اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. ساحة القرآن الكريم العامة

      مواضيع عامة تتعلق بالقرآن الكريم

      المشرفات: **راضية**
      58106
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9073
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      المشرفات: **راضية**
      180666
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 260001
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23503
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8343
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32136
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4165
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25484
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30262
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53104
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21008
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97014
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36840
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31796
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4884
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15482
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29722
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12928
      مشاركات
  9. مملكتكِ الجميلة

    1. 41316
      مشاركات
    2. 33886
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  10. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32212
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13117
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. 65624
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      المشرفات: خُـزَامَى
      4925
      مشاركات
  11. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  12. IslamWay Sisters

    1. English forums   (38505 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  13. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ...﴾

      قوله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ * لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 110 - 112].

      1- شهادة الله تعالى لهذه الأمة بأنها خير الأمم؛ لقوله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ الآية.

      ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى في بني إسرائيل: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 47]؛ لأن المراد به عالمو زمانهم، يقوي هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: «أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله»[1].

      وقوله صلى الله عليه وسلم: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أعطوا الكتاب من قبلنا»[2].

      وهذا مما خص الله تعالى به هذه الأمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «وجعلت أمتي خير الأمم»[3].

      عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفًا، أو سبعمائة ألف، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم، وجوههم على صورة القمر ليلة البدر»[4].

      2- أن سبب خيرية هذه الأمة على غيرها من الأمم كونها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله، وبهذا امتازت هذه الأمة وتميزت عن سائر الأمم؛ لقوله تعالى: ﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه ﴾، فمتى تخلت الأمة عن القيام بهذه الشعيرة، فإنها لا تستحق هذه الخيرية، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «من سره أن يكون من تلكم الأمة، فليؤدِّ شرط الله منها»[5].

      3- التعريض بما عليه أهل الكتاب من عدم التناهي عن المنكر، كما قال تعالى عنهم: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].

      بل ومن عدم الإيمان بالله حقًا وبما أوجب الإيمان به؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 150، 151].

      4- أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعظم مكانتهما في الإسلام؛ لأن الله رتَّب الخيرية على القيام بهما مع الإيمان بالله.
      ولهذا عدَّ بعض أهل العلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الركن السادس من أركان الإسلام.

      5- أنه كلما قامت الأمة بهذا الواجب العظيم؛ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كثُر فيها الخير والصلاح، وظهر فيها الحق، وبإضاعة هذا الواجب يكثر الشر، وينتشر الفساد، ويعلو صوت الباطل، كما هو الحال في كثير من البلاد الإسلامية، ولن يعود للأمة مجدها وعزها وسؤددها وكرامتها، ولن تحقق خيريَّتها إلا بالقيام بهذه الشعيرة العظيمة، فهي صمام أمان للأمة.




      6- إثبات التفاضل بين العمال، وتفاضل العمال بتفاضل الأعمال؛ لقوله تعالى: ﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾، وفي هذا دليل على زيادة الإيمان ونقصانه؛ كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.


      7- أن الإيمان بالله شرط لصحة وقبول جميع الأعمال من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾.

      8- البشارة ببقاء هذه الشعيرة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإيمان بالله في هذه الأمة؛ لقوله تعالى: ﴿ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾، وكما قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك»[6].

      9- التنديد بمسلك أهل الكتاب باختيار الكفر بدل الإيمان؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾.

      10- أن أهل الكتاب منهم المؤمنون، وأكثرهم الفاسقون؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.




      11- عدم الاغترار بما عليه أكثر الخلق، فأكثرهم ليسوا على الحق والإيمان؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.

      12- أن أهل الكتاب لن يضروا المسلمين في قتال أو غلبة ونحو ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى ﴾، وهذا وعد من الله - عز وجل - لا يتخلف مع تحقيق الإيمان والقيام بأمر الله تعالى من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك من واجبات الدين، فإن فرَّطت الأمة في ذلك - كما هو حال المسلمين اليوم - فليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب.

      13- أن أهل الكتاب قد يستطيعون أذى المؤمنين بالاستهزاء بهم وبدينهم وبرسولهم؛ لقوله تعالى: ﴿ إِلَّا أَذًى﴾؛ أي: لكن يؤذونكم أذى بالاستهزاء ونحوه.

      وقد كان اليهود ينادون الرسول صلى الله عليه وسلم بقولهم: «راعنا» ويورون بوصفه صلى الله عليه وسلم بالرعونة، فنهى الله - عز وجل - المؤمنين عن هذه الكلمة بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 104]، وكانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقولهم: «السام عليكم»[7] أي: الموت.

      14- أن أهل الكتاب لو قاتلوا المسلمين، لولَّوا أدبارهم المسلمين فارين منهزمين؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ﴾ لما هم عليه من الخوف والجبن وفي الإخبار بهذا تقوية للمسلمين وتثبيت لهم.

      وهذا مرهون بصدق المسلمين مع الله وتمسكهم حقًّا بدينهم، وإعداد القوة مما يجعل لهم القوة والهيبة في نفوس أعدائهم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث: «نُصرت بالرعب مسيرة شهر»[8].

      وما حصل من استئساد لليهود والنصارى وغيرهم من أهل الكفر، ليس لشجاعة فيهم، وإنما سبب ذلك تخلي المسلمين عن الأسباب التي رتب الله النصر عليها، من التمسك حقًّا بدينهم، وإعداد القوة، ففقدوا القوتين القوة المعنوية بعدم التمسك بدينهم، والقوة المادية بعدم إعداد العدة والعتاد، وبهذا خلا الجو لغيرهم واستأسد الفأر، وكما قيل: خلا لك الجو فبيضي واصفري
      ونقِّري ما شئت أن تنقِّري[9]   والله - عز وجل - لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].


      15- أن أهل الكتاب لا ينصرون على أهل الإيمان سواء قاتلوهم أم لم يقاتلوهم؟ لقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾.

      وهذا وذاك والذي قبلهما، أعني عدم نصرة أهل الكتاب، وتوليتهم الأدبار، وعدم ضررهم المؤمنين إلا أذى كل هذا مشروط باجتماع القوتين المعنوية والمادية عند المسلمين؛ المعنوية بتمسكهم بدينهم عقيدة وقولًا وعملًا، والمادية بإعداد العدة والعتاد؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60].



      16- ضرب الذلة على أهل الكتاب وبخاصة اليهود وملازمتها لهم، وعدم انفكاكها عنهم، حتى ولو صار لهم بعض الظهور، فإنهم أذلاء مهزومون من الداخل؛ لقوله تعالى: ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا ﴾، فحالهم كحال الذي يصيح ويصرخ وهو الأعلى، فقيل: كيف تصرخ وأنت الأعلى؟ فقال: أخاف أن يقلب بي.

      17- أن الذلة لا ترتفع عن أهل الكتاب إلا بحبل من الله، أي: إلا بعهد من الله بأن يسلموا، أو يدفعوا الجزية، فيكونوا أهل ذمة، تحفظ لهم بذلك حقوقهم وكرامتهم، أو بحبل من الناس كالعهد أو الأمان بينهم وبين المسلمين، ونحو ذلك.

      18- غضب الله على أهل الكتاب وبخاصة اليهود؛ لقوله تعالى: ﴿ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾.

      19- إثبات صفة الغضب لله تعالى على ما يليق به، وهو من الصفات الفعلية الاختيارية المتعلقة بمشيئته عز وجل، وهو صفة كمال لله تعالى عند حصول سببه، كما قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ﴾ [الزخرف: 55].

      20- ضرب المسكنة على أهل الكتاب، فهم فقراء النفوس والقلوب، حتى ولو كانوا من أكثر الناس مالًا وثروة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ﴾، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس»[10].





      21- الدلالة على نبوته صلى الله عليه وسلم وصدق ما جاء به من الإخبار بالغيب الذي وقع من ضرب الذلة والمسكنة على اليهود، وغير ذلك.

      22- أن السبب في ضرب الذلة على أهل الكتاب، وغضب الله عليهم، وضرب المسكنة عليهم، هو كفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق، وعصيانهم واعتداؤهم؛ لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾.

      23- إثبات العلة والحكمة في أفعال الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ﴾ الآية، وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾.

      24- أن قتل الأنبياء لا يمكن أن يكون بحق؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾.

      25- التشنيع على أهل الكتاب وبيان شدة عتوهم وطغيانهم؛ حيث جمعوا بين الكفر بآيات الله وقتل الأنبياء بغير حق، وبين العصيان والعدوان، بين معصية الله تعالى بالكفر، والاعتداء بقتل الأنبياء بغير حق.

      26- أن المعاصي يجر بعضها بعضًا؛ لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾.

      27- ربط الأشياء بأسبابها والعقوبات بموجباتها وبيان عدل الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ﴾، وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا ﴾.

      28- التحذير من مسالك أهل الكتاب من الكفر بآيات الله والعصيان والاعتداء ونحو ذلك.

      [1] أخرجه الترمذي في التفسير- سورة آل عمران- (3001)، وابن ماجه في الزهد- صفة محمد صلى الله عليه وسلم (4288)، وأحمد (1/ 126، 4/ 447)، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وقال ابن كثير في «تفسيره» (2/ 78): «وهو حديث مشهور، وقد حسَّنه الترمذي، ويروى من حديث معاذ بن جبل، وأبي سعيد، ونحوه».

      [2] أخرجه البخاري في الجمعة (876)، ومسلم في الجمعة (855)، والنسائي في الجمعة (1367)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

      [3] أخرجه أحمد (1/ 98)، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

      [4] أخرجه البخاري في بدء الخلق (3247)، ومسلم في الإيمان (373)، من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.

      [5] أخرجه الطبري في «جامع البيان» (5/ 673).

      [6] سبق تخريجه قريبًا.

      [7] سبق تخريجه.

      [8] أخرجه البخاري في التيمم (335)، ومسلم في المساجد (521)، والنسائي في الغسل والتيمم (432)، من حديث جابر رضي الله عنه.

      [9] البيت لطرفة بن العبد؛ انظر: «ديوانه» (ص46).

      [10] أخرجه البخاري في الرقاق (6446)، ومسلم في الزكاة (1051)، والترمذي في الزهد (2373)، وابن ماجه في الزهد (4137)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

      الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

      شبكة الألوكة  
    • برنامج دولة التلاوة
      تلاوة المتسابق عطية ما تيسر من سورة يوسف * فضل سورة يوسف: الثقة في تدبير الله (اصبر ولا تيأس)/ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ/ الصبر الجميل/ يوسف الإنسان قصة نجاح • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «مَا حَفِظْتُ سُورَةَ يُوسُفَ وَسُورَةَ الْحَجِّ إِلَّا مِنْ عُمَرَ بنِ الخطابِ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُمَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وكَانَ يَقْرَؤُهُمَا قِرَاءَةً بَطِيئَةً». • عَنِ الْفَرَافِصَةِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَخَذْتُ سُورَةَ يُوسُفَ إِلاَّ مِنْ قِرَاءَةِ عُثْمَانَ إِيَّاهَا فِى الصُّبْحِ، مِنْ كَثْرَةِ مَا كَانَ يُرَدِّدُهَا». • عَن عَلْقَمَة بن وَقاص قَالَ: «كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ فِى الْعَتَمَةِ بِسُورَةِ يُوسُفَ، وَأَنَا فِى مُؤَخِّرِ الصُّفُوفِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ يُوسُفَ سَمِعْتُ نَشِيجَهُ فِى مُؤَخَّرِ الصَّفِّ». • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة يوسف من المئين التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الزبور.   * من خصائص سورة يوسف : • انفردت السورة بذكر قصة يوسف عليه السلام كاملة من بدايتها إلى نهايتها، حيث لم تذكر في غيرها من السور، كما هي العادة في تكرار قصص الأنبياء في القرآن الكريم. • قصة يوسف عليه السلام هي أطول قصة في القرآن، استغرقت معظم السورة (97 آية)، ولم تذكر قصة نبي في القرآن بمثل ما ذكرت قصة يوسف عليه السلام في هذه السورة. • رغم أن سورة يوسف تزيد عن مئة آية فإنه ليس فيها ذكر جنة ولا نار. • أكثر ما اجتمع في القرآن من الحروف المتحركة المتوالية ثمانية حروف، جاءت في سورة يوسف في قوله تعالى: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾، وذلك فيما بين ياء (رَأَيْتُ) وواو (كَوْكَبًا).

      برنامج دولة التلاوة تلاوة أحمد شفيق ما تيسر من سورة الرعد * فضل سورةالرعد: قوة الحق وضعف الباطل/ إقامة الأدلة على قدرة الله • عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ». وسورة الرعد من المثاني التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم مكان الإنجيل.
      * من خصائص سورة الرعد • احتوت السورة على السجدة الثانية -بحسب ترتيب المصحف- من سجدات التلاوة، في الآية (15). • هي آخر سورة -بحسب ترتيب المصحف- افتتحت بأربعة أحرف من حروف التهجي، والسور التي افتتحت بأربعة أحرف من حروف التهجي سورتان فقط: الأعراف (بدأت بـ: الـمص)، والرعد (بدأت بـ: الـمر). • هي أكثر سورة في القرآن ورد بها متقابلات: (تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ ... تَزْدَادُ)، (أسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ)، (وَمَنْ هُوَ مُسْتخْفٍ بِٱلَّيْلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ)، (خَوْفًا وَطَمَعًا)، (طَوْعًا وَكَرْهًا)، (نَفْعًا وَلاَ ضَرّا)، (ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ)، (ٱلظُّلُمَٰتُ وَٱلنُّورُ)، (ٱلْحَقَّ وَٱلْبَٰاطِلَ)، (يَبْسُطُ ... وَيَقْدِرُ)، (ٱلدُّنْيَا ... ٱلآخِرَةِ)، (يَمْحُو ... وَيُثْبِتُ). الحفظ الميسر
    • إن الله عز وجل خلق الموت والحياة بلاءً للعباد ليعلم من منهم يحسن العمل، وجعل الأيام دول بين الناس، فالسَنةُ اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم كما ذكر ربنا تبارك وتعالى في كتابه بقوله: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [التوبة: 36]
      وخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ بِالذِّكْرِ، وَنَهَى عَنِ الظُّلْمِ فِيهَا تَشْرِيفًا لَهَا وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي كُلِّ الزَّمَانِ(1).
      والْأَشْهُرَ الْحُرُمَ مِنْهَا: ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: "ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ، مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ "(2).

      وقد خصت هذه الأشهر ببعض الفضائل، قال ابن رجب: " شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة، وقال أبو بكر الوراق البلخي: شهر رجب شهر للزرع وشعبان شهر السقي للزرع ورمضان شهر حصاد الزرع، وعنه قال: مثل شهر رجب مثل الريح ومثل شعبان مثل الغيم ومثل رمضان مثل القطر وقال بعضهم: السنة مثل الشجرة وشهر رجب أيام توريقها وشعبان أيام تفريعها ورمضان أيام قطفها والمؤمنون قطافها جدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر وبمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر، فانتهاز الفرصة بالعمل في هذا الشهر غنيمة واغتنام أوقاته بالطاعات له فضيلة عظيمة"(3).

      ومن أراد ثمار رمضان لابد من الاستعداد، والبذر الجيد لها، ولو أرادوا رمضان لأعدوا له عدة.


      قوافل المستعـدين(4):

      1-قافلة التلاوة:
      قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29، 30]
      فقراءة القرآن من أفضل الذكر، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ"(5).
      وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنه-، أنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} تَعْدِلُ رُبُعَ القُرْآنِ"(6).
      وفي الحديث الآخر عن ابْنَ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ"(7).
      وهذا دليل على عظم قراءة القرآن والله يضاعف لمن يشاء، وكل إنسان وهمتَه في هذا الباب، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26]



      2- قافلة الذاكرين:
      قال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 35]
      وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } [الأحزاب: 41، 42]
      عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: "لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ"(8).
      وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ"؟ ، قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى"، قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: "مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ"(9).
      قال ابن القيم: " ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، وصدأ القلب بأمرين بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين بالاستغفار والذكر.
      فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكباً على قلبه، وصدأه بحسب غفلته، وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه فيرى الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل، فإذا تراكم عليه الصدأ واسود وركبه الران فسد تصوره وإدراكه، فلا يقبل حقاً ولا ينكر باطلاً."(10).



      3-قافلة المتصدقين:
      فقد أخبرنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- عن يوم القيامة وأهواله، فذكر أنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ وَتَدْنُو الشَّمْسُ مِنْهُمْ فَيَبْلُغُ النَّاسُ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ وَلَا يَحْتَمِلُونَ.
      وقال أبو موسى -رضي الله عنه-: " الشَّمسُ فوق رؤوسِ النَّاس يومَ القيامة، فأعمالهم تُظِلُّهم، أَوْ تُضَحِيِّهُمْ "(11).
      فلا ظل هنالك ولا ظليل إلا ظل عرش الملك الجليل، وقد أخبر -صلى الله عليه وسلم- عن الأعمال الموجبة للاستظلال بظل عرش الرحمن منها التصدق، فعَن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ-فذكر منها-" وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ"(12).
      وقال سبحانه: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ، وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271]
      وعَن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ قَالَ: حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ". وقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: فَكَانَ
      أَبُو الخَيْرِ اليَزَنِيُّ المِصْرِيُّ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ لَا يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَعْكَةً وَلَوْ بَصَلَةً(13).
      فلا تحرم نفسك من ثواب الصدقة ولو بالقليل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالُوا: وَكَيْفَ؟ ، قَالَ كَانَ لِرَجُلٍ دِرْهَمَانِ تَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا وَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا"(14).
      وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى، وَاليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"(15).

      ومن عجز عن التصدق بماله، لن يضيع منه الفضل والثواب، عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أَنَّهُ قَالَ: "يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى"(16).
      وقال ابن القيم: " وفى الصدقة فوائد ومنافع لا يحصيها الا الله فمنها انها تقى مصارع السوء وتدفع البلاء حتى إنها لتدفع عن المظلوم، قال إبراهيم النخعي: "وكانوا يرون أن الصدقة تدفع عن الرجل المظلوم وتطفئ الخطيئة وتحفظ المال وتجلب الرزق وتفرح القلب وتوجب الثقة بالله وحسن الظن به كما أن البخل سوء الظن بالله، وترغم الشيطان -يعنى الصدقة- وتزكى النفس وتنميها وتحبب العبد الى الله وإلى خلقه وتستر عليه كل عيب كما أن البخل يغطى عليه كل حسنة وتزيد فى العمر وتستجلب أدعية الناس ومحبتهم وتدفع عن صاحبها عذاب القبر وتكون عليه ظلا يوم القيامة وتشفع له عند الله وتهون عليه شدائد الدنيا والآخرة وتدعوه الى سائر أعمال البر فلا تستعصى عليه وفوائدها ومنافعها أضعاف ذلك، ولو لم يكن فى النفع والاحسان الا أنه صفة الله وهو سبحانه يحب من اتصف بموجب صفاته وآثارها فيحب العليم والجواد والحيي والستير والمؤمن القوى أحب اليه من المؤمن الضعيف ويحب العدل والعفو والرحيم والشكور والبر والكريم فصفته الغنى والجود ويحب الغنى الجواد"(17).


      4-قافلة المدلجين في ظلام الليل:
      البعض يستثقل صلاة التراويح في رمضان، وسبب ذلك أنه لم يكن متعودًا على قيام الليل قبل ذلك فيصاب بالفتور فيحرم الثواب، ولقد ذكر الله عز وجل صفات المتقين الذين وجبت لهم الجنات والعيون بأنهم، (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)، قال ابن عباس: "لم يكن يمضي عليهم ليلة إلا يأخذون منها ولو شيئاً"(18).
      هذا حال المتقين لا ينعمون بنوم خوفاً من عقاب ربهم، وطمعًا في رضوانه كما وصفهم سبحانه بقوله: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون} [السجدة: 16]
      أي: تتنحَّى جنوب هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله، الذين وصفت صفتهم، وترتفع من مضاجعهم التي يضطجعون لمنامهم، ولا ينامون {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} في عفوه عنهم، وتفضُّله عليهم برحمته ومغفرته {ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} في سبيل الله، ويؤدّون منه حقوق الله التي أوجبها عليهم فيه(19).

      عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا"، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِمَنْ أَطَابَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ"(20).
      وإن الليل موطن تَنَزلُ الرحمات، ونزول رب الأرض والسماوات، فعليك باغتنامه بالطاعات، والإكثار من القربات، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهِ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ "(21).

      وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ: إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ(22).
      وفي الحديث تنبيه على أن آخر الليل للصلاة والدعاء والاستغفار وغيرها من الطاعات أفضل من أوله(23).
      ومن يغفل عن مثل هذه الساعة، فقد حُرم الخير الكثير، عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الفَجْرِ"(24).

      وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: " مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطَرِينَ"(25).
      ومن تأمل حال السلف مع قيام الليل يرى العجب، ويشعر بالخجل والتقصير، فعن عَنْ قَمِيرٍ، امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ، قَالَتْ: " مَا كَانَ مَسْرُوقٌ يُوجَدُ إِلَّا وَسَاقَاهُ قَدِ انْتَفَخَتَا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ، قَالَتْ: وَاللهِ، إِنْ كُنْتُ لِأَجْلِسُ خَلْفَهُ، فَأَبْكِي رَحْمَةً لَهُ "(26).
      وقال أَبُو الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنه-: " لَوْلَا ثَلَاثٌ مَا أَحْبَبْتُ أَنْ أَعِيشَ يَوْمًا وَاحِدًا: الظَّمَأُ لِلَّهِ بِالْهَوَاجِرِ، وَالسُّجُودُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَمُجَالَسَةُ قَوْمٍ يَنْتَقُونَ مِنْ خِيَارِ الْكَلَامِ، كَمَا يُنْتَقَى أَطَائِبُ التَّمْر"(27).



      5-قافلة ظمأ الهواجر:
      جاءت السنة بذكر كثير من فضائل الصيام وفوائده، فمنها أن الله يجبر به تقصير العبد في الفرائض، ثم إن صيام التطوع زيادة قربة وامتثال وطاعة لله عز وجل، فتزيد من محبة الله للعبد كما في الحديث الصحيح: ((وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ))(28).
      فالتقرب بالنوافل يزيد من حسنات العبد ويرفع من درجته، ويوجب محبة الله للعبد، وبقدر حرص الإنسان على فعل النوافل والطاعات يكون أقرب لمحبة الله، فأولى الناس بمحبة الله من حافظ على النوافل وأكثر منها.

      عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ "(29).
      وعَنْ سَهْلٍ بن سَعْدٍ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: " إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ "(30).
      ومن عِظم فضل الصيام إضافته لله تعالى تشريفاً لقدره وتعريفاً بعظيم فخره، عن أبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: " قَالَ اللَّهُ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ"(31).
      وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"(32).
      فالصوم من العبادات الجليلة، اختصه الله لنفسه ووعد عليه بالأجر العظيم، وهو وقاية من المعاصي ووقاية من النار، وسبب للبعد عنها يوم القيامة، فحري بالمؤمن المبادرة إلى هذا العمل العظيم وتحمل ما فيه من المشقة اليسيرة التي يعقبها الفرح العظيم عند الفطر وعند لقاء الله عز وجل يوم القيامة(33).
      فاغتنم أيامك بالخير وسارع وبادر حتى تكون على أفضل حال ، نسأل الله أن يكتب لنا وإياكم الخير.


      (1)تفسير القرطبي (8/ 135).
      (2)أخرجه البخاري(4662)، ومسلم(29).
      (3)لطائف المعارف لابن رجب (ص: 121).
      (4)لم يرد في شرعنا تخصيص لشهر رجب بصلاة مخصوصة، أو بصيام مخصوص، أو بعبادة مخصوصة، ولكن ما نورده هو من باب التذكير ووضع برنامج جيد للاستعداد لشهر رمضان. هذا ضابط لابد من التنبيه عليه ليعلم.
      (5)أخرجه البخاري(5013).
      (6)أخرجه الترمذي(2894)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير(4405).
      (7)أخرجه الترمذي(2910)، وصححه الألباني في المشكاة(2137).
      (8)أخرجه الترمذي(3375)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (2812).
      (9)أخرجه الترمذي(3377)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (5644).
      (10)الوابل الصيب من الكلم الطيب لابن القيم(ص: 40).
      (11)انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب(3/ 1008). و ابن أبي شيبة في مصنفه (35961).
      (12)أخرجه البخاري(1423)، ومسلم(91).
      (13)أخرجه ابن خزيمة في صحيحه(2431)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير(4510).
      (14)أخرجه النسائي في الكبرى(2526)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (3606).
      (15)أخرجه البخاري(5355)، ومسلم(95).
      (16)أخرجه مسلم(84).
      (17)عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين لابن القيم(ص: 254).
      (18)تفسير الطبري (22/ 407).
      (19)تفسير الطبري(20/ 178).
      (20)أخرجه الترمذي(2527)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح(1232).
      (21)أخرجه النسائي في الكبرى(10248)، صحيح الجامع الصغير (3243).
      (22)أخرجه مسلم (166).
      (23)شرح النووي على مسلم (6/ 37).
      (24)أخرجه البخاري(1140)، ومسلم(124).
      (25)أخرجه أبو داود(1400)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (2189).
      (26)أخرجه النسائي في الكبرى(11868)، الزهد والرقائق لابن المبارك (95).
      (27)الزهد والرقائق لابن المبارك (277).
      (28)أخرجه البخاري(6502)، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-.
      (29)أخرجه أحمد(9225)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (3879).
      (30)أخرجه البخاري(1896)، ومسلم(166).
      (31)أخرجه البخاري(1904)، ومسلم(163).
      (32)أخرجه البخاري(2840)، ومسلم(168). (33)انظر الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية(ص: 25)، للشيخ/ د. راشد بن حسين العبد الكريم.   زاد الواعظين    
    • 7 أسرار لصلاة الفجر الرابط

      https://www.facebook.com/reel/1159653836361722       الصلاة هي الركن العملي الأول في الإسلام، وهي عمود خيمته الذي لا قيام لها بدونه، وهي أفضل الأعمال عند الله بعد التوحيد، وهي الفيصل بين الإيمان والكفر، وهي عمود الدين، وأول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، وبها يقوم عمله فإذا صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسدت وسائر عمله.

      والمحافظة على الصلوات في أوقاتها في المساجد دليل إيمان، وعلامة إحسان، وشهادة لصاحبها عند الرحمن، **إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة}(التوبة:).

      والتهاون في الصلوات عموما علامة خذلان، وسبب وعيد بالنار من العظيم الجبار **فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون}(الماعون:4، 5).
      فإذا كان هذا الوعيد لمن أخر الصلوات أو بعضها عن أوقاتها، أو جمع بعضها مع بعض أو تهاون في أدائها، فكيف بمن تركها كلا، ولم يرفع لها رأسا.

      وصلاة الفجر واحدة من تلك الصلوات الواجبات، وليس تختلف عن غيرها في الأمر بالمحافظة عليها في وقتها وفي المسجد، غير أننا قد نجد بعض الناس يحافظ على معظم الصلوات ولكنه يتهاون في صلاة الفجر فلا يحضرها في المساجد، وربما نام عنها حتى تطلع الشمس فلا يصليها إلا بعد وقتها، أو حين يقوم مثلا للذهاب إلى العمل أو الدراسة.

      ومن الملاحظ والمؤسف أيضا أن أكثر من يتعرض لذلك طائفة الشباب؛ حتى إنك تنظر لصفوف المصلين في الفجر فلا تكاد ترى شابا، وإنما لا تجد إلا من كبار السن والعجائز. حتى أصبح التخلف عنها سمة ظاهرة تحتاج أن ينبه عليها، بيانا لفضيلتها، وتحذيرا من تركها والتغافل عنها.





      فوائد ومنافع وفضائل
      إن الله تعالى اختص صلاة الفجر بمكانة عظيمة من بين الصلوات، فجعل لها زيادة أجر، وكبير فضل، وعظيم مثوبة فاقت فيها بقية الصلوات؛ ذلك لمشقتها على النفوس، فهي تأتي في ظلمة الليل، وفي وقت الراحة والنوم، فكان هجر الفراش خصوصا في ليالي برد الشتاء القارس، وترك النوم خصوصا مع التعب، والاستجابة لداعي الفلاح "الصلاة خير من النوم" ما يجعلها سبب التمايز بين العباد، والامتحان الصعب الذي يختبر به الإيمان، من نجح في هذا الامتحان حاز على الجوائز العظيمة في الدنيا والآخرة، والتي منها:

      النور التام يوم القيامة: فجزاهم الله بمشيهم في الظلام إلى الصلاة بنور يجدونه يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: [بشر المشائين بالظلم (أي في الظلام) بالنور التام يوم القيامة].

      حفظ الله له: فمن صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله لقوله صلى الله عليه وسلم "من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله" (يعني في حفظه وحمايته وعهده).

      شهادة الملائكة له عند الله: يقول صلى الله عليه وسلم: [يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ـ وهو أعلم بهم ـ كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون](متفق عليه). فالذي يحافظ على صلاة الفجر تشهد له الملائكة يوميا عند الله عزوجل، وما أجملها وأجلها من شهادة.

      شهود قرآن الفجر المشهود: كما قال سبحانه **أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}(الإسراء:78)، قال المفسرون في معناها: "أن ما تقرأ به في صلاة الفجر من القرآن الكريم يكون مشهودا؛ أي أن ملائكة الليل والنهار يشهدونها، فظهرت لها الخصوصية والفضل".

      سبيل لدخول الجنة: إن أداء صلاة الفجر في جماعة في وقتها مع أداء صلاة العصر في وقتها من أسباب دخول الجنة؛ لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول: [من صلى البردين دخل الجنة](متفق عليه)، والبردان الصبح والعصر. وفي صحيح مسلم: [لن يلج النار أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها].. والمراد بهذا صلاة الفجر وصلاة العصر.

      من أسباب النظر إلى وجه الله الكريم في الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: [إنِّكم سترون ربَّكم كمَا ترون هذا القَمرَ لا تُضامونَ في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشَّمسِ وقبلَ غروبها فافعلُوا ثم قرأ: **وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}(سورة ق) والحديث متفق عليه.

      حصول الثواب الكبير: ففي الحديث: [ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها]، قال بعض العلماء: هما سنة الفجر.. فإذا كان هذا أجر السنة فكيف بأجر الفريضة وهي أحب إلى الله؟ كما في الحديث القدسي: [وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه].

      أجر قيام الليل: فمن نعمة الله على أهل الفجر أن الله يكتب لهم بحضورهم إلى الفجر مع العشاء أجر قيام الليل، كما في صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: [من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله].. وكلام العلماء يفهم منه أن صلاة العشاء في جماعة تعدل نصف ليلة، والفجر تعدل نصف ليلة، فيكون مصليهما كمن قام الليل كله.

      براءة من النفاق: صلاة الفجر في الجماعة علامة الإيمان ومحبة الرحمن وبراءة من النفاق؛ فإن العبد إذا قام من نومه في منتصف ليله، وترك فراشه، وقام فتوضأ وخرج من بيته إلى المسجد على ما في كل ذلك من المشقة فإنما يدل على أن محبوب الله أحب إليه من محبوب نفسه، وأنه إنما فعل ذلك طاعة لله وابتغاء رضا مولاه، وإيثارا لما عند الله، بخلاف المنافق الذي يتحين الفرص للفرار من العبادة، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: [إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا](لفظ مسلم).. قال الإمام ابن حجر: "وَإِنَّمَا كَانَتْ الْعِشَاء وَالْفَجْر أَثْقَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرهمَا لِقُوَّةِ الدَّاعِي إِلَى تَرْكِهِمَا، لِأَنَّ الْعِشَاء وَقْت السُّكُون وَالرَّاحَة وَالصُّبْح وَقْت لَذَّة النَّوْم".. اهـ.
      وقد كان السلف رحمهم الله إذا فقدوا الرجل في صلاة الفجر أساءوا به الظن.

      إن أداء صلاة الفجر في وقتها يزيد النشاط ويريح النفس، ويبعد عن الإنسان الضيق والاكتئاب والكسل. وقد جاء في الحديث الصحيح: [يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ مَكَانَهَا: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ](متفق عليه). ولذلك فإن أهل الفجر وجوههم مسفرة، وجباههم مشرقة، ونفوسهم طيبة، وأعمالهم زاكية، وأوقاتهم مباركة.
      وإن من فوائد صلاة الفجر أيضا: أن تكون بداية اليوم بالطاعة، والمساعدة على تنظيم الوقت، وتحصيل بركة البكور، وهو وقت الحفظ لطلبة العلم، وكذلك المزايا الصحية في استنشاق هواء الفجر النقي المفعم بالأكسجين، وغير ذلك من المنافع.

      فنصيحتي لك أخي الشاب أن تلحق بهذه الفئة الطيبة بالحرص على هذه الصلاة المباركة، والحذر من إضاعتها والنوم عنها، فإن الله قد حذر من كان هذا ديدنه فقال: **فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}(مريم:).
      قال العلماء ليس معنى أضاعوها: تركوها. ولكن أخروها عن أوقاتها.




      معينات على صلاة الفجر:
      فإذا أردت أن تزكي نفسك، وتطهر قلبك، وتتغلب على شيطانك، وتلحق بهذا الركب المبارك وتكون من أهل الفجر، فخذ بأسباب ذلك، والتي من أهمها:
      صدق الرغبة: فإن الله إذا علم من قلبك صدق الرغبة في الاستيقاظ لها أيقظك، فإن فاتك يوم أثابك على نيتك فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.

      ترك السهر: فالنوم المبكر من أهم أسباب الاستيقاظ للفجر، فدع السهر أمام الشاشات والأفلام أو مع الجوال أو مع الأصدقاء، واترك كل سهر لا يفيد، واخلد لنومك مبكرا، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السمر بعد العشاء، يعني في غير مصلحة.

      ترك الذنوب: خصوصا ذنوب الخلوات، وذنوب النظر المحرم، فكم من إنسان حرم الطاعة بسبب الذنوب.

      احرص على الأسباب المساعدة: كالنوم على وضوء، وكثرة الاستغفار، وضبط المؤقت والمنبه، ووصية بعض الأهل أو الجيران أو الأصدقاء بإيقاظك.

      وأخيرا عليك بالدعاء والإلحاح على الله؛ فإنه علامة صدق ودليل توفيق، وسبيل لتحقيق المراد **وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}(سورة غافر). **والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}(سورة العنكبوت).
      أسأل الله لي ولك التوفيق ولجميع المسلمين.

      إسلام ويب

       
    • من منا لا يريد أن يعيش في الدنيا أكثر من مرَّة .. لا لجمالها، ولا لنعيمها، ولا لمتعها وشهواتها، فما عند الله تعالى لعبده المؤمن من الخير أفضل له مما يطمع في تحصيل أضعاف أضعافه من الدنيا التي لا يساوي نعيمها في الآخرة مثقال حبة من خردل، حيث النعيم المقيم والخير العميم في جنات النعيم .. وإنما نريد حياة مديدة لنستكثر من الحسنات والباقيات الصالحات التي ننتفع بها يوم لقاء ربنا، ونتجاوز بها تلك العرصات في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
        والمأزق الشديد أننا لن نعيش في الدنيا إلا مرَّة واحدة، وإذا ذهبت الأعمار لم تتجدد مرة أخرى، وتلك والله داهية كبرى .. فرصة واحدة يشتري فيها العبد نفسه من ربه، فينجو، وإلا فالنار وبئس القرار!
      ولكن من الفطناء من يعيشون بأعمالهم الصالحة مرَّات وكرات .. يعيشون في مصرهم وغير مصرهم، ويحيون في عصرهم وفي غير عصرهم، وكلما مرَّ الزمان عليهم، طال عمرهم في الخير والثواب أكثر، وغنموا مزيدا من الأعمال المباركة التي يتعاظم ثوابها ويتبارك فضلها. (1)

      الأذان ثنتي عشر سنة
      عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال -صلى الله عليه وسلم-: (من أذن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة، وبإقامته ثلاثون حسنة) (2)
      قال المناوي: (من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة) قال الجلال البلقيني: حكمته أن العمر الأقصى مائة وعشرون سنة، والاثنتي عشر عشرها، ومن سنة اللّه أن العشر يقوم مقام الكل، قال تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } [الأنعام:160] فكأنه تصدق بالدعاء إلى اللّه كل عمره، ولو عاش هذا القدر الذي هذا عشره فكيف دونه؟ وأما خبر سبع سنين، فإنها عشر العمر الغالب (وكتب له بتأذينه كل يوم ستون حسنة، وبإقامته ثلاثون حسنة) فترفع بها درجاته في الجنان (3)
        الصلاة
      عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا تطهر الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصلاة، كتب له كاتبه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات، والقاعد يرعى الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه) (4) ‌
      وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف ليلة، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله) (5) ‌وفي رواية: (من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة) (6)
      وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) (7) قال المناوي: ‌(إن الرجل إذا صلى مع الإمام) أي اقتدى به واستمر (حتى ينصرف) من صلاته (كتب) وفي رواية "حسب" (له قيام ليلة) قال في الفردوس: يعني التراويح. (8)‌
        المحافظة على صلاة العصر
      عن أبي بصرة الغفاري -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (إن هذه الصلاة -يعني العصر- عرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ منكم اليوم عليها، كان له أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد) (9) والشاهد النجم، كناية عن غروب الشمس لأن بغروبها تظهر النجوم.
      صلاة الجمعة
      عن أوس بن أوس -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: (من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع وأنصت ولم يلغ، كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنة، أجر صيامها وقيامها) (10) قال السخاوي: لا أعلم حديثاً كثير الثواب مع قلة العمل أصح من حديث من بكر وابتكر، وغسل واغتسل ودنا وأنصت كان له بكل خطوة يمشيها كفارة سنة.. الحديث، سمع ذلك شيخنا ابن حجر من شيخه المصنف العراقي وحدثنا به كذلك غير مرة (11) وقال المباركفوري: قال بعض الأئمة: لم نسمع في الشريعة حديثاً صحيحاً مشتملاً على مثل هذا الثواب. (12)
        واختلف أهل العلم في معنى غَسَّل على أقوال لخصها ابن الأثير في النهاية (13) بقوله:
      1- ذهب كثير من الناس أن "غَسَّل" أراد به المجامعة قبل الخروج إلى الصلاة، لأن ذلك يجمع غض الطرف في الطريق. ذهب إلى هذا القول وكيع، والإمام أحمد. قال ابن رجب: وهو المنصوص عن أحمد، وحكاه عن غير واحد من التابعين، منهم: هلال بن يساف (14)، وعبد الرحمن بن الأسود، وغيرهما، روي عن عبد الرحمن بن الأسود (15) قال: "كان يعجبهم أن يواقعوا النساء يوم الجمعة؛ لأنهم قد أمروا أن يغتسلوا وأن يغسلوا، وهو قول طائفة من الشافعية" (16). وقد أخرج البيهقي من طريق أبي عتبة ثنا بقية ثنا يزيد بن سنان عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: ( أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل جمعة، فإن له أجرين اثنين أجر غسله وأجر غسل امرأته). ثم قال البيهقي رحمه الله تعالى: "ففي روايات بقية نظر، فإن صح ففيه المعنى المنقول في الخبر، وأيضاً فإنه إذا فعل ذلك كان أغض للبصر حال الرواح إلى الجمعة، ففي القديم كان النساء يحضرن الجمعة.والله أعلم"( 17)
      2- وقيل: أراد غَسّل غيره واغتسل هو؛ لأنه إذا جامع زوجته أحوجها إلى الغسل. هذا قول ذكره ابن خزيمة ولم ينسبه لأحد، وكذا ابن الأثير.
      3- وقيل: أراد بغَسّل غَسْلَ أعضائه للوضوء، ثم يغتسل للجمعة. ذكره ابن الأثير ولم ينسبه لأحد.
      4- وقيل: هما بمعنى واحد وكرره للتأكيد. قال الخطابي هو قول الأثرم صاحب الإمام أحمد.
      5- لم يذكره ابن الأثير وهو: أن (غَسَّل) معناه: غَسَلَ رأسه خاصة، لأن العرب لهم لمم وشعور، وفي غسلها مؤونة، فأفردها بالذكر، (واغتسل) يعني: سائر الجسد. وهو قول: مكحول، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي، وابن المبارك، وأبو عبيدة، وابن حبان، والبيهقي، والنووي. وذكر الطيبي أن الإمام أحمد رجع إلى هذا القول وترك القول الأول (18) واستدلوا بما يلي:
      أ - حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل وغسل رأسه.... ) الحديث (19)
      ب - حديث طاووس قال: قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اغتسلوا يوم الجمعة، واغسلوا رؤوسكم...) الحديث (20)
      ت - ما جاء في بعض طرق هذا الحديث، وهي رواية عبادة بن نسي عن أوس الثقفي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من غسل رأسه واغتسل... )الحديث (21) قال البيهقي: "لأنهم كانوا يجعلون في رؤوسهم الخمطي (22) أو غيره، فكانوا أولاً يغسلون رؤوسهم ثم يغتسلون" (23)
      6- لم يذكره ابن الأثير وهو: أنه غَسَل ثيابه واغتسل لجسده. وهذا قول الغزالي، والعراقي كما ذكر الشوكاني في نيل الأوطار (24) ولعل القول الخامس هو الأكثر قوة؛ للأدلة عليه .والله أعلم .
        وقد اختلف العلماء في معنى (بكر وابتكر) على أقوال:
      1- بكَّر: أتى الصلاة في أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه. وأما ابتكر فمعناه: أدرك أول الخطبة، وأول كل شيء باكورته، وابتكر الرجل: إذا أكل باكورة الفواكه. وهو قول أبو عبيدة، وابن قتيبة، والزمخشري (25)، وأهل اللغة (26) وذكره ابن الأثير (27) ورجحه الطيبي حيث قال: " أرى نقل أبي عبيدة أولى بالتقديم؛ لمطابقة أصول اللغة، ويشهد بصحته تنسيق الكلام، فإنه حث على التبكير، ثم على الابتكار، فإن الإنسان يعدو إلى المسجد أولاً ثم يستمع الخطبة ثانياً " (28).
      وقال ابن قتيبة: وأما قوله: (بَكَّر) فإن العوام تذهب في هذا إلى أنه الغدو إلى المسجد الجامع، وليس كذلك إنما التبكير ها هنا إتيان الصلاة لأول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء فقد بكّر إليه، ولذلك يقال: بكروا بصلاة المغرب، أي: صلوها عند سقوط القرص، ويقال لأول شيء يأتي من الفواكه: باكورة؛ لأنه جاء في أول الوقت. وأما قوله (وابتكر) فإنه أراد أدرك الخطبة من أولها، وأولها بكورتها كما يقال ابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفاكهة وابتكر إذا نكح بكراً أو تزوج بكراً، ومن الدليل على هذا التأويل حديث... فذكر حديث أوس الثقفي انتهى. (29)
      2- (بكَّر) أي: في بكرة النهار، وهي أوله. وابتكر: بالغ في التبكير - أي:جاء في أول البكرة. فهو للمبالغة والتوكيد. وهو قول الأثرم صاحب الإمام أحمد (30)، ودليله تمام الحديث: (ومشى ولم يركب) ومعناهما واحد. وجزم به ابن العربي (31)
      3- (بكَّر): راح في الساعة الأولى، (وابتكر): فَعَلَ فِعْلَ المبتكرين من الصلاة والقراءة وسائر وجوه الطاعة. ذكره النووي وحكاه عن الغزالي، والقاضي أبي الطيب (32) (33)
        قيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا
      قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3]
      قال مجاهد: "عملها وصيامها وقيامها خيرٌ من ألف شهر" (34)
      وقال عمرو بن قيس الملائي: "عملٌ فيها خيرٌ من عمل ألف شهر" (35)
      وعن قتادة قال: "خيرٌ من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر (36)
      قال الدكتور عبد الرحمن حبنكة: "وألف شهر تعادل ثلاثاً وثمانين سنة وثلث السنة، وهذا عمرٌ قلَّ من الناس من يبلغه، فكيف بمن يعبد الله فيه، وهو لا يعبد إلاّ مميزًا على أقل تقدير" (37)
      وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه) (38)
      قال ابن بطال: "ومعنى قوله: (إيماناً واحتساباً) يعني مُصدِّقاً بفرض صيامه، ومصدقاً بالثواب على قيامه وصيامه، ومحتسباً مريداً بذلك وجه الله، بريئاً من الرياء والسمعة، راجياً عليه ثوابه" (39)
      قال النووي: "معنى إيماناً: تصديقاً بأنّه حق، مقتصد فضيلته، ومعنى احتساباً: أن يريد الله تعالى وحده، لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص، والمراد بالقيام: صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها" (40)
      وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله: أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: (اللهم إنك عفوٌ كريم تحب العفو فاعف عني) (41)

      الهوامش
      [1] كيف تعيش أكثر من مرة؟/ عبد اللطيف بن هاجس الغامدي. بتصرف [2] رواه ابن ماجة (صحيح) صحيح الجامع: 6002‌ [3] فيض القدير للمناوي 2/254 [4] رواه أحمد وابن حبان والحاكم (صحيح) صحيح الجامع: 434 [5] رواه مسلم ــ كتاب المساجد رقم 1362وأحمد (صحيح) صحيح الجامع: 6341 [6] رواه أبو داود والترمذي عن عثمان (صحيح) صحيح الجامع: 6342‌ [7] رواه أحمد والترمذي وقال الترمذي حسن صحيح (صحيح) صحيح الجامع: 1615 [8] فيض القدير للمناوي 1/524 [9] رواه مسلم والنسائي (صحيح) صحيح الجامع: 2266 ‌[10] رواه أحمد (صحيح) صحيح الجامع: 6405.‌ انظر أحمد في مسنده 4-9+10+104، وابن أبي شيبة 2-93، وأبو داود 345، وابن ماجه 1087، وابن حبان 2781، والطبراني في معجمه الكبير 585، والحاكم 1-282، والبيهقي 3-229، والبغوي في شرح السنة 1060 [11] فتح المغيث للسخاوي 3 – 18 [12] تحفة الأحوذي 3-5 [13] النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 3-367 [14] هلال بن يساف الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة، من الثالثة (التقريب 576) [15] عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات أبوه في ذلك الزمان، فعد لذلك من الصحابة. قال العجلي: من كبار التابعين (التقريب 336) [16] فتح الباري لابن رجب 8-90 [17] شعب الإيمان 6-250، وفي سنده أبو عتبة هو: أحمد بن الفرج الحجازي ضعفه محمد بن عوف الطائي قال ابن عدي لا يحتج به هو وسط وقال ابن أبي حاتم محله الصدق. (ميزان الاعتدال 1-272 ) [18] صحيح ابن حبان 7-20، والسنن الكبرى للبيهقي 3 -227، وشرح السنة للبغوي 2-570، والمجموع للنووي 4-463، وشرح الطيبي على المشكاة 4-1276 [19] صحيح ابن خزيمة 3-152 رقم 1803 بإسناد صحيح كما قال الألباني. [20] صحيح البخاري مع الفتح 2-431، رقم 884 [21] سنن أبي داود 2-247، رقم 346 [22] قال في لسان العرب 4-220: الخمط: ضرب من الأراك له حمل يؤكل ... وقال الفراء: الخمط: ثمر الأراك ... والخمط: شجر مثل السدر، وحمله كالتوت [23] السنن الكبرى 3-227 [24] نيل الأوطار (1-277) [25] الفائق في غريب الحديث 3-67 [26] القاموس المحيط 1- 452، والمصباح المنير ص 58، ولسان العرب 4-76، ومختار الصحاح ص 25، والمغرب 1-84 [27] النهاية في غريب الحديث 1-148[28] شرح الطيبي على المشكاة 4-1277[29] غريب الحديث 1- 2 [30] المغني مع الشرح الكبير 2-147، ومعالم السنن للخطابي مع مختصر المنذري 1-213 [31] عارضة الأحوذي 2-279 [32] المجموع 4-543 [33] حديث فضل التبكير إلى الجمعة رواية ودراية مجلة الجندي المسلم العدد 119[34] انظر تفسير الطبري 24/533 [35] المصدر السابق. [36] المصدر السابق [37] الصيام ورمضان في السنة والقرآن لعبد الرحمن حسن حبنكه (ص183) [38] رواه البخاري (1/28) كتاب الإيمان باب قيام ليلة القدر من الإيمان رقم (35)، ومسلم (1/235)، واللفظ له، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح رقم (759) [39] شرح صحيح البخاري لابن بطال (1/59) [40] شرح صحيح مسلم للنووي (6/39) إكمال المعلم للقاضي عياض (3/112) [41] رواه الترمذي (5/534) كتاب الدعوات، باب حدثنا يوسـف بن عيسى رقـم (3513). وابـن ماجـه (2/1265) كتاب الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية. وأحمد في المسند (6/171، 182، 183). والحاكم (1/530)، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ولم يتعقبه الذهبي.   صيد الفوائد د. خالد سعد النجار    
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182672
    • إجمالي المشاركات
      2536554
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93296
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    Hend khaled
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

< إنّ من أجمل ما تُهدى إليه القلوب في زمن الفتن أن تُذكَّر بالله، وأن تُعادَ إلى أصلها الطاهر الذي خُلِقت لأجله. فالروح لا تستقيم بالغفلة، ولا تسعد بالبعد، ولا تُشفى إلا بالقرب من الله؛ قريبٌ يُجيب، ويعلم، ويرى، ويرحم

×