين، وأن ينصرهم عليهم، فجمعوا بين الصبر وترك ضده، والتوبة والاستغفار، والاستنصار بربهم، لا جرم أن الله نصرهم، وجعل لهم العاقبة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال: ( فآتاهم الله ثواب الدنيا ) من النصر والظفر والغنيمة، ( وحُسن ثواب الآخرة ) وهو الفوز برضا ربهم، والنعيم المقيم الذي قد سلم من جميع المنكدات، وما ذاك إلا أنهم أحسنوا له الأعمال، فجازاهم بأحسن الجزاء، فلهذا قال: ( والله يحب المحسنين ) في عبادة الخالق ومعاملة الخلق، ومن الإحسان أن يفعل عند جهاد الأعداء، كفعل هؤلاء الموصوفين ****************************** يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ( 149 ) بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ( 150 ) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ( 151 ) . وهذا نهي من الله للمؤمنين أن يطيعوا الكافرين من المنافقين والمشركين، فإنهم إن أطاعوهم لم يريدوا لهم إلا الشر، وهم [ قصدهم ] ردهم إلى الكفر الذي عاقبته الخيبة والخسران.
      ثم أخبر أنه مولاهم وناصرهم، ففيه إخبار لهم بذلك، وبشارة بأنه سيتولى أمورهم بلطفه، ويعصمهم من أنواع الشرور.
      وفي ضمن ذلك الحث لهم على اتخاذه وحده وليا وناصرا من دون كل أحد، فمن ولايته ونصره لهم أنه وعدهم أنه سيلقي في قلوب أعدائهم من الكافرين الرعب، وهو الخوف العظيم الذي يمنعهم من كثير من مقاصدهم، وقد فعل تعالى.
        وذلك أن المشركين - بعدما انصرفوا من وقعة « أحد » - تشاوروا بينهم، وقالوا: كيف ننصرف، بعد أن قتلنا منهم من قتلنا، وهزمناهم ولما نستأصلهم؟ فهموا بذلك، فألقى الله الرعب في قلوبهم، فانصرفوا خائبين، ولا شك أن هذا من أعظم النصر، لأنه قد تقدم أن نصر الله لعباده المؤمنين لا يخرج عن أحد أمرين: إما أن يقطع طرفا من الذين كفروا، أو يكبتهم فينقلبوا خائبين، وهذا من الثاني.
      ثم ذكر السبب الموجب لإلقاء الرعب في قلوب الكافرين، فقال: ( بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ) أي: ذلك بسبب ما اتخذوا من دونه من الأنداد والأصنام، التي اتخذوها على حسب أهوائهم وإرادتهم الفاسدة، من غير حجة ولا برهان، وانقطعوا من ولاية الواحد الرحمن، فمن ثم كان المشرك مرعوبا من المؤمنين، لا يعتمد على ركن وثيق، وليس له ملجأ عند كل شدة وضيق، هذا حاله في الدنيا، وأما في الآخرة فأشد وأعظم، ولهذا قال: ( ومأواهم النار ) أي: مستقرهم الذي يأوون إليه وليس لهم عنها خروج، ( وبئس مثوى الظالمين ) بسبب ظلمهم وعدوانهم صارت النار مثواهم.
    • وردت صفة اليد مضافة لله في عدة آيات من القرآن الكريم، الأولى في المائدة (64) في قوله تعالى:{ بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء } فأثبتت هذه الآية صفة اليدين لله تعالى، ووصفتهما بالبسط دلالة على سعة الكرم والعطاء .


      وتأويل من أوّل الآية على أن المراد منها النعمة أو القوة أو الملك غير صحيح، فإن المثنى لا يقوم مقام الجمع، وذلك أنّ العرب قد تخرج الجمع بلفظ الواحد لأداء الواحد عن جميع جنسه، ولكنها لا تخرج الجمع بلفظ المثنى، وكلا من النعمة والقوة والملك لا يمكن تثنيتها، فلا يقال نعمتاه فنعمه كثيرة، أو ملكاه فملكه واسع لا ينحصر، أو قوتاه فقوته عامة فالله على كل شيء قدير.


      والآية الثانية في سورة ص (75) وهي قوله تعالى:{ يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي }، وهذه الآية تدل على تكريم الله لآدم - عليه السلام - حيث خصه بأن خلقه بيده، في حين خلق سائر الخلق بقوله:{ كن }، وتخصيص "اليد" بذكرها في خلق آدم يدل على فساد من ذهب إلى أن معنى اليد القدرة أو النعمة، إذ الكل مخلوق بقدرة الله ونعمته، فلا مزية لآدم – وفق تفسيرهم - في هذا التخصيص .


      والآية الثالثة في سورة يس (71) وهي قوله تعالى:{ أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً }، ولا تعلق لهذه الآية بصفة اليد، وإنما المراد منها أن الله خلق الأنعام بنفسه، وإضافة العمل إلى اليد والمراد صاحبها معروف في لغة العرب التي نزل بها القرآن، قال تعالى: { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } فأضاف كسب الإنسان إلى يده، ومن كسبه ما يكون صادراً عن غير يده كقوله ومشيه، وعليه فالمراد من هذه الآية نسبة الخلق إليه، وتذكير العباد بنعمه وآلائه، ومنها خلق الأنعام، ليشكروه ويطيعوا أمره .


      والآية الرابعة في سورة الزمر (67) وهي قوله تعالى: { والسموات مطويات بيمينه }، وهذا إثبات لليمين، وهي صفة ليديه سبحانه، ويدل على هذا التفسير ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( يقبض الله عز وجل الأرض يوم القيامة ويطوي السموات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض ؟ ) رواه البخاري ومسلم .


      وأما كون اليمين صفة ليديه سبحانه، فلما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - : قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن – وكلتا يديه يمين – الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولُوا ) أخرجه مسلم .


      والآية الخامسة في سورة الحاقة (44-45) وهي قوله تعالى: { ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين } وفي تفسير الآية قولان:

      قول ينسب اليمين لله، ويجعل معناها القوة والقدرة، يقول الطبري: " يقول: لأخذنا منه بالقوة منا والقدرة، ثم لقطعنا منه نياط القلب، وإنما يعني بذلك أنه كان يعاجله بالعقوبة، ولا يؤخره بها "


      وقول يقول: إن معنى الآية: لأخذنا بيده اليمنى؛ ثم نقطع منه بعد ذلك الوتين، والأخذ في الآية لمعنى الإهانة والإذلال .


      وليس في أحد القولين تأويل بمعناه الاصطلاحي أي: إخراج النص عن ظاهره، إذ كلا القولين في تفسير الآية محتمل من غير مرجح لأحدهما، فيمكن أن يكون المعنى لأخذنا بيمينه أي بيمين العبد، ويمكن أن يقال لأخذنا منه باليمين، أي: بأيماننا، وعلى التفسير الثاني، يمكن أن يقال أن المراد بأيماننا أي: بأيدينا، ويمكن أن يكون المعنى مجازياً بمعنى القوة والقدرة، وهذه الآراء ذكرها الطبري شيخ المفسرين في تفسيره نقلاً عن السلف الصالح، فهي آراء سائغة في تفسير الآية، والقول بأن هذه التفاسير تأويل للنص غير صحيح، فإن دلالة النص غير قطعية ولا ظاهرة في معنى خاص، وإنما النص بذاته محتمل، فالقول بأحد القولين السابقين في تفسير الآية ليس تأويلاً بالمعنى الإصطلاحي، وإنما هو من خلاف التنوع في التفسير


      والآية السادسة في سورة الفتح (8) وهي قوله تعالى: { يد الله فوق أيديهم } وفي تفسير هذه الآية قولان: أحدهما: يد الله فوق أيديهم عند البيعة، لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; والقول الآخر: أن قوّة الله فوق قوّتهم في نصرة رسوله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم -، لأنهم إنما بايعوا رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم - على نُصرته على العدو، فهو تأكيد للبيعة بأن الله مؤيد لمن بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومناصر له، فكما أن من أطاع الرسول فقد أطاع الله، فكذلك من بايع الرسول فقد بايع الله .


      ولا يقال أن تفسير من فسّر من السلف هذه الآية بالقوة أو القدرة هو من التأويل الذي أنكره السلف الصالح، وبينوا فساد منهج سالكه، ذلك أن السلف أثبتوا صفة اليد لله تعالى بالأدلة الصريحة في ذلك، وأما الأدلة المحتملة كهذه الآية وسابقتها فهما مما اختلفت فيهما الأنظار، فمن قال أن المراد بهما القوة أو القدرة لا يعني هذا أنه ينفي صفة اليد عن الله، وإنما يقول أن هاتين الآيتين لا تدلان على هذه الصفة، فالخلاف في الاستدلال، لا في الإيمان بهذه الصفة وإثباتها، فليس كل نص ورد فيه نسبة اليدين لله قلنا أن المراد به "الصفة" وإنما المعتمد في ذلك مراعاة السياق والنظر في الأدلة التي تحدد المعنى وتبينه .


      والآية السابعة في الحديد (29) وهي قوله تعالى: { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء } أي أن الفضل ملك لله يؤتيه من يشاء من عباده .


      هذه هي أغلب الآيات التي وردت فيها نسبة اليد لله تعالى، وهي كما ترى على أقسام منها آيات صريحة في الدلالة على الصفة، وآيات غير صريحة، وغير الصريحة لا تنفي الصريحة، وكذلك العكس، فعلى المسلم أن يسلّم لله بهذه الصفة، فهو سبحانه أعلم بنفسه حيث نسب هذه الصفة لنفسه، ولا يتجاوز المسلم ما أثبته الله لنفسه، فيؤول أو يكيّف أو يعطّل، فكل ذلك على خلاف ما أراد الله، وعلى خلاف ما سار عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم على هديهم، في إثبات صفات الله التي أخبر بها عن نفسه، أو أخبر بها رسوله .

      ومن الجدير بالتنبيه أن نقول: إن المسلم عند إثباته صفة اليد لله وغيرها يجب عليه تجنب كل سبيل لتخيل هذه الصفة أو تلك، فالله ليس كمثله شيء، وصفاته ليست كصفات المخلوقين.


      ومهما حاول الإنسان أن يتخيل صورة صفة، فسيقع لا محالة في التشبيه، فإن مخيلة الإنسان تعجز عجزاً مطلقاً أن تتخيل شكلاً أو هيئة لم تحسها، فبالتالي كل ما يتخيله العقل البشري عن صفات الله هو محض تشبيه، يجب على المسلم نفيه، فكل ما خطر ببال الإنسان فالله على خلاف ذلك، { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }( الشورى: 11 ) .


      إسلام ويب        
    • الحلم خلق جميل، ووصف نبيل، وهو أفضل ما يتعامل الناس به بعضهم مع بعض..
      وفي لغة العرب، الحلم: كظم الغيظ، وضبط النفس، وحملها على الصفح والعفو، وصرفها عن الانتقام ممن أساء وتعدى وظلم.
      وقيل: الحلم معالجة الأمور في تؤدة وحكمة واتزان، وعدم العجلة في المعاقبة.

      هذا بالنسبة للبشر، وأما حلم الله تعالى فنحن وإن أثبتنا له ذلك الاسم والوصف، إلا أننا نعلم يقينا أننا عاجزون عن إدراك كنهه، ومعرفة حقيقة وصفه؛ إذ لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام، ولا يشبهه الأنام، {ليس كمثله شيء}، {ولا يحيطون به علما}.
      غير أن أهل العلم قالوا وتكلموا في هذا بما فتح الله عليهم، فقالوا:
      الحليم: ذو الصفح والأناة، الذي لا يستفزه جهل الجاهلين، ولا عصيان المسرفين، ولا يعجل بعجلة المتعجلين.
      وقيل: الحليم الذي لا يعجل بالعقوبة على المذنبين، بل يفتح لهم باب التوبة، ليصلح العبد ما أفسد، ويدرك ما فات.
      وقيل: الحليم هو الذي ستر بعد علمه، ثم أمهل بعد ستره، ولم يعجل بالانتقام مع غاية الاقتدار على خلقه.

      فالحلم إمهال بلا إهمال، وتأخير للعقوبة من غير ضعف ولا عجز ولا إخلال..
      ولذلك يقترن الحلم دائما بالحكمة، ليُعلَم أنه سبحانه لا يؤخر عقوبته عبثا ولا نسيانا، وإنما لحكمة بالغة قضاها، يستوجب الحمد على اقتضاها. قال سبحانه {إن الله كان عليما حكيما}[الإنسان:30].
      والحلم يقترن كذلك بالعلم: فلا يكون حلمه عن جهل بأحوال عباده ـ حاشاه ـ {والله يعلم ما في قلوبكم وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا}[الأحزاب:51].
      كما يقترن الحلم بالقوة والقدرة؛ لأن حلم الضعيف عجز وخور؛ كما قال المتنبي:
      كل حلمٍ أتى بغير اقتدار .. .. حجةٌ لاجئٌ إليها اللئامُ
      والضعف لا يتصور مع الله، فهو سبحانه هو القوي العزيز، وهو على كل شيء قدير.

      مظاهر حلم الله
      أما مظاهر حلم الله تبارك وتعالى في خلقه فهي كثيرة.. منها:
      ـ إمهالُه للكافرين المشركين
      نعم، الذين يكفرون بالله تعالى ويشركون معه غيره، والذين يكذبونه ويشتمونه، كما جاء في الحديث القدسي: (كذَّبني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يُكذِّبني وشتَمني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يشتُمَني أمَّا تَكذيبُه إيَّايَ فقولُه: إنِّي لا أعيدُه كما بدأتُه، وليسَ آخِرُ الخلقِ بأعزَّ عليَّ من أوَّلِه، وأمَّا شتمُه إيَّايَ فقولُه: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وأنا اللَّهُ الأحدُ الصَّمدُ، لم ألِد ولم أولَد، ولم يَكن لي كفُوًا أحدٌ)[رواه أحمد وأصله في البخاري].

      فهؤلاء الكافرون المشركون، يكفرون به عز وجل، ويشركون في عبادته غيره، ومع ذلك يرزقهم ويسترهم، ويكلؤهم بالليل والنهار، ويدعوهم للتوبة والعودة، فاذا عادوا بعد كل ذلك قبلهم، وغفر لهم، وبدل سيئاتهم حسنات، {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}[الفرقان:70].

      ـ إمهاله للعصاة المذنبين
      مع أنه يراهم في عصيانهم، ولا يخفى عليه شيء من أمرهم، بل يعلم حالهم وهم يستخفون من الناس ولا يستخفون منه، ومع تمام قدرته عليهم، يحلم عليهم لعلهم يرجعون؛ كما قال ابن القيم:
      وهو الحليم فلا يعاجل عبده .. .. بعقوبة ليتوب من عصيان
      وهو القائل سبحانه: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا)[فاطر:45].

      ـ إمهاله للطغاة المجرمين
      نعم.. فهو يمهل المتكبرين الظالمين لعلهم يرجعون، وكذلك ليرى ويبتلي صبر المعذبين والمظلومين، وكذلك ليقيم الحجة ويقطع العذر عن هؤلاء المتغطرسين الغاشمين، فإن تابوا قّبِلَهم وهو الغفور الرحيم، وإن لجوا وزادوا أخذهم أخذ عزيز مقتدرففي الحديث (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يُمْلِي لِلظّالِمِ، فإذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ)[رواه مسلم].

      ـ فتح أبواب التوبة للعاصين:
      فإنه يمنُّ على العاصين بالتوبة، يفتح لهم أبوابها، وييسر لهم أسبابها، فإن تابوا ورجعوا إليه قبلهم، وعفا عنهم، وصفح وغفر.. والعفو ترك العقاب، والصفح ترك العتاب، والغفر محو آثار الذنب من كل جهة وباب. {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}[الشورى:25].

      ـ وهو سبحانه وتعالى كذلك الحليم، يرى عباده على ما هم عليه من المصائب والمعائب، والمخازي والفضائح، ومع ذلك يستر القبيح، ويظهر الجميل، ولا يؤاخذ بالجريرة، ولا يهتك الستر، بل يعظم العفو، ويكثر التجاوز، ويوسع المغفرة، ويبسط اليدين بالرحمة كما جاء في الحديث (إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يبسُطُ يدَه باللَّيلِ ليتوبَ مسيءُ النَّهارِ، ويبسُطُ يدَه – يعني بالنَّهارِ – ليتوبَ مسيءُ اللَّيلِ، حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ من مغربِها)[رواه مسلم].

      حظ المسلم من اسم الله الحليم
      أولا: أن يثبت لله تبارك وتعالى هذا الاسم الحليم، وأن يثبت له سبحانه صفة الحلم، فالحليم اسمه، والحلم صفته.
      ثانيا: أن يوقن أن حلمه سبحانه مرتبط ومتعلق بعلمه وحكمته، فمهما طال أمد حلمه على الظالمين، أو مد حبال الإمهال للمجرمين والعاصين، فإن ذلك بحكمة وعلم، وكذلك إن قطع حبل الإمهال، أو طوى بساط الحلم، فبعلم وحكمة، وهو سبحانه العليم الحكيم.
      ثالثا: أن يتخلق بهذا الخلق العظيم، ويتعلمه "فإنما الحلم بالتحلم"، وليعامل العباد به ويحلم عليهم عسى الله أن يقابله ويعامله بحلمه، فالجزاء من جنس العمل.
      رابعا: أن يدعو الله ويسأله بهذا الاسم العظيم؛ طاعة لله تبارك وتعالى في قوله {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:180].

      الحلم.. إمهال لا إهمال
      وحلم الله تبارك وتعالى لا يعني رفع العقوبة بالكلية، وإنما الحلمُ إمهال لحكمة لوقت معلوم، فإما أن يتحقق مراده من حلمه وإمهاله فيتوب العباد إليه، وإما ألا يفعلوا فيأخذهم أخذ عزيز مقتدر، إما في هذه الحياة إن شاء، وإما أن يعاقبهم على هذا بعد الوفاة، فيكون أنكى وأشد وأعظم.
      ومن نظر في التاريخ تيقن من هذا تمام اليقين:
      انظر إلى قوم نوح، كيف مد الله لهم حبل الإمهال مدًّا، وبسط لهم بساط الحلم ألف سنة إلا خمسين عاما، فلما ظنوا أنهم لا يعاقبون أبدا، وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن سواعا ولا ودا، عاقبهم الله بالطوفان فأغرقهم فردا فردا، ولم يبق منهم أحدا، فانظر هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا؟.

      وقوم فرعون: لم يكونوا أحسن منهم حالا، ولا أقل ضلالا، فلم يكن عقاب الله لهم أقل وبالا ولا نكالا، قال سبحانه: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِّلْآخِرِينَ}[الزخرف:55ـ56].
      وانظر كذلك إلى قوم عاد وقوم لوط، وأصحاب الرس وثمود، وأصحاب الأيكة، وقوم تبع {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ}[ق:14]. وهكذا صنع الله في كل ظالم، وكل مجرم غاشم، على مر التاريخ.

      والمسلم حين ينظر إلى سعة حلم الله، وعدم عجلته على الظالمين، وإمهاله لمن يقتلون أولياءه، ويحاربون دينه، ويسومون المسلمين سوء العذاب.. ينبغي أن يعلم أن هذا كله بعين الله ليس بخاف عنه، وأنه سبحانه قضى قضاء لا تستطيع الأرض له تبديلا ولا تحويلا، {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء:141]، ووعد المؤمنين بالتمكين والنصر على الكافرين، فقال سبحانه: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}[المجادلة:21]، ووعد الله حق لا يتخلف: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ}[إبراهيم:47].


      إسلام ويب  
    • الحلف بالله كذبا وتفسير آيتين من سورة الذاريات السؤال إذا حلف الإنسان بالله كذبا فهل هناك شيء يكفر به هذا الذنب؟ وسؤالي الثاني في تفسير القرآن الكريم فما معنى قوله تعالى: (والسماء ذات الحبك)(قتل الخرصون). الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد بينا حكم الحلف بالله كذباً، والواجب في ذلك، وكيفية التوبة منه في الفتوى رقم: 7228. وأما تفسير قوله تعالى: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ {الذاريات: 7}. فمعناه ذات الطرق التي تسير فيها الكواكب قال ابن عطية: الحبك بضم الحاء والباء الطرائق التي على نظام في الأجرام، وقال ابن عباس: حبكها حسن خلقتها، وقال ابن جبير: الحبك الزينة وقال الحسن حبكها كواكبها. وقال القرطبي: المراد بالسماء هاهنا السحاب التي تظل الأرض وقيل السماء المرفوعة قال ابن عمر السماء السابعة . وقال الطبري في تفسيرها: يقول تعالى ذكره: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ الحسن، وعنى بقوله: ذات الحبك ذات الطرائق وتكسير كل شيء حبكه وهو جمع حباك وحبيكة، وبنحو الذي قلناه في ذلك قال أهل التأويل، وان اختلفت ألفاظ قائليه. وأما قوله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ {الذاريات: 10}. فقيل المرتابون وقيل الكهنة وقيل الذين يتخرصون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر القرطبي عن النحاس أن معناها الكذابون فالخرص هو الكذب، ومعناه دعاء على أولئك الخراصين المرتابين الذي هم في غمرة الضلالة وغلبتها متمادون وعن الحق الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم لاهون كما قال الطبري. والله أعلم. معنى قوله تعالى: (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) السؤال ما معنى ذات الشوكة في قوله تعالى: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين * ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون)؟ الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ {الأنفال: 7}، قال: قال أبو عبيدة: أي غير ذات الحد، والشوكة: السلاح. اهـ. والمراد بذات الشوكة: طائفة النفير أي جيش قريش، والصحابة إنما أرادوا بخروجهم عير قريش، وهي غير ذات شوكة، وأراد الله أن يصل الأمر إلى معركة بالسلاح، وهو ما كان يوم بدر. قال البيضاوي في تفسيره: وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم. يعني: العير، فإنه لم يكن فيها إلا أربعون فارساً، ولذلك يتمنونها، ويكرهون النفير لكثرة عَددهم وعُددهم. اهـ. والله أعلم. تفسير قوله تعالى (لتركبن طبقا عن طبق) السؤال ما هو تفسير هذه الآية الكريمة (لتركبن طبقا عن طبق)ما معنى لتركبن طبقا عن طبق ؟
        الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فأما تفسير الآية الكريمة فإن فيها قراءتين سبعيتين الأولى منهما: لتركبن بفتح الباء، أي الخطاب فيها للواحد، وبها قرأ من السبعة ابن كثير وحمزة والكسائي، وهي على هذه القراءة خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يصلح له. والقراءة الثانية: لتركبن بضم الباء خطاب للجميع وهم الناس، وبها قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم، ومعنى الآية على القراءة الثانية لتركبن أيها الناس حالا بعد حال فتنتقلون في دار الدنيا من طور إلى طور وفي الآخرة من هول إلى هول، والطبق في لغة العرب الحال ومنه قول الأقرع بن حابس التميمي: إني امرؤ قد حلبت الدهر شطره * وساقني طبق منها إلى طبق وقول الآخر: كذلك المرء إن ينسأ له أجل * يركب على طبق من بعده طبق انتهى. من أضواء البيان للشنقيطي بتصرف يسير. ولبيان تفسير الآية على القراءة الأولى والمزيد من تفسيرها على القراءة الثانية يرجى مراجعة كتب التفسير مثل ابن كثير وغيره. والله أعلم. تقديم الزفير على الشهيق في سورة هود السؤال يقول الله تعالى في سورة هود: فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق. فما الحكمة في ذكر الزفير ثم الشهيق، مع أن الإنسان يأخذ الشهيق ثم الزفير، نرجو الإفادة من سيادتكم؟ الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الواو لا تقتضي الترتيب في اللغة العربية عند جمهور النحويين، ويدل لهذا قوله تعالى إخباراً عن المشركين أنهم قالوا: وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ {الجاثية:24}، ومن المعلوم أن الكفار لم يكونوا مقرين بالحياة بعد الموت، ثم إن الظاهر من كلام أئمة السلف يفيد أن المناسب في الأسلوب هو تقديم الزفير على الشهيق، فقد روي عن ابن عباس أنه قال فيها: الزفير في الحلق والشهيق في الصدر. ومن المعلوم أن الحلق قبل الصدر. وقد ذكر الألوسي في روح المعاني أنه قال أهل اللغة من الكوفية والبصرية: الزفير بمنزلة ابتداء صوت الحمار والشهيق بمنزلة آخر نهيقه. وقد احتج هو وأبو السعود لهذا بقول الشماخ في حمار وحشي: بعيد مدى التطريب أول صوته * زفير ويتلوه شهيق محشرج ومن المعلوم أن تقديم الأول على الآخر مناسب. والله أعلم.
    • ﴿ فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ﴾   ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾    ﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا ﴾  ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾    ﴿ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ﴾  ﴿ قَالَ لَا تَخَافَا إِنِّي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾   لَا شَيْءَ يُشْبِهُ مُوَاسَاةَ القُرْآنِ أَبَدًا   مِنْ مَداخِلِ إِبْلِيسَ إِلَى الشَّبابِ أَنْ يُوهِمَكَ بِكَثْرَةِ ذُنُوبِكَ، وَيُصَوِّرَ لَكَ أَنَّ بَابَ التَّوْبَةِ قَدْ أُغْلِقَ.  لَا تَلْتَفِتْ لِذٰلِكَ، وَأَكْثِرْ مِنَ الذِّكْرِ وَالِاسْتِغْفَارِ؛ فَرَحْمَةُ اللهِ أَوْسَعُ وَأَعْظَمُ.   وَاللَّهِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَى الغَيْبِ لَاخْتَرْتَ المَكْتُوبَ،  ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾  فَلَا تَيْأَسْ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَلَا تَقْنَطْ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَأَحْسِنِ الظَّنَّ بِهِ.  وَإِيَّايَ وَإِيَّاكَ أَنْ تَجْعَلَ لِلشَّيْطَانِ سَبِيلًا إِلَيْكَ بِالْيَأْسِ…  فَانْتَبِهْ مِنْهُ   *عليك الحذر من جليس السوء مهما بلغت من العمر*.  فمصطلح *"جليس السوء"* لا يقتصر على الصغار والمراهقين فقط،  بل يشمل أيضاً كبار السن حتى نهاية حياتهم.  تبرز حادثة وفاة أبي طالب كمثال على ذلك،  فعندما دنت منه المنية، كان تأثير جليس السوء أكبر من محاولات النبي ﷺ لهدايته إلى دين الله،  مما أدى إلى وفاته على الكفر، والعياذ بالله.     نَحمِلُ فِي دَاخِلِنَا أَشْيَاءَ خَفِيَّةً تُؤلِمُنَا وَتُؤذِينَا، نَبكِي عَلَىٰ دَمعَةٍ مَرَرْنَا بِهَا، وَأَحْلَامٍ لَمْ نَهْنَأْ بِهَا، وَمَوَاقِفَ ظَنَنَّا فِيهَا أَنَّنَا شَيْءٌ، فَعُدْنَا مِنْهَا وَكَأَنَّنَا لَا شَيْءَ… هَذِهِ الحَيَاةُ مُعَقَّدَةٌ، وَقَلِيلًا مَا نُدْرِكُ مَغْزَاهَا… نَتَأَلَّمُ، وَنَصمُتُ، وَنَتَسَاءَلُ، وَنَحمِلُ مَا لَا يُرَى، وَلَكِنَّ الحَقِيقَةَ الَّتِي لَابُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا، أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنَ اللهِ، وَإِلَى اللهِ… فَالْحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ أَلَمٍ أَوْجَعَنَا، أَيًّا كَانَ. ﴿ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾   ﴿لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾  لَا يُوجَدُ فُرَصٌ ضَائِعَةٌ! كُلُّ شَيْءٍ فَاتَكَ لَمْ يَكُنْ بِالأَصْلِ لَكَ،  وَلَوْ تَأَمَّلْتَ كُلَّ مَا أَرَدْتَهُ فَلَمْ تَنَلْهُ، لَوَجَدْتَ أَنَّ الخَيْرَ كُلَّهُ كَانَ فِي أَلَّا تَنَالَهُ.  إِنَّ النَّجَاةَ أَحْيَانًا فِي أَنْ تَفُوتَكَ الأَشْيَاءُ، وَإِنَّ رَحْمَةَ اللهِ فِي المَنْعِ لَهِيَ أَبْلَغُ مِنْهَا فِي العَطَاءِ!  وَتَذَكَّرْ وَصِيَّةَ الرَّسُولِ ﷺ: «اِعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ،  وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا.   "ليس على الأيام أن تكون مثالية دائمًا، وليس على الأصدقاء دائمًا أن يكونوا بالجوار،  وليس حتى على قراراتك أن تكون صائبة في كُلّ مرّة، لا بأس أن تُخطِئ  ولا بأس أن تتعلم، ولا بأس أن تَمُرّ أيامًا ثقيلة يكفيك أنّك رغم أخطائك وعثراتِك تتعرف على نفسِك أكثر."   من تمام توكلك على الله في الخطوة التي استخرته بها، أن ترضى بنتيجتها اللاحقة مهما كانت، ومهما بدا لك أنها كانت شرا عليك ...  فأنت تقول في منتصف دعاء الاستخارة: "فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب" ...  وهذا ليس اعترافا فقط، ولكن شرطا تقدمه أنت في صفقة الاستخارة هذه.  استعنت به في أمرك، إذا سلّم له بما يقضي لك!     إياك والفراغ، وأن تألف الرّاحة، فتترك الميدان لغيرك خوفًا وضَعفًا،  إياك والبحث عن سفاسف الأمور في ظلِّ مرحلةٍ أنت أحوج ما يمكن لأن تُصقَلَ جيدًا،  وتَثبُتَ كشجرةٍ لا تموت، وانتبه أن تُضِع نَفسك!  ستمُرّ عليك أيّامٌ عجاف، ستُحبس بعض أفكارك، سيذبل فيكَ غرسًا أحببته، سينبت مجددًا إن قُمت،  ليس وقت الحَزَن، ولا الضعف، ولا الخضوع، ولا التفاهة والفراغ..  بل هذا زمن إعداد وإمداد، كن بخير ما استطعت!  
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182639
    • إجمالي المشاركات
      2536509
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93297
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

< إنّ من أجمل ما تُهدى إليه القلوب في زمن الفتن أن تُذكَّر بالله، وأن تُعادَ إلى أصلها الطاهر الذي خُلِقت لأجله. فالروح لا تستقيم بالغفلة، ولا تسعد بالبعد، ولا تُشفى إلا بالقرب من الله؛ قريبٌ يُجيب، ويعلم، ويرى، ويرحم

×