اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57880
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180602
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8287
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30261
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53051
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97011
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31798
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33888
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91747
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32203
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34855
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37667 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • الحمد لله معز الإسلام بنصره ومذل الشرك بقهره ومزيد النعم بشكره ومستدرج الكافرين بمكره، الذي قدر الأيام دولا بعدله فجعل العاقبة للمتقين بفضله. والصلاة والسلام على من كان يظلله الغمام وتسلم عليه الأحجار والأشجار، أما بعد:

      ففي زمن الفتن التي لحقت بالأمة الإسلامية و حاولت أن تبعدها عن منهج ربها، وأن تطويها تحت جناح الذل والهيمنة الفكرية والاقتصادية والحربية، وركز أعداء الأمة على محاربة الدعاة وبأشد الطرق، فأخدوهم بالليونة تارة و بالقوة تارة أخرى وهذا ما تصوره الآيات، التي نحاول أن نقف على فهم لها من خلال كتاب الله. ثم لنطلع من خلالها على وسائل الثبات على الحق، لتعصمنا من الركون إلى الأعداء و بالتالي تعصمنا من سخط الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِين ﴾ [النساء: 144].

      فنسأل الله  أن تخرج من هذا البحث بأجمل الثمرات فيه.البحث حول تفسير لقوله تعالى: ﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتّخَذُوكَ خَلِيلاً ﴿73 ﴾ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ﴿74 ﴾ إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ﴾ [الإسراء:74-75]، ﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونكَ ﴾، ﴿ وَإِذاً لاتَخَذُوكَ خَلِيلا ﴾، ﴿ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ ﴾، ﴿ إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ﴾

      بداية يجب التنبيه على أكثر من نقطة:
      أن أسباب النزول لهذه الآية قد كثرت وقد اخترنا أقواها سنداً ومتناً:

      قال السيوطي: " أخرج ابن مروديه وابن أبي حاتم من طريق إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال: خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد تعالى فاستلم آلهتنا وندخل معك في دينك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرقّ لهم، فأنزل الله:
      ﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَخَذُوكَ خَلِيلاً ﴿73 ﴾ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ﴿74 ﴾ إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً ﴾[الإسراء:73-75] قلت وهذا أصح ما ورد في سبب نزولها وهو إسناد جيد وله شاهد " (1).

      2- أن النبي صلى الله عليه وسلم كاد أن يستدرك لمطاوعة قومه بسبب حرصه على إسلامهم فأرادوا مداهنته وهو لا يعلم أنهم يمكرون به.قال ابن الجوزي: " قال ابن عباس:....... وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوماً، ولكنه تخويف لأمته، لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين في شيء من أحكام الله وشرائعه " (2)." قال القاضي: معنى قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ ﴾ أنك كنت على صدد الركون إليهم لقوة خداعهم وشدة احتيالهم، لكن أدركتك عصمتنا فمنعتك من أن تتقرب من الركون فضلاً عن أن تركن إليهم، وهو صريح في أنه عليه الصلاة والسلام مساهم بإجابتهم مع قوة الداعي إليها، ودليل على أن العصمة بتوفيق الله وحفظه ".


      1- ﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ ﴾
      لغة: " يفتنوك " لغة: " فتنه يَفْتِنُه ": أوقعه في الفتنه ".(3)وقال ابن المنظور: " والفتنة: الضلال والإثم " (4).اصطلاحاً:ذكر القرطبي لها معنيين:1- " (يزيلونك) يقال: فتنت الرجل عن رأيه إذا أزلته عما كان عليه، قاله الهروي " (5).2- وقيل يصرفونك، والمعنى واحد " (6).فحاول المشركون أن يصرفوا أو يزيلوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم القرآن وأوامره، وأرادوا أن يجعلوه مخالفاً لحكم القرآن(5)، وينتج عن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم سيفترى كذباً.قال الماوردي: " يحتمل وجهين:أحدهما: لتدعي علينا غير وحينا.الثاني: لتعتدي في أوامرنا " (7).لأنه إذا حكم بغير ما أنزل الله اضطر لأن يختلق حكماً لأصحابه ينسبه إلى الله تعالى ليجعل لما فعله وجهاً شرعياً، أولأنه سيخالف حكم الله في كتابه.وهذا ما فُعل في هذا العصر، فقد سُوِم على كرامتنا وإسلامنا فقبلنا ففتنا عما جاء به قرآننا، فاضُطُّر أن يُبرر للجماهير أن ما فُعل يستند على رؤية شرعية.لقد الله أراد بهذا الحدث أن يعلم أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم عدم المساومة على الحق لأن أساليب العدو متنوعة تارة بالترغيب وتارة بالترهيب وتارة بالمساومة.لذلك بوب د/ محمد أمحزون في كتابه باباً بعنوان " الثبات على المبدأ ورفض المساومة عليه ".وعدّ من أساليب المشركين:" استدراج صاحب الدعوة إلى أنصاف الحلول للتنازل عن بعض دعوته " (8) وذكر تحته القصة.
      فعلى الأمة ألا ترضى بأنصاف الحلول ولا تساوم على الحق، فقد ساومنا على أرض فلسطين فضاعت لأننا حين ساومنا تخلى عنا الله ـ كما سنذكر فيما بعد ـ. فعلينا أن نستمسك بما أوحي إلينا لأننا على صراطٍ مستقيم.

      وينتبه سيد قطب إلى معنى آخر فيقول: " هذه المحاولات التي عصم الله منها رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي محاولات أصحاب السلطان مع أصحاب الدعوات دائماً محاولة إغرائهم لينحرفوا ـ ولو قليلاً ـ عن استقامة الدعوة وصلابتها ويرضوا بالحلول الوسط التي يغرونهم بها في مقابل مغانم كثيرة.
      ومن حملة الدعوات من يفتن بهذا عن دعوته لأنه يرى الأمر هيناً، فأصحاب السلطان لا يطلبون إليه أن يترك دعوته كلية إنما يطلبون تعديلات طفيفة ليلتقي الطرفان في منتصف الطريق.وقد يدخل الشيطان على حامل الدعوة من هذه الثغرة فيتصور أن خير الدعوة في كسب أصحاب السلطان إليها ولو بالتنازل عن جانب منها، ولكن الانحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق.
      وصاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزء ولو يسير، وفي إغفال طرف منها ولو ضئيل، لا يملك أن يقف عند ما سلم بها أول مرة، لأن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إلى الوراء، والمسألة مسألة إيمان بالدعوة كلها فالذي ينزل عن جزء منها مهما صغر والذي يسكت عن طرف منها مهما ضئول، لا يمكن أن يكون مؤمناً بدعوته حق الإيمان فكل جانب من جوانب الدعوة في نظر المؤمن هو حق كالآخر وليس فيها فاضل ومفضول وليس فيها ضروري ونافلة، وليس فيها ما يمكن الاستغناء عنها.
      وهي كل متكامل يفقد خصائصه كلها حين يفقد أحد أجزائه، كالمركب يفقد خواصه كلها حين يفقد أحد أجزائه، كالمركب يفقد خواصه كلها إذا فقد أحد عناصره !.وأصحاب السلطان يستدرجون أصحاب الدعوات فإذا سلموا في الجزء فقدوا هيبتهم وحصانتهم، وعرف المتسلطون أن استمرار المساومة وارتفاع السعر ينتهيان إلى تسليم الصفقة كلها.
      والتسليم في جانب ولو ضئيل من جوانب الدعوة تكسب أصحاب السلطان إلى صفها، هو هزيمة روحية بالاعتماد على أصحاب السلطان في نصرة الدعوة، والله وحده هو الذي يعتمد عليه المؤمنون في دعوتهم، ومتى دبت الهزيمة في أعماق السريرة فلن تنقلب الهزيمة نصراً " [1]
      وهذا نص نفيس على القارئ أن يقرأه أكثر من مرة.فعلينا أن نساوم على حقوقنا، ولا يساوم الدعاة في دعوتهم.ولينتبه أن هذا يخالف الأولويات في مسيرة الدعاة خاصة في زمن الاستضعاف.

      2- ﴿ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ﴾
      خليلاً لها معنيان:1- الموالاة والمصافة والمصادقة من الخُلة.2- أي: فقير لحاجته إليهم من الخَلة [انظر تفسير القرطبي:10/305 والماوردى:3/260].والجمع بين المعنيين أولى، إذ لو مشى في طريق المساومة لصار صديقاً إليهم ورضوا عنه ﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم ﴾ [البقرة:120]، ولأن المسلم إذا تخلى عن الله استهوته الشياطين من الإنس والجن فضعف واحتاج إليهم ليأخذ منهم سلاحه وقوته وأمنه.وأرى أن الواقع خير دليل، وما سفن القمح منا ببعيد بعد أن كنا أرضاً زراعية خصبة ولكن أوقعنا في فخ الفتنة فاتخذونا خليلاً.فهم بداية يخلعونا من ديننا حتى نحتاج إليهم وبالفعل نجح مخططهم لأننا قبلنا المساومة على حق من حقوقنا ولو كان شبراً.وهاك دليل آخر أنهم ساوموا عالماً على دينه فبذل لهم من دينه ما يحبون، فصار خليلاً لهم يحتاج منهم قوته وأمنه.ونسي سعيد الحلبي الذي مدّ رجله في المسجد فدخل عليه السلطان فما رد رجله فأراد أن يعطيه مالاً فقال: " إن الذي يمد رجله لا يمد يده، ولو مد يده لقطع السلطان رأسه ".وعلى المسلم أن يعادي أعداء الله ولا يواليهم وليعلم أن خسارته في مولاتهم ولأن الفقر مرهون بذلك الأمر.

      3- ﴿ وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ ﴾
      قال القرطبي: " أي: على الحق وعصمناك من موافقتهم " [الجامع لأحكام القرآن:10/305].
      فثبت أصلاً بالعصمة، ولكن ثبت الله نبيه وأمته من بعده بأشياء ومقومات نريد أن نقف على بعضها من خلال كتاب الله:

      1- قيام الليل:
      فعندما نام صلى الله عليه وسلم مهموماً من قومه أنزل الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [لباب التقول في أسباب النزول:317، المزمل:1-2] فجعل تفريج كربه في قيام الليل. و كان سلفنا الصالح إذا همهم أمر بالنهار رددوا " إن الليل قريب "، لأنك بالليل تخلو بالله تدعوه وتتوسل إليه في و قت نزوله سبحانه و تعالى إلى السماء الدنيا، و تستمد منه عونك و قوتك.

      2- قصص من قبله:
      يقول د. محمد أمحزون: " الاستفادة من تجارب السابقين، فهي خبرات عملية، وهي بين موقفين: موقف إيجابي يحسن التأسي به، وموقف سلبي ومنزلقات على الطريق ينبغى الحرص والإبتعاد عنها، فالموقف الإيجابي يشد عزائم المؤمنين، ويثبت روح الثبات فيهم كقصة أصحاب الإخدود التي عبرت عن صبر وثبات المؤمنين السابقين " [منهج النبي في الدعوة:73-74].لذلك قال لنبيه صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر قصص الأنبياء مع قومهم في سورة هود قال في آخرها: ﴿ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾[هود:120].قال الماوردى: " أي: نقوي به قلبك وتسكن إليه نفسك لأنهم بلوا فصبروا وجاهدوا فظفروا " [النكت والعيون:2/512].

      3- وعي المسلمين لموقفهم في التاريخ:
      ينبثق وعي المسلمين بذاتهم وموقفهم من خلال قوله تعالى: ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ﴾ [آل عمران:110]وقوله تعالى: ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿43 ﴾ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف:42-44] فهو ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ولقومه.ومن قوله تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ﴾[الفرقان:1] فإذا وعى المسلم موقفه كما هو وعاه ربعي بن عامر استطاع أن يثبت على الحق ويتحمل في سبيله ما يتحمل حتى يتم توصيله إلى الناس وإفهامهم إياه. و لكن حاول الغرب أن يلقوا في صدورنا أن الإسلام قد اتنهى دوره في الأرض و جاء دور الحضارة الغربية، فألقوا هذا في قلوب المسلمين فوقفوا عن دعوتهم وأخذوا في تلقي الحضارة الغربية مع اعتقادهم أنها منقذة لهم من الضلال والهزيمة، و لكن لا... مازال للمسلمين الدور في قيادة البشرية للخير، يقول المفكر الإسلامي سيد قطب - رحمه الله -: " فمن طبيعة المنهج الذي يرسمه هذا الدين ومن حاجة البشرية إلى هذا المنهج نستمد نحن يقيننا الذي لا يتزعزع في أن المستقبل لهذا الدين، وأن له دوراً في هذه الأرض هو مدعو لأدائه ـ أراد أعداؤه أم لم يريدوا ـ وأن دوره هذا المرتقب لا تملك عقيدة أخرى كما لا يملك منهج آخر أن يؤديه، وأن البشرية بجملتها لا تملك كذلك أن تستغني طويلاً عنه... ولا حاجة بنا إلى المضي في توكيد هذه الحقيقة على هذا النحو، ونكتفي في هذا الموضوع بعرض عبرة من الواقع التاريخي للإسلام، لعلها أنسب العبر في هذا المقام. بينما سراقة بن مالك يطارد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبا بكر رضي الله عنه وهما مهاجران خفية عن أعين قريش وبينما كان سراقة يعثر به فرسه كلما هم أن يتابع الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه طمعاً في جائزة قريش المغرية التي رصدتها لمن يأتيها بمحمد وصاحبه أو يخبر عنهما...، وبينما هو يهم بالرجوع وقد عاهد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكفيهما من وراءهفي هذه اللحظة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا سراقة كيف بك وسوارى كسرى...).ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عارفاً بالحق الذي معه معرفته بالباطل الذي عليه الجماهير التي في الأرض كلها يوم ذاك. وكان واثقاً من أن الحق لابد أن ينتصر على هذا الباطل في صورته هذه ثم لا يكون ما يكون " [المستقبل لهذا الدين: سيد قطب].يقول الشيخ الغزالي: " ليست الأمة الإسلامية جماعة من الناس همها أن تعيش بأي أسلوب، أو تخط طريقها في الحياة إلى أي وجهة وما دامت تجد القلوب واللذة فقد أراحت واستراحت.كلا.... كلا، فالمسلمون أصحاب عقيدة تحدد صلتهم بالله، وتوضح نظرتهم إلى الحياة وتنظم شئونهم في الداخل على أنحاء خاصة، وتسوق صلتهم بالخارج إلى غايات معينة. وفرق بين امرئ يقول لك: همي في الدنيا أن أحيا فحسب، وآخر يقول لك: إذا لم أحرس الشرف، وأصن الحقوق، وأرض لله وأغضب من أجله فلا سعت لي قدم ولا طرفت لي عين....... والمهاجرون إلى المدينة لم يتحولوا عن بلدهم ابتغاء ثراء أو استعلاء، والأنصار الذين استقبلوهم وناصبوا قومهم العداء، وأهدفوا أعناقهم للقاصى والداني، لم يفعلوا ذلك، ليعيشوا كيفما اتفق إنهم جميعاً يريدون أن يستضيئوا بالوحي وأن يحصلوا على رضوان الله وأن يحققوا الحكمة العليا التي من أجلها خلق الناس وقامت الحياة.......... وهل الإنسان جحد ربه واتبع هواه إلا حيوان ذميم أو شيطان رجيم " [فقه السيرة: محمد الغزالى: صـ188].
      ويقول محمد قطب: " إن هذه الأمة.. لم تخرج لذات نفسها فحسب وإنما خرجت لتكون رائدة لكل البشرية وشاهدة عليه: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ﴾ [البقرة:143] فهي حين تكون ذات وجود فعلى تحقيق الخير لنفسها وللبشرية معها. وحين ينحصر وجودها في الساحة فإنها تؤذي نفسها وتؤذي البشرية معها. وكلا الوجهين تحقق في تاريخ الأمة:

      الجهة الأولى: أن الهوان الذي تعيش فيه الأمة اليوم يُنسي أبناءها قدر هذه الأمة، ووظيفتها التي أخرجها الله من أجلها إذ يجد المسلم نفسه وأمته في ذيل القافلة، لاهثين ليلحقوا بالركب فيستصغر قيمة نفسه، فلا يكاد يصدق أصلاً أنه أدى دوراً تاريخياً وكان قائداً لها ورائداً لمسيرتها.

      الجهة الثانية: أن هذا الهوان ذاته ينسي المسلم المعاصر الهدف الذي يجب أن يعيش من أجله، فليس الهدف أن يلهث ليلحق بركب الجاهلية، وإنما هدفه أن يسترد مكان الريادة للبشرية مرة أخرى، ويرد البشرية الضالة إلى صوابها فإنه ينبغي ألا يغيب عن قلب المسلم المعاصر إحساسه برسالته الربانية ليكون هذا حافزاً له على العمل الجد ليخرج من تخلفه. " [كيف نكتب التاريخ الإسلامي: محمد قطب: صـ161]

      4- التذكير الدائم للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته بأنهم على الحق:
      قال تعالى: ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾[الزخرف:43]. وقال أيضـاً: ﴿ فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [يونس:94].وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴿36 ﴾ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ ﴾ [الرعد:36-37]وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾[فاطر:31].وقال تعالى: ﴿ وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأنعام:126]وقال أيضاً: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾[الأنعام:160].


      5- الصبر:
      " لم يكن تغيير الواقع الجاهلي وتحويله إلى واقع مسلم بالأمر الهين والسهل، بل قد احتاج إلى الجهد الكبير والإرادة الصلبة والعزيمة القوية.وهذا الجهد لا يمكن المضي في بذله إلا إذا تدربت إدارة صاحبه على قوة التحمل وتوطنت نفسه على الصبر، لأنه العدة اللازمة في بلوغ الأهداف الكبيرة.على أن الصبر ليس موعظة تستمع أو درساً يحفظ، وإنها مواقف تختبر بها صلابة الإرادة وقوة تحملها في الميادين المختلفة بالممارسة. " [منهج النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة:77-78].
      ويقول سيد قطب: " ذلك أن الله سبحانه يعلم ضخامة الجهد الذي تقتضيه الاستقامة على الطريق بين شتى النوازع والدوافع، والذي يقتضيه القيام على دعوة الله في الأرض بين شتى الصراعات والعقبات.. لا بد من الصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي والصبر على جهاد المُشَاقِّين لله والصبر على الكيد بشتى صفوفه والصبر على بطء النصر والصبر على بُعد المشقة والصبر على انتفاش الباطل والصبر على قلة الناصر والصبر على طول الطريق الشائك والصبر على إلتواء النفوس وضلال القلوب وثقلة العناد ومضاضة الإعراض. " [في ظلال القرآن:1/141].

      الصبر هو الواحة الخضراء لمن فقد الظل في القفراء وهو الجعفر الكبير لمن اشتد عليه الصدى في الصحراء حتى أوشك على الهلاك، ولتكن مع سورة الأنعام نستمع إلى هذا الزاد: ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأنعام:34].
      وبعد أن ذكر الله قصة نوح عليه السلام في سورة هود وأنه ظل يدعو قومة قرابة العشرة قرون أتحفه الله بالنصر فقال لحبيبه: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود:49].وعندما أمره باتباع وحيه أمره بالصبر على ذلك حتى يحكم الله: ﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [يونس:109] وبين سبحانه أن نصره لبني إسرائيل على فرعون كان بسبب صبرهم: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ [الأعراف:137].وعد الله الصابرين في زمرة المتقين والصادقين: ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة:177] وبعد المعارك الطويلة التي دارت رحاها في في آل عمران أمرنا في نهاية السورة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
      ولاحظ معي أن لفظ وصابروا يدل على المفاعلة على الأخذ والجذب، أي: أنه صبر إيجابي لا صبر سلبي.
      وفي زمن الاستضعاف وتمكُن أعداء الله منا أُمرنا بالصبر على آذاهم وعدم قتالهم حتى يمكنا الله ونطهر ديننا: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذىً كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [آل عمران:186].
      يقول ابن تيمية: " فأما قبل براءة وقبل بدر فقد كان ـ أي: الرسول صلى الله عليه وسلم ـ مأموراً بالصبر على آذاهم والعفو عنهم، وأما بعد بدر وقبل براءة فقد كان يقاتل من يؤذيه ويمسك لسانه عمن سالمه، كما فعل بابن الأشرف وغيره ممن كان يؤذيه. فبدر كانت أساس عز الدين وفتح مكة كان كمال عز الدين، فكانوا قبل بدر يسمعون الأذى الظاهر ويؤمرون بالصبر عليه وبعد بدر يؤذون في السر من جهة المنافقين وغيرهم ويؤمرون بالصبر عليه، وفي تبوك أمروا بالإغلاظ على الكفار والمنافقين فلم يتمكن بعدها كافر ولا منافق من آذاهم في مجلس خاص ولا عام، با مات بغيظه لعلمه بأنه يُقتل إذا تكلم.
      فكان ذلك عاقبة الصبر والتقوى اللذين أمرهم بها في أول الأمر وكان ذاك لا يؤخذ من أحد من اليهود الذين بالمدينة ولا غيرهم جزية، وصارت تلك الآيات ـ أي: آيات الصبـر على أذى الكفارـ في حق كل مؤمن مستضعف لا يمكنه نصر الله ورسوله بيده ولا بلسانه فينصره بما يقدر عليه من القلب ونحوه.فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر.. " [تقريب الصارم المسلوم على شاتم الرسول لابن تيميه: صلاح الصاوى:117-118].


      6-الذكر:
      وربما ينفد زاد الصبر فيكون التسبيح هو الذي دائماً يملؤه.لذلك قال تعال رابطاً بين الصبر والتسبيح: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ﴾ [طه:130].وقال: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴿39 ﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ [ق:39-40].فالذكر هو الزاد الدائم والرابط بين الإنسان والقوى العظمى في الكون، لذلك نرى أن المؤمنين قبل أن يخوضوا أي معركة يستقبلونها بالذكر، قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿250 ﴾ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [البقرة:250-251].وقال أيضاً: ﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴿146 ﴾ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران:146-147].وقال تعالى مبيناً زاد الثبات في المعركة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ﴾ [الأنفال:45].وما انتصر الحبيب صلى الله عليه وسلم في بدر حتى وقع رداؤه من على منكبيه.وإليك تلك القصة التي يرويها الشيخ حافظ سلامة في حروب الاستنزاف: " كما لا أنسى فضيلة الدكتور محمد نايل عندما كان بكتيبة من مدفعية هوزر تقع بضواحي السويس ويرى الجند عند اشتباكهم مع جنود العدو وهم يصيحون [هه هه هه] فيقول لهم لماذا لا تغيرون [هه هه هه] إلى [الله أكبر] عند حملكم دانات المدفعية، أو عند انطلاقها؟!. بل وفي جميع تحركاتكم؟! فإن عناية الله ستكون معكم ! ولم تمض ساعات بعد خروج د. محمد نايل ومع توصيته لهؤلاء الجنود. ولأول مرة تشهد المعركة عند تبادل طلقات المدفعية بيننا وبين مدفعية العدو ويبدأ أبناؤنا تنفيذ وصية دز محمد نايل بشعار " الله أكبر " فإذا بهم ولأول مرة يخرسون مدفعية العدو ويصيبونها في مقتل وتنتصر المدفعية المصرية لأول مرة " [ملحمة السويس في حرب العاشر من رمضان: حافظ سلامة:80]فبالله أكبر نستجلب معية الله الخاصة التي تكون بالعناية والحفظ والنصر.

      5- ﴿ إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ﴾
      ولقد ذكر الله عقاب الركون إليهم ومساومتهم على حقوقنا ودعوتنا وهو:1- ضعف الحياة وضعف الممات:قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: " لأذقناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات "والضعف هو النصيب " [النكت والعيون:3 \ 260].2- ثم لا تجد لك علينا نصيراً:التخلي عن النصرة بداية ثم لن ينصره أحد من عذاب الله فلا نصير له ولا معين فليذهب إلى من ساومهم ربما ينصرونه.
      لذلك قال عمر بن الخطاب: " كنا أذل العرب فأعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. "وأخيرا هذا هو جهد المقل في هذا الموضوع فإن وفقت فما توفيقي إلا بالله، وإن أخفقت فبما كسبت يدي. والسلام عليكم ممن يحب لكم الخير والسلام.

        الكلم الطيب


       
    • ﴿إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿١٢٤﴾ ﴾    [النحل   آية:١٢٤]   آية (124): * آية تتكرر كثيراً (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) الأنعام) مرة تأتي بإضافة يحكم بينكم ومرة يعملون (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (7) الزمر)؟ وما الفرق بين الحكم والفصل في القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)   لم يقل مرة يحكم فيما كانوا يعملون فقط ذكر الاختلاف قال (فيماهم يختلفون) فقط لم يذكر شيئاً آخرلم يقل يعملون ولا يصدفون وإنما قال يختلفون إذن الشق الأول من السؤال غير صحيح. نأتي للفرق بين الحكم والفصل، الحكم القضاء والفصل أشد لأنه يكون بَوْن أحدهما، أن يكون بينهما فاصل حاجز إذن الفصل أشد فإذن لما يقول في القرآن يفصل بينهم تكون المسافة أبعد كأن يذهب أحدهم إلى الجنة والآخر إلى النار أما الحكم فلا وقد يكون في ملة واحدة، نضرب أمثلة: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) البقرة) هؤلاء يذهبون معاً إلى جهة واحدة اليهود والنصارى كلاهما ليس أحدهما إلى الجنة والآخر إلى النار فليس فيه فصل. (إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124) النحل) اختلاف في ملة واحدة وهم اليهود، وكلهم يذهبون معاً إلى جهة واحدة مع بعض. (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (3) الزمر) كلهم يذهبون إلى جهة واحدة. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) الحج) هؤلاء لا يذهبون إلى جهة واحدة فهم فئات مختلفة إذن يفصل. الفصل يتضمن الحكم حكم وفصل فيكون أشد. ولذلك قال المفسرون في قوله تعالى (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) السجدة) قالوا الفصل بين الأنبياء وأممهم وبين المؤمنين والمشركين. فإذن الفصل حكم لكن فيه بَوْن كل جهة تذهب إلى مكان لذا قال في سورة ص (خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ (22)) هذا حكم قضاء.  
    • تأملات تربوية في نماذج نسائية خالدة

      الحديث: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». أخرجه البخاري (3411) ومسلم (2431).


      ما المراد بالكمال في هذا الحديث؟
      المراد من الكمال في هذا الحديث الشريف: بلوغ الغاية الممكنة من التُّقى، والفضائل، والأخلاق، والخصال الحميدة. وهو كمال بشري نسبي، لا الكمال المطلق الذي لا يليق إلا بالله سبحانه وتعالى. قال الإمام النووي رحمه الله: «والمراد هنا التناهي في جميع الفضائل، وخصال البر والتقوى». «شرح صحيح مسلم» (ج15 ص 198).

      وقال الأمير الصنعاني رحمه الله: «قوله: «كمل من الرجال كثير»: أي في الدين، إذ هو الكمال الحقيقي. ويقال: كمال المرء في سنن العلم والحق، والعدل والصواب، والصدق والأدب، والكمال في هذه الخلال موجود في كثير من الرجال، بفضل العقول وتفاوتها». «التنوير شرح الجامع الصغير» (ج8 ص 239).

      وقال الإمام القرطبي رحمه الله: «ولا شك أن أكمل نوع الإنسان: الأنبياء، ثم يليهم الأولياء، ويعني بهم: الصديقين، والشهداء، والصالحين». «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (ج6 ص 332).

      ولا ريب أن هذه المرتبة من الكمال قد بلغها كثير من الرجال، بخلاف النساء. فالرجال كان منهم الأنبياء والرسل، وأعداد لا تُحصى من الشهداء والصديقين والأولياء، وقد بلغ كثير منهم الغاية في الكمال ضمن هذه المراتب. أما النساء، فمع وجود الصديقات والصالحات منهن، إلا أن من بلغ منهن هذه المرتبة من الكمال قليل، كما دلَّ عليه هذا الحديث النبوي الشريف.

      ليس في الحديث حصر ولا نفي لإمكان الكمال في نساء الأمة:
      ومع هذا، فليس في الحديث نفي لإمكان كمال نساء هذه الأمة، بل قد وقع التصريح بعدم الحصر في مواضع أخرى. فقد جاء في «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (ج7 ص440) للقاضي عياض رحمه الله: «وليس يشعر الحديث بأنه لم يكمل ولا يكمل ممن يكون في هذه الأمة غيرهما، أي: مريم وآسية». وكذلك قال الأمير الصنعاني في «التنوير شرح الجامع الصغير» (ج8 ص 239): وليس في الاقتصار عليهما حصرٌ للكمال فيهما؛ فقد ثبت أن فاطمة رضي الله عنها أكمل النساء على الإطلاق».


      تأمل جديد في حديث مألوف:
      غالبًا ما يتناول شُرّاح هذا الحديث الشريف مسألة «الكمال» من زاوية العقيدة، أو النبوة، أو الخصائص الفطرية بين الجنسين، غير أننا نحاول تأمله من زاوية تربوية وإنسانية مختلفة تمامًا:
      • لماذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء النسوة تحديدًا؟
      • ما الرسالة التي أراد إيصالها من خلال تقديمهن كنماذج؟
      • وهل يقتصر الاقتداء بهن على النساء، أم أنهن قدوات صالحة للرجال أيضًا في بعض الجوانب؟

      ورغم أن الرواية المشهورة اقتصرت على ثلاث نساء، فإن روايات أخرى في كتب الحديث والتفسير أضافت إلى هذه القائمة وفي مناسبات عدة: هاجر زوجة إبراهيم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

      وهكذا، فإن الحديث بمعناه الأوسع يفتح أمامنا أفقًا غنيًا بنماذج نسائية خالدة، كل واحدة منهن تمثّل جانبًا مضيئًا من جوانب الكمال الإنساني، يستفيد منه الرجل والمرأة على السواء.

      تنوع الزمان والمكان: القدوة لا يُقيدها عصر ولا بيئة
      فلنتأمل كيف أن النساء المذكورات في الحديث الشريف جئن من بيئات متباينة وأزمنة مختلفة: فمريم بنت عمران من بني إسرائيل، نشأت في بيئة يهودية، وآسية زوجة فرعون، في قصر طاغيةٍ وثنيٍّ، وعائشة بنت أبي بكر، في عصر النبوة، وسط مجتمع إسلامي يتشكل. وهذا التنوع يبعث برسالة واضحة أن القدوة ليست حكرًا على عصر معيّن، أو ثقافة معيّنة، أو بيئة مثالية. بل يمكن لكل امرأة – بل وكل إنسان – أن يجد في هؤلاء النسوة أسوة في الثبات والطهر والعلم والتوكل والعطاء.


      مريم بنت عمران: الطهر والثبات في وجه القذف والابتلاء
      تمثّل مريم بنت عمران رمزًا خالدًا للعفة، والطهارة، والثقة بالله في أحلك الظروف. فقد حملت بعيسى عليه السلام بمعجزة إلهية خارقة، لكنها وُوجهت مع ذلك بالقذف والاتهام من قومها، في مجتمع لا يرحم ولا يفهم المعجزات. ومع هذا الابتلاء العظيم، لم تنكسر، بل سلّمت أمرها لله، وقالت: ﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ﴾ [مريم: 26]، فاكتفت بالإشارة إلى ابنها، فكان في كلامه وهو في المهد آية تُثبت براءتها وتؤيدها تأييدًا ربانيًّا باهرًا.

      ورغم أنها كانت أمًّا وحيدة، بلا زوج، في بيئة قاسية، فقد ربّت ابنها تربية نبوية سامية، وكان من أولي العزم من الرسل. لذلك، كل امرأة مطلقة، أو أرملة، أو أُمّ بلا معين، لها في مريم عزاء وأمل؛ فالثبات على الطهر والإيمان هو الشرف الحقيقي، لا مجرد وجود الرجل في حياتها. فمقام المرأة لا يُقاس بالزواج، بل بصدقها مع ربها، وصبرها في البلاء، وثباتها على العفاف والتقوى.

      وكان العلامة منظور أحمد النعماني رحمه الله يقول لطلبة العلوم الشرعية: لا بد أن تكونوا محررين في طلب العلم وخدمة الإسلام، كما قالت امرأة عمران (أم مريم): ﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ﴾ [آل عمران: 35].

      آسية بنت مزاحم: الإيمان تحت القهر:
      أما آسية، فهي زوجةُ طاغيةٍ جبارٍ لا مثيل لجبروته، لكنها رغم ذلك لم تخضع لإرادته أو قهره، بل كان إيمانها صلبًا لا يلين. فالقرآن الكريم جعلها مثالًا لكل المؤمنين والمؤمنات: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ﴾ [التحريم: 11].

      إن من تعيش في بيت ظالم أو بيئة خانقة تجد في آسية قدوة في الصبر والثبات، فصبرها لم يكن بدون مخاطرة، بل كان في بيئة يحيط بها الظلم والقهر والخطر على حياتها، ولم تستسلم.

      وفي زمننا الحالي، قد نشتكي من صعوبة الظروف أو عدم ملاءمة البيئة لتطبيق الأحكام الإسلامية، لكن هل تساءلنا يومًا: هل يمكن أن تكون بيئة أكثر فسادًا وظلمًا من بيت فرعون؟

      رغم ذلك، حافظت آسية على إيمانها، وتمسكت بقيمها، وساعدت النبي موسى عليه السلام في مواجهة ذلك الطغيان. ولذلك، جعلها الله سبحانه وتعالى نموذجًا لكل مؤمن ومؤمنة يعاني من البيئة المحيطة به، يستلهم منها القوة والعزم على الثبات والإيمان رغم كل الصعوبات.

      هاجر: مدرسة في التوكل والثقة بالرحمن:
      حين تركها إبراهيم عليه السلام في وادٍ غير ذي زرع ولا ماء، نادت بقلق وحيرة: «يا إبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وتَتْرُكُنَا بهذا الوَادِي الَّذي ليسَ فيه إنْسٌ ولَا شَيءٌ؟» فكررت عليه سؤالها مرارًا، وهو لا يلتفت، حتى قالت له: «آللَّهُ الَّذي أَمَرَكَ بهذا؟» قال: «نَعَمْ»، فردّت بثقة: «إذَنْ لا يُضَيِّعُنَا» (صحيح البخاري: 3364).

      بذلك اليقين في وعد الله، نشأت مدينةُ مكة، وبفضل هذا التوكل تفجّر ماء زمزم.

      تُعلِّمنا هاجر من خلال قصتها أن التوكل الحقيقي ليس استسلامًا سلبيًا، بل هو حركة إيجابية، وثقة راسخة بالله، وبناء حياة جديدة من رماد الفراغ والضيق.

      وكل امرأة تواجه القطيعة أو الغربة أو الوحدة تجد في هاجر أنموذجًا راقيًا للتسليم، والتوكل، والصبر، والاعتماد على الله في أحلك الظروف.

      خديجة بنت خويلد: الثروة والبصيرة وسكينة النفس:
      كانت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها سيدة ذات مال وفكر، لكنها استخدمت ثروتها وبصيرتها لخدمة الحق ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم.

      حين نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم لأول مرة، لم يذهب إلى أحد من أصحابه، بل ذهب إلى خديجة، فكانت له السند والملجأ، كما وصف القرآن الكريم الزوجة المثالية: ﴿ لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ [الروم: 21]. وقالت له كلمتها الخالدة: «كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق»، (صحيح البخاري: 3).

      ولم تكتفِ بالدعم النفسي، بل أخذت به إلى ورقة بن نوفل، رجل العلم والحكمة، مما يدل على حكمتها وفطنتها في مساعدة زوجها في أصعب المواقف. وتذكّر محاسن زوجها تعكس أيضًا أخلاق النبي الكريم، الذي قال: «خيرُكُم خَيرُكُم لأَهْلِهِ وأَنا خيرُكُم لأَهْلي» (أخرجه الترمذي في «جامعه» 3895).

      عائشة الصديقة: العلم والذكاء والحياء:
      صارت سيدتنا عائشة، رغم صغر سنها، من أعلام العلم في الأمة، إلى حدّ «لو جمع علم نساء هذه الأمة، فيهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فإن علم عائشة أكثر من علمهن».

      لم تنجب عائشة أبناء، لكنها أنجبت أجيالًا من العلماء، مما يدل على أن فضل المرأة لا يُقاس فقط بالإنجاب، بل بالعطاء العلمي والأخلاقي.

      وتجدر هنا الإشارة إلى أن سيدتنا عائشة لم تكن نسوية -معاذ الله- كما يتخيلها بعض النسويين لكونها قد روت أحاديث للرجال. وهذا زعم خاطئ نشأ من عدم الاطلاع على منهجها في التعليم والتدريس. يقول الحافظ الذهبي رحمه الله: «روى عنها عدة من التابعين، وما رأوا لها صورة قط». «سير أعلام النبلاء» (ج7 ص 38). كما أن الثلاثة الذين أكثروا من الرواية عنها اثنان منهم من محارمها، فعن ابن عيينة قال: كان أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد [ابن أخيها]، وعروة بن الزبير [ابن أختها]، وعمرة بنت عبد الرحمن. انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم، ج1 ص 45. فهذا يقطع الطريق أمام أي محاولة لاستغلال سيرتها في ترويج الاختلاط بلا ضوابط.

      وكانت كذلك مثالًا في الصبر على الابتلاء، فقد نالها ما يُعرف بحادثة الإفك التي ظُلمت فيها، لكنها ثبتت بقوة إيمانها حتى أنزل الله براءتها في القرآن، وفضح المنافقين، وقال تعالى: ﴿ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النور: 11].

      أما قوله صلى الله عليه وسلم: «كفضل الثريد على سائر الطعام» فيقول العلامة فضل الله التوربشتي رحمه الله: «إن الثريد مركب من الخبز واللحم، ولا نظير لهما في الأغذية، ثم إنه جامع بين الغذاء واللذة والقوة، وسهولة تناوله، وقلة المؤنة في المضغ، وسرعة المرور في المرئ من غير ما غصة، فضرب لها المثل به ليعلم أنها أعطيت مع حسن الخلق حسن الخلق، وحسن الحديث، وحلاوة المنطق، وفصاحة اللهجة، وجودة القريحة، ورزانة الرأي، ورصانة العقل، والتحبب إلى البعل، فهي تصلح للتبعل والتحدث والاستئناس بها، والإصغاء إليها، وإلى غير ذلك من المعاني التي اجتمعت فيها، وحسبك من تلك المعاني أنها عقلت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم تعقل غيرها من النساء، ورون عنه ما لم يرو مثله من الرجال». «الميسر في شرح مصابيح السنة»، ج4 ص 1341.

      فاطمة الزهراء: التواضع في أعلى المقامات:
      كانت فاطمة الزهراء رضي الله عنها، ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجة علي رضي الله عنه، نموذجًا للتواضع رغم مكانتها العالية. لم تتكبّر على أعمال بيتها، بل كانت تقوم بها بنفسها.

      وحين طلبت خادمًا من أبيها، قال: « ألا أَدُلُّكم على خيرٍ مما سألتُماه ؟ إذا أخذتُما مضاجعَكما فكبِّرا اللهَ أربعًا و ثلاثين ، و احمدا ثلاثًا و ثلاثين ، و سبِّحا ثلاثًا و ثلاثين ، فإنَّ ذلك خيرٌ لكما من خادم». أخرجه البخاري (5361) ومسلم (2727). ومن هنا جاء ما يُعرف بـ«التسبيح الفاطمي»، وهو درس في الرضا والتواضع والروحانية.

      كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم عدله وإنصافه في قوله: «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» (رواه مسلم 1688)، وهو مبدأ يؤكد أن العدل فوق النسب، والحق فوق العاطفة.

      المفاضلة بين خديجة وعائشة وفاطمة:
      وقد سُئل الحافظ ابن تيمية رحمه الله عن خديجة وعائشة أمي المؤمنين رضي الله عنهما: أيهما أفضل؟ فأجاب بـ «أن سبق خديجة وتأثيرها في أول الإسلام ونصرها وقيامها في الدين لم تشاركها فيه عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين، وتأثير عائشة في آخر الإسلام وحمل الدين وتبليغه إلى الأمة، وإدراكها من العلم ما لم تشاركها فيه خديجة ولا غيرها، مما تميزت به عن غيرها». «مجموع الفتاوى لابن تيمية»، ج4 ص 393.

      وقال ابن القيم رحمه الله في مبحث التفضيل بين عائشة وفاطمة: «فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم، فإن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله عز وجل: فذلك أمر لا يطلع عليه إلا بالنص؛ لأنه بحسب تفاضل أعمال القلوب لا بمجرد أعمال الجوارح. وكم من عامليْن أحدهما أكثر عملا بجوارحه والآخر أرفع درجة منه في الجنة.

      وإن أريد بالتفضيل التفضل بالعلم فلا ريب أن عائشة أعلم وأنفع للأمة، وأدت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرها، واحتاج إليها خاص الأمة وعامتها.

      وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل وجلالة النسب: فلا ريب أن فاطمة أفضل فإنها بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك اختصاص لم يشركها فيه غير أخواتها. وإن أريد السيادة: ففاطمة سيدة نساء الأمة». «بدائع الفوائد»، ج3 ص 682-683.


      الفروقات لا تعني تفاضلًا مطلقًا: تأملٌ في قوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36].

      في سياق الحديث عن الكمال البشري وتميّز النماذج النسائية، من المهم أن نستحضر قاعدة قرآنية عظيمة جاءت في قوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36]. هذه الآية تُثبت حقيقة فطرية واضحة، وهي أن الذكر والأنثى مختلفان في التكوين والتكليف، دون أن يعني ذلك تفاضلًا مطلقًا لأحد الجنسين على الآخر.

      فالاختلاف بينهما هو اختلاف تكامل، لا تصادم، وتنوع، لا تضاد. فالرجال خُلقوا بخصائص تؤهلهم لأدوار معينة، والنساء كذلك، وكلٌّ منهما يُكمّل الآخر في مسيرة الحياة. والكمال الحقيقي لا يتحقق بتشابه الأدوار، بل بحُسن أداء كل طرف لما قدّره الله له من مهام.

      ومن هذا المنطلق، لا داعي للوقوع في فخ النسوية المتطرفة التي تسعى لمحو الفوارق، ولا في براثن الميسوجينية التي تحتقر النساء وتقلل من شأن أدوارهن. فكلّ من هذين الاتجاهين انحراف عن الفطرة وانفصال عن روح القرآن والسنة.

      إن الكمال الحقيقي – كما بيّن الحديث الشريف – يُقاس بالإيمان والعمل والصبر والعطاء، لا بالجنس. ومن هذا المنطلق، كرم الله نماذج نسائية عظيمة في القرآن والسنّة، تفوّق كثير منهن على رجال في ميدان الفضائل. فلا حاجة للجدل العقيم حول من الأفضل، بل الحاجة إلى الاقتداء بالأفضل، رجلاً كان أو امرأة.

      خاتمة: هؤلاء نساء... ولكنهن قدوات للإنسانية:
      ما يجمع بين هؤلاء النسوة الفاضلات هو أنهن نماذج إنسانية خالدة، لا مجرد رموز نسائية. ففي مواقفهن الطهر، والإيمان، والعلم، والتوكل، والسخاء، والتواضع، نجد قِيَمًا تصلح للجميع.

      لقد قدّم النبي صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث خريطةً هاديةً للمرأة المؤمنة، بل لكل إنسان، في طريقه إلى الكمال الإيماني: فالكمال لا يُقاس بالجنس، بل بالقِيَم والمواقف.

      وهكذا، نستمدُّ من هذه النماذج دروسًا لا تنضب، ونقتدي بها في ثباتها وصبرها وإيمانها، لنرتقي بأنفسنا وأمتنا إلى أعلى مراتب الكمال الإنساني.
          


      محفوظ أحمد السلهتي


      شبكة الالوكة
       
    • {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23) فقد سمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه في النار، فما ذكر الله هوى في القرآن إلا ذمه! تحذّرنا هذه الآية من الكافر الذي اتخذ هواه إلهًا له. ذلك الكافر لا يهوى شيئًا إلا فَعله! قد أضلَّه الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه، فلا يسمع مواعظ الله، ولا يعتبر بها، وطبع على قلبه، فلا يعقل به شيئًا، وجعل على بصره غطاء، فلا يبصر به حجج الله! ترى هل يتخذ كل منّا لنفسه إلهًا ولا يدرك؟ هل لنّا هوى يقودنا وراءه لدرجة أنه أضلنا؟ هل طبع الله على قلوبنا؟   وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24) في هذه الآيات إرشاد من الله لرسوله صلوات الله وسلامه عليه إلى الأدب فيما إذا عزم على شيء ليفعله في المستقبل ، أن يردّ ذلك إلى مشيئة الله عز وجل ، علّام الغيوب الذي يعلم ما كان وما يكون ، وما لم يكن… فإذا سُئلت أخي عن شيء لا تعلمه ، فاسأل الله فيه ، وتوجه إليه في أن يوفقك للصواب والرشد وأن يهديك ويعينك فلا تنسى أبدًا ، وأن تجعل ذِكْره لازمة من لوازمك في كل عمل من أعمالك. لا تبدأ عملاً إلا بقوْل: إنْ شاء الله.        
    • {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (ابراهيم: ٧)

      -لا تقلق على نعمك، بل انتظر المزيد…..ما دمت تعرف الشكر لئن شكرتم لأزيدنكم”/عبد الله بلقاسم - (لئن شكرتم لأزيدنكم) يشمل ذلك : شكر الطاعات ، فمن شكر الله على الطاعات زاده الله (أعمالاً صالحات) /عقيل الشمري -ثلاثة تدفع البلاء الدعاء (ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم) وشكر النعم (لئن شكرتم لأزيدنكم) ونصرة الضعفاء قال ﷺ (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) / عبد العزيز الطريفي - العافية إذا دامت جُهلت… وإذا فُقد تعُرفت … قال تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُم ْلَأَزِيدَنَّكُم﴾ فـاشكروا الله دائمًاً وأبداً…. / د. رقية المحارب - فائدة تكتب بماء العين. ذكر بعض أهل العلم؛ أن الله استثنى في القرآن (وعوداً) كثيرة وعلقها بالمشيئة، كالإغناء والإجابة والرزق فقال{فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء} {فيكشف ما تدعون إليه إن شاء} {يرزق من يشاء}..أما وعده تعالى لمن شكر فقد ذكره بلا استثناء فقال {لئن شكرتم لأزيدنكم {!./ روائع القرآن -حتى الأصدقاء الصالحين رزق من الله، لا أرحام تجمعنا ولا قرابة تصلنا، وإنّما هي محبة في الله أحاطت بنا .. فيلزمنا شكر الله سبحانه على هذه النعم التي جاءت دون سؤال ولا عناء ولا بحثٍ ولا مشقة، ف بالشكر تدوم النعم قال تعالى : . ﴿لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم﴾ -﴿وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَىِٕن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِیدَنَّكُمۡۖ وَلَىِٕن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِی لَشَدِیدࣱ﴾ . سئل بعض الصالحاء عن #الشكر لله فقال : ألا تتقوى بنعمه على معاصيه. . -﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ . كم يمنع العبد عن نفسه من نعم بسبب تسخطه وشكواه! وكم يحرم نفسه من عطايا ربه لقلة صبره وشكره! . ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ والشكر :هو اعتراف القلب بنعم الله والثناء على الله بها وصرفها في مرضاة الله تعالى. ابن سعدي   -﴿ لئن شكرتم لأزيدنكم ﴾ الشكر لا يكون إلا بعد الرضا املأ قلبك بالرضا عن كل تفاصيل حياتك ثم قل الحمد لله وانتظر المزيد ! -وعدﷻ بالزيادة في الخير ثلاثا المهتدين ﴿ويزيد الله الذين اهتدوا هدى﴾ والشاكرين ﴿لئن شكرتم لأزيدنكم﴾ والمحسنين ﴿سنزيد المحسنين﴾ - {ولئن شكرتم لأزيدنكم } الشكر مبني على ثلاثة : ١-الإعتراف بها باطناً ٢-التحدث بها ظاهراً ٣-تصريفها في مرضات الله   ابن القيم



      {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (ابراهيم: ٧)
      النعمة التي بين يديك هي بذرة إن زرعتها بأرض الشكر أينعت وطاب قطافها فتعهد شجرتك تنمو بتلك الأرض .. العطاء  مقرون بالشكر الذي ينبع من القلب وتترجمه الجوارح بالعمل الصالح ، وكلما زاد الشكر زاد العطاء ودام . وكفر النّعم عكس ذلك .

      فأي نعمة تخشى أن تفقدها عليك أن تشكر الله عليها وتربيها بطاعة الله ، فوالله لن يخلف الله وعده فيك .. واعلم أن الشكر عند البلاء لايؤدي إلى زيادته أبداً لأن الزيادة في الآية الكريمة تتحدث عن شكر النّعم فقط .. ولا يلزم من كفر النعمة على زوالها بل ربما يبقيها الله عذاباً لأصحابها يختلفون عليها ويقتتلون ...
      اللهم لك الحمد والشكر على نعمك التي لاتُعد ولاتحصى

      حصاد التدبر
       
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182473
    • إجمالي المشاركات
      2536011
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93298
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    خلود محمد متولي
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×