اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57224
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180506
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8234
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32130
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4160
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      52990
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97008
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31793
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15478
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31145
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  9. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41314
      مشاركات
    2. 33909
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13116
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (36918 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • عندما بُعث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لم يكن أحد في جزيرة العرب يعلم شيئاً عن أسرار الجبال أو تكوينها أو هندسة بنائها .. ولكن هذا النبي الأمي عليه السلام قد أنبأ عن الكثير من أسرار الجبال من خلال القرآن الكريم. هذه الأسرار لم تكن معلومة أبداً، وبخاصة الحديث عن ألوان الجبال! فالجبال المعروفة في الجزيرة العربية لم تتصف باللون الأحمر مثلاً، ولم يكن في بلاد الشام (التي رآها النبي) أي جبال ملونة، بل كانت جبالاً صخرية أو كثباناً رملية، ولم يكن لدى أحد فكرة عن الجبال الملونة. ولكن وفي العصر الحديث تم اكتشاف نوع جديد من أنواع الجبال يقع في الشمال والجنوب الغربي والجنوب الشرقي للصين. تتميز هذه الجبال بألوانها الحمراء والبيضاء وألوان أخرى وتتميز بنتوءاتها الحادة وتدعى Danxia landform وهي أنواع فريدة من الجبال تتميز بها هذه المناطق. وتتكون هذه الجبال من رمال حمراء وحجارة كلسية تعكس اللون الأبيض، وتتجلى فيها تشكيلة من الألوان المختلفة والمتفاوتة والتي تجعل من هذه الجبال لوحة فنية رائعة تتجلى فيها قدرة الصانع عز وجل. يقول العلماء إن الدراسات الأولى على هذه الجبال أجريت في بدايات القرن العشرين ومنتصفه، حيث وجد أن هذه الجبال تشكلت قبل 80 مليون عام بطريقة خاصة ميزتها بالانحدارات الشديدة ذات اللون الأحمر. كما تشكلت أشكال أخرى ذات ألوان مختلفة كاللون الأخضر والأسود والأصفر... إن أهم ما يميز هذه الجبال أننا نظن أحداً رسم هذه الألوان والطرق المتموجة.. وقبل أن نكتشف إعجاز القرآن في الإشارة إلى هذه الجبال، دعونا الآن نتأمل بعض هذه المناظر لسلاسل جبال من غرب وجنوب الصين.. هذه اللوحات التي تدعو المؤمن لتسبيح الخالق تبارك وتعالى:    
        هنا تظهر الغرابيب السود أي الأجزاء شديدة السواد وتظهر الجدد البيض أي الطرق المتموجة ذات اللون الأبيض وتظهر الأجزاء الحمراء وهي الجدد الحمر.. قال تعالى: (وَمِنَ ‏الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ) سبحان الله، تصوير رائع للآية الكريمة.


      تأملوا الطرق المتعرجة مختلفة الألوان.. ليست من صنع بشر بل من صنع رب البشر جل جلاله!


      وهنا أيضاً تظهر في هذه الجبال ما يشبه الطرائق المتعرجة الملونة.. سبحان الله!


      هنا تتجلى الطرائق الملونة والتي سماها القرآن بالجُدُد .. سبحان الله!


      لاحظوا معي كيف تسير هذه الخطوط التي تشبه الطرق الملونة وكأن أحداً رسمها، إنها قدرة الله تعالى! والآن دعونا نذهب إلى كتاب الله ونتساءل: هل يمكن أن نجد حديثاً أو إشارة إلى هذا النوع من أنواع الجبال الملونة بالأحمر والأبيض والأسود وألوان أخرى مختلفة؟ دعونا نتأمل هذه الآية الكريمة:  (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ ‏الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ ‏وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ ‏عَزِيزٌ غَفُورٌ) [فاطر: 27-28]. من عجائب هذه الآية الكريمة أنها تصف هذا النوع من الجبال من حيث الشكل واللون، فهذه الجبال لها أشكال متموجة تشبه الطرق الملونة.. وتتميز بمنحنيات ومنحدرات كبيرة.. وهو ما عبر عنه القرآن بقوله تعالى (جُدَدٌ) والجدُد هي الطرائق التي تخالف لون الجبل، والغرابيب: شديدة السواد (القرطبي).. وفي قاموس المعاني: (جُدَدٌ) مفرد جُدَّة وجَدِيد: وهي العلامات والخطوط الظاهرة. وبالفعل لو نظرنا إلى هذه الجبال من بعيد لرأينا طرقاً ملونة بألوان مختلفة وخطوطاً رائعة وظاهرة من بعيد، حتى يظن من لا يعرفها أن أحداً قد شق هذه الطرق داخل الجبال ولونها بشكل اصطناعي، مع العلم أن هذه الطرق ملونة طبيعياً ومن صنع الخالق تبارك وتعالى! ويبقى السؤال: ألا تصور لنا هذه الآية بدقة ما رأيناه من جبال ملونة؟ وكيف علم حبيبنا صلى الله عليه وسلم بمثل هذه الطرق المتعرجة الملونة على هذه الجبال؟ وهل ذهب إلى الصين ورأى هذه اللوحات الرائعة؟؟ إن هذه الآية لتشهد على أن هذا القرآن هو كلام الله تعالى..                                             ــــــــــــ                                    بقلم عبد الدائم الكحيل      
    • أسعدك الله ياغالية وجعلنا دوما هنا صحبة طيبة تلتقي في الخير  سبحان الله اجتمعنا كفتيات شابات وها نحن متزوجات ونرى فلذات أكبادنا أمامنا يكبرون بفضل الله .. نسأل الله أن لا يحرمنا من تواجدنا الجميل في هذا المكان الحبيب إلى قلوبنا ..
    • (وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ* ١٩وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ *٢٠وَلاَ ٱلظِّلُّ وَلاَ ٱلْحَرُورُ *٢١وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ* ٢٢)-فاطر حقائق يقررها الحق سبحانه، فالمتناقضان لا يستويان، لأن الأعمى لا يعرف مواقع الأشياء من حركته، والبصير يعرف مواقع الأشياء من حركته، البصير يرى مواقع الأشياء ويتفادى الأخطار، أما الأعمى فلا بُدَّ له من مرافق يتطوع بصداقة عينه السليمة للعين الغائبة، لذلك نقول: إنْ أعطى الأعمى للعمى حقه صار مبصراً، كيف؟ لأنه لا يتكبر أن يستعين بالمبصر، فحين ينادي على مَنْ يأخذ بيده تتسابق إليه كل العيون من حوله لتساعده، أما إنْ تعالى فسرعان ما (يندب) على وجهه.
        والعمى والبصر حِسِّيات توضح المعنوي، فالمراد لا يستوي الجاهل والعالم؛ لأن حركة الحياة تنقسم إلى حركة مادية: تأتي وتذهب، تزرع وتقلع .. إلخ وحركة قيمية معنوية، وهي الروحانيات والأخلاقيات العالية، مثل معاني: الإيمان، الصدق، الوفاء، العدل، الرحمة .. إلخ.
      وإذا كانت الحركة المادية الحسية تحتاج إلى نور حسيٍّ يهديك حتى لا تصطدم بما هو أقوى منك فيحطمك، أو بما هو أضعف منك فتحطمه، فكذلك الحركة القيمية المعنوية الروحية تحتاج إلى نور معنوي يهدي خُطَاك كي لا تضلّ، هذا النور المعنوي هو المنهج الذي قال الله فيه: { { قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ* يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [المائدة: 15-16].
      فالشمس هي النور الحسي، والقرآن هو النور المعنوي؛ لذلك قلنا في قوله تعالى: { { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [النور: 35] أي: مُنوِّرهما بالنُّوريْن.
        الحق سبحانه سبق أنْ ذكر لنا التقابل بين الماءيْنِ العذب والمالح، فقال سبحانه: { { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } [فاطر: 12] نعم، لا يستويان، لكن العلاقة بينهما علاقة تقابل كالليل والنهار، لا علاقة تضادٍّ كالأعمى والبصير، بدليل أن الله جمعهما معاً، فقال: { { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } [فاطر: 12] فإن اختلف المتقابلان، فلكل منهما مهمة يؤديها، فهما متساندان لا متعاندان.
        وبعد أن ذكر الحق سبحانه عدم استواء الأعمى والبصير يقول: { وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ } [فاطر: 20]، لأن النور هو مصدر الإبصار فالمبصر لا يرى شيئاً في الظلمة.
      هذا في العمى والبصر الحسي، أما القيم والمعنويات فلها مقياس آخر؛ لذلك يقول تعالى: { { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } [الحج: 46]، فقد يكون الرجل مبصراً وهو أعمى بصيرة. والأعمى في المعنويات هو الذي يجهل الحكم الذي يهديه إلى منطقة الحق في كل القيم، والبصير هو العالم بهذه الأحكام.
        وحين تتأمل أسلوب هاتين الآيتين. تجد فيهما ملمحاً من ملامح الإعجاز في كلام الله، فالأولى { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } [فاطر: 19] قرنت بين الاثنين باستخدام واو العطف، أما الأخرى { وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ } [فاطر: 20] فذكرت (لا) النافية الدالة على توكيد عدم الاستواء، فلم يَقُل الحق سبحانه كما في الأولى: ولا الظلمات والنور، لماذا؟
      قالوا: لأن العمى والبصر صفتان قد تجتمعان في الشخص الواحد، فقد يكون أعمى اليوم ويبصر غداً، قد يكون جاهلاً ويتعلم، أو كافراً ويؤمن، فيطرأ عليه الوصفان؛ لذلك لم يؤكد معنى عدم الاستواء، أما الظلمات والنور فهما متقابلان لا يجتمعان.
      كما تلاحظ في دقة الأداء القرآني؛ لأن الحق سبحانه هو المتكلم، فقال: { وَلاَ ٱلظُّلُمَاتُ وَلاَ ٱلنُّورُ } [فاطر: 20] فالظلمات جمع والنور مفرد؛ لأن مذاهب الضلال شتى، فهذا يعبد النجوم، وهذا يعبد الأصنام، وهذا يعبد الملائكة .. الخ. أما النور فواحد، هو منهج الله المنزل في كتابه.
      لذلك لما أراد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعلِّم أصحابه هذا الدرس خَطَّ لهم خطاً مستقيماً، ومن حوله خطوط متعرجة، ثم تلا: { { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } [الأنعام: 153].
        ثم يقول سبحانه: { وَلاَ ٱلظِّلُّ وَلاَ ٱلْحَرُورُ } [فاطر: 21] وهما أيضاً متقابلان لا يجتمعان، كذلك { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَحْيَآءُ وَلاَ ٱلأَمْوَاتُ } [فاطر: 22] وتلاحظ هنا أن الحق سبحانه أعاد ذكر الفعل المنفي { وَمَا يَسْتَوِي } [فاطر: 22] لتأكيد عدم الاستواء بين الحي والميت.
      وكذلك ذكر (لا) النافية الدالة على التوكيد؛ لأن كلمة الأحياء تعني المؤمنين الإيمانَ الحق، الذين يستحقون حياة أبدية باقية تتصل بحياتهم الدنيوية الفانية، أما الأموات فهم الكفار الذين تأبَّوْا على منهج الله. أو: أن الأحياء هم الذين عرفوا أن الحياة الحقة هي العيش بمنهج ربهم الذي يؤدي بهم إلى الحياة الحقيقية الباقية التي قال الله عنها: { { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } [العنكبوت: 64].
        وهذه هي الحياة المرادة في قوله تعالى: { { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ } [الأنفال: 24] كيف وهو يخاطبهم وهم أحياء بالفعل؟ إذن: المعنى يُحييكم الحياة الحقيقية التي لا تنتهي بموت، ولا تُسلب منها نعمة.
      ومن ذلك أيضاً قوله سبحانه: { { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا .. } [الأنعام: 122].
        ومن المعاني التى نفهمها من عدم استواء الأحياء والأموات أن الحيَّ خلقه الله وأمدَّه بأجهزة نفسية: عقلاً، وأعصاباً، وعضلات، وسمعاً وبصراً.. الخ وهذه الأعضاء لها قيمة، ولها مهمة، وعليه أنْ يستخدم هذه النعم استخداماً يجعلها وسائل لِنِعَم أخرى، ثم ليعلم أنه في رحلة حياته لا بُدَّ أنه سيموت، لكن ربه عز وجل أبهم له أجله ليكون ذلك عَيْن البيان، وليظل على ذِكْر له طوال الوقت وينتظره في كل لحظة، فعمرك محسوب بعدٍّ تنازلي، وسهم الموت أُطلِق في اتجاهك بالفعل، وعمرك بقدر وصوله إليك.
        بعد أن تكلم الحق سبحانه عن الحال في التكليفات فقال: لا يستوي الأعمى الجاهل بأصول دينه والبصير العالم بها، ولا يستوي نور الإيمان والهداية مع ظلمات الضلال، يتكلم سبحانه عن المآل، فيقول: { وَلاَ ٱلظِّلُّ وَلاَ ٱلْحَرُورُ } [فاطر: 21] الظل كناية عن نعيم الجنة، وفي موضع آخر قال: { { ظِـلاًّ ظَلِيلاً } [النساء: 57] والحَرُور كناية عن العذاب وشدة حَرِّه.
        ثم يقول سبحانه مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم ومُسلِّياً له: { إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ } [فاطر: 22] النبي صلى الله عليه وسلم جاء على كفر وجهالة من قومه، فكانت دعوته أنْ يخرجهم من العمى والجهالة إلى ما ينير بصائرهم ويُخرِجهم من ظلمات الضلال إلى نور الإيمان.
      وقد كان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على هداية قومه يكاد يُهلك نفسه في سبيل دعوته؛ لذلك خاطبه ربه بقوله: { { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } [الكهف: 6].
      كذلك هنا يخاطبه بقوله: { إِنَّ ٱللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ } [فاطر: 22] أي سماع هداية إقبال، وإلا فَهُمْ جميعاً يسمعون، لكن هناك سماعُ إعراضٍ وسماعُ إقبال، منهم مَنْ يقبل ويؤمن ويتأثر بكلام الله، ومنهم مَنْ يسمع ثم يُعرض وينصرف عما سمع؛ لذلك قال الله فيهم: { { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } [الأنفال: 23].
        إذن: يا محمد، لقد أديتَ ما عليك نحوهم، وخاطبتَهم خطابَ هداية، وخطابَ تهديد ووعيد، فلم يسمعوا { وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي ٱلْقُبُورِ } [فاطر: 22] فجعلهم الله لعدم سماعهم كالأموات، وإلا "فرسول الله خاطب أهل قليب بدر من الكفار حين وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: يا عتبة بن ربيعة، يا شبيبة بن ربيعة، يا أبا جهل أليس وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً، فإنَّا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً.
      فقال عمر: أتكلمهم وقد جَيَّفوا؟ قال صلى الله عليه وسلم: والله، ما أنتم بأسمعَ منهم، ولكنهم لا يتكلمون" .
      فالمعنى: ما أنت بمسمع السماع المؤدي إلى الهداية، كما أنك لا تُسمع مَنْ في القبور؛ لأن زمن السماع وقبول الهداية انتهى بالموت.   التفاسير العظيمة  
    • {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء : 88] لكل من أصابه همٌّ أو غم أو ضائقة أن ينادي ربه: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، ففي سنن الترمذي قال عليه الصلاة والسلام: ((دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لاَ إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ))، ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاس رضي الله عنهما: "ذَهَبَ بِهِ الْحُوتُ فِي الْبِحَارِ يَشُقُّهَا حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى قَرَارِ الْبَحْرِ، فَسَمِعَ يُونُسُ تَسْبِيحَ الْحَصَى فِي قَرَارِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ وَهُنَالِكَ نادى ربه فِي الظُّلُماتِ: ظُلْمَةُ الْحُوتِ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ، ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، فاعترف بذنبه، وسبح ربه، فرحمه ربُه فَأَمَرَ الْحُوتَ فَطَرَحَهُ بالعرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ، كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ، فلطف به وَأَنْبَتَ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ، وهي الدُّباء فَكَانَ يَسْتَظِلُ بِهَا وَيُصِيبُ مِنْهَا حتى شابت إليه نفسه، فمضى إلى قومه: ﴿ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [الصافات: 147، 148].   {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء : 88]

      في الآية الكريمة بشرى ووعد من الله لكل مؤمن أن ادع ربك في ظلمات كربك بدعاء يونس عليه السلام وسينجيك.
      أعزائي :
        إلى من أثقله الهم والغم ، لاتغفل عن قول {... لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} قال الله تعالى بعدها {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} تأمل ياعزيزي كلمة (كذلك) ليست خاصة بالأنبياء بل هي لك أيضا أيها المؤمن ، ولو كنت في كرب عظيم كبطن الحوت الخانق ، فهل بعد هذه الآية من بشاره؟!.. طهر قلبك وتقرب إلى الله .

      الإيمان بالله سبيل النجاة في الدنيا والآخرة ، ودعوة المؤمن لن يردها الله خائبة . يوما ما ستزف لك الأمنيات من كل حدب وصوب ، أمنيات أرسلتها نحو السماء ونسيتها لكن الكريم لم ينسها.
        الكرب الذي أنت فيه لن ينجيك منه أحد!! فلا أقرب لك من الله ليمسح همك كله . أيها الغارق في بحر الغم ، لاتدع لسانك يفتر عن ترديد دعاء النبي يونس عليه السلام فلن يطول بك هم وقلبك عامر بالإيمان ، ولن ينتصر عليك الحزن إن وقر بقلبك حسن الظن بالله .
    • (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ)١٨ -فاطر   { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ } [فاطر: 18] لا تحمل نفس آثمة { وِزْرَ أُخْرَىٰ } [فاطر: 18] حِمْل نفس أخرى؛ لأنها هي الأخرى مُثْقَلة بحِمْلها، والوزر هو الحِمْل الثقيل الذي لا يطيقه الظهر، ومنه قوله تعالى في مسألة الوحي: { { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } [الشرح: 2-3] يعني: أتعبك نتيجة التقاء الملائكية بالبشرية.
        لذلك "كان صلى الله عليه وسلم يتفصَّد جبينه عرقاً من لقاء جبريل، وهو الذي قال مُصوِّراً هذا اللقاء: ضمَّني حتى بلغ مني الجهد وعاد إلى أهله يقول: زملوني زملوني، دثروني دثروني" . ومع هذا كله لما فتر الوحي اشتاق إليه وتمناه أنْ يجيء، لأنه ذاق حلاوته، وحلاوة الشيء تُنسيك ما تلاقيه من المتاعب في سبيله.
        والمعنى: لا تحمل وزر وذنب نفس أخرى مُثْقَلة بالذنوب والآثام، وقد شرح الحق لنا هذا المعنى فى قوله سبحانه: { { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 34-37] فكلٌّ مشغول بنفسه، مُرْتهَنٌ بعمله، لا وقت للمجاملة؛ لذلك يقول الوالد لولده: يا بني حِمْلي ثقيل عليَّ، فخُذْ عني شيئاً منه. فيقول الولد: حسبي حِمْلي يا أبي.
        كذلك هنا { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا } [فاطر: 18] أي: نفسي مُثْقَلة بالآثام تطلب مَنْ يحمل عنها شيئاً من ذنوبها ولكن هيهات { لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } [فاطر: 18] أي: لو كان هذا النداء لأقرب الناس إليها ما أجاب وما حمل عنها، وكيف تحمل نفسٌ وِزْر نفس أخرى، وهي مشغولة بحِمْلها مثقلة به؟
        لذلك يُكذِّب الحق سبحانه قَوْل الذين كفروا حين يتعرَّضون لحمل خطايا أتباعهم، فيقول سبحانه: { { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبِعُواْ سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [العنكبوت: 12-13].
      إذن: هذه مسألة واضحة، فكلٌّ مشغول بنفسه { { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } [المدثر: 38].
        فالإنسان في الدنيا مرتبط إما بقرابة لها حقوق عليه، وإما بإخوان وأصدقاء، وإما بمنقذ يستنجد به، وإنْ لم يكن قريباً ولا صديقاً، لكن يوم القيامة ستنحلُّ كل هذه العُرَى؛ لأن الموقف لا يحتمل المجاملات ولا التضحيات.
        لذلك لما سمعتْ السيدة عائشة رضي الله عنها سيدنا رسول الله وهو يُحدِّثهم عن القيامة، ويذكر أن الشمس تدنو من الرؤوس والخَلْق يقفون عرايا، استاءتْ وسألت رسول الله: كيف يقف الناس عرايا ينظر بعضهم إلى عورة بعض؟ فأجابها رسول الله أن كل امرئ مشغول بنفسه، وأن الأمر أعظم من أنْ ينظر أحد لعورة أحد في هذا الموقف.
        ثم يقول سبحانه مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم: { إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ } [فاطر: 18] يعني: إنذارك يا محمد وتحذيرك لا ينفع إلا الذين يخشون ربهم بالغيب، أما الآخرون فقد ظلموا أنفسهم حين حرموها الخير الكثير الذي أراده الله لهم، ظلموها حين غرَّتهم الدنيا بنعيمها الفاني، وشغلتهم عن نعيم الآخرة الباقي الدائم.
      والإنذار: التخويف من شَرٍّ قبل أوانه لتتوقَّاه، والفرصة سانحة قبل أنْ يداهمك، فأنت مثلاً حين تريد أن تحثَّ ولدك على المذاكرة وتحذره من الإهمال الذي يؤدي إلى الفشل لا تقول له هذا ليلة الامتحان، إنما قبله بوقت كافٍ ليتدارك أمره، ويصحح ما عنده من قصور أو إهمال.
      والإنذار والتخويف لا يُجدي إلا مع مَنْ يؤمن بما تخوِّفه به، فحين ينذر رسول الله بعذاب الآخرة لا ينتفع بهذا الإنذار إلا مَنْ يؤمن بالله ويؤمن بالقيامة.
          ومعنى { يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } [فاطر: 18] الخشية هي الخوف، لكن بحب وتوقير، لا خوف بكراهية، فأنت تخاف مثلاً من بطش جبار ظالم. لكن تخافه وأنت كاره له، إنما خَوْفك من الله خَوْف ناتج عن حب وتوقير، لذلك يصحب هذا الخوف رجاء وطمع في رحمته تعالى، فأنت تسير في رحلة حياتك بجناحين: خوف من العذاب، ورجاء في الرحمة.
      والإنسان ينبغي ألاَّ ينظر إلى الفعل في ذاته، بل ينظر إلى الفعل وإلى قابل، فقد يكون الفعل واحداً لكن يختلف مستقبل الفعل، فالقرآن مثلاً سمعه قوم عند رسول الله، فحكى الله عنهم: { { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً .. } [محمد: 16].
      في حين سمعه آخر فقال: والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعْلَى عليه.
      وسمعه عمر فَلاَنَ قلبه ورَقَّ فأسلم، فالقرآن واحد، لكن فَرْق بين مَنْ يسمعه وهو له كاره، فيغلق عليه وبين مَنْ يستقبله بقلب وَاعٍ مفتوح لإشراقات القرآن وتجلياته.
        ألاَ ترى أن الحديد يستجيب لك حين تطرقه وهو ساخن، فيصير كالعجينة في يدك، أما إنْ طرقْته وهو بارد فإنه لا يتفاعل معك، كذلك قلنا مثلاً: إنك في اليوم البارد تنفخ في يدك لتشعر بالدفء، وتنفخ أيضاً في كوب الشاي مثلاً لتبرده، فكيف تجتمع هذه المتضادات لفعل واحد؟ نقول: لأن الفاعل وإنْ كان واحداً إلا أن المستقبل للفعل مختلف.
        كذلك إنذاره صلى الله عليه وسلم إنذار واحد، لكن استقبله قوم بخضوع ورغبة في الهداية فآمنوا، واستقبله قوم بعناد وإصرار فلم يستفيدوا منه ولم ينتفعوا بثمرته.
        وقوله { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ } [فاطر: 18] دلتْ على أن الإيمان اكتمل في نفوس هؤلاء اكتمالاً يستوي فيه مشهد الحكم بغيبه. ومن ذلك قول الإمام على رضي الله عنه: لو انكشف عني الحجاب ما ازددتُ يقيناً.
        "ولما سأل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر: كيف أصبحتَ يا أبا ذر؟ قال: أصبحت مؤمناً حقاً، قال: فإن لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ قال: عزفَتْ نفسي عن الدنيا، حتى استوى عندي ذهبها ومدرها، وكأنِّي أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يُنعَّمون، وإلى أهل النار في النار يُعذَّبون، فقال له رسول الله: عرفتَ فالزم" .     ثم يذكر الحق سبحانه صفة أخرى للذين استجابوا لإنذار رسول الله وانتفعوا به: { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } [فاطر: 18] فهم مع خشيتهم لله خشية أوصلتهم إلى إيمان يستوي فيه الغيب بالمشاهدة، هم أيضاً يقيمون الصلاة أي: يؤدونها على أكمل وجه، والصلاة كما ذكرنا هي العبادة الوحيدة التي لا تسقط عن المكلَّف بِحال، فقد يطرأ عليك ما يُسقِط الزكاة أو ما يُسقط الصيام أو الحج فلم تَبْقَ إلا شهادة ألاَّ إله إلا الله محمد رسول الله. وهذه يكفي أنْ تقولها ولو مرة واحدة.
      أما الصلاة فهي العبادة الوحيدة الملازمة للمسلم؛ لأن الصلاة في حقيقتها استدامة الولاء لله تعالى، فَرَبُّك يدعوك إلى لقائه خمس مرات في اليوم والليلة يناديك لتعرض الصنعة على صانعها، وما بالك بصنعة تُعرض على صانعها خمس مرات في اليوم والليلة؟ أيكون بها عَطَب بعد ذلك؟
        أما إذا أردتَ مقابلة عظيم من عظماء الدنيا فَدُونه أبواب وحُرَّاس ومواعيد وإجراءات صارمة، ولا تملك أنت من عناصر هذا اللقاء شيئاً، بل يحدد لك الموعد والموضوع وحتى ما تقوله، إنك تستأذن في أوله ولا تملك الانصراف في آخره.
      أما لقاؤك بربك فخلاف ذلك، ففي يدك أنت كل عناصر اللقاء، فأنت تبدؤه متى تحب، وتنهيه كما تحب، وتناجي ربك فيه بما تريد، تبثُّه شكواك، وتعرض عليه حاجتك، فيسمع ويجيب.
            وبعد أنْ ذكر الحق سبحانه هذه العبارة الدائمة يقرر هذه الحقيقة { وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ } [فاطر: 18] يعني: عبادتك عائدة إليك أنت لا ينتفع الله تعالى منها بشيء، فهو سبحانه لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين.
      فهو سبحانه غني عَنَّا، ونحن بعبادتنا لله لم نزده سبحانه صفة كمال لم تكن له؛ لأنه بصفة الكمال أوجدنا وبصفة الكمال كلَّفنا. لذلك جاء في الحديث القدسي: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسَكم وجِنَّكم، وشاهدكم وغائبكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في مُلكي شيئاً، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجِنَّكم وشاهدكم وغائبكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من مُلكي شيئاً، ذلك أنِّي جَوَاد ماجد واجد، عطائي كلام، وعذابي كلام، إنما أمري لشيء إذا أردته أنْ أقول له كن فيكون" .
      إذن: نحن صَنْعة الله، وما رأينا صانعاً يعمد إلى صَنْعته فيحطمها أو يعيبها، إنما يصلحها ويُهذِّبها ويعتني بها، حتى إنْ أصابك عطب أو إيلام فاعلم أنه في النهاية لصالحك.
      { وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } [فاطر: 18] يعني: المرجع والمنقلب يوم القيامة ليفصل بين الخصوم، ولينال كل ما يستحق، فمَنْ أفلت من العقاب في الدنيا فهناك مصير سيرجع إليه.     التفاسير العظيمة    
  • أكثر العضوات تفاعلاً

  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      181916
    • إجمالي المشاركات
      2535134
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93123
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    شرين حاتم
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×