اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57898
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180613
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259973
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8295
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30261
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53062
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97011
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32205
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34855
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38201 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • الحديث5: «من أحدث في أمرنا هذا...»

       
      عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو ردٌّ» رواه البخاري، رقم: 2697. ومسلم، رقم: 1718 وفي رواية: «من عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ». رواه مسلم، رقم: 1718.

      عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، ومعدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعد الدين.

      عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، ومعدود من أصول الإسلام، وقاعدة من قواعد الدين.

      وكما أن حديث: «إنما الأعمال بالنيَّات» ميزان للأعمال في باطنها، فهذا الحديث ميزان للأعمال في ظاهرها، وهو يفيد إجمالًا ردَّ كل البدع والمخترعات التي لا أصل لها في الدين، ومعنى الحديث: أن من اخترع وأنشأ في دين الله وشرعه ما ينافيه ويناقضه؛ وذلك بأن اتَّبَع هواه، فعمله هذا باطل ومردود عليه؛ ولذلك ينبغي حفظ الحديث، واستعماله في الاستدلال لإبطال المنكرات.


      فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟


      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:

      1- الإحداث في الدين أسوأ من المعصية؛ لماذا؟ لأن المعصية يُتاب منها، فالعاصي يعلم أنه مخالف لرب العالمين، ولا تزال نفسه تلومه بتوفيق من الله حتى يتوب؛ كشارب الخمر، فإنه يعلم من نفسه يقينًا أنه مخالف لله، وقد يتوب يومًا، بخلاف المبتدع الذي يرى أنه متعبد لله فيزداد حبه لبدعته؛ بل أكثر من ذلك فإنه يدعو إليها راغبًا في الأجر، فتبقى مستديمةً، كمن يطوف حول القبر أو يسجد له؛ ولذلك إبليس يحب البدعة أكثر من المعصية باعتبار أنها أقوى من جهة الاستدامة، ولا مقاومة للبدع إلا بالعلم، ومجالسة العلماء الربانيين.
       

      2- الأصل في العبادات التحريم: هذه قاعدة لعلمائنا، ومعناها أن كل عبادة لم يشرعها الله ولا رسوله يحرم على المسلم التعبد بها، وعليه قسموا البدعة إلى قسمين:

      البدعة الأصلية: وهي ما أحدث ولم يكن له أصل، فهو مردود، ومن أمثلتها: أننا نصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وشخص أراد أن يصوم من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ونطوف حول الكعبة وهناك من يختار الطواف حول قبر، نقول له: عمل لا أصل له، فهو رَدٌّ عليك، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 65، 66]، وآخر يتقرَّب إلى الله بسماع الملاهي أو الرقص أو غيرها من البدع، وأصبحت دينًا عند البعض، فهذا وأضرابه يعتبر من البدع الأصلية، قال تعالى: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21].
       

      البدعة الإضافية: إن كان أصل العبادة صحيحًا ولكن أضيف إليها ما كدرها، فالزيادة بدعة إضافية؛ مثلًا: الشيعة يزيدون في الأذان (أشهد أن عليًّا وليُّ الله) فهذا من الإحداث والبدعة؛ فإن الأذان مشروع، وفي لفظه تام، إلا أنهم أضافوا قولًا غير مأثور، فهو بدعة إضافية يُرَدُّ ما أضيف، أو من زاد ركعةً فصلَّى الظهر أو العصر أو العشاء خمسًا، فإن كان متعمدًا بطلت صلاته، وإن كان سهوًا جبرت بسجدتَي السهو بعد السلام، وكمن داوم على الصلاة في بيته، ويترك الصلاة مع الجماعة في المسجد بدون عذر، نقول: صلاته صحيحة، ولكن فاته فضل صلاة الجماعة عند من يرى عدم وجوبها، وعليه إثم ترك صلاة الجماعة عند من يرى وجوبها.

      3- الأصل في المعاملات الحل:هذه قاعدة أصَّلَها علماؤنا، ومعناها أن المعاملات بين الناس لا يدخلها التحريم ولا الابتداع، فمن قال بحرمة معاملة فعليه أن يقيم الدليل، فإذا كان العقد غير منهي عنه ولا يضاد مقصود الشارع فهو حلال؛ لأنه مما ييسِّر المعاملات بين الناس؛ كعقد البيع والزواج والإجارة وغيرها، وما يشترطه طرفا العقد من شروط، قال صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم»رواه البخاري، باب أجر السمسرة.، لكن إذا كان العقد مما نهى عنه الشرع فهو مردود؛ كمن يتزوَّج المحرمة عليه بالنسب أو الرضاع، أو من يبيع الخمر أو الخنزير أو المخدِّرات أو من يتعامل بالربا والقمار.

       
      وهناك عقود تتوقف صحتها على إذن الطرف المتضرر؛ وهي التي يحصل بها ظلم لأحد الطرفين؛ كتزويج الأب ابنته دون إذنها، أو الوصية بأكثر من الثلث، أو الزوجة التي تتصدَّق من مال زوجها بغير إذنه، فصحة العقود السابقة متوقفة على إذن صاحب الحق، وإلا فهو باطل.
       

      4- لا بدعة في المخترعات وأمور الحياة:البدعة في أصلها هي ما يضاهي الدين والشرع، ويقصد بها المبالغة في التعبد لله سبحانه، فالمخترعات وما جدَّ من جديد مما لا علاقة له بالدين وجب على المسلمين الاستفادة منها وتطويرها؛ كأنواع العلوم والخطط العسكرية والحربية والإنتاج الحربي والتقني والتكنولوجي وغيرها، فيأخذون بما جدَّ في عالم الطب ووسائل النقل والمواصلات وطرائق التعلم والتربية، وقوانين المرور وأنظمة الإدارات وغيرها مما لا ينحصر ويصعب إحصاؤه، كما يجب الحذر من أصحاب الفهم السقيم للبدعة.

      فاللهم إنا نعوذ بك من البدع ما ظهر منها وما بطن، آمين. (تتمة الدعاء).  
    • الحديث 4: ((إن أحدكم يُجمَع خَلْقُه في بطن أمه)) عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: ((إن أحدكم يُجمَع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون في ذلك علقةً مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغةً مثل ذلك، ثم يُرسَل الْمَلَكُ فينفخ فيه الروح، ويُؤمَر بأربع كلمات: بكَتْبِ رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم لَيعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها)).رواه البخاري، رقم: 8، ومسلم، رقم: 16.   عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه تعرض لأطوار ومراحل خلق الإنسان، الذي كرمه الله على سائر المخلوقات، وبيان ما يُكتَب ويُقدَّر للإنسان لحظة نفخ الملك للروح من الرزق والأجل والعمل، ثم بيَّن أن الأعمال بالخواتيم، فيُختم له بحسب عمله الصالح أو الفاسد، فما هي الفوائد التي نفيدها من هذا الحديث؟   نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- الإكثار من حمد الله على نعمة الخلق والإيجاد في أحسن صورة، بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم مراحل تكوين الجنين في بطن أمه، ففي المرحلة الأولى: يكون نطفةً؛ أي: التقاء الحيوان المنوي ببويضة المرأة أربعين يومًا، وفي المرحلة الثانية: يكون علقةً؛ أي: عبارة عن دم جامد غليظ متعلق بجدار الرحم لمدة أربعين يومًا؛ قال تعالى: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾ [العلق: 2]، وفي المرحلة الثالثة: يكون مضغةً؛ أي: بقدر قطعة من اللحم تُمضَغ لمدة أربعين يومًا، إذًا مجموع الأيام السابقة، مائة وعشرون يومًا، على رأسها يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح، وهذا ما لا نقدر على الخوض في تفاصيله؛ قال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، ثم تستكمل المراحل الأخرى؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14]، فالواجب – أيها الإخوة المؤمنون - أن نشكر الله على نعمة الخلق والإيجاد، والتصوير في أحسن صورة، ففضله وإنعامه علينا يفوق العَدَّ والحصر.   2- الإيمان بالقضاء والقدر طمأنينة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ويُؤمَر بأربع كلمات: بكَتْبِ رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد))، بعد نفخ الروح يُؤمَر الْمَلَكُ بكتب أربع كلمات: الكلمة الأولى: ما قدره الله عليه من رزق في عمره؛ فاطمئن على رزقك، واقنع بما أعطاك الله، وخذ بالأسباب المشروعة في تحصيله، ولا تَبِعْ دينك بعَرَضٍ قليل من الدنيا؛ ورحمة الله على القائل: "علمتُ أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأنَّ قلبي".   الكلمة الثانية: ما قدره الله عليه من أجل؛ أي: إنه سيعيش كذا وكذا من السنين، فالعاقل من عمَّر العُمْرَ بالطاعات والعمل الصالح، حتى إذا جاء أجله فرِح بلقاء ربه؛ ورحمة الله على القائل: "وعلمت أن الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء ربي".   الكلمة الثالثة: ما قدره الله عليه من عمل صالح أو طالح، فالله أعطى لك الحرية والإرادة فاجتهد في العمل الصالح، واترك العمل الفاسد؛ ورحمة الله على القائل: "وعلمت أن عملي لا يقوم به غيري، فشُغِلت به وحدي"، وهذا العمل سبب لِما يأتي في: الكلمة الرابعة: وهي ما قدره الله عليه من شقاوة أو سعادة؛ تبعًا لعمله الصالح أو الفاسد؛ ورحمة الله على القائل: "وعلمت أن الله مطَّلِع عليَّ فاستحييت أن يراني على معصية".   قيل لأحد الصالحين: ما سر السَّكِينة التي تعتريك؟ فقال: "قرأت: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ﴾ [يونس: 3]، فتركت أمري لصاحب الأمر، وقرأت: ﴿ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 6]، فأيقنت أن العسر زائل لا محالة، وقرأت: ﴿ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 87]، فأدركت أن خير الله قادم لا محالة".   3- الأعمال بالخواتيم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((فوالذي لا إله غيره، إن أحدكم لَيعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم لَيعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها))، نستفيد من هذا المقطع من الحديث النبوي: • أن الأعمال سبب دخول الجنة والنار؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]، وقال في أهل النار: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ﴾ [طه: 74]، والآيات في المعنى كثيرة.   • ونستفيد أن الأعمال بالخواتيم، فمن خُتِمَ له بالعمل الصالح فهو من أهل الجنة، ولو كان يعمل بعمل أهل النار؛ لأنها توبة ورحمة من الله أن هداه لذلك، وحسن الخاتمة من توفيق الله سبحانه وتعالى للعبد؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبد خيرًا استعمله، فقيل: كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفِّقه لعمل صالح قبل الموت))،رواه الترمذي، رقم: 2142. فمن عرف هذا سارع إلى التوبة من قريب؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 17، 18]، وفُسِّرت من قريب بأن يتوب إلى الله قبل الغَرْغَرَةِ، وقبل خروج الروح؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر))،رواه أحمد، رقم: 6160. وكم من رجل صالح خُتِم له بعمل صالح؛ وهو يصلي أو يقرأ القرآن أو في الحج أو وهو صائم! وبالمقابل كم من شخص قُبِضت روحه وهو في حالة سُكْرٍ أو في حادثة سير مع فتاة يجمعهما الحرام!   فاللهم اختم لنا بالعمل الصالح وتوفَّنا عليه، آمين.
    • 1) حسنُ إسلام المرء فكلما حَسُن إسلامُ العبدِ واستسلامه لله عز وجل، زاد أجرُه.   2) إذا صاحب العملَ إخلاصٌ لله سبحانه وتعالى، وإرادةُ وجهه جلَّ جلالهُ، وكان خاليًا من شوائبِ الرياء والسمعة والشهرة، وحبِّ الظهور، صافيًا مصفًّى لله وحده دون سواه.   3) العمل الصالحُ في الخفاء عن الناس ليس كالعمل أمامهم.   4) إذا عُمِلَ العملُ الصالح في أوقاتٍ خصَّها اللهُ عز وجل بفضائل في الزمان أو المكان، فالعمل الصالح في رمضان ليس كغيره، والصلاة في المسجد الحرام أيضًا ليس كالصلاة في غيره.   5) وكلما كان العملُ الصالحُ له احتياجٌ عند الناس، فبادِرْ به صاحبه ضوعِف له بالأضعاف الكثيرة، ﴿ جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴾ [النبأ: 36].   6) والعمل الصالح يضاعف كلما صاحَبَه إتقانٌ وإحسانٌ وحسنُ اتباعٍ للرسول صلى الله عيله وسلم قولًا وعملًا واعتقادًا.   7) وكلما تعدَّدت النية في العمل الواحد تكاثَر الأجر وتضاعف، فإطعام ذوي القربى صلةٌ وصدقةٌ، وصيام يوم الاثنين أيام البيض له أجران، ومثلهما زيارة الجار المريض.    وكلما صاحبَ العملَ الصالحَ مشقةٌ وعناءٌ وتكلفٌ وجُهدٌ ووقتٌ، وتفكيرٌ وبذلٌ وسخاءٌ - كان الأجر أعظمَ وأكثر ومضاعفًا، فالأجر على قدر المشقة فيما لا يُستطاعُ أداؤُه بدونها، وفيما لم يكن الأفضل فيه التخفيف شرعًا؛ كالتخفيف من ركعتي الفجر وقصر الصلاة في السفر، والأكل من الأضحية أفضلُ من التصدق بها كاملةً.   9) وقد يعملُ المؤمنُ صالحًا، فيُجاهر به أمام الناسِ محفزًا غيره عليه، أو مُعَلمًا لهم، أو مذكِّرًا لهم، فيكون له أجره وأجرُ مَن عمِل به، لا يَنقُص من أجورهم شيئًا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: (مَن دَعا إلى هُدًى، كانَ له مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا، ومَن دَعا إلى ضَلالَةٍ، كانَ عليه مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثامِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن آثامِهِمْ شيئًا)).   • فإذا اجتمعت الأسبابُ التسعةُ بعضُها أو كلُّها في عملٍ صالحٍ، فهنيئًا لصاحبها بالأجور العظيمة والمضاعفة والكثيرة من ربٍّ كريمٍ متفضلٍ شكور.
      وصلى الله على رسولنا ونبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه، وأزواجه وذريته وأتباعه أجمعين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله ربِّ العالمين د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري   شبكة الالوكة  
    • الحديث (1) إنما الأعمال بالنيات


      روى الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بِالنيَّات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرتُه إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرتُه لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكِحها فهجرته إلى ما هاجر إليه))رواه البخاري، رقم: 1، ومسلم، رقم: 45..


      عباد الله: يُعَدُّ هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قواعد الإسلام؛ ولذلك افتتح به الإمام البخاري رحمه الله كتابه (الصحيح)؛ تنبيهًا لطالب العلم على ضرورة تصحيح النية، قال أبو عبيد: "ليس في الأحاديث أجمع ولا أغنى ولا أنفع ولا أكثر فائدةً منه"،


      فما هي الفوائد التي نفيدها من هذا الحديث؟

      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:

      1- النية الصالحة أساس في قبول الأعمال؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات))؛ أي: لا صحة ولا كمال للعمل إلا بالنية التي لا تكون إلا لوجه الله تعالى، ومن ثَمَّ فلا حاجة للتلفُّظ بها؛ لأنها بينك وبين الله، فإذا أردت الصلاة، فاسأل نفسك: لمن أتوجَّه بصلاتي؟ الجواب: الله، نقول: إذًا نيتك صالحة، الأمر نفسه يُقال عن وضوئك وصيامك، وزكاتك وحجك، وذبيحتك، وغيرها من الأعمال؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]، وهذا هو معنى الإخلاص؛ أن تبتغي بعملك وجه الله؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، فأهمية النية في تمييز المقصود بالعمل، هل هو الله وحده، أم معه غيره؟ وهذه النية هي التي يركز عليها علماء السلوك، وتدخل في مقاصد المكلَّفين.

      2- النية الصالحة وحدها لا تكفي لقبول الأعمال، بل لا بد من موافقة العمل للشريعة؛ في الأمثلة السابقة قلنا: لا بد من قصد وجه الله في العبادة كالصلاة وغيرها، لكن مثلًا شخص يقول: نيتي صادقة وأقصد بها وجه الله، ولكن أريد أن أصلي المغرب أربعًا أو أصلي الظهر جهرًا، أو أصوم شهرًا آخر غير رمضان، أو أشترط أن أعطي زكاة مالي لمن أريد – ولو لم يكن من المستحقين – أو أريد الحج بدون لباس الإحرام، ودون الحاجة للوقوف بعرفة، وغيرها من الأهواء، نقول له: عملك مردود، وإن كانت نيتك لله، ولكنه على خلاف مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمِل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ))رواه مسلم، رقم: 1718.

      وقال صلى الله عليه وسلم: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلي))رواه البخاري، رقم: 631. ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((خُذُوا عني مناسككم))رواه البيهقي في السنن الكبرى، رقم: 9524. ، فالعِبرة إذًا في قبول الأعمال الإخلاصُ، ومعرفة هل هو مشروع أو غير مشروع؟ قبل القدوم عليه؛ قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: ﴿ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7]: "أخلصه وأصوبه"، وقال: "العمل لا يُقبَل حتى يكون خالصًا صوابًا، الخالص: إذا كان لله، والصواب: إذا كان على السنة"تفسير البغوي: 8/176


      3- تتجلى أهمية النية الصالحة في أمور؛ منها:

      • تمييز المقصود بالعمل، وهذا سبق الحديث عنه.

      • تمييز العبادات عن العادات؛ شخص - مثلًا - صام عن الأكل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في رمضان بنيَّة، فهذا متلبِّس بعبادة الصيام، وآخر صام يوم الاثنين تطوعًا، وآخر نصحه الطبيب بالصوم لمرض عنده، فالأول صام فرضًا، والثاني سُنَّةً، والثالث للتطبيب والتداوي وليس للعبادة، فالذي ميَّز لنا بين هؤلاء النية، وآخر دخل المسجد وبدأ يصلي ركعتي تحية المسجد، ثم أُقيمت الصلاة فالتحق بإمامه للصلاة، فالذي يميز بين الفرض والسنة هو النية.

      • تحويل العادات والمباحات إلى عبادات وقربات، الذهاب للمدرسة عادة ألِفها أبناؤنا، والأم تشتغل في البيت، وتقوم بعجن العجين وطبخ الطعام، وغسل الملابس وغيرها من الأعمال المنزلية، والأب يستيقظ صباحًا ويذهب لعمله؛ بحثًا عن الرزق، وكل هذا وغيره مباحات وعادات نقوم بها، لكن بالنية الصالحة نصيرها عبادات وقربات نُؤجَر عليها؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: ((إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله، إلا أُجِرْتَ، حتى ما تجعل في في امرأتك))رواه البخاري، رقم: 2295.، تصوروا معي رجلًا يلاطف زوجته ويداعبها، ويضع لقمةً في فمها، له بها أجر بالنية الصالحة، والعكس صحيح.




      4- إن الجزاء بحسب النية؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((وإنما لكل امرئ ما نوى...))؛ أي: من نوى الخير أُجِرَ عليه، سواء عمله أو لم يعمله، ومن نوى الشر، فإن لم ينفذه أُجِرَ عليه، وإن نفذه عُوقِب به، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بيَّن ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنةً كاملةً، فإن هو همَّ بها فعملها، كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن همَّ بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنةً كاملةً، فإن هو همَّ بها فعملها، كتبها الله له سيئةً واحدةً))رواه البخاري، رقم: 6491

      فاللهم اجعلنا من أصحاب الحسنات، ونعوذ بك من السيئات، آمين.





      الحديث (2): حديث جبريل

      عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:«بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا»، قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله، ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: «أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره»، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال:«أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، قال: فأخبرني عن الساعة، قال:«ما المسئول عنها بأعلم من السائل» قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: «أن تلد الأمة ربَّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان»، قال: ثم انطلق فلبثت مليًّا، ثم قال لي: «يا عمر، أتدري من السائل؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال:«فإنه جبريل أتاكم يُعلِّمكم دينكم»رواه مسلم، رقم: 8.

      عباد الله، هذا الحديث يجمع أنواع العلوم والأعمال الظاهرة والباطنة فهو كالفاتحة بالنسبة للقرآن، ويشتمل على شرح الدين كله، فبين أركان الإسلام والإيمان ومعنى الإحسان وبعض أمارات الساعة الصغرى، ونحتاج إلى خطب كثيرة لشرحه، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟

      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:

      1- من سئل عما لا يعلم أن يقول: (لا أدري)؛ ومن قال: لا أدري علمه الله ما لا يدري، وهذا من التواضع، ولا ينقص من قدر العالم شيئًا، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الساعة قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل"، فهل نقص هذا من قدره صلى الله عليه وسلم؟ وإنك لتعجب من أشخاص لا علم لهم، فإذا سئلوا في أمر من أمور الدين، أو نقاش في قضية من قضاياه التي يأبى العلماء الخوض فيها، تراه سريعًا في الخوض بلا علم، لماذا تحترم كل التخصصات إلا المجال الديني أصبح مرتعًا لكل أحد؟ فالواجب أن نكل الأمور إلى أهلها، قال تعالى:﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].


      2- أن السؤال طريق من طرق التعلم:فهذا جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم في محضر الصحابة خمسة أسئلة، سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وعن أماراتها، فخرج وقد تعلَّم الصحابة، وهكذا فلنكن؛ فلا تتحرجوا من سؤال أهل العلم في أمور دينكم، لماذا نستشير الطبيب فيما يتعلق بصحتنا، وإذا أردنا أمرًا دنيويًّا نكثر فيه من سؤال أهل الخبرة قبل الإقدام عليه، فمسائل الدين أوْلَى بالاحتياط، وإنك لتعجب من شخص طوال عمره لا يتقن وضوءه ولا يعرف كيف يتيمَّم أو يصلي إلى غير ذلك من أمور الدين ولا يبحث ولا يسأل، فهذا عجز ما بعده عجز، والله عز وجل لا يتعبَّد إلا بالعلم، والسؤال طريق لاستفادة العلم كما أسلفنا.

      3- بعض آداب حضور مجالس العلم:المسلم مطالب لتعلم دينه بالحضور إلى دروس العلماء في المساجد وغيرها، لتعلم العلم ونيل فضل الجلوس معهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده"رواه مسلم، رقم: 2699، غير أنه يجب التأدُّب بآداب هذه المجالس، ومنها في هذا الحديث، أولًا: استحباب تحسين الهيئة والثياب والمحافظة على نظافته كما كانت هيئة جبريل عليه السلام عند دخوله، ثانيًا: الاقتراب من العالم وليس الجلوس بعيدًا كما يفعل البعض، يجلس بعيدًا بحيث لا يتمكن من السماع الجيد ويفوته الخير الكثير.


      4- توقيت الساعة وبعض علاماتها؛ توقيت الساعة أمر لا يعلمه إلا الله، قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾[الأعراف: 187]، فما يخبر به الدجَّالون والأفَّاكون والكذَّابون في زماننا من أن قيام الساعة سيكون في سنة كذا، اعلموا أنه كذب محض، وإن صدقناهم نكُنْ من المكذِّبين لكتاب ربنا وسنة نبينا، لكن هناك بعض العلامات التي تدل على قربها، ومنها في هذا الحديث علامتان:

      الأولى: أن تلد الأَمَةُ ربَّتَها: يعني كثرة عقوق الوالدين، ومعاملة الأبناء لوالديهم وخاصةً الأم معاملة السيد لأمته، والقصص لهذا من الواقع كثيرة تدل على صدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم.


      الثانية: أن ترى الحُفاة العُراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان: والمراد أن أسافل الناس يصيرون رؤساء، وتكثر أموالهم، ويشيدون المباني العالية مباهاةً وتفاخرًا على عباد الله، وقد شاهدنا هذا في العصر الحاضر بوضوح.

      5- أن الملائكة تتشكل في صورة بشر؛فهذا جبريل عليه السلام وهو ملك الوحي جاء في صفة رجل، وتمثل لمريم عليها السلام في صورة بشر، قال تعالى: ﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾[مريم: 17]، وجاءت الملائكة لإبراهيم عليه السلام في صورة بشر ولم يعرفهم حتى أخبروه، وجاءت لوطًا عليه السلام في صورة شباب حسان الوجوه، وهذا من الغيب والأخبار التي يجب علينا الإيمان بها، دون الخوض في التفاصيل؛ لأن الله لم يتعبَّدنا بها، فلنجتهد إخواني في تعلُّم كتاب ربنا وسنة نبينا عسى أن نكون من المفلحين.

      فاللهم عَلِّمنا ما ينفعنا وزدنا علمًا، آمين. (تتمة الدعاء).




      الحديث3: بني الإسلام على خمس

      عن ابن عمر، رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان))رواه البخاري، رقم: 8، ومسلم، رقم: 16.

      عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه تعرَّض لبيان أسس وقواعد الإسلام، التي عليها بُنِيَ، والتي بها يكون العبد مسلمًا؛ وهي الشهادتان، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان، ولم يذكر بقية الأركان؛ لأن الإيمان بالله ورسوله مستلزم لجميع المعتقدات والعبادات، كما لم يذكر الجهاد وهو فريضة عظيمة؛ لأنه فرض كفاية، ولا يتعين على الجميع إلا في بعض الحالات، ومضمون هذا الحديث سبق الإشارة إليه في حديث جبريل في الخطبة الماضية، وكرر هنا لتأكيد معناه، فيجب الاعتناء به وحفظه ونشره بين المسلمين.

      فما الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟

      نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:

      1- ضرب الأمثلة المحسوسة طريقة نبوية في التعليم، النبي صلى الله عليه وسلم شبَّه الإسلام بالبناء الذي نسكن فيه ونتقي به الحر والبرد، وأن هذه الدار بها خمسة أعمدة عليها تقوم، فلو انهدم عمود منها، انهدم البناء، أو يوشك على الانهيار، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يقرب إلينا الفهم على أن هناك من أركان الإسلام من إذا تهدَّم، تهدم البنيان أو ضعُف، ومرد ذلك إلى الدليل، أرأيتم كيف قرب إلينا الرسول صلى الله عليه وسلم الفَهم بالمثال المحسوس؟ فما أحوج المعلمين والأساتذة والآباء إلى استثمار الأمثلة المحسوسة لتقريب الفهم إلى أبنائهم ومتعلميهم!

      2- الشهادتان أعظم أركان الإسلام وعنوان التوحيد، ومعنى (شهادة أن لا إله إلا الله) عبادته وحده، والبراءة من عبادة كل ما سواه، ومعنى (وأن محمدًا رسول الله) الشهادة بأنه نبي مرسل من عند الله، تجِب محبته وطاعته، وتصديقه في كل ما أخبر به، والشهادتان متلازمتان، فلا تصح الأولى إلا بالثانية، ولا تصح الثانية إلا بالأولى، وبها يدخل الإنسان في الإسلام، ويُعصَم دمه وماله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا: لا إله إلا الله، عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله؛ ثم قرأ: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [الغاشية: 21، 22]))رواه مسلم، رقم: 21.، وبها الدخول إلى الجنة، والنجاة من النار؛ فاحرصوا عليها -عباد الله - وجدِّدوها دائمًا؛ تصديقًا بالقلب، ونطقًا باللسان، وعملًا بالجوارح.


      3- الصلاة أعظم ركن بعد الشهادتين، وقد دلَّتِ الأدلة على أهميتها وركنيتها، وأمر الله عز وجل بها في كتابه الكريم في مواضع عديدة، وجاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث في ذلك، والغريب أن تجد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من تَرَكَ الصلاة، ولا أقول هنا جحودًا، فهذا كافر - والعياذ بالله - ولكن تكاسلًا وغفلةً؛ فذهب جمهور العلماء ومنهم: مالك والشافعي وأبو حنيفة إلى أنه فاسق، ومن العلماء والصحابة من يكفِّره، ولكن نهمِس في أذنه قليلًا: هل تحب أن يختلف فيك العلماء بين مفسِّق ومكفِّر، فالحكمان أحلاهما مُرٌّ، اجتهِدْ ولا تتكاسل وقُمْ إلى الصلاة، تَفُزْ وتَكُنْ من المفلحين؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].

      4- الزكاة طهارة للنفس والمال: الغنيُّ الذي مَلَكَ النِّصاب، وتحققت فيه الشروط التي ذكرها الفقهاء في كتبهم، يجب عليه كل عام إحصاء أمواله، وإخراج ما يلزمه للمستحقين، وهي بركة للمال، وطهارة لنفس الغني من الشح والبخل، ولنفس الفقير من الحقد والحسد؛ قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]، كما أنها تحقق التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع، ومن بخِل بماله، فإنه سيُحمى عليه في نار جهنم؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].


      5- الحج ركن وشعيرة من شعائر الإسلام، وهو واجب بشرط الاستطاعة؛ قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97]، والاستطاعة تشمل القدرة المالية والبدنية، وأمن الطريق، ووجود الْمَحْرَم أو الرفقة المأمونة بالنسبة للمرأة، ونضيف في زماننا الفوز بقرعة الحج، فمن له رغبة وشارك في القرعة ولم يفُزْ فيها فهو معذور، والذي نستغرب له أن تجد من توفرت فيه الاستطاعة، فلا يبادر إلى الحج فورًا، رغم أنه لا عذر له، وينشغل بالدنيا والأعمال، وقد يدركه الموت بدون حج - والعياذ بالله - قال صلى الله عليه وسلم: ((تعجَّلوا إلى الحج - يعني: الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرِض له))رواه أحمد في المسند، رقم:2867.


      6- صيام رمضان ركن وخاصية من خواص هذه الأمة، وهو فرض على المسلم البالغ العاقل المقيم - أي: غير المسافر - وعلى المرأة الطاهرة من دم الحيض والنِّفاس؛ قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، فالمطلوب - عباد الله - تربية أبنائنا على الصيام والصلاة في رمضان وغيره، حتى إذا بلغوا أطاقوه، كما علينا الوقوف ضد منتهكي حرمة الصيام بالإفطار العلني، والدعوة إليه بدعوى أنهم أحرار، متناسين أنه بحريتهم المزعومة يسيئون إلى حرية ومشاعر ملايين المسلمين، الذين يتقربون إلى ربهم في رمضان بأداء هذا الركن العظيم؛ طاعةً لربهم، وتقربًا إليه.

      فاللهم اجعلنا من الصائمين، وارزقنا الحج إلى بيتك الحرام، آمين.



      عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

      شبكة الالوكة
      يتبع


       
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182495
    • إجمالي المشاركات
      2536067
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93298
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×