اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57198
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180498
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259980
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8234
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32130
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4160
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      52986
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97004
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31793
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15477
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31145
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  9. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  10. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13116
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  11. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  12. IslamWay Sisters

    1. English forums   (36853 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  13. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ○ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}
      [الشرح : ٧ - ٨] بهاتين الآيتين ختم الله تبارك وتعالى سورة الشرح.. وسورة الشرح ـ كما يقول صاحب التحرير والتنوير: "احتوت على ذكرِ عنايةِ الله تعالى برسوله بلطف الله له، وإزالةِ الغمّ والحرجِ عنه، وتيسير ما عسر عليه، وتشريفِ قدره؛ لِيُنَفِّسَ عنه؛ فمضمونُها شبيهٌ بأنه حجةٌ على مضمون سورة الضحى؛ تثبيتاً له بتذكيره سالف عنايته به، وإنارة سبيل الحق، وترفيع الدرجة؛ ليعلم أن الذي ابتدأه بنعمته ما كان لِيقطع عنه فضله، وكان ذلك بطريقة التقرير بماض يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم".

      ولكن ما المقصود بالنصب؟ وما هو الشيء الذي يتفرغ منه؟ وكيف يرغب إلى الله تعالى؟ وما الذي يمكن أن يستفيده المسلم من هذا الأمر، خصوصا ونحن مطالبون بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل أمر له هو أمر لأمته ما لم يأت مخصص يخصصه برسول الله لقد اختلف العلماء في هذا المعنى وذهبوا فيه مذاهب.. غير أنه لابد لمعرفة مقصود آخر السورة من معرفة معاني أوائلها. حيث يمتن الله تعالى في أوائل السورة على نبيه بأن شرح له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره.. لأن الاستفهام إذا دخل على النفي قرره.. أي شرحنا لك صدرك.
      ومعنى الشرح الفسح والتوسعة، وإنما خص الصدر بذلك؛ لأنه محل العلوم والإدراكات، ومحل التفكر، ومحل التعقل، ومحل القناعات، هو محل للفهم، ومحل لاستقرار المعلومات، كل ذلك يكون في الصدر، ويكون في القلب.
      وإذا ضاق الصدر ضاق الفضاء مهما اتسع، وضاقت النفس، وقل الفهم والإدراك، وقل الصبر على التحمل، والنبي صلى الله عليه وسلم في أشد الحاجة إليه لتحمل أعباء الرسالة وما يواكبها من مشاكسات ومضايقات الأعداء، وما سيواجهونه به من الأذى والافتراء والتكذيب..

      لذلك يقول ابن جرير - رحمه الله: "شرح صدره بأن جعله محلا للوحي، جعله متحملاً لأعباء الرسالة، لأعباء الدعوة، وما تتطلبه من جهود، وأعمال، ومشقات، وما يلاقيه القائم بها، المتوظف بوظيفتها من الأذى، فإنه لن يسلم بحال من الأحوال من المناوئين، من الأعداء، من الخصوم الذين لا يقر لهم قرار، ولا يهنأ لهم بال إذا ظهرت الأنوار، أنوار النبوة، والرسالة".

      فلابد إذا من شرح الصدر لئلا يضيق ذرعاً، لئلا ينقطع، لئلا يتوقف، لئلا يتراجع، لئلا يتزعزع، بل يثبت، ويرسخ في هذا الطريق قدمه حتى يكون أثبت من الجبال الراسيات.
      هذا بالإضافة إلى الشرح الحسي حينما شُق صدره، وأُخرج منه ما أُخرج من علقة تتصل بحظ الشيطان منه - عليه الصلاة والسلام - فصار الصدر محلا قابلاً لهذه الأنوار، والوحي، والهدايات، والتنزيل برفع ودفع وإزالة ما يضاده من الأمور الحسية والمعنوية.

      ومع شرح الصدر كان أيضا وضع الوزر بمغفرة الذنب، ما تقدم منه وما تأخر، فإن للذنوب ثقلا على النفس والقلب والبدن، وهذا الثقل للذنوب يمنع من العبادات، ويثقل عن الطاعات، ويوهن القلب والبدن عن المسارعة للخيرات، فيُمنع القلب عندها من الانطلاق، والسير إلى الله تبارك وتعالى فيبقى معطلاً، مشغولاً بالخبائث، مشغولاً بالمعاصي التي ترهقه، وتثقله، وتقعده عن سيره، وسفره إلى ربه، وإلى الدار الآخرة.
      ومن ثم كان تطهير القلب من ذلك من النعم ولهذا امتن الله به على نبيه، {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما}(الفتح:1، 2)، {ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك}.
      فشرح الله له صدره، وطهر له قلبه، وغفر له ذنبه، ورفع له ذكره.. كل ذلك توطأة لما سيأتي من الأمر في نهاية السورة {فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب}.. أي شكرا لله على ما أنعم به عليك، وتفضل بكل ما سبق.

      الفراغ والنصب
      وقد اختلف العلماء في المفروغ منه والمنصوب فيه، فقال بعضهم: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل.. وقال بعضهم: إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء.. وقال آخرون: إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب لعبادة ربك.. وقال قوم: إذا فرغت من أمر دنياك، فانصب في عمل آخرتك.
      وربما يكون المقصود كل هذا وغيره، فإن الآية أطلقت ولم تحدد، أي إذا فرغت من أمر كنت تعمله فانتقل إلى عمل آخر مما يعود عليك بالنفع في أمر دنياك وآخرتك، والمقصود أن يكون مشتغلاً بطاعة الله مبلغاً للرسالة، ينتقل من عبادة إلى عبادة، من طاعة إلى طاعة، من عمل صالح إلى عمل صالح، بلا توقف، بلا انتظار، فالمسلم طالما في الحياة فعليه أن يجد ويعمل دائما في شيء يعود عليك نفعه في الدنيا والدين، ولا يبقى فارغا أبدا. فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل..

      قاعدة تربوية:
      وهذه قاعدة من قواعد تربية النفس، وتوجيه علاقتها مع الله عز وجل: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ . وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح:7، 8].
      وإذا كان المسلم مطالبا بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخاطبا بما يخاطب به، فهو أيضا مطالب في حال الفراغ بالنصب.. أي إذا انتهى من طاعة أو عملٍ ما أن ينصب ويبدأ في عمل أو طاعة أخرى، وأن يرغب إلى ربه في الدعاء والعبادة، والتضرع والتبتل، لأن حياة المسلم الحق كلها لله، فليس فيها مجال لسفاسف الأمور.
      بل إن اللهو الذي تبيحه الشريعة لأصناف من الناس، أو في بعض الأوقات كالأعياد والأفراح؛ من أعظم مقاصده أن يستجم الإنسان ـ والاستجمام للجد مرة ثانيةً من الشغل النافع ـ وأن يعيش العبودية لله في جميع أحواله، فهو يعيشها في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، وفي الحضر والسفر، وفي الضحك والبكاء، ليتمثل حقاً قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].

      لا للفراغ
      إن الإسلام يكره من أبنائه أن يكونوا فارغين من أي عمل ديني أو دنيوي! وبهذا نطقت الآثار عن السلف الصالح رحمهم الله:
      جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إني أكره لأحدكم أن يكون خالياً سبهللاً لا في عمل دنيا، ولا دين".
      ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني لأمقت أن أرى الرجل فارغاً لا في عمل دنيا ولا آخرة".
      وسبب مقت ابن مسعود رضي الله عنه لهذا النوع من الناس؛ أن "قعود الرجل فارغاً من غير شغل، أو اشتغاله بما لا يعينه في دينه أو دنياه من سفه الرأي، وسخافة العقل، واستيلاء الغفلة".
      ولقد دلّ القرآن على أن هذا النوع من الناس الفارغين ـ وإن شئت فسمهم البطالين ـ ليسوا أهلاً لطاعة أو أمر مهم، بل تنبغي مجانبتهم؛ لئلا يُعدوا بطبعهم الرديء، كما قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: 28].

      الجدية وسرعة الإنجاز
      ومن هدايات هذه الآية: أنها أبلغ وأعظم حادٍ إلى العمل، والجد في استثمار الزمن قبل الندم. وأنها تربي في المؤمن سرعة إنجاز الأمور وعدم التسويف، فإن التسويف في كل أمر شين وسبة وسوء مغبة، ومن عجز عن امتلاك يومه فهو عن امتلاك غده أعجز!
      وقد نهانا الله عنه بقوله: {سابقوا} {وسارعوا}، وكذا النبي بقوله: (اغتنم خمسا قبل خمس)، (وبادروا بالأعمال سبعا)...

      وقد عقَد الخطيب البغدادي بابًا في كتابه "اقتضاء العلمِ العملَ: "باب ذم التسويف"، وقد جاء فيه:
      عن الحسن البصري رحمه الله: "إيَّاك والتسويف؛ فإنَّك بيومك ولست بغَدِك، فإنْ يكنْ لك غد، فكُنْ في غَدٍ كما كُنتَ في اليوم، وإنْ لم يكن لك غدٌ لم تندمْ على ما فرَّطت في اليوم".
      وعن قتادة بن أبي الجلد قال: قرَأتُ في بعض الكتب: إنَّ (سوف) جُندٌ من جُندِ إبليس.
      وروى ابن أبي الدنيا عن عُقْبَةُ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، إِيَّاكُمْ وَالتَّسْوِيفَ.. سَوْفَ أَفْعَلُ، سَوْفَ أَفْعَلُ".
      ولا ترج فعل الصالحات إلى غد .. .. لعل غذا يأتي وأنت فقيد
      ونختم بوصية يوسف بن أسباط لأخيه: "أي أخي، إياك وتأميرَ التسويف على نفسك، وتمكينَه من قلبك؛ فإنه محلُّ الكلال، ومَوئِل التلف، وبه تُقطَع الآمال، وفيه تنقَطِع الآجال.. وبادِرْ يا أخي فإنَّك مُبادَرٌ بك، وأسرع فإنَّك مسروعٌ بك، وجِدَّ فإنَّ الأمرَ جدٌّ".
      إلى كم تجعل التسويف دأباً .. .. أما يكفيك إنذار المشيب؟
      أمــا يكفــيك أنّك كلّ حـين .. .. تمرّ بقـبر خـلٍّ أو قريب؟
      كأنّك قــد لحقت بهـم قريباً .. .. ولا يُغنيك إفراط النحيب لى

      الكلم الطيب     {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ○ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}
      [الشرح : ٧ - ٨]
      هل تريد أن يشرح الله صدرك ويضع عنك وزرك ؟ إلزم هذه الآية فهي أبلغ وأعظم دافع إلى العمل والجد في استثمار الزمن قبل الندم .

      هل تجد فراغاً في وقتك ؟
      {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} إعمل بحزم وقوة وثبات ... الفراغ فرصة للتقرب إلى الله ، فلا عطلة للمؤمن عن طاعة الله ، بل ينتقل من طاعة إلى طاعة .. وليس أجمل من وقت تدع به أشغال الدنيا وهمومها خلف ظهرك لتخلو بين يدي ربك بالنوافل ، فمن تمسك بركن قوي ياعزيزي كيف له أن يضعف ؟!! ..

      {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} إلى ربك .. إليه سبحانه وليس إلى غيره .
      (فارغب) ماذا ترغب ؟ عندما ترغب فيما عند الله يحبك الله ، أما إذا رغبت فيما عند الناس فإنهم يبغضونك . {إنا إلى الله راغبون} كل طريق إن خطوته لله انتظر فلاحه ، وكل نية جعلتها لله انتظر بركتها . عظّم رغبتك في إجابة دعائك وقبول عباداتك ، ولا تكن ممن فرغوا وأعرضوا عن ربهم فتكون من الخاسرين .  
    • قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ٣٦-سبأ  { إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ } [سبأ: 36] يبسط: يُوسع الرزق بكرمه، ويقدر: يعني: يضيقه على مَنْ يشاء بحكمته تعالى. والرزق لازمة من لوازم الربوبية التي خَلَقَتْ، والتي استدعت الإنسان للوجود، فلا بُدَّ أن تضمن له مقومات حياته.
        لكن الرازق سبحانه لا يرزق الناس جميعاً (بمسطرة) يعني بالتساوي؛ لأن الله تعالى يريد أن تكون المجتمعات متعاونة متكافلة، ولو أن كل إنسان كان عنده ما يكفيه ما احتاج أحد إلى أحد، وما حدث في المجتمع هذا الترابط وهذا الاتصال الجماعي.
        وسبق أنْ أوضحنا أن ترابط المجتمع لا بُدَّ أنْ يكون ترابط حاجة، لا ترابط تفضّل، فلو فرضنا أننا جميعاً تخرّجنا في الجامعة، أو أخذنا الدكتوراة، فمن (يكنس) الشوارع، ومن يمسح الأحذية؟ لو جعلنا هذه الأعمال تفضّلاً من بعضنا ما قَبِلها أحد.
        وقلنا: إن الرجل المتعجرف أو المتكبر أو الباشا لو عاد إلى بيته فوجد به رائحة كريهة فسأل فقالوا: المجاري بها كذا وكذا لا شكّ أنه لن يهدأ له بال حتى تنتهي هذه المشكلة، وربما ركب سيارته، وذهب بنفسه إلى السباك ليُخلِّصه من هذه المشكلة.
      نقول في هذه الحالة: إن السباك فاضل على الباشا في هذا الوقت، لأن الله أعطاه قدرة على نفسه لا يملكها الباشا أو حامل الدكتوراة، وهذا السباك ما تحمَّل مثل هذا العمل إلا لحاجته إليه وإلا ما قَبِلَه.
      لذلك أحسن الشاعر حين قال:   النَّاس للنَّاسِ من بَدْوٍ وحَاضِرةٍ بَعْضٌ لبعْضٍ وإنْ لم يَشْعُروا خَدَمُ   وهذه الخدمة تقوم على التداول، فالحق سبحانه لم يجعل ذرية كلها خادمة، وذرية مخدومة، إنما أنت خادم في شيء ومخدوم في شيء آخر، وهكذا كلنا خادم، وكلنا مخدوم، ليعلم الإنسان أياً كان أنه ابن أغيار، وأن سيادته ليست ذاتية فيه، فإنْ كان هو الأعلى عليه أنْ يُقدر هذا العلو ويعمل له ليظل على عُلُوه، فإنْ رأى الأدنى منه فلا يحقره، بل يُقدِّر له مهمته في خدمته، وأنه سيحتاج إليه في يوم ما في عمل لا يقدر هو عليه.
        لذلك يقول تعالى: { { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ.. } [النحل: 71] كثيرون يظنون أن الرزق هو المال، إنما الرزق كلمة عامة يُراد بها كل ما ينتفع به الإنسان، والحق سبحانه فضَّل بعضنا على بعض في هذه الأشياء، لكن أيُّ بعض فضَّل؟ وأيُّ بعض فضَّل عليه؟ أنت مُفضَّل فيما لك فيه موهبة، ومفضَّل عليه فيما لا موهبةَ لك فيه، وهكذا يتكاتف المجتمع ويتكامل، ويرتبط ارتباطَ حاجة لا ارتباطَ تفضُّل.
        وتأمل قوله تعالى: { { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } [الفجر: 15] وشكراً، وكثَّر الله خيرك أنْ نسبتَ الإكرام لربك { { وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَهَانَنِ } [الفجر: 16] فيقول الحق (كَلاَّ) يعني: أنت كذاب في هذا القول؛ لأن بَسْط الرزق ليس دليلاً على التكرم، ولا تضييقه دليل إهانة. وإلا كيف يكون بَسْط الرزق دليلَ التكريم، والناس فيما يُرْزَقون لا يكرمون به اليتيم، ولا المسكين، ويأكلون التراث أكلاً لماً. { { كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ * وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً * وَتُحِبُّونَ ٱلْمَالَ حُبّاً جَمّاً } [الفجر: 18-20].
        إذن: على الإنسان أنْ يتأدب مع الله فيما صنع؛ لأن الله يعلم كيف يرزق، وهو سبحانه يريد أنْ يجعل من الناس أُسْوة للناس، فالغني الذي افترى بماله يُبقيه الله حتى يرى فيه الفقير المفْترَى عليه، يرى فيه عقاب الله ليعلم أن لله تعالى ألوهية، ولله تعالى قيومية، لا يفلت الظالم من عقابها في الدنيا قبل الآخرة. وهذا المعنى خاطب الله به نبيه فقال: { { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } [غافر: 77].
      ثم إن مسألة الرزق لا تتوقف على مهارة، أو شطارة، أو علم، فهناك مَنْ سعى للرزق وزرع واجتهد، لكن عند الحصاد جاءتْه جائحة اجتاحت زرعه فأهلكتْه، وكأن الحق سبحانه يقول لنا: إياك أنْ تفطن إلى ألوهية الأسباب، وتغفل ألوهية المسبب.
        والرزق مقسوم لصاحبه، وإنْ حمله غيره، فالجنين في بطن أمه غذاؤه من تكوينها ومن دمها، لكن هذا الدم وإنْ حملتْه الأم ليس رزقها، بدليل أنه إذا حدث الحمل توافر هذا الدم لغذاء الجنين، فإنْ لم يحدث الحمل نزل منها هذا الدم في عملية الحيض، ولم تنتفع به الأم، لماذا؟ لأنه ليس رزقها هي، وهذا يساعدنا في فهم قوله تعالى: { { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم } [الإسراء: 31].
      لذلك قالوا: ليس كل ما تملك رِزْقاً لك، إنما رزقك ما انتفعتَ به، فالشيء يكون في ملكك وفي حوزتك تظن أنه لك، ثم يضيع منك، أو يُسرق أو يُؤمَّم أو تُصيبه جائحة .. إلخ بل أكثر من ذلك قد يكون طعاماً وتأكله بالفعل، ويتمثل في جسمك دماً يجري في عروقك، ثم يسيل منك بسبب جرح، أو عملية جراحية مثلاً: إذن: هذا الدم ليس رزقاً لك.
      فالمؤمن ينبغي أنْ يظمئن إذن إلى عملية الرزق، ويعلم أنها بقيومية الله التي ترزق المؤمن والكافر، وأن الرزق مقسوم لك، مُسمّى باسمك، فلا يأخذه غيرك مهما كان، فإنْ بُسِط لك فاحمد الله، وإن قُتِّر وضُيِّق عليك فاعلم أنها بحكمة الله، واقرأ: { { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } [الحجر 21].
        ثم تُختم الآية بقوله تعالى: { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [سبأ: 36] فالأكثرية لا يعلمون حكمة الله في تفاوت الأرزاق، وهذا يعني أن قلة منهم هم الذين يعلمون، فاللهم اجعلْنَا من هذه الأقلية.   التفاسير العظيمة    
    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  اشتقت أهذا المنتدى ولكل ركن من اركانه..  فقد تربيت وقضيت مراهقتي كلها واجمل ايامي فيه..  أرجو من الله أن يجمع شملنا كما كنا وأكثر..  وما ذلك على الله بعزيز❤️
    • (وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ٣٤-سبأ نلاحظ في هذه الآية أنها ذكرتْ النذارة، ولم تذكر البشارة، لماذا؟ قالوا: لأن الحديث عن قرية استشرى فيها الفساد بحيث لم يَعُدْ لها إلا النذارة، فهؤلاء قوم كذَّبوا الرسل، ووقفوا من الدعوة موقفَ العداء والمكابرة. أما البشارة فتكون في عموم الدعوة، والحديث هنا عن دعوة خاصة بهؤلاء المكذبين.
        ومعنى { فِي قَرْيَةٍ } [سبأ: 34] أي: في أهل قرية، والقرية اسم للمكان، أو أن الله سبحانه جاء بالمكان وإنْ كان يريد المكين؛ لأن المكان كجماد مُسبِّح لله، فيفرح بالمؤمن المسبِّح فيه، ويحزن ويضيق بالكافر الذي يقيم فيه؛ لذلك يقول العربي القديم؛ فلان نبا به المكان يعني: المكان كرهه، ولما قالوا لرجل حكيم: أدريتَ أن فلاناً باع أرضه؟ قال: بل باعَتْه أرضه.
        وقوله { إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ } [سبأ: 34] جمع مُتْرف وترف يترف أي: تنعَّم. أما أترف فتعني أن النعمة أطغَتْه وفتنته، فالحق سبحانه لم يمنع عبده أنْ يتمتع بنعمه، المهم ألاَّ تُطغيه النعمة.
        وقد يكون الترف والتنعُّم استدراجاً من الله للعبد، وإملاءً له، ومَدًّا له في النعمة حتى يَطْغى بها، وتأمل مثلاً قول الله تعالى: { { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ } [الأنعام: 44] ولم يقُلْ لهم يعني ليس هذا الفتح في صالحهم مع أنه في ظاهرة نعمة { { أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ } [الأنعام: 44] وتعوَّدوا النعمة وأَلِفوها { { أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً .. } [الأنعام: 44].
      لذلك، ليس من الصواب قولُكَ لأخيك: فتح الله عليم والصواب: فتح الله لك. واقرأ: { { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } [الفتح: 1] { { مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا .. } [فاطر: 2]
        وحكوْا لنا عن سياسي كبير كان له خصم، ففوجئوا بأنه أصدر قراراً بترقية هذا الخَصْم إلى منصب كبير، فتعجبوا: كيف يُرقى خصمه؟ فقال: أرفعه إلى منزلة عالية، حتى إذا سقط منها كان السقوط مؤلماً، وسبق أنْ قُلْنا: إذا أردتَ أنْ تُوقِع عدوك لا توقعه من فوق الحصيرة مثلاً.
      ومن الاستدراج بالنعمة والترف قوله تعالى: { { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } [الإسراء: 16].
        البعض يخطىء فَهْم هذه الآية، فيقول: { { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا } [الإسراء: 16] أن الفسق مترتب على الأمر. والله سبحانه لا يأمر بالفسق، ولا يأمر بالفحشاء، وإنما يأمر بالطاعة والعبادة، كما قال سبحانه: { { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ .. } [البينة: 5] وقال: { { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ .. } [النحل: 90] فالمعنى: أمرنا مترفيها بما يأمر الله به، فما كان منهم إلا أنْ فسقوا فيها أي: فسقوا في الأمر، إذن: الفسق ليس مترتباً على الأمر، وإنما على مخالفة الأمر.
        الحق - سبحانه وتعالى - حين يعرض قضية الترف والإتراف يقول: أنا أنعمتُ على عبادي نعماً يتنعَّمون بها، إنما كنتُ أريد أنْ يستقبلوا هذه النعم بالشكر، وأنْ يُعدوا النعمة إلى غير المنعِّمين ليحصل في المجتمع المسلم التكافل الاجتماعي المطلوب، ولينزع هذا التكافل الغِلَّ والحقد من قلوب الفقراء على الأغنياء.
        فالفقير إذا رأى الغنى ينتفع بآثار النعمة، ويتمتع بها دونه، يحقد عليه، ويتمنى زوال نعمته، فإنْ نال منها شيء أحبَّ الغنى، وسأل الله له المزيد، هذا من ناحية الفقير.
        أما من ناحية الغنيِّ، فالحق سبحانه يعلم أن الإنسان عامة مطبوعٌ على النفعية لذاته وحب الخير لها؛ لذلك عامله الحق سبحانه بهذا المنطق، منطق النفعية حين يعطيه جزاءَ ما أنفق، ويثيبه على ما يفعل من الخير، قال له: الحسنة بعشر أمثالها، غُض طرفك عن المحارم في الدنيا أمتعك بالحور العين يوم القيامة .. الخ.
        لذلك يقولون: إن التدين نفعية عالية، فأنت مثلاً ما آثرتَ الفقير على نفسك، وما أعطيتَهُ ما في جيبك إلا لأنك تريد من الله تعالى أضعاف ما أعطيت. إذن: أنت حتى في تجارتك مع الله تحب النفع لنفسك.
        والحق سبحانه يعطي الغني وصاحب الهمة العالية الذي يكدح ويتعب ويُكوِّن الثروة، يعطيه حقه، ويحترم جهده وعرقه، ويحترم مشاعره النفعية، فحين يسـأله يسأله جزءاً من ماله، لا ماله كله، واقرأ قوله تعالى: { { إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ * إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ } [محمد: 36-37].
      ويُحبِّبهم في الإنفاق بنفس هذا المنطق: { { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ .. } [محمد: 38].
        إذن: مسألة الإنفاق هذه تُخرِج ضِغْن الغني، كما أخرجتْ ضِغِن الفقير، فهي تُحدِث استطراقاً إيمانياً، واستطراقاً اقتصادياً في المجتمع، فصاحب المال يحمد الله على النعمة، ولا يبخل بها على الفقير، والفقير يحمد الله أنْ جعل النعمة في يد مَنْ يجود بها عليه، وهكذا يحدث التوازن في المجتمع.
        نعود إلى ما كُنَّا بصدده من قوله تعالى: { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [سبأ: 34] لماذا أنتم كافرون بما جاء به الرسل؟
      الحق - تبارك وتعالى - يريد من العباد ألاَّ يستعلي قوي على ضعيف، وألاَّ يستعلي غني على فقير، وألاَّ يستعلي عالم على جاهل، إنما يريد أن يعمَّ الخير، فمَنْ كانت عنده خَصْلة من خصال الخير عَدَّاها إلى غيره.
      أما هؤلاء فقد اختاروا الكفر، واطمأنوا إليه؛ لأن النعمة أطغتهم وأترفتهم، فمالوا إلى البذخ وإلى المظالم حتى عَشِقوا هذا كله، فلما جاء الدين ليُعدِّل من سلوكهم صادموه، وحاولوا طمسه والقضاء على دعوته؛ لأنهم ألفوا السيادة، وألِفُوا الطغيان، ولا يريدون أنْ تُسلب منهم هذه السيادة. وإلا لو أن العالم كان مستقيماً متوازناً ما كانت هناك حاجة للرسل، إذن: ما جاء رسول إلا بعد أنْ عَمَّ الفساد وطَمّ.
      وسبق أنْ قُلْنا: إن الحق سبحانه خلق في النفس الإنسانية مناعة إيمانية نتيجة الفطرة الأولية، لكن الشهوات وتقاليد الظالمين تطمس هذه الفطرة، فتحتاج إلى مُذكِّر يعيدها إلى الطبيعة والفطرة التي خلقها الله، لذلك قال سبحانه: { { إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } [الغاشية: 21] يعني: ليس بادئاً.
      والحق سبحانه يُبين أن الناس أمام الخير والشر أنواع ثلاثة، فقال الحق سبحانه وتعالى: { { ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } [فاطر: 32].
        فالظالم لنفسه هو الذي يفعل السيئة، ولا يلوم نفسه، ولا يندم على سيئته، ولا يتوب منها، فهو يظلم نفسه؛ لأنه يحرمها الجزاء والنعيم الأبدي. والمقتصد هو الذي يتردد بين الحسنة والسيئة، فإنْ فعل سيئة تذكَّر ولام نفسه وتاب، ثم يفعل الحسنة لتُكفِّر السيئة، وهؤلاء قال الله فيهم: { { خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [التوبة: 102].
      وقوله سبحانه: { { ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } [فاطر: 32] يُراد به أمة محمد صلى الله عليه وسلم: لأن الميراث يعني أن الموروث ينتقل من السابق إلى اللاحق، فأمة محمد ورثتْ الرسل جميعاً في كل أمورهم الخيرية، وتكفَّلَتْ بأن تردع الشر في كل نواحيه، وبذلك ورثوا الرسالات كلها؛ لأنهم يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر، كما قال سبحانه: { { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } [آل عمران: 110].
      وقال تعالى أيضاً: { { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [البقرة: 143].
      فالرسول يشهد أنه بلَّغكم، وأنتم تشهدون أنكم بلَّغتم مَنْ بعدكم، رسولكم فوَّضه الله في أنْ يُشرِّع لكم، وفوَّضكم أنتم في أنْ تحملوا منهجه من بعده؛ لذلك انقطعتْ الرسالات بعده صلى الله عليه وسلم؛ لأن أمته ستقوم بمهمة الرسالة، وهذا دليل على أنها أمة، الخيرية فيها باقية إلى قيام الساعة.
        وقولهم: { إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } [سبأ: 34] بم أُرسِل الرسلُ؟ أُرسِلوا أولاً بقضية التوحيد، وأنه لا إله إلا الله، أرسلوا بالبلاغ عن الله، أرسلوا بمعجزات، أُرسلوا بأحكام ومناهج تحكم حركة الحياة. فهؤلاء كفروا بهذا كله لأنهم يريدون أنْ يعيشوا في ترفهم وظلمهم، وأنْ يستبدوا كما يشاؤون.
      لكن قولهم { بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ } [سبأ: 34] دلَّ على غبائهم؛ لأنهم لم يقولوا مثلاً بما جئتم به، أو بما ادعيتموه، إنما بما أُرسِلتم به، فهم يعترفون بأنهم مُرسَلُون، فهذه كلمة الحق ساقها الله على ألسنتهم، كما ساقه على ألسنتهم في قولهم: { { لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ } [المنافقون: 7] وقولهم لما فتر الوحي عن رسول الله: إن رب محمد قلاه.
      إذن: هم يعترفون لرسول الله بالرسالة، والمرسل لا يُرسَل من مثله، إنما من جهة أعلى، فالرسالة ليست من عند محمد؛ { { قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [يونس: 16] لكن، ما علة هذا الكفر؟   التفاسير العظيمة  
    • (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )٢٨ -سبأ { أَرْسَلْنَاكَ .. } [سبأ: 28] أي: جعلناك رسولاً { إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ .. } [سبأ: 28] كلمة كافة تبين منزلة الرسول الخاتم، فقبل بعثة سيدنا رسول الله كان الرسول يُبعث لقوم مخصوصين، كما قال سبحانه وتعالى: { { وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ .. } [آل عمران: 49].
      ذلك، لأن البشر لما تكاثروا كما قال سبحانه: { { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً .. } [النساء: 1] تفرَّقوا في أنحاء الأرض هنا وهناك، والعالم لا يزال في طفولة فطرته، ليس فيه ارتقاءات للقاء بين هذه الجماعات، فكانت جماعات منعزلة، لا اتصال بينها، ولكل بيئة منها داءاتها: فهؤلاء يُطفِّفون الكيل والميزان، وهؤلاء يعبدون الأصنام ... إلخ فيأتي الرسول إلى قوم مخصوصين ليعالج داءهم لا علاقة له بغيرهم.
      أما سيدنا رسول الله، فكان هو الرسول الخاتم المبعوث للناس كافّة؛ لأن الله تعالى عَلِم أزلاً أنه سيأتي على التقاء مع الدنيا كلها، وعلى اتصال بين الجماعات التي كانت مُتفرِّقة، وها نحن الآن نعيش عالم القرية الواحدة، وما يحدث في أقصى بلاد الدنيا نسمعه ونراه في وقته، وما دام العالم التقت مجتمعاته وقاراته، فالداءات واحدة؛ لذلك جاء رسول واحد ليعالج كل الداءات في كل المجتمعات، هذا معنى: { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ .. } [سبأ: 28].
        ومعنى أنه صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل أنه مشهود له، وليس شاهداً لغيره، فقد أخذ الله تعالى العهد على الرسل، أنه إذا جاء محمد يشهدون له فشهدوا له جميعاً، أما هو صلى الله عليه وسلم فلم يشهد لأحد؛ لأنه لم يأْتِ بعده رسول.
        قال العلماء في كلمة { كَآفَّةً .. } [سبأ: 28] يعني: للناس جميعاً، ففي موضع آخر يقول تعالى: { { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً .. } [الأعراف: 158].
      يعني: لم تَعُدْ هناك خصوصية، لا زمانية ولا مكانية. وحين نتأمل كلمة { كَآفَّةً .. } [سبأ: 28] نجد لها مناسبة في واقع لغتنا، استقر على ألسنة العامة: نشاهد الخياط مثلاً حين يخيط ثوباً يُعمِل المقصَّ في القماش، فيقطعه إلى لُحمة وسُدة، لكن تخرج خيوط الثوب من خلال أطرافه كما نقول القماش (بينسِّل) فيجمع الخياط هذه الأطراف بعضها إلى بعض، بحيث تكون أطراف القماش إلى الداخل، وهذه العملية نسميها (كفكفة) القماش، أو نسميها الآن (السَّرفلة).
      ومن ذلك كلمة (كَافَّة) يعني: جَمْع شتات الناس في كل زمان ومكان، بحيث لا يخرج منهم جنس ولا جماعة، ولا يشذّ عن منهجه أحد.
      وعندنا في الفلاحين نبات ينمو على حوافِّ القنوات اسمه النجيل، وهو غير الحشيش المعروف، والنجيل لا يرتفع عن سطح الأرض، وتتشابك عيدانه وجذوره بحيث يمنع هذه الحوافّ أن تنهار، أو يسقط منها الردم فيسدّ القناة، فكأن النجيل أدى مهمة هي كفّ الردم ومنعه أنْ ينهار يعني: كفّ جنساً أن يشرد عن مهمته.
        وكلمة { كَآفَّةً .. } [سبأ: 28] من كفّ الشيء يكُفُّه، فهو كافٌّ، وزيدت تاء التأنيث للمبالغة، كما في عالم وعلاَّم وعلاَّمة، لذلك يقول ربنا عن نفسه سبحانه: { { عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } [التوبة: 78] فإنْ قُلْتَ: لماذا لم يَقُلْ علاَّمة؟ نقول: لأن علْم الله تعالى لا يترقى بلاغة وقِلَّة.
        فمعنى { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ .. } [سبأ: 28] يعني: تكفُّهم وتمنعهم عن كل شر يفسد الصلاح في الأرض، وهذه هي مهمة المنهج الذي جاء به سيدنا رسول الله؛ لذلك قال سبحانه: { { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا.. } [الأعراف: 56].
        إذن: كلمة { كَآفَّةً .. } [سبأ: 28] إما وَصْف للناس بمعنى جميعاً، وإما وَصْف لرسول الله بمعنى كافٌّ للناس عن الشر، والتاء للمبالغة.
        ومعنى { بَشِيراً وَنَذِيراً .. } [سبأ: 28] من البشارة، وهي أنْ تخبر بخير لم يَأْتِ أوانه بعد، ويقابلها النذارة، وهي أن تخبر بشرٍّ لم يأْتِ أوانه بعد، فمَيْزة البشارة أنها نخبرك بالخير القادم لك لتأخذ بأسبابه وتُقبل عليه وتجتهد في سبيله، وأنت مشتاق إليه، كذلك النذارة تحذرك من الخطر المقبل لتنصرف عن أسبابه وتدفعه عنك.
      ومثال ذلك: المعلم الذي يبشِّر التلميذ المجتهد بالنجاح والتفوق، وينذر المهمل بالفشل والرسوب، لماذا؟ لأنه يريد من المجتهد أنْ يزيد في اجتهاده، ومن الكسول المهمل أنْ يترك الكسل والإهمال ليتفوَّق هو الآخر.
        وقوله: { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [سبأ: 28] أي: لا يعلمون أنك الرسول الخاتم، أو الرسول الذي جاء ليمنع الشر عن البشرية كلها ويصلح حركتها. وما دام أكثر الناس لا يعلمون، فمعنى ذلك أن القلة هي التي تعلم، وهذه القلة العالمة هي خميرة الخير في الوجود؛ لذلك نرى الناس مهما بالغوا في الإلحاد، وفي الخروج عن منهج الحق لا بُدَّ أن تخرج من بينهم هذه القلة التي تتمسك بالحق وتسعى إليه وتنادي به، فهي موجودة في كل زمان ومكان وإنْ قلَّتْ.
        التفاسير العظيمة
  • أكثر العضوات تفاعلاً

  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      181885
    • إجمالي المشاركات
      2535075
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93117
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    شرين حاتم
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×